دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > السلوك والآداب الشرعية > متون الآداب الشرعية > منظومة الآداب

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 محرم 1430هـ/3-01-2009م, 01:38 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي آداب النكاح [2]


218- وَسُكْنَى الْفَتَى فِي غُرْفَةٍ فَوْقَ سِكَّةٍ: = تَؤُولُ إِلَى تُهْمَى الْبَرِيِّ الْمُشَدِّدِ
219- وَإِيَّاكَ يَا هَذَا: وَرَوْضَةَ دِمْنَةٍ = سَتَرْجِعُ عَنْ قُرْبٍ إِلَى أَصْلِهَا الرَّدِيْ
220- وَلاَ تَنْكِحْنَ فِي الْفَقْرِ إِلاَّ ضَرُورَةً = وَلُذْ بِوِجَاءِ الصَّوْمِ تَهْدِ وَتَهْتَدِ
221- وَكُنْ عَالِمًا: إِنَّ النَّسَا لُعَبٌ لَنَا = فَحَسِّنْ إِذَنْ مَهْمَا اِسْتَطَعْت وَجَوِّدِ
222- وَخَيْرُ النِّسَا مَنْ سَرَّتِ الزَّوْجَ مَنْظَرًا = وَمَنْ حَفِظَتْهُ فِي مَغِيْبٍ وَمَشْهَدِ
223- قَصِيْرَةُ أَلْفَاظٍ، قَصِيْرَةُ بَيْتِهَا = قَصِيْرَةُ طَرْفِ الْعَيْنِ عَنْ كُلِّ أَبْعَدِ


  #2  
قديم 7 محرم 1430هـ/3-01-2009م, 01:47 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي غذاء الألباب شرح منظومة الآداب / السفاريني

مطلب : في أن السكنى فوق الطريق موجبة للتهمة : وسكنى الفتى في غرفة فوق سكة تئول إلى تهمى البري المشدد ( وسكنى الفتى ) يعني إذا سكن الرجل ( في غرفة ) بضم الغين المعجمة وسكون الراء العلية جمعها غرفات بضمتين وبفتح الراء وسكونها ، وغرف كصرد حال كون الغرفة ( فوق سكة ) أي طريق ( تئول ) أي ترجع سكناه كذلك ( إلى تهمى ) وسوء ظن الناس فيه . وقد قال عليه الصلاة والسلام { رحم الله امرأ جب الغيبة عن نفسه } . وفي حديث { من وقف مواقف التهم فلا يلومن من أساء الظن فيه } وذلك أن مواقف التهم تئول إلى تهمى ( البري ) من العيب ، النزه من قاذورات الذنوب ، المتحفظ في أمر دينه ( المشدد ) على نفسه في صونها عن الاسترسال في أعراض الناس والتطلع على عوراتهم ، والمضيق على بصره من الطموح ولسانه من البذاذة ، الصائن لكل جوارحه . فإذا كان هذا اتهام البري الذي بهذه المثابة فكيف بحال غيره . فالأولى والأحرى للعاقل أن لا يفعل ذلك ولا يسكن مكانا مشرفا على حرم المسلمين . ويحتمل إرادة الناظم أن سكنى الفتى في مثل هذا المكان يئول إلى تهمى أهله لكثرة من يسلك الطريق ، فربما رأى زوجته بعض الناس فتشبب بها أو وصفها لآخر فيوهم بوصفه إياها اطلاعه عليها . فعلى كل حال الأولى حسم مثل هذه المادة . وهذا من باب سد الذرائع والله تعالى أعلم .

ثم أخذ الناظم يبين لمن أراد الزواج من يتزوج ويحذره من الاغترار بالجمال وعدم اعتبار الأصل ، ويعلمه أن الأولى له أن يختار لنطفته . وبدأ بالتنفير عن حسناء الذات قبيحة الصفات فقال : مطلب : يختار الرجل زوجة ذات أصل : وإياك يا هذا وروضة دمنة سترجع عن قرب إلى أصلها الردي ( وإياك يا هذا ) أي المستمع لنظامي ، المحتفل بكلامي ، المستشير مني ، والطالب للنصيحة من جهتي ، والناقل لها عني ( وروضة دمنة ) أي احذرها ولا تقربها ولا ترغب فيها ، بل ارغب عنها . والروضة هي المكان الذي فيه نبات مجتمع . قال أبو عبيد : ولا يكون إلا في ارتفاع ، وقال غيره : ولا بد فيها من ماء . قاله في المطالع . وفي القاموس : الروضة والريضة بالكسر من الرمل والعشب مستنقع الماء فيها . والدمنة آثار الدار والموضع القريب منها والجمع دمن . وفي حديث رواه الدارقطني في الأفراد والعسكري في الأمثال { إياكم وخضراء الدمن ، قالوا وما خضراء الدمن يا رسول الله ؟ قال المرأة الجميلة من المنبت السوء } وقال الدارقطني : لا يصح من وجه . ومعنى كلام الناظم التحذير من البنت الجميلة إذا كانت من بيت متصفين بغير العفاف ، فإن الفروع تتبع الأصول غالبا . ولذا قال ( سترجع ) تلك البنت وإن كانت جميلة ومتصفة بالعفة ( عن قرب ) ولو تسترت بالعفاف ( إلى أصلها ) ومنبتها ( الردي ) غالبا . ولهذا قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر : ينبغي للعاقل أن ينظر إلى الأصول فيمن يخالطه ويعاشره ويشاركه ويصادقه ويزوجه أو يتزوج إليه ، ثم ينظر بعد ذلك في الصور ، فإن صلاحها دليل على صلاح الباطن . قال : أما الأصول فإن الشيء يرجع إلى أصله . وبعيد ممن لا أصل له أن يكون فيه معنى مستحسن ، فإن المرأة الحسناء إذا كانت من بيت رديء فقل أن تكون أمينة . وكذلك أيضا المخالط والصديق والمباضع والمعاشر فإياك أن تخالط إلا من له أصل يخاف عليه الدنس ، فالغالب السلامة ، وإن وقع خلاف ذلك كان نادرا . وقد قال عمر بن عبد العزيز لرجل : أشر علي فيمن أستعمل ؟ فقال : أما أرباب الدين فلا يريدونك ، وأما أرباب الدنيا فلا تريدهم ، ولكن عليك بالأشراف فإنهم يصونون شرفهم عما لا يصلح . ثم روى عن أبي إسحاق قال : دعاني المعتصم يوما فأدخلني معه الحمام ، ثم خرج فخلا بي وقال : يا أبا إسحاق في نفسي شيء أريد أن أسألك عنه ، إن أخي المأمون اصطنع فأنجبوا واصطنعت أنا مثلهم فلم ينجبوا . قلت ومن هم ؟ قال اصطنع طاهرا وابنه ، وإسحاق وآل سهل ، فقد رأيت كيف هم ، واصطنعت أنا الأفشين فقد رأيت إلى مآل أمره وأساسه فلم أجده شيئا وكذلك أنباح ووصيف . قلت يا أمير المؤمنين هاهنا جواب علي أمان من الغضب ، قال لك ذلك قلت نظر أخوك إلى الأصول فاستعملها فأنجبت فروعها ، واستعملت فروعا لا أصول لها فلم تنجب . فقال يا أبا إسحاق مقاساة ما مر بي طول هذه المدة أهون علي من هذا الجواب . انتهى . وفي خبر { انظر في أي شيء تضع ولدك فإن العرق دساس } . وقيل إن جعفر بن سليمان بن علي عاب يوما على أولاده وأنهم ليسوا كما يجب ، فقال له ولده ( أحمد بن جعفر ) إنك عمدت إلى فاسقي مكة والمدينة وإماء الحجاز فأوعيت فيهن بضعك ، ثم تريد أن ينجبوا ، وإنما تحن لصاحبات الحجاز ، هلا فعلت في ولدك ما فعل أبوك فيك حين اختار لك عقيلة قومها . وقال بعضهم في وصف التي ينبغي أن ينافس فيها شعرا : صفات من يستحب الشرع خطبتها جلوتها لأولي الأبصار مختصرا حسيبة ذات دين زانها أدب ولو تكون حوت في حسنها القمرا غريبة لم تكن من أهل خاطبها هذي الصفات التي أجلو لمن نظرا بها أحاديث جاءت وهي ثابتة أحاط علما بها من في العلوم قرا .

مطلب : في الكفاءة وأنها معتبرة في خمسة أشياء . ( تنبيهات ) : ( الأول ) : في الكفاءة روايتان عن الإمام أحمد رضي الله عنه . إحداهما أنها شرط لصحة النكاح ، فإذا فاتت لم يصح وإن رضي أولياء الزوجة وهي به ، لما روى الدارقطني بإسناده عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء ، ولا يزوجهن إلا الأولياء } . وقال عمر رضي الله عنه " لأمنعن فروج ذوي الأحساب إلا من الأكفاء ولأنه تصرف يتضرر به من لم يرض به فلم يصح ، كما لو زوجها وليها بغير رضاها . وقال سلمان لجرير : إنكم معشر العرب لا يتقدم في صلاتكم ، ولا تنكح نساؤكم . إن الله فضلكم علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم وجعله فيكم . والرواية الثانية أن الكفاءة ليست شرطا ، وهي المذهب . نعم هي شرط للزوم النكاح . قال في الإقناع كغيره : والكفاءة في زوج شرط للزوم النكاح لا لصحته فيصح مع فقدها فهي حق للمرأة والأولياء كلهم حتى من يحدث ، فلو زوجت بغير كفء فلمن لم يرض الفسخ من المرأة والأولياء جميعهم فورا ومتراخيا . ويملكه الأبعد مع رضا الأقرب والزوجة . نعم لو زالت الكفاءة بعد العقد اختص الخيار بالزوجة فقط . والكفاءة معتبرة في خمسة أشياء : أحدها : الدين ، فلا يكون الفاجر والفاسق كفؤا لعفيف عدل . الثاني : المنصب وهو النسب ، فلا يكون الأعجمي وهو من ليس من العرب كفؤا لعربية . ( الثالث ) : الحرية ، فلا يكون العبد ولو مبعضا كفؤا لحرة ولو عتيقة . ( الرابع ) : الصناعة ، فلا يكون صاحب صناعة دنيئة كحجامة ، وحياكة ، وزبال ، وكساح كفؤا لبنت من هو صاحب صناعة جليلة كالتاجر والبزاز وصاحب العقار . ( الخامس ) : اليسار بمال بحسب ما يجب لها من المهر والنفقة . قال ابن عقيل بحيث لا تتغير عليها عادتها عند أبيها في بيته ، فلا يكون العسر كفؤا لموسرة ، وليس مولى القوم كفؤا لهم ، ويحرم تزويجها بغير كفء إلا برضاها ويفسق به الولي ، ويسقط خيارها بما يدل على الرضا من قول أو فعل . وأما الأولياء فلا يسقط إلا بالقول ، ولا تعتبر هذه الصفات في المرأة فليست الكفاءة شرطا في حقها للرجل . الثاني : من قال إن الكفاءة شرط لصحة النكاح كالشافعية ، والرواية المرجوحة عندنا محجوج بأن { النبي صلى الله عليه وسلم زوج زيدا مولاه ابنة عمته زينب بنت جحش ، وزوج ابنه أسامة رضي الله عنه فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية } رواه مسلم . وقالت عائشة رضي الله عنها : إن أبا حذيفة تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه هندا ابنة الوليد بن عتبة بن ربيعة ، أخرجه البخاري . ( الثالث ) : العرب بعضهم لبعض أكفاء ، والعجم بعضهم لبعض أكفاء . لأن المقداد بن الأسود الكندي تزوج ضباعة ابنة الزبير عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وزوج أبو بكر أخته الأشعث بن قيس الكندي ، وزوج علي ابنته أم كلثوم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم . فبنو هاشم كغيرهم من العرب . وذكر الشافعي أن غير المنتسب إلى العلماء والصلحاء المشهورين ليس كفؤا للمنتسب إليهما ، وليس المحترف كفؤا لبنت العالم . وعن الإمام أحمد رضي الله عنه أن الكفاءة الدين والنسب ، اختاره الخرقي . وقال بعض متأخري الأصحاب : إذا قلنا الكفاءة لحق الله اعتبر الدين فقط ، وأنشدوا في ذلك : ألا إنما التقوى هي العز والكرم وحبك للدنيا هو الذل والسقم وليس على عبد تقي نقيصة إذا حقق التقوى وإن حاك أو حجم والله تعالى الموفق .

مطلب : لا يتزوج الرجل الفقير إلا ضرورة : ولا تنكحن في الفقر إلا ضرورة ولذ بوجاء الصوم تهد وتهتد ( ولا تنكحن ) نهي مؤكد بالنون الخفيفة ( في الفقر ) وهو ضد الغنى لأن الفقر وإن كان شرفا في حد ذاته ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : { اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا } رواه الترمذي ، وأن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام ، لكنه سلم يترقى به إلى الخوض في عرضه وعدم اكتراث الناس به وإعراضهم عنه ، وهو مظنة طموح نظر الزوجة إلى أرباب الأموال ، واستشراف نفسها إلى أهل البزة من الرجال ، ونبو نظرها عن بعلها الفقير وإن كان يعادل عند الله أضعاف أهل الغنى والنوال ، فلهذا حذر الناظم الحكيم والناصح لإخوانه على حسب ما منحه الخبير العليم ، من النكاح في فقره ( إلا ) إذا كان ذلك ( ضرورة ) أي لأجل الضرورة من خوف الزنا الذي هو من أقوى الأسباب الموجبة لدخول النار ، وغضب الجبار ، والحشر مع الأشقياء الفجار ، إلى دار البوار ، والذل والصغار ، أو من خوف دواعي الزنا أو نحو ذلك ، فإذا خاف ذلك تزوج حينئذ . وينبغي أن يتحرى امرأة صالحة من بيت صالح يغلب على بيتها الفقر لترى ما يأتي به إليها كثيرا ، وليتزوج من مقاربه في السن ، وليتم نقصه بحسن الأخلاق وبذل البشاشة وحسن المعاشرة . وإنما نهى الناظم الفقير عن النكاح مع علمه بفضيلته ، وحث صاحب الشرع عليه في عدة أخبار صحيحة ، وآثار مريحة ؛ والأمر به في الكتاب القديم المنزل ، على النبي الكريم المرسل ؛ لأن الفقير إذا تزوج اشتغل باله بالنفقة وتحصيل المعاش ، وربما صار صاحب عيال فيضيق عليه الحال ولا يزال يحتال . فإذا لم يقدر على الحلال ترخص في تناول الشبهات ؛ فكان ذلك سببا لضعف دينه . وربما مد يده إلى الحرام ، وارتكب الآثام ، فيكون ذلك سببا لهلاكه . وقد روى الطبراني بإسناد حسن والبيهقي عن أبي نجيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من كان موسرا لأن ينكح ثم لم ينكح فليس مني } هذا حديث مرسل . وأبو نجيح تابعي واسمه يسار بالياء المثناة تحت وهو والد عبد الله بن أبي نجيح المكي . فدل على أن الفقير لا يذم على عدم الزواج . فالمؤمن إذا علم ضعفه عن الكسب اجتهد في التعفف عن النكاح وتقليل النفقة ، لا سيما في هذا الزمان ، الذي فقدنا فيه المعين والإخوان . فلا بيت مال منتظم ؛ ولا خليل صادق المودة في ماله نتوسع ونحتكم . فليس للفقير الذليل من صديق ولا خليل إلا الصبر الجميل والتوكل على الله فإنه حسبنا ونعم الوكيل . وقد كان الليث بن سعد يتفقد أكابر العلماء . فقد بعث إلى مالك بألف دينار . وإلى ابن لهيعة بألف دينار . وأعطى عمار بن منصور ألف دينار وجارية بثلثمائة دينار . وما زال الزمان على هذا المنوال ؛ إلى أن آل الحال إلى انمحاق الرجال ؛ وصار أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع فالله المستعان .

مطلب : الصوم يقطع الشهوة . ولما نهى الناظم الفقير عن النكاح وهو يعلم أن شهوة الفرج شديدة ويحتاج إلى كسرها بنوع ما أرشده إلى كسر الشهوة بالصوم فقال ( ولذ ) أي استتر واحتم من اللوذ بالشيء وهو الاستتار به كاللواز مثلثة واللياذ والملاوذة والملاذ الحصن أي تستر وتحصن ( بوجاء الصوم ) قال في النهاية : الوجاء أن ترض أنثيا الفحل رضا شديدا يذهب شهوة الجماع ، ويتنزل في قطعة الخصاء وقد وجيء وجاء فهو موجوء ، وقيل هو أن يوجأ العروق والخصيتان بحالهما ، والمراد أن الصوم يقطع النكاح . وإضافة الوجاء إلى الصوم في كلام الناظم من إضافة الصفة لموصوفها . أي ولذ بالصوم الذي هو وجاء . وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء } قال في القاموس : والباءة والباء النكاح . وفي لفظ " عليكم بالباء " وذكر الحديث . قال الإمام المحقق في روضة المحبين : وبين اللفظين فرق ، فإن الأول يقتضي أمر العزب بالتزويج ، والثاني يقتضي أمر المتزوج بالباءة ، والباءة اسم من أسماء الوطء . وقوله { من استطاع منكم الباءة فليتزوج } فسرت الباءة بالوطء ، وفسرت بمؤن النكاح ولا ينافي التفسير الأول إذ المعنى على هذا مؤن الباءة ثم قال { ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء } فأرشدهم إلى الدواء الشافي الذي وضع لهذا الأمر ، ثم نقلهم عنه عند العجز إلى البدل وهو الصوم فإنه يكسر شهوة النفس ويضيق عليها مجاري الشهوة ، فإنها تقوى بكثرة الغذاء ، وقل من أدمن الصوم إلا وماتت شهوته أو ضعفت انتهى ملخصا . فإن فعلت ذلك ( تهد ) من اقتدى بك ( وتهتد ) أنت في نفسك إلى السبيل التي أرشد إليها الطبيب الرءوف الرحيم ، فإنه صلى الله عليه وسلم أعلم وأحكم وأرحم . فما أرشد إليه أقوم وأسلم والله أعلم .

وروى ابن ماجه عن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعا { ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة ، إن أمرها أطاعته ، وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته ، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله } . وإليه أشار الناظم بقوله : مطلب : خير النساء من سرت الزوج منظرا الحافظة له في مغيبه ومشهده : وخير النسا من سرت الزوج منظرا ومن حفظته في مغيب ومشهد ( وخير النساء ) قصره ضرورة ( من ) أي امرأة أو التي ( سرت ) هي أي أفرحت ، يقال سره سرورا وسرا بالضم ، وسرى كبشرى ، وتسرة ومسرة أفرحه ، وسر هو بالضم والاسم السرور بالفتح ( الزوج ) مفعول سرت ( منظرا ) تمييز محول عن فاعل ، أي خير النساء من سر الزوج منظرها ( ومن ) أي امرأة أو التي ( حفظته ) أي صانته وحفظت ما استودعها إياه من نفسها وماله ( في مغيب ) الزوج عنها ( ومشهد ) منه إليها ، فتحفظ فرجها وجميع نفسها من كلام ونظر وتمكين من قبلة ولمس وغير ذلك ، وتحفظ ماله عن الضياع والتبذير ، وبيته عن دخول من لا يريد دخوله إليه . روى الطبراني في الكبير والأوسط وإسناد أحدهما جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة قلبا شاكرا ، ولسانا ذاكرا وبدنا على البلاء صابرا ، وزوجة لا تبغيه حوبا في نفسها وماله } الحوب بفتح المهملة وتضم هو الإثم . وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة } ورواه النسائي وابن ماجه ولفظه قال { إنما الدنيا متاع وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة } . وعن محمد بن سعد يعني ابن أبي وقاص عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { ثلاث من السعادة : المرأة الصالحة تراها تعجبك ، وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون وطئة فتلحقك بأصحابك ، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق . وثلاث من الشقاء : المرأة تراها فتسوءك وتحمل لسانها عليك ، وإن غبت لم تأمنها على نفسها ومالك ، والدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك ، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق } . رواه الحاكم وقال تفرد به محمد يعني ابن بكير الحضرمي فإن كان حفظه فإسناده على شرطهما . قال الحافظ المنذري : محمد صدوق وثقه غير واحد . وهذا معنى كلام بعض المتقدمين : ثلاثة تزيد في العمر : الدار الوسيعة إذا كانت منيعة ، والفرس السريعة إذا كانت تليعة ، والمرأة المطيعة إذا كانت بديعة . ومعنى زيادتها في العمر أن صاحبها يرى لعيشه لذة ولعمره بركة ، وتمضي أيامه بالفرح والسرور ، وأوقاته باللذة والحبور بخلاف من رمي بضد ذلك ، فإنه عرضة للمهالك ، لما ضيق عليه من المسالك ، والله أعلم بما هنالك

مطلب : الخير والشؤم في ثلاثة . وقد روى الجماعة إلا ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إن يكن الخير في شيء ففي ثلاثة : المرأة والدار والفرس } . وفي رواية " الشؤم في ثلاثة : المرأة والدار والفرس " . وفي رواية الشؤم في أربع فزاد الخادم . واختلف العلماء في تأويل هذا الحديث اختلافا كثيرا ، فقيل على ظاهره ويكون مستثنى من حديث لا طيرة . وقيل إنه صلى الله عليه وسلم قال { قاتل الله اليهود يقولون الشؤم في ثلاث ، المرأة والدار والفرس } فسمع الراوي آخر الحديث ولم يسمع أوله ، وهذا قول عائشة الصديقة رضي الله عنها وعن أبيها . وقيل شؤم الدار ضيقها وشؤم جيرانها وأذاهم ، وشؤم الخادم سوء خلقه وعدم تعهده لما فوض إليه . وقيل المراد بالشؤم هنا عدم الموافقة . وشؤم المرأة عدم ولادتها وسلاطة لسانها وتعرضها للريب . وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها . وقيل حرانها وغلاء ثمنها . وقال الحافظ الدمياطي : ومن أغرب ما وقع لي في تأويله ما رويناه بالإسناد الصحيح عن يوسف بن موسى القطان عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { البركة في ثلاث : في الفرس والمرأة والدار } فقال يوسف سألت ابن عيينة عن معنى هذا الحديث فقال سفيان : سألت عنه الزهري فقال الزهري : سألت عنه سالما فقال سالم : سألت عنه أبا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال : سألت عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : { إذا كان الفرس ضروبا فهو مشئوم ، وإذا كانت المرأة عرفت زوجا غير زوجها فحنت إلى الزوج الأول فهي مشئومة ، وإذا كانت الدار بعيدة عن المسجد لا يسمع فيها الأذان والإقامة فهي مشئومة ، وإذا كن بغير هذه الصفات فإنهن مباركات } . قلت : وتقدم بعد الدار عن المسجد ومدحه فلعل ما هنا إن صح لعدم سماع الأذان دون نفس البعد والله الموفق . وفي الطبراني ومستدرك الحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي } ورواه البيهقي بلفظ { إذا تزوج العبد فقد استمسك نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي } .

مطلب : الجمال على قسمين . " تتمة " في التنبيه على بعض الملاحة والجمال بطريق الإيجاز والإجمال . قال الإمام المحقق ابن القيم في الباب التاسع عشر من روضة المحبين ونزهة المشتاقين : اعلم أن الجمال ينقسم قسمين ظاهرا وباطنا ، فالجمال الباطن هو المحبوب لذاته ، وهو جمال العلم والعقل والجود والعفة والشجاعة ، وهذا الجمال الباطن هو محل نظر الله تعالى من عبده وموضع محبته كما في الحديث الصحيح { إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم } . وهذا الجمال يزين الصورة الظاهرة وإن لم تكن ذات جمال ، فيكسو صاحبها من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتسبت روحه من تلك الصفات ، فإن المؤمن يعطى مهابة وحلاوة بحسب إيمانه ، فمن رآه هابه ، ومن خالطه أحبه ، وهذا أمر مشهود بالعيان ، فإنك ترى الرجل الصالح المحسن ذا الأخلاق الجميلة من أحلى الناس صورة وإن كان أسود أو غير جميل ، ولا سيما إذا رزق حظا من صلاة الليل فإنها تنور الوجه وتحسنه . وقد كان بعض النساء تكثر صلاة الليل فقيل لها في ذلك فقالت إنها تحسن الوجه وأنا أحب أن يحسن وجهي . ومما يدل على أن الجمال للباطن أحسن من الظاهر أن القلوب لا تنفك عن تعظيم صاحبه ومحبته والميل إليه ، وأما الجمال الظاهر فزينة خص الله بها بعض الصور عن بعض ، وهي من زيادة الخلق التي قال الله فيها { يزيد في الخلق ما يشاء } قالوا هو الصوت الحسن والصورة الحسنة والقلوب كالمطبوعة على محبته كما هي مفطورة على استحسانه . وقد ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال { لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ، قالوا يا رسول الله الرجل يحب أن تكون نعله حسنة وثوبه حسنا أفذلك من الكبر ؟ فقال لا إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس } فبطر الحق جحده ودفعه بعد معرفته ، وغمط الناس النظر إليهم بعين الازدراء والاحتقار والاستصغار لهم ، وتقدم هذا مبسوطا . والجمال الظاهر من نعم الله أيضا على عباده يوجب الشكر . وشكره التقوى والصيانة ، فكلما شكر مولاه على ما أولاه زاده الله جمالا ومنحه كمالا . وأما إن بذل الجمال في المعاصي عاد وحشة وشينا كما شوهد من عالم كثير في الدنيا قبل الآخرة . فكل من لم يتق الله سبحانه وتعالى في حسنه وجماله انقلب قبحا وشينا يشينه الله به بين الناس . انتهى . وما أحسن قول القائل : وما ينفع الفتيان حسن وجوههم إذا كانت الأفعال غير حسان فلا تجعل الحسن الدليل على الفتى فما كل مصقول الحديد يماني وقال آخر وأحسن : صن الحسن بالتقوى وإلا فيذهب فنور التقى يكسو جمالا ويكسب وما ينفع الوجه الجميل جماله وليس له فعل جميل مهذب فيا حسن الوجه اتق الله إن ترد دوام جمال ليس يفنى ويذهب يزيد التقى ذا الحسن حسنا وبهجة وأما المعاصي فهي للحسن تسلب وتكسف نور الوجه بعد بهائه وتكسوه قبحا ثم للقلب تقلب فسارع إلى التقوى هنا تجد الهنا غدا في صفا عيش يدوم ويعذب فما بعد ذي الدنيا سوى جنة بها نعيم مقيم أو لظى تتلهب .
مطلب : ثلاثة تجلو البصر . وفي حديث ضعيف رواه الحاكم في تاريخه وقيل موضوع { ثلاثة يجلين البصر : النظر إلى الخضرة ، وإلى الماء الجاري ، وإلى الوجه الحسن } . أورده السيوطي في الجامع الصغير ، وأورد حديث { ثلاثة يزدن في قوة البصر : الكحل بالإثمد ، والنظر إلى الخضرة ، والنظر إلى الوجه الحسن } وعزاه إلى أبي الحسن العراقي في فوائده عن بريدة بإسناد ضعيف . قوله : يجلين البصر قال المناوي : بضم أوله وتشديد اللام فمثناة تحتية . ويروى في لفظ { ثلاثة تجلو البصر : الخضرة والماء الجاري ، والوجه الحسن } ونظم ذلك بعض الشعراء فقال : ثلاثة تجلو عن القلب الحزن الماء والخضرة والوجه الحسن ويروى في حديث { النظر إلى الوجه الحسن يورث الفرح ، والنظر إلى الوجه القبيح يورث الكلح } وهذا كلام وليس بحديث فيما أظن والله أعلم . والكلح تقبض الوجه . قال بعض العلماء : إذا كان النظر إلى الوجه الحسن يزيد في البصر فيقتضي أن النظر إلى الوجه القبيح ينقص منه ، وكان جعفر بن محمد رضي الله عنه وعن آبائه يقول : الجمال مرحوم وقالوا : شفيع الحسن مقبول ونظم ذلك ابن قنبر المازني فقال : ويلي على من أطار النوم فامتنعا وزاد قلبي إلى أوجاعه وجعا كأنما الشمس في أعطافه لمعت حسنا أو البدر من آزاره طلعا مستقبل بالذي يهوى وإن كثرت منه الذنوب ومعذور بما صنعا في وجهه شافع يمحو إساءته من القلوب وجيه حيث ما شفعا قال يحيى بن علي المنجم : كنت يوما بين يدي المعتضد وهو مقطب إذ أقبل عليه مولاه وكان من الحسن على غاية ، فلما رآه من بعيد ضحك وقال يا يحيى من الذي يقول : في وجهه شافع . الأبيات ؟ فقلت ابن قنبر ، فقال لله دره ثم استنشدني الأبيات فأنشدته إياها وقد انقلب تقطيبه ضحكا وسرورا . .

مطلب : في الفرق بين الجميلة والمليحة . وفيه حكايتان لطيفتان وفرق بعض العلماء بين الجميلة والمليحة ، فقال الجميلة هي التي تأخذ ببصرك على البعد ، والمليحة هي التي تأخذ بقلبك على القرب . وقال أبو الفرج في الأغاني : قالت سكينة بنت الحسين يوما لعائشة بنت طلحة : أنا أجمل منك ، وقالت عائشة : بل أنا أجمل منك ، فاختصمتا إلى عمر بن أبي ربيعة ، فقال : لأقضين بينكما ، أما أنت يا سكينة فأملح ، وأما أنت يا عائشة فأجمل ، فقالت سكينة : قضيت والله لي عليها . وقالت امرأة لخالد بن صفوان : ما أجملك يا أبا صفوان ، قال : كيف تقولين ذلك وليس لي عمود الجمال ولا رداؤه ولا برنسه ، أما عموده فالقوام والاعتدال وأنا قصير ، وأما رداؤه فالبياض ولست بأبيض ، وأما برنسه فسواد الشعر وجعودته وأنا أصلع ، ولو قلت ما أملحك لصدقت . وفي كتاب فقه اللغة قال أبو منصور : إذا كانت المرأة بها مسحة من جمال فهي جميلة وضيئة ، فإذا أشبه بعضها بعضا في الحسن فهي حسانة ، فإذا استغنت بجمالها عن الزينة فهي غانية ، فإن كانت لا تبالي أن لا تلبس ثوبا حسنا ولا تتقلد قلادة حسنة فهي معطال ، فإذا كان حسنها بائنا كأنه قد وسم فهي وسيمة ، فإذا قسم لها حظ وافر من الحسن فهي قسيمة ، فإذا كان النظر إليها يسر الروع فهي رائعة ، فإذا غلبت النساء بحسنها فهي باهرة . وقال في الكتاب المذكور : الصباحة في الوجه ، والوضاءة في البشرة ، والجمال في الأنف ، والحلاوة في العينين ، والملاحة في الفم ، والظرف في اللسان . والرشاقة في القد ، واللباقة في الشمائل . وكمال الحسن الشعر . وقال غيره : والبراعة في الجيد . والرقة في الأطراف ، وأكثر هذا التنزيل على التقريب ، والتحقيق منه بعيد . وقال رجل لأعرابية : إني أريد أن أتزوج فصفي لي النساء ، قالت له : عليك بالبضة البيضاء الدرماء اللعساء الشماء الجيداء ؛ الربحلة السبحلة ، المدمجة المتن ، الخميصة البطن ، ذات الثدي الناهد ، والفرع الوارد والعين النجلاء ، والحدقة الكحلاء ، والعجيزة الوثيرة ، والساق الممكورة ، والقدم الصغيرة فإن أصبتها فأعطها الحكم فإنه غنم من الغنم . قال في كفاية المتحفظ : البضة الرقيقة الجلد . وفي القاموس : درم كفرح استوى والكعب أو العظم وأراه اللحم حتى لم يبن له حجم . وامرأة درماء لا يتبين كعوبها ومرافقها . واللعساء هي التي في شفتها سواد . وكذا اللمياء والشماء هي التي في أنفها ارتفاع واستواء ؛ فإن ارتفع وسط الأنف عن طرفيه فهو أقنى والمرأة قنواء والجيداء طويلة الجيد ، والجيد بالكسر العنق أو مقلده أو مقدمه كما في القاموس ، وفيه جارية ربحلة ضخمة جيدة الخلق طويلة . والسبحلة الحسنة الخلق . قال المتنبي : ساروا بخرعوبة لها كفل يكاد عند القيام يقعدها ربحلة أسمر مقبلها سبحلة أبيض مجردها والمتن الظهر . ومعنى مدمجة أي ملفوفة المتن ، وقولها : الخميصة البطن أي خالية البطن بمعنى أنها غير منتفخة البطن ، يقال خمص البطن بتثليث الميم خلا . ويقال : رجل خمصان بالضم والتحريك وخميص الحشى أي ضامر البطن وهي خمصانة وخميصة كما في القاموس ، وقولها ذات الثدي الناهد أي صاحبة الثدي المرتفع ؛ والفرع الوارد أي الشعر الطويل ؛ والعين النجلاء أي الواسعة ؛ والحدقة الكحلاء ؛ الحدقة إنسان العين والكحل سوادها خلقة ؛ والعجيزة الكفل ؛ وقولها الوثيرة أي كثيرة اللحم أو السمينة الموافقة للمضاجعة كما في القاموس . وقولها والساق الممكورة الغليظة الحسناء ؛ والله أعلم . وقد وصف الله الحور العين بأوصاف عظيمة من أنهن حور ؛ والحور شدة بياض أبيض العين وشدة سواد أسودها . وقيل العين التي بدنها أسود كعين المها وبقر الوحش . والعين جمع عيناء ؛ وهي وسيعة العين . ووصفهن بأنهن كواعب جمع كاعب ؛ وهي المرأة التي قد تكعب ثديها واستدار ولم يتدل إلى أسفل ؛ وهذا من أحسن خلق النساء وهو ملازم لسن الشباب . إلى غير ذلك كما في القرآن العظيم والسنة الصحيحة . وكل هذا مما يشوق أهل الإيمان إلى طاعة الرحمن ؛ ليدخلوا فسيح الجنان . ويتنعموا بالحور الحسان . والله ولي الإحسان . .

ثم إن الناظم رحمه الله تعالى ذكر لهذه المرأة التي تسر زوجها إذا نظر إليها أوصافا لا بد لها منها فقال : مطلب : في أوصاف المرأة المحمودة : قصيرة ألفاظ قصيرة بيتها قصيرة طرف العين عن كل أبعد ( قصيرة ألفاظ ) أي ليست طويلة اللسان على زوجها ولا على غيره ؛ ولا هي قبيحة الألفاظ بحيث أنها تستطيل على بعلها بكلامها ولا هي بالبذية بل قصيرة اللسان والألفاظ لا تتكلم إلا بما فيه منفعة . وهذا قصر معنوي ( قصيرة بيتها ) أي مقصورة على بيتها لا تدور في البيوت والأسواق . بل لا تزال مقيمة في بيتها مقصورة فيه . وهذا مأخوذ من قوله تعالى : { حور مقصورات في الخيام } قال المفسرون أي مستورات . قال أبو عبيدة : المقصورات المحبوسات . قال الإمام المحقق ابن القيم في حادي الأرواح إلى منازل الأفراح . وفيه معنى آخر وهو أن يكون المراد أنهن محبوسات على أزواجهن لا يردن غيرهم وهم في الخيام . وهذا معنى قول من قال قصرن على أزواجهن فلا يردن غيرهم ولا يطمحن إلى سواهم ؛ ذكره الفراء ( قصيرة طرف العين ) أي لا تطمح بطرفها إلى غير زوجها . وهذا معنى قوله : ( عن كل ) رجل ( أبعد ) بل طرفها مقصور على زوجها فقط . وهذا المعنى متحد هو والذي قبله على التفسير الثاني . لكن هنا قاصرات الطرف بأنفسهن وهناك مقصورات ؛ وكأن من فسر قوله تعالى : { مقصورات في الخيام } فر من أن يكن محبوسات في الخيام لا تفارقها إلى الغرف والبساتين . وأهل القول الأول يجيبون عن هذا بأن الله سبحانه وتعالى وصفهن بصفات النساء المخدرات المصونات وذلك أكمل في الوصف . ولا يلزم أنهن لا يفارقن الخيام إلى الغرف والبساتين . كما أن نساء الملوك ومن دونهم من المخدرات المصونات لا يمتنع أن يخرجن في سفر وغيره إلى منتزه وبستان ونحوه ؛ فوصفهن اللازم لهن القصر في البيت ؛ وقد يعرض لهن مع الخدم الخروج إلى البساتين ونحوها . وأما قول مجاهد مقصورات قلوبهن على أزواجهن في خيام اللؤلؤ فهو مستفاد من قوله قاصرات الطرف .
مطلب : في بيان الأمور المستحسنات في المرأة من أنواع الجمال . قال في حادي الأرواح : يستحب السعة من المرأة في أربعة مواضع : وجهها وصدرها وكاهلها - وهو ما بين كتفيها - وجبهتها . ويستحب منها البياض في أربعة مواضع : لونها وفرقها وثغرها وبياض عينها ، والسواد في أربعة مواضع : عينها وحاجبها وهدبها وشعرها . ويستحب الطول منها في أربعة مواضع قوامها وعنقها وشعرها وبنانها . ويستحب القصر منها في أربعة مواضع وهي معنوية : لسانها ويدها ورجلها وعينها ، فتكون قاصرة الطرف ، قصيرة الرجل عن الخروج ، قصيرة اللسان عن كثرة الكلام ، قصيرة اليد عن تناول ما يكره الزوج وعن بذله . ويستحب الرقة منها في أربعة مواضع : خصرها وفرقها وحاجباها وأنفها . وقال في روضة المحبين : ومما يستحسن في المرأة طول أربعة : وهي أطرافها وقامتها وشعرها وعنقها ، ولم يذكر البنان . وقال وقصر أربعة : يدها ورجلها ولسانها وعينها ، فلا تبذل ما في بيت زوجها ، ولا تخرج من بيتها ، ولا تستطيل بلسانها ، ولا تطمح بعينها . قال وحمرة أربعة : لسانها وخدها وشفتها مع لعس وإشراب بياضها بحمرة . وقال في الرقة : أنفها وبنانها وخصرها وحاجبها ، ولم يذكر الفرق هنا . قال وغلظ أربعة : ساقها ومعصمها وعجيزتها وذاك منها . وقال في الوساع منها : جبينها ووجهها وعينها وصدرها ، ولم يذكر الكاهل . قال وضيق أربعة : فمها ومنخرها وخرق أذنها وذاك منها . قال فهذه يعني التي تجمع هذه الأوصاف أحق بقول كثير : لو أن عزة خاصمت شمس الضحى في الحسن عند موفق لقضى لها انتهى . وفي بعض الكتب المدونة في الجمال والملاحة ما نصه : روي عن بعض الأكاسرة أنه قال : ينبغي أن تكون في المرأة أربعة سود ، وأربعة بيض ، وأربعة حمر ، وأربعة كبار ، وأربعة صغار ، وأربعة واسعة ، وأربعة ضيقة ، فذكرها على نحو ما قدمنا ، إلا أنه بدل الفرق في البيض بالظفر قال إلا أن يصبغ . وفي الحمر قال الوجنتان والشفتان واللسان واللثة . قال وأما الأربعة الكبار فالثديان والفرج والعجيزة والركبتان . وقال في الصغار الأذنان والفم واليدان والرجلان . والأربعة الواسعة الجبين وأصول الثديين والعينان والسرة والله أعلم .

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
آداب, النكاح

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir