دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السادس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 ربيع الأول 1443هـ/28-10-2021م, 03:08 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس العاشر: مجلس مذاكرة القسم الثاني من كتاب خلاصة تفسير القرآن

مجلس مذاكرة القسم الثاني من "خلاصة تفسير القرآن"

اختر مجموعة من المجموعات التالية وأجب على أسئلتها إجابة وافية.

المجموعة الأولى:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. أحكام المعاملات المالية في القرآن الكريم [البيوع ، وكتابة الديون، والإجارة]

2. جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع
3. قصة إبراهيم عليه السلام
4. قصة يونس عليه السلام
5. قصة يوسف ويعقوب عليهما السلام
6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.

المجموعة الثانية:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. أحكام المواريث.
2. أحكام الأطعمة والأشربة والصيد.
3. فوائد دراسة قصص الأنبياء.
4. قصة لوط عليه السلام
5. قصة عيسى وأمّه وزكريا ويحيى عليهم السلام
6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.

المجموعة الثالثة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. أحكام النكاح
2. أحكام الأيمان.
3. قصة هود عليه السلام
4. قصة موسى وهارون عليهما السلام
5. قصة أصحاب الكهف.
6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.

المجموعة الرابعة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. أحكام الطلاق والعدد والإيلاء والظهار.
2. قصة نوح عليه السلام
3. قصة صالح عليه السلام
4. قصة داوود وسليمان عليهما السلام
5. قصة ذي القرنين
6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.

المجموعة الخامسة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. تفسير آيات الحدود.
2. قصة آدم عليه السلام
3. قصة شعيب عليه السلام
4. قصة أيوب عليه السلام
5. قصة الخضر مع موسى عليه السلام
6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.


تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 ربيع الأول 1443هـ/5-11-2021م, 03:12 PM
صلاح الدين محمد صلاح الدين محمد غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 1,868
افتراضي

المجموعة الرابعة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. أحكام الطلاق والعدد والإيلاء والظهار.
أولا أحكام الطلاق والعدد:
1 – دليل أحكام الطلاق من القرآن:
قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} إلى قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} , وقال: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] الآيات [الطلاق: 1 وما بعدها] .
2 – صفة الطلاق المشروع: وذلك أن يطلقها مرة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، أو يطلقها وهي حامل قد تبين حملها، أو وهي آيسة أو صغيرة.
3 – صفة الطلاق غير المشروع: فمن طلقها أكثر من واحدة، أو وهي حائض أو نفساء، أو في طهر قد وطئ فيه ولم يتبين حملها فإنه آثم متعد لحدود الله.
4 – الآثار المترتبة على الطلاق الرجعي: أن يراجعها مادامت في العدة, سواء رضيت أو كرهت, وهذا الطلاق يكون بطلقة واحدة أو اثنين بلا عوض.
5 – الآثار المترتبة على الطلاق الغير رجعي: بأن يطلقها ثلاث, فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل, ويطأها ويطلقها رغبة في طلاقها, فله أن يراجعها.
6 – الطلاق بعوض: ويكون بلفظ الطلاق أو الخلع أو الفداء أو غيره من الألفاظ, وهو مباح عند الحاجة, سواء كان العوض قليل أو كثير, ويحصل لها الفكاك منه, وإن أرادات العودة إليه يكون بعقد جديد.
7 – ليس لولي الزوجة أن يعارضها إذا أرادات العودة لزوجها بغضا له أو نكاية عليه, أو طمعا في ماله أو مالها.
8 – شرط الرجعة: هو أن يقيما حدود الله, وهو شرط معتبر في الرجعة والتراجع, وإلا فلا يتراجعا للضرر.
9 – أن الله تعالى بين هذه الأحكام, وعلمها لعباده ليعملوا بها ويقفوا عندها ولا يتجاوزوها, وحذر من اتخاذها هزوا.
10 – أحوال عدة المفارقة: أ - المفارقة بطلاق إن كانت تحيض باستكمال ثلاثة قروء من بعد وقوع الطلاق عليها.
ب - الآيسة والتي لم تحض لصغر ونحوه عدتها ثلاثة أشهر.
ج - المفارقة بموت زوجها تربص أربعة أشهر وعشرا.
د - لحامل من المفارقات في الحياة وبعد الممات عدتها بوضع الحمل.
الفوائد:
1 - المفارقة في الحياة بطلاق ونحوه ليس لزوجها عليها عدة إذا لم يدخل أو يخل بها، بل بمجرد ما يطلقها لها التزوج في الحال.
2 - العدة تثبت بالدخول، وكذلك الخلوة.
3 - العدة من حقوق الزوج؛ لتمكنه من الرجعة ولحفظ فراشه ومائه من الاختلاط.
4 – العدة من حقوق الزوجة أيضا؛ فإن المعتدة نوعان: نوع حامل لها النفقة بكل حال, ونوع غير حامل، وهي أيضا نوعان: مفارقة بائنة بموت أو فسخ أو خلع أو ثلاث أو عوض، فهؤلاء كلهن لا نفقة لهن ولا كسوة ولا مسكن إلا على وجه المعروف والإحسان, ومفارقة رجعية فما دامت في العدة فلها النفقة والكسوة والمسكن وتوابعها على الزوج، وحكمها حكم الزوجة التي في حباله في كل حال إلا في القسم فلا قسم له.
5 - في قوله: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] دليل على أمانتها على نفسها، وقبول قولها في وجود الحيض وانقطاعه.
6 - وفي قوله: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] دليل على أنه لا يقع الطلاق إلا بعد النكاح.
7 - من علق طلاقا بنكاح امرأة لم ينعقد هذا التعليق، ولم يقع عليها شيء إذا نكحها؛ لأن النكاح لا يراد به خلاف مقصوده.
8 - وقوله: {فَمَتِّعُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] فيه الأمر بتمتيع المفارقة بالطلاق قبل المسيس مطلقا.
9 - في آية البقرة الأمر بالتمتيع إذا لم يسم لها مهرا، فإن سمى لها مهرا فإنه يتنصف إذا طلقها قبل الدخول، ويكون نصف الصداق هو المتعة.
10 - سمى هذه الأحكام آيات؛ لأنها تدل أكبر دلالة على عنايته ولطفه بعباده، وأنه شرع لهم من الأحكام، الأحكام الصالحة لكل زمان ومكان، ولا يصلح العباد غيرها.
11 - ويستفاد من هذا معنى كلي نافع، وهو أنه ينبغي للعبد إذا أراد أن يدخل في أمر من الأمور مثل الأمور التي يترتب عليها حقوق كثيرة، ومثل الولايات الكبار والصغار والأمور المهمة أن يتأنى وينظر في نفسه وعاقبة أمره، فإن رأى من نفسه قوة على ذلك، ووثق بقيامه بما فيها من الحقوق تقدم إليها متوكلا على الله، وإلا أحجم واغتنم السلامة عن الدخول في الأمور الخطرة، وأمر تعالى الأزواج أن يمسكوا زوجاتهم بمعروف أو يسرحوهن بمعروف، فإن أمسكها أمسكها بعشرة حسنة، وإن فارقها فليكن على وجه الشرع بطمأنينة من غير مغاضبة ولا مشاتمة ولا عداوات تقع بينه وبينها، أو بينه وبين أهلها.
ثانيا أحكام الإيلاء والظهار:
1 – دليل أحكام الإيلاء والظهار واللعان من القرآن:
قال تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ - وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}, وقال في اللعان: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الآيات. [النور: 6] ., قال: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا}
2 – الفرق بين الإيلاء والظهار واللعان:
أ – الإيلاء: هو الحلف بالله على ترك وطء زوجته أبدا، أو مدة طويلة تزيد على أربعة أشهر إذا كان قادرا على الوطء.
- ما يترتب على الإيلاء: - إن لم تطالبه الزوجة بالوطء ترك وشأنه, وإن وطء في هذه المدة حنث وعليه كفارة يمين, وإلا فلا شيء عليه.
- وإن طالبته بالوطء, أمر بذلك وجعل له أربعة أشهر، فإن فاء ورجع إلى الوطء فذلك هو المطلوب منه، وهو أحب الأمرين إلى الله، وإن أبى وامتنع ومضت الأربعة الأشهر وهو مصر على عدم وطئها وهي مقيمة على طلب حقها، أجبر على أحد أمرين: إما أن يفيء ويكفر كفارة يمين، وإما أن يطلق، فإن امتنع من كل منهما طلق الحاكم عليه.
ب -الظهار: فأن يحرم زوجته ويقول لها: أنت علي كظهر أمي، أو نحوه من ألفاظ التحريم الصريحة، فهذا قد أتى منكرا من القول وزورا، وكذب أعظم كذب إذ شبه من هي حلال بمن هي أعظم المحرمات، وهي الأم.
- كفارة الظهار: أن يعتق رقبة من قبل أن يمسها فإن لم يجد صام شهرين متتابعين من قبل المسيس أيضا، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا، فبعد هذه الكفارة تحل له الزوجة وتنحل يمينه.
ج – اللعان: الزوج إذا رمى زوجته بالزنا، ولم يكن له على ذلك أربعة شهود، ولم تعترف بل أقامت على الإنكار، فعليه ما على من قذف المحصنات من جلد ثمانين جلدة إلا أن يلاعنها.
- صفة اللعان: أن يشهد أربع مرات أنه لمن الصادقين فيما رماها به من الزنا، ويقول في الخامسة داعيا على نفسه، وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.
- ما يترتب على اللعان: الحد أو الحبس حتى تقر، إلا أن تقابله بلعان يدرأ عنها العذاب، بأن تقول أربعا: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا، وتزيد في الخامسة وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فعند ذلك يحصل الفراق الأبدي بينه وبينها.
- الحكمة من تخصيص الزوج بسقوط حد القذف عنه: أن الزوج محتاج، وربما كان مضطرا إلى رميها لنفي ما يلحقه من أولاد غيره ولحقه وإفساد فراشه.
الفوائد:
1 – أن الذي يولي من زوجته يتربص أربعة أشهر, فعليه أن يفيء ويكفر عن يمينه, أو يطلق.
2 – إذا امتنع المولي من الطلاق طلق الحاكم عليه.
3 – إذا فاء المولي ورجع تاب الله عليه.
4 – أن الظهار من أكذب الكذب وسماه الله عز وجل زورا ومنكر من القول.
5 – المظاهر لا تحل له زوجته إلا بعد أن يكفر.
6 – أن الرجل إذا رمى زوجته بالزنا وقع بينهما التلاعن.
7 – إذا لاعن الرجل زوجته حرمت عليه أبدا.
2. قصة نوح عليه السلام
- مدة بقاء البشر بعد آدم عليه السلام: بقي بعد آدم عليه السلام البشر قرونا طويلة وهم على الهدى والرشاد, ثم اختلوا وأدخلت عليهم الشياطين الشرور بطرق مختلفة.
- سبب عبادة قوم نوح للأصنام: لما مات أناس صالحون وهم ود وسواع ويغوث حزنوا عليهم وصوروا لهم تماثيل؛ ليتذكروهم ويتسلوا بهم, فلما هلك هؤلاء القوم واضمحل العلم عبدوا تلك الأصنام.

- بعثة نوح عليه السلام: لما انهمك هؤلاء القوم في عبادة الأصنام بعث الله نوحا عليه السلام يعرفونه ويعرفون صدقه وأمانته وكمال أخلاقه، فقال: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره).
- تكذيب قوم نوح له وطلبهم طرد من معه: لما أمرهم نوح عليه السلام بعبادة الله وسفه آرائهم, وخوفه بعقوبات الدنيا والآخرة, قالوا ما أنت إلا بشر مثلنا, وطلبوا طرد المؤمنين معه استكبارا واستنكافا عن الحق.
- دعاء نوح عليه السلام على قومه: لما رأى أنهم لا ينتفعون بالتذكير ولا بالموعظة دعا الله بأن لا يجعل على الأرض من الكافرين ديارا.
- أمر الله لنوح أن يصنع الفلك: بعد أن دعا نوح ربه أن لا يجعل على الأرض من الكافرين ديارا, استجاب له ربه وأمره بصنع الفلك, وسخر منه قومه وهو يقوم بصنعها, فقال لهم: إن تسخروا منا الآن, فإنا سوف نسخر منكم إذا وقع الهلاك بكم.
- إغراق الأرض بالماء ونجاة نوح ومن معه, وهلاك الكافرين ومنهم ابنه: فلما جاء أمر الله تعالى انفجرت الأرض عيونا, وانهمر الماء من السماء, فالتقى الماء على أمر قد قدر, فكانت كالجبال مرعبة ومخيفة, فنجى الله تعالى نوح عليه السلام ومن آمن معه, وأغرق الكافرين بمن فيهم ابنه.
- هبوط نوح ومن معه من السفينة: بعد أن بلعت الأرض مائها, وأقلعت السماء عن المطر, هبط نوح ومن معه من السفينة وبارك الله في ذريته وجعلهم هم الباقين, وكان من أولي العزم من المرسلين، ومن الخمسة الذين تدور عليهم الشفاعة يوم القيامة، وهو أول الرسل إلى الناس، وهو الأب الثاني للبشر صلى الله عليه وسلم.
الفوائد:
1 – أن جميع الرسل متفقون على الدعوة إلى التوحيد الخالص, والنهي عن الشرك.
2 – أن نوح عليه السلام دعا قومه في كل وقت ليلا ونهار, سرا وجهارا, ورغبهم ورهبهم, وصبر عليهم وأقام البراهين وبين الآيات.
3 – الشبه التي يقولها أعداء الرسل ليس لها حظ من العلم والحقيقة عند كل عاقل.
4 – من مواريث أعداء الرسل, القدح في النيات, والتألي على الله تعالى أن لا يؤتيهم الله من فضله.
5 – أنه ينبغي الاستعانة بالله تعالى, وذكر اسمه, وحمده كثير, في كل حال عند النزول والركوب, وفي التقلبات والحركات, وعند النجاة من الكربات والمشقات.
6 – أن تقوى الله تعالى من أسباب كثرة الرزق والأولاد وقوة الأبدان, وهي السبب الوحيد الذي ليس هناك سبب سواه في نيل خير الآخرة، والسلامة من عقابها.
7 – أن النجاة من العقوبات الدنيوية للمؤمنين, وأما العقوبات الدنيوية العامة فتكون للكافرين, وتلحقهم توابعهم من الذرية والحيوان.
3. قصة صالح عليه السلام
- مساكن قوم صالح وأعمالهم: وهم عاد الثانية, وكانوا أهل حرث وزرع ومواش, وكانوا يتخذون السهول قصورا, وينحتون الجبال بيوتا متقنة.
- تكذيب قوم صالح له: فبعد أن من عليهم بالنعم كفروا بها, وعبدوا غير الله تعالى, فبعث لهم صالح رجل يعرفونه ويعرفون نسبه وصدقه وأمانته, فدعاهم إلى عبادة الله وحدة وترك ما يعبدون من دونه, فكذبوه واستكبروا عن دعوته واشمأزوا منها.
- ذكر آية صالح لقومه: وقد أيد الله صالح بالناقة آية لهم يرونها بأعينهم, تشرب يوم ويشربون يوم, ويذروها تأكل في أرض الله, فينتفع القبيلة بأسرها من ضرعها.
- عقر الناقة والتعاهد على قتل صالح: وكان في المدينة تسعة نفر من شياطينهم, وكانوا يقاوموا ما جاء به صالح, ويصدون عن سبيل الله, فعقدوا مجلسا عاما ليتفقوا فيه على عقر الناقة, فانتدب أشقاهم فعقرها, ثم أرادوا قتل صالح فتعاهدوا على ذلك وتكاتموا وحلفوا الأيمان على قتله, وقالوا: لنبيتنه وأهله ثم إذا ظن بنا أننا قتلناه حلفنا لأوليائه أننا ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون.
- عذاب الله على قوم صالح: لما رأى صالح ما حدث من قومه علم أنه سيأتيهم العذاب, فقال لهم: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام, فلما تمت الثلاثة أيام جاءتهم صيحة من فوقهم، ورجفة من أسفل منهم، فأصبحوا خامدين، ونجى الله صالحا ومن معه من المؤمنين.
الفوائد:
1 – من كذب واحدا من الأنبياء فقد كذب بهم جميعا, إذ أن دعوة الأنبياء واحدة.
2 – أن الله يهلك الأمم الطاغية عند تناهي طغيانها وتفاقم جرائمها, فكفرهم وتكذيبهم موجب لإهلاكهم.
3 – أن العقائد الباطلة المأخوذة عن الآباء والأجداد من أكبر الموانع لقبول الحق.
4. قصة داوود وسليمان عليهما السلام
- قوة داوود وشجاعته: كان عليه السلام من الجنود الذين اختارهم طالوت ليكون معه في الجيش لشجاعته وقوته وعلمه في السياسة ونظام الجيوش ,وكان إذا لاقى العدو رأى الخلق من شجاعته ما يعجب الناظرين, ولما برزوا لجالوت ظهرت هذه القوة والشجاعة وهزم جيش جالوت.
- اصطفاء داوود بالنبوة:نبَّأ الله داود وأعطاه الحكمة والملك القوي, وقوة في العبادة وبصيرة, وبأنه أواب لكمال معرفته بالله.
- تسخير الجبال والطير للتسبيح معه: وكان قد أعطاه الله تعالى صوتا حسنا لم يؤته أحد من العالمين, فكانت الجبال والطير يسبحن معه.
- عبادته: كان داوود عليه السلام ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوما ويفطر يوما.
- عمله: ألان الله له الحديد، وعلَّمه صنعة الدروع الواقية في الحروب، وهو أول من صنع الدروع السردية ذوات الحلق التي يحصل فيها الوقاية وهي خفيفة المحمل.
- قصة الخصمين وعتاب الله له: أرسل الله تعالى ملكين بصورة خصمين إلى داوود فدخلا عليه المحراب ففزع منه؛ لأنهم دخلوا في وقت ليس مناسب له, فقالا لا تفزع وقصا عليه قصتهما, بأن أحدهما له تسع وتسعون نعجة والآخر له نعجة واحدة, فقال أعطينها, فقال له داوود لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه, وإن الخلطاء يبغي بعضهم على بعض إلا القليل منهم, ثم علم أنه هو المراد من القصة؛ فاستغفر ربه وأناب؛ فمحا عنه الذنب.
وراثة سليمان النبوة من داوود: فقد ورث سليمان أباه داوود العلم والحكم والنبوة, وزاده الله ملكا عظيما لم يحصل لأحد قبله ولا بعده.
- الآيات التي أعطيها سليمان عليه السلام: سخَّر الله له الريح تجري بأمره وتدبيره برخاء، وسخر الله له الجن والشياطين والعفاريت يعملون له الأعمال الفخمة بحسب إرادته ، وسخر له من الجنود من الإنس والجن والطير، فهم يوزعون بتدبير عجيب ونظام غريب، وعلَّمه منطق الطير وسائر الحيوانات، فكانت تخاطبه ويفهم ما تكلم به، ولهذا خاطب الهدهد وراجعه تلك المراجعة، وسمع النملة إذ نادت في قومها.
- قصة سليمان وملكة اليمن: جاء الهدهد إلى سليمان بالأخبار أن امرأة في اليمن تملكهم, وأعطيت من كل شيء ولها عرش عظيم, وكانوا يعبدون الشمس من دون الله تعالى, فأمره أن يلقي إليهم كتابه, بأن لا يعلوا عليه ويأتوه مسلمين, فلما قرأت الكتاب اجتمعت بقومها لكي يقرروا ماذا يفعلوا, فأرجعوا الأمر إليها, فأرسلت بهدية إلى سليمان, فرفض الهدية وقال: ما أعطاني الله خير مما أعطاكم.
إحضار عرش ملكة اليمن إلى سليمان: قال سليمان لجنوده: من يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين, قال عفريت من الجن: أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك, وقال رجل عنده علم من الكتاب: أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك, فلما رآه مستقرا عنده حمد ربه, وأرجع الفضل إليه سبحانه وتعالى.
إسلام ملكة اليمن: فلما جاءت إلى سليمان وقد غيروا لها عرشها, فلما جاءت قالوا لها: هل هذا عرشك , فقالت: كأنه هو, ولكن صدها ما كانت تعبد من دون الله تعالى, وقال لها سليمان: ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها, فقال لها سليمان: إنه صرح ممرد من قوارير, فقالت: إنني أسلمت لله رب العالمين مع سليمان.
- كذب الشياطين على سليمان: لما علم سليمان أن الجن يعلمون الناس السحر جمعهم وتوعدهم, وأخذ كتبهم ودفنها, فلما مات سليمان قالت الشياطين للإنس: إن ملك سليمان بني على السحر, واستخرجوا الكتب التي دفنها, وأشاعوا في الناس أنها مأخوذة من سليمان, فأكذبهم الله تعالى, وبرأ سليمان عليه السلام من كذبهم, وبين أن السحر من العلوم التي تضر ولا تنفع.
- ابتلاء الله لسليمان: وقد ألقى الله على كرسيه جسدا شيطانا؛ عتابا له على بعض الهفوات، وإرجاعا له إلى كمال الخضوع لربه, فاستغفر ربه وأناب.
- اختصاص الله تعالى سليمان بالعلم والحكمة وزيادة الفهم: فحينما احتكم شخصان لداوود, إذ دخلت الغنم زرع أحدهم فأكلت منه, فحكم داوود بأن يأخذ صاحب الزرع الغنم, لظنه أن ما أتلف من الزرع يساوي قيمة الغنم, ولكن حكم بينهما سليمان بأن يقوم صاحب الغنم بحرث الزرع حتى تعود كما كانت, ويأخذ صاحب الزرع الغنم يستفيد منها حتى يرجع الحرث كما كان.
- ومثله الحكم بين المرأتين اللتين خرجتا بطفليهما فعدى الذئب على ابن الكبرى, فاختصما على الطفل الآخر , فذهبا إلى داوود فحكم به إلى الكبرى, فلما ذهبوا إلى سليمان قال: ائتوني بسكين أشقه نصفين, فقالت الصغرى: يا نبي الله هو ابنها, فعلم أنها أمه فحكم به إليها.
الفوائد:
1 – أن ما يقصه الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم لتثبيت فؤاده, وتطمين قلبه.
2 – مدح الله تعالى لصفتي قوة القلب والبدن, لطاعة الله تعالى, والإنابة إليه ظاهرا وباطنا.
3 – من نعم الله تعالى على العبد أن يعطى العلم النافع, والحكمة في الحكم بين الناس.
4 – كمال اعتناء الله بأنبيائه وأصفيائه حينما يقع منهم الهفوات, وابتلائهم بما يزول عنه المحذور حتى يعودوا كما كانوا.
5 – أن الأنبياء معصومون فيما يبلغون عن الله تعالى.
6 – أنه ينبغي استخدام الأدب عند الدخول على الناس, خصوصا الحكام والرؤساء.
7 – أنه لا يمنع الحاكم من الحكم بالحق سوء أدب الخصم، وفعله ما لا ينبغي.
8 – جواز قول المظلوم لمن ظلمه أنت ظلمتني، أو: يا ظالم ونحوه.
9 – أن المنصوح ولو كان كبير القدر, فعليه أن يقبل النصيحة بلا غضب ولا اشمئزاز , مع شكر ناصحه.
10 - أن كل ما أشغل العبد عن طاعة مولاه فهو مشؤوم فليفارقه، وليقبل على ما هو أنفع له.
5. قصة ذي القرنين
- اصطفاء الله تعالى لذي القرنين: فقد كان ملكا صالحا, وقد أعطاه الله من القوة وأسباب الملك والفتوح ما لم يكن لغيره.
- ذكر الله تعالى لقصته في القرآن: ذكر الله من حسن سيرته ورحمته وقوة ملكه وتوسعه في المشارق والمغارب ما يحصل به المقصود التام من سيرته ومعرفة أحواله.
- إعطاء الله له من كل شيء سببا: أعطاه الله من كل شيء سببا يحصل به قوة الملك وعلم السياسة وحسن التدبير والسلاح الْمُخْضِع للأمم وكثرة الجنود وتسهيل المواصلات وجميع ما يحتاجه، ومع ذلك فقد عمل بالأسباب التي أعطيها، فما كل أحد يعطَى الأسباب النافعة، ولا كل من أُعطيها يتبعها ويعمل بها.
- غزوه أفريقية: غزا بجيوشه الجرارة أدنى أفريقية وأقصاها حتى بلغ البحر المحيط الغربي، فوصل إلى محل إذا غربت الشمس, فرأها كأنها تغرب في البحر, ولونه أسود كالحمئة, وكان هؤلاء القوم منهم المسلم والكافر والبر والفاجر, فقال له أحد الأنبياء أو العلماء: إما أن تعذب, وإما أن تتخذ فيهم حسنا, فقال: أما من ظلم فيعذب عذابا نكرا, وأما الذي آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى.
- وصوله إلى بلاد الصين: ثم وصل إلى بلاد الصين, وشواطئ البحر المحيط الهادي, ووجد قوما لا تسترهم الثياب, ولا يسترهم شيء عن الشمس, وليس لهم بيوت, وجد هؤلاء القوم الذين في أقصى المشرق بهذه الصفة والوحشية بمنزلة الوحوش التي تأوي إلى الغياض والغيران والأسراب منقطعين عن الناس.
- وصوله بين السدين: ثم وصل بين السدين وهو محل وسط منذ خلق الله الأرض,وهما سلاسل جبال عظيمة شاهقة متواصلة من تلك الفجوة، وهي الريع إلى البحار الشرقية والغربية وهي في بلاد الترك, فوجد هناك قوما لا يكادون يفقهون قولا؛ من بُعد لغتهم، وثقل فهمهم للغات الأمم, فقالوا له: إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبين هؤلاء سدا, فقال لهم: أعينوني بقوة, وآتوني قطع الحديد, فجعلها بين السدين, ثم نفخوا فيه حتى جعلوه نارا, فوضع عليه النحاس المذاب, فالتحم بعضه ببعض, وصارت جبلا متصلا بين السدين.
- مدة بقاء سد يأجوج ومأجوج: ثم قال لهم ذو القرنين: إن هذا السد بينكم وبين يأجوج ومأجوج إلى وقت وأجل محدد, فإذا جاء ذلك الأجل قدر الله للخلق من أسباب القوة والقدرة والصناعات والاختراعات الهائلة ما يمكن يأجوج ومأجوج من وطء بلادكم أيها المجاورون، بل ومن وطء مشارق الأرض ومغاربها وأقطارها.
الفوائد:
1 – أن صلاح العبد سببا في إعطاءه القوة والفتوح.
2 – على العبد اتخاذ الأسباب في كل أموره.
3 – أن الله تعالى يرفع بالعلم الرجل, ويجعله في المنازل العاليه.
4 – لا يستوي المسلم والكافر والبر والفاجر في الجزاء, فكل يحاسب حسب عمله.
5 – أن التعاون بين المسلمين يثمر القوة والمنعة.
6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
- أول مقامات إنزال القرآن عليه صلى الله عليه وسلم: أنه قبل البعثة بغض إليه عبادة الأوثان, وقبيح الأقوال, وفطر فطرة سليمة مستعدة متهيئة لقول الحق علما وعملا, وكان يذهب إلى غار حراء فيتحنث فيها الليالي ذوات العدد.
- نزول جبريل عليه صلى الله عليه وسلم: لما بلغ أربعين سنة, وتمت قوته العقلية, وصلح لتلقي الرسالة, تبدى له جبريل عليه السلام, فأنزل عليه اقرأ, فجاءه بها جبريل وقال له: اقرأ، فأخبره أنه ليس بقارئ, فغطه جبريل مرتين أو ثلاثا ليهيئه لتلقي القرآن العظيم، ويتجرد قلبه وهمته وظاهره وباطنه لذلك، فنزلت هذه السورة التي فيها نبوته, فجاء إلى خديجة ترعد فرائصه من الفرق, فأخبرها الخبر, فقالت: والله لا يخزيك الله أبدا, فإنك تصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق.
فترة الوحي: ثم فتر الوحي عنه فترة؛ ليشتاق إليه وليكون أعظم لموقعه عنده.-
- الأمر بالدعوة والإنذار: بعد فترة الوحي جاءه جبريل مرة أخرى, فانزعج ورجع إلى خديجة يقول: دثروني دثروني, فأنزل الله تعالى: (يا أيها المدثر قم فأنذر), فشمر صلى الله عليه وسلم عن عزمه، وصمم على الدعوة إلى ربه مع علمه أنه سيقاوم بهذا الأمر البعيد والقريب، وسيلقى كل معارضة من قومه ومن غيرهم وشدة.
- اعتناء الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم: أيد الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وقواه بروح منه, ونزلت سورة الضحى, ردا على المكذبين على فترة الوحي.
- أعظم مقامات دعوته صلى الله عليه وسلم: الدعوة إلى التوحيد, والنهي عن الشرك, فدعا الناس لهذا, وقرره الله في كتابه, مبينا وجوب التوحيد وحسنه, وأنه طريق إلى دار كرامته, وأبطل الشرك والمذاهب الباطلة الضارة.
- الاستجابة لدعوته صلى الله عليه وسلم: فاستجاب له الناس الواحد تلو الآخر,على شدة عظيمة من قومه, وقاومه قومه وغيرهم، وبغوا له الغوائل، وحرصوا على إطفاء دعوته بجهدهم وقولهم وفعلهم، وهو يجادلهم ويتحداهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن، وهم يعلمون أنه الصادق الأمين، ولكنهم يكابرون ويجحدون آيات الله.
- تكذيب قومه له صلى الله عليه وسلم: وكذب قومه القرآن جحودا واستكبارا وتكذيبا, وقال كبيرهم المغيرة: إن هذا إلا سحر يؤثر, إن هذا إلا قول البشر, ووطنوا أنفسهم على معاداته, وجعل الله في قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا, وذلك لاختيارهم الضلال ورغبتهم فيه, ولما ردوا نعمة الله أصم آذانهم وأعمى أبصارهم وأفئدتهم.
- تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع المكذبين له: أنه كان يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة, ويجادلهم بالتي هي أحسن, ويدعوهم أفرادا ومتفرقين، ويذكرهم بالقرآن.
- أقوال الكافرين في القرآن: قالوا : إنه سحر، إنه كهانة، إنه شعر، إنه كذب، إنه أساطير؛ فجعلوا القرآن عضين، كل هذا أثر البغض الذي أحرق قلوبهم، حتى قالوا فيه مقالة المجانين، وكلما قالوا قولا من هذه الأقوال أنزل الله آيات يبطل بها ما قالوا، ويبين زورهم وافتراءهم وتناقضهم.
- من مقامات الكافرين معه صلى الله عليه وسلم: أنهم يسعون أشد السعي أن يكف عن عيب آلهتهم، والطعن في دينهم، ويحبون أن يتاركهم ويتاركوه؛ لأنهم يعرفون حق المعرفة أن الحقائق إذا بانت ظهر للخلق بطلان ما هم عليه.
- اقتراح الكافرين للآيات: فقد كانوا يقترحون الآيات على النبي صلى الله عليه وسلم, فقالوا: أتنا بعذاب الله, أو أزل عنا جبال مكة، واجعل لنا فيها أنهارا وعيونا, فيجيبهم الله عن هذه الأقوال بأن رسوله صلى الله عليه وسلم قد أيده الله بالآيات، والله أعلم بما ينزل من آياته، وأعلم بما هو أنفع لهم، وأنه قد حصل المقصود من بيان صدقه، وقامت الأدلة والبراهين على ذلك.
من أساليب قدح الكافرين فيه صلى الله عليه وسلم: وهم من حسدهم وحقدهم كانوا يقولون: لو أنزل هذا القرآن على رجل عظيم من القريتين, وأنك لست بأولى بفضل الله منا.
- من مقاماته صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين: أنه كان بهم رؤف رحيم, وكان محبا لهم محبة تامة, والقيام معهم في كل أمورهم، وأنه لهم أرحم وأرأف من آبائهم وأمهاتهم، وأحنى عليهم من كل أحد.
- الإسراء والمعراج: وأسري به صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليريه من الآيات, وعرج به إلى فوق السماء السابعة, وفرضت عليه الصلوات الخمس, وعلمه جبريل كيفيتها وأوقاتها.
- إسلام الأوس والخزرج: كانت اليهود يخبرون الأوس والخزرج أنهم ينتظرون نبي, وذكروا أوصافه, فبادر الأوس والخزرج بالاجتماع به صلى الله عليه وسلم والإيمان به, وأما اليهود فاستولى عليهم الحقد والحسد وكفروا به.
- التآمر على قتله صلى الله عليه وسلم: لما رأى كفار قريش أن امر النبي قد انتشر تشاوروا في بيت الندوة, واتفقوا على أن ينتخبوا من كل قبيلة رجلا شجاعا, فيقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم, ويتفرق دمه بين القبائل, ويرضون بالدية.
هجرة النبي صلى الله عليه وسلم: لما اتفق الكفار على قتله صلى الله عليه وسلم, جاءه جبريل وأوحى إليه بالهجرة إلى المدينة, فخرج هو وأبو بكر, وجعل علي في فراشه, فلما جاء الفجر وجدوا عليا, فأخذوا يطلبون النبي في كل جهة, وجعلوا الجعالات لمن يأتي به, فهاجر إلى المدينة, وأذن له بالقتال, وجعل يرسل السريا, وفرضت في السنة الثانية الزكاة والصيام.
- وقعة بدر: وكانت في السنة الثانية للهجرة, وكانت بسبب عير وتجارة لقريش من الشام, خرج النبي لطلبها, وخرجت قريش لحمايتها, فتلاقوا في بدر, وانتصر المسلمون, وقتل صناديد قريش, ورجع إلى المدينة منصورا مظفرا.
- وقعة أحد: وكانت في السنة الثالثة للهجرة, وسببها أن المشركين تجهزوا لقتال المسلمين, حتى وصلوا لأطراف المدينة, فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه, والتقوا عند جبل أحد, وكانت الغلبة أولا للمسلمين, ثم لما نزل الرماة من الجبل وعصوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم, جاءت الخيل مع تلك الثغرة وكان ما كان, واستشهد من المسلمين في سبيل الله.
- غزوة الخندق: ثم في السنة الخامسة اتفق أهل الحجاز ونجد, وظاهرهم بني قريظة على غزو النبي صلى الله عليه وسلم, وكانوا عشرة آلاف مقاتل, وقصدوا المدينة, فلما سمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم حفر خندق حول المدينة, وحاصر المشركون المدينة عدة أيام, وحال الخندق بينهم, فأرسل الله تعالى ريحا وجنودا مؤيدة للمؤمنين, ثم حاصر النبي بني قريظة, فنزلوا على حكم سعد بن معاذ بأن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم.
- صلح الحديبية: في سنة ست من الهجرة اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه, وكان لا يصد أحد عن البيت, فعزم المشركون على صدهم, ولما بلغ الحديبة ورأى ما عليه المشركين من حمية جاهلية دخل معهم في صلح لحقن الدماء في بيت الله الحرام، ولما في ذلك من المصالح، وصار الصلح على أن يرجع النبي صلى الله عليه وسلم عامه هذا ولا يدخل البيت، ويكون القضاء من العام المقبل، وتضع الحرب أوزارها بينهم عشر سنين, وكان هذا الصلح فتحا للمسلمين في الدعوة إلى الله.
- فتح مكة: في سنة ثمان من الهجرة نقضت قريش صلح الحديبية, فجاء النبي صلى الله عليه وسلم معه عشرة آلاف, فدخل مكة وفتحها.
- غزوة تبوك: في سنة تسع من الهجرة غزا النبي تبوك وأوعوب المسلمون معه, ولم يتخلف عنها, إلا صاحب عذر أو منافق, وثلاثة من صلحاء المؤمنين, وكان الوقت شديدا، والحر شديدا، والعدو كثيرا، والعسرة مشتدة، فوصل إلى تبوك ومكث عشرين يوما ولم يحصل قتال فرجع إلى المدينة, ونزلت في شأنها آيات تثني على المؤمنين وتذم المنافقين, وتظهر التوبة على الثلاثة الصلحاء من المؤمنين.
- فرض الحج: في سنة تسع أو عشر فرض الحج على المسلمينوكان أبو بكر حج بالناس سنة تسع، ونبذ إلى المشركين عهودهم، وأتم عهود الذين لم ينقضوا، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين سنة عشر واستوعب المسلمين معه، وأعلمهم بمناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات التي في الحج وأحكامه، وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.
الفوائد:
1 – معرفة سيرته صلى الله عليه وسلم من أنفع الأشياء لمعرفة تفسير كلام الله.
2 – أنه صلى الله عليه وسلم كانت فطرته سليمة حتى قبل مبعثه.
3 – على العبد أن يهيئ نفسه لقبول الحق في أي وقت.
4 – أنه ينبغي على العبد أن تكون له عبادة خاصة يتقرب بها إلى الله تعالى.
5 – الحث على التعلم والقراءة فنحن أمة اقرأ.
6 – أن الله تعالى رحيم بعباده, وأنه لا يترك أوليائه بل ينصرهم ويغنيهم ويعولهم.
7 – الدعوة إلى الله مع الصبر على أذى الخلق ونفرتهم.
8 – نفي النقص عن النبي صلى الله عليه وسلم, والبشارة بأن كل حال له هي أحسن مما قبلها.
9 – الدعوة إلى التوحيد, والنهي عن ضده وهو الشرك هي دعوة جميع الأنبياء.
10 – أن تكذيب الكافرين راجع إلى جحدهم, واستكبارهم, وتوطين أنفسهم على معاداة الحق.
11 – أن الله تعالى هدى المؤمنين لما في قلوبهم من طلب الحق والإذعان له.
12 – أن دعوة الرسل قائمة على الحكمة, والموعظة الحسنة, والجدال بالتي هي أحسن.
13 – أن الله تعالى أيد نبيه بالحجج والبراهين, ومن أقواها القرآن الكريم.
14 – أنه ينبغي على الداعي إلى الله أن لا يساير المدعوين على أهوائهم ورغباتهم.
15 – أن فرض الصلاة في السماء لدليل على عظم شأنها.
16 – أن الإسراء والمعراج كان سببا في تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم.
17 – أن الإيمان يكون بالأقوال والأفعال لا بالأقوال وحدها.
18 – أنه إذا وجد العبد نفسه غي قادر على الطاعة والدعوة, واستطاع أن يهاجر من المكان الذي هو فيه كان هذا هو الأفضل له.
19 – أن عدم الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم يكون سببا للهزيمة.
20 – أن الله تعالى يدافع عن عباده المؤمنين بجنوده التي نراها, والتي لا نراها.
21 – أن صلح الحديبية كان سببا لنصر المؤمنين وفتح مكة.
والله أعلم

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 ربيع الثاني 1443هـ/7-11-2021م, 08:32 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح الدين محمد مشاهدة المشاركة
المجموعة الرابعة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. أحكام الطلاق والعدد والإيلاء والظهار.
أولا أحكام الطلاق والعدد:
1 – دليل أحكام الطلاق من القرآن:
قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} إلى قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} , وقال: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] الآيات [الطلاق: 1 وما بعدها] .
2 – صفة الطلاق المشروع: وذلك أن يطلقها مرة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، أو يطلقها وهي حامل قد تبين حملها، أو وهي آيسة أو صغيرة.
3 – صفة الطلاق غير المشروع: فمن طلقها أكثر من واحدة، أو وهي حائض أو نفساء، أو في طهر قد وطئ فيه ولم يتبين حملها فإنه آثم متعد لحدود الله.
4 – الآثار المترتبة على الطلاق الرجعي: أن يراجعها مادامت في العدة, سواء رضيت أو كرهت, وهذا الطلاق يكون بطلقة واحدة أو اثنين بلا عوض.
5 – الآثار المترتبة على الطلاق الغير رجعي [غير الرجعي، الألف واللام لا تدخل على غير] : بأن يطلقها ثلاث, فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل, ويطأها ويطلقها رغبة في طلاقها, فله أن يراجعها. [برغبتها ومع توفر باقي شروط النكاح]
6 – الطلاق بعوض: ويكون بلفظ الطلاق أو الخلع أو الفداء أو غيره من الألفاظ, وهو مباح عند الحاجة, سواء كان العوض قليل أو كثير, ويحصل لها الفكاك منه, وإن أرادات العودة إليه يكون بعقد جديد.
7 – ليس لولي الزوجة أن يعارضها إذا أرادات العودة لزوجها بغضا له أو نكاية عليه, أو طمعا في ماله أو مالها.
8 – شرط الرجعة: هو أن يقيما حدود الله, وهو شرط معتبر في الرجعة والتراجع, وإلا فلا يتراجعا للضرر.
9 – أن الله تعالى بين هذه الأحكام, وعلمها لعباده ليعملوا بها ويقفوا عندها ولا يتجاوزوها, وحذر من اتخاذها هزوا.
10 – أحوال عدة المفارقة: أ - المفارقة بطلاق إن كانت تحيض باستكمال ثلاثة قروء من بعد وقوع الطلاق عليها.
ب - الآيسة والتي لم تحض لصغر ونحوه عدتها ثلاثة أشهر.
ج - المفارقة بموت زوجها تربص أربعة أشهر وعشرا.
د - لحامل من المفارقات في الحياة وبعد الممات عدتها بوضع الحمل.
الفوائد:
1 - المفارقة في الحياة بطلاق ونحوه ليس لزوجها عليها عدة إذا لم يدخل أو يخل بها، بل بمجرد ما يطلقها لها التزوج في الحال.
2 - العدة تثبت بالدخول، وكذلك الخلوة.
3 - العدة من حقوق الزوج؛ لتمكنه من الرجعة ولحفظ فراشه ومائه من الاختلاط.
4 – العدة من حقوق الزوجة أيضا؛ فإن المعتدة نوعان: نوع حامل لها النفقة بكل حال, ونوع غير حامل، وهي أيضا نوعان: مفارقة بائنة بموت أو فسخ أو خلع أو ثلاث أو عوض، فهؤلاء كلهن لا نفقة لهن ولا كسوة ولا مسكن إلا على وجه المعروف والإحسان, ومفارقة رجعية فما دامت في العدة فلها النفقة والكسوة والمسكن وتوابعها على الزوج، وحكمها حكم الزوجة التي في حباله في كل حال إلا في القسم فلا قسم له.
5 - في قوله: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] دليل على أمانتها على نفسها، وقبول قولها في وجود الحيض وانقطاعه.
6 - وفي قوله: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] دليل على أنه لا يقع الطلاق إلا بعد النكاح.
7 - من علق طلاقا بنكاح امرأة لم ينعقد هذا التعليق، ولم يقع عليها شيء إذا نكحها؛ لأن النكاح لا يراد به خلاف مقصوده.
8 - وقوله: {فَمَتِّعُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] فيه الأمر بتمتيع المفارقة بالطلاق قبل المسيس مطلقا.
9 - في آية البقرة الأمر بالتمتيع إذا لم يسم لها مهرا، فإن سمى لها مهرا فإنه يتنصف إذا طلقها قبل الدخول، ويكون نصف الصداق هو المتعة.
10 - سمى هذه الأحكام آيات؛ لأنها تدل أكبر دلالة على عنايته ولطفه بعباده، وأنه شرع لهم من الأحكام، الأحكام الصالحة لكل زمان ومكان، ولا يصلح العباد غيرها.
11 - ويستفاد من هذا معنى كلي نافع، وهو أنه ينبغي للعبد إذا أراد أن يدخل في أمر من الأمور مثل الأمور التي يترتب عليها حقوق كثيرة، ومثل الولايات الكبار والصغار والأمور المهمة أن يتأنى وينظر في نفسه وعاقبة أمره، فإن رأى من نفسه قوة على ذلك، ووثق بقيامه بما فيها من الحقوق تقدم إليها متوكلا على الله، وإلا أحجم واغتنم السلامة عن الدخول في الأمور الخطرة، وأمر تعالى الأزواج أن يمسكوا زوجاتهم بمعروف أو يسرحوهن بمعروف، فإن أمسكها أمسكها بعشرة حسنة، وإن فارقها فليكن على وجه الشرع بطمأنينة من غير مغاضبة ولا مشاتمة ولا عداوات تقع بينه وبينها، أو بينه وبين أهلها.
ثانيا أحكام الإيلاء والظهار:
1 – دليل أحكام الإيلاء والظهار واللعان من القرآن:
قال تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ - وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}, وقال في اللعان: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الآيات. [النور: 6] ., قال: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا}
2 – الفرق بين الإيلاء والظهار واللعان:
أ – الإيلاء: هو الحلف بالله على ترك وطء زوجته أبدا، أو مدة طويلة تزيد على أربعة أشهر إذا كان قادرا على الوطء.
- ما يترتب على الإيلاء: - إن لم تطالبه الزوجة بالوطء ترك وشأنه, وإن وطء في هذه المدة حنث وعليه كفارة يمين, وإلا فلا شيء عليه.
- وإن طالبته بالوطء, أمر بذلك وجعل له أربعة أشهر، فإن فاء ورجع إلى الوطء فذلك هو المطلوب منه، وهو أحب الأمرين إلى الله، وإن أبى وامتنع ومضت الأربعة الأشهر وهو مصر على عدم وطئها وهي مقيمة على طلب حقها، أجبر على أحد أمرين: إما أن يفيء ويكفر كفارة يمين، وإما أن يطلق، فإن امتنع من كل منهما طلق الحاكم عليه.
ب -الظهار: فأن يحرم زوجته ويقول لها: أنت علي كظهر أمي، أو نحوه من ألفاظ التحريم الصريحة، فهذا قد أتى منكرا من القول وزورا، وكذب أعظم كذب إذ شبه من هي حلال بمن هي أعظم المحرمات، وهي الأم.
- كفارة الظهار: أن يعتق رقبة من قبل أن يمسها فإن لم يجد صام شهرين متتابعين من قبل المسيس أيضا، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا، فبعد هذه الكفارة تحل له الزوجة وتنحل يمينه.
ج – اللعان: الزوج إذا رمى زوجته بالزنا، ولم يكن له على ذلك أربعة شهود، ولم تعترف بل أقامت على الإنكار، فعليه ما على من قذف المحصنات من جلد ثمانين جلدة إلا أن يلاعنها.
- صفة اللعان: أن يشهد أربع مرات أنه لمن الصادقين فيما رماها به من الزنا، ويقول في الخامسة داعيا على نفسه، وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.
- ما يترتب على اللعان: الحد أو الحبس حتى تقر، إلا أن تقابله بلعان يدرأ عنها العذاب، بأن تقول أربعا: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا، وتزيد في الخامسة وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فعند ذلك يحصل الفراق الأبدي بينه وبينها.
- الحكمة من تخصيص الزوج بسقوط حد القذف عنه: أن الزوج محتاج، وربما كان مضطرا إلى رميها لنفي ما يلحقه من أولاد غيره ولحقه وإفساد فراشه.
الفوائد:
1 – أن الذي يولي من زوجته يتربص أربعة أشهر, فعليه أن يفيء ويكفر عن يمينه, أو يطلق.
2 – إذا امتنع المولي من الطلاق طلق الحاكم عليه.
3 – إذا فاء المولي ورجع تاب الله عليه.
4 – أن الظهار من أكذب الكذب وسماه الله عز وجل زورا ومنكر من القول.
5 – المظاهر لا تحل له زوجته إلا بعد أن يكفر.
6 – أن الرجل إذا رمى زوجته بالزنا وقع بينهما التلاعن.
7 – إذا لاعن الرجل زوجته حرمت عليه أبدا.
2. قصة نوح عليه السلام
- مدة بقاء البشر بعد آدم عليه السلام: بقي بعد آدم عليه السلام البشر قرونا طويلة وهم على الهدى والرشاد, ثم اختلوا وأدخلت عليهم الشياطين الشرور بطرق مختلفة.
- سبب عبادة قوم نوح للأصنام: لما مات أناس صالحون وهم ود وسواع ويغوث حزنوا عليهم وصوروا لهم تماثيل؛ ليتذكروهم ويتسلوا بهم, فلما هلك هؤلاء القوم واضمحل العلم عبدوا تلك الأصنام.
- بعثة نوح عليه السلام: لما انهمك هؤلاء القوم في عبادة الأصنام بعث الله نوحا عليه السلام يعرفونه ويعرفون صدقه وأمانته وكمال أخلاقه، فقال: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره).
- تكذيب قوم نوح له وطلبهم طرد من معه: لما أمرهم نوح عليه السلام بعبادة الله وسفه آرائهم, وخوفه بعقوبات الدنيا والآخرة, قالوا ما أنت إلا بشر مثلنا, وطلبوا طرد المؤمنين معه استكبارا واستنكافا عن الحق.
- دعاء نوح عليه السلام على قومه: لما رأى أنهم لا ينتفعون بالتذكير ولا بالموعظة دعا الله بأن لا يجعل على الأرض من الكافرين ديارا.
- أمر الله لنوح أن يصنع الفلك: بعد أن دعا نوح ربه أن لا يجعل على الأرض من الكافرين ديارا, استجاب له ربه وأمره بصنع الفلك, وسخر منه قومه وهو يقوم بصنعها, فقال لهم: إن تسخروا منا الآن, فإنا سوف نسخر منكم إذا وقع الهلاك بكم.
- إغراق الأرض بالماء ونجاة نوح ومن معه, وهلاك الكافرين ومنهم ابنه: فلما جاء أمر الله تعالى انفجرت الأرض عيونا, وانهمر الماء من السماء, فالتقى الماء على أمر قد قدر, فكانت كالجبال مرعبة ومخيفة, فنجى الله تعالى نوح عليه السلام ومن آمن معه, وأغرق الكافرين بمن فيهم ابنه.
- هبوط نوح ومن معه من السفينة: بعد أن بلعت الأرض مائها, وأقلعت السماء عن المطر, هبط نوح ومن معه من السفينة وبارك الله في ذريته وجعلهم هم الباقين, وكان من أولي العزم من المرسلين، ومن الخمسة الذين تدور عليهم الشفاعة يوم القيامة، وهو أول الرسل إلى الناس، وهو الأب الثاني للبشر صلى الله عليه وسلم.
الفوائد:
1 – أن جميع الرسل متفقون على الدعوة إلى التوحيد الخالص, والنهي عن الشرك.
2 – أن نوح عليه السلام دعا قومه في كل وقت ليلا ونهار, سرا وجهارا, ورغبهم ورهبهم, وصبر عليهم وأقام البراهين وبين الآيات.
3 – الشبه التي يقولها أعداء الرسل ليس لها حظ من العلم والحقيقة عند كل عاقل.
4 – من مواريث أعداء الرسل, القدح في النيات, والتألي على الله تعالى أن لا يؤتيهم الله من فضله.
5 – أنه ينبغي الاستعانة بالله تعالى, وذكر اسمه, وحمده كثير, في كل حال عند النزول والركوب, وفي التقلبات والحركات, وعند النجاة من الكربات والمشقات.
6 – أن تقوى الله تعالى من أسباب كثرة الرزق والأولاد وقوة الأبدان, وهي السبب الوحيد الذي ليس هناك سبب سواه في نيل خير الآخرة، والسلامة من عقابها.
7 – أن النجاة من العقوبات الدنيوية للمؤمنين, وأما العقوبات الدنيوية العامة فتكون للكافرين, وتلحقهم توابعهم من الذرية والحيوان.
3. قصة صالح عليه السلام
- مساكن قوم صالح وأعمالهم: وهم عاد الثانية, وكانوا أهل حرث وزرع ومواش, وكانوا يتخذون السهول قصورا, وينحتون الجبال بيوتا متقنة.
- تكذيب قوم صالح له: فبعد أن من عليهم بالنعم كفروا بها, وعبدوا غير الله تعالى, فبعث لهم صالح رجل يعرفونه ويعرفون نسبه وصدقه وأمانته, فدعاهم إلى عبادة الله وحدة وترك ما يعبدون من دونه, فكذبوه واستكبروا عن دعوته واشمأزوا منها.
- ذكر آية صالح لقومه: وقد أيد الله صالح بالناقة آية لهم يرونها بأعينهم, تشرب يوم ويشربون يوم, ويذروها تأكل في أرض الله, فينتفع القبيلة بأسرها من ضرعها.
- عقر الناقة والتعاهد على قتل صالح: وكان في المدينة تسعة نفر من شياطينهم, وكانوا يقاوموا ما جاء به صالح, ويصدون عن سبيل الله, فعقدوا مجلسا عاما ليتفقوا فيه على عقر الناقة, فانتدب أشقاهم فعقرها, ثم أرادوا قتل صالح فتعاهدوا على ذلك وتكاتموا وحلفوا الأيمان على قتله, وقالوا: لنبيتنه وأهله ثم إذا ظن بنا أننا قتلناه حلفنا لأوليائه أننا ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون.
- عذاب الله على قوم صالح: لما رأى صالح ما حدث من قومه علم أنه سيأتيهم العذاب, فقال لهم: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام, فلما تمت الثلاثة أيام جاءتهم صيحة من فوقهم، ورجفة من أسفل منهم، فأصبحوا خامدين، ونجى الله صالحا ومن معه من المؤمنين.
الفوائد:
1 – من كذب واحدا من الأنبياء فقد كذب بهم جميعا, إذ أن دعوة الأنبياء واحدة.
2 – أن الله يهلك الأمم الطاغية عند تناهي طغيانها وتفاقم جرائمها, فكفرهم وتكذيبهم موجب لإهلاكهم.
3 – أن العقائد الباطلة المأخوذة عن الآباء والأجداد من أكبر الموانع لقبول الحق.
4. قصة داوود وسليمان عليهما السلام
- قوة داوود وشجاعته: كان عليه السلام من الجنود الذين اختارهم طالوت ليكون معه في الجيش لشجاعته وقوته وعلمه في السياسة ونظام الجيوش ,وكان إذا لاقى العدو رأى الخلق من شجاعته ما يعجب الناظرين, ولما برزوا لجالوت ظهرت هذه القوة والشجاعة وهزم جيش جالوت.
- اصطفاء داوود بالنبوة:نبَّأ الله داود وأعطاه الحكمة والملك القوي, وقوة في العبادة وبصيرة, وبأنه أواب لكمال معرفته بالله.
- تسخير الجبال والطير للتسبيح معه: وكان قد أعطاه الله تعالى صوتا حسنا لم يؤته أحد من العالمين, فكانت الجبال والطير يسبحن معه.
- عبادته: كان داوود عليه السلام ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوما ويفطر يوما.
- عمله: ألان الله له الحديد، وعلَّمه صنعة الدروع الواقية في الحروب، وهو أول من صنع الدروع السردية ذوات الحلق التي يحصل فيها الوقاية وهي خفيفة المحمل.
- قصة الخصمين وعتاب الله له: أرسل الله تعالى ملكين بصورة خصمين إلى داوود فدخلا عليه المحراب ففزع منه؛ لأنهم دخلوا في وقت ليس مناسب له, فقالا لا تفزع وقصا عليه قصتهما, بأن أحدهما له تسع وتسعون نعجة والآخر له نعجة واحدة, فقال أعطينها, فقال له داوود لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه, وإن الخلطاء يبغي بعضهم على بعض إلا القليل منهم, ثم علم أنه هو المراد من القصة؛ فاستغفر ربه وأناب؛ فمحا عنه الذنب.
وراثة سليمان النبوة من داوود: فقد ورث سليمان أباه داوود العلم والحكم والنبوة, وزاده الله ملكا عظيما لم يحصل لأحد قبله ولا بعده.
- الآيات التي أعطيها سليمان عليه السلام: سخَّر الله له الريح تجري بأمره وتدبيره برخاء، وسخر الله له الجن والشياطين والعفاريت يعملون له الأعمال الفخمة بحسب إرادته ، وسخر له من الجنود من الإنس والجن والطير، فهم يوزعون بتدبير عجيب ونظام غريب، وعلَّمه منطق الطير وسائر الحيوانات، فكانت تخاطبه ويفهم ما تكلم به، ولهذا خاطب الهدهد وراجعه تلك المراجعة، وسمع النملة إذ نادت في قومها.
- قصة سليمان وملكة اليمن: جاء الهدهد إلى سليمان بالأخبار أن امرأة في اليمن تملكهم, وأعطيت من كل شيء ولها عرش عظيم, وكانوا يعبدون الشمس من دون الله تعالى, فأمره أن يلقي إليهم كتابه, بأن لا يعلوا عليه ويأتوه مسلمين, فلما قرأت الكتاب اجتمعت بقومها لكي يقرروا ماذا يفعلوا, فأرجعوا الأمر إليها, فأرسلت بهدية إلى سليمان, فرفض الهدية وقال: ما أعطاني الله خير مما أعطاكم.
إحضار عرش ملكة اليمن إلى سليمان: قال سليمان لجنوده: من يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين, قال عفريت من الجن: أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك, وقال رجل عنده علم من الكتاب: أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك, فلما رآه مستقرا عنده حمد ربه, وأرجع الفضل إليه سبحانه وتعالى.
إسلام ملكة اليمن: فلما جاءت إلى سليمان وقد غيروا لها عرشها, فلما جاءت قالوا لها: هل هذا عرشك , فقالت: كأنه هو, ولكن صدها ما كانت تعبد من دون الله تعالى, وقال لها سليمان: ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها, فقال لها سليمان: إنه صرح ممرد من قوارير, فقالت: إنني أسلمت لله رب العالمين مع سليمان.
- كذب الشياطين على سليمان: لما علم سليمان أن الجن يعلمون الناس السحر جمعهم وتوعدهم, وأخذ كتبهم ودفنها, فلما مات سليمان قالت الشياطين للإنس: إن ملك سليمان بني على السحر, واستخرجوا الكتب التي دفنها, وأشاعوا في الناس أنها مأخوذة من سليمان, فأكذبهم الله تعالى, وبرأ سليمان عليه السلام من كذبهم, وبين أن السحر من العلوم التي تضر ولا تنفع.
- ابتلاء الله لسليمان: وقد ألقى الله على كرسيه جسدا شيطانا؛ عتابا له على بعض الهفوات، وإرجاعا له إلى كمال الخضوع لربه, فاستغفر ربه وأناب.
- اختصاص الله تعالى سليمان بالعلم والحكمة وزيادة الفهم: فحينما احتكم شخصان لداوود, إذ دخلت الغنم زرع أحدهم فأكلت منه, فحكم داوود بأن يأخذ صاحب الزرع الغنم, لظنه أن ما أتلف من الزرع يساوي قيمة الغنم, ولكن حكم بينهما سليمان بأن يقوم صاحب الغنم بحرث الزرع حتى تعود كما كانت, ويأخذ صاحب الزرع الغنم يستفيد منها حتى يرجع الحرث كما كان.
- ومثله الحكم بين المرأتين اللتين خرجتا بطفليهما فعدى الذئب على ابن الكبرى, فاختصما على الطفل الآخر , فذهبا إلى داوود فحكم به إلى الكبرى, فلما ذهبوا إلى سليمان قال: ائتوني بسكين أشقه نصفين, فقالت الصغرى: يا نبي الله هو ابنها, فعلم أنها أمه فحكم به إليها.
الفوائد:
1 – أن ما يقصه الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم لتثبيت فؤاده, وتطمين قلبه.
2 – مدح الله تعالى لصفتي قوة القلب والبدن, لطاعة الله تعالى, والإنابة إليه ظاهرا وباطنا.
3 – من نعم الله تعالى على العبد أن يعطى العلم النافع, والحكمة في الحكم بين الناس.
4 – كمال اعتناء الله بأنبيائه وأصفيائه حينما يقع منهم الهفوات, وابتلائهم بما يزول عنه المحذور حتى يعودوا كما كانوا.
5 – أن الأنبياء معصومون فيما يبلغون عن الله تعالى.
6 – أنه ينبغي استخدام الأدب عند الدخول على الناس, خصوصا الحكام والرؤساء.
7 – أنه لا يمنع الحاكم من الحكم بالحق سوء أدب الخصم، وفعله ما لا ينبغي.
8 – جواز قول المظلوم لمن ظلمه أنت ظلمتني، أو: يا ظالم ونحوه.
9 – أن المنصوح ولو كان كبير القدر, فعليه أن يقبل النصيحة بلا غضب ولا اشمئزاز , مع شكر ناصحه.
10 - أن كل ما أشغل العبد عن طاعة مولاه فهو مشؤوم فليفارقه، وليقبل على ما هو أنفع له.
5. قصة ذي القرنين
- اصطفاء الله تعالى لذي القرنين: فقد كان ملكا صالحا, وقد أعطاه الله من القوة وأسباب الملك والفتوح ما لم يكن لغيره.
- ذكر الله تعالى لقصته في القرآن: ذكر الله من حسن سيرته ورحمته وقوة ملكه وتوسعه في المشارق والمغارب ما يحصل به المقصود التام من سيرته ومعرفة أحواله.
- إعطاء الله له من كل شيء سببا: أعطاه الله من كل شيء سببا يحصل به قوة الملك وعلم السياسة وحسن التدبير والسلاح الْمُخْضِع للأمم وكثرة الجنود وتسهيل المواصلات وجميع ما يحتاجه، ومع ذلك فقد عمل بالأسباب التي أعطيها، فما كل أحد يعطَى الأسباب النافعة، ولا كل من أُعطيها يتبعها ويعمل بها.
- غزوه أفريقية: غزا بجيوشه الجرارة أدنى أفريقية وأقصاها حتى بلغ البحر المحيط الغربي، فوصل إلى محل إذا غربت الشمس, فرأها كأنها تغرب في البحر, ولونه أسود كالحمئة, وكان هؤلاء القوم منهم المسلم والكافر والبر والفاجر, فقال له أحد الأنبياء أو العلماء: إما أن تعذب, وإما أن تتخذ فيهم حسنا, فقال: أما من ظلم فيعذب عذابا نكرا, وأما الذي آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى.
- وصوله إلى بلاد الصين: ثم وصل إلى بلاد الصين, وشواطئ البحر المحيط الهادي, ووجد قوما لا تسترهم الثياب, ولا يسترهم شيء عن الشمس, وليس لهم بيوت, وجد هؤلاء القوم الذين في أقصى المشرق بهذه الصفة والوحشية بمنزلة الوحوش التي تأوي إلى الغياض والغيران والأسراب منقطعين عن الناس.
- وصوله بين السدين: ثم وصل بين السدين وهو محل وسط منذ خلق الله الأرض,وهما سلاسل جبال عظيمة شاهقة متواصلة من تلك الفجوة، وهي الريع إلى البحار الشرقية والغربية وهي في بلاد الترك, فوجد هناك قوما لا يكادون يفقهون قولا؛ من بُعد لغتهم، وثقل فهمهم للغات الأمم, فقالوا له: إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبين هؤلاء سدا, فقال لهم: أعينوني بقوة, وآتوني قطع الحديد, فجعلها بين السدين, ثم نفخوا فيه حتى جعلوه نارا, فوضع عليه النحاس المذاب, فالتحم بعضه ببعض, وصارت جبلا متصلا بين السدين.
- مدة بقاء سد يأجوج ومأجوج: ثم قال لهم ذو القرنين: إن هذا السد بينكم وبين يأجوج ومأجوج إلى وقت وأجل محدد, فإذا جاء ذلك الأجل قدر الله للخلق من أسباب القوة والقدرة والصناعات والاختراعات الهائلة ما يمكن يأجوج ومأجوج من وطء بلادكم أيها المجاورون، بل ومن وطء مشارق الأرض ومغاربها وأقطارها.
الفوائد:
1 – أن صلاح العبد سببا في إعطاءه القوة والفتوح.
2 – على العبد اتخاذ الأسباب في كل أموره.
3 – أن الله تعالى يرفع بالعلم الرجل, ويجعله في المنازل العاليه.
4 – لا يستوي المسلم والكافر والبر والفاجر في الجزاء, فكل يحاسب حسب عمله.
5 – أن التعاون بين المسلمين يثمر القوة والمنعة.
6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
- أول مقامات إنزال القرآن عليه صلى الله عليه وسلم: أنه قبل البعثة بغض إليه عبادة الأوثان, وقبيح الأقوال, وفطر فطرة سليمة مستعدة متهيئة لقول الحق علما وعملا, وكان يذهب إلى غار حراء فيتحنث فيها الليالي ذوات العدد.
- نزول جبريل عليه صلى الله عليه وسلم: لما بلغ أربعين سنة, وتمت قوته العقلية, وصلح لتلقي الرسالة, تبدى له جبريل عليه السلام, فأنزل عليه اقرأ, فجاءه بها جبريل وقال له: اقرأ، فأخبره أنه ليس بقارئ, فغطه جبريل مرتين أو ثلاثا ليهيئه لتلقي القرآن العظيم، ويتجرد قلبه وهمته وظاهره وباطنه لذلك، فنزلت هذه السورة التي فيها نبوته, فجاء إلى خديجة ترعد فرائصه من الفرق, فأخبرها الخبر, فقالت: والله لا يخزيك الله أبدا, فإنك تصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق.
فترة الوحي: ثم فتر الوحي عنه فترة؛ ليشتاق إليه وليكون أعظم لموقعه عنده.-
- الأمر بالدعوة والإنذار: بعد فترة الوحي جاءه جبريل مرة أخرى, فانزعج ورجع إلى خديجة يقول: دثروني دثروني, فأنزل الله تعالى: (يا أيها المدثر قم فأنذر), فشمر صلى الله عليه وسلم عن عزمه، وصمم على الدعوة إلى ربه مع علمه أنه سيقاوم بهذا الأمر البعيد والقريب، وسيلقى كل معارضة من قومه ومن غيرهم وشدة.
- اعتناء الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم: أيد الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وقواه بروح منه, ونزلت سورة الضحى, ردا على المكذبين على فترة الوحي.
- أعظم مقامات دعوته صلى الله عليه وسلم: الدعوة إلى التوحيد, والنهي عن الشرك, فدعا الناس لهذا, وقرره الله في كتابه, مبينا وجوب التوحيد وحسنه, وأنه طريق إلى دار كرامته, وأبطل الشرك والمذاهب الباطلة الضارة.
- الاستجابة لدعوته صلى الله عليه وسلم: فاستجاب له الناس الواحد تلو الآخر,على شدة عظيمة من قومه, وقاومه قومه وغيرهم، وبغوا له الغوائل، وحرصوا على إطفاء دعوته بجهدهم وقولهم وفعلهم، وهو يجادلهم ويتحداهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن، وهم يعلمون أنه الصادق الأمين، ولكنهم يكابرون ويجحدون آيات الله.
- تكذيب قومه له صلى الله عليه وسلم: وكذب قومه القرآن جحودا واستكبارا وتكذيبا, وقال كبيرهم المغيرة: إن هذا إلا سحر يؤثر, إن هذا إلا قول البشر, ووطنوا أنفسهم على معاداته, وجعل الله في قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا, وذلك لاختيارهم الضلال ورغبتهم فيه, ولما ردوا نعمة الله أصم آذانهم وأعمى أبصارهم وأفئدتهم.
- تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع المكذبين له: أنه كان يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة, ويجادلهم بالتي هي أحسن, ويدعوهم أفرادا ومتفرقين، ويذكرهم بالقرآن.
- أقوال الكافرين في القرآن: قالوا : إنه سحر، إنه كهانة، إنه شعر، إنه كذب، إنه أساطير؛ فجعلوا القرآن عضين، كل هذا أثر البغض الذي أحرق قلوبهم، حتى قالوا فيه مقالة المجانين، وكلما قالوا قولا من هذه الأقوال أنزل الله آيات يبطل بها ما قالوا، ويبين زورهم وافتراءهم وتناقضهم.
- من مقامات الكافرين معه صلى الله عليه وسلم: أنهم يسعون أشد السعي أن يكف عن عيب آلهتهم، والطعن في دينهم، ويحبون أن يتاركهم ويتاركوه؛ لأنهم يعرفون حق المعرفة أن الحقائق إذا بانت ظهر للخلق بطلان ما هم عليه.
- اقتراح الكافرين للآيات: فقد كانوا يقترحون الآيات على النبي صلى الله عليه وسلم, فقالوا: أتنا بعذاب الله, أو أزل عنا جبال مكة، واجعل لنا فيها أنهارا وعيونا, فيجيبهم الله عن هذه الأقوال بأن رسوله صلى الله عليه وسلم قد أيده الله بالآيات، والله أعلم بما ينزل من آياته، وأعلم بما هو أنفع لهم، وأنه قد حصل المقصود من بيان صدقه، وقامت الأدلة والبراهين على ذلك.
من أساليب قدح الكافرين فيه صلى الله عليه وسلم: وهم من حسدهم وحقدهم كانوا يقولون: لو أنزل هذا القرآن على رجل عظيم من القريتين, وأنك لست بأولى بفضل الله منا.
- من مقاماته صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين: أنه كان بهم رؤف رحيم, وكان محبا لهم محبة تامة, والقيام معهم في كل أمورهم، وأنه لهم أرحم وأرأف من آبائهم وأمهاتهم، وأحنى عليهم من كل أحد.
- الإسراء والمعراج: وأسري به صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليريه من الآيات, وعرج به إلى فوق السماء السابعة, وفرضت عليه الصلوات الخمس, وعلمه جبريل كيفيتها وأوقاتها.
- إسلام الأوس والخزرج: كانت اليهود يخبرون الأوس والخزرج أنهم ينتظرون نبي, وذكروا أوصافه, فبادر الأوس والخزرج بالاجتماع به صلى الله عليه وسلم والإيمان به, وأما اليهود فاستولى عليهم الحقد والحسد وكفروا به.
- التآمر على قتله صلى الله عليه وسلم: لما رأى كفار قريش أن امر النبي قد انتشر تشاوروا في بيت الندوة, واتفقوا على أن ينتخبوا من كل قبيلة رجلا شجاعا, فيقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم, ويتفرق دمه بين القبائل, ويرضون بالدية.
هجرة النبي صلى الله عليه وسلم: لما اتفق الكفار على قتله صلى الله عليه وسلم, جاءه جبريل وأوحى إليه بالهجرة إلى المدينة, فخرج هو وأبو بكر, وجعل علي في فراشه, فلما جاء الفجر وجدوا عليا, فأخذوا يطلبون النبي في كل جهة, وجعلوا الجعالات لمن يأتي به, فهاجر إلى المدينة, وأذن له بالقتال, وجعل يرسل السريا, وفرضت في السنة الثانية الزكاة والصيام.
- وقعة بدر: وكانت في السنة الثانية للهجرة, وكانت بسبب عير وتجارة لقريش من الشام, خرج النبي لطلبها, وخرجت قريش لحمايتها, فتلاقوا في بدر, وانتصر المسلمون, وقتل صناديد قريش, ورجع إلى المدينة منصورا مظفرا.
- وقعة أحد: وكانت في السنة الثالثة للهجرة, وسببها أن المشركين تجهزوا لقتال المسلمين, حتى وصلوا لأطراف المدينة, فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه, والتقوا عند جبل أحد, وكانت الغلبة أولا للمسلمين, ثم لما نزل الرماة من الجبل وعصوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم, جاءت الخيل مع تلك الثغرة وكان ما كان, واستشهد من المسلمين في سبيل الله.
- غزوة الخندق: ثم في السنة الخامسة اتفق أهل الحجاز ونجد, وظاهرهم بني قريظة على غزو النبي صلى الله عليه وسلم, وكانوا عشرة آلاف مقاتل, وقصدوا المدينة, فلما سمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم حفر خندق حول المدينة, وحاصر المشركون المدينة عدة أيام, وحال الخندق بينهم, فأرسل الله تعالى ريحا وجنودا مؤيدة للمؤمنين, ثم حاصر النبي بني قريظة, فنزلوا على حكم سعد بن معاذ بأن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم.
- صلح الحديبية: في سنة ست من الهجرة اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه, وكان لا يصد أحد عن البيت, فعزم المشركون على صدهم, ولما بلغ الحديبة ورأى ما عليه المشركين من حمية جاهلية دخل معهم في صلح لحقن الدماء في بيت الله الحرام، ولما في ذلك من المصالح، وصار الصلح على أن يرجع النبي صلى الله عليه وسلم عامه هذا ولا يدخل البيت، ويكون القضاء من العام المقبل، وتضع الحرب أوزارها بينهم عشر سنين, وكان هذا الصلح فتحا للمسلمين في الدعوة إلى الله.
- فتح مكة: في سنة ثمان من الهجرة نقضت قريش صلح الحديبية, فجاء النبي صلى الله عليه وسلم معه عشرة آلاف, فدخل مكة وفتحها.
- غزوة تبوك: في سنة تسع من الهجرة غزا النبي تبوك وأوعوب المسلمون معه, ولم يتخلف عنها, إلا صاحب عذر أو منافق, وثلاثة من صلحاء المؤمنين, وكان الوقت شديدا، والحر شديدا، والعدو كثيرا، والعسرة مشتدة، فوصل إلى تبوك ومكث عشرين يوما ولم يحصل قتال فرجع إلى المدينة, ونزلت في شأنها آيات تثني على المؤمنين وتذم المنافقين, وتظهر التوبة على الثلاثة الصلحاء من المؤمنين.
- فرض الحج: في سنة تسع أو عشر فرض الحج على المسلمينوكان أبو بكر حج بالناس سنة تسع، ونبذ إلى المشركين عهودهم، وأتم عهود الذين لم ينقضوا، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين سنة عشر واستوعب المسلمين معه، وأعلمهم بمناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات التي في الحج وأحكامه، وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.
الفوائد:
1 – معرفة سيرته صلى الله عليه وسلم من أنفع الأشياء لمعرفة تفسير كلام الله.
2 – أنه صلى الله عليه وسلم كانت فطرته سليمة حتى قبل مبعثه.
3 – على العبد أن يهيئ نفسه لقبول الحق في أي وقت.
4 – أنه ينبغي على العبد أن تكون له عبادة خاصة يتقرب بها إلى الله تعالى.
5 – الحث على التعلم والقراءة فنحن أمة اقرأ.
6 – أن الله تعالى رحيم بعباده, وأنه لا يترك أوليائه بل ينصرهم ويغنيهم ويعولهم.
7 – الدعوة إلى الله مع الصبر على أذى الخلق ونفرتهم.
8 – نفي النقص عن النبي صلى الله عليه وسلم, والبشارة بأن كل حال له هي أحسن مما قبلها.
9 – الدعوة إلى التوحيد, والنهي عن ضده وهو الشرك هي دعوة جميع الأنبياء.
10 – أن تكذيب الكافرين راجع إلى جحدهم, واستكبارهم, وتوطين أنفسهم على معاداة الحق.
11 – أن الله تعالى هدى المؤمنين لما في قلوبهم من طلب الحق والإذعان له.
12 – أن دعوة الرسل قائمة على الحكمة, والموعظة الحسنة, والجدال بالتي هي أحسن.
13 – أن الله تعالى أيد نبيه بالحجج والبراهين, ومن أقواها القرآن الكريم.
14 – أنه ينبغي على الداعي إلى الله أن لا يساير المدعوين على أهوائهم ورغباتهم.
15 – أن فرض الصلاة في السماء لدليل على عظم شأنها.
16 – أن الإسراء والمعراج كان سببا في تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم.
17 – أن الإيمان يكون بالأقوال والأفعال لا بالأقوال وحدها.
18 – أنه إذا وجد العبد نفسه غي قادر على الطاعة والدعوة, واستطاع أن يهاجر من المكان الذي هو فيه كان هذا هو الأفضل له.
19 – أن عدم الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم يكون سببا للهزيمة.
20 – أن الله تعالى يدافع عن عباده المؤمنين بجنوده التي نراها, والتي لا نراها.
21 – أن صلح الحديبية كان سببا لنصر المؤمنين وفتح مكة.
والله أعلم


التقويم: أ+

أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك.
يمكنك تعزيز الفوائد بذكر وجه الاستدلال، خصوصًا قصص الأنبياء والفوائد السلوكية المتعلقة بها.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 جمادى الأولى 1443هـ/17-12-2021م, 03:12 AM
الصورة الرمزية وسام عاشور
وسام عاشور وسام عاشور غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 347
افتراضي

المجموعة الخامسة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. تفسير آيات الحدود.

قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 178 - 179]
يمتن الله على عباده بأنه فرض عليهم القصاص في القتلى، بأن أقام العدل بينهم بفرض القصاص فيقول :
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى:
المخاطب به في الآية : هو عموم المؤمنين
دلالة توجيه الخطاب لعموم المؤمنين: فيه دليل على أنه يجب عليهم كلهم حتى أولياء القاتل، حتى القاتل بنفسه، إعانة ولي المقتول إذا طلب القصاص وتمكينه من القاتل، وأنه لا يحل لهم أن يحولوا بينه وبين القاتل إذا تمت الشروط
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى
المراد بالقصاص: أن يقتل القاتل عمدا على الصفة التي قتل عليها المقتول؛ إقامة للعدل بين العباد
الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى:
دلالة قوله(الْحُرُّ بِالْحُرِّ):
-أنه يدخل في منطوقها وفي منطوق قوله: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] أن الذكر يقتل بالأنثى، كما تقتل الأنثى بالذكر
-ويكون هذا المنطوق مقدما على مفهوم قوله: {وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} [البقرة: 178] مع دلالة صريح السنة الصحيحة قتل النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي بالجارية
-ويخرج من هذا العموم الوالدين وإن علوا فلا يقتلان بالولد لورود السنة بذلك
-وخرج من هذا العموم أيضا أن المسلم لا يقتل بالكافر لثبوت السنة بذلك
فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ :
دلالة التعبير بلفظ أخيه في قوله(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ) :
-فيه دليل على أن الأصل وجوب القود في العمد العدوان
-وفيه ترقيق وحث على العفو إلى الدية، وأكمل من ذلك العفو مجانا
-وفيه دليل على أن القاتل عمدا لا يكفر؛ لأن المراد بالأخوة هنا أخوة الإسلام، فلم يخرج بالقتل عنها
فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ:
مرجع اسم الإشارة ذلك:أي: بعد العفو
المراد بالعذاب الأليم: أي في الآخرة
وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ:
الحكمة من مشروعية القصاص: لأنه به تنحقن بذلك الدماء فإن القاتل إن علم أنه مقتول ارتدع ,فلو كان عقوبة القاتل غير القتل لم يحصل من انكفاف الشر ما يحصل بالقتل
الحكمة من تنكير لفظ(حياة) : التعظيم
يا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ :
دلالة توجيه الخطاب لأولي الألباب : يدل على أنه يحب من عباده أن يعملوا أفكارهم وعقولهم في تدبير ما في أحكامه من الحكم والمصالح الدالة على كماله، وكمال حكمته
دلالة ختم الآية ب(لعلكم تتقون):وذلك أن من عرف ربه، وعرف ما في دينه وشرعه من الأسرار العظيمة والحكم البديعة والآيات الرفيعة أوجب له أن ينقاد لأمر الله، ويخضع لشرعه طاعة لله ولرسوله
====================================================================
قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]
حد الزاني المحصن :الرجم بالحجارة حتى يموت.
حد الزاني غير المحصن :أن يجلد مائة جلدة، جلدات تؤلمه وتزجره ولا تهلكه ووردت السنة بتغريب عام كامل عن وطنه مع الجلد، كما تواترت السنة وأجمع المسلمون
شرط إقامة حد الزنا :أي يتعين أن يكون ذلك علنا لا سرا
الحكمة من إقامة حد الزنا علناً :لأن إقامة الحدود من الضروريات لقمع أهل الجرائم، واشتهارها هو الذي يحصل به الردع والانزجار وإظهار شعائر الدين ,ولما يترتب على الاستتار به أوإقامتها على أحد دون أحد من مفاسد كثيرة
===================================================================================
قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]
معنى السارق: هو من أخذ مال غيره المحترم بغير رضاه
حكم السرقة: هي من كبائر الذنوب الموجبة للعقوبة
حد السرقة: قطع يده اليمنى كما هي قراءة بعض الصحابة، واليد إذا أطلقت فهي الكف إلى الكوع فقط، فإذا قطعت حسمت وجوبا في زيت أو ودك مغلي لتنسد العروق فيقف الدم
شروط إقامة حد السرقة:
1-لا بد أن يكون المسروق نصابا، وهو ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو ما يساوي ذلك.
2-لا بد أن يكون المأخوذ منه حرزا، وحرز كل مال ما يحفظ به عادة، فلو سرق من مال غير محرز فلا قطع عليه
سبب إيقاع حد السرقة:عقوبة التجرؤ على أموال الناس، كما قال تعالى:{جَزَاءً بِمَا كَسَبَا}.
الحكمة من إقامة حد السرقة: تنكيلا للمجرمين، وحفظا للأموال، وردعا للسراق، كما قال تعالى: {نَكَالًا مِنَ اللَّهِ}

================================================================
{إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوْ يُصَلَّبُوٓاْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَٰفٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِى ٱلْءَاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33]
فائدة (أو) في الآية : اختلف فيها هل هي للتخيير أم للترتيب فمن قال هي :
للتخيير: ذهب إلى أن الإمام مخير فيهم بين هذه الأمور، وعليه أن يفعل ما تقتضيه المصلحة، ويحصل به النكاية،
للترتيب : ذهب إلى أن العقوبة مرتبة بحسب الجريمة؛ فإن جمعوا بين القتل وأخذ المال جمع لهم بين القتل والصلب، وإن قتلوا ولم يأخذوا مالا قتلوا ولم يصلبوا، وإن أخذوا مالا ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإن أخافوا الناس ولم يقتلوا ولا أخذوا مالا نفوا من الأرض، فلا يتركون يأوون إلى بلد، أو يحبسون كما قاله بعضهم
*******************************************************************************************

2. قصة آدم عليه السلام
إعلام الله للملائكة بخلق آدم : يخلف من كان قبلهم من المخلوقات التي لا يعلمها إلا هو{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]
تعجب الملائكة مع تعظيمهم لحكمة الله في خلقه:فتعجبوا أنه ربما يخلق مخلوقا يشبه أخلاق المخلوقات الأول، أو أن الله تعالى أخبرهم بخلق آدم، وبما يكون من مجرمي ذريته {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30]
خلق الله لآدم عليه السلام: خلقه الله بيده تشريفا له على جميع المخلوقات، وقبض قبضة من جميع الأرض سهلها وحزنها، وطيبها وخبيثها، ليكون النسل على هذه الطبائع، فكان ترابا أولا، ثم ألقى عليه الماء فصار طينا، ثم لما طالت مدة بقاء الماء على الطين تغير ذلك الطين فصار حمأ مسنونا، طينا أسود، ثم أيبسه بعدما صوره فصار كالفخار الذي له صلصلة، ثم نفخ فيه من روحه فانقلب ذلك الجسد الذي كان جمادا حيوانا له عظام ولحم وأعصاب وعروق وروح هي حقيقة الإنسان
كمال حكمة الله في خلق آدم عليه السلام:
لما تم خلق آدم علمه الله أسماء الأشياء كله ثم عرض هذه المسميات على الملائكة وقال لهم {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 31]
فعجزت الملائكة عليهم السلام عن معرفة أسماء هذه المسميات، وقالوا:{سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 32]
قال الله: {يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [البقرة: 33]عاينت الملائكة سعة علم الله وكمال حكمته فعظموا آدم غاية التعظيم
الأمر بالسجود لآدم عليه السلام :
ثم إن الله أراد أن يظهر هذا التعظيم والاحترام لآدم من الملائكة ظاهرا وباطنا، فقال للملائكة: {اسْجُدُوا لِآدَمَ} [البقرة: 34]فسجدوا كلهم أجمعون وكان من غير عنصر الملائكة , كان من الجن المخلوقين من نار السموم
عداوة إبليس لآدم عليه السلام:
وكان مبطنا للكفر بالله، والحسد لهذا الإنسان الذي فضله الله هذا التفضيل؛ فحمله كبره وكفره على الامتناع عن السجود لآدم كفرا بالله واستكبارا حتى أنه اعترض على ربه، وقدح في حكمته، فقال:{قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12]
فطرده الله من رحمته وصار ملعوناً فلم يرده ذلك لربه فيتوب , بل زاد عنادا وتوعد لآدم وذريته ليغوينهم وليصدنهم عن الحق وليزينن لهم وليضللنهم {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ - ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 16 - 17]
فمكنه الله من الأمر الذي يريده إبليس في آدم وذريته، فقال الله له:{اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا - وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ} [الإسراء: 63 - 64]
وأما خواص الذرية من الأنبياء، وأتباعهم من الصديقين والأصفياء، وطبقات الأولياء والمؤمنين فإن الله تعالى لم يجعل لهذا العدو عليهم تسلطا وأرشدهم قي كتبه، وعلى ألسنة رسله إلى الأمور التي بها يحتمون من هذا العدو المبين,أرشدهم إلى الطرق التي ينجون بها من شره وفتنته، وأعانهم على لأنهم لما بذلوا المجهود، واستعانوا بالمعبود، سهل لهم كل طريق يوصل إلى المقصود
خروج آدم وزوجته من الجنة:
-ثم إن الله تعالى أتم نعمته على آدم، فخلق منه زوجته حواء من جنسه وعلى شكله؛ ليسكن إليها،
-ثم حذرهما من الشيطان ألا يخرجنكما من الجنة التي أسكنكما الله إياها، وأباحكما أن تأكلا من جميع ثمارها إلا شجرة معينة في هذه الجنة {فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 19]
-فمكثا في الجنة ما شاء الله على هذا الوصف الذي ذكره الله، وعدوهما يراقبهما ويراصدهما، وينظر الفرصة فيهما، فلما رأى سرور آدم بهذه الجنة وحرصه عليها، جاءه في صورة الصديق الناصح، وأخبرهما أن هذه الشجرة هي شجرة الخلد والملك الذي لا يبلى
-فلما أكلا من الشجرة بدت لهما سوآتهما بعدما كانا مستورين، وطفقا يخصفان على أنفسهما من أوراق تلك الجنة، وناداهما ربهما:{أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الأعراف: 22]
-فأوقع الله في قلبيهما التوبة التامة، والإنابة الصادقة.{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37]وقالا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23]فتاب الله عليهما، ومحا الذنب الذي أصابا
-لكنه قد سبقت قضاء الله في نزول آدم إلى الأرض ,وأعلمهما أنه لا بد أن يبتليهما وذريتهما، وأن من آمن وعمل صالحا كانت عاقبته خيرا من حالته الأولى، ومن كذب وتولى فآخر أمره الشقاء الأبدي والعذاب السرمدي
{يا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: 27]
-وأبدلهم الله بذلك اللباس الذي نزعه الشيطان من الأبوين بلباس يواري السوآت، ويحصل به الجمال الظاهر في الحياة، ولباس أعلى من ذلك، وهو لباس التقوى
فوائد من قصة آدم عليه السلام:
1-هذه القصة ترد زعم الدارونية والتطور ومن زعم بأن الإنسان أصله قرد
2-وهي أيضا أعظم رد على منكري وجود الملائكة وسجودهم لآدم ومن تأول السجود بتسخير الأرض لذرية آدم
3-فضل العلم، وأن الملائكة لما تبين لهم فضل آدم بعلمه عرفوا بذلك كماله، وأنه يستحق الإجلال والتوقير
4-الاعتراف بنعمة العلم ونسبتها لله كما قالت الملائكة والرسل: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا
5-الحسد والكبر أول ما عصي بهما المولى وهما من أخطر الآفات عى العباد وبهما طرد إبليس من رحمة الله
6-الحرص به أخرج آدم وزوجه من الجنة بعد أن تاب الله عليهما فهو من أخطر الآفات
7-المبادرة إلى التوبة هو ما أنجا آدم وزوجه فمحا الله الذنب كأن لم يكن وبه كانت نجاتهما من اللعن والطرد من رحمة الله كما هو مصير إبليس
8-إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء الحسنى والصفات كلها، لا فرق بين صفات الذات، ولا بين صفات الأفعال ,وهو مذهب أهل السنة والجماعة
9-إثبات اليدين لله كما هو في قصة آدم صريحا: لما خلقت بيدي، فله يدان حقيقة، كما أن ذاته لا تشبهها الذوات، فصفاته تعالى لا تشبهها الصفات
******************************************************************************
3. قصة شعيب عليه السلام
بعثة شعيب عليه السلام في قومه :
-كان قوم شعيب قبل بعثته فيهم مع شركهم يبخسون المكاييل والموازين، ويغشون في المعاملات، وينقصون الناس أشياءهم
-فلما نبأه الله دعاهم إلى توحيد الله، ونهاهم عن الشرك به، وأمرهم بالعدل في المعاملات، وزجرهم عن البخس في المعاملات , وذكرهم نهم ليسوا بحاجة إلى ظلم الناس في أموالهم، وخَوَّفهم العذاب المحيط في الدنيا قبل الآخرة
-فما كان منهم إلا أن ازدادوا كفرا وعنادا وتهكما {يا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87]
تنوع أساليب الدعوة:
-فقام فيهم خطيباً فأبلغ في خطبيته فقال لهم ياقوم ما نهيتكم عن شيء إلا وأنا أول تارك له ,وما أريد لكم إلا الخير {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا ٱلْإِصْلَٰحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ ۚ} [هود: 88]
-ثم خوفهم أخدة الأمم السابقة {لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} [هود: 89]
-ثم عرض عليهم التوبة، ورغبهم فيها فقال: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود: 90]
-فلم يزدهم ذلك إلا نفورا وكبرا على كبرهم{وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ - قَالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [هود: 91 - 92]
سوء عاقبة الظالمين:
-فلما جاء أمر الله نجا الله شعيبا ومن معه وأخذ الذين ظلموا بئيس {وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحْمَةٍۢ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِى دِيَٰرِهِمْ جَٰثِمِينَ} [هود: 94]
فوائد من قصة شعيب:
1-أن بخس المكاييل والموازين خصوصا، وبخس الناس أشياءهم عموما من أعظم الجرائم الموجبة لعقوبات الدنيا والآخرة
2-أن المعصية الواقعة لمن عدم منه الداعي والحاجة إليها أعظم ,لهذا قال شعيب لقومه:{إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ} [هود: 84]أي: بنعم كثيرة لا تحتاجون لبخس الناس أشياءهم
3-الحث على الرضا بما أعطى الله، والاكتفاء بحلاله عن حرامه {بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ} [هود: 86]
4-الصلاة سبب لفعل الخيرات، وترك المنكرات {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87] , ومنها تجلي حكمة الله ورحمته في أنه فرض علينا الصلوات، تتكرر في اليوم والليلة لعظم وقعها
5-العبد خاضع لحكم الشرع يأتمر بأمره وينتهي بنهييه في كل حركاته وسكناته
6-الناصح للخلق الذي يأمرهم وينهاهم من تمام قبول الناس له: أنه إذا أمرهم بشيء أن يكون أول الفاعلين له، وإذا نهاهم عن شيء كان أول التاركين؛ لقول شعيب: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88]
7-أن الأنبياء جميعهم بُعثوا بالإصلاح والصلاح، ونهوا عن الشرور والفساد
8-أن الداعي إلى الله يحتاج إلى الحلم وحسن الخلق ومقابلة المسيئين بأقوالهم وأفعالهم بضد ذلك
******************************************************************************
4. قصة أيوب عليه السلام
ابتلاء أيوب عليه السلام وصبره:
ابتلاه الله بفقد ولده وأهله وماله، ثم بجسده، فأصابه من البلاء ما لم يصب أحدا من الخلق، فصبر لأمر الله ولم يزل منيبا لله.ولما تطاول به المرض نادى ربه: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83]
استجابة الله لدعوة أيوب عليه السلام:
-أوحى إليه الله أن {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} [ص: 42]فركض، فنبعت بركضته عين ماء بارد، فقيل له: اشرب منها واغتسل، ففعل ذلك، فأذهب الله ما في باطنه وظاهره من البلاء، ثم أعاد الله له أهله وماله، ومثلهم معهم
-وكان في مرضه قد وجد على زوجته المرأة البارة الرحيمة ، فحلف أن يجلدها مائة جلدة، فخفف الله عنه وعنها، وقيل له: خذ بيدك ضغثا حزمة حشيش أو علف فيها مائة عود فاضرب به ولا تحنث، أي: ينحل بذلك يمينك
فوائد من قصة أيوب عليه السلام:
1-أن كفارة اليمين لم تشرع لأحد من قبل شريعتنا، وأن اليمين في شرع من قبلنا بمنزلة النذر الذي لا بد من وفائه
2-أن من لا يحتمل إقامة الحد عليه لضعفه ونحوه أنه يقام عليه مسمى ذلك؛ لأن الغرض التنكيل ليس الإتلاف والإهلاك
3-أن الله يدافع عن الذين آمنوا , فدافع الله عن زوجة سيدنا أيوب البارة الصابرة
4-عاقبة الصبر دائما إلى خير , فقصة سيدنا أيوب سلوى لكل مبتلى
******************************************************************************
5. قصة الخضر مع موسى عليه السلام
علة سعي موسى عليه السلام للقاء الخضر:
قام موسى واعظا في بني إسرائيل فأبلغ حتى سأله أحدهم ياموسى هل يوجد على الأرض من هو أعلم منك فأجاب أن لا ,بناء على ما يعرفه وترغيبا لهم في الأخذ عنه
فأخبره الله أنه يوجد في مجمع البحرين عبداً ليس نبياً أعلم منه فستأذن موسى ربه أن يلقاه ليتعلم منه فأذن له وأخبره أن موضعه حين يفقد الحوت {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60]
فوائد القصة:
في فضل العلم وآداب طلبه:
1-فضل العلم وشرفه ومشروعية الرحلة إليه {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60]
2-الاشتغال بطلب الزيادة في العلم أولى من الاشتغال بتعليم الناس فقط
3-اظهار وجهة السفر والمرادمنه إذا كان في طاعة كطلب العم أو الجهاد أولى في حسن الاستعداد له وأولى في الترغيب في هذه العبادة
4- العلم نوعان مكتسب يدرك بالطلب , ولدني هبة من الله لخواص عباده {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65]
5-التأدب والتلطف مع المعلم وإظهار الحاجة إليه {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]
6-تواضع الفاضل للتعلم ممن هو دونه، فإن موسى بلا ريب أفضل من الخضر
7- تعلم العالم الفاضل للعلم الذي لم يتمهر فيه ممن مهر فيه، وإن كان دونه في العلم درجات
8-إضافة العلم إلى فضل الله ورحمته فهذا من شكر النعم {تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]
9- العلم النافع هو العلم المرشد إلى الخير {تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]
10-من استعمل الصبر ولازمه أدرك مراده ومن لا صبر له لا يدرك مراده
11-مما يعين على الصبر على طلب العلم إحاطة العبد بحقيقة ما يتعلم ، وبمنافعه وثمراته ونتائجه {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف: 68]
12-تغليب المصلحة فإذا المعلم أم من المصلحة أن يأمر الطلب بترك الابتداء بالسؤال فله ذلك {قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِى فَلَا تَسْـَٔلْنِى عَن شَىْءٍ حَتَّىٰٓ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} [الكهف: 70]
13- ينبغي للعبد أن لا يفارق صاحبه في حالة من الأحوال وأن يوافق صاحبه في غير الأمور المحذورة ,فهذا أدعى لبقاء الصحبة , وأما عدم الموافقة فسبب لقطع الرفقة
14-الأمر بالتأنِّي والتثبت وعدم المبادرة على الحكم على الأشياء حتى يعرف ما يراد منه، وما هو المقصود.
في حق الخادم:
1-جواز أخذ الخادم في السفر والحضر لكفاية المؤن وطلب الراحة
2- استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله، وأكلهما جميعا {آتِنَا غَدَاءَنَا} [الكهف: 62]
3- ينبغي أن يتخذ الإنسان خادما ذكيا فطنا كيِّسا ليتم له أمره الذي يريد
في التأدب مع الله وأقداره :
1-إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان، وكذلك النقص، لقول فتى موسى: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [الكهف: 63]
2-عدم العيب والنقص والشر إلى الله تأدبا ولكن ينسب الخير إيه مع أن الكل بقضاء الله وقدره ,وقد قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الدعاء"الخير في يديك والشر ليس إليك"
وكذلك فإن فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: 79] وأما الخير فأضافه إلى الله لقوله: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [الكهف: 82]
3- مشروعية تعليق إيجاد الأمور المستقبلة على مشيئة الله لقوله: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} [الكهف: 69]
فوائد متفرقة:
1-جواز العمل في البحر
2-جواز إخبار الإنسان عما يجده مما هو مقتضى الطبيعة البشرية، من نصب أو جوع أو عطش، إذا لم يكن على وجه التسخط، وكان صدقا لقوله: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: 62]
3-المعونة تنزل على العبد بحسب قيامه بالأمر الشرعي، وأن ما وافق رضا الله يعان عليه ما لا يعان على غيره لقوله: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}
4-الإلهام والتحديث، وذلك يكون لغير الأنبياء{وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82]
5-الناسي غير مؤاخذ إلا إن ترتب على ذلك إتلاف مال ففيه الضمان {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} [الكهف: 73]
6-قاعدة فقهيه كبيرة، وهو أنه يدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الخفيف، ويراعى أكبر المصلحتين بتفويت أدناهما؛
7-قاعدة فقهية أخرى كبيرة ,جواز عمل اللإنسان في غيره ماله بدون إذن صاحب المال إذا كان على وجه المصلحة ودفع المضرة
8-العبد الصالح يحفظه الله في نفسه وفي ذريته {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82]
**************************************************************************
6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
العلاقة بين تفسير القرآن وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم:
سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعظم عون على معرفة تفسير كتاب الله , ذلك أن القرآن إنما كان ينزل تبعا لمناسبات سيرته، وما يقوله للخلق، وجواب ما يقال له، وما يحصل به تحقيق الحق الذي جاء به، وإبطال المذاهب التي جاء لإبطالها
قال تعالى: {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا - وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 32 - 33] , وقال: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ} [هود: 120]
تهيئة الله له صلى الله عليه وسلم قبل البعثة:
ومن ذلك:
-أن بغضت إليه عبادة الأوثان، وبغض إليه كل قول قبيح وفعل قبيح
-وفطر صلى الله عليه وسلم فطرة مستعدة متهيئة لقول الحق علما وعملا، والله تعالى هو الذي طهّر قلبه وزكاه وكمّله
-وكان يتحنث في غار حراء الليالي ذوات العدد
-وكان أول ما بديء به من الوحي الرؤيا الصادقة , فكان لايرى الرؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح
بعثته صلى الله وعليه وسلم:
جاءه جبريل وهو يتحنث في غار حراء وقال له: اقرأ، فأخبره أنه ليس بقارئ - أي لا يعرف أن يقرأ ,فغطه جبريل مرتين أو ثلاثا ليهيئه لتلقي القرآن العظيم، ويتجرد قلبه وهمته وظاهره وباطنه لذلك، فنزلت هذه السورة التي فيها نبوته، وأمره بالقراءة باسم ربه
فكان أول ما أنزل الله عليه:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1], فجاء بها إلى خديجة ترعد فرائصه من الفرَق، وأخبرها بما رآه وما جرى عليه
دور زوجته خديجة في تثبيته:
كانت نعم الزوجة التي تعي قدر الموقف فثبتته وقالت :أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق
تنزل الوحي في المرة الثانية على صورته :
رأى صلى الله عليه وسلم الوحي في المرة الثانية على صورته فازعج وجاء إلى خديجة أيضا ترعد فرائصه فقال: «دثروني دثروني» فأنزل الله عليه:{يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 1 - 5]
فكان فيها الأمر له بدعوة الخلق وإنذارهم، فشمر صلى الله عليه وسلم عن عزمه، وصمم على الدعوة إلى ربه
فتور الوحي والحكمة منه :
ثم فتر عنه الوحي مدة ليشتاق إليه وليكون أعظم لموقعه عنده، حتى قال المكذبون: إن رب محمد قلاه.فنزلت :{وَالضُّحَى - وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 1 - 3] إلى آخرها
وفي هذا اعتناء عظيم من الله برسوله، ونفي لكل نقص، وبشارة بأن كل حالة له أحسن مما قبلها وخير منها، وأن الله سيعطيه من النصر والْأَتباع والعز العظيم وانتشار الدين ما يرضيه
أصل دعوة النبي:
التوحيد الخالص، والنهي عن ضده؛ و إبطال الشرك والمذاهب الضارة فدعا الناس لهذا، وقرره الله في كتابه في أغلب السور المكية
تنوع أساليب النبي في الدعوة:
فكان يدعو المشركين بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادلهم بالتي هي أحسن، ويدعوهم أفرادا ومتفرقين، ويذكرهم بالقرآن، ويتلوه في الصلاة وخارجها
وكان بالمؤمنين رؤوف رحيم ، وأحنى عليهم من كل أحد، كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]
موقف المشركين من دعوة النبي:
1-كانوا يصمون آذانهم عند سماع القرآن ويتواصون بذلك، وقد يسبونه ويسبون من أنزله، فأنزل الله على رسوله آيات كثيرة في هذا المعنى يبين حالهم مع سماع القرآن وشدة نفورهم كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة
حتى إنهم تحيروا في وصفه :فقالوا سحر، وقالوا كهانة، وقالوا شعر، وقالوا كذب، وقالوا أساطير؛ فجعلوا القرآن عضين، كل هذا أثر البغض الذي أحرق قلوبهم، حتى قالوا فيه مقالة المجانين، وكلما قالوا قولا من هذه الأقوال أنزل الله آيات يبطل بها ما قالوا، ويبين زورهم وافتراءهم وتناقضهم
2-وكانوا يقترحون الآيات فيقولون: لو أن محمدا صادق لأنزل الله ملائكة يشهدون له بذلك، ولأغناه الله عن المشي في الأسواق، وطلب الرزق كما يطلبه غيره، ولجعل له كذا وكذا مما توحي إليه عقولهم الفاسدة
-ويقولون: إن كنت صادقا فأتنا بعذاب الله، أو بما تعدنا، أو أزل عنا جبال مكة، واجعل لنا فيها أنهارا وعيونا، وحتى يحصل لك كذا وكذا مما ذكره الله عنهم، فيجيبهم الله عن هذه الأقوال بأن رسوله صلى الله عليه وسلم قد أيده الله بالآيات، والله أعلم بما ينزل من آياته، وأعلم بما هو أنفع لهم
-وتارة يخبرهم أنه لا يمنعه من الإتيان بها إلا الإبقاء عليهم، وأنها لو جاءت لا يؤمنون، فعند ذلك يعاجلهم الله بالعقاب
-وتارة يدفعهم الحسد والبغض أن يقولوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم، ومحمد ليس كذلك , فيجيبهم الله بذكر فضله، وأن فضله يؤتيه من يشاء، وأنه أعلم حيث يجعل رسالته والمحل اللائق بها :{ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام 125]
3-وكانوا يسعون أشد السعي أن يكف عن عيب آلهتهم، والطعن في دينهم، ويحبون أن يتاركهم ويتاركوه،لأنهم يعرفون حق المعرفة أن الحقائق إذا بانت ظهر للخلق بطلان ما هم عليه وأنه ليس فيه آلهتهم شيء من الصفات يوجب أن تستحق شيئا من العبادة {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9]
الإسراء والمعراج وفرض الصلوات الخمس:
-فلم يزل يدعو إلى التوحيد وعقائد الدين وأصوله، ويقرر ذلك بالبراهين والآيات المتنوعة، ويحذر من الشرك والشرور كلها منذ بعث إلى أن استكمل بعد بعثته نحو عشر سنين، وهو يدعو إلى الله على بصيرة.
-ثم أُسْرِيَ به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى؛ ليريه من آياته، وعرج به إلى فوق السماوات السبع، وفرض الله عليه الصلوات الخمس بأوقاتها وهيئاتها
-وجاءه جبريل على أثرها فعلَّمه أوقاتها وكيفيَّاتها، وصلى به يومين، اليوم الأول صلَّى الصلوات الخمس في أول وقتها، واليوم الثاني في آخر الوقت، وقال: الصلاة ما بين هذين الوقتين، ففرضت الصلوات الخمس قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين، ولم يفرض الأذان في ذلك الوقت، ولا بقية أركان الإسلام،
-وانتشر الإسلام في المدينة وما حولها
بيعة العقبة والهجرة للحبشة ثم للمدينة:
-بادر الأوس والخزرج واجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في مكة لما أخبرهم اليهود أنه قد أطل زمان النبي الخاتم فلما تيقنت الأوس والخزرج أنه رسول الله بايعوه بيعة العقبة الأولى، وأما اليهود فاستولى عليهم الشقاء والحسد، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به
-وكان المسلمون في مكة في أذى شديد من قريش، فأذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة أولا إلى الحبشة
-ثم لما أسلم كثير من أهل المدينة صارت الهجرة إلى المدينة
تآمر كفار قريش على النبي وأمر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة:
-حين خاف أهل مكة من هذه الحال اجتمع ملؤهم ورؤساؤهم في دار الندوة يريدون القضاء التام على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فاتفق رأيهم أن ينتخبوا من قبائل قريش من كل قبيلة رجلا شجاعا، فيجتمعون ويضربونه بسيوفهم ضربة واحدة. قالوا: لأجل أن يتفرق دمه في القبائل، فتعجز بنو هاشم عن مقاومة سائر قريش فيرضون بالدية
-فجاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعزم على الهجرة، وأخبر أبا بكر بذلك وطلب منه الصحبة، فأجابه إلى ذلك وخرج في تلك الليلة التي اجتمعوا على الإيقاع به، وأمر عليًّا أن ينام على فراشه، وخرج هو وأبو بكر إلى الغار
-ثم ذهبوا يطلبونه في كل وجهة، وجعلوا الجعالات الكثيرة لمن يأتي به، {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40]
تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة:
السنة الأولى للهجرة:
-لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واستقر بها، وأذن له في القتال بعدما كان قبل الهجرة ممنوعا لحكمة مشاهدة، فقال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39] ,جعل يرسل السرايا
السنة الثانية للهجرة :
-فرض الله فيها على العباد الزكاة والصيام ، فآيات الصيام والزكاة إنما نزلت في هذا العام وقت فرضها، وأما قوله تعالى: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ - الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت: 6 - 7] فإن المراد زكاة القلب وطهارته بالتوحيد وترك الشرك.
-غزوة بدر :كانت أيضا في السنة الثانية وسببها أن عيرا لقريش تحمل تجارة عظيمة من الشام، خرج النبي صلى الله عليه وسلم بمن خف من أصحابه لطلبها، فخرجت قريش لحمايتها، وتوافوا في بدر على غير ميعاد، فالعير نجت والنفير التقوا مع الرسول وأصحابه، وكانوا ألفا كاملي العدد والخيل، والمسلمون ثلاثمائة وبضعة عشر على سبعين بعيرا يعتقبونها، فهزم الله المشركين هزيمة عظيمة، قتلت سرواتهم وصناديدهم , وقد نزلت تفاصيلها في سورة الأنفال
-وبعدما رجع إلى المدينة منها مظفرا منصورا ذل من بقي ممن لم يُسلم من الأوس والخزرج، ودخل بعضهم في الإسلام نفاقا، ولذلك جميع الآيات نزلت في المنافقين إنما كانت بعد غزوة بدر
السنة الثالثة للهجرة:
-غزوة أحد: غزا المشركون على المسلمين حتى وصلوا إلى أطراف المدينة، فالتقوا عند جبل أحد وكان النبي قد عبأ أصحابه وأمر الرماة ألا يبرحوا أماكنهم فوق الجبل فخالف بعضهم أمره لما رأوا النصر حليف المسلمين وتركوا أماكنهم ، فجاءت الخيل مع تلك الثغرة وحصل للمسلمين مقتلة عظيمة أكرمهم الله فيها بالشهادة في سبيله، وذكر الله تفصيل هذه الغزوة في سورة آل عمران
السنة الرابعة للهجرة :
-تواعد المسلمون والمشركون فيها - في بدر - فجاء المسلمون لذلك الموعد، وتخلف المشركون معتذرين أن السنة مجدبة، فكتبها الله غزوة للمسلمين:{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 174]
السنة الخامسة للهجرة
-غزوة الخندق: اتفق أهل الحجاز وأهل نجد وظاهرهم بنو قريظة من اليهود على غزو النبي صلى الله عليه وسلم، فاجتمعوا في نحو عشرة آلاف مقاتل وقصدوا المدينة، فخرج المسلمون وتخندقوا لهم {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: 10],ومكثوا محاصرين المدينة عدة أيام، وحال الخندق بينهم وبين اصطدام الجيوش، وسبب الله عدة أسباب لانخذال المشركين،فرجعوا خائبين لم ينالوا خيرا
-ثم تفرغ النبي لبني قريظة الذين نقضوا العهد وظاهروا المشركين فحاصرهم، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وفي هذه الغزوة أنزل الله صدر سورة الأحزاب من قوله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الأحزاب: 27]
السنة السادسة للهجرة:
-صلح الحديبية :اعتمر صلى الله عليه وسلم وأصحابه عمرة الحديبية، فعزم المشركون على صد النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ولما بلغ الحديبية ورأى المشركين قد عزموا على القتال دخل معهم في صلح لحقن الدماء في بيت الله الحرام، ولما في ذلك من المصالح، وصار الصلح على أن يرجع النبي صلى الله عليه وسلم عامه هذا ولا يدخل البيت، ويكون القضاء من العام المقبل، وتضع الحرب أوزارها بينهم عشر سنين، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم ومعه المسلمون عامهم ذلك
السنة السابعة للهجرة:

-عمرة القضاء : أنزل الله في ذلك سورة الفتح بأكملها: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]
-غزا النبي بني النضير لما حاولوا قتله فاحتموا بحصونهم، ووعدهم المنافقون حلفاؤهم بنصرتهم، فألقى الله الرعب في قلوبهم، وأنزلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يجلوا عن ديارهم ولهم ما حملت إبلهم،فنزلت بدايات سورة الحشر: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: 2]
السنة الثامنة الهجرة:
-فتح مكة ثم غزوة حنين: لما نقضت قريش العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم غزا مكة في جند كثيف من المسلمين يقارب عشرة آلاف، فدخلها فاتحا لها، ثم تممها بغزو حنين على هوازن وثقيف, وأنزل الله في ذلك أول سورة التوبة
السنة التاسعة للهجرة:
-غزوة تبوك :
غزا النبي تبوك ومعه المسلمون وتخلف المنافقين، وثلاثة من صلحاء المؤمنين: كعب بن مالك وصاحباه، ومكث عشرين يوما ولم يحصل قتال فرجع إلى المدينة؛ فأنزل الله في هذه الغزوة آيات كثيرة من سورة التوبة، أنزل فيها توبته على الثلاثة الذين خلفوا
السنة العاشرة للهجرة:
-حجة الوداع : حج النبيوعلم المسلمين مناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات في أحكام الحج ، وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]
فوائد من سيرته صلى اللله عليه وسلم:
1-حكمة الله في إضلال الضالين وهداية المهتدين:
-أنه لما اختار الضالين لأنفسهم الضلال ورغبوا فيه وردوا نعمة الله عليهم حين جاءتهم وعلم منهم عدم قبول محالهم وقلوبهم للهدى ,قلب الله أفئدتهم ، وأصم أسماعهم ،وأعمى أبصارهم وأفئدتهم قا تعالى :{فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأعراف: 30]
-ولما علم من المهتدين انصافهم ورغبتهم في الحق وسرعة انقيادهم له ، هداهم الله بالقرآن، وازدادت به علومهم ومعارفهم وإيمانهم وهدايتهم المتنوعة، قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 16]
2-تتجلى حكمة الله في تنزل الفرآن متفرقا تبعا للأحداث والمناسبات وردا على الأسئلة التي يطرحها المسلمين أو الكفار والمنافقين أو للتدرج في الأحكام الشرعية
3-لنا في نبي الله صلى الله عليه أسوة في تلون أساليب الدعوة وتنوعها والصبر على أذى المشركين

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 جمادى الأولى 1443هـ/20-12-2021م, 08:36 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وسام عاشور مشاهدة المشاركة
المجموعة الخامسة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. تفسير آيات الحدود.

قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 178 - 179]
يمتن الله على عباده بأنه فرض عليهم القصاص في القتلى، بأن أقام العدل بينهم بفرض القصاص فيقول :
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى:
المخاطب به في الآية : هو عموم المؤمنين
دلالة توجيه الخطاب لعموم المؤمنين: فيه دليل على أنه يجب عليهم كلهم حتى أولياء القاتل، حتى القاتل بنفسه، إعانة ولي المقتول إذا طلب القصاص وتمكينه من القاتل، وأنه لا يحل لهم أن يحولوا بينه وبين القاتل إذا تمت الشروط
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى
المراد بالقصاص: أن يقتل القاتل عمدا على الصفة التي قتل عليها المقتول؛ إقامة للعدل بين العباد
الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى:
دلالة قوله(الْحُرُّ بِالْحُرِّ):
-أنه يدخل في منطوقها وفي منطوق قوله: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] أن الذكر يقتل بالأنثى، كما تقتل الأنثى بالذكر
-ويكون هذا المنطوق مقدما على مفهوم قوله: {وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} [البقرة: 178] مع دلالة صريح السنة الصحيحة قتل النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي بالجارية
-ويخرج من هذا العموم الوالدين وإن علوا فلا يقتلان بالولد لورود السنة بذلك
-وخرج من هذا العموم أيضا أن المسلم لا يقتل بالكافر لثبوت السنة بذلك
فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ :
دلالة التعبير بلفظ أخيه في قوله(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ) :
-فيه دليل على أن الأصل وجوب القود في العمد العدوان
-وفيه ترقيق وحث على العفو إلى الدية، وأكمل من ذلك العفو مجانا
-وفيه دليل على أن القاتل عمدا لا يكفر؛ لأن المراد بالأخوة هنا أخوة الإسلام، فلم يخرج بالقتل عنها
فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ:
مرجع اسم الإشارة ذلك:أي: بعد العفو
المراد بالعذاب الأليم: أي في الآخرة
وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ:
الحكمة من مشروعية القصاص: لأنه به تنحقن بذلك الدماء فإن القاتل إن علم أنه مقتول ارتدع ,فلو كان عقوبة القاتل غير القتل لم يحصل من انكفاف الشر ما يحصل بالقتل
الحكمة من تنكير لفظ(حياة) : التعظيم
يا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ :
دلالة توجيه الخطاب لأولي الألباب : يدل على أنه يحب من عباده أن يعملوا أفكارهم وعقولهم في تدبير ما في أحكامه من الحكم والمصالح الدالة على كماله، وكمال حكمته
دلالة ختم الآية ب(لعلكم تتقون):وذلك أن من عرف ربه، وعرف ما في دينه وشرعه من الأسرار العظيمة والحكم البديعة والآيات الرفيعة أوجب له أن ينقاد لأمر الله، ويخضع لشرعه طاعة لله ولرسوله
====================================================================
قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]
حد الزاني المحصن :الرجم بالحجارة حتى يموت.
حد الزاني غير المحصن :أن يجلد مائة جلدة، جلدات تؤلمه وتزجره ولا تهلكه ووردت السنة بتغريب عام كامل عن وطنه مع الجلد، كما تواترت السنة وأجمع المسلمون
شرط إقامة حد الزنا :أي يتعين أن يكون ذلك علنا لا سرا
الحكمة من إقامة حد الزنا علناً :لأن إقامة الحدود من الضروريات لقمع أهل الجرائم، واشتهارها هو الذي يحصل به الردع والانزجار وإظهار شعائر الدين ,ولما يترتب على الاستتار به أوإقامتها على أحد دون أحد من مفاسد كثيرة
===================================================================================
قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]
معنى السارق: هو من أخذ مال غيره المحترم بغير رضاه
حكم السرقة: هي من كبائر الذنوب الموجبة للعقوبة
حد السرقة: قطع يده اليمنى كما هي قراءة بعض الصحابة، واليد إذا أطلقت فهي الكف إلى الكوع فقط، فإذا قطعت حسمت وجوبا في زيت أو ودك مغلي لتنسد العروق فيقف الدم
شروط إقامة حد السرقة:
1-لا بد أن يكون المسروق نصابا، وهو ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو ما يساوي ذلك.
2-لا بد أن يكون المأخوذ منه حرزا، وحرز كل مال ما يحفظ به عادة، فلو سرق من مال غير محرز فلا قطع عليه
سبب إيقاع حد السرقة:عقوبة التجرؤ على أموال الناس، كما قال تعالى:{جَزَاءً بِمَا كَسَبَا}.
الحكمة من إقامة حد السرقة: تنكيلا للمجرمين، وحفظا للأموال، وردعا للسراق، كما قال تعالى: {نَكَالًا مِنَ اللَّهِ}

================================================================
{إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوْ يُصَلَّبُوٓاْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَٰفٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِى ٱلْءَاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33]
فائدة (أو) في الآية : اختلف فيها هل هي للتخيير أم للترتيب فمن قال هي :
للتخيير: ذهب إلى أن الإمام مخير فيهم بين هذه الأمور، وعليه أن يفعل ما تقتضيه المصلحة، ويحصل به النكاية،
للترتيب : ذهب إلى أن العقوبة مرتبة بحسب الجريمة؛ فإن جمعوا بين القتل وأخذ المال جمع لهم بين القتل والصلب، وإن قتلوا ولم يأخذوا مالا قتلوا ولم يصلبوا، وإن أخذوا مالا ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإن أخافوا الناس ولم يقتلوا ولا أخذوا مالا نفوا من الأرض، فلا يتركون يأوون إلى بلد، أو يحبسون كما قاله بعضهم
*******************************************************************************************

2. قصة آدم عليه السلام
إعلام الله للملائكة بخلق آدم : يخلف من كان قبلهم من المخلوقات التي لا يعلمها إلا هو{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]
تعجب الملائكة مع تعظيمهم لحكمة الله في خلقه:فتعجبوا أنه ربما يخلق مخلوقا يشبه أخلاق المخلوقات الأول، أو أن الله تعالى أخبرهم بخلق آدم، وبما يكون من مجرمي ذريته {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30]
خلق الله لآدم عليه السلام: خلقه الله بيده تشريفا له على جميع المخلوقات، وقبض قبضة من جميع الأرض سهلها وحزنها، وطيبها وخبيثها، ليكون النسل على هذه الطبائع، فكان ترابا أولا، ثم ألقى عليه الماء فصار طينا، ثم لما طالت مدة بقاء الماء على الطين تغير ذلك الطين فصار حمأ مسنونا، طينا أسود، ثم أيبسه بعدما صوره فصار كالفخار الذي له صلصلة، ثم نفخ فيه من روحه فانقلب ذلك الجسد الذي كان جمادا حيوانا له عظام ولحم وأعصاب وعروق وروح هي حقيقة الإنسان
كمال حكمة الله في خلق آدم عليه السلام:
لما تم خلق آدم علمه الله أسماء الأشياء كله ثم عرض هذه المسميات على الملائكة وقال لهم {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 31]
فعجزت الملائكة عليهم السلام عن معرفة أسماء هذه المسميات، وقالوا:{سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 32]
قال الله: {يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [البقرة: 33]عاينت الملائكة سعة علم الله وكمال حكمته فعظموا آدم غاية التعظيم
الأمر بالسجود لآدم عليه السلام :
ثم إن الله أراد أن يظهر هذا التعظيم والاحترام لآدم من الملائكة ظاهرا وباطنا، فقال للملائكة: {اسْجُدُوا لِآدَمَ} [البقرة: 34]فسجدوا كلهم أجمعون وكان من غير عنصر الملائكة , كان من الجن المخلوقين من نار السموم
عداوة إبليس لآدم عليه السلام:
وكان مبطنا للكفر بالله، والحسد لهذا الإنسان الذي فضله الله هذا التفضيل؛ فحمله كبره وكفره على الامتناع عن السجود لآدم كفرا بالله واستكبارا حتى أنه اعترض على ربه، وقدح في حكمته، فقال:{قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12]
فطرده الله من رحمته وصار ملعوناً فلم يرده ذلك لربه فيتوب , بل زاد عنادا وتوعد لآدم وذريته ليغوينهم وليصدنهم عن الحق وليزينن لهم وليضللنهم {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ - ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 16 - 17]
فمكنه الله من الأمر الذي يريده إبليس في آدم وذريته، فقال الله له:{اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا - وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ} [الإسراء: 63 - 64]
وأما خواص الذرية من الأنبياء، وأتباعهم من الصديقين والأصفياء، وطبقات الأولياء والمؤمنين فإن الله تعالى لم يجعل لهذا العدو عليهم تسلطا وأرشدهم قي كتبه، وعلى ألسنة رسله إلى الأمور التي بها يحتمون من هذا العدو المبين,أرشدهم إلى الطرق التي ينجون بها من شره وفتنته، وأعانهم على لأنهم لما بذلوا المجهود، واستعانوا بالمعبود، سهل لهم كل طريق يوصل إلى المقصود
خروج آدم وزوجته من الجنة:
-ثم إن الله تعالى أتم نعمته على آدم، فخلق منه زوجته حواء من جنسه وعلى شكله؛ ليسكن إليها،
-ثم حذرهما من الشيطان ألا يخرجنكما من الجنة التي أسكنكما الله إياها، وأباحكما أن تأكلا من جميع ثمارها إلا شجرة معينة في هذه الجنة {فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 19]
-فمكثا في الجنة ما شاء الله على هذا الوصف الذي ذكره الله، وعدوهما يراقبهما ويراصدهما، وينظر الفرصة فيهما، فلما رأى سرور آدم بهذه الجنة وحرصه عليها، جاءه في صورة الصديق الناصح، وأخبرهما أن هذه الشجرة هي شجرة الخلد والملك الذي لا يبلى
-فلما أكلا من الشجرة بدت لهما سوآتهما بعدما كانا مستورين، وطفقا يخصفان على أنفسهما من أوراق تلك الجنة، وناداهما ربهما:{أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الأعراف: 22]
-فأوقع الله في قلبيهما التوبة التامة، والإنابة الصادقة.{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37]وقالا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23]فتاب الله عليهما، ومحا الذنب الذي أصابا
-لكنه قد سبقت قضاء الله في نزول آدم إلى الأرض ,وأعلمهما أنه لا بد أن يبتليهما وذريتهما، وأن من آمن وعمل صالحا كانت عاقبته خيرا من حالته الأولى، ومن كذب وتولى فآخر أمره الشقاء الأبدي والعذاب السرمدي
{يا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: 27]
-وأبدلهم الله بذلك اللباس الذي نزعه الشيطان من الأبوين بلباس يواري السوآت، ويحصل به الجمال الظاهر في الحياة، ولباس أعلى من ذلك، وهو لباس التقوى
فوائد من قصة آدم عليه السلام:
1-هذه القصة ترد زعم الدارونية والتطور ومن زعم بأن الإنسان أصله قرد
2-وهي أيضا أعظم رد على منكري وجود الملائكة وسجودهم لآدم ومن تأول السجود بتسخير الأرض لذرية آدم
3-فضل العلم، وأن الملائكة لما تبين لهم فضل آدم بعلمه عرفوا بذلك كماله، وأنه يستحق الإجلال والتوقير
4-الاعتراف بنعمة العلم ونسبتها لله كما قالت الملائكة والرسل: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا
5-الحسد والكبر أول ما عصي بهما المولى وهما من أخطر الآفات عى العباد وبهما طرد إبليس من رحمة الله
6-الحرص به أخرج آدم وزوجه من الجنة بعد أن تاب الله عليهما فهو من أخطر الآفات
7-المبادرة إلى التوبة هو ما أنجا آدم وزوجه فمحا الله الذنب كأن لم يكن وبه كانت نجاتهما من اللعن والطرد من رحمة الله كما هو مصير إبليس
8-إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء الحسنى والصفات كلها، لا فرق بين صفات الذات، ولا بين صفات الأفعال ,وهو مذهب أهل السنة والجماعة
9-إثبات اليدين لله كما هو في قصة آدم صريحا: لما خلقت بيدي، فله يدان حقيقة، كما أن ذاته لا تشبهها الذوات، فصفاته تعالى لا تشبهها الصفات
******************************************************************************
3. قصة شعيب عليه السلام
بعثة شعيب عليه السلام في قومه :
-كان قوم شعيب قبل بعثته فيهم مع شركهم يبخسون المكاييل والموازين، ويغشون في المعاملات، وينقصون الناس أشياءهم
-فلما نبأه الله دعاهم إلى توحيد الله، ونهاهم عن الشرك به، وأمرهم بالعدل في المعاملات، وزجرهم عن البخس في المعاملات , وذكرهم نهم ليسوا بحاجة إلى ظلم الناس في أموالهم، وخَوَّفهم العذاب المحيط في الدنيا قبل الآخرة
-فما كان منهم إلا أن ازدادوا كفرا وعنادا وتهكما {يا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87]
تنوع أساليب الدعوة:
-فقام فيهم خطيباً فأبلغ في خطبيته فقال لهم ياقوم ما نهيتكم عن شيء إلا وأنا أول تارك له ,وما أريد لكم إلا الخير {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا ٱلْإِصْلَٰحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ ۚ} [هود: 88]
-ثم خوفهم أخدة الأمم السابقة {لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} [هود: 89]
-ثم عرض عليهم التوبة، ورغبهم فيها فقال: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود: 90]
-فلم يزدهم ذلك إلا نفورا وكبرا على كبرهم{وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ - قَالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [هود: 91 - 92]
سوء عاقبة الظالمين:
-فلما جاء أمر الله نجا الله شعيبا ومن معه وأخذ الذين ظلموا بئيس {وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحْمَةٍۢ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِى دِيَٰرِهِمْ جَٰثِمِينَ} [هود: 94]
فوائد من قصة شعيب:
1-أن بخس المكاييل والموازين خصوصا، وبخس الناس أشياءهم عموما من أعظم الجرائم الموجبة لعقوبات الدنيا والآخرة
2-أن المعصية الواقعة لمن عدم منه الداعي والحاجة إليها أعظم ,لهذا قال شعيب لقومه:{إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ} [هود: 84]أي: بنعم كثيرة لا تحتاجون لبخس الناس أشياءهم
3-الحث على الرضا بما أعطى الله، والاكتفاء بحلاله عن حرامه {بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ} [هود: 86]
4-الصلاة سبب لفعل الخيرات، وترك المنكرات {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87] , ومنها تجلي حكمة الله ورحمته في أنه فرض علينا الصلوات، تتكرر في اليوم والليلة لعظم وقعها
5-العبد خاضع لحكم الشرع يأتمر بأمره وينتهي بنهييه في كل حركاته وسكناته
6-الناصح للخلق الذي يأمرهم وينهاهم من تمام قبول الناس له: أنه إذا أمرهم بشيء أن يكون أول الفاعلين له، وإذا نهاهم عن شيء كان أول التاركين؛ لقول شعيب: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88]
7-أن الأنبياء جميعهم بُعثوا بالإصلاح والصلاح، ونهوا عن الشرور والفساد
8-أن الداعي إلى الله يحتاج إلى الحلم وحسن الخلق ومقابلة المسيئين بأقوالهم وأفعالهم بضد ذلك
******************************************************************************
4. قصة أيوب عليه السلام
ابتلاء أيوب عليه السلام وصبره:
ابتلاه الله بفقد ولده وأهله وماله، ثم بجسده، فأصابه من البلاء ما لم يصب أحدا من الخلق، فصبر لأمر الله ولم يزل منيبا لله.ولما تطاول به المرض نادى ربه: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83]
استجابة الله لدعوة أيوب عليه السلام:
-أوحى إليه الله أن {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} [ص: 42]فركض، فنبعت بركضته عين ماء بارد، فقيل له: اشرب منها واغتسل، ففعل ذلك، فأذهب الله ما في باطنه وظاهره من البلاء، ثم أعاد الله له أهله وماله، ومثلهم معهم
-وكان في مرضه قد وجد على زوجته المرأة البارة الرحيمة ، فحلف أن يجلدها مائة جلدة، فخفف الله عنه وعنها، وقيل له: خذ بيدك ضغثا حزمة حشيش أو علف فيها مائة عود فاضرب به ولا تحنث، أي: ينحل بذلك يمينك
فوائد من قصة أيوب عليه السلام:
1-أن كفارة اليمين لم تشرع لأحد من قبل شريعتنا، وأن اليمين في شرع من قبلنا بمنزلة النذر الذي لا بد من وفائه
2-أن من لا يحتمل إقامة الحد عليه لضعفه ونحوه أنه يقام عليه مسمى ذلك؛ لأن الغرض التنكيل ليس الإتلاف والإهلاك
3-أن الله يدافع عن الذين آمنوا , فدافع الله عن زوجة سيدنا أيوب البارة الصابرة
4-عاقبة الصبر دائما إلى خير , فقصة سيدنا أيوب سلوى لكل مبتلى
******************************************************************************
5. قصة الخضر مع موسى عليه السلام
علة سعي موسى عليه السلام للقاء الخضر:
قام موسى واعظا في بني إسرائيل فأبلغ حتى سأله أحدهم ياموسى هل يوجد على الأرض من هو أعلم منك فأجاب أن لا ,بناء على ما يعرفه وترغيبا لهم في الأخذ عنه
فأخبره الله أنه يوجد في مجمع البحرين عبداً ليس نبياً أعلم منه فستأذن موسى ربه أن يلقاه ليتعلم منه فأذن له وأخبره أن موضعه حين يفقد الحوت {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60]
فوائد القصة:
في فضل العلم وآداب طلبه:
1-فضل العلم وشرفه ومشروعية الرحلة إليه {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60]
2-الاشتغال بطلب الزيادة في العلم أولى من الاشتغال بتعليم الناس فقط
3-اظهار وجهة السفر والمرادمنه إذا كان في طاعة كطلب العم أو الجهاد أولى في حسن الاستعداد له وأولى في الترغيب في هذه العبادة
4- العلم نوعان مكتسب يدرك بالطلب , ولدني هبة من الله لخواص عباده {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65]
5-التأدب والتلطف مع المعلم وإظهار الحاجة إليه {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]
6-تواضع الفاضل للتعلم ممن هو دونه، فإن موسى بلا ريب أفضل من الخضر
7- تعلم العالم الفاضل للعلم الذي لم يتمهر فيه ممن مهر فيه، وإن كان دونه في العلم درجات
8-إضافة العلم إلى فضل الله ورحمته فهذا من شكر النعم {تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]
9- العلم النافع هو العلم المرشد إلى الخير {تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]
10-من استعمل الصبر ولازمه أدرك مراده ومن لا صبر له لا يدرك مراده
11-مما يعين على الصبر على طلب العلم إحاطة العبد بحقيقة ما يتعلم ، وبمنافعه وثمراته ونتائجه {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف: 68]
12-تغليب المصلحة فإذا المعلم أم من المصلحة أن يأمر الطلب بترك الابتداء بالسؤال فله ذلك {قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِى فَلَا تَسْـَٔلْنِى عَن شَىْءٍ حَتَّىٰٓ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} [الكهف: 70]
13- ينبغي للعبد أن لا يفارق صاحبه في حالة من الأحوال وأن يوافق صاحبه في غير الأمور المحذورة ,فهذا أدعى لبقاء الصحبة , وأما عدم الموافقة فسبب لقطع الرفقة
14-الأمر بالتأنِّي والتثبت وعدم المبادرة على الحكم على الأشياء حتى يعرف ما يراد منه، وما هو المقصود.
في حق الخادم:
1-جواز أخذ الخادم في السفر والحضر لكفاية المؤن وطلب الراحة
2- استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله، وأكلهما جميعا {آتِنَا غَدَاءَنَا} [الكهف: 62]
3- ينبغي أن يتخذ الإنسان خادما ذكيا فطنا كيِّسا ليتم له أمره الذي يريد
في التأدب مع الله وأقداره :
1-إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان، وكذلك النقص، لقول فتى موسى: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [الكهف: 63]
2-عدم العيب والنقص والشر إلى الله تأدبا ولكن ينسب الخير إيه مع أن الكل بقضاء الله وقدره ,وقد قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الدعاء"الخير في يديك والشر ليس إليك"
وكذلك فإن فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: 79] وأما الخير فأضافه إلى الله لقوله: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [الكهف: 82]
3- مشروعية تعليق إيجاد الأمور المستقبلة على مشيئة الله لقوله: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} [الكهف: 69]
فوائد متفرقة:
1-جواز العمل في البحر
2-جواز إخبار الإنسان عما يجده مما هو مقتضى الطبيعة البشرية، من نصب أو جوع أو عطش، إذا لم يكن على وجه التسخط، وكان صدقا لقوله: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: 62]
3-المعونة تنزل على العبد بحسب قيامه بالأمر الشرعي، وأن ما وافق رضا الله يعان عليه ما لا يعان على غيره لقوله: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}
4-الإلهام والتحديث، وذلك يكون لغير الأنبياء{وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82]
5-الناسي غير مؤاخذ إلا إن ترتب على ذلك إتلاف مال ففيه الضمان {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} [الكهف: 73]
6-قاعدة فقهيه كبيرة، وهو أنه يدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الخفيف، ويراعى أكبر المصلحتين بتفويت أدناهما؛
7-قاعدة فقهية أخرى كبيرة ,جواز عمل اللإنسان في غيره ماله بدون إذن صاحب المال إذا كان على وجه المصلحة ودفع المضرة
8-العبد الصالح يحفظه الله في نفسه وفي ذريته {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82]
**************************************************************************
6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
العلاقة بين تفسير القرآن وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم:
سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعظم عون على معرفة تفسير كتاب الله , ذلك أن القرآن إنما كان ينزل تبعا لمناسبات سيرته، وما يقوله للخلق، وجواب ما يقال له، وما يحصل به تحقيق الحق الذي جاء به، وإبطال المذاهب التي جاء لإبطالها
قال تعالى: {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا - وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 32 - 33] , وقال: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ} [هود: 120]
تهيئة الله له صلى الله عليه وسلم قبل البعثة:
ومن ذلك:
-أن بغضت إليه عبادة الأوثان، وبغض إليه كل قول قبيح وفعل قبيح
-وفطر صلى الله عليه وسلم فطرة مستعدة متهيئة لقول الحق علما وعملا، والله تعالى هو الذي طهّر قلبه وزكاه وكمّله
-وكان يتحنث في غار حراء الليالي ذوات العدد
-وكان أول ما بديء به من الوحي الرؤيا الصادقة , فكان لايرى الرؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح
بعثته صلى الله وعليه وسلم:
جاءه جبريل وهو يتحنث في غار حراء وقال له: اقرأ، فأخبره أنه ليس بقارئ - أي لا يعرف أن يقرأ ,فغطه جبريل مرتين أو ثلاثا ليهيئه لتلقي القرآن العظيم، ويتجرد قلبه وهمته وظاهره وباطنه لذلك، فنزلت هذه السورة التي فيها نبوته، وأمره بالقراءة باسم ربه
فكان أول ما أنزل الله عليه:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1], فجاء بها إلى خديجة ترعد فرائصه من الفرَق، وأخبرها بما رآه وما جرى عليه
دور زوجته خديجة في تثبيته:
كانت نعم الزوجة التي تعي قدر الموقف فثبتته وقالت :أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق
تنزل الوحي في المرة الثانية على صورته :
رأى صلى الله عليه وسلم الوحي في المرة الثانية على صورته فازعج وجاء إلى خديجة أيضا ترعد فرائصه فقال: «دثروني دثروني» فأنزل الله عليه:{يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 1 - 5]
فكان فيها الأمر له بدعوة الخلق وإنذارهم، فشمر صلى الله عليه وسلم عن عزمه، وصمم على الدعوة إلى ربه
فتور الوحي والحكمة منه :
ثم فتر عنه الوحي مدة ليشتاق إليه وليكون أعظم لموقعه عنده، حتى قال المكذبون: إن رب محمد قلاه.فنزلت :{وَالضُّحَى - وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 1 - 3] إلى آخرها
وفي هذا اعتناء عظيم من الله برسوله، ونفي لكل نقص، وبشارة بأن كل حالة له أحسن مما قبلها وخير منها، وأن الله سيعطيه من النصر والْأَتباع والعز العظيم وانتشار الدين ما يرضيه
أصل دعوة النبي:
التوحيد الخالص، والنهي عن ضده؛ و إبطال الشرك والمذاهب الضارة فدعا الناس لهذا، وقرره الله في كتابه في أغلب السور المكية
تنوع أساليب النبي في الدعوة:
فكان يدعو المشركين بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادلهم بالتي هي أحسن، ويدعوهم أفرادا ومتفرقين، ويذكرهم بالقرآن، ويتلوه في الصلاة وخارجها
وكان بالمؤمنين رؤوف رحيم ، وأحنى عليهم من كل أحد، كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]
موقف المشركين من دعوة النبي:
1-كانوا يصمون آذانهم عند سماع القرآن ويتواصون بذلك، وقد يسبونه ويسبون من أنزله، فأنزل الله على رسوله آيات كثيرة في هذا المعنى يبين حالهم مع سماع القرآن وشدة نفورهم كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة
حتى إنهم تحيروا في وصفه :فقالوا سحر، وقالوا كهانة، وقالوا شعر، وقالوا كذب، وقالوا أساطير؛ فجعلوا القرآن عضين، كل هذا أثر البغض الذي أحرق قلوبهم، حتى قالوا فيه مقالة المجانين، وكلما قالوا قولا من هذه الأقوال أنزل الله آيات يبطل بها ما قالوا، ويبين زورهم وافتراءهم وتناقضهم
2-وكانوا يقترحون الآيات فيقولون: لو أن محمدا صادق لأنزل الله ملائكة يشهدون له بذلك، ولأغناه الله عن المشي في الأسواق، وطلب الرزق كما يطلبه غيره، ولجعل له كذا وكذا مما توحي إليه عقولهم الفاسدة
-ويقولون: إن كنت صادقا فأتنا بعذاب الله، أو بما تعدنا، أو أزل عنا جبال مكة، واجعل لنا فيها أنهارا وعيونا، وحتى يحصل لك كذا وكذا مما ذكره الله عنهم، فيجيبهم الله عن هذه الأقوال بأن رسوله صلى الله عليه وسلم قد أيده الله بالآيات، والله أعلم بما ينزل من آياته، وأعلم بما هو أنفع لهم
-وتارة يخبرهم أنه لا يمنعه من الإتيان بها إلا الإبقاء عليهم، وأنها لو جاءت لا يؤمنون، فعند ذلك يعاجلهم الله بالعقاب
-وتارة يدفعهم الحسد والبغض أن يقولوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم، ومحمد ليس كذلك , فيجيبهم الله بذكر فضله، وأن فضله يؤتيه من يشاء، وأنه أعلم حيث يجعل رسالته والمحل اللائق بها :{ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام 125]
3-وكانوا يسعون أشد السعي أن يكف عن عيب آلهتهم، والطعن في دينهم، ويحبون أن يتاركهم ويتاركوه،لأنهم يعرفون حق المعرفة أن الحقائق إذا بانت ظهر للخلق بطلان ما هم عليه وأنه ليس فيه آلهتهم شيء من الصفات يوجب أن تستحق شيئا من العبادة {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9]
الإسراء والمعراج وفرض الصلوات الخمس:
-فلم يزل يدعو إلى التوحيد وعقائد الدين وأصوله، ويقرر ذلك بالبراهين والآيات المتنوعة، ويحذر من الشرك والشرور كلها منذ بعث إلى أن استكمل بعد بعثته نحو عشر سنين، وهو يدعو إلى الله على بصيرة.
-ثم أُسْرِيَ به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى؛ ليريه من آياته، وعرج به إلى فوق السماوات السبع، وفرض الله عليه الصلوات الخمس بأوقاتها وهيئاتها
-وجاءه جبريل على أثرها فعلَّمه أوقاتها وكيفيَّاتها، وصلى به يومين، اليوم الأول صلَّى الصلوات الخمس في أول وقتها، واليوم الثاني في آخر الوقت، وقال: الصلاة ما بين هذين الوقتين، ففرضت الصلوات الخمس قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين، ولم يفرض الأذان في ذلك الوقت، ولا بقية أركان الإسلام،
-وانتشر الإسلام في المدينة وما حولها
بيعة العقبة والهجرة للحبشة ثم للمدينة:
-بادر الأوس والخزرج واجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في مكة لما أخبرهم اليهود أنه قد أطل زمان النبي الخاتم فلما تيقنت الأوس والخزرج أنه رسول الله بايعوه بيعة العقبة الأولى، وأما اليهود فاستولى عليهم الشقاء والحسد، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به
-وكان المسلمون في مكة في أذى شديد من قريش، فأذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة أولا إلى الحبشة
-ثم لما أسلم كثير من أهل المدينة صارت الهجرة إلى المدينة
تآمر كفار قريش على النبي وأمر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة:
-حين خاف أهل مكة من هذه الحال اجتمع ملؤهم ورؤساؤهم في دار الندوة يريدون القضاء التام على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فاتفق رأيهم أن ينتخبوا من قبائل قريش من كل قبيلة رجلا شجاعا، فيجتمعون ويضربونه بسيوفهم ضربة واحدة. قالوا: لأجل أن يتفرق دمه في القبائل، فتعجز بنو هاشم عن مقاومة سائر قريش فيرضون بالدية
-فجاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعزم على الهجرة، وأخبر أبا بكر بذلك وطلب منه الصحبة، فأجابه إلى ذلك وخرج في تلك الليلة التي اجتمعوا على الإيقاع به، وأمر عليًّا أن ينام على فراشه، وخرج هو وأبو بكر إلى الغار
-ثم ذهبوا يطلبونه في كل وجهة، وجعلوا الجعالات الكثيرة لمن يأتي به، {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40]
تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة:
السنة الأولى للهجرة:
-لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واستقر بها، وأذن له في القتال بعدما كان قبل الهجرة ممنوعا لحكمة مشاهدة، فقال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39] ,جعل يرسل السرايا
السنة الثانية للهجرة :
-فرض الله فيها على العباد الزكاة والصيام ، فآيات الصيام والزكاة إنما نزلت في هذا العام وقت فرضها، وأما قوله تعالى: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ - الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت: 6 - 7] فإن المراد زكاة القلب وطهارته بالتوحيد وترك الشرك.
-غزوة بدر :كانت أيضا في السنة الثانية وسببها أن عيرا لقريش تحمل تجارة عظيمة من الشام، خرج النبي صلى الله عليه وسلم بمن خف من أصحابه لطلبها، فخرجت قريش لحمايتها، وتوافوا في بدر على غير ميعاد، فالعير نجت والنفير التقوا مع الرسول وأصحابه، وكانوا ألفا كاملي العدد والخيل، والمسلمون ثلاثمائة وبضعة عشر على سبعين بعيرا يعتقبونها، فهزم الله المشركين هزيمة عظيمة، قتلت سرواتهم وصناديدهم , وقد نزلت تفاصيلها في سورة الأنفال
-وبعدما رجع إلى المدينة منها مظفرا منصورا ذل من بقي ممن لم يُسلم من الأوس والخزرج، ودخل بعضهم في الإسلام نفاقا، ولذلك جميع الآيات نزلت في المنافقين إنما كانت بعد غزوة بدر
السنة الثالثة للهجرة:
-غزوة أحد: غزا المشركون على المسلمين حتى وصلوا إلى أطراف المدينة، فالتقوا عند جبل أحد وكان النبي قد عبأ أصحابه وأمر الرماة ألا يبرحوا أماكنهم فوق الجبل فخالف بعضهم أمره لما رأوا النصر حليف المسلمين وتركوا أماكنهم ، فجاءت الخيل مع تلك الثغرة وحصل للمسلمين مقتلة عظيمة أكرمهم الله فيها بالشهادة في سبيله، وذكر الله تفصيل هذه الغزوة في سورة آل عمران
السنة الرابعة للهجرة :
-تواعد المسلمون والمشركون فيها - في بدر - فجاء المسلمون لذلك الموعد، وتخلف المشركون معتذرين أن السنة مجدبة، فكتبها الله غزوة للمسلمين:{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 174]
السنة الخامسة للهجرة
-غزوة الخندق: اتفق أهل الحجاز وأهل نجد وظاهرهم بنو قريظة من اليهود على غزو النبي صلى الله عليه وسلم، فاجتمعوا في نحو عشرة آلاف مقاتل وقصدوا المدينة، فخرج المسلمون وتخندقوا لهم {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: 10],ومكثوا محاصرين المدينة عدة أيام، وحال الخندق بينهم وبين اصطدام الجيوش، وسبب الله عدة أسباب لانخذال المشركين،فرجعوا خائبين لم ينالوا خيرا
-ثم تفرغ النبي لبني قريظة الذين نقضوا العهد وظاهروا المشركين فحاصرهم، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وفي هذه الغزوة أنزل الله صدر سورة الأحزاب من قوله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الأحزاب: 27]
السنة السادسة للهجرة:
-صلح الحديبية :اعتمر صلى الله عليه وسلم وأصحابه عمرة الحديبية، فعزم المشركون على صد النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ولما بلغ الحديبية ورأى المشركين قد عزموا على القتال دخل معهم في صلح لحقن الدماء في بيت الله الحرام، ولما في ذلك من المصالح، وصار الصلح على أن يرجع النبي صلى الله عليه وسلم عامه هذا ولا يدخل البيت، ويكون القضاء من العام المقبل، وتضع الحرب أوزارها بينهم عشر سنين، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم ومعه المسلمون عامهم ذلك
السنة السابعة للهجرة:

-عمرة القضاء : أنزل الله في ذلك سورة الفتح بأكملها: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]
-غزا النبي بني النضير لما حاولوا قتله فاحتموا بحصونهم، ووعدهم المنافقون حلفاؤهم بنصرتهم، فألقى الله الرعب في قلوبهم، وأنزلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يجلوا عن ديارهم ولهم ما حملت إبلهم،فنزلت بدايات سورة الحشر: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: 2]
السنة الثامنة الهجرة:
-فتح مكة ثم غزوة حنين: لما نقضت قريش العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم غزا مكة في جند كثيف من المسلمين يقارب عشرة آلاف، فدخلها فاتحا لها، ثم تممها بغزو حنين على هوازن وثقيف, وأنزل الله في ذلك أول سورة التوبة
السنة التاسعة للهجرة:
-غزوة تبوك :
غزا النبي تبوك ومعه المسلمون وتخلف المنافقين، وثلاثة من صلحاء المؤمنين: كعب بن مالك وصاحباه، ومكث عشرين يوما ولم يحصل قتال فرجع إلى المدينة؛ فأنزل الله في هذه الغزوة آيات كثيرة من سورة التوبة، أنزل فيها توبته على الثلاثة الذين خلفوا
السنة العاشرة للهجرة:
-حجة الوداع : حج النبيوعلم المسلمين مناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات في أحكام الحج ، وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]
فوائد من سيرته صلى اللله عليه وسلم:
1-حكمة الله في إضلال الضالين وهداية المهتدين:
-أنه لما اختار الضالين لأنفسهم الضلال ورغبوا فيه وردوا نعمة الله عليهم حين جاءتهم وعلم منهم عدم قبول محالهم وقلوبهم للهدى ,قلب الله أفئدتهم ، وأصم أسماعهم ،وأعمى أبصارهم وأفئدتهم قا تعالى :{فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأعراف: 30]
-ولما علم من المهتدين انصافهم ورغبتهم في الحق وسرعة انقيادهم له ، هداهم الله بالقرآن، وازدادت به علومهم ومعارفهم وإيمانهم وهدايتهم المتنوعة، قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 16]
2-تتجلى حكمة الله في تنزل الفرآن متفرقا تبعا للأحداث والمناسبات وردا على الأسئلة التي يطرحها المسلمين أو الكفار والمنافقين أو للتدرج في الأحكام الشرعية
3-لنا في نبي الله صلى الله عليه أسوة في تلون أساليب الدعوة وتنوعها والصبر على أذى المشركين

التقويم: أ
أحسنتِ استخلاص المسائل وتحريرها وتنظيم إجابتك، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
الخصم للتأخير .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 6 جمادى الآخرة 1443هـ/9-01-2022م, 05:49 PM
منى حامد منى حامد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 704
افتراضي

الإجابة
المجموعة الأولى:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1.
أحكام المعاملات المالية في القرآن الكريم [البيوع ، وكتابة الديون، والإجارة]
أولا البيوع:
الأصل في البيوع والمعاملات والتجارات كلها الحل والإطلاق، الله عز وجل حلل البيع قال تعالى:" وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا " و " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ "
والبيوع شرطها التراضي بين المتعاوضين، الرضا الصادر عن فهم لأركان البيع، وأما السفيه والمجنون ومن لا يعتبر كلامه فوليه يقوم مقامه في معاملاته.
ويحرم في لبيع الربا والغرر والغش
فالربا الذي حرمه الله ورسوله يدخل فيه :
· ربا الفضل، وهو بيع المكيل بالمكيل من جنسه متفاضلا، وبيع الموزون بالموزون من جنسه متفاضلا، ويشترط في هذا النوع في حله ما شرط الشارع، وهو التماثل بين المبيعين ، والقبض للعوضين قبل التفرق،
· وربا النسيئة: وهو بيع المكيل بالمكيل إلى أجل، أو غير مقبوض - ولو من غير جنسه - وبيع الموزون بالموزون إلى أجل أو بلا قبض، ويستثنى من هذا السلم.وأشد أنواع هذا النوع قلب الديون في الذمم، وهو الذي ذكره بقوله: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130] ، وسواء كان قلب الدين المذكور صريحا أو بحيلة ليست مقصودة، وإنما يراد بها التوصل إلى مضاعفة ما في ذمة الغريم، فهذا الذي قد توعده الله بهذا الوعيد الشديد، قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276]
· ومن أنواع الربا: القرض الذي يجر نفعا، فهو من الربا؛ لأنه في الحقيقة دراهم بدراهم مؤخرة، والربح ذلك النفع المشروط.
والغرر، فإن الله حرم في كتابه الميسر، فالبيوع التي فيها غرر ومخاطرات وجهالات داخلة في الميسر، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم كلمة جامعة «نهى عن بيع الغرر» ، امثلة:
§ بيع الحمل في البطن،
§ بيع الشيء الذي لم ير ولم يوصف
§ بيع الملامسة والمنابذة،
§ وبيع ما فيه جهالة بينة؛
الظلم والغش والتدليس وبخس المكاييل والموازين وبخس الحقوق حرمها الله في البيوع، قال تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] كما يدخل فيه الغضب والسرقة ونحوهما).
ثانيا كتابة الديون:
قال تعالى:" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ "
اركان الدين وكتابته:
· الكتابة عن طريق كاتب عدل
· الإشهاد برجلين عدول أو رجل وأمرأتان
وهذا الأمر للندب والاستحباب عند جمهور العلماء، إلا إذا وجب حفظ المال، وكان على دين مؤجل أو غير مقبوض، فإنه لا يتم حفظه إلا بذلك، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ومن أحكام كتابة الدين:
o الكاتب لا يكتب إلا ما أملاه من عليه الحق إن كان رشيدا،
o ووليه إن كان عاجزا ضعيفا كالمجنون والصغير والسفيه،
o وأن على صاحب الحق أن يقر بالحق كله من غير بخس،
o وفيها الإرشاد إلى حفظ الحقوق بالإشهاد والكتابة والرهن إذا احتيج إليه في سفر أو غيره،
o وفيها أن شهادة الفساق والمجهولين غير مقبولة،
o وفيها دلالة أن من نسي شهادة فتذكرها، أو ذكرها فذكرها أن شهادته صحيحة.
o وفيها أنه لا يحل أن يشهد إلا بما علمه وتيقنه، فإن شك فيه لم يحل له أن يشهد.
o وفيها بيان الحكمة العظيمة في هذه الإرشادات من الرب في حفظ المعاملات،
o الكاتب والشهيد يجب عليه أن يعدل في كتابته وشهادته،
o لا يحل أن يضارا الكاتب والشهيد بأن يكلفاه ما لا يطيقه، أو يتضرر به، لأن الشاهد والكاتب محسنان، حقهما أن يشكرا على ذلك، فمضارتهما تنافي ذلك.
o وجوب أداء الشهادة وتعينها على من تحملها، وأن كتمان الشهادة من كبائر الذنوب، وكما أن شهادة الزور بأن يشهد بثبوت ما ليس بثابت، أو بالبراءة من الحق الثابت وهو كاذب من أكبر الكبائر، فكذلك السكوت عن أداء الشهادة، وكلا الأمرين ظلم لصاحب الحق بتفويت حقه، وظلم أيضا للنفس بوقوع الإثم، وظلم للظالم لإعانته على الإثم والعدوان.
o وفيها مشروعية الوثائق بالحقوق، وهي أربعة: الشهادة والرهن - كما هو مذكور في هذا الموضع - والضمان والكفالة، يؤخذ من الاعتبار على هذا المعنى، ومن قوله: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72]
ثالثا الإجارة :
قال الله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26] وقال يوسف: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55]
يؤخذ من هاتين الآيتين أنه ينبغي أن يتخير في الإجارات والجعالات والأمانات والولايات كلها - كبيرة كانت أو صغيرة - من جمع الوصفين:
1. القوة على ذلك العمل، والكفاءة والحفظ وتوابع ذلك من جميع ما تقوم به الأعمال،
2. الأمانة، فبالأمانة تتم به الثقة، ويعلم نصحه وبذله الواجب،
وبالكفاءة والقوة يحصل العمل ويتم ويتقن.
2. جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع
إن جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع هو أن يكون الحكم بما أمر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49]، فيكون الحكم بما أمر الله عز وجل وأن يكون بالعدل والقسط، قال الله تعالى :{لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105]، و {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42].
وكل ما يكون بين المسلمين من منازعات أو بين المسلمين وغير المسلمين فيكون الفصل بينهم بما أمر الله وأنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59].
وأن حكم الله ورسوله أحسن الأحكام على الإطلاق، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]
وأن كلمات الله تمت وكملت من كل وجه صدقا في إخبارها، عدلا في أحكامها وأوامرها ونواهيها، قال تعالى : {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: 115]
زمن الأحكام المجملة:
- أن البينة على المدعي لإثبات حق، أو المدعي براءة الذمة من الحقوق الثابتة، وأن اليمين على من أنكر، وهاتان القاعدتان عليهما مدار جمهور القضايا،
- والبيعة شرعا اسم جامع لكل ما بين الحق، والبيان مراتب، بعضها يصل إلى درجة اليقين، وبعضها كالقرائن، وشواهد الأحوال توصل إلى غلبة الظن، والترجيحات كثيرة جدا.
- منع الضرر والإضرار بغير حق في كل معاملة وخلطة وجوار واتصال.
- الوفاء بالعقود والشروط ، إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا، ومن أحكامه الكلية أن تلف الشيء بيد الظالم كالغاصب ونحوه فيه الضمان، فرط أو لم يفرط، فإن ثبوت يده على وجه الظلم والعدوان، وأن تلف الشيء تحت يد الأمين لا ضمان فيه إن لم يفرط أو يتعد.
- أن الشيء المشكوك فيه يرجع فيه إلى اليقين في العبادات والمعاملات، فمن ادعى الأصل فقوله مقبول، ومن ادعى خلاف الأصل لم يقبل إلا ببينة.
- أن جميع الأحكام من أصول وفروع لا تتم وتكمل ويحصل مقتضاها إلا باجتماع شروطها وأركانها ومقوماتها، وانتفاء موانعها ومفسداتها.
- وجوب العدل بين الأولاد والزوجات.
- الرجوع إلى العرف إذا تعذر التعيين شرعا ولفظا، كالرجوع للعرف في نفقة الزوجات والأقارب والأجراء، وكالشروط العرفية في المعاملات إذا اطردت بين الناس، وكالقبض والحرز ونحوها مما لا يعد ولا يحصى.
- الأصل في العبادات الحظر؛ فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله،
- والأصل في المعاملات والاستعمالات كلها الإباحة؛ فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله
- اعتبار العدالة في الشهود، وأن يكونوا ممن يرضى من الشهداءوأما عدد الشهود ونصابها فذلك يختلف باختلاف المشهود به كما فصله أهل العلم.
- أن الواجب يسقط بالعجز عنه بالكلية، وأنه إذا قدر على بعض الواجب وجب عليه ما يقدر عليه منه، وسقط عنه ما يعجز عنه، وهذا مطرد في العبادات والحقوق الواجبة وغيرها، كما أن الضرورة تبيح المحظور وتقدر بقدرها.
- إذا تزاحمت المصالح قدم الأعلى منها، وإن تزاحمت المفاسد وكان لا بد من فعل إحداها ارتكب الأخف منها لدفع الأشد مفسدة،.
- والاحكام الكلية كثيرة والفرعية أكثر ولن نستطيع ذكرها كلها، ولكن كل هذه الأحكام شرعها الله لتيسير حياة عباده وقيامها ، فالحمد لله رب العالمين.
3. قصة إبراهيم عليه السلام
إبراهيم عليه السلام هو خليل الرحمن وأبو الأنبياء، أمرنا الله وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون لنا أسوة حسنة في إبراهيم ومن آمن معه، وأمرنا أن تبع ملة إبراهيم حنيفا.
وفي قصة إبراهيم الكثير من الوقفات ، فكيف وهو شاب صغير يقف أمام أبيه وقومه ليرشدهم إلى عبادة الله الواحد الأحد وكطيف أنه بين لهم سفاهة أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله.
وأيضا أخبرنا الله تعالى أنه اصطفاه فأراه ملكوت السماوات والأرض ليكون منه الموقنين ، وكيف حاور قومه حول عبادة النجوم وكيف أنه ناظرهم في قصته معهم عندما وضح لهم أن النجوم والشمس والقمر كلها خلق الله يأفل ولا يملك إلا أن يطيع ربه وخالقه، فكيف يعبدونهم من دون الله قال تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي} [الأنعام: 76]
وهنا قال إبراهيم الشيء الذي لا يعتقده ليبني عليه حجته، وليقيم الحجة على قومه، حتى قال لهم في قوله تعالى:{يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ - إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} [الأنعام: 78 - 79].
وأيضا ما ذكر في تكسيره الأصنام لما قالوا له في قوله تعالى: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يا إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 62]، فأشار إلى الصنم الذي لم يكسره فقال: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]، حتى يلزمهم بالحجة وقد فعل، ولكن عقولهم طبع عليها بكفرهم فألقوه في النار انتقاما منه لآلهتهم ، فأنقذه الله منها وجعلها بردا وسلاما عليه، قال تعالى: {يا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69].
ثم عليه السلام ترك أهله مع زوجته وابن أخيه لوط إلى الشام، وكان يسأل الله الذرية من زوجته سارة ، فظل يدعو ربه محسنا الظن به ، وعندما أهدى ملك مصر هاجر جارية قبطية من مصر وهبتها لزوجها لعل الله يرزقه منها ولدا، فأتت هاجر بإسماعيل على كبر إبراهيم ففرح به فرحا شديدا، فذهب بها وبابنها إسماعيل إلى مكة، وهي في ذلك الوقت ليس فيها سكن ولا مسكن ولا ماء ولا زرع ولا غيره، وزودهما بسقاء فيه ماء وجراب فيه تمر، ووضعهما عند دوحة قريبة من محل بئر زمزم ثم قفى عنهما، فلما كان في الثنية بحيث يشرف عليهما دعا الله تعالى فقال:
{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37] إلى آخر الدعاء.
وكانت زمزم وشب إسماعيل في مكة وكان سكن بجاورهم قبائل من العرب وكان إبراهيم يأتي لزيارتهم وعندما بلغ إسماعيل السعي أمر الله إبراهيم بذبح إسماعيل فكانت فتنة شديدة واستسلم الأب والابن للأمر ففدى الله إسماعيل بذبح عظيم.
وشب إسماعيل شابا حسنا، وأعجب القبيلة بأخلاقه وعلو همته وكماله، فلما بلغ تزوج منهم، وزاره والده مرتين ولم يجده، ثم عاد إبراهيم المرة الثالثة فوجد إسماعيل يبري نبلا عند زمزم، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد الشفيق والولد الشفيق، فقال: يا إسماعيل إن الله أمرني أن أبني هنا بيتا يكون معبدا للخلق إلى يوم القيامة، قال: سأعينك على ذلك، فجعلا يرفعان القواعد من البيت، إبراهيم يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان:
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ - رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 127 - 129]
فلما تَمَّ بنيانه، وتَمَّ للخليل هذا الأثر الجليل أمره الله أن يدعو الناس ويؤذن فيهم بحج هذا البيت، فجعل يدعو الناس وهم يفدون إلى هذا البيت من كل فَجٍّ عميق؛ ليشهدوا منافع دنياهم وأخراهم،.
وجاءت البشارة لإبراهيم وسارة بالابن الجليل وهو إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب،
ومن فضائل إبراهيم أنه كان حنيفا مسلما، وكان يكرم الضيف أشد الكرم، كما جاء في قصة الملائكة الذين أرسلوا لإهلاك قوم لوط وبشروه بإسحاق عليه السلام.
4. قصة يونس عليه السلام
أرسل يونس إلى أهل نينوى في الموصل وهم من بني إسرائيل، فلم يستجيبوا له فوعدهم بعذاب الله وخرج غاضبا من القرية قاصدا البحر وركب سفينة قال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} [الأنبياء: 87] ، وقال تعالى: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الصافات: 140]
فركب في سفينة موقرة من الركاب والأحمال، فلما توسطوا البحر شارفت على الغرق، فقرروا بأن يلقوا بعضا منهم فاقترعوا فأصابت القرعة أناسا منهم، ومنهم يونس صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 141]
فابتلعه الحوت فلما صار في جوف الحوت في تلك الظلمات نادى: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]
فأمر الله الحوت أن تلقيه بالعراء، فخرج من بطنها كالفرخ الممعوط من البيضة في غاية الضعف والوهن، فلطف الله به، وأنبت عليه شجرة من يقطين، فأظلته بظلها الظليل حتى قوي واشتد، وأمره الله أن يرجع إلى قومه فيعلمهم ويدعوهم، فاستجاب له أهل بلده مائة ألف أو يزيدون، فآمنوا فمتعناهم إلى حين.
وفي هذه القصة عتاب الله ليونس صلى الله عليه وسلم اللطيف، وحبسه في بطن الحوت؛ ليكون كفارة وآية عظيمة وكرامة ليونس عليه السلام .
5. قصة يوسف ويعقوب عليهما السلام
قصة يوسف ويعقوب أخبرنا الله تعالى أنها أحسن القصص، ذكرت قصة يوسف في سورة كاملة وهي سورة يوسف، جاء في السورة ذكر يوسف وهو غلام والرؤيا التي رءاها في المنام وأنه قصها على أبوه يعقوب فعلم أن يوسف سيوف يكون له شأن عظيم فقال له ألا يقصها على إخوته، فيحسدوه عليها، ثم ذكر الله تعالى غيرة إخوة يوسف من يوسف قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7].
وجاء ذكر إلقاء يوسف في البئر والكذب على يعقوب وقولهم أكله الذئب، وأن السيارة أخذته من بلاد الشام إلى مصر فباعوه في مصر لعزيز مصر فأحسن مثواه وتعلم يوسف في هذه الفترة ومن الله عليه بتأويل الأحاديث قال تعالى:{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} [يوسف: 6].
ثم راودته امرأة العزيز فأبى ودعا الله أن ينجيه فدخل السجن وكان معه فتيان، ورأى كل منهما رؤيا فسألوه فعبرها لهم ، وسأل من ظن أنه ناج منهما أن يذكره عند الملك، فنسى الفتى ومكث في السجن سنين أخرى، ثم رأى الملك رؤيا لم يفسرها أحد فتذكر الفتى يوسف ودلهم عليه وعبر يوسف رؤيا الملك بالبقرات والسنبلات: بأنها السنين المخصبة والمجدبة، ووجه المناسبة أن الملك به ترتبط أمور الرعية ومصالحها، وبصلاحه تصلح، وبفساده تفسد، فهذه نسبته إذ رأى هو الرؤيا، فقربه الملك وجعله على خزائن الملك ولكن بعد أن برأته امرأة العزيز بما اتهم به، وحل الجدب بلاد الشام فجاءوا مصر وكانت النهاية باجتماع يوسف مع أبيه وإخوته في مصر.
وبينت قصة يوسف كيف انتقل من حال إلى حال، ومن محنة إلى محنة، ومن محنة إلى منحة ومنّة، ومن ذل إلى عز، ومن أمن إلى خوف وبالعكس، ومن ملك إلى رق وبالعكس، ومن فرقة وشتات إلى انضمام وائتلاف وبالعكس، ومن سرور إلى حزن وبالعكس، ومن رخاء إلى جدب وبالعكس، ومن ضيق إلى سعة وبالعكس، ومن وصول إلى عواقب حميدة، فتبارك من قصها وجعلها عبرة لأولي الألباب.
وبينت القصة المحنة العظيمة التي امتحن الله بها نبيه وصفيه يعقوب عليه السلام، إذ قضى بالتفريق بينه وبين ابنه يوسف الذي لا يقدر على فراقه ساعة واحدة، ويحزنه أشد الحزن، فتم لهذه الفرقة مدة طويلة ويعقوب لم يفارق الحزن قلبه، وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم، ثم ازداد به الأمر حين اتصل فراق الابن الثاني بالأول، وهو في ذلك صابر لأمر الله، محتسب الأجر من الله، وقد وعد من نفسه الصبر الجميل، ولا ريب أنه وفّى بما وعد به، ولا ينافي ذلك قوله: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]
فإن الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر، وإنما الذي ينافيه الشكوى إلى المخلوقين، ولا ريب أن الله رفعه بهذه المحنة درجات عالية ومقامات سامية، لا تنال إلا بمثل هذه الأمور.
وجاء الفرج مع اشتداد الكرب، فإنه لما تراكمت الشدائد المتنوعة، وضاق العبد ذرعا بحملها، فرجها فارج الهم، كاشف الغم، مجيب دعوة المضطرين، وهذه عوائده الجميلة، خصوصا لأوليائه وأصفيائه، ليكون لذلك الوقع الأكبر، والمحل الأعظم، وليجعل من المعرفة بالله والمحبة له ما يوازن ويرجح بما جرى على العبد بلا نسبة.

6.
قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب خير خلق الله، خاتم النبيين وخاتم المرسلين، صلى الله عليه وسلم، بعث وهو في الأربعين من عمره، نزل عليه جبريل وهو يتعبد في غار حراء وقال له، قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]، فجاء بها إلى خديجة ترعد فرائصه من الفرَق، وأخبرها بما رآه وما جرى عليه، فقالت خديجة رضي الله عنها: أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق، أي: ومن كانت هذه صفته فإنها تستدعي نعما من الله أكبر منها وأعظم، وكان هذا من توفيق الله لها ولنبيه، ومن تهوين القلق الذي أصابه.
وبهذه السورة ابتدأت نبوته، ثم فتر عنه الوحي مدة ليشتاق إليه وليكون أعظم لموقعه عنده، وكان قد رأى الملك على صورته فانزعج، فجاء إلى خديجة أيضا ترعد فرائصه فقال: «دثروني دثروني» فأنزل الله عليه: (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)، وجاءته سورة الضحى في فترة الوحي لما قال المكذبون: إن رب محمد قلاه. قال تعالى:
{وَالضُّحَى - وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} ،وهذا اعتناء عظيم من الله برسوله، ونفي لكل نقص، وبشارة بأن كل حالة له أحسن مما قبلها وخير منها، وأن الله سيعطيه من النصر والْأَتباع والعز العظيم وانتشار الدين ما يرضيه.
واستمر صلى الله عليه في الدعوة وحاربه قومه فلم يزل يدعو إلى التوحيد وعقائد الدين وأصوله، ويقرر ذلك بالبراهين والآيات المتنوعة، ويحذر من الشرك والشرور كلها منذ بعث إلى أن استكمل بعد بعثته نحو عشر سنين، وهو يدعو إلى الله على بصيرة.
ولم يؤمن به إلا قليل من قومه، وكان كثير منهم من الضعفاء، وعذبوا وأوذوا حتى أذن الله لرسوله بالهجرة للمدينة والمسلمين، واستقر المسلمون في المدينة وجاءت قريش لمحاربتهم في المدينة فكان النصر للمسلمين في غزوة بدر وتوالت الغزوات حتى جاء نصر الله بفتح مكة ، قال تعالى {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1].
ومن صفاته صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين الرأفة العظيمة، والرحمة لهم، والمحبة التامة، والقيام معهم في كل أمورهم، وأنه لهم أرحم وأرأف من آبائهم وأمهاتهم، وأحنى عليهم من كل أحد، كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]، {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159].
وفي سنة تسع من الهجرة أو سنة عشر فرض الله الحج على المسلمين، وكان أبو بكر حج بالناس سنة تسع، ونبذ إلى المشركين عهودهم، وأتم عهود الذين لم ينقضوا، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين سنة عشر واستوعب المسلمين معه، وأعلمهم بمناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات التي في الحج وأحكامه، وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]).

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 جمادى الآخرة 1443هـ/16-01-2022م, 09:08 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منى حامد مشاهدة المشاركة
الإجابة
المجموعة الأولى:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1.
أحكام المعاملات المالية في القرآن الكريم [البيوع ، وكتابة الديون، والإجارة]
أولا البيوع:
الأصل في البيوع والمعاملات والتجارات كلها الحل والإطلاق، الله عز وجل حلل البيع قال تعالى:" وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا " و " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ "
والبيوع شرطها التراضي بين المتعاوضين، الرضا الصادر عن فهم لأركان البيع، وأما السفيه والمجنون ومن لا يعتبر كلامه فوليه يقوم مقامه في معاملاته.
ويحرم في لبيع الربا والغرر والغش
فالربا الذي حرمه الله ورسوله يدخل فيه :
· ربا الفضل، وهو بيع المكيل بالمكيل من جنسه متفاضلا، وبيع الموزون بالموزون من جنسه متفاضلا، ويشترط في هذا النوع في حله ما شرط الشارع، وهو التماثل بين المبيعين ، والقبض للعوضين قبل التفرق،
· وربا النسيئة: وهو بيع المكيل بالمكيل إلى أجل، أو غير مقبوض - ولو من غير جنسه - وبيع الموزون بالموزون إلى أجل أو بلا قبض، ويستثنى من هذا السلم.وأشد أنواع هذا النوع قلب الديون في الذمم، وهو الذي ذكره بقوله: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130] ، وسواء كان قلب الدين المذكور صريحا أو بحيلة ليست مقصودة، وإنما يراد بها التوصل إلى مضاعفة ما في ذمة الغريم، فهذا الذي قد توعده الله بهذا الوعيد الشديد، قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276]
· ومن أنواع الربا: القرض الذي يجر نفعا، فهو من الربا؛ لأنه في الحقيقة دراهم بدراهم مؤخرة، والربح ذلك النفع المشروط.
والغرر، فإن الله حرم في كتابه الميسر، فالبيوع التي فيها غرر ومخاطرات وجهالات داخلة في الميسر، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم كلمة جامعة «نهى عن بيع الغرر» ، امثلة:
§ بيع الحمل في البطن،
§ بيع الشيء الذي لم ير ولم يوصف
§ بيع الملامسة والمنابذة،
§ وبيع ما فيه جهالة بينة؛
الظلم والغش والتدليس وبخس المكاييل والموازين وبخس الحقوق حرمها الله في البيوع، قال تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] كما يدخل فيه الغضب والسرقة ونحوهما).
ثانيا كتابة الديون:
قال تعالى:" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ "
اركان الدين وكتابته:
· الكتابة عن طريق كاتب عدل
· الإشهاد برجلين عدول أو رجل وأمرأتان
وهذا الأمر للندب والاستحباب عند جمهور العلماء، إلا إذا وجب حفظ المال، وكان على دين مؤجل أو غير مقبوض، فإنه لا يتم حفظه إلا بذلك، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ومن أحكام كتابة الدين:
o الكاتب لا يكتب إلا ما أملاه من عليه الحق إن كان رشيدا،
o ووليه إن كان عاجزا ضعيفا كالمجنون والصغير والسفيه،
o وأن على صاحب الحق أن يقر بالحق كله من غير بخس،
o وفيها الإرشاد إلى حفظ الحقوق بالإشهاد والكتابة والرهن إذا احتيج إليه في سفر أو غيره،
o وفيها أن شهادة الفساق والمجهولين غير مقبولة،
o وفيها دلالة أن من نسي شهادة فتذكرها، أو ذكرها فذكرها أن شهادته صحيحة.
o وفيها أنه لا يحل أن يشهد إلا بما علمه وتيقنه، فإن شك فيه لم يحل له أن يشهد.
o وفيها بيان الحكمة العظيمة في هذه الإرشادات من الرب في حفظ المعاملات،
o الكاتب والشهيد يجب عليه أن يعدل في كتابته وشهادته،
o لا يحل أن يضارا الكاتب والشهيد بأن يكلفاه ما لا يطيقه، أو يتضرر به، لأن الشاهد والكاتب محسنان، حقهما أن يشكرا على ذلك، فمضارتهما تنافي ذلك.
o وجوب أداء الشهادة وتعينها على من تحملها، وأن كتمان الشهادة من كبائر الذنوب، وكما أن شهادة الزور بأن يشهد بثبوت ما ليس بثابت، أو بالبراءة من الحق الثابت وهو كاذب من أكبر الكبائر، فكذلك السكوت عن أداء الشهادة، وكلا الأمرين ظلم لصاحب الحق بتفويت حقه، وظلم أيضا للنفس بوقوع الإثم، وظلم للظالم لإعانته على الإثم والعدوان.
o وفيها مشروعية الوثائق بالحقوق، وهي أربعة: الشهادة والرهن - كما هو مذكور في هذا الموضع - والضمان والكفالة، يؤخذ من الاعتبار على هذا المعنى، ومن قوله: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72]
ثالثا الإجارة :
قال الله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26] وقال يوسف: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55]
يؤخذ من هاتين الآيتين أنه ينبغي أن يتخير في الإجارات والجعالات والأمانات والولايات كلها - كبيرة كانت أو صغيرة - من جمع الوصفين:
1. القوة على ذلك العمل، والكفاءة والحفظ وتوابع ذلك من جميع ما تقوم به الأعمال،
2. الأمانة، فبالأمانة تتم به الثقة، ويعلم نصحه وبذله الواجب،
وبالكفاءة والقوة يحصل العمل ويتم ويتقن.
2. جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع
إن جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع هو أن يكون الحكم بما أمر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49]، فيكون الحكم بما أمر الله عز وجل وأن يكون بالعدل والقسط، قال الله تعالى :{لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105]، و {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42].
وكل ما يكون بين المسلمين من منازعات أو بين المسلمين وغير المسلمين فيكون الفصل بينهم بما أمر الله وأنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59].
وأن حكم الله ورسوله أحسن الأحكام على الإطلاق، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]
وأن كلمات الله تمت وكملت من كل وجه صدقا في إخبارها، عدلا في أحكامها وأوامرها ونواهيها، قال تعالى : {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: 115]
زمن الأحكام المجملة:
- أن البينة على المدعي لإثبات حق، أو المدعي براءة الذمة من الحقوق الثابتة، وأن اليمين على من أنكر، وهاتان القاعدتان عليهما مدار جمهور القضايا،
- والبيعة شرعا اسم جامع لكل ما بين الحق، والبيان مراتب، بعضها يصل إلى درجة اليقين، وبعضها كالقرائن، وشواهد الأحوال توصل إلى غلبة الظن، والترجيحات كثيرة جدا.
- منع الضرر والإضرار بغير حق في كل معاملة وخلطة وجوار واتصال.
- الوفاء بالعقود والشروط ، إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا، ومن أحكامه الكلية أن تلف الشيء بيد الظالم كالغاصب ونحوه فيه الضمان، فرط أو لم يفرط، فإن ثبوت يده على وجه الظلم والعدوان، وأن تلف الشيء تحت يد الأمين لا ضمان فيه إن لم يفرط أو يتعد.
- أن الشيء المشكوك فيه يرجع فيه إلى اليقين في العبادات والمعاملات، فمن ادعى الأصل فقوله مقبول، ومن ادعى خلاف الأصل لم يقبل إلا ببينة.
- أن جميع الأحكام من أصول وفروع لا تتم وتكمل ويحصل مقتضاها إلا باجتماع شروطها وأركانها ومقوماتها، وانتفاء موانعها ومفسداتها.
- وجوب العدل بين الأولاد والزوجات.
- الرجوع إلى العرف إذا تعذر التعيين شرعا ولفظا، كالرجوع للعرف في نفقة الزوجات والأقارب والأجراء، وكالشروط العرفية في المعاملات إذا اطردت بين الناس، وكالقبض والحرز ونحوها مما لا يعد ولا يحصى.
- الأصل في العبادات الحظر؛ فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله،
- والأصل في المعاملات والاستعمالات كلها الإباحة؛ فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله
- اعتبار العدالة في الشهود، وأن يكونوا ممن يرضى من الشهداءوأما عدد الشهود ونصابها فذلك يختلف باختلاف المشهود به كما فصله أهل العلم.
- أن الواجب يسقط بالعجز عنه بالكلية، وأنه إذا قدر على بعض الواجب وجب عليه ما يقدر عليه منه، وسقط عنه ما يعجز عنه، وهذا مطرد في العبادات والحقوق الواجبة وغيرها، كما أن الضرورة تبيح المحظور وتقدر بقدرها.
- إذا تزاحمت المصالح قدم الأعلى منها، وإن تزاحمت المفاسد وكان لا بد من فعل إحداها ارتكب الأخف منها لدفع الأشد مفسدة،.
- والاحكام الكلية كثيرة والفرعية أكثر ولن نستطيع ذكرها كلها، ولكن كل هذه الأحكام شرعها الله لتيسير حياة عباده وقيامها ، فالحمد لله رب العالمين.
3. قصة إبراهيم عليه السلام
إبراهيم عليه السلام هو خليل الرحمن وأبو الأنبياء، أمرنا الله وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون لنا أسوة حسنة في إبراهيم ومن آمن معه، وأمرنا أن تبع ملة إبراهيم حنيفا.
وفي قصة إبراهيم الكثير من الوقفات ، فكيف وهو شاب صغير يقف أمام أبيه وقومه ليرشدهم إلى عبادة الله الواحد الأحد وكطيف أنه بين لهم سفاهة أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله.
وأيضا أخبرنا الله تعالى أنه اصطفاه فأراه ملكوت السماوات والأرض ليكون منه الموقنين ، وكيف حاور قومه حول عبادة النجوم وكيف أنه ناظرهم في قصته معهم عندما وضح لهم أن النجوم والشمس والقمر كلها خلق الله يأفل ولا يملك إلا أن يطيع ربه وخالقه، فكيف يعبدونهم من دون الله قال تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي} [الأنعام: 76]
وهنا قال إبراهيم الشيء الذي لا يعتقده ليبني عليه حجته، وليقيم الحجة على قومه، حتى قال لهم في قوله تعالى:{يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ - إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} [الأنعام: 78 - 79].
وأيضا ما ذكر في تكسيره الأصنام لما قالوا له في قوله تعالى: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يا إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 62]، فأشار إلى الصنم الذي لم يكسره فقال: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]، حتى يلزمهم بالحجة وقد فعل، ولكن عقولهم طبع عليها بكفرهم فألقوه في النار انتقاما منه لآلهتهم ، فأنقذه الله منها وجعلها بردا وسلاما عليه، قال تعالى: {يا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69].
ثم عليه السلام ترك أهله مع زوجته وابن أخيه لوط إلى الشام، وكان يسأل الله الذرية من زوجته سارة ، فظل يدعو ربه محسنا الظن به ، وعندما أهدى ملك مصر هاجر جارية قبطية من مصر وهبتها لزوجها لعل الله يرزقه منها ولدا، فأتت هاجر بإسماعيل على كبر إبراهيم ففرح به فرحا شديدا، فذهب بها وبابنها إسماعيل إلى مكة، وهي في ذلك الوقت ليس فيها سكن ولا مسكن ولا ماء ولا زرع ولا غيره، وزودهما بسقاء فيه ماء وجراب فيه تمر، ووضعهما عند دوحة قريبة من محل بئر زمزم ثم قفى عنهما، فلما كان في الثنية بحيث يشرف عليهما دعا الله تعالى فقال:
{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37] إلى آخر الدعاء.
وكانت زمزم وشب إسماعيل في مكة وكان سكن بجاورهم قبائل من العرب وكان إبراهيم يأتي لزيارتهم وعندما بلغ إسماعيل السعي أمر الله إبراهيم بذبح إسماعيل فكانت فتنة شديدة واستسلم الأب والابن للأمر ففدى الله إسماعيل بذبح عظيم.
وشب إسماعيل شابا حسنا، وأعجب القبيلة بأخلاقه وعلو همته وكماله، فلما بلغ تزوج منهم، وزاره والده مرتين ولم يجده، ثم عاد إبراهيم المرة الثالثة فوجد إسماعيل يبري نبلا عند زمزم، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد الشفيق والولد الشفيق، فقال: يا إسماعيل إن الله أمرني أن أبني هنا بيتا يكون معبدا للخلق إلى يوم القيامة، قال: سأعينك على ذلك، فجعلا يرفعان القواعد من البيت، إبراهيم يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان:
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ - رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 127 - 129]
فلما تَمَّ بنيانه، وتَمَّ للخليل هذا الأثر الجليل أمره الله أن يدعو الناس ويؤذن فيهم بحج هذا البيت، فجعل يدعو الناس وهم يفدون إلى هذا البيت من كل فَجٍّ عميق؛ ليشهدوا منافع دنياهم وأخراهم،.
وجاءت البشارة لإبراهيم وسارة بالابن الجليل وهو إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب،
ومن فضائل إبراهيم أنه كان حنيفا مسلما، وكان يكرم الضيف أشد الكرم، كما جاء في قصة الملائكة الذين أرسلوا لإهلاك قوم لوط وبشروه بإسحاق عليه السلام.
4. قصة يونس عليه السلام
أرسل يونس إلى أهل نينوى في الموصل وهم من بني إسرائيل، فلم يستجيبوا له فوعدهم بعذاب الله وخرج غاضبا من القرية قاصدا البحر وركب سفينة قال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} [الأنبياء: 87] ، وقال تعالى: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الصافات: 140]
فركب في سفينة موقرة من الركاب والأحمال، فلما توسطوا البحر شارفت على الغرق، فقرروا بأن يلقوا بعضا منهم فاقترعوا فأصابت القرعة أناسا منهم، ومنهم يونس صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 141]
فابتلعه الحوت فلما صار في جوف الحوت في تلك الظلمات نادى: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]
فأمر الله الحوت أن تلقيه بالعراء، فخرج من بطنها كالفرخ الممعوط من البيضة في غاية الضعف والوهن، فلطف الله به، وأنبت عليه شجرة من يقطين، فأظلته بظلها الظليل حتى قوي واشتد، وأمره الله أن يرجع إلى قومه فيعلمهم ويدعوهم، فاستجاب له أهل بلده مائة ألف أو يزيدون، فآمنوا فمتعناهم إلى حين.
وفي هذه القصة عتاب الله ليونس صلى الله عليه وسلم اللطيف، وحبسه في بطن الحوت؛ ليكون كفارة وآية عظيمة وكرامة ليونس عليه السلام .
5. قصة يوسف ويعقوب عليهما السلام
قصة يوسف ويعقوب أخبرنا الله تعالى أنها أحسن القصص، ذكرت قصة يوسف في سورة كاملة وهي سورة يوسف، جاء في السورة ذكر يوسف وهو غلام والرؤيا التي رءاها في المنام وأنه قصها على أبوه يعقوب فعلم أن يوسف سيوف يكون له شأن عظيم فقال له ألا يقصها على إخوته، فيحسدوه عليها، ثم ذكر الله تعالى غيرة إخوة يوسف من يوسف قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7].
وجاء ذكر إلقاء يوسف في البئر والكذب على يعقوب وقولهم أكله الذئب، وأن السيارة أخذته من بلاد الشام إلى مصر فباعوه في مصر لعزيز مصر فأحسن مثواه وتعلم يوسف في هذه الفترة ومن الله عليه بتأويل الأحاديث قال تعالى:{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} [يوسف: 6].
ثم راودته امرأة العزيز فأبى ودعا الله أن ينجيه فدخل السجن وكان معه فتيان، ورأى كل منهما رؤيا فسألوه فعبرها لهم ، وسأل من ظن أنه ناج منهما أن يذكره عند الملك، فنسى الفتى ومكث في السجن سنين أخرى، ثم رأى الملك رؤيا لم يفسرها أحد فتذكر الفتى يوسف ودلهم عليه وعبر يوسف رؤيا الملك بالبقرات والسنبلات: بأنها السنين المخصبة والمجدبة، ووجه المناسبة أن الملك به ترتبط أمور الرعية ومصالحها، وبصلاحه تصلح، وبفساده تفسد، فهذه نسبته إذ رأى هو الرؤيا، فقربه الملك وجعله على خزائن الملك ولكن بعد أن برأته امرأة العزيز بما اتهم به، وحل الجدب بلاد الشام فجاءوا مصر وكانت النهاية باجتماع يوسف مع أبيه وإخوته في مصر.
وبينت قصة يوسف كيف انتقل من حال إلى حال، ومن محنة إلى محنة، ومن محنة إلى منحة ومنّة، ومن ذل إلى عز، ومن أمن إلى خوف وبالعكس، ومن ملك إلى رق وبالعكس، ومن فرقة وشتات إلى انضمام وائتلاف وبالعكس، ومن سرور إلى حزن وبالعكس، ومن رخاء إلى جدب وبالعكس، ومن ضيق إلى سعة وبالعكس، ومن وصول إلى عواقب حميدة، فتبارك من قصها وجعلها عبرة لأولي الألباب.
وبينت القصة المحنة العظيمة التي امتحن الله بها نبيه وصفيه يعقوب عليه السلام، إذ قضى بالتفريق بينه وبين ابنه يوسف الذي لا يقدر على فراقه ساعة واحدة، ويحزنه أشد الحزن، فتم لهذه الفرقة مدة طويلة ويعقوب لم يفارق الحزن قلبه، وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم، ثم ازداد به الأمر حين اتصل فراق الابن الثاني بالأول، وهو في ذلك صابر لأمر الله، محتسب الأجر من الله، وقد وعد من نفسه الصبر الجميل، ولا ريب أنه وفّى بما وعد به، ولا ينافي ذلك قوله: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]
فإن الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر، وإنما الذي ينافيه الشكوى إلى المخلوقين، ولا ريب أن الله رفعه بهذه المحنة درجات عالية ومقامات سامية، لا تنال إلا بمثل هذه الأمور.
وجاء الفرج مع اشتداد الكرب، فإنه لما تراكمت الشدائد المتنوعة، وضاق العبد ذرعا بحملها، فرجها فارج الهم، كاشف الغم، مجيب دعوة المضطرين، وهذه عوائده الجميلة، خصوصا لأوليائه وأصفيائه، ليكون لذلك الوقع الأكبر، والمحل الأعظم، وليجعل من المعرفة بالله والمحبة له ما يوازن ويرجح بما جرى على العبد بلا نسبة.

6.
قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب خير خلق الله، خاتم النبيين وخاتم المرسلين، صلى الله عليه وسلم، بعث وهو في الأربعين من عمره، نزل عليه جبريل وهو يتعبد في غار حراء وقال له، قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]، فجاء بها إلى خديجة ترعد فرائصه من الفرَق، وأخبرها بما رآه وما جرى عليه، فقالت خديجة رضي الله عنها: أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق، أي: ومن كانت هذه صفته فإنها تستدعي نعما من الله أكبر منها وأعظم، وكان هذا من توفيق الله لها ولنبيه، ومن تهوين القلق الذي أصابه.
وبهذه السورة ابتدأت نبوته، ثم فتر عنه الوحي مدة ليشتاق إليه وليكون أعظم لموقعه عنده، وكان قد رأى الملك على صورته فانزعج، فجاء إلى خديجة أيضا ترعد فرائصه فقال: «دثروني دثروني» فأنزل الله عليه: (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)، وجاءته سورة الضحى في فترة الوحي لما قال المكذبون: إن رب محمد قلاه. قال تعالى:
{وَالضُّحَى - وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} ،وهذا اعتناء عظيم من الله برسوله، ونفي لكل نقص، وبشارة بأن كل حالة له أحسن مما قبلها وخير منها، وأن الله سيعطيه من النصر والْأَتباع والعز العظيم وانتشار الدين ما يرضيه.
واستمر صلى الله عليه في الدعوة وحاربه قومه فلم يزل يدعو إلى التوحيد وعقائد الدين وأصوله، ويقرر ذلك بالبراهين والآيات المتنوعة، ويحذر من الشرك والشرور كلها منذ بعث إلى أن استكمل بعد بعثته نحو عشر سنين، وهو يدعو إلى الله على بصيرة.
ولم يؤمن به إلا قليل من قومه، وكان كثير منهم من الضعفاء، وعذبوا وأوذوا حتى أذن الله لرسوله بالهجرة للمدينة والمسلمين، واستقر المسلمون في المدينة وجاءت قريش لمحاربتهم في المدينة فكان النصر للمسلمين في غزوة بدر وتوالت الغزوات حتى جاء نصر الله بفتح مكة ، قال تعالى {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1].
ومن صفاته صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين الرأفة العظيمة، والرحمة لهم، والمحبة التامة، والقيام معهم في كل أمورهم، وأنه لهم أرحم وأرأف من آبائهم وأمهاتهم، وأحنى عليهم من كل أحد، كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]، {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159].
وفي سنة تسع من الهجرة أو سنة عشر فرض الله الحج على المسلمين، وكان أبو بكر حج بالناس سنة تسع، ونبذ إلى المشركين عهودهم، وأتم عهود الذين لم ينقضوا، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين سنة عشر واستوعب المسلمين معه، وأعلمهم بمناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات التي في الحج وأحكامه، وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]).


التقويم: د+
بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
الأصل في إجابة هذا المجلس هو استخلاص المسائل الواردة على كل موضوع من موضوعات الأسئلة، ثم تلخيص ما ورد تحت كل مسألة
وما التزمتيه - في الغالب - هو اختصار الفقرات، دون استخلاص المسائل، خاصة في الأسئلة من الثالث للسادس.
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, العاشر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:27 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir