دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > الملخص الفقهي > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الآخرة 1433هـ/20-05-2012م, 01:54 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي باب في أحكام الشفعة

تعريف الشفعة لغة: الشفعة بإسكان الفاء مأخوذة من الشفع، وهو الزوج؛ لأن الشفيع بالشفعة يضم المبيع إلى ملكه الذي كان منفردًا.
والشفعة ثابتة بالسنة الصحيحة، شرعها الله تعالى: سدّا لذريعة المفسدة المتعلقة بالشركة.
قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله: "ومن محاسن الشريعة وعدلها وقيامها بمصالح العباد إتيانها بالشفعة؛ فإن حكمة الشارع اقتضت رفع الضرر عن المكلفين مهما أمكن، ولما كانت الشركة منشأ الضرر في الغالب؛ رفع هذا الضرر بالقسمة تارة وبالشفعة تارة، فإذا أراد بيع نصيبه وأخذ عوضه؛ كان شريكه أحق به من الأجنبي، ويزول عنه ضرر الشركة، ولا يتضرر البائع؛ لأنه يصل إلى حقه من الثمن، وكانت من أعظم العدل وأحسن الأحكام المطابقة للعقول والفطر ومصالح العباد".
ومن هنا يعلم أن التحيل لإسقاط الشفعة مناقض لهذا المعنى الذي قصده الشارع، ومضاد له.
وكانت الشفعة معروفة عند العرب في الجاهلية، كان الرجل إذا أراد بيع منزل أو حائطه؛ أتاه الجار والشريك والصاحب إليه فيما باعه، فيشفعه، ويجعله أولى رجل به، فسميت الشفعة، وسمي طالبها شافعا.
والشفعة في عرف الفقهاء: استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه بعوض مالي، فيأخذ الشفيع نصيب شريكه البائع بثمنه الذي استقر عليه العقد في الباطن.
فيجب على المشتري أن يسلم الشقص المشفوع فيه إلى الشافع بالثمن الذي تراضيا عليه في الباطن؛ لما روى أحمد والبخاري عن جابر رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق؛ فلا شفعة".
ففي الحديث دليل على إثبات الشفعة للشريك، وأنها لا تجب إلا في الأرض والعقار دون غيرهما من العروض والأمتعة والحيوان ونحوها.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه))، فدل الحديث على أنه لا يحل له أن يبيع حتى يعرض على شريكه.
قال ابن القيم: "حرم على الشريك أن يبيع نصيبه حتى يؤذن شريكه،
فإن باع ولم يؤذنه؛ فهو أحق به، وإن أذن في البيع وقال: لا غرض لي فيه؛ لم يكن له الطلب بعد البيع، وهذا مقتضى حكم الشرع، ولا معارض له بوجه، وهو الصواب المقطوع به" انتهى.
وهذا الذي قاله ابن القيم من أن الشفعة تسقط بإسقاط صاحبها لها قبل البيع هو أحد القولين في المسألة، والقول الثاني وهو قول الجمهور: أنها لا تسقط بذلك، ولا يكون مجرد الإذن بالبيع مبطلاً لها، والله أعلم.
والشفعة حق شرعي، يجب احترامه، ويحرم التحيل لإسقاطه؛ لأن الشفعة شرعت لدفع الضرر عن الشريك، فإذا تحيل لإسقاطها؛ لحقه الضرر، وكان تعديا على حقه المشروع، قال الإمام أحمد رحمه الله: "لا يجوز شيء من الحيل في إبطالها ولا إبطال حق مسلم"، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل".
ومن الحيل التي تفعل لإسقاط الشفعة أن يظهر أنه وهب نصيبه لآخر، وهو في الحقيقة قد باعه عليه، ومن الحيل لإسقاط الشفعة أن يرفع الثمن في الظاهر حتى لا يتمكن الشريك من دفعه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وما وجد من التصرفات لأجل الاحتيال على إسقاط الشفعة؛ فهو باطل، ولا تغير حقائق العقود بتغير العبارة" انتهى.
وموضوع الشفعة هو الأرض التي لم تجر قسمتها، ويتبعها ما فيها من غراس وبناء، فإن جرت قسمة الأرض، لكن بقى مرافق مشتركة بين الجيران؛ كالطريق والماء ونحو ذلك؛ فالشفعة باقية في أصح قولي العلماء؛ لمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق؛ فلا شفعة"؛ إذ مفهومه أنه إذا وقعت الحدود ولم تصرف الطرق أن الشفعة باقية.
قال ابن القيم: "وهو أصح الأقوال في شفعة الجوار، ومذهب أهل البصرة، وأحد الوجهين في مذهب أحمد، واختيار الشيخ" انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين: "تثبت شفعة الجوار مع الشركة في حق من حقوق الملك من طريق وماء ونحو ذلك، نص عليه أحمد، واختاره ابن عقيل وأبو محمد وغيرهم، وقال الحارثي: "هذا الذي يتعين المصير إليه، وفيه جمع بين الأحاديث، وذلك أن الجوار لا يكون مقتضيا للشفعة إلا مع اتحاد الطريق ونحوه. لأن شرعية الشفعة لدفع الضرر، والضرر إنما يحصل في الأغلب مع المخالطة في الشيء المملوك أو في طريق ونحوه" انتهى.
والشفعة إنما تثبت بالمطالبة بها فور علمه بالبيع، فإن لم يطلبها
وقت علمه بالبيع؛ سقطت، فإن لم يعلم بالبيع؛ فهو على شفعته، ولو مضى عدة سنين. قال ابن هبيرة: "اتفقوا على أنه إذا كان غائبا؛ فله إذا قدم المطالبة بالشفعة".
وتثبت الشفعة للشركاء على قدر ملكهم؛ لأنه حق يستفاد بسبب الملك، فكانت على قدر الأملاك فإن تنازل عنها أحد الشركاء؛ أخذ الآخر الكل، أو ترك الكل؛ لأن في أخذ البعض إضراراً بالمشتري، والضرر لا يزال بالضرر.

[الملخص الفقهي: 2/115-119]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir