دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > طبقات القراء والمفسرين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1440هـ/9-01-2019م, 09:02 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الدرس الأول: مقدمات في علم السير والتراجم والطبقات

الدرس الأول: مقدمات في علم السير والتراجم والطبقات

عناصر الدرس:
(1) مراتب مصادر السير والتراجم
(2) أحكام مرويات التاريخ والسير والتراجم
(3) أنواع المؤلفات في السير والتراجم والطبقات




الملفات الصوتية:


  #2  
قديم 3 جمادى الأولى 1440هـ/9-01-2019م, 09:02 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الدرس الأول: مقدمات في طبقات القراء والمفسرين

(1) مراتب مصادر السير والتراجم
مصادر السير والتراجم على مراتب:
المرتبة الأولى: دواوين السنة من الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها
فهي في المرتبة العليا فيما تضمنته من مرويات السير وخاصة سير الصحابة ومناقبهم، وفي بعضها مرويات تتعلق بسير بعض التابعين وتابعي التابعين وفي صحيح البخاري كتاب في السير وكتاب في المغازي وكتاب في المناقب وكتاب في فضائل الصحابة، وهي من المراجع المهمة في السير والتراجم، وكذلك في بقية دواوين السنّة، وما لم يرتّب منها على الأبواب من المسانيد والمعاجم فكثير منها صنّف في كتب الزوائد على الكتب والأبواب، ومنها كتب في السير والتراجم.
ويلحق بهذه المرتبة ما كتبه الأئمة في كتب الزهد والرقائق المسندة ككتاب الزهد لابن المبارك والزهد لوكيع وأحمد بن حنبل وهناد بن السري وأبي داوود وابن أبي عاصم والبيهقي وشعب الإيمان له وكتب ابن أبي الدنيا وغيرها.
بل بعض هذه الكتب مرتّب على أسماء الرجال.

المرتبة الثانية: كتب التاريخ والأخبار المسندة
وهي التي يذكر أصحابها الأخبار بأسانيدها، فهي مراجع أصلية في السير والتراجم، ومن أمثلتها: كتاب الطبقات لابن سعد، والمعرفة والتاريخ لأبي يوسف الفسوي، وتاريخ ابن أبي خيثمة، وتاريخ أبي حفص الفلاس، وكتب التاريخ للبخاري الكبير والأوسط والصغير، وتاريخ أبي زرعة الدمشقي، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وتاريخ دمشق لابن عساكر، وكتب ابن حبان وأبي نعيم الأصبهاني وابن منده وابن عبد البر، وغيرهم ممن يُعنى برواية الأخبار بأسانيدها.
وهذه الكتب أولى بالتقديم والعناية لأنها مصادر أصلية في الغالب.

والمرتبة الثالثة: الكتب البديلة
وهي الكتب التي تنقل عن مصادر أصلية مفقودة بالأسانيد، فكل ما تحقق فيه هذا الوصف فهو مصدر بديل، ومن مظانّ المصادر البديلة: كتب شمس الدين الذهبي، وابن كثير، وابن الجزري، وابن حجر وغيرهم.

والمرتبة الرابعة: كتب الثقات والمقبولين من الأخباريين ومنهم:
1:
موسى بن عقبة بن أبي عياش المدني(ت:141هـ)، مولى آل الزبير بن العوام، وكان ثقة عالماً بالسير والمغازي، وهو من صغار طبقة التابعين سمع أمّ خالد بن خالد بن سعيد بن العاص الأموية رضي الله عنها وهي امرأة الزبير بن العوام، ولم يسمع من غيرها من الصحابة رضي الله عنهم.
قال معن بن عيسى القزاز: (كان مالك إذا سئل عن المغازي، قال: عليك بمغازي الرجل الصالح موسى).
وكتابه مفقود، لكن منه نقول متداولة في كتب التاريخ والسير، وطبع كتاب المنتخب من مغازي موسى بن عقبة لابن قاضي شهبة(ت:851هـ).
2:
محمد بن إسحاق بن يسار(ت:151هـ)

3: عوانة بن الحكم بن عياض الكلبي(ت:158هـ)
أخباريّ كوفيّ فصيح، روى عن جماعة من التابعين منهم عامر الشعبي.
وروى عنه هشام بن الكلبي، والهيثم بن عدي، وزياد البكائي، وعلي بن محمد المدائني، وأكثر عنه.
- قال الذهبي: (له كتاب "التاريخ"، وكتاب "سير معاوية وبني أمية"، وغير ذلك).
يروي عنه: هشام بن الكلبي، وغيره.
- ذكره أبو الحسن العجلي في الثقات، وقال الذهبي: (وكان صدوقا في نقله).
وذكر ابن حجر فيه جرحاً في لسان الميزان.


4: وأبو الحسن علي بن محمد المدائني(ت:225هـ)
5: والزبير بن بكار الأسدي(ت:256هـ)
6:
وخليفة بن خياط العصفري (ت:240هـ) المعروف بشباب ، وهو ثقة يخطئ، أخرج له البخاري في صحيحه، وضعَّفه علي بن المديني وأبو زرعة وأبو حاتم، ووثقه ابن عدي وذبّ عنه، ووثقه ابن حبان وأثنى عليه.

7: أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي الكوفي الحافظ المعروف بمطين (ت:297هـ) ، وله كتب في التفسير والسنن والفقه مفقودة، وله كتاب "الأخبار والحكايات" وهو ممن تنقل أقواله في وفيات الأعيان.
-
قال جعفر بن محمد الخلدي: قلت لأبي جعفر الحضرمي: لم سميت مطينا؟ قال: كنت صبيا ألعب مع الصبيان، وكنت أطولهم، فندخل الماء ونخوض، فيطينون ظهري؛ فبصرني يوما أبو نعيم، فلما رآني قال: يا مطين، لم لا تحضر مجلس العلم؟ قال: فاشتهر ذلك. فلما اشتغلت بالحديث مات أبو نعيم، ففاتني، لكنني كتبت عن أكثر من خمسمائة شيخ). ذكره أبو الحجاج المزي.

المرتبة الخامسة: كتب المؤرخين المحققين الذين ينقلون وينقدون، ويحررون ويصحّحون، ولهم خبرة بأحوال الرواة، ومراتب الكتب، وهؤلاء كتبهم من أنفع الكتب لما اشتملت عليه من حسن الجمع والتحرير، ومن هؤلاء: أبو الحجاج المزي، وشمس الدين الذهبي، وابن كثير، وابن حجر.

المرتبة السادسة: كتب الأخباريين الضعفاء
وقد اشتهر برواية الأخبار جماعة من الضعفاء ومنهم من كتب الكتب فيها، ومنهم:
1:
محمد بن السائب الكلبي(ت:146هـ)
2: و
أبو مخنف لوط بن يحيى الكوفي الرافضي (ت:157هـ)
3:
وسيف بن عمر التميمي (ت: 180هـ ) تقريبا.
3: و
محمد بن الحسن بن زَبالة (ت: بعد المئتين )
4: و
هشام بن محمد بن السائب الكلبي(ت:204هـ)
5:
والهيثم بن عدي الطائي (ت: 207هـ)
6:
ومحمد بن عمر الواقدي(ت:207هـ)
7:
وعبد المنعم بن إدريس اليماني (ت:228هـ) ابن بنت وهب بن منبّه.
وهؤلاء كلّهم متروكو الحديث، شديدو الضعف، عامّتهم متّهم بالكذب، وأخفّهم حالاً الواقدي وهو متروك أيضاً.
فهم في باب مرويات الأحكام لا يلتفت إليهم، وفي باب السير والتراجم من أهل العلم من تساهل في إيراد أخبار بعضهم وانتقى منها ولا سيما الواقدي والهيثم بن عدي؛ فابن سعد انتقى من مرويات الواقدي في طبقاته ، وما انتقاه أحسن حالاً مما تركه، وإن كان لا يحتجّ به في جميع الأحوال.

المرتبة السابعة: كتب المتأخرين التي تذكر فيها الأخبار مجردة من الأسانيد
وهي ملخصة غالباً من كتب سابقة، وهذه الكتب ينظر فيها من جهة موارد أصحابها، ومقدار معرفتهم بأحوال المرويات وأحكامها، واختصاصهم بعلم التاريخ والسير والتراجم، وقد يكون بعضها صالحاً للعامّة، وللمبتدئين من طلاب العلم، إذ هي موضوعة لتحصيل المعرفة الموجزة بالأحداث والأخبار المهمة.
ولذلك وضع جماعة من العلماء كتباً مختصرة في التاريخ والسير، ونظمت بعض المنظومات لتيسير حفظ الحوادث والأخبار وبعض التراجم.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 جمادى الأولى 1440هـ/9-01-2019م, 09:02 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الدرس الأول: مقدمات في طبقات القراء والمفسرين

(2) أحكام مرويات التاريخ والسير والتراجم

مرويات التاريخ والسير والتراجم لا يشدّد فيها كتشديد مرويات الأحكام، ولا تؤخذ بتساهل مطلق؛ فالتساهل يؤدي إلى الوقوع في أخطاء وأوهام قد يكون لبعضها أثر في بعض المسائل العلمية في التفسير والحديث والفقه.
ولذلك ينبغي لطالب العلم أن يكون متيقظاً فلا يقبل كل ما يقرأ في التاريخ والسير والتراجم على علاته، وأن يكون على معرفة بأحكام مرويات التاريخ ومناهج العلماء فيها.
وشرح ذلك يطول، لكن تلخيصه أن مرويات التاريخ والسير والتراجم يُنظر فيها من ثلاث جهات: من جهة المصدر، ومن جهة الإسناد، ومن جهة المتن الذي هو الخبر.

1. فأمّا المصدر ؛ فيراد به أصل منشأ الخبر، فقد يكون كتاباً وقد يكون رجلاً أخبارياً، فإن كان ثقة لا يدلّس عن الضعفاء؛ فتُحمل مروياته في التاريخ على أصل القبول ما لم يكن فيها نكارة أو مخالفة وتُجعل عهدتها على مصدرها.
ولذلك قد يذكر بعضهم خبراً من غير إسناد ويُحمل على القبول ولا سيّما إذا احتفّت بالخبر قرائن تدلّ على صدقه، كأن يدلّ تظافر الأخبار على تقويته، أو يكون المصدر صاحب اختصاص بموضوعه، معروفاً بالتثبت والتيقظ.
ولذلك يذكر بعض أهل العلم في التاريخ والسير والتراجم أخباراً عن مصادر من غير إسناد وظاهر صنيعهم أنهم يحملونها على القبول المجمل على عهدة صاحبها، وهو قبول موقوف على عدم وجود ما ينقضه، ولا يُحتجّ به على مخالف أقوى منه.
ومصادر الأخبار على مراتب؛ فمنهم ثقة متثبت، ومنهم صدوق مقارب، ومنهم مخلّط، ومنهم حاطب ليل يجمع الغثّ والسمين، ومنهم متّهم بالكذب.
فلا يسوّى بينهم في أحكام أخبارهم.
وفقه هذا الأمر يكشف لطالب العلم منهج العلماء المحققين في مرويات الأخبار.

2. وأما الأسانيد فهي على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: أسانيد مقبولة في التاريخ إما صحيحة وإما حسنة ، فهذه حجة في التاريخ ما لم يكن لها علة.
الدرجة الثانية: أسانيد معتبرة؛ فلا يحتجّ بها ولا تهمل، وهي ما كان من رواية الضعفاء غير شديدي الضعف من ضعيفي الضبط ومجهولي الحال، والأسانيد التي فيها انقطاع يسير ومراسيل الثقات.
والدرجة الثالثة: أسانيد غير معتبرة، وهي التي تكون من رواية المتروكين من الكذابين والمتّهمين بالكذب وكثرة التخليط في الروايات.
فأخبار الدرجة الأولى في أعلى المراتب.
وأخبار الدرجة الثانية معتبرة لا تهمل، وجرى عمل كثير من العلماء على حملها على أصل القبول ما لم يكن فيها مخالفة أو نكارة.
وأما أخبار الدرجة الثالثة فالأصل فيها الردّ وعدم القبول إلا ما كان من انتقاء بعض الثقات الأثبات فهي أخف حالاً وإن كانت لا يحتجّ بها.
ولذلك إذا رأيت خبراً في إسناده بعض المتروكين فانظر إلى تلميذه الذي رواه عنه؛ فإن كان من الأثبات المتيقظين فهو قرينة تدل على أنه انتقى هذا الخبر من مروياته الكثيرة، وإن كان الراوي عنه ضعيفاً فلا يتشاغل به، وقد يكون إنما ذكر للعلم به أو لفائدة عارضة.
- كما انتقى ابن سعد من مرويات الواقدي فما انتقاه ابن سعد أحسن حالاً مما تركه، وإن كان لا يُحتجّ به.
- وكما انتقى سفيان الثوري من مرويات الكلبي، ولمّا سئل عن روايته عنه قال: (أنا أعرف بصدقه من كذبه). رواه ابن عدي في الكامل.
وهذا دليل على أنه كان ينتقي من مروياته.

فإن قيل: كيف تُحمل بعض الأخبار على أصل القبول من غير إسناد، ثمّ تردون ما يروى ببعض الأسانيد الضعيفة؟
قيل: العلماء الأثبات الذي يذكرون الأخبار بصيغة الجزم من غير إسناد نحمل أخبارهم على أصل القبول، ونتوسط فيها؛ فلا نحتجّ بها على مخالف أقوى منها، ولا نهملها، وتعليق أولئك العلماء إياها بصيغة الجزم قرينة على حكمهم عليها بالقبول، وهو حكم معتبر لمكانة مصدرها.
وأما المرويات التي يذكرها بعض العلماء بالأسانيد الواهية وإن كان المصدر ثبتاً فليس فيها دليل على قبولها، فهو قد ذكر الخبر وأحال على الإسناد، إلا أن يظهر من كلامه احتجاجه بالخبر، فتكون قرينة معتبرة لمكانته العلمية، وإن كانت لا ترقى إلى درجة الاحتجاج.

3. وأمّا متون الأخبار في التاريخ والسير والتراجم التي تروى بالأسانيد المعتبرة والتي مصادرها من الثقات الأثبات فمحمولة على أصل القبول ما لم يكن فيها نكارة أو مخالفة.
ويتساهل في مرويات المناقب ما لا يُتساهل في مرويات المثالب لأن المثالب فيها قدح في عرض مسلم لا يُقبل القدح فيه بغير حجة، وهذا أصل مهمّ تردّ به كثير من الروايات الضعيفة في المثالب.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 جمادى الأولى 1440هـ/20-01-2019م, 01:55 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

(3) أنواع المؤلفات في السير والتراجم والطبقات
المؤلفات في الطبقات والسير والتراجم على أنواع بينها تداخل كثير لتعدد الاعتبارات في التصنيف، ولذلك تكرر سيرة الرجل الواحد في كتب متعددة باعتبارات مختلفة؛ إما باعتبار طبقته، أو باعتبار بلده، أو باعتبار صنعته أو اختصاصه بعلم من العلوم، أو باعتبار حاله وكونه ثقة أو ضعيفاً، أو باعتبار السنة التي توفي فيها.
وكثير من القراء والمفسرين كما تقدم التنبيه عليه غير متمحضين للقراءة والتفسير، بل كان منهم محدّثون، وفقهاء، وقضاة، وكان منهم وولاة ووزراء ووجهاء، وهم معروفون في بلدانهم، ومنهم من له رواية في دواوين السنة، فمنهم وًثّق ومنهم من تُكلّم فيه، ولذلك تتعدّد مصادر ذكرهم.

وقد كثرت المؤلفات في السير والتراجم جداً؛ فكان من المفيد سبر هذه المؤلفات وتصنيفها إلى أصناف، وذكر المهمّ منها تحت كلّ صنف، حتى يسهل على طالب العلم معرفة طرق البحث عن تراجم العلماء، وأهمّ الكتب المؤلفة فيها.

وقد نظرت في المؤلفات في السير والتراجم والطبقات فوجدتها على سبعة أنواع:

النوع الأول: كتب الطبقات العامّة
وهي التي الكتب التي يُعنى أصحابها بالترجمة للأعيان من العلماء والأمراء والقضاة والوجهاء والمشاهير وغيرهم، وللقراء والمفسرين ولا سيما المتقدمين منهم نصيب وافر في تلك الكتب.
ومن أجود كتب هذا النوع:
1. كتاب الطبقات الكبرى، لمحمد بن سعد الزهري(ت:230هـ)، وهو كتاب قيّم حافل، بدأ فيه بفصول من السيرة النبوية، ثم ترجم لأعلام الصحابة رضي الله عنهم، ثم ترجم لعلماء الأمصار من التابعين وتابعيهم.
2. وكتاب الطبقات، لخليفة بن خياط العصفري(ت:240هـ)، وهو مرتب على البلدان ثم على الطبقات.
3. والتاريخ الأوسط، لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري(ت:256هـ) ، وهو مرتب على الطبقات، وقد قال في اسمه: (كتاب مختصر من تاريخ النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار وطبقات التابعين لهم بإحسان ومن بعدهم ووفاتهم وبعض نسبهم وكناهم ومن يرغب في حديثه). وإنما سمى بالأوسط لأنّ للبخاري ثلاثة كتب في التاريخ: كبير وصغير وأوسط.
4. وكتاب الطبقات، لأبي الحسين مسلم بن الحجاج النسابوري(ت:261هـ) صاحب الصحيح، وكتابه مختصر جداً، وفيه فوائد.
5. وكتاب المعرفة والتاريخ، لأبي يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي(ت:277هـ)، وهو من أجلّ كتب التاريخ المسندة.
6. وكتاب التاريخ الكبير، لأبي بكر أحمد بن زهير ابن أبي خيثمة (ت:279هـ) وهو كتاب جليل القدر، مرتب على الطبقات والبلدان.
وهذه الكتب مطبوعة، وهي من أهمّ كتب المتقدمين في التاريخ ومن المراجع الأصلية في السير والتراجم.

ومن كتب الطبقات العامة المهمة: كتاب تاريخ الإسلام لشمس الدين الذهبي(ت:748هـ)، وهو مرتّب على الطبقات، جعل كلّ عشر سنوات طبقة، وهو كتاب قيّم حافل لخّصه من مصادر كثيرة جدا بعضها مفقود، وله تحريرات وتعليقات نفيسة، وقد رتبه على سبعين طبقة، كل طبقة عشر سنوات، يذكر فيها أبرز حوادثها ثمّ يترجم لمن مات فيها من الأعلام.
- وله أيضا سير أعلام النبلاء رتبه على خمس وثلاثين طبقة ، كل طبقة نحو عشرين سنة.

وللمتقدمين كتب في الطبقات مفقودة، منها: كتاب الطبقات للواقدي، وكتاب الطبقات لإبراهيم بن المنذر الحزامي، وكتاب الطبقات لأبي سعيد الدمشقي المعروف بدُحيم، وكتاب الطبقات لأبي عروبة الحراني، وهذه الكتب مفقودة، وقد عُثر على الجزء الثاني من كتاب المنتقى من كتاب الطبقات لأبي عروبة فطبع بتحقيق الأستاذ إبراهيم صالح، ورجّح أن يكون المُنتقي هو الحافظ عبد الغني المقدسي.

النوع الثاني: كتب سير الصحابة والتابعين وطبقاتهم وفضائلهم

والكتب المؤلفة في هذا النوع على صنفين:
الصنف الأول: ما موضوعه الفضائل، والفضائل من جملة الأخبار بل هي أشرفها.
والصنف الثاني: ما هو في سرد الأسماء وربما أضيف إليها عبارات قليلة في التعريف بالبلد أو الوفاة أو الكنية وبعض أحاديثهم وأخبارهم على وجه الاختصار.
فمن الكتب المؤلفة في الصنف الأول:
1: فضائل الصحابة، للإمام أحمد بن حنبل الشيباني(ت:241هـ)
وهذا الكتاب أصله للإمام أحمد، رواه عنه ابنه عبد الله، ورواه عن عبد الله تلميذه أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، لكن زاد عبد الله في روايته للكتاب زيادات مما يرويه عن شيوخه من غير طريق أبيه، والضعف فيها أكثر، وزاد القطيعي زيادات كثيرة فيها الضعيف جدا والموضوع؛ فلا يصحّ أن ينسب إلى الإمام أحمد ما روياه عن شيوخهما.، وإنما يقال رواه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على فضائل الصحابة لأبيه، أو رواه القطيعي في زوائده على فضائل الصحابة للإمام أحمد.
وكتاب فضائل الصحابة للإمام أحمد هو أقد ما وصل إلينا من الكتب المفردة في فضائل الصحابة، وقد ذُكر أنّ لأسد بن موسى الأموي(ت:212هـ)، كتاب في فضائل الصحابة.
2: فضائل الصحابة، لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي(ت:303هـ)، وهو مسترج من كتابه السنن الكبرى.
3: فضائل الصحابة،لأبي الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي الدارَقطني (ت: 385هـ).

ومن الكتاب المؤلفة في الصنف الثاني:
1: معرفة الصحابة، لأبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى ابن مَنْدَهْ العبدي (ت: 395هـ)، وهو كتاب قيم جمعه من نحو أربعين كتاباً أكثرها مفقود، ومنها كتب ألفت في الصحابة منها كتاب الصحابة للبخاري، وكتاب الصحابة لابن السكن، ولابن يونس، ولأبي أحمد العسال، وكتاب الصحابة للحسن بن علي الحلواني شيخ البخاري، وكتاب الصحابة لهلال بن العلاء الرقي(ت::280هـ)، وكتاب الصحابة لمطيّن وهو محمد بن عبد الله الحضرمي(ت:297هـ)، وكتاب الصحابة لأبي العباس الحسن بن سفيان النسوي(ت:303هـ)، وكتاب الصحابة لعلي بن سعيد العسكري(ت:305هـ)، وكتاب الصحابة لعبد الله بن أحمد المعروف بعبدان المروزي(ت:306هـ) وغيرهم.
ورتّب كتابه على حروف المعجم، والكتاب لم يُطبع كاملاً بعد، طُبع ما عثر عليه من نسخة فريدة للكتاب بتحقيق الدكتور عامر صبري إلى حرف السين، وأجزاء أخرى، وبلغ عدد التراجم في المطبوع منه على إحصاء محققه 672 ترجمة؛ فالظنّ أن الكتاب يزيد على ألفي ترجمة.
2: ومعرفة الصحابة، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد ابن مهران الأصبهاني (ت: 430هـ) ، وهو كتاب قيّم، تعقب فيه ابن منده، وزاد عليه زيادات كثيرة، فبلغ عدد من ترجم لهم من الصحابة رضي الله عنهم 4200 نفسٍ.
3: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لأبي عمر يوسف بن عبد الله ابن عبد البر النمري الأندلسي (ت: 463هـ)، رتّبه على حروف المعجم على ما شرط من التقصي والاستيعاب، مع الاختصار وترك التطويل والإكثار، وبلغت التراجم في كتابه نحو أربعة آلاف ترجمة.
وسمّاه الاستيعاب لأنه ظنّ أنه استوعب فيه من ورد ذكرهم في كتب أهل العلم من الصحابة رضي الله عنهم، ولعله لم يقف على كتاب أبي نعيم.
وكان ابن عبد البر رحمه الله معتنياً باستيعاب أسماء الصحابة رضي الله عنه، ومما يدل على شدة عنايته أن قال لتلميذه أبي علي الغساني: (أمانة الله في عنقك متى عثرت على اسم من الصحابة لم أذكره إلا ألحقته في كتابي الذي في الصحابة) يعني الاستيعاب، ذكره السهيلي في الروض الأنف.
فكتب أبو علي الغساني(ت:498هـ) ذيلاً حافلاً على كتاب شيخه، نقل منه ابن حجر في الإصابة، وكتب جماعة من العلماء تذييلات وحواشٍ واستدراكات على ابن عبد البر، من أشهرها:
4: الاستلحاق على كتاب الاستيعاب، لأبي بكر محمد بن خلف بن سليمان بن فتحون الأندلسي(ت:520هـ)، استدرك عليه نحو عدد من في الاستيعاب، وله كتاب آخر في "أوهام الاستيعاب".
5: الذيل على كتاب معرفة الصحابة لابن منده، لأبي موسى المديني (ت:581هـ) وهو كتاب حافل ذكره ابن الأثير في أسد الغابة، ووصفه بأنّه نحو ثلثي كتاب ابن منده، وهو مفقود.
6: الإصابة لأوهام حصلت في معرفة الصحابةلأبي نعيم في جزء كبير ولخليفة بن خياط، ومحمد بن سعد، ويعقوب بن سفيان، وأبي بكر بن أبي خيثمة، وغيرهم، للحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي(ت:600هـ) ، وهو مفقود.
7: الجامع لما في المصنفات الجوامع من أسماء الصحابة الأعلام أولي الفضائل والأحلام، للحافظ أبي موسى عيسى بن سليمان الرعيني الأندلسي(ت:632هـ)، وقد وقف على عدة من حواشي الاستيعاب وتذييلاته، وذيل أبي موسى على ابن منده، وعلى كتب كثيرة في أسماء الصحابة، وقد حُقق الكتاب في رسائل علمية في الجامعة الإسلامية، وله طبعة مصرية بتحقيق مصطفى باجو، بلغ عدد التراجم فيها 7534 ترجمة، وقد سقط من المخطوط الذي اعتمد عليه المصنف مقدار ورقتين من أوّله قدّر عدد التراجم فيها بنحو 5 تراجم.
8: أسد الغابة في معرفة الصحابة، لعزّ الدين ابن الأثير وهو أبو الحسن علي بن محمد الجزري(ت:630هـ)، وهو أخو صاحب النهاية في غريب الحديث.
وهو من الكتب التي اعتنى بها أهل العلم، لأنه جمع ما في كتاب ابن منده وأبي نعيم وابن عبد البر وتذييل أبي موسى على ابن منده، وطالع بعض حواشي الاستيعاب وغيرها من المراجع، فجمع من مجموعها هذا الكتاب، وهذّبه.
فاعتنى به أهل العلم، وقد أحصى شمس الدين الذهبي عدد التراجم في كتابه فبلغت 7554 ترجمة، والنسخة المطبوعة حسب ترقيم المحققين 7711 ترجمة.
قال ابن حجر في مقدمة الإصابة: (قرأت بخط الحافظ الذهبي من ظهر كتابه «التجريد»: لعل الجميع ثمانية آلاف إن لم يزيدوا لم ينقصوا، ثم رأيت بخطه أن جميع من في «أسد الغابة» سبعة آلاف وخمسمائة وأربعة وخمسون نفسا).
9: تجريد أسماء الصحابة، لشمس الدين الذهبي (ت:748هـ) ، جرّد فيه أسماء الصحابة من كتاب "أسد الغابة" لعز الدين ابن الأثير، ومن مسند الإمام أحمد ومسند بقي بن مخلد ومن مصادر أخرى فبلغ ما جرده 8866 صحابي.
10: الإصابة في تمييز الصحابة، للحافظ أبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد ابن حجر العسقلاني (ت:852هـ)
- بدأ تأليفه في سنة 809 هـ، واستمر العمل فيه إلى ثالث ذي الحجة سنة 847 هـ حيث انتهى من كتابته مع ما فيه من الهوامش، فاستغرق تأليفه ما يقرب من أربعين عاما، ولم يكمله، بقي فيه المبهمات، وذكر فيه 12446 مع المكرر.
فهذه أشهر الكتب في سير الصحابة وإحصاء أسمائهم، وأجودها وأجمعها كتاب الإصابة لابن حجر رحمه الله.

وهذا المشروع العلمي الكبير الذي اعتنى به أهل العلم على قرون متتابعة ينبغي أن لا يتوقف عند هذا الحدّ، بل ينبغي لنا أن نسعى في جمعه وتقريبه وتتميمه بما أنعم الله به علينا من وسائل تقنية المعلومات.

وأما التابعون فأفرد لهم قديما كتب منها:
1: فضائل التابعين، لسعيد بن أسد بن موسى الأموي المصري(ت:229هـ)
2: كتاب في التابعين، لأبي حاتم محمد بن إدريس الرازي:277هـ)
3: طبقات التابعين، لأبي القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق ابن منده (ت:470هـ)
لكن هذه الكتب مفقودة، وطلاب العلم اليوم يرجعون في سير التابعين إلى كتب الأنواع الأخرى.

النوع الثالث: طبقات العلماء
فمنهم من يعمّهم بلفظ العلماء ككتاب "مشاهير علماء الأمصار" لابن حبان، وهو مرتب على الطبقات والبلدان، ومنهم من يخصّهم بعلم من العلوم، كطبقات القراء والمفسرين والمحدثين والفقهاء وغيرهم.
ومنهم من يخصّهم بمذهب من المذاهب؛ كطبقات الحنفية وطبقات المالكية وطبقات الشافعية وطبقات الحنابلة.
وأوّل من ذُكر أنه ألّف في هذا النوع فيما أعلم الهيثم بن عدي الطائي (ت:207هـ)، له كتاب "طبقات الفقهاء والمحدّثين"، وهو كتاب مفقود، ذكره ابن النديم في الفهرست وياقوت الحموي معجم الأدباء، والهيثم بن عدي أخباري متروك الحديث متّهم بالكذب.
ويلتحق بهذا النوع كتب التاريخ التي تضمنت تراجم للأعيان من العلماء والرواة وغيرهم مرتبة على الوفيات ولو إجمالاً، فهذه في حقيقتها من كتب الطبقات.

ومن الكتاب المطبوعة في هذا النوع:
1: طبقات الفقهاء والمحدثين، لأبي أحمد حميد بن مَخْلَد بن قتيبة النسائي المعروف بابن زنجويه (ت:251هـ )، وقد طبع حديثا.ً
2: تسمية فقهاء الأمصار، لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت:303هـ).
3: مشاهير علماء الأمصار، لأبي حاتم محمد بن حبان البستي(ت:354هـ)، رتّبه على الطبقات ثمّ البلدان.
4: كتاب الثقات،لأبي حاتم محمد بن حبان البستي(ت:354هـ)، وقد بدأه بالسيرة النبوية، ثم سير الخلفاء الراشدين، ثمّ تراجم بقية العشرة المبشرين بالجنة، ثمّ تراجم بقية الصحابة، ثم التابعين، ثم أتباع التابعين، ورتّب كلّ طبقة على حروف المعجم.
5: حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله ابن مهران الأصبهاني (ت: 430هـ)، وهو مرتب على الطبقات، اشتمل على 688 ترجمة، على ترقيم محقق الكتاب، وقد انتُقد كتابه بما تضمّنه من الأخبار الواهية التي لو صان كتابه منها لكان أنفع وأجود.
6: الإرشاد في معرفة علماء الحديث، لأبي يعلى الخليلي، واسمه خليل بن عبد الله القزويني(ت:446هـ)، وهو مرتب على البلدان والطبقات.
7: أصحاب الفتيا من الصحابة ومن بعدهم على مراتبهم في كثرة الفتيا، لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد ابن حزم الأندلسي الظاهري(ت:456هـ)، وهي رسالة صغيرة طبعت ملحقة بكتاب جوامع السيرة له.
8: طبقات الفقهاء، لأبي إسحاق الشيرازي(ت:476هـ) ، بدأ فيه بفقهاء الصحابة، ثم رتب فقهاء التابعين على الأمصار، ثم ذكر فقهاء الأمصار بعدهم، ثم ذكر طبقات فقهاء المذاهب من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية.
9: صفة الصفوة، لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي(ت:597هـ)، وقد اختصر فيه حلية الأولياء لأبي نعيم وهذبه وحذف الأسانيد، وزاد فيه نحو ثلاثمائة ترجمة، وهو وإن انتقد أبا نعيم في مقدمة كتابه لإيراده بعض الموضوعات والأخبار الواهية والبواطيل إلا أنه وقع في شيء من ذلك حتى إنه وضع باباً للعُبّاد من الجنّ، وابن الجوزي على سعة معرفته ومبلغه من العلم قد انتُقِد في كثير من كتبه بسبب كثرة جمعه وضعف تهذيبه وتصحيحه؛ فصار في كتبه من الأخطاء والأوهام والتصحيفات ما كان يكفيه فيه المراجعة والتوثق وحذف ما ينبغي حذفه، ليكون مؤلفاً متقن التأليف، لكنّه كان يشتغل بالتأليف الجديد عن تبييض كثير من مسوّدات مؤلفاته، وكان يقول: (كتبت بإصبعي هاتين ألفي مجلدة).
قال موفق الدين عبد اللطيف البغدادي وهو ممن رآه وعاصره بعد أن أثنى عليه: (وكان كثير الغلط فيما يصنفه، فإنه كان يفرغ من الكتاب ولا يعتبره).
قال الذهبي: (هكذا هو له أوهام وألوان من ترك المراجعة، وأخذ العلم من صحف، وصنف شيئا لو عاش عمراً ثانياً لما لحق أن يحرره ويتقنه).
10: طبقات علماء الحديث،لشمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي الحنبلي (ت:744هـ)، تحقيق: أكرم البلوشي وإبراهيم الزيبق، مؤسسة الرسالة، 1417هـ.
11: المعين في طبقات المحدثين، لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي (ت:748هـ).
12. طبقات الأولياء، لسراج الدين عمر بن علي ابن الملقن(ت:804هـ).
13: طبقات الأولياء المكرمين، لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي(ت:902هـ).

النوع الرابع: كتب الوفيات
مما يحتاجه الباحث في السير والتراجم تعيين تاريخ وفاة من يترجم له، وهو من العلوم المهمة التي اعتنى بها المحققون من العلماء، وتعرف بها علل بعض الروايات، ويكشف بها انقطاع بعض الأسانيد، وتتميّز بها طبقات العلماء. ومن أوّل من ذُكر أنّهم كتبوا في تواريخ الوفيات، ونقل العلماء أقوالهم في وفيات العلماء في كتب السير والتراجم:
1: الليث بن سعد الفهمي (ت:175هـ)، وهو إمام جليل القدر، من أقران الإمام مالك، وقد ذكر من كتبه كتاب في التاريخ وهو مفقود.
2: ضمرة بن ربيعة الرملي(ت:202هـ)، وكان عالماً بأخبار أهل الشام وتراجمهم ووفياتهم.
3: الهيثم بن عدي الطائي (ت:207هـ) ، وهو أخباري متروك الحديث، ويُنتقى من أخباره ما يُعتبر، وله كتاب في "طبقات الفقهاء والمحدثين" مفقود.
4: محمد بن عمر الواقدي(ت:207هـ) ، وقد نشأ بالمدينة وأخذ عن مالك وابن إسحاق وابن أبي ذئب وابن جريج والأزواعي وخلق كثير، وكان واسع المعرفة كثير الاطلاع على الكتب، كثير التأليف، جواداً كريماً، وكان المأمون معجباً به وبكتبه، وولاه قضاءَ الجانب الشرقي من بغداد، وطارت كتبه في الآفاق، لكنّه لم يكن يتثبّت فيما يكتب، وكان يخلط الأسانيد، واتّهم بتركيبها، وذُكر عنه أنه كان يأخذ كتب بعض الضعفاء والمتروكين والمتّهمين بالكذب كعبد المنعم بن إدريس المنبّهي فيضعها في كتبه، ولذلك تفرّد بأحاديث كثيرة منكرة؛ وسقط الاحتجاج به، فتركه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي واتّهمه إسحاق بن راهويه بوضع الحديث، ولو أنّه لزم الصدق وتثبّت لكان إماماً مبرَّزاً لكثرة ما جمع من الروايات، ولقي من الشيوخ المكثرين من الحديث.
وله كتاب في الطبقات مفقود، لكن انتقى منه ابن سعد في كتابه الطبقات مرويات هي أحسن حالاً مما ترك، وإن كان لا يُحتجّ به.
وهو ممن تُنقل أقواله في تواريخ الوفيات لتُعتبر.
5: أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني(ت:218هـ)، قاضي دمشق، وعلامة الشام في زمانه، حُبس في فتنة القول بخلق القرآن ومات في الحبس، وكان من أعلم أهل زمانه بأخبار علماء الشام.
6: أبو نعيم الفضل بن دُكين الكوفي (ت:219هـ) ، الإمام الثقة الحافظ، وقد ذُكر له كتابٌ في التاريخ لم يصل إلينا، وله رسالة ذكر فيها وفيات جماعة من الأعيان من الصحابة والتابعين وتابعيهم، رواها ابن أبي شيبة في مصنفه في آخر كتاب التاريخ، وكتب أبو نعيم إلى محمد بن يحيى الذهلي قاضي نيسابور رسالة فيها وفيات جماعة من العلماء، واشتهر أمر هذه الرسالة فكان جماعة من العلماء ينقلون منها مفرقة على التراجم.
وقد استشهد رحمه الله في فتنة القول بخلق القرآن؛ طُعن في عنقه وكُسر صدره، ومات بعد يوم من جراحته، وهو ابن تسعين سنة أو قاربها، لمّا أبى أن يُجيب والي بغداد إلى القول بخلق القرآن؛ وكان موته في يوم الشكّ من رمضان سنة 219 هـ؛ قبل خروج الإمام أحمد من السجن بنحو شهر.
7: أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي(ت:224هـ)، وله كتاب في القراءات ترجم فيه لجماعة من القراء؛ وذكر وفياتهم؛ فكان الذهبي يقدّم النقل عنه في أقوال الوفيات لمن يترجم لهم غالباً، والذي يظهر أنّ له كتاباً آخر في التراجم مفقود.
8: أبو الحسن علي بن محمد المدائني (ت:225هـ)، ذكر ابن النديم وياقوت الحموي في ترجمته كتباً كثيرة له عامتها في السير والتاريخ والأخبار، وأكثرها في عداد المفقود اليوم، وقد طبع من كتبه "كتاب التعازي"، وكتاب "المُردفات من قريش" وهنّ اللواتي تزوجن بعد أزواجهنّ.
9: سعيد بن كثير بن عُفير المصري (ت:226هـ) ، وهو ثقة حافظ سمع مالك والليث بن سعد ويعقوب بن عبد الرحمن وغيرهم، وحدث عنه البخاري في صحيحه، وأخرج له مسلم والنسائي بواسطة، وهو من رواة موطأ الإمام مالك، عالم بالأنساب والأخبار والتواريخ، حسن المحاضرة يُتعجَّب من سعة علمه وحسن منطقه.
- قال يحيى بن معين: (رأيت بمصرَ ثلاثَ عجائب: النيلَ، والأهرامَ، وسعيدَ بنَ عفير).
- وقال ابن يونس: (كان سعيد بن كثير من أعلم الناس بالأنساب والأخبار الماضية وأيام العرب، مآثرها، ووقائعها، والتواريخ، والمناقب، والمثالب، وكان في ذلك كله شيئاً عجباً، وكان مع ذلك أديباً فصيح اللسان، حسن البيان، حاضر الحجة، لا تملّ مجالسته، ولا ينزف علمه)
له كتاب في التاريخ مفقود.
10: عبيد الله بن محمد بن حفص التيمي القرشي (ت:228هـ) المعروف بابن عائشة وبالعيشي؛ لأنه من ولد عائشة بنت طلحة بن عبيد الله.
وهو من سادات أهل البصرة، محدّث أخباريّ صدوق الحديث عالم بالعربية وأيّام الناس، جواد كريم.
اتُّهم بالقدر ، ومن العلماء من يدفع عنه هذه التهمة.
11: سعيد بن أسد بن موسى الأموي المصري(ت:229هـ) ، وله كتاب في فضائل التابعين مفقود، وقد اعتنى ابن زبر الربعي بأقواله في الوفيات.
12: يحيى بن معين الغطفاني(ت:233هـ)
13: علي بن عبد الله ابن المديني(ت:234هـ)
14: أحمد بن حنبل الشيباني(ت:241هـ)
وهؤلاء الأئمة الثلاثة هم رؤوس النُّقَّاد وكاشفي أحوال الرجال، وكان لهم أصحاب يسألونهم عن الوفيات ويدوّنون مسائلهم؛ فلذلك حفظت أقوالهم ونقلت، ولهم كتب في معرفة الرجال والتاريخ رواها عنهم أصحابهم فلذلك تعددت الروايات عنهم.

وممن تتنقل أقوالهم في الوفيات أيضاً:
15: محمد بن عبد الله بن نمير الكوفي (ت:234هـ) وهو ثقة جليل القدر من شيوخ البخاري ومسلم.
16: أبو إسحاق إبراهيم بن المنذر الحِزامي القرشي(ت: 236هـ) ثقة حافظ، يرجع نسبه إلى خالد بن حزام أخو حكيم بن حزام بن خويلد الأسدي رضي الله عنه، وكان إمام أهل المدينة في زمانه ومحدّثهم، أدرك الإمام مالك، وتفقّه على كبار أصحابه، وهو من أوعية علم التاريخ، عالم بالسير والأخبار، روى عنه البخاري في صحيحه وفي تواريخه فأكثر، وأكثر من الرواية عنه أصحاب كتب التاريخ المسندة أبو يوسف الفسوي وابن أبي خيثمة وأبو زرعة الدمشقي، وغيرهم، وأخرج مروياته جماعة من أهم الحديث في مصنفاتهم كالدارمي وابن ماجه وابن حبان والطبراني في معاجمه وأكثروا عنه، وكذلك الحاكم أكثر من الرواية عنه في المستدرك ولا سيما فيما يتعلق بتراجم الصحابة ووفياتهم.
وله كتاب في الطبقات مفقود، لكن ما نقل عنه في كتب التاريخ والسير والتراجم يكفي لاستخلاص مجلد كبير.
17: خليفة بن خياط العصفري (ت:240هـ) ، وله كتاب في التاريخ وكتاب في الطبقات مطبوعان، ينقل عنه منه ومن غيره من كتبه المفقودة.
18: أبو حسان الحسن بن عثمان بن حماد الزِّيَادي (ت:242هـ)، نسبة إلى زِيَاد، وهو زياد بن أبيه، وكان جدُّه قد تزوج أمّ ولد كانت لزياد بن أبيه، فقيل لولده منها الزيادي، فغلبت النسبة على ذريته، ولاه المتوكل قضاء شرقي بغداد، وكان قد بعث بوزيره أبي الفتح بن خاقان ليسأل عنه الإمام أحمد فيمن أراد أن يوليهم القضاء؛ فقال الإمام أحمد: (كان مع ابن أبي دؤاد، وكان من خاصته ولا أعرف رأيه اليوم).
وأبو حسّان كان من العلماء الذين امتحنوا في فتنة القول بخلق القرآن؛ فورّى على أمير بغداد إسحاق بن إبراهيم المصعبي لمّا امتحنه؛ فقال له: (القرآن كلام الله، والله خالق كلّ شيء).
وهو من أقران الإمام أحمد سمع هشيم بن بشير وجرير بن عبد الحميد ومحمد بن الحسن الشيباني والشافعي وغيرهم.
قال ابن عساكر: (له كتاب في التاريخ مرتب على السنين)
وقد أكثر من النقل عنه الخطيب البغدادي في الوفيات.
وله كتاب في طبقات الشعراء، وكتاباه مفقودان.
19: هشام بن عمار بن نصير السلمي الدمشقي(ت:245هـ)
20: عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي(ن:245هـ) قاضي بيت المقدس، المعروف بدُحيم.
21: محمد بن مصفّى بن بهلول الحمصي(ت:246هـ)

22: أبو حفص عمرو بن علي الفلاس (ت:249هـ)، وله كتاب في التاريخ مطبوع رتّبه على الوفيات، وهو ثقة حافظ جليل القدر.
23: أبو موسى محمد بن المثنى العَنَزي البصري(ت:252هـ) ثقة حافظ من شيوخ البخاري ومسلم.
24: محمد بن يحيى بن عبد الله الذهلي(ت:258هـ)
25: يعقوب بن شيبة بن الصلت السدوسي(ت:262هـ) ، وهو المحدّث الكبير صاحب المسند الكبير المتقن الذي مات ولم يكمله ولو أكمله لكان أكبر مسند في الإسلام.
قال أبو القاسم الأزهري: (بلغني أن يعقوب [بن شيبة] كان في منزله أربعون لحافاً، أعدها لمن كان يبيت عنده من الوراقين لتبييض المسند ونقله). رواه الخطيب البغدادي في تاريخه.
ومسنده هذا كان من أكبر المسانيد في تاريخ الإسلام، وأحسنها عرضاً للأحاديث وطرقها، ولكنّه لم يتمّ، وقد أطنب الذهبي في مدحه في مواضع من كتبه، وقال في وصف منهجه في مسنده: (يذكر أولا سيرة الصحابي مستوفاة، ثم يذكر ما رواه، ويوضح علل الأحاديث، ويتكلم على الرجال، ويجرح ويعدل بكلام مفيد عَذْبٍ شافٍ، بحيث إن الناظر في مسنده لا يملّ منه، ولكن قلَّ من روى عنه) ا. هـ.
ولعل سبب قلة الرواية عنه أنه وقف في فتنة القول بخلق القرآن، فهجره الإمام أحمد وأمر بهجره، وهو غير متّهم في روياته، ولا مقدوح في ضبطه.
وقد طُبع من مسنده الجزء العاشر من مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ورأيت فيه كلاماً على بعض الرواة وبعض أخبارهم وأحوالهم بإيجاز حسن، وفيه ذكر لوفيات بعضهم، ولعلّ هذا المسند هو مصدر نقل العلماء لأقواله في وفيات العلماء.
26: يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي الفسوي(ت:277هـ)
27: أبو زُرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي (ت 281 هـ) الملقّب بشيخ الشباب، وله كتاب في التاريخ مطبوع، وكتاب آخر في الطبقات مفقود.
28: أبو جعفر محمد بن عبد الله الحضرمي الكوفي المعروف بمطيَّن (ت:297هـ) ، وهو ثقة حافظ، وله كتب في التفسير والسنن والفقه مفقودة، وله كتاب "الأخبار والحكايات" مذكور في المخطوطات.

وهؤلاء هم أشهر من تُنقل أقوالهم في وفيات الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى عصرهم، ثمّ ظهر بعدَهم التأليف المفرد في الوفيات، ومن ذلك:
1: كتاب المولد والوفاة، لأبي بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي(ت:310هـ)، وهو في مواليد العلماء ووفياتهم، وكتابه مفقود، وكان من الكتب التي يُنقل منها.
2: كتاب الوَفَيات، لأبي الحسين عبد الباقي بن قانع بن مرزوق البغدادي(ت:351هـ) ابتدأه من الهجرة إلى سنة 346هـ، وهو مفقود.
3: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم، لأبي سليمان محمد بن عبد الله ابن زَبْر الربعي (ت:379هـ)، وهو كتاب قيّم ذكر فيه من توفّي في السنة الأولى للهجرة حتى بلغ سنة 338هـ، واعتمد فيه على الكتب المتقدمة في الوفيات فلخَّص أقوال العلماء الذين لهم عناية بذكر وفيات العلماء فجمع ما روي عن أبي نعيم الفضل بن دكين، ومحمد بن عبد الله بن نمير، والليث بن سعد، وعلي بن محمد المدائني، ويحيى بن معين، والواقدي، وأبي موسى محمد بن المثنى، وعمرو بن علي الفلاس، وسعيد بن أسد بن موسى، وأحمد بن حنبل، والهيثم بن عدي، وأبي زرعة الدمشقي؛ وذكر أسانيده إليهم في أوّل الكتاب اختصاراً، وما اتفقوا عليه لم يعزُ الأقوالَ فيه لئلا يطول الكتاب، وما اختلفوا فيه نسب الأقوال لقائليها على اختلافهم؛ فاشتهر كتابه وحُفظ، واعتنى به العلماء.
4: ثمّ أتى بعده تلميذه أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني(ت:466هـ) فكتب ذيلاً على هذا الكتاب وتمّمه من سنة 338هـ إلى سنة 462هـ يذكر أمام كلّ سنة من توفي فيها من العلماء.
5: ثمّ أتى بعده أبو محمد هبة الله بن أحمد ابن الأكفاني (ت:524هـ) فتممه من سنة 463هـ إلى سنة 485هـ.
6: ثمّ أتى بعده تلميذه أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي (ت:611هـ) فكتب كتابه "وفيات النقلة" ووصل فيه إلى سنة 581هـ.
7: ثم أتى بعده تلميذه الحافظ زكيّ الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (ت:656هـ) فكتب كتابه "التكملة لوفيات النقلة" ابتدأه من سنة 582هـ وصل فيه إلى سنة 642هـ.
8: ثمّ ذيّل عليه تلميذه عز الدين أحمد بن محمد الشريف الحسيني(ت:695هـ) فكتب كتابه "صلة التكلمة لوفيات النقلة" ابتدأ فيه من سنة 641هـ إلى سنة 675هـ.
9: ثمّ أتى بعده الحافظ شهاب الدين أحمد بن أيبك الدمياطي(ت:749هـ)، فكتب كتابه "تتمّة صلة التكملة" ، ووصل فيه إلى آخر سنة 736هـ.

وهذه سلسلة عجيبة من الكتب المتكاملة في موضوعها، وأنموذج من نماذج وفاء التلاميذ لشيوخهم بتتميم أعمالهم وإحياء ذكرها.

وقد كتب في الوفيات جماعة من العلماء منهم:
- ابن منده وقد أثنى الذهبي على كتابه.
- وأبو إسحاق الحبّال له كتاب "وفيات قوم من المصريين ونفر سواهم من سنة 375هـ" إلى سنة 456هـ.
- ولابن خلكان كتاب مشهور سمّاه "وفيات الأعيان"، ذيّل عليه ابن شاكر الكتبي(ت:764هـ) في كتابه "فوات الوفيات" استفاد أكثر مادّته من كتاب "الوافي بالوفيات" لمعاصره صلاح الدين بن أيبك الصفدي(ت:764هـ)، وذيّل على وفيات ابن خلّكان أبو العباس أحمد بن محمد ابن القاضي المكناسي(ت:1025هـ) في كتابه "درّة الحجال فى أسماء الرّجال" بدأه من وفاة ابن خلكان إلى أوائل القرن الحادي عشر، وعليه تذييلات أخرى.
- ولعَلم الدين أبي محمد القاسم بن محمد البرزالي(ت:739هـ) كتاب سمّاه "المقتفى على كتاب الروضتين" واشتهر باسم "وفيات البرزالي" ذيَّل به على تاريخ أبي شامة المقدسي، وكان قد وقف عند حوادث ووفيات سنة 665هـ، وهي سنة وفاة أبي شامة ومولد البرزالي.
وقد طبع كتاب البرزالي بتحقيق عمر عبد السلام تدمري من أول الكتاب إلى حوادث سنة 729هـ، وله طبعة أخرى بتحقيق الكندري في حوادث سنة 709هـ إلى ذي الحجة من سنة 718هـ.
- وقد ذكر ابنُ رافع السَّلامي(ت:774هـ) أن البرزالي وصل في تاريخه إلى سنة 736هـ في مبيّضته، وسوّد لسنتي 737هـ و 738هـ، ثمّ إنه ذيّل عليه في كتابه "الوفيات" ابتدأه من سنة 737هـ إلى سنة 774هـ.
- وكتاب الوفيات، لأبي العباس أحمد بن حسن المعروف بابن قنفذ القسنطيني(ت:810هـ)، وهو ذيل على كتابه "شرف الطالب في أسنى المطالب" وهو كتاب في علوم الحديث، ألحق به ملحقاً ذكر فيه وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ثمّ وفيات الصحابة والتابعين، وجماعة من العلماء إلى سنة 807هـ، وقد أُفرد هذا الملحق وطُبع بعنوان "وفيات ابن قنفذ" بتحقيق الأستاذ عادل نويهض، وقد ذيّل على وفيات ابن قنفذ أبو العباس أحمد بن محمد بن القاضي المكناسي(ت: 1025ه) من أوّل المائة الثامنة إلى تمام المائة العاشرة، ثمّ ذيّل عليه محمد بن الطيب القادري(ت:1187هـ) في كتابه "التقاط الدرر" إلى وفيات سنة 1171هـ ثم أضاف إليه من مات بعد ذلك في حياة المؤلف بعد تلك السنة.
- وكتاب الوفيات،لأحمد بن يحيى الونشريسي(ت:914هـ)، المعروف بوفيات الونشريسي، وفيه تراجم لجماعة من المفسرين والمحدثين والفقهاء والمتصوفة في المغرب والأندلس من سنة 701هـ إلى سنة 912هـ.

- وكُتب في الوفيات كتب أخرى كثيرة يتعسّر تقصّيها.

النوع الخامس: كتب الطبقات والسير المختصة بالبلدان
وقد كُتب في هذا النوع كتب كثيرة جداً منها ما هو صريح بلفظ الطبقات، ومنها ما سمّي باسم التاريخ وتضمن سيراً مرتبة على الوَفَيات أو حروف المعجم لتسهيل الوصول إلى الترجمة المطلوبة.
والكتب المؤلفة في تواريخ البلدان على نوعين:
أ- نوع يؤرّخ لمعالم البلدان والحوادث فيها.
ب- ونوع يُترجم للأعلام الذين أقاموا فيها أو زاروها أو ماتوا فيها.
ومن أصحاب الكتب من يجمع بين النوعين، والذي يتعلق به غرضنا ما تضمّن السير والتراجم والوفيات.
ومن أوّل من ألّف في هذا النوع – فيما ذُكر - ابن أبي شيبة(ت:235هـ) صاحب المصنف، فذُكر في مؤلفاته "طبقات أهل الكوفة".
وذُكر أنّ لعمر بن شبّة كتاباً في أخبار البصرة، وآخر في تاريخ الكوفة، ولم أقف على وصف ما فيهما.
ومن البلدان التي أُلّف في تواريخها كتب: مكة، والمدينة، والعراق، والشام، واليمن، مصر، وخراسان، وأفريقية، والأندلس.

- فأمّا مكة فألّف في تاريخها كتب متقدمة منها أخبار مكة لأبي الوليد الأزرقي(ت:250هـ)، ولأبي عبد الله الفاكهي (ت:272ه)، ومنائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم للسنجاري(ت:1125هـ)، لكنّها في الحوادث والمعالم والولاة.
ومن الكتب التي ترجمت لأعلام مكة:
1: أخبار المكيين من تاريخ ابن أبي خيثمة(ت:279هـ)، ترجم فيه لجماعة من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ممن نزل مكة، وهو من كتب التاريخ المسندة القيّمة.
2: والعقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، لتقيّ الدين محمد بن أحمد الفاسي(ت:832هـ)

- وأمّا المدينة فقد ألّف في تاريخها كتب كثيرة لكن أكثرها في معالم المدينة وحوادثها، ومن أقدم ما كتب في ذلك:
- أخبار المدينة،لمحمد بن الحسن بن زبالة (ت: بعد 199هـ)، وكتابه مفقود، لكن جمعت نقوله من كتب متفرقة وطُبعت، وابن زبالة أخباريّ متروك الحديث.
- وتاريخ المدينة، لأبي زيد عمر بن شبّة النميري (ت:262هـ)، وهو كتاب مسند قيّم مطبوع، لكنّه في الحوادث والمعالم.
ومن الكتب التي ترجمت لأعلام المدينة: التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة، لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي (ت: 902هـ)، وهو مرتب على حروف المعجم.

- وأمّا العراق فكتب في تواريخ بلدانها وتراجم علمائها كتب كثيرة، من أشهرها:
1: تاريخ واسط،لأبي الحسن أسلم بن سهل الرزاز الواسطي المعروف ببَحْشَل(ت:292هـ)، وهو مرتب على الطبقات، ترجم فيه لمن دخل واسط من الصحابة فمن بعدهم، وواسط مدينة متوسطة بين الكوفة والبصرة أنشأها الحجاج بن يوسف في العقد الثامن من الهجرة، وأنفق على إنشائها مالاً كثيراً.
2: وطبقات العلماء من أهل الموصل، لأبي زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي الموصلي (ت:334هـ) ، وهو مفقود، لكن استخرج الأستاذ بسام الجلبي نقول العلماء منه، وجمع مادة وفيرة، وأخرجها في كتاب.
3: وتاريخ بغداد، لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي(ت:463هـ)، وهو مرتب على حروف المعجم، وله ذيول وتممات كثيرة.
وفقدت كتب أخرى في تاريخ الكوفة والبصرة وواسط وبغداد والموصل والأنبار.

- وأما الشام فألّف في بلدانها وعلمائها كتب كثيرة منها:
1: طبقات الشاميين، لأبي سعيد عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو بن ميمون الدمشقي(ت: 245هـ) المعروف بدحيم، وهو مفقود.
2: كتاب التاريخ، لأبي زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي (ت 282 هـ)، وهو كتاب قيّم مطبوع، أوّله في السيرة، وترجم في آخره لجماعة ممن مات بالشام من الصحابة والتابعين وتابعيهم، وقد ذُكر لأبي زرعة الدمشقي كتاب في الطبقات لم يطبع.
3: تاريخ الرَّقَة ومن نزلها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين والفقهاء والمحدثين،لأبي علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القُشَيْرِي الحراني (ت 334هـ)، وهو مطبوع.
7: تاريخ داريا ومن نزل بها من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، لأبي علي عبد الجبار بن عبد الله الخولاني (ت 370هـ)، وهو مطبوع.
8: تاريخ دمشق، لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر الدمشقي(ت:571هـ) ، وهو كتاب حافل ترجم فيه لأكثر من عشرة آلاف رجل ممن دخل دمشق واجتازها، وجمعه من مصادر كثيرة جداً، منها كثير مفقود، وقد طبع في 80 مجلداً بالفهارس، وله طبعة أخرى متقنة لجماعة من محققي الشام بإشراف مجمع اللغة العربية بدمشق، صدر في أجزاء متفرقة بلغت نحو ثلث الكتاب.
وله مختصرات، منها مختصر لابن منظور، طُبع في عشرين مجلداً.
9: بغية الطلب في تاريخ حلب، لكمال الدين عمر بن أحمد ابن العديم (ت:660هـ)، أوّله في معالم مدينة حلب وتاريخها، ثم ترجم فيه لمن دخلها واجتازها، وهو مرتب على حروف المعجم، وهو كتاب حافل، وله مختصرات.
10: الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل، لمجير الدين أبي اليُمن عبد الرحمن بن محمد العليمي المقدسي الحنبلي(ت:927هـ)، وهو مطبوع.

وفقدت كتب في تاريخ حمص، وحلب، وطرسوس، وحران.

- وأمّا اليمن فألّف فيها كتب منها:

1: تاريخ صنعاء، لإسحاق بن يحيى بن جرير الصنعاني(ت:450هـ)، وهو مطبوع.
2: كتاب "من دخل اليمن من الصحابة"، لأحمد بن علي بن أبي بكر العرشاني اليمني (ت 590هـ)، ولم يطبع فيما أعلم.
3: طبقات فقهاء اليمن، لعمر بن علي بن سمرة الجَعْدي(ت: بعد 586هـ)، وهو مطبوع.
4: السلوك في طبقات العلماء والملوك في اليمن، لأبي عبد الله محمد بن يوسف بن يعقوب الجندي(ت:732هـ).
5: بهجة الزمن في تاريخ اليمن، لتاج الدين عبد الباقي بن عبد المجيد اليماني(ت:743هـ)
6: طراز أعلام الزمن في طبقات أعيان اليمن، لعلي بن الحسن ابن وهاس الخزرجي (ت 812 هـ‍)
7: طبقات صلحاء اليمن المعروف بتاريخ البريهي، لعبد الوهاب بن عبد الرحمن البريهي السكسكي(ت 904 هـ‍).

8: تاريخ حضرموت المعروف بتاريخ شنبل، لأحمد بن عبد الله شنبل (ت: 920 هـ‍).
9: تاريخ ثغر عدن، للقاضي عبد الله الطيب بامخرمة (ت 947 هـ‍).

10: يوميات صنعاء في القرن الحادي عشر، يحيى بن الحسين بن القاسم الزيدي(ت:1100هـ تقريباً ).
11: بهجة الزمن في تاريخ اليمن، يحيى بن الحسين بن القاسم الزيدي(ت:1100هـ تقريباً ).
12: غاية الأماني في أخبار القطر اليماني، يحيى بن الحسين بن القاسم الزيدي(ت:1100هـ تقريباً ).

13: تاريخ حضرموت المسمى: «العدة المفيدة الجامعة لتواريخ قديمة وحديثة»، لسالم بن محمد بن حميد الكندي (ت: 1310 هـ‍).
14: تاريخ حضرموت، لصالح الحامد (ت: 1387 هـ‍).
15: فرجة الهموم والحزن في حوادث وتاريخ اليمن، عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليمني(ت:1389هـ)، المطبعة السلفية، القاهرة، 1346هـ.
16: التفسير في اليمن، علي بن حسان بن علي حسان، رسالة دكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1424هـ.

- وأما مصر فألّف في أعلامها كتب منها:
1: من نزل مصر من الصحابة، لأبي عبيد الله محمد بن الربيع بن سليمان الجيزي (ت:324هـ)، وهو مفقود.
2: ودرّ السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة، لجلال الدين السيوطي(ت:911هـ).
3: تاريخ مصر، لأبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد ابن يونس الصدفي المصري (ت:347هـ) ، وهو مفقود لكن جمع الدكتور عبد الفتاح فتحي نصوصه من كتب كثير متفرقة، واجتهد في جمعها، وطبع كتابه.
4: تاريخ علماء أهل مصر، لابن الطحان يحيى بن علي بن محمد الحضرمي (ت:416هـ) ، وهو مرتب على حروف المعجم.

- وأمّا خراسان فهي من أوفر البلدان نصيباً في كتب تواريخ البلدان، وقد ألّف فيها ما يتعسّر حصره، وأكثره مفقود.
وإقليم خراسان افتتح في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، ووفد إلى بلدانها مئات من الصحابة رضي الله عنهم فاتحين ومعلّمين ومقيمين.
قال الحسن البصري: (لقد غزونا غزوة إلى خراسان، ومعنا فيها ثلاث مئة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم).
فهؤلاء في غزوة واحدة بلغوا ثلاثمائة؛ فما الظنّ بمجموع الغزوات ومن وفد إليها بعد الفتح.
ومما طبع من الكتب المؤلفة في بلدان خراسان وعلمائها:
1: طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها، لأبي الشيخ الأصبهاني، وهو عبد الله بن محمد بن جعفر الأنصاري (ت: 369هـ)، وكتابه مطبوع.
2: تاريخ نيسابور، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (ت: 405هـ)، وكتابه مفقود، وقد طبع تلخيصه لأحمد بن محمد بن الحسن المعروف بالخليفة النيسابوري، وهو بالفارسية، وقد ترجمه إلى العربية بهمن كريمي، وهو مرتب على الطبقات ثم على حروف المعجم.
3: تاريخ جرجان، لأبي القاسم حمزة بن يوسف الجرجاني (ت:427هـ)، وهو مرتب على حروف المعجم.
4: تاريخ أصبهان، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله ابن مهران الأصبهاني(ت:430هـ)، وهو مرتب على حروف المعجم.
5: القند في ذكر علماء سمرقند، لنجم الدين عمر بن محمد النسفي (ت: 537ه)، طبع بعضه.
6: تاريخ بيهق، لظهير الدين علي بن زيد ابن فندمه البيهقي(ت:565هـ).
7: التدوين في أخبار قزوين، لأبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني (ت: 623هـ)، وهو مرتب على الطبقات ثمّ على حروف المعجم.
8: كتاب السياق لتاريخ نيسابور، للحافظ أبي الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي (ت:529هـ)، وهو مفقود، حذا فيه حذو الحاكم النيسابوري في تاريخه وتمّمه.
وقد طبع له مختصران:
أحدهما: المختصر من كتاب السياق، ومختصِره مجهول، طبع في إيران منسوباً لأبي الحسن الفارسي.
والثاني:المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور، لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد الصريفيني (ت: 641هـ)، وهو مرتب على حروف المعجم.
وفقدت كتب كثيرة لتواريخ بلدان في خراسان منها: بلخ، والري، وبخارى، ومرو، وقم، ونسف، وكشّ، وشيراز، وقوهستان، وآمد، وغيرها.

- وأمّا أفريقية فألّفت فيها كتب منها:
1: طبقات علماء أفريقيا، لأبي عبد الله محمد بن عبد السلام الخشني(ت:286هـ)، يرجع نسبه إلى أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، وكتابه مطبوع.
2: طبقات علماء أفريقيا، لأبي العرب محمد بن أحمد بن تميم القيرواني (ت: 333هـ)، وهو مطبوع.
3: قضاة قرطبة وعلماء أفريقية، لأبي عبد الله محمد بن حارث بن أسد الخشني(ت:361هـ)، وهو مطبوع.
4: مختصر طبقات علماء أفريقيا،لأبي عمر أحمد بن محمد الطلمنكي (ت:426هـ)، وهو مطبوع أيضاً.
5: رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية وزهادهم ونساكهم وسير من أخبارهم وفضائلهم وأوصافهم، لأبي بكر عبد الله بن محمد المالكي (ت 438 هـ‍).
6: التفسير والمفسرون في غرب أفريقيا،للدكتور محمد بن رزق طرهوني، رسالة دكتوراه.
7: طبقات القرّاء والمقرئين بإفريقيّة وتونس من الفتح الإسلامي إلى نهاية عام 1436هـ، للدكتور الهادي روشو.
وألّف في أعلام القيروان والرباط وفاس وغيرها كتب.
- وأمّا الأندلس فألّف في تراجم علمائها كتب منها:
1: تاريخ علماء الأندلس، لأبي الوليد عبد الله بن محمد ابن الفرضي(ت:403هـ)
2: الصلة في تاريخ أئمة الأندلس، لأبي القاسم خلف بن عبد الملك ابن بشكوال الأندلسي (ت:578هـ)
3: بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس، لأبي جعفر أحمد بن يحيى ابن عميرة الضبي (ت: 599هـ)
وكتب في بعض بلدان الأندلس بخصوصها كتب يطول تقصّيها.

وأمّا بلاد الهند فألّف في علمائها كتب منها:
1: إنباء الخلان بأنباء علماء هندستان، لأبي الحسنات محمد عبد الحي بن محمد عبد الحليم اللكنوي(ت:1304هـ)
2: الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام ويسمى (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)، لعبد الحي بن فخر الدين بن عبد العلي الحسني الطالبي (المتوفى: 1341هـ)، وهو مطبوع.

النوع السادس: كتب الجرح والتعديل، وأحوال الرجال
ومن مراجع السير المهمة الكتب التي تُعنى بالكشف عن أحوال الرجال وشيوخهم وتلاميذهم ووفياتهم وبعض أخبارهم وما قيل فيهم من جرح وتعديل، وهي من المراجع المهمة إذا كان المترجم له ممن له رواية في كتب الحديث.
وقد تقدم البيان أنّ كثيراً من القراء والمفسرين ولا سيما المتقدمين منهم كانوا من أهل العلم بالحديث والفقه والفتوى مع علمهم بالقراءة والتفسير؛ فلذلك قد يجد الباحث في كتب أحوال الرجال من أخبارهم ما لا يجده في غيرهما من الكتب.
وكتب أحوال الرجال على أصناف:
- فمنها ما هو في أحوال الرجال عموماً.
- ومنها ما هو مختص بالثقات.
- ومنها ما هو مختص بالضعفاء.
- ومنها ما هو مختص بنوع من أنواع الضعف في الرجال أو في طريقة الرواية كالتخليط والتدليس والإرسال.
- ومنها ما هو مختص ببعض الكتب كرجال صحيح البخاري، ورجال مسلم، ورجال المسند وغيرهم.
- ومنها ما هو مختص ببعض البلدان.

والكلام في ذكر كتب كل نوع من هذه الأنواع يطول، لكن من أجمع الكتب التي يمكن أن يرجع إليها الباحث في السير والتراجم لمن كانت لهم رواية في دواوين السنة:
1: تهذيب الكمال،لجمال الدين أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن القضاعي المزي (ت:742هـ) ، وأصله كتاب "الكمال في أسماء الرجال" للحافظ عبد الغني المقدسي، وقد جمع فيه كثيراً من أقوال الأئمة النقّاد في رجال الكتب الستة، وهم الذين تدور عليهم أكثر الأحاديث والآثار المروية، لكن فاته عدد من الرواة واقتصر في جمع أقوال الأئمة النقاد فيهم على مصادر قليلة واختصر في ذكر شيوخهم وتلاميذهم، واقتصر على الكتب الستة.
فجاء الحافظ المزّي فهذّب الكتاب تهذيباً حسناً ، وبالغ في تجويده وتمتينه، وأضاف إليه من كتب أصحاب الكتب الستة الأخرى ككتاب الأدب المفرد للبخاري ورفع اليدين في الصلاة له، وكتاب المراسيل والناسخ والمنسوخ لأبي داوود، وغيرها فزاد على الكتب الستة 19 كتاباً للأئمة الستة.
وتقصّى أسماء الشيوخ والتلاميذ، وذكر طائفة من أخبارهم، وتوسّع في ذكر أقوال الأئمة النقاد فيهم، وذكر وفياتهم، وربما ذكر عدداً من الأقوال في الوفيات، وصوّب ما وقف عليه من الأوهام والأغلاط، وأعاد ترتيب الكتاب على حروف المعجم لجميع الرواة، وكان الحافظ عبد الغني المقدسي قد قدّم تراجم الصحابة قبل غيرهم من الرواة، فبلغ التهذيب ثلاثة أضعاف الأصل.
وقد تلقى العلماء هذا الكتاب بالقبول، وحرصوا عليه حرصاً شديداً، لنفاسته في بابه، وتقدّمه، واعتنى به أهل الحديث عناية بالغة، وكثرت المختصرات والزيادات عليه:
- فكتب الحافظ الذهبي تذهيب تهذيب الكمال، وهو اختصار له وتتميم، وفيه ضبط لبعض الأسماء بالحروف.
- وكتب أيضاً الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، اختصره من تذهيبه، وأضاف إليه إضافات حسنة، وللحافظ العراقي ذيل على الكاشف، ولسبط ابن العجمي(ت:841هـ) حاشية عليه.
- وكتب علاء الدين مغلطاي بن قليج الحنفي (ت:762هـ) كتابه إكمال تهذيب الكمال، وهو كتاب حافل استدرك فيه على المزي نقولاً كثيرة عن الرجال المترجم لهم من مصادر كثيرة جداً بعضها، كان المزي قد ترك بعضها اختصاراً وأحال إليها لطالب الزيادة، فأضافها مغلطاي في إكماله الذي قارب أن يبلغ حجم التهذيب، وقد انتقده العلماء على شدة عبارته على المزي من غير موجِب، وهو وإن كان بالغ في الثناء على المزي وكتابه إلا أنه أورد في كتابه عبارات فيها شدة لا تليق.
- وكتب الحافظ ابن حجر العسقلاني كتابه "تهذيب التهذيب" فاختصر فيه تهذيب الكمال، وأضاف إليه من إكمال مغلطاي ومن غيره، وكان يتثبت فيما ينقل، ولا يكتفي بالرجوع إلى إكمال مغلطاي بل ينظر في أصوله التي نقل منها لئلا يقع في خطأ النقل.
وكتب غيرهم من العلماء في اختصار تهذيب الكمال وتهذيبه والاستدراك عليه كتبا عدة.
ولتهذيب الكمال طبعات عدة، أجودها طبعة الدكتور بشار عواد معروف؛ فقد عُني فيها بضبط النصّ، والتعليق على كلّ ترجمة ببيان مراجع إضافية للبحث فيها، وأضاف ما استصوبه من تعليقات الذهبي وابن حجر ومغلطاي وغيرهم في حاشية الكتاب؛ فكان تحقيقه للكتاب أكثر استيعاباً وأجود ضبطاً للنصّ.
فهذا فيما يتعلق بتحبير التراجم في تهذيب الكمال، وأما الزيادات عليه في أسماء الرجال ففيها أعمال منها:
1: الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال سوى من ذكر في تهذيب الكمال، لشمس الدين أبي المحاسن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة الحسيني الدمشقي (ت: 765هـ)، استدرك فيه نحو ألف وخمسمائة اسم.
2: وله أيضاً كتاب التذكرة لمعرفة رجال الكتب العشرة، ضمّ إلى رجال الكتب الستة رجال مسند أبي حنيفة، وموطأ مالك، ومسند الشافعي، ومسند الإمام أحمد، مع الكتب الستة دون بقية كتب الأئمة الستة الأخرى التي أضافها المزي، وانتقده الحافظ ابن حجر على حذفه من له رواية في الكتب الأخرى للأئمة الستة غير الصحيحين والسنن.
3: الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة،لأبي الفداء زين الدين قاسم بن قُطْلُوْبَغَا السُّوْدُوْنِي الحنفي (ت: 879هـ)، ذكر فيه من ذُكر فيهم تعديل في كتاب الثقات لابن حبان والجرح والتعديل لابن أبي حاتم وغيرهما، مما ليس في تهذيب الكمال للمزي.
4: تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة،للحافظ أبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني (ت:852هـ) ، وقد هذّب فيه زيادات شمس الدين الحسيني وحذف من لهم ترجمة في تهذيب الكمال، وتتبع الفوائد التي ذكرها الحسيني، والتي ذكرها شيخه نور الدين الهيثمي في زوائده على الكتب الستة، والتي ذكرها شيخه الحافظ العراقي في ذيل الكاشف، وصحح ما وقف عليه من أخطاء وأوهام.
وبلغ عدد التراجم في كتابه 1732 أكثر من ألف وسبعمائة ترجمة لرواة في كتب الأئمة الأربعة مسند أبي حنيفة وموطأ مالك ومسند الشافعي ومسند أحمد وليس لهم ترجمة في تهذيب الكمال.
وللكتاب طبعات من أجودها الطبعة التي بتحقيق الدكتور إكرام إمداد الحق، وقد استدرك على الحافظ ابن حجر 38 راوياً ذكرهم الحسيني وليس لهم ترجمة في تهذيب الكمال.

- ومن الكتب المهمة في أحوال الرجال كتاب "ميزان الاعتدال" لشمس الدين الذهبي، وهذا الكتاب له أصل، وهو أنّ جماعة من العلماء كتبوا كتباً في الضعفاء من الرواة وبيّنوا حالهم من الضعف، ومنهم من تُكلّم فيه ولا يثبت فيه جرح يقدح في رواياته، فممن كتب في الضعفاء: البخاري، والنسائي، وأبو جعفر العقيلي، وابن حبان له كتاب المجروحين، وغيرهم.
وكان من أتمّ هذه الكتب وأجمعها كتاب "الكامل في ضعفاء الرجال" لابن عدي(ت:365هـ)، وهو كتاب قيّم تحرّى فيه العدل والإنصاف في الرواة، وسبر مروياتهم وذبّ عمّن تُكلم فيه وهو يرجّح تعديله.
ولهذا الكتاب تكملة لابن الرومية أبي العباس أحمد بن محمد ابن مفرّج النباتي(ت:627هـ) سماه "الحافل في تكملة الكامل" فألّف الذهبي من هذين الكتابين ومما كتبه من قبل في الضعفاء كتابه المشهور "ميزان الاعتدال" وذكر فيه 11053 ترجمة، وحرر الكلام في كلّ ترجمة وجوّدها مع الاختصار وترك التطويل.
ثمّ جاء بعده الحافظ العراقي(ت:806هـ) فكتب ذيلاً على الميزان أضاف فيه 789 ترجمة على شرطه.
ثم جاء الحافظ ابن حجر العسقلاني(ت:852هـ) فكتب كتابه"لسان الميزان" جمع فيه بين ميزان الاعتدال وذيل شيخه العراقي وأضاف إضافات كثيرة، وأعاد ترتيبه على حروف المعجم وحذف منه مَن ذُكروا في تهذيب التهذيب لأنه استوفى الكلام عليهم فيه؛ فلم ير حاجة لإعادة ذكرهم، ولخّص الكلام في التراجم.
- وقد كتب ابن كثير كتاباً حافلاً جمع فيه بين تهذيب الكمال وميزان الاعتدال سمّاه: " التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل" واختصر فيه وأضاف، وجعله مقدمة لكتابه "جامع المسانيد والسنن"، وكان هذا الكتاب في عداد المفقود، ثمّ طبع منه خمس مجلدات، من حرف أواسط حرف الميم إلى آخر الكتاب.

فهذه الكتب من أجمع كتب تراجم الرواة.

النوع السابع: الكتب المختصة ببعض القرون
وفي هذا النوع كتب كثيرة ترجم فيها بعض أهل العلم للأعيان من أهل قرنهم، ومنهم من خصّ بعض القرون بتراجم أعلامها وإن لم يكن منهم، ومن أشهر هذه الكتب:
1: الذيل على الروضتين لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة المقدسي(ت:665هـ)، وهو في تراجم رجال القرنين السادس والسابع ، إلى تاريخ وفاته.
2: المقتفى على كتاب الروضتين، لعلم الدين أبي محمد القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي(ت:739هـ)، ويسمى وفيات البرزالي، وهو في التراجم والوفيات.
3: أعيان العصر وأعوان النصر، لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (ت: 764هـ) ، وقد اجتزأه من كتابه الكبير "الوافي بالوفيات" واختصر فيه وهذّب، وترجم فيه لمعاصريه، بدأه من سنة مولده 696هـ، ورتّبه على حروف المعجم.
4: نثير الجمان في شعر من نظمني وإياه الزمان، لأبي الوليد إسماعيل بن يوسف ابن الأحمر الغرناطي(ت: 807هـ)، وقد طبع كتابه باسم " أعلام المغرب والأندلس في القرن الثامن"، وقد ترجم فيه لأكثر من سبعين رجلاً من أدباء المغاربة والأندلسيين ولجماعة من الفقهاء والمفسرين.
5: والدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، للحافظ أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني(ت:852هـ)
6: والضوء اللامع لأهل القرن التاسع للحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي(ت:902هـ)
7: نظم العقيان في أعيان الأعيان، لجلال الدين السيوطي(ت:911هـ)، وهو في تراجم أعيان القرن التاسع.
8: دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر ، لمحمد بن علي ابن عسكر الحسني العلَمي الشفشاوني(ت: 986 هـ).
9: لقط الفرائد من لُفَاظة حَقق الفوائد، لأحمد بن محمد بن القاضي المكناسي(ت:1025هـ) [ من أوائل المائة الثامنة إلى آخر العاشرة ] ، وهو تذييل على وفيات ابن قنفذ القسنطيني(ت:810هـ)، التي جعلها ملحقاً لكتابه "شرف الطالب في أسنى المطالب".
10: النور السافر عن أخبار القرن العاشر، لعبد القادر بن شيخ ابن عبد الله العيدروس(ت:1038هـ)
11: تاريخ الشحر وأخبار القرن العاشر، لمحمد بن عمر الطيب بافقيه(ت: بعد 1040هـ)، وهو في أعلام اليمن وأخبارهم في القرن العاشر.
12: الكواكب السائرة في أعيان المائة العاشرة، لنجم الدين محمد بن محمد الغزي(ت:1061هـ)

13: لطف السمر و قطف الثمر في أعيان الطبقة الأولى من القرن الحادي عشر،لنجم الدين الغزي(ت:1061هـ)
14: السنا الباهر بتكميل النور السافر في أخبار القرن العاشر، لمحمد بن أبي بكر الشلّي با علوي اليمني(ت:1093هـ)
15: عقد الجواهر والدرر في أخبار القرن الحادي عشر، لمحمد بن أبي بكر الشلّي با علوي اليمني(ت:1093هـ)
16: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، لمحمد أمين بن فضل الله المحبّي(ت:1111هـ)
17: الإعلام بمن غبر من أهل القرن الحادي عشر، لعبد الله بن محمد الفاسي الفهري(ت: 1131 هـ)
18: صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر، لمحمد بن الحاج بن محمد الصغير الإفراني(ت:1154هـ تقريباً)
19: نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، لمحمد الطيب بن عبد السلام القادري الحسني(ت:1187هـ)
20: التقاط الدرر ومستفاد المواعظ والعبر من أخبار وأعيان المائة الحادية والثانية عشر، لمحمد بن الطيب القادري(ت: 1187هـ)، ذيَّل به على كتاب "لقط الفرائد".
21: سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، لمحمد خليل بن علي المرادي(ت:1206هـ)
22: البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، لمحمد بن علي الشوكاني(ت:1250هـ)
23: طبقات مشاهير الدمشقيين من أهل القرن الرابع عشر الهجري،محمد جمال الدين القاسمي(ت:1332هـ).
24: الدر المنتثر في رجال القرن الثاني عشر والثالث عشر، لعلاء الدين علي بن نعمان الآلوسي(ت:1340هـ)
25: حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، لعبد الرزاق بن حسن البيطار(ت:1335هـ)
26: المسك الأذفر في نشر مزايا القرن الثاني عشر والثالث عشر، لأبي المعالي محمود شكري الآلوسي(ت:1342هـ)
27: تراجم أعيان القرن الثالث عشر وأوائل الرابع عشر، لأحمد تيمور باشا (ت:1348هـ)
28: الملحق التابع للبدر الطالع، لمحمد بن محمد بن يحيى زبارة الصنعاني(ت:1381هـ).
29: نشر العرف لنبلاء اليمن بعد الألف،لمحمد بن محمد بن يحيى زبارة الصنعاني (ت:1381هـ)
30: نزهة النظر في رجال القرن الرابع عشر، لمحمد بن محمد بن يحيى زبارة الصنعاني (ت:1381هـ)
31: إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، لعبد السلام بن عبد القادر بن سودة (ت: 1400هـ).
32: الأعلام الشرقية في المائة الرابعة عشرة الهجرية، لزكي محمد مجاهد(ت:1401هـ)
33: تاريخ علماء بغداد في القرن الرابع عشر الهجري، ليونس الشيخ إبراهيم السامرائي(ت:1411هـ)
34: تاريخ علماء سامرّاء، ليونس الشيخ إبراهيم السامرائي(ت:1411هـ)
35: علماء نجد خلال ثمانية قرون، عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح البسام(ت:1423هـ).
36: لآلئ الدرر في تراجم رجال القرن الثالث عشر، لقاضي محكمة بلغازي أحمد بن محمد بن أحمد الشعفي.

37: علماء دمشق وأعيانها في القرن الثالث عشر الهجري،لمحمد مطيع الحافظ ونزار أباظه.
38: تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري، لمحمد مطيع الحافظ ونزار أباظه.




فهذه خلاصة نافعة في ذكر أنواع المؤلفات في السير والتراجم والطبقات وأهمّ الكتب في كلّ نوع، مما تتعلق به حاجة طالب علم التفسير عند البحث عن سيرة مفسر ليهتدي للكتب التي هي من مظانّ بحث سيرته بحسب طبقته أو بلده أو سنة وفاته أو القرن الذي عاش فيه.
وكنت قد كتبت بحثاً مفصلاً في كل نوع من هذه الأنواع، ذكرت نشأة التأليف فيه، وتقصيت ما استطعت الكتب المطبوعة، وذكرت بعض ما لم يطبع من الكتب المفقودة التي تعدّ من الموارد المهمة لبعض الكتب المطبوعة، وأطلت النفس فيه حتى طال الحديث جداً بما لا يناسب أن يكون جزءاً من درس، و صار الأنسب له أن يكون دورة مستقلة في مراجع السير والتراجم، فذكرت الخلاصة هنا، ولعل التفصيل يكون ي دورة من الدورات التابعة لمعهد الإعداد العلمي أو موقع جمهرة العلوم ضمن سلسلة دورات في المراجع، والله الموفق والمعين.
والذي يعني طلاب برنامج إعداد المفسر في هذه الدورة هو التعريف بالكتب التي يحسن بالباحث الرجوع إليها عند البحث في سيرة مفسّر من المفسّرين أو قارئ من القراء.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, الدرس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir