القرآن ( تَ دَ بُ رٌ - و - تَ فَ كُ ر )
تحسباً للفهم الخاطئ و القاصر لهذه العبارة تعمدت نثر حروفها فربما اضطر الناظر إليها للتروي و اعادة النظر في معناها و مقصدها الذي أراده عز و جلبقوله : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) محمد 24 فالكثير منا يتصور أن التدبر هو في القراءة الهادئة والنظر في معاني الكلمات بما يصل لأذهانهم من فهم لغوي , متجاهلين أو غافلين عن كون القرآن نزل قبل أكثر من أربعة عشر قرن بلسان عربي فصيحٍ بليغٍ تفاخروا بجودة عباراتهم فيه و بديع تصويرهم .
كما أنه نزل شاملاً للغات العرب قريش و هذيل وتميم وأسد وغطفان و التي كان يغيب عن بعض صحب رسول الله صلى الله عليه و سلم معانيها فكيف بنا في زمنٍ سادت فيه اللهجات العامية على العربية الأصيلة و دخلها الكثير من الألفاظ الأعجمية ناهيك عمن يزج بكلمات أجنبية عند حديثه .
نعم ينبغي التمهل و النظر لكن ليس هو الغاية بل الوسيلة.
قال الطبري يرحمه الله مفسراً للآية السابقة : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرون مَوَاعِظ اللَّه الَّتِي يَعِظهُمْ بِهَا ) .
فكان التدبر مطلباً مهماً تعظيماً له عز و جل و خشية و قد حذرنا تعالى بقوله : ( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) الأعراف 9
و أما التفكر فعالم واسع مترامي أطراف النفع قال تعالى : ( فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) الأعراف 176 لنلتمس العبرة في قصص من قبلنا حتى لا نؤل لمآلهم , فأحوال البشر التاريخ فيها يعيد نفسه فهل لنا بصيرة تتأمل و تدرس و تقارن ؟
فما أشبه الليلة بالبارحة.
و قال : ( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) . الحشر 21 بعد نموذج تصويري محاكي و معبر نستخلص منه الحقائق و النتائج و العواقب .
و كأنه جل في علاه بهذه العبارات يقول لنا : إن هذا الكتاب به أوامري و نواهي فاحذروني و قصص و أمثال فاعتبروا .
ختاماً و نحن بين يدي شهر القرآن هل سنتدبر القرآن ؟
أم صنعنا أقفال قلوبنا بترقب و متابعة المسلسلات ؟
إضاءة ...
اللهم استعملنا في طاعتك و لا تشغلنا بمعصيتك.
بقلم : ميساء باشا