دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > بيان المُستشكل > تفسير آيات أشكلت لابن تيمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 ربيع الثاني 1432هـ/20-03-2011م, 12:12 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي قاعدة في القرآن وكلام الله

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.


قاعدة في القرآن وكلام الله:


فإن الأمة اضطربت في هذا اضطرابًا عظيمًا وتفرقوا واختلفوا بالأهواء والظنون بعد مضي القرون الثلاثة لما حدثت فيهم الجهمية المشتقة من الصابئة وقد قال الله تعالى {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}.
[تفسير آيات أشكلت: 2/704]
وقال تعالى {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ}.
والاختلاف فيه نوعان اختلاف في تنزيله واختلاف في تأويله والمختلفون الذين ذمهم الله هم المختلفون في الحق بأن ينكر هؤلاء الحق الذي مع أولئك وبالعكس فإن الواجب الإيمان بجميع الحق المنزل فأما من آمن بذلك وكفر به غيره فهذا اختلاف يذم فيه أحد الصنفين كما قال تعالى {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} إلى قوله {وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ}.
والاختلاف في تنزيله أعظم فإنه الذي قصدناه هنا.
فنقول الاختلاف في تنزيله هو بين المؤمنين والكافرين فإن المؤمنين يؤمنون بما أنزل والكافرون كفروا بالكتاب وبما أرسل الله به رسله فسوف يعلمون فالمؤمنون بجنس الرسل والكتب من المسلمين واليهود
[تفسير آيات أشكلت: 2/705]
والنصارى والصابئين يؤمنون بذلك والكافرون بجنس الكتب والرسل من المشركين والمجوس والصابئين يكفرون بذلك.
وذلك أن الله أرسل الرسل إلى الناس لتبليغهم كلام الله الذي أنزله إليهم فمن آمن بالرسل آمن بما بلغوه عن الله ومن كذب الرسل كذب بما بلغوه عن الله فالإيمان بكلام الله داخل في الإيمان برسالة الله إلى عباده والكفر بذلك هو الكفر بهذا فتدبر هذا الأصل فإنه فرقان هذا الاشتباه.
ولهذا كان من يكفر بالرسل تارة يكفر بأن الله له كلام ينزله على بشر كما أنه قد يكفر برب العالمين مثل فرعون وقومه قال الله تعالى {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ}.
وقال تعالى عن نوح وهود {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ}.
وقال تعالى {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} إلى آخر الكلام فإن في هذه الآيات تقرير قواعد.
[تفسير آيات أشكلت: 2/706]
وقال عن الوحيد {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ}.
ولهذا كان أصل الإيمان الإيمان بما أنزله قال تعالى {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} إلى قوله {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ}.
وفي وسط السورة {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} وفي آخرها {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} الآيتين.
وقال في السورة التي تليها {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ
[تفسير آيات أشكلت: 2/707]
وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ}.
وذكر في أثناء السورة الإيمان بما أنزله وكذلك في آخرها {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا} إلى قوله {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} الآية.
ولهذا عظم تقرير هذا الأصل في القرآن فتارة يفتتح به السور إما إخبارًا كقوله {ذَلِكَ الْكِتَابُ} وقوله {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} وقوله {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} {المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ} {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ}.
[تفسير آيات أشكلت: 2/708]
وكذلك آلـ {طس} وآلـ {حم} فعامة آلـ {الم} وآلـ {الر} وآلـ {طس} وآلـ {حم} كذلك.
وإما ثناء بإنزاله كقوله {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} الآية.
وأما في أثناء السُّور من ذلك فكثير جدًّا وَثَنَّى في القرآن قصة موسى مع فرعون لأنهما في طرفي النقيض في الحق والباطل فإن فرعون في غاية الكفر والباطل حيث كفر بالربوبية وبالرسالة وموسى في غاية الحق والإيمان من جهة أن الله كلمه تكليمًا لم يجعل الله بينه وبينه واسطة من خلقه فهو مثبت لكمال الرسالة وكمال التكليم ومثبت لرب
[تفسير آيات أشكلت: 2/709]
العالمين بما استحق من النعوت.
وهذا بخلاف أكثر الأنبياء مع الكفار فإن الكفار أكثرهم لم يكونوا يجحدون وجود رب العالمين ولم يكن أيضًا للرسل من التكليم ما يكون لموسى فصارت قصة موسى وفرعون أعظم القصص وأعظمها اعتبارًا لأهل الإيمان ولأهل الكفر.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقص على أمته عامة ليله عن بني إسرائيل وكان يتأسَّى بموسى في أمور كثيرة ولما بشر بقتل أبي جهل يوم بدر قال «هذا كان فرعون هذه الأمة».
[تفسير آيات أشكلت: 2/710]
وكان فرعون وقومه من الصابئة المشركين الكفار ولهذا كان يعبد آلهة من دون الله كما أخبر الله عنه بقوله {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} وإن كان عالمًا بما جاء به موسى مستيقنًا له لكنه كان جاحدًا مثبورًا كما أخبر الله تعالى عن ذلك في قوله {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}.
وقال {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ} إلى قوله {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا}.
والكفار بالرسل من قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وشعيب وقوم
[تفسير آيات أشكلت: 2/711]
إبراهيم وموسى ومشركي العرب والهند والروم والبربر والترك والرومان والكشدانيين وسائر الأمم المتقدمين
[تفسير آيات أشكلت: 2/712]
والمتأخرين يتبعون ظنونهم وأهواءهم ويعرضون عن ذكر الله الذي أتاهم من عنده.
كما قال لهم لما أهبط آدم من الجنة {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
وقال {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}.
وفي موضع آخر {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي}.
[تفسير آيات أشكلت: 2/713]
ثم إنهم مع أنهم ما أنزل الله عليهم من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ويزعمون أنهم لهم العقل والرأي والقياس العقلي والأمثال المضروبة ويسمون أنفسهم الحكماء والفلاسفة وَيَدَّعون الجدل والكلام والقوة والسلطان والمال ويصفون أتباع لمرسلين بأنهم سفهاء وأراذل وضلال ويسخرون منهم.
قال تعالى {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.
وقال تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ}.
وقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ} إلى قوله {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ}.
وقال تعالى عن قوم نوح {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} وقالوا {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ}.
[تفسير آيات أشكلت: 2/714]
وقال {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} وقال {وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ} بل هم يصفون الأنبياء بالجنون والسفه والضلال وغير ذلك كما قال عن نوح {مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ} وقالوا {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ} وقالوا لهود {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ}.
[تفسير آيات أشكلت: 2/715]


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
في, قاعدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir