دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > السلوك والآداب الشرعية > متون الآداب الشرعية > منظومة الآداب

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 11:31 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي تتمة آداب اللباس [والأدعية المتعلقة بهذا الباب]


183- وَمَنْ يَرْتَضِي أَدْنَى اللِّبَاسِ تَوَاضُعًا: = سَيُكْسَى الثِّيَابَ الْعَبْقَرِيَّاتِ فِي غَدِ
184- وَيَحْسُنُ حَمْدُ اللَّهِ: فِي كُلِّ حَالَةٍ = وَلاَسِيَّمَا فِي لُبْسِ ثَوْبٍ مُجَدَّدِ
185- وَكُنْ شَاكِرًا لِلَّهِ وَارْضَ بِقَسْمِهِ: = تُثَبْ وَتُزَدْ رِزْقًا، وَإِرْغَامَ حُسَّدِ
186- وَقُلْ لأَخٍ: أَبْلِ وَأَخْلِقْ وَيُخْلِفُ = الإِلَهُ، كَذَا قُلْ: عِشْ حَمِيْدًا تُسَدِّدِ

  #2  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 11:34 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي غذاء الألباب في شرح منظومة الأداب / السفاريني

مطلب : بيان فضل التواضع في اللباس . ومن يرتضي أدنى اللباس تواضعا سيكسى الثياب العبقريات في غد ( ومن ) أي : شخص يعني كل إنسان من ذكر وأنثى ( يرتضي ) هو لنفسه ( أدنى ) أي أنزل وأردأ ( اللباس ) أي الملبوس من إزار ورداء وقميص وعمامة وغيرها ، وإنما كان رضاه بذلك الأدنى ( تواضعا ) أي لأجل التواضع لله - سبحانه وتعالى - وانخفاضا واحتقارا للنفس وللدنيا وزينتها . واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه بتركه لها حينئذ مع قدرته على لبسها . وإنما تركها تواضعا له - سبحانه وتعالى ( سيكسى ) بتركه لحب الزينة والافتخار ورضاه بالدون والاحتقار ( الثياب العبقريات ) نسبة إلى قرية ثيابها في غاية الحسن . والعبقري الكامل من كل شيء . وفي السيرة الشامية في رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله في حق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلم أر عبقريا أحسن نزعا منه . قال : العبقري بمهملة فموحدة فقاف فراء : طنافس ثخان . قال أبو عبيدة : تقول العرب لكل شيء من البسط عبقري ، ويقال : إن عبقر أرض يعمل فيها الوشي فنسب إليها كل شيء جيد . ويقال : العبقري الممدوح الموصوف من الرجل والفرش . انتهى . فلما ترك الإنسان رفيع الثياب ورضي بأدناها تواضعا لله تعالى في هذه الدنيا جازاه الله سبحانه وتعالى بأن كساه الثياب النفيسة البديعة المنسوجة على الهيئة العجيبة الغريبة من الوشي وغيره ( في غد ) في دار البقاء التي لا يفنى شبابها ، ولا تبلى ثيابها ، ولا تهرم حورها ، ولا تهدم قصورها في النعيم المقيم ومزيد العز والتكريم جزاء وفاقا . وقد أخرج الإمام أحمد والترمذي وحسنه والحاكم ، وقال صحيح الإسناد عن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من ترك اللباس تواضعا لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها } . وأخرج أبو داود عن رجل من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من ترك لبس ثوب جمال وهو يقدر عليه } - قال بشر أحد رواة الحديث - أحسبه قال : { تواضعا ، كساه الله حلة الكرامة } ورواه البيهقي من طريق زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه بزيادة . وأخرج أبو داود وابن ماجه عن أبي أمامة بن ثعلبة الأنصاري ، واسمه إياس رضي الله عنه قال { : ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما عنده الدنيا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تسمعون ، ألا تسمعون ، إن البذاذة من الإيمان ، إن البذاذة من الإيمان ، إن البذاذة من الإيمان } يعني التقحل . قال الحافظ المنذري : البذاذة - بفتح الباء الموحدة وذالين معجمتين - هو التواضع في اللباس برثاثة الهيئة وترك الزينة والرضا بالدون من الثياب . ورواه الإمام أحمد ولفظه { إن البذاذة من الإيمان } يعني التقحل ، وفي لفظ عند ابن ماجه : يعني التقشف . قال الإمام أحمد : البذاذة التواضع في اللباس . وفي الصحاح بذ الهيئة ، أي رثها ، بين البذاذة والبذوذة ، وفي جمهرة ابن دريد : بذت هيئته بذاذة وبذوذة إذا رثت ، وفي الحديث { البذاذة من الإيمان } ترك الزينة والتصنع . وروى البيهقي عن أبي هريرة مرفوعا { إن الله عز وجل يحب المبتذل الذي لا يبالي ما لبس } . وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي بردة قال { : دخلت على عائشة رضي الله عنها فأخرجت إلينا كساء ملبدا من التي يسمونها الملبدة وإزارا غليظا مما يصنع باليمن ، وأقسمت بالله لقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين الثوبين } . قال الحافظ المنذري : الملبد المرقع ، وقيل غير ذلك . وروى أبو داود والبيهقي كلاهما من رواية إسماعيل بن عياش عن عتبة بن عبد السلمي رضي الله عنه قال { : استكسيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكساني خيشتين ، فلقد رأيتني ، وأنا أكسى أصحابي } . قال الحافظ المنذري : الخيشة - بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء المثناة تحت بعدهما شين معجمة - هو ثوب يتخذ من مشاقة الكتان يغزل غزلا غليظا وينسج نسجا رقيقا ، وقوله : " وأنا أكسى أصحابي " يعني أعظمهم وأعلاهم كسوة . وروى البيهقي عن عمر رضي الله عنه قال : { نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير مقبلا عليه إهاب كبش قد تمنطق به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : انظروا إلى هذا الذي نور الله قلبه لقد رأيته بين أبوين يغذوانه بأطيب الطعام والشراب ولقد رأيت عليه حلة شراها أو شريت بمائتي درهم فدعاه حب الله وحب رسوله إلى ما ترون } . الإهاب - بكسر الهمزة - هو الجلد ، وقيل : ما لم يدبغ . وفي موطأ مالك عن أنس قال : رأيت عمر رضي الله عنه وهو يومئذ أمير المؤمنين وقد رقع بين كتفيه برقاع ثلاث لبد بعضها على بعض . وروى الترمذي وحسنه عن أنس أيضا رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك } . وفي فروع ابن مفلح بعد ذكره لهذا البيت الذي نحن بصدد شرحه قال : ولا بد في ذلك أن يكون يعني ترك الترفع في اللباس والرضا بالأدنى لله لا لعجب ولا شهرة ولا غيره . قال جماعة : والتوسط في الأمور أولى ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بحسب الحال لا يمتنعون من موجود ، ولا يتكلفون مفقودا . وقال في الفروع في آخر أحكام اللباس : قال المروذي : وذكرت رجلا من المحدثين يعني للإمام أحمد رضي الله عنه ، فقال : أنا أشرت به أن يكتب عنه ، وإنما أنكرت عليه حبه للدنيا . وذكر أبو عبد الله من المحدثين علي بن المديني وغيره ، وقال : كم تمتعوا من الدنيا إني لأعجب من هؤلاء المحدثين وحرصهم على الدنيا . قال : وذكرت لأبي عبد الله رجلا من المحدثين فقال : إنما أنكرت عليه أنه ليس زيه زي النساك . وقال ابن الجوزي : قال أبي بن كعب : من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه حسرات على الدنيا . وفي مسلم عن أبي عثمان النهدي قال : كتب إلينا عمر رضي الله عنه يا عتبة بن فرقد إنه ليس من كدك ولا من كد أبيك ولا كد أمك فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبع منه في رحلك ، وإياك والتنعم وزي أهل الشرك ، ولبوس الحرير وهو في مسند أبي عوانة الإسفراييني وغيره بإسناد صحيح كما في الفروع : أما بعد فاتزروا وارتدوا ، وألقوا الخفاف والسراويلات ، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل ، وإياكم والتنعم وزي الأعاجم وعليكم بالشمس فإنها حمام العرب ، وتمعددوا ، واخشوشنوا ، واخلولقوا ، واقطعوا الركب وانزوا وارموا الأغراض . وبين أبو عوانة في صحيحه من وجه آخر سبب قول عمر ذلك . فعنده في أوله أن عتبة بن فرقد بعث إلى عمر مع غلام له بسلال فيها خبيص عليها اللبود ، فلما رآه عمر قال : أيشبع المسلمون في رحالهم من هذا ؟ قال : لا قال عمر : لا أريده ، وكتب إلى عتبة إنه ليس من كدك الحديث . قال زي - بكسر الزاي - ولبوس - بفتح اللام وضم الباء . وفي لفظ عند الإمام أحمد : وألقوا الركب وانزوا وارتدوا ، وعليكم بالمعدية ، وارموا الأغراض ، وذروا التنعم وزي العجم . فقوله : وانزوا أي ثبوا وثبا . والمعدية أي اللبسة الخشنة نسبة إلى معد بن عدنان وهي المراد بقوله : تمعددوا ، ولذا قال في الصحاح : أي تشبهوا بعيش معد بن عدنان ، وكانوا أهل قشف وغلظ في المعاش . يقول فكونوا مثلهم ودعوا التنعم وزي العجم . قال : وهكذا هو في حديث له آخر : عليكم باللبسة المعدية . وفي هامش الفروع من خط الشهاب الفتوحي في قوله : واقطعوا الركب : الظاهر أنه هنا بفتح الراء والكاف . قال في الصحاح : وهو منبت العانة . وفي القاموس : العانة أو منبتها وكأن المراد بذلك - والله أعلم - حلق العانة ، كأنه لما أمرهم بأن يخشوشنوا قال : ومع ذلك احلقوا العانة . قال هذا ما ظهر لي والله أعلم انتهى . قلت : والمناسب لقوله واقطعوا الركب وانزوا أن المراد بالركب ما يركب فيه . قال في القاموس : والركب ككتب جمع ركابات ، وركائب من السرج كالغرز من الرحل . ويؤيد هذا قول صاحب الفروع في تفسير وانزوا أي ثبوا وثبا . وسيأتي تحقيق ذلك قريبا عند قول الناظم : وسر حافيا أو حاذيا إلخ . وروى الإمام أحمد عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم { لما بعثه إلى اليمن قال إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين } . قال في الفروع : قال في كشف المشكل : الآفة في التنعم من أوجه : أحدها : أن المشتغل به لا يكاد يوفي التكليف حقه . الثاني : أنه من حيث الأكل يورث الكسل والغفلة والبطر والمرح . ومن اللباس يوجب لين البدن فيضعف عن عمل شاق ، ويضم ضمنه الخيلاء . ومن النكاح يضعف عن أداء اللوازم . الثالث : أن من ألفه صعب عليه فراقه فيفني زمنه في اكتسابه ، خصوصا في النكاح ، فإن المتنعمة به تحتاج إلى أضعاف ما يحتاج إليه غيرها . قال : والإشارة بزي أهل الشرك ما ينفردون به . فنهى عن التشبه بهم والله - تعالى - أعلم . فإن قلت : قد كره الناظم للغني لبس الرديء ، وهنا ندب إلى الرضا باللباس الأدنى ، فهل هذا إلا تدافع ؟ قلت : ليس كذلك ، بل مراده - والله أعلم - أن الإنسان إذا أنعم الله عليه بنعمة أحب أن يرى عليه أثر نعمته لما أسلفنا من الفوائد ، فلا يلبس لبس الفقراء ، ولكن ليتوسط في ملبسه ، أو يكون لبسه ثياب التجمل أحيانا بنية إظهار أثر نعم الباري جل شأنه ، فما ينفك عن عبادته ما دام ملاحظا لذلك . وهنا أراد أن من يرضى بالأدنى عن الأعلى تواضعا لله ، ولعل المراد بما لا يلتحق به إلى زي الفقراء بل يتوسط ، كما حكاه في الفروع كما أسلفناه عنه آنفا ، ويخرج به عن زي أهل الخيلاء فتكون حالته بين حالتين فخير الأمور أوسطها كما قدمنا ، فلكل مقام مقال والله ولي الأفضال جل شأنه .

مطلب : يسن حمد الله تعالى في كل حالة لا سيما عند لبس الثياب . ويحسن حمد الله في كل حالة ولا سيما في لبس ثوب مجدد ( ويحسن ) بمعنى يشرع ( حمد الله ) جل شأنه وتعالى سلطانه ( في كل حالة ) من الحالات ، أما في القلب فمطلقا ، وأما باللسان فكذلك إلا ما استثني من الأماكن القذرة وكون الرجل على حاجته وزوجته ، وكل مكان لا يحسن الذكر والقرآن فيه كما قدمنا في آداب قراءة القرآن ( ولا سيما ) تقدم أن لا سيما يدخل ما بعدها فيما قبلها من باب أولى . وقال ابن الهاثم : هي من أدوات الاستثناء عند بعضهم . والصحيح أنها ليست منها بل هي مضادة للاستثناء ، فإن الذي بعدها داخل فيما دخل فيه قبلها ، ومشهود له بأنه أحق بذلك من غيره انتهى . فأشعر كلام الناظم أن حمد الله مشروع في كل حالة ويحسن أيضا من باب أولى حمد الله سبحانه ( في ) حالة ( لبس ) الإنسان من ذكر وأنثى ل ( ثوب ) من الثياب من إزار ورداء وقميص وعمامة وسراويل ونحوها ( مجدد ) أي جديد لم يكن استعمله قبل ذلك . وذلك لما روى أبو داود والحاكم عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من أكل طعاما فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، ومن لبس ثوبا جديدا فقال : الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر } هكذا لفظ أبي داود ولم يقل الحاكم وما تأخر .

مطلب : الأعمال التي من عملها غفر له ما تقدم وما تأخر من ذنبه . ( فائدة ) : ذكر العلقمي في حاشيته على الجامع الصغير أن جملة الأعمال الواردة التي من عمل بها غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ستة عشر جمعها من الأحاديث ونظمها فقال : قد جاء عن الهادي وهو خير نبي أخبار مسانيد قد رويت بإيصال في فضل خصال وغافرات ذنوب ما قدم أو أخر للمات بأفضال حج ووضوء قيام ليلة قدر والشهر وصوم له ووقفة إقبال آمين وقار في الحشر ومن قاد أعمى وشهيد إذا المؤذن قد قال تسعى لأخ والضحى وعند لباس حمد ومجيء من إيلياء بإهلال في الجمعة يقرأ قواقلا وصفاح مع ذكر صلاة على النبي مع الآل وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : لبس عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثوبا جديدا فقال : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي ، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { من لبس ثوبا جديدا فقال : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي ثم عمد إلى الثوب الذي خلق فتصدق به كان في كنف الله ، وفي حفظ الله وفي ستر الله حيا وميتا } رواه الترمذي واللفظ له وقال غريب . ورواه ابن ماجه والحاكم كلهم من رواية أصبغ بن زيد عن أبي العلاء عنه . وأبو العلاء قال الحافظ المنذري : مجهول . وأصبغ بن زيد الجهني مولاهم الواسطي قال المنذري : صدوق ضعفه ابن سعد . وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به . وقال النسائي : لا بأس به . ووثقه ابن معين والدارقطني . ورواه البيهقي وغيره بلفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { من لبس ثوبا أحسبه قال جديدا فقال حين يبلغ ترقوته مثل ذلك ثم عمد إلى ثوبه الخلق فكساه مسكينا لم يزل في جوار الله وذمة الله ، وفي كنف الله حيا وميتا حيا وميتا حيا وميتا ما بقي من الثوب سلك } زاد في بعض رواياته " فقلت من أي الثوبين ؟ قال لا أدري " . وروى الإمام أحمد وأبو يعلى عن علي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { عند الكسوة } وفي لفظ { إذا لبس ثوبا جديدا الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس وأواري به عورتي } . وروى الإمام أحمد أيضا والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان وأبو بكر بن أبي شيبة وعبد بن حميد وغيرهم عن ابن عمر رضي الله عنهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى على عمر قميصا أبيض غسيلا فقال ثوبك هذا غسيل أم جديد ؟ قال لا بل غسيل يا رسول الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم البس جديدا وعش حميدا ومت - وفي لفظ - وتوف شهيدا يرزقك الله قرة عين في الدنيا والآخرة } . وفي الكلم الطيب للإمام ابن القيم عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا سماه باسمه قميصا أو إزارا أو عمامة يقول اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه ، أسألك من خيره وخير ما صنع له ، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له } رواه أبو داود والترمذي قال النووي وغيره : حديث صحيح . وقال الترمذي : حسن . وقال أبو نضرة " وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى أحدهم على صاحبه ثوبا قال : تبلي ، ويخلف الله ذكره البيهقي . وتأتي الإشارة إليه في كلام الناظم - رحمه الله تعالى .

مطلب : يطلب الشكر في جميع الحالات لا سيما عند تجدد النعم : وكن شاكرا لله وارض بقسمه تثب وتزد رزقا وإرغام حسد ( وكن ) أيها العبد ( شاكرا لله ) سبحانه وتعالى على جميع النعم التي أسداها إليك ومن بها عليك ، واعترف بقلبك أنك لو أنفقت جميع عمرك في قيام الليل وصيام النهار ولم يزل لسانك رطبا بذكر الله لم تؤد شكر نعمه ، بل ولا نعمة واحدة من نعمه ، كيف ، والتوفيق للشكر نعمة أخرى تحتاج إلى شكر آخر وهلم جرا . فلا سبيل للعبد على القيام بشكر نعمه ، كما قيل : إذا كان شكري نعمة الله نعمة علي له في مثلها يجب الشكر فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام واتصل العمر إذا مس بالسراء عم سرورها وإن مس بالضراء أعقبها الأجر فما منهما إلا له فيه نعمة تضيق بها الأوهام والسر والجهر ولكن الشكر قص جناح النعم فلا تطير من عندك . فمن ثم عليك شكره في جميع الحالات ، لا سيما عند تجدد النعم التي من جملتها لبسك الجديد . قال في الفروع : فأما شكر الله على ذلك فمستحب . قال : وفي الحمد على الطعام خلاف فيتوجه مثله في اللباس . ثم إن وجب يعني الحمد على اللباس فعدمه يعني عدم الحمد بأن تركه لا يمنع الحل يعني لا يكون اللباس بعدم الحمد حراما .

مطلب : الرضا يثاب عليه ويزيد في الرزق . ( وارض ) أنت ( بقسمه ) لك فإنه حكيم عليم ، والحكيم يضع الأشياء في مواضعها . فمن عباده من لم يصلحه إلا الفقر ولو أغناه لفسد عليه دينه ، ومنهم من لا يصلحه إلا الغنى ، ولو أفقره لفسد عليه دينه ، وكذلك الصحة والسقم ونفوذ الكلمة وعدمه وغير ذلك ، فمهما قسمه لك من ذلك فكن به راضيا مطمئنا لا ساخطا ولا متلونا ، فإنه جل شأنه أشفق من الوالدة على ولدها . ومن تمام حكمته وبديع قدرته أن جعل عباده ما بين غني وفقير ، وجليل وحقير ، وصغير وكبير ، ومستأجر وأجير ، ذلك تقدير العليم الخبير ، فإن سخطت شيئا من أقداره أهلكت نفسك وقطعتها حسرات على الدنيا ، ولم تنل منها إلا ما قسمه لك جل شأنه ، وإن ترض بقسمته لك من جميع الأشياء ( تثب ) ثواب الراضين على ذلك ، ويحصل لك الرضا الموعود به في قوله في الحديث { فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فعليه السخط } وتثبت لك حقيقة العبودية وتسلم من الإباق المتوعد به في قوله كما في بعض الأخبار القدسية { من لم يرض بقضائي ويصبر على بلائي فليعبد ربا سواي } . قال في الفروع : وكان المروذي مع الإمام أحمد في العسكر في قصر فأشار إلى شيء على الجدار قد نصب ، فقال له أحمد : لا تنظر إليه ، قال قلت : فقد نظرت إليه ، قال : فلا تفعل . قال وسمعته يقول : تفكرت في هذه الآية { ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى } ثم تفكرت في وفيهم وأشار نحو العسكر قال { ورزق ربك خير وأبقى } ، قال : رزق يوم بيوم خير . قال : ولا تهتم لرزق غد . انتهى . فإن فعلت كذلك ( و ) رضت نفسك على هذه الأخلاق ( تزد رزقا ) من الله سبحانه وتعالى فإنه يرزق عباده سيما الذين انسلخوا عن الحول والقوة ، وطرحوا على أبواب الرجاء والمنة ، فهم عليه متوكلون ، وإليه متضرعون ، وعلى أبوابه واقفون ، ولمنحه منتظرون ، فإن كنت منهم تزد رزقا ( و ) تزد ( إرغام ) أي ذل وبتك وإهانة ( حسد ) جمع حاسد . وأصل الرغام التراب ، كأنك لشرف نفسك ورضاك بقسمة مولاك جعلت أنوف أعدائك ملصقة بالتراب ، والحاسد عدو نعم الله تعالى لأنه يطلب زوالها ممن نالها ، وهو من إساءة الأدب على غاية ، ولذا قيل شعر : ألا قل لمن كان لي حاسدا أتدري على من أسأت الأدب أسأت على الله في حكمه لأنك لم ترض ما قد وهب فجازاك ربي بأن زادني وسد عليك وجوه الطلب ( تنبيه ) : قد تضمن بيت الناظم ثلاثة أشياء : الشكر ، والرضا ، وإرغام أهل الحسد ، وفي ضمن ذلك ذم الحسود . فأما الرضا فهو من أعمال القلوب ، وهو إن كان كذلك فكماله هو الحمد ، حتى إن بعضهم فسر الحمد بالرضا ، ولهذا جاء في الكتاب والسنة حمد الله على كل حال ، وذلك يتضمن الرضا بقضائه . والرضا بالمصائب أشق على النفوس من الصبر ، وإن كان الصبر من أشق الأشياء على النفوس . وفي جامع الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا أحب الله قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط } . مطلب : الرضا بالقضاء هل هو واجب أو مستحب ؟ وقد تنازع علماؤنا وغيرهم الرضا بالقضاء ، هل هو واجب أو مستحب على قولين : فعلى الأول يكون من أعمال المقتصدين . وعلى الثاني يكون من أعمال المقربين . ذكره شيخ الإسلام رضي الله عنه . فالعبد قد يصبر على المصيبة ، ولا يرضى . فالرضا أعلى مقام الصبر ، لكن الصبر اتفقوا على وجوبه ، والرضا اختلفوا في وجوبه ، والشكر أعلى من مقام الرضا ، فإنه يشهد المصيبة نعمة ، والمحنة منحة فيشكر المبلي عليها . قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : أما الرضا فمنزلة عزيزة أو منيعة ، ولكن قد جعل الله في الصبر معولا حسنا . وقال عبد الواحد بن زيد : الرضا باب الله الأعظم ، وجنة الدنيا ، وسراج العابدين . وقد روى ابن أبي الدنيا عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { الصبر رضا } فهذا الحديث فيه بشارة عظيمة لأهل المصائب ؛ إذ سمى الصبر رضا ، ولعله مراد الناظم . فإن قيل : غالب الناس يصبرون ولا يرضون ، فكيف يتصور الرضا بالمكروه ؟ فالجواب أن نفور الطبع عن المكروه لا ينافي رضا القلب بالمقدور ، فإنا نرضى عن الله ونرضى بقضائه وإن كرهنا المقضي . وفي صيد الخاطر للإمام الحافظ ابن الجوزي طيب الله ثراه : الرضا من جملة ثمرات المعرفة ، فإذا عرفته رضيت بقضائه ، وقد يجري في ضمن القضاء مرارات يجد بعض طعمها الراضي ، وأما العارف فتقل عنده المرارة لقوة حلاوة المعرفة ، فإذا ترقى بالمعرفة إلى المحبة صارت مرارة الأقدار حلاوة كما قال القائل : عذابه فيك عذب وبعده فيك قرب وأنت عندي كروحي بل أنت منها أحب حسبي من الحب أني لما تحب أحب وقال بعض المحبين في هذا المعنى : ويقبح من سواك الفعل عندي فتفعله فيحسن منك ذاكا فإن قيل : بماذا أرضى قدر ربي ، أرضى في أقداره بالمرض والفقر ، أفأرضى بالكسل عن خدمته والبعد عن أهل الجنة ، فبين لي ما الذي يدخل تحت الرضا مما لا يدخل ؟ فقلت له : نعم ما سألت فاسمع الفرق سماع من ألقى السمع وهو شهيد . ارض بما منه . فأما الكسل والتخلف فذاك منسوب إليك فلا ترض به من فعلك ، وكن مستوفيا حقه عليك مناقشا نفسك فيما يقربك منه غير راض عنها بالتواني في المجاهدة . فأما ما يقدره من الأفضلية المجردة التي لا كسب لك فيها فكن راضيا بها . انتهى . ملخصا والله أعلم .

مطلب : مثالب الحسد وأما مثالب الحسد فهي أكثر من أن تذكر . وأشهر من أن تسطر . ولكن ما لا يستطاع ذكر كله لا يترك بعضه . فاعلم - رحمك الله تعالى - أن أول معصية وقعت من الخلق الحسد لما حسد إبليس آدم ، ثم حسد قابيل هابيل . والحسد لا يكون إلا على نعمة . ومتى أنعم الله على عبد نعمة فأحب أحد أن يكون له مثلها من غير أن تزول عن المحسود ، فذلك الحسد يسمى غبطة ولا لوم فيه ولا ذم . وإن أحب زوالها عن المحسود فهذا الحسد المذموم ، وصاحبه الملوم الظلوم . ثم إن هذا الحاسد تارة يحب زوالها عن المحسود ومجيئها إليه ، وهذا قبيح . لأنه إيثار في ضمنه اعتراض . وأقبح منه طلب زوالها عن المحسود ، وحصولها إلى غيره . وأقبح منهما طلب زوالها مطلقا ، فهذا عدو نعم الله - تعالى . وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { لا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا } . وفي صحيح ابن حبان { لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد } ورواه البيهقي أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا . وأخرج أبو داود والبيهقي عن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو قال العشب } . ورواه ابن ماجه والبيهقي أيضا وغيرهما من حديث أنس رضي الله عنه ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ، والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، والصلاة نور المؤمن ، والصيام جنة من النار } . وروى الطبراني بسند رجاله ثقات عن ضمرة بن ثعلبة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا } . وفي حديث ضعيف { ليس مني ذو حسد } . وروى البزار بإسناد جيد والبيهقي وغيرهما عن الزبير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء ، والبغضاء هي الحالقة ، وأما إني لا أقول تحلق الشعر ، ولكن تحلق الدين } .

مطلب : معالجة داء الحسد . فإن قيل : قد ذكرت من صريح الآثار ، وصحيح الأخبار ، ما ينفر عن الحسد ويبعد عنه كل أحد ، لكن الحسد مرض باطني ، فكيف السبيل إلى زواله ؟ فالجواب : أن الآدمي قد جبل على حب الرفعة ، فلا يحب أن يعلو عليه أحد في نعمة من نعم الدنيا ، فإذا علا أحد عليه شق عليه وأحب زوال ما علا به . ومعالجة ذلك تارة بالزهد في الدنيا ، وأنها لا تعدل عند الله جناح بعوضة ، فلا وجه للمنافسة فيها عند العقلاء ، وتارة بالرضا بالقضاء ، فإنك إن لم ترض لم تحصل إلا على الندم وفوات الثواب ، وغضب رب الأرباب ، فهما مصيبتان أو أكثر ، وليس للعاقل حيلة في دفع القضاء فعليه بالرضا . ولذا قلت : ما لي على مر القضا من حيلة غير الرضا أنا في الهوى عبد وما للعبد أن يتعرضا وتارة في النظر فيما يتعلق بتلك النعم من الآفات ، فإذا لم يعمل بمقتضى ما في النفس ، ولم ينطق لم يضره ما وضع في الطبع . وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي رضي الله سبحانه وتعالى عنه { ثلاثة لا ينجو منهن أحد : الظن ، والطيرة ، والحسد وسأحدثك بالمخرج من ذلك : إذا ظننت فلا تحقق ، وإذا حسدت فلا تبغ ، وإذا تطيرت فلا ترجع } أي امض لما قصدت له ولا تصدنك عنه الطيرة . فالحسد أولا يضر الحاسد في الدين والدنيا ، ولا يستضر بذلك المحسود ، فلا تؤذ نفسك . أما ضرره في الدين فإن الحاسد قد سخط قضاء الله - تعالى - فكره نعمته على عباده ، وهذا قذى في بصر الإيمان ، ويكفيه أنه شارك إبليس في الحسد وفارق الأنبياء في حبهم الخير لكل أحد . ثم إن الحسد يحمل على إطلاق اللسان في المحسود بالشتم والتحيل على أذاه . وأما ضرره في الدنيا فإن الحاسد يتألم ولا يزال في كمد . وأنشدوا : دع الحسود وما يلقاه من كمده كفاك منه لهيب النار في جسده إن لمت ذا حسد نفست كربته وإن سكت فقد عذبته بيده قال الأصمعي سمعت أعرابيا يقول : ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد حزن لازم ، ونفس دائم ، وعقل هائم ، وحسرة لا تنقضي . فإن قيل : هل للحاسد دواء ؟ فالجواب : قل أن ينجع فيه دواء لأنه جهول ظلوم وليس يشفي علة صدره ويزيل حزازة الحسد من قلبه إلا زوال النعمة ، فحينئذ يتعذر الدواء أو يعز . ومن هذا قول بعضهم وأحسن : وكل أداويه على قدر دائه سوى حاسدي فهي التي لا أنالها وكيف يداوي المرء حاسد نعمة إذا كان لا يرضيه إلا زوالها نعم إن كان الحاسد ذا فهم فدواؤه أن يقمع أسباب الحسد من الباطن ، فإن سببها في الغالب الكبر وعزة النفس ، ثم يتكلف مدح المحسود والتواضع له والهدية إليه . ثم اعلم أنك إنما تحسد إخوانك على الدنيا وحطامها ، وأما قوام الليل وصوام النهار فلا أراك تحسدهم . فبالله عليك اعرف قدر الدنيا واعلم أنها هموم متراكمة ، وغموم متلاطمة ، وحساب وعذاب ، وهي خرق وتراب ، وصور وخراب . فرحم الله امرأ عرف نفسه ، وعرف الدنيا وعمل على مقتضى كل بحسبه . والله سبحانه وتعالى المسئول ، أن يقذف في قلوبنا من النور . ما يزول به الديجور ، ونشاهد حقائق الأمور ، على حسب ما يرضي الغفور ، إنه جواد كريم ، رءوف رحيم



مطلب : ما يقال لمن لبس ثوبا جديدا : وقل لأخ أبل وأخلق ويخلف الإله كذا قل عش حميدا تسدد ( وقل ) أي يندب لك أن تقول ( ل ) كل ( أخ ) لك في الإسلام إذا لبس ثوبا جديدا ( أبل ) من أبلى الثوب وبلاه أي أفنى الثوب ( وأخلق ) أي صيره خلقا ، يعني : الله يبليه ويصيره خلقا ، وهذا دعاء لصاحب الثوب بطول الحياة ، كأنه دعا له أن يطول الله عمره حتى يبليه ويخلقه ، ولا يخلفه وراءه تركة ( ويخلف ) عليه ( الإله ) المعبود بحق الذي يعطي الكثير ، ويرضى بالبر اليسير ، جل شأنه ، تعالى سلطانه ، وذلك لما روى الإمام أحمد والبخاري في صحيحه عن أم خالد بنت خالد رضي الله عنها قالت { أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة كساء سوداء ، قال من ترون نكسوها هذه الخميصة ؟ فأسكت القوم ، فقال ائتوني بأم خالد ، فأتى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فألبسنيها بيده وقال : أبلي وأخلقي يا أم خالد ، هذا سنا قال ذلك مرتين } . قال في الآداب الكبرى : السنا بلسان الحبشة الحسن . قال في النهاية : يروى أخلقي بالقاف من إخلاق الثوب تقطيعه ، وقد خلق الثوب وأخلق . ويروى بالفاء بمعنى التعويض والبدل ، قال : وهو أشبه . انتهى . وقال في المطالع : أبلي وأخلفي ، كذا لأبي ذر وأبي زيد المروذي بالفاء ، ولغيرهما بالقاف من إخلاق الثوب . قال : ومعناه أن يكتسب خلفه بعد بلاه ، يقال خلف الله لك مالا ، وأخلفه وهو الأشهر يعني بالفاء رباعي انتهى . وقال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري : قوله : أخلقي بقطع الهمزة والخاء المعجمة والقاف أمر بالإخلاق ، والعرب تطلق ذلك ، وتريد الدعاء بطول البقاء للمخاطب بذلك أي أنها تطول حياتها حتى يبلى الثوب ويخلق . قال الخليل : أبل وأخلق معناه عش وخرق ثيابك وارقعها ، وأخلقت الثوب أخرجت باليه ولفقته قال : ووقع في رواية أبي زيد المروذي عن القريري وأخلفي بالفاء ، وهي أوجه من التي بالقاف ؛ لأن الأولى تستلزم التأكيد ؛ إذ الإبلاء والإخلاق بمعنى لكن جاز العطف لتغاير اللفظين ، والثانية تفيد معنى زائدا ، وهو أنه إذا أبلته أخلفت غيره . وعلى ما قاله الخليل لا تكون التي بالقاف للتأكيد . انتهى . والنظم مبني على رواية القاف بدليل إتيانه بقوله : ويخلف الإله إلخ . ( كذا ) أي كما تقول : أبل وأخلق ويخلف الله سبحانه ( قل ) أنت لأخيك ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في الحديث الذي ذكرناه آنفا البس جديدا و ( عش حميدا ) ومت شهيدا . فإن أنت قلت هذا ( تسدد ) أي تصب في الخطاب ، وتوفق لمتابعة سنة النبي الأواب ، فإنها الدين القويم ، والصراط المستقيم ، فمن تمسك بها نجا ، ومن حاد عنها وقع في ظلمات الدجى . فنسأل الله سبحانه أن يمنحنا نيلها ، ويهدينا سبيلها ، إنه على ذلك قدير ، وبالإجابة جدير .


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
آداب, تتمة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:42 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir