دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > علوم الحديث الشريف > مقدمة ابن الصلاح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 جمادى الأولى 1431هـ/4-05-2010م, 05:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي النوع العشرون والحادي والعشرون والثاني والعشرون: المدرج والموضوع والمقلوب


النّوع العشرون: معرفة المدرج في الحديث
وهو أقسامٌ:
منها: ما أدرج في حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من كلام بعض رواته، بأن يذكر الصّحابيّ أو من بعده عقيب ما يرويه من الحديث كلامًا من عند نفسه، فيرويه من بعده موصولًا بالحديث غير فاصلٍ بينهما بذكر قائله، فيلتبس الأمر فيه على من لا يعلم حقيقة الحال، ويتوهّم أنّ الجميع عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ومن أمثلته المشهورة: ما روّيناه في التّشهّد عن أبي خيثمة زهير بن معاوية، عن الحسن بن الحرّ، عن القاسم بن مخيمرة، عن علقمة، عن عبد اللّه بن مسعودٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم علّمه التّشهّد في الصّلاة فقال: " قل: التّحيّات للّه فذكر التّشهّد، وفي آخره: أشهد أن لا إله إلّا اللّه، وأشهد أنّ محمّدًا رسول اللّه، فإذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد "، هكذا رواه أبو خيثمة عن الحسن بن الحرّ، فأدرج في الحديث قوله: فإذا قلت هذا إلى آخره، وإنّما هذا من كلام ابن مسعودٍ، لا من كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ومن الدّليل عليه أنّ الثّقة الزّاهد عبد الرّحمن بن ثابت بن ثوبان رواه عن رواية الحسن بن الحرّ كذلك، واتّفق حسينٌ الجعفيّ وابن عجلان وغيرهما في روايتهم عن الحسن بن الحرّ على ترك ذكر هذا الكلام في آخر الحديث، مع اتّفاق كلّ من روى التّشهّد عن علقمة وعن غيره، عن ابن مسعودٍ على ذلك، ورواه شبابة عن أبي خيثمة ففصله أيضًا.
ومن أقسام المدرج: أن يكون متن الحديث عند الرّاوي له بإسنادٍ إلّا طرفًا منه، فإنّه عنده بإسنادٍ ثانٍ، فيدرجه من رواه
عنه على الإسناد الأوّل، ويحذف الإسناد الثّاني، ويروي جميعه بالإسناد الأوّل.
مثاله: " حديث ابن عيينة وزائدة بن قدامة، عن عاصم بن كليبٍ، عن أبيه، عن وائل بن حجرٍ في صفة صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وفي آخره: أنّه جاء في الشّتاء، فرآهم يرفعون أيديهم من تحت الثّياب". والصّواب رواية من روى عن عاصم بن كليبٍ بهذا الإسناد صفة الصّلاة خاصّةً، وفصل ذكر رفع الأيدي عنه، فرواه عن عاصمٍ، عن عبد الجبّار بن وائلٍ، عن بعض أهله، عن وائل بن حجرٍ.
ومنها: أن يدرج في متن حديثٍ بعض متن حديثٍ آخر، مخالفٍ للأوّل في الإسناد.
مثاله: " رواية سعيد بن أبي مريم، عن مالكٍ، عن الزّهريّ، عن أنسٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تنافسوا.. " الحديث. فقوله: " لا تنافسوا " أدرجه ابن أبي مريم من متن حديثٍ آخر، رواه مالكٌ عن أبي الزّناد، عن الأعرج عن أبي هريرة فيه: " لا تجسّسوا، ولا تحسّسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا". واللّه أعلم.
ومنها أن يروي الرّاوي حديثًا عن جماعةٍ، بينهم اختلافٌ في إسناده، فلا يذكر الاختلاف، بل يدرج روايتهم على الاتّفاق.
مثاله: " رواية عبد الرّحمن بن مهديٍّ، ومحمّد بن كثيرٍ العبديّ، عن الثّوريّ، عن منصورٍ والأعمش وواصلٍ الأحدب، عن أبي وائلٍ، عن عمرو بن شرحبيل، عن ابن مسعودٍ قلت: " يا رسول اللّه، أيّ الذّنب أعظم.. " الحديث. وواصلٌ إنّما رواه عن أبي وائلٍ عن عبد اللّه من غير ذكر عمرو بن شرحبيل بينهما، واللّه أعلم.
واعلم أنّه لا يجوز تعمّد شيءٍ من الإدراج المذكور، وهذا النّوع قد صنّف فيه الخطيب أبو بكرٍ كتابه الموسوم " بالفصل للوصل المدرج في النّقل " فشفى وكفى، واللّه أعلم.
النّوع الحادي والعشرون: معرفة الموضوع وهو المختلق المصنوع
اعلم أنّ الحديث الموضوع شرّ الأحاديث الضّعيفة، ولا تحلّ روايته لأحدٍ علم حاله في أيّ معنًى كان إلّا مقرونًا ببيان وضعه،
بخلاف غيره من الأحاديث الضّعيفة الّتي يحتمل صدقها في الباطن، حيث جاز روايتها في التّرغيب والتّرهيب، على ما نبيّنه قريبًا إن شاء اللّه تعالى.
وإنّما يعرف كون الحديث موضوعًا بإقرار واضعه، أو ما يتنزّل منزلة إقراره، وقد يفهمون الوضع من قرينة حال الرّاوي أو المرويّ، فقد وضعت أحاديث طويلةٌ يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها.
ولقد أكثر الّذي جمع في هذا العصر (الموضوعات) في نحو مجلّدين، فأودع فيها كثيرًا ممّا لا دليل على وضعه، إنّما حقّه أن يذكر في مطلق الأحاديث الضّعيفة.
والواضعون للحديث أصنافٌ، وأعظمهم ضررًا قومٌ من المنسوبين إلى الزّهد، وضعوا الحديث احتسابًا فيما زعموا، فتقبّل النّاس موضوعاتهم ثقةً منهم بهم وركونًا إليهم، ثمّ نهضت جهابذة الحديث بكشف عوارها ومحو عارها، والحمد للّه.
وفيما روّينا عن الإمام أبي بكرٍ السّمعانيّ: أنّ بعض الكرّاميّة ذهب إلى جواز وضع الحديث في باب التّرغيب والتّرهيب.
ثمّ إنّ الواضع ربّما صنع كلامًا من عند نفسه فرواه، وربّما أخذ كلامًا لبعض الحكماء أو غيرهم، فوضعه على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وربّما غلط غالطٌ، فوقع في شبه الوضع من غير تعمّدٍ، كما وقع لثابت بن موسى الزّاهد في حديث: " من كثرت صلاته باللّيل حسن وجهه بالنّهار".
مثالٌ: " روّينا... عن أبي عصمة - وهو نوح بن أبي مريم - أنّه قيل له: " من أين لك عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في فضائل القرآن سورةً سورةً؟ "، فقال: إنّي رأيت النّاس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمّد بن إسحاق، فوضعت هذه الأحاديث حسبةً...".
وهكذا حال الحديث الطّويل الّذي يروى عن أبيّ بن كعبٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في فضل القرآن سورةً فسورةً. بحث باحثٌ عن مخرجه حتّى انتهى إلى من اعترف بأنّه وجماعةً وضعوه، وإنّ أثر الوضع لبيّنٌ عليه، ولقد أخطأ الواحديّ المفسّر، ومن ذكره من المفسّرين في إيداعه تفاسيرهم، واللّه أعلم.
النّوع الثّاني والعشرون معرفة المقلوب
هو نحو حديثٍ مشهورٍ عن سالمٍ جعل عن نافعٍ ليصير بذلك غريبًا مرغوبًا فيه.
وكذلك ما روّينا أنّ البخاريّ رضي اللّه عنه قدم بغداد، فاجتمع قبل مجلسه قومٌ من أصحاب الحديث، وعمدوا إلى مائة حديثٍ فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسنادٍ آخر، وإسناد هذا المتن لمتنٍ آخر، ثمّ حضروا مجلسه وألقوها عليه، فلمّا فرغوا من إلقاء تلك الأحاديث المقلوبة التفت إليهم فردّ كلّ متنٍ إلى إسناده، وكلّ إسنادٍ إلى متنه، فأذعنوا له بالفضل.
ومن أمثلته، ويصلح مثالًا للمعلّل: ما روّيناه عن إسحاق بن عيسى الطّبّاع قال: حدّثنا جرير بن حازمٍ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إذا أقيمت الصّلاة فلا تقوموا حتّى تروني "، قال إسحاق بن عيسى فأتيت حمّاد بن زيدٍ فسألته عن الحديث، فقال: وهم أبو النّضر إنّما كنّا جميعًا في مجلس ثابتٍ البنانيّ، وحجّاج بن أبي عثمان معنا، فحدّثنا حجّاجٌ الصّوّاف عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن عبد اللّه بن أبي قتادة، عن أبيه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " إذا أقيمت الصّلاة فلا تقوموا حتّى تروني "، فظنّ أبو النّضر أنّه فيما حدّثنا ثابتٌ عن أنسٍ. أبو النّضر هو جرير بن حازمٍ، واللّه أعلم.
فصلٌ
قد وفينا بما سبق الوعد بشرحه من الأنواع الضّعيفة والحمد للّه، فلننبّه الآن على أمورٍ مهمّةٍ:
أحدها: إذا رأيت حديثًا بإسنادٍ ضعيفٍ فلك أن تقول: هذا ضعيفٌ، وتعني أنّه بذلك الإسناد ضعيفٌ، وليس لك أن تقول هذا ضعيفٌ وتعني به ضعف متن الحديث بناءً على مجرّد ضعف ذلك الإسناد، فقد يكون مرويًّا بإسنادٍ آخر صحيحٍ يثبت بمثله الحديث، بل يتوقّف جواز ذلك على حكم إمامٍ من أئمّة الحديث بأنّه لم يرو بإسنادٍ يثبت به، أو بأنّه حديثٌ ضعيفٌ، أو نحو هذا مفسّرًا وجه القدح فيه. فإن أطلق ولم يفسّر، ففيه كلامٌ يأتي إن شاء اللّه تعالى، فاعلم ذلك فإنّه ممّا يغلط فيه، واللّه أعلم.
الثّاني: يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التّساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الأحاديث الضّعيفة من غير اهتمامٍ ببيان ضعفها فيما سوى صفات اللّه تعالى وأحكام الشّريعة من الحلال والحرام وغيرها. وذلك كالمواعظ، والقصص، وفضائل الأعمال، وسائر فنون التّرغيب والتّرهيب، وسائر ما لا تعلّق له بالأحكام والعقائد. وممّن روّينا عنه التّنصيص على التّساهل في نحو ذلك عبد الرّحمن بن مهديٍّ، وأحمد بن حنبلٍ رضي اللّه عنهما.
الثّالث: إذا أردت رواية الحديث الضّعيف بغير إسنادٍ فلا تقل فيه: " قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كذا وكذا " وما أشبه هذا من الألفاظ الجازمة بأنّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال ذلك، وإنّما تقول فيه: " روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كذا وكذا، أو بلغنا عنه كذا وكذا، أو ورد عنه، أو جاء عنه، أو روى بعضهم " وما أشبه ذلك. وهكذا الحكم فيما تشكّ في صحّته وضعفه، وإنّما تقول: " قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم " فيما ظهر لك صحّته بطريقه الّذي أوضحناه أوّلًا، واللّه أعلم.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
العشرون, النوع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir