دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطلاق

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الأولى 1431هـ/8-05-2010م, 03:09 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الاستثناء في الطلاق

( فصلٌ ) ويَصِحُّ منه استثناءُ النصفِ فأَقَلَّ من عددِ الطلاقِ والْمُطَلَّقَاتِ، فإذا قالَ: أنتِ طالقٌ طَلقتينِ إلا واحدةً وَقعتْ واحدةً، وإن قالَ: ثلاثًا إلا واحدةً فطَلقتانِ، وإن اسْتَثْنَى بقَلْبِه من عَددِ الْمُطَلَّقَاتِ صَحَّ دونَ عَددِ الطَّلَقاتِ، وإن قالَ: أَرْبَعُكنَّ إلا فُلانةَ طَوالِقُ صَحَّ الاستثناءُ ولا يَصِحُّ استثناءٌ لم يَتَّصِلْ عادةً، فلو انْفَصَلَ وأَمْكَنَ الكلامُ دونَه بَطَلَ، وشَرْطُه النيَّةُ قبلَ كَمالِ ما اسْتَثْنَى منه.


  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 02:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...............................

  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 02:52 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

فصلٌ
في الاستثناءِ في الطلاقِ. (ويَصِحُّ منه)؛ أي: من الزوجِ (استثناءُ النصفِ فأقَلَّ مِن عددِ الطلاقِ، و) عددِ (المُطَلَّقَاتِ)، فلا يَصِحُّ استثناءُ الكلِّ، ولا أكثرُ مِن النصفِ، (فإذا قالَ: أنتِ طالقٌ طَلْقَتَيْنِ إلاَّ واحدةً. وَقَعَتْ واحدةٌ)؛ لأنَّه كلامٌ مُتَّصِلٌ, أَبَانَ بهِ أنَّ المُسْتَثْنَى غيرُ مُرادٍ بالأوَّلِ، قالَ تعالَى حِكَايَةً عن إبراهيمَ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي}. يُرِيدُ به البَرَاءَةَ مِن غيرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، (وإنْ قالَ:) أنتِ طالِقٌ (ثلاثاً إلاَّ واحدةً. فطَلْقَتَانِ)؛ لِمَا سَبَقَ، وإنْ قالَ: إلاَّ طَلْقَتَيْنِ إلاَّ واحدةً. فكذلكَ؛ لأنَّه اسْتَثْنَى ثِنْتَيْنِ إلاَّ واحدةً مِن ثلاثٍ، فيَقَعُ ثِنتانِ، وإنْ قالَ: ثلاثاً إلاَّ ثلاثاً، أو إلاَّ ثِنْتَيْنِ. وَقَعَ الثلاثُ، (وإنِ اسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ مِن عددِ المطلَّقاتِ) بأنْ قالَ: نِسَاؤُه طوالِقُ. ونَوَى إلاَّ فلانةَ، (صَحَّ) الاستثناءُ، فلا تُطَلَّقُ؛ لأنَّ قولَه: نِسائِي طوالِقُ. عامٌّ يَجُوزُ التعبيرُ بهِ عن بعضِ ما وُضِعَ له؛ لأنَّ استعمالَ اللفظِ العامِّ في المخصوصِ سائغٌ في الكلامِ، (دونَ المطلَّقَاتِ) فإذا قالَ: هي طالقٌ. ثلاثاً. ونَوَى إلاَّ واحدةً, وَقَعَتِ الثلاثُ؛ لأنَّ العددَ نَصٌّ فيما يَتَنَاوَلُهُ، فلا يَرْتَفِعُ بالنيَّةِ؛ لأنَّ اللفظَ أَقْوَى من النيَّةِ.
وكذا لو قالَ: نِسَائِي الأربعُ طوالِقُ. واستثنَى واحدةً بقَلْبِهِ, فتُطَلَّقُ الأربعُ، (وإنْ قالَ) لزوجاتِهِ: (أَرْبَعَتُكُنَّ إلاَّ فلانةَ طوالِقُ. صَحَّ الاستثناءُ)، فلا تَطْلُقُ المُسْتَثْنَاةُ؛ لِخُرُوجِها مِنْهُنَّ بالاستثناءِ، (ولا يَصِحُّ استثناءٌ لم يَتَّصِلْ عادَةً)؛ لأنَّ غيرَ المتَّصِلِ يَقْتَضِي رَفْعَ ما وَقَعَ بالأوَّلِ، والطلاقُ إذا وَقَعَ لا يُمْكِنُ رَفْعُه، بخلافِ المتَّصِلِ؛ فإنَّ الاتصالَ يَجْعَلُ اللفظَ جملةً واحدةً، فلا يَقَعُ الطلاقُ قبلَ تَمَامِها، ويَكْفِي اتِّصَالُهُ لَفْظاً أو حُكْماً؛ كانقطاعِهِ بِتَنَفُّسٍ أو سُعَالٍ ونحوِهِ، (فلو انْفَصَلَ) الاستثناءُ (وأَمْكَنَ الكلامُ دُونَهُ, بَطَلَ) الاستثناءُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، (وشَرْطُهُ)؛ أي: شَرْطُ صحَّةِ الاستثناءِ (النيَّةُ)؛ أي: نيَّةُ الاستثناءِ (قبلَ كمالِ ما اسْتَثْنَى منه)، فإنْ قالَ: أنتِ طالقٌ ثلاثاً. غيرَ ناوٍ للاستثناءِ، ثمَّ عَرَضَ له الاستثناءُ فقالَ: إلاَّ واحدةً. لم يَنْفَعْهُ الاستثناءُ، ووَقَعَتِ الثلاثُ، وكذا شَرْطٌ مُتَأَخِّرٌ ونحوُه؛ لأنَّها صَوَارِفُ اللفظِ مِن مُقْتَضَاهُ، فوَجَبَ مُقَارَنَتُها لفظاً ونِيَّةً.


  #4  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 02:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


فصل


في الاستثناء في الطلاق([1])

(ويصح منه) أي من الزوج (استثناء النصف فأقل، من عدد الطلاق و) عدد (المطلقات) ([2]) فلا يصح استثناء الكل، ولا أكثر من النصف([3]) (فإذا قال: أنت طالق طلقتين إلا واحدة؛ وقعت واحدة) ([4]) لأنه كلام متصل، أبان به أن المستثنى غير مراد بالأول([5]).
قال تعالى حكاية عن إبراهيم {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي} يريد به البراءة من غير الله عز وجل([6]) (وإن قال) أنت طالق (ثلاثا إلا واحدة؛ فطلقتان) لما سبق([7]) وإن قال: إلا طلقتين إلا واحدة؛ فكذلك([8]) لأنه استثنى ثنتين إلا واحدة من ثلاث، فيقع ثنتان([9]) وإن قال: ثلاثا إلا ثلاثا؛ أو إلا ثنتين؛ وقع الثلاث([10]).
(وإن استثنى بقلبه من عدد المطلقات) بأن قال: نساؤه طوالق؛ ونوى إلا فلانة (صح) الاستثناء([11]) فلا تطلق، لأن قوله: نسائي طوالق؛ عام، يجوز التعبير به عن بعض ما وضع له([12]) لأن استعمال اللفظ العام في المخصوص، سائغ في الكلام([13]) (دون عدد الطلقات) ([14]) فإذا قال: هي طالق ثلاثا ونوى إلا واحدة؛ وقعت الثلاث، لأن العدد نص فيما يتناوله فلا يرتفع بالنية([15]) لأن اللفظ أقوى من النية([16]) وكذا لو قال: نسائي الأربع طوالق؛ واستثنى واحدة بقلبه، فتطلق الأربع([17]).
(وإن قال) لزوجاته (أربعكن إلا فلانة طوالق؛ صح الاستثناء) ([18]) فلا تطلق المستثناة لخروجها منهن بالاستثناء([19]) (ولا يصح استثناء لم يتصل عادة) ([20]) لأن غير المتصل يقتضي رفع ما وقع بالأول، والطلاق إذا وقع لا يمكن رفعه، بخلاف المتصل، فإن الاتصال يجعل اللفظ جملة واحدة، فلا يقع الطلاق قبل تمامها([21]) ويكفي اتصاله لفظا([22]) أو حكما، كانقطاعه بتنفس، أو سعال ونحوه([23]) (فلو انفصل) الاستثناء (وأمكن الكلام دونه، بطل) الاستثناء، لما تقدم([24]).
(وشرطه) أي شرط صحة الاستثناء (النية) أي نية الاستثناء (قبل كمال، ما استثنى منه) ([25]) فإن قال: أنت طالق ثلاثا؛ غير ناوٍ للاستثناء، ثم عرض له الاستثناء([26]) فقال: إلا واحدة؛ لم ينفعه الاستثناء، ووقعت الثلاث([27]) وكذا شرط متأخر ونحوه([28]) لأنها صوارف اللفظ عن مقتضاه، فوجب مقارنتها لفظا ونية([29]).


([1])الاستثناء لغة الثني، وهو الرجوع، يقال: ثنى رأس البعير؛ إذا عطفه إلى ورائه، فكأن المستثني رجع في قوله، إلى ما قبله، واصطلاحا: إخراج بعض الجملة بلفظ "إلا" وما قام مقامها، من متكلم واحد، وقال الشيخ: وعند أصحابنا إخراج ما لولاه لوجب دخوله معه؛ وهو إخراج لفظ بيان لمعنى، لأن رفع الواقع لا يصح، وهو محال.
([2])كأنت طالق ثلاثا إلا واحدة، وهن طوالق إلا فلانة. والمذهب أنه يصح استثناء ما دون النصف، ولا يصح فيما زاد عليه.
([3])وأجاز الجمهور استثناء الأكثر، وقال الموفق: إذا استثنى في الطلاق بلسانه، صح استثناؤه، وهو قول جماعة أهل العلم.
([4])هذا مذهب الجمهور.
([5])فهو يمنع أن يدخل فيه ما لولاه لدخل.
([6])ومقتضاه أنه لم يتبرأ من الله عز وجل، وقال تعالى {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا}وهو عبارة عن: تسعمائة وخمسين عامًا.
([7])من الدليل، والتعليل، وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة، أنها تطلق طلقتين.
([8])أي فيقع اثنتان، كما لو قال: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة. لأنه استثنى الواحدة مما قبلها، فيبقى واحدة، وهي مستثناة من الثلاث، ولأنه لم يسكت عليها، بل وصلها، بأن استثنى منهما طلقة، فصارتا عبارة عن واحدة.
([9])وقال الموفق وغيره: لا يصح الاستثناء من الاستثناء في الطلاق إلا في هذه المسألة، فإنه يصح إذا أجزنا النصف، وإن قلنا: لا يصح؛ وقع الثلاث.
([10])لأن استثناء أكثر من النصف لا يصح، وقيل: يرجع الاستثناء إلى ما تلفظ به، فإذا قال: أنت طالق أربعا إلا اثنتين؛ يقع اثنتان، لصحة استثناء النصف، والمشهور أن الاستثناء يرجع إلى ما يملك، لا إلى ما تلفظ به.
([11])فيشترط أن تكون النية مقارنة للفظ، وهو أن يقول: نسائي طوالق. يقصد بهذا اللفظ بعضهن.
([12])وأكثر نصوص القرآن، والسنة العامة أريد بها الخصوص.
([13])والمذهب ما لم يستثن من سألته طلاقها، فيدين، ولا يقبل حكما، لأن طلاقه جواب سؤالها لنفسها، فدعواه صرفه عنها خلاف الظاهر.
([14])فإذا استثنى بقلبه واحدة أو أكثر، لم يصح، جزم به الموفق وغيره.
([15])أي لأن العدد نص فيما يتناوله، لا يحتمل غيره، فلا يرتفع بالنية ما ثبت بنص اللفظ، لأن النية أضعف منه.
([16])واسم عدد الثلاث لا يجوز التعبير به عن عدد غيرها، ولا يحتمل سواها، والنية إنما تعمل في صرف اللفظ المحتمل.
([17])على الصحيح من المذهب، وقطع به الأكثر، وإن لم يقل: الأربع؛
لم تطلق المستثناة، والفرق في ذلك أن قوله "نسائي" من غير ذكر عدد، اسم عام، يجوز التعبير به عن بعض ما وضع له، وقد يستعمل العموم، ويراد به الخصوص كثيرًا.

([18])وإن قالت إحداهن: طلق نساءك. فقال: نسائي طوالق؛ طلقت بغير خلاف، إلا ما حكي عن مالك، ما لم يستثنها.
([19])لأن خصوص السبب، يقدم على عموم اللفظ.
([20])فشرط فيه اتصال معتاد، لفظًا أو حكمًا، عند الجمهور، ويأتي.
([21])يعني الجملة الواحدة، فإذا وصلت بالاستثناء، صح الاستثناء.
([22])بأن يأتي به متتابعًا.
([23])كعطاس، بخلاف انقطاعه بكلام معترض، أو سكوت طويل، لا يسير، أو طول كلام متصل.
([24])من التعليل قريبا.
([25])هذا المذهب، قطع به جمع.
([26])أي بعد كمال ما استثني منه.
([27])إلا إن نواه قبل تمام قوله: أنت طالق ثلاثا.
([28])أي وكالنية قبل كمال ما استثني منه شرط متأخر، كأنت طالق إن قمت ونحوه كتخصيص، ووصف، وإبدال، ونحو ذلك، كعطف مغاير، نحو: أنت طالق أو لا.
([29])فاعتبروا للاستثناء ونحوه الاتصال، جزم به في المحرر، والنية قبل تكملة ما ألحق به، وقيل: وبعده؛ قطع به الموفق، واختاره ابن القيم، وشيخ الإسلام وقال: عليه كلام أحمد، وعليه متقدمو أصحابه؛ وقال: للعلماء في الاستثناء النافع قولان، "أحدهما": لا ينفع حتى ينويه قبل فراغ المستثنى منه؛ وهو قول الشافعي، والقاضي، ومن تبعه، و"الثاني" ينفعه وإن لم يرده إلا بعد الفراغ، حتى لو قال له بعض الحاضرين: قل إن شاء الله؛ فقال: إن شاء الله؛ نفعه ذلك، وهو مذهب أحمد، الذي يدل عليه كلامه، وعليه متقدمو أصحابه، وهو مذهب مالك، وهو الصواب.
وقال: لا يضر فصل يسير بالنية، ولا الاستثناء، واستدل بالأخبار الواردة في الأيمان، وفي القرآن جمل قد فصل بين أبعاضها بكلام آخر، كقوله{وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا} إلى قوله {هُدَى اللهِ} وقال: تصح نية الاستثناء بعد كمال ما استثني منه بيسير، لقصة سليمان، وقول الملك: قل إن شاء الله؛ فلو قالها كان كما قال.
قال: والفصل بين المستثنى والمستثنى منه بكلام الغير، والسكوت، لا يكون فصلا مانعا من صحة الاستثناء. اهـ. ومن شك في الاستثناء، ومن عادته الاستثناء، فهو كما لو علم أنه استثنى.



  #5  
قديم 25 ربيع الثاني 1432هـ/30-03-2011م, 02:59 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ


وَيَصِحُّ مِنْهُ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ فَأَقَلَّ .............................
هذا الفصل في الاستثناء في الطلاق.
الاستثناء: لغة من الثنيا، وهي الرجوع، يقال: ثنا بمعنى رجع، ومنه اثنان؛ لأن اثنين رجوع واحد مع آخر معه.
وأما في الاصطلاح: فهو إخراج بعض أفراد العام بإلا أو إحدى أخواتها، أو نقول: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام بإلا أو إحدى أخواتها، فإذا قلت: قام القوم إلا زيداً، فلولا هذا الاستثناء لكان زيد قائماً، وقام القوم غير زيد، وقام القوم سوى زيد، وقام القوم حاشا زيداً، وقام القوم لا يكون زيداً، وقام القوم ليس زيداً، فكل أدوات الاستثناء مثل إلا.
والاستثناء له شروط، وليس كل استثناء يصح، قال المؤلف في الشرط الأول:
«ويصح منه» أي: من الزوج، فيشترط أن يكون الاستثناء من المتكلم نفسه، فلو استثنى غيرُه من عموم كلامه لم يصح، فلو قال شخص: كل النساء طوالق، فقال واحد بجنبه: إلا فاطمة، فإنها تطلق؛ لأن المستثنِي غير المتكلم.
قوله:: «استثناء النصف فأقل» هذا هو الشرط الثاني: أن يكون المُستثنَى النصف فأقل، فإذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً إلا ثنتين، تطلق ثلاثاً؛ لأنه استثنى أكثر من النصف فيلغى، ولو قال: نسائي الأربع طوالق إلا ثلاثاً يطلقن كلهن؛ لأن الاستثناء أكثر من النصف فيلغى.
فإن قال قائل: هذا ينتقض عليكم بالقرآن الكريم، قال الله تعالى مخاطباً الشيطان: {{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ *}} [الحجر] ، ومن اتبعه من الغاوين أكثر من النصف، تسعمائة وتسعة وتسعون بالألف[(1)]، فبماذا تجيبون؟
قلنا: إذا كانت الأكثرية مستفادة بالصفة فإنها لا تضر، ويجوز الاستثناء ولو كان أكثر، حتى لو افترضنا أن الاستثناء يقضي على كل المستثنى صح، فلو قلت: أكرم من في هذا المجلس إلا من عليه قميصٌ يصح الاستثناء، وعلى هذا ما نكرم ولا واحداً منهم؛ لأن كل واحد عليه قميص، وهنا قوله تعالى: {{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ}}، هذه الكثرة مستفادة بالوصف {{مَنِ اتَّبَعَكَ}} لأن اسم الموصول بمنزلة الوصف؛ إذ إن {{مَنِ اتَّبَعَكَ}} بمعنى المتَّبِع لك، وعلى هذا فلا يضر، أما إذا كـان من عـدد، كأنتِ طالق ثلاثاً إلا ثنتين، أو أكرم ثلاثة رجال إلا رجلين، أو عندي لك عشرة دراهم إلا سبعة، فلا يصح الاستثناء، ويلزمني عشرة، أو عندي لك مائة ريال إلا واحداً وخمسين ريالاً فيلزمني مائة؛ لأني استثنيت أكثر من النصف.
فإذا قال قائل: ما الدليل على أنه ما يصح؟
قالوا: لأن اللغة العربية لا تأتي على هذا الأسلوب، فإذا كان عليك ـ مثلاً ـ ثلاثة دراهم فما تقول: عليَّ عشرة إلا سبعة، لكن تقول: عليَّ ثلاثة، هذا هو الأسلوب المعروف في اللغة العربية، وما خرج عن الأسلوب العربي فلا عبرة به.
وقال بعض أهل العلم: إن استثناء أكثر من النصف لا بأس به، وليس لكم أن تحجروا على الناس أقوالهم، ولو فرضنا أن هذا ليس من فصيح لسان العرب، لكنه معنى معقول، وإذا جعلتموه معقولاً في الوصف حتى ربما يرتفع المستثنى منه كله، فلماذا لا تجيزونه في العدد؟!
وهذا هو القول الراجح أنه يصح استثناء أكثر من النصف؛ لأن المدار على المعنى، وعلى ما أراده المتكلم، أما كونه فصيحاً أو غير فصيح في اللغة العربية فهذا شيء ثانٍ، صحيح أننا نقول لمن قال: عندي لك عشرة إلا سبعة: هذا كلام لا ينبغي، لكن أن نلزمه بعشرة فليس بصحيح.

مِنْ عَدَدِ الطَّلاَقِ وَالْمُطَلَّقَاتِ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إِلاَّ وَاحِدَةً وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ قَالَ: ثَلاَثاً إِلاَّ وَاحِدَةً فَطَلْقَتَانِ، وَإِنِ اسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ مِنْ عَدَدِ الْمُطَلَّقَاتِ صَحَّ دُونَ عَدَدِ الطَّلَقَاتِ، وَإِنْ قَالَ: أَرْبَعُكُنَّ إِلاَّ فُلاَنَةَ طَوَالِقُ صَحَّ الاسْتِثْنَاءُ، ............................................
قوله: «من عدد الطلاق والمطلقات، فإذا قال: أنت طالق طلقتين إلا واحدة وقعت واحدة، وإن قال: ثلاثاً إلا واحدة فطلقتان» ومثال المطلقات أن يقول: نسائي الأربع طوالق إلا ثلاثاً فتطلق الأربع.
قوله: «وإن استثنى بقلبه من عدد المطلقات صح دون عدد الطلقات» هنا مسألتان:
المسألة الأولى : إذا استثنى من عدد المطلقات، ولها صورتان:
الأولى : أن يذكر ذلك بلفظ عام بدون عدد، ويستثني بقلبه شيئاً منه، مثل: أن يقول: نسائي طوالق، وينوي إلا هنداً فيصح؛ لأن «نسائي» لفظ عام، والعام قد يستعمل في الخاص، فيمكن للمتكلم أن يريد باللفظ العام شيئاً مخصوصاً من هذا العام، قال الله عزّ وجل: {{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}} [آل عمران: 173] ، هل القائل الناس كلهم؟ لا، يقال: إنه نعيم بن مسعود الأشجعي، قال للرسول صلّى الله عليه وسلّم: إن أبا سفيان قد جمع لكم[(2)]، وعلى هذا يكون القائل واحداً، والجامع واحداً، مع أن «الناس» لفظ عموم.
الثانية : أن يذكر ذلك بصريح العدد، ويستثني بقلبه شيئاً من المعدود، مثل أن يقول: نسائي الأربع طوالق، فهذا صريح، وينوي إلا هنداً، فظاهر كلام المؤلف: أن ذلك صحيح، ولكن كلامه ليس بصحيح، والصواب: أن الاستثناء لا يصح؛ لأن النية لا تؤثر في الصريح.
المسألة الثانية: أن يستثني من عدد الطلقات، فإذا قال: أنت طالق ثلاثاً، قلنا: بانت منك زوجتك، فإذا قال: أنا قصدت ثلاثاً إلا واحدة، قلنا: لا يصح؛ لأن الصريح لا تؤثر فيه النية.
قوله: «وإن قال: أربعكن إلا فلانة طوالق صح الاستثناء» لماذا أتى المؤلف بها مع أنه معلوم مما سبق؟ أتى به ليبين أنه لا فرق بين أن يتقدم الاستثناء، أو يتأخر، فلو قال: أربعكن طوالق إلا فلانة صار الاستثناء متأخراً، كذلك لو قدم الاستثناء لا يضر، أربعكن إلا فلانة طوالق يجوز، ففائدة هذا المثال الذي ذكره جواز الاستثناء مقدماً قبل أن تتم الجملة، كما أنه يصح ـ أيضاً ـ مؤخراً بعد تمام الجملة.

وَلاَ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ لَمْ يَتَّصِلْ عَادَةً، فَلَوِ انْفَصَلَ وَأمْكَنَ الْكَلاَمُ دُونَهُ بَطَلَ، وَشَرْطُهُ النِّيَّةُ قَبْلَ كَمَالِ مَا اسْتُثْنِيَ مِنْهُ.
قوله: «ولا يصح استثناء لم يتصل عادة» هذا هو الشرط الثالث من شروط الاستثناء، أن يكون الاستثناء متصلاً بحسب العادة والعرف بالمستثنى منه، بحيث لا يفصل بينه وبينه كلام، فإن فصل بينهما بكلام أو سكوت يمكنه الكلام فيه، فإن الاستثناء لا يصح، فلو قال: أنت طالق ثلاثاً ـ وهو ناوٍ أن يستثني، ثم قال: ـ انتبهي، ثم قال: إلا واحدة فلا يصح؛ لأنه فصل بين الاستثناء والمستثنى منه، ولو قال: أنت طالق ثلاثاً ثم سكت سكوتاً يمكنه الكلام فيه، ثم قال: إلا واحدة فلا يصح؛ لأنه لا بد من الاتصال، ولو قال: نسائي الأربع طوالق، ثم أخذه عطاس وبقي في العطاس خمس دقائق، ثم قال: إلا فلانة يصح؛ لأنه لا يمكن أن يتكلم.
وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال باشتراطه، ومنهم من لم يقل باشتراطه، والصحيح: أنه ما دام الكلام واحداً فإنه لا يشترط.
والدليل على ذلك أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لما فتح مكة قام في ذلك اليوم، وخطب الناس، وبَيَّن حرمة مكة، وقال: ((إنه لا يختلى خَلاها، ولا يعضد شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد)) ، ثم ذكر كلاماً فقال العباس: إلا الإذخر يا رسول الله؟ فقال: ((إلا الإذخر)) [(3)]، مع أن الكلام غير متصل، وكذلك سليمان بن داود ـ عليهما الصلاة والسلام ـ قال: والله لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل واحد منهن غلاماً، يقاتل في سبيل الله، فقال له المَلَك: قل: إن شاء الله، فلم يقل، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((لو قال: إن شاء الله لم يحنث ولكان دركاً لحاجته)) [(4)]، وفي لفظ: «لو قال: إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعين» [(5)]، مع أنه منفصل.
فالصواب: أنه ما دام الكلام واحداً فإنه يصح الاستثناء، وهذا دائماً يحدث، يقول الإنسان: كلكن طوالق، ثم يندم، ويقول: إلا فلانة بعد أن سكت.
وكذلك لو قال: أنت طالق ثلاثاً، ثم سكت، ثم ندم وقال: إلا واحدة، فالصواب: أنه يصح؛ لأن الأدلة واضحة، وأما مقدار الفصل في السكوت فهو ما جرى به العرف.
قوله: «فلو انفصل وأمكن الكلام دونه بطل» أي: انفصل الاستثناء، وأمكن الكلام بينه وبين المستثنى منه، فإنه يبطل الاستثناء لوجود الفصل، وكذلك لو تكلم بينهما بكلام أجنبي؛ لأنه إذا كان السكوت الذي يتمكن فيه من الكلام مبطلاً للاستثناء، فالكلام نفسه من باب أولى، فإذا تكلم بكلام خارج عن موضوع الكلام لا يتصل بالمستثنى، فإنه يبطل الاستثناء ولا يصح، ولكن الصحيح ما ذكرته من قبل، وهو أنه ما دام الكلام واحداً وهو في مجلسه، وما زال يتحدث فإنه يعتبر كلاماً متصلاً، ويصح الاستثناء فيه.
قوله: «وشرطه النية قبل كمال ما استثني منه» هذا هو الشرط الرابع من شروط الاستثناء، أن ينوي الاستثناء قبل تمام المستثنى منه لا بعده، وهنا ثلاث حالات: أن ينويه قبل، أو بعد، أو في الأثناء.
فاشتراط أن ينويه قبل أن يتكلم قال به بعض أهل العلم، لكنه ليس المذهب، وهو ضعيف.
ونية الاستثناء في أثناء الكلام تصح وهو المذهب.
ونية الاستثناء بعد تمام الكلام على المذهب لا تصح، بل يشترط أن ينوي الاستثناء قبل أن يتم المستثنى منه، فلو قال: نسائي الأربع طوالق، ثم في الحال قال: إلا فلانة، لكن ما نوى الاستثناء إلا بعد أن تمت الجملة الأولى فهو على المذهب لا يصح.
والصحيح أنه يصح أن ينويه بعد أن يتم الكلام، وقصة سليمان صلّى الله عليه وسلّم[(6)] دليل على ذلك، وقصة العباس دليل على ذلك ـ أيضاً ـ؛ لأن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ استثنى فقال: ((إلا الإذخر)) [(7)] ولم ينوِه قبل ذلك، إذ لو نواه لقاله، لكنه لم ينوه إلا بعد أن ذكّره العباس رضي الله عنه، فاستثناه.
إذاً الصواب أن النية قبل تمام المستثنى منه ليست بشرط، وأنه يجوز أن ينوي ولو بعد أن تم الكلام، سواء تذكر هو بنفسه أو ذكَّره أحد.
إذن شروط الاستثناء أربعة:
الأول : أن يكون المستثنى والمستثنى منه من متكلم واحد.
الثاني : أن يكون المستثنى من النصف فأقل إذا كان من عدد.
الثالث : أن يكون متصلاً بالمستثنى منه.
الرابع : أن ينويه قبل تمام المستثنى منه.
وهذه الشروط التي في الاستثناء ليست خاصة بالطلاق، بل هي شرط في كل الاستثناءات.
ولا يظهر دليل واضح على هذه الشروط، إلا على الشرط الأول فقط، وهو أن يكون من متكلم واحد؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ما اكتفى باستثناء العباس رضي الله عنه، ولو كان الاستثناء يصح من متكلم آخر لسكت الرسول صلّى الله عليه وسلّم وصح، فما يتبين لي من السنة دليل على أن هذه الشروط صحيحة إلا الشرط الأول فقط، فشرط النية وشرط الاتصال قام الدليل على خلافهما، وشرط أن يكون من النصف فأقل تعليله ضعيف.
فالذي يتبين لي أن الشرط الأول فقط هو المعتمد.




[1] كما في الحديث الذي أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء/ باب قضية يأجوج ومأجوج... (3348)، ومسلم في الإيمان/ باب قوله: «يقول الله لابن آدم...» (222) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[2] انظر: تفسير الطبري (2/294).
[4] أخرجه مسلم في الحج/ باب تحريم مكة (1353) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
[5] أخرجه البخاري في كفارات الأيمان/ باب الاستثناء في الأيمان (6720)، ومسلم في النذر/ باب الاستثناء في اليمين وغيرها (1654) (23) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[6] أخرجه البخاري في الجهاد/ باب من طلب الولد للجهاد (2819)، ومسلم في الموضع السابق (1654) (25).
[7] سبق تخريجه ص(109).
[8]سبق تخريجه ص(108).


التوقيع :

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الاستثناء, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:53 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir