دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > السلوك والآداب الشرعية > متون الآداب الشرعية > منظومة الآداب

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 محرم 1430هـ/2-01-2009م, 08:33 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي آداب النوم [2] ( الأدعية والأذكار وغير ذلك)


205- وَقُلْ فِي اِنْتِبَاهٍ وَالصَّبَاحِ وَفِي الْمِسَا = وَنَوْمٍ: مِنَ الْمَرْوِيِّ مَا شِئْت تُرْشَدِ
206- وَيَحْسُنُ عِنْدَ النَّوْمِ: نَفْضُ فِرَاشِهِ = وَنَوْمٌ عَلَى الْيُمْنَى، وَكُحْلٌ بِإِثْمِدِ


  #2  
قديم 6 محرم 1430هـ/2-01-2009م, 08:41 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي غذاء الألباب شرح منظومة الآداب / السفاريني

مطلب : يكره النوم تحت السماء متجردا . ( تتمتان : الأولى ) يكره النوم تحت السماء متجردا ؛ وبين قوم مستيقظين ، ونومه وحده كسفره وحده ، وقبل أن يصلي العشاء الآخرة ، ولو كان له من يوقظه ، والحديث بعدها إلا في أمر المسلمين ، أو شغل ، أو شيء يسير ، أو أهل ، أو ضيف . لما روى الطبراني ، ورمز السيوطي لحسنه عن ابن عباس رضي الله عنهما { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النوم قبل العشاء وعن الحديث بعدها } . وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت { ما نام رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل العشاء ولا سمر بعده } . قال في السيرة الشامية : السمر بسين مهملة فميم مفتوحتين فراء : الحديث بالليل انتهى . وفي بعض كتب أهل الأدب : المسامرة إنصات لمتكلم ، وكلام لمستمع ، ومفاوضة فيما يليق ويجمل . وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي برزة نضلة الأسلمي رضي الله عنه قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها } . وممن كره النوم قبلها عمر وابنه وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم ، وكذا مالك بن أنس وأصحاب الشافعي . وسبب الكراهة تعريضها لفوات وقتها باستغراق النوم ، ولئلا يتساهل الناس في ذلك فيناموا عن صلاتها جماعة . ورخص في ذلك علي وابن مسعود والكوفيون وغيرهم . وقال الطحاوي : ترخص فيه بشرط أن يكون معه من يوقظه . وروي عن ابن عمر مثله ، وهو اختيار القاضي من أئمتنا . وفي الآداب الكبرى للإمام ابن مفلح - روح الله روحه بروائح الفردوس الأعلى - : النوم عند سماع الخير من الموعظة والعلم من الشيطان . نقله ابن عبد البر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يقال لإبليس - لعنه - الله لعوق وكحل وسعوط ، فلعوقه الكلب ، وكحله النعاس عند سماع الخير ، وسعوطه الكبر .

مطلب : فيما يقال عند الانتباه من النوم : وقل في انتباه والصباح وفي المسا ونوم من المروي ما شئت ترشد ( وقل ) أيها العبد الموفق لاقتفاء سنن المصطفى ( في ) وقت ( انتباه ) من الأذكار الواردة عن النبي المختار ، ما لعله يزيل عن قلبك الرين ، ويمحو عن عين بصيرتك الغين ، فإنها لداء الذنوب دواء ، ولمرض القلوب شفاء ، لصدورها عن الذي لا ينطق عن الهوى ، ولبروزها من مشكاة من دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى . مطلب : أذكار الانتباه من النوم . فمما ورد من أذكار الانتباه من النوم ما روى البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من تعار من الليل فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، الحمد لله ، وسبحان الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له ، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته } . قوله : من تعار بتشديد الراء المهملة ، أي استيقظ من الليل وله صوت . وفي سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال : لا إله إلا أنت سبحانك اللهم أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك ، اللهم زدني علما ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب } ورواه الحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين . الزيغ : الميل ، يقال أزاغ الله القلب إذا أماله عن الهدى والإيمان . وروى الإمام أحمد واللفظ له وأبو داود والنسائي وابن السني وغيرهم عن ربيعة بن عمرو ، ويقال ابن الغاز الجرشي قال { سألت عائشة رضي الله عنها فقلت : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام من الليل وبم كان يستفتح ؟ قالت : كان يكبر عشرا ، ويحمد عشرا ، ويهلل عشرا ، ويستغفر عشرا ، ويقول : اللهم اغفر لي واهدني وارزقني عشرا اللهم إني أعوذ بك من الضيق يوم الحساب عشرا } . وقال أبو داود : { سبحان القدوس عشرا } . وفي رواية : { سبحان الملك القدوس } . وقال بدل ويحمد عشرا ويقول : { سبحان الله وبحمده عشرا } وفيه { كان إذا استيقظ من منامه قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور } أي الإحياء للبعث يوم القيامة . وروى ابن السني وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا استيقظ أحدكم فليقل الحمد لله الذي رد علي روحي ، وعافاني في جسدي ، وأذن لي بذكره } . قال في شرح أوراد أبي داود : صححه بعض الحفاظ . وروي عنه أيضا رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ما من رجل ينتبه من نومه فيقول : الحمد لله الذي خلق النوم واليقظة ، والحمد لله الذي بعثني سالما سويا أشهد أن الله يحيي الموتى ، وهو على كل شيء قدير ، إلا قال الله : صدق عبدي } . ( فائدة ) : روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد ، يضرب كل عقدة عليك ليل طويل فارقد ، فإن استيقظ ، وذكر الله انحلت عقدة ، فإن توضأ انحلت عقدة أخرى ، فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا طيب النفس ، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان } : وقافية الرأس : آخره ، ومنه سمي آخر بيت الشعر قافية . وفي رواية لابن ماجه { فيصبح نشيطا طيب النفس قد أصاب خيرا ، وإن لم يفعل أصبح كسلان خبيث النفس لم يصب خيرا } ورواه ابن خزيمة في صحيحه بنحوه وزاد في آخره { فحلوا عقدة الشيطان ، ولو بركعتين } . قال في شرح أوراد أبي داود : قال العلماء : وهذه عقد حقيقة كعقد السحر ، وقيل : هو قول يقوله ، وقيل فعل يفعله ، قيل هو من عقد القلب ، فكأنه يتوسوس فيه ببقاء الليل ، وقيل هو مجاز كني به عن تثبيط الشيطان وتثقيله عن قيام الليل . وقوله : عليك ليل طويل بالرفع على الابتداء ، والخبر عليك ، أو فاعل بإضمار فعل أي بقي عليك . وفي رواية لمسلم بالنصب ليلا طويلا على الإغراء . قال : والحكمة في ذكر الله - تعالى - ودعائه عند الاستيقاظ ليكون أول عمل الإنسان توحيد الله جل جلاله ، والكلم الطيب . انتهى . والله أعلم .

مطلب : أذكار الصباح والمساء . ( و ) قل في ( الصباح ) من الذكر المروي عن سيد النصاح ، ومن عمت شمس رسالته الأغوار والبطاح ، ما أخرجه أهل المسانيد والسنن والصحاح ( و ) قل ( في المساء ) من الذكر ما عسى أن يلين به القلب الذي قد قسا ، بالذنوب والأسا . اعلم أيها الناصح لنفسه ، المتزود لرمسه ، المنكب على الذكر والمستغرق بأنسه ، المتهيئ لمجاورة ربه في حضيرة قدسه ، أن أذكار طرفي النهار كثيرة جدا ، والحكمة فيه افتتاح النهار ، واختتامه بالأذكار التي عليها المدار ، وهي مخ العبادة ، وبها تحصل العافية والسعادة . ونعني بطرفي النهار ما بين الصبح وطلوع الشمس ، وما بين العصر والغروب . قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا } والأصيل هو الوقت بعد العصر إلى المغرب ، وجمعه أصل وآصال وأصائل ، كأنه جمع أصيلة . قال الشاعر : لعمري لأنت البيت أكرم أهله وأقعد في أفنائه بالأصائل ويجمع أيضا على أصلان " مثل بعير وبعران ، ثم صغروا الجمع فقالوا أصيلان ، ثم أبدلوا عن النون لاما فقالوا : أصيلال " . قال الشاعر وقفت فيها أصيلالا أسائلها أعيت جوابا وما بالربع من أحد وقال تعالى { وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار } فالإبكار أول النهار ، والعشي آخره . وقال { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب } . وهذا يفسر ما جاء في الأحاديث من قال كذا وكذا حين يصبح وحين يمسي أن المراد به قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وأن محل هذه الأذكار بعد الصبح وبعد العصر . قاله الإمام المحقق ابن القيم في الكلم الطيب والعمل الصالح . فمن ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا رجل قال مثل ما قال أو زاد عليه } . وفي صحيحه أيضا عن ابن مسعود رضي الله عنه قال { كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال : أمسينا وأمسى الملك لله ، والحمد لله ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها ، وأعوذ بك من شر هذه الليلة وشر ما بعدها ، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر ، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر وإذا أصبح قال ذلك أيضا أصبحنا وأصبح الملك لله } . وروى أبو داود واللفظ له والترمذي وقال حسن صحيح غريب والنسائي عن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل قلت يا رسول الله ما أقول ؟ قال قل هو الله أحد ، والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء } وروى الترمذي وقال حسن غريب عن معقل بن يسار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من قال حين يصبح ثلاث مرات : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر ، وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي ، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة } . وفي الترمذي أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه يقول : { إذا أصبح أحدكم فليقل : اللهم بك أصبحنا ، وبك أمسينا ، وبك نحيا ، وبك نموت ، وإليك النشور وإذا أمسى فليقل : اللهم بك أمسينا ، وبك أصبحنا ، وبك نحيا ، وبك نموت ، وإليك المصير } قال الترمذي حديث حسن صحيح وروى أبو داود ولم يضعفه وتكلم فيه البخاري في تاريخه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { من قال حين يصبح فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها ، وكذلك تخرجون ، أدرك ما فاته في يومه ذلك ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته } . وعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { سيد الاستغفار : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت من قالها موقنا حين يمسي فمات من ليلته دخل الجنة ، ومن قالها موقنا بها حين يصبح فمات من يومه دخل الجنة } رواه البخاري والنسائي والترمذي . وعنده { لا يقولها أحد حين يمسي فيأتي عليه قدر قبل أن يصبح إلا وجبت له الجنة } قال الحافظ المنذري : وليس لشداد في البخاري غير هذا الحديث ، ورواه أبو داود وابن حبان والحاكم من حديث بريدة رضي الله عنه . قوله : أبوء بباء موحدة مضمومة وهمزة بعد الواو ممدودا معناه أقر وأعترف . وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب ، وكتب له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه } . وفي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال { يا رسول الله علمني شيئا أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت ، قال : قل : اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السموات والأرض رب كل شيء ومليكه ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه ، وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم قله إذا أصبحت ، وإذا أمسيت ، وإذا أخذت مضجعك } قال الترمذي حديث حسن صحيح . وفيه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه مرفوعا { ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شيء } قال الترمذي حديث حسن صحيح . وفيه أيضا عن ثوبان وغيره ، وقال : حسن صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { من قال حين يمسي وإذا أصبح رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ، كان حقا على الله أن يرضيه } . ورواه أبو داود عن أبي سلام وهو ممطور الحبشي أنه كان في مسجد حمص فمر به رجل فقالوا : هذا خدم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام إليه فقال : حدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتداوله بينك وبينه الرجال فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { من قال إذا أصبح وإذا أمسى رضيت بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا إلا كان حقا على الله أن يرضيه } قال الحافظ المنذري : فينبغي أن يجمع بينهما فيقال : وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا " ورواه الإمام أحمد وابن ماجه والحاكم وغيرهم . وعند الإمام أحمد أنه يقول ذلك ثلاث مرات حين يمسي وحين يصبح . وهو في مسلم من حديث أبي سعيد من غير ذكر الصباح والمساء وقال في آخره { وجبت له الجنة } . ورواه الطبراني بإسناد حسن ، ولفظه عن المنيذر صاحب رسول الله وكان بإفريقية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { من قال إذا أصبح رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا فأنا الزعيم لآخذن بيده حتى أدخله الجنة } . وفي سنن أبي داود بإسناد جيد لم يضعفه عن عبد الله بن غنام بالغين المعجمة والنون المشددة البياضي الصحابي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { من قال حين يصبح : اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك ، فلك الحمد ولك الشكر ، فقد أدى شكر يومه ومن قال مثل ذلك حين يمسي ، فقد أدى شكر ليلته } ورواه النسائي أيضا عنه ، ورواه ابن حبان في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما بلفظه دون ذكر المساء . قال الحافظ المنذري : ولعله سقط من أصلي . وفي سنن أبي داود بإسناد جيد لم يضعفه عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من قال حين يصبح وحين يمسي : اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت ، وأن محمدا عبدك ورسولك ، أعتق الله ربعه من النار ، فمن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار ، ومن قالها ثلاثا أعتق الله ثلاثة أرباعه من النار ، ومن قالها أربعا أعتقه الله من النار } . ورواه الترمذي بنحوه وقال حديث حسن ، والنسائي وزاد فيه بعد إلا أنت وحدك لا شريك لك ورواه الطبراني في الأوسط ولم يقل أعتق الله إلى آخره ، وقال إلا غفر الله له ما أصاب من ذنب في يومه ذلك ، فإن قالها إذا أمسى غفر الله له ما أصاب في ليلته تلك . وهو كذلك عند الترمذي . وفي سنن أبي داود واللفظ له . والنسائي وابن ماجه والحاكم وقال : صحيح الإسناد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال { لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الكلمات حين يمسي وحين يصبح : اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي ، وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي } وقال وكيع : يعني الخسف . وفي سنن النسائي والبزار بإسناد صحيح والحاكم وقال صحيح الإسناد على شرطهما عن أنس رضي الله عنه قال { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين } . وفي أواسط الطبراني بإسناد حسن عن الحسن قال قال سمرة بن جندب { ألا أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارا ، ومن أبي بكر مرارا ، ومن عمر مرارا ؟ قلت : بلى ، قال من قال إذا أصبح وإذا أمسى : اللهم أنت خلقتني وأنت تهديني ، وأنت تطعمني ، وأنت تسقيني ، وأنت تميتني وأنت تحييني ، لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه قال : تلقيت عبد الله بن سلام فقلت : ألا أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارا ، ومن أبي بكر مرارا ، ومن عمر مرارا ؟ قال : بلى فحدثته بهذا الحديث فقال بأبي وأمي رسول الله ، هؤلاء الكلمات كان الله عز وجل قد أعطاهن موسى عليه السلام فكان يدعو بهن في كل يوم سبع مرات فلا يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه } . وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه دعاء وأمره أن يتعاهد به أهله في كل يوم قال قل حين تصبح لبيك اللهم لبيك ، لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، ومنك وإليك ، اللهم ما قلت من قول ، أو حلفت من حلف أو نذرت من نذر ، فمشيئتك بين يديه ، وما شئت كان ، وما لم تشأ لم يكن ، ولا حول ولا قوة إلا بك ، إنك على كل شيء قدير اللهم ما صليت من صلاة فعلى من صليت ، وما لعنت من لعنة فعلى من لعنت ، إنك أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين اللهم إني أسالك الرضا بعد القضاء ، وبرد العيش بعد الموت ولذة النظر إلى وجهك ، وشوقا إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ، وأعوذ بك اللهم أن أظلم أو أظلم ، أو أعتدي أو يعتدى علي ، أو أكتسب خطيئة وذنبا لا تغفره اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة ذا الجلال والإكرام فإني أعهد إليك هذه الدنيا ، وأشهدك وكفى بالله شهيدا أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك ولا شريك لك ، لك الملك ولك الحمد وأنت على كل شيء قدير ، وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك ، وأشهد أن وعدك حق ، ولقاءك حق ، والساعة آتية لا ريب فيها ، وأنت تبعث من في القبور ، وأنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضعف وعورة وذنب وخطيئة ، وأني لا أثق إلا برحمتك ، فاغفر ذنوبي كلها إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت وتب علي إنك أنت التواب الرحيم } رواه الإمام أحمد والطبراني والحاكم وقال صحيح الإسناد . وروى ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان عن وهيب بن الورد قال : خرج رجل إلى الجبانة بعد ساعة من الليل قال فسمعت حسا وأصواتا شديدة وجيء بسرير حتى وضع وجاء شيء حتى جلس عليه . قال واجتمعت إليه جنوده ثم صرخ فقال : من لي بعروة بن الزبير فلم يجبه أحد حتى قال ما شاء الله من أصوات ، فقال واحد أنا أكفيكه ، قال فتوجه نحو المدينة ، وأنا أنظر إليه فمكث ما شاء الله ثم أوشك الرجعة فقال لا سبيل لي إلى عروة ، قال ويلك لم ؟ قال : وجدته يقول كلمات إذا أصبح وإذا أمسى فلم يخلص إليه معهن . قال الرجل : فلما أصبحت قلت لأهلي جهزوني فأتيت المدينة فسألت عنه حتى دللت عليه فإذا هو شيخ كبير ، فقلت شيئا تقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت ، فأبى أن يخبرني ، فأخبرته بما رأيت وما سمعت ، فقال : ما أدري غير أني أقول إذا أصبحت آمنت بالله العظيم ، وكفرت بالجبت والطاغوت ، واستمسكت بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ، إذا أصبحت ثلاث مرات ، وإذا أمسيت ثلاث مرات . وذكره الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب والإمام المحقق ابن القيم في الكلم الطيب والعمل الصالح ، وغيرهما من الأئمة رضوان الله عليهم . ومعنى أوشك أسرع وزنا ومعنى . وفي سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال { دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد ، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة ، فقال له : يا أبا أمامة مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة ؟ فقال : هموم لزمتني وديون يا رسول الله ، قال أفلا أعلمك شيئا إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال قل إذا أصبحت وإذا أمسيت اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال قال : ففعلت فأذهب الله همي وقضى عني ديني } . وفي الكلم الطيب للإمام ابن القيم عن طلق بن حبيب قال { جاء رجل إلى أبي الدرداء فقال يا أبا الدرداء قد احترق بيتك ، فقال : ما احترق لم يكن الله ليفعل ذلك لكلمات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم من قالها أول نهاره لم تصبه مصيبة حتى يمسي ، ومن قالها آخر نهاره لم تصبه مصيبة حتى يصبح : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، أعلم أن الله على كل شيء قدير وأن الله أحاط بكل شيء علما اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم } . رواه ابن السني . وفي رواية من طريق آخر عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفيه أنه تكرر مجيء الرجل إلى أبي الدرداء يقول : أدرك دارك فقد احترقت ، وهو يقول ما احترقت ؛ لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { من قال حين يصبح هذه الكلمات وذكر هذه الكلمات لم يصبه في نفسه ، ولا أهله ، ولا ماله شيء يكرهه وقد قلتها اليوم ثم قال : انهضوا بنا فقام وقاموا معه فانتهوا إلى داره ، وقد احترق ما حولها ، ولم يصبها شيء } . قلت : والشيء بالشيء يذكر ، حدثني عدة من الثقات يبلغ حد التواتر أنه أشتد الغلاء وارتفع السعر وعدم البر في ديرتنا . فجهز الوالد السعيد الحاج أحمد بن سالم السفاريني - رحم الله روحه ونور ضريحه - جماعة ليحضروا إلى نواحي صور وتلك السواحل فيشتروا منها الحنطة وينزلوا في المراكب ففعلوا ، فلما كان بعد أيام جاءه رجل فقال إن المراكب التي أوسقت من نواحي كذا قد تكسرت ، والمركب الذي أوسقه عاملك معها ، فقال في الحال رحمه الله تعالى : إن المركب الذي فيه مالنا ما انكسر ولا ضاع ؛ لأنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ما ضاع مال في بر أو بحر إلا بسبب منع الزكاة } ، وقد علم الله أن مالي مزكى ، فكيف يتلف ؟ فاتفق أن المراكب تكسرت وتلف ما فيها ما عدا المركب التي فيها مال أبي رحمه الله تعالى . فهذه الواقعة تدل على قوة يقين الوالد وحسن معرفته بالله تعالى وعظيم اتكاله على الله - جل شأنه ، والله الموفق . ( فائدة ) : روى الطبراني بإسناد حسن عن عبد الله بن يسر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من استفتح أول نهاره بخير ، وختمه بخير قال الله - عز وجل - لملائكته : لا تكتبوا ما بين ذلك من الذنوب } . وروى الترمذي والبيهقي من رواية تمام بن نجيح عن الحسن عن أنس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما من حافظين يرفعان إلى الله - عز وجل - ما حفظا من ليل أو نهار فيجد في أول الصحيفة ، وفي آخرها خيرا إلا قال للملائكة : أشهدكم أني قد غفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفة } .

مطلب : في فضائل الاستغفار وكثرة بركاته . ( تتمة ) : مما يتأكد عليك من الأذكار الإكثار من الاستغفار فإن فضائله كثيرة ، وبركاته غزيرة ، وقد أمر الله به في كتابه في قوله تعالى : { واستغفروا الله إن الله غفور رحيم } وأثنى على قوم بقوله : { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم } وقرن - تعالى - الاستغفار ببقاء الرسول في قوله : { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } ولذا قال أبو موسى رضي الله عنه { كان لنا أمانان ذهب أحدهما ، وبقي الآخر } رواه الإمام أحمد . قال الإمام المحقق ابن القيم : الاستغفار الذي يمنع العذاب هو الاستغفار بالإقلاع عن كل ذنب ، وأما من أصر على الذنب وطلب من الله المغفرة فاستغفاره لا يمنع العذاب ؛ لأن المغفرة هي محو الذنب وإزالة أثره ووقاية شره ، لا كما ظنه بعض الناس أنها الستر ، فإن الله - تعالى - يستر على من يغفر له ومن لا يغفر له ، فحقيقتها وقاية شر الذنب ، ومنه المغفر لما يقي الرأس من الأذى ، والستر لازم لهذا المعنى . وإلا فالعمامة لا تسمى مغفرا ولا القبعة ونحوه مع ستره انتهى . وروى الإمام أحمد وأبو داود والحاكم وقال صحيح الإسناد عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا { من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ، ومن كل هم فرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب } .

مطلب : في تحقيق معنى قوله صلى الله عليه وسلم { إنه ليغان على قلبي } الحديث . وفي مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم وسنن أبي داود وغيرهم عن الأغر المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة } هذا لفظ أبي داود ولفظ الإمام أحمد ومسلم { إنه ليغان على قلبي حتى أستغفر الله في اليوم مائة مرة } قال : وسمعته يقول { : توبوا إلى ربكم فوالله إني لأتوب إلى ربي - تبارك وتعالى - مائة مرة في اليوم } . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا . قال أهل اللغة : هو بالغين المعجمة ، والغيم بمعنى واحد ، والمراد هنا الذي يغشى القلب . وقيل الغين لغة الغيم . وفي معنى الغين خلاف بين العلماء رضي الله عنهم . فقال بعضهم قد يكون هذا الغين السكينة التي تغشى قلبه لقوله تعالى { فأنزل الله سكينته على رسوله } والسكينة فعيلة من السكون الذي هو الوقار الذي هو فقد الحركة ويكون الاستغفار إظهارا للعبودية والافتقار وملازمة الخضوع وشكرا لما أولاه مولاه . وقال القاضي عياض : ويحتمل أن هذا الغين حال خشية وإعظام يغشى القلب ويكون استغفاره شكرا . وقيل : كان عليه الصلاة والسلام في ترق من مقام إلى مقام . فإذا ارتقى من المقام الذي كان فيه إلى مقام أعلى استغفر من المقام الذي كان فيه . وقيل : الغين شيء يغشى القلب ولا يغطيه كالغيم الذي يعرض في الهواء فلا يمنع ضوء الشمس . وقيل : هو همه بسبب أمته وما اطلع عليه من أحوالها بعده فيستغفر لهم . وقيل : المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذي كان شأنه الدوام عليه ، فإذا فتر عنه أو غفل عد ذلك ذنبا فاستغفر منه . وقيل : غين أنوار لا غين أغيار والعدد المذكور في الحديث عدد للاستغفار لا للغين ، والله الموفق . وروى ابن السني من حديث أبي أمامة مرفوعا { ما جلس قوم في مجلس فخاضوا في حديث واستغفروا الله - عز وجل - قبل أن يتفرقوا إلا غفر لهم ما خاضوا فيه } . وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال { الغيبة تخرق الصوم والاستغفار يرقعه فمن استطاع منكم أن يجيء بصوم مرقع فليفعل } . وقيل لبعض السلف : كيف أنت في دينك ؟ قال : أمزقه بالمعاصي وأرقعه بالاستغفار . وقيل : إنه للذنوب كالصابون لإزالة الوسخ . قال الإمام المحقق ابن القيم : قلت لشيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه يوما - : سئل بعض أهل العلم أيما أنفع للعبد التسبيح أو الاستغفار ؟ فقال : إذا كان الثوب نقيا فالبخور وماء الورد أنفع له . وإن كان دنسا فالصابون والماء أنفع له . ثم قال لي : فكيف والثياب لا تزال دنسة . انتهى . قلت : والمسئول عن ذلك والمجيب هو الإمام الحافظ ابن الجوزي كما في طبقات الحافظ ابن رجب وغيره . وليس قصدنا الاستقصاء للمأثور ، وإنما قصدنا التنبيه وعدم الإخلال بالفائدة . والله الموفق .

مطلب : الأذكار الواردة التي تقال عند النوم . ( و ) قل في وقت إرادة ( نوم ) والنوم غشية ثقيلة تتهجم على القلب فتقطعه عن المعرفة بالأشياء . ولهذا قيل . هو آفة ؛ لأن النوم أخو الموت كما مر . وقيل : إن النوم مزيل للقوة والعقل . أما السنة ففي الرأس ، والنعاس في العين . والأشهر أن السنة هي النعاس . وقيل : إنها ريح النوم فتبدو في الوجه ثم تنبعث إلى القلب فينعس الإنسان فينام . وتعريف النوم هو انغمار وغلبة على العقل يسقط به الإحساس . ( من ) الذكر ( المروي ) عن النبي الأمجد ( ما ) أي الذي ( شئت ) هـ أو ذكرا شئت ( ترشد ) أي توفق وتهتد . قال في القاموس : والرشد الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه . والرشيد في صفات الباري جل شأنه الهادي إلى سواء الصراط ، والذي حسن تقديره فيما قدر . روى البخاري ومسلم وغيرهما عن حذيفة رضي الله عنه قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام قال باسمك اللهم أموت وأحيا ، وإذا استيقظ من منامه قال : الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا ، وإليه النشور } . وفي الصحيحين أيضا عن عائشة رضي الله عنها { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده ، ويفعل ذلك ثلاث مرات } . وفيهما عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من قرأ آيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه } قال الإمام المحقق في الكلم الطيب : الصحيح أن معناه كفتاه من شر ما يؤذيه . وقيل كفتاه من قيام الليل . قال : وليس بشيء . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه { ما كنت أرى أحدا يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الثلاث الأواخر من سورة البقرة } . وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه { أتاه آت يحثو من الصدقة ، وكان قد جعله النبي صلى الله عليه وسلم عليها ليلة بعد ليلة ، فلما كان في الليلة الثالثة قال لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بهن ، وكانوا أحرص شيء على الخير فقال إذا آويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم حتى تختمها فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدقك وهو كذوب } . وقد روى الإمام أحمد نحو هذه القصة في مسنده أنها جرت لأبي الدرداء . ورواها الطبراني في معجمه أنها جرت لأبي بن كعب . وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { إذا قام أحدكم عن فراشه ثم رجع إليه فلينفضه بصنفة إزاره ثلاث مرات فإنه لا يدري ما خلفه عليه بعده وإذا اضطجع فليقل باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه ، فإن أمسكت نفسي فارحمها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين } . قوله بصنفة إزاره . قال شيخ الإسلام ابن تيمية أي بحاشية إزاره . وقال في النهاية : صنفة الإزار بكسر النون طرفه مما يلي طرته . وفيهما عن علي رضي الله عنه { أن فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فلم تجده ، ووجدت عائشة فأخبرتها ، قال علي فجاءنا النبي صلى الله عليه وسلم وقد أخذنا مضاجعنا فقال : ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم ، إذا آويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين فإنه خير لكما من خادم ، قال علي فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل ولا ليلة صفين ؟ قال ولا ليلة صفين } . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الكلم الطيب : وقد بلغنا أنه من حافظ على هذه الكلمات لم يأخذه عياء فيما يعانيه من شغل ونحوه انتهى . وفي صحيح مسلم قال { الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا ، فكم ممن لا كافي له ولا مأوى } قال في شرح أوراد أبي داود : قوله : آوانا هنا ممدود على الصحيح لأنه متعد ، وحكي بالقصر ومعنى آوانا جمعنا وضمنا إليه ، وأويت إلى المنزل أي رجعت إليه ودخلته . وقال في قوله من أوى إلى فراشه مقصور لأنه فعل لازم وبمد إذا كان متعديا ، وحكي اللغتان في كل منهما انتهى . قال في قوله صلى الله عليه وسلم { فكم ممن لا كافي له ولا مأوى } أي لا راحم له ولا عاطف عليه . وقيل معناه لا وطن له ولا مسكن يأوي إليه وكذا قال النووي رحمه الله . وروى الإمام أحمد والترمذي وغيرهما وقال الترمذي حسن غريب عن أبي سعيد الخدري . رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من قال حين يأوي إلى فراشه أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفر الله له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ، وإن كانت عدد النجوم ، وإن كانت عدد رمل عالج ، وإن كانت عدد أيام الدنيا } . وفي رواية { غفر له ذنوبه وإن كانت عدد ورق الشجر } وذكر الحديث خلا قوله مثل زبد البحر وعدد النجوم . وفي مسلم وابن السني عن ابن عمر رضي الله عنهما { أنه أمر رجلا إذا أخذ مضجعه أن يقول اللهم أنت خلقت نفسي وأنت تتوفاها ، لك مماتها ومحياها ، إن أحييتها فاحفظها ، وإن أرسلتها اغفر لها اللهم إني أسألك العافية فقال له رجل سمعت من عمر ؟ فقال سمعت من خير من عمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم } . وفي الصحيحين وغيرهما عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل : اللهم وجهت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ، ونبيك الذي أرسلت ، فإن مت من ليلتك مت على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تتكلم به قال : فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغت آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت ورسولك ، قال لا ونبيك الذي أرسلت } وفي رواية للبخاري { فإنك إن مت من ليلتك مت على الفطرة ، وإن أصبحت أصبت خيرا } . وفي رواية له أيضا { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن ثم قال : اللهم أسلمت نفسي إليك ، ووجهت وجهي إليك فذكر مثله غير أنه قال : ونبيك } . قوله إذا أتيت مضجعك بفتح الجيم . وقوله وجهت وجهي إليك ، أي قصدتك بعبادتي . وقوله وفوضت أمري إليك أي رددته إليك ، يقال فوض فلان أمره إلى فلان أي رده . وقوله : وألجأت ظهري إليك أي توكلت واعتمدت في أمري كله عليك كما يعتمد الإنسان بظهره إلى ما يعتمد من حائط أو سارية . وقوله رغبة ورهبة إليك أي طمعا في ثوابك ، وخوفا من عذابك . وقوله : لا ملجأ ولا منجا الأول : مهموز والثاني بتركه مقصور . وقوله : بكتابك المراد القرآن ، ويحتمل إرادة جميع الكتب المنزلة ، وأما رد النبي صلى الله عليه وسلم على البراء بقوله ونبيك ، قال بعض العلماء : لم يرد برده على البراء تحري لفظه فقط إنما أراد المعنى الذي ليس في لفظة الرسول وهو تخليص الكلام من اللبس ؛ إذ الرسول يدخل فيه جبريل وغيره من الملائكة الذين ليسوا بأنبياء . قال الله - تعالى - : { الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس } والمقصود التصديق بنبوته بعد التصديق بكتابه ، وإن كان غيره من رسل الله واجب الإيمان بهم ، وهذه شهادة الإخلاص التي من مات عليها دخل الجنة : قال في شرح أوراد أبي داود . قال النووي : قال المازري : إن سبب الإنكار أن هذا ذكر ودعاء فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه ، وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف ، ولعله أوحي إليه بتلك الكلمات فيتعين أداؤها بحروفها ، ثم يختم ذلك كله بقراءة قل يا أيها الكافرون ولينم على خاتمتها ؛ لما روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي في اليوم والليلة والحاكم وقال صحيح الإسناد وابن حبان في صحيحه من حديث فروة بن نوفل الأشجعي . وفي رواية عن فروة عن أبيه رضي الله عنهما قال الترمذي وهو أصح أنه { أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله علمني شيئا أقوله إذا آويت إلى فراشي } ، وفي رواية { أقوله عند منامي ، فقال له : اقرأ قل يا أيها الكافرون ثم نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك } .

مطلب : في فوائد من آداب النوم . ( تتمة ) في فوائد من آداب النوم : منها أنه يستحب لمن أراد النوم أن يذكر اسم الله عند غلق الباب وطفء المصباح وتغطية الإناء ، لما في الصحيحين عن جابر بن عبد الله مرفوعا { إذا استجنح الليل أو كان جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ ، فإذا ذهبت ساعة من الليل فخلوهم وأغلق بابك واذكر اسم الله ، وخمر إناءك ، واذكر اسم الله ، ولو أن تعرض عليه شيئا } . وتقدم هذا عند قول الناظم ويشرع إيكاء السقاء وغطاء الإناء إلخ . ومنها استحباب النوم على طهارة ؛ لما روى الترمذي والطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { من آوى إلى فراشه طاهرا يذكر اسم الله - تعالى - حتى يدركه النعاس لم ينقلب ساعة من الليل يسأل الله - عز وجل - فيها شيئا من خير الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه } قال الترمذي حديث حسن . وروى أبو القاسم الطبراني في الأوسط بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { طهروا هذه الأجساد طهركم الله ؛ فإنه ليس من عبد يبيت طاهرا إلا بات معه في شعاره ملك لا ينقلب ساعة من الليل إلا قال : اللهم اغفر لعبدك فإنه بات طاهرا } وروى أبو نعيم في الحلية عن ابن جبر أنه قال : قال لي ابن عباس رضي الله عنهما " : لا تنام إلا على وضوء فإن الأرواح تبعث على ما قبضت عليه . وروى ابن المبارك في الزهد عن أبي الدرداء موقوفا { إذا نام العبد على طهارة رفع روحه إلى العرش } ورواه البيهقي في الشعب موقوفا على عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما . وروى الحاكم الترمذي عن عمرو بن حريث مرفوعا { النائم الطاهر كالصائم القائم } . وبسنده عن أبي الدرداء موقوفا { إن النفس تعرج إلى الله - تعالى - في منامها ، فما كان طاهرا سجد تحت العرش ، وما كان غير طاهر تباعد في سجوده ، وما كان جنبا لم يؤذن لها في السجود } . وقال طاوس " من بات على طهر وذكر كان فراشه له مسجدا حتى يصبح " رواه ابن أبي الدنيا . وسئل الحكم بن عتيبة الكندي - رحمة الله عليه - : أينام الرجل على غير وضوء ؟ قال : يكره ذلك وإنا لنفعله . والمعتمد عدم الكراهة إلا أن يكون جنبا . قال العلماء : فإن كان متوضئا كفاه ذلك الوضوء ، لأن المقصود النوم على طهارة مخافة أن يموت في ليلته ، وليكون أصدق رؤيا وأبعد من تلاعب الشيطان به في منامه وترويعه إياه ، والله أعلم .

مطلب : في استحباب الاكتحال بالإثمد قبل المنام . ومنها : استحباب الاكتحال بالإثمد قبل المنام ؛ لما روى الإمام أحمد في مسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل بالإثمد كل ليلة قبل أن ينام في كل عين ثلاثة أميال } . وفي سنن ابن ماجه عن عمر مرفوعا { عليكم بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر } . وروى نحوه الطبراني من حديث جابر وكذا ابن ماجه أيضا بلفظ { عليكم بالإثمد عند النوم فإنه يجلو البصر وينبت الشعر } ورواه الإمام أحمد من حديث ابن عباس مرفوعا ولفظه { خير أكحالكم الإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر } ورواه الترمذي وغيره بلفظ { من خير أكحالكم الإثمد } قال الترمذي حديث صحيح . قال في شرح أوراد أبي داود وغيره : الإثمد بكسر الهمزة هو حجر أسود صلب براق يؤتى به من أصبهان يصنع منه الكحل ، والله أعلم . وقد روى الإمام أحمد وغيره ، من حديث عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة الأنصاري عن أبيه عن جده { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالإثمد المروح عند النوم } قال أبو عبيدة : المروح المطيب بالمسك : وهو عند أبي داود في سننه من هذا الوجه بلفظ { أمر بالإثمد المروح عند النوم ، وقال ليتقه الصائم } وقال بعده : قال لي يحيى بن معين : هو حديث منكر . وكذا أخرجه الدارمي بلفظ { لا تكتحل بالنهار وأنت صائم اكتحل ليلا بالإثمد ؛ فإنه يجلو البصر وينبت الشعر } . وعن ابن عباس رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له مكحلة يكتحل منها كل ليلة ثلاثة أميال في هذه وثلاثة أميال في هذه } رواه الإمام أحمد وابن ماجه والترمذي وقال : حديث حسن . المكحلة بضم الميم والحاء المهملة بينهما كاف ساكنة التي يكون فيها الكحل . قال في القاموس : والمكحلة ما فيه الكحل ، وهو أحد ما جاء بالضم من الأدوات وتمكحل أخذ مكحلة . وقد روى البيهقي في الشعب عن ابن عمر رضي الله عنهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اكتحل يجعل في العين اليمنى ثلاث مراود ، وفي اليسرى مرودين يجعله وترا } . ورواه الطبراني في الأوسط بسند لين قاله العراقي . والمرود بكسر الميم وفتح الواو وبينهما راء ساكنة هو الميل الذي يكتحل به ، والله أعلم . ومنها نفض فراشه عند النوم ، قد ذكرناه فيما تقدم من حديث أبي هريرة في الصحيحين ، فإنه صلى الله عليه وسلم قال : { إذا جاء أحدكم إلى فراشه فلينفضه بصنفة ثوبه ثلاث مرات ، وليقل : باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فاغفر لها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين } هذا لفظ البخاري . ولفظ مسلم { فليأخذ داخلة إزاره فلينفض بها فراشه ، وليسم الله فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه } . فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقه الأيمن ، وليقل : سبحانك ربي لك وضعت جنبي وباقيه مثله . وفي رواية للبخاري فارحمها بدل فاغفر لها . فدل هذا الحديث على اتخاذ الفراش ، وأنه لا ينفي الزهد ، وهو من السنة ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام سيد الزهاد ، وقد اتخذه صلى الله عليه وسلم والله أعلم . ومنها استحباب استقبال النائم بوجهه القبلة ، ووضع يده اليمنى تحت خده اليمين ، فإن ذلك من سنة خاتم المرسلين ، وسيد الأولين والآخرين . فقد روى أبو يعلى عن عائشة رضي الله عنها قالت { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بفراشه فيفرش له فيستقبل القبلة فإذا آوى إليه توسد كفه اليمين ثم همس لا ندري ما يقول ، فإذا كان في آخر ذلك رفع صوته فقال اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم إله أو رب كل شيء منزل التوراة والإنجيل والفرقان فالق الحب والنوى أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين واغننا من الفقر } . وروى الإمام أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي عن حذيفة رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا آوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن وقال باسمك اللهم أحيا وأموت } ورواه الإمام أحمد والترمذي أيضا من حديث البراء بن عازب والإمام أحمد وابن ماجه عن ابن مسعود ولفظه . { كان إذا آوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن وقال : رب قني عذابك يوم تبعث أو قال : تجمع عبادك } . وروى الإمام أحمد وأبو داود عن حفصة رضي الله عنها قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه اضطجع على يده اليمنى ، وفي رواية وضع يده اليمنى تحت خده ثم قال رب قني عذابك يوم تبعث عبادك ثلاث مرات } . وروى أبو داود عن أبي الأزهر الأنماري رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أخذ مضجعه من الليل : باسم الله وضعت جنبي ، اللهم اغفر لي ذنبي ، واخسأ شيطاني ، وفك رهاني واجعلني في النداء الأعلى } . والله أعلم .

مطلب : فيما يقال عند الأرق لاستجلاب النوم . ومنها أن الإنسان إذا أصابه أرق دعا بالكلمات التي علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد رضي الله عنه فقد روى الترمذي والطبراني من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال { شكا خالد بن الوليد المخزومي رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما أنام الليل من الأرق ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا أويت إلى فراشك فقل اللهم رب السموات السبع وما أظلت ، ورب الأرضين وما أقلت ، ورب الشياطين وما أضلت ، كن لي جارا من شر خلقك كلهم جميعا أن يفرط علي أحد منهم أو يبغي علي ، عز جارك ، وجل ثناؤك ، ولا إله غيرك ، أو لا إله إلا أنت } . وفي لفظ للترمذي " ورب الأرض " قال الحافظ المنذري : سند الطبراني جيد إلا أن عبد الرحمن بن سابط لم يسمع من خالد ، وسند الترمذي فيه ضعف وقوله : الأرق وهو بفتح الهمزة والراء السهر ، يقال : رجل أرق إذا سهر لعلة فإن كان السهر من عادته قيل : أرق بضم الهمزة والراء ، وقوله ما أظلت يعني ما وارت تحتها ، وما أقلت أي حملته وما أضلت من باب الإضلال الذي هو ضد الهدى . وقوله : أن يفرط أي يبدر ويعجل . والبغي الفساد والظلم . وقوله عز جارك أي لا يضام من لجأ إليك واعتصم بك . وروى ابن السني بسند ضعيف وغيره من حديث زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال { شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرقا أصابني ، فقال قل اللهم غارت النجوم وهدأت العيون وأنت حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم يا حي يا قيوم اهد قلبي وأنم عيني ، فقلتها فأذهب الله عز وجل عني ما كنت أجد } والله أعلم .


مطلب : فيما يقال عند الفزع في النوم . ومنها أنه إن فزع في منامه قال ما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم في المستدرك وغيرهم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع : بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون } قال : وكان عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يعلمهن من عقل من بنيه ، ومن لم يعقل كتبه فأعلقه عليه . قال الترمذي هذا حديث حسن غريب ، والله تعالى الموفق . .

تنبيه ) : رأيت في بعض النسخ هنا بيتا وهو ساقط في أكثرها ، لكن الحجاوي أثبته بعد البيت الذي شرحناه وهو من كلام الناظم بلا شك وعليه نفسه ، وها نحن نثبته هنا ، وإن كنا ذكرنا مضمونه في التتمة ، فنقول : قال الناظم رحمه الله تعالى مطلب : يسن عند إرادة النوم نفض الفراش . وفيه فوائد الإثمد ويحسن عند النوم نفض فراشه ونوم على اليمنى وكحل بإثمد ( ويحسن ) بمعنى يسن ( عند ) إرادة ( النوم نفض فراشه ) أي مريد النوم . قال في القاموس : نفض الثوب حركه لينتفض ، والنفاضة ما سقط من المنفوض كالنفاض ، ويكسر لحديث أبي هريرة المتقدم { إذا آوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه } . ( و ) يحسن ( نوم ) الإنسان من ذكر وأنثى ( على ) يده وصفحته ( اليمنى ) لما قدمنا أنه صلى الله عليه وسلم كان يتوسد كفه اليمنى بخده اليمين . ( و ) يحسن لمريد النوم يعني يستحب ويسن له ( كحل بإثمد ) مطيب في كل عين ثلاثة أميال ، وتقدم بيان ذلك . وقد قدمنا أن الإثمد هو حجر الكحل الأسود يؤتى من أصبهان ، وهذا هو أفضله ، ومنه ما يؤتى به من جهة الغرب ، وأفضله السريع التفتت الذي لفتاته بصيص ، وداخله أملس ، وليس فيه شيء من الأوساخ وهو بارد يابس . ومن فوائده أنه يذهب باللحم الزائد في الجفون ويدملها ، وينقي أوساخها ويجلوها كما أخبر سيد البشر ، ويذهب الصداع إذا اكتحل به مع العسل المائي الرقيق ، وهو أجود أكحال العين خصوصا للمشايخ والذين قد ضعفت أبصارهم ، سيما إذا جعل معه شيء من المسك . ومن فوائده أيضا أنه يحفظ صحة العين ، وتقوية النور للباصر ، وهو يلطف المادة الرديئة واستخراجها ، وله عند النوم مزيد فضل لاشتماله على الكحل ، وسكون العين عقبه عن الحركة المضرة بها وخدمة الطبيعة لها كما في الآداب الكبرى والله أعلم .

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
آداب, النوم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir