دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع (المجموعة الثانية)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 صفر 1442هـ/9-10-2020م, 05:06 PM
آسية أحمد آسية أحمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 420
افتراضي

1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).
التخريج:
أخرجه الفراء والطبري كلاهما من طريق عاصم عن زر.
وقال السيوطي أخرجه عبد بن حميد.

تحرير المراد بضنين في قوله تعالى : ( وما هو على الغيب بضنين) (التكوير:24)
للمفسرين في معنى قوله: (بضنين)، في الآية، قولان بناءً على اختلافهم في القراءة، فمنهم من قرأها بالضاد ( ضنين)، ومنهم من قرأها بالظاء (ظنين) كما يلي :
القول الأول : أنه بمعنى، بخيل وهذا القول على قراءة من قرأها (بضنين) بالضاد، والمراد لا يبخل بتعليمكم ما أنزل الله إليه، - وهي قِراءَةُ، عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ، وابْنِ عَبّاسٍ، والحَسَنِ، وأبِي رَجاءٍ، والأعْرَجِ، وأبِي جَعْفَرٍ، وشَيْبَةَ، نافِعٍ، وعاصِمٍ، وابْنِ عامِرٍ، وحَمْزَةَ، وجَماعَةٍ.
وهذا القول قول زيد بن ثابت، وقتادة، وسفيان، وإبراهيم، ومجاهد، ابن زيد، وعكرمة، والزهري، وورقاء وزر، وأبو عبيدة.

أخرجه ابن وهب في الجامع، والفراء في معاني القرآن، وعبد الرزاق في تفسيره ، وأبو عبيدة في مجاز القرآن، والبخاري في صحيحه، والطبري، والطحاوي في مشكل الآثار، وعبدالرحمن الهمذاني في تفسير مجاهد، وعزاه السيوطي الى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن أبي حاتم،
وقد أخْرَجَ عبدالرزاق، وابن مردويه ،عن ابن الزبير: أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ كان يقرؤها: (وَمَا هُوَ عَلَى الغَيْبِ بظَنِينٍ)، وفي لفظٍ: {بضَنِينٍ} بالضَّادِ، ذكره السيوطي.
- ومبناه على أن الضن في اللغة بمعنى البخل بالشيء النفيس، يقال ضننت بالشيء أضن به، إذا كان نفيساً يضن به. فالنبي صلى الله عليه وسلم ما بخل على الناس بتعليمهم الغيب مع كونه نفيس بل حرص على تعليمهم إياه.
ورجح هذه القراءة الطبري: لأنه هو ما اتفقت عليه خطوط مصاحف المسلمين، مع قرائتهم لهما جميعاً.

القول الثاني:
أي بمتهم، وهذا على قراءة الظاء (ظنين)، فيكون معنى الآية أي ما هو بمتهم في ما يخبر به من الأنباء، وقرأ به ابنُ مسعود، وابن عباس، وزيد بن ثابِت، وابن عمَر، وابن الزُبَيرِ، وعائِشةُ، وعُمر بن عَبدِ العَزِيزِ، وابن جبيرٍ، وعروَة بن الزبيْرِ، ومسلِمٌ وابن جندبٍ، ومجاهِدٌ، وابن كَثِير، وأبو عَمرٍو، والكِسائِيُّ.
وهو قول ابن عباس، وابن جبير، وابن مسعود، وإبراهيم، وورقاء، وزر، والضحاك.

أخرجه ابن وهب في الجامع، والفراء في معاني القرآن، وعبد الرزاق في تفسيره ، وأبو عبيدة في مجاز القرآن، والبخاري في صحيحه، والطبري، والطحاوي في مشكل الآثار، وعبدالرحمن الهمذاني في تفسير مجاهد، وقال السيوطي: أخرجه سعيد بن منصور، عبد بن حميد، ابن المنذر، ابن مردويه.
ورجح هذا القول أبو عبيدة، قال: (لأن قريشاً لم تبَخِّل محمدا فيما يأتي به وإنما كذبته فقيل ما هو بمتهم).
- واحتج من رجح هذه القراءة ب ( على ) في الآية فإن العرب تقول: ما أنت عَلَى فلان بمتهم، فقال: ما هو عَلَى الغيب بظنين.
وهذه القراءة أيضاً متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
فقد أخرج عبدالرزاق في تفسيره عن الزبير أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ كانَ يَقْرَؤُها: (وَمَا هُوَ عَلَى الغَيْبِ بِظَنِينٍ)

والظن في اللغة يأتي بمعنى اليقين، ويأتي كذلك بمعنى الشك ومنه يقال للظنين متهم، كما قال الشاعر:
وَلَا كُلُّ مِنْ يَظَّنُّنِي أَنَا مُعْتِبٌ ... وَلَا كُلُّ مَا يُرْوَى عَلَيَّ أَقُولُ

وذكرالفراء قول آخر في معنى (ظنين) قال:
أي ضعيف من قول العرب للرجل الضعيف أو الشيء القليل ( ظنون) قال: (سمعت بعض قضاعة يَقُولُ: ربما دلّك عَلَى الرأي الظنون، يريد: الضعيف من الرجال)
فيكون معنى الآية على هذا أي ما هو بضعيف لما أنزل له بل محتمل له مطيق، وهو قول الفراء في معاني القرآن، وذكره الطبري.

و كِلَاهُمَا مُتَوَاتِرٌ، وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ، لتواتر القرائتين بهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال سفيان: (تفسير ضنين وظنين سواء، ويقول ما هو بكاذبٍ، وما هو بفاجرٍ؛ والظّنين: المتّهم، والضّنين: البخيل) ذكره ابن وهب، وروي عن ابن عباس في ما عزاه ابن حجر لابن أبي حاتم.
وقال السيوطي رواه وسعيدُ بنُ مَنْصُورٍ، وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ وابنُ مَرْدُويَهْ.
وأما (على) في الآية فهي تصلح للمعنيين ما هو على الغيب ببخيل وما هو على الغيب بمتهم.
***
2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال:
(قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
التخريج:
- أخرجه الطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، جميعهم من طريق داود، عن أبي العالية.
وهو عند الطبري بألفاظ عدة، وكذا عند أبي حاتم بألفاظ مختلفة:
جاء عند الطبري:
- بلفظ (قال: هم اليهود والنصارى والمجوس، أصابوا ذنوبًا في كفرهم، فأرادوا أن يتوبوا منها، ولن يتوبوا من الكفر ألا ترى أنه يقول:"وأولئك هم الضالون"؟)
-وبلفظ : (هم اليهود والنصارى، يصيبون الذنوبَ فيقولون:"نتوب"، وهم مشركون. قال الله عز وجل: لن تُقبل التوبة في الضّلالة)
- وبلفظ ((تابُوا مِن بَعْضٍ ولَمْ يَتُوبُوا مِنَ الأصْلِ.)
وعند ابن أبي حاتم:
(قالَ: هُمُ اليَهُودُ والنَّصارى أذْنَبُوا في شِرْكِهِمْ، ثُمَّ تابُوا فَلَمْ يُقْبَلْ مِنهم ولَوْ تابُوا مِنَ الشِّرْكِ قُبِلَ مِنهم.)
وبلفظ (تابُوا مِن بَعْضٍ ولَمْ يَتُوبُوا مِنَ الأصْلِ).كما عند الطبري.
وبلفظ ( لَوْ كانُوا عَلى الهُدى قُبِلَتْ تَوْبَتُهم ولَكِنَّهم عَلى ضَلالٍ).

- تحرير قوله تعالى: "{إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} (آل عمران:90):
اختلف العلماء في المراد بهذه الأية على أربعة أقوال:
القول الأول :
أنه في اليهود والنصارى، وهو قول الحسن، وقول أبي العالية (وأضاف في قولِ له: المجوس)، وقول عكرمة، أخرجه الطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
وفي سبب كفرهم ثم ازديادهم من الكفر قولان :
الأول: أنهم كانوا مؤمنين بمحمد عليه الصلاة والسلام قبل مبعثه، ثم كفروا به عند المبعث، ثم ازدادوا كفرا بذنوبهم ، وطعنهم فيه في كل وقت، ونقضهم ميثاقه، وفتنتهم للمؤمنين، وإنكارهم لكل معجزة تظهر. وهو قول أبي العالية، والحسن، أخرجه الطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
وقيل ازديادهم من كفرهم هو استمرارهم وإصرارهم،عليه، قاله عكرمة، أخرجه الطبري، ونسبه ابن عطية الى مجاهد، وقال به ابن كثير، وهو قريب من سابقه لأن الإزدياد من الذنوب يقتضي الإصرار على الكفر.
وقيل ازديادهم من الكفر أنهم ماتوا وهم كفار، وهو قول السدي، أخرجه ابن أبي حاتم.
وهذا القول يؤول الى القول السابق. لأن من مات وهو كافر فهو مصر عليه.
وهذه الثلاثة الأقوال في الزيادة من الكفر يدخل فيه اليهود والمرتدون والكفار على قول من قال به على ما سأذكره من الأقوال.
الثاني: على أنهم كفروا بعيسى، أما اليهود فكفرهم به ظاهرأ وأما النصارى فبتأليههم لعيسى بعد إيمانهم به، ثم ازداد كلاهما كفراً بكفره بمحمد. ذكره ابن عاشور.

القول الثاني:
أن المراد بهم اليهود:
وفي سبب كفرهم وازديادهم من كفرهم قولين:
أنهم كانوا مؤمنين بموسى عليه السلام، ثم كفروا بسبب إنكارهم عيسى والإنجيل، ثم ازدادوا كفرا بسبب إنكارهم محمدا عليه الصلاة والسلام والقرآن، وهول قتادة، أخرجه الطبري، وابن المنذر وابن أبي حاتم.
أو بكفرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مبعثه بعد إيمانهم به قبل مبعثه ثم ازداوا كفرا بذنوبهم التي أصابوها في كفرهم، وهو قول الطبري.
- ودليل هذا القول :
أن سياق لآيات فيما قبله وما بعده هو في شأن اليهود، فأولى أن تكون هي في معنى ما قبلها وما بعدها.

القول الثالث:
أنها نزلت في قوم ارتدوا، وهو قول ابن عباس، نقله ابن كثير عن ابو بكر البزار وقال السيوطي، هذا خطأ من البزار، وذكره النحاس ولم ينسبه.
ثم اختلف هؤلاء على قولين:
أن الآية نزلت في الذين ارتدوا وذهبوا إلى مكة، وازديادهم الكفر أنهم قالوا: نقيم بمكة نتربص بمحمد ﷺ ريب المنون، وهؤلاء هم أصحاب الحارث بن سويد، وهو قول ابن عباس، ومقاتل ، والكلبي، ذكره البغوي، ونسبه القرطبي الى قطرب، وذكره ابن الجوزي في زاد المسير.
وقيل المراد هم فرقة ارتدوا، ثم عزموا على الرجوع إلى الإسلام على سبيل النفاق، فسمى الله تعالى ذلك النفاق كفرا، وزيادة الكفر على هذا القول هو استمرارهم وإصرارهم عليه، ذكره الزجاج، وذكره النحاس، ولم ينسباه، واستدل هؤلاء :
بقول الله عز وجل {وأولئك هم الضّالّون} فإنهم لو صدقوا في التوبة لكانوا غير معتدين،
و بقوله عزّ وجلّ بعدها : {إنّ الّذين كفروا وماتوا وهم كفّار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين} لأن مبطن الإيمان ومظهر الكفر كالكافر.

القول الرابع:
نزلت في جميع الكفار أِشركوا بعد إقرارهم بأن الله خالقهم ثم ازدادوا كفرا أي أقاموا على كفرهم حتى هلكوا، ذكره البغوي ونسبه الى مجاهد.
واختلفوا في علة امتناع قبول توبتهم على أقوال:
الأول: السبب أنهم لا يتوبون إلا عند حضور الموت، قاله الحسن، وقتادة، وعطاء، والسدي، أخرجه عبدالرزاق، والطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، ونسبه ابن عطية الى مجاهد.
وأدلة هذا القول:
- أن الله تعالى يقول: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن﴾، وقوله تعالى: ﴿فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا﴾ .وقوله في فرعون: ﴿آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين﴾. فهذه الآيات تدل على أن التوبة عند حضور الموت لا تنفع فيحمل عليها، ويقيد بها.
- قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)
- أنه تعالى أشار إلى ذلك بقوله: ﴿ثم ازدادوا كفرا﴾ فإنه يدل على عدم توبتهم في وقت نفعها
الثاني: أن يحمل هذا على ما إذا تابوا باللسان ولم يحصل في قلوبهم إخلاص فأطلع الله نبيه على سريرتهم، وهو قول ابن عباس، ذكره الماوردي، وابن الجوزي.
الثالث: عدم قبول توبتهم أن إيمانهم أول مرة لن ينفعهم، قاله عكرمة، أخرجه الطبري,
الرابع: أي أنه لو كفر مرة أخرى بعد تلك التوبة فإن التوبة الأولى تصير غير مقبولة وتصير كأنها لم تكن، قاله القاضي، والقفال، وابن الأنباري، ذكره الرازي
وهذا القول قريب من سابقه.
وقد رد الطبري على هذا القول فقال: (وأما قول من زعم أنّ معنى ذلك:"التوبة التي كانت قبل الكفر"، فقولٌ لا معنى له. لأن الله عز وجل لم يصف القوم بإيمان كان منهم بعد كفر، ثم كُفْر بعد إيمان = بل إنما وصفهم بكفر بعد إيمان. فلم يتقدم ذلك الإيمانَ كفرٌ كان للإيمان لهم توبة منه)
الخامس : هو إشارة إلى قوم بأعيانهم ختم الله عليهم بالكفر، وجعل ذلك جزاء لجريمتهم ونكايتهم في الدين، وهم الذين أشار إليهم بقوله: ﴿كيف يهدي الله قوما﴾ فأخبر عنهم أنهم لا تكون لهم توبة فيتصور قبولها، وهو قول ابن عطية.
قال : وهو كقول الشاعر:
على لاحب لا يهتدي بمناره
أي على لاحب لا منار له أصلا حتى يهتدى به
-وأدلة هذا القول:
قوله تعالى: ﴿إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا﴾ فعدم غفرانه لهم لعدم هدايتهم السبيل الذي يغفر لصاحبه، ونظيرها قوله تعالى: ﴿لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا﴾ ﴿إلا طريق جهنم﴾
السادس:
أنهم قوم تابوا من الذنوب في الشرك ولم يتوبوا من الشرك، قالَهُ أبو العالية، اخرجه الطبري واختاره وابن أبي حاتم.
-ويدل على هذا :
قوله تعالى: ﴿وأولئك هم الضالون﴾ لأنه يدل على أن توبتهم مع بقائهم على الضلال.
وقالوا أن الله تعالى أخبر أنه يقبل التوبة عن عباده في آيات أخر فعلم في هذه الآية أن المراد هو التوبة مع الكفر لأن الله لا يقبل من مشرك عملا ما أقام على شركه وضلاله.
السابع:
لن تقبل توبتهم إذا تابوا إلى كفرٍ آخر، وإنما تُقبل توبتهُم إذا تابوا إلى الإِسلام.، ذكره النحاس، والقرطبي.
الثامن:
لن تقبل توبتهم بعد الموت إذا ماتوا على الكفر، وهو قول مجاهد، ذكره ابن الجوزي.
وهو قول ضعيف لأن التوبة من العبد غير كائنة إلا في حال حياته، فأما بعد مماته فلا توبة.

والراجح في الآية:
أن يقال أن الآية عامة في كل من كان هذا وصفه فكفر بعد إيمانه، وتكون زيادة الكفر في حقه إما ذنوب بعد ذنوب أو كفر آخر يزيده كفرِ والكفر يزيد إما بالذنب أو بالكفر.

وأما في علة عدم قبول التوبة منهم :
فلا بد أن تقيد الآية على أحوال معينة تكون سبباً في عدم قبول التوبة، لأن الأصل أن الله تعالى يقبل توبة العبد إن تاب من الذنب أياً كان إن صدق في توبته، إلا في أحوال معينة، فتحمل هذه الآية عليها، فيقال أن سبب عدم قبول التوبة منهم، إما أن توبتهم لم تكن خالصة، فإظهارهم للتوبة كان مع ابطانهم للكفر، فهؤلاء ليس لهم توبة، أو أن تكون توبتهم من ذنوب وهم على الكفر فالله تعالى لا يقبل من كافر عمل أو توبة وهو مقيم على كفره، ويمكن أن تحمل الآية على أن المراد أنهم لم يتوبوا أصلا فلم يوفقوا للتوبة، فهذه الأقوال كلها جائزة ولا تعارض بينها وأما قول من قال أنه من تاب من كفر الى كفر آخر فهو بعيد لأن الذي يتوب لينتقل الى كفر آخر لايزال واقع في الكفر لأن الكفر كله واحد.
***
3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
أخرجه عبدالرزاق، وأبو حذيفة النهدي، والطبري، جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن أبي بكير، عن سعيد بن جبير.

تحرير معنى الصاحب بالجنب في قوله تعالى: " وَٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُوا۟ بِهِۦ شَیۡـࣰٔاۖ وَبِٱلۡوَ ٰ⁠لِدَیۡنِ إِحۡسَـٰنࣰا وَبِذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱلۡجَارِ ذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡجَارِ ٱلۡجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلۡجَنۢبِ" ( النساء: 36):
للمفسرين فيه أقوال:
1- أنها المرأة، يعني الزوجة، وهو قول علي، وعبدالله، وإبراهيم، وعبدالرحمن بن أبي ليلى، وأبو الهيثم، وإحدى الروايات عن سعيد بن جبير، أخرجه عبدالرزاق، وسعيد بن منصور، وأبو حذيفة النهدي في تفسير الثوري، والطبري، وابن المنذر، وابن ابي حاتم، والطبراني في المعجم الكبير،
2- الرفيق، وهو قول ابن عباس، ,والفراء، أخرجه الطبري، وابن المنذر، وابن ابي حاتم.
3 الرفيق في السفر مَنزله منزلك، وطَعامه طَعامك، ومَسِيرُه مَسيركَ، وهو قول مجاهد، وعكرمة، وقتادة، وابن جبير، والسدي، والضحاك، وأبو عبيدة، أخرجه عبدالرزاق، وأبو حذيفة النهدي في تفسير الثوري، والبخاري، والطبري، وابن المنذر، وابن ابي حاتم.
4-هو جَلِيسُكَ في الحَضَرِ ورَفِيقُكَ في السَّفَرِ، وهو قول زيد بن أبي اسلم، أخرجه ابن وهب، وابن المنذر، وابن ابي حاتم.
5-الرفيق الصالح، وهو رواية أخرى عن علي، وعبدالله، وسعيد بن جبير، ذكره الطبري، وابن المنذر، وابن ابي حاتم,
6-الذي معك في منزلك، وهو أحد الأقوال عن ابن عباس، أخرجه الطبري.
7- هو الذي يلزمك ويصحبك رَجاء نفعك، وهو أحد مرويات ابن عباس، وابن زيد، أخرجه الطبري، وابن المنذر.
8- الجار الملاصق، وهو قول غلام ثعلب في ياقوتة الصراط.

- وكل تلك الأقوال يجمعها معنى الصحبة، والرفقة وفي بعضها تخصيص لأحوال معينة، وبعضها أعم من بعض، والآية تشملها جميعاً، ولعل التخصيص جاء على معنى التأكيد والأولوية، أو أنه خرج مخرج الغالب، فغالب من يصحب الرجل أكثر وقته هو المرأة، فيدخل في المعنى الرفيق في السفر والرفيق في الحضر وفي المنزل وفي المأكل والمشرب والجوار، وتتأكد الوصية على الرفيق الصالح، وكل من يصحب الإنسان في الغالب يبتغي منه نفعاً قل أو كثر، فالصواب أن يقال أنها عامة لأن معنى الآية تشملها جميعا
فلفظ الصاحب يدل على القرب والملازمة وكذا الجنب يدل على القرب، فيدخل فيه من كل من ذكر لأن كلهم بجنب الذي هو معه وقريب منه
ولوكانت صحبته ساعة، وقد أوصى الله تعالى بجميعهم، لوجوب حق الصاحب على المصحوب،
ويقوي هذا حديث أخرجه الطبري: أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ مَعَهُ رَجُلٌ مِن أصْحابِهِ وهُما عَلى راحِلَتَيْنِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ غَيْضَةً فَقَطَعَ قَضِيبَيْنِ أحَدُهُما مُعْوَجٌّ، وخَرَجَ فَأعْطى صاحِبَهُ القَوِيمَ، وحَبَسَ هو المُعْوَجَّ، فَقالَ لَهُ الرَجُلُ: كُنْتَ يا رَسُولَ اللهِ أحَقَّ بِهَذا، فَقالَ لَهُ: يا فُلانُ، إنَّ كُلَّ صاحِبٍ يَصْحَبُ آخَرَ فَإنَّهُ مَسْؤُولٌ عن صُحْبَتِهِ ولَوْ ساعَةً مِن نَهارٍ"
وهذا هو ترجيح الطبري.

***
4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى:{ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
التخريج:
أخرجه الطبري في تفسيره من طريق ابن جريج عن عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ عن سعيد بن المسيّب
تحرير قوله تعالى: "ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي" (الأنعام:52):
للمراد بقوله تعالى: " يدعون ربهم بالغداة والعشي" عدة أقوال:
القول الأول: الصلوات المكتوبة، ويكون قوله:" الغداة والعشي" على هذا القول أي صلاة الصبح وصلاة العصر، وهو قول ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، وسعيد ابن المسيب، أوعلى أنهما طرفي النهار تنبيهاً على المحافظة على الصلوات الخمس، وهو قول ابن عباس، وابن عمر، وابراهيم، ومجاهد، والضحاك، وعبد الرحمن بن عمره، وعامر، وقتادة، وعمرو بن شعيب، معاوية بن قرة، أخرجه ابن وهب، ويحيى بن سلام في تفسيره، والطبري، والطحاوي في مشكل الآثار، وعبدالرحمن الهمذاني في تفسير مجاهد، وابن أبي حاتم، وأبو محمد الفاكهي في الفوائد.
وهذا القول على أن معنى الدعاء في اللغة يأتي بمعنى الصلاة.
القول الثاني: ذكرُهم الله تعالى، والمعنى أنهم يذكرون ربهم طرفي النهار، وهو قول آخر عن إبراهيم، ومنصور، أخرجه سعيد بن منصور، والطبري في تفسيره.
القول الثالث: تعلمهم القرآن وقراءته، وهو قول أبي جعفر، أخرجه الطبري، وابن أبي حاتم.
القول الرابع: عبادتهم إياه، وهو قول آخر عن ابن عباس، والضحاك، أخرجه الطبري، وابن أبي حاتم.
ومعنى الغدوة والعشي على هذا القول والقولين قبله هو مواظبتهم على كل ذلك في كل وقت.
-ومبنى هذا القول على أن الدعاء يأتي بمعنى العبادة كما قال تعالى: لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ يعني: تعبدون) ، وقوله : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)
-وكل تلك الأقوال صحيح ويدخل في معنى قوله ( يدعون ربهم) فدعاء الله تعالى يكون بذكره باللسان ويدخل في ذلك قراءة القرآن، ويكون بالجوارح فيدخل فيه الصلاة والعبادة تعم كل ذلك الله تعالى وصفهم بكل ذلك، والأولى حمل اللفظ على العموم، فيكون القول الأخير أعم تلك الأقوال وأولاها.
***
5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء"

التخريج:
أخرجه الطبري من طريق الحجاج عن أبي عثمان، وحماد بن سلمة كلاهما عن فرقد عن إبراهيم النخعي.
وقال السيوطي: أخرجه سعيد بن منصور، وأبو الشيخ.
وأما المراد بقوله "سوء الحساب" فللمفسرين فيه خمسة أقوال:
القول الأول: أن يأخذهم بذنوبهم كلها، فلا يغفر لهم منها شيئا، وهو قول إبراهيم النخعي، وشهر بن حوشب، والحسن، أخرجه سعِيد بن منصور، والطبري في تفسيره.
القول الثاني: أن يأخذ عبده بالحق، روي عن إبراهيم، وفرقد السبخي، أخرجه سعِيد بن منصور، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم.
القول الثالث: المناقشة بالأعمال، وهو قول أبي الجوزاء، أخرجه عبد الرزاق في تفسيره، وابن أبي شيبة، والطبري.
القول الرابع :وقيل المقايسة بالأعمال، روي عن ابن عباس، أخرجه الطبري، وابو داود في الزهد
القول الخامس: هو الذي لا جَوَاز فيه، وهو قول ابن زيد، أخرجه الطبري في تفسيره.

-وكل تلك الأقوال متقاربة و تؤول الى معنى واحد، وهي بمعنى أن الله تعالى يحاسب العبد على كل كبيرة وصغيرة فلا يتجاوز له عن شيء، فيأخذه بالحق والعدل، وهذا هو مناقشة الأعمال لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من نوقش الحساب عذب)، وهو بمعنى المقايسة بالعمل، ويدل على هذا قوله بعدها ( ومأواهم جهنم وبئس المهاد)

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 صفر 1442هـ/15-10-2020م, 09:30 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آسية أحمد مشاهدة المشاركة
1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).
التخريج:
أخرجه الفراء والطبري كلاهما من طريق عاصم عن زر.
وقال السيوطي [في الدر المنثور] أخرجه عبد بن حميد.

تحرير المراد بضنين في قوله تعالى : ( وما هو على الغيب بضنين) (التكوير:24)
للمفسرين في معنى قوله: (بضنين)، في الآية، قولان بناءً على اختلافهم في القراءة، فمنهم من قرأها بالضاد ( ضنين)، ومنهم من قرأها بالظاء (ظنين) كما يلي :
القول الأول : أنه بمعنى، بخيل وهذا القول على قراءة من قرأها (بضنين) بالضاد، والمراد لا يبخل بتعليمكم ما أنزل الله إليه، - وهي قِراءَةُ، عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ، وابْنِ عَبّاسٍ، والحَسَنِ، وأبِي رَجاءٍ، والأعْرَجِ، وأبِي جَعْفَرٍ، وشَيْبَةَ، نافِعٍ، وعاصِمٍ، وابْنِ عامِرٍ، وحَمْزَةَ، وجَماعَةٍ.
وهذا القول قول زيد بن ثابت، وقتادة، وسفيان، وإبراهيم، ومجاهد، ابن زيد، وعكرمة، والزهري، وورقاء وزر، وأبو عبيدة.

أخرجه ابن وهب في الجامع، والفراء في معاني القرآن، وعبد الرزاق في تفسيره ، وأبو عبيدة في مجاز القرآن، والبخاري في صحيحه، والطبري، والطحاوي في مشكل الآثار، وعبدالرحمن الهمذاني في تفسير مجاهد، وعزاه السيوطي الى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن أبي حاتم،
وقد أخْرَجَ عبدالرزاق، وابن مردويه ،عن ابن الزبير: أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ كان يقرؤها: (وَمَا هُوَ عَلَى الغَيْبِ بظَنِينٍ)، وفي لفظٍ: {بضَنِينٍ} بالضَّادِ، ذكره السيوطي.
- ومبناه على أن الضن في اللغة بمعنى البخل بالشيء النفيس، يقال ضننت بالشيء أضن به، إذا كان نفيساً يضن به. فالنبي صلى الله عليه وسلم ما بخل على الناس بتعليمهم الغيب مع كونه نفيس بل حرص على تعليمهم إياه.
ورجح هذه القراءة الطبري: لأنه هو ما اتفقت عليه خطوط مصاحف المسلمين، مع قرائتهم لهما جميعاً.

القول الثاني:
أي بمتهم، وهذا على قراءة الظاء (ظنين)، فيكون معنى الآية أي ما هو بمتهم في ما يخبر به من الأنباء، وقرأ به ابنُ مسعود، وابن عباس، وزيد بن ثابِت، وابن عمَر، وابن الزُبَيرِ، وعائِشةُ، وعُمر بن عَبدِ العَزِيزِ، وابن جبيرٍ، وعروَة بن الزبيْرِ، ومسلِمٌ وابن جندبٍ، ومجاهِدٌ، وابن كَثِير، وأبو عَمرٍو، والكِسائِيُّ.
وهو قول ابن عباس، وابن جبير، وابن مسعود، وإبراهيم، وورقاء، وزر، والضحاك.

أخرجه ابن وهب في الجامع، والفراء في معاني القرآن، وعبد الرزاق في تفسيره ، و [قول] أبو عبيدة في مجاز القرآن، والبخاري في صحيحه، والطبري، والطحاوي في مشكل الآثار، وعبدالرحمن الهمذاني في تفسير مجاهد، وقال السيوطي: أخرجه سعيد بن منصور، عبد بن حميد، ابن المنذر، ابن مردويه. [هذا التخريج عن من ؟]
[وانتبهي أن رواية البخاري لهذا الأثر من دون إسناد، فهي ليست على شرط صحيحه فلا يصح قول: (رواه البخاري في صحيحه) بهذا الإطلاق، ويمكنك الاستفادة من شروح البخاري في معرفة القائل به، أو معرفة الاسانيد في حال الرواية معلقًا]
ورجح هذا القول أبو عبيدة، قال: (لأن قريشاً لم تبَخِّل محمدا فيما يأتي به وإنما كذبته فقيل ما هو بمتهم).
- واحتج من رجح هذه القراءة ب ( على ) في الآية فإن العرب تقول: ما أنت عَلَى فلان بمتهم، فقال: ما هو عَلَى الغيب بظنين.
وهذه القراءة أيضاً متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
فقد أخرج عبدالرزاق في تفسيره عن الزبير أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ كانَ يَقْرَؤُها: (وَمَا هُوَ عَلَى الغَيْبِ بِظَنِينٍ)

والظن في اللغة يأتي بمعنى اليقين، ويأتي كذلك بمعنى الشك ومنه يقال للظنين متهم، كما قال الشاعر:
وَلَا كُلُّ مِنْ يَظَّنُّنِي أَنَا مُعْتِبٌ ... وَلَا كُلُّ مَا يُرْوَى عَلَيَّ أَقُولُ

وذكرالفراء قول آخر في معنى (ظنين) قال:
أي ضعيف من قول العرب للرجل الضعيف أو الشيء القليل ( ظنون) قال: (سمعت بعض قضاعة يَقُولُ: ربما دلّك عَلَى الرأي الظنون، يريد: الضعيف من الرجال)
فيكون معنى الآية على هذا أي ما هو بضعيف لما أنزل له بل محتمل له مطيق، وهو قول الفراء في معاني القرآن، وذكره الطبري.

و كِلَاهُمَا مُتَوَاتِرٌ، وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ، لتواتر القرائتين بهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال سفيان: (تفسير ضنين وظنين سواء، ويقول ما هو بكاذبٍ، وما هو بفاجرٍ؛ والظّنين: المتّهم، والضّنين: البخيل) ذكره ابن وهب، وروي عن ابن عباس في ما عزاه ابن حجر لابن أبي حاتم. [ورواه ابن أبي حاتم كما في فتح الباري]
وقال السيوطي رواه وسعيدُ بنُ مَنْصُورٍ، وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ وابنُ مَرْدُويَهْ.
وأما (على) في الآية فهي تصلح للمعنيين ما هو على الغيب ببخيل وما هو على الغيب بمتهم. [وضعيف؟]
[راجعي التعليق على الأخ محمد العبد اللطيف]

***
2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال:
(قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
التخريج:
- أخرجه الطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، جميعهم من طريق داود، عن أبي العالية. [وبهذا اللفظ عند ابن جرير من طريق ابن أبي عدي عن داوود عن أبي العالية.
وراجعي التعليق على الأخ محمد أعلاه]

وهو عند الطبري بألفاظ عدة، وكذا عند أبي حاتم بألفاظ مختلفة:
جاء عند الطبري:
- بلفظ (قال: هم اليهود والنصارى والمجوس، أصابوا ذنوبًا في كفرهم، فأرادوا أن يتوبوا منها، ولن يتوبوا من الكفر ألا ترى أنه يقول:"وأولئك هم الضالون"؟)
-وبلفظ : (هم اليهود والنصارى، يصيبون الذنوبَ فيقولون:"نتوب"، وهم مشركون. قال الله عز وجل: لن تُقبل التوبة في الضّلالة)
- وبلفظ ((تابُوا مِن بَعْضٍ ولَمْ يَتُوبُوا مِنَ الأصْلِ.)
وعند ابن أبي حاتم:
(قالَ: هُمُ اليَهُودُ والنَّصارى أذْنَبُوا في شِرْكِهِمْ، ثُمَّ تابُوا فَلَمْ يُقْبَلْ مِنهم ولَوْ تابُوا مِنَ الشِّرْكِ قُبِلَ مِنهم.)
وبلفظ (تابُوا مِن بَعْضٍ ولَمْ يَتُوبُوا مِنَ الأصْلِ).كما عند الطبري.
وبلفظ ( لَوْ كانُوا عَلى الهُدى قُبِلَتْ تَوْبَتُهم ولَكِنَّهم عَلى ضَلالٍ).

- تحرير قوله تعالى: "{إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} (آل عمران:90):
اختلف العلماء في المراد بهذه الأية على أربعة أقوال:
القول الأول :
أنه في اليهود والنصارى، وهو قول الحسن، وقول أبي العالية (وأضاف في قولِ له: المجوس)، وقول عكرمة، أخرجه الطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
وفي سبب كفرهم ثم ازديادهم من الكفر قولان :
الأول: أنهم كانوا مؤمنين بمحمد عليه الصلاة والسلام قبل مبعثه، ثم كفروا به عند المبعث، ثم ازدادوا كفرا بذنوبهم ، وطعنهم فيه في كل وقت، ونقضهم ميثاقه، وفتنتهم للمؤمنين، وإنكارهم لكل معجزة تظهر. وهو قول أبي العالية، والحسن، أخرجه الطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
وقيل ازديادهم من كفرهم هو استمرارهم وإصرارهم،عليه، قاله عكرمة، أخرجه الطبري، ونسبه ابن عطية الى مجاهد، وقال به ابن كثير، وهو قريب من سابقه لأن الإزدياد [الازدياد] من الذنوب يقتضي الإصرار على الكفر.
وقيل ازديادهم من الكفر أنهم ماتوا وهم كفار، وهو قول السدي، أخرجه ابن أبي حاتم.
وهذا القول يؤول الى القول السابق. لأن من مات وهو كافر فهو مصر عليه.
وهذه الثلاثة الأقوال في الزيادة من الكفر يدخل فيه اليهود والمرتدون والكفار على قول من قال به على ما سأذكره من الأقوال.
الثاني: على أنهم كفروا بعيسى، أما اليهود فكفرهم به ظاهرأ وأما النصارى فبتأليههم لعيسى بعد إيمانهم به، ثم ازداد كلاهما كفراً بكفره بمحمد. ذكره ابن عاشور.

القول الثاني:
أن المراد بهم اليهود:
وفي سبب كفرهم وازديادهم من كفرهم قولين:
أنهم كانوا مؤمنين بموسى عليه السلام، ثم كفروا بسبب إنكارهم عيسى والإنجيل، ثم ازدادوا كفرا بسبب إنكارهم محمدا عليه الصلاة والسلام والقرآن، وهول قتادة، أخرجه الطبري، وابن المنذر وابن أبي حاتم.
أو بكفرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مبعثه بعد إيمانهم به قبل مبعثه ثم ازداوا كفرا بذنوبهم التي أصابوها في كفرهم، وهو قول الطبري.
- ودليل هذا القول :
أن سياق لآيات فيما قبله وما بعده هو في شأن اليهود، فأولى أن تكون هي في معنى ما قبلها وما بعدها.

القول الثالث:
أنها نزلت في قوم ارتدوا، وهو قول ابن عباس، نقله ابن كثير عن ابو [أبي] بكر البزار وقال السيوطي، هذا خطأ من البزار، وذكره النحاس ولم ينسبه.
ثم اختلف هؤلاء على قولين:
أن الآية نزلت في الذين ارتدوا وذهبوا إلى مكة، وازديادهم الكفر أنهم قالوا: نقيم بمكة نتربص بمحمد ﷺ ريب المنون، وهؤلاء هم أصحاب الحارث بن سويد، وهو قول ابن عباس، ومقاتل ، والكلبي، ذكره البغوي، ونسبه القرطبي الى قطرب، وذكره ابن الجوزي في زاد المسير.
وقيل المراد هم فرقة ارتدوا، ثم عزموا على الرجوع إلى الإسلام على سبيل النفاق، فسمى الله تعالى ذلك النفاق كفرا، وزيادة الكفر على هذا القول هو استمرارهم وإصرارهم عليه، ذكره الزجاج، وذكره النحاس، ولم ينسباه، واستدل هؤلاء :
بقول الله عز وجل {وأولئك هم الضّالّون} فإنهم لو صدقوا في التوبة لكانوا غير معتدين،
و بقوله عزّ وجلّ بعدها : {إنّ الّذين كفروا وماتوا وهم كفّار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين} لأن مبطن الإيمان ومظهر الكفر كالكافر.

القول الرابع:
نزلت في جميع الكفار أِشركوا بعد إقرارهم بأن الله خالقهم ثم ازدادوا كفرا أي أقاموا على كفرهم حتى هلكوا، ذكره البغوي ونسبه الى مجاهد.
واختلفوا في علة امتناع قبول توبتهم على أقوال:
الأول: السبب أنهم لا يتوبون إلا عند حضور الموت، قاله الحسن، وقتادة، وعطاء، والسدي، أخرجه عبدالرزاق، والطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، ونسبه ابن عطية الى مجاهد.
وأدلة هذا القول:
- أن الله تعالى يقول: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن﴾، وقوله تعالى: ﴿فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا﴾ .وقوله في فرعون: ﴿آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين﴾. فهذه الآيات تدل على أن التوبة عند حضور الموت لا تنفع فيحمل عليها، ويقيد بها.
- قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)
- أنه تعالى أشار إلى ذلك بقوله: ﴿ثم ازدادوا كفرا﴾ فإنه يدل على عدم توبتهم في وقت نفعها
الثاني: أن يحمل هذا على ما إذا تابوا باللسان ولم يحصل في قلوبهم إخلاص فأطلع الله نبيه على سريرتهم، وهو قول ابن عباس، ذكره الماوردي، وابن الجوزي.
الثالث: عدم قبول توبتهم أن إيمانهم أول مرة لن ينفعهم، قاله عكرمة، أخرجه الطبري,
الرابع: أي أنه لو كفر مرة أخرى بعد تلك التوبة فإن التوبة الأولى تصير غير مقبولة وتصير كأنها لم تكن، قاله القاضي، والقفال، وابن الأنباري، ذكره الرازي
وهذا القول قريب من سابقه.
وقد رد الطبري على هذا القول فقال: (وأما قول من زعم أنّ معنى ذلك:"التوبة التي كانت قبل الكفر"، فقولٌ لا معنى له. لأن الله عز وجل لم يصف القوم بإيمان كان منهم بعد كفر، ثم كُفْر بعد إيمان = بل إنما وصفهم بكفر بعد إيمان. فلم يتقدم ذلك الإيمانَ كفرٌ كان للإيمان لهم توبة منه)
الخامس : هو إشارة إلى قوم بأعيانهم ختم الله عليهم بالكفر، وجعل ذلك جزاء لجريمتهم ونكايتهم في الدين، وهم الذين أشار إليهم بقوله: ﴿كيف يهدي الله قوما﴾ فأخبر عنهم أنهم لا تكون لهم توبة فيتصور قبولها، وهو قول ابن عطية.
قال : وهو كقول الشاعر:
على لاحب لا يهتدي بمناره
أي على لاحب لا منار له أصلا حتى يهتدى به
-وأدلة هذا القول:
قوله تعالى: ﴿إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا﴾ فعدم غفرانه لهم لعدم هدايتهم السبيل الذي يغفر لصاحبه، ونظيرها قوله تعالى: ﴿لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا﴾ ﴿إلا طريق جهنم﴾
السادس:
أنهم قوم تابوا من الذنوب في الشرك ولم يتوبوا من الشرك، قالَهُ أبو العالية، اخرجه الطبري واختاره وابن أبي حاتم.
-ويدل على هذا :
قوله تعالى: ﴿وأولئك هم الضالون﴾ لأنه يدل على أن توبتهم مع بقائهم على الضلال.
وقالوا أن الله تعالى أخبر أنه يقبل التوبة عن عباده في آيات أخر فعلم في هذه الآية أن المراد هو التوبة مع الكفر لأن الله لا يقبل من مشرك عملا ما أقام على شركه وضلاله.
السابع:
لن تقبل توبتهم إذا تابوا إلى كفرٍ آخر، وإنما تُقبل توبتهُم إذا تابوا إلى الإِسلام.، ذكره النحاس، والقرطبي.
الثامن:
لن تقبل توبتهم بعد الموت إذا ماتوا على الكفر، وهو قول مجاهد، ذكره ابن الجوزي.
وهو قول ضعيف لأن التوبة من العبد غير كائنة إلا في حال حياته، فأما بعد مماته فلا توبة.

والراجح في الآية:
أن يقال أن الآية عامة في كل من كان هذا وصفه فكفر بعد إيمانه، وتكون زيادة الكفر في حقه إما ذنوب بعد ذنوب أو كفر آخر يزيده كفرِ والكفر يزيد إما بالذنب أو بالكفر.

وأما في علة عدم قبول التوبة منهم :
فلا بد أن تقيد الآية على أحوال معينة تكون سبباً في عدم قبول التوبة، لأن الأصل أن الله تعالى يقبل توبة العبد إن تاب من الذنب أياً كان إن صدق في توبته، إلا في أحوال معينة، فتحمل هذه الآية عليها، فيقال أن سبب عدم قبول التوبة منهم، إما أن توبتهم لم تكن خالصة، فإظهارهم للتوبة كان مع ابطانهم للكفر، فهؤلاء ليس لهم توبة، أو أن تكون توبتهم من ذنوب وهم على الكفر فالله تعالى لا يقبل من كافر عمل أو توبة وهو مقيم على كفره، ويمكن أن تحمل الآية على أن المراد أنهم لم يتوبوا أصلا فلم يوفقوا للتوبة، فهذه الأقوال كلها جائزة ولا تعارض بينها وأما قول من قال أنه من تاب من كفر الى كفر آخر فهو بعيد لأن الذي يتوب لينتقل الى كفر آخر لايزال واقع في الكفر لأن الكفر كله واحد.
***
3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
أخرجه عبدالرزاق، وأبو حذيفة النهدي [يروي تفسير سفيان الثوري وكتب أخرى، فينسب كل إلى الأصل، فنقول: رواه سفين الثوري في تفسيره] ، والطبري، جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن أبي بكير، عن سعيد بن جبير.

تحرير معنى الصاحب بالجنب في قوله تعالى: " وَٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُوا۟ بِهِۦ شَیۡـࣰٔاۖ وَبِٱلۡوَ ٰ⁠لِدَیۡنِ إِحۡسَـٰنࣰا وَبِذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱلۡجَارِ ذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡجَارِ ٱلۡجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلۡجَنۢبِ" ( النساء: 36):
للمفسرين فيه أقوال:
1- أنها المرأة، يعني الزوجة، وهو قول علي، وعبدالله، وإبراهيم، وعبدالرحمن بن أبي ليلى، وأبو الهيثم، وإحدى الروايات عن سعيد بن جبير، أخرجه عبدالرزاق، وسعيد بن منصور، وأبو حذيفة النهدي في تفسير الثوري، والطبري، وابن المنذر، وابن ابي حاتم، والطبراني في المعجم الكبير،
2- الرفيق، وهو قول ابن عباس، ,والفراء، أخرجه الطبري، وابن المنذر، وابن ابي حاتم.
3 الرفيق في السفر مَنزله منزلك، وطَعامه طَعامك، ومَسِيرُه مَسيركَ، وهو قول مجاهد، وعكرمة، وقتادة، وابن جبير، والسدي، والضحاك، وأبو عبيدة، أخرجه عبدالرزاق، وأبو حذيفة النهدي في تفسير الثوري، والبخاري، والطبري، وابن المنذر، وابن ابي حاتم.
4-هو جَلِيسُكَ في الحَضَرِ ورَفِيقُكَ في السَّفَرِ، وهو قول زيد بن أبي اسلم، أخرجه ابن وهب، وابن المنذر، وابن ابي حاتم.
5-الرفيق الصالح، وهو رواية أخرى عن علي، وعبدالله، وسعيد بن جبير، ذكره الطبري، وابن المنذر، وابن ابي حاتم,
6-الذي معك في منزلك، وهو أحد الأقوال عن ابن عباس، أخرجه الطبري.
7- هو الذي يلزمك ويصحبك رَجاء نفعك، وهو أحد مرويات ابن عباس، وابن زيد، أخرجه الطبري، وابن المنذر.
8- الجار الملاصق، وهو قول غلام ثعلب في ياقوتة الصراط.
[يمكن تصنيف الأقوال، مثلا ما يدخل تحت قول الصاحب نجمعه ثم نذكر تقييد كل منهم، بالسفر أو اللزوم ...، والقول الثاني: المرأة، والثالث: الجار الملاصق وجاء في مقابلة القول بأن (الجار الجُنُب) هو البعيد]
- وكل تلك الأقوال يجمعها معنى الصحبة، والرفقة وفي بعضها تخصيص لأحوال معينة، وبعضها أعم من بعض، والآية تشملها جميعاً، ولعل التخصيص جاء على معنى التأكيد والأولوية، أو أنه خرج مخرج الغالب، فغالب من يصحب الرجل أكثر وقته هو المرأة، فيدخل في المعنى الرفيق في السفر والرفيق في الحضر وفي المنزل وفي المأكل والمشرب والجوار، وتتأكد الوصية على الرفيق الصالح، وكل من يصحب الإنسان في الغالب يبتغي منه نفعاً قل أو كثر، فالصواب أن يقال أنها عامة لأن معنى الآية تشملها جميعا
فلفظ الصاحب يدل على القرب والملازمة وكذا الجنب يدل على القرب، فيدخل فيه من كل من ذكر لأن كلهم بجنب الذي هو معه وقريب منه
ولوكانت صحبته ساعة، وقد أوصى الله تعالى بجميعهم، لوجوب حق الصاحب على المصحوب،
ويقوي هذا حديث أخرجه الطبري: أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ مَعَهُ رَجُلٌ مِن أصْحابِهِ وهُما عَلى راحِلَتَيْنِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ غَيْضَةً فَقَطَعَ قَضِيبَيْنِ أحَدُهُما مُعْوَجٌّ، وخَرَجَ فَأعْطى صاحِبَهُ القَوِيمَ، وحَبَسَ هو المُعْوَجَّ، فَقالَ لَهُ الرَجُلُ: كُنْتَ يا رَسُولَ اللهِ أحَقَّ بِهَذا، فَقالَ لَهُ: يا فُلانُ، إنَّ كُلَّ صاحِبٍ يَصْحَبُ آخَرَ فَإنَّهُ مَسْؤُولٌ عن صُحْبَتِهِ ولَوْ ساعَةً مِن نَهارٍ"
وهذا هو ترجيح الطبري.

***
4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى:{ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
التخريج:
أخرجه الطبري في تفسيره من طريق ابن جريج عن عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ عن سعيد بن المسيّب
تحرير قوله تعالى: "ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي" (الأنعام:52):
للمراد بقوله تعالى: " يدعون ربهم بالغداة والعشي" عدة أقوال:
القول الأول: الصلوات المكتوبة، ويكون قوله:" الغداة والعشي" على هذا القول أي صلاة الصبح وصلاة العصر، وهو قول ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، وسعيد ابن المسيب، أوعلى أنهما طرفي النهار تنبيهاً على المحافظة على الصلوات الخمس، وهو قول ابن عباس، وابن عمر، وابراهيم، ومجاهد، والضحاك، وعبد الرحمن بن عمره، وعامر، وقتادة، وعمرو بن شعيب، معاوية بن قرة، أخرجه ابن وهب، ويحيى بن سلام في تفسيره، والطبري، والطحاوي في مشكل الآثار، وعبدالرحمن الهمذاني في تفسير مجاهد، وابن أبي حاتم، وأبو محمد الفاكهي في الفوائد.
وهذا القول على أن معنى الدعاء في اللغة يأتي بمعنى الصلاة.
القول الثاني: ذكرُهم الله تعالى، والمعنى أنهم يذكرون ربهم طرفي النهار، وهو قول آخر عن إبراهيم، ومنصور، أخرجه سعيد بن منصور، والطبري في تفسيره.
القول الثالث: تعلمهم القرآن وقراءته، وهو قول أبي جعفر، أخرجه الطبري، وابن أبي حاتم.
القول الرابع: عبادتهم إياه، وهو قول آخر عن ابن عباس، والضحاك، أخرجه الطبري، وابن أبي حاتم.
ومعنى الغدوة والعشي على هذا القول والقولين قبله هو مواظبتهم على كل ذلك في كل وقت.
-ومبنى هذا القول على أن الدعاء يأتي بمعنى العبادة كما قال تعالى: لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ يعني: تعبدون) ، وقوله : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)
-وكل تلك الأقوال صحيح ويدخل في معنى قوله ( يدعون ربهم) فدعاء الله تعالى يكون بذكره باللسان ويدخل في ذلك قراءة القرآن، ويكون بالجوارح فيدخل فيه الصلاة والعبادة تعم كل ذلك الله تعالى وصفهم بكل ذلك، والأولى حمل اللفظ على العموم، فيكون القول الأخير أعم تلك الأقوال وأولاها.
***
5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء"

التخريج:
أخرجه الطبري من طريق الحجاج عن أبي عثمان، وحماد بن سلمة كلاهما عن فرقد عن إبراهيم النخعي.
وقال السيوطي: أخرجه سعيد بن منصور، وأبو الشيخ.
وأما المراد بقوله "سوء الحساب" فللمفسرين فيه خمسة أقوال:
القول الأول: أن يأخذهم بذنوبهم كلها، فلا يغفر لهم منها شيئا، وهو قول إبراهيم النخعي، وشهر بن حوشب، والحسن، أخرجه سعِيد بن منصور، والطبري في تفسيره.
القول الثاني: أن يأخذ عبده بالحق، روي عن إبراهيم، وفرقد السبخي، أخرجه سعِيد بن منصور، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم.
القول الثالث: المناقشة بالأعمال، وهو قول أبي الجوزاء، أخرجه عبد الرزاق في تفسيره، وابن أبي شيبة، والطبري.
القول الرابع :وقيل المقايسة بالأعمال، روي عن ابن عباس، أخرجه الطبري، وابو داود في الزهد [رواه موقوفًا على ابن عباس ومقطوعًا على أبي الجوزاء، ورواية الطبري بلفظ المناقشة بالأعمال]
القول الخامس: هو الذي لا جَوَاز فيه، وهو قول ابن زيد، أخرجه الطبري في تفسيره.

-وكل تلك الأقوال متقاربة و تؤول الى معنى واحد، وهي بمعنى أن الله تعالى يحاسب العبد على كل كبيرة وصغيرة فلا يتجاوز له عن شيء، فيأخذه بالحق والعدل، وهذا هو مناقشة الأعمال لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من نوقش الحساب عذب)، وهو بمعنى المقايسة بالعمل، ويدل على هذا قوله بعدها ( ومأواهم جهنم وبئس المهاد)
[راجعي التعليق على الأخ محمد أعلاه]
أحسنتِ، وأجدتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
ملحوظة عامة:
-أثني على حرصكِ على دراسة الأقوال وتوجيهها
- إذا أردتِ التخريج، فصّلي فكل قول، بيني من خرجه، لا أن نفصل القائلين، عمن أخرج أقوالهم فيُتوهم أن جميع القائلين وردت أقوالهم في جميع الكتب المسندة المذكورة، وأغلب الأخطاء في نسبة الأقوال تأتي من هذا الجمع.
- وعمومًا المطلوب هنا تخريج القول المذكور في رأس السؤال فقط، لكن بطريقة الصياغة التي شُرحت في دورة المهارات، وأما بقية الأقوال فيمكن الاكتفاء بعزوها لقائليها.
التقويم: أ
بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:48 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir