دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة البناء في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 ربيع الثاني 1436هـ/27-01-2015م, 11:25 AM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي الطالب ( ماهر القسي ) للقراءة المنظمة

صفحة الطالب ( ماهر القسي ) للقراءة المنظمة

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 رجب 1436هـ/9-05-2015م, 03:35 PM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي الطالب ماهر غازي القسي المقاصد الفرعية للكتاب

أولاً : تلخيص مقصد الباب الثاني
تلخيص مقاصد الباب الثاني
في ترجيح القراءة والقارئ على غيرهما


المقصد العام للباب :
ترجيح القراءة والقارئ على غيرهما من أمور الدنيا والدين

المقصد الأول : فضل قارئ القرآن على غيره في أمور الدين .
- تقديم قارئ القرآن على غيره للإمامة في الصلاة .
- تفاضل قراء القرآن في الإمامة للصلاة بحسب حفظهم له .
عن ابن مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى)) رواه مسلم.

المقصد الثاني : فضل قارئ القرآن على غيره في أمور الدنيا (تدبير شؤون المسلمين )
- تقديم قارئ القرآن في مجالس الشورى والأخذ برأيه , وعمر الإنسان لا يعطيه الأفضلية في الشورى .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا وشبابا) رواه البخاري في صحيحه

المقصد الثالث : فضل قراءة القرآن على غيرها في الثواب .
- فضل قراءة القرآن على غيره من الأذكار .
ذكر النووي في التبيان : أن المذهب الصحيح المختار الذي عليه من يعتمد من العلماء: أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وغيرهما من الأذكار، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك , وأذكر فيما ورد معي أن هذا الحكم ليس على عمومه بل لو ورد ذكر معين في وقت معين لكان قول الذكر في وقته أفضل من قراءة القرآن مثل أذكار الصلاة , أذكار النوم , وغيرها

ثانياً : تلخيص مقصد الباب الثالث
تلخيص مقاصد الباب الثالث
في إكرام أهل القرآن والنهي عن إيذائهم

المقصد الكلي للباب : إكرام أهل القرآن والنهي عن إيذائهم

المقصد الأول : من الذي يستحق أن يكون من أهل القرآن
-من تعلَّم القرآن وليس مجرد الحفظ والتلاوة .
عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، قالا: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي " .
-من كان من أهل الوسطية في القرآن من غير غلو أو جفوة .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه،)) رواه أبو داود وهو حديث حسن.
-من أكثر الأخذ بالقرآن ( تلاوة وتدبراً وعملاً ) .
عن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى)) رواه مسلم.
و عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذا للقرآن؟))، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد، رواه البخاري.

المقصد الثاني : إكرام صاحب القرآن .
- خفض الجناح للمؤمنين من الدين وحامل القرآن منهم .
قال تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين}
- إكرام حامل القرآن من إجلال الله تعالى.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه،)) رواه أبو داود وهو حديث حسن.
- صاحب القرآن ذو مرتبة تقتضي إكرامه واحترامه .
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم) رواه أبو داود في سننه .

المقصد الثالث : ايذاء أولياء الله ومنهم حامل القرآن ظلم يؤذن بحرب الله.
- إن إيذاء المؤمنين ظلم كبير.
قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا}..
- إيذاء أولياء الله يؤذن بحرب الله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل قال: [من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب])) رواه البخاري.
و عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، قالا: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي"..
- لحوم العلماء مسمومة.
قال الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله: "اعلم يا أخي -وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يغشاه ويتقيه حق تقاته- أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب، {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}"..

المقصد الرابع : فضل حامل القرآن.
- حامل القرآن مقدم على غيره .
عن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى)) رواه مسلم.
و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا وشبابا) رواه البخاري في صحيحه.
- فضل صاحب القرآن أنه يقدم في اللحد .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذا للقرآن؟))، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد، رواه البخاري.
- حامل القران من أولياء الله.
عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، قالا: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي".

المقصد الخامس : عدم الغلو في القرآن والبعد عنه شرطٌ لإكرام الله لصاحب القرآن .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط)) رواه أبو داود وهو حديث حسن.

المقصد السادس : ثمرات إكرام أهل القرآن .
- أن إكرامهم تزيد التقوى عند الإنسان .
قال تعالى : {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} .
- الوعد بالخير والثواب من الله .
قال الله تعالى: {ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه} .

ثالثاً : تلخيص مقصد الباب الخامس
تلخيص مقاصد الباب الخامس
آداب حامل القرآن

المقصد الكلي للباب : بيان آداب حملة القران والأمر بقراءة القران وتعهده

المقصد الأول : آداب عامة لحامل القران
- أن يتدبر ما يقرأ.
عن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار".
-أن يكون أكمل اﻷحوال وأكرم الشمائل.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: "يا معشر القراء! ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق، فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس".
- أن يرفع نفسه على كل ما نهى القرآن عنه إجلالا له.
قال الإمام النووي في التبيان : ومن آدابه: وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا للقرآن
- أن يكون شريف النفس مرتفعا على الجبابرة الجفاة من أهل الدنيا .
قال الإمام النووي في التبيان : وأن يكون مصونا عن دني الاكتساب شريف النفس مرتفعا على الجبابرة والجفاة من أهل الدنيا
- أن يتواضع لصالحين وأهل الخير والمساكين .
قال الإمام النووي في التبيان : متواضعا للصالحين وأهل الخير والمساكين
- أن يكون ذا خشوع ووقار.
قال الإمام النووي في التبيان : وأن يكون متخشعا ذا سكينة ووقار
- أن يكون مسابقا للخيرات.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: "يا معشر القراء! ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق، فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس".
- أن يتخلق بأخلاق القرآن وأن يتميز به عن غيره .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مقطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصحته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون".
- أن يتدبر القران ويتعاهده بالقراءة .
عن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار".
- ألا يطلب به عرض من الدنيا
عن الفضيل بن عياض، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم"، وعنه أيضا، قال: "حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو، تعظيما لحق القرآن".

المقصد الثاني : محاذير على حامل القرآن أن يتجنبها .
- الحذر من اتخاذ القران معيشة له يتكسب بها .
عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، )
- الحذر من الغلو بالقران والجفو عنه .
عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه)
- الحذر من جعله محل مباهاة وسمعة .
عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)) رواه بمعناه من رواية سهل بن سعد، معناه: يتعجلون أجره إما بمال وإما سمعة ونحوها.
- الحذر من جعله بابا للمسالة .
عن فضيل بن عمرو رضي الله عنه، قال: دخل رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا، فلما سلم الإمام، قام رجل فتلا آيات من القرآن ثم سأل، فقال أحدهما: إنا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيجيء قوم يسألون بالقرآن، فمن سأل بالقرآن فلا تعطوه))، وهذا الإسناد منقطع،

المقصد الثالث : المحافظة على كثرة قراءة القران .
- قراءة السلف للقران .
كان السلف رضوان الله عليهم يكثرون من قراءة القران ولهم عادات مختلفة في ذلك .
- أحوال السلف في ختم للقران .
تعددت وتنوعت أحوال السلف في ختم القرآن من مكثر بحيث يختم بالنهار ختمة وبالليل ختمة أو ختمتين أو ثلاث ومنهم أكثر من ذلك , وفي كل خير .
- التوازن في كم التلاوة حتى يتحقق الفهم لما يتلى .
قال النووي في التبيان :والاختيار: أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر ما يحصل له كمال فهم ما يقرؤه، وكذا من كان مشغولا بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة، فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له،
- كراهة الختم في أقل من ثلاث ليال .
كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة، ويدل عليه الحديث الصحيح، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، والله أعلم.
- فضل ختم القرآن .
عن طلحة بن مصرف التابعي الجليل، قال: "من ختم القرآن أية ساعة كانت من النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، وأية ساعة كانت من الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح"، وعن مجاهد نحوه.
عن سعد بن أبي وقاص ررضي الله عنه قال: "إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإذا وافق ختمه آخر الليل صلت عليه الملائكة حتى يمسي"، قال الدرامي: هذا حسن من سعد.
- الأمر بتعهد القرآن .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((تعاهدوا هذا القرآن؛ فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها)) رواه البخاري ومسلم.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)) رواه مسلم والبخاري
- النهي عن نسيان القران .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها)) رواه أبو داود والترمذي وتكلم فيه.
عن سعد بن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو أجذم)) رواه أبو داود والدرامي.

المقصد الرابع : فضل واستحباب قراءة القران بالليل :
- فضل قراءة القران بالليل .
قال الله تعالى: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين}.
وثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)).
وفي الحديث الآخر من الصحيح، أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عبد الله! لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه)).
- بيان فضل قيام الليل .
وروى الطبراني وغيره، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((شرف المؤمن قيام الليل))
عن أبي الأحوص الحبشي، قال: "إن كان الرجل ليطرق الفسطاط طروقا -أي: يأتيه ليلا- فيسمع لأهله دويا كدوى النحل"، قال: "فما بال هؤلاء يأمنون ما كان أولئك يخافون".
- سبب ترجيح قراءة القران بالليل .
1 - لكونها أجمع للقلب وأبعد عن الشاغلات والملهيات ،
2- أصون عن الرياء وغيره من المحبطات
3- يعضده ما جاء الشرع به من إيجاد الخيرات في الليل، فإن الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلا، وحديث: ((ينزل ربكم كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل، فيقول: [هل من داع فأستجيب له])) الحديث.
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في الليل ساعة يستجيب الله فيها الدعاء كل ليلة)).
- فضل تطويل القراءة في قيام الليل .
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقسطين)) رواه أبو داود وغيره.
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما.
- من نسى حزبه من القران .
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنه قرأه من الليل)) رواه مسلم.

المقصد الخامس : حكم أخذ الأجرة في تعليم القران .
اختلاف فيها العلماء على أقوال
القول الأول
ــ منع أخذ الأجرة عليه من جماعة من العلماء منهم الزهري وأبو حنيفة , ذكر ذلك الإمام أبو سليمان الخطابي .
القول الثاني
ذكر جماعة أنه يجوز إن لم يشترطه. ذكر ذلك قول الحسن البصري والشعبي وابن سيرين.
القول الثالث
ذهب عطاء ومالك والشافعي وآخرون إلى جوازها إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة، وقد جاء بالجواز الأحاديث الصحيحة.
الترجيح
الراجح هو جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن فهو كغيره من الشعائر مثل الإمامة والأذان فلو لم تجز لفرغت هذه الوظائف من أهلها وتعطلت , وذكر بعض أهل العلم أن أخذ الأجرة ينوي فيه القارئ أنه يأخذ الأجرة على تفريغ وقته للتعليم وليس على القرآن
دليل المانعين : احتج من منعها بحديث عبادة بن الصامت، أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن، فأهدى له قوسا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها))، وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغيره، وبآثار كثيرة عن السلف
الرد عليهم : أجاب المجوزون عن حديث عبادة بجوابين:
أحدهما: أن في إسناده مقالا.
والثاني: أنه كان تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئا، ثم أهدي إليه على سبيل العوض، فلم يجز له الأخذ، بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم

رابعاً : تلخيص مقصد الباب السادس
تلخيص مقاصد
الباب السادس: في آداب القرآن

المقصد الكلي بعض آداب تلاوة القرآن
المقصد الأول : مناجاة الله والإخلاص له في القرآن
المقصد الثاني : أنواع الطهارة المطلوبة عند تلاوة القرآن
أولاً : طهارة الفم .
ثانياً : الطهارة من الحدث الأصغر .
ثالثاً : الطهارة من الحدث الأكبر.
رابعاً : طهارة المكان :
المقصد الثالث : الأذكار الواردة عند الشروع في القراءة .
المقصد الرابع : هيئة القارئ عند قراءة القرآن
أولاً : استقبال القبلة .
ثانياً : كيفية الجلوس لقراءة القرآن .
ثالثاً : الخشوع والترديد عند تلاوة القرآن .



تلخيص المقاصد
المقصد الأول : مناجاة الله والإخلاص له في القرآن
- مناجاة الله حال تلاوة القرآن
يجب على القارئ الإخلاص ومراعاة الأدب مع القرآن، فينبغي أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى .
- درجة الإحسان عند تلاوة القرآن
ويقرأ على حال من يرى الله تعالى، فإنه إن لم يكن يراه فإن الله تعالى يراه.

المقصد الثاني : أنواع الطهارة المطلوبة عند تلاوة القرآن
أولاً : طهارة الفم
وينبغي إذا أراد القراءة أن ينظف فاه بالسواك وغيره،
أحكام متفرقة في السواك
1- أن يكون بعود من أراك، ويجوز بسائر العيدان وبكل ما ينظف كالخرقة الخشنة والأشنان وغير ذلك، وفي حصوله بالأصبع الخشنة ثلاثة أوجه لأصحاب الشافعي رحمهم الله تعالى؛
أشهرها: أنه لا يحصل.
والثاني: يحصل.
الثالث: يحصل إن لم يجد غيرها، ولا يحصل إن وجد.
2- وينوي به الإتيان بالسنة .
3- قال بعض العلماء: يقول عند الاستياك: اللهم بارك لي فيه يا أرحم الراحمين .
4- ويستاك عرضا مبتدئا بالجانب الأيمن من فمه، قال الماوردي من أصحاب الشافعي: ويستحب أن يستاك في ظاهر الأسنان وباطنها، ويمر السواك على أطراف أسنانه وكراسي أضراسه وسقف حلقه إمرارا رفيقا.
5- قالوا: وينبغي أن يستاك بعود متوسط لا شديد اليبوسة ولا شديد الرطوبة، قال: فإن اشتد يبسه لينه بالماء .
6- ولا بأس باستعمال سواك غيره بإذنه.
7- وأما إذا كان فمه نجسا بدم أو غيره فإنه يكره له قراءة القرآن قبل غسله، وهل يحرم؟ قال الروياني من أصحاب الشافعي عن والده: يحتمل وجهين، والأصح لا يحرم.

ثانياً : الطهارة من الحدث الأصغر .
يستحب أن يقرأ وهو على طهارة، فإن قرأ محدثا جاز بإجماع المسلمين، قال إمام الحرمين: ولا يقال: ارتكب مكروها، بل هو تارك للأفضل، فإن لم يجد الماء تيمم، والمستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهر حكمها حكم المحدث.

ثالثاً : الطهارة من الحدث الأكبر
يحرم على الجنب والحائض قراءة القرآن سواء كان آية أو أقل منها .
مسائل متفرقة :
1- ويجوز لهما إجراء القرآن على قلبهما من غير تلفظ به،
2- ويجوز لهما النظر في المصحف وإمراره على القلب،
3- وأجمع المسلمون على جواز التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من الأذكار، للجنب والحائض.
4- ويجوز لهما قراءة ما نسخت تلاوته، كـ"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة".
5- قراءة بعض القرآن بقصد الذكر أو غيره
إذا قرأ الجنب أو الحائض بعض القرآن بغير قصد القرآن فإنه يجوز ذلك
أمثلة :
- قوله عند المصيبة "إنا لله وإنا إليه راجعون" .
- وكذا إن قالا لإنسان: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة" .
- ويجوز أن يقولا عند ركوب الدابة: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين"،
- قال إمام الحرمين: فإذا قال الجنب: بسم الله والحمد لله، فإن قصد القرآن عصى وإن قصد الذكر أو لم يقصد شيئا لم يأثم .

6- التيمم لقراءة القرآن والصلاة
- إذا لم يجد الجنب أو الحائض ماء تيمم، ويباح له القراءة والصلاة وغيرهما،
- فإن أحدث حرمت عليه الصلاة ولم تحرم القراءة والجلوس في المسجد وغيرهما مما لا يحرم على المحدث، كما لو اغتسل ثم أحدث،
- لا فرق مما ذكرناه بين تيمم الجنب في الحضر والسفر, وهو الصحيح .
- ولو تيمم ثم صلى وقرأ ثم رأى ماء يلزمه استعماله فإنه يحرم عليه القراءة وجميع ما يحرم على الجنب حتى يغتسل،
- ولو تيمم وصلى وقرأ ثم أراد التيمم لحدث أو لفريضة أخرى أو لغير ذلك فإنه لا يحرم عليه القراءة على المذهب الصحيح المختار .
- أما إذا لم يجد الجنب ماء ولا ترابا فإنه يصلي لحرمة الوقت على حسب حاله، ويحرم عليه القراءة خارج الصلاة، ويحرم عليه أن يقرأ في الصلاة ما زاد على فاتحة الكتاب، وهل يحرم عليه قراءة الفاتحة؟ فيه وجهان:
الصحيح المختار: أنه لا يحرم، بل يجب، فإن الصلاة لا تصح إلا بها، وكلما جازت الصلاة لضرورة مع الجنابة يجوز القراءة.
والثاني: لا يجوز، بل يأتي بالأذكار التي يأتي بها العاجز الذي لا يحفظ شيئا من القرآن، لأن هذا عاجز شرعا فصار كالعاجز حسا، والصواب الأول.

رابعاً : طهارة المكان :
ويستحب أن تكون القراءة في مكان نظيف مختار , عن أبي ميسرة، قال: "لا يذكر الله إلا في مكان طيب"، والله أعلم.
- أفضلية المسجد على غيره من الأماكن
ولهذا استحب جماعة من العلماء القراءة في المسجد لكونه جامعا للنظافة وشرف البقعة،
ومحصلا لفضيلة أخرى وهي الاعتكاف، فإنه ينبغي لكل جالس في المسجد الاعتكاف سواء أكثر في جلوسه أو أقل، بل ينبغي أول دخوله المسجد أن ينوي الاعتكاف، وهذا الأدب ينبغي أن يعتني به ويشاع ذكره ويعرفه الصغار والعوام فإنه مما يغفل عنه.
- حكم القراءة في الحمام وغيره
وأما القراءة في الحمام؛ فقد اختلف السلف في كراهيتها، فقال أصحابنا: لا يكره، ونقله أبو بكر بن المنذر في الأشراف، عن إبراهيم النخعي ومالك، وهو قول عطاء،
وذهب إلى كراهته جماعات منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رواه عنه ابن أبي داود.
قال الشعبي:"تكره القراءة في ثلاثة مواضع: في الحمامات والحشوش وبيوت الرحى وهي تدور"،
- حكم القراءة في الطريق .
وأما القراءة في الطريق؛ فالمختار أنها جائزة غير مكروهة إذا لم يلته صاحبها، فإن التهى عنها كرهت، كما كره النبي صلى الله عليه وسلم القراءة للناعس مخافة من الخلط،
الأدلة :
ما رواه أبو داود، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أنه كان يقرأ في الطريق،
وروى عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه أذن فيها.
قال ابن أبي داود: قال ابن وهب، قال: سألت مالكا عن الرجل يصلي من آخر الليل فيخرج إلى المسجد وقد بقي من السورة التي كان يقرأ فيها شيء، قال: ما أعلم القراءة تكون في الطريق، وكره ذلك، وهذا إسناد صحيح عن مالك رحمه الله.

المقصد الثالث : الأذكار الوارد عند الشروع في القراءة .
أولاً : الاستعاذة .
- وقت التعوذ
فإن أراد الشروع في القراءة استعاذ، فقال: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" هكذا قال الجمهور من العلماء.
وقال بعض العلماء: يتعوذ بعد القراءة، لقوله تعالى: {فإذا قرأت فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}، وتقدير الآية عند الجمهور: إذا أردت القراءة فاستعذ،
- صيغة التعوذ .
ثم صيغة التعوذ كما ذكرناه، وكان جماعة من السلف يقولون: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم" ولا بأس بهذا، ولكن الاختيار هو الأول.
- حكم التعوذ .
إن التعوذ مستحب وليس بواجب، وهو مستحب لكل قارئ سواء كان في الصلاة أو في غيرها، ويستحب في الصلاة في كل ركعة على الصحيح من الوجهين عند أصحابنا، وعلى الوجه الثاني إنما يستحب في الركعة الأولى، فإن تركه في الأولى أتى به في الثانية، ويستحب التعوذ في التكبيرة الأولى في صلاة الجنازة على أصح الوجهين.

ثانياً : البسملة عند قراءة القرآن
وينبغي أن يحافظ على قراءة "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول كل سورة سوى براءة ،فإن أكثر العلماء قالوا إنها آية حيث تكتب في المصحف.
وقد كتبت في أوائل السور سوى براءة، فإذا قرأها كان متيقنا قراءة الختمة أو السورة،
فإذا أخل بالبسملة كان تاركا لبعض القرآن عند الأكثرين.
مسألة دقيقة:
فإذا كانت القراءة في وظيفة عليها جعل كالأسباع والأجزاء التي عليها أوقاف وأرزاق كان الاعتناء بالبسملة أكثر لتيقن قراءة الختمة، فإنه إذا تركها لم يستحق شيئا من الوقف عند من يقول البسملة آية من أول السورة، وهذه دقيقة نفيسة يتأكد الاعتناء بها وإشاعتها.
المقصد الرابع : هيئة القارئ عن قراءة القرآن
أولاً : استقبال القبلة :
يستحب للقارئ في غير الصلاة أن يستقبل القبلة , وهو يقرأ القرآن , فقد جاء في الحديث: ((خير المجالس ما استقبل به القبلة))،

ثانياً : كيفية الجلوس لقراءة القرآن :
- ويجلس متخشعا بسكينة ووقار مطرقا رأسه , ويكون جلوسه وحده في تحسين أدبه وخضوعه كجلوسه بين يدي معلمه فهذا هو الأكمل ,
- حكم القرءة مستلقياً .
ولو قرأ قائما أو مضطجعا أو في فراشه أو على غير ذلك من الأحوال جاز وله أجر ولكن دون الأول،
الأدلة :
الآيات
قال الله عز وجل: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض}.
الأحاديث :
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ويقرأ القرآن"، رواه البخاري ومسلم، وفي رواية: "يقرأ القرآن ورأسه في حجري".
الآثار عن الصحابة :
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: "إني أقرأ القرآن في صلاتي، وأقرأ على فراشي".
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: "إني لا أقرأ حزبي وأنا مضطجعة على السرير".

ثالثاً : الخشوع والترديد عند تلاوة القرآن .
أولاً : الخشوع عند تلاوة القرآن .
فإذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشوع والتدبر عند القراءة، والدلائل عليه أكثر من أن تحصر،
الأدلة :
الآيات : قال الله عز وجل: {أفلا يتدبرون القرآن}، وقال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}،
والأحاديث فيه كثيرة وأقاويل السلف فيه مشهورة،
الآثار عن السلف :
- وقد بات جماعة من السلف يتلون آية واحدة يتدبرونها ويرددونها إلى الصباح، وقد صعق جماعة من السلف عند القراءة، ومات جماعات حال القراءة.
- وروينا عن بهز بن حكيم، أن زرارة بن أوفى التابعي الجليل رضي الله عنه، أمهم في صلاة الفجر فقرأ حتى بلغ: {فإذا نقر في الناقور * فذلك يومئذ يوم عسير} خر ميتا، قال بهز: وكنت فيمن حمله.
- وكان أحمد بن أبي الحواري رضي الله عنه وهو ريحانة الشام كما قال أبو القاسم الجنيد رحمه الله، إذا قرئ عنده القرآن يصيح ويصعق،
- حكم الخشوع والتدبر أمام الناس :
أنكره أبو الجوزاء وقيس بن جبير وغيرهما.
قلت: والصواب عدم الإنكار إلا على من اعترف أنه يفعله تصنعا، والله أعلم.
وقال السيد الجليل ذو المواهب والمعارف إبراهيم الخواص رضي الله تعالى عنه: "دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين".
ثانياً : ترديد الآية للتدبر
يستحب ترديد الآية للتدبر لأنها تسكن في القلب ويزداد تأثيرها عليه .
الأدلة :
الأحاديث النبوية :
- روينا عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه، قال: "قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح"، والآية: {إن تعذبهم فإنهم عبادك} الآية، رواه النسائي وابن ماجه.
الآثار عن الصحابة :
- وعن تميم الداري رضي الله تعالى عنه، أنه كرر هذه الآية حتى أصبح: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سوآء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}.
- وعن عبادة بن حمزة، قال: دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو، فطال علي ذلك فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو،
- وردد ابن مسعود رضي الله عنه: {رب زدني علما}،
الآثار عن التابعين :
- ردد سعيد بن جبير: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، وردد أيضا: {فسوف يعلمون * إذ الأغلال في أعناقهم} الآية، وردد أيضا: {ما غرك بربك الكريم} .
- وكان الضحاك إذا تلا قوله تعالى: {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل} رددها إلى السحر.

خامساً : تلخيص مقصد الباب السابع
تلخيص مقاصد الباب السابع: في آداب الناس كلهم مع القرآن
المقصد الكلي للباب: آداب عامة في التعامل مع القرآن

تلخيص المقاصد
المقصد الأول: وجوب الاعتقاد بأن القرآن هو الذي بين أيدينا :
الإيمان بالقرآن على أنه المتلو في الأقطار المكتوب في الصحف الذي بأيدي المسلمين مما جمعه الدفتان من أول: {الحمد لله رب العالمين} إلى آخر {قل أعوذ برب الناس} كلام الله ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن جميع ما فيه حق , وقد أجمع المسلمون على ذلك.

المقصد الثاني : وجوب تعظيم القرآن:
أجمع المسلمون على وجوب تعظيم القرآن العزيز على الإطلاق وتنزيهه وصيانته.
وتعظيم القرآن يشمل أبواب

أولاً : الإيمان به جميعه وعدم جحد أي حرف منه أو الإنقاص منه .
أجمعوا على أن من جحد منه حرفا مما أجمع عليه أو زاد حرفا لم يقرأ به أحد أو أنقص منه شيئاً أو بدله عن مكانه مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع فيه الإجماع وأجمع على أنه ليس بقرآن عامدا لكل هذا فهو كافر .
قال الإمام الحافظ أبو الفضل القاضي عياض رحمه الله: اعلم أن من ..... جحد حرفا منه أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته وهو عالم بذلك أو يشك في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين ، وكذلك إذا جحد التوراة والإنجيل أو كتب الله المنزلة أو كفر بها أو سبها أو استخف بها فهو كافر.
قال أبو عثمان بن الحذاء: جميع أهل التوحيد متفقون على أن الجحد بحرف من القرآن كفر.

ثانياً : عدم الاستخفاف به أو الاستهزاء أو السب .
قال الإمام الحافظ أبو الفضل القاضي عياض رحمه الله: اعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف أو بشيء منه أو سبهما , وهو عالم بذلك أو يشك في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين .
وأفتى محمد بن أبي زيد فيمن قال لصبي: لعن الله معلمك وما علمك، قال: أردت سوء الأدب ولم أرد القرآن، قال: يؤدب القائل، قال: وأما من لعن المصحف فإنه يقتل، هذا آخر كلام القاضي عياض رحمه الله.

ثالثاً : حرمة تفسير القرآن بغير علم:
معنى التفسير بالرأي :
إن كان المعنى مما يدرك بالاجتهاد كالمعاني والأحكام الجلية والخفية والعموم والخصوص والإعراب وغير ذلك , فهذا هو مجال التفسير بالرأي , وإن كان مما لا يدرك بالاجتهاد كالأمور التي طريقها النقل وتفسير الألفاظ اللغوية فلا يجوز الكلام فيه إلا بنقل صحيح من جهة المعتمدين من أهله .
حكمه :
ويحرم تفسيره بغير علم، والكلام في معانيه لمن ليس من أهلها، والأحاديث في ذلك كثيرة والإجماع منعقد عليه، وأما تفسيره للعلماء فجائز حسن والإجماع منعقد عليه ، وأما من كان ليس من أهله لكونه غير جامع لأدواته فحرام عليه التفسير، لكن له أن ينقل التفسير عن المعتمدين من أهله.
أقسام المفسرين برأيهم :
المفسرون برأيهم من غير دليل صحيح أقسام:
1-منهم من يحتج به لتصحيح مذهبه وتقوية خاطره مع أنه لا يغلب على ظنه أن ذلك هو المراد بالآية وإنما يقصد الظهور على خصمه .
2-منهم من يقصد الدعاء إلى خير ويحتج بآية من غير أن تظهر له دلالة لما قاله .
3-منهم من يفسر ألفاظه العربية من غير وقوف على معانيها عند أهلها وهي مما لا يؤخذ إلا بالسماع من أهل العربية وأهل التفسير كبيان معنى اللفظ وإعرابها وما فيها من الحذف والاختصار والإضمار وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر.
ولا يكفي مع ذلك معرفة العربية وحدها بل لا بد معها من معرفة ما قاله أهل التفسير فيها، فقد يكونون مجتمعين على ترك الظاهر أو على إرادة الخصوص أو الإضمار وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر، وكما إذا كان اللفظ مشتركا في معان فعلم في موضع أن المراد أحد المعاني ثم فسر كل ما جاء به .

المقصد الثالث : وجوب النصيحة للقرآن:
ثبت في صحيح مسلم رضي الله عنه، عن تميم الداري رضي الله عنه، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة))،قلنا: لمن؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
تتحقق النصيحة لكتاب الله عبر المقاصد التالية:
1-الإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله لا يشبهه شيء من كلام الخلق ولا يقدر على مثله الخلق بأسرهم.
2-التصديق بما فيه والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه وأمثاله والاعتناء بمواعظه والتفكر في عجائبه .
3-تعظيمه وتلاوته حق تلاوته وتحسينها والخشوع عندها وإقامة حروفه في التلاوة .
4-العمل بمحكمه والتسليم بمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه .
5-نشر علومه والدعاء إليه وإلى ما ذكرناه من نصيحته.
6-الذب عنه لتأويل المحرفين وتعرض الطاغين .

المقصد الرابع : حرمة المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق:
معنى المراء في القرآن :
1- قال الخطابي: المراد بالمراء الشك , وقيل: الجدال المشكك فيه .
2- وقيل: وهو الجدال الذي يفعله أهل الأهواء في آيات القدر ونحوها , فمن ذلك أن يظهر فيه دلالة الآية على شيء يخالف مذهبه ويحتمل احتمالا ضعيفا موافقة مذهبه فيحملها على مذهبه، ويناظر على ذلك مع ظهورها في خلاف ما يقول، وأما من لا يظهر له ذلك فهو معذور .
حكمه :
يحرم المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المراء في القرآن كفر)) ,

المقصد الخامس : آداب متعلقة بالقرآن :
أولاً : السؤال عن حكمة ترتيب الآيات والسور .
ينبغي لمن أراد السؤال عن تقديم آية على آية في المصحف أو مناسبة هذه الآية في هذا الموضع ونحو ذلك أن يقول: ما الحكمة في كذا؟

ثانياً : كراهة قول نسيت آية كذا :
يكره أن يقول: نسيت آية كذا، بل يقول: أنسيتها أو أسقطتها.
فقد ثبت في الصحيحين، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقول أحدكم: نسيت آية كذا وكذا، بل هو شيء نسي))، وفي رواية في الصحيحين أيضا: ((بئسما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)).
وثبت في الصحيحين أيضا، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ فقال: ((رحمه الله، لقد ذكرني آية كنت أسقطتها))، وفي رواية في الصحيح: ((كنت أنسيتها)).
وأما ما رواه ابن أبي داود، عن أبي عبد الرحمن السلمي التابعي الجليل، أنه قال: "لا تقل: أسقطت آية كذا، قل: أغفلت"، فهو خلاف ما ثبت في الحديث الصحيح، فالاعتماد على الحديث، وهو جواز (أسقطت) وعدم الكراهة فيه أولى.

المقصد السادس : أسماء السور :
معنى السورة :
السورة في اللغة : لغتان، الهمز وتركه، والترك أفصح، وهو الذي جاء به القرآن، وممن ذكر اللغتين ابن قتيبة في غريب الحديث.
المصطلح : هي الطائفة من الآيات المترجمة والمجموعة بين بداية ونهاية .

والعلماء في تسمية السورة على قولين :
الأول : تسمية السورة ببعض القصص التي ورد فيها :
يجوز أن يقال: سورة البقرة وسورة آل عمران وسورة النساء وسورة المائدة وسورة الأنعام وكذا الباقي، لا كراهة في ذلك، وكره بعض المتقدمين هذا .
الثاني : أن يقول السورة التي وردت فيها القصة كذا :
يقال: السورة التي يذكر فيها البقرة، والسورة التي يذكر فيها آل عمران، والسورة التي يذكر فيها النساء، وكذا البواقي،

الترجيح :
والصواب الأول، فقد ثبت في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: ((سورة البقرة)) و((سورة الكهف))، وغيرهما مما لا يحصى، وكذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
قال ابن مسعود: "هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة"، وعنه، في الصحيحين: "قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النساء"، والأحاديث وأقوال السلف في هذا أكثر من أن تحصر.


المقصد السابع : أسماء القراءات :
تسمية القراءات على قولين :
الأول : تسمية السورة باسم قارئها المشهور بها :
يجوز أن نقول : هذه قراءة أبي عمرو أو قراءة نافع أو حمزة أو الكسائي أو غيرهم،
الثاني : عدم تسمية السورة باسم قارئها :
روى ابن أبي داود، عن إبراهيم النخعي، أنه قال: "كانوا يكرهون أن يقال: سنة فلان وقراءة فلان" .

الترجيح :القول الأول هو الراجح وهو القول المختار، الذي عليه السلف والخلف من غير إنكار .

المقصد الثامن : أحكام متعلقة بالكافر مع القرآن:
- جواز سماع الكافر للقرآن وامتناع مسه للمصحف:
لا يمنع الكافر من سماع القرآن لقول الله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}، ويمتنع من مس المصحف
- حكم تعليم القرآن للكافر:
هل يجوز تعليمه القرآن؟ قال أصحابنا: إن كان لا يرجى إسلامه لم يجز تعليمه، وإن رجي إسلامه ففيه وجهان:
أصحهما: يجوز رجاء إسلامه.
والثاني: لا يجوز، كما لا يجوز بيع المصحف منه وإن رجي إسلامه،
وأما إذا رأيناه يتعلم فهل يمنع؟ فيه وجهان.

المقصد التاسع : حكم كتابة القرآن في إناء ونحوه:
الأول : حكم كتابة القرآن في الإناء :
اختلف العلماء في كتابة القرآن في إناء ثم يغسل ويسقى المريض
فقال الحسن ومجاهد وأبو قلابة والأوزاعي: لا بأس به، وكرهه النخعي.
قال القاضي حسين والبغوي وغيرهما من أصحابنا: ولو كتب القرآن على الحلوى وغيرها من الأطعمة فلا بأس بأكلها، قال القاضي: ولو كان خشبة كره إحراقها.

ثانياً : نقش الحيطان والثياب ونحوه بالقران:
مذهبنا: أنه يكره نقش الحيطان والثياب بالقرآن وبأسماء الله تعالى، قال عطاء: لا بأس بكتب القرآن في قبلة المسجد .
ثالثاً : كتابة القرآن على الخروز :
وأما كتابة الحروز من القرآن؛ فقال مالك: لا بأس به إذا كان في قصبة أو جلد وخرز عليه، وقال بعض أصحابنا: إذا كتب في الخرز قرآنا مع غيره فليس بحرام، ولكن الأولى تركه، لكونه يحمل في حال الحدث، وإذا كتب يصان بما قاله الإمام مالك رحمه الله، وبهذا أفتى الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله.

المقصد العاشر: النفث مع القرآن للرقية:
معنى النفث : قال أهل اللغة: النفث: نفخ لطيف بلا ريق .
معنى الرقية : هي قراءة شيء من القرآن والأحاديث والأدعية على المريض ونحوه رجاء شفائه وبرئه .
حكمه على قولين :
الأول : عدم الجواز , فقد روى ابن أبي داود، عن أبي جحيفة الصحابي رضي الله عنه وعن الحسن البصري وإبراهيم النخعي أنهم كرهوا ذلك،
الثاني :أن ذلك غير مكروه بل هو سنة مستحبة، وهو القول المختار .
الأدلة :
- فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها، (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما {قل هو الله أحد} و{قل أعوذ برب الفلق}و{قل أعوذ برب الناس}، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات)رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
- وفي روايات في الصحيحين زيادة على هذا، ففي بعضها قالت عائشة رضي الله عنها: (فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به) ، وفي بعضها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات).
- قالت عائشة رضي الله عنها: (فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها)، وفي بعضها: (كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث).

سادساً : تلخيص مقصد الباب التاسع
المقصد الكلي للباب إكرام المصحف وتعظيم كتابته
المقصد الأول : جمع القرآن :

أولاً : جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم :
اعلم أن القرآن العزيز كان مؤلفا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- على ما هو في المصاحف اليوم، ولكن لم يكن مجموعا في مصحف بل كان محفوظا في صدور الرجال، فكان طوائف من الصحابة يحفظونه كله، وطوائف يحفظون أبعاضا منه، وإنما لم يجعله النبي -صلى الله عليه وسلم- في مصحف واحد لما كان يتوقع من زيادته ونسخ بعض المتلو، ولم يزل ذلك التوقع إلى وفاته صلى الله عليه وسلم
ثانياً : جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه :
كان زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقتل كثير من حملة القرآن خاف موتهم واختلاف من بعدهم فيه، فاستشار الصحابة -رضي الله عنهم- في جمعه في مصحف فأشاروا بذلك، فكتبه في مصحف وجعله في بيت حفصة أم المؤمنين -رضي الله عنها-،
ثالثاً : جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه :
فلما كان في زمن عثمان -رضي الله عنه- وانتشر الإسلام خاف عثمان وقوع الاختلاف المؤدي إلى ترك شيء من القرآن أو الزيادة فيه، فنسخ من ذلك المجموع الذي عند حفصة الذي أجمعت الصحابة عليه مصاحف وبعث بها إلى البلدان وأمر بإتلاف ما خالفها، وكان فعله هذا باتفاق منه ومن علي بن أبي طالب وسائر الصحابة وغيرهم رضي الله عنهم .
عدد المصاحف التي نسخها عثمان ووزعها .
على أقوال
الأول : ؛ فقال الإمام أبو عمرو الداني: أكثر العلماء على أن عثمان كتب أربع نسخ؛ فبعث إلى البصرة إحداهن، وإلى الكوفة أخرى، وإلى الشام أخرى، وحبس عنده أخرى.
الثاني : وقال أبو حاتم السجستاني: كتب عثمان سبعة مصاحف؛ بعث واحدا إلى مكة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وآخر إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وحبس بالمدينة واحدا،


المقصد الثاني : تحسين خط المصحف :
أولاً : تحسين الخط
اتفق العلماء على استحباب كتابة المصاحف وتحسين كتابتها وتبيينها وإيضاحها وتحقق الخط دون مشقة وتعليقه.
ثانياً : تنقيط المصحف وشكله :
العلماء فيه على أقوال
الأول :كرهه الشعبي والنخعي النقط فإنما كرهاه في ذلك الزمان خوفا من التغيير فيه .
الثاني : يستحب نقط المصحف وشكله،

الترجيح :
القول الثاني باستحباب النقط والتشكيل , فإنه صيانة من اللحن فيه وتصحيفه، وأما كراهة الشعبي والنخعي النقط فإنما كرهاه في ذلك الزمان خوفا من التغيير فيه وقد أمن ذلك اليوم فلا منع، ولا يمتنع من ذلك لكونه محدثا فإنه من المحدثات الحسنة، فلم يمنع منه كنظائره مثل تصنيف العلم وبناء المدارس والرباطات وغير ذلك، والله أعلم.

المقصد الثالث : تعظيم المصحف بإكرامه بالمادة التي يكتب بها .
لا تجوز كتابة القرآن بشيء نجس، وتكره كتابته على الجدران عندنا، وفيه مذهب عطاء الذي قدمناه، وقد قدمنا أنه إذا كتب على الأطعمة فلا بأس بأكلها، وأنه إذا كتب على خشبة كره إحراقها.

المقصد الرابع : صيانة المصحف واحترامه .
أولاً : القيام للمصحف :
ويستحب أن يقوم للمصحف إذا قدم به عليه، لأن القيام مستحب للفضلاء من العلماء والأخيار فالمصحف أولى، وقد قررت دلائل استحباب القيام في الجزء الذي جمعته فيه.
وروينا في مسند الدارمي بإسناد صحيح، عن ابن أبي مليكة، أن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه كان يضع المصحف على وجهه، ويقول: (كتاب ربي، كتاب ربي).
ثانياً :توسد المصحف :
ويحرم توسده، بل توسد آحاد كتب العلم حرام.
ثالثاً : إلقاؤه في القاذورات والعياذ بالله
أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه، قال أصحابنا وغيرهم: ولو ألقاه مسلم في القاذورة والعياذ بالله تعالى صار الملقي كافرا،

المقصد الخامس : السفر بالمصحف إلى أرض العدو :
تحرم المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو إذا خيف وقوعه في أيديهم، للحديث المشهور في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى ارض العدو.

المقصد السادس : بيع المصحف لغير المسلم :
ويحرم بيع المصحف من الذمي، فإن باعه ففي صحة البيع قولان للشافعي:
أصحهما: لا يصح،
والثاني: يصح، ويؤمر في الحال بإزالة ملكه عنه،

المقصد السابع : حكم مس المصحف ممن هو غير أهل له :

الأول : الصبي الذي لا يميز والمجنون :
ويمنع المجنون والصبي الذي لا يميز من مس المصحف مخافة من انتهاك حرمته، وهذا المنع واجب على الولي وغيره ممن رآه يتعرض لحمله .
هل يجب على الولي والمعلم تكليف الصبي المميز الطهارة لحمل المصحف واللوح اللذين يقرأ فيهما؟
فيه وجهان مشهوران، أصحهما عند الأصحاب: لا يجب للمشقة.

الثاني : المحدث :
يحرم على المحدث مس المصحف وحمله، سواء حمله بعلاقته أو بغيرها، سواء مس نفس الكتابة أو الحواشي أو الجلد، ويحرم مس الخريطة والغلاف والصندوق إذا كان فيهن المصحف، هذا هو المذهب المختار، وقيل: لا تحرم هذه الثلاثة، وهو ضعيف،
ولو كتب القرآن في لوح فحكمه حكم المصحف سواء قل المكتوب أو كثر، حتى لو كان بعض آية كتب للدراسة حرم مس اللوح.

الثالث : مس المصحف للممنوع منه بحائل :
إذا تصفح المحدث أو الجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود أو شبهه ففي جوازه وجهان لأصحابنا:
أظهرهما: جوازه، وبه قطع العراقيون من أصحابنا، لأنه غير ماس ولا حامل،
والثاني: تحريمه، لأنه يعد حاملا للورقة والورقة كالجميع،
وأما إذا لف كمه على يده وقلب الورقة فحرام بلا خلاف، وغلط بعض أصحابنا فحكى فيه وجهين، والصواب القطع بالتحريم، لأن القلب يقع باليد لا بالكم.

الرابع: كتابة المصحف للممنوع منه بحائل :
إذا كتب الجنب أو المحدث مصحكان يحمل الورقة أو جسها حال الكتابة فحرام،
وإن لم يحملها ولم يمسها ففيه ثلاثة أوجه:
الصحيح: جوازه، والثاني: تحريمه، والثالث: يجوز للمحدث، ويحرم على الجنب.

الخامس : مس المصحف لمن في بدنه نجاسة :
إذا كان في موضع من بدن المتطهر نجاسة غير معفو عنها حرم عليه مس المصحف بموضع النجاسة بلا خلاف، ولا يحرم بغيره على المذهب الصحيح المشهور
، وقال أبو القاسم الصيمري من أصحابنا: يحرم، وغلطه أصحابنا في هذا، قال القاضي أبو الطيب: هذا الذي قاله مردود بالإجماع .

المقصد الثامن : أحكام تتعلق بمس القرآن عند مشاركة غير القرآن معه في كتب وثياب ونحوها :

أولاً : إذا كان غير القرآن زائد على القرآن .
المذهب الصحيح بالجواز . فإذا مس المحدث أو الجنب أو الحائض أو حمل كتابا من كتب الفقه أو غيره من العلوم وفيه آيات من القرآن أو ثوبا مطرزا بالقرآن أو دراهم أو دنانير منقوشة به أو حمل متاعا في جملته مصحف أو لمس الجدار أو الحلوى أو الخبز المنقوش به فالمذهب الصحيح جواز هذا كله، لأنه ليس بمصحف، وفيه وجه أنه حرام.
وقال أقضى القضاة أبو حسن الماوردي في كتابه الحاوي: يجوز مس الثياب المطرزة بالقرآن،
وأما كتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن لم يكن فيها آيات من القرآن لم يحرم مسها، والأولى أن لا تمس إلا على طهارة، وإن كان فيها آيات من القرآن لم يحرم على المذهب، وفيه وجه أنه يحرم .

ثانياً : إذا كان القرآن زائد على غيره .
وأما كتب تفسير القرآن؛ فإن كان القرآن فيها أكثر من غيره حرم مسها وحملها، وإن كان غيره أكثر كما هو الغالب ففيها ثلاثة أوجه:
أصحها: لا يحرم.
والثاني: يحرم.
والثالث: إن كان القرآن بخط متميز بغلظ أو حمرة أو غيرها حرم، وإن لم يتميز لم يحرم.
قلت: ويحرم المس إذا استويا.
قال صاحب التتمة من أصحابنا: وإذا قلنا لا يحرم فهو مكروه،
وهو الذي في كتب الفقه.

ثالثاً : مس المنسوخ تلاوته :
وأما المنسوخ تلاوته كـ"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" وغير ذلك، فلا يحرم مسه ولا حمله .

رابعاً : حكم لبس الثياب المطرزة بالقرآن
ولا يجوز لبسها بلا خلاف، لأن المقصود بلبسها التبرك بالقرآن، وهذا الذي ذكره أو قاله ضعيف لم يوافقه أحد عليه فيما رأيته، بل صرح الشيخ أبو محمد الجويني وغيره بجواز لبسها، وهذا هو الصواب، والله أعلم.

المقصد التاسع : التيمم لمس المصحف :
من لم يجد ماء فتيمم حيث يجوز التيمم له مس المصحف، سواء كان تيممه للصلاة أو لغيرها مما يجوز التيمم له.
وأما من لم يجد ماء ولا ترابا فإنه يصلي على حسب حاله، ولا يجوز له مس المصحف لأنه محدث جوزنا له الصلاة للضرورة، ولو كان معه مصحف ولم يجد من يودعه عنده وعجز عن الوضوء جاز له حمله للضرورة، قال القاضي أبو الطيب: ولا يلزمه التيمم، وفيما قاله نظر، وينبغي أن يلزمه التيمم، أما إذا خاف على المصحف من حرق أو غرق أو وقوع في نجاسة أو حصوله في يد كافر فإنه يأخذه ولو كان محدثا للضرورة.

المقصد العاشر : بيع المصحف وشراؤه :
الأول الجواز :
يصح بيع المصحف وشراؤه،قاله الحسن البصري وعكرمة والحكم بن عيينة وهو مروي عن ابن عباس،
الثاني يكره بيعه وشراؤه :
وكرهت طائفة من العلماء بيعه وشراؤه، وحكاه ابن المنذر عن علقمة وابن سيرين والنخعي وشريح ومسروق وعبد الله بن يزيد , وروي عن ابن عمر وأبي موسى الأشعري التغليظ في بيعه.
الثالث : الكراهة في البيع دون الشراء :
ولا كراهة في شرائه وفي كراهة بيعه وجهان لأصحابنا، أصحهما وهو نص الشافعي: أنه يكره، حكاه ابن المنذر عن ابن عباس وسعيد بن جبير وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه رضي الله عنهم أجمعين .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21 رجب 1436هـ/9-05-2015م, 03:39 PM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي الطالب ماهر غازي القسي المقصد الكلي للكتاب

المقصد الكلي للكتاب
- إرشاد الطلاب لبعض آداب الكتاب

- إرشاد المتقين لتعظيم كتاب رب العالمين

- وجوب تعظيم القرآن وحامله ومعلمه

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 رجب 1436هـ/10-05-2015م, 02:49 PM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي الطالب ماهر غازي القسي المقاصد الفرعية لكتاب التبيان للنووي

المقصد الكلي للكتاب :
- إرشاد الطلاب لبعض آداب الكتاب

- إرشاد المتقين لتعظيم كتاب رب العالمين

- وجوب تعظيم القرآن وحامله ومعلمه


مقاصد الكتاب الفرعية

أولاً : تلخيص مقصد الباب الثاني : في ترجيح القراءة والقارئ على غيرهما من أمور الدنيا والدين
ثانياً : تلخيص مقصد الباب الثالث : في إكرام أهل القرآن والنهي عن إيذائهم
ثالثاً : تلخيص مقصد الباب الخامس : بيان آداب حملة القران والأمر بقراءة القران وتعهده
رابعاً : تلخيص مقصد الباب السادس : بعض آداب تلاوة القرآن
خامساً : تلخيص مقصد الباب السابع : آداب عامة في التعامل مع القرآن
سادساً : تلخيص مقصد الباب التاسع : إكرام المصحف وتعظيم كتابته


تفاصيل المقاصد لكل باب على حدة

أولاً : تلخيص مقصد الباب الثاني : في ترجيح القراءة والقارئ على غيرهما
المقصد العام للباب :
ترجيح القراءة والقارئ على غيرهما من أمور الدنيا والدين

المقصد الأول : فضل قارئ القرآن على غيره في أمور الدين .
- تقديم قارئ القرآن على غيره للإمامة في الصلاة .
- تفاضل قراء القرآن في الإمامة للصلاة بحسب حفظهم له .
عن ابن مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى)) رواه مسلم.

المقصد الثاني : فضل قارئ القرآن على غيره في أمور الدنيا (تدبير شؤون المسلمين )
- تقديم قارئ القرآن في مجالس الشورى والأخذ برأيه , وعمر الإنسان لا يعطيه الأفضلية في الشورى .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا وشبابا) رواه البخاري في صحيحه

المقصد الثالث : فضل قراءة القرآن على غيرها في الثواب .
- فضل قراءة القرآن على غيره من الأذكار .
ذكر النووي في التبيان : أن المذهب الصحيح المختار الذي عليه من يعتمد من العلماء: أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وغيرهما من الأذكار، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك , وأذكر فيما ورد معي أن هذا الحكم ليس على عمومه بل لو ورد ذكر معين في وقت معين لكان قول الذكر في وقته أفضل من قراءة القرآن مثل أذكار الصلاة , أذكار النوم , وغيرها

ثانياً : تلخيص مقصد الباب الثالث
في إكرام أهل القرآن والنهي عن إيذائهم

المقصد الكلي للباب : إكرام أهل القرآن والنهي عن إيذائهم

المقصد الأول : من الذي يستحق أن يكون من أهل القرآن
-من تعلَّم القرآن وليس مجرد الحفظ والتلاوة .
عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، قالا: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي " .
-من كان من أهل الوسطية في القرآن من غير غلو أو جفوة .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه،)) رواه أبو داود وهو حديث حسن.
-من أكثر الأخذ بالقرآن ( تلاوة وتدبراً وعملاً ) .
عن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى)) رواه مسلم.
و عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذا للقرآن؟))، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد، رواه البخاري.

المقصد الثاني : إكرام صاحب القرآن .
- خفض الجناح للمؤمنين من الدين وحامل القرآن منهم .
قال تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين}
- إكرام حامل القرآن من إجلال الله تعالى.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه،)) رواه أبو داود وهو حديث حسن.
- صاحب القرآن ذو مرتبة تقتضي إكرامه واحترامه .
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم) رواه أبو داود في سننه .

المقصد الثالث : ايذاء أولياء الله ومنهم حامل القرآن ظلم يؤذن بحرب الله.
- إن إيذاء المؤمنين ظلم كبير.
قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا}..
- إيذاء أولياء الله يؤذن بحرب الله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل قال: [من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب])) رواه البخاري.
و عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، قالا: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي"..
- لحوم العلماء مسمومة.
قال الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله: "اعلم يا أخي -وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يغشاه ويتقيه حق تقاته- أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب، {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}"..

المقصد الرابع : فضل حامل القرآن.
- حامل القرآن مقدم على غيره .
عن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى)) رواه مسلم.
و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا وشبابا) رواه البخاري في صحيحه.
- فضل صاحب القرآن أنه يقدم في اللحد .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذا للقرآن؟))، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد، رواه البخاري.
- حامل القران من أولياء الله.
عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، قالا: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي".

المقصد الخامس : عدم الغلو في القرآن والبعد عنه شرطٌ لإكرام الله لصاحب القرآن .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط)) رواه أبو داود وهو حديث حسن.

المقصد السادس : ثمرات إكرام أهل القرآن .
- أن إكرامهم تزيد التقوى عند الإنسان .
قال تعالى : {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} .
- الوعد بالخير والثواب من الله .
قال الله تعالى: {ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه} .

ثالثاً : تلخيص مقصد الباب الخامس
آداب حامل القرآن

المقصد الكلي للباب : بيان آداب حملة القران والأمر بقراءة القران وتعهده

المقصد الأول : آداب عامة لحامل القران
- أن يتدبر ما يقرأ.
عن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار".
-أن يكون أكمل اﻷحوال وأكرم الشمائل.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: "يا معشر القراء! ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق، فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس".
- أن يرفع نفسه على كل ما نهى القرآن عنه إجلالا له.
قال الإمام النووي في التبيان : ومن آدابه: وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا للقرآن
- أن يكون شريف النفس مرتفعا على الجبابرة الجفاة من أهل الدنيا .
قال الإمام النووي في التبيان : وأن يكون مصونا عن دني الاكتساب شريف النفس مرتفعا على الجبابرة والجفاة من أهل الدنيا
- أن يتواضع لصالحين وأهل الخير والمساكين .
قال الإمام النووي في التبيان : متواضعا للصالحين وأهل الخير والمساكين
- أن يكون ذا خشوع ووقار.
قال الإمام النووي في التبيان : وأن يكون متخشعا ذا سكينة ووقار
- أن يكون مسابقا للخيرات.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: "يا معشر القراء! ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق، فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس".
- أن يتخلق بأخلاق القرآن وأن يتميز به عن غيره .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مقطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصحته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون".
- أن يتدبر القران ويتعاهده بالقراءة .
عن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار".
- ألا يطلب به عرض من الدنيا
عن الفضيل بن عياض، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم"، وعنه أيضا، قال: "حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو، تعظيما لحق القرآن".

المقصد الثاني : محاذير على حامل القرآن أن يتجنبها .
- الحذر من اتخاذ القران معيشة له يتكسب بها .
عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، )
- الحذر من الغلو بالقران والجفو عنه .
عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه)
- الحذر من جعله محل مباهاة وسمعة .
عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)) رواه بمعناه من رواية سهل بن سعد، معناه: يتعجلون أجره إما بمال وإما سمعة ونحوها.
- الحذر من جعله بابا للمسالة .
عن فضيل بن عمرو رضي الله عنه، قال: دخل رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا، فلما سلم الإمام، قام رجل فتلا آيات من القرآن ثم سأل، فقال أحدهما: إنا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيجيء قوم يسألون بالقرآن، فمن سأل بالقرآن فلا تعطوه))، وهذا الإسناد منقطع،

المقصد الثالث : المحافظة على كثرة قراءة القران .
- قراءة السلف للقران .
كان السلف رضوان الله عليهم يكثرون من قراءة القران ولهم عادات مختلفة في ذلك .
- أحوال السلف في ختم للقران .
تعددت وتنوعت أحوال السلف في ختم القرآن من مكثر بحيث يختم بالنهار ختمة وبالليل ختمة أو ختمتين أو ثلاث ومنهم أكثر من ذلك , وفي كل خير .
- التوازن في كم التلاوة حتى يتحقق الفهم لما يتلى .
قال النووي في التبيان :والاختيار: أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر ما يحصل له كمال فهم ما يقرؤه، وكذا من كان مشغولا بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة، فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له،
- كراهة الختم في أقل من ثلاث ليال .
كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة، ويدل عليه الحديث الصحيح، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، والله أعلم.
- فضل ختم القرآن .
عن طلحة بن مصرف التابعي الجليل، قال: "من ختم القرآن أية ساعة كانت من النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، وأية ساعة كانت من الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح"، وعن مجاهد نحوه.
عن سعد بن أبي وقاص ررضي الله عنه قال: "إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإذا وافق ختمه آخر الليل صلت عليه الملائكة حتى يمسي"، قال الدرامي: هذا حسن من سعد.
- الأمر بتعهد القرآن .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((تعاهدوا هذا القرآن؛ فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها)) رواه البخاري ومسلم.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)) رواه مسلم والبخاري
- النهي عن نسيان القران .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها)) رواه أبو داود والترمذي وتكلم فيه.
عن سعد بن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو أجذم)) رواه أبو داود والدرامي.

المقصد الرابع : فضل واستحباب قراءة القران بالليل :
- فضل قراءة القران بالليل .
قال الله تعالى: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين}.
وثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)).
وفي الحديث الآخر من الصحيح، أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عبد الله! لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه)).
- بيان فضل قيام الليل .
وروى الطبراني وغيره، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((شرف المؤمن قيام الليل))
عن أبي الأحوص الحبشي، قال: "إن كان الرجل ليطرق الفسطاط طروقا -أي: يأتيه ليلا- فيسمع لأهله دويا كدوى النحل"، قال: "فما بال هؤلاء يأمنون ما كان أولئك يخافون".
- سبب ترجيح قراءة القران بالليل .
1 - لكونها أجمع للقلب وأبعد عن الشاغلات والملهيات ،
2- أصون عن الرياء وغيره من المحبطات
3- يعضده ما جاء الشرع به من إيجاد الخيرات في الليل، فإن الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلا، وحديث: ((ينزل ربكم كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل، فيقول: [هل من داع فأستجيب له])) الحديث.
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في الليل ساعة يستجيب الله فيها الدعاء كل ليلة)).
- فضل تطويل القراءة في قيام الليل .
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقسطين)) رواه أبو داود وغيره.
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما.
- من نسى حزبه من القران .
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنه قرأه من الليل)) رواه مسلم.

المقصد الخامس : حكم أخذ الأجرة في تعليم القران .
اختلاف فيها العلماء على أقوال
القول الأول
ــ منع أخذ الأجرة عليه من جماعة من العلماء منهم الزهري وأبو حنيفة , ذكر ذلك الإمام أبو سليمان الخطابي .
القول الثاني
ذكر جماعة أنه يجوز إن لم يشترطه. ذكر ذلك قول الحسن البصري والشعبي وابن سيرين.
القول الثالث
ذهب عطاء ومالك والشافعي وآخرون إلى جوازها إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة، وقد جاء بالجواز الأحاديث الصحيحة.
الترجيح
الراجح هو جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن فهو كغيره من الشعائر مثل الإمامة والأذان فلو لم تجز لفرغت هذه الوظائف من أهلها وتعطلت , وذكر بعض أهل العلم أن أخذ الأجرة ينوي فيه القارئ أنه يأخذ الأجرة على تفريغ وقته للتعليم وليس على القرآن
دليل المانعين : احتج من منعها بحديث عبادة بن الصامت، أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن، فأهدى له قوسا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها))، وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغيره، وبآثار كثيرة عن السلف
الرد عليهم : أجاب المجوزون عن حديث عبادة بجوابين:
أحدهما: أن في إسناده مقالا.
والثاني: أنه كان تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئا، ثم أهدي إليه على سبيل العوض، فلم يجز له الأخذ، بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم

رابعاً : تلخيص مقصد الباب السادس
تلخيص مقاصد
الباب السادس: في آداب القرآن

المقصد الكلي بعض آداب تلاوة القرآن
المقصد الأول : مناجاة الله والإخلاص له في القرآن
المقصد الثاني : أنواع الطهارة المطلوبة عند تلاوة القرآن
أولاً : طهارة الفم .
ثانياً : الطهارة من الحدث الأصغر .
ثالثاً : الطهارة من الحدث الأكبر.
رابعاً : طهارة المكان :
المقصد الثالث : الأذكار الواردة عند الشروع في القراءة .
المقصد الرابع : هيئة القارئ عند قراءة القرآن
أولاً : استقبال القبلة .
ثانياً : كيفية الجلوس لقراءة القرآن .
ثالثاً : الخشوع والترديد عند تلاوة القرآن .



تلخيص المقاصد
المقصد الأول : مناجاة الله والإخلاص له في القرآن
- مناجاة الله حال تلاوة القرآن
يجب على القارئ الإخلاص ومراعاة الأدب مع القرآن، فينبغي أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى .
- درجة الإحسان عند تلاوة القرآن
ويقرأ على حال من يرى الله تعالى، فإنه إن لم يكن يراه فإن الله تعالى يراه.

المقصد الثاني : أنواع الطهارة المطلوبة عند تلاوة القرآن
أولاً : طهارة الفم
وينبغي إذا أراد القراءة أن ينظف فاه بالسواك وغيره،
أحكام متفرقة في السواك
1- أن يكون بعود من أراك، ويجوز بسائر العيدان وبكل ما ينظف كالخرقة الخشنة والأشنان وغير ذلك، وفي حصوله بالأصبع الخشنة ثلاثة أوجه لأصحاب الشافعي رحمهم الله تعالى؛
أشهرها: أنه لا يحصل.
والثاني: يحصل.
الثالث: يحصل إن لم يجد غيرها، ولا يحصل إن وجد.
2- وينوي به الإتيان بالسنة .
3- قال بعض العلماء: يقول عند الاستياك: اللهم بارك لي فيه يا أرحم الراحمين .
4- ويستاك عرضا مبتدئا بالجانب الأيمن من فمه، قال الماوردي من أصحاب الشافعي: ويستحب أن يستاك في ظاهر الأسنان وباطنها، ويمر السواك على أطراف أسنانه وكراسي أضراسه وسقف حلقه إمرارا رفيقا.
5- قالوا: وينبغي أن يستاك بعود متوسط لا شديد اليبوسة ولا شديد الرطوبة، قال: فإن اشتد يبسه لينه بالماء .
6- ولا بأس باستعمال سواك غيره بإذنه.
7- وأما إذا كان فمه نجسا بدم أو غيره فإنه يكره له قراءة القرآن قبل غسله، وهل يحرم؟ قال الروياني من أصحاب الشافعي عن والده: يحتمل وجهين، والأصح لا يحرم.

ثانياً : الطهارة من الحدث الأصغر .
يستحب أن يقرأ وهو على طهارة، فإن قرأ محدثا جاز بإجماع المسلمين، قال إمام الحرمين: ولا يقال: ارتكب مكروها، بل هو تارك للأفضل، فإن لم يجد الماء تيمم، والمستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهر حكمها حكم المحدث.

ثالثاً : الطهارة من الحدث الأكبر
يحرم على الجنب والحائض قراءة القرآن سواء كان آية أو أقل منها .
مسائل متفرقة :
1- ويجوز لهما إجراء القرآن على قلبهما من غير تلفظ به،
2- ويجوز لهما النظر في المصحف وإمراره على القلب،
3- وأجمع المسلمون على جواز التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من الأذكار، للجنب والحائض.
4- ويجوز لهما قراءة ما نسخت تلاوته، كـ"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة".
5- قراءة بعض القرآن بقصد الذكر أو غيره
إذا قرأ الجنب أو الحائض بعض القرآن بغير قصد القرآن فإنه يجوز ذلك
أمثلة :
- قوله عند المصيبة "إنا لله وإنا إليه راجعون" .
- وكذا إن قالا لإنسان: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة" .
- ويجوز أن يقولا عند ركوب الدابة: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين"،
- قال إمام الحرمين: فإذا قال الجنب: بسم الله والحمد لله، فإن قصد القرآن عصى وإن قصد الذكر أو لم يقصد شيئا لم يأثم .

6- التيمم لقراءة القرآن والصلاة
- إذا لم يجد الجنب أو الحائض ماء تيمم، ويباح له القراءة والصلاة وغيرهما،
- فإن أحدث حرمت عليه الصلاة ولم تحرم القراءة والجلوس في المسجد وغيرهما مما لا يحرم على المحدث، كما لو اغتسل ثم أحدث،
- لا فرق مما ذكرناه بين تيمم الجنب في الحضر والسفر, وهو الصحيح .
- ولو تيمم ثم صلى وقرأ ثم رأى ماء يلزمه استعماله فإنه يحرم عليه القراءة وجميع ما يحرم على الجنب حتى يغتسل،
- ولو تيمم وصلى وقرأ ثم أراد التيمم لحدث أو لفريضة أخرى أو لغير ذلك فإنه لا يحرم عليه القراءة على المذهب الصحيح المختار .
- أما إذا لم يجد الجنب ماء ولا ترابا فإنه يصلي لحرمة الوقت على حسب حاله، ويحرم عليه القراءة خارج الصلاة، ويحرم عليه أن يقرأ في الصلاة ما زاد على فاتحة الكتاب، وهل يحرم عليه قراءة الفاتحة؟ فيه وجهان:
الصحيح المختار: أنه لا يحرم، بل يجب، فإن الصلاة لا تصح إلا بها، وكلما جازت الصلاة لضرورة مع الجنابة يجوز القراءة.
والثاني: لا يجوز، بل يأتي بالأذكار التي يأتي بها العاجز الذي لا يحفظ شيئا من القرآن، لأن هذا عاجز شرعا فصار كالعاجز حسا، والصواب الأول.

رابعاً : طهارة المكان :
ويستحب أن تكون القراءة في مكان نظيف مختار , عن أبي ميسرة، قال: "لا يذكر الله إلا في مكان طيب"، والله أعلم.
- أفضلية المسجد على غيره من الأماكن
ولهذا استحب جماعة من العلماء القراءة في المسجد لكونه جامعا للنظافة وشرف البقعة،
ومحصلا لفضيلة أخرى وهي الاعتكاف، فإنه ينبغي لكل جالس في المسجد الاعتكاف سواء أكثر في جلوسه أو أقل، بل ينبغي أول دخوله المسجد أن ينوي الاعتكاف، وهذا الأدب ينبغي أن يعتني به ويشاع ذكره ويعرفه الصغار والعوام فإنه مما يغفل عنه.
- حكم القراءة في الحمام وغيره
وأما القراءة في الحمام؛ فقد اختلف السلف في كراهيتها، فقال أصحابنا: لا يكره، ونقله أبو بكر بن المنذر في الأشراف، عن إبراهيم النخعي ومالك، وهو قول عطاء،
وذهب إلى كراهته جماعات منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رواه عنه ابن أبي داود.
قال الشعبي:"تكره القراءة في ثلاثة مواضع: في الحمامات والحشوش وبيوت الرحى وهي تدور"،
- حكم القراءة في الطريق .
وأما القراءة في الطريق؛ فالمختار أنها جائزة غير مكروهة إذا لم يلته صاحبها، فإن التهى عنها كرهت، كما كره النبي صلى الله عليه وسلم القراءة للناعس مخافة من الخلط،
الأدلة :
ما رواه أبو داود، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أنه كان يقرأ في الطريق،
وروى عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه أذن فيها.
قال ابن أبي داود: قال ابن وهب، قال: سألت مالكا عن الرجل يصلي من آخر الليل فيخرج إلى المسجد وقد بقي من السورة التي كان يقرأ فيها شيء، قال: ما أعلم القراءة تكون في الطريق، وكره ذلك، وهذا إسناد صحيح عن مالك رحمه الله.

المقصد الثالث : الأذكار الوارد عند الشروع في القراءة .
أولاً : الاستعاذة .
- وقت التعوذ
فإن أراد الشروع في القراءة استعاذ، فقال: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" هكذا قال الجمهور من العلماء.
وقال بعض العلماء: يتعوذ بعد القراءة، لقوله تعالى: {فإذا قرأت فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}، وتقدير الآية عند الجمهور: إذا أردت القراءة فاستعذ،
- صيغة التعوذ .
ثم صيغة التعوذ كما ذكرناه، وكان جماعة من السلف يقولون: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم" ولا بأس بهذا، ولكن الاختيار هو الأول.
- حكم التعوذ .
إن التعوذ مستحب وليس بواجب، وهو مستحب لكل قارئ سواء كان في الصلاة أو في غيرها، ويستحب في الصلاة في كل ركعة على الصحيح من الوجهين عند أصحابنا، وعلى الوجه الثاني إنما يستحب في الركعة الأولى، فإن تركه في الأولى أتى به في الثانية، ويستحب التعوذ في التكبيرة الأولى في صلاة الجنازة على أصح الوجهين.

ثانياً : البسملة عند قراءة القرآن
وينبغي أن يحافظ على قراءة "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول كل سورة سوى براءة ،فإن أكثر العلماء قالوا إنها آية حيث تكتب في المصحف.
وقد كتبت في أوائل السور سوى براءة، فإذا قرأها كان متيقنا قراءة الختمة أو السورة،
فإذا أخل بالبسملة كان تاركا لبعض القرآن عند الأكثرين.
مسألة دقيقة:
فإذا كانت القراءة في وظيفة عليها جعل كالأسباع والأجزاء التي عليها أوقاف وأرزاق كان الاعتناء بالبسملة أكثر لتيقن قراءة الختمة، فإنه إذا تركها لم يستحق شيئا من الوقف عند من يقول البسملة آية من أول السورة، وهذه دقيقة نفيسة يتأكد الاعتناء بها وإشاعتها.
المقصد الرابع : هيئة القارئ عن قراءة القرآن
أولاً : استقبال القبلة :
يستحب للقارئ في غير الصلاة أن يستقبل القبلة , وهو يقرأ القرآن , فقد جاء في الحديث: ((خير المجالس ما استقبل به القبلة))،

ثانياً : كيفية الجلوس لقراءة القرآن :
- ويجلس متخشعا بسكينة ووقار مطرقا رأسه , ويكون جلوسه وحده في تحسين أدبه وخضوعه كجلوسه بين يدي معلمه فهذا هو الأكمل ,
- حكم القرءة مستلقياً .
ولو قرأ قائما أو مضطجعا أو في فراشه أو على غير ذلك من الأحوال جاز وله أجر ولكن دون الأول،
الأدلة :
الآيات
قال الله عز وجل: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض}.
الأحاديث :
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ويقرأ القرآن"، رواه البخاري ومسلم، وفي رواية: "يقرأ القرآن ورأسه في حجري".
الآثار عن الصحابة :
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: "إني أقرأ القرآن في صلاتي، وأقرأ على فراشي".
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: "إني لا أقرأ حزبي وأنا مضطجعة على السرير".

ثالثاً : الخشوع والترديد عند تلاوة القرآن .
أولاً : الخشوع عند تلاوة القرآن .
فإذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشوع والتدبر عند القراءة، والدلائل عليه أكثر من أن تحصر،
الأدلة :
الآيات : قال الله عز وجل: {أفلا يتدبرون القرآن}، وقال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}،
والأحاديث فيه كثيرة وأقاويل السلف فيه مشهورة،
الآثار عن السلف :
- وقد بات جماعة من السلف يتلون آية واحدة يتدبرونها ويرددونها إلى الصباح، وقد صعق جماعة من السلف عند القراءة، ومات جماعات حال القراءة.
- وروينا عن بهز بن حكيم، أن زرارة بن أوفى التابعي الجليل رضي الله عنه، أمهم في صلاة الفجر فقرأ حتى بلغ: {فإذا نقر في الناقور * فذلك يومئذ يوم عسير} خر ميتا، قال بهز: وكنت فيمن حمله.
- وكان أحمد بن أبي الحواري رضي الله عنه وهو ريحانة الشام كما قال أبو القاسم الجنيد رحمه الله، إذا قرئ عنده القرآن يصيح ويصعق،
- حكم الخشوع والتدبر أمام الناس :
أنكره أبو الجوزاء وقيس بن جبير وغيرهما.
قلت: والصواب عدم الإنكار إلا على من اعترف أنه يفعله تصنعا، والله أعلم.
وقال السيد الجليل ذو المواهب والمعارف إبراهيم الخواص رضي الله تعالى عنه: "دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين".
ثانياً : ترديد الآية للتدبر
يستحب ترديد الآية للتدبر لأنها تسكن في القلب ويزداد تأثيرها عليه .
الأدلة :
الأحاديث النبوية :
- روينا عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه، قال: "قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح"، والآية: {إن تعذبهم فإنهم عبادك} الآية، رواه النسائي وابن ماجه.
الآثار عن الصحابة :
- وعن تميم الداري رضي الله تعالى عنه، أنه كرر هذه الآية حتى أصبح: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سوآء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}.
- وعن عبادة بن حمزة، قال: دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو، فطال علي ذلك فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو،
- وردد ابن مسعود رضي الله عنه: {رب زدني علما}،
الآثار عن التابعين :
- ردد سعيد بن جبير: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، وردد أيضا: {فسوف يعلمون * إذ الأغلال في أعناقهم} الآية، وردد أيضا: {ما غرك بربك الكريم} .
- وكان الضحاك إذا تلا قوله تعالى: {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل} رددها إلى السحر.

خامساً : تلخيص مقصد الباب السابع
تلخيص مقاصد الباب السابع: في آداب الناس كلهم مع القرآن
المقصد الكلي للباب: آداب عامة في التعامل مع القرآن

تلخيص المقاصد
المقصد الأول: وجوب الاعتقاد بأن القرآن هو الذي بين أيدينا :
الإيمان بالقرآن على أنه المتلو في الأقطار المكتوب في الصحف الذي بأيدي المسلمين مما جمعه الدفتان من أول: {الحمد لله رب العالمين} إلى آخر {قل أعوذ برب الناس} كلام الله ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن جميع ما فيه حق , وقد أجمع المسلمون على ذلك.

المقصد الثاني : وجوب تعظيم القرآن:
أجمع المسلمون على وجوب تعظيم القرآن العزيز على الإطلاق وتنزيهه وصيانته.
وتعظيم القرآن يشمل أبواب

أولاً : الإيمان به جميعه وعدم جحد أي حرف منه أو الإنقاص منه .
أجمعوا على أن من جحد منه حرفا مما أجمع عليه أو زاد حرفا لم يقرأ به أحد أو أنقص منه شيئاً أو بدله عن مكانه مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع فيه الإجماع وأجمع على أنه ليس بقرآن عامدا لكل هذا فهو كافر .
قال الإمام الحافظ أبو الفضل القاضي عياض رحمه الله: اعلم أن من ..... جحد حرفا منه أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته وهو عالم بذلك أو يشك في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين ، وكذلك إذا جحد التوراة والإنجيل أو كتب الله المنزلة أو كفر بها أو سبها أو استخف بها فهو كافر.
قال أبو عثمان بن الحذاء: جميع أهل التوحيد متفقون على أن الجحد بحرف من القرآن كفر.

ثانياً : عدم الاستخفاف به أو الاستهزاء أو السب .
قال الإمام الحافظ أبو الفضل القاضي عياض رحمه الله: اعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف أو بشيء منه أو سبهما , وهو عالم بذلك أو يشك في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين .
وأفتى محمد بن أبي زيد فيمن قال لصبي: لعن الله معلمك وما علمك، قال: أردت سوء الأدب ولم أرد القرآن، قال: يؤدب القائل، قال: وأما من لعن المصحف فإنه يقتل، هذا آخر كلام القاضي عياض رحمه الله.

ثالثاً : حرمة تفسير القرآن بغير علم:
معنى التفسير بالرأي :
إن كان المعنى مما يدرك بالاجتهاد كالمعاني والأحكام الجلية والخفية والعموم والخصوص والإعراب وغير ذلك , فهذا هو مجال التفسير بالرأي , وإن كان مما لا يدرك بالاجتهاد كالأمور التي طريقها النقل وتفسير الألفاظ اللغوية فلا يجوز الكلام فيه إلا بنقل صحيح من جهة المعتمدين من أهله .
حكمه :
ويحرم تفسيره بغير علم، والكلام في معانيه لمن ليس من أهلها، والأحاديث في ذلك كثيرة والإجماع منعقد عليه، وأما تفسيره للعلماء فجائز حسن والإجماع منعقد عليه ، وأما من كان ليس من أهله لكونه غير جامع لأدواته فحرام عليه التفسير، لكن له أن ينقل التفسير عن المعتمدين من أهله.
أقسام المفسرين برأيهم :
المفسرون برأيهم من غير دليل صحيح أقسام:
1-منهم من يحتج به لتصحيح مذهبه وتقوية خاطره مع أنه لا يغلب على ظنه أن ذلك هو المراد بالآية وإنما يقصد الظهور على خصمه .
2-منهم من يقصد الدعاء إلى خير ويحتج بآية من غير أن تظهر له دلالة لما قاله .
3-منهم من يفسر ألفاظه العربية من غير وقوف على معانيها عند أهلها وهي مما لا يؤخذ إلا بالسماع من أهل العربية وأهل التفسير كبيان معنى اللفظ وإعرابها وما فيها من الحذف والاختصار والإضمار وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر.
ولا يكفي مع ذلك معرفة العربية وحدها بل لا بد معها من معرفة ما قاله أهل التفسير فيها، فقد يكونون مجتمعين على ترك الظاهر أو على إرادة الخصوص أو الإضمار وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر، وكما إذا كان اللفظ مشتركا في معان فعلم في موضع أن المراد أحد المعاني ثم فسر كل ما جاء به .

المقصد الثالث : وجوب النصيحة للقرآن:
ثبت في صحيح مسلم رضي الله عنه، عن تميم الداري رضي الله عنه، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة))،قلنا: لمن؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
تتحقق النصيحة لكتاب الله عبر المقاصد التالية:
1-الإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله لا يشبهه شيء من كلام الخلق ولا يقدر على مثله الخلق بأسرهم.
2-التصديق بما فيه والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه وأمثاله والاعتناء بمواعظه والتفكر في عجائبه .
3-تعظيمه وتلاوته حق تلاوته وتحسينها والخشوع عندها وإقامة حروفه في التلاوة .
4-العمل بمحكمه والتسليم بمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه .
5-نشر علومه والدعاء إليه وإلى ما ذكرناه من نصيحته.
6-الذب عنه لتأويل المحرفين وتعرض الطاغين .

المقصد الرابع : حرمة المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق:
معنى المراء في القرآن :
1- قال الخطابي: المراد بالمراء الشك , وقيل: الجدال المشكك فيه .
2- وقيل: وهو الجدال الذي يفعله أهل الأهواء في آيات القدر ونحوها , فمن ذلك أن يظهر فيه دلالة الآية على شيء يخالف مذهبه ويحتمل احتمالا ضعيفا موافقة مذهبه فيحملها على مذهبه، ويناظر على ذلك مع ظهورها في خلاف ما يقول، وأما من لا يظهر له ذلك فهو معذور .
حكمه :
يحرم المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المراء في القرآن كفر)) ,

المقصد الخامس : آداب متعلقة بالقرآن :
أولاً : السؤال عن حكمة ترتيب الآيات والسور .
ينبغي لمن أراد السؤال عن تقديم آية على آية في المصحف أو مناسبة هذه الآية في هذا الموضع ونحو ذلك أن يقول: ما الحكمة في كذا؟

ثانياً : كراهة قول نسيت آية كذا :
يكره أن يقول: نسيت آية كذا، بل يقول: أنسيتها أو أسقطتها.
فقد ثبت في الصحيحين، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقول أحدكم: نسيت آية كذا وكذا، بل هو شيء نسي))، وفي رواية في الصحيحين أيضا: ((بئسما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)).
وثبت في الصحيحين أيضا، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ فقال: ((رحمه الله، لقد ذكرني آية كنت أسقطتها))، وفي رواية في الصحيح: ((كنت أنسيتها)).
وأما ما رواه ابن أبي داود، عن أبي عبد الرحمن السلمي التابعي الجليل، أنه قال: "لا تقل: أسقطت آية كذا، قل: أغفلت"، فهو خلاف ما ثبت في الحديث الصحيح، فالاعتماد على الحديث، وهو جواز (أسقطت) وعدم الكراهة فيه أولى.

المقصد السادس : أسماء السور :
معنى السورة :
السورة في اللغة : لغتان، الهمز وتركه، والترك أفصح، وهو الذي جاء به القرآن، وممن ذكر اللغتين ابن قتيبة في غريب الحديث.
المصطلح : هي الطائفة من الآيات المترجمة والمجموعة بين بداية ونهاية .

والعلماء في تسمية السورة على قولين :
الأول : تسمية السورة ببعض القصص التي ورد فيها :
يجوز أن يقال: سورة البقرة وسورة آل عمران وسورة النساء وسورة المائدة وسورة الأنعام وكذا الباقي، لا كراهة في ذلك، وكره بعض المتقدمين هذا .
الثاني : أن يقول السورة التي وردت فيها القصة كذا :
يقال: السورة التي يذكر فيها البقرة، والسورة التي يذكر فيها آل عمران، والسورة التي يذكر فيها النساء، وكذا البواقي،

الترجيح :
والصواب الأول، فقد ثبت في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: ((سورة البقرة)) و((سورة الكهف))، وغيرهما مما لا يحصى، وكذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
قال ابن مسعود: "هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة"، وعنه، في الصحيحين: "قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النساء"، والأحاديث وأقوال السلف في هذا أكثر من أن تحصر.


المقصد السابع : أسماء القراءات :
تسمية القراءات على قولين :
الأول : تسمية السورة باسم قارئها المشهور بها :
يجوز أن نقول : هذه قراءة أبي عمرو أو قراءة نافع أو حمزة أو الكسائي أو غيرهم،
الثاني : عدم تسمية السورة باسم قارئها :
روى ابن أبي داود، عن إبراهيم النخعي، أنه قال: "كانوا يكرهون أن يقال: سنة فلان وقراءة فلان" .

الترجيح :القول الأول هو الراجح وهو القول المختار، الذي عليه السلف والخلف من غير إنكار .

المقصد الثامن : أحكام متعلقة بالكافر مع القرآن:
- جواز سماع الكافر للقرآن وامتناع مسه للمصحف:
لا يمنع الكافر من سماع القرآن لقول الله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}، ويمتنع من مس المصحف
- حكم تعليم القرآن للكافر:
هل يجوز تعليمه القرآن؟ قال أصحابنا: إن كان لا يرجى إسلامه لم يجز تعليمه، وإن رجي إسلامه ففيه وجهان:
أصحهما: يجوز رجاء إسلامه.
والثاني: لا يجوز، كما لا يجوز بيع المصحف منه وإن رجي إسلامه،
وأما إذا رأيناه يتعلم فهل يمنع؟ فيه وجهان.

المقصد التاسع : حكم كتابة القرآن في إناء ونحوه:
الأول : حكم كتابة القرآن في الإناء :
اختلف العلماء في كتابة القرآن في إناء ثم يغسل ويسقى المريض
فقال الحسن ومجاهد وأبو قلابة والأوزاعي: لا بأس به، وكرهه النخعي.
قال القاضي حسين والبغوي وغيرهما من أصحابنا: ولو كتب القرآن على الحلوى وغيرها من الأطعمة فلا بأس بأكلها، قال القاضي: ولو كان خشبة كره إحراقها.

ثانياً : نقش الحيطان والثياب ونحوه بالقران:
مذهبنا: أنه يكره نقش الحيطان والثياب بالقرآن وبأسماء الله تعالى، قال عطاء: لا بأس بكتب القرآن في قبلة المسجد .
ثالثاً : كتابة القرآن على الخروز :
وأما كتابة الحروز من القرآن؛ فقال مالك: لا بأس به إذا كان في قصبة أو جلد وخرز عليه، وقال بعض أصحابنا: إذا كتب في الخرز قرآنا مع غيره فليس بحرام، ولكن الأولى تركه، لكونه يحمل في حال الحدث، وإذا كتب يصان بما قاله الإمام مالك رحمه الله، وبهذا أفتى الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله.

المقصد العاشر: النفث مع القرآن للرقية:
معنى النفث : قال أهل اللغة: النفث: نفخ لطيف بلا ريق .
معنى الرقية : هي قراءة شيء من القرآن والأحاديث والأدعية على المريض ونحوه رجاء شفائه وبرئه .
حكمه على قولين :
الأول : عدم الجواز , فقد روى ابن أبي داود، عن أبي جحيفة الصحابي رضي الله عنه وعن الحسن البصري وإبراهيم النخعي أنهم كرهوا ذلك،
الثاني :أن ذلك غير مكروه بل هو سنة مستحبة، وهو القول المختار .
الأدلة :
- فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها، (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما {قل هو الله أحد} و{قل أعوذ برب الفلق}و{قل أعوذ برب الناس}، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات)رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
- وفي روايات في الصحيحين زيادة على هذا، ففي بعضها قالت عائشة رضي الله عنها: (فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به) ، وفي بعضها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات).
- قالت عائشة رضي الله عنها: (فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها)، وفي بعضها: (كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث).

سادساً : تلخيص مقصد الباب التاسع
المقصد الكلي للباب إكرام المصحف وتعظيم كتابته
المقصد الأول : جمع القرآن :
أولاً : جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم :
اعلم أن القرآن العزيز كان مؤلفا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- على ما هو في المصاحف اليوم، ولكن لم يكن مجموعا في مصحف بل كان محفوظا في صدور الرجال، فكان طوائف من الصحابة يحفظونه كله، وطوائف يحفظون أبعاضا منه، وإنما لم يجعله النبي -صلى الله عليه وسلم- في مصحف واحد لما كان يتوقع من زيادته ونسخ بعض المتلو، ولم يزل ذلك التوقع إلى وفاته صلى الله عليه وسلم
ثانياً : جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه :
كان زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقتل كثير من حملة القرآن خاف موتهم واختلاف من بعدهم فيه، فاستشار الصحابة -رضي الله عنهم- في جمعه في مصحف فأشاروا بذلك، فكتبه في مصحف وجعله في بيت حفصة أم المؤمنين -رضي الله عنها-،
ثالثاً : جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه :
فلما كان في زمن عثمان -رضي الله عنه- وانتشر الإسلام خاف عثمان وقوع الاختلاف المؤدي إلى ترك شيء من القرآن أو الزيادة فيه، فنسخ من ذلك المجموع الذي عند حفصة الذي أجمعت الصحابة عليه مصاحف وبعث بها إلى البلدان وأمر بإتلاف ما خالفها، وكان فعله هذا باتفاق منه ومن علي بن أبي طالب وسائر الصحابة وغيرهم رضي الله عنهم .
عدد المصاحف التي نسخها عثمان ووزعها .
على أقوال
الأول : ؛ فقال الإمام أبو عمرو الداني: أكثر العلماء على أن عثمان كتب أربع نسخ؛ فبعث إلى البصرة إحداهن، وإلى الكوفة أخرى، وإلى الشام أخرى، وحبس عنده أخرى.
الثاني : وقال أبو حاتم السجستاني: كتب عثمان سبعة مصاحف؛ بعث واحدا إلى مكة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وآخر إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وحبس بالمدينة واحدا،


المقصد الثاني : تحسين خط المصحف :
أولاً : تحسين الخط
اتفق العلماء على استحباب كتابة المصاحف وتحسين كتابتها وتبيينها وإيضاحها وتحقق الخط دون مشقة وتعليقه.
ثانياً : تنقيط المصحف وشكله :
العلماء فيه على أقوال
الأول :كرهه الشعبي والنخعي النقط فإنما كرهاه في ذلك الزمان خوفا من التغيير فيه .
الثاني : يستحب نقط المصحف وشكله،

الترجيح :
القول الثاني باستحباب النقط والتشكيل , فإنه صيانة من اللحن فيه وتصحيفه، وأما كراهة الشعبي والنخعي النقط فإنما كرهاه في ذلك الزمان خوفا من التغيير فيه وقد أمن ذلك اليوم فلا منع، ولا يمتنع من ذلك لكونه محدثا فإنه من المحدثات الحسنة، فلم يمنع منه كنظائره مثل تصنيف العلم وبناء المدارس والرباطات وغير ذلك، والله أعلم.

المقصد الثالث : تعظيم المصحف بإكرامه بالمادة التي يكتب بها .
لا تجوز كتابة القرآن بشيء نجس، وتكره كتابته على الجدران عندنا، وفيه مذهب عطاء الذي قدمناه، وقد قدمنا أنه إذا كتب على الأطعمة فلا بأس بأكلها، وأنه إذا كتب على خشبة كره إحراقها.

المقصد الرابع : صيانة المصحف واحترامه .
أولاً : القيام للمصحف :
ويستحب أن يقوم للمصحف إذا قدم به عليه، لأن القيام مستحب للفضلاء من العلماء والأخيار فالمصحف أولى، وقد قررت دلائل استحباب القيام في الجزء الذي جمعته فيه.
وروينا في مسند الدارمي بإسناد صحيح، عن ابن أبي مليكة، أن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه كان يضع المصحف على وجهه، ويقول: (كتاب ربي، كتاب ربي).
ثانياً :توسد المصحف :
ويحرم توسده، بل توسد آحاد كتب العلم حرام.
ثالثاً : إلقاؤه في القاذورات والعياذ بالله
أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه، قال أصحابنا وغيرهم: ولو ألقاه مسلم في القاذورة والعياذ بالله تعالى صار الملقي كافرا،

المقصد الخامس : السفر بالمصحف إلى أرض العدو :
تحرم المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو إذا خيف وقوعه في أيديهم، للحديث المشهور في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى ارض العدو.

المقصد السادس : بيع المصحف لغير المسلم :
ويحرم بيع المصحف من الذمي، فإن باعه ففي صحة البيع قولان للشافعي:
أصحهما: لا يصح،
والثاني: يصح، ويؤمر في الحال بإزالة ملكه عنه،

المقصد السابع : حكم مس المصحف ممن هو غير أهل له :

الأول : الصبي الذي لا يميز والمجنون :
ويمنع المجنون والصبي الذي لا يميز من مس المصحف مخافة من انتهاك حرمته، وهذا المنع واجب على الولي وغيره ممن رآه يتعرض لحمله .
هل يجب على الولي والمعلم تكليف الصبي المميز الطهارة لحمل المصحف واللوح اللذين يقرأ فيهما؟
فيه وجهان مشهوران، أصحهما عند الأصحاب: لا يجب للمشقة.

الثاني : المحدث :
يحرم على المحدث مس المصحف وحمله، سواء حمله بعلاقته أو بغيرها، سواء مس نفس الكتابة أو الحواشي أو الجلد، ويحرم مس الخريطة والغلاف والصندوق إذا كان فيهن المصحف، هذا هو المذهب المختار، وقيل: لا تحرم هذه الثلاثة، وهو ضعيف،
ولو كتب القرآن في لوح فحكمه حكم المصحف سواء قل المكتوب أو كثر، حتى لو كان بعض آية كتب للدراسة حرم مس اللوح.

الثالث : مس المصحف للممنوع منه بحائل :
إذا تصفح المحدث أو الجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود أو شبهه ففي جوازه وجهان لأصحابنا:
أظهرهما: جوازه، وبه قطع العراقيون من أصحابنا، لأنه غير ماس ولا حامل،
والثاني: تحريمه، لأنه يعد حاملا للورقة والورقة كالجميع،
وأما إذا لف كمه على يده وقلب الورقة فحرام بلا خلاف، وغلط بعض أصحابنا فحكى فيه وجهين، والصواب القطع بالتحريم، لأن القلب يقع باليد لا بالكم.

الرابع: كتابة المصحف للممنوع منه بحائل :
إذا كتب الجنب أو المحدث مصحكان يحمل الورقة أو جسها حال الكتابة فحرام،
وإن لم يحملها ولم يمسها ففيه ثلاثة أوجه:
الصحيح: جوازه، والثاني: تحريمه، والثالث: يجوز للمحدث، ويحرم على الجنب.

الخامس : مس المصحف لمن في بدنه نجاسة :
إذا كان في موضع من بدن المتطهر نجاسة غير معفو عنها حرم عليه مس المصحف بموضع النجاسة بلا خلاف، ولا يحرم بغيره على المذهب الصحيح المشهور
، وقال أبو القاسم الصيمري من أصحابنا: يحرم، وغلطه أصحابنا في هذا، قال القاضي أبو الطيب: هذا الذي قاله مردود بالإجماع .

المقصد الثامن : أحكام تتعلق بمس القرآن عند مشاركة غير القرآن معه في كتب وثياب ونحوها :

أولاً : إذا كان غير القرآن زائد على القرآن .
المذهب الصحيح بالجواز . فإذا مس المحدث أو الجنب أو الحائض أو حمل كتابا من كتب الفقه أو غيره من العلوم وفيه آيات من القرآن أو ثوبا مطرزا بالقرآن أو دراهم أو دنانير منقوشة به أو حمل متاعا في جملته مصحف أو لمس الجدار أو الحلوى أو الخبز المنقوش به فالمذهب الصحيح جواز هذا كله، لأنه ليس بمصحف، وفيه وجه أنه حرام.
وقال أقضى القضاة أبو حسن الماوردي في كتابه الحاوي: يجوز مس الثياب المطرزة بالقرآن،
وأما كتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن لم يكن فيها آيات من القرآن لم يحرم مسها، والأولى أن لا تمس إلا على طهارة، وإن كان فيها آيات من القرآن لم يحرم على المذهب، وفيه وجه أنه يحرم .

ثانياً : إذا كان القرآن زائد على غيره .
وأما كتب تفسير القرآن؛ فإن كان القرآن فيها أكثر من غيره حرم مسها وحملها، وإن كان غيره أكثر كما هو الغالب ففيها ثلاثة أوجه:
أصحها: لا يحرم.
والثاني: يحرم.
والثالث: إن كان القرآن بخط متميز بغلظ أو حمرة أو غيرها حرم، وإن لم يتميز لم يحرم.
قلت: ويحرم المس إذا استويا.
قال صاحب التتمة من أصحابنا: وإذا قلنا لا يحرم فهو مكروه،
وهو الذي في كتب الفقه.

ثالثاً : مس المنسوخ تلاوته :
وأما المنسوخ تلاوته كـ"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" وغير ذلك، فلا يحرم مسه ولا حمله .

رابعاً : حكم لبس الثياب المطرزة بالقرآن
ولا يجوز لبسها بلا خلاف، لأن المقصود بلبسها التبرك بالقرآن، وهذا الذي ذكره أو قاله ضعيف لم يوافقه أحد عليه فيما رأيته، بل صرح الشيخ أبو محمد الجويني وغيره بجواز لبسها، وهذا هو الصواب، والله أعلم.

المقصد التاسع : التيمم لمس المصحف :
من لم يجد ماء فتيمم حيث يجوز التيمم له مس المصحف، سواء كان تيممه للصلاة أو لغيرها مما يجوز التيمم له.
وأما من لم يجد ماء ولا ترابا فإنه يصلي على حسب حاله، ولا يجوز له مس المصحف لأنه محدث جوزنا له الصلاة للضرورة، ولو كان معه مصحف ولم يجد من يودعه عنده وعجز عن الوضوء جاز له حمله للضرورة، قال القاضي أبو الطيب: ولا يلزمه التيمم، وفيما قاله نظر، وينبغي أن يلزمه التيمم، أما إذا خاف على المصحف من حرق أو غرق أو وقوع في نجاسة أو حصوله في يد كافر فإنه يأخذه ولو كان محدثا للضرورة.

المقصد العاشر : بيع المصحف وشراؤه :
الأول الجواز :
يصح بيع المصحف وشراؤه،قاله الحسن البصري وعكرمة والحكم بن عيينة وهو مروي عن ابن عباس،
الثاني يكره بيعه وشراؤه :
وكرهت طائفة من العلماء بيعه وشراؤه، وحكاه ابن المنذر عن علقمة وابن سيرين والنخعي وشريح ومسروق وعبد الله بن يزيد , وروي عن ابن عمر وأبي موسى الأشعري التغليظ في بيعه.
الثالث : الكراهة في البيع دون الشراء :
ولا كراهة في شرائه وفي كراهة بيعه وجهان لأصحابنا، أصحهما وهو نص الشافعي: أنه يكره، حكاه ابن المنذر عن ابن عباس وسعيد بن جبير وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه رضي الله عنهم أجمعين .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 شعبان 1436هـ/21-05-2015م, 05:33 PM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي الطالب ماهر غازي القسي تلخيص المقصد الثالث من مقدمة ابن كثير ( عرض لتاريخ جمع القرآن وكتابة المصاحف )

الباب الأول : معارضة جبريل القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم
- المراد بالمعارضة :
- غرض المعارضة :
- تخصيص رمضان بالمعارضة :
- المقصد من المعارضة مرتين في الرمضان الأخير :

الباب الثاني : القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن من أربعة :
- حديث أنس رضي الله عنه في اختصاص من حفظ القرآن من الصحابة والرد عليه :
- علم عبد الله ابن مسعود في القرآن :
- علم عبد الله ابن عباس في القرآن :
- علم عبد الله ابن عمرو في القرآن :
- علم أبي بن كعب في القرآن :

الباب الثالث : جمع القرآن قبل خلافة عثمان رضي الله عنه .
- سبب جمع القرآن في عهد أبي بكر .
- أعظم الناس أجراً في القرآن أبو بكر .
- فضل زيد بن ثابت في القرآن :
- طريقة جمع القرآن :
- عند من كانت الصحف بعد جمعها :

الباب الرابع : جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن :
- سبب جمع عثمان للقرآن :
- جمع عثمان كان على العرضة الأخيرة :
- طريقة الجمع :
أولاً : من أمر عثمان من الصحابة بالجمع والنسخ :
ثانياً : اللسان المعتمد في النسخ :
ثالثاً : توزيع النسخ على الأمصار :
رابعاً : تحريق أي نسخة من القرآن غير مصحف عثمان :
- فضل عمثان بما فعله في سنخ القرآن .
- رأي عبد الله ابن مسعود في فعل عثمان
- المصحف العثماني :
- طريقة كتابة المصحف وتطورها :
أولاً : قلة الكتاب والكتابة في عهد الصحابة :
ثانياً : طريقة الكتابة :

الباب الخامس : تأليف القرآن وترتيبه :
أولاً : الحكمة في ترتيب النزول :
ثانياً : ترتيب الآيات و السور في مصحف عثمان :
ثالثاً : ترتيب مصاحف قراء الصحابة :
رابعاً : تحزيب القرآن :

الباب السادس : نقط المصحف وتشكيله :
- أول من أمر به :
- تعشير المصحف :
- معلومات عامة عن كتابة المصحف :
- حكم كتابة بعض الرموز على المصحف :





الباب الأول : معارضة جبريل القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم
- المراد بالمعارضة : والمراد من معارضته له بالقرآن كل سنة: مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله تعالى .
- غرض المعارضة : ليبقى ما بقي، ويذهب ما نسخ توكيدا، أو استثباتا وحفظا .
- تخصيص رمضان بالمعارضة : وخص بذلك رمضان من بين الشهور؛ لأن ابتداء الإيحاء كان فيه؛ ولهذا يستحب دراسة القرآن وتكراره فيه، ومن ثم كثر اجتهاد الأئمة فيه في تلاوة القرآن .
- المقصد من المعارضة مرتين في الرمضان الأخير : ولهذا عرضه في السنة الأخيرة من عمره، عليه السلام اقتراب أجله، على جبريل مرتين، وعارضه به جبريل كذلك؛ ولهذا فهم، عليه السلام، اقتراب أجله , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته لما مرض: ((وما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلي)). أخرجاه في الصحيحين.

الباب الثاني : القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن من أربعة :
أخرج البخاري عن مسروق: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب))، رضي الله عنهم.
فهؤلاء الأربعة اثنان من المهاجرين الأولين عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وقد كان سالم هذا من سادات المسلمين وكان يؤم الناس قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، واثنان من الأنصار معاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وهما سيدان كبيران، رضي الله عنهم أجمعين.
- حديث أنس رضي الله عنه في اختصاص من حفظ القرآن من الصحابة والرد عليه :
روى البخاري عن ثابت البناني وثمامة عن أنس بن مالك قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قال: ونحن ورثناه.
- الإجابة على هذا الحديث
فهذا الحديث ظاهره أنه لم يجمع القرآن من الصحابة سوى هؤلاء الأربعة فقط، وليس هذا هكذا، بل الذي لا شك فيه أنه جمعه غير واحد من المهاجرين أيضا، ولعل مراده:
يحتمل أنه لم يأخذه تلقيا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هؤلاء الأربعة، وأن بعضهم تلقى بعضه عن بعض
ويحتمل أنه لم يجمع القرآن من الأنصار؛ ولهذا ذكر الأربعة من الأنصار، وهم أبي بن كعب في الرواية الأولى المتفق عليها وفي الثانية من أفراد البخاري: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، وكلهم مشهورون إلا أبا زيد هذا .
- التحقيق في اسم الصحابي المراد من حديث أنس ( أبو زيد )
الأول : قيس بن السكن من بني النجار , قاله الواقدي , وقال موسى بن عقبة عن الزهري: قتل أبو زيد قيس بن السكن يوم جسر أبي عبيدة على رأس خمس عشرة سنة من الهجرة .
الثاني : سعد بن عبيد بن النعمان بن قيس بن عمرو بن زيد بن أمية من الأوس , قاله ابن نمير.
الثالث : هما اثنان جمعا القرآن، حكاه أبو عمر بن عبد البر، وهذا بعيد .
الراجح : وقول الواقدي أصح لأنه خزرجي؛
- لأن أنسا قال: ونحن ورثناه، وهم من الخزرج،
- وفي بعض ألفاظه وكان أحد عمومتي.
- وقال قتادة عن أنس قال: افتخر الحيان الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة حنظلة بن أبي عامر، ومنا الذي حمته الدبر عاصم بن ثابت، ومنا الذي اهتز لموته العرش سعد بن معاذ، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت , فقالت الخزرج: منا أربعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد.

والدليل على أن من المهاجرين من جمع القرآن :
- الصديق، رضي الله عنه، قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه إماما على المهاجرين والأنصار، مع أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) فلولا أنه كان أقرؤهم لكتاب الله لما قدمه عليهم. هذا مضمون ما قرره الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، وهذا التقرير لا يدفع ولا يشك فيه، وقد جمع الحافظ ابن السمعاني في ذلك جزءا، وقد بسطت تقرير ذلك في كتاب مسند الشيخين، رضي الله عنهما.
- ومنهم عثمان بن عفان وقد قرأه في ركعة -كما سنذكره-
- وعلي بن أبي طالب يقال: إنه جمعه على ترتيب ما أنزل، وقد قدمنا هذا.
- ومنهم عبد الله بن مسعود، وقد تقدم عنه أنه قال: ما من آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت؟ وفيم نزلت؟ ولو علمت أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه المطي لذهبت إليه.
- ومنهم سالم مولى أبي حذيفة، كان من السادات النجباء والأئمة الأتقياء وقد قتل يوم اليمامة شهيدا.
- ومنهم الحبر البحر عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرآن،

- علم عبد الله ابن مسعود في القرآن :
أخرج البخاري عن شقيق بن سلمة قال: خطبنا عبد الله فقال: والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم. قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك.
- تبرير قول ابن مسعود عن نفسه
1- هذا كله حق وصدق، وهو من إخبار الرجل بما يعلم عن نفسه مما قد يجهله غيره، فيجوز ذلك للحاجة، كما قال تعالى إخبارا عن يوسف لما قال لصاحب مصر: {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} [يوسف: 55]،
2- ويكفيه مدحا وثناء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استقرئوا القرآن من أربعة))، فبدأ به.
3- وقال أبو عبيد: عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)). وهكذا رواه الإمام أحمد

- علم عبد الله ابن عباس في القرآن :
عن مجاهد أنه قال: قرأت القرآن على ابن عباس مرتين، أقفه عند كل آية وأسأله عنها.

- علم عبد الله ابن عمرو في القرآن :
روى النسائي وابن ماجة عن يحيى بن حكيم بن صفوان، عن عبد الله بن عمرو قال: جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرأه في شهر)).

- علم أبي بن كعب في القرآن :
روى البخاري عن ابن عباس قال: قال عمر: علي أقضانا، وأبي أقرأنا، وإنا لندع من لحن أبي، وأبي يقول: أخذته من في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أتركه لشيء قال الله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} [البقرة: 106].
وهذا يدل على أن الرجل الكبير قد يقول الشيء يظنه صوابا وهو خطأ في نفس الأمر؛ ولهذا قال الإمام مالك: ما من أحد إلا يؤخذ من قوله ويرد إلا قول صاحب هذا القبر، أي: فكله مقبول، صلوات الله وسلامه عليه.

الباب الثالث : جمع القرآن قبل خلافة عثمان رضي الله عنه .
- سبب جمع القرآن في عهد أبي بكر

روى البخاري : أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان علي أثقل مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز} [التوبة: 128] حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر،

- أعظم الناس أجراً في القرآن أبو بكر .
* وهذا من أحسن وأجل وأعظم ما فعله الصديق، رضي الله عنه، فإنه أقامه الله بعد النبي صلى الله عليه وسلم مقاما لا ينبغي لأحد بعده، قاتل الأعداء من مانعي الزكاة، والمرتدين، والفرس والروم، ونفذ الجيوش، وبعث البعوث والسرايا، ورد الأمر إلى نصابه بعد الخوف من تفرقه وذهابه، وجمع القرآن العظيم من أماكنه المتفرقة حتى تمكن القارئ من حفظه كله، وكان هذا من سر قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9] فجمع الصديق الخير وكف الشرور، رضي الله عنه وأرضاه.
* ولهذا روي غير واحد من الأئمة منهم وكيع وابن مهدي وقبيصة عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير عن عبد خير، عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه قال: أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر، إن أبا بكر كان أول من جمع القرآن بين اللوحين. هذا إسناده صحيح.
* فكان الذي فعله الشيخان أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، من أكبر المصالح الدينية وأعظمها، من حفظهما كتاب الله في الصحف؛ لئلا يذهب منه شيء بموت من تلقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

- فضل زيد بن ثابت في القرآن :
وهذا المقام من أعظم فضائل زيد بن ثابت الأنصاري؛ ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد، حدثنا يزيد، حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن؛ أن عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل: كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة، فقال: إنا لله، فأمر بالقرآن فجمع فكان أول من جمعه في المصحف.
هذا منقطع، فإن الحسن لم يدرك عمر، ومعناه: أنه أشار بجمعه فجمع؛ ولهذا كان مهيمنا على حفظه وجمعه

- طريقة جمع القرآن :
* لما استحر القتل بالقراء يومئذ فرق أبو بكر، رضي الله عنه، أن يضيع، فقال لعمر بن الخطاب ولزيد بن ثابت: فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه. منقطع حسن.
* ولهذا قال زيد بن ثابت: وجدت آخر سورة التوبة، يعني قوله تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين [التوبة: 128، 129]، مع أبي خزيمة الأنصاري، وفي رواية: مع خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين لم أجدها مع غيره فكتبوها عنه لأنه جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين في قصة الفرس التي ابتاعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأعرابي، فأنكر الأعرابي البيع، فشهد خزيمة هذا بتصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمضى شهادته وقبض الفرس من الأعرابي. والحديث رواه أهل السنن وهو مشهور،
* وأما قول زيد بن ثابت: "فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال" وفي رواية: "من العسب والرقاع والأضلاع، وفي رواية: "من الأكتاف والأقتاب وصدور الرجال".
أما العسب فجمع عسيب. قال أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري: وهو من السعف فويق الكرب لم ينبت عليه الخوص، وما نبت عليه الخوص فهو السعف.
واللخاف: جمع لخفة وهي القطعة من الحجارة مستدقة، كانوا يكتبون عليها وعلى العسب وغير ذلك، مما يمكنهم الكتابة عليه بما يناسب ما يسمعونه من القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنهم من لم يكن يحسن الكتابة أو يثق بحفظه، فكان يحفظه،
* فتلقاه زيد بن ثابت من هذا من عسيبه، ومن هذا من لخافه، ومن صدر هذا، أي من حفظه،
* قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، التمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} [الأحزاب: 23]، فألحقناها في سورتها في المصحف.
* كانوا أحرص شيء على أداء الأمانات وهذا من أعظم الأمانة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أودعهم ذلك ليبلغوه إلى من بعده كما قال الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} [المائدة: 67]، ففعل، صلوات الله وسلامه عليه، ما أمر به؛ ولهذا سألهم في حجة الوداع يوم عرفة على رؤوس الأشهاد، والصحابة أوفر ما كانوا مجتمعين، فقال: ((إنكم مسؤولون عني فما أنتم قائلون؟)). فقالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فجعل يشير بأصبعه إلى السماء، وينكبها عليهم ويقول: ((اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد)). رواه مسلم عن جابر.
* وقد أمر أمته أن يبلغ الشاهد الغائب وقال: ((بلغوا عني ولو آية)) يعني: ولو لم يكن مع أحدكم سوى آية واحدة فليؤدها إلى من وراءه، فبلغوا عنه ما أمرهم به،
* فأدوا القرآن قرآنا، والسنة سنة، لم يلبسوا هذا بهذا؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ((من كتب عني سوى القرآن فليمحه)) أي: لئلا يختلط بالقرآن، وليس معناه: ألا يحفظوا السنة ويرووها، والله أعلم.
* فلهذا نعلم بالضرورة أنه لم يبق من القرآن مما أداه الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم إلا وقد بلغوه إلينا،

- عند من كانت الصحف بعد جمعها :
* ثم كانت تلك الصحف عند الصديق أيام حياته،
* ثم أخذها عمر بعده فكانت عنده محروسة معظمة مكرمة،
* فلما مات كانت عند حفصة أم المؤمنين، لأنها كانت وصيته من أولاده على أوقافه وتركته وكانت عند أم المؤمنين رضي الله عنها،
* حتى أخذها بعد وفاتها من عبد الله ابن عمر عبد الملك بن مروان فأحرقها متأولاً ما تأوله عثمان رضي الله عنه .
قال أبو بكر بن أبي زيد : عن سالم بن عبد الله: أن مروان كان يرسل إلى حفصة يسألها الصحف التي كتب منها القرآن، فتأبى حفصة أن تعطيه إياها. قال سالم: فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها أرسل مروان بالعزيمة إلى عبد الله بن عمر ليرسلن إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر فأمر بها مروان فشققت، وقال مروان: إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالمصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب أو يقول: إنه قد كان شيء منها لم يكتب. إسناده صحيح.

الباب الرابع : جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن :
- سبب جمع عثمان للقرآن :

روى البخاري : أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى.
وذلك أن اليهود والنصارى مختلفون فيما بأيديهم من الكتب، فاليهود بأيديهم نسخة من التوراة، والسامرة يخالفونهم في ألفاظ كثيرة ومعان أيضا، وليس في توراة السامرة حرف الهمزة ولا حرف الياء، والنصارى -أيضا- بأيديهم توراة يسمونها العتيقة وهي مخالفة لنسختي اليهود والسامرة، وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى فأربعة: إنجيل مرقس، وإنجيل لوقا، وإنجيل متى، وإنجيل يوحنا، وهي مختلفة -أيضا- اختلافا كثيرا، وهذه الأناجيل الأربعة كل منها لطيف الحجم منها ما هو قريب من أربع عشرة ورقة بخط متوسط، ومنها ما هو أكبر من ذلك إما بالنصف أو بالضعف، ومضمونها سيرة عيسى وأيامه وأحكامه وكلامه وفيه شيء قليل مما يدعون أنه كلام الله، وهي مع هذا مختلفة، كما قلنا، وكذلك التوراة مع ما فيها من التحريف والتبديل، ثم هما منسوخان بعد ذلك بهذه الشريعة المحمدية المطهرة.

- جمع عثمان كان على العرضة الأخيرة :
جمع قراءات الناس على مصحف واحد ووضعه على العرضة الأخيرة التي عارض بها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان من عمره .
قال أبو بكر بن أبي داوود : عن كثير بن أفلح قال: لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف جمع له اثني عشر رجلا من قريش والأنصار، فيهم أبي بن كعب وزيد بن ثابت، قال: فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر فجيء بها، قال: وكان عثمان يتعاهدهم، وكانوا إذا تدارؤوا في شيء أخروه. قال محمد: فقلت لكثير -وكان فيهم فيمن يكتب- : هل تدرون لم كانوا يؤخرونه؟ قال: لا. قال محمد: فظننت ظنا إنما كانوا يؤخرونها لينظروا أحدثهم عهدا بالعرضة الأخيرة فيكتبونها على قوله. صحيح أيضا.

- طريقة الجمع :
أولاً : من أمر عثمان من الصحابة بالجمع والنسخ :

أرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك , فأمر :
* زيد بن ثابت الأنصاري، أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
* عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا .
* سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، وكان كريما جوادا ممدحا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم .
* عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي .

ثانياً : اللسان المعتمد في النسخ :
وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم. ففعلوا، كما اختلفوا في التابوت أيكتبونه بالتاء أو الهاء، فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت فترافعوا إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم.

ثالثاً : توزيع النسخ على الأمصار :
* أمر عثمان بالنسخ أن توزع على الأمصار الرئيسية في العالم الإسلامي آنذاك .
* وكان التوزيع كالتالي : مصحفا إلى أهل مكة، ومصحفا إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وترك عند أهل المدينة مصحفا، رواه أبو بكر بن أبي داود عن أبي حاتم السجستاني، سمعه يقوله. وصحح القرطبي أنه إنما نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف. وهذا غريب .

رابعاً : تحريق أي نسخة من القرآن غير مصحف عثمان :
وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق , إلا مصحف حفصة , فلما جمعها عثمان، رضي الله عنه، في المصحف، ردها إليها، ولم يحرقها في جملة ما حرقه مما سواها، لأنها هي بعينها الذي كتبه، وإنما رتبه، ثم إنه كان قد عاهدها على أن يردها إليها، فما زالت عندها حتى ماتت، ثم أخذها مروان بن الحكم فحرقها وتأول في ذلك ما تأول عثمان، كما رواه أبو بكر بن أبي داود.

- فضل عمثان بما فعله في نسخ القرآن .
* هذا من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فإن الشيخين سبقاه إلى حفظ القرآن أن يذهب منه شيء وهو جمع الناس على قراءة واحدة؛ لئلا يختلفوا في القرآن،
* ووافقه على ذلك جميع الصحابة، وإنما روي عن عبد الله بن مسعود شيء من التغضب بسبب أنه لم يكن ممن كتب المصاحف وأمر أصحابه بغل مصاحفهم لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الإمام، ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاق
* قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا.
* فاتفق الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم، على أن ذلك من مصالح الدين، وهم الخلفاء الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)).
* وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد. وهذا إسناد صحيح.
* وحدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا محمد بن عبد الله، حدثني عمران بن حدير، عن أبي مجلز قال: لولا أن عثمان كتب القرآن لألفيت الناس يقرؤون الشعر.
* وحدثنا أحمد بن سنان قال: سمعت ابن مهدي يقول: خصلتان لعثمان بن عفان ليستا لأبي بكر ولا لعمر: صبره نفسه حتى قتل مظلوما، وجمعه الناس على المصحف.

- رأي عبد الله ابن مسعود في فعل عثمان :
أولاً : في أول الأمر أزعجه ذلك كثيرا
* فقد قال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حميد بن مالك قال: لما أمر عثمان بالمصاحف -يعني بتحريقها- ساء ذلك عبد الله بن مسعود وقال: من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليغلل، فإنه من غل شيئا جاء بما غل يوم القيامة , ثم قال عبد الله: لقد قرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد صبي، أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* وقال أبو بكر: حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان، حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا أبو شهاب، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: خطبنا ابن مسعود على المنبر فقال: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} [آل عمران: 161]، غلوا مصاحفكم، وكيف تأمروني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت، وقد قرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، وإن زيد بن ثابت ليأتي مع الغلمان له ذؤابتان، والله ما نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، وما أنا بخيركم، ولو أعلم مكانا تبلغه الإبل أعلم بكتاب الله مني لأتيته. قال أبو وائل: فلما نزل عن المنبر جلست في الحلق، فما أحد ينكر ما قال. أصل هذا مخرج في الصحيحين وعندهما: ولقد علم أصحاب محمد أني أعلمهم بكتاب الله. وقول أبي وائل: "فما أحد ينكر ما قال"، يعني: من فضله وعلمه وحفظه، والله أعلم.
* وقد خالفه غير واحد بقوله هذا , قال الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة، قال: قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء، فقال: كنا نعد عبد الله جبانا فما باله يواثب الأمراء.

ثانياً : رضاه بذلك .
* قال أبو بكر بن أبي داود: عن فلفلة الجعفي قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين، ولكنا جئنا حين راعنا هذا الخبر، فقال: إن القرآن أنزل على نبيكم من سبعة أبواب، على سبعة أحرف -أو حروف- وإن الكتاب قبلكم كان ينزل -أو نزل- من باب واحد على حرف واحد. وهذا الذي استدل به أبو بكر، رحمه الله، على رجوع ابن مسعود فيه نظر، من جهة أنه لا يظهر من هذا اللفظ رجوع عما كان يذهب إليه، والله أعلم.


- المصحف العثماني :
* معنى المصحف العثماني
أي الذي أمر به عثمان فكتب لأن عمثان ما عرف أنه كتب بخطه هذه المصاحف، وإنما كتبها زيد بن ثابت في أيامه، ربما وغيره، فنسبت إلى عثمان لأنها بأمره وإشارته، ثم قرئت على الصحابة بين يدي عثمان، ثم نفذت إلى الآفاق، رضي الله عنه،
وقد قال أبو بكر بن أبي داود: عن أبي سعيد مولى بني أسيد، قال: لما دخل المصريون على عثمان ضربوه بالسيف على يده فوقعت على: {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} [البقرة: 137]، فمد يده وقال: والله إنها لأول يد خطت المفصل.
وقال أيضا: حدثنا أبو طاهر، حدثنا ابن وهب قال: سألت مالكا عن مصحف عثمان، فقال لي: ذهب. يحتمل أنه سأله عن المصحف الذي كتبه بيده، ويحتمل أن يكون سأله عن المصحف الذي تركه في المدينة، والله أعلم.
* النسخ التي وزعها عثمان
أما المصاحف العثمانية الأئمة فأشهرها اليوم الذي في الشام بجامع دمشق عند الركن شرقي المقصورة المعمورة بذكر الله، وقد كانت قديما بمدينة طبرية ثم نقل منها إلى دمشق في حدود ثمان عشرة وخمسمائة، وقد رأيته كتابا عزيزا جليلا عظيما ضخما بخط حسن مبين قوي بحبر محكم في رق أظنه من جلود الإبل .
* ماقيل أنها بخط علي رضي الله عنه :
ولكن قد توجد مصاحف على الوضع العثماني، يقال: إنها بخط علي، رضي الله عنه، وفي ذلك نظر، فإنه في بعضها: كتبه علي بن أبي طالب، وهذا لحن من الكلام ؛ وعلي، رضي الله عنه، من أبعد الناس عن ذلك فإنه كما هو المشهور عنه هو أول من وضع علم النحو، فيما رواه عنه أبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي .

- طريقة كتابة المصحف وتطورها :
أولاً : قلة الكتاب والكتابة في عهد الصحابة :

قد كانت الكتابة في العرب قليلة جدا،
* وإنما أول ما تعلموا ذلك ما ذكره هشام بن محمد بن السائب الكلبي وغيره: أن بشر بن عبد الملك أخا أكيدر دومة تعلم الخط من الأنبار، ثم قدم مكة فتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية فعلمه حرب بن أمية وابنه سفيان، وتعلمه عمر بن الخطاب من حرب بن أمية، وتعلمه معاوية من عمه سفيان بن حرب،
* وقيل: إن أول من تعلمه من الأنبار قوم من طيئ من قرية هناك يقال لها: بقة، ثم هذبوه ونشروه في جزيرة العرب فتعلمه الناس. ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود: عن الشعبي قال: سألنا المهاجرين من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الحيرة. وسألنا أهل الحيرة: من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الأنبار.

ثانياً : طريقة الكتابة :
* الذي كان يغلب على زمان السلف الكتابة المكتوفة
* ثم هذبها أبو علي بن مقلة الوزير، وصار له في ذلك منهج وأسلوب في الكتابة،
* ثم قربها علي بن هلال البغدادي المعروف بابن البواب وسلك الناس وراءه. وطريقته في ذلك واضحة جيدة.
* والغرض أن الكتابة لما كانت في ذلك الزمان لم تحكم جيدا، وقع في كتابة المصاحف اختلاف في وضع الكلمات من حيث صناعة الكتابة لا من حيث المعنى، وصنف الناس في ذلك،
* واعتنى بذلك الإمام الكبير أبو عبيد القاسم بن سلام، رحمه الله، في كتابه فضائل القرآن والحافظ أبو بكر بن أبي داود، رحمه الله، فبوبا على ذلك وذكر قطعة صالحة هي من صناعة القرآن، ليست مقصدنا هاهنا؛ ولهذا نص الإمام مالك، رحمه الله، على أنه لا توضع المصاحف إلا على وضع كتابة الإمام، ورخص في ذلك غيره،
* واختلفوا في الشكل والنقط فمن مرخص ومن مانع،
* فأما كتابة السور وآياتها والتعشير والأجزاء والأحزاب فكثير في مصاحف زماننا، والأولى اتباع السلف الصالح.

الباب الخامس : تأليف القرآن وترتيبه :
والمراد من التأليف هاهنا ترتيب سوره.
أولاً : الحكمة في ترتيب النزول :
روى النسائي : عن يوسف بن ماهك قال: إني عند عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، إذ جاءها عراقي فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك! وما يضرك، قال: يا أم المؤمنين، أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما ينزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء: ولا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدا، لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} [القمر: 46]، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور.

ثانياً : ترتيب الآيات و السور في مصحف عثمان :
* كان عثمان رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال وثنى بالمئين؛ ولهذا روى ابن جرير وأبو داود والترمذي والنسائي عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينها ولم تكتبوا بينها سطر "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبع الطوال.
ففهم من هذا الحديث
أولاً : ترتيب الآيات :
أن ترتيب الآيات في السور أمر توقيفي متلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا ليس لأحد أن يقرأ القرآن إلا مرتبا آياته ؛ فإن نكسه أخطأ خطأ كبيرا.
قال القاضي أبو بكر الباقلاني : ما روي عن ابن مسعود وابن عمر أنهما كرها أن يقرأ القرآن منكوسا. وقالا إنما ذلك منكوس القلب، فإنما عنيا بذلك من يقرأ السورة منكوسة فيبتدئ بآخرها إلى أولها، فإن ذلك حرام محذور.
ثانياً : ترتيب السور
* روى النسائي : في الحديث السابق عن عائشة بقولها عندما سألها : أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما ينزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، ......... لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} [القمر: 46]، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور.
وكأن هذا السؤال كان قبل أن يبعث أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنه، إلى الآفاق بالمصاحف الأئمة المؤلفة على هذا الترتيب المشهور اليوم، وقبل الإلزام به، والله أعلم.
ولهذا أخبرته: إنه لا يضرك بأي سورة بدأت، وأن أول سورة نزلت فيها ذكر الجنة والنار، وهذه إن لم تكن "اقرأ" فقد يحتمل أنها أرادت اسم جنس لسور المفصل التي فيها الوعد والوعيد، ثم لما انقاد الناس إلى التصديق أمروا ونهوا بالتدريج أولا فأولا وهذا من حكمة الله ورحمته، ومعنى هذا الكلام: أن هذه السورة أو السور التي فيها ذكر الجنة والنار ليس البداءة بها في أوائل المصاحف، مع أنها من أول ما نزل، وهذه البقرة والنساء من أوائل ما في المصحف، وقد نزلت عليه في المدينة وأنا عنده.
* فلذلك كان ترتيب السور بعضه من أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه ؛ و ترتيب السور فمستحب اقتداء بعثمان، رضي الله عنه، وبعضه من رسول الله صلى الله عليه وسلم والأولى إذا قرأ أن يقرأ متواليا كما قرأ، عليه الصلاة والسلام ، في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين وتارة بسبح و{هل أتاك حديث الغاشية}، فإن فرق جاز.
* كما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيد بقاف و{اقتربت الساعة} .
* روى مسلم عن أبي هريرة، رضي الله عنه؛أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: الم السجدة، و{هل أتى على الإنسان}.
* فقد روى حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران. أخرجه مسلم.
* وقرأ عمر في الفجر بسورة النحل ثم بيوسف.
* وقال ابن وهب في جامعه: سمعت سليمان بن بلال يقول: سئل ربيعة: لم قدمت البقرة وآل عمران، وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة؟ فقال: قدمتا وألف القرآن على علم ممن ألفه، وقد أجمعوا على العلم بذلك، فهذا مما ينتهى إليه ولا يسأل عنه.
* قال ابن وهب: وسمعت مالكا يقول: إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم.
* قال أبو الحسن بن بطال: إنما يجب تأليف سوره في الرسم والخط خاصة ولا يعلم أن أحدا منهم قال: إن ترتيب ذلك واجب في الصلاة وفي قراءة القرآن ودرسه، وأنه لا يحل لأحد أن يقرأ الكهف قبل البقرة، ولا الحج قبل الكهف، ألا ترى إلى قول عائشة: ولا يضرك أيه قرأت قبل. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة السورة في ركعة، ثم يقرأ في الركعة الأخرى بغير السورة التي تليها.

- ماروي عن علي في نيته لجمع القرآن على ترتيب النزول :
روي أن عليا، رضي الله عنه، أراد أن يجمع القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبا بحسب نزوله أولا فأولا كما رواه ابن أبي داود حيث قال: عن محمد بن سيرين قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم أقسم علي ألا يرتدي برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف ففعل، فأرسل، إليه أبو بكر، رضي الله عنه، بعد أيام: أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟ فقال: لا والله إلا أني أقسمت ألا أرتدي برداء إلا لجمعة. فبايعه ثم رجع.
الرد على هذا الحديث :
* فيه انقطاع، ثم قال: لم يذكر المصحف أحد إلا أشعث وهو لين الحديث
* وإنما رووا حتى أجمع القرآن، يعني أتم حفظه، فإنه يقال للذي يحفظ القرآن: قد جمع القرآن.
* قلت ( ابن كثير ) : وهذا الذي قاله أبو بكر أظهر، والله أعلم، فإن عليا لم ينقل عنه مصحف على ما قيل ولا غير ذلك .

ثالثاً : ترتيب مصاحف قراء الصحابة
- ترتيب مصحف ابن عباس :
حكى القاضي الباقلاني: أن أول مصحفه كان: {اقرأ باسم ربك الأكرم} .
- تريب مصحف ابن مسعود
حكى القاضي الباقلاني: وأول مصحف ابن مسعود: {مالك يوم الدين} ثم البقرة، ثم النساء على ترتب مختلف،
* روى البخاري: عن عبد الرحمن بن يزيد قال: سمعت ابن مسعود يقول في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء: إنهن من العتاق الأول، وهن من تلادي. انفرد البخاري بإخراجه والمراد منه ذكر ترتيب هذه السور في مصحف ابن مسعود كالمصاحف العثمانية، وقوله: "من العتاق الأول" أي: من قديم ما نزل، وقوله: "وهن من تلادى" أي: من قديم ما قنيت وحفظت. والتالد في لغتهم: قديم المال والمتاع، والطارف حديثه وجديده، والله أعلم.
* عن شقيق قال: قال عبد الله: لقد علمت النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأهن اثنين اثنين في كل ركعة، فقام عبد الله ودخل معه علقمة، وخرج علقمة فسألناه فقال: عشرون سورة من أول المفصل على تأليف ابن مسعود، آخرهن من الحواميم حم الدخان وعم يتساءلون.
وهذا التأليف الذي عن ابن مسعود غريب مخالف لتأليف عثمان، رضي الله عنه , فإن المفصل في مصحف عثمان، رضي الله عنه، من سورة الحجرات إلى آخره وسورة الدخان .

- ترتيب مصحف أبي
وأول مصحف أبي: {الحمد لله} ثم النساء، ثم آل عمران، ثم الأنعام، ثم المائدة، ثم كذا على اختلاف شديد،

رابعاً : تحزيب القرآن :
* عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي عن جده أوس بن حذيفة قال: كنت في الوفد الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمر معهم بعد العشاء فمكث عنا ليلة لم يأتنا، حتى طال ذلك علينا بعد العشاء. قال: قلنا: ما أمكثك عنا يا رسول الله؟ قال: ((طرأ علي حزب من القرآن، فأردت ألا أخرج حتى أقضيه)). قال: فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبحنا، قال: قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة، وحزب المفصل من قاف حتى يختم. ورواه أبو داود .

الباب السادس : نقط المصحف وتشكيله :
- أول من أمر به :

* يقال: إن أول من أمر به عبد الملك بن مروان، فتصدى لذلك الحجاج وهو بواسط، فأمر الحسن البصري ويحيى بن يعمر ففعلا ذلك .
* يقال: إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي، وذكروا أنه كان لمحمد بن سيرين مصحف قد نقطه له يحيى بن يعمر والله أعلم.

- تعشير المصحف :
* وأما كتابة الأعشار على الحواشي فينسب إلى الحجاج أيضا،
* قيل: بل أول من فعله المأمون،
* حكمه : حكى أبو عمرو الداني عن ابن مسعود أنه كره التعشير في المصحف، وكان يحكه وكره مجاهد ذلك أيضا.

- معلومات عامة عن كتابة المصحف :
وقال مالك: لا بأس به بالحبر، فأما بالألوان المصبغة فلا. وأكره تعداد آي السور في أولها في المصاحف الأمهات، فأما ما يتعلم فيه الغلمان فلا أرى به بأسا.
وقال قتادة: بدؤوا فنقطوا، ثم خمسوا، ثم عشروا.
وقال يحيى بن أبي كثير: أول ما أحدثوا النقط على الباء والتاء والثاء،

- حكم كتابة بعض الرموز على المصحف :
* عدم الجواز : رأى إبراهيم النخعي فاتحة سورة كذا، فأمر بمحوها وقال: قال ابن مسعود: لا تخلطوا بكتاب الله ما ليس فيه.
* الجواز : وقالوا: لا بأس به، هو نور له، أحدثوا نقطا عند آخر الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتم , قال أبو عمرو الداني: ثم قد أطبق المسلمون في ذلك في سائر الآفاق على جواز ذلك في الأمهات وغيرها.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 7 شعبان 1436هـ/25-05-2015م, 04:31 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماهر القسي مشاهدة المشاركة
المقصد الكلي للكتاب :
- إرشاد الطلاب [ حامل القرآن ] لبعض آداب الكتاب [ لبعض الآداب التي يجب عليه التحلي بها ]

- إرشاد المتقين لتعظيم كتاب رب العالمين

- وجوب تعظيم القرآن وحامله ومعلمه


مقاصد الكتاب الفرعية

[ لا يلزم هذه العبارات التي تحتها خط ]
أولاً : تلخيص مقصد الباب الثاني : في ترجيح القراءة والقارئ على غيرهما من أمور الدنيا والدين
ثانياً : تلخيص مقصد الباب الثالث : في إكرام أهل القرآن والنهي عن إيذائهم
ثالثاً : تلخيص مقصد الباب الخامس : بيان آداب حملة القران والأمر بقراءة القران وتعهده
رابعاً : تلخيص مقصد الباب السادس : بعض آداب تلاوة القرآن
خامساً : تلخيص مقصد الباب السابع : آداب عامة في التعامل مع القرآن
[ أين الباب الثامن ؟ ]
سادساً : تلخيص مقصد الباب التاسع :
إكرام المصحف وتعظيم كتابته


تفاصيل المقاصد لكل باب على حدة

أولاً : تلخيص مقصد الباب الثاني : في ترجيح القراءة والقارئ على غيرهما
المقصد العام للباب : [ هنا نقول : المقصد الأول : ونعني المقصد الأول للكتاب ككل ]
ترجيح القراءة والقارئ على غيرهما من أمور الدنيا والدين


المقصد الأول : فضل قارئ القرآن على غيره في أمور الدين . [ هذا مقصد بالنسبة للباب ، لكن عند النظر للكتاب ككل تصبح هذه مسألة تحت المقصد الفرعي للكتاب ، فلا نذكر ما تحته خط، وإنما يكفي الترقيم : 1 / 2 / 3 ]
- تقديم قارئ القرآن على غيره للإمامة في الصلاة .
- تفاضل قراء القرآن في الإمامة للصلاة بحسب حفظهم له .
عن ابن مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى)) رواه مسلم.

المقصد الثاني : فضل قارئ القرآن على غيره في أمور الدنيا (تدبير شؤون المسلمين )
- تقديم قارئ القرآن في مجالس الشورى والأخذ برأيه , وعمر الإنسان لا يعطيه الأفضلية في الشورى .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا وشبابا) رواه البخاري في صحيحه

المقصد الثالث :
فضل قراءة القرآن على غيرها في الثواب .
- فضل قراءة القرآن على غيره من الأذكار .
ذكر النووي في التبيان : أن المذهب الصحيح المختار الذي عليه من يعتمد من العلماء: أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وغيرهما من الأذكار، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك , وأذكر فيما ورد معي أن هذا الحكم ليس على عمومه بل لو ورد ذكر معين في وقت معين لكان قول الذكر في وقته أفضل من قراءة القرآن مثل أذكار الصلاة , أذكار النوم , وغيرها

ثانياً : تلخيص مقصد الباب الثالث
في إكرام أهل القرآن والنهي عن إيذائهم

المقصد الكلي للباب : إكرام أهل القرآن والنهي عن إيذائهم

المقصد الأول : من الذي يستحق أن يكون من أهل القرآن
-من تعلَّم القرآن وليس مجرد الحفظ والتلاوة .
عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، قالا: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي " .
-من كان من أهل الوسطية في القرآن من غير غلو أو جفوة .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه،)) رواه أبو داود وهو حديث حسن.
-من أكثر الأخذ بالقرآن ( تلاوة وتدبراً وعملاً ) .
عن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى)) رواه مسلم.
و عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذا للقرآن؟))، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد، رواه البخاري.

المقصد الثاني : إكرام صاحب القرآن .
- خفض الجناح للمؤمنين من الدين وحامل القرآن منهم .
قال تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين}
- إكرام حامل القرآن من إجلال الله تعالى.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه،)) رواه أبو داود وهو حديث حسن.
- صاحب القرآن ذو مرتبة تقتضي إكرامه واحترامه .
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم) رواه أبو داود في سننه .

المقصد الثالث : ايذاء أولياء الله ومنهم حامل القرآن ظلم يؤذن بحرب الله.
- إن إيذاء المؤمنين ظلم كبير.
قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا}..
- إيذاء أولياء الله يؤذن بحرب الله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل قال: [من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب])) رواه البخاري.
و عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، قالا: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي"..
- لحوم العلماء مسمومة.
قال الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله: "اعلم يا أخي -وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يغشاه ويتقيه حق تقاته- أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب، {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}"..

المقصد الرابع : فضل حامل القرآن.
- حامل القرآن مقدم على غيره .
عن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى)) رواه مسلم.
و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا وشبابا) رواه البخاري في صحيحه.
- فضل صاحب القرآن أنه يقدم في اللحد .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذا للقرآن؟))، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد، رواه البخاري.
- حامل القران من أولياء الله.
عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، قالا: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي".

المقصد الخامس : عدم الغلو في القرآن والبعد عنه شرطٌ لإكرام الله لصاحب القرآن .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط)) رواه أبو داود وهو حديث حسن. [ من حسنّه ؟، إذا ذُكِر حكم على حديث ؛ فينبغي الإشارة لمن حكم عليه ]

المقصد السادس : ثمرات إكرام أهل القرآن .
- أن إكرامهم تزيد التقوى عند الإنسان .
قال تعالى : {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} .
- الوعد بالخير والثواب من الله .
قال الله تعالى: {ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه} .

ثالثاً : تلخيص مقصد الباب الخامس
آداب حامل القرآن

المقصد الكلي للباب : بيان آداب حملة القران والأمر بقراءة القران وتعهده

المقصد الأول : آداب عامة لحامل القران
- أن يتدبر ما يقرأ.
عن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار".
-أن يكون أكمل اﻷحوال وأكرم الشمائل.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: "يا معشر القراء! ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق، فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس".
- أن يرفع نفسه على كل ما نهى القرآن عنه إجلالا له.
قال الإمام النووي في التبيان : ومن آدابه: وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا للقرآن
- أن يكون شريف النفس مرتفعا على الجبابرة الجفاة من أهل الدنيا .
قال الإمام النووي في التبيان : وأن يكون مصونا عن دني الاكتساب شريف النفس مرتفعا على الجبابرة والجفاة من أهل الدنيا
- أن يتواضع لصالحين وأهل الخير والمساكين .
قال الإمام النووي في التبيان : متواضعا للصالحين وأهل الخير والمساكين
- أن يكون ذا خشوع ووقار.
قال الإمام النووي في التبيان : وأن يكون متخشعا ذا سكينة ووقار
- أن يكون مسابقا للخيرات.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: "يا معشر القراء! ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق، فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس". [ من رواه ؟ ]
- أن يتخلق بأخلاق القرآن وأن يتميز به عن غيره .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مقطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصحته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون".
- أن يتدبر القران ويتعاهده بالقراءة .
عن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار".
- ألا يطلب به عرض من الدنيا
عن الفضيل بن عياض، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم"، وعنه أيضا، قال: "حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو، تعظيما لحق القرآن".

المقصد الثاني : محاذير على حامل القرآن أن يتجنبها .
- الحذر من اتخاذ القران معيشة له يتكسب بها .
عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، )
- الحذر من الغلو بالقران والجفو عنه .
عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه)
- الحذر من جعله محل مباهاة وسمعة .
عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)) رواه [ مرجع الضمير ؟ ] بمعناه من رواية سهل بن سعد، معناه: يتعجلون أجره إما بمال وإما سمعة ونحوها.
- الحذر من جعله بابا للمسالة .
عن فضيل بن عمرو رضي الله عنه، قال: دخل رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا، فلما سلم الإمام، قام رجل فتلا آيات من القرآن ثم سأل، فقال أحدهما: إنا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيجيء قوم يسألون بالقرآن، فمن سأل بالقرآن فلا تعطوه))، وهذا الإسناد منقطع،

المقصد الثالث : المحافظة على كثرة قراءة القران .
- قراءة السلف للقران .
كان السلف رضوان الله عليهم يكثرون من قراءة القران ولهم عادات مختلفة في ذلك .
- أحوال السلف في ختم للقران .
تعددت وتنوعت أحوال السلف في ختم القرآن من مكثر بحيث يختم بالنهار ختمة وبالليل ختمة أو ختمتين أو ثلاث ومنهم أكثر من ذلك , وفي كل خير .
- التوازن في كم التلاوة حتى يتحقق الفهم لما يتلى .
قال النووي في التبيان :والاختيار: أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر ما يحصل له كمال فهم ما يقرؤه، وكذا من كان مشغولا بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة، فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له،
- كراهة الختم في أقل من ثلاث ليال .
كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة، ويدل عليه الحديث الصحيح، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، والله أعلم.
- فضل ختم القرآن .
عن طلحة بن مصرف التابعي الجليل، قال: "من ختم القرآن أية ساعة كانت من النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، وأية ساعة كانت من الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح"، وعن مجاهد نحوه.
عن سعد بن أبي وقاص ررضي الله عنه قال: "إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإذا وافق ختمه آخر الليل صلت عليه الملائكة حتى يمسي"، قال الدرامي: هذا حسن من سعد.
- الأمر بتعهد القرآن .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((تعاهدوا هذا القرآن؛ فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها)) رواه البخاري ومسلم.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)) رواه مسلم والبخاري
- النهي عن نسيان القران .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها)) رواه أبو داود والترمذي وتكلم فيه.
عن سعد بن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو أجذم)) رواه أبو داود والدرامي.

المقصد الرابع : فضل واستحباب قراءة القران بالليل :
- فضل قراءة القران بالليل .
قال الله تعالى: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين}.
وثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)).
وفي الحديث الآخر من الصحيح، أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عبد الله! لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه)).
- بيان فضل قيام الليل .
وروى الطبراني وغيره، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((شرف المؤمن قيام الليل))
عن أبي الأحوص الحبشي، قال: "إن كان الرجل ليطرق الفسطاط طروقا -أي: يأتيه ليلا- فيسمع لأهله دويا كدوى النحل"، قال: "فما بال هؤلاء يأمنون ما كان أولئك يخافون".
- سبب ترجيح قراءة القران بالليل .
1 - لكونها أجمع للقلب وأبعد عن الشاغلات والملهيات ،
2- أصون عن الرياء وغيره من المحبطات
3- يعضده ما جاء الشرع به من إيجاد الخيرات في الليل، فإن الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلا، وحديث: ((ينزل ربكم كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل، فيقول: [هل من داع فأستجيب له])) الحديث.
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في الليل ساعة يستجيب الله فيها الدعاء كل ليلة)).
- فضل تطويل القراءة في قيام الليل .
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقسطين)) رواه أبو داود وغيره.
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما.
- من نسى حزبه من القران .
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنه قرأه من الليل)) رواه مسلم.

المقصد الخامس : حكم أخذ الأجرة في تعليم القران .
اختلاف فيها العلماء على أقوال
القول الأول
ــ منع أخذ الأجرة عليه من جماعة من العلماء منهم الزهري وأبو حنيفة , ذكر ذلك الإمام أبو سليمان الخطابي .
القول الثاني
ذكر جماعة أنه يجوز إن لم يشترطه. ذكر ذلك [ وهذا ] قول الحسن البصري والشعبي وابن سيرين.
القول الثالث
ذهب عطاء ومالك والشافعي وآخرون إلى جوازها إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة، وقد جاء بالجواز الأحاديث الصحيحة.
الترجيح
الراجح هو جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن فهو كغيره من الشعائر مثل الإمامة والأذان فلو لم تجز لفرغت هذه الوظائف من أهلها وتعطلت , وذكر بعض أهل العلم أن أخذ الأجرة ينوي فيه القارئ أنه يأخذ الأجرة على تفريغ وقته للتعليم وليس على القرآن
دليل المانعين : احتج من منعها بحديث عبادة بن الصامت، أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن، فأهدى له قوسا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها))، وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغيره، وبآثار كثيرة عن السلف
الرد عليهم : أجاب المجوزون عن حديث عبادة بجوابين:
أحدهما: أن في إسناده مقالا.
والثاني: أنه كان تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئا، ثم أهدي إليه على سبيل العوض، فلم يجز له الأخذ، بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم

رابعاً : تلخيص مقصد الباب السادس
تلخيص مقاصد
الباب السادس: في آداب القرآن

المقصد الكلي بعض آداب تلاوة القرآن
المقصد الأول : مناجاة الله والإخلاص له في القرآن
المقصد الثاني : أنواع الطهارة المطلوبة عند تلاوة القرآن
أولاً : طهارة الفم .
ثانياً : الطهارة من الحدث الأصغر .
ثالثاً : الطهارة من الحدث الأكبر.
رابعاً : طهارة المكان :
المقصد الثالث : الأذكار الواردة عند الشروع في القراءة .
المقصد الرابع : هيئة القارئ عند قراءة القرآن
أولاً : استقبال القبلة .
ثانياً : كيفية الجلوس لقراءة القرآن .
ثالثاً : الخشوع والترديد عند تلاوة القرآن .



تلخيص المقاصد
المقصد الأول : مناجاة الله والإخلاص له في القرآن
- مناجاة الله حال تلاوة القرآن
يجب على القارئ الإخلاص ومراعاة الأدب مع القرآن، فينبغي أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى .
- درجة الإحسان عند تلاوة القرآن
ويقرأ على حال من يرى الله تعالى، فإنه إن لم يكن يراه فإن الله تعالى يراه.

المقصد الثاني : أنواع الطهارة المطلوبة عند تلاوة القرآن
أولاً : طهارة الفم
وينبغي إذا أراد القراءة أن ينظف فاه بالسواك وغيره،
أحكام متفرقة في السواك
1- أن يكون بعود من أراك، ويجوز بسائر العيدان وبكل ما ينظف كالخرقة الخشنة والأشنان وغير ذلك، وفي حصوله بالأصبع الخشنة ثلاثة أوجه لأصحاب الشافعي رحمهم الله تعالى؛
أشهرها: أنه لا يحصل.
والثاني: يحصل.
الثالث: يحصل إن لم يجد غيرها، ولا يحصل إن وجد.
2- وينوي به الإتيان بالسنة .
3- قال بعض العلماء: يقول عند الاستياك: اللهم بارك لي فيه يا أرحم الراحمين .
4- ويستاك عرضا مبتدئا بالجانب الأيمن من فمه، قال الماوردي من أصحاب الشافعي: ويستحب أن يستاك في ظاهر الأسنان وباطنها، ويمر السواك على أطراف أسنانه وكراسي أضراسه وسقف حلقه إمرارا رفيقا.
5- قالوا: وينبغي أن يستاك بعود متوسط لا شديد اليبوسة ولا شديد الرطوبة، قال: فإن اشتد يبسه لينه بالماء .
6- ولا بأس باستعمال سواك غيره بإذنه.
7- وأما إذا كان فمه نجسا بدم أو غيره فإنه يكره له قراءة القرآن قبل غسله، وهل يحرم؟ قال الروياني من أصحاب الشافعي عن والده: يحتمل وجهين، والأصح لا يحرم.

ثانياً : الطهارة من الحدث الأصغر .
يستحب أن يقرأ وهو على طهارة، فإن قرأ محدثا جاز بإجماع المسلمين، قال إمام الحرمين: ولا يقال: ارتكب مكروها، بل هو تارك للأفضل، فإن لم يجد الماء تيمم، والمستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهر حكمها حكم المحدث.

ثالثاً : الطهارة من الحدث الأكبر
يحرم على الجنب والحائض قراءة القرآن سواء كان آية أو أقل منها .
مسائل متفرقة :
1- ويجوز لهما إجراء القرآن على قلبهما من غير تلفظ به،
2- ويجوز لهما النظر في المصحف وإمراره على القلب،
3- وأجمع المسلمون على جواز التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من الأذكار، للجنب والحائض.
4- ويجوز لهما قراءة ما نسخت تلاوته، كـ"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة".
5- قراءة بعض القرآن بقصد الذكر أو غيره
إذا قرأ الجنب أو الحائض بعض القرآن بغير قصد القرآن فإنه يجوز ذلك
أمثلة :
- قوله عند المصيبة "إنا لله وإنا إليه راجعون" .
- وكذا إن قالا لإنسان: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة" .
- ويجوز أن يقولا عند ركوب الدابة: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين"،
- قال إمام الحرمين: فإذا قال الجنب: بسم الله والحمد لله، فإن قصد القرآن عصى وإن قصد الذكر أو لم يقصد شيئا لم يأثم .

6- التيمم لقراءة القرآن والصلاة
- إذا لم يجد الجنب أو الحائض ماء تيمم، ويباح له القراءة والصلاة وغيرهما،
- فإن أحدث حرمت عليه الصلاة ولم تحرم القراءة والجلوس في المسجد وغيرهما مما لا يحرم على المحدث، كما لو اغتسل ثم أحدث،
- لا فرق مما ذكرناه بين تيمم الجنب في الحضر والسفر, وهو الصحيح .
- ولو تيمم ثم صلى وقرأ ثم رأى ماء يلزمه استعماله فإنه يحرم عليه القراءة وجميع ما يحرم على الجنب حتى يغتسل،
- ولو تيمم وصلى وقرأ ثم أراد التيمم لحدث أو لفريضة أخرى أو لغير ذلك فإنه لا يحرم عليه القراءة على المذهب الصحيح المختار .
- أما إذا لم يجد الجنب ماء ولا ترابا فإنه يصلي لحرمة الوقت على حسب حاله، ويحرم عليه القراءة خارج الصلاة، ويحرم عليه أن يقرأ في الصلاة ما زاد على فاتحة الكتاب، وهل يحرم عليه قراءة الفاتحة؟ فيه وجهان:
الصحيح المختار: أنه لا يحرم، بل يجب، فإن الصلاة لا تصح إلا بها، وكلما جازت الصلاة لضرورة مع الجنابة يجوز القراءة.
والثاني: لا يجوز، بل يأتي بالأذكار التي يأتي بها العاجز الذي لا يحفظ شيئا من القرآن، لأن هذا عاجز شرعا فصار كالعاجز حسا، والصواب الأول.

رابعاً : طهارة المكان :
ويستحب أن تكون القراءة في مكان نظيف مختار , عن أبي ميسرة، قال: "لا يذكر الله إلا في مكان طيب"، والله أعلم.
- أفضلية المسجد على غيره من الأماكن
ولهذا استحب جماعة من العلماء القراءة في المسجد لكونه جامعا للنظافة وشرف البقعة،
ومحصلا لفضيلة أخرى وهي الاعتكاف، فإنه ينبغي لكل جالس في المسجد الاعتكاف سواء أكثر في جلوسه أو أقل، بل ينبغي أول دخوله المسجد أن ينوي الاعتكاف، وهذا الأدب ينبغي أن يعتني به ويشاع ذكره ويعرفه الصغار والعوام فإنه مما يغفل عنه.
- حكم القراءة في الحمام وغيره
وأما القراءة في الحمام؛ فقد اختلف السلف في كراهيتها، فقال أصحابنا: لا يكره، ونقله أبو بكر بن المنذر في الأشراف، عن إبراهيم النخعي ومالك، وهو قول عطاء،
وذهب إلى كراهته جماعات منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رواه عنه ابن أبي داود.
قال الشعبي:"تكره القراءة في ثلاثة مواضع: في الحمامات والحشوش وبيوت الرحى وهي تدور"،
- حكم القراءة في الطريق .
وأما القراءة في الطريق؛ فالمختار أنها جائزة غير مكروهة إذا لم يلته صاحبها، فإن التهى عنها كرهت، كما كره النبي صلى الله عليه وسلم القراءة للناعس مخافة من الخلط،
الأدلة :
ما رواه أبو داود، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أنه كان يقرأ في الطريق،
وروى عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه أذن فيها.
قال ابن أبي داود: قال ابن وهب، قال: سألت مالكا عن الرجل يصلي من آخر الليل فيخرج إلى المسجد وقد بقي من السورة التي كان يقرأ فيها شيء، قال: ما أعلم القراءة تكون في الطريق، وكره ذلك، وهذا إسناد صحيح عن مالك رحمه الله.

المقصد الثالث : الأذكار الوارد عند الشروع في القراءة .
أولاً : الاستعاذة .
- وقت التعوذ
فإن أراد الشروع في القراءة استعاذ، فقال: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" هكذا قال الجمهور من العلماء.
وقال بعض العلماء: يتعوذ بعد القراءة، لقوله تعالى: {فإذا قرأت فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}، وتقدير الآية عند الجمهور: إذا أردت القراءة فاستعذ،
- صيغة التعوذ .
ثم صيغة التعوذ كما ذكرناه، وكان جماعة من السلف يقولون: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم" ولا بأس بهذا، ولكن الاختيار هو الأول.
- حكم التعوذ .
إن التعوذ مستحب وليس بواجب، وهو مستحب لكل قارئ سواء كان في الصلاة أو في غيرها، ويستحب في الصلاة في كل ركعة على الصحيح من الوجهين عند أصحابنا، وعلى الوجه الثاني إنما يستحب في الركعة الأولى، فإن تركه في الأولى أتى به في الثانية، ويستحب التعوذ في التكبيرة الأولى في صلاة الجنازة على أصح الوجهين.

ثانياً : البسملة عند قراءة القرآن
وينبغي أن يحافظ على قراءة "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول كل سورة سوى براءة ،فإن أكثر العلماء قالوا إنها آية حيث تكتب في المصحف.
وقد كتبت في أوائل السور سوى براءة، فإذا قرأها كان متيقنا قراءة الختمة أو السورة،
فإذا أخل بالبسملة كان تاركا لبعض القرآن عند الأكثرين.
مسألة دقيقة:
فإذا كانت القراءة في وظيفة عليها جعل كالأسباع والأجزاء التي عليها أوقاف وأرزاق كان الاعتناء بالبسملة أكثر لتيقن قراءة الختمة، فإنه إذا تركها لم يستحق شيئا من الوقف عند من يقول البسملة آية من أول السورة، وهذه دقيقة نفيسة يتأكد الاعتناء بها وإشاعتها.
المقصد الرابع : هيئة القارئ عن قراءة القرآن
أولاً : استقبال القبلة :
يستحب للقارئ في غير الصلاة أن يستقبل القبلة , وهو يقرأ القرآن , فقد جاء في الحديث: ((خير المجالس ما استقبل به القبلة))،

ثانياً : كيفية الجلوس لقراءة القرآن :
- ويجلس متخشعا بسكينة ووقار مطرقا رأسه , ويكون جلوسه وحده في تحسين أدبه وخضوعه كجلوسه بين يدي معلمه فهذا هو الأكمل ,
- حكم القرءة مستلقياً .
ولو قرأ قائما أو مضطجعا أو في فراشه أو على غير ذلك من الأحوال جاز وله أجر ولكن دون الأول،
الأدلة :
الآيات
قال الله عز وجل: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض}.
الأحاديث :
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ويقرأ القرآن"، رواه البخاري ومسلم، وفي رواية: "يقرأ القرآن ورأسه في حجري".
الآثار عن الصحابة :
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: "إني أقرأ القرآن في صلاتي، وأقرأ على فراشي".
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: "إني لا أقرأ حزبي وأنا مضطجعة على السرير".

ثالثاً : الخشوع والترديد عند تلاوة القرآن .
أولاً : الخشوع عند تلاوة القرآن .
فإذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشوع والتدبر عند القراءة، والدلائل عليه أكثر من أن تحصر،
الأدلة :
الآيات : قال الله عز وجل: {أفلا يتدبرون القرآن}، وقال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}،
والأحاديث فيه كثيرة وأقاويل السلف فيه مشهورة،
الآثار عن السلف :
- وقد بات جماعة من السلف يتلون آية واحدة يتدبرونها ويرددونها إلى الصباح، وقد صعق جماعة من السلف عند القراءة، ومات جماعات حال القراءة.
- وروينا عن بهز بن حكيم، أن زرارة بن أوفى التابعي الجليل رضي الله عنه، أمهم في صلاة الفجر فقرأ حتى بلغ: {فإذا نقر في الناقور * فذلك يومئذ يوم عسير} خر ميتا، قال بهز: وكنت فيمن حمله.
- وكان أحمد بن أبي الحواري رضي الله عنه وهو ريحانة الشام كما قال أبو القاسم الجنيد رحمه الله، إذا قرئ عنده القرآن يصيح ويصعق،
- حكم الخشوع والتدبر أمام الناس :
أنكره أبو الجوزاء وقيس بن جبير وغيرهما.
قلت: والصواب عدم الإنكار إلا على من اعترف أنه يفعله تصنعا، والله أعلم.
وقال السيد الجليل ذو المواهب والمعارف إبراهيم الخواص رضي الله تعالى عنه: "دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين".
ثانياً : ترديد الآية للتدبر
يستحب ترديد الآية للتدبر لأنها تسكن في القلب ويزداد تأثيرها عليه .
الأدلة :
الأحاديث النبوية :
- روينا عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه، قال: "قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح"، والآية: {إن تعذبهم فإنهم عبادك} الآية، رواه النسائي وابن ماجه.
الآثار عن الصحابة :
- وعن تميم الداري رضي الله تعالى عنه، أنه كرر هذه الآية حتى أصبح: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سوآء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}.
- وعن عبادة بن حمزة، قال: دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو، فطال علي ذلك فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو،
- وردد ابن مسعود رضي الله عنه: {رب زدني علما}،
الآثار عن التابعين :
- ردد سعيد بن جبير: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، وردد أيضا: {فسوف يعلمون * إذ الأغلال في أعناقهم} الآية، وردد أيضا: {ما غرك بربك الكريم} .
- وكان الضحاك إذا تلا قوله تعالى: {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل} رددها إلى السحر.

خامساً : تلخيص مقصد الباب السابع
تلخيص مقاصد الباب السابع: في آداب الناس كلهم مع القرآن
المقصد الكلي للباب: آداب عامة في التعامل مع القرآن

تلخيص المقاصد
المقصد الأول: وجوب الاعتقاد بأن القرآن هو الذي بين أيدينا :
الإيمان بالقرآن على أنه المتلو في الأقطار المكتوب في الصحف الذي بأيدي المسلمين مما جمعه الدفتان من أول: {الحمد لله رب العالمين} إلى آخر {قل أعوذ برب الناس} كلام الله ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن جميع ما فيه حق , وقد أجمع المسلمون على ذلك.

المقصد الثاني : وجوب تعظيم القرآن:
أجمع المسلمون على وجوب تعظيم القرآن العزيز على الإطلاق وتنزيهه وصيانته.
وتعظيم القرآن يشمل أبواب

أولاً : الإيمان به جميعه وعدم جحد أي حرف منه أو الإنقاص منه .
أجمعوا على أن من جحد منه حرفا مما أجمع عليه أو زاد حرفا لم يقرأ به أحد أو أنقص منه شيئاً أو بدله عن مكانه مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع فيه الإجماع وأجمع على أنه ليس بقرآن عامدا لكل هذا فهو كافر .
قال الإمام الحافظ أبو الفضل القاضي عياض رحمه الله: اعلم أن من ..... جحد حرفا منه أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته وهو عالم بذلك أو يشك في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين ، وكذلك إذا جحد التوراة والإنجيل أو كتب الله المنزلة أو كفر بها أو سبها أو استخف بها فهو كافر.
قال أبو عثمان بن الحذاء: جميع أهل التوحيد متفقون على أن الجحد بحرف من القرآن كفر.

ثانياً : عدم الاستخفاف به أو الاستهزاء أو السب .
قال الإمام الحافظ أبو الفضل القاضي عياض رحمه الله: اعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف أو بشيء منه أو سبهما , وهو عالم بذلك أو يشك في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين .
وأفتى محمد بن أبي زيد فيمن قال لصبي: لعن الله معلمك وما علمك، قال: أردت سوء الأدب ولم أرد القرآن، قال: يؤدب القائل، قال: وأما من لعن المصحف فإنه يقتل، هذا آخر كلام القاضي عياض رحمه الله.

ثالثاً : حرمة تفسير القرآن بغير علم:
معنى التفسير بالرأي :
إن كان المعنى مما يدرك بالاجتهاد كالمعاني والأحكام الجلية والخفية والعموم والخصوص والإعراب وغير ذلك , فهذا هو مجال التفسير بالرأي , وإن كان مما لا يدرك بالاجتهاد كالأمور التي طريقها النقل وتفسير الألفاظ اللغوية فلا يجوز الكلام فيه إلا بنقل صحيح من جهة المعتمدين من أهله .
حكمه :
ويحرم تفسيره بغير علم، والكلام في معانيه لمن ليس من أهلها، والأحاديث في ذلك كثيرة والإجماع منعقد عليه، وأما تفسيره للعلماء فجائز حسن والإجماع منعقد عليه ، وأما من كان ليس من أهله لكونه غير جامع لأدواته فحرام عليه التفسير، لكن له أن ينقل التفسير عن المعتمدين من أهله.
أقسام المفسرين برأيهم :
المفسرون برأيهم من غير دليل صحيح أقسام:
1-منهم من يحتج به لتصحيح مذهبه وتقوية خاطره مع أنه لا يغلب على ظنه أن ذلك هو المراد بالآية وإنما يقصد الظهور على خصمه .
2-منهم من يقصد الدعاء إلى خير ويحتج بآية من غير أن تظهر له دلالة لما قاله .
3-منهم من يفسر ألفاظه العربية من غير وقوف على معانيها عند أهلها وهي مما لا يؤخذ إلا بالسماع من أهل العربية وأهل التفسير كبيان معنى اللفظ وإعرابها وما فيها من الحذف والاختصار والإضمار وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر.
ولا يكفي مع ذلك معرفة العربية وحدها بل لا بد معها من معرفة ما قاله أهل التفسير فيها، فقد يكونون مجتمعين على ترك الظاهر أو على إرادة الخصوص أو الإضمار وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر، وكما إذا كان اللفظ مشتركا في معان فعلم في موضع أن المراد أحد المعاني ثم فسر كل ما جاء به .

المقصد الثالث : وجوب النصيحة للقرآن:
ثبت في صحيح مسلم رضي الله عنه، عن تميم الداري رضي الله عنه، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة))،قلنا: لمن؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
تتحقق النصيحة لكتاب الله عبر المقاصد التالية:
1-الإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله لا يشبهه شيء من كلام الخلق ولا يقدر على مثله الخلق بأسرهم.
2-التصديق بما فيه والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه وأمثاله والاعتناء بمواعظه والتفكر في عجائبه .
3-تعظيمه وتلاوته حق تلاوته وتحسينها والخشوع عندها وإقامة حروفه في التلاوة .
4-العمل بمحكمه والتسليم بمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه .
5-نشر علومه والدعاء إليه وإلى ما ذكرناه من نصيحته.
6-الذب عنه لتأويل المحرفين وتعرض الطاغين .

المقصد الرابع : حرمة المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق:
معنى المراء في القرآن :
1- قال الخطابي: المراد بالمراء الشك , وقيل: الجدال المشكك فيه .
2- وقيل: وهو الجدال الذي يفعله أهل الأهواء في آيات القدر ونحوها , فمن ذلك أن يظهر فيه دلالة الآية على شيء يخالف مذهبه ويحتمل احتمالا ضعيفا موافقة مذهبه فيحملها على مذهبه، ويناظر على ذلك مع ظهورها في خلاف ما يقول، وأما من لا يظهر له ذلك فهو معذور .
حكمه :
يحرم المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المراء في القرآن كفر)) ,

المقصد الخامس : آداب متعلقة بالقرآن :
أولاً : السؤال عن حكمة ترتيب الآيات والسور .
ينبغي لمن أراد السؤال عن تقديم آية على آية في المصحف أو مناسبة هذه الآية في هذا الموضع ونحو ذلك أن يقول: ما الحكمة في كذا؟

ثانياً : كراهة قول نسيت آية كذا :
يكره أن يقول: نسيت آية كذا، بل يقول: أنسيتها أو أسقطتها.
فقد ثبت في الصحيحين، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقول أحدكم: نسيت آية كذا وكذا، بل هو شيء نسي))، وفي رواية في الصحيحين أيضا: ((بئسما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)).
وثبت في الصحيحين أيضا، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ فقال: ((رحمه الله، لقد ذكرني آية كنت أسقطتها))، وفي رواية في الصحيح: ((كنت أنسيتها)).
وأما ما رواه ابن أبي داود، عن أبي عبد الرحمن السلمي التابعي الجليل، أنه قال: "لا تقل: أسقطت آية كذا، قل: أغفلت"، فهو خلاف ما ثبت في الحديث الصحيح، فالاعتماد على الحديث، وهو جواز (أسقطت) وعدم الكراهة فيه أولى.

المقصد السادس : أسماء السور :
معنى السورة :
السورة في اللغة : لغتان، الهمز وتركه، والترك أفصح، وهو الذي جاء به القرآن، وممن ذكر اللغتين ابن قتيبة في غريب الحديث.
المصطلح : هي الطائفة من الآيات المترجمة والمجموعة بين بداية ونهاية .

والعلماء في تسمية السورة على قولين :
الأول : تسمية السورة ببعض القصص التي ورد فيها :
يجوز أن يقال: سورة البقرة وسورة آل عمران وسورة النساء وسورة المائدة وسورة الأنعام وكذا الباقي، لا كراهة في ذلك، وكره بعض المتقدمين هذا .
الثاني : أن يقول السورة التي وردت فيها القصة كذا : [ وهو قول الحجاج بن يوسف الثقفي]
يقال: السورة التي يذكر فيها البقرة، والسورة التي يذكر فيها آل عمران، والسورة التي يذكر فيها النساء، وكذا البواقي،

الترجيح :
والصواب الأول، فقد ثبت في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: ((سورة البقرة)) و((سورة الكهف))، وغيرهما مما لا يحصى، وكذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
قال ابن مسعود: "هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة"، وعنه، في الصحيحين: "قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النساء"، والأحاديث وأقوال السلف في هذا أكثر من أن تحصر.


المقصد السابع : أسماء القراءات :
تسمية القراءات على قولين :
الأول : تسمية السورة باسم قارئها المشهور بها :
يجوز أن نقول : هذه قراءة أبي عمرو أو قراءة نافع أو حمزة أو الكسائي أو غيرهم،
الثاني : عدم تسمية السورة باسم قارئها :
روى ابن أبي داود، عن إبراهيم النخعي، أنه قال: "كانوا يكرهون أن يقال: سنة فلان وقراءة فلان" .

الترجيح :القول الأول هو الراجح وهو القول المختار، الذي عليه السلف والخلف من غير إنكار .

المقصد الثامن : أحكام متعلقة بالكافر مع القرآن:
- جواز سماع الكافر للقرآن وامتناع مسه للمصحف:
لا يمنع الكافر من سماع القرآن لقول الله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}، ويمتنع من مس المصحف
- حكم تعليم القرآن للكافر:
هل يجوز تعليمه القرآن؟ قال أصحابنا: إن كان لا يرجى إسلامه لم يجز تعليمه، وإن رجي إسلامه ففيه وجهان:
أصحهما: يجوز رجاء إسلامه.
والثاني: لا يجوز، كما لا يجوز بيع المصحف منه وإن رجي إسلامه،
وأما إذا رأيناه يتعلم فهل يمنع؟ فيه وجهان.

المقصد التاسع : حكم كتابة القرآن في إناء ونحوه:
الأول : حكم كتابة القرآن في الإناء :
اختلف العلماء في كتابة القرآن في إناء ثم يغسل ويسقى المريض
فقال الحسن ومجاهد وأبو قلابة والأوزاعي: لا بأس به، وكرهه النخعي.
قال القاضي حسين والبغوي وغيرهما من أصحابنا: ولو كتب القرآن على الحلوى وغيرها من الأطعمة فلا بأس بأكلها، قال القاضي: ولو كان خشبة كره إحراقها.

ثانياً : نقش الحيطان والثياب ونحوه بالقران:
مذهبنا: أنه يكره نقش الحيطان والثياب بالقرآن وبأسماء الله تعالى، قال عطاء: لا بأس بكتب القرآن في قبلة المسجد .
ثالثاً : كتابة القرآن على الخروز :
وأما كتابة الحروز من القرآن؛ فقال مالك: لا بأس به إذا كان في قصبة أو جلد وخرز عليه، وقال بعض أصحابنا: إذا كتب في الخرز قرآنا مع غيره فليس بحرام، ولكن الأولى تركه، لكونه يحمل في حال الحدث، وإذا كتب يصان بما قاله الإمام مالك رحمه الله، وبهذا أفتى الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله.

المقصد العاشر: النفث مع القرآن للرقية:
معنى النفث : قال أهل اللغة: النفث: نفخ لطيف بلا ريق .
معنى الرقية : هي قراءة شيء من القرآن والأحاديث والأدعية على المريض ونحوه رجاء شفائه وبرئه .
حكمه على قولين :
الأول : عدم الجواز , فقد روى ابن أبي داود، عن أبي جحيفة الصحابي رضي الله عنه وعن الحسن البصري وإبراهيم النخعي أنهم كرهوا ذلك،
الثاني :أن ذلك غير مكروه بل هو سنة مستحبة، وهو القول المختار .
الأدلة :
- فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها، (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما {قل هو الله أحد} و{قل أعوذ برب الفلق}و{قل أعوذ برب الناس}، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات)رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
- وفي روايات في الصحيحين زيادة على هذا، ففي بعضها قالت عائشة رضي الله عنها: (فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به) ، وفي بعضها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات).
- قالت عائشة رضي الله عنها: (فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها)، وفي بعضها: (كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث).

سادساً : تلخيص مقصد الباب التاسع
المقصد الكلي للباب إكرام المصحف وتعظيم كتابته
المقصد الأول : جمع القرآن :
أولاً : جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم :
اعلم أن القرآن العزيز كان مؤلفا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- على ما هو في المصاحف اليوم، ولكن لم يكن مجموعا في مصحف بل كان محفوظا في صدور الرجال، فكان طوائف من الصحابة يحفظونه كله، وطوائف يحفظون أبعاضا منه، وإنما لم يجعله النبي -صلى الله عليه وسلم- في مصحف واحد لما كان يتوقع من زيادته ونسخ بعض المتلو، ولم يزل ذلك التوقع إلى وفاته صلى الله عليه وسلم
ثانياً : جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه :
كان زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقتل كثير من حملة القرآن خاف موتهم واختلاف من بعدهم فيه، فاستشار الصحابة -رضي الله عنهم- في جمعه في مصحف فأشاروا بذلك، فكتبه في مصحف وجعله في بيت حفصة أم المؤمنين -رضي الله عنها-،
ثالثاً : جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه :
فلما كان في زمن عثمان -رضي الله عنه- وانتشر الإسلام خاف عثمان وقوع الاختلاف المؤدي إلى ترك شيء من القرآن أو الزيادة فيه، فنسخ من ذلك المجموع الذي عند حفصة الذي أجمعت الصحابة عليه مصاحف وبعث بها إلى البلدان وأمر بإتلاف ما خالفها، وكان فعله هذا باتفاق منه ومن علي بن أبي طالب وسائر الصحابة وغيرهم رضي الله عنهم .
عدد المصاحف التي نسخها عثمان ووزعها .
على أقوال
الأول : ؛ فقال الإمام أبو عمرو الداني: أكثر العلماء على أن عثمان كتب أربع نسخ؛ فبعث إلى البصرة إحداهن، وإلى الكوفة أخرى، وإلى الشام أخرى، وحبس عنده أخرى.
الثاني : وقال أبو حاتم السجستاني: كتب عثمان سبعة مصاحف؛ بعث واحدا إلى مكة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وآخر إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وحبس بالمدينة واحدا،


المقصد الثاني : تحسين خط المصحف :
أولاً : تحسين الخط
اتفق العلماء على استحباب كتابة المصاحف وتحسين كتابتها وتبيينها وإيضاحها وتحقق الخط دون مشقة وتعليقه.
ثانياً : تنقيط المصحف وشكله :
العلماء فيه على أقوال
الأول :كرهه الشعبي والنخعي النقط فإنما كرهاه في ذلك الزمان خوفا من التغيير فيه .
الثاني : يستحب نقط المصحف وشكله،

الترجيح :
القول الثاني باستحباب النقط والتشكيل , فإنه صيانة من اللحن فيه وتصحيفه، وأما كراهة الشعبي والنخعي النقط فإنما كرهاه في ذلك الزمان خوفا من التغيير فيه وقد أمن ذلك اليوم فلا منع، ولا يمتنع من ذلك لكونه محدثا فإنه من المحدثات الحسنة، فلم يمنع منه كنظائره مثل تصنيف العلم وبناء المدارس والرباطات وغير ذلك، والله أعلم.

المقصد الثالث : تعظيم المصحف بإكرامه بالمادة التي يكتب بها .
لا تجوز كتابة القرآن بشيء نجس، وتكره كتابته على الجدران عندنا، وفيه مذهب عطاء الذي قدمناه، وقد قدمنا أنه إذا كتب على الأطعمة فلا بأس بأكلها، وأنه إذا كتب على خشبة كره إحراقها.

المقصد الرابع : صيانة المصحف واحترامه .
أولاً : القيام للمصحف :
ويستحب أن يقوم للمصحف إذا قدم به عليه، لأن القيام مستحب للفضلاء من العلماء والأخيار فالمصحف أولى، وقد قررت دلائل استحباب القيام في الجزء الذي جمعته فيه.
وروينا في مسند الدارمي بإسناد صحيح، عن ابن أبي مليكة، أن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه كان يضع المصحف على وجهه، ويقول: (كتاب ربي، كتاب ربي).
ثانياً :توسد المصحف :
ويحرم توسده، بل توسد آحاد كتب العلم حرام.
ثالثاً : إلقاؤه في القاذورات والعياذ بالله
أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه، قال أصحابنا وغيرهم: ولو ألقاه مسلم في القاذورة والعياذ بالله تعالى صار الملقي كافرا،

المقصد الخامس : السفر بالمصحف إلى أرض العدو :
تحرم المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو إذا خيف وقوعه في أيديهم، للحديث المشهور في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى ارض العدو.

المقصد السادس : بيع المصحف لغير المسلم :
ويحرم بيع المصحف من الذمي، فإن باعه ففي صحة البيع قولان للشافعي:
أصحهما: لا يصح،
والثاني: يصح، ويؤمر في الحال بإزالة ملكه عنه،

المقصد السابع : حكم مس المصحف ممن هو غير أهل له :

الأول : الصبي الذي لا يميز والمجنون :
ويمنع المجنون والصبي الذي لا يميز من مس المصحف مخافة من انتهاك حرمته، وهذا المنع واجب على الولي وغيره ممن رآه يتعرض لحمله .
هل يجب على الولي والمعلم تكليف الصبي المميز الطهارة لحمل المصحف واللوح اللذين يقرأ فيهما؟
فيه وجهان مشهوران، أصحهما عند الأصحاب: لا يجب للمشقة.

الثاني : المحدث :
يحرم على المحدث مس المصحف وحمله، سواء حمله بعلاقته أو بغيرها، سواء مس نفس الكتابة أو الحواشي أو الجلد، ويحرم مس الخريطة والغلاف والصندوق إذا كان فيهن المصحف، هذا هو المذهب المختار، وقيل: لا تحرم هذه الثلاثة، وهو ضعيف،
ولو كتب القرآن في لوح فحكمه حكم المصحف سواء قل المكتوب أو كثر، حتى لو كان بعض آية كتب للدراسة حرم مس اللوح.

الثالث : مس المصحف للممنوع منه بحائل :
إذا تصفح المحدث أو الجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود أو شبهه ففي جوازه وجهان لأصحابنا:
أظهرهما: جوازه، وبه قطع العراقيون من أصحابنا، لأنه غير ماس ولا حامل،
والثاني: تحريمه، لأنه يعد حاملا للورقة والورقة كالجميع،
وأما إذا لف كمه على يده وقلب الورقة فحرام بلا خلاف، وغلط بعض أصحابنا فحكى فيه وجهين، والصواب القطع بالتحريم، لأن القلب يقع باليد لا بالكم.

الرابع: كتابة المصحف للممنوع منه بحائل :
إذا كتب الجنب أو المحدث مصحكان يحمل الورقة أو جسها حال الكتابة فحرام،
وإن لم يحملها ولم يمسها ففيه ثلاثة أوجه:
الصحيح: جوازه، والثاني: تحريمه، والثالث: يجوز للمحدث، ويحرم على الجنب.

الخامس : مس المصحف لمن في بدنه نجاسة :
إذا كان في موضع من بدن المتطهر نجاسة غير معفو عنها حرم عليه مس المصحف بموضع النجاسة بلا خلاف، ولا يحرم بغيره على المذهب الصحيح المشهور
، وقال أبو القاسم الصيمري من أصحابنا: يحرم، وغلطه أصحابنا في هذا، قال القاضي أبو الطيب: هذا الذي قاله مردود بالإجماع .

المقصد الثامن : أحكام تتعلق بمس القرآن عند مشاركة غير القرآن معه في كتب وثياب ونحوها :

أولاً : إذا كان غير القرآن زائد على القرآن .
المذهب الصحيح بالجواز . فإذا مس المحدث أو الجنب أو الحائض أو حمل كتابا من كتب الفقه أو غيره من العلوم وفيه آيات من القرآن أو ثوبا مطرزا بالقرآن أو دراهم أو دنانير منقوشة به أو حمل متاعا في جملته مصحف أو لمس الجدار أو الحلوى أو الخبز المنقوش به فالمذهب الصحيح جواز هذا كله، لأنه ليس بمصحف، وفيه وجه أنه حرام.
وقال أقضى القضاة أبو حسن الماوردي في كتابه الحاوي: يجوز مس الثياب المطرزة بالقرآن،
وأما كتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن لم يكن فيها آيات من القرآن لم يحرم مسها، والأولى أن لا تمس إلا على طهارة، وإن كان فيها آيات من القرآن لم يحرم على المذهب، وفيه وجه أنه يحرم .

ثانياً : إذا كان القرآن زائد على غيره .
وأما كتب تفسير القرآن؛ فإن كان القرآن فيها أكثر من غيره حرم مسها وحملها، وإن كان غيره أكثر كما هو الغالب ففيها ثلاثة أوجه:
أصحها: لا يحرم.
والثاني: يحرم.
والثالث: إن كان القرآن بخط متميز بغلظ أو حمرة أو غيرها حرم، وإن لم يتميز لم يحرم.
قلت: ويحرم المس إذا استويا.
قال صاحب التتمة من أصحابنا: وإذا قلنا لا يحرم فهو مكروه،
وهو الذي في كتب الفقه.

ثالثاً : مس المنسوخ تلاوته :
وأما المنسوخ تلاوته كـ"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" وغير ذلك، فلا يحرم مسه ولا حمله .

رابعاً : حكم لبس الثياب المطرزة بالقرآن
ولا يجوز لبسها بلا خلاف، لأن المقصود بلبسها التبرك بالقرآن، وهذا الذي ذكره أو قاله ضعيف لم يوافقه أحد عليه فيما رأيته، بل صرح الشيخ أبو محمد الجويني وغيره بجواز لبسها، وهذا هو الصواب، والله أعلم.

المقصد التاسع : التيمم لمس المصحف :
من لم يجد ماء فتيمم حيث يجوز التيمم له مس المصحف، سواء كان تيممه للصلاة أو لغيرها مما يجوز التيمم له.
وأما من لم يجد ماء ولا ترابا فإنه يصلي على حسب حاله، ولا يجوز له مس المصحف لأنه محدث جوزنا له الصلاة للضرورة، ولو كان معه مصحف ولم يجد من يودعه عنده وعجز عن الوضوء جاز له حمله للضرورة، قال القاضي أبو الطيب: ولا يلزمه التيمم، وفيما قاله نظر، وينبغي أن يلزمه التيمم، أما إذا خاف على المصحف من حرق أو غرق أو وقوع في نجاسة أو حصوله في يد كافر فإنه يأخذه ولو كان محدثا للضرورة.

المقصد العاشر : بيع المصحف وشراؤه :
الأول الجواز :
يصح بيع المصحف وشراؤه،قاله الحسن البصري وعكرمة والحكم بن عيينة وهو مروي عن ابن عباس،
الثاني يكره بيعه وشراؤه :
وكرهت طائفة من العلماء بيعه وشراؤه، وحكاه ابن المنذر عن علقمة وابن سيرين والنخعي وشريح ومسروق وعبد الله بن يزيد , وروي عن ابن عمر وأبي موسى الأشعري التغليظ في بيعه.
الثالث : الكراهة في البيع دون الشراء :
ولا كراهة في شرائه وفي كراهة بيعه وجهان لأصحابنا، أصحهما وهو نص الشافعي: أنه يكره، حكاه ابن المنذر عن ابن عباس وسعيد بن جبير وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه رضي الله عنهم أجمعين .
بارك الله فيكم أخي الفاضل ، ونفع بكم.
أداؤكم جيد ومتميز وبقيت بعض الإشارات أبينها لكم حتى تتضح صورة تلخيص المقاصد لكم بإذن الله.
* بالنسبة للمقصد الكلي للكتاب :
بالنظر إلى عموم الكتاب يتبين لكم أن المقصد الأساسي له هو بيان آداب حامل القرآن ، ويمكننا صياغته من المقاصد الفرعية للكتاب؛ فنقول :

اقتباس:
بيان آداب حامل القرآن عامة مع القرآن وفي نفسه ومع غيره ، وآداب معلمه ومتعلمه ، وبيان فضل حامل القرآن وما يجب على المسلم تجاه القرآن وتجاه حامله ، وبيان السور والآيات التي يستحب قراءتها في أوقات مخصوصة وآداب كتابة المصحف وصور إكرامه.
- قدمتُ آداب حامل القرآن لأنها المقصد الأساسي من الكتاب كما بين المؤلف ذلك في الباب السادس ، وبينت واجب المسلم تجاه القرآن لأن المؤلف بين ذلك في الباب السابع ، ثم عطفتُ عليه واجبه تجاه حامل القرآن وإن كان المؤلف بين ذلك في أول الكتاب ، لكن من أجل الصياغة أخرتها.


* المقاصد الفرعية :
أحسنتم بعمل قائمة للمقاصد في بداية التلخيص ، لكن لا نذكر مقصد الباب الأول ، الثاني....
مثلا : بالتعديل على قائمتك :



مقاصد الكتاب الفرعية
المقصد الأول:
في ترجيح القراءة والقارئ على غيرهما من أمور الدنيا والدين
المقصد الثاني : في إكرام أهل القرآن والنهي عن إيذائهم
المقصد الثالث : بيان آداب حملة القران والأمر بقراءة القران وتعهده
المقصد الرابع : بعض آداب تلاوة القرآن
المقصد الخامس : آداب عامة في التعامل مع القرآن
المقصد السادس: إكرام المصحف وتعظيم كتابته

وهكذا ....

* إذا نظرتم إلى الخطوة السابقة ، فربما يتبين لكم الحاجة إلى إعادة الترتيب ، فنقدم أهم مقصد على غيره ، والترتيب يرجع لنظرة الملخِّص والأمر فيه اجتهادي ، لكن من الخطأ تقديم الأقل أهمية على الأكثر أهمية.
* المقاصد الفرعية لكل باب الآن ، أصبحت مسائل تحت المقاصد الفرعية للكتاب :


مثال :
المقصد الأول: في ترجيح القراءة والقارئ على غيرهما من أمور الدنيا والدين
1: فضل قارئ القرآن على غيره في أمور الدين .
أ: تقديمه للإمامة في الصلاة :
.... الدليل ...
2: فضل قارئ القرآن على غيره في أمور الدنيا
أ: تقديمه في المشورة :
..........
ب: تقديمهم في المجالسة :
......

ج: ...

3: فضل قراءة القرآن على غيرها من الأذكار

* بالنظر لذلك ؛ ربما تجدون مسائل وردت في أبواب أخرى بحاجة لوضعها تحت هذا المقصد فننقلها إليه.
أرجو أن تكون الفكرة قد أتضحت لكم فإذا بقي هناك أمر لم يتضح فلا تترددوا في الاستفسار عنه في موضوع توضيح فكرة تلخيص مقاصد الكتب ، وأسأل الله أن يوفق هيئة الإشراف للإجابة عليكم.


تقييم التلخيص :

الشمول : 18 / 20 [ فاتكم الإشارة إلى الباب الثامن ]
الترتيب : 17 / 20 [ أرجو مراجعة الملحوظات أعلاه ]
التحرير العلمي : 20 / 20 [ أحسنتم تحرير المسائل الخلافية ، وعزو الأحاديث في أكثر المواضع وفاتكم بعضها ]
الصياغة : 12 / 15 [ أرجو مراجعة الملحوظات أعلاه ]
العرض : 13 / 15 [ تلوين تلخيصكم كان سيظهر المجهود الرائع الذي قمتم به ]
المقصد الكلي : 8 / 10 [ أرجو مراجعة الملحوظات أعلاه ]
______________

المجموع الكلي = 88 %
بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11 شعبان 1436هـ/29-05-2015م, 02:03 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

بارك الله فيكم أخي الفاضل
وضعتم تلخيص المقصد الثالث من مقدمة تفسير ابن كثير ، فأين باقي المقاصد ؟
أرجو أن تتموا تلخيص المقدمة وتضعوا التلخيص في مشاركة واحدة لتصحح لكم بإذن الله.
بارك الله فيكم ونفع بكم.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11 شعبان 1436هـ/29-05-2015م, 10:46 AM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي

جزاكم الله خيرا
ولكني وضعت التلخيص المطلوب كل في مكانه وثم جمعت كافة التلاخيص في مكان واحد في صفحة القراءة المنظمة
وهذه هي روابط التلخيصات المطلوبة
تلخيص الباب الرابع
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...5&postcount=15
تلخيص الباب الخامس
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...7&postcount=11
تلخيص الباب السادس
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...7&postcount=10

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11 شعبان 1436هـ/29-05-2015م, 11:37 PM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي الطالب ماهر غازي القسي تلخيص مقاصد مقدمة تفسير ابن كثير رحمه الله

الباب الأول : عرض لتاريخ جمع القرآن وكتابة المصاحف
المبحث الأول : معارضة جبريل القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم
المبحث الثاني : القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
المبحث الثالث : جمع القرآن قبل خلافة عثمان رضي الله عنه .
المبحث الرابع : جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن :
المبحث الخامس : تأليف القرآن وترتيبه :
المبحث السادس : نقط المصحف وتشكيله :


الباب الثاني : بيان معنى نزول القرآن على سبعة أحرف
المبحث الأول : معنى اﻷحرف السبعة وما أريد منها
المبحث الثاني : اﻷدلة على نزول القرآن على سبعة أحرف
المبحث الثالث : رحمة الأمة بنزول القرآن ابتداءاً على سبعة أحرف
المبحث الرابع : ماوقع للصحابة من قصص تبين عدم معرفتهم بالأحرف السبعة ابتداءاً
المبحث الخامس : وجوب أن الالتزام بالحرف الذي تعلمه ابتداءً
المبحث السادس : سبب نسخ القراءة باﻷحرف السبعة
المبحث السابع : ترجيح ابن كثير في أن القرآت السبع ترجع الى حرف واحد

الباب الثالث : بيان آداب تلاوة القرآن وأحكامها

المبحث الأول : فضل تلاوة القرآن
المبحث الثاني : وجوب الإخلاص في تلاوة القرآن

المبحث الثالث : فضل حفظ القرآن
المبحث الرابع : ترتيل القرآن وتجويد تلاوته
المبحث الخامس : أحكام متفرّقة في تلاوة القرآن

الباب الرابع : ذكر فوائد متفرّقة في علوم القرآن الكريم
المبحث الأول : السور المكية والمدنية
المبحث الثاني : عدد الآيات والكلمات والحروف في القرآن

المبحث الثالث : نصف القرآن وثلثه وسبعه
المبحث الرابع : التجزئة والتحزيب
المبحث الخامس : في معنى السورة واﻵية والكلمة

شرح المسائل :
الباب الأول : عرض لتاريخ جمع القرآن وكتابة المصاحف
المبحث الأول : معارضة جبريل القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم
- المراد بالمعارضة :
- غرض المعارضة :
- تخصيص رمضان بالمعارضة :
- المقصد من المعارضة مرتين في الرمضان الأخير :

المبحث الثاني : القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن من أربعة :
- حديث أنس رضي الله عنه في اختصاص من حفظ القرآن من الصحابة والرد عليه :
- علم عبد الله ابن مسعود في القرآن :
- علم عبد الله ابن عباس في القرآن :
- علم عبد الله ابن عمرو في القرآن :
- علم أبي بن كعب في القرآن :

المبحث الثالث : جمع القرآن قبل خلافة عثمان رضي الله عنه .
- سبب جمع القرآن في عهد أبي بكر .
- أعظم الناس أجراً في القرآن أبو بكر .
- فضل زيد بن ثابت في القرآن :
- طريقة جمع القرآن :
- عند من كانت الصحف بعد جمعها :

المبحث الرابع : جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن :
- سبب جمع عثمان للقرآن :
- جمع عثمان كان على العرضة الأخيرة :
- طريقة الجمع :
أولاً : من أمر عثمان من الصحابة بالجمع والنسخ :
ثانياً : اللسان المعتمد في النسخ :
ثالثاً : توزيع النسخ على الأمصار :
رابعاً : تحريق أي نسخة من القرآن غير مصحف عثمان :
- فضل عمثان بما فعله في سنخ القرآن .
- رأي عبد الله ابن مسعود في فعل عثمان
- المصحف العثماني :
- طريقة كتابة المصحف وتطورها :
أولاً : قلة الكتاب والكتابة في عهد الصحابة :
ثانياً : طريقة الكتابة :

المبحث الخامس : تأليف القرآن وترتيبه :
أولاً : الحكمة في ترتيب النزول :
ثانياً : ترتيب الآيات و السور في مصحف عثمان :
ثالثاً : ترتيب مصاحف قراء الصحابة :
رابعاً : تحزيب القرآن :

المبحث السادس : نقط المصحف وتشكيله :
- أول من أمر به :
- تعشير المصحف :
- معلومات عامة عن كتابة المصحف :
- حكم كتابة بعض الرموز على المصحف :

شرح المسائل :
المبحث الأول : معارضة جبريل القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم
- المراد بالمعارضة : والمراد من معارضته له بالقرآن كل سنة: مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله تعالى .
- غرض المعارضة : ليبقى ما بقي، ويذهب ما نسخ توكيدا، أو استثباتا وحفظا .
- تخصيص رمضان بالمعارضة : وخص بذلك رمضان من بين الشهور؛ لأن ابتداء الإيحاء كان فيه؛ ولهذا يستحب دراسة القرآن وتكراره فيه، ومن ثم كثر اجتهاد الأئمة فيه في تلاوة القرآن .
- المقصد من المعارضة مرتين في الرمضان الأخير : ولهذا عرضه في السنة الأخيرة من عمره، عليه السلام اقتراب أجله، على جبريل مرتين، وعارضه به جبريل كذلك؛ ولهذا فهم، عليه السلام، اقتراب أجله , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته لما مرض: ((وما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلي)). أخرجاه في الصحيحين.

المبحث الثاني : القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن من أربعة :
أخرج البخاري عن مسروق: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب))، رضي الله عنهم.
فهؤلاء الأربعة اثنان من المهاجرين الأولين عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وقد كان سالم هذا من سادات المسلمين وكان يؤم الناس قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، واثنان من الأنصار معاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وهما سيدان كبيران، رضي الله عنهم أجمعين.
- حديث أنس رضي الله عنه في اختصاص من حفظ القرآن من الصحابة والرد عليه :
روى البخاري عن ثابت البناني وثمامة عن أنس بن مالك قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قال: ونحن ورثناه.
- الإجابة على هذا الحديث
فهذا الحديث ظاهره أنه لم يجمع القرآن من الصحابة سوى هؤلاء الأربعة فقط، وليس هذا هكذا، بل الذي لا شك فيه أنه جمعه غير واحد من المهاجرين أيضا، ولعل مراده:
يحتمل أنه لم يأخذه تلقيا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هؤلاء الأربعة، وأن بعضهم تلقى بعضه عن بعض
ويحتمل أنه لم يجمع القرآن من الأنصار؛ ولهذا ذكر الأربعة من الأنصار، وهم أبي بن كعب في الرواية الأولى المتفق عليها وفي الثانية من أفراد البخاري: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، وكلهم مشهورون إلا أبا زيد هذا .
- التحقيق في اسم الصحابي المراد من حديث أنس ( أبو زيد )
الأول : قيس بن السكن من بني النجار , قاله الواقدي , وقال موسى بن عقبة عن الزهري: قتل أبو زيد قيس بن السكن يوم جسر أبي عبيدة على رأس خمس عشرة سنة من الهجرة .
الثاني : سعد بن عبيد بن النعمان بن قيس بن عمرو بن زيد بن أمية من الأوس , قاله ابن نمير.
الثالث : هما اثنان جمعا القرآن، حكاه أبو عمر بن عبد البر، وهذا بعيد .
الراجح : وقول الواقدي أصح لأنه خزرجي؛
- لأن أنسا قال: ونحن ورثناه، وهم من الخزرج،
- وفي بعض ألفاظه وكان أحد عمومتي.
- وقال قتادة عن أنس قال: افتخر الحيان الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة حنظلة بن أبي عامر، ومنا الذي حمته الدبر عاصم بن ثابت، ومنا الذي اهتز لموته العرش سعد بن معاذ، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت , فقالت الخزرج: منا أربعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد.

والدليل على أن من المهاجرين من جمع القرآن :
- الصديق، رضي الله عنه، قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه إماما على المهاجرين والأنصار، مع أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) فلولا أنه كان أقرؤهم لكتاب الله لما قدمه عليهم. هذا مضمون ما قرره الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، وهذا التقرير لا يدفع ولا يشك فيه، وقد جمع الحافظ ابن السمعاني في ذلك جزءا، وقد بسطت تقرير ذلك في كتاب مسند الشيخين، رضي الله عنهما.
- ومنهم عثمان بن عفان وقد قرأه في ركعة -كما سنذكره-
- وعلي بن أبي طالب يقال: إنه جمعه على ترتيب ما أنزل، وقد قدمنا هذا.
- ومنهم عبد الله بن مسعود، وقد تقدم عنه أنه قال: ما من آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت؟ وفيم نزلت؟ ولو علمت أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه المطي لذهبت إليه.
- ومنهم سالم مولى أبي حذيفة، كان من السادات النجباء والأئمة الأتقياء وقد قتل يوم اليمامة شهيدا.
- ومنهم الحبر البحر عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرآن،

- علم عبد الله ابن مسعود في القرآن :
أخرج البخاري عن شقيق بن سلمة قال: خطبنا عبد الله فقال: والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم. قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك.
- تبرير قول ابن مسعود عن نفسه
1- هذا كله حق وصدق، وهو من إخبار الرجل بما يعلم عن نفسه مما قد يجهله غيره، فيجوز ذلك للحاجة، كما قال تعالى إخبارا عن يوسف لما قال لصاحب مصر: {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} [يوسف: 55]،
2- ويكفيه مدحا وثناء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استقرئوا القرآن من أربعة))، فبدأ به.
3- وقال أبو عبيد: عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)). وهكذا رواه الإمام أحمد

- علم عبد الله ابن عباس في القرآن :
عن مجاهد أنه قال: قرأت القرآن على ابن عباس مرتين، أقفه عند كل آية وأسأله عنها.

- علم عبد الله ابن عمرو في القرآن :
روى النسائي وابن ماجة عن يحيى بن حكيم بن صفوان، عن عبد الله بن عمرو قال: جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرأه في شهر)).

- علم أبي بن كعب في القرآن :
روى البخاري عن ابن عباس قال: قال عمر: علي أقضانا، وأبي أقرأنا، وإنا لندع من لحن أبي، وأبي يقول: أخذته من في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أتركه لشيء قال الله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} [البقرة: 106].
وهذا يدل على أن الرجل الكبير قد يقول الشيء يظنه صوابا وهو خطأ في نفس الأمر؛ ولهذا قال الإمام مالك: ما من أحد إلا يؤخذ من قوله ويرد إلا قول صاحب هذا القبر، أي: فكله مقبول، صلوات الله وسلامه عليه.

المبحث الثالث : جمع القرآن قبل خلافة عثمان رضي الله عنه .
- سبب جمع القرآن في عهد أبي بكر

روى البخاري : أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان علي أثقل مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز} [التوبة: 128] حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر،

- أعظم الناس أجراً في القرآن أبو بكر .
* وهذا من أحسن وأجل وأعظم ما فعله الصديق، رضي الله عنه، فإنه أقامه الله بعد النبي صلى الله عليه وسلم مقاما لا ينبغي لأحد بعده، قاتل الأعداء من مانعي الزكاة، والمرتدين، والفرس والروم، ونفذ الجيوش، وبعث البعوث والسرايا، ورد الأمر إلى نصابه بعد الخوف من تفرقه وذهابه، وجمع القرآن العظيم من أماكنه المتفرقة حتى تمكن القارئ من حفظه كله، وكان هذا من سر قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9] فجمع الصديق الخير وكف الشرور، رضي الله عنه وأرضاه.
* ولهذا روي غير واحد من الأئمة منهم وكيع وابن مهدي وقبيصة عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير عن عبد خير، عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه قال: أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر، إن أبا بكر كان أول من جمع القرآن بين اللوحين. هذا إسناده صحيح.
* فكان الذي فعله الشيخان أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، من أكبر المصالح الدينية وأعظمها، من حفظهما كتاب الله في الصحف؛ لئلا يذهب منه شيء بموت من تلقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

- فضل زيد بن ثابت في القرآن :
وهذا المقام من أعظم فضائل زيد بن ثابت الأنصاري؛ ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد، حدثنا يزيد، حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن؛ أن عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل: كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة، فقال: إنا لله، فأمر بالقرآن فجمع فكان أول من جمعه في المصحف.
هذا منقطع، فإن الحسن لم يدرك عمر، ومعناه: أنه أشار بجمعه فجمع؛ ولهذا كان مهيمنا على حفظه وجمعه

- طريقة جمع القرآن :
* لما استحر القتل بالقراء يومئذ فرق أبو بكر، رضي الله عنه، أن يضيع، فقال لعمر بن الخطاب ولزيد بن ثابت: فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه. منقطع حسن.
* ولهذا قال زيد بن ثابت: وجدت آخر سورة التوبة، يعني قوله تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين [التوبة: 128، 129]، مع أبي خزيمة الأنصاري، وفي رواية: مع خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين لم أجدها مع غيره فكتبوها عنه لأنه جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين في قصة الفرس التي ابتاعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأعرابي، فأنكر الأعرابي البيع، فشهد خزيمة هذا بتصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمضى شهادته وقبض الفرس من الأعرابي. والحديث رواه أهل السنن وهو مشهور،
* وأما قول زيد بن ثابت: "فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال" وفي رواية: "من العسب والرقاع والأضلاع، وفي رواية: "من الأكتاف والأقتاب وصدور الرجال".
أما العسب فجمع عسيب. قال أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري: وهو من السعف فويق الكرب لم ينبت عليه الخوص، وما نبت عليه الخوص فهو السعف.
واللخاف: جمع لخفة وهي القطعة من الحجارة مستدقة، كانوا يكتبون عليها وعلى العسب وغير ذلك، مما يمكنهم الكتابة عليه بما يناسب ما يسمعونه من القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنهم من لم يكن يحسن الكتابة أو يثق بحفظه، فكان يحفظه،
* فتلقاه زيد بن ثابت من هذا من عسيبه، ومن هذا من لخافه، ومن صدر هذا، أي من حفظه،
* قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، التمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} [الأحزاب: 23]، فألحقناها في سورتها في المصحف.
* كانوا أحرص شيء على أداء الأمانات وهذا من أعظم الأمانة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أودعهم ذلك ليبلغوه إلى من بعده كما قال الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} [المائدة: 67]، ففعل، صلوات الله وسلامه عليه، ما أمر به؛ ولهذا سألهم في حجة الوداع يوم عرفة على رؤوس الأشهاد، والصحابة أوفر ما كانوا مجتمعين، فقال: ((إنكم مسؤولون عني فما أنتم قائلون؟)). فقالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فجعل يشير بأصبعه إلى السماء، وينكبها عليهم ويقول: ((اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد)). رواه مسلم عن جابر.
* وقد أمر أمته أن يبلغ الشاهد الغائب وقال: ((بلغوا عني ولو آية)) يعني: ولو لم يكن مع أحدكم سوى آية واحدة فليؤدها إلى من وراءه، فبلغوا عنه ما أمرهم به،
* فأدوا القرآن قرآنا، والسنة سنة، لم يلبسوا هذا بهذا؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ((من كتب عني سوى القرآن فليمحه)) أي: لئلا يختلط بالقرآن، وليس معناه: ألا يحفظوا السنة ويرووها، والله أعلم.
* فلهذا نعلم بالضرورة أنه لم يبق من القرآن مما أداه الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم إلا وقد بلغوه إلينا،

- عند من كانت الصحف بعد جمعها :
* ثم كانت تلك الصحف عند الصديق أيام حياته،
* ثم أخذها عمر بعده فكانت عنده محروسة معظمة مكرمة،
* فلما مات كانت عند حفصة أم المؤمنين، لأنها كانت وصيته من أولاده على أوقافه وتركته وكانت عند أم المؤمنين رضي الله عنها،
* حتى أخذها بعد وفاتها من عبد الله ابن عمر عبد الملك بن مروان فأحرقها متأولاً ما تأوله عثمان رضي الله عنه .
قال أبو بكر بن أبي زيد : عن سالم بن عبد الله: أن مروان كان يرسل إلى حفصة يسألها الصحف التي كتب منها القرآن، فتأبى حفصة أن تعطيه إياها. قال سالم: فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها أرسل مروان بالعزيمة إلى عبد الله بن عمر ليرسلن إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر فأمر بها مروان فشققت، وقال مروان: إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالمصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب أو يقول: إنه قد كان شيء منها لم يكتب. إسناده صحيح.

المبحث الرابع : جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن :
- سبب جمع عثمان للقرآن :

روى البخاري : أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى.
وذلك أن اليهود والنصارى مختلفون فيما بأيديهم من الكتب، فاليهود بأيديهم نسخة من التوراة، والسامرة يخالفونهم في ألفاظ كثيرة ومعان أيضا، وليس في توراة السامرة حرف الهمزة ولا حرف الياء، والنصارى -أيضا- بأيديهم توراة يسمونها العتيقة وهي مخالفة لنسختي اليهود والسامرة، وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى فأربعة: إنجيل مرقس، وإنجيل لوقا، وإنجيل متى، وإنجيل يوحنا، وهي مختلفة -أيضا- اختلافا كثيرا، وهذه الأناجيل الأربعة كل منها لطيف الحجم منها ما هو قريب من أربع عشرة ورقة بخط متوسط، ومنها ما هو أكبر من ذلك إما بالنصف أو بالضعف، ومضمونها سيرة عيسى وأيامه وأحكامه وكلامه وفيه شيء قليل مما يدعون أنه كلام الله، وهي مع هذا مختلفة، كما قلنا، وكذلك التوراة مع ما فيها من التحريف والتبديل، ثم هما منسوخان بعد ذلك بهذه الشريعة المحمدية المطهرة.

- جمع عثمان كان على العرضة الأخيرة :
جمع قراءات الناس على مصحف واحد ووضعه على العرضة الأخيرة التي عارض بها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان من عمره .
قال أبو بكر بن أبي داوود : عن كثير بن أفلح قال: لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف جمع له اثني عشر رجلا من قريش والأنصار، فيهم أبي بن كعب وزيد بن ثابت، قال: فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر فجيء بها، قال: وكان عثمان يتعاهدهم، وكانوا إذا تدارؤوا في شيء أخروه. قال محمد: فقلت لكثير -وكان فيهم فيمن يكتب- : هل تدرون لم كانوا يؤخرونه؟ قال: لا. قال محمد: فظننت ظنا إنما كانوا يؤخرونها لينظروا أحدثهم عهدا بالعرضة الأخيرة فيكتبونها على قوله. صحيح أيضا.

- طريقة الجمع :
أولاً : من أمر عثمان من الصحابة بالجمع والنسخ :

أرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك , فأمر :
* زيد بن ثابت الأنصاري، أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
* عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا .
* سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، وكان كريما جوادا ممدحا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم .
* عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي .

ثانياً : اللسان المعتمد في النسخ :
وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم. ففعلوا، كما اختلفوا في التابوت أيكتبونه بالتاء أو الهاء، فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت فترافعوا إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم.

ثالثاً : توزيع النسخ على الأمصار :
* أمر عثمان بالنسخ أن توزع على الأمصار الرئيسية في العالم الإسلامي آنذاك .
* وكان التوزيع كالتالي : مصحفا إلى أهل مكة، ومصحفا إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وترك عند أهل المدينة مصحفا، رواه أبو بكر بن أبي داود عن أبي حاتم السجستاني، سمعه يقوله. وصحح القرطبي أنه إنما نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف. وهذا غريب .

رابعاً : تحريق أي نسخة من القرآن غير مصحف عثمان :
وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق , إلا مصحف حفصة , فلما جمعها عثمان، رضي الله عنه، في المصحف، ردها إليها، ولم يحرقها في جملة ما حرقه مما سواها، لأنها هي بعينها الذي كتبه، وإنما رتبه، ثم إنه كان قد عاهدها على أن يردها إليها، فما زالت عندها حتى ماتت، ثم أخذها مروان بن الحكم فحرقها وتأول في ذلك ما تأول عثمان، كما رواه أبو بكر بن أبي داود.

- فضل عمثان بما فعله في نسخ القرآن .
* هذا من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فإن الشيخين سبقاه إلى حفظ القرآن أن يذهب منه شيء وهو جمع الناس على قراءة واحدة؛ لئلا يختلفوا في القرآن،
* ووافقه على ذلك جميع الصحابة، وإنما روي عن عبد الله بن مسعود شيء من التغضب بسبب أنه لم يكن ممن كتب المصاحف وأمر أصحابه بغل مصاحفهم لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الإمام، ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاق
* قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا.
* فاتفق الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم، على أن ذلك من مصالح الدين، وهم الخلفاء الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)).
* وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد. وهذا إسناد صحيح.
* وحدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا محمد بن عبد الله، حدثني عمران بن حدير، عن أبي مجلز قال: لولا أن عثمان كتب القرآن لألفيت الناس يقرؤون الشعر.
* وحدثنا أحمد بن سنان قال: سمعت ابن مهدي يقول: خصلتان لعثمان بن عفان ليستا لأبي بكر ولا لعمر: صبره نفسه حتى قتل مظلوما، وجمعه الناس على المصحف.

- رأي عبد الله ابن مسعود في فعل عثمان :
أولاً : في أول الأمر أزعجه ذلك كثيرا
* فقد قال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حميد بن مالك قال: لما أمر عثمان بالمصاحف -يعني بتحريقها- ساء ذلك عبد الله بن مسعود وقال: من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليغلل، فإنه من غل شيئا جاء بما غل يوم القيامة , ثم قال عبد الله: لقد قرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد صبي، أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* وقال أبو بكر: حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان، حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا أبو شهاب، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: خطبنا ابن مسعود على المنبر فقال: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} [آل عمران: 161]، غلوا مصاحفكم، وكيف تأمروني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت، وقد قرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، وإن زيد بن ثابت ليأتي مع الغلمان له ذؤابتان، والله ما نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، وما أنا بخيركم، ولو أعلم مكانا تبلغه الإبل أعلم بكتاب الله مني لأتيته. قال أبو وائل: فلما نزل عن المنبر جلست في الحلق، فما أحد ينكر ما قال. أصل هذا مخرج في الصحيحين وعندهما: ولقد علم أصحاب محمد أني أعلمهم بكتاب الله. وقول أبي وائل: "فما أحد ينكر ما قال"، يعني: من فضله وعلمه وحفظه، والله أعلم.
* وقد خالفه غير واحد بقوله هذا , قال الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة، قال: قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء، فقال: كنا نعد عبد الله جبانا فما باله يواثب الأمراء.

ثانياً : رضاه بذلك .
* قال أبو بكر بن أبي داود: عن فلفلة الجعفي قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين، ولكنا جئنا حين راعنا هذا الخبر، فقال: إن القرآن أنزل على نبيكم من سبعة أبواب، على سبعة أحرف -أو حروف- وإن الكتاب قبلكم كان ينزل -أو نزل- من باب واحد على حرف واحد. وهذا الذي استدل به أبو بكر، رحمه الله، على رجوع ابن مسعود فيه نظر، من جهة أنه لا يظهر من هذا اللفظ رجوع عما كان يذهب إليه، والله أعلم.


- المصحف العثماني :
* معنى المصحف العثماني
أي الذي أمر به عثمان فكتب لأن عمثان ما عرف أنه كتب بخطه هذه المصاحف، وإنما كتبها زيد بن ثابت في أيامه، ربما وغيره، فنسبت إلى عثمان لأنها بأمره وإشارته، ثم قرئت على الصحابة بين يدي عثمان، ثم نفذت إلى الآفاق، رضي الله عنه،
وقد قال أبو بكر بن أبي داود: عن أبي سعيد مولى بني أسيد، قال: لما دخل المصريون على عثمان ضربوه بالسيف على يده فوقعت على: {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} [البقرة: 137]، فمد يده وقال: والله إنها لأول يد خطت المفصل.
وقال أيضا: حدثنا أبو طاهر، حدثنا ابن وهب قال: سألت مالكا عن مصحف عثمان، فقال لي: ذهب. يحتمل أنه سأله عن المصحف الذي كتبه بيده، ويحتمل أن يكون سأله عن المصحف الذي تركه في المدينة، والله أعلم.
* النسخ التي وزعها عثمان
أما المصاحف العثمانية الأئمة فأشهرها اليوم الذي في الشام بجامع دمشق عند الركن شرقي المقصورة المعمورة بذكر الله، وقد كانت قديما بمدينة طبرية ثم نقل منها إلى دمشق في حدود ثمان عشرة وخمسمائة، وقد رأيته كتابا عزيزا جليلا عظيما ضخما بخط حسن مبين قوي بحبر محكم في رق أظنه من جلود الإبل .
* ماقيل أنها بخط علي رضي الله عنه :
ولكن قد توجد مصاحف على الوضع العثماني، يقال: إنها بخط علي، رضي الله عنه، وفي ذلك نظر، فإنه في بعضها: كتبه علي بن أبي طالب، وهذا لحن من الكلام ؛ وعلي، رضي الله عنه، من أبعد الناس عن ذلك فإنه كما هو المشهور عنه هو أول من وضع علم النحو، فيما رواه عنه أبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي .

- طريقة كتابة المصحف وتطورها :
أولاً : قلة الكتاب والكتابة في عهد الصحابة :

قد كانت الكتابة في العرب قليلة جدا،
* وإنما أول ما تعلموا ذلك ما ذكره هشام بن محمد بن السائب الكلبي وغيره: أن بشر بن عبد الملك أخا أكيدر دومة تعلم الخط من الأنبار، ثم قدم مكة فتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية فعلمه حرب بن أمية وابنه سفيان، وتعلمه عمر بن الخطاب من حرب بن أمية، وتعلمه معاوية من عمه سفيان بن حرب،
* وقيل: إن أول من تعلمه من الأنبار قوم من طيئ من قرية هناك يقال لها: بقة، ثم هذبوه ونشروه في جزيرة العرب فتعلمه الناس. ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود: عن الشعبي قال: سألنا المهاجرين من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الحيرة. وسألنا أهل الحيرة: من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الأنبار.

ثانياً : طريقة الكتابة :
* الذي كان يغلب على زمان السلف الكتابة المكتوفة
* ثم هذبها أبو علي بن مقلة الوزير، وصار له في ذلك منهج وأسلوب في الكتابة،
* ثم قربها علي بن هلال البغدادي المعروف بابن البواب وسلك الناس وراءه. وطريقته في ذلك واضحة جيدة.
* والغرض أن الكتابة لما كانت في ذلك الزمان لم تحكم جيدا، وقع في كتابة المصاحف اختلاف في وضع الكلمات من حيث صناعة الكتابة لا من حيث المعنى، وصنف الناس في ذلك،
* واعتنى بذلك الإمام الكبير أبو عبيد القاسم بن سلام، رحمه الله، في كتابه فضائل القرآن والحافظ أبو بكر بن أبي داود، رحمه الله، فبوبا على ذلك وذكر قطعة صالحة هي من صناعة القرآن، ليست مقصدنا هاهنا؛ ولهذا نص الإمام مالك، رحمه الله، على أنه لا توضع المصاحف إلا على وضع كتابة الإمام، ورخص في ذلك غيره،
* واختلفوا في الشكل والنقط فمن مرخص ومن مانع،
* فأما كتابة السور وآياتها والتعشير والأجزاء والأحزاب فكثير في مصاحف زماننا، والأولى اتباع السلف الصالح.

المبحث الخامس : تأليف القرآن وترتيبه :
والمراد من التأليف هاهنا ترتيب سوره.
أولاً : الحكمة في ترتيب النزول :
روى النسائي : عن يوسف بن ماهك قال: إني عند عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، إذ جاءها عراقي فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك! وما يضرك، قال: يا أم المؤمنين، أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما ينزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء: ولا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدا، لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} [القمر: 46]، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور.

ثانياً : ترتيب الآيات و السور في مصحف عثمان :
* كان عثمان رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال وثنى بالمئين؛ ولهذا روى ابن جرير وأبو داود والترمذي والنسائي عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينها ولم تكتبوا بينها سطر "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبع الطوال.
ففهم من هذا الحديث
أولاً : ترتيب الآيات :
أن ترتيب الآيات في السور أمر توقيفي متلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا ليس لأحد أن يقرأ القرآن إلا مرتبا آياته ؛ فإن نكسه أخطأ خطأ كبيرا.
قال القاضي أبو بكر الباقلاني : ما روي عن ابن مسعود وابن عمر أنهما كرها أن يقرأ القرآن منكوسا. وقالا إنما ذلك منكوس القلب، فإنما عنيا بذلك من يقرأ السورة منكوسة فيبتدئ بآخرها إلى أولها، فإن ذلك حرام محذور.
ثانياً : ترتيب السور
* روى النسائي : في الحديث السابق عن عائشة بقولها عندما سألها : أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما ينزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، ......... لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} [القمر: 46]، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور.
وكأن هذا السؤال كان قبل أن يبعث أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنه، إلى الآفاق بالمصاحف الأئمة المؤلفة على هذا الترتيب المشهور اليوم، وقبل الإلزام به، والله أعلم.
ولهذا أخبرته: إنه لا يضرك بأي سورة بدأت، وأن أول سورة نزلت فيها ذكر الجنة والنار، وهذه إن لم تكن "اقرأ" فقد يحتمل أنها أرادت اسم جنس لسور المفصل التي فيها الوعد والوعيد، ثم لما انقاد الناس إلى التصديق أمروا ونهوا بالتدريج أولا فأولا وهذا من حكمة الله ورحمته، ومعنى هذا الكلام: أن هذه السورة أو السور التي فيها ذكر الجنة والنار ليس البداءة بها في أوائل المصاحف، مع أنها من أول ما نزل، وهذه البقرة والنساء من أوائل ما في المصحف، وقد نزلت عليه في المدينة وأنا عنده.
* فلذلك كان ترتيب السور بعضه من أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه ؛ و ترتيب السور فمستحب اقتداء بعثمان، رضي الله عنه، وبعضه من رسول الله صلى الله عليه وسلم والأولى إذا قرأ أن يقرأ متواليا كما قرأ، عليه الصلاة والسلام ، في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين وتارة بسبح و{هل أتاك حديث الغاشية}، فإن فرق جاز.
* كما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيد بقاف و{اقتربت الساعة} .
* روى مسلم عن أبي هريرة، رضي الله عنه؛أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: الم السجدة، و{هل أتى على الإنسان}.
* فقد روى حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران. أخرجه مسلم.
* وقرأ عمر في الفجر بسورة النحل ثم بيوسف.
* وقال ابن وهب في جامعه: سمعت سليمان بن بلال يقول: سئل ربيعة: لم قدمت البقرة وآل عمران، وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة؟ فقال: قدمتا وألف القرآن على علم ممن ألفه، وقد أجمعوا على العلم بذلك، فهذا مما ينتهى إليه ولا يسأل عنه.
* قال ابن وهب: وسمعت مالكا يقول: إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم.
* قال أبو الحسن بن بطال: إنما يجب تأليف سوره في الرسم والخط خاصة ولا يعلم أن أحدا منهم قال: إن ترتيب ذلك واجب في الصلاة وفي قراءة القرآن ودرسه، وأنه لا يحل لأحد أن يقرأ الكهف قبل البقرة، ولا الحج قبل الكهف، ألا ترى إلى قول عائشة: ولا يضرك أيه قرأت قبل. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة السورة في ركعة، ثم يقرأ في الركعة الأخرى بغير السورة التي تليها.

- ماروي عن علي في نيته لجمع القرآن على ترتيب النزول :
روي أن عليا، رضي الله عنه، أراد أن يجمع القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبا بحسب نزوله أولا فأولا كما رواه ابن أبي داود حيث قال: عن محمد بن سيرين قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم أقسم علي ألا يرتدي برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف ففعل، فأرسل، إليه أبو بكر، رضي الله عنه، بعد أيام: أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟ فقال: لا والله إلا أني أقسمت ألا أرتدي برداء إلا لجمعة. فبايعه ثم رجع.
الرد على هذا الحديث :
* فيه انقطاع، ثم قال: لم يذكر المصحف أحد إلا أشعث وهو لين الحديث
* وإنما رووا حتى أجمع القرآن، يعني أتم حفظه، فإنه يقال للذي يحفظ القرآن: قد جمع القرآن.
* قلت ( ابن كثير ) : وهذا الذي قاله أبو بكر أظهر، والله أعلم، فإن عليا لم ينقل عنه مصحف على ما قيل ولا غير ذلك .

ثالثاً : ترتيب مصاحف قراء الصحابة
- ترتيب مصحف ابن عباس :
حكى القاضي الباقلاني: أن أول مصحفه كان: {اقرأ باسم ربك الأكرم} .
- تريب مصحف ابن مسعود
حكى القاضي الباقلاني: وأول مصحف ابن مسعود: {مالك يوم الدين} ثم البقرة، ثم النساء على ترتب مختلف،
* روى البخاري: عن عبد الرحمن بن يزيد قال: سمعت ابن مسعود يقول في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء: إنهن من العتاق الأول، وهن من تلادي. انفرد البخاري بإخراجه والمراد منه ذكر ترتيب هذه السور في مصحف ابن مسعود كالمصاحف العثمانية، وقوله: "من العتاق الأول" أي: من قديم ما نزل، وقوله: "وهن من تلادى" أي: من قديم ما قنيت وحفظت. والتالد في لغتهم: قديم المال والمتاع، والطارف حديثه وجديده، والله أعلم.
* عن شقيق قال: قال عبد الله: لقد علمت النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأهن اثنين اثنين في كل ركعة، فقام عبد الله ودخل معه علقمة، وخرج علقمة فسألناه فقال: عشرون سورة من أول المفصل على تأليف ابن مسعود، آخرهن من الحواميم حم الدخان وعم يتساءلون.
وهذا التأليف الذي عن ابن مسعود غريب مخالف لتأليف عثمان، رضي الله عنه , فإن المفصل في مصحف عثمان، رضي الله عنه، من سورة الحجرات إلى آخره وسورة الدخان .

- ترتيب مصحف أبي
وأول مصحف أبي: {الحمد لله} ثم النساء، ثم آل عمران، ثم الأنعام، ثم المائدة، ثم كذا على اختلاف شديد،

رابعاً : تحزيب القرآن :
* عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي عن جده أوس بن حذيفة قال: كنت في الوفد الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمر معهم بعد العشاء فمكث عنا ليلة لم يأتنا، حتى طال ذلك علينا بعد العشاء. قال: قلنا: ما أمكثك عنا يا رسول الله؟ قال: ((طرأ علي حزب من القرآن، فأردت ألا أخرج حتى أقضيه)). قال: فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبحنا، قال: قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة، وحزب المفصل من قاف حتى يختم. ورواه أبو داود .

المبحث السادس : نقط المصحف وتشكيله :
- أول من أمر به :

* يقال: إن أول من أمر به عبد الملك بن مروان، فتصدى لذلك الحجاج وهو بواسط، فأمر الحسن البصري ويحيى بن يعمر ففعلا ذلك .
* يقال: إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي، وذكروا أنه كان لمحمد بن سيرين مصحف قد نقطه له يحيى بن يعمر والله أعلم.

- تعشير المصحف :
* وأما كتابة الأعشار على الحواشي فينسب إلى الحجاج أيضا،
* قيل: بل أول من فعله المأمون،
* حكمه : حكى أبو عمرو الداني عن ابن مسعود أنه كره التعشير في المصحف، وكان يحكه وكره مجاهد ذلك أيضا.

- معلومات عامة عن كتابة المصحف :
وقال مالك: لا بأس به بالحبر، فأما بالألوان المصبغة فلا. وأكره تعداد آي السور في أولها في المصاحف الأمهات، فأما ما يتعلم فيه الغلمان فلا أرى به بأسا.
وقال قتادة: بدؤوا فنقطوا، ثم خمسوا، ثم عشروا.
وقال يحيى بن أبي كثير: أول ما أحدثوا النقط على الباء والتاء والثاء،

- حكم كتابة بعض الرموز على المصحف :
* عدم الجواز : رأى إبراهيم النخعي فاتحة سورة كذا، فأمر بمحوها وقال: قال ابن مسعود: لا تخلطوا بكتاب الله ما ليس فيه.
* الجواز : وقالوا: لا بأس به، هو نور له، أحدثوا نقطا عند آخر الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتم , قال أبو عمرو الداني: ثم قد أطبق المسلمون في ذلك في سائر الآفاق على جواز ذلك في الأمهات وغيرها.


*********************************************************************************************
الباب الثاني : بيان معنى نزول القرآن على سبعة أحرف

المبحث الأول : معنى اﻷحرف السبعة وما أريد منها
المبحث الثاني : اﻷدلة على نزول القرآن على سبعة أحرف
المبحث الثالث : رحمة الأمة بنزول القرآن ابتداءاً على سبعة أحرف
المبحث الرابع : ماوقع للصحابة من قصص تبين عدم معرفتهم بالأحرف السبعة ابتداءاً
المبحث الخامس : وجوب أن الالتزام بالحرف الذي تعلمه ابتداءً
المبحث السادس : سبب نسخ القراءة باﻷحرف السبعة
المبحث السابع : ترجيح ابن كثير في أن القرآت السبع ترجع الى حرف واحد

شرح المسائل :
المبحث الأول : معنى اﻷحرف السبعة وما أريد منها
اختلف في معنى اﻷحرف السبعة وما أريد منها على خمسة وثلاثين قولا ذكرها أبو حاتم محمد بن حبان البستي ، ذكرمنها ابن كثير خمسة أقوال هي :
القول اﻷول:أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو:أقبل وتعال وهلم. وهو قول أكثر أهل العلم، منهم سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وأبو جعفر بن جرير، والطحاوي .
الدليل :
1- حديث أبي بكرة قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: اقرأ فكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل".
2- ما روي عن أبي بن كعب: أنه كان يقرأ: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} [الحديد: 13]: "للذين آمنوا أمهلونا" "للذين آمنوا أخرونا" "للذين آمنوا ارقبونا"، وكان يقرأ: {كلما أضاء لهم مشوا فيه} [البقرة: 20] "مروا فيه" "سعوا فيه".

القول الثاني: أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف، ولكن بعضه على حرف وبعضه على حرف آخر. قال الخطابي: وقد يقرأ بعضه بالسبع لغات كما في قوله: {وعبد الطاغوت} [المائدة: 60] و{يرتع ويلعب} [يوسف: 12]. وهو قول أبو عبيد، واختاره ابن عطية.
الدليل :
1- أن معنى قول عثمان: إنه نزل بلسان قريش، أي: معظمه، ولم يقم دليل على أن جميعه بلغة قريش كله، قال الله تعالى: {قرآنا عربيا} [يوسف: 2]، ولم يقل: قرشيا.
2- وقيل : واسم العرب يتناول جميع القبائل تناولا واحدا، يعني حجازها ويمنها، وكذلك قال الشيخ أبو عمر بن عبد البر، قال: لأن غير لغة قريش موجودة في صحيح القراءات كتحقيق الهمزات، فإن قريشا لا تهمز. وقال ابن عطية: قال ابن عباس: ما كنت أدري ما معنى:
{فاطر السماوات والأرض} [فاطر: 1]، حتى سمعت أعربيا يقول لبئر ابتدأ حفرها: أنا فطرتها.

القول الثالث:
أن لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلها خاصة؛ لقول عثمان: إن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش هم بنو النضر بن الحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب، كما نطق به الحديث في سنن ابن ماجه وغيره.

القول الرابع:أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء، وهذا القول حكاه الباقلاني عن بعض العلماء .
1- منها ما تتغير حركته ولا تتغير صورته ولا معناه مثل: {ويضيقُ صدري} [الشعراء: 13] و "يضيقَ"،
2- ومنها ما لا تتغير صورته ويختلف معناه مثل: {فقالوا ربنا باعِد بين أسفارنا} [سبأ: 19] و "باعَد بين أسفارنا"،
3- وقد يكون الاختلاف في الصورة والمعنى بالحرف مثل: {ننشزها} [البقرة: 259]، و"ننشرها"
4- أو بالكلمة مع بقاء المعنى مثل {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5]، أو "كالصوف المنفوش"
5- أو باختلاف الكلمة واختلاف المعنى مثل: {وطلح منضود} "وطلع منضود"
6-أو بالتقدم والتأخر مثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19]، أو "سكرة الحق بالموت"،
7- أو بالزيادة مثل "تسع وتسعون نعجة أنثى"، "وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين". "فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم".

القول الخامس:أن المراد بالأحرف السبعة معاني القرآن وهي: أمر، ونهي، ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال.
قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛
1- لأن هذه لا تسمى حروفا،
2- وفالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال ولا في تغيير شيء من المعاني، وقد أورد القاضي الباقلاني في هذا حديثا، ثم قال: وليست هذه هي التي أجاز لهم القراءة بها.

المبحث الثاني : اﻷدلة على نزول القرآن على سبعة أحرف
-
عن عبد الله بن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)) رواه البخاري .
- عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) رواه النسائي .
- عن أبي بن كعب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبي، إني أقرئت القرآن فقيل لي: على حرف أو حرفين؟ فقال الملك الذي معي: قل على حرفين. قلت: على حرفين. فقيل لي: على حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملك الذي معي: قل على ثلاثة. قلت: على ثلاثة. حتى بلغ سبعة أحرفثم قال: ليس منها إلا شاف كاف إن قلت: سميعا عليما، عزيزا حكيما، ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب)) , رواه مسلم .
- عن أبي هريرة- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((نزل القرآن على سبعة أحرف، مراء في القرآن كفر -ثلاث مرات- فما علمتم منه فاعملوا وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه)) رواه النسائي .
-عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف: زاجر، وآمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا))
المبحث الثالث : رحمة الأمة بنزول القرآن ابتداءاً على سبعة أحرف
قال الطحاوي. وغيره: وإنما كان ذلك رخصة أن يقرأ الناس القرآن على سبع لغات، وذلك لما كان يتعسر على كثير من الناس التلاوة على لغة قريش، وقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدم علمهم بالكتابة والضبط وإتقان الحفظ وقد ادعى الطحاوي والقاضي الباقلاني والشيخ أبو عمر بن عبد البر أن ذلك كان رخصة في أول الأمر، ثم نسخ بزوال العذر وتيسير الحفظ وكثرة الضبط وتعلم الكتابة.
الأدلة :
1- قال ابن جرير: عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: خفف عن أمتي، فقال اقرأه على حرفين، فقلت: اللهم رب خفف عن أمتي، فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة كلها شاف كاف)).
2- قال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن عاصم، عن زر، عن أبي قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: ((إني بعثت إلى أمة أميين فيهم الشيخ الفاني، والعجوز الكبيرة، والغلام، فقال: مرهم فليقرؤوا القرآن على سبعة أحرف)). وأخرجه الترمذي من حديث عاصم بن أبي النجود، عن زر، عن أبي بن كعب، به وقال: حسن صحيح.
3- قال أحمد أيضا: حدثنا وكيع وعبد الرحمن، عن سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن ربعي بن حراش: حدثني من لم يكذبني -يعني حذيفة- قال: لقي النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء فقال: إن أمتك يقرؤون القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ منهم على حرف فليقرأ كما علم، ولا يرجع عنه. وقال عبد الرحمن: إن في أمتك الضعيف، فمن قرأ على حرف فلا يتحول منه إلى غيره رغبة عنه. وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه

المبحث الرابع : ماوقع للصحابة من قصص تبين عدم معرفتهم بالأحرف السبعة ابتداءاً
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرا الصحابة القرآن كل واحد على الحرف الذي يتقنه ويعرفه , فعندما سمع بعضهم من بعض أنكروا على بعضهم ورفعوا أمرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر الرسول صلوات الله عليه جميعهم , وهذه بعض القصص التي رويت في هذا الأمر :
1- عن أبي بن كعب قال: رحت إلى المسجد، فسمعت رجلا يقرأ فقلت: من أقرأك؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: استقرئ هذا. قال: فقرأ، فقال: ((أحسنت)). قال: قلت: إنك أقرأتني كذا وكذا! فقال: ((وأنت قد أحسنت)). قال: فقلت: قد أحسنت قد أحسنت. قال: فضرب بيده على صدري ثم قال: ((اللهم أذهب عن أبي الشك)). قال: ففضت عرقا، وامتلأ جوفي فرقا. قال: ثم قال: ((إن الملكين أتياني، فقال أحدهما: اقرأ القرآن على حرف، وقال الآخر: زده. قال: قلت: زدني. فقال اقرأه على حرفين، حتى بلغ سبعة أحرف فقال: اقرأه على سبعة أحرف)).
قلت( ابن كثير ) : وهذا الشك الذي حصل لأبي في تلك الساعة هو، والله أعلم، السبب الذي لأجله قرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة إبلاغ وإعلام ودواء لما كان حصل له سورة {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} إلى آخرها لاشتمالها على قوله تعالى: {رسول من الله يتلو صحفا مطهرة * فيها كتب قيمة}
2- قال أبو عبيد: عن أبي قيس -مولى عمرو بن العاص- أن رجلا قرأ آية من القرآن، فقال له عمرو -يعني ابن العاص- : إنما هي كذا وكذا، بغير ما قرأ الرجل، فقال الرجل: هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتياه، فذكرا ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، فأي ذلك قرأتم أصبتم، فلا تماروا في القرآن، فإن مراء فيه كفر)) , ورواه أيضاً الإمام أحمد .
3- قال أبو عبيد: عن أبي جهيم الأنصاري؛ أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، كلاهما يزعم أنه تلاقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمشيا جميعا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أبو جهيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، فلا تماروا، فإن مراء فيه كفر)).

المبحث الخامس : وجوب أن الالتزام بالحرف الذي تعلمه ابتداءً
لقد علّم الرسول الصحابة كل بما يعرف من حرف فلم يكن يصح من أحد من الصحابة بعد أن علم الأحرف الأخرى أن يقرأ على غير الحرف الذي يتقنه ويعرفه وعلمه رسول الله إياه , وذلك رغبة عنه :

قال أحمد : عن ربعي بن حراش: حدثني من لم يكذبني -يعني حذيفة- قال: لقي النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء فقال: إن أمتك يقرؤون القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ منهم على حرف فليقرأ كما علم، ولا يرجع عنه. وقال عبد الرحمن: إن في أمتك الضعيف، فمن قرأ على حرف فلا يتحول منه إلى غيره رغبة عنه. وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه.
المبحث السادس : سبب نسخ القراءة باﻷحرف السبعة
قال ابن جرير: لما رأى الإمام أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، اختلاف الناس في القراءة، وخاف من تفرق كلمتهم -جمعهم على حرف واحد، وهو هذا المصحف الإمام، قال: واستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة، ورأت أن فيما فعله من ذلك الرشد والهداية، وتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها طاعة منها له، ونظر منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملتها،
و قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة؛ لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة


المبحث السابع : ترجيح ابن كثير في أن القرآت السبع ترجع الى حرف واحد
رجح ابن كثير قول بعض العلماء : أن هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها، وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من السبعة وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف.
قال القرطبي: وقد سوغ كل واحد من القراء السبعة قراءة الآخر وأجازها، وإنما اختار القراءة المنسوبة إليه لأنه رآها أحسن والأولى عنده. قال: وقد أجمع المسلمون في هذه الأمصار على الاعتماد على ما صح عن هؤلاء الأئمة فيما رووه ورأوه من القراءات، وكتبوا في ذلك مصنفات واستمر الإجماع على الصواب وحصل ما وعد الله به من حفظ الكتاب.


**************************************************************************************************
الباب الثالث : بيان آداب تلاوة القرآن وأحكامها

المبحث الأول : فضل تلاوة القرآن
المبحث الثاني : وجوب الإخلاص في تلاوة القرآن

المبحث الثالث : فضل حفظ القرآن
المبحث الرابع : ترتيل القرآن وتجويد تلاوته
المبحث الخامس : أحكام متفرّقة في تلاوة القرآن

شرح المسائل :
المبحث الأول : فضل تلاوة القرآن
أعد الله لقارئ القرآن من الثواب مايلي :
1- الهدى من الله
-
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اتبع كتاب الله هداه الله من الضلالة، ووقاه سوء الحساب يوم القيامة، وذلك أن الله عز وجل يقول: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} [طه: 123] )).
2- الثواب العظيم
-
عن أبي سعيد قال: قال نبي الله عليه الصلاة والسلام: ((يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه)).

3- إجابة الدعاء
- عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: من شغله قراءة القرآن عن دعائي أعطيته أفضل ثواب السائلين)).

4- الغفران من الله
-عن جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ ألف آية كتب الله له قنطارا، والقنطار مائة رطل، والرطل اثنتا عشرة أوقية، والأوقية ستة دنانير، والدينار أربعة وعشرون قيراطا، والقيراط مثل أحد، ومن قرأ ثلاثمائة آية قال الله لملائكته: نصب عبدي لي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له، ومن بلغه عن الله فضيلة فعمل بها إيمانا به ورجاء ثوابه، أعطاه الله ذلك وإن لم يكن ذلك كذلك)).

5- شفاعة القرآن لقارئه يوم القيامة
-
عن عبد الله بن مسعود قال: ((إن هذا القرآن شافع مشفع، من اتبعه قاده إلى الجنة، ومن تركه أو أعرض عنه -أو كلمة نحوها- زج في قفاه إلى النار)).
- عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه))، قال: ((فيشفعان)).
-
عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من استمع إلى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة)).

6- الدرجات العلى في الجنة
- عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)).
-
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ عشر آيات في ليلة كتب له قنطار، والقنطار خير من الدنيا وما فيها، فإذا كان يوم القيامة يقول ربك، عز وجل: اقرأ وارق بكل آية درجة حتى ينتهي إلى آخر آية معه، يقول ربك: اقبض، فيقول العبد بيده: يا رب أنت أعلم. فيقول: بهذه الخلد وبهذه النعيم)).
-
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة معقس بن عمران بن حطان قال: قال: دخلت مع أبي على أم الدرداء، رضي الله عنها، فسألها أبي: ما فضل من قرأ القرآن على من لم يقرأ؟ قالت: حدثتني عائشة قالت: جعلت درج الجنة على عدد آي القرآن، فمن قرأ ثلث القرآن ثم دخل الجنة كان على الثلث من درجها، ومن قرأ نصف القرآن كان على النصف من درجها، ومن قرأه كله كان في عليين، لم يكن فوقه إلا نبي أو صديق أو شهيد.

7- يكون القارئ من أهل الله وخاصته
-
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله أهلين من الناس)). قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: ((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)) ".

8- زيادة الخير في بيته
-
عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن البيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره)).


المبحث الثاني : وجوب الإخلاص في تلاوة القرآن
1 - التقرب إلى الله بالقرآن
تلاوة القرآن من أعظم القرب، كما جاء في الحديث: ((واعلم أنك لن تتقرب إلى الله بأعظم مما خرج منه)) يعني: القرآن.

2- التحذير من الجدال و المراءاة في كتاب الله
-
قال تعالى: {أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين} [التوبة: 109]
- وقال تعالى: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا} [النساء: 142].
-
عن سويد بن غفلة، قال: قال علي، رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)).
- عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في النصل فلا يرى شيئا، وينظر في القدح فلا يرى شيئا، وينظر في الريش فلا يرى شيئا، ويتمارى في الفوق)).
- عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((أكثر منافقي أمتي قراؤها)).

3- التحذير من تعجل الأجر بالقرآن
-
عن جابر بن عبد الله قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا قوم يقرؤون القرآن فقال: ((اقرؤوا القرآن وابتغوا به وجه الله -عز وجل- من قبل أن يأتي بقوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)).
- عن أنس بن مالك قال: بينما نحن نقرأ فينا العربي والعجمي والأسود والأبيض، إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أنتم في خير تقرؤون كتاب الله وفيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيأتي على الناس زمان يثقفونه كما يثقف القدح، يتعجلون أجورهم ولا يتأجلونها)).
- عن عبيدة المليكي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ((يا أهل القرآن، لا توسدوا القرآن، واتلوه حق تلاوته من آناء الليل والنهار، وتغنوه وتقنوه، واذكروا ما فيه لعلكم تفلحون، ولا تستعجلوا ثوابه، فإن له ثوابا)).

4- أنواع الناس في قراءة القرآن
-
عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكون خلف من بعد الستين سنة، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا، ثم يكون خلف يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن ومنافق وفاجر)).
- عن أبي سعيد أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك خطب الناس وهو مسند ظهره إلى نخلة فقال: ((ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس؛ إن من خير الناس رجلا عمل في سبيل الله على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره أو على قدميه حتى يأتيه الموت، وإن من شر الناس رجلا فاجرا جريئا يقرأ كتاب الله، ولا يرعوي إلى شيء منه)).

5 - أصناف الناس في العمل بالقرآن
- عن أنس بن مالك، عن أبي موسى، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث وريحها مر)).

المبحث الثالث : فضل حفظ القرآن

1- ما ورد في فضل التلاوة نظرا على التلاوة على ظهر قلب
-
عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرأه ظهرا، كفضل الفريضة على النافلة)) وهذا الإسناد ضعيف
- عن ابن مسعود قال: أديموا النظر في المصحف.
- عن ابن عباس، عن عمر: أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فيه.
- عن ابن مسعود: أنه كان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف، فقرؤوا، وفسر لهم. إسناد صحيح.
- عن ابن عمر قال: إذا رجع أحدكم من سوقه فلينشر المصحف وليقرأ.

2- استذكار القرآن وتعاهده
التعاهد للقرآن
-
عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها)).
-
عنموسى بن علي: سمعت أبي يقول: سمعت عقبة بن عامر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعلموا كتاب الله، وتعاهدوه وتغنوا به، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفلتا من المخاض في العقل)).
- عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)) هكذا رواه مسلم
- قال إسحاق بن راهويه وغيره:
يكره لرجل أن يمر عليه أربعون يوما لا يقرأ فيها القرآن،

التحذير من نسيانه
- قوله تعالى:
{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}.
- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل القرآن إذا عاهد عليه صاحبه فقرأه بالليل والنهار، كمثل رجل له إبل، فإن عقلها حفظها، وإن أطلق عقالها ذهبت، فكذلك صاحب القرآن)).
-
عن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل نسي، واستذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم)).
-
عن سعد بن عبادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أمير عشرة إلا ويؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه من ذلك الغل إلا العدل، وما من رجل قرأ القرآن فنسيه إلا لقي الله يوم القيامة يلقاه وهو أجذم)).
-
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة والبعرة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أكبر من آية أو سورة من كتاب الله أوتيها رجل فنسيها)).
- عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من أكبر ذنب توافى به أمتي يوم القيامة سورة من كتاب الله كانت مع أحدهم فنسيها)).

كراهة قول نسيته على القرآن
-
عن عبد الله، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)) ورواه مسلم -عن عائشة قالت: لقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرني آية كذا وكذا من سورة كذا)).
- عن هشام وقال:
أسقطتهن من سورة كذا وكذا.
يحدث النسيان بعد الحفظ وهذا أمر طبيعي ولكن التعبير عنه يكون فيقول أسقطت وليس نسيت

- ذكر الدعاء المأثور لحفظ القرآن وطرد النسيان والتكلم في ضعفه
الدعاء الذي يساعد على حفظ القرآن وطرد النسيان
روى الترمذي: حديث حسن غريب عن ابن عباس أنه قال: "بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه علي بن أبي طالب فقال: بأبي أنت وأمي، تفلت هذا القرآن من صدري فما أجدني أقدر عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا الحسن، أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، وينفع بهن من علمته، ويثبت ما تعلمت في صدرك؟)) قال: أجل يا رسول الله، فعلمني، قال: ((إذا كان ليلة الجمعة فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر فإنها ساعة مشهودة، والدعاء فيها مستجاب، وقد قال أخي يعقوب لبنيه: {سوف أستغفر لكم ربي} [يوسف: 98]، يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة، فإن لم تستطع فقم في وسطها، فإن لم تستطع فقم في أولها فصل أربع ركعات، تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة يس، وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب والم تنزيل السجدة، وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل، فإذا فرغت من التشهد، فاحمد الله وأحسن الثناء على الله، وصل علي وأحسن وعلى سائر النبيين، واستغفر للمؤمنين والمؤمنات، ولإخوانك الذين سبقوك بالإيمان، ثم قل في آخر ذلك: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك، أن تنور بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرج به عن قلبي، وأن تشرح به صدري، وأن تغسل به بدني، فإنه لا يعينني على الحق غيرك ولا يؤتيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، يا أبا الحسن، تفعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تجاب بإذن الله تعالى، والذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمنا قط)). قال ابن عباس: فوالله ما لبث علي إلا خمسا أو سبعا حتى جاء علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك المجلس، فقال: يا رسول الله، والله إني كنت فيما خلا لا آخذ إلا أربع آيات أو نحوهن، فإذا قرأتهن على نفسي تفلتن وأنا أتعلم اليوم أربعين آية أو نحوها، فإذا قرأتها على نفسي فكأنما كتاب الله بين عيني، ولقد كنت أسمع الحديث، فإذا رددته تفلت، وأنا اليوم أسمع الأحاديث، فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: ((مؤمن ورب الكعبة يا أبا الحسن)).



المبحث الرابع : ترتيل القرآن وتجويد تلاوته
1- الترتيل في القراءة
استحباب الترتيل
-
قال الله عز وجل: {ورتل القرآن ترتيلا} [المزمل: 4]، وقوله: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث} [الإسراء: 106]،
-
عن إبراهيم قال: قرأ علقمة على عبد الله، فكأنه عجل، فقال عبد الله: فداك أبي وأمي، رتل فإنه زين القرآن. قال: وكان علقمة حسن الصوت بالقرآن.
2- التدبر عند التلاوة
- قال الله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته} [ص: 29].
-
عن عائشة أنه ذكر لها أن ناسا يقرؤون القرآن في الليل مرة أو مرتين، فقالت: أولئك قرؤوا ولم يقرؤوا، كنت أقوم مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة التمام، فكان يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء، فلا يمر بآية فيها تخوف إلا دعا الله واستعاذ، ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله ورغب إليه.
-
عن أبي جمرة قال: قلت لابن عباس: إني سريع القراءة وإني أقرأ القرآن في ثلاث فقال: لأن أقرأ البقرة في ليلة فأدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ كما تقول.
- عن عبد الله قال:
غدونا على عبد الله، فقال رجل: قرأت المفصل البارحة، فقال: هذا كهذ الشعر، إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القراءات التي كان يقرأ بهن النبي صلى الله عليه وسلم ثمان عشرة سورة من المفصل، وسورتين من آل حم.

3- مد القراءة والترجيع فيها
- قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالمد
-
عن قتادة قال: سئل أنس بن مالك: كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم. يمد بسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم. انفرد به البخاري من هذا الوجه
- عن أم سلمة قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته؛ بسم الله الرحمن الرحيم {الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين} وهكذا.
- و
عن أم سلمة: أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة مفسرة حرفا حرفا.
قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالترجيع
-
قال البخاري رحمه الله : حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، حدثنا أبو إياس قال: سمعت عبد الله بن مغفل قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته -أو جمله- وهي تسير به، وهو يقرأ سورة الفتح قراءة لينة وهو يرجع.
وقد تقدم هذا الحديث في القراءة على الدابة وأنه من المتفق عليه، وفيه أن ذلك كان يوم الفتح، وأما الترجيع: فهو الترديد في الصوت كما جاء -أيضا- في البخاري أنه جعل يقول: (آ آ آ)، وكأن ذلك صدر من حركة الدابة تحته


4- تحسين الصوت في القراءة
- عن أبي موسى الأشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا أبا موسى، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود))


المبحث الخامس : أحكام متفرّقة في تلاوة القرآن
1- من أحب أن يسمع القرآن من غيره
-
عن عبد الله قال: "قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي القرآن)). قلت: عليك أقرأ وعليك أنزل؟! قال: ((إني أحب أن أسمعه من غيري)) ".
-
عن أبي موسى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا أبا موسى، لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة)). فقال: أما والله لو أعلم أنك تستمع قراءتي لحبرتها لك تحبيرا.
- وقال الزهري، عن أبي سلمة: كان عمر إذا رأى أبا موسى قال: ذكرنا ربنا يا أبا موسى. فيقرأ عنده.
وقال أبو عثمان النهدي: كان أبو موسى يصلي بنا، فلو قلت: إني لم أسمع صوت صنج قط ولا بربط قط، ولا شيئا قط أحسن من صوته.


2- قول حسبك للقارئ
-
عن عبد الله قال: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)). فقلت: يا رسول الله، آقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: ((نعم))، فقرأت عليه سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41]، قال: ((حسبك الآن)) فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.

3- القراءة على الدابة
-
روى البخاري عن أبو إياس قال: سمعت عبد الله بن مغفل، رضي الله عنه، قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو يقرأ على راحلته سورة الفتح".

4- القراءة في الطريق
لم يكره أكثر العلماء القراءة في الطريق إذا لم يتله القارئ في الطريق، وقد نقله ابن أبي داود عن أبي الدرداء أنه كان يقرأ في الطريق، وقد روي عن عمر بن عبد العزيز أنه أذن في ذلك،
وروي أن اﻹمام
مالك كره ذلك، كما قال ابن أبي داود: وحدثني أبو الربيع، أخبرنا ابن وهب قال سألت مالكا عن الرجل يصلي من آخر الليل، فيخرج إلى المسجد، وقد بقي من السورة التي كان يقرأ منها شيء، فقال: ما أعلم القراءة تكون في الطريق.

5- اﻷماكن التي يكره قراءة القرآن فيها
-
قال الشعبي: تكره قراءة القرآن في ثلاثة مواطن: في الحمام، وفي الحشوش، وفي بيت الرحى وهي تدور.
- وروى ابن أبي داود عن علي بن أبي طالب
: أنه كره ذلك،
ويحكى عن أبي حنيفة، رحمهم الله، أن القراءة في الحمام تكره وأما القراءة في الحشوش فكراهتها ظاهرة، ولو قيل بتحريم ذلك صيانة لشرف القرآن لكان مذهبا، وأما القراءة في بيت الرحى وهي تدور فلئلا يعلو غير القرآن عليه، والحق يعلو ولا يعلى، والله أعلم.
وخالفهم في كراهة القراءة في الحمام كثير من السلف، وهو مذهب مالك والشافعي وإبراهيم النخعي وغيرهم

6- في تعليم القرآن للصبيان
- عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال: إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم، قال: وقال ابن عباس: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم.
- عن ابن عباس قال:
جمعت المحكم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: وما المحكم؟ قال: "المفصل".
وفي هذه الآثار دلالة على جواز تعليمهم القرآن في الصبا، وهو ظاهر، بل قد يكون مستحبا أو واجبا؛ لأن الصبي إذا تعلم القرآن بلغ وهو يعرف ما يصلي به، وحفظه في الصغر أولى من حفظه كبيرا، وأشد علوقا بخاطره وأرسخ وأثبت، كما هو المعهود من حال الناس، وقد استحب بعض السلف أن يترك الصبي في ابتداء عمره قليلا للعب، ثم توفر همته على القراءة، لئلا يلزم أولا بالقراءة فيملها ويعدل عنها إلى اللعب، وكره بعضهم تعليمه القرآن وهو لا يعقل ما يقال له، ولكن يترك حتى إذا عقل وميز علم قليلا قليلا بحسب همته ونهمته وحفظه وجودة ذهنه، و
استحب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أن يلقن خمس آيات خمس آيات،

7- أسماء السور
جواز تسميه السور بالأسماء الموجودة في المصحف الآن
-
عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الآيتان من آخر سورة البقرة، من قرأ بهما في ليلة كفتاه)).
-
عن عائشة قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قارئا يقرأ من الليل في المسجد، فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرني كذا وكذا آية، كنت أسقطتهن من سورة كذا وكذا)).
-
عن عمر قال: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان.
- عن ابن مسعود:
أنه كان يرمي الجمرة من الوادي ويقول: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة.

من كره تسميتها
وكره بعض السلف ذلك، ولم يروا إلا أن يقال: السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، كما تقدم من رواية يزيد الفارسي عن ابن عباس، عن عثمان أنه قال: إذا نزل شيء من القرآن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اجعلوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، ولا شك أن هذا أحوط وأولى، ولكن قد صحت الأحاديث بالرخصة في الآخر، وعليه عمل الناس اليوم في ترجمة السور في مصاحفهم

8- ماورد في قراءة بعض الآيات من السورة
قراءة آيتين
-عن عبد الرحمن بن يزيد، أخبره علقمة عن أبي مسعود، فلقيته وهو يطوف بالبيت، فذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم أن "من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه".
قراءة ثلاث آيات
- قال ابن شبرمة: نظرت كم يكفي الرجل من القرآن فلم أجد سورة أقل من ثلاث آيات. فقلت: لا ينبغي لأحد أن يقرأ أقل من ثلاث آيات.
- جاء في حديث في السنن: ((لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وثلاث آيات)) ولكن هذا الحديث -أعني حديث أبي مسعود- أصح وأشهر وأخص

9- ما ورد في أقل مدة لختم القرآن
ماورد في ثمانية أيام
-
عن أبي المهلب قال: كان أبي بن كعب يختم القرآن في كل ثمان.

ما ورد في سبعة آيام
-
عن عبد الله بن عمرو قال: أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يتعاهد كنته فيسألها عن بعلها فتقول: نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشا، ولم يفتش لنا كنفا منذ أتيناه، فلما طال ذلك عليه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " ((ألقني به))، فلقيته بعد، فقال: ((كيف تصوم؟)). قلت: كل يوم. قال: ((وكيف تختم؟)). قال: كل ليلة. قال: ((صم كل شهر ثلاثة، واقرأ القرآن في كل شهر)): قال: قلت: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: ((صم ثلاثة أيام في الجمعة)). قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: ((أفطر يومين وصوم يوما)). قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: ((صم أفضل الصوم صوم داود، صيام يوم وإفطار يوم، واقرأ في كل سبع ليال مرة))،
- عن قيس بن أبي صعصعة؛ أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
يا رسول الله، في كم أقرأ القرآن؟ فقال: ((في كل خمس عشرة)). قال: إني أجدني أقوى من ذلك، قال: ((ففي كل جمعة)).
- عن محمد بن ذكوان -رجل من أهل الكوفة- قال: سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود يقول: كان عبد الله بن مسعود يقرأ القرآن في غير رمضان من الجمعة إلى الجمعة.
- عن إبراهيم: أنه كان يختم القرآن في كل سبع.

ماورد في ستة أيام وخمس
- عن إبراهيم قال: كان الأسود يختم القرآن في كل ست، وكان علقمة يختمه في كل خمس.

ماورد في ثلاثة أيام
- عن سعد بن المنذر الأنصاري؛ أنه قال: يا رسول الله، أقرأ القرآن في ثلاث؟ قال: ((نعم)). قال: فكان يقرؤه حتى توفي.
- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث)).

ماورد في أقل من ثلاث
- ومن الصحابة من ختمه في أقل من ثلاث ليال وأجاز ذلك ومنهم عثمان رضي الله عنه

10- كراهة الغلو في القرآن والجفاء عنه والاستكثار به
- عن عبد الرحمن بن شبل مرفوعا: ((اقرؤوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به)).
فقوله:
((لا تغلوا فيه)) أي: لا تبالغوا في تلاوته بسرعة في أقصر مدة، فإن ذلك ينافي التدبر غالبا؛ ولهذا قابله بقوله: ((ولا تجفوا عنه)) أي: لا تتركوا تلاوته.

11- في البكاء عند القراءة
- عن ابن مسعود- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)). قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: ((إني أشتهي أن أسمعه من غيري)). قال: فقرأت النساء، حتى إذا بلغت: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41]، قال لي: ((كف أو أمسك))، فرأيت عيناه تذرفان ".

12 - معنى حديث: (اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم...)
الحديث :
عن جندب بن عبد الله، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه)).
معناه :
ومعنى الحديث أنه، عليه السلام، أرشد وحض أمته على تلاوة القرآن إذا كانت القلوب مجتمعة على تلاوته، متفكرة فيه، متدبرة له، لا في حال شغلها وملالها، فإنه لا يحصل المقصود من التلاوة بذلك كما ثبت في الحديث أنه قال عليه الصلاة والسلام: ((اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)) وقال: ((أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل))، وفي اللفظ الآخر: ((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)).

13 - النهي عن الإختلاف في في القراءة والمنازعة فيها
النهي عن الإختلاف في القراءة والمنازعة فيها
- عن ابن مسعود- "أنه سمع رجلا يقرأ آية سمع النبي صلى الله عليه وسلم قرأ خلافها، فأخذت بيده فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((كلاكما محسن فاقرآ)) أكبر علمي قال: ((فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم الله عز وجل)) ".
- عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله بن مسعود: تمارينا في سورة من القرآن فقلنا: خمس وثلاثون آية، ست وثلاثون آية قال: فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدنا عليا يناجيه فقلنا له: اختلفنا في القراءة، فاحمر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تقرؤوا كما قد علمتم.
و معنى الحديث أنه ينهى عن الاختلاف في القراءة والمنازعة في ذلك والمراء فيه
**********************************************************************************************************

الباب الرابع : ذكر فوائد متفرّقة في علوم القرآن الكريم
المبحث الأول : السور المكية والمدنية
المبحث الثاني : عدد الآيات والكلمات والحروف في القرآن

المبحث الثالث : نصف القرآن وثلثه وسبعه
المبحث الرابع : التجزئة والتحزيب
المبحث الخامس : في معنى السورة واﻵية والكلمة

شرح المسائل :
المبحث الأول : السور المكية والمدنية
- المدني
قال أبو بكر بن الأنباري: عن قتادة قال: "نزل في المدينة من القرآن البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، وبراءة، والرعد، والنحل، والحج، والنور، والأحزاب، ومحمد، والفتح، والحجرات، والرحمن، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والصف، والجمعة والمنافقون، والتغابن، والطلاق، ويا أيها النبي لم تحرم، إلى رأس العشر، وإذا زلزلت، وإذا جاء نصر الله. هؤلاء السور نزلت بالمدينة، وسائر السور نزل بمكة".
- المكي
المكي من السور هو: سائر السور التي لم تذكر في ما نزل في المدني

المبحث الثاني : عدد الآيات والكلمات والحروف في القرآن
- عدد اﻵيات
اختلف في عدد آيات القرآن الى عدة أقوال هي :
القول اﻷول :ستة آلاف آية
القول الثاني :ستة آلاف ومائتان وأربع آيات
القول الثالث : ستة آلاف وأربع عشرة آية
القول الرابع : ستة آلاف ومائتان وتسع عشرة آية
القول الخامس: ستة آلاف ومائتان وخمس وعشرون , أو ست وعشرون آية
القول السادس : ستة آلاف و مائتان وست وثلاثون آية
- حكى ذلك أبو عمرو الداني في كتابه البيان.
- عدد الكلمات
عدد كلمات القرآن هو : سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة.
- عدد الحروف
عدد حروف القرآن فيه ثلاثة أقوال هي :
القول اﻷول :ثلاثمائة ألف حرف وأحد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانون حرفا. وهو قول عبد الله بن كثير عن مجاهد
القول الثاني :ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا. وهذا قول الفضل عن عطاء بن يسار
القول الثالث:
ثلاثمئة وأربعون ألفا وسبعمئة وأربعون حرفا ً , فقد ورد أن الحجاج جمع القراء والحفاظ والكتاب فقال: أخبروني عن القرآن كله كم من حرف هو؟ قال: فحسبنا فأجمعوا أنه ثلاثمائة ألف وأربعون ألفا وسبعمائة وأربعون حرفا , قاله سلام أبو محمد الحماني

المبحث الثالث : نصف القرآن وثلثه وسبعه
- نصف القرآن
نصف القرآن يكون عند الفاء من قوله في الكهف: {وليتلطف}[الكهف: 19]
- أثلاثه
ثلثه اﻷول : عند رأس مائة آية من براءة،
ثلثه الثاني :على رأس مائة أو إحدى ومائة من الشعراء
ثلثه الثالث : إلى آخر القرآن

- أرباعه
كان الحجاج يقرأ في كل ليلة ربع القرآن :
الربع الأول : فالأول إلى آخر الأنعام .
الربع الثاني : إلى {وليتلطف} من سورة الكهف .
الربع الثالث : إلى آخر الزمر .
الربع الرابع : إلى آخر القرآن.
- أسباعه
السبع اﻷول :
إلى الدال من قوله تعالى:
{فمنهم من آمن به ومنهم من صد} [النساء: 55]
السبع الثاني : إلى الياء من قوله تعالى في سورة الأعراف: {أولئك حبطت} [الأعراف: 147]،
السبع الثالث :
إلى الألف الثانية من قوله تعالى في الرعد: {أكلها} [الرعد: 35]
السبع الرابع :
إلى الألف في الحج من قوله: {جعلنا منسكا}[الحج: 67]
السبع الخامس: إلى الهاء من قوله في الأحزاب: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة}[الأحزاب: 36]
السبع السادس : إلى الواو من قوله تعالى في الفتح: {الظانين بالله ظن السوء}[الفتح: 6]
السبع السابع : إلى آخر القرآن.
فائدة :
- حكى الشيخ أبو عمرو الداني في كتابه البيان خلافا في هذا كله، والله أعلم.

المبحث الرابع : التجزئة والتحزيب
- التجزئة
اشتهرت التجزئة بأنها ثلاثون جزء.
- التحزيب
- عن أوس بن حذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلث وخمس وسبع وتسع وأحد عشرة وثلاث عشرة، وحزب المفصل حتى تختم. رواه أحمد في مسنده

المبحث الخامس : في معنى السورة واﻵية والكلمة
- معنى السورة
اختلف في معنى السورة مم مشتقةإلى أقوال هي :
القول اﻷول :قيل مشتقةمن الإبانة والارتفاع. قال النابغة :ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
فكأن القارئ يتنقل بها من منزلة إلى منزلة.
القول الثاني : قيل: لشرفها وارتفاعها كسور البلدان.
القول الثالث :قيل: سميت سورة لكونها قطعة من القرآن وجزءا منه، مأخوذ من أسآر الإناء وهو البقية، وعلى هذا فيكون أصلها مهموزا، وإنما خففت الهمزة فأبدلت الهمزة واوا لانضمام ما قبلها.
القول الرابع :قيل: لتمامها وكمالها لأن العرب يسمون الناقة التامة سورة.
القول الخامس :يحتمل أن يكون من الجمع والإحاطة لآياتها كما يسمى سور البلد لإحاطته بمنازله ودوره.


- جمع كلمة " سورة "
و تجمع السورة سور بفتح الواو، وقد تجمع على سورات وسورات. وهذا قول ابن كثير

- معنى اﻵية
اختلف كذلك في معنى اآية إلى أقوال هي :
القول اﻷول :من العلامة على انقطاع الكلام الذي قبلها عن الذي بعدها وانفصالها، أي: هي بائنة عن أختها ومنفردة. قال الله تعالى: {إن آية ملكه} [البقرة: 248]، قال النابغة : توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابع
القول الثاني :لأنها جماعة حروف من القرآن وطائفة منه، كما يقال: خرج القوم بآيتهم، أي: بجماعتهم. قال الشاعر:خرجنا من النقبين لا حي مثلنا بآيتنا نزجي اللقاح المطافلا
القول الثالث :سميت آية لأنها عجب يعجز البشر عن التكلم بمثلها.

- أصل اﻵية
قال سيبويه:وأصلها أيية مثل أكمة وشجرة، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصارت آية، بهمزة بعدها مدة.
وقال الفراء :أصلها أيّة -بتشديد الياء- الأولى فقلبت ألفا، كراهة التشديد فصارت آية، وجمعها: آي وآياي وآيات.
وقال الكسائي :أصلها آيية على وزن آمنة، فقلبت ألفا، ثم حذفت لالتباسها.

- معنى الكلمة
معنى الكلمة : هي اللفظة الواحدة،
- وقد تكون على حرفين مثل: ما ولا وله ونحو ذلك،
- وقد تكون أكثر. وأكثر ما تكون عشرة أحرف مثل:
{ليستخلفنهم} [النور: 55]، و {أنلزمكموها} [هود: 28]، {فأسقيناكموه} [الحجر: 22]،
- وقد تكون الكلمة الواحدة آية، مثل: والفجر، والضحى، والعصر، وكذلك: الم، وطه، ويس، وحم -في قول الكوفيين- وحم، عسق عندهم كلمتان. وغيرهم لا يسمي هذه آيات بل يقول: هي فواتح السور. وقال أبو عمرو الداني: لا أعلم كلمة هي وحدها آية إلا قوله تعالى:
{مدهامتان} بسورة الرحمن
- هل يوجد في القرآن ألفاظ من غير اللغة العربية
1 - التراكيب الأعجمية في القرآن
قال القرطبي: أجمعوا على أنه ليس في القرآن شيء من التراكيب الأعجمية
2- الأعلام الأعجمية
وأجمعوا أن فيه أعلاما من الأعجمية كإبراهيم ونوح، ولوط،
3- الألفاظ من غير التراكيب والأعلام
واختلفوا ؛ هل فيه شيء من غير ذلك بالأعجمية؟ على قولين :
الأول : عدم الوجود فأنكر ذلك الباقلاني والطبري وقالا ما وقع فيه مما يوافق الأعجمية، فهو من باب ما توافقت فيه اللغات.
الثاني : وجوده , ولا يخرجه ذلك عن كونه العربي فقد توجد القصيدة وفيها كلمتين أو ثلاثة من غير العربية ولا يخرجها ذلك عن كونها عربية .

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 15 شعبان 1436هـ/2-06-2015م, 04:24 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماهر القسي مشاهدة المشاركة
الباب الأول : عرض لتاريخ جمع القرآن وكتابة المصاحف
المبحث الأول : معارضة جبريل القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم
المبحث الثاني : القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
المبحث الثالث : جمع القرآن قبل خلافة عثمان رضي الله عنه .
المبحث الرابع : جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن :
المبحث الخامس : تأليف القرآن وترتيبه :
المبحث السادس : نقط المصحف وتشكيله :

[ أحسنتم أخي الفاضل ، وجمع القرآن قبل عثمان رضي الله عنه يشمل الجمع النبوي وجمع أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، والجمع النبوي يدخل فيه معارضة القرآن والقراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن بين يديه ]
الباب الثاني : بيان معنى نزول القرآن على سبعة أحرف
المبحث الأول : معنى اﻷحرف السبعة وما أريد منها
المبحث الثاني : اﻷدلة على نزول القرآن على سبعة أحرف
المبحث الثالث : رحمة الأمة بنزول القرآن ابتداءاً على سبعة أحرف
المبحث الرابع : ماوقع للصحابة من قصص تبين عدم معرفتهم بالأحرف السبعة ابتداءاً
المبحث الخامس : وجوب أن الالتزام بالحرف الذي تعلمه ابتداءً
المبحث السادس : سبب نسخ القراءة باﻷحرف السبعة
المبحث السابع : ترجيح ابن كثير في أن القرآت السبع ترجع الى حرف واحد

الباب الثالث : بيان آداب تلاوة القرآن وأحكامها

المبحث الأول : فضل تلاوة القرآن
المبحث الثاني : وجوب الإخلاص في تلاوة القرآن

المبحث الثالث : فضل حفظ القرآن
المبحث الرابع : ترتيل القرآن وتجويد تلاوته
المبحث الخامس : أحكام متفرّقة في تلاوة القرآن

الباب الرابع : ذكر فوائد متفرّقة في علوم القرآن الكريم
المبحث الأول : السور المكية والمدنية
المبحث الثاني : عدد الآيات والكلمات والحروف في القرآن

المبحث الثالث : نصف القرآن وثلثه وسبعه
المبحث الرابع : التجزئة والتحزيب
المبحث الخامس : في معنى السورة واﻵية والكلمة

شرح المسائل :
الباب الأول : عرض لتاريخ جمع القرآن وكتابة المصاحف
المبحث الأول : معارضة جبريل القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم
- المراد بالمعارضة :
- غرض المعارضة :
- تخصيص رمضان بالمعارضة :
- المقصد من المعارضة مرتين في الرمضان الأخير :

المبحث الثاني : القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن من أربعة :
- حديث أنس رضي الله عنه في اختصاص من حفظ القرآن من الصحابة والرد عليه :
- علم عبد الله ابن مسعود في القرآن :
- علم عبد الله ابن عباس في القرآن :
- علم عبد الله ابن عمرو في القرآن :
- علم أبي بن كعب في القرآن :

المبحث الثالث : جمع القرآن قبل خلافة عثمان رضي الله عنه .
- سبب جمع القرآن في عهد أبي بكر .
- أعظم الناس أجراً في القرآن أبو بكر .
- فضل زيد بن ثابت في القرآن :
- طريقة جمع القرآن :
- عند من كانت الصحف بعد جمعها :

المبحث الرابع : جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن :
- سبب جمع عثمان للقرآن :
- جمع عثمان كان على العرضة الأخيرة :
- طريقة الجمع :
أولاً : من أمر عثمان من الصحابة بالجمع والنسخ : [ ونسخ المصحف ، ليتبين المقصود ]
ثانياً : اللسان المعتمد في النسخ :
ثالثاً : توزيع النسخ على الأمصار :
رابعاً : تحريق أي نسخة من القرآن غير مصحف عثمان :
- فضل عمثان بما فعله في سنخ القرآن .
- رأي عبد الله ابن مسعود في فعل عثمان
- المصحف العثماني : [ المصاحف العثمانية هي المصاحف التي نسخها عثمان رضي الله عنه ووزعها على الأمصار ]
- طريقة كتابة المصحف وتطورها :
أولاً : قلة الكتاب والكتابة في عهد الصحابة :
ثانياً : طريقة الكتابة :

المبحث الخامس : تأليف القرآن وترتيبه :
أولاً : الحكمة في ترتيب النزول :
ثانياً : ترتيب الآيات و السور في مصحف عثمان :
ثالثاً : ترتيب مصاحف قراء الصحابة :
رابعاً : تحزيب القرآن :

المبحث السادس : نقط المصحف وتشكيله :
- أول من أمر به :
- تعشير المصحف :
- معلومات عامة عن كتابة المصحف :
- حكم كتابة بعض الرموز على المصحف :

شرح المسائل :
المبحث الأول : معارضة جبريل القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم
- المراد بالمعارضة : والمراد من معارضته له بالقرآن كل سنة: مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله تعالى .
- غرض المعارضة : ليبقى ما بقي، ويذهب ما نسخ توكيدا، أو استثباتا وحفظا .
- تخصيص رمضان بالمعارضة : وخص بذلك رمضان من بين الشهور؛ لأن ابتداء الإيحاء كان فيه؛ ولهذا يستحب دراسة القرآن وتكراره فيه، ومن ثم كثر اجتهاد الأئمة فيه في تلاوة القرآن .
- المقصد من المعارضة مرتين في الرمضان الأخير : ولهذا عرضه في السنة الأخيرة من عمره، عليه السلام اقتراب أجله، على جبريل مرتين، وعارضه به جبريل كذلك؛ ولهذا فهم، عليه السلام، اقتراب أجله , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته لما مرض: ((وما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلي)). أخرجاه في الصحيحين.

المبحث الثاني : القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن من أربعة :
أخرج البخاري عن مسروق: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب))، رضي الله عنهم.
فهؤلاء الأربعة اثنان من المهاجرين الأولين عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وقد كان سالم هذا من سادات المسلمين وكان يؤم الناس قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، واثنان من الأنصار معاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وهما سيدان كبيران، رضي الله عنهم أجمعين.
- حديث أنس رضي الله عنه في اختصاص من حفظ القرآن من الصحابة والرد عليه :
روى البخاري عن ثابت البناني وثمامة عن أنس بن مالك قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قال: ونحن ورثناه.
- الإجابة على هذا الحديث
فهذا الحديث ظاهره أنه لم يجمع القرآن من الصحابة سوى هؤلاء الأربعة فقط، وليس هذا هكذا، بل الذي لا شك فيه أنه جمعه غير واحد من المهاجرين أيضا، ولعل مراده:
يحتمل أنه لم يأخذه تلقيا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هؤلاء الأربعة، وأن بعضهم تلقى بعضه عن بعض
ويحتمل أنه لم يجمع القرآن من الأنصار؛ ولهذا ذكر الأربعة من الأنصار، وهم أبي بن كعب في الرواية الأولى المتفق عليها وفي الثانية من أفراد البخاري: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، وكلهم مشهورون إلا أبا زيد هذا .
- التحقيق في اسم الصحابي المراد من حديث أنس ( أبو زيد )
الأول : قيس بن السكن من بني النجار , قاله الواقدي , وقال موسى بن عقبة عن الزهري: قتل أبو زيد قيس بن السكن يوم جسر أبي عبيدة على رأس خمس عشرة سنة من الهجرة .
الثاني : سعد بن عبيد بن النعمان بن قيس بن عمرو بن زيد بن أمية من الأوس , قاله ابن نمير.
الثالث : هما اثنان جمعا القرآن، حكاه أبو عمر بن عبد البر، وهذا بعيد .
الراجح : وقول الواقدي أصح لأنه خزرجي؛
- لأن أنسا قال: ونحن ورثناه، وهم من الخزرج،
- وفي بعض ألفاظه وكان أحد عمومتي.
- وقال قتادة عن أنس قال: افتخر الحيان الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة حنظلة بن أبي عامر، ومنا الذي حمته الدبر عاصم بن ثابت، ومنا الذي اهتز لموته العرش سعد بن معاذ، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت , فقالت الخزرج: منا أربعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد.

والدليل على أن من المهاجرين من جمع القرآن :
- الصديق، رضي الله عنه، قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه إماما على المهاجرين والأنصار، مع أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) فلولا أنه كان أقرؤهم لكتاب الله لما قدمه عليهم. هذا مضمون ما قرره الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، وهذا التقرير لا يدفع ولا يشك فيه، وقد جمع الحافظ ابن السمعاني في ذلك جزءا، وقد بسطت تقرير ذلك في كتاب مسند الشيخين، رضي الله عنهما.
- ومنهم عثمان بن عفان وقد قرأه في ركعة -كما سنذكره-
- وعلي بن أبي طالب يقال: إنه جمعه على ترتيب ما أنزل، وقد قدمنا هذا.
- ومنهم عبد الله بن مسعود، وقد تقدم عنه أنه قال: ما من آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت؟ وفيم نزلت؟ ولو علمت أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه المطي لذهبت إليه.
- ومنهم سالم مولى أبي حذيفة، كان من السادات النجباء والأئمة الأتقياء وقد قتل يوم اليمامة شهيدا.
- ومنهم الحبر البحر عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرآن،

- علم عبد الله ابن مسعود في القرآن :
أخرج البخاري عن شقيق بن سلمة قال: خطبنا عبد الله فقال: والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم. قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك.
- تبرير قول ابن مسعود عن نفسه
1- هذا كله حق وصدق، وهو من إخبار الرجل بما يعلم عن نفسه مما قد يجهله غيره، فيجوز ذلك للحاجة، كما قال تعالى إخبارا عن يوسف لما قال لصاحب مصر: {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} [يوسف: 55]،
2- ويكفيه مدحا وثناء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استقرئوا القرآن من أربعة))، فبدأ به.
3- وقال أبو عبيد: عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)). وهكذا رواه الإمام أحمد

- علم عبد الله ابن عباس في القرآن :
عن مجاهد أنه قال: قرأت القرآن على ابن عباس مرتين، أقفه عند كل آية وأسأله عنها.

- علم عبد الله ابن عمرو في القرآن :
روى النسائي وابن ماجة عن يحيى بن حكيم بن صفوان، عن عبد الله بن عمرو قال: جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرأه في شهر)).

- علم أبي بن كعب في القرآن :
روى البخاري عن ابن عباس قال: قال عمر: علي أقضانا، وأبي أقرأنا، وإنا لندع من لحن أبي، وأبي يقول: أخذته من في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أتركه لشيء قال الله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} [البقرة: 106].
وهذا يدل على أن الرجل الكبير قد يقول الشيء يظنه صوابا وهو خطأ في نفس الأمر؛ ولهذا قال الإمام مالك: ما من أحد إلا يؤخذ من قوله ويرد إلا قول صاحب هذا القبر، أي: فكله مقبول، صلوات الله وسلامه عليه.

المبحث الثالث : جمع القرآن قبل خلافة عثمان رضي الله عنه .
- سبب جمع القرآن في عهد أبي بكر

روى البخاري : أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان علي أثقل مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز} [التوبة: 128] حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر،

- أعظم الناس أجراً في القرآن أبو بكر .
* وهذا من أحسن وأجل وأعظم ما فعله الصديق، رضي الله عنه، فإنه أقامه الله بعد النبي صلى الله عليه وسلم مقاما لا ينبغي لأحد بعده، قاتل الأعداء من مانعي الزكاة، والمرتدين، والفرس والروم، ونفذ الجيوش، وبعث البعوث والسرايا، ورد الأمر إلى نصابه بعد الخوف من تفرقه وذهابه، وجمع القرآن العظيم من أماكنه المتفرقة حتى تمكن القارئ من حفظه كله، وكان هذا من سر قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9] فجمع الصديق الخير وكف الشرور، رضي الله عنه وأرضاه.
* ولهذا روي غير واحد من الأئمة منهم وكيع وابن مهدي وقبيصة عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير عن عبد خير، عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه قال: أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر، إن أبا بكر كان أول من جمع القرآن بين اللوحين. هذا إسناده صحيح.
* فكان الذي فعله الشيخان أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، من أكبر المصالح الدينية وأعظمها، من حفظهما كتاب الله في الصحف؛ لئلا يذهب منه شيء بموت من تلقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

- فضل زيد بن ثابت في القرآن :
وهذا المقام من أعظم فضائل زيد بن ثابت الأنصاري؛ ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد، حدثنا يزيد، حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن؛ أن عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل: كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة، فقال: إنا لله، فأمر بالقرآن فجمع فكان أول من جمعه في المصحف.
هذا منقطع، فإن الحسن لم يدرك عمر، ومعناه: أنه أشار بجمعه فجمع؛ ولهذا كان مهيمنا على حفظه وجمعه

- طريقة جمع القرآن :
* لما استحر القتل بالقراء يومئذ فرق أبو بكر، رضي الله عنه، أن يضيع، فقال لعمر بن الخطاب ولزيد بن ثابت: فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه. منقطع حسن.
* ولهذا قال زيد بن ثابت: وجدت آخر سورة التوبة، يعني قوله تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين [التوبة: 128، 129]، مع أبي خزيمة الأنصاري، وفي رواية: مع خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين لم أجدها مع غيره فكتبوها عنه لأنه جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين في قصة الفرس التي ابتاعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأعرابي، فأنكر الأعرابي البيع، فشهد خزيمة هذا بتصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمضى شهادته وقبض الفرس من الأعرابي. والحديث رواه أهل السنن وهو مشهور،
* وأما قول زيد بن ثابت: "فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال" وفي رواية: "من العسب والرقاع والأضلاع، وفي رواية: "من الأكتاف والأقتاب وصدور الرجال".
أما العسب فجمع عسيب. قال أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري: وهو من السعف فويق الكرب لم ينبت عليه الخوص، وما نبت عليه الخوص فهو السعف.
واللخاف: جمع لخفة وهي القطعة من الحجارة مستدقة، كانوا يكتبون عليها وعلى العسب وغير ذلك، مما يمكنهم الكتابة عليه بما يناسب ما يسمعونه من القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنهم من لم يكن يحسن الكتابة أو يثق بحفظه، فكان يحفظه،
* فتلقاه زيد بن ثابت من هذا من عسيبه، ومن هذا من لخافه، ومن صدر هذا، أي من حفظه،
* قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، التمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} [الأحزاب: 23]، فألحقناها في سورتها في المصحف.
* كانوا أحرص شيء على أداء الأمانات وهذا من أعظم الأمانة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أودعهم ذلك ليبلغوه إلى من بعده كما قال الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} [المائدة: 67]، ففعل، صلوات الله وسلامه عليه، ما أمر به؛ ولهذا سألهم في حجة الوداع يوم عرفة على رؤوس الأشهاد، والصحابة أوفر ما كانوا مجتمعين، فقال: ((إنكم مسؤولون عني فما أنتم قائلون؟)). فقالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فجعل يشير بأصبعه إلى السماء، وينكبها عليهم ويقول: ((اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد)). رواه مسلم عن جابر.
* وقد أمر أمته أن يبلغ الشاهد الغائب وقال: ((بلغوا عني ولو آية)) يعني: ولو لم يكن مع أحدكم سوى آية واحدة فليؤدها إلى من وراءه، فبلغوا عنه ما أمرهم به،
* فأدوا القرآن قرآنا، والسنة سنة، لم يلبسوا هذا بهذا؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ((من كتب عني سوى القرآن فليمحه)) أي: لئلا يختلط بالقرآن، وليس معناه: ألا يحفظوا السنة ويرووها، والله أعلم.
* فلهذا نعلم بالضرورة أنه لم يبق من القرآن مما أداه الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم إلا وقد بلغوه إلينا،

- عند من كانت الصحف بعد جمعها :
* ثم كانت تلك الصحف عند الصديق أيام حياته،
* ثم أخذها عمر بعده فكانت عنده محروسة معظمة مكرمة،
* فلما مات كانت عند حفصة أم المؤمنين، لأنها كانت وصيته من أولاده على أوقافه وتركته وكانت عند أم المؤمنين رضي الله عنها،
* حتى أخذها بعد وفاتها من عبد الله ابن عمر عبد الملك بن مروان فأحرقها متأولاً ما تأوله عثمان رضي الله عنه .
قال أبو بكر بن أبي زيد : عن سالم بن عبد الله: أن مروان كان يرسل إلى حفصة يسألها الصحف التي كتب منها القرآن، فتأبى حفصة أن تعطيه إياها. قال سالم: فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها أرسل مروان بالعزيمة إلى عبد الله بن عمر ليرسلن إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر فأمر بها مروان فشققت، وقال مروان: إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالمصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب أو يقول: إنه قد كان شيء منها لم يكتب. إسناده صحيح.

المبحث الرابع : جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن :
- سبب جمع عثمان للقرآن :

روى البخاري : أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى.
وذلك أن اليهود والنصارى مختلفون فيما بأيديهم من الكتب، فاليهود بأيديهم نسخة من التوراة، والسامرة يخالفونهم في ألفاظ كثيرة ومعان أيضا، وليس في توراة السامرة حرف الهمزة ولا حرف الياء، والنصارى -أيضا- بأيديهم توراة يسمونها العتيقة وهي مخالفة لنسختي اليهود والسامرة، وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى فأربعة: إنجيل مرقس، وإنجيل لوقا، وإنجيل متى، وإنجيل يوحنا، وهي مختلفة -أيضا- اختلافا كثيرا، وهذه الأناجيل الأربعة كل منها لطيف الحجم منها ما هو قريب من أربع عشرة ورقة بخط متوسط، ومنها ما هو أكبر من ذلك إما بالنصف أو بالضعف، ومضمونها سيرة عيسى وأيامه وأحكامه وكلامه وفيه شيء قليل مما يدعون أنه كلام الله، وهي مع هذا مختلفة، كما قلنا، وكذلك التوراة مع ما فيها من التحريف والتبديل، ثم هما منسوخان بعد ذلك بهذه الشريعة المحمدية المطهرة.

- جمع عثمان كان على العرضة الأخيرة :
جمع قراءات الناس على مصحف واحد ووضعه على العرضة الأخيرة التي عارض بها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان من عمره .
قال أبو بكر بن أبي داوود : عن كثير بن أفلح قال: لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف جمع له اثني عشر رجلا من قريش والأنصار، فيهم أبي بن كعب وزيد بن ثابت، قال: فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر فجيء بها، قال: وكان عثمان يتعاهدهم، وكانوا إذا تدارؤوا في شيء أخروه. قال محمد: فقلت لكثير -وكان فيهم فيمن يكتب- : هل تدرون لم كانوا يؤخرونه؟ قال: لا. قال محمد: فظننت ظنا إنما كانوا يؤخرونها لينظروا أحدثهم عهدا بالعرضة الأخيرة فيكتبونها على قوله. صحيح أيضا.

- طريقة الجمع :
أولاً : من أمر عثمان من الصحابة بالجمع والنسخ :

أرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك , فأمر :
* زيد بن ثابت الأنصاري، أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
* عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا .
* سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، وكان كريما جوادا ممدحا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم .
* عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي .

ثانياً : اللسان المعتمد في النسخ :
وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم. ففعلوا، كما اختلفوا في التابوت أيكتبونه بالتاء أو الهاء، فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت فترافعوا إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم.

ثالثاً : توزيع النسخ على الأمصار : [ يمكن تأخير هذه عند الحديث عن المصاحف العثمانية لئلا يحدث تكرار ]
* أمر عثمان بالنسخ أن توزع على الأمصار الرئيسية في العالم الإسلامي آنذاك .
* وكان التوزيع كالتالي : مصحفا إلى أهل مكة، ومصحفا إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وترك عند أهل المدينة مصحفا، رواه أبو بكر بن أبي داود عن أبي حاتم السجستاني، سمعه يقوله. وصحح القرطبي أنه إنما نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف. وهذا غريب .

رابعاً : تحريق أي نسخة من القرآن غير مصحف عثمان :
وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق , إلا مصحف حفصة , فلما جمعها عثمان، رضي الله عنه، في المصحف، ردها إليها، ولم يحرقها في جملة ما حرقه مما سواها، لأنها هي بعينها الذي كتبه، وإنما رتبه، ثم إنه كان قد عاهدها على أن يردها إليها، فما زالت عندها حتى ماتت، ثم أخذها مروان بن الحكم فحرقها وتأول في ذلك ما تأول عثمان، كما رواه أبو بكر بن أبي داود.

- فضل عمثان بما فعله في نسخ القرآن .
* هذا من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فإن الشيخين سبقاه إلى حفظ القرآن أن يذهب منه شيء وهو جمع الناس على قراءة واحدة؛ لئلا يختلفوا في القرآن،
* ووافقه على ذلك جميع الصحابة، وإنما روي عن عبد الله بن مسعود شيء من التغضب بسبب أنه لم يكن ممن كتب المصاحف وأمر أصحابه بغل مصاحفهم لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الإمام، ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاق
* قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا.
* فاتفق الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم، على أن ذلك من مصالح الدين، وهم الخلفاء الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)).
* وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد. وهذا إسناد صحيح.
* وحدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا محمد بن عبد الله، حدثني عمران بن حدير، عن أبي مجلز قال: لولا أن عثمان كتب القرآن لألفيت الناس يقرؤون الشعر.
* وحدثنا أحمد بن سنان قال: سمعت ابن مهدي يقول: خصلتان لعثمان بن عفان ليستا لأبي بكر ولا لعمر: صبره نفسه حتى قتل مظلوما، وجمعه الناس على المصحف.

- رأي عبد الله ابن مسعود في فعل عثمان :
أولاً : في أول الأمر أزعجه ذلك كثيرا
* فقد قال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حميد بن مالك قال: لما أمر عثمان بالمصاحف -يعني بتحريقها- ساء ذلك عبد الله بن مسعود وقال: من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليغلل، فإنه من غل شيئا جاء بما غل يوم القيامة , ثم قال عبد الله: لقد قرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد صبي، أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* وقال أبو بكر: حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان، حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا أبو شهاب، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: خطبنا ابن مسعود على المنبر فقال: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} [آل عمران: 161]، غلوا مصاحفكم، وكيف تأمروني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت، وقد قرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، وإن زيد بن ثابت ليأتي مع الغلمان له ذؤابتان، والله ما نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، وما أنا بخيركم، ولو أعلم مكانا تبلغه الإبل أعلم بكتاب الله مني لأتيته. قال أبو وائل: فلما نزل عن المنبر جلست في الحلق، فما أحد ينكر ما قال. أصل هذا مخرج في الصحيحين وعندهما: ولقد علم أصحاب محمد أني أعلمهم بكتاب الله. وقول أبي وائل: "فما أحد ينكر ما قال"، يعني: من فضله وعلمه وحفظه، والله أعلم.
* وقد خالفه غير واحد بقوله هذا , قال الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة، قال: قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء، فقال: كنا نعد عبد الله جبانا فما باله يواثب الأمراء.

ثانياً : رضاه بذلك .
* قال أبو بكر بن أبي داود: عن فلفلة الجعفي قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين، ولكنا جئنا حين راعنا هذا الخبر، فقال: إن القرآن أنزل على نبيكم من سبعة أبواب، على سبعة أحرف -أو حروف- وإن الكتاب قبلكم كان ينزل -أو نزل- من باب واحد على حرف واحد. وهذا الذي استدل به أبو بكر، رحمه الله، على رجوع ابن مسعود فيه نظر، من جهة أنه لا يظهر من هذا اللفظ رجوع عما كان يذهب إليه، والله أعلم.
[ ابن مسعود رضي الله عنه رضي بعد ذلك ولكن ليس للدليل الذي استدل به ابن أبي داوود كما أشار لذلك ابن كثير ]

- المصحف العثماني :
* معنى المصحف العثماني
أي الذي أمر به عثمان فكتب لأن عمثان ما عرف أنه كتب بخطه هذه المصاحف، وإنما كتبها زيد بن ثابت في أيامه، ربما وغيره، فنسبت إلى عثمان لأنها بأمره وإشارته، ثم قرئت على الصحابة بين يدي عثمان، ثم نفذت إلى الآفاق، رضي الله عنه،
وقد قال أبو بكر بن أبي داود: عن أبي سعيد مولى بني أسيد، قال: لما دخل المصريون على عثمان ضربوه بالسيف على يده فوقعت على: {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} [البقرة: 137]، فمد يده وقال: والله إنها لأول يد خطت المفصل.
وقال أيضا: حدثنا أبو طاهر، حدثنا ابن وهب قال: سألت مالكا عن مصحف عثمان، فقال لي: ذهب. يحتمل أنه سأله عن المصحف الذي كتبه بيده، ويحتمل أن يكون سأله عن المصحف الذي تركه في المدينة، والله أعلم.
* النسخ التي وزعها عثمان
أما المصاحف العثمانية الأئمة فأشهرها اليوم الذي في الشام بجامع دمشق عند الركن شرقي المقصورة المعمورة بذكر الله، وقد كانت قديما بمدينة طبرية ثم نقل منها إلى دمشق في حدود ثمان عشرة وخمسمائة، وقد رأيته كتابا عزيزا جليلا عظيما ضخما بخط حسن مبين قوي بحبر محكم في رق أظنه من جلود الإبل .
* ماقيل أنها بخط علي رضي الله عنه :
ولكن قد توجد مصاحف على الوضع العثماني، يقال: إنها بخط علي، رضي الله عنه، وفي ذلك نظر، فإنه في بعضها: كتبه علي بن أبي طالب، وهذا لحن من الكلام ؛ وعلي، رضي الله عنه، من أبعد الناس عن ذلك فإنه كما هو المشهور عنه هو أول من وضع علم النحو، فيما رواه عنه أبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي .

- طريقة كتابة المصحف وتطورها :
أولاً : قلة الكتاب والكتابة في عهد الصحابة :

قد كانت الكتابة في العرب قليلة جدا،
* وإنما أول ما تعلموا ذلك ما ذكره هشام بن محمد بن السائب الكلبي وغيره: أن بشر بن عبد الملك أخا أكيدر دومة تعلم الخط من الأنبار، ثم قدم مكة فتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية فعلمه حرب بن أمية وابنه سفيان، وتعلمه عمر بن الخطاب من حرب بن أمية، وتعلمه معاوية من عمه سفيان بن حرب،
* وقيل: إن أول من تعلمه من الأنبار قوم من طيئ من قرية هناك يقال لها: بقة، ثم هذبوه ونشروه في جزيرة العرب فتعلمه الناس. ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود: عن الشعبي قال: سألنا المهاجرين من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الحيرة. وسألنا أهل الحيرة: من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الأنبار.

ثانياً : طريقة الكتابة :
* الذي كان يغلب على زمان السلف الكتابة المكتوفة
* ثم هذبها أبو علي بن مقلة الوزير، وصار له في ذلك منهج وأسلوب في الكتابة،
* ثم قربها علي بن هلال البغدادي المعروف بابن البواب وسلك الناس وراءه. وطريقته في ذلك واضحة جيدة.
* والغرض أن الكتابة لما كانت في ذلك الزمان لم تحكم جيدا، وقع في كتابة المصاحف اختلاف في وضع الكلمات من حيث صناعة الكتابة لا من حيث المعنى، وصنف الناس في ذلك،
* واعتنى بذلك الإمام الكبير أبو عبيد القاسم بن سلام، رحمه الله، في كتابه فضائل القرآن والحافظ أبو بكر بن أبي داود، رحمه الله، فبوبا على ذلك وذكر قطعة صالحة هي من صناعة القرآن، ليست مقصدنا هاهنا؛ ولهذا نص الإمام مالك، رحمه الله، على أنه لا توضع المصاحف إلا على وضع كتابة الإمام، ورخص في ذلك غيره،
* واختلفوا في الشكل والنقط فمن مرخص ومن مانع،
* فأما كتابة السور وآياتها والتعشير والأجزاء والأحزاب فكثير في مصاحف زماننا، والأولى اتباع السلف الصالح.

المبحث الخامس : تأليف القرآن وترتيبه :
والمراد من التأليف هاهنا ترتيب سوره.
أولاً : الحكمة في ترتيب النزول :
روى النسائي : عن يوسف بن ماهك قال: إني عند عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، إذ جاءها عراقي فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك! وما يضرك، قال: يا أم المؤمنين، أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما ينزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء: ولا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدا، لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} [القمر: 46]، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور.

ثانياً : ترتيب الآيات و السور في مصحف عثمان :
* كان عثمان رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال وثنى بالمئين؛ ولهذا روى ابن جرير وأبو داود والترمذي والنسائي عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينها ولم تكتبوا بينها سطر "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبع الطوال.
ففهم من هذا الحديث
أولاً : ترتيب الآيات :
أن ترتيب الآيات في السور أمر توقيفي متلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا ليس لأحد أن يقرأ القرآن إلا مرتبا آياته ؛ فإن نكسه أخطأ خطأ كبيرا.
قال القاضي أبو بكر الباقلاني : ما روي عن ابن مسعود وابن عمر أنهما كرها أن يقرأ القرآن منكوسا. وقالا إنما ذلك منكوس القلب، فإنما عنيا بذلك من يقرأ السورة منكوسة فيبتدئ بآخرها إلى أولها، فإن ذلك حرام محذور.
ثانياً : ترتيب السور
* روى النسائي : في الحديث السابق عن عائشة بقولها عندما سألها : أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما ينزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، ......... لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} [القمر: 46]، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور.
وكأن هذا السؤال كان قبل أن يبعث أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنه، إلى الآفاق بالمصاحف الأئمة المؤلفة على هذا الترتيب المشهور اليوم، وقبل الإلزام به، والله أعلم.
ولهذا أخبرته: إنه لا يضرك بأي سورة بدأت، وأن أول سورة نزلت فيها ذكر الجنة والنار، وهذه إن لم تكن "اقرأ" فقد يحتمل أنها أرادت اسم جنس لسور المفصل التي فيها الوعد والوعيد، ثم لما انقاد الناس إلى التصديق أمروا ونهوا بالتدريج أولا فأولا وهذا من حكمة الله ورحمته، ومعنى هذا الكلام: أن هذه السورة أو السور التي فيها ذكر الجنة والنار ليس البداءة بها في أوائل المصاحف، مع أنها من أول ما نزل، وهذه البقرة والنساء من أوائل ما في المصحف، وقد نزلت عليه في المدينة وأنا عنده.
* فلذلك كان ترتيب السور بعضه من أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه ؛ و ترتيب السور فمستحب اقتداء بعثمان، رضي الله عنه، وبعضه من رسول الله صلى الله عليه وسلم والأولى إذا قرأ أن يقرأ متواليا كما قرأ، عليه الصلاة والسلام ، في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين وتارة بسبح و{هل أتاك حديث الغاشية}، فإن فرق جاز.
* كما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيد بقاف و{اقتربت الساعة} .
* روى مسلم عن أبي هريرة، رضي الله عنه؛أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: الم السجدة، و{هل أتى على الإنسان}.
* فقد روى حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران. أخرجه مسلم.
* وقرأ عمر في الفجر بسورة النحل ثم بيوسف.
* وقال ابن وهب في جامعه: سمعت سليمان بن بلال يقول: سئل ربيعة: لم قدمت البقرة وآل عمران، وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة؟ فقال: قدمتا وألف القرآن على علم ممن ألفه، وقد أجمعوا على العلم بذلك، فهذا مما ينتهى إليه ولا يسأل عنه.
* قال ابن وهب: وسمعت مالكا يقول: إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم.
* قال أبو الحسن بن بطال: إنما يجب تأليف سوره في الرسم والخط خاصة ولا يعلم أن أحدا منهم قال: إن ترتيب ذلك واجب في الصلاة وفي قراءة القرآن ودرسه، وأنه لا يحل لأحد أن يقرأ الكهف قبل البقرة، ولا الحج قبل الكهف، ألا ترى إلى قول عائشة: ولا يضرك أيه قرأت قبل. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة السورة في ركعة، ثم يقرأ في الركعة الأخرى بغير السورة التي تليها.

- ماروي عن علي في نيته لجمع القرآن على ترتيب النزول :
روي أن عليا، رضي الله عنه، أراد أن يجمع القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبا بحسب نزوله أولا فأولا كما رواه ابن أبي داود حيث قال: عن محمد بن سيرين قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم أقسم علي ألا يرتدي برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف ففعل، فأرسل، إليه أبو بكر، رضي الله عنه، بعد أيام: أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟ فقال: لا والله إلا أني أقسمت ألا أرتدي برداء إلا لجمعة. فبايعه ثم رجع.
الرد على هذا الحديث :
* فيه انقطاع، ثم قال: لم يذكر المصحف أحد إلا أشعث وهو لين الحديث
* وإنما رووا حتى أجمع القرآن، يعني أتم حفظه، فإنه يقال للذي يحفظ القرآن: قد جمع القرآن.
* قلت ( ابن كثير ) : وهذا الذي قاله أبو بكر أظهر، والله أعلم، فإن عليا لم ينقل عنه مصحف على ما قيل ولا غير ذلك .

ثالثاً : ترتيب مصاحف قراء الصحابة
- ترتيب مصحف ابن عباس :
حكى القاضي الباقلاني: أن أول مصحفه كان: {اقرأ باسم ربك الأكرم} .
- تريب مصحف ابن مسعود
حكى القاضي الباقلاني: وأول مصحف ابن مسعود: {مالك يوم الدين} ثم البقرة، ثم النساء على ترتب مختلف،
* روى البخاري: عن عبد الرحمن بن يزيد قال: سمعت ابن مسعود يقول في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء: إنهن من العتاق الأول، وهن من تلادي. انفرد البخاري بإخراجه والمراد منه ذكر ترتيب هذه السور في مصحف ابن مسعود كالمصاحف العثمانية، وقوله: "من العتاق الأول" أي: من قديم ما نزل، وقوله: "وهن من تلادى" أي: من قديم ما قنيت وحفظت. والتالد في لغتهم: قديم المال والمتاع، والطارف حديثه وجديده، والله أعلم.
* عن شقيق قال: قال عبد الله: لقد علمت النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأهن اثنين اثنين في كل ركعة، فقام عبد الله ودخل معه علقمة، وخرج علقمة فسألناه فقال: عشرون سورة من أول المفصل على تأليف ابن مسعود، آخرهن من الحواميم حم الدخان وعم يتساءلون.
وهذا التأليف الذي عن ابن مسعود غريب مخالف لتأليف عثمان، رضي الله عنه , فإن المفصل في مصحف عثمان، رضي الله عنه، من سورة الحجرات إلى آخره وسورة الدخان .

- ترتيب مصحف أبي
وأول مصحف أبي: {الحمد لله} ثم النساء، ثم آل عمران، ثم الأنعام، ثم المائدة، ثم كذا على اختلاف شديد،

رابعاً : تحزيب القرآن :
* عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي عن جده أوس بن حذيفة قال: كنت في الوفد الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمر معهم بعد العشاء فمكث عنا ليلة لم يأتنا، حتى طال ذلك علينا بعد العشاء. قال: قلنا: ما أمكثك عنا يا رسول الله؟ قال: ((طرأ علي حزب من القرآن، فأردت ألا أخرج حتى أقضيه)). قال: فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبحنا، قال: قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة، وحزب المفصل من قاف حتى يختم. ورواه أبو داود .

المبحث السادس : نقط المصحف وتشكيله :
- أول من أمر به :

* يقال: إن أول من أمر به عبد الملك بن مروان، فتصدى لذلك الحجاج وهو بواسط، فأمر الحسن البصري ويحيى بن يعمر ففعلا ذلك .
* يقال: إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي، وذكروا أنه كان لمحمد بن سيرين مصحف قد نقطه له يحيى بن يعمر والله أعلم.

- تعشير المصحف :
* وأما كتابة الأعشار على الحواشي فينسب إلى الحجاج أيضا،
* قيل: بل أول من فعله المأمون،
* حكمه : حكى أبو عمرو الداني عن ابن مسعود أنه كره التعشير في المصحف، وكان يحكه وكره مجاهد ذلك أيضا.

- معلومات عامة عن كتابة المصحف :
وقال مالك: لا بأس به بالحبر، فأما بالألوان المصبغة فلا. وأكره تعداد آي السور في أولها في المصاحف الأمهات، فأما ما يتعلم فيه الغلمان فلا أرى به بأسا.
وقال قتادة: بدؤوا فنقطوا، ثم خمسوا، ثم عشروا.
وقال يحيى بن أبي كثير: أول ما أحدثوا النقط على الباء والتاء والثاء،

- حكم كتابة بعض الرموز على المصحف :
* عدم الجواز : رأى إبراهيم النخعي فاتحة سورة كذا، فأمر بمحوها وقال: قال ابن مسعود: لا تخلطوا بكتاب الله ما ليس فيه.
* الجواز : وقالوا: لا بأس به، هو نور له، أحدثوا نقطا عند آخر الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتم , قال أبو عمرو الداني: ثم قد أطبق المسلمون في ذلك في سائر الآفاق على جواز ذلك في الأمهات وغيرها.


*********************************************************************************************
الباب الثاني : بيان معنى نزول القرآن على سبعة أحرف

المبحث الأول : معنى اﻷحرف السبعة وما أريد منها
المبحث الثاني : اﻷدلة على نزول القرآن على سبعة أحرف
المبحث الثالث : رحمة الأمة بنزول القرآن ابتداءاً على سبعة أحرف
المبحث الرابع : ماوقع للصحابة من قصص تبين عدم معرفتهم بالأحرف السبعة ابتداءاً
المبحث الخامس : وجوب أن الالتزام بالحرف الذي تعلمه ابتداءً
المبحث السادس : سبب نسخ القراءة باﻷحرف السبعة
المبحث السابع : ترجيح ابن كثير في أن القرآت السبع ترجع الى حرف واحد

شرح المسائل :
المبحث الأول : معنى اﻷحرف السبعة وما أريد منها
اختلف في معنى اﻷحرف السبعة وما أريد منها على خمسة وثلاثين قولا ذكرها أبو حاتم محمد بن حبان البستي ، ذكرمنها ابن كثير خمسة أقوال هي :
القول اﻷول:أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو:أقبل وتعال وهلم. وهو قول أكثر أهل العلم، منهم سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وأبو جعفر بن جرير، والطحاوي .
الدليل :
1- حديث أبي بكرة قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: اقرأ فكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل".
2- ما روي عن أبي بن كعب: أنه كان يقرأ: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} [الحديد: 13]: "للذين آمنوا أمهلونا" "للذين آمنوا أخرونا" "للذين آمنوا ارقبونا"، وكان يقرأ: {كلما أضاء لهم مشوا فيه} [البقرة: 20] "مروا فيه" "سعوا فيه".

القول الثاني: أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف، ولكن بعضه على حرف وبعضه على حرف آخر. قال الخطابي: وقد يقرأ بعضه بالسبع لغات كما في قوله: {وعبد الطاغوت} [المائدة: 60] و{يرتع ويلعب} [يوسف: 12]. وهو قول أبو عبيد، واختاره ابن عطية.
الدليل :
1- أن معنى قول عثمان: إنه نزل بلسان قريش، أي: معظمه، ولم يقم دليل على أن جميعه بلغة قريش كله، قال الله تعالى: {قرآنا عربيا} [يوسف: 2]، ولم يقل: قرشيا.
2- وقيل : واسم العرب يتناول جميع القبائل تناولا واحدا، يعني حجازها ويمنها، وكذلك قال الشيخ أبو عمر بن عبد البر، قال: لأن غير لغة قريش موجودة في صحيح القراءات كتحقيق الهمزات، فإن قريشا لا تهمز. وقال ابن عطية: قال ابن عباس: ما كنت أدري ما معنى:
{فاطر السماوات والأرض} [فاطر: 1]، حتى سمعت أعربيا يقول لبئر ابتدأ حفرها: أنا فطرتها.

القول الثالث:
أن لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلها خاصة؛ لقول عثمان: إن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش هم بنو النضر بن الحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب، كما نطق به الحديث في سنن ابن ماجه وغيره.

القول الرابع:أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء، وهذا القول حكاه الباقلاني عن بعض العلماء .
1- منها ما تتغير حركته ولا تتغير صورته ولا معناه مثل: {ويضيقُ صدري} [الشعراء: 13] و "يضيقَ"،
2- ومنها ما لا تتغير صورته ويختلف معناه مثل: {فقالوا ربنا باعِد بين أسفارنا} [سبأ: 19] و "باعَد بين أسفارنا"،
3- وقد يكون الاختلاف في الصورة والمعنى بالحرف مثل: {ننشزها} [البقرة: 259]، و"ننشرها"
4- أو بالكلمة مع بقاء المعنى مثل {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5]، أو "كالصوف المنفوش"
5- أو باختلاف الكلمة واختلاف المعنى مثل: {وطلح منضود} "وطلع منضود"
6-أو بالتقدم والتأخر مثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19]، أو "سكرة الحق بالموت"،
7- أو بالزيادة مثل "تسع وتسعون نعجة أنثى"، "وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين". "فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم".

القول الخامس:أن المراد بالأحرف السبعة معاني القرآن وهي: أمر، ونهي، ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال.
قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛
1- لأن هذه لا تسمى حروفا،
2- وفالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال ولا في تغيير شيء من المعاني، وقد أورد القاضي الباقلاني في هذا حديثا، ثم قال: وليست هذه هي التي أجاز لهم القراءة بها.

المبحث الثاني : اﻷدلة على نزول القرآن على سبعة أحرف
-
عن عبد الله بن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)) رواه البخاري .
- عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) رواه النسائي .
- عن أبي بن كعب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبي، إني أقرئت القرآن فقيل لي: على حرف أو حرفين؟ فقال الملك الذي معي: قل على حرفين. قلت: على حرفين. فقيل لي: على حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملك الذي معي: قل على ثلاثة. قلت: على ثلاثة. حتى بلغ سبعة أحرفثم قال: ليس منها إلا شاف كاف إن قلت: سميعا عليما، عزيزا حكيما، ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب)) , رواه مسلم .
- عن أبي هريرة- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((نزل القرآن على سبعة أحرف، مراء في القرآن كفر -ثلاث مرات- فما علمتم منه فاعملوا وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه)) رواه النسائي .
-عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف: زاجر، وآمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا))
المبحث الثالث : رحمة الأمة بنزول القرآن ابتداءاً على سبعة أحرف
قال الطحاوي. وغيره: وإنما كان ذلك رخصة أن يقرأ الناس القرآن على سبع لغات، وذلك لما كان يتعسر على كثير من الناس التلاوة على لغة قريش، وقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدم علمهم بالكتابة والضبط وإتقان الحفظ وقد ادعى الطحاوي والقاضي الباقلاني والشيخ أبو عمر بن عبد البر أن ذلك كان رخصة في أول الأمر، ثم نسخ بزوال العذر وتيسير الحفظ وكثرة الضبط وتعلم الكتابة.
الأدلة :
1- قال ابن جرير: عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: خفف عن أمتي، فقال اقرأه على حرفين، فقلت: اللهم رب خفف عن أمتي، فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة كلها شاف كاف)).
2- قال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن عاصم، عن زر، عن أبي قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: ((إني بعثت إلى أمة أميين فيهم الشيخ الفاني، والعجوز الكبيرة، والغلام، فقال: مرهم فليقرؤوا القرآن على سبعة أحرف)). وأخرجه الترمذي من حديث عاصم بن أبي النجود، عن زر، عن أبي بن كعب، به وقال: حسن صحيح.
3- قال أحمد أيضا: حدثنا وكيع وعبد الرحمن، عن سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن ربعي بن حراش: حدثني من لم يكذبني -يعني حذيفة- قال: لقي النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء فقال: إن أمتك يقرؤون القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ منهم على حرف فليقرأ كما علم، ولا يرجع عنه. وقال عبد الرحمن: إن في أمتك الضعيف، فمن قرأ على حرف فلا يتحول منه إلى غيره رغبة عنه. وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه

المبحث الرابع : ماوقع للصحابة من قصص تبين عدم معرفتهم بالأحرف السبعة ابتداءاً
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرا الصحابة القرآن كل واحد على الحرف الذي يتقنه ويعرفه , فعندما سمع بعضهم من بعض أنكروا على بعضهم ورفعوا أمرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر الرسول صلوات الله عليه جميعهم , وهذه بعض القصص التي رويت في هذا الأمر :
1- عن أبي بن كعب قال: رحت إلى المسجد، فسمعت رجلا يقرأ فقلت: من أقرأك؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: استقرئ هذا. قال: فقرأ، فقال: ((أحسنت)). قال: قلت: إنك أقرأتني كذا وكذا! فقال: ((وأنت قد أحسنت)). قال: فقلت: قد أحسنت قد أحسنت. قال: فضرب بيده على صدري ثم قال: ((اللهم أذهب عن أبي الشك)). قال: ففضت عرقا، وامتلأ جوفي فرقا. قال: ثم قال: ((إن الملكين أتياني، فقال أحدهما: اقرأ القرآن على حرف، وقال الآخر: زده. قال: قلت: زدني. فقال اقرأه على حرفين، حتى بلغ سبعة أحرف فقال: اقرأه على سبعة أحرف)).
قلت( ابن كثير ) : وهذا الشك الذي حصل لأبي في تلك الساعة هو، والله أعلم، السبب الذي لأجله قرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة إبلاغ وإعلام ودواء لما كان حصل له سورة {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} إلى آخرها لاشتمالها على قوله تعالى: {رسول من الله يتلو صحفا مطهرة * فيها كتب قيمة}
2- قال أبو عبيد: عن أبي قيس -مولى عمرو بن العاص- أن رجلا قرأ آية من القرآن، فقال له عمرو -يعني ابن العاص- : إنما هي كذا وكذا، بغير ما قرأ الرجل، فقال الرجل: هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتياه، فذكرا ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، فأي ذلك قرأتم أصبتم، فلا تماروا في القرآن، فإن مراء فيه كفر)) , ورواه أيضاً الإمام أحمد .
3- قال أبو عبيد: عن أبي جهيم الأنصاري؛ أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، كلاهما يزعم أنه تلاقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمشيا جميعا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أبو جهيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، فلا تماروا، فإن مراء فيه كفر)).

المبحث الخامس : وجوب أن الالتزام بالحرف الذي تعلمه ابتداءً
لقد علّم الرسول الصحابة كل بما يعرف من حرف فلم يكن يصح من أحد من الصحابة بعد أن علم الأحرف الأخرى أن يقرأ على غير الحرف الذي يتقنه ويعرفه وعلمه رسول الله إياه , وذلك رغبة عنه :

قال أحمد : عن ربعي بن حراش: حدثني من لم يكذبني -يعني حذيفة- قال: لقي النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء فقال: إن أمتك يقرؤون القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ منهم على حرف فليقرأ كما علم، ولا يرجع عنه. وقال عبد الرحمن: إن في أمتك الضعيف، فمن قرأ على حرف فلا يتحول منه إلى غيره رغبة عنه. وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه.
المبحث السادس : سبب نسخ القراءة باﻷحرف السبعة
قال ابن جرير: لما رأى الإمام أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، اختلاف الناس في القراءة، وخاف من تفرق كلمتهم -جمعهم على حرف واحد، وهو هذا المصحف الإمام، قال: واستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة، ورأت أن فيما فعله من ذلك الرشد والهداية، وتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها طاعة منها له، ونظر منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملتها،
و قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة؛ لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة


المبحث السابع : ترجيح ابن كثير في أن القرآت السبع ترجع الى حرف واحد
رجح ابن كثير قول بعض العلماء : أن هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها، وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من السبعة وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف.
قال القرطبي: وقد سوغ كل واحد من القراء السبعة قراءة الآخر وأجازها، وإنما اختار القراءة المنسوبة إليه لأنه رآها أحسن والأولى عنده. قال: وقد أجمع المسلمون في هذه الأمصار على الاعتماد على ما صح عن هؤلاء الأئمة فيما رووه ورأوه من القراءات، وكتبوا في ذلك مصنفات واستمر الإجماع على الصواب وحصل ما وعد الله به من حفظ الكتاب.


**************************************************************************************************
الباب الثالث : بيان آداب تلاوة القرآن وأحكامها

المبحث الأول : فضل تلاوة القرآن
المبحث الثاني : وجوب الإخلاص في تلاوة القرآن

المبحث الثالث : فضل حفظ القرآن
المبحث الرابع : ترتيل القرآن وتجويد تلاوته
المبحث الخامس : أحكام متفرّقة في تلاوة القرآن

شرح المسائل :
المبحث الأول : فضل تلاوة القرآن
أعد الله لقارئ القرآن من الثواب مايلي :
1- الهدى من الله
-
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اتبع كتاب الله هداه الله من الضلالة، ووقاه سوء الحساب يوم القيامة، وذلك أن الله عز وجل يقول: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} [طه: 123] )).
2- الثواب العظيم
-
عن أبي سعيد قال: قال نبي الله عليه الصلاة والسلام: ((يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه)).

3- إجابة الدعاء
- عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: من شغله قراءة القرآن عن دعائي أعطيته أفضل ثواب السائلين)).

4- الغفران من الله
-عن جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ ألف آية كتب الله له قنطارا، والقنطار مائة رطل، والرطل اثنتا عشرة أوقية، والأوقية ستة دنانير، والدينار أربعة وعشرون قيراطا، والقيراط مثل أحد، ومن قرأ ثلاثمائة آية قال الله لملائكته: نصب عبدي لي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له، ومن بلغه عن الله فضيلة فعمل بها إيمانا به ورجاء ثوابه، أعطاه الله ذلك وإن لم يكن ذلك كذلك)).

5- شفاعة القرآن لقارئه يوم القيامة
-
عن عبد الله بن مسعود قال: ((إن هذا القرآن شافع مشفع، من اتبعه قاده إلى الجنة، ومن تركه أو أعرض عنه -أو كلمة نحوها- زج في قفاه إلى النار)).
- عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه))، قال: ((فيشفعان)).
-
عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من استمع إلى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة)).

6- الدرجات العلى في الجنة
- عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)).
-
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ عشر آيات في ليلة كتب له قنطار، والقنطار خير من الدنيا وما فيها، فإذا كان يوم القيامة يقول ربك، عز وجل: اقرأ وارق بكل آية درجة حتى ينتهي إلى آخر آية معه، يقول ربك: اقبض، فيقول العبد بيده: يا رب أنت أعلم. فيقول: بهذه الخلد وبهذه النعيم)).
-
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة معقس بن عمران بن حطان قال: قال: دخلت مع أبي على أم الدرداء، رضي الله عنها، فسألها أبي: ما فضل من قرأ القرآن على من لم يقرأ؟ قالت: حدثتني عائشة قالت: جعلت درج الجنة على عدد آي القرآن، فمن قرأ ثلث القرآن ثم دخل الجنة كان على الثلث من درجها، ومن قرأ نصف القرآن كان على النصف من درجها، ومن قرأه كله كان في عليين، لم يكن فوقه إلا نبي أو صديق أو شهيد.

7- يكون القارئ من أهل الله وخاصته
-
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله أهلين من الناس)). قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: ((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)) ".

8- زيادة الخير في بيته
-
عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن البيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره)).


المبحث الثاني : وجوب الإخلاص في تلاوة القرآن
1 - التقرب إلى الله بالقرآن
تلاوة القرآن من أعظم القرب، كما جاء في الحديث: ((واعلم أنك لن تتقرب إلى الله بأعظم مما خرج منه)) يعني: القرآن.

2- التحذير من الجدال و المراءاة في كتاب الله
-
قال تعالى: {أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين} [التوبة: 109]
- وقال تعالى: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا} [النساء: 142].
-
عن سويد بن غفلة، قال: قال علي، رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)).
- عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في النصل فلا يرى شيئا، وينظر في القدح فلا يرى شيئا، وينظر في الريش فلا يرى شيئا، ويتمارى في الفوق)).
- عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((أكثر منافقي أمتي قراؤها)).

3- التحذير من تعجل الأجر بالقرآن
-
عن جابر بن عبد الله قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا قوم يقرؤون القرآن فقال: ((اقرؤوا القرآن وابتغوا به وجه الله -عز وجل- من قبل أن يأتي بقوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)).
- عن أنس بن مالك قال: بينما نحن نقرأ فينا العربي والعجمي والأسود والأبيض، إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أنتم في خير تقرؤون كتاب الله وفيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيأتي على الناس زمان يثقفونه كما يثقف القدح، يتعجلون أجورهم ولا يتأجلونها)).
- عن عبيدة المليكي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ((يا أهل القرآن، لا توسدوا القرآن، واتلوه حق تلاوته من آناء الليل والنهار، وتغنوه وتقنوه، واذكروا ما فيه لعلكم تفلحون، ولا تستعجلوا ثوابه، فإن له ثوابا)).

4- أنواع الناس في قراءة القرآن
-
عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكون خلف من بعد الستين سنة، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا، ثم يكون خلف يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن ومنافق وفاجر)).
- عن أبي سعيد أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك خطب الناس وهو مسند ظهره إلى نخلة فقال: ((ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس؛ إن من خير الناس رجلا عمل في سبيل الله على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره أو على قدميه حتى يأتيه الموت، وإن من شر الناس رجلا فاجرا جريئا يقرأ كتاب الله، ولا يرعوي إلى شيء منه)).

5 - أصناف الناس في العمل بالقرآن
- عن أنس بن مالك، عن أبي موسى، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث وريحها مر)).

المبحث الثالث : فضل حفظ القرآن

1- ما ورد في فضل التلاوة نظرا على التلاوة على ظهر قلب
-
عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرأه ظهرا، كفضل الفريضة على النافلة)) وهذا الإسناد ضعيف [ من حكم عليه بالضعف ؟ إن كان بن كثير ، نقول : قال ابن كثير : وهذا الإسناد ضعيف ]
- عن ابن مسعود قال: أديموا النظر في المصحف.
- عن ابن عباس، عن عمر: أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فيه.
- عن ابن مسعود: أنه كان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف، فقرؤوا، وفسر لهم. إسناد صحيح.
- عن ابن عمر قال: إذا رجع أحدكم من سوقه فلينشر المصحف وليقرأ.

2- استذكار القرآن وتعاهده
التعاهد للقرآن
-
عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها)).
-
عنموسى بن علي: سمعت أبي يقول: سمعت عقبة بن عامر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعلموا كتاب الله، وتعاهدوه وتغنوا به، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفلتا من المخاض في العقل)).
- عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)) هكذا رواه مسلم
- قال إسحاق بن راهويه وغيره:
يكره لرجل أن يمر عليه أربعون يوما لا يقرأ فيها القرآن،

التحذير من نسيانه
- قوله تعالى:
{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}.
- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل القرآن إذا عاهد عليه صاحبه فقرأه بالليل والنهار، كمثل رجل له إبل، فإن عقلها حفظها، وإن أطلق عقالها ذهبت، فكذلك صاحب القرآن)).
-
عن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل نسي، واستذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم)).
-
عن سعد بن عبادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أمير عشرة إلا ويؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه من ذلك الغل إلا العدل، وما من رجل قرأ القرآن فنسيه إلا لقي الله يوم القيامة يلقاه وهو أجذم)).
-
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة والبعرة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أكبر من آية أو سورة من كتاب الله أوتيها رجل فنسيها)).
- عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من أكبر ذنب توافى به أمتي يوم القيامة سورة من كتاب الله كانت مع أحدهم فنسيها)).

كراهة قول نسيته على القرآن
-
عن عبد الله، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)) ورواه مسلم -عن عائشة قالت: لقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرني آية كذا وكذا من سورة كذا)).
- عن هشام وقال:
أسقطتهن من سورة كذا وكذا.
يحدث النسيان بعد الحفظ وهذا أمر طبيعي ولكن التعبير عنه يكون فيقول أسقطت وليس نسيت

- ذكر الدعاء المأثور لحفظ القرآن وطرد النسيان والتكلم في ضعفه
الدعاء الذي يساعد على حفظ القرآن وطرد النسيان
روى الترمذي: حديث حسن غريب عن ابن عباس أنه قال: "بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه علي بن أبي طالب فقال: بأبي أنت وأمي، تفلت هذا القرآن من صدري فما أجدني أقدر عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا الحسن، أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، وينفع بهن من علمته، ويثبت ما تعلمت في صدرك؟)) قال: أجل يا رسول الله، فعلمني، قال: ((إذا كان ليلة الجمعة فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر فإنها ساعة مشهودة، والدعاء فيها مستجاب، وقد قال أخي يعقوب لبنيه: {سوف أستغفر لكم ربي} [يوسف: 98]، يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة، فإن لم تستطع فقم في وسطها، فإن لم تستطع فقم في أولها فصل أربع ركعات، تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة يس، وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب والم تنزيل السجدة، وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل، فإذا فرغت من التشهد، فاحمد الله وأحسن الثناء على الله، وصل علي وأحسن وعلى سائر النبيين، واستغفر للمؤمنين والمؤمنات، ولإخوانك الذين سبقوك بالإيمان، ثم قل في آخر ذلك: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك، أن تنور بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرج به عن قلبي، وأن تشرح به صدري، وأن تغسل به بدني، فإنه لا يعينني على الحق غيرك ولا يؤتيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، يا أبا الحسن، تفعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تجاب بإذن الله تعالى، والذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمنا قط)). قال ابن عباس: فوالله ما لبث علي إلا خمسا أو سبعا حتى جاء علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك المجلس، فقال: يا رسول الله، والله إني كنت فيما خلا لا آخذ إلا أربع آيات أو نحوهن، فإذا قرأتهن على نفسي تفلتن وأنا أتعلم اليوم أربعين آية أو نحوها، فإذا قرأتها على نفسي فكأنما كتاب الله بين عيني، ولقد كنت أسمع الحديث، فإذا رددته تفلت، وأنا اليوم أسمع الأحاديث، فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: ((مؤمن ورب الكعبة يا أبا الحسن)).
[ المقصد من إيراد هذا الحديث هو بيان ضعفه ، فيجب عليكم ذكر تعليق ابن كثير عليه وقد قال : وفي متنه غرابة بل نكارة ]


المبحث الرابع : ترتيل القرآن وتجويد تلاوته
1- الترتيل في القراءة
استحباب الترتيل
-
قال الله عز وجل: {ورتل القرآن ترتيلا} [المزمل: 4]، وقوله: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث} [الإسراء: 106]،
-
عن إبراهيم قال: قرأ علقمة على عبد الله، فكأنه عجل، فقال عبد الله: فداك أبي وأمي، رتل فإنه زين القرآن. قال: وكان علقمة حسن الصوت بالقرآن.
2- التدبر عند التلاوة
- قال الله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته} [ص: 29].
-
عن عائشة أنه ذكر لها أن ناسا يقرؤون القرآن في الليل مرة أو مرتين، فقالت: أولئك قرؤوا ولم يقرؤوا، كنت أقوم مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة التمام، فكان يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء، فلا يمر بآية فيها تخوف إلا دعا الله واستعاذ، ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله ورغب إليه.
-
عن أبي جمرة قال: قلت لابن عباس: إني سريع القراءة وإني أقرأ القرآن في ثلاث فقال: لأن أقرأ البقرة في ليلة فأدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ كما تقول.
- عن عبد الله قال:
غدونا على عبد الله، فقال رجل: قرأت المفصل البارحة، فقال: هذا كهذ الشعر، إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القراءات التي كان يقرأ بهن النبي صلى الله عليه وسلم ثمان عشرة سورة من المفصل، وسورتين من آل حم.

3- مد القراءة والترجيع فيها
- قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالمد
-
عن قتادة قال: سئل أنس بن مالك: كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم. يمد بسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم. انفرد به البخاري من هذا الوجه
- عن أم سلمة قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته؛ بسم الله الرحمن الرحيم {الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين} وهكذا.
- و
عن أم سلمة: أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة مفسرة حرفا حرفا.
قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالترجيع
-
قال البخاري رحمه الله : حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، حدثنا أبو إياس قال: سمعت عبد الله بن مغفل قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته -أو جمله- وهي تسير به، وهو يقرأ سورة الفتح قراءة لينة وهو يرجع.
وقد تقدم هذا الحديث في القراءة على الدابة وأنه من المتفق عليه، وفيه أن ذلك كان يوم الفتح، وأما الترجيع: فهو الترديد في الصوت كما جاء -أيضا- في البخاري أنه جعل يقول: (آ آ آ)، وكأن ذلك صدر من حركة الدابة تحته


4- تحسين الصوت في القراءة
- عن أبي موسى الأشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا أبا موسى، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود))


المبحث الخامس : أحكام متفرّقة في تلاوة القرآن
1- من أحب أن يسمع القرآن من غيره
-
عن عبد الله قال: "قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي القرآن)). قلت: عليك أقرأ وعليك أنزل؟! قال: ((إني أحب أن أسمعه من غيري)) ".
-
عن أبي موسى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا أبا موسى، لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة)). فقال: أما والله لو أعلم أنك تستمع قراءتي لحبرتها لك تحبيرا.
- وقال الزهري، عن أبي سلمة: كان عمر إذا رأى أبا موسى قال: ذكرنا ربنا يا أبا موسى. فيقرأ عنده.
وقال أبو عثمان النهدي: كان أبو موسى يصلي بنا، فلو قلت: إني لم أسمع صوت صنج قط ولا بربط قط، ولا شيئا قط أحسن من صوته.


2- قول حسبك للقارئ
-
عن عبد الله قال: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)). فقلت: يا رسول الله، آقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: ((نعم))، فقرأت عليه سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41]، قال: ((حسبك الآن)) فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.

3- القراءة على الدابة
-
روى البخاري عن أبو إياس قال: سمعت عبد الله بن مغفل، رضي الله عنه، قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو يقرأ على راحلته سورة الفتح".

4- القراءة في الطريق
لم يكره أكثر العلماء القراءة في الطريق إذا لم يتله القارئ في الطريق، وقد نقله ابن أبي داود عن أبي الدرداء أنه كان يقرأ في الطريق، وقد روي عن عمر بن عبد العزيز أنه أذن في ذلك،
وروي أن اﻹمام
مالك كره ذلك، كما قال ابن أبي داود: وحدثني أبو الربيع، أخبرنا ابن وهب قال سألت مالكا عن الرجل يصلي من آخر الليل، فيخرج إلى المسجد، وقد بقي من السورة التي كان يقرأ منها شيء، فقال: ما أعلم القراءة تكون في الطريق.

5- اﻷماكن التي يكره قراءة القرآن فيها
-
قال الشعبي: تكره قراءة القرآن في ثلاثة مواطن: في الحمام، وفي الحشوش، وفي بيت الرحى وهي تدور.
- وروى ابن أبي داود عن علي بن أبي طالب
: أنه كره ذلك،
ويحكى عن أبي حنيفة، رحمهم الله، أن القراءة في الحمام تكره وأما القراءة في الحشوش فكراهتها ظاهرة، ولو قيل بتحريم ذلك صيانة لشرف القرآن لكان مذهبا، وأما القراءة في بيت الرحى وهي تدور فلئلا يعلو غير القرآن عليه، والحق يعلو ولا يعلى، والله أعلم.
وخالفهم في كراهة القراءة في الحمام كثير من السلف، وهو مذهب مالك والشافعي وإبراهيم النخعي وغيرهم

6- في تعليم القرآن للصبيان
- عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال: إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم، قال: وقال ابن عباس: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم.
- عن ابن عباس قال:
جمعت المحكم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: وما المحكم؟ قال: "المفصل".
وفي هذه الآثار دلالة على جواز تعليمهم القرآن في الصبا، وهو ظاهر، بل قد يكون مستحبا أو واجبا؛ لأن الصبي إذا تعلم القرآن بلغ وهو يعرف ما يصلي به، وحفظه في الصغر أولى من حفظه كبيرا، وأشد علوقا بخاطره وأرسخ وأثبت، كما هو المعهود من حال الناس، وقد استحب بعض السلف أن يترك الصبي في ابتداء عمره قليلا للعب، ثم توفر همته على القراءة، لئلا يلزم أولا بالقراءة فيملها ويعدل عنها إلى اللعب، وكره بعضهم تعليمه القرآن وهو لا يعقل ما يقال له، ولكن يترك حتى إذا عقل وميز علم قليلا قليلا بحسب همته ونهمته وحفظه وجودة ذهنه، و
استحب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أن يلقن خمس آيات خمس آيات،

7- أسماء السور
جواز تسميه السور بالأسماء الموجودة في المصحف الآن
-
عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الآيتان من آخر سورة البقرة، من قرأ بهما في ليلة كفتاه)).
-
عن عائشة قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قارئا يقرأ من الليل في المسجد، فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرني كذا وكذا آية، كنت أسقطتهن من سورة كذا وكذا)).
-
عن عمر قال: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان.
- عن ابن مسعود:
أنه كان يرمي الجمرة من الوادي ويقول: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة.

من كره تسميتها
وكره بعض السلف ذلك، ولم يروا إلا أن يقال: السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، كما تقدم من رواية يزيد الفارسي عن ابن عباس، عن عثمان أنه قال: إذا نزل شيء من القرآن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اجعلوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، ولا شك أن هذا أحوط وأولى، ولكن قد صحت الأحاديث بالرخصة في الآخر، وعليه عمل الناس اليوم في ترجمة السور في مصاحفهم

8- ماورد في قراءة بعض الآيات من السورة
قراءة آيتين
-عن عبد الرحمن بن يزيد، أخبره علقمة عن أبي مسعود، فلقيته وهو يطوف بالبيت، فذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم أن "من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه".
قراءة ثلاث آيات
- قال ابن شبرمة: نظرت كم يكفي الرجل من القرآن فلم أجد سورة أقل من ثلاث آيات. فقلت: لا ينبغي لأحد أن يقرأ أقل من ثلاث آيات.
- جاء في حديث في السنن: ((لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وثلاث آيات)) ولكن هذا الحديث -أعني حديث أبي مسعود- أصح وأشهر وأخص

9- ما ورد في أقل مدة لختم القرآن
ماورد في ثمانية أيام
-
عن أبي المهلب قال: كان أبي بن كعب يختم القرآن في كل ثمان.

ما ورد في سبعة آيام
-
عن عبد الله بن عمرو قال: أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يتعاهد كنته فيسألها عن بعلها فتقول: نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشا، ولم يفتش لنا كنفا منذ أتيناه، فلما طال ذلك عليه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " ((ألقني به))، فلقيته بعد، فقال: ((كيف تصوم؟)). قلت: كل يوم. قال: ((وكيف تختم؟)). قال: كل ليلة. قال: ((صم كل شهر ثلاثة، واقرأ القرآن في كل شهر)): قال: قلت: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: ((صم ثلاثة أيام في الجمعة)). قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: ((أفطر يومين وصوم يوما)). قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: ((صم أفضل الصوم صوم داود، صيام يوم وإفطار يوم، واقرأ في كل سبع ليال مرة))،
- عن قيس بن أبي صعصعة؛ أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
يا رسول الله، في كم أقرأ القرآن؟ فقال: ((في كل خمس عشرة)). قال: إني أجدني أقوى من ذلك، قال: ((ففي كل جمعة)).
- عن محمد بن ذكوان -رجل من أهل الكوفة- قال: سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود يقول: كان عبد الله بن مسعود يقرأ القرآن في غير رمضان من الجمعة إلى الجمعة.
- عن إبراهيم: أنه كان يختم القرآن في كل سبع.

ماورد في ستة أيام وخمس
- عن إبراهيم قال: كان الأسود يختم القرآن في كل ست، وكان علقمة يختمه في كل خمس.

ماورد في ثلاثة أيام
- عن سعد بن المنذر الأنصاري؛ أنه قال: يا رسول الله، أقرأ القرآن في ثلاث؟ قال: ((نعم)). قال: فكان يقرؤه حتى توفي.
- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث)).

ماورد في أقل من ثلاث
- ومن الصحابة من ختمه في أقل من ثلاث ليال وأجاز ذلك ومنهم عثمان رضي الله عنه

10- كراهة الغلو في القرآن والجفاء عنه والاستكثار به
- عن عبد الرحمن بن شبل مرفوعا: ((اقرؤوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به)).
فقوله:
((لا تغلوا فيه)) أي: لا تبالغوا في تلاوته بسرعة في أقصر مدة، فإن ذلك ينافي التدبر غالبا؛ ولهذا قابله بقوله: ((ولا تجفوا عنه)) أي: لا تتركوا تلاوته.

11- في البكاء عند القراءة
- عن ابن مسعود- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)). قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: ((إني أشتهي أن أسمعه من غيري)). قال: فقرأت النساء، حتى إذا بلغت: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41]، قال لي: ((كف أو أمسك))، فرأيت عيناه تذرفان ".

12 - معنى حديث: (اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم...)
الحديث :
عن جندب بن عبد الله، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه)).
معناه :
ومعنى الحديث أنه، عليه السلام، أرشد وحض أمته على تلاوة القرآن إذا كانت القلوب مجتمعة على تلاوته، متفكرة فيه، متدبرة له، لا في حال شغلها وملالها، فإنه لا يحصل المقصود من التلاوة بذلك كما ثبت في الحديث أنه قال عليه الصلاة والسلام: ((اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)) وقال: ((أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل))، وفي اللفظ الآخر: ((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)).

13 - النهي عن الإختلاف في في القراءة والمنازعة فيها
النهي عن الإختلاف في القراءة والمنازعة فيها
- عن ابن مسعود- "أنه سمع رجلا يقرأ آية سمع النبي صلى الله عليه وسلم قرأ خلافها، فأخذت بيده فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((كلاكما محسن فاقرآ)) أكبر علمي قال: ((فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم الله عز وجل)) ".
- عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله بن مسعود: تمارينا في سورة من القرآن فقلنا: خمس وثلاثون آية، ست وثلاثون آية قال: فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدنا عليا يناجيه فقلنا له: اختلفنا في القراءة، فاحمر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تقرؤوا كما قد علمتم.
و معنى الحديث أنه ينهى عن الاختلاف في القراءة والمنازعة في ذلك والمراء فيه
**********************************************************************************************************

الباب الرابع : ذكر فوائد متفرّقة في علوم القرآن الكريم
المبحث الأول : السور المكية والمدنية
المبحث الثاني : عدد الآيات والكلمات والحروف في القرآن

المبحث الثالث : نصف القرآن وثلثه وسبعه
المبحث الرابع : التجزئة والتحزيب
المبحث الخامس : في معنى السورة واﻵية والكلمة

شرح المسائل :
المبحث الأول : السور المكية والمدنية
- المدني
قال أبو بكر بن الأنباري: عن قتادة قال: "نزل في المدينة من القرآن البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، وبراءة، والرعد، والنحل، والحج، والنور، والأحزاب، ومحمد، والفتح، والحجرات، والرحمن، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والصف، والجمعة والمنافقون، والتغابن، والطلاق، ويا أيها النبي لم تحرم، إلى رأس العشر، وإذا زلزلت، وإذا جاء نصر الله. هؤلاء السور نزلت بالمدينة، وسائر السور نزل بمكة".
- المكي
المكي من السور هو: سائر السور التي لم تذكر في ما نزل في المدني

المبحث الثاني : عدد الآيات والكلمات والحروف في القرآن
- عدد اﻵيات
اختلف في عدد آيات القرآن الى عدة أقوال هي :
القول اﻷول :ستة آلاف آية
القول الثاني :ستة آلاف ومائتان وأربع آيات
القول الثالث : ستة آلاف وأربع عشرة آية
القول الرابع : ستة آلاف ومائتان وتسع عشرة آية
القول الخامس: ستة آلاف ومائتان وخمس وعشرون , أو ست وعشرون آية
القول السادس : ستة آلاف و مائتان وست وثلاثون آية
- حكى ذلك أبو عمرو الداني في كتابه البيان.
- عدد الكلمات
عدد كلمات القرآن هو : سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة.
- عدد الحروف
عدد حروف القرآن فيه ثلاثة أقوال هي :
القول اﻷول :ثلاثمائة ألف حرف وأحد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانون حرفا. وهو قول عبد الله بن كثير عن مجاهد
القول الثاني :ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا. وهذا قول الفضل عن عطاء بن يسار
القول الثالث:
ثلاثمئة وأربعون ألفا وسبعمئة وأربعون حرفا ً , فقد ورد أن الحجاج جمع القراء والحفاظ والكتاب فقال: أخبروني عن القرآن كله كم من حرف هو؟ قال: فحسبنا فأجمعوا أنه ثلاثمائة ألف وأربعون ألفا وسبعمائة وأربعون حرفا , قاله سلام أبو محمد الحماني

المبحث الثالث : نصف القرآن وثلثه وسبعه
- نصف القرآن
نصف القرآن يكون عند الفاء من قوله في الكهف: {وليتلطف}[الكهف: 19]
- أثلاثه
ثلثه اﻷول : عند رأس مائة آية من براءة،
ثلثه الثاني :على رأس مائة أو إحدى ومائة من الشعراء
ثلثه الثالث : إلى آخر القرآن

- أرباعه
كان الحجاج يقرأ في كل ليلة ربع القرآن :
الربع الأول : فالأول إلى آخر الأنعام .
الربع الثاني : إلى {وليتلطف} من سورة الكهف .
الربع الثالث : إلى آخر الزمر .
الربع الرابع : إلى آخر القرآن.
- أسباعه
السبع اﻷول :
إلى الدال من قوله تعالى:
{فمنهم من آمن به ومنهم من صد} [النساء: 55]
السبع الثاني : إلى الياء من قوله تعالى في سورة الأعراف: {أولئك حبطت} [الأعراف: 147]،
السبع الثالث :
إلى الألف الثانية من قوله تعالى في الرعد: {أكلها} [الرعد: 35]
السبع الرابع :
إلى الألف في الحج من قوله: {جعلنا منسكا}[الحج: 67]
السبع الخامس: إلى الهاء من قوله في الأحزاب: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة}[الأحزاب: 36]
السبع السادس : إلى الواو من قوله تعالى في الفتح: {الظانين بالله ظن السوء}[الفتح: 6]
السبع السابع : إلى آخر القرآن.
فائدة :
- حكى الشيخ أبو عمرو الداني في كتابه البيان خلافا في هذا كله، والله أعلم.

المبحث الرابع : التجزئة والتحزيب
- التجزئة
اشتهرت التجزئة بأنها ثلاثون جزء.
- التحزيب
- عن أوس بن حذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلث وخمس وسبع وتسع وأحد عشرة وثلاث عشرة، وحزب المفصل حتى تختم. رواه أحمد في مسنده

المبحث الخامس : في معنى السورة واﻵية والكلمة
- معنى السورة
اختلف في معنى السورة مم مشتقةإلى أقوال هي :
القول اﻷول :قيل مشتقةمن الإبانة والارتفاع. قال النابغة :ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
فكأن القارئ يتنقل بها من منزلة إلى منزلة.
القول الثاني : قيل: لشرفها وارتفاعها كسور البلدان.
القول الثالث :قيل: سميت سورة لكونها قطعة من القرآن وجزءا منه، مأخوذ من أسآر الإناء وهو البقية، وعلى هذا فيكون أصلها مهموزا، وإنما خففت الهمزة فأبدلت الهمزة واوا لانضمام ما قبلها.
القول الرابع :قيل: لتمامها وكمالها لأن العرب يسمون الناقة التامة سورة.
القول الخامس :يحتمل أن يكون من الجمع والإحاطة لآياتها كما يسمى سور البلد لإحاطته بمنازله ودوره.


- جمع كلمة " سورة "
و تجمع السورة سور بفتح الواو، وقد تجمع على سورات وسورات. وهذا قول ابن كثير

- معنى اﻵية
اختلف كذلك في معنى اآية إلى أقوال هي :
القول اﻷول :من العلامة على انقطاع الكلام الذي قبلها عن الذي بعدها وانفصالها، أي: هي بائنة عن أختها ومنفردة. قال الله تعالى: {إن آية ملكه} [البقرة: 248]، قال النابغة : توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابع
القول الثاني :لأنها جماعة حروف من القرآن وطائفة منه، كما يقال: خرج القوم بآيتهم، أي: بجماعتهم. قال الشاعر:خرجنا من النقبين لا حي مثلنا بآيتنا نزجي اللقاح المطافلا
القول الثالث :سميت آية لأنها عجب يعجز البشر عن التكلم بمثلها.

- أصل اﻵية
قال سيبويه:وأصلها أيية مثل أكمة وشجرة، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصارت آية، بهمزة بعدها مدة.
وقال الفراء :أصلها أيّة -بتشديد الياء- الأولى فقلبت ألفا، كراهة التشديد فصارت آية، وجمعها: آي وآياي وآيات.
وقال الكسائي :أصلها آيية على وزن آمنة، فقلبت ألفا، ثم حذفت لالتباسها.

- معنى الكلمة
معنى الكلمة : هي اللفظة الواحدة،
- وقد تكون على حرفين مثل: ما ولا وله ونحو ذلك،
- وقد تكون أكثر. وأكثر ما تكون عشرة أحرف مثل:
{ليستخلفنهم} [النور: 55]، و {أنلزمكموها} [هود: 28]، {فأسقيناكموه} [الحجر: 22]،
- وقد تكون الكلمة الواحدة آية، مثل: والفجر، والضحى، والعصر، وكذلك: الم، وطه، ويس، وحم -في قول الكوفيين- وحم، عسق عندهم كلمتان. وغيرهم لا يسمي هذه آيات بل يقول: هي فواتح السور. وقال أبو عمرو الداني: لا أعلم كلمة هي وحدها آية إلا قوله تعالى:
{مدهامتان} بسورة الرحمن
- هل يوجد في القرآن ألفاظ من غير اللغة العربية
1 - التراكيب الأعجمية في القرآن
قال القرطبي: أجمعوا على أنه ليس في القرآن شيء من التراكيب الأعجمية
2- الأعلام الأعجمية
وأجمعوا أن فيه أعلاما من الأعجمية كإبراهيم ونوح، ولوط،
3- الألفاظ من غير التراكيب والأعلام
واختلفوا ؛ هل فيه شيء من غير ذلك بالأعجمية؟ على قولين :
الأول : عدم الوجود فأنكر ذلك الباقلاني والطبري وقالا ما وقع فيه مما يوافق الأعجمية، فهو من باب ما توافقت فيه اللغات.
الثاني : وجوده , ولا يخرجه ذلك عن كونه العربي فقد توجد القصيدة وفيها كلمتين أو ثلاثة من غير العربية ولا يخرجها ذلك عن كونها عربية .

أحسنتم جدًا أخي الفاضل ، بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
ملحوظة عامة :
تنظيم الشيخ لموضوعات المقدمة وتقديم بعضها على بعض لا يعني أن ابن كثير قسمها إلى هذه الأبواب ، إليكم أصل ترتيب الموضوعات هنا :
http://www.afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=301
وعلى هذا ؛ لا نقول : الباب الأول ، الباب الثاني ...
وإنما نقول المقصد الأول ، المقصد الثاني ...
لأن الموضوعات رتبت على المقاصد.


* بالنسبة للمقصد الثالث :
الجمع النبوي يشمل معارضة القرآن والقراء من الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة بكتابة القرآن في حياته ؛ وإذا قلنا القراء فإننا نقصد كل من حفظ القرآن سواء جمعه في حياته صلى الله عليه وسلم أو حفظ بعضه ، أما إذا قصدنا من جمع القرآن حفظًا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فينبغي التحري جيدًا فليس كل من ذُكروا قد جمعوا القرآن في العهد النبوي ، مثلا : علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وسالم مولى أبي حذيفة - رضي الله عنهم - جمعاه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.

تقييم التلخيص :
الشمول : 20 / 20
الترتيب : 19 / 20
التحرير العلمي : 18 / 20
الصياغة : 15 / 15
العرض : 15 / 15
المقصد الكلي : 10 / 10
______________

المجموع الكلي = 97 %
بارك الله فيك ونفع بك الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ماهر, الطالب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir