دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > السلوك والآداب الشرعية > متون الآداب الشرعية > منظومة الآداب

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 ذو الحجة 1429هـ/24-12-2008م, 07:40 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي آداب متعلقة بالتعامل مع الحيوانات [4]


121- وَقَتْلُكَ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ وَلَمْ تَقُلْ = ثَلاَثًا لَهُ: أَذْهَبْ سَالِمًا غَيْرَ مُعْتَدِ
122- وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ اُقْتُلْ، وَأَبْتَرَ حَيَّةٍ = وَمَا بَعْدَ إِيْذَانٍ تُرَى، أَوْ بِفَدْفَدِ
123- وَمَا فِيْهِ إِضْرَارٌ وَنَفْعٌ كَبَاشِقٍ = وَكَلْبٍ وَفَهْدٍ لاقْتِصَادِ التَّصَيُّدِ:
124- إِذَا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا: فَأَنْتَ مُخَيَّرٌ = وَإِنْ مُلِكَتْ فَاحْظُرْ، وَإِنْ تُؤْذِ: فَاقْدُدِ
125- وَمَا لَمْ يَكُنْ فِيْهِ اِنْتِفَاعٌ وَلاَ أَذَىً = كَدُودِ ذُبَابٍ: لَمْ يَضِرْ كُرْهَهُ طَدِ

  #2  
قديم 26 ذو الحجة 1429هـ/24-12-2008م, 07:47 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي غذاء الألباب للشيخ : محمد بن أحمد السفاريني

مطلب : لا تقتل حيات البيوت حتى تنذر ثلاثا وبيان علة الإنذار : وقتلك حيات البيوت ولم تقل ثلاثا له اذهب سالما غير معتد ( و ) يكره ( قتلك ) أيها المكلف المتشرع ( حيات ) جمع حية ، وهي الناشئة في ( البيوت ) جمع بيت ( و ) الحال أنك قبل قتلك لها ( لم تقل ) أنت ( ثلاثا ) من المرات ( له ) أي لذلك الثعبان وتقدم أن الحية تطلق على الذكر والأنثى فالمراد ولم تقل لذلك الفرد من الحيات ( اذهب سالما ) منا فلا نؤذيك ولا تؤذينا ( غير معتد ) أنت علينا وغير معتدين نحن عليك فكل منا ومنك يربح السلامة التي هي غاية المطالب في الدارين وما زاد عنها فربح وفائدة . وإنما شرع ما ذكر لقوله صلى الله عليه وسلم { : إن بالمدينة جنا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منها شيئا فآذنوه ثلاثة أيام } وحمل بعض العلماء ذلك على المدينة . والصحيح أنه عام في كل بلد لا تقتل حتى تنذر . وروى مسلم ومالك في آخر الموطأ وغيرهما عن { أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته قال : فوجدته يصلي فجلست لأنتظر فراغه فسمعت حركة تحت سرير في ناحية البيت ، فالتفت ، فإذا حية فوثبت لأقتلها فأشار إلي أن اجلس فجلست ، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال : أترى هذا البيت ؟ قلت : نعم قال : كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس ، فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق ، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انتصاف النهار ، ويرجع إلى أهله فاستأذنه يوما فقال صلى الله عليه وسلم : خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك بني قريظة ، فأخذ الرجل سلاحه ، ثم رجع إلى أهله ، فوجد امرأته بين البابين قائمة ، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به وأصابته غيرة فقالت له : اكفف عنك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني ، فدخل ، فإذا حية عظيمة مطوقة على الفراش فأهوى إليها برمحه فانتظمها ، ثم خرج به ، فركزه في الدار فاضطربت عليه وخر الفتى ميتا فما ندري أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى قال : فجئنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بذلك وقلنا : ادع الله أن يحييه فقال : استغفروا الله لصاحبكم ، ثم قال إن بالمدينة جنا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منها شيئا فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه ، فإنما هو شيطان } . واختلف العلماء في الإنذار هل هو ثلاثة أيام ، أو ثلاث مرات وكلام الناظم صالح لكل منهما . قال في الآداب الكبرى : يسن أن يقال للحية التي في البيوت ثلاث مرات . وفي المجرد ثلاثة أيام انتهى . ومقتضى الحديث ثلاثة أيام . قال بعض الشافعية : وعليه الجمهور ، وقال اليونيني من أئمة المذهب في مختصر الآداب : يسن أن يقال للحية في البيوت ثلاث مرات ، ذكره غير واحد ولفظه في الفصول ثلاثا ولفظه في المجرد ثلاثة أيام . وكيفية الاستئذان كما في الآداب الكبرى وغيرها اذهب بسلام لا تؤذنا . وفي حياة الحيوان تقول : أنشدكن بالعهد الذي أخذه عليكن نوح وسليمان بن داود عليهم السلام أن لا تبدوا لنا ولا تؤذونا . وفي أسد الغابة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : إذا ظهرت الحية في المسكن فقولوا لها : إنا نسألك بعهد نوح صلى الله عليه وسلم وبعهد سليمان عليه السلام لا تؤذينا ، فإن عادت فاقتلوها } ، فإن ذهبت بعد الاستئذان وإلا قتله إن شاء ، وإن رآه ذاهبا كره قتله وقيل لا يكره والله أعلم .

مطلب : في قتل ذي الطفيتين ، والأبتر من الحيات بدون استئذان : وذا الطفيتين اقتل وأبتر حية وما بعد إيذان ترى أو بفدفد ( وذا ) أي صاحب ( الطفيتين ) ، وهو الذي في ظهره خط أسود ، وهو حية خبيثة ، والطفية خوصة المقل في الأصل وجمعها طفى شبه الخطين اللذين على ظهر الحية بخوصتين من خوص المقل . قال الزمخشري في كتاب العين : الطفية حية لينة خبيثة . وفي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وعائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : اقتلوا الحيات وذا الطفيتين ، والأبتر ، فإنهما يسقطان الحبلى ويلتمسان البصر } قال النووي : الطفيتان الخطان الأبيضان على ظهر الحية ، فمن ثم قال الناظم : ( اقتل ) أي اقتل ذا الطفيتين ، فذا مفعول مقدم والطفيتين مضاف إليه ( و ) اقتل ( أبتر ) ، وهو ( حية ) غليظة الذنب كأنه قطع ذنبه . وفي حياة الحيوان الأبتر قصير الذنب ، وقال النضر بن شميل : هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب لا تنظر إليه حامل إلا ألقت ما في بطنها غالبا . وذكر مسلم في روايته عن الزهري أنه قال : نرى ذلك من سمها فهاتان الحيتان يقتلان من غير استئذان ( وما بعد إيذان ) لحيات البيوت اقتل إذا كانت بعد الإيذان ( ترى ) أي تظهر ؛ لأنك قد فعلت ما طلب منك ، وهو الإيذان ( أو ) كانت الحية ( بفدفد ) قال في القاموس : الفدفد الفلاة والمكان الصلب الغليظ ، والمرتفع ، والأرض المستوية . والمراد إذا كانت الحية تظهر لك في غير البيوت من الصحراء فاقتلها بلا إيذان لك منها . قال في الآداب الكبرى : والتي في الصحراء يعني من الحيات يجوز قتلها بدون إنذارها . قال الطحاوي لا بأس بقتل الكل من الحيات ، والأولى هو الإنذار والله أعلم .

مطلب : في التخيير بين قتل ما فيه إضرار ونفع وعدم قتله : وما فيه إضرار ونفع كباشق وكلب وفهد لاقتصاد التصيد ( وما ) أي حيوان أو طير ( فيه إضرار ) من وجه ( و ) فيه ( نفع ) من وجه ( كباشق ) وصقر وبازي وشاهين ، ولم يكن شيء من ذلك مملوكا ، فأنت بالخيار بين القتل والترك ، فأما مضرة ما ذكر فاصطياده لطيور الناس ، وأما منفعته فكونه يصطاد للناس . وإنما خص الناظم الباشق من بين كواسر الطير تنبيها منه بالأدنى على الأعلى من باب أولى ، ومن ثم أدخل عليه كاف التشبيه فكل ما وجد فيه نفع من وجه ، وهو الاصطياد به في نحو الباشق وضرر ، وهو كونه يصطاد طيور الناس صدق عليه النظم وعمه الحكم . والباشق بفتح الشين المعجمة وكسرها أعجمي معرب ، وكنيته أبو الآخذ ، وهو حار المزاج يغلب عليه القلق والزعارة يأنس وقتا ويستوحش وقتا ، وهو قوي النفس ، فإذا أنس منه الصغير بلغ صاحبه من صيده المراد ؛ لأنه خفيف المحمل ظريف الشمائل يليق بالملوك ؛ لأنه يصيد أفخر ما يصيده البازي ، وهو الدراج ، والحمام ، والورشان . وأحمد أوصافه أن يكون صغيرا في المنظر ثقيلا في الميزان طويل الساقين قصير الفخذين . وأما البازي فأفصح لغاته بتخفيف الياء ، واللغة الثانية باز بلا ياء والثالثة بازي بتشديد الياء حكاه ابن سيده ، وهو مذكر لا خلاف فيه .

مطلب : في كون الكلب حيوانا شديد الرياضة كثير الوفاء ، وبيان ما يجوز قتله من الكلاب وما لا يجوز . ( و ) ك ( كلب ) هو حيوان شديد الرياضة كثير الوفاء ، وهو لا سبع ولا بهيمة حتى كأنه من الخلق المركب ؛ لأنه لو تم له طباع السبعية ما ألف الناس ولو تم له طباع البهيمية ما أكل لحم الحيوان . نعم في الحديث إطلاق البهيمة عليه كما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : بينما امرأة تمشي بفلاة اشتد عليها العطش فنزلت بئرا فشربت ، ثم صعدت ، فوجدت كلبا يأكل الثرى من العطش ، فقالت لقد بلغ بهذا الكلب مثل الذي بلغ بي ، ثم نزلت فملأت خفها فأمسكته بفيها ، ثم صعدت فسقته فشكر الله لها ذلك وغفر لها قالوا : يا رسول الله إن لنا في البهائم أجرا ؟ قال : نعم في كل كبد حراء رطبة أجر } . واعلم أن الكلب إما أن يكون أسود بهيما ، أو لا . الأول يستحب قتله . والثاني : إما أن يكون عقورا ، أو لا ، الأول يجب قتله ، ولو كان الأسود البهيم ، والعقور معلمين ، وتقدم الكلام عليهما قريبا . والثاني : إما أن يكون مملوكا ، أو لا . الأول لا يباح قتله ، وكذا الثاني على الأصح كما في الإقناع ، والمنتهى وغيرهما . قال في الإنصاف : وقيل يكره فقط اختاره المجد ، وهو ظاهر كلام الخرقي انتهى . ولا فرق بين الأهلي والسلوقي نسبة إلى سلوق مدينة باليمن تنسب إليها الكلاب السلوقية وكلا النوعين في الطبع سواء .

حكم اقتناء الكلاب قال في الآداب الكبرى : يجوز اقتناء كلب كبير لصيد يعيش به ، أو لحفظ ماشية يروح معها إلى المرعى ويتبعها ، أو لحفظ زرع ولا يجوز اتخاذه لغير ذلك . وقيل يجوز اقتناؤه لحفظ البيوت ، وهو قول بعض الشافعية . وفي الرعاية قيل وبستان ، فإن اقتنى كلب الصيد من لا يصيد احتمل الجواز ، والمنع ، وهكذا الاحتمالان فيمن اقتنى كلبا ليحفظ به حرثا أو ماشية إن حصلت ، أو يصيد به إن احتاج . ويجوز تربية الجرو الصغير لأجل الثلاثة في أقوى الوجهين ، والثاني لا يجوز ، وفي الرعاية لا يكره على الأصح اقتناء جرو صغير حيث يقتنى الكبير وأما اقتناء الكلاب لغير ما ذكرنا فلا يجوز لما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال { : من اتخذ كلبا إلا كلب ماشية ، أو صيد أو زرع نقص من أجره كل يوم قيراط } . وفي رواية قيراطان وكلاهما في الصحيح . ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { : من اقتنى كلبا إلا كلب صيد ، أو ماشية ، فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان } وفي رواية للبخاري من عمله وحمل ذلك على نوع من الكلاب بعضها أشد أذى من بعض ، أو لمعنى فيها ، أو يكون ذلك مختلفا باختلاف المواضع فتكون القيراطان في المدائن ونحوها ، والقيراط في البوادي أو يكون في زمنين فذكر القيراط أولا ، ثم زاد في التغليظ فذكر القيراطين ، والمراد بالقيراط مقدار معلوم عند الله تعالى ينقص من أجر عمله . واختلف في نسبة هذا القيراط لماذا يكون ؟ فقيل : لما مضى من عمله ، وقيل من مستقبله ، وقيل : قيراط من عمل الليل وقيراط من عمل النهار وقيل : قيراط من عمل الفرض وقيراط من عمل النفل ، وقد ذكرنا الكلام على هذا في رسالة حررنا فيها الكلام على أن من صلى على ميت فله بالصلاة عليه قيراط وله بتمام دفنه قيراطان ، وأن المراد نسبة ذلك لما يحصل لأهل المصيبة من أجر المصيبة ولواحقها على أكمل حال من غير أن ينقص من أجر مصيبتهم شيء ، وأنهم لو لم يصبروا ، بل جزعوا وتسخطوا حتى حصل عليهم من ذلك وزر يكون لهذا المصلي ، والمتبع الجنازة قيراط ، أو قيراطان من أجر تلك المصيبة ولواحقها أن لو وجد على أتم حال . وأما في مقتني الكلب الذي اعتمدناه فيها تبعا للإمام ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد ، والإمام ابن عقيل في فنونه وابن قندس في حواشي الفروع أن القيراط ، أو القيراطين بالنسبة إلى عمله ذلك اليوم فكأنه حصل من العمل الصالح ، والكلم الطيب دينارا فباقتنائه هذا الكلب ينقص من ذلك الدينار قيراطان على أتم وجوه العمل ، أو بالنسبة إلى عمل نفسه ويكون عظم القيراط ونقصه مختلفا باختلاف الأشخاص والله أعلم .

مطلب : في أول من اتخذ الكلب ( فوائد ) : ( الأولى ) : أول من اتخذ الكلب نوح عليه السلام قال : يا رب أمرتني أن أصنع الفلك وأنا في صناعته أصنع أياما ، فيجيئونني بالليل فيفسدون كل ما عملت فمتى يتم لي ما أمرتني به قد طال علي أمري فأوحى الله إليه يا نوح اتخذ كلبا يحرسك فاتخذ نوح كلبا ، وكان يعمل بالنهار ، وينام بالليل ، فإذا جاء قومه ليفسدوا بالليل نبحهم الكلب فينتبه نوح عليه السلام فيأخذ الهراوة فيثب لهم فيهربون منه فالتأم له ما أراد . .


مطلب : في ذكر الأخبار الواردة في أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة . ( الثانية ) : ثبت في عدة أخبار أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب . ففي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها { أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة } . وفي مسند الإمام أحمد بسند صحيح عن بريدة رضي الله عنه قال : { احتبس جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما حبسك ؟ فقال : إنا لا ندخل بيتا فيه كلب } وهذا ثابت عنه عليه الصلاة والسلام من وجوه متعددة . قال العلماء رحمهم الله ورضي عنهم في سبب امتناع الملائكة من دخول البيت الذي فيه صورة كونها معصية فاحشة ، وفيها مضاهاة لخلق الله ، وبعضها في صورة ما يعبد من دون الله ، وأما سبب امتناعهم من البيت الذي فيه كلب فكثرة أكله النجاسات ، وكون بعض الكلاب يسمى شيطانا كما جاء في الكلب الأسود البهيم ، والملائكة ضد الشياطين ولقبح رائحة الكلب ، والملائكة تكره الرائحة القبيحة الخبيثة ، ولأنها منهي عن اتخاذها فعوقب متخذها بحرمان دخول الملائكة بيته وصلاتها فيه واستغفارها له وتبركها عليه في بيته ودفعها أذى الشياطين ، والمراد بالملائكة الذين لا يدخلون بيتا فيه كلب ولا صورة ملائكة يطوفون بالرحمة والتبرك والاستغفار فهم ملائكة البركة والرحمة . وأما الحفظة ، والموكلون بقبض الأرواح فيدخلون كل بيت ولا يفارقون بني آدم في حال ؛ لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم وكتابتها . قال الخطابي : وإنما لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة مما يحرم اقتناؤه من الكلاب والصور ، فأما ما ليس بحرام من كلب الصيد والزرع ، والماشية والصورة التي تكون في البساطة ، والوسادة وغيرها فلا يمتنع دخول الملائكة بسببه وأشار القاضي عياض إلى نحو ما قاله الخطابي ، وقال النووي : الأظهر أنه عام في كل كلب وصورة لإطلاق الأحاديث والله أعلم .

مطلب : رحلة الإمام إلى ما وراء النهر . ( الثالثة ) : ذكر في حياة الحيوان عن سيدنا الإمام أحمد رضي الله عنه : أنه بلغه أن رجلا من وراء النهر معه أحاديث ثلاثية فرحل الإمام أحمد رضي الله عنه إليه فوجد شيخا يطعم كلبا فسلم عليه فرد عليه السلام ، ثم اشتغل الشيخ بإطعام الكلب ، فوجد الإمام أحمد في نفسه إذ أقبل الشيخ على الكلب ولم يقبل عليه ، فلما فرغ الشيخ من طعمة الكلب التفت إلى الإمام أحمد ، وقال له كأنك وجدت في نفسك إذ أقبلت على الكلب ولم أقبل عليك ؟ قال نعم . قال : حدثني أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من قطع رجاء من ارتجاه قطع الله منه رجاءه يوم القيامة فلم يلج الجنة } ، وأرضنا هذه ليست بأرض كلاب ، وقد قصدني هذا الكلب فخفت أن أقطع رجاءه فقال الإمام هذا الحديث يكفيني ، ثم رجع . .


مطلب : في أوصاف الفهد وتشبيه المرأة زوجها به في حديث أم زرع . ( و ) ( كفهد ) واحد الفهود وفهد الرجل أشبه الفهد في كثرة نومه وتمدده . وفي حديث أم زرع قالت الخامسة زوجي إن دخل فهد ، وإن خرج أسد ولا يسأل عما عهد ، وقال بعضهم : يأكل ما وجد ولا يسأل عما عهد ولا يرفع اليوم لغد . قال القاضي عياض في شرح حديث أم زرع : قال ابن الأنباري : أي نام وغفل كالفهد لكثرة نومه يقال أنوم من فهد ، وقال أبو عبيد تصفه بكثرة النوم ، والغفلة على وجه المدح له . وقولها ، وإن خرج أسد تمدحه بالشجاعة أي صار كالأسد يقال أسد الرجل واستأسد إذا صار كذلك . وقولها عما عهد أي رأى في البيت وعرف . قال أبو عبيد : لا يتفقد ما ذهب من ماله ولا يلتفت إلى معايب البيت وما فيه فكأنه ساء عن ذلك . قال ابن حبيب : وصفته بأنه في اللين والدعة ، والغفلة عندها كالفهد ، وإذا خرج كان كالأسد في شجاعته ، ولم ترد النوم كما قال شارح العراقيين . قال : وقد ورد للنبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا في وصف علي وذم من كان بخلافه فروي عنه صلى الله عليه وسلم قال { : إن الله يبغض الذواق المطلاق الذي أراه لا يأكل ما وجد ويسأل عما فقد ، وهو عند أهله كالأسد ، وكان خارجا كالثعلب ، لكن علي لفاطمة يأكل ما وجد ولا يسأل عما فقد ، وهو عندها كالثعلب وخارجا كالأسد } قال القاضي عياض : والأولى أن يكون ذكر فهد هنا على معنى الاستعارة جعلت كثرة تغافله كالنوم والله أعلم لا سيما ، وقد وصف الفهد بالحياء وقلة الشره وهذه كلها خلق مدح ، وهي راجعة إلى ما أشار إليه أبو عبيد . قال في حياة الحيوان : وزعم أرسطو أن الفهد متولد بين أسد ونمر ومزاجه مثل النمر ، وفي طبعه مشابهة بالكلب في أدواته وذاته ويقال : إن الفهدة إذا أثقلت بالحمل حن عليها كل ذكر يراها من الفهود ويواسيها من صيده ، فإذا أرادت الولادة هربت إلى موضع قد أعدته لذلك ويوصف الفهد بكثرة النوم وكثرة الغضب ، فإذا وثب على فريسة لا يتنفس حتى ينالها فيحمى لذلك وتمتلئ رئته من الهواء الذي حبسه ، فإذا أخطأ صيده رجع مغضبا وربما قتل سائسه . ومن طبعه الإساءة إلى من يحسن إليه . وكبار الفهود أقبل للتأديب من صغارها . وأول من صاد بالفهد كليب بن وائل وأول من حمله على الخيل يزيد بن معاوية . وأكثر من اشتهر باللعب بها أبو مسلم الخراساني . وحكمه تحريم الأكل ؛ لأنه ذو ناب كالأسد والله أعلم .

مطلب : في حكم بيع سباع البهائم وجوارح الطير . ( تنبيهات ) : ( الأول ) : يجوز بيع سباع بهائم وجوارح طير يصلحان لصيد إذا كانت معلمة ، أو لم تكن ولكن تقبل التعليم وولده وفرخه وبيضه لاستفراخه لا بيع كلب ، ولو مباح الاقتناء ، ومن قتله ، وهو معلم أساء ؛ لأنه فعل محرما ولا غرم عليه ؛ لأن الكلب لا يملك ، وأما إذا أتلف نحو الباشق ، والبازي ، والفهد ، فإنه يغرم قيمته لإباحة اقتنائها لغير حاجة ، أو ضرورة ، وأما الكلب فلا يباح اقتناؤه لغير حاجة . والقاعدة حل بيع ما فيه منفعة مباحة لغير حاجة أو ضرورة فخرج بقيد ما فيه منفعة ما لا منفعة فيه أصلا كالحشرات وبمباحة ما فيه منفعة محرمة كالخمر ، وما فيه منفعة مباحة للحاجة كالكلب ، وما فيه منفعة تباح للضرورة كالميتة في حال المخمصة ، والخمر لدفع ما غص به .


مطلب : في حكم قتل ما خلا من النفع والضر كدود ذباب : وما لم يكن فيه انتفاع ولا أذى كدود ذباب لم يضر كرهه طد ( وما ) أي شيء أو الذي ( لم يكن ) يوجد ( فيه ) أي ذلك الشيء ( انتفاع ولا أذى ) ، بل خلا عن النفع ، والأذى معا ( كدود ذباب ) بإضافة دود إلى ذباب احترازا عن مطلق الدود الشامل لدود القز ، والقرمز الذي يصبغ به ، وهو دود أحمر يوجد في شجرة البلوط في بعض البلاد صدفي شبيه بالحلزون يجمعه نساء تلك البلاد بأفواههن والديدان المملوك ، فإنه يصح بيعه لصيد سمك ، والعلق لمص دم ، فإذا كان ذلك مملوكا ، فإن قتله محرم بخلاف دود الذباب ، فإنه لا يملك لعدم النفع به . والدود جمع دودة وجمع الدود ديدان وروى البيهقي في شعب الإيمان عن صدقة بن يسار قال : كان داود عليه السلام في محرابه فأبصر دودة صغيرة قال ففكر في خلقها ، وقال : ما يعبأ الله جل ذكره في خلق هذه قال : فأنطقها الله عز وجل فقالت : يا داود تعجبك نفسك لأنا على قدر ما آتاني الله أذكر الله وأشكر له منك على ما آتاك الله . قال الله سبحانه وتعالى : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } . والذباب واحدته ذبابة ولا تقل ذبانة وجمعه في القلة أذبة ، وفي الكثرة ذبان بكسر الذال وتشديد الباء مثل غراب وأغربة وغربان . سمي ذبابا لكثرة حركته واضطرابه ، وفي حديث أنس مرفوعا { الذباب كله في النار إلا النحل } قيل كونه في النار ليس بعذاب له ، بل ليعذب به أهل النار بوقوعه عليهم رواه أبو يعلى الموصلي . وفي صحيح البخاري وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقله ، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء ، وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء } . وفي رواية النسائي وابن ماجه { إن أحد جناحي الذباب سم ، والآخر شفاء ، فإذا وقع في الطعام فامقله ، فإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء } . قال في حياة الحيوان : وقد تأملت الذباب فوجدته يتقي بجناحه الأيسر وهو مناسب للداء كما أن الأيمن مناسب للدواء . واستفيد من الحديث عدم تنجيسه للمائع ، ولو مات فيه كسائر ما لا نفس له سائلة من البق ، والبعوض ، والعقرب وأشباهها فكل ما لم يكن فيه نفع ولا أذى من الذباب ونحوه ( لم يضر ) أحدا ( كرهه ) وإتلافه ( طد ) أمر من وطد الشيء يطده وطدا إذا أثبته وثقله يعني أن ما خلا عن النفع والضر كان إتلافه وعدم إتلافه على حد سواء فيرجع إلى قسم ما فيه نفع وضر حيث خلا عن ملكية معصوم ؛ لأنه لما اتصف بالنفع والضر تعادل ضره ونفعه فتساقطا فصار كما لا نفع فيه ولا ضرر . والحاصل من ذلك إما أن يكون مجبولا على الأذى والضرر طبعا بلا نفع فيقتل ، أو ضده ، وهو ما فيه نفع بلا ضرر فلا ، أو ما فيه ضرر ونفع وخلا عن ملكية معصوم ، أو خلا عن الضرر والنفع فيباح قتلهما وعدمه ، والمراد ما لم يكن نهي الشارع عن إتلافه كالضفدع والنمل والله أعلم .

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
متعلقة, آداب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:50 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir