1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة تفسيرية مختصرة تبيّن فيها فضل الدعاء وآدابه من خلال تفسير قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية.
معنى الدُّعاء:
الدُّعاء: هو إظهار غاية التذلُّل والافتقار إلى الله، والاستكانة له.
الدُّعاء وصية رب العالمين , حثَّنا الله تعالى على الدُّعاء في آيات كثيرة من كتابه العزيز:
قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].
قال الإمام ابن جرير الطبري - رحمه الله -: وإذا سألك يا محمد عبادي عني: أين أنا؟ فإني قريبٌ منهم، أسمع دعاءهم، وأجيب دعوة الداعي منهم.
قال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: ينبِّه تعالى أنه هو المدعوُّ عند الشدائد، المرجوُّ عند النوازل؛ كما قال: ﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [الإسراء: 67]، وقال تعالى: ﴿ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل: 53].
فضل الدعاء:
في الحديث القدسي قول الله تبارك وتعالى :
( يَا عِبَادِي ! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ ، يَا عِبَادِي ! كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ ، يَا عِبَادِي ! كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ... يَا عِبَادِي ! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ) رواه مسلم (2577)
يقول ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" :
" وفي الحديث دليل على أن الله يحب أن يسأله العباد جميع مصالح دينهم ودنياهم من الطعام والشراب والكسوة وغير ذلك ، كما يسألونه الهداية والمغفرة ، وفي الأثر : ( ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله إذا انقطع ) ، وكان بعض السلف يسأل الله في صلاته كل حوائجه، حتى ملح عجينه وعلف شاته ، وفي الإسرائيليات : أن موسى عليه الصلاة والسلام قال : يا رب؛ إنه ليعرض لي الحاجة من الدنيا ، فأستحي أن أسألك . قال : سلني حتى ملح عجينك وعلف حمارك .
فإنَّ كلَّ ما يحتاج العبد إليه إذا سأله من الله ، فقد أظهر حاجته فيه ، وافتقاره إلى الله ، وذاك يحبه الله.
دعاء الله - تعالى - هو الباب الأعظم لتحقيق حاجات العباد ونيل المطالب من كل خير ودفع المكروه والشر وحاجات الخلق، ومطالبهم لا تتناهى ولا تنحصر في عد ولا تقف عند حد ولا يحيط بها إلا الخالق القدير العليم الرحيم، ولا يقدر على إجابة السائلين إلا رب العالمين، فهو الذي يجيب كل سائل، ويعطي كل مؤمل، ولا تغيض خزائنه، ولا ينفد ما عنده، وهو على كل شي قدير كما قال سبحانه: ( وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، وقال تعالى: (إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ)، وفي الحديث القدسي قال الله تعالى: "يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص من ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر". رواه المسلم من حديث أبو ذر -رضي الله عنه-
قال بعض السلف: "نظرت فإذا الخير كله في الطاعة، ثم نظرت فإذا جماع الخير كله في الدعاء".
والداعي لربه في عبادة، وثوابه متصل لا ينقطع؛ عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما على الأرض مسلم يدعو الله - تعالى - بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم". وقال رجل من القوم: إذًا نكثر، قال: "الله أكثر". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، ورواه الحاكم وزاد: "أو يدخر له من الأجر مثلها".
من موانع إجابة الدعاء:
-أن يدعو بنية صادقة وحضور قلب ، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه .
-أكل الحرام وما كان في معناه ، قال صلى الله عليه وسلم : الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك .
-ألا يمل من الدعاء . قول الداعي : قد دعوت فلم يستجب لي ; لأن ذلك من باب القنوط وضعف اليقين والسخط .
- أن يكون المدعو فيه من الأمور الجائزة الطلب والفعل شرعا ، كما قال : ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم . ( القرطبي )
المجموعة الثانية:
1: حرّر القول في المسائل التالية:
أ: مرجع الهاء في قوله تعالى: {وآتى المال على حبه}.
ورد في عود الضمير في عَلَى حُبِّهِ ثلاثة أقوال:
الأول: أن الضمير الهاء يرجع إلى حب المال، {على حبه} حال من فاعل {آتى}، يعني حال كونه محباً له لحاجته إليه
الثاني: أن الضمير يرجع إلى الله عز وجل.
الثالث: أن الضمير يرجع إلى الإيتاء، والمعنى وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ حب الإيتاء.
ب: معنى قوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
هذا إيجاب حتم على من شهد استهلال الشهر أي: كان مقيماً في البلد حين دخل شهر رمضان وهو صحيح في بدنه أن يصوم لا محالة، ونسخت هذه الآية الإباحة المتقدمة لمن كان صحيحاً مقيماً أن يفطر ويفدي بإطعام مسكين عن كل يوم .
2: بيّن ما يلي:
أ: هل قوله تعالى في حكم القصاص: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} منسوخ أم محكم؟
{الحرّ بالحرّ والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} منسوخةٌ بقوله تعالى {النّفس بالنّفس}[المائدة: 45].
وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ في قوله: {والأنثى بالأنثى} وذلك أنّهم لا يقتلون الرّجل بالمرأة، ولكن يقتلون الرّجل بالرّجل، والمرأة بالمرأة فأنزل اللّه: النّفس بالنّفس والعين بالعين، فجعل الأحرار في القصاص سواءً فيما بينهم من العمد رجالهم ونساؤهم في النّفس، وفيما دون النّفس، وجعل العبيد مستوين فيما بينهم من العمد في النفس وفيما دون النفس رجالهم ونساؤهم، وكذلك روي عن أبي مالكٍ أنّها منسوخةٌ بقوله: {النّفس بالنّفس}.
الآية على ظاهرها وليس فيها نسخ: الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ والنبي ﷺ أخبر أن المسلمين تتكافأ دماؤهم وهذا رأي الجمهور. فذهب الجمهور إلى أنّ المسلم لا يقتل بالكافر، كما ثبت في البخاريّ عن عليٍّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا يقتل مسلمٌ بكافرٍ» ولا يصحّ حديثٌ ولا تأويلٌ يخالف هذا.
وبعضهم قال: إنها منسوخة، نسخها قول الله -تبارك وتعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [سورة المائدة:45] وهو مذهب أبي حنيفة أنّ الحرّ يقتل بالعبد لعموم آية المائدة، وإليه ذهب الثّوريّ وابن أبي ليلى وداود، وهو مرويٌّ عن عليٍّ، وابن مسعودٍ، وسعيد بن المسيّب، وإبراهيم النّخعيّ، وقتادة، والحكم، وقال البخاريّ، وعليّ بن المدينيّ وإبراهيم النّخعيّ والثّوريّ في روايةٍ عنه: «ويقتل السّيّد بعبده».
ب: حكم الصيام في السفر.
احمد بن حنبل كره الصوم في السفر, وقال ابن عباس رضي الله عنه: «الفطر في السفر عزمة»
ومذهب مالك استحباب الصوم لمن قدر عليه. لأن الذمة مشغولة في أمر الصيام، والصواب المبادرة بالأعمال. وكذلك الشافعي. وذهب أنس بن مالك إلى الصوم، وقال: «إنما نزلت الرخصة ونحن جياع نروح إلى جوع، ونغدو إلى جوع»
وقال ابن عباس وابن عمر وغيرهما: «الفطر أفضل».
ج: متعلّق الاعتداء في قوله تعالى: {فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم}.
هو الذي يقتل بعد أخذ الدّية فمن قتل بعد أخذ الدية أو قبولها فله عذاب أليم. روي عن ابن عباس ، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والربيع بن أنس، والسدي، ومقاتل بن حيان.
أو ترك الاعتداء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية فيقتلون غير القاتل بزعمهم أنه لا يكافئ دمه الذي قتله بل يكافئه من أشرف منه فيقتل من لاذنب له فيقتلون الحر بالعبد أو الرجل بالمرأة أو السيد بالمقتول .