فَصْلٌ
في حَمْلِ المَيِّتِ ودَفْنِه
ويَسْقُطَانِ بكَافِرٍ وغَيْرِه كتَكْفِينِه؛ لعَدَمِ اعتِبَارِ النِّيَّةِ. (يُسَنُّ التَّرْبِيعُ في حَمْلِه)؛ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ وابنُ مَاجَهْ, عن أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ, عَن أَبِيهِ قَالَ: (مَنِ اتَّبَعَ جِنَازَةً فَلْيَحْمِلْ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ كُلِّهَا؛ فإِنَّهُ مِن السُّنَّةِ, ثُمَّ إِنْ شَاءَ فَلْيَتَطَوَّعْ, وَإِنْ شَاءَ فَلْيَدَعْ). إسنادُه ثِقَاتٌ, إلاَّ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لم يَسْمَعْ مِن أَبِيهِ، لكِنْ كَرِهَهُ الآجُرِّيُّ وغَيْرُه إذا ازْدَحَمُوا عليها، فيُسَنُّ أن يَحْمِلَهُ أَرْبَعَةٌ، والتَّرْبِيعُ: أن يَضَعَ قَائِمَةَ السَّرِيرِ اليُسْرَى المُقَدَّمَةَ, علَى كَتِفِه الأَيْمَنِ, ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلى المُؤَخِّرَةِ, ثُمَّ يَضَعُ قَائِمَتَهُ اليُمْنَى المُقَدَّمَةَ على كَتِفِه اليُسْرَى, ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلى المُؤَخِّرَةِ.
(ويُبَاحُ) أن يَحْمِلَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى عَاتِقِه (بَيْنَ العَمُودَيْنِ)؛ لأنَّه عليهِ السَّلامُ حَمَلَ جِنَازَةَ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ بَيْنَ العَمُودَيْنِ. وإنْ كانَ المَيِّتُ طِفْلاً, فلا بَأْسَ بحَمْلِه على الأَيْدِي، ويُسْتَحَبُّ أنْ يَكُونَ على نَعْشٍ، فإن كانَتِ امرَأَةً, استُحِبَّ تَغْطِيَةُ نَعْشِهَا بمَكَبَّةٍ؛ لأنَّه أَسْتَرُ لها، ويُرْوَى أنَّ فَاطِمَةَ صُنِعَ لها ذلكَ بأَمْرِهَا، ويُجْعَلُ فَوْقَ المَكَبَّةِ ثَوْبٌ, وكذا إنْ كانَ بالمَيِّتِ حَدَبٌ ونَحْوُه, وكُرِهَ تَغْطِيَتُه بغَيْرِ أَبْيَضَ, ولا بَأْسَ بحَمْلِه على دَابَّةٍ؛ لغَرَضٍ صَحِيحٍ, كبُعْدِ قَبْرِه.
(ويُسَنُّ الإسراعُ بها) دونَ الخَبَبِ؛ لقَوْلِه عليه السَّلامُ: ((أَسْرِعُوا بالجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ, وَإِنْ تَكُ سُوءاً فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ)). مُتَّفَقٌ عليه.
(و) يُسَنُّ (كَوْنُ المُشَاةِ أَمَامَهَا), قالَ ابنُ المُنْذِرِ: ثبَتَ أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ وأَبَا بَكْرٍ وعُمَرَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الجِنَازَةِ، (و) كونُ (الرُّكْبَانِ خَلْفَهَا)؛ لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ, عَن المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ مَرْفُوعاً: ((الرَّاكِبُ خَلْفَ الجِنَازَةِ)).
وكُرِهَ رُكُوبٌ لغَيْرِ حَاجَةٍ, وعَوْدٌ، (ويُكْرَهُ جُلُوسُ تَابِعِهَا حتَّى تُوضَعَ) بالأَرْضِ للدَّفْنِ, إلا لمَن بَعُدَ؛ لقَوْلِه عليه السَّلامُ: ((مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً فَلا يَجْلِسُ حَتَّى تُوضَعَ)). مُتَّفَقٌ عليه عَن أَبِي سَعِيدٍ.
وكُرِهَ قِيَامٌ لها إن جاءَتْ أو مَرَّتْ بهِ وهو جَالِسٌ، ورَفْعُ الصَّوْتِ معَهَا, ولو بقِرَاءَةٍ، وأَن تَتْبَعَهَا امرَأَةٌ، وحَرُمَ أن يَتْبَعَهَا معَ مُنْكَرٍ إن عجَزَ عَن إِزَالَتِه, وإلاَّ وَجَبَتْ. (ويُسَجَّى)؛ أي: يُغَطَّى نَدْباً (قَبْرُ امرَأَةٍ) وخُنْثَى (فَقَط), ويُكْرَهُ لرَجُلٍ بلا عُذْرٍ؛ لقَوْلِ عَلِيٍّ, وقد مَرَّ بقَوْمٍ دَفَنُوا مَيِّتاً وبَسَطُوا على قَبْرِه الثَّوْبَ, فجَذَبَهُ وقَالَ: إِنَّمَا يُصْنَعُ هَذَا بِالنِّسَاءِ. رواه سَعِيدٌ.