مسائل في تعبير الرؤى وتفسير الأحلام

[عبد العزيز الداخل]

الحمد لله كما يحب أن يحمد، ملء السموات وملء الأرض ومل ما بينهما وملء ما شاء من شيء بعد
وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته ومن اتبع هديه إلى يوم الدين
أما بعد:
فموضوع الرؤى والأحلام من المواضيع المهمة التي تدعو الحاجة إلى بيانها وتأصيلها، لأنها تمس واقع الناس وحياتهم، ولها آثار ودلائل ولوازم اضطرب الناس فيها كثيراً، وجرى بسبب هذا الاضطراب وقلة الفقه في هذا الباب فتن وبلايا، ومحن ورزايا، ونكبات على الأمة إثر نكبات، شهد التاريخ على بعضها، وعرف الناس من ذلك قصصاً وأخباراً كثيرة.
وأفاض الناس في الحديث عن الرؤى والأحلام ما بين مصيب ومجانب للصواب، وخالطٍ بعض الحق ببعض الباطل.
فكان بيان الحق في تلك المسائل، وتمييزه من الباطل، وبيان ما دلت عليه نصوص الشريعة في هذا الباب من الواجبات على العلماء العالمين بهذا الشأن، أداء للأمانة التي ائتمنهم الله عليها، وإبراء للذمة، ونصحاً للأمة.
ولعلي أبدأ معكم بيان بعض المسائل المتعلقة بالرؤى والأحلام على حلقات تتضمن كل حلقة فكرة واحدة أو أفكاراً مترابطة تُعرض في موضوع واحد تتم مناقشته وإيضاح الجوانب المتعلقة به
ثم ننتقل إلى حلقة أخرى على نفس المنوال.
ونسأل الله تعالى أن يوفق ويعين على الإتمام

والتأويل الحق ليس كهانة ولا تخرصاً وإنما هو علم له أصوله وضوابطه شأنه شأن أي علم من العلوم فيه مسائل ظاهرة بينة عند أهله، وفيه مسائل يختلف فيها أصحاب الاجتهاد فيه؛ فمنهم المصيب ومنهم المخطئ كما سيمر معنا في الدروس التأصيلية بإذن الله تعالى.
أسأل الله تعالى أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى، وأن يجعلنا من أهل البر والتقوى

[ريهام الصياد]

ولعلي أبدأ معكم بيان بعض المسائل المتعلقة بالرؤى والأحلام على حلقات تتضمن كل حلقة فكرة واحدة أو أفكاراً مترابطة تُعرض في موضوع واحد تتم مناقشته وإيضاح الجوانب المتعلقة به
ثم ننتقل إلى حلقة أخرى على نفس المنوال.
ونسأل الله تعالى أن يوفق ويعين على الإتمام

اللهم آمين
فى انتظار هذه الحلقات الشيقة إن شاء الله فنحن بحاجة إليها

[زمزم]

موضوع كثر الخلط فيه..نحتاج إليه
فجزاكم الله خير.

[عبد العزيز الداخل]

أنواع الرؤى والأحلام

سأتكلم في فصل لاحق بإذن الله عن أنواع ما يراه النائم وخلاصة ما ذكره العلماء والعابرون في التفريق بين الرؤيا والحلم وحديث النفس لكني سأقدم الكلام في هذا الفصل عن موضوع مهم ربما يغفل عنه كثير من الرائين والعابرين وهو أمر له دلائله البينة من الكتاب والسنة وأحوال الناس ، وتأثيره كبير في أمر التعبير
فما يراه النائم في منامه هو من تقدير الله عز وجل سواء كان ما رآه رؤيا أو حديث نفس أو حلم ، ولذلك يمكن تقسيم الرؤى تقسيماً عاماً إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: رؤى الرحمة
القسم الثاني: رؤى العذاب
القسم الثالث: رؤى الفتنة

فأما القسم الأول: فهو الغالب على رؤى المؤمنين، فهي تبشير بخير، أو تحذير من شر، رحمةً من الله عز وجل ولطفاً بعباده.
ولذلك أمثلة كثيرة جداً، وأدلة في الكتاب والسنة
منها قوله تعالى: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين)
فتأمل تأكيد الخطاب بلام التوكيد ودخولها على حرف التحقيق (قد) ونسبة الصدق إلى الله الذي لا يمكن أن ينسب إليه سواه ، ثم المصدوق هو رسوله فأضافه إليه إضافة تقتضي تمام التولي والنصرة ثم زاد تأكيدها بأنها (بالحق) الخالص الذي لم تدخله شوائب الباطل ولا أضغاث الأحلام ثم عبرها الله تعالى لهم بالوحي كما عبرها النبي صلى الله عليه وسلم لما رآها فقال: (لتدخلن المسجد الحرام...) فأكد التعبير بلام التوكيد ونون التوكيد المثقلة ثم ذكر الصفة التي يدخلون فيها المسجد الحرام زيادة في التأكيد فإن الأخذ في وصف التفاصيل إمعان في تحقق الأمر (آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) أي منكم المحلق ومنكم المقصروأنتم آمنون (لا تخافون)
فتأمل كثرة المؤكدات في هذه الآية التي تخاطب نفوس الصحابة الكرام رضي الله عنهم وتزيل عنهم ما يلقيه الشيطان من الوساوس والتحزين والتخويف والتيئيس
فإذا علمت ذلك علمت عظيم أثر الرؤيا الحسنة الصالحة على النفس المؤمنة.
- ومنها قوله تعالى: (إذ يريكهم الله في منامك قليلاً ولو أراكهم كثيراً لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور)
فلما أرى الله نبيَّه الأعداء في المنام قليلين كان ذلك رحمة بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأورثتهم تلك الرؤيا قوة وائتلافاً وإقداماً ورجاء عظيماً في النصر وسلمهم الله من وساوس الصدور المردية في مثل هذه الأحوال الحرجة (إنه عليم بذات الصدور)
ومن الأدلة أيضاً ما ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: « لم يَبْق بعدي إلا المبشِّراتُ ، قالوا : وما المبشِّراتُ؟
قَالَ : الرَّؤْيَاالصالحة ».
- وفي مصنف عبد الرزاق من حديث معمر عن أيوب عنمحمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الرؤيا الحسنة بشرى من الله). وإسناده صحيح.

وكم من رؤيا كانت سبباً في تفريج كربة، وانكشاف غمة، وتسلية محزون، وطمأنة مظلوم، ونصر نفسي حققه نصر حسي....

قال عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب لما سجن هو وأصحابه في خراسان:
خرجنا من الدنيا ونحن من اهلهـا = ولسنا من الأموات فيها ولا الأحيـا
إذا جاءنا السجَّـانُ يومـاً لحاجـة = عجبنا وقلنا جاء هذا مـن الدنيـا
ونفـرح بالرؤيـا فجُـلُّ حديثنـا = إذا نحن أصبحنا الحديث عن الرؤيا

ومن أعجب ما مر علي في ذلك، ماسألتني عنه امرأة ظلمت ظلماً عظيماً في أمرين
الأمر الأول: أنها قذفت في عرضها ظلماً وبهتاناً، وتكلم الناس في ذلك، وأكثر من تكلم فيها أقاربها.
والأمرالثاني: أنها سحرت من قبل بعض أقاربها وعانت بسبب هذا السحر معاناة عظيمة.
سألتني فقالت: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم نازلاً من السماء، ويقوللي: أنت مثل مريم ابنة عمران).
فبشرتها: بعلو لها ورفعة بإذن الله، وأن الله سيشفيها مما بها من السحر، وسينصرها على من ظلمها، ويعلي شأنها، وينتشر لها ذكر حسن في حياتها وبعد مماتها.
فانظروا إلى عظيم أثر هذه الرؤيا على نفسها، وكيف كانت سبباً في طمأنتها، وراحتها، وشد عزيمتها، وعدم يأسها من الفرج
فصارت تقول: أنا واثقة أن الله سينصرني ويرفع عني هذا البلاء، ويعوضني خيراً.

وسألني رجل قال: رأيتني في خيمة حولها سلا خرج منه ثعبان أسود فدار حول الخيمة يريد أن يدخلها فلميستطع فذهب عنها بعيداً.
فقلت له: هل تقرأ آية الكرسي إذا أصبحت وإذاأمسيت؟.
قال: أقرؤها بعد كل صلاة ولله الحمد.
قلت له: هذه محاولة سحر حفظك الله منها ووقاك، وكان سحراً عظيماً ولكن الله نجاك منه، فاحمده على فضله، ولازم ما أنت عليه من المحافظة على الأذكار.

وقد يرى بعض المظلومين من الكفار رؤى رحمة فيها بشارات لهم، وتطمين لهم بالنصر على من ظلمهم، فإن الله تعالى لا يحب الظلم ولا يقره، وينتصر للمظلوم ممن ظلمه مهما كان.
وهذا من عظيم عدل الله عز وجل ولطفه بعباده وعنايته بهم، لا يشغله شأن عن شأن.
ومن ذلك أني سُئلت عن رؤيا رأتها امرأةٌ روسية نصرانية ظُلمت ظلماً عظيماً حيث باعها والدها لصاحب حانوت قمار، وسامها ذلك المجرم سوء العذاب، وهي تمتنع عما يريده من المتاجرة بجسدها، فسجنها في مكان مظلم وضربها وحرمها الطعام والشراب إلا ما تبقى به على قيد الحياة
فرأت رؤيا فسألني عنها أحدهم فبشرتها برفع هذا العذاب عنها وأنها ستخرج وستسلم بإذن الله تعالى وأن الله سينصرها على من ظلمها ويعلي شأنها حتى تشتهرويُثنَى عليها في الملأ.
فأخبرني عنها من نقل الرؤيا بعد ذلك أنها أسلمت ونجاها الله من ذلك السجن، وأنها كانت في شدة تلك المحنة إذا نامت ورأت رؤيا قويت عزيمتها، وأحست براحة وطمأنينة.

فهذاهو النوع الأول من الرؤى
النوع الثاني: رؤى العذاب.
النوع الثالث: رؤى الفتنة.

وسأتكلم عنهما لاحقاً إن شاء الله تعالى

[عبد العزيز الداخل]

النوع الثاني من أنواع الرؤى : رؤى العذاب ، نعوذ بالله منها
وهذا النوع قل من يتفطن له
ورؤى العذاب تقع لأهل الظلم والعقوق وقطيعة الرحم والكبر والحسد والنميمة والقذف والغيبة والكذب ونحوهم نكالاً من الله عز وجل، وجزاء معجلاً من عقوبات ذنوبهم العظيمة، وجرائرأعمالهم
فكما نغصوا حياة الناس نغص الله عليهم نومهم، وكلما كانوا أكثر أذية للناس كان نصيبهم من هذه العقوبة أكبر نسأل الله السلامة والعافية.

ولذلك لما كان القاتلُ ظلماً وعدواناً قد تسبب في أعظم التنكيد والتنغيص لحياة القتيل وذويه كان نصيبه من رؤى العذاب أكثر وأشهر، وقل أن يهنأ مثل هذا بنومه، بل يجد منالرؤى والأحلام التي يعذب بها في منامه ما يسبب له أعظم النكد والتنغيص

وهذ االنوع من أنواع الرؤى يكثر عند الكفار لا سيما الطغاة منهم.

ويقع أيضاً لأهل الكبائر من المسلمين الذين يقعون في بعض ما ذكرنا من المعاصي
ولكنها للمسلم فيها تخفيف من عقوباته، وربما يحمله ما يرى على المسارعة إلى التوبة والاستغفارفتكون هذه الرؤى خيراً له حيث دلته على طريق التوبة والسلامة والسعادة

ومن أمثلة رؤى العذاب:
- رؤيا أحد صاحبي السجن الذي رآى في المنام أنه يحمل فوق رأسه خبزاً تأكل الطير منه، فعبر الرؤيا يوسف عليه السلام بأنه يُصلب فتأكل الطير من رأسه.
- ورؤيا فرعون وذكرها ابن جرير في تفسيره وفي إسنادها مقال.
- وكذلك رؤيا كسرى أنو شروان مشهورة في كتب السيرة،التي رأى فيها سقوط أربع عشرة شرفة من إيوانه، وخمود نيرانه...إلخ
- وكذلك رؤيا عاتكة بنت عبد المطلب كانت عذاباً على قريش وهي معروفة في السيرة في قصة غزوة بدر.
- ورؤيا أمية ابن أبي الصلت قبيل هلاكه.
وهذه الرؤى لو أردنا أن نسردها لطال الكلام ولكن ننبه إليها تنبيها يفي بالغرض

وسأذكر مثالاً واحداً على اقتضاب لرؤيا من هذا النوع رآها أحد الخلفاء العباسيين،
وهو الخليفة محمد المنتصر ابن المتوكل العباسي، وقصته فيها عبر وعظات، وكم في التاريخ من عبر.
كان المنتصر ولياً للعهد في خلافة أبيه، وكان الخلفاء هم الذين يخطبون بالناس الجمعة، وفي جُمُعةٍ من الجُمَعِ أمر الخليفة المتوكلُ ابنَه المعتز أن يصلي بالناس وهو أخو المنتصر الأصغر، وكان شاباً فصيح اللسان قوي البيان فخطب خطبة بليغة أخذت بالألباب، فحسده أخوه المنتصر وحنق عليه وعلى أبيه حنقاً شديدا،ً وقال فيهم قولاً ساء والده؛ فعزله أبوه عن ولاية العهد وأمربضربه وتأديبه، وكان المنتصر لم يبلغ الخامسة والعشرين من عمره بعد.
فما كان منه إلا أن تآمر مع بعض رجالات القصر على قتل والده، وتولي الخلافة من بعده، فتم له ذلك.
قال ابن كثير رحمه الله: (رأى في منامه كأنه يصعد سلماً فبلغ إلى آخر خمس وعشرين درجة؛ فقصَّها على بعض المعبرين؛ فقال: تلي خمساً وعشرين سنة الخلافة، وإذا هي مدة عمره قد استكملها في هذه السنة.
وقال بعضهم: دخلنا عليه يوما فإذا هو يبكي وينتحب شديداً، فسأله بعض أصحابه عن بكائه فقال: رأيت أبي المتوكل في منامي هذا، وهو يقول: ويلك يا محمد قتلتني وظلمتني وغصبتني خلافتي، والله لا أمتعت بها بعدي إلا أياما يسيرة ثم مصيرك إلى النار.
قال: فما أملك عيني ولا جزعي.
فقال له أصحابه من الغرارين الذين يغرون الناس ويفتنونهم: هذه رؤيا وهي تصدق وتكذب، قم بنا إلى الشراب ليذهب همك وحزنك.
فأمر بالشراب فأحضر وجاء ندماؤه فأخذ في الخمروهو منكسر الهمة، وما زال كذلك مكسورا حتى مات).

والأمثلة على هذا النوع من الرؤى كثيرة ولا أحب الإطالة، وإنما المقصود أخذ العظة والعبرة، والتفطن لهذا النوع من الرؤى

وليُعلم أن رؤى العذاب على صنفين:
الصنف الأول: ما يراه النائم في أشخاص معينين يتكررون عليه إما يطلبونه، أو يطردونه أو يقيدونه أو يكشفون عورته أو يرمونه بشيء يؤذيه، ونحوذلك
فهذه تقع (أحياناً) لتدل على أنه قد ظلمهم بشيء من القول أو الفعلوسينتصرون منه

وقد يكون لها تأويل آخر إذا كان الرائي ملتزم العدل وعدمالظلم.

والصنف الثاني: ما يراه النائم من أمورتزعجه وتنكد عليه كأن يرى أنه يطير في السماء مع ضيق في الحال، أو يسقط من علوشاهق، أو يجري ويتعب من كثرة الجري، أو يُرمى بحجارة، أو يُطعَن بسكين ونحوها، أوتطارده سباع أو هوام ونحو ذلك

فهذه الرؤى قد تدل على أنه يمارس أنواعاً من الظلم غير محددة فقد يحسد، وقد ينم، وقد يغتاب، وقد يقذف، وقد يحقر أحداً من المسلمين، والاحتقار يتهاون فيه بعض الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (بحسب امرئ منالشر أن يحقر أخاه المسلم)
وقد يقع في العقوق، وقطيعة الرحم.
ولكل رؤيا دلالة خاصة على نوع من أنواع الظلم.
وقد تقع مثل هذه الرؤى لمن يصر على بعض الكبائر الخفية فإذا تاب انقطعت عنه.

فلذلك ينبغي لمن يرى مثل تلك الرؤى أن يبادر إلى محاسبة نفسه، والتوبة والاستغفار

والتكفير عن سوابق أعماله بالازدياد من الأعمال الصالحة وقراءة القرآن والصدقة وفعل الخير، وسيجد أن تلك الرؤى تنقطع عنه بإذن الله تعالى.

أما إذا كان الرائي ملتزم العدل متجنب الظلم فإن ما يراه من تلك الرؤيا يكون له تأويل آخر بحسب حاله.

بقي تنبيه أخير: وهو أن رؤى العذاب ربما تشتبه بالأحلام التي يراها بعض الناس من تحزين الشيطان وتنكيده
فينبغي أن يفرق المؤمن بينهما
والفرقان بينهما هو حال الشخص نفسه وكل امرئ بصير بحال نفسه؛ فإن كان حريصاً على اجتناب الظلم وأذية الناس بالقول والفعل والقصد فإنه لا يعذب في منامه بتلك الرؤى، ويكون ما يراه مما يزعجه إنما هو من تحزين الشيطان وتخويفه فليستعذ بالله من شر الشيطان، ومن شر ما رأى، ولينفث عن يساره ثلاثاً ، ولايذكرها لأحد فإنها لا تضره.
وأما إن كان يقع في شيء من تلك الأعمال فليبادر إلى إصلاح حاله، ولا ينفعه تبريره لأخطاء نفسه، لأنه سيجزى بعمله إلا أن يتداركه الله برحمته قال تعالى: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يُجزَبه).
فاعتبار حال الرائي أمر مؤثر في التعبير
وفي حديث سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال:كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعجبه الرؤيا الحسنة وربما قال رأى أحد منكم رؤيا فإذا رأى الرؤيا الرجلُ الذي لا يعرفه رسول الله صلى الله عليه و سلم سألَ عنه فإن كان ليس به بأس كان أعجب لرؤياه إليه؛ فجاءت إليه امرأة فقالت: (يا رسول الله رأيت كأني دخلت الجنة فسمعت وجبة ارتجت لها الجنة فلان بن فلان وفلان بن فلان حتى عدت اثنى عشر رجلا فجئ بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم دما فقيل اذهبوا بهم إلى نهر البَيْدَخ أو البيدح فغُمِسُوا فيه فخرجوا منه وجوههم مثل القمر ليلة البدر ثم أتوا بكراسي من ذهب فقعدوا عليها وأُتُوا بصَحْفَةٍ فأكلوا منها فما يقلبونها لشقٍّ الا أكلوا فاكهة ما أرادوا)
وجاء البشير من تلك السرية فقال: (كان من أمرنا كذا وكذا وأصيب فلان وفلان حتى عد اثني عشر رجلا الذين عدت المرأة)
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: عليَّ بالمرأة؛ قُصِّي على هذا رؤياكِ؛ فقَصَّتْ؛ فقال: هو كما قالت). رواه أحمد وعبد بن حميد وإسناده صحيح على شرط مسلم.

وفقني الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح
اللهم اجعلنا مباركين حيث كنا، واجعلنا من أحب عبادك إليك، ومن أنفع الناس للناس.
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.

[أم مجاهد]

آمين

جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل..

بانتظار البقية .. زادكم الله من فضله وأحل عليكم رضوانه..

[الهاجرية]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل عندي سؤال على ما تفضلتم به
هل رؤيا العذاب هي الرؤيا التي جاء فيها الأمر أن يتفل عن يساره ولا يخبر بها أحدى؟
وهل من علامات الرؤيا الحسنة أن يقوم من نومه فرحا مسرورا والرؤيا السيئة عكس ذلك؟ وفقكم الله

[عبد العزيز الداخل]

بارك الله فيكم جميعاً

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الهاجرية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل عندي سؤال على ما تفضلتم به
هل رؤيا العذاب هي الرؤيا التي جاء فيها الأمر أن يتفل عن يساره ولا يخبر بها أحدا؟
وهل من علامات الرؤيا الحسنة أن يقوم من نومه فرحا مسرورا والرؤيا السيئة عكس ذلك؟ وفقكم الله

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

هذا التقسيم يشمل بأنواعه الرؤى والأحلام لأنها في مجملها إما رحمة أو عذاب أو فتنة

وحتى الأحلام المزعجة قد تكون رحمة للإنسان لا بنفسها ولكن بما يترتب على موقفه الشرعي الصحيح منها ، فقد يعرف الذنب الذي تسلط عليه الشيطان بسببه فيتوب ويصلح
وقد يعمل أعمالاً صالحة فتنقطع عنه هذه الأحلام المزعجة
وبالجملة فإن أمر المؤمن كله له خير حتى في أمر الرؤى والأحلام ، وليس ذلك إلا للمؤمن.

ورؤى العذاب قد تؤول إلى رحمة إذا تاب العبد وأصلح، ولهذا أمثلة كثيرة
سألني أخ عن رؤى تزعجه يراها في أخته فكان تلك الرؤى تزعجه ويتأذى بها ويغتم منها ويتخوف مما تدل عليه
فقلت له: هل ظلمت أختك في شيء نكَّد عليها حياتها ؟
فأخبرني أنها قد ظلمت ظلما عظيماً , فوعظته وحذرته من مغبة ظلمها فأبدى ندمه, ثم أخبرني بعد بأنهم رفعوا الظلم عنها ، وانقطعت عنه هذه الرؤى المزعجة.

والمقصود أن هذه الرؤيا وإن كانت في صورتها مما يتعذب به الرائي إلا أنها أصبحت رحمة له لما أنقذته من الإمعان في ظلم أخته.

ومن الناس من يرى رؤى العذاب ويمعن في الظلم والعدوان حتى يلقى جزاءه

وأما جواب السؤال الثاني فسأخصص له درساً بإذن الله تعالى ، لأن الكلام فيه قد يطول.

[طيبة الطيبة]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل عندي سؤال على ما تفضلتم به وهو المشاكل الصحية لدى الشخص هل لها علاقة بالرؤى والأحلام لا سيما إن كانت مزمنة وأيضا تأثير أصناف الأكل على الرائي ؟ بارك الله فيكم وزادكم من العلم النافع والعمل به

[جميلة عبد العزيز]

جزاكم الله خيراً شيخنا الفاضل
وأفاض الله عليكم من بركاته وفضله

[أبرار الكثيري]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير شيخنا الفاضل لدي سؤال بارك الله فيك
هل هناك فرقا بين الرؤيا والحلم وكيف اميز بينهم وهل هناك اوقات معينة مثلا مايقال ان الرؤيا قبل الفجر هي رؤيا صادقة ومابعد الفجر ليست برؤيا وانما حلم من الشيطان او اضغاث احلام؟
ارجو التوضيح

[عبد العزيز الداخل]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طيبة الطيبة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل عندي سؤال على ما تفضلتم به وهو المشاكل الصحية لدى الشخص هل لها علاقة بالرؤى والأحلام لا سيما إن كانت مزمنة وأيضا تأثير أصناف الأكل على الرائي ؟ بارك الله فيكم وزادكم من العلم النافع والعمل به

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

نعم لبعضها علاقة بما يراه النائم ، ويحصل هذا في أحوال وله أمثلة
فقد يرى بعضهم لوناً معيناً أحمر أو أصفر أو أسود يغلب على ما يراه فيكون ذلك دليلاً على زيادة بعض إفرازات الكبد لديه
وقد ذكر الشهاب العابر في كتابه (البدر المنير في علم التعبير) فصلاً مهماًَ في هذا النوع لكنه ليس حاضراً لدي الآن وإلا لنقلت لك منه لكني أحيل إليه .
وبعضهم يرى غلبة الماء عليه في نومه فهذا غالباً يشكو من ارتفاع في الحرارة سببها في الأصل غير عضوي
وقد سئلت عن رؤى كثيرة من مثل هذا النوع على تفاصيل مختلفة .

وأما تأثير غلبة أنواع من الطعام عليه فوارد
وعموماً ما يؤثر على الروح فيمكن أن يسري تأثيره على ما يراه النائم.

والله تعالى أعلم

[عبد العزيز الداخل]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المتقية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير شيخنا الفاضل لدي سؤال بارك الله فيك
هل هناك فرقا بين الرؤيا والحلم وكيف اميز بينهم وهل هناك اوقات معينة مثلا مايقال ان الرؤيا قبل الفجر هي رؤيا صادقة ومابعد الفجر ليست برؤيا وانما حلم من الشيطان او اضغاث احلام؟
ارجو التوضيح

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وفيكم بارك الله وجزاكم الله خيراً

نعم بينها فروق ، ولطول الجواب على هذه المسألة سأخصص له درساً قريباً بإذن الله تعالى
بعد أن أنهي الدرس الذي بدأت فيه.

[طيبة الطيبة]

جزاكم الله خيرا وأحسن اليكم وزادكم من فضله

[حفيدة البخاري]

جزاكم الله خيرا
كلام نفيس
نفع الله به


أسئلتي بارك الله فيكم :

هل يمكنني ان أكون معبرة للرؤيا ، ومالسبيل لذلك

وهل يثاب من ينشغل بتعلمها ، كما يثاب طالب العلم الشرعي ،لأنها جزء من النبوة

وما أرجح الأقوال في كون الرؤيا جزء من النبوة ؟!

[عبد العزيز الداخل]

وأنتم فجزاكم الله خيراً

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حفيدة البخاري

هل يمكنني ان أكون معبرة للرؤيا ، وما السبيل لذلك؟

تعبير الرؤى علم يعلمه الله من يشاء من عباده كما قال تعالى عن يوسف: (ولنعلمه من تأويل الأحاديث) فأخبر أنه يعلمه ، ولو كان أمراً لا يحتاج إلى تعليم وإنما يكون بمجرد الجعل الكوني لم يكن لذكر التعليم معنى
لكن هذا العلم من العلوم التي يجعل الله بعض النفوس قابلة لها ذات ملكة صحيحة فيها فيفيدها التعلم صقلاً وضبطاً لأصولها ويتجنب ما يستشنع من الغلط
وقد كتب بعض أهل العلم في أصول تعبير الرؤى ، ومن أمثل من كتب في ذلك
ابن قتبة في كتابه تعبير الرؤيا ، والشهاب العابر في كتابه البدر المنير في علم التعبير ولغيرهما كتب نافعة في هذا الباب يأتي ذكرها والتعليق عليها في درس مستقل بإذن الله

فمن كانت له ملكة صحيحة ودرس أصول التعبير وكانت له دربة في التعبير يقيمها له عالم بهذا الفن رجوت أن يكون من أهل هذا العلم

وأما من ليست له ملكة صحيحة فيستفيد من هذه الدروس أصولاً عامة يضبط بها التعبير الصحيح وربما يميز صحيح التعبير من فاسده كما يميز من درس العروض صحيح الشعر من غيره ويعرف ما فيه من الزحاف والخبن والعلل وإن لم يكن شاعراً بالمَلَكَة.

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حفيدة البخاري

وهل يثاب من ينشغل بتعلمها ، كما يثاب طالب العلم الشرعي ،لأنها جزء من النبوة

أما الاشتغال بذلك عن علوم أوجب منها وأفضل فلا ينبغي لطالب العلم ، وهذا العلم لا يؤخذ بالاستعجال وإنما بالتروي والدراسة على مهل وهذا أمر لا يستغرق وقت طالب العلم
ينبغي لطالب العلم أن يوازن بين العلوم ويقدم الأهم منها وما يرى أنه فتح له فيه فيزداد منه بما فتح الله له
وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (قيمة المرء ما يحسنه)

ومن منَّ الله عليه بهذا العلم فينبغي أن يؤدي زكاته وينفع به إخوانه بما لا يفوت عليه أمراً فاضلاً أو يشغله عن واجب أو نفل أولى منه.
وهو من أبواب البر والإحسان لمن اتقى وأحسن.

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حفيدة البخاري

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حفيدة البخاري

وما أرجح الأقوال في كون الرؤيا جزء من النبوة ؟!

الذي خلصت إليه في هذه المسألة بعد النظر في أقوال أهل العلم أن الرؤيا جزء من النبوة باعتبار ما تدل عليه من أمر الغيب وكون الرؤيا من الله فصح بذلك كونها من النبوة مع دلالة الأحاديث على هذا المعنى كما في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه في الصحيح : (رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) وقد صح هذا الحديث من رواية عدد من الصحابة
وفي صحيح مسلم وسنن أبي داوود والنسائي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كشف الستارة ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه والناس صفوف خلف أبي بكر فقال: يا أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له).
وفي حديث أبي هريرة مرفوعاً عند النسائي: (ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة).
وقد سئل الإمام مالك: عن الرؤيا تكون على الشر فيعبرها العابر على الخير؟
فقال: أبالنبوة يلعب؟!

ولكن هذا لا يستلزم بأي وجه أن يكون الرائي نبياً بإجماع العلماء
فكما أن من أتى بجزء من أجزاء العبادات لم يصح أن يسمى باسم من أداها فكذلك هذا الأمر
فلو أن رجلاً تمضمض لم يسمَّ متوضئاً مع أن المضمضة جزء من أجزاء الوضوء.

[حفيدة البخاري]

جزاكم الله خيرا ونفع بكم وزادكم علما وعملا خالصا

[عبد العزيز الداخل]

النوع الثالث: رؤى الفتنة
وهذا النوع أقل من سابقيه وقوعاً وأعظم خطراً إذا لم يعتصم الرائي بربه جل وعلا ويتبع هداه ذلك أن من اتبع هدى الله فقد ضمن الله له أن لا يضل ولا يشقى، وأن لا يخاف ولا يحزن ، وإنما الخوف على من يغفل عن الهدى ويستزله الشيطان ببعض ذنوبه فتقوده تلك المسالك إلى أودية المهالك، والمؤمن تواب رجاع إلى الله فيعصمه الله بذلك من الضلال ويقيه شر سيئاته ومكايد الشياطين.
ويحسن بالمسلم أن يعرف في هذا الباب أصولاً يستعين بها على معرفة طريق النجاة من تلك المهالك التي ضل بسببها أناس، واغتر بها آخرون وهلك من هلك ، ونجَّى الله من اعتصم به وفر إليه واستمسك بحبله المتين
فمن رؤى الفتنة أن يرى الإنسان رؤيا تعجبه فيغتر بها ويدع العمل
قال محمد بن واسع: الرؤيا بشرى للمؤمن ولا تغره.
وقال ابن مفلح: (قَالَ الْمَرُّوذِيُّ : أَدْخَلْت إبْرَاهِيمَ الْحُمَيْدِيَّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا فَقَالَ : إنَّ أُمِّيَ رَأَتْ لَك كَذَا وَكَذَا وَذَكَرَتْ الْجَنَّةَ .
فَقَالَ : يَا أَخِي إنَّ سَهْلَ بْنَ سَلَامَةَ كَانَ النَّاسُ يُخْبِرُونَهُ بِمِثْلِ هَذَا ، وَخَرَجَ سَهْلٌ إلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ.
وَقَالَ : الرُّؤْيَا تَسُرُّ الْمُؤْمِنَ وَلَا تَغُرُّهُ).
أبو عبد الله هو الإمام أحمد بن حنبل
قال الغزالي في إحياء علوم الدين: (قال رجل من أهل الشام للعلاء بن زياد رأيتك في النوم كأنك في الجنة!
فنزل عن مجلسه وأقبل عليه ثم قال: لعل الشيطان أراد أمراً فعُصمتُ منه فأشخص رجلاً يقتلني).
وقال أبو قدامة السرخسي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كان سفيان الثوري إذا قيل له: إنه رؤي في المنام، يقول: (أنا أعرف بنفسي من أصحاب المنامات).
فهذا نوع من أنواع رؤى الفتنة وهي التغرير ، فلذلك إذا رأى المسلم أو رؤي له ما يحب فليحمد الله تعالى، وليجعل تلك الرؤيا حافزاً لمزيد من العمل شكراً لله على نعمته.
وسبيل النجاة أن لا يدع العبد العمل والحرص على ما ينفعه لأجل رؤيا رآها فيتكل ويترك العمل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز...) الحديث.
والحرص هو بذل الجهد واستفراغ الوسع ، وقوله: (على ما ينفعك) يعم ما ينفعه في الدنيا والآخرة
ولما رآى ابن عمر رؤياه التي فيها بشارة بالنجاة من النار قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)
فمن رأى رؤيا تبشره بخير فلا يدعن بذل الأسباب ما استطاع.


- ومن أنواعها أيضاً رؤى التضليل والمكر ، وهذا النوع يكثر عند أهل البدع والشرك نسأل الله السلامة والعافية، وقد يقع لبعض أهل الصلاح شيء من ذلك فتنة لهم وابتلاء
من ذلك أن امرأة سألتني أنها رأت في منامها من يقول لها: كرري اسم السميع البصير مراراً ، وسترين في منامك حقائق تهمك في حياتك.
وكانت امرأة مهمومة كثيرة التفكير في همومها وما يصيبها وتتوق إلى الخلاص مما ابتليت به
فقلت لها: إن تكرار اسم من الأسماء الحسنى بهذه الطريقة بدعة لا تجوز.
ولو أن إنساناً كرر اسماً من الأسماء ألف مرة لما كان ذاكراً لله تعالى، حتى يكون كلامه مفيداً، فيقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ونحو ذلك، من الذكر والدعاء المفيد.
فهذه المرأة سألت وتبينت الحكم، مع أن النفس تتوق لمعرفة ذلك الموعود
فحذرتها من اتباع خطوات الشيطان، وأن هذه حيلة من حيله كما زين لبعض أهل البدع من الصوفية وغيرهم فصاروا يكررون بعض الأسماء ثم اختصروا حروف بعضها حتى آل الأمر ببعضهم إلى الاستغاثة الصريحة بالشياطين، والعياذ بالله.
فقد تكرر هذا الاسم ويريها الشيطان في منامها بعض ما كان يخفى عليها فتفتن بذلك وتظن صدقه ، ولا يزال يمكر بها حتى يوقعها في الشرك والعياذ بالله.
ولذلك فإن سبيل السلامة والنجاة أن يعرض الرائي رؤياه على أحكام الشريعة فكل رؤيا تخالف الشريعة فإنما هي من تضليل الشيطان فليحذر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (فَإِذَا كَانَتْ الشَّيَاطِينُ تَأْتِي الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِتُؤْذِيَهُمْ وَتُفْسِدَ عِبَادَتَهُمْ فَيَدْفَعُهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا يُؤَيِّدُ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ مِنْ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَالْعِبَادَةِ وَمِنْ الْجِهَادِ بِالْيَدِ ؛ فَكَيْفَ مَنْ هُوَ دُونَ الْأَنْبِيَاءِ ؟ . فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمَعَ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ بِمَا أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَالْأَعْمَالِ وَمِنْ أَعْظَمِهَا الصَّلَاةِ وَالْجِهَادِ . وَأَكْثَرُ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَالْجِهَادِ فَمَنْ كَانَ مُتَّبِعًا لِلْأَنْبِيَاءِ نَصَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِمَا نَصَرَ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ . وَأَمَّا مَنْ ابْتَدَعَ دِينًا لَمْ يَشْرَعُوهُ فَتَرَكَ مَا أَمَرُوا بِهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَاتِّبَاعِ نَبِيِّهِ فِيمَا شَرَعَهُ لِأُمَّتِهِ وَابْتَدَعَ الْغُلُوَّ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَالشِّرْكَ بِهِمْ فَإِنَّ هَذَا تَتَلَعَّبُ بِهِ الشَّيَاطِينُ قَالَ تَعَالَى : { إنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } { إنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ } . و ( مِنْهَا أَنْ يَدْعُوَ الرَّائِي بِذَلِكَ رَبَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِيُبَيِّنَ لَهُ الْحَالَ . و ( مِنْهَا أَنْ يَقُولَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ : أَأَنْت فُلَانٌ ؟ وَيُقْسِمُ عَلَيْهِ بِالْأَقْسَامِ الْمُعَظَّمَةِ وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ قَوَارِعَ الْقُرْآنِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَضُرُّ الشَّيَاطِينَ . وَهَذَا كَمَا إنَّ كَثِيرًا مِنْ الْعِبَادِ يَرَى الْكَعْبَةَ تَطُوفُ بِهِ وَيَرَى عَرْشًا عَظِيمًا وَعَلَيْهِ صُورَةٌ عَظِيمَةٌ وَيَرَى أَشْخَاصًا تَصْعَدُ وَتَنْزِلُ فَيَظُنُّهَا الْمَلَائِكَةَ وَيَظُنُّ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ هِيَ اللَّهُ - تَعَالَى وَتَقَدَّسَ - وَيَكُونُ ذَلِكَ شَيْطَانًا . وَقَدْ جَرَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ لِغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ فَمِنْهُمْ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ وَعَرَفَ أَنَّهُ الشَّيْطَانُ كَالشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ فِي حِكَايَتِهِ الْمَشْهُورَةِ حَيْثُ قَالَ : كُنْت مَرَّةً فِي الْعِبَادَةِ فَرَأَيْت عَرْشًا عَظِيمًا وَعَلَيْهِ نُورٌ فَقَالَ لِي : يَا عَبْدَ الْقَادِرِ أَنَا رَبُّك وَقَدْ حَلَلْت لَك مَا حَرَّمْت عَلَى غَيْرِك . قَالَ : فَقَلَتْ لَهُ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ اخْسَأْ يَا عَدُوَّ اللَّهِ . قَالَ : فَتَمَزَّقَ ذَلِكَ النُّورُ وَصَارَ ظُلْمَةً وَقَالَ يَا عَبْدَ الْقَادِرِ نَجَوْت مِنِّي بِفِقْهِك فِي دِينِك وَعِلْمِك وَبِمُنَازَلَاتِك فِي أَحْوَالِك . لَقَدْ فَتَنْت بِهَذِهِ الْقِصَّةِ سَبْعِينَ رَجُلًا . فَقِيلَ لَهُ : كَيْفَ عَلِمْت أَنَّهُ الشَّيْطَانُ ؟ قَالَ بِقَوْلِهِ لِي " حَلَلْت لَك مَا حَرَّمْت عَلَى غَيْرِك " وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ شَرِيعَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُنْسَخُ وَلَا تُبَدَّلُ وَلِأَنَّهُ قَالَ أَنَا رَبُّك وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَقُولَ أَنَا اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا أَنَا . وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمَرْئِيَّ هُوَ اللَّهُ وَصَارَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى فِي الْيَقَظَةِ وَمُسْتَنَدُهُمْ مَا شَاهَدُوهُ . وَهُمْ صَادِقُونَ فِيمَا يُخْبِرُونَ بِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الشَّيْطَانُ . وَهَذَا قَدْ وَقَعَ كَثِيرًا لِطَوَائِفَ مِنْ جُهَّالِ الْعِبَادِ يَظُنُّ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَرَى اللَّهَ تَعَالَى بِعَيْنِهِ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ رَأَى مَا ظَنَّ أَنَّهُ اللَّهُ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ . وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ رَأَى مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ نَبِيٌّ أَوْ رَجُلٌ صَالِحٌ أَوْ الْخَضِرُ وَكَانَ شَيْطَانًا).

وقال أيضاً في سياق حديثه عن بعض مكائد الشياطين في إضلال بعض غلاة المتصوفة في كتابه (الفرقان بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان) : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَشْخَاصًا فِي الْيَقَظَةِ يَدَّعِي أَحَدُهُمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَيْخٌ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَقَدْ جَرَى هَذَا لِغَيْرِ وَاحِدٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى فِي مَنَامِهِ أَنَّ بَعْضَ الْأَكَابِرِ : إمَّا الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْ غَيْرُهُ قَدْ قَصَّ شَعْرَهُ أَوْ حَلَقَهُ أَوْ أَلْبَسَهُ طَاقِيَّتَهُ أَوْ ثَوْبَهُ، فَيُصْبِحُ وَعَلَى رَأْسِهِ طَاقِيَّةٌ وَشَعَرُهُ مَحْلُوقٌ أَوْ مُقَصَّرٌ ،وَإِنَّمَا الْجِنُّ قَدْ حَلَقُوا شَعْرَهُ أَوْ قَصَّرُوهُ ،وَهَذِهِ الْأَحْوَالُ الشَّيْطَانِيَّةُ تَحْصُلُ لِمَنْ خَرَجَ عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُمْ دَرَجَاتٌ ،وَالْجِنُّ الَّذِينَ يَقْتَرِنُونَ بِهِمْ مِنْ جِنْسِهِمْ ،وَهُمْ عَلَى مَذْهَبِهِمْ، وَالْجِنُّ فِيهِمُ الْكَافِرُ وَالْفَاسِقُ وَالْمُخْطِئُ، فَإِنْ كَانَ الْإِنْسِيُّ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ جَاهِلًا دَخَلُوا مَعَهُ فِي الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالضَّلَالِ وَقَدْ يُعَاوِنُونَهُ إذَا وَافَقَهُمْ عَلَى مَا يَخْتَارُونَهُ مِنَ الْكُفْرِ مِثْلُ الْإِقْسَامِ عَلَيْهِمْ بِأَسْمَاءِ مَنْ يُعَظِّمُونَهُ مِنْ الْجِنِّ وَغَيْرِهِمْ ،وَمِثْلُ أَنْ يَكْتُبَ أَسْمَاءَ اللَّهِ أَوْ بَعْضَ كَلَامِهِ بِالنَّجَاسَةِ أَوْ يَقْلِبَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ أَوْ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ أَوْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ أَوْ غَيْرَهُنَّ ،وَيَكْتُبَهُنَّ بِنَجَاسَةِ فَيُغَوِّرُونَ لَهُ الْمَاءَ وَيَنْقُلُونَهُ بِسَبَبِ مَا يُرْضِيهِمْ بِهِ مِنْ الْكُفْرِ . وَقَدْ يَأْتُونَهُ بِمَا يَهْوَاهُ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ إمَّا فِي الْهَوَاءِ وَإِمَّا مَدْفُوعًا مَلْجَأً إلَيْهِ . إلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي يَطُولُ وَصْفُهَا، وَالْإِيمَانُ بِهَا إيمَانٌ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ . وَالْجِبْتُ السِّحْرُ وَالطَّاغُوتُ الشَّيَاطِينُ وَالْأَصْنَامُ).

ومن رؤى الفتنة ما يثيره الشيطان من التحريش بين الناس في منامهم فيظل الرائي يحمل في قلبه على أخيه المسلم ضغينة بسبب ما رأى، وقد يكون أخوه بريئاً من تلك التهمة.

وأرجو أن يكون لي عودة لذكر بعض الأمثلة من التاريخ لبعض رؤى الفتنة ، والله المستعان.

[حفيدة البخاري]

كان سفيان الثوري إذا قيل له: إنه رؤي في المنام، يقول: (أنا أعرف بنفسي من أصحاب المنامات).

جزاكم الله خيرا

ننتظر عودتكم شيخنا الكريم

[ساجدة فاروق]

^

للرفع .

[المها]

ماشاء الله ،، ياليت يكون هناك قسم خاص لتعبر الرؤى

[وسن]

بارك الله فيكم وزادكم من فضله وتسديده