دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب المناسك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 10:13 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الثامن: الوطء

وإن جامَعَ الْمُحْرِمُ قبلَ التحَلُّلِ الأَوَّلِ فَسَدَ نُسُكُهما ويَمْضِيانِ فيه ويَقْضِيَانِه ثانيَ عامٍ.


  #2  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 12:46 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.......................

  #3  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 01:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

الثامنُ: الوَطْءُ، وإليه الإشارةُ بقولِه: (وإن جَامَعَ المُحْرِمُ) بأن غَيَّبَ الحَشَفَةَ في قُبُلٍ أو دُبُرٍ مِن آدَمِيٍّ أو غيرِه حَرُمَ لقولِه تَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ} قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: هو الجِمَاعُ. وإن كَانَ الوَطْءُ (قبلَ التَّحَلُّلِ الأوَّلِ فَسَدَ نُسُكُهُما) ولو بعدَ الوُقُوفِ بعَرَفَةَ، ولا فَرْقَ بينَ العامدِ والسَّاهِي لقضاءِ بعضِ الصحابةِ رَضِيَ اللَّهُ عنهم بفسادِ الحَجِّ ولم يَسْتَفْصِلْ. (ويَمْضِيَانِ فيه)؛ أي: يَجِبُ على الوَاطِئِ والمَوْطُوءَةِ المُضِيُّ في النُّسُكِ الفاسدِ ولا يَخْرُجَانِ منه بالوَطْءِ. رُوِيَ عَن عُمَرَ وعَلِيٍّ وأَبِي هُرَيْرَةَ وابنِ عَبَّاسٍ فحُكْمُه كالإحرامِ الصحيحِ لقولِه تعَالَى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلَّهِ}.
(ويَقْضِيَانِه) وجوباً (ثَانِيَ عامٍ) رُوِيَ عَن ابنِ عبَّاسٍ وابنِ عُمَرَ. وغيرُ المُكَلَّفِ يَقْضِي بعدَ تكليفِه، وحِجَّةُ الإسلامِ فَوراً مِن حيثُ أَحْرَمَ أوَلاًّ إن كانَ قبلَ ميقات،ٍ وإلا فمِنْه. وسُنَّ تَفَرُّقُهما في قضاءٍ مِن موضعِ وَطْءٍ إلى أن يُحِلاَّ. والوَطْءُ بعدَ التحَلُّلِ الأوَّلِ لا يُفْسِدُ النُّسُكَ وعليه شاةٌ. ولا فِدْيَةَ على مُكْرَهَةٍ، ونَفَقَةُ حِجَّةِ قَضَائِهَا عليه؛ لأنَّه المُفْسِدُ لنُسُكِها.


  #4  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 01:54 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

الثامن: الوطء([1]) وإليه الإشارة بقوله (وإن جامع) المحرم، بأن غيب الحشفة في قبل أو دبر، من آدمي أو غيره حرم([2]).
لقوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ} قال ابن عباس: هو الجماع([3]) وإن كان الوطء (قبل التحلل الأول فسد نسكهما) ([4]) ولو بعد الوقوف بعرفة([5]) ولا فرق بين العامد والساهي([6]) لقضاء بعض الصحابة رضي الله عنهم بفساد الحج، ولم يستفصل([7]).
(ويمضيان فيه) أي يجب على الواطئ والموطوءة المضي في النسك الفاسد([8]) ولا يخرجان منه بالوطء([9]) روي عن عمر وعلي، وأبي هريرة وابن عباس([10])فحكمه كالإحرام الصحيح([11]).
لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ} ([12]) (ويقضيانه) وجوبا (ثاني عام) ([13]) روي عن ابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو([14]).
وغير المكلف يقضي بعد تكليفه، وحجة الإسلام، فورا([15]) من حيث أحرم أولا إن كان قبل ميقات، وإلا فمنه([16]) وسن تفرقهما في قضاء، من موضع وطء، إلا أن يحلا([17]).
والوطء بعد التحلل الأول لا يفسد النسك([18]) وعليه شاة([19]) ولا فدية على مكرهة([20]) ونفقة حجه قضائها عليه، لأنه المفسد لنسكها([21])



([1]) أي الثامن من محظورات الإحرام الوطء في قبل يفسد به النسك في الجملة إجماعا، والمراد الموجب للغسل، فإن كان بحائل لم يفسد.
([2]) أي وإن جامع المحرم، بأن غيب حشفته الأصلية، وإنما ترك التقييد بذلك لتعريفها باللام المفيد لذلك، في قبل، أصلي، وتقييده بذلك أولى، أو دبر من آدمي حي أو ميت، أو غير الآدمي لوجوب الحد والغسل، قال الشيخ: ويحرم على المحرم الوطء ومقدماته، ولا يطأ شيئا، سواء كان امرأة أو غير امرأة، ولا يتمتع بقبلة، ولا مس بيد، ولا نظر بشهوة اهـ، والحكمة أن يبعد عن ملاذ الدنيا وشهواتها، ويجمع همه لمقاصد الآخرة.
([3]) أي الرفث المذكور في الآية هو الجماع لقوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} يعني الجماع وقال الشيخ: الرفث اسم للجماع قولا وعملا.
([4]) وحكى ابن المنذر والوزير وغيرهما إجماع العلماء، وأنه لا يفسد النسك إلا به، أنزل أو لم ينزل، وقال الشيخ: ليس في المحظورات ما يفسد الحج إلا جنس الرفث، فلهذا ميز بينه وبين الفسوق، وقال: فإن جامع فسد حجه، وأما سائر المحظورات كاللباس والطيب، فإنه وإن كان يأثم بها فلا تفسد الحج، عند أحد من الأئمة المشهورين اهـ والتحلل الأول يحصل بفعل اثنين من ثلاثة، ورمي وطواف وحلق ويأتي.
([5]) وهذا مذهب مالك والشافعي، لأنه صادف إحراما تاما، كقبل الوقوف، ولو إشارة إلى خلاف أبي حنيفة، وحديث «من وقف بعرفة تم حجه»، أي قارب، وأمن فواته، وذكر أبو بكر في السنة: أن من وطئ في الحج قبل الطواف فسد حجه، وحمله بعضهم على ما قبل التحلل.
([6]) هذا المذهب المشهور، وقول جمهور العلماء.
([7]) وهو ابن عمر رضي الله عنهما، وعليه بدنة، لقول ابن عباس: (أهد ناقة) وهو مذهب مالك، والشافعي، ولو كان قارنا فدم واحد، وفاقا لهما أيضا، وعنه: لا يفسد حج الناسي، والجاهل، والمكره، ونحوهم، وهو جديد قولي الشافعي، واختاره صاحب الفائق، والشيخ: وغيرهما وأنه لا شيء عليه ولما حكى الأقوال في المجامع في رمضان ناسيًا أو جاهلا، ورجح أن لا قضاء عليه، ولا كفارة لما قد ثبت بدلالة الكتاب والسنة، قال: وطرد هذا أن الحج لا يبطل بفعل شيء من المحظورات لا ناسيًا، ولا مخطئا لا الجماع ولا غيره، وهو أظهر قولي الشافعي، قال في الفروع: وهو متجه.
([8]) إجماعا، حجا كان أو عمرة.
([9]) حكاه الوزير وغيره إجماعا، وقال: اتفقوا على أنه إذا أفسد الحج، لم يتحلل منه بالإفساد، ومعنى ذلك أنه متى أتى بمحظور من محظورات الإحرام، فعليه فيه ما على المحرم في الحج الصحيح، ويمضي في فاسده، ويلزمه ذلك ثم يقضي فيما بعد، لكن إن حل من أفسد حجه لإحصار، ثم زال وفي الوقت سعة قضى في ذلك العام، قال جماعة: وليس يتصور القضاء في العام الذي أفسد الحج فيه في غير هذه المسألة، وقيل للقاضي، لو جاز طوافه في النصف الأخير لصح أداء حجتين في عام واحد، ولا يجوز إجماعًا.
([10]) فأثر عمر، وعلي، وأبي هريرة رواه مالك، والبيهقي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وغيرهم، وأثر ابن عباس رواه البيهقي وغيره.
([11]) في فعل ما يفعل بعد الإفساد، كما كان يفعل قبله، من الوقوف وغيره، وفي اجتناب ما يجتنب قبل الإفساد من الوطء وغيره، وعليه الفدية إذا فعل محظورا بعد نقله الجماعة، وذكره القاضي وغيره عن جماعة من الفقهاء.
([12]) ووجه الدلالة ما يفصح به عموم الآية، وقد روي مرفوعا أنه أمر المجامع بذلك، ولأنه معنى يجب به القضاء، فلم يخرج منه كالفوت.
([13]) أي بعد حجة الإسلام على الفور، إن كان ما أفسده حجا واجبا فبلا نزاع في وجوب القضاء، وكذا لو كان نذرًا أو نفلاً، لأنه لزم بالدخول فيه، ولأن الصحابة لم يستفصلوا قال الوزير وغيره: اتفقوا على أن عليهما القضاء، سواء كان الحج تطوعا أو واجبا، أو كانت مطاوعة أو مكرهة، واتفقوا على أنه إذا وطئ في العمرة أفسدها وعليه القضاء.
([14]) بسند جيد أن رجلاً أتى عبد الله بن عمرو، فسأله عن محرم واقع امرأته فأشار إلى عبد الله بن عمر فقال: اذهب إلى ذلك فاسأله قال شعيب: فلم يعرفه الرجل، فذهبت معه، فسأل ابن عمر، فقال: بطل حجك، فقال الرجل، أفأقعد؟ قال: لا بل تخرج مع الناس، وتصنع ما يصنعون، فإذا أدركت الحج قابلا، فحج وأهد، فرجع إلى عبد الله بن عمرو فأخبره، فقال: اذهب إلى ابن عباس فاسأله، فقال شعيب: فذهبت معه، فسأله فقال له مثل ما قال ابن عمر، فرجع إلى عبد الله بن عمرو فأخبره، ثم قال: ما تقول أنت؟ قال: أقول مثل ما قالا. ونحوه عند أحمد، والدارقطني، والحاكم، وغيرهم، ورواه الأثرم وزاد، وحلا إذا حلوا، فإذا كان العام المقبل، فاحجج أنت وامرأتك، وأهديا هديا، فإن لم تجد فصوما ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجعتما.
وفي حاشية المقنع: لما روى ابن وهب بإسناده عن سعيد بن المسيب، أن رجلا جامع امرأته وهما محرمان، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهما ((أتما حجكما ثم ارجعا، وعليكما حجة أخرى، من قابل، حتى إذا كنتما في المكان الذي أصبتها فأحرما وتفرقا ولا يؤاكل واحد منكما صاحبه، ثم أتما مناسككما وأهديا)) والمذهب لا يسقط الدم، وهو مذهب مالك، والشافعي.
([15]) أي يقضي غير المكلف، بعد تكليفه وبعد حجة الإسلام، ما أفسده فورا، لأن الحج الأصلي يجب على الفور، فهذا أولى لأنه قد تعين عليه بالدخول فيه.
([16]) أي يقضي من حيث أحرم، وهو الموضع الذي أحرم منه بما فسد، إن كان ما أحرم منه قبل ميقات، وإن لم يكن أحرم إلا من الميقات لم يلزمه إلا منه، وفاقا للشافعي، لما سبق من السنة، ولأن القضاء بصفة الأداء، وعند أبي حنيفة ومالك: من الميقات، لأنه المعهود، ولكراهة تقدم الإحرام، وفي الإنصاف: ويحرمانه من الميقات بلا نزاع.
([17]) أي يحل الواطئ والموطوءة من الإحرام، وفاقا للشافعي، لقوله:((أتما حجكما، ثم ارجعا، وعليكما حجة أخرى من قابل، حتى إذا كنتما في المكان الذي أصبتها فيه، فأحرما وتفرقا، ولا يؤاكل أحدكم صاحبه، ثم أتما نسككما وأهديا)) وإن ضعفه بعضهم فقد عضدته الآثار عن الصحابة، وروى الأثرم عن ابن عمر، وابن عباس معناه، وعنه: من حيث يحرمان، وفاقا لمالك وزفر، لأن التفريق خوف المحظور، فجميع الإحرام سواء، ويحصل التفرق بحيث لا يركب معها على بعير، ولا يجلس معها في خباء، وما أشبه ذلك، بل يكون قريبا منها، يراعي أحوالها، لأنه محرمها، وعلم منه أن الواطئ يصلح محرما لها في حجة القضاء، ومن أفسد القضاء قضى الواجب، لا القضاء وفاقًا.
([18]) وفاقا لقوله ((الحج عرفة)) بل يفسد الإحرام.
([19]) فدية لفعله المحظور في الإحرام، وأما العمرة فكالحج، يفسدها الوطء قبل الفراغ من السعي، لا بعده، وقبل حلق، ويجب المضي في فاسدها، والقضاء فورا كالحج، والدم شاة كما في الإقناع وغيره.

([20]) نص عليه، كالصوم، والمطاوعة كالرجل، لوجود الجماع منها بدليل الحد، والاشتراك في السبب، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، ولما تقدم من الأخبار.
([21]) أي نفقة حجة قضاء المكرهة على الزوج، لأنه هو المفسد لنسكها، فكانت عليه نفقتها، كنفقة نسكه، ولو طلقها، أو تزوجت بعد طلاقها، وإن كانت مطاوعة فعليها بلا نزاع، لقول ابن عمر: وأهديا هديا، وقول ابن عباس: أهد ناقة، ولتهد ناقة.


  #5  
قديم 12 ربيع الثاني 1432هـ/17-03-2011م, 01:25 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَإِنْ جَامَعَ المُحْرِمُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الأوَّلِ فَسَدَ نُسُكُهُمَا، وَيَمْضِيانِ فِيْهِ، وَيَقْضِيَانِهِ ثَانِيَ عَامٍ،..
قوله: «وإن جامع المحرم قبل التحلل الأول» ، هذا هو المحظور الثامن من محظورات الإحرام، وهو الجماع، وهو أشدها إثماً، وأعظمها أثراً في النسك.
ولا شيء من محظورات الإحرام يفسده إلا الجماع قبل التحلل الأول، عكس بقية العبادات، فباقي العبادات كل محظور وقع فيها أفسدها إلا الحج والعمرة، خلافاً للظاهرية الذين يقولون إن جميع المحظورات تفسد الحج والعمرة، وهذا نوع من القياس الذي كانوا ينكرونه، وهو قياس فاسد في مقابلة النص، والنص أن الله أباح للمحرم الذي به أذى في رأسه حلق رأسه بدون أن يفسد نسكه، ولو كانت المحظورات مفسدة لأفسدته ولو حلت للضرورة، كما نقول للصائم إذا اضطر للأكل والشرب، وأكل وشرب فسد صومه، نحن نقول: «فسد» ولا نقول: «بطل» لأننا إذا قلنا: «بطل» يعني الخروج منه، وإذا قلنا: «فسد» يعني المضي فيه ولو كان فاسداً، ولا يبطل الحج إلا شيء واحد وهو الردة ـ والعياذ بالله ـ حتى لو تاب وأسلم يؤمر بقضائه.
ويحصل الجماع بإيلاج الحشفة في قبلٍ أو دبر، وهو محرم بنص القرآن، قال الله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ} [البقرة: 197] ، فسَّره ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بالجماع[(1)]، والجماع له حالان:
الأولى: أن يكون قبل التحلل الأول.
الثانية: أن يكون بعد التحلل الأول.
والتحلل الأول: يكون برمي جمرة العقبة يوم العيد، فإذا لم يرم الجمرة فإنه في إحرام تام، وإذا رمى الجمرة حل التحلل الأول عند كثير من العلماء.
وعند آخرين لا يحل إلا بالرمي مضافاً إليه الحلق أو التقصير، فإذا حلق أو قصر مع الرمي فقد حل التحلل الأول.
والتحلل الثاني: يكون إضافة إلى الرمي والحلق أو التقصير، بالطواف والسعي إن كان متمتعاً، أو كان مفرداً أو قارناً ولم يكن سعى مع طواف القدوم.
فصار التحلل الأول يحصل بالرمي والحلق أو التقصير.
والثاني بالرمي والحلق أو التقصير والطواف والسعي.
وأما ذبح الهدي فلا علاقة له بالتحلل، فيمكن أن يتحلل التحلل كله، وهو لم يَذبح الهدي.
قوله: «فسد نسكهما، ويمضيان فيه، ويقضيانه ثاني عام» ، هذه ثلاثة أحكام، وبقي حكمان: الإثم، والفدية، وهي بدنة.
فصار الجماع قبل التحلل الأول يترتب عليه خمسة أمور:
الأول: الإثم.
الثاني: فساد النسك.
الثالث: وجوب المضي فيه.
الرابع: وجوب القضاء.
الخامس: الفدية، وهي بدنة تذبح في القضاء.
مثال ذلك : رجل جامع زوجته ليلة مزدلفة في الحج عالماً عامداً لا عذر له.
نقول: ترتب على جماعك خمسة أمور:
الأول: الإثم فعليك التوبة.
الثاني: فساد النسك، فلا يعتبر هذا النسك صحيحاً.
الثالث: وجوب المضي فيه، فيجب أن تكمله؛ لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] .
الرابع: وجوب القضاء من العام القادم بدون تأخير.
الخامس: فدية، وهي بدنة تذبح في القضاء.
فأما الإثم فظاهر؛ لإنه عصى الله ـ عزّ وجل ـ لقوله: {فَلاَ رَفَثَ}.
وأما فساد النسك، فلقضاء الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بذلك[(2)]، وورد فيه أحاديث مرفوعة ولكنها ضعيفة [(3)].
وأما وجوب المضي فيه، فصح ذلك عن الصحابة عن عمر وغيره.
وذهبت الظاهرية إلى أنه يفسد نسكه ويبطل وينصرف، ولا يمكن أن يتم نسكاً فاسداً؛ لأنهم يقولون: هل الفاسد عليه أمر الله ورسوله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ؟
فإن قلت: نعم، لزم من ذلك أن الله ورسوله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يأمران بالفساد، وإن قلت: لا، قالوا إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) [(4)]، والمردود لا فائدة من فعله، قال ـ تعالى ـ: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء: 147] .
وقال بعض العلماء من التابعين: يتحلل بعمرة ويقضي، فيجعلونه بمنزلة من فاته الوقوف بعرفة، فإنه يتحلل بعمرة ويحل.
لكن لا شك أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أعمق منا علماً، وأسد منا رأياً، فهم إلى الصواب أقرب منا فنأخذ بأقوالهم، ونقول: يفسد النسك ويلزم المضي فيه، ولا غرابة في ذلك، فها هو الرجل يفطر في نهار رمضان عمداً بلا عذر، ويلزمه الإمساك والقضاء، ثم إن في إلزامه بالمضي نوع عقوبة له، وفيه ـ أيضاً ـ سداً لباب الشر؛ لأن بعض الناس لا يهمه أن يأثم، فيجامع من أجل أن ينصرف، ففي هذا ردع وتأديب له.
وإذا مضى في هذا الفاسد، فحكمه حكم الصحيح على الراجح في كل ما يترتب عليه من محظورات وواجبات.
وأما الرد على قول الظاهرية، فنقول: اتباع الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أحسن وأولى.
وقوله: «يقضيانه» الفاعل يعود على المجامِع والمجامَع والهاء تعود على الحج.
وظاهر كلام المؤلف أنهما يقضيانه سواء كان الحج الذي أفسداه فرضاً أو تطوعاً، أما إن كان فرضاً فالأمر واضح، وأما إن كان نفلاً؛ فلأنهما أفسد ما يجب عليهما المضي فيه، فلزمهما إعادته.
وقوله: «ثاني عام» يفهم منه أنه لا يجوز تأخيره إلى العام الثالث، فإن عجزا بقي في ذمتهما حتى يقدرا على القضاء.
تنبيه: لم يذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ ما إذا جامع بعد التحلل الأول، لكن ذكره غيره.
قالوا: إذا جامع بعد التحلل الأول، فإنه يجب عليه أن يخرج إلى الحل ويحرم، أي: يخلع ثياب الحل ويلبس إزاراً ورداءً ليطوف طواف الإفاضة محرماً؛ لأنه فسد إحرامه، أي: فسد ما تبقى من إحرامه، فوجب عليه أن يجدده، وعليه فدية، وسيأتي إن شاء الله بيان الفدية فيما بعد، وعليه الإثم، إذاً، إذا جامع بعد التحلل الأول ترتب عليه أربعة أمور:
الأول: الإثم.
الثاني: فساد الإحرام.
الثالث: وجوب الخروج إلى الحل ليحرم منه.
الرابع: الفدية.
مثاله: رجل رمى وحلق يوم العيد، ثم جامع أهله قبل أن يطوف ويسعى، فعليه الإثم، والفدية، وفسد إحرامه، وعليه الخروج إلى الحل ليحرم فيطوف محرماً، لا بثيابه؛ لأن إحرامه فسد.



[1] انظر: «تفسير الطبري» (4/129 ـ 130).
[2] قال ابن المنذر في «الإجماع» ص(63): «وأجمعوا على أن من جامع عامداً في حجه قبل وقوفه بعرفة أن عليه حجاً قابل».
وقال ص(76): «وأجمعوا على أن من وطئ قبل أن يطوف ويسعى أنه مفسد».
والقول بفساد الحج ورد عن عمر، وعلي، وأبي هريرة ـ رضي الله عنهم&#146>;ـ «أنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم، فقالوا: ينفذان لوجههما، ثم عليهما حج من قابل والهدي».
أخرجه مالك في «الموطأ» (1/381) بلاغاً، ومن طريقه «البيهقي» (5/167).
ورواه البيهقي (5/167) عن عطاء عن عمر، وهو منقطع كما في «الجوهر النقي» (5/167).
ورواه أيضاً ابن أبي شيبة كما في «الملحق» (136)؛ والبيهقي (5/167)، وابن حزم في «المحلى» (7/190) وقال: «مرسل عن عمر، لأنه عن مجاهد عن عمر، ولم يدرك مجاهدُ عمرَ»، وانظر: «التلخيص» (2/282 ـ 283) وورد عن ابن عمر وابن عباس ـ رضي الله عنهم ـ: «فساد نسك من جامع أهله، والمضي فيه، والحج من قابل، والهدي».
أخرجه ابن أبي شيبة كما في «الملحق» (137)؛ والدارقطني (3/50)؛ والبيهقي (5/167)، وقال البيهقي: «هذا إسناد صحيح».
[3] ومن ذلك ما رواه يحيى ابن أبي كثر قال: أخبرني يزيد بن نعيم، أو زيد بن نعيم ـ شك الراوي ـ أن رجلاً من جذام جامع امرأته وهما محرمان فسأل الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فقال لهما: «اقضيا نسككما، وأهديا هدياً، ثم ارجعا حتى إذا جئتما المكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فتفرقا، ولا يرى واحد منكما صاحبه، وعليكما حجة أخرى».
أخرجه أبو داود في «المراسيل» (140)؛ ومن طريقه البيهقي (5/167)، وقال: «هذا منقطع».
وقال ابن حجر في «التلخيص» (2/283): «رجاله ثقات مع إرساله، ورواه ابن وهب في موطئه عن سعيد بن المسيب مرسلاً».
[4] أخرجه مسلم في الأقضية/ باب نقض الأحكام الباطلة (1718) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثامن, الوطء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:58 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir