دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > الملخص الفقهي > كتاب القضاء

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 رجب 1433هـ/11-06-2012م, 04:09 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي باب آداب القاضي

المراد بالآداب هنا: الأخلاق التي ينبغي له التخلق بها.
قال الإمام أحمد رحمه الله: "حسن الخلق أن لا تغضب ولا تحقد".
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: "الحاكم محتاج إلى ثلاثة أشياء لا يصح له الحكم إلا بها: معرفة الأدلة، والأسباب، والبينات؛ فالأدلة تعرفه الحكم الشرعي الكلي، والأسباب تعرفه ثبوته في هذا المحل المعين أو انتفاءه عنه، والبينات تعرفه طريق الحكم عند التنازع، ومتى أخطأ في واحد من هذه الثلاثة؛ أخطأ في الحكم" انتهى.
وينبغي للقاضي أن يكون قويا من غير عنف؛ لئلا يطمع فيه الظالم، وأن يكون ليّنا من غير ضعف؛ لئلا يهابه صاحب الحق.
قال شيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله: "إن الولاية لها ركنان: القوة والأمانة،وينبغي للقاضي أن يكون حليما؛ لئلا يغضب من كلام الخصم، فيمنعه ذلك من الحكم؛ فالحكم زينة العلم وبهاؤه وجماله، وضده الطيش والعجلة والحدة والتسرع وعدم الثبات، وينبغي له أن يكون ذا أناة "أي: تؤدة وتأن"؛ لئلا تؤدي عجلته إلى ما لا ينبغي، وأن يكون ذا فطنة؛ لئلا يخدعه بعض الخصوم، وأن يكون عفيفا "أي: كافّا نفسه عن الحرام"، وأن يكون بصيرًا بأحكام من قبله من القضاة، ويكون مجلسه في وسط البلد إذا أمكن؛ ليستوي أهل البلد في المضي إليه، ولا بأس بالقضاء في المسجد، وقد جاء عن عمر وعثمان وعلي أنهم كانوا يقضون في المسجد، ويجب على القاضي أن يعدل بين الخصمين في لحظه ومجلسه ودخولهما عليه، وروى أبو داود عن ابن الزبير؛ قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم"؛ فوجب أن يعدل بينهما في مجلسه وفي ملاحظته لهما وكلامه لهما".
قال الإمام ابن القيم: "نهى عن رفع أحد الخصمين عن الآخر، وعن الإقبال عليه، وعن مشاورته والقيام له دون خصمه؛ لئلا يكون ذريعة إلى انكسار قلب الآخر وضعفه عن القيام بحجته وثقل لسانه بها، ولا يتنكر للخصوم؛ لما في التنكر لهم من إضعاف نفوسهم وكسر قلوبهم وإحراس ألسنتهم عن التكلم بحججهم".
ويحرم على القاضي أن يسار أحد الخصمين أو يلقنه حجته أو يضيفه أو يعلمه كيف يدعي؛ إلا أن يترك ما يلزمه في الدعوى.
وينبغي للقاضي أن يحضر مجلسه الفقهاء، وأن يشاورهم فيما يشكل عليه إن أمكن، فإذا اتضح له الحكم؛ حكم به، وإلا؛ أخره حتى يتضح.
ويحرم على القاضي أن يقضي وهو غضبان غضبا كثيرًا؛ لما في الحديث المتفق عليه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان"، ولأن الغضب يشوش عليه قلبه وذهنه، ويمنعه من كمال الفهم، ويحول بينه وبين استيفاء النظر، ويعمي عليه طريق العلم والقصد.
ويقاس على الغضب كل ما يشوش الفكر؛ كحالة الجوع، والعطش، وشدة الهم، أو الملل، أو النعاس، أو برد مؤلم، أو حر مزعج، أو في حالة احتباس بول أو غائط؛ لأن ذلك كله يشغل الفكر الذي يتوصل به إلى إصابة الحق في الغالب؛ فهو في معنى الغضب.
ويحرم على الحاكم قبول رشوة؛ لحديث ابن عمر؛ قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسل الراشي والمرتشي"، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
والرشوة نوعان:
أحدهما: أن يأخذ من أحد الخصمين ليحكم له بالباطل.
والثاني: أن يمتنع من الحكم بالحق للمحق حتى يعطيه الرشوة، وهذا من أعظم الظلم.
وكذا يحرم على القاضي قبول هدية ممن لم يكن يهاديه قبل ولايته القضاء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم "هدايا العمال غلول"، رواه أحمد، ولأن قبول الهدية ممن لم تجر عادته بمهاداته ذريعة إلى قضاء حاجته.
ويكره للقاضي تعاطي البيع والشراء إلا بوكيل لا يعرف أنه له؛ خشية المحاباة؛ فإن في البيع والشراء كالهدية.
ولا يحكم القاضي لنفسه ولا لمن لا تقبل شهادته له كوالده وولده وزوجته ولا يحكم على عدوه؛ لقيام التهمة في هذه الأحوال، ومتى عرضت قضية تختص به أو لمن لا تقبل شهادته له؛ أحالها إلى غيره؛ فقد حاكم عمر أبيا إلى زيد بن ثابت، وحاكم علي رجلاً عراقيا إلى شريح، وحاكم عثمان طلحة إلى جبير بن مطعم رضي الله عنهم.
ويستحب للقاضي أن يقدم النظر في القضايا التي تستدعي حالة أصحابها سرعة النظر فيها؛ كقضايا المساجين، وقضايا القصار من الأيتام والمجانين، وثم قضايا الأوقاف والوصايا التي ليس لها ناظر.
ولا ينقض من أحكام القاضي إلا ما خالف الكتاب والسنة، أو خالف إجماعا قطعيا؛ فما كان كذلك؛ وجب نقضه؛ لمخالفته الكتاب والسنة أو الإجماع.
وبهذا الاستعراض السريع لآداب القاضي؛ يتبين عدالة القضاء في الإسلام، وما يكون عليه القضاة من مستوى رفيع مما تعجز كل نظم الأرض عن الإتيان بمثله أو قريب منه، وصدق الله العظيم: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.
فقبح الله قوما أعرضوا عن هذا الحكم الرباني واستبدلوه بالقانون الشيطاني، وهؤلاء قد {بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ}.

[الملخص الفقهي: 2/ 624-628]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
آداب, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir