دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب العدد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الآخرة 1431هـ/24-05-2010م, 01:37 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي مسائل في الاعتداد

( فصلٌ )
ومَن ماتَ زَوْجُها الغائِبُ أو طَلَّقَها اعْتَدَّتْ منذ الفُرْقَةِ وإن لم تُحدَّ، وعِدَّةُ موطوءةٍ بشُبهَةٍ أو زِنًا أو بعَقْدٍ فاسدٍ كمُطَلَّقَةٍ، وإن وُطِئَتْ مُعْتَدَّةٌ بشُبهةٍ أو نِكاحٍ فاسدٍ فُرِّقَ بينَهما وأَتَمَّتْ عِدَّةَ الأَوَّلِ ـ ولا يُحْتَسَبُ منها مَقامُها عندَ الثاني ـ ثم اعْتَدَّت للثاني، وتَحِلُّ له بعَقْدٍ بعدَ انقضاءِ العِدَّتَيْنِ، وإن تَزَوَّجَتْ في عِدَّتِها لم تَنْقَطِعْ حتى يَدْخُلَ بها، فإذا فارَقَها بَنَتْ على عِدَّتِها من الأَوَّلِ , ثم اسْتَأْنَفَت العِدَّةَ من الثاني، وإن أَتَتْ بوَلَدٍ من أَحَدِهما انقَضَتْ منه عِدَّتُها به ثم اعْتَدَّتْ للآخَرِ، ومَن وَطِئَ مُعْتَدَّتَهُ البائِنَ بشُبْهَةٍ اسْتَأْنَفَت العِدَّةَ بوَطْأَةٍ , ودَخَلَت فيها بَقِيَّةُ الأولَى , وإن نَكَحَ مَن أبانَها في عِدَّتِها ثم طَلَّقَها قبلَ الدخولِ بَنَتْ.


  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 10:44 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

........................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 10:46 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

فصلٌ
(ومَن ماتَ زَوْجُها الغائِبُ) اعْتَدَّتْ مِن موتِه، (أو طَلَّقَهَا) وهو غائبٌ (اعْتَدَّتْ منذُ الفُرْقَةِ، وإنْ لم تُحِدَّ)؛ أي: وإنْ لم تأتِ بالإحدادِ في صورةِ الموتِ؛ لأنَّ الإحدادَ ليسَ شَرْطاً لانْقِضَاءِ العِدَّةِ. (وعِدَّةُ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ أو زِنًى أو) مَوْطُوءَةٍ (بعقدٍ فاسدٍ كمُطَلَّقَةٍ)؛ حُرَّةً كانَتْ أو أَمَةً مُزَوَّجَةً؛ لأنَّه وَطْءٌ يَقْتَضِي شَغْلَ الرَّحِمِ، فوَجَبَتِ العِدَّةُ مِنه؛ كالنِّكاحِ الصحيحِ، وتُسْتَبْرَأُ أَمَةٌ غيرُ مُزَوَّجَةٍ بِحَيْضَةٍ، ولا يَحْرُمُ على زوجٍ وُطِئَتْ زَوْجَتُه بِشُبْهَةٍ أو زِنًى زَمَنَ عِدَّةٍ، غيرُ وَطْءٍ في فَرْجٍ، (وإنْ وُطِئَتْ مُعْتَدَّةٌ بِشُبْهَةٍ أو نِكاحٍ فاسدٍ، فُرِّقَ بينَهما)؛ أي: بينَ المُعْتَدَّةِ الموطوءَةِ والواطِئِ، (وأَتَمَّتْ عِدَّةَ الأوَّلِ)، سواءٌ كانَتْ عِدَّتُه مِن نِكاحٍ صحيحٍ أو فاسدٍ أو وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ، ما لم تَحْمِلْ مِن الثاني، فتَنْقَضِي عِدَّتُها مِنه بوضعِ الحملِ، ثمَّ تَعْتَدُّ للأوَّلِ، (ولا يُحْتَسَبُ مِنها) أي: مِن عِدَّةِ الأوَّلِ (مُقَامُها عندَ الثانِي) بعدَ وَطْئِهِ؛ لانقطاعِها بِوَطْئِهِ، (ثُمَّ) بعدَ اعْتِدَادِها للأَوَّلِ (اعْتَدَّتْ للثاني)؛ لأنَّهما حَقَّانِ اجْتَمَعَا لِرَجُلَيْنِ، فلم يَتَدَاخَلاَ، وقُدِّمَ أَسْبَقُهُما، كما لو تَسَاوَيَا في مُباحٍ غيرِ ذلكَ.
(وتَحِلُّ) المَوْطُوءَةُ في عِدَّتِها بِشُبْهَةٍ أو نِكاحٍ فاسدٍ (له)؛ أي: لِوَاطِئِها بذلكَ، (بعقدٍ بعدَ انْقِضَاءِ العِدَّتَيْنِ)؛ لقولِ عليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (إذا انْقَضَتْ عِدَّتُها فهو خاطِبٌ من الخُطَّابِ).
(وإنْ تَزَوَّجَتِ) المُعْتَدَّةُ (في عِدَّتِها، لم تَنْقَطِعْ) عِدَّتُها (حتَّى يَدْخُلَ بها)؛ أي: يَطْأَهَا؛ لأنَّ عَقْدَه باطلٌ، فلا تَصِيرُ بهِ فِراشاً، (فإذا فَارَقَهَا) الثانِي، (بَنَتْ على عِدَّتِها مِن الأوَّلِ، ثمَّ اسْتَأْنَفَتِ العِدَّةَ مِن الثانِي)؛ لِمَا تَقَدَّمَ، (وإنْ أَتَتِ) المَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ في عِدَّتِها (بِوَلَدٍ مِن أحدِهما) بعينِه، (انْقَضَتْ مِنه عِدَّتُها به)؛ أي: بالولدِ، سواءٌ كانَ مِن الأوَّلِ أو مِن الثانِي، (ثُمَّ اعْتَدَّتْ للآخَرِ) بثلاثةِ قُرُوءٍ، ويكونُ الولدُ للأوَّلِ إذا أَتَتْ به لِدُونِ سِتَّةِ أشهرٍ مِن وَطْءِ الثانِي، ويَكُونُ للثاني إذا أَتَتْ به لأكثرَ مِن أربعِ سِنِينَ مُنْذُ بانَتْ مِن الأوَّلِ، وإنْ أُشْكِلَ، عُرِضَ على القَافَةِ، (ومَن وَطِئَ مُعْتَدَّتَهُ البائِنَ) في عِدَّتِها (بِشُبْهَةٍ، اسْتَأْنَفَتِ العِدَّةَ بِوَطْئِهِ، ودَخَلَتْ فيها بَقِيَّةُ) العِدَّةِ (الأُولَى)؛ لأنَّهما عِدَّتَانِ مِن واحدٍ لِوَطْئَيْنِ، يَلْحَقُ النسبُ فيهما لُحُوقاً واحداً، فتَدَاخَلاَ.
وتَبْنِي الرَّجْعِيَّةُ إذا طَلَقَتْ في عِدَّتِها على عِدَّتِها، وإنْ رَاجَعَهَا ثمَّ طَلَّقَهَا اسْتَأْنَفَتْ، (وإنْ نَكَحَ مَن أَبَانَهَا في عِدَّتِها، ثمَّ طَلَّقَهَا قبلَ الدخولِ) بها، (بَنَتْ) على ما مَضَى من عِدَّتِها؛ لأنَّهُ طلاقٌ في نِكاحٍ ثانٍ قبلَ المَسِيسِ والخَلْوَةِ، فلم يُوجِبْ عِدَّةً، بخلافِ ما إذا رَاجَعَهَا ثمَّ طَلَّقَهَا قبلَ الدخولِ؛ لأنَّ الرجعةَ إعادةٌ إلى النكاحِ الأوَّلِ.


  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 10:48 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

فصل([1])
(ومن مات زوجها الغائب) اعتدت من موته([2]) (أو طلقها) وهو غائب (اعتدت منذ الفرقة([3]) وإن لم تحد) أي وإن لم تأت بالإحداد في صورة الموت([4]) لأن الإحداد ليس شرطا لانقضاء العدة([5]) (وعدة موطوءة بشبهة أو زنا([6]))
أو موطوءة (بعقد فاسد كمطلقة)([7]) حرة كانت أو أمة مزوجة([8]) لأنه وطء يقتضي شغل الرحم، فوجبت العدة منه كالنكاح الصحيح([9]) وتستبرأ أمة غير مزوجة بحيضة([10]) ولا يحرم على زوج، وطئتا زوجته، بشبهة أو زنا، زمن عدة، غير وطء في فرج([11]).
و(إن وطئت معتدة بشبهة، أو نكاح فاسد، فرق بينهما) أي بين المعتدة الموطوءة والواطئ([12]) (وأتمت عدة الأول)([13]).
سواء كانت عدته من نكاح صحيح أو فاسد، أو وطء بشبهة([14]) ما لم تحمل من الثاني، فتنقضي عدتها منه بوضع الحمل، ثم تعتد للأول([15]).
(ولا يحتسب منها) أي من عدة الأول (مقامها عند الثاني) بعد وطئه، لانقطاعها بوطئه([16]).
(ثم) بعد اعتدادها للأول (اعتدت للثاني)([17]) لأنهما حقان اجتمعا لرجلين، فلم يتداخلا([18]) وقدم أسبقهما كما لو تساويا في مباح غير ذلك([19]).
(وتحل) الموطوءة في عدتها بشبهة أو نكاح فاسد (له) أي لواطئها بذلك (بعقد بعد انقضاء العدتين)([20]) لقول علي رضي الله عنه: إذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب([21]).
(وإن تزوجت) المعتدة (في عدتها لم تنقطع) عدتها (حتى يدخل بها) أي يطأها([22]) لأن عقده باطل([23]) فلا تصير به فراشا([24]) (فإذا فارقها) الثاني (بنت على عدتها من الأول([25]) ثم استأنفت العدة من الثاني) لما تقدم([26]).
(وإن أتت) الموطوءة بشبهة في عدتها (بولد من أحدهما) بعينه([27]) (انقضت منه عدتها به) أي بالولد([28]) سواء كان من الأول أو من الثاني([29]).
(ثم اعتدت للآخر) بثلاثة قروء([30]) ويكون الولد الأول، إذا أتت به لدون ستة أشهر، من وطء الثاني([31]) ويكون للثاني، إذا أتت به لأكثر من أربع سنين، منذ بانت من الأول([32]) وإن أشكل عرض على القافة([33]).
(ومن وطئ معتدتة البائن) في عدتها (بشبهة استأنفت العدة بوطئه([34]) ودخلت فيها بقية) العدة (الأولى) لأنهما عدتان من واحد لوطئين، يلحق النسب فيهما لحوقا واحدا، فتداخلا([35]) وتبني الرجعية إذا طلقت في عدتها، على عدتها([36]) وإن راجعها ثم طلقها استأنفت([37]).
(وإن نكح من أبانها في عدتها، ثم طلقها قبل الدخول) بها (بنت) على ما مضى من عدتها، لأنه طلاق في نكاح ثان، قبل المسيس والخلوة، فلم يوجب عدة([38]) بخلاف ما إذا راجعها، ثم طلقها قبل الدخول([39]) لأن الرجعة إعادة إلى النكاح الأول([40]).


([1]) أي: في بيان حكم العدة من الغائب، والموطئوة بشبهة، أو زنا، أو عقد فاسد، أو في العدة، وما تنقضي به العدة وغير ذلك.
([2]) كما لو كان حاضرا.
([3]) أي احتسبت بما مضى قبل العلم، وكان ابتداء عدتها من حين الفرقة، روي عن ابن عمر، وابن عباس، وابن مسعود، ولأن القصد غير معتبر في العدة بدليل الصغيرة والمجنونة.
([4]) بأن تجتنب ما تجتنبه المعتدة.
([5]) لظاهر النصوص، وإن أقر أنه طلقها من مدة تزيد على العدة ولم يكن عدلا، لم يقبل قوله، صرح به الشيخ وغيره، وإن كان عدلا غير متهم قبل.
([6]) أي وعدة موطوءة بشبهة، عدة مطلقة، لأن الوطء في ذلك من شغل الرحم، ولحوق النسب، كالوطء في النكاح الصحيح، وكذا المزني بها، لأنه وطء يقتضي شغل الرحم، كوطء الشبهة، ولأنه لو لم تجب العدة لاختلط ماء الواطئ والزوج، فلم يعلم لمن الولد منهما، هذا المذهب.
([7]) فتعتد كما تعتد المطلقة على ما تقدم.
([8]) فتعتد الحرة عدتها كحرة، وتعتد الأمة عدة الأمة، سواء كان عن وطء شبهة أو زنا، أو عقد فاسد.
([9]) أي فأوجب العدة كعدة المطلقة، هذا المذهب، وعنه: تستبرأ بحيضة، اختاره الحلواني وابن رزين وغيرهما، وقال ابن القيم: تعتد بحيضة، ولها أن تتزوج بعد براءة رحمها، كالمسية والمهاجرة، والزانية، والموطوءة بشبهة، واختاره الشيخ، وهو الراجح أثرا ونظرا.
([10]) لأن المقصود العلم ببراءة الرحم من الحمل، وذلك حاصل بالحيضة.
([11]) لأن تحريمها لعارض يختص الفرج، فأبيح الاستمتاع منها بما دونه، كالحيض ولا ينفسخ نكاحها بزنا نص عليه.
([12]) لأن العقد الفاسد، وجوده كعدمه.
([13]) لأن سببها سابق على الوطء المذكور.
([14]) يجب أن تتم عدة الأول، لأن عدته وجبت عن وطء في نكاح صحيح.
([15]) وإنما انقضت عدتها من الثاني، من أجل وضع الحمل، كما لو وضعت من الأول.
([16]) وإنما ابتداؤها من التفريق بينهما.
([17]) لخبر مالك، عن عمر: أنه ضربهما وفرق بينهما، وقال: أيما امرأة نكحت في عدتها، فإن كان زوجها الذي تزوجها، لم يدخل بها، يفرق بينهما ثم تعتد بقية عدتها من زوجها الأول، ثم تعتد من الآخر، ولا ينكحها أبدا ولمالك عن علي: أنه قضى في التي تزوج في عدتها، أنه يفرق بينهما ولها الصداق بما استحل من فرجها، وتكمل ما أفسدت من عدة الأول، وتعتد من الآخر، قال الموفق: لم يعرف لهما في الصحابة مخالف.
([18]) كالدينين واليمينين، ولأنه حبس يستحقه الرجال على النساء، فلم يجز أن تكون المرأة في حبس رجلين، كالزوجة.
([19]) أي فإنه يقدم الأسبق، إذ هو الأحق للنصوص في ذلك وتقدم.
([20]) قالوا: هو قياس المذهب.
([21]) أي فتحرم على الواطئ وغيره في العدة، وقال الموفق: الأولى حل نكاحها، لمن هي معتدة منه، إن كان يلحقه نسب ولدها، لأن العدة لحفظ مائة، وصيانة نسبه، ولا يصان ماؤه المحترم عن مائه المحترم، ولا يحفظ نسبه عنه، كالمطلقة البائن وإلا فلا.
([22]) متزوجها، ويحرم إجماعا لقوله تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} ولأن العدة إنما اعتبرت لبراءة الرحم، لئلا يفضي إلى اختلاط المياه، ويجب أن يفرق بينهما.
([23]) لأنها ممنوعة من النكاح، لحق الزوج الأول، فكان نكاحا باطلا.
([24]) والعدة بحالها، لا تنقطع بالعقد الثاني، لأنه باطل لا تصير المرأة به فراشا، ولا يستحق عليه بالعقد شيء، فإذا دخل بها انقطعت العدة، لأنها حينئذ صارت فراشا له، سواء علم بالتحريم أو جهله.
([25]) لأن حقه أسبق، وعدته وجبت عن وطء في نكاح صحيح، كما تقدم.
([26]) ولا تتداخل العدة، كما تقدم، وقال في الإنصاف: لا أعلم فيه خلافا.
([27]) أي الزوج أو الواطئ بشبهة، أو الزوج الأول، أو الثاني الذي تزوجته في عدتها.
([28]) يعني بوضعه ممن لحق به الولد.
([29]) لا فرق، فإن التي تزوجت في عدتها، إذا كانت حاملا تنقضي عدتها بوضعه لقوله: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}.
([30]) كمطلقة، وتقدم.
([31]) وتنقضي عدتها به منه، وأربع سنين فما دونها من فراق الأول، وقال الوزير: اتفقوا على أن أقل مدة الحمل، ستة أشهر.
([32]) وتنقضي عدتها به منه، وقال الوزير: في أكثر مدة الحمل، قال الشافعي: أربع سنين، وعن مالك وأحمد كذلك، وهي المشهورة عنه.
([33]) إذا أمكن أن يكون ممن ألحقته به، بأن تأتي به لنصف سنة فأكثر من وطء الثاني، ولأربع سنين فأقل من بينونة الأول، لحقه، وانقضت عدتها به ممن ألحقته القافة به، لأنه حل وضعته فانقضت عدة أبيه به، دون غيره ثم اعتدت للآخر الذي لم يلحق به الولد، لبقاء حقه من العدة، وإن ألحقته بهما لحق بهما، وانقضت عدتها به منهما، لثبوت نسبه منهما.
وإن نفته القافة عنهما فكما لو أشكل أمره، فتعتد بعد وضعه بثلاثة قروء، ولا ينتفي الولد عنهما لقول القافة، لأن عملها ترجيح أحد صاحبي الفراش، لا في النفي عن الفراش كله، وإن ولدت لدون ستة أشهر من وطء الثاني، ولأكثر من أربع سنين من فراق الأول على القول بذلك، لم يلحق بواحد منهما، ولا تنقضي عدتها منه، لأنه من وطء آخر، فتنقضي عدتها من ذلك الوطء، ثم تتم عدة الأول وتستأنف عدة الثاني.
([34]) لأن الوطء قطع العدة الأولى، وهو موجب للاعتداد، للاحتياج إلى العلم ببراءة الرحم من الحمل.
([35]) كما لو طلق الرجعية في عدتها.
([36]) كأن يطلقها فتحيض حيضة ثم يطلقها أخرى، فتبني على عدتها بلا نزاع، ويكون الباقي عليها حيضتين، لأنهما طلاقان لم يتخللهما وطء، أشبه الطلقتين في وقت واحد
([37]) عدة الطلاق الثاني، ولو لم يدخل بها، قال في الإنصاف: بلا نزاع، لأن الرجعة أزالت شعث الطلاق الأول، وأعادت المرأة إلى النكاح الذي كانت فيه.
([38]) كما لو لم يتقدمه نكاح لعموم {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ}.
([39]) فتستأنف العدة.
([40]) فالطلاق في عدتها طلاق من نكاح واحد، فكان استئناف العدة في ذلك أظهر، لأنها مدخول بها، ولولا الدخول لما كانت رجعية، وفي البائن بعد النكاح طلاق عن نكاح متجدد، لم يتصل به دخول وإن انقضت قبل طلاقه فلا عدة له.


  #5  
قديم 1 جمادى الأولى 1432هـ/4-04-2011م, 12:12 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ
وَمَنْ مَاتَ زَوْجُهَا الْغَائِبُ، أَوْ طَلَّقَهَا اعْتَدَّتْ مُنْذُ الْفُرْقَةِ، وإِن لَمْ تُحِدَّ، وَعِدَّةُ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ، أَوْ زِنَا، أَوْ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَمُطَلَّقَةٍ،..................
قوله: «ومن مات زوجها الغائب أو طلقها» يعني زوجها الغائب.
قوله: «اعتدَّت منذ الفُرقة وإن لم تُحِد» يقال: الفُرقة والفِرقة، وبينهما فرق، الفِرقة يعني الطائفة، والفُرقة بالضم الافتراق، فتعتد منذ الفرقة وإن لم تعلم إلا بعد موته بزمان، أو بعد طلاقه بزمان، هذا هو القول الراجح، ودليله قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وهي يصدق عليها أنها مطلقة من حين فارقها، وإذا كان يصدق عليها أنها مطلقة من حين فارقها، فعدتها منذ الفراق ثلاثة قروء، ولقوله تعالى في المتوفى عنها زوجها: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] ومتى يذرونهن؟ من بعد الوفاة مباشرة، وعلى هذا فتعتد المطلقة منذ طلقها زوجها، فلو فرض أنه طلقها ولم تعلم وحاضت حيضتين ثم علمت بقي عليها حيضة واحدة، وإن علمت بعد أن حاضت ثلاث مرات فقد انتهت عدتها، وكذلك نقول في المتوفى عنها زوجها، لو لم تعلم بوفاة زوجها إلا بعد مضي شهرين بقي عليها شهران وعشرة أيام، فإن لم تعلم إلا بعد انتهاء المدة فقد انتهت، ولهذا قال: «وإن لم تحد» يعني وإن لم تأت بالإحداد، وهو ترك الزينة وما يدعو إلى جماعها، وهذا فيمن توفي عنها زوجها، فهي التي يلزمها الإحداد، فهنا يسقط الإحداد؛ لأنه تابع للعدة، والعدة قد تبين أنها انتهت بمضي أربعة أشهر وعشر من موته.
قوله: «وعدة موطوءة بشبهة أو زناً أو بعقد فاسد كمطلقة» على حسب التفصيل السابق، بوضع الحمل أو ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر أو سنة، أو حتى يعود الحيض، المهم أن الموطوءة بشبهة عدتها عدة مطلقة؛ لأن الرجل وطئها على أنها زوجة، فهي كمطلقة بناء على اعتقاد الواطئ، والشبهة نوعان: شبهة عقد، وشبهة اعتقاد.
فشبهة العقد تعود إلى العقد الذي استبيح به الوطء، وشبهة الاعتقاد تعود إلى ظن المكلف.
مثال شبهة العقد: أن يتزوجها ولا يدري أنها أخته من الرضاع مثلاً، فيتبين أنها أخته، ومثل أن يتزوجها بغير ولي ظانّاً أن النكاح يصح بدون ولي.
أما شبهة الاعتقاد ، فمثل أن يجامع امرأة ما عقد عليها، لكن يظن أنها زوجته؛ لأنه ما حصل عقد حتى نقول: العقد فيه اشتباه، لكنه أخطأ في ظنه، فظنها زوجته فجامعها، فعدتها كمطلقة، يعني تعتد بما سبق، وهذا هو المشهور من المذهب.
والصحيح أنها لا تعتد كمطلقة، وإنما تستبرأ بحيضة؛ لأن هذه ليست زوجة، ولا مطلقة، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكون العدة ثلاثة قروء للزوجة التي طلقها زوجها، ليس لأجل العلم ببراءة الرحم فقط، لكن من أجل ذلك، ومن أجل حقوق الزوج؛ ليمتد له الأجل حتى يراجع إن شاء، والموطوءة بشبهة، هل يكون في حقها ذلك؟ لا؛ لأنه ليس زوجها، حتى يحتاج أن نمد له الأجل لعله يراجع، وإنما المقصود أن نعلم براءة رحمها، وهذا يحصل بحيضة، هذا من جهة التعليل، أما من جهة الدليل فلأن الله إنما أوجب العدة على المطلقة، وهذه ليست مطلقة، قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] وهذا لا يمكن أن ينطبق على الموطوءة بشبهة.
وقوله: «أو زناً» كذلك ـ أيضاً ـ عدة الموطوءة بزنا كمطلقة، قياساً على المطلقة، وهذا ليس بصحيح، هذا من أبعد الأقيسة، وكيف نقيس وطئاً محرماً سفاحاً على وطء جائز بنكاح صحيح؟! هذا بعيد جداً، ولهذا فالقول الثاني في المسألة أن عليها استبراء، وليس عليها عدة، بل إن القول المروي عن أبي بكر وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم أن المزني بها لا عدة عليها إطلاقاً ولا تستبرأ، لا سيما إذا كانت ذات زوج؛ لقول الرسول عليه الصلاة السلام: «الولد للفراش» [(177)]، بل ينبغي للإنسان إذا علم أن زوجته زنت ـ والعياذ بالله ـ وتابت أن يجامعها في الحال، حتى لا يبقى في قلبه شك في المستقبل هل حملت من جماع الزنا أو لم تحمل؟ فإذا جامعها في الحال حمل الولد على أنه للزوج وليس للزاني، أما إذا كانت المرأة الزانية ليس لها زوج فلا بد أن تستبرئ بحيضة على القول الراجح.
وقوله: «أو بعقد فاسد» كذلك الموطوءة بعقد فاسد تكون عدتها كمطلقة وهذا صحيح؛ لأن الذي عقده يعتقد أنه صحيح، وأما العقد الباطل فإنها على القول الصحيح لا تعتد كمطلقة؛ لأن العقد الباطل وجوده كعدمه، ولا يؤثر شيئاً، والفرق بين العقد الباطل والفاسد، أن الباطل ما اتفق العلماء على فساده، والفاسد ما اختلفوا فيه.
واختار شيخ الإسلام رحمه الله في هذا كله أنه لا عدة، وإنما هو استبراء، وهو القول الراجح؛ لأن الله تعالى إنما أوجب ثلاث حيض على المطلقات من أزواجهن، وعليه فلا عدة بالقروء الثلاثة إلا للمطلَّقة فقط.
بقيت المطلقة طلاقاً ثلاثاً فهل تعتد أو تستبرأ؟
جمهور العلماء على أنها تعتد بثلاث حيض؛ لعموم قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ}، ولكن شيخ الإسلام رحمه الله قال: إن كان أحد قال بالاستبراء فهو أصح، وقال: إن سياق الآية {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} يدل على أن المراد المطلقات طلاقاً رجعياً؛ لقوله في آخرها: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} وهذا ليس له حق الرجعة، فليس بعلاً، وقد ذكروا عن ابن اللبان ـ وهو من السلف القدماء ـ أنه يرى أنه لا تعتد وإنما تستبرأ، ولكن لا شك أن الأحوط أن تعتد للعموم، وقد مر علينا قاعدة: أنه إذا جاء لفظ عام، ثم أعيد حكم ينطبق على بعض أفراده فإنه لا يقتضي التخصيص، وهذه المسألة من هذا الباب.

وَإِنْ وُطِئَتْ مُعْتَدَّةٌ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَأَتَمَّتْ عِدَّةَ الأَوَّلِ، وَلاَ يُحْتَسَبُ مِنْهَا مُقَامُهَا عِنْدَ الثَّانِي، ثُمَّ اعتَدَّتْ لِلثَّانِي، وَتَحِلُّ لَهُ بِعَقْدٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ العِدَّتَيْنِ، ....
قوله: «وإن وطئت معتدة بشبهة، أو نكاح فاسد، فُرِّقَ بينهما» يريد بالشبهة هنا شبهة الاعتقاد؛ لأن شبهة العقد داخلة في قوله: «أو نكاح فاسد» .
وقوله: «وإن وطئت معتدة بشبهة» صورتها أنه طلق زوجته وشرعت في العدة، فجاء شخص آخر فوطئها بشبهة، وهذا الوطء يحتاج إلى عدة كما هو المذهب، والمؤلف يفرّع على المذهب.
وقوله: «أو نكاح فاسد» النكاح الفاسد يريد به هنا النكاح الباطل في الحقيقة؛ لأن المعتدة نكاحها باطل إذا كان المتزوج غير زوجها؛ لأن العلماء أجمعوا على أن المرأة المعتدة لو عقد عليها فالنكاح باطل، أما إذا عقد عليها زوجها لكن بدون ولي ـ مثلاً ـ صار النكاح فاسداً لا باطلاً، وعلى هذا فقول المؤلف: «أو نكاح فاسد» نقول: إن كان من الزوج فهو فاسد، وإن كان من غيره فهو باطل، كما لو طلقها على عوض، فهنا العدة تثبت والطلاق بائن، لكن له أن يتزوجها بعقد، فلو تزوجها بدون ولي فالنكاح فاسد، وسياق كلامه يدل على أنه من غير الزوج.

وقوله: «فُرِّق بينهما» بين الواطئ والزوجة المعتدة، وكلام المؤلف يدل على أن الواطئ هنا غير زوجها، ولهذا قال:
«وأتمت عدة الأول ولا يُحتسب منها مقامها عند الثاني ثم اعتدت للثاني» كامرأةٍ مطلقة حاضت حيضتين، ثم جاء رجل فتزوجها أو وطئها بشبهة، فبقي عليها للأول حيضة، لكن هي بقيت عند الثاني حتى حاضت هذه الحيضة، فصار لها ثلاث حيض، لكن الحيضة التي كانت وهي عند الثاني لا تحسب؛ لأن المؤلف يقول: «ولا يحتسب منها مقامها عند الثاني» فتكمل للأول بعد أن يُفرَّق بينها وبين الثاني، ولنفرض أنه عُقد لها بعد الحيضة الثانية، وبقيت عند الزوج الثاني حتى حاضت، وبعد طهرها تبينا الأمر، ففسخنا النكاح، وفسخه واجب؛ لأنه غير صحيح؛ ولهذا يقول المؤلف: «فُرِّقَ بينهما» ولم يقل: فسخ النكاح؛ لأن العقد باطل هنا بالإجماع، لقول الله تعالى: {وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235] ، وفرَّقنا بينهما، لكن بقي عليها للزوج الأول حيضة واحدة فتحيض حيضة واحدة، وتنتهي من عدة الأول، ثم تستأنف العدة للثاني ثلاث حيض.
ولو قلنا بأنها تعتد للثاني، ثم تكمل عدة الأول، فتحيض ثلاث حيض للثاني، ثم بعدها تعود وتعتد بحيضة للأول، فربما يعتريها بعد ثلاث حيض ـ مثلاً ـ ارتفاع الحيض على وجه لا تدري سببه، أو على وجه تدري سببه، فتطول العدة على الأول.
وإذا قلنا بالتداخل نقول: إذا فارقت الثاني تعتد بثلاث حيض فقط، وتدخل بقية عدة الأول في عدة الثاني، وعلى ما مشى عليه المؤلف نقول: تكمل عدة الأول بعد التفريق، ثم تستأنف العدة للثاني.
قوله: «وتحل له بعقد بعد انقضاء العدتين» لأن لم يوجد فيها ما يوجب التحريم عليه، مثاله: رجل تزوج امرأة معتدة، ودخل عليها، وجامعها، فالواجب أن نفرق بينهما، فإذا فرقنا بينهما وأتمت عدة الأول، ثم اعتدّت للثاني وأتمت العدة، فهل تحل للثاني أو لا؟ يقول المؤلف: «تحل له بعقد بعد انقضاء العدتين» أي: عدة الأول والثاني.
وظاهر كلام المؤلف: أنها لا تحل له بعد انقضاء عدة الأول وإن كانت العدة الثانية له، وظاهره ـ أيضاً ـ بل صريحه أنها تحل للثاني ولا تحرم عليه، فعندنا ثلاثة احتمالات:
هل تحل للثاني الذي وطئها في العدة في حال النكاح بعد انقضاء العدتين أو ما تحل؟ الجواب: تحل، والدليل عموم قوله تعالى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] وهذا الرجل ليس بينه وبين هذه المرأة محرمية، فإذا تمت الشروط صح النكاح.
وقال بعض العلماء: لا تحل له أبداً، وهذا مروي عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه [(178)] عقوبةً له على فعله، حيث نكحها وهي في العدة، وقد قال الله تعالى: {وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}، والقاعدة الفقهية عند أهل الفقه: «من تعجَّل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه»، فهذا الرجل تعجَّل الزواج من هذه المرأة المعتدة فيعاقب بأن يحرم إياها.
وقال بعض العلماء: تحل له إذا شرعت في عدته، فإذا انقضت عدة الأول حلت للثاني؛ لأن العدة له والماء ماؤه فتحل له، وقد سبق في المحرمات في النكاح أن المعتدة من شخص والمستبرأة منه، إذا كان اعتدادها من وطء يلحق فيه النسب بالواطئ فإنها تحل له.
وعندي أن هذه المسألة ينبغي أن يرجع فيها إلى اجتهاد القاضي، ما دام رويت عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وهو معروف بسياسته، فإذا رأى القاضي أن يمنعه منعاً مؤبداً عقوبةً له وردعاً لغيره فلا حرج عليه كأن يكون تعمد فعل المحرم بأن تزوجها في العدة، ويكون هذا من باب التعزير، والتعزير يجوز بأن يُتلف على المرء ما يحبه المرء كالتعزير بالمال، وكما عزَّر عمر رضي الله عنه المطلقين ثلاثاً بإمضاء الثلاثة عليهم
[(179)].
فصارت الأقوال في هذه المسألة ثلاثة:
الأول : أنها تحل لواطئها بعد انقضاء عدة الأول.
الثاني : تحل للواطئ بعد انقضاء العدتين.
الثالث : لا تحل له أبداً.
والمذهب وسط في هذه الأقوال، فتحل له بعقد بعد انقضاء العدتين، ولكن من حيث القواعد الراجح القول الأول أنها تحل له بعقد بعد انقضاء عدة الأول، لا سيما إذا تاب إلى الله عزّ وجل وأناب؛ لأن العدة له، لكن إذا رأى الإمام أو الحاكم الشرعي أن يمنعه منها مطلقاً على حد ما روي عن عمر رضي الله عنه فإن له ذلك.

وَإِنْ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا لَمْ تَنْقَطِعْ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا، فَإِذَا فَارَقَهَا بَنَتْ عَلَى عِدَّتِهَا مِنَ الأَوَّلِ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَتِ الْعِدَّةَ مِنَ الثَّانِي، وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ أَحَدِهِمَا انْقَضَتْ مِنْهُ عِدَّتُهَا بِهِ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلآخَرِ، وَمَنْ وَطِئَ مُعْتَدَّتَهُ البَائِنَ بِشُبْهَةٍ اسْتَأْنَفَتِ الْعِدَّةَ بِوَطْئِهِ، وَدَخَلَتْ فِيهَا بَقِيَّةُ الأُولَى، .................
قوله: «وإن تزوجت في عدتها لم تنقطع» إن تزوجت المعتدة في عدتها لم تنقطع العدة؛ لكن قد يقول قائل: إنها لما تزوجت به صارت ذات زوجين، فيجب أن نقطع عدة الأول.
والجواب : أن هذا العقد غير صحيح ولا أثر له إطلاقاً، فهي إذاً ليست ذات زوجين، فإذا كانت امرأة في عدةٍ، وجاء رجل فتزوجها، إما جاهلاً أو متعمداً، فلا تنقطع العدة؛ لأن هذا العقد باطل فلا أثر له.
لكن متى تنقطع؟ يقول المؤلف:
«حتى يدخل بها» والمراد حتى يطأها الزوج الثاني؛ لأن الوطء هو الذي يقطع العدة، فإذا وطئها نفرق بينهما، فلو فرض أن امرأة معتدة تزوجها رجل آخر في العدة، وقد حاضت حيضتين، ولكنه لم يدخل عليها، ثم بين العقد والدخول حاضت الحيضة الثالثة، فتنتهي عدتها من الأول؛ لأنه لم يطأها، ولا تنقطع العدة بمجرد العقد؛ لأن هذا العقد غير صحيح، بل هو باطل بإجماع العلماء، وإذا كان باطلاً فلا يؤثر، فإذا جامعها الثاني فحينئذٍ يحصل التأثير؛ لاحتمال أن تعلق منه بولد، فلما كان كذلك انقطعت عدة الأول.
قوله: «فإذا فارقها بنت على عدتها من الأول، ثم استأنفت العدة من الثاني» هذا كالتكرار للأول، لكن كرره ليبني عليه ما بعده، وهو قوله:
«وإن أتت بولد من أحدهما انقضت منه عدتها به، ثم اعتدت للآخر» أصل المسألة امرأة تزوجت في عدتها، وجامعها الزوج الثاني، قلنا: يفرق بينهما وتتم عدة الأول، ثم تستأنف العدة للثاني، لكن لو أتت بولد من أحدهما يقيناً فإن العدة له، ثم تكمل للثاني، فلو أنها بعد أن تزوجت الزوج الثاني وجامعها أتت بولد لدون ستة أشهر، وعاش الولد فيكون للأول يقيناً؛ لأنه لا يمكن أن يعيش لأقل من ستة أشهر، وعلى هذا فيكون للأول يقيناً، وتستأنف العدة للثاني.
وإن أتت بولد لأكثر من أربع سنين من فراق الأول فهو للثاني، بناء على أن مدة الحمل لا تزيد على أربع سنين، ثم تكمل عدة الأول.
وقوله: «ثم اعتدّت للآخر» لا تظن أن المعنى استأنفت العدة، بل إن حكمنا بأن الولد للأول فإنها تستأنف العدة للثاني، وإن حكمنا بأن الولد للثاني فإنها تكمل عدة الأول؛ لأنه لم يوجد ما يبطل ما سبق من عدته، فإذا قدر أنها قد حاضت مرتين بعد إبانة الأول، ثم تزوجها الثاني ونشأت منه بحمل، ووضعت لأكثر من أربع سنين منذ أبانها الأول، فالولد للثاني، وانتهت عدتها منه بوضع الحمل، فهل تستأنف العدة للأول أو تكمل عدته؟ تكمل عدته؛ لأنه لم يوجد ما يبطل ما سبق من عدته، وقد سبق من عدته حيضتان فتكمل.
قوله: «ومن وطئ معتدته البائن بشبهة» المرأة تبين بكل فسخ، فجميع الفسوخ بينونة، وبكل طلاق على عوض، وبكل طلاق تم به عدد الطلاق.
إذاً المعتدة البائن هي كل من اعتدت بفسخ، أو بطلاق على عوض، أو بطلاق متمم للعدد، فهذا رجل قد طلق زوجته آخر ثلاث تطليقات، فجاء يوماً، ووجدها على فراشه فظنها زوجته الأخرى وجامعها، هذا الوطء نسميه وطئاً بشبهة، فماذا تصنع؟
يقول المؤلف: «استأنفت العدة بوطئه ودخلت فيها بقية الأولى» فإذا كان قد مضى حيضتان، وجامعها قبل الحيضة الثالثة، نقول: تستأنف العدة، وتدخل الحيضة الباقية في الثلاث، وعلى هذا تعتد بثلاث حيض وتنتهي، ولا نقول: تكمل الثالثة للأول ثم تعتد بثلاث، والفرق بينها وبين ما إذا جامعها رجل آخر أن العدتين هنا لواحد، فدخلت إحداهما في الأخرى، بخلاف ما إذا كانت العدتان لاثنين، فلا تدخل إحداهما في الأخرى.

وَإِنْ نَكَحَ مَنْ أَبَانَهَا فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا بَنَتْ.
قوله: «وإن نكح من أبانها في عدتها ثم طلقها قبل الدخول بها بنت» البينونات ثلاث: بينونة فسخ، وطلاق على عوض، وطلاق تم به العدد، والبينونة التي تمكن هنا التي على عوض أو الفسخ، وأما الطلاق الذي تم به العدد فما يمكن؛ لأنها لا تحل له إلا بعد زوج.
فهذا رجل طلق زوجته على عوض فتبِينُ منه، لكنه أحب أن يرجع إليها، نقول: ما تحل لك إلا بعقد جديد، فعقد عليها، لكن الرجل بعد أن عقد عليها ـ في العدة ـ طلقها قبل أن يدخل بها، يقول المؤلف: تبني على العدة الأولى، فإذا كانت قد حاضت حيضتين وتزوجها، ولكن طلقها قبل أن يطأها نقول: بقي حيضة واحدة، فتكملها وتنتهي، والعقد الجديد لا يحتاج إلى عدة؛ لأنه ما وجد سبب العدة؛ لأن من شرط العدة أن يحصل وطء أو خلوة، وهنا ما حصل وطء ولا خلوة.
مثال ثانٍ: امرأة وجد زوجها بها عيباً ففسخها لعيبها، ثم بعد أن فسخها تراجع وتزوجها وهي في العدة، ثم طلقها قبل أن يطأها فتبني على العدة الأولى؛ لأنه ما وجد سبب لعدة جديدة.
أما لو كان الطلاق رجعياً بأن طلق رجل زوجته طلاقاً رجعياً فراجعها، ثم طلقها قبل أن يدخل عليها، فهل تبني على عدتها أو تستأنف؟
الجواب : تستأنف العدة، فتعتد بثلاث حيض غير الأُولى؛ لأنه لما راجعها أعادها على النكاح الأول، والرجعة ليست عقداً جديداً، بل هي إعادة إلى النكاح الأول، والنكاح الأول فيه دخول، ولهذا هي معتدة من النكاح الأول، ولما أعادها على النكاح الأول أعادها على نكاح مدخول فيه، فإذا طلقها طلق امرأة مدخولاً بها فتستأنف العدة.
وهذه مسألة يغلط فيها بعض الطلبة ما يفهم الفرق بين هذه وهذه، ولكن الفرق بينهما واضح، ففي المسألة الأولى كانت بائناً منه، فعقد عليها عقداً جديداً، ثم طلقها قبل الدخول والخلوة، فكان طلاقاً لا عدة فيه؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}[الأحزاب: 49] ، وهذا نكحها وما مسَّها ولا خلا بها.
أما المسألة الثانية فإنها إعادة امرأة إلى نكاح سابق حصل فيه دخول، فلما أعادها إلى النكاح الأول صارت هذه الإعادة مبنية على ما سبق، فإذا فارقها بعد هذه الإعادة تستأنف؛ لأنها مطلقة من نكاح مدخول فيه.
مسألة : هل العدة لمجرد العلم ببراءة الرحم؟
لا، هذه من جملة الحكم، لكن أعظم شيء أن فيها حقاً للزوج، وإمهالاً له لعله يراجع؛ ولهذا لما كان النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ له على أمته من الحقوق ما هو من أعظم الحقوق لبشر حرم على الأمة أن تتزوج نساءه من بعده، فكانت عدة زوجات الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى الأبد {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} [الأحزاب: 53] فإذن ليست العلة هي العلم ببراءة الرحم فقط.
فإن قلت: إذا جعلت العلة حق الزوج، فلماذا لا يكون على المطلقة قبل الدخول عدة؟
الجواب على هذا من وجهين:
أحدهما : أننا نقول: ليست العلة مجرد حق الزوج، ولا مجرد العلم ببراءة الرحم، ولهذا لا يمكن أن تعيَّن علة وجوب العدة بحق الزوج فقط، أو بالعلم ببراءة الرحم فقط، بل هناك حكم متعددة.
الثاني : أن نقول: إن الرجل إذا لم يدخل بها فإن نفسه لا تتعلق بها كثيراً، ولهذا طلقها قبل الدخول، بخلاف ما إذا دخل بها.


[177] سبق تخريجه ص(299).
[178] أورده ابن حزم في المحلى (9/478).
[179]سبق تخريجه ص(20).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir