دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > السلوك والآداب الشرعية > متون الآداب الشرعية > منظومة الآداب

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 11:23 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي آداب اللباس [تنظيفها، الجلود وأحكامها]


178- وَيَحْسُنُ: تَنْظِيفُ الثِّيَابِ وَطَيُّهَا = وَيُكْرَهُ مَعَ طَوْلِ الْغِنَى: لُبْسُكَ الرَّدِيْ
179- وَلاَ بَأْسَ فِي: لِبْسِ الْفِرَا وَاشْتِرَائِهَا = جُلُودَ حَلاَلٍ مَوْتُهُ لَمْ يُوَطَّدِ
180- وَكَاللَّحْمِ الأَوْلَى: اُحْظُرَنْ جِلْدَ ثَعْلَبٍ = وَعَنْهُ: لِيُلْبَسْ وَالصَّلاَةَ بِهِ اُصْدُدِ
181- وَقَدْ كَرِهَ: السَّمُّورَ وَالْفَنَكَ أَحْمَدٌ = وَسِنْجَابَهُمْ وَالْقَاقِمَ أَيْضًا لِيَزْدَدِ
182- وَفِي نَصِّهِ: لاَ بَأْسَ فِي جِلْدِ أَرْنَبٍ = وَكُلَّ السِّبَاعِ: اُحْظُرْ كَهِرٍّ بِأَوْطَدِ

  #2  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 11:28 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب:السفاريني

مطلب : يسن تنظيف الثياب وطيها ويحسن تنظيف الثياب وطيها ويكره مع طول الغنى لبسك الردي ( ويحسن ) أي يسن ويندب ( تنظيف ) أي إزالة وسخ ( الثياب ) كلها من قميص ورداء وإزار وسراويل وعمامة وغيرها . قال القاضي وغيره : يستحب غسل الثوب من الوسخ والعرق ، نص عليه في رواية المروذي وغيره ، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ما يجد هذا ما يغسل به ثوبه } { ورأى رجلا شعثا فقال : ما كان يجد هذا ما يسكن به رأسه } رواه الإمام أحمد والخلال من حديث جابر رضي الله عنه . وعلله الإمام أحمد رضي الله عنه بأن الثوب إذا اتسخ تقطع . وقال الميموني : ما أعلم أني رأيت أحدا أنظف ثوبا ولا أشد تعاهدا لنفسه في شاربه وشعر رأسه وبدنه ولا أنقى ثوبا ، وأشده بياضا من الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه . وروى وكيع عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يعجبه إذا قام إلى الصلاة الرائحة الطيبة والثياب النقية . وروى أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : من مروءة الرجل نقاء ثوبه . وقال في النهاية في حديث { إن الله نظيف يحب النظافة } : نظافة الله تعالى كناية عن تنزهه من سمات الحدث ، وتعاليه في ذاته عن كل نقص ، وحبه النظافة من غيره كناية عن خلوص العقيدة ونفي الشرك ومجانبة الأهواء ، ثم نظافة القلب عن الغل والحقد والحسد وأمثالها . ثم نظافة المطعم والملبس عن الحرام والشبه ، ثم نظافة الظاهر لملابسة العبادات ، ومنه الحديث { نظفوا أفواهكم فإنها طرق القرآن } أي صونوها عن اللغو والفحش والغيبة والنميمة والكذب وأمثالها ، وعن أكل الحرام والقاذورات ، والحث على تطهيرها من النجاسات بالسواك . انتهى . ( و ) يحسن أيضا بمعنى يسن ( طيها ) أي الثياب ، وهو بالطاء المهملة والياء المثناة تحت فهاء فألف تأنيث من طوى الصحيفة يطويها : وذلك لئلا يستعملها الشيطان باللبس وغيره . قال ابن العماد في منظومته في حق الشيطان : ويدخل البيت ينام فيه بغير إذن ساء من سفيه على ثياب لم تكن مطوية إن لم يسم خالق البرية أشار بذلك إلى ما رواه الديلمي عن جابر رفعه { طي الثوب راحته } . وقد روي من طرق كثيرة بألفاظ مختلفة كلها واهية . وفي كلام بعضهم : أطعني ليلا أجملك نهارا . وأورده في الجامع الصغير عن جابر باللفظ المذكور ، قال المناوي أي راحته من لبس الشيطان ، فإن الشيطان لا يلبس ثوبا مطويا . فينبغي ذلك . ثم قال : قال ابن الجوزي لا يصح . انتهى ، وذكر السخاوي في المقاصد ما يقويه ، وفي التمييز : طي اللباس يزيد في زيه . ورأيت في بعض النسخ بالباء بعد الياء من الطيب ، وهو مندوب أيضا . قال في الفروع : ويتطيب ويستحب للرجل بما ظهر ريحه ، وخفي لونه ، والمرأة عكسه . قال ابن الجوزي في آداب النساء : لأنها ممنوعة مما ينم عليها لقوله تعالى { ولا يضربن بأرجلهن } الآية . وقد قال صلى الله عليه وسلم { حبب إلي من دنياكم النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة } رواه الطبراني في الكبير ، والنسائي في سننه ، والحاكم في مستدركه وقال : صحيح على شرط مسلم . مطلب : زيادة لفظة ثلاث في حديث حبب إلي من دنياكم . وأما ما اشتهر في هذا الحديث من زيادة ثلاث فقال السخاوي : لم أقف عليها إلا في موضعين من الإحياء ، وفي تفسير آل عمران من الكشاف وما رأيتها في شيء من طرق هذا الحديث بعد مزيد التفتيش ، وبذلك صرح الزركشي فقال : إنه لم يرد فيه لفظة ثلاث . قال : وزيادتها محيلة للمعنى ، فإن الصلاة ليست من الدنيا انتهى . قلت : وفي موضوعات على القارئ بعد إيراده الحديث ما نصه : وأما زيادة ثلاث الواقعة في كلام الغزالي وغيره فلا أصل لها كما قاله الحفاظ ، وإن تكلف الإمام ابن فورك في توجيهها انتهى . وهذا يعني التطيب بالطيب ، وإن كان مندوبا فليس بمراد في كلام الناظم بل الطي أولى ، والله - تعالى - أعلم .
مطلب : يكره للغني لبس رديء الثياب . ( ويكره ) تنزيها لك أيها المتقشف ( مع طول ) يحتمل أن يكون بضم الطاء المهملة أي كثرة ( الغنى ) بكسر الغين المعجمة ضد الفقر ، وإذا فتحت الغين مدد به . والغناء كالكساء من الصوت ما طرب به وكسماء رمل كما في القاموس . ويحتمل أن يكون بفتح الطاء وسكون الواو ، وهو الفضل والقدرة والغنى والسعة ، كما في قوله تعالى { ومن لم يستطع منكم طولا } ويكون معنى كلام الناظم : وكره مع سعة الغنى الحاصل لك من منة الغني المطلق ( لبسك ) لملبوس ( الرديء ) لعدم إظهارك لأثر نعمه عليك وما بسطه لك من الطول ووسعه لديك . فإن التواضع ليس هو في اللباس . كما قد يتوهمه من ليس لديه تحقيق من الناس ، بل التواضع والانكسار ، والذل والافتقار محله القلب بلا إنكار . ولله در القائل : أجد الثياب إذا اكتسيت فإنها زين الرجال بها تهاب وتكرم ودع التواضع في اللباس تحريا فالله يعلم ما تكن وتكتم فدني ثوبك لا يزيدك زلفة عند الإله وأنت عبد مجرم وبهاء ثوبك لا يضرك بعدما تخشى الإله وتتقي ما يحرم قال الإمام المحقق في شرح منازل السائرين : سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه يقول : أمر الله - تعالى - بقدر زائد على ستر العورة في الصلاة ، وهو أخذ الزينة فقال { خذوا زينتكم عند كل مسجد } فعلق الأمر باسم الزينة لا بستر العورة إيذانا بأن العبد ينبغي له أن يلبس زين ثيابه وأجملها في الصلاة . قال : وكان لبعض السلف حلة بمبلغ عظيم من المال ، وكان يلبسها وقت الصلاة ويقول : ربي أحق من تجملت له في صلاتي . ومعلوم أن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده . لا سيما إذا وقف بين يديه بملابسه ونعمته التي ألبسه إياها ظاهرا وباطنا . انتهى . وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : " كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة رواه الإمام أحمد والبخاري تعليقا مجزوما به . ورواه أيضا النسائي وابن ماجه والحاكم وصححه . زاد الإمام أحمد " فإن الله يحب أن يرى نعمته على عبده " . وروى الترمذي هذه الزيادة وحسنها ولفظه " فإن الله يحب أن يرى على عبده أثر نعمته " . وأخرج الإمام أحمد عن أبي رجاء العطاردي قال { : خرج علينا عمران بن حصين وعليه مطرف من خز لم نره عليه قبل ذلك ، ولا بعده ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أنعم الله عليه نعمة فليظهرها ، فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على خلقه } وفي لفظ " على عبده " . قال في الفروع : إسناد جيد . . وقد روى أبو داود عن أنس رضي الله عنه { أن مالك ذي يزن أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة أخذها بثلاثة وثلاثين ناقة فقبلها } . وروى أبو الشيخ عن عبد الله بن الحارث قال : { اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة بسبع وعشرين ناقة فلبسها } . ورواه ابن سعد عن علي بن زيد عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بلفظ { بسبع وعشرين أوقية } . وفي مراسيل ابن سيرين { أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى حلة أو قال ثوبا بتسع وعشرين ناقة } . وروى الزبير بن بكار عن يزيد بن عياض رحمه الله قال { أهدى حكيم بن حزام رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في الهدنة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش حلة ذي يزن اشتراها بثلاثمائة دينار ، فردها عليه ، وقال : إني لا أقبل هدية مشرك ، فباعها حكيم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من اشتراها له فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم } . وتقدم بعض ذلك . وأن معاذا رضي الله عنه اشترى حلة كان يلبسها إذا قام يصلي من الليل . وكان حال المصطفى صلى الله عليه وسلم وحال أصحابه الكرام . وسلف الأمة وأئمة الإسلام ، يكونون بحسب الحال ، لا يمتنعون من موجود " ولا يتكلفون حوز مفقود . فنسأل الله - تعالى - أن يهدينا طريقهم ، ويلهمنا توفيقهم ، ويرزقنا تحقيقهم إنه ولي الإحسان . وهو المستعان وعليه التكلان .
مطلب : في تجمل الأغنياء . عدة فوائد قلت : وفي تجمل الأغنياء عدة فوائد : منها إظهار أثر نعمة الله عليه . ومنها التماس الفقراء مما لديه . ومنها لئلا تدفع الزكاة إليه . ومنها دفع الإساءة ممن يعتدي عليه . إلى غير ذلك من الفوائد : ولكن لا بد من ملاحظة التواضع والانخفاض والاعتراف بالمنة لمن أسدى إليه هذه النعم ، والشكر له - سبحانه - على ما منحه من الكرم . وقد ذكر الإمام ابن الجوزي عن أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { ما أنعم الله - عز وجل - على عبد نعمة فعلم أنها من عند الله إلا كتب الله - عز وجل له - شكرها ، وما علم الله - عز وجل - من عبد ندامة على ذنب إلا غفر له قبل أن يستغفر وإن الرجل ليشتري الثوب بالدينار فيلبسه فيحمد الله - عز وجل - فما يبلغ ركبتيه حتى يغفر الله له } ، والله - تعالى - أعلم .

مطلب : لا يكره لبس الفراء ولا شراؤها : ولا بأس في لبس الفرا واشترائها جلود حلال موته لم يوطد ( ولا بأس ) أي لا حرج ولا كراهة ( في لبس ) الإنسان ( للفراء ) بكسر الفاء جمع فروة : اللباس المعروف ( و ) لا بأس أيضا ( باشترائها ) لأن ما حل استعماله بلا ضرورة حل شراؤه بشرط كون الفرا ( جلود ) حيوان ( حلال ) الأكل كالخروف والمعز والحوصل ، وبشرط كون ذلك الحيوان قد ذكي ذكاة شرعية ؛ ولذا قال ( موته ) أي : موت الحيوان الذي الفراء من جلده ( لم يوطد ) أي لم يثبت أنه مات حتف أنفه . وبه تعلم أن المعتبر انتفاء علم موته حتف أنفه لا العلم أنه قد ذكي . فإذا وجدنا جلدا مأكول اللحم فالأصل أنه طاهر ما لم نعلم أنه مات حتف أنفه ، أو ذكاه من لم تحل ذكاته له .
مطلب : يمتنع لبس جلد الثعلب في الصلاة أم لا ؟ وكاللحم الأولى احظرن جلد ثعلب وعنه ليلبس والصلاة به اصدد ( وكاللحم ) في الرواية ( الأولى ) بفتح الهمزة وسكون الواو ( احظرن ) أمر مؤكد بالنون الخفيفة أي امنع ( جلد ثعلب ) كلحمه فلا يحل أكل لحمه ولا لبس جلده . والثعلب بالثاء المثلثة المفتوحة وسكون العين المهملة وفتح اللام ثم باء موحدة : معروف ، ويقال للأنثى ثعلبة والجمع أثعل . وفي حديث { شر السباع هذه الأثعل } يعني الثعالب رواه ابن قانع في معجمه عن وابصة بن معبد رضي الله عنه مرفوعا . وكنية الثعلب أبو الحصين ، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث سبعا . فعلى هذا يحرم أكل لحمه ، ولبس جلده والصلاة فيه . واختار هذا أبو بكر وقدمه في الرعاية . قال في الفروع : ويحرم ثعلب . قال : ونقل عبد الله في الثعلب : لا أعلم أحدا رخص فيه إلا عطاء . وكل شيء اشتبه عليك فدعه انتهى . وعبارة الإنصاف : أما الثعلب فيحرم على الصحيح من المذهب . قال المصنف ، يعني الموفق والشارح ، يعني ابن أخيه شمس الدين بن أبي عمر رضي الله عنهما : أكثر الروايات عن أحمد تحريم الثعلب . قال الناظم : هذا أولى . وصححه في التصحيح . وقدمه في الفروع . ( وعنه ) أي الإمام أحمد رضي الله عنه ( ليلبس ) اللام هذه لام الأمر والمراد أمر إباحة ، يعني يباح لبس الفراء من جلد الثعلب ( و ) لكن ( الصلاة ) من المصلي ( به ) أي بجلد الثعلب يعني أن صلاة لابس جلد للثعلب مع إباحة لبسه ( اصدد ) أي امنع صحتها . وعنه تصح الصلاة فيه مع الكراهة . قال ابن تميم : قال أبو بكر : لا يختلف قوله يعني الإمام أحمد رضي الله عنه أن يلبس إذا دبغ بعد تذكيته . لكن اختلف في كراهة الصلاة فيه . وقال في الرعاية الكبرى : إن ذكي ودبغ جلده أبيح مطلقا . والحاصل : أن في أصل إباحة لحم الثعلب روايتين إحداهما الحرمة ، وقد ذكرناها . والثانية الإباحة . قال في الإنصاف : قال ابن عقيل : مباح في أصح الروايتين واختارها الشريف أبو جعفر والخرقي ، وأطلقهما في الكافي ، والهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاويين ، وإدراك الغاية ، والزركشي ، وتجريد العناية ، وغيرهم . وعلى القول بالتحريم فهل يباح لبس جلده أو لا ؟ روايتان . وعلى القول بالجواز هل تصح الصلاة فيه أو لا تصح ؟ روايتان . وعلى القول بالصحة هل تكره أو لا ؟ روايتان . قلت : اختار شيخ الإسلام ابن تيمية - أعلى الله كعبه - جواز لبسه والصلاة فيه . فإنه سئل رضي الله عنه عن الفراء من جلود الوحوش هل تجوز الصلاة فيها ؟ فأجاب الحمد لله ، أما جلود الأرنب فتجوز الصلاة فيها بلا نزاع . وأما الثعلب ففيه نزاع والأظهر جواز الصلاة فيه . انتهى .


مطلب : حكم لبس جلود السمور والفنك : وقد كره السمور والفنك أحمد وسنجابهم والقاقم أيضا ليزدد ( وقد كره السمور ) مفعول مقدم ( و ) كره ( الفنك ) الإمام أحمد رضي الله عنه ، أي كره لبس جلود السمور والفنك فأما السمور فهو بفتح السين المهملة وبالميم المشددة المضمومة على وزن السفود والكلوب ، حيوان بري يشبه السنور . وزعم بعض الناس أنه النمر ، وإنما البقعة التي هو فيها أثرت في تغيير لونه . وقال عبد اللطيف البغدادي : إنه حيوان جريء ليس في الحيوان أجرأ منه على الإنسان ، لا يؤخذ إلا بالحيل ، وذلك بأن تدفن له جيفة يصاد بها ، ولحمه حلو والترك يأكلونه . قال في حياة الحيوان : وجلده لا يدبغ كسائر الجلود . قال : ومن عجيب ما وقع للنووي في تهذيب الأسماء واللغات أنه قال : السمور طائر . قال : ولعله سبق قلم ، وأعجب منه ما حكى ابن هشام السبتي في شرح الفصيح أنه ضرب من الجن . وخص هذا باتخاذ الفرو من جلوده للينها وخفتها ودفائها وحسنها وتلبسه الملوك والأكابر . قال مجاهد : رأيت على الشعبي قباء سمور . وأما الفنك بفتح الفاء والنون على وزن عسل فدويبة يؤخذ منها الفرو . قال ابن البيطار : إنه أطيب من جميع الفراء ، يجلب كثيرا من بلاد الصقالبة ، ويشبه أن يكون في لحمه حلاوة ، وهو أبرد من السمور ، وأعدل وأحر من السنجاب يصلح للأبدان المعتدلة . ذكر ذلك في حياة الحيوان . قال في الإنصاف : في السمور والفنك وجهان ، أصحهما يحرم . انتهى . تنبيه ) : قد نسب الناظم رحمه الله تعالى كراهة السمور والفنك للإمام أحمد رضي الله عنه . وقد علمت أن الإمام القاضي قال في الإنصاف : في السمور والفنك وجهان ، وقد علم أن اصطلاح أصحابنا - رحمهم الله تعالى - فيما هو للإمام رضي الله عنه أن يعبر عن ذلك بالروايتين أو الروايات . وقد يطلقون القولين أو الأقوال على ذلك ، وأما الوجهان فهو للأصحاب ليس إلا . لكن مراد الناظم أن قياس مذهبه كراهة ذلك ، وقد علمت أن الإنصاف صحح الحرمة ؛ ولذا قال الحجاوي رحمه الله تعالى : لا أعلم للإمام أحمد فيهما كلاما والله أعلم .

مطلب : حكم لبس جلود السنجاب والقاقم . ( و ) قد كره أيضا ( سنجابهم ) أي يكره لبس جلود السنجاب وهو حيوان على حد اليربوع أكبر من الفأر ، شعره في غاية النعومة ، يتخذ من جلده الفراء يلبسه المتنعمون ، وهو شديد الحقد إذا أبصر الإنسان صعد الشجر العالي ، وفيها يأوي ، ومنها يأكل ، وهو كثير ببلاد الصقالبة والترك ، ومزاجه حار رطب لسرعة حركته على حركة الإنسان ، وأجود جلوده الأزرق الأملس . قال في الإنصاف : في السنجاب وجهان وأطلقهما في المحرر والرعاية الصغرى والحاويين والنظم والفروع أحدهما يحرم ، صححه في الرعاية الكبرى وتصحيح المحرر . وقال القاضي : يحرم لأنه ينهش الحيات فأشبه الجرز . وميل الإمام الموفق وابن أخيه الشارح إلى الإباحة . ( و ) كذا كره ( القاقم ) وهو دويبة تشبه السنجاب ، إلا أنه أبرد منه مزاجا وأبيض ؛ ولهذا هو أبيض يقق ، ويشبه جلده جلد الفنك ، وهو أعز قيمة من السنجاب ، فأشعر كلام الناظم بكراهة لبسه ( أيضا ) كالسنجاب على ما علمت فيه ( ليزدد ) الواقف على هذا النظم من المعرفة والعلم من إباحة المباح وحظر المحرم ، وحكاية الوجهين ليتبصر ويفهم ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم . تنبيهات ) : ( الأول ) : لم أر لمتقدمي الأصحاب - رحمهم الله تعالى - في القاقم كلاما ، ولم يذكره في الفروع ولا تصحيحه ، ولا في الإنصاف ولا في التنقيح ولا في المقنع ، وكذا لم يذكره في غاية المطلب والآداب الكبرى والتنقيح والمنتهى ، وذكره في الإقناع في باب ستر العورة . وكأن الناظم رحمه الله تعالى قاسه على السنجاب ، وحكى فيه الخلاف الذي في السنجاب ، وكأنه أراد بقوله : ليزدد أي : القاقم على ما ذكروه ؛ إذ العلة في كل واحدة ، والله - تعالى - أعلم . الثاني : استدل علماؤنا - رحمهم الله تعالى - على القول بحرمة المذكورات بحديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع } متفق عليه . وفي صحيح مسلم عن أبي رضي الله عنه { كل ذي ناب حرام } وغيرهما من الأحاديث ، فتخص عموم الآيات القرآنية ، والثعلب وما عطف عليه ذوات أنياب ، فهي من السباع ، فتدخل في عموم النهي . وفي تمهيد ابن عبد البر أن السنجاب والفنك والسمور كل ذلك سبع مثل الثعلب وابن عرس انتهى . وبه تعلم أن كل من أباح لبس جلد الثعلب فهو يبيح جلد غيره من المذكورات ؛ لأنها مشبهة به من كونها مثله في السبعية ، والله أعلم . مطلب : أول من اتخذ الفراء . ( الثالث ) : أول من اتخذ الفراء والجلود مثل السنجاب والسمور ونحوهما من أنواع الجلود ولبسها وألبسها شيخ شاه الملقب عند العجم ييش داديان ، كان ملكا حكيما عادلا فطنا ، وله كتاب عظيم في الإلهيات وأنواع الهياكل ، وجدد في خلافة المأمون . واسم كتابه جاودان الصغير ، وترجم بالعربية . قال البيضاوي في تاريخه : يدل كتابه على حكمته وديانته وحذاقته حتى إن العجم قالت بنبوته . وهو أول من ترك الملك وتخلى للعبادة ، فقتل في معبده ، وانتقم من بعده طهمورث من قتلته وأبادهم جميعا ، وبنى في موضعه مدينة بلخي . قال علي دده في أوائله : وكان تلميذا لإدريس عليه السلام . وذكره في أصول التواريخ وغيره من العلماء ، والله أعلم .

مطلب : لا يكره لبس جلد الأرنب . وفي نصه لا بأس في جلد أرنب وكل السباع احظر كهر بأوطد ( وفي نصه ) أي الإمام أحمد رضي الله عنه ( لا بأس ) لا حرج ولا كراهة ( في ) لبس جلد ( أرنب ) واحدة الأرانب ، وهو حيوان يشبه العناق قصير اليدين طويل الرجلين عكس الزرافة ، يطأ الأرض على مؤخر قوائمه . وهو اسم جنس يطلق على الذكر والأنثى ، وذكرها يقال له الخزز بالخاء المعجمة المضمومة وبعدها زايان ، وجمعه خزان كصرد وصردان ، ويقال للأنثى عكرشة . والخرنق ولد الأرنب ، فهو أولا خرنق ثم سخلة ثم أرنب . وقضيب الذكر من هذا النوع كذكر الثعلب أحد شطريه عظم والآخر عصب . وربما ركبت الأنثى الذكر عند السفاد لما فيها من الشبق ، وتسفد وهي حبلى . ذكر ذلك في حياة الحيوان . وذكر أن الأرنب يكون عاما ذكرا وعاما أنثى ، كذا قال والله أعلم . ( فائدة ) : الأرنب تحيض ومن ذا قول الشاعر : وضحك الأرانب فوق الصفا كمثل دم الحرب يوم اللقا مطلب : الذي يحيض من الحيوانات ثمانية . وقد ذكر العلماء أن اللواتي تحيض من الحيوانات ثمانية : المرأة ، والضبع ، والخفاش ، والأرنب ، والكلبة ، والفرس ، والناقة ، والوزغ . ونظمها بعضهم في قوله : إن اللواتي يحضن الكل قد جمعت في ضمن بيت فكن ممن لهن يعي امرأة ناقة مع أرنب وزغ وكلبة فرس خفاش مع ضبع واعلم أن المذهب إباحة لبس جلد الأرنب لحل أكل لحمها . جزم به في المحرر ، والنظم ، والوجيز ، ونهاية ابن زرين ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، والكافي ، والشرح ، وقدمه في الفروع . وقيل : لا . والمذهب بلى . وبهذا قال العلماء كافة إلا ما حكي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وابن أبي ليلى أنهما كرها أكلها . حجتنا ما روى الجماعة عن أنس رضي الله عنه قال { نفحنا أرنبا بمر الظهران فسعى القوم عليها فلغبوا فأخذتها وأتيت بها أبا طلحة فذبحها ، وبعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بوركها وفخذها فقبله } . وفي البخاري في كتاب الهبة { أن النبي صلى الله عليه وسلم قبله وأكل منه } . ولفظ أبي داود { كنت غلاما حزورا فصدت أرنبا فشويتها فبعث معي أبو طلحة بعجزها إلى النبي صلى الله عليه وسلم } والحزور بالتشديد والتخفيف المراهق . وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال { هي حلال } والله - تعالى - أعلم .
مطلب : الحيوانات التي تمتنع لبس جلودها . ( وكل السباع ) من الأسد والنمر والذئب ونحوها ( احظر ) امنع لبس شيء من جلودها لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك لنجاستها وعدم طهارتها بالدباغ ( ك ) ما تمنع لبس جلد ( هر ) أي سنور البر . وأما السنور الأهلي فلا شك في المذهب في حرمته وحرمة لبس جلده . قال في الإنصاف : وأما سنور البر فالصحيح من المذهب أنه حرام ، صححه في التصحيح . قال الناظم : هذا أولى . وفي الفروع : يحرم سنور بر على الأصح . واختاره ابن عبدوس في تذكرته ، وجزم به في الوجيز ، وهو ظاهر ما جزم به في المنور ومنتخب الأدمي ، وجزم به في الإقناع والمنتهى وغيرهما . وعنه يباح . وأطلقهما في الكافي والمحرر والإشارة للشيرازي والبلغة . وقد روى البيهقي وغيره عن أبي الزبير قال { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الهرة وأكل ثمنها } . وفي مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم وسنن أبي داود { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السنور } فقيل : محمول على بيع الوحشي الذي لا نفع فيه وقيل : نهي تنزيه حتى يعتاد الناس هبته وإعارته كما هو في الغالب ، وتقدم هذا . وقول الناظم ( بأوطد ) متعلق ب احظر ، أي : بأثبت وأولى من اللواتي قبله . وجه الأولوية : أما في الأهلي فلأنه حرام بلا خلاف في المذهب ، وأما في البري فلأن القول بإباحته دون القول بإباحة تلك كما هو مشروح إن كنت ذا تفطن ، والله أعلم .


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
آداب, اللباس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir