دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 شعبان 1439هـ/10-05-2018م, 08:46 PM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الخامس: مجلس مذاكرة القسم العاشر من تفسير سورة آل عمران

مجلس مذاكرة القسم العاشر من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 153-171)






اكتب رسالة تفسيرية في واحد مما يلي:
1: قوله تعالى: {
إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)} بالأسلوب المقاصدي.
2:
قوله تعالى: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)} بالأسلوب البياني.
3: قوله تعالى:
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} بالأسلوب الوعظي.


تنبيه:
تذكر مراجع البحث في نهاية كل رسالة.


تعليمات:
- دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار.
- مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا.
- لا يقتصر تفسير السورة على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد.
- يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها.

- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 رمضان 1439هـ/15-05-2018م, 03:07 PM
بدرية صالح بدرية صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 498
افتراضي

اكتب رسالة تفسيرية في :قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} بالأسلوب الوعظي.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ...
أما بعد:
فهذه تأملات في قول الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} ..
وبتدبر هذه الآية والتفكر بها تزيد المؤمن إيماناً ويقيناً برحمة الله ، وإحسانه وتوفيقه ، وعفوه وكرمه، وجميل فضله ، فهو أرحم الراحمين ، واكرم الأكرمين ، بعث لنا أفضل رسله ، وأحسن كتبه ، وأكمل به الدين ، وهدانا للإسلام وماكنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .
وسبب نزول هذه الآية : اتفق أهل التفاسير على أنها نزلت في حق الذين انهزموا يوم أحد فإنه لم يغلظ على الذين خالفوا أمره حتى كانوا سببا لقتل من قتل من المسلمين).
مامعنى الرحمة ؟
الرحمة تقتضي الإحسان إلى المرحوم ، وقد تستعمل في الرقة المجردة، وتارة في الإحسان المجرد عن الرقة .ذكره الراغب الأصفهاني
وقيل :هي رقة في النفس، تبعث على سوق الخير لمن تتعدى إليه .ذكره ابن عاشور
تصدرت هذه الآية خطاب للنبي الكريم ، وماأعظمه من خطاب. ، حمل بين ثناياه ، ماهو نعت ووصف ، وإطراء وثناء ، وتثبيط وتمكين ، وتوجيه وتعليم ، لرسوله خاصة ،ولأمته من بعده عامة .
فابتدأت الآية بذكر الرحمة ، لما للرحمة من الأثر العظيم على النفوس ، فهي تشكل لنا منهجاً أخلاقياً راقياً ، ويكفي الرحمة قدراً وشرفاً أنها صفة من صفات الله سبحانه ، فهو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، وصف سبحانه بها نفسه في آيات كثيرة ، فقال سبحانه :( إن الله غفور رحيم ) ، وقال سبحانه :(كتب ربكم على نفسه الرحمة ).
فذكر الرحمة هو امتنان من الله ، وتفضل منه وعناية سبحانه وتعالى ، ولها من الآثار العظيمة مالا يحصى ، فهي رحمة مما لايعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، ومن لاتخفى عليه خافية.
ومما يؤكد عظم الرحمة ، وحسن عواقبها ، ذكرها الله في آيات كثيرة ، ونعت نبيه الكريم بها ، واثنى عليه ،وحثه عليها ، قال تعالى :( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ..
قال الحسن البصريّ: هذا خلق محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم بعثه اللّه به. ذكره ابن كثير
وما تقوم به النفس البشرية ،إذا ما تحلت بصفة الرحمة ، واصبح ديدنها ، فالرحمة ركيزة مهمة يقوم عليها المجتمع المسلم ، يكون بينهم الوحدة والألفة ، فيصبحون كالجسد الواحد ، والبنيان المرصوص.
فظاظة القلب ومالها من الأثر :
النصيحة ولين القلب لها الأثر العظيم على المجتمع المسلم ، وفي هذه الآية درس رباني ، في إدارة القيادة ، وأخلاق القائد ، ومايتحلى به من لين وعطف ، وحسن إدارة وقيادة ، فهي تكسب قلب المؤمن ، وترغبه في دينه ، وتبعث الطمأنينة في النفس ، فتجعل في نفسه القبول والخضوع .
قيل في الأثر : أبعد أبعدالقلوبعناللهتعالىالقلوبالقاسية ، فالفظ سيئ الخلق في الأمور الظاهرة من الأقوال والأفعال ، والغلظة هي السيء من الأمور الباطنة ، والثاني سبب للأول ، فإن اجتمعت هاتان الصفتان بالفرد ، فهي مدعاة لقساوة القلب ،فيتبعها بعد ذلك كل صفة ذميمة ، كما وضحها الألوسي في تفسيره
وفي هذه الآية بلاغة وإعجاز ، تضمنت أوامر فيها تدرج بليغ :
التدرج بالأوامر من صفات القائد الملهم ، وهذه الآية فيها من الأوامر والتوجيه الشيءالكثير ،وذلك بأن الله سبحانه أمر نبيه ، بأن يعفو عنهم ما له في خاصته عليهم من تبعة ; فلما صاروا في هذه الدرجة أمره أن يستغفر فيما لله عليهم من تبعة أيضا ، فإذا صاروا في هذه الدرجة صاروا أهلا للاستشارة في الأمور .
فالشورى من قواعد الإسلام ، ومن ركائزة ، فالواجب على الحاكم والقائد ، أ ن يستشير أهل العلم والدين ، ويأخذ برأيهم فيما ينفع دينهم ودنياهم ، فيستشيرهم بما يهم مصالحهم العامة ، وإن كان في حرب فما يهم في مصلحة الجيش ، فلا يأخذه العجب في الرأي فإنه والله لهو الظلالة ، والزيغ عن الحد ،والبعد عن الحق.
فضل المشورة وأثرها على الأمة :
للمشورة أثر عظيم على الأمة ، ففيها تطيب النفوس ، ويرفع من الأقدار ، وتجبر الخواطر .
روى البغوي ، عن عقيل ،عن الزهري ،عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : مارأيت رجلاً أكثر استشارة للرجال من رسول الله . أخرجه الترمذي .
تبين لنا في هذه الآية معجزة وبلاغة توجيه القرآن ، بأن أمر الله نبيه باستشارة قومه ، وهو أكملهم عقلاً ،وأغزرهم علماً ، وأفضلهم رأياً ، وخاطبه ربه ، بقوله : وشاورهم في الامر فكيف بغيره ؟!
وذكر الألوسي ، ماأخرجهابنعديوالبيهقيمنقولهعليهالصلاةوالسلامعندنزولالآية: " أماإناللهورسولهلغنيانعنها،ولكنجعلهااللهتعالىرحمةلأمتي ""
قالالبخاري فيكتابالاعتصاممنصحيحه : وكانتالأئمةبعدالنبي - صلىاللهعليهوسلم - يستشيرونالأمناءمنأهلالعلم،وكانالقراءأصحابمشورةعمر:كهولاكانواأوشبانا،وكانوقافاعندكتابالله .
ما أثر العزم والتوكل على الله ؟
التوكل على الله صفة حميدة ، فهو علامة صدق الإيمان ، وهو من حسن الظن بالله سبحانه ، فمن توكل على الله فهو حسبه وكافيه ،ومن فوض إليه أمره هداه ، ومن أعتصم به نجاه ، قال تعالى :( أليس الله بكاف عبده ).
فالتوكل ليس كلمة باللسان بل صدق إعتماد القلب على الله ، مع الأخذ بالإسباب ، وهو قول وعمل ، وإخلاص نية ، عَنْ عُمَرَ بن الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُوْلَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُوا خِمَاصاً وَتَرُوْحُ بِطَاناً" رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي المُسْنَدِ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ فِي السُّنَنِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيْحِهِ، وَرَوَاهُ الحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَصَحَّحَهُ .
فكما نعلم أن الشورى مبنية على اختلاف الأراء ، ولها شروط أن تحتكم بما في الكتاب والسنة ، لاتحيز عنها ، والحاكم هو من ينظر إليها ويؤكدها، بما ينفع ويهم مصالح الأمة .
هذه الآية تحمل بين ثنياها لطائف عديدة منها :
_أثر الرحمة على القلوب ، فهي تلين الجانب ،وتخفض الجناح ، وترق القلب ، فهي مدعاة لإجتماع الأمة وتماسكها.

_الإستشارة مسلك عظيم ، لها من الفوائد في الدين والدنيا الشيء الكثير ، فهي تقرب لله ، وبها تسميح للخواطر ، وذهاب للضغائن ، فهي نور الفكر والعقل.
_النبي الكريم معصوم من الخطأ ، ومشورة أصحابه ، تكريماً لهم وتطيباً لأنفسهم ، وجبراً لخواطرهم ، فليس هو بحاجة مشورتهم ، لكمال عقله ،وعنده وحي منزل ، ولكن لله فيها حكمة ليستن بها من بعده .
_روى ابن حاتم في تفسيره :ثنا سفيان ، عن ابن شبرمة ، عن الحسن :قال الحسن : قد علم الله عزوجل أنه مابه إلى مشورتهم حاجة ولكنه أراد أن يستن به من بعده.
_المشورة تعطي قوة في الرأي ، وتسديد وإلهام للصواب ، وتقطع الشحناء والغلبة .
_فظاظة القلب وقسوته ،من الأمور المنفرة ، نهى نبيه الكريم عنها ، وحاشاه ذلك ، وهو الرحمة المهداه ، ولكن ليقتدي به أمته من بعده ، ويكون لهم أسوة حسنه .
_في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة :( قيل :يارسول الله ادع على المشركين ؟قال :إني لم أبعث لعاناً ، ولافحاشاً ، وإنما بعثت رحمة ) .
_الأمة الإسلامية بحاجة إلى القلوب الكبيرة ، تحمل همومها ، وتصلح أخطاؤها ، وتناجيها بأدب وأخلاق ، فكلنا ذووخطأ ، كلٌ يؤخذ منه ويرد إلا المعصوم محمد عليه الصلاة والسلام.
_بالأخلاق ترتقي الأمة ، ويصلح حالها ،ويرفع من شأنها ، فتكون أمة قوية بدينها وبرجالها.
_في مقام معنى الآية يجتمع فائدتين ، شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد من جهة ، وعطفه ولين جانبه على أصحابه يوم فروا من جهة أخرى ، فلم يعنفهم ويزجرهم على ذلك ، بل شاركهم الغم ، ورحمهم ، وواساهم.
قال ابن القيّم - رحمه الله تعالى -: الرّحمة سبب واصل بين الله عزّ وجلّ - وبين عباده، بها أرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، وبها هداهم، وبها يسكنهم دار ثوابه، وبها رزقهم وعافاهم وأنعم عليهم، فبينهم وبينه سبب العبوديّة، وبينه وبينهم سبب الرّحمة ))
في هذه الآية رسالة عظيمة وقيمة للدعاة إلى الله ، فالرحمة عماد الدعوة ، وأعظم السبل لإيصال الخير للناس ، وترغيبهم وترهيبهم في دينهم ،والبعد عن الغلظة فهي مهلكة الشعوب ، وسبپ النفور ، فالداعي إلى الله ، هو القدوة الحسنة ، وبه يحتذى ، ونيل الدخول في هذا الدين أفواجاً.
المراجع :
تفسير ابن جرير الطبري
تفسير ابن أبي حاتم
تفسير القرطبي
تفسير السعدي
تفسير ابن كثير
تفسير ابن عاشور
تفسير الألوسي

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 رمضان 1439هـ/16-05-2018م, 12:56 PM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي

قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} بالأسلوب الوعظي

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وأشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله أما بعد،

فإن المتأمل في أحوال الأمة الإسلامية عامة وعلى مر العصور السابقة إلى عصرنا هذا يجد انها قد مرت بفترات صحوة جيدة كان فيها القدوة والتربية والأخلاق الحسنة والسلوك القويم ؛وقد بدأت هذه الصحوة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم الذي امتن الله تعالى به على هذه الأمة التى وصفها بأنها خير امة اخرجت للناس فقال تعالى {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من انفسهم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}وإن من أعظم مقاصد البعثة المحمدية إتمام مكارم الاخلاق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق}وإن الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق قد وصفه الله تعالى بقوله {وإنك لعلى خلق عظيم}وبقوله{بالمؤمنين رؤف رحيم}وقد بلغ صلى الله عليه وسلم الذروة العليا في كمال الأخلاق وحسنها ولين الجانب وسهولة المعشر وشدة الرحمة والشفقة على أمته خاصة وعلى كافة الناس عامة
ولقد كان حسن خلقه صلى الله عليه وسلم السبب الاعظم في الإقبال على دعوته والأخذ عنه ونصرته وحمايته والدفاع عنه بكل شىء ؛فقد جبله الله تعالى على ذلك فهو الصادق الأمين وهو الذي جاء نعته في التوراة {ليس بصخاب ولا لعان }وهو الذي دخل الناس في دين الله أفواجا بسبب حسن خلقه كما جاء في قصة ثمامة بن أثال
وتتجلى هذه المحاسن يوم غزوة أحد حين بدر من بعض المؤمنين مابدر من أمور كان من المفترض أنها تغضب الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم ومن ذلك :
-إصرارهم على الخروج للقاء العدو خارج المدينة رغم كراهية النبي لذلك الرأى
-وصايته الرماة على الجبل بلزوم أماكنهم وعدم المغادرة أيا كانت النتائج
-فرارهم من ساحة المعركة لا يلوون على أحدحين كانت الكرة عليهم
-عدم إجابتهم نداء رسول الله حين صاح فيهم {إلى عباد الله ،إلى عباد الله} فلم يجيبوه إلا قليلا
كل هذه الأمور كانت من المتوقع أن تغضب رسول الله عليهم فيقع منه اللوم والعتاب لهم على ما اختاروه ومافعلوه وماخالفوا به أمره ولكن لم يكن منه صلى الله عليه وسلم إلا العفو والرحمة واللين بل واساهم وترك تعنيفهم فمدحه الله على ذلك وقال{فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين}
فقد اشتملت هذه الآية على جوانب عظيمة من خلق النبي صلى الله عليه وسلم وما حباه الله تعالى به من حسن الخلق
وعبر عن حسن الخلق فيها باللين وأن هذا اللين إنما كان برحمة الله تعالى ،فإن الله تعالى امتن على نبيه بخلق الرحمة ولين الجانب وسهولة الطبع والرفق ورجاحة العقل والتأني والتؤدة وكم من مرب ومؤدب ومعلم بل كم من قائد وأمير ورئيس في أشد الحاجة لهذا الخلق ،خلق اللين والرفق والحلم وسهولة المعشر
فإن المربى والمعلم الذي يربي من تحته ويعلم أنهم ولابد تقع منهم الزلات والهفوات والأخطاء بحكم بشريتهم جميعا فإنه يستعمل عقله وحكمته في تقويمهم وتوجيههم بألطف مايكون وقد كانت هذه طريقته صلى الله عليه وسلم يلين في مواضع اللين ويستعمل الحزم في مواضعه ؛فقد كان لا يغضب إلاإذا نتهكت حرمات الله ولايثأر لنفسه قط وكان لينه لينا لاتفريط معه لشىء من مصالحهم ولاتساهلا في أمر الدين
وقوله تعالى {فبما رحمة من الله} والمعنى فبرحمة الله لنت لهم وهذا أسلوب الحصر أى برحمة الله لاغير ألان لهم رسول الله بعد أن استوجبوا بأفعالهم الغلظ عليهم ولكن لحكمة يعلمها الله ألان لهم جانب رسول الله
واللين :المراد به السعة ،سعة الخلق مع كل أحد من المسلمين وغيرهم
وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم في العرب وهم الأمة التى عرفت بالأنفة والشجاعة وسرعة الفهم والعزة وإباء الظلم وسلامة الفطرة ؛فكان الحائل الوحيد بينهم وبين إجابة الدعوة المكابرة والعناد ولذا لم يكن من المناسب في التعامل معهم الشدة والغلظة بل كان العفو والصفح وحسن الخلق الذي وهبه الله إياه يأسر قلوب من تعامل معه وعامله وسيرته صلى الله عليه وسلم تشهد بذلك
ومن ذلك مارواه البراء بن عازب في الصحيحين أنه لما تنازع على وجعفر وزيد بن حارثة في ابنة حمزة أيهم يكفلها {فقضى بها النبي لجعفر لأن خالتها كانت تحته وقال الخالة بمنزلة الام ثم قال لعلى :أنت منى وأنا منك وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي وقال لزيد أنت أخونا ومولانا }
فانظر كيف لاطفهم جميعا وطيب خواطرهم بكلماته الرقراقة
وكيف تعامل مع الأعرابي الذي جبذه من ردائه حتى أثرت حاشية ردائه في صفحة عنقه كما جاء في الحديث المتفق عليه الذي رواه أنس بن مالك {أنه اتبعه أعرابي وجبذه جذبة شديدة قال :حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي قد أثرت فيه من شدة جذبته وهو يقول له أعطنى من مال الله الذي عندك فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا ان التفت إليه متبسما وأمر له بعطاء }وغير ذلك كثير مع الصغير والكبير والمرأة والرجل والرقيق
وقوله تعالى {ولو كنت فظا غليظ القلب } والفظ :سيء الخلق وصعب المعشر
وأصل الفظ :كرش البعير الذي فيه الماء ومذاقه صعب غير مستساغ
وغلظ القلب :قسوته وهو ضد اللين فلايرق لضعيف ولايرحم محتاجا ولايتيما ولامظلوما،وغلظ القلب سبب لجفاء الطبع وسوء الخلق
وقدم المسبب {الفظاظة وسوء الخلق }على السبب{وهو غلظة القلب} لأنه الظاهر والناتج عنه
وهذان الخلقان أعنى الفظاظة وغلظ القلب من أقبح مايكون ويكفي في التعبير عن قبحهما قوله تعالى {لانفضوا من حولك} والانفضاض هو التفرق بعد الجمع ويدل عليه قوله {من حولك} وهذا التعبير يدل على النفور
فإنه لو كان كذلك وحاشاه لانفض عنه الناس ولكرهوا الدخول في دينه ،وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على مكانة حسن الخلق وأن هذا الدين مبناه على حسن الخلق وهو يدعو إليه ويأمر به ويتوعد من ليس كذلك ويأمر في مواضع كثيرة بالإحسان والعفو والصفح قال تعالى {وقولوا للناس حسنا }وقال تعالى {وقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن}وقوله تعالى {ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم}وقوله {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين} وقوله رخذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} وغير ذلك كثير جدا
قال الرازى: إِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْبِعْثَةِ أَنْ يُبَلِّغَ الرَّسُولُ تَكَالِيفَ اللَّهِ إِلَى الْخَلْقِ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ لَا يَتِمُّ إِلَّا إِذَا مَالَتْ قُلُوبُهُمْ إِلَيْهِ وَسَكَنَتْ نُفُوسُهُمْ لَدَيْهِ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ لَا يَتِمُّ إِلَّا إِذَا كَانَ رَحِيمًا كَرِيمًا، يَتَجَاوَزُ عَنْ ذَنْبِهِمْ، وَيَعْفُو عَنْ إِسَاءَتِهِمْ، وَيَخُصُّهُمْ بِوُجُوهِ الْبِرِّ وَالْمَكْرُمَةِ وَالشَّفَقَةِ، فَلِهَذِهِ الْأَسْبَابِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مُبَرَّأً عَنْ سُوءِ الْخُلُقِ، وَكَمَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ غَلِيظِ الْقَلْبِ، بَلْ يَكُونُ كَثِيرَ الْمَيْلِ إِلَى إِعَانَةِ الضُّعَفَاءِ، كَثِيرَ الْقِيَامِ بِإِعَانَةِ الْفُقَرَاءِ، كَثِيرَ التَّجَاوُزِ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ، كَثِيرَ الصَّفْحِ عَنْ زَلَّاتِهِمْ، فَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ وَلَوِ انْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاتَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْبَعْثَةِ وَالرِّسَالَةِ.
وبعد أن مدح الرسول بحسن الخلق الذي سببه رحمة الله تعالى وحده برسوله وبأمته وحذر من سوء الخلق المتمثل في الفظاظة وغلظ القلب وقسوته وأنه السبب الأعظم للنفرة والجفاء والعداوة أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالعفو عنهم كما عفا الله تعالى عنهم وأخبر بذلك في الآيات السابقة بقوله {ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين}فإن حسن الخلق ولين الجانب يستلزم العفو والصفح
والعفو :ترك العقوبة على الذنب مع القدرة على ذلك وهذا فيه تشريف للمؤمنين إذ أمر نبيه أن يعفو عنهم ولايؤاخذهم بما اقترفوه وهو سبحانه أعلم بهم وهو الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شىء وعمت كل حى وهو القائل {قل ياعبادى الذين أسرفوا على انفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} فما اعظم رحمة الله وأوسعها
ثم يقول {واستغفر لهم}كأنه لما أمره بالعفو عنهم فيما يخص حق الرسول أمره بأن يستغفر لهم فيما

فلايعاملهم بالجفاء والغلظة فيكون ذلك سببا في نفرتهم عنه وانفضاضهم من حوله وترك طاعته.

قال ابن القيم :قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {اعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} وقد تضمنت هذه الكلمات مراعاة حق الله وحق الخلق، فإنهم إما يسيئوا في حق الله وفي حق رسوله، فإن أساءوا في حقك فقابل ذلك بعفوك عنهم وإن أساءوا في حقي فاسألني أغفر لهم واستجلب قلوبهم، وأستخرج ما عندهم من الرأي بمشاورتهم، فإن ذلك أحرى في استجلاب طاعتهم وبذل النصيحة، فإذا عزمت فلا استشارة بعد ذلك بل توكل وامض لما عزمت عليه من أمرك فإن الله يحب المتوكلين.
وقوله تعالى :{وشاورهم في الأمر}أمر بالمشاورة
وأصل المشاورة مأخوذ من شار الدابة إذا اختبر جريها،وشار العسل إذا استخرجه من أصله ومكانه الذي هو فيه
والمشاورة يستخرج بها الحق والصواب وإنما تكون المشاورة في الأمر المهم المشكل عند المرء في نفسه أو في قبيلته أو الأمة
والمراد بالمشاورة في الآية الإستعانة برأي أولو الأحلام والآراء الذين لديهم علم وخبرة بما يستشارون فيه
والمراد بالأمر:قيل أمر الحرب وقيل بل المراد عموم الأمر أي في كل أمرمهم حرب كان أو غير حرب من مهمات الأمة ومصالحها في غير أمر الشرع
فإن الشرع وحى من عند الله لامشاورة فيه بل واجب امتثاله والقيام به فورا قدر المستطاع
وقد أمر الله رسوله بالتشاور مع أصحابه في كل مايهم الأمة من شئون وحوادث ولايمنعه ماكان من خطأ الرأي في أحد أنيستشيرهم فيما هو آت بل فيه استجلاب محبتهم وطاعتهم وشدة نصحهم وبذل جهدهم في استخراج لباب ماانطوت عليه عقولهم وآرائهم
وفي هذا الأمر أعنى بالشورى للنبي دليل على أنها متأكدة في حق المسلمين بعضهم مع بعض من بعده صلى الله عليه وسلم وقد مدح الله تعالى أهل الشورى كما جاء في سورة الشورى في قوله {وأمرهم شورى بينهم} وقد ذكر الجصاص في احكام القرآن عند قوله تعالى {وأمرهم شورى بينهم} هذا يدل على جلالة موقع الشورى لذكرها مع الإيمان وإقامة الصلاة وعلى أننا مأمورون بها
ونوه الله تعالى بها في شئون الأسرة وقال {فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلاجناح عليهما} مما يدل على مشروعية الشورى في الأمور كلها على مستوى العائلات والبلاد بل والأمة جميعها
قال ابن العربي:الشورى مسبار العقل وسبب الصواب
والشورى مما جبل عليه البشر في أصل خلقتهم لأن بها تتم المصلحة فالواحد المستشير يجمع باستشارته إلى عقله عقول الآخرين فيزداد بصيرة وهداية بالصواب بخلاف من انفرد برأيه واستبد به ولم يستشر غيره وإن كان هو نفسه من أهل الرأي وذلك ان الإنسان يرى ما عند غيره بوضوح تام ويحكم حكما مجردا عن الهوى ونحوه فيرى الأمور على حقيقتها بخلاف المرء فإنه لايرى نفسه إلا بمرآة وهذه المرآة هى المستشار فهو محتاج لمن يبصره بحاله كما أن هواه وميل قلبه للشيء قد يعميه عما فيه من الضرر وسوء العاقبة لذا هو محتاج للإستشارة والنصيحة
ومما يدل على ذلك أن فرعون قد استشار الملأ حوله في شأن موسى عليه السلام على رغم استبداده وظلمه واستشارت بلقيس المأ في شأن كتاب سليمان عليه السلام إليها
فنحن مأمورون بتحرى الصواب في الأمور كلها وقد امتثل الصحابة رضوان الله عليهم هذا الأمر بعده صلى الله عليه وسلم فاستنوا بسنته
قال البخاري في كتاب الاعتصام: وكانت الأئمة بعد النبي يستشيرون الأمناء من اهل العلم وكان القراء أصحاب مشورة عمر كهولا وشبانا.
واستشار ابو بكر في قتال الردة وكان عمر يكتب لعماله بالتشاور.
وإن المستبد برأيه لايستشير كراهية أن يسمع مايخالف هواه ولايلجأإليها إلا عند الضيق كمافعل فرعون ومن على شاكلته
والمتأمل في حال الأمة بعد زمن الخلفاء الراشدين المهديين ومن بعد معاوية رضى الله عنه أصبحت الشورى في تناقص إلى أن بلغ الاستبداد أوجه في عصر الخلافة العباسية وما تلاها وأصبحت الشورى اسما بلامعنى ولاحقيقة وبات واضحا جليا ما آل إليه أمر الأمة حين تركت هذا الواجب الرفيع الذي فيه سعادتها وأمنها
وليس الأمر في الشورى قاصرا على الحكم والملك والأمور العظام بل إنه لازم لكل من يقود ويربي ويعلم سواء كان في البيت أو خارج البيت ونحوه
فبالمشاورة يحصل الخير ويندفع اللوم والحسرة والندم
ومما ينبغي التنبه له أنه مع أننا مأمورون بالشورى إلا أنه يجب أن يعلم أن الشورى سبب لحصول الخير ولذا قال تعالى بعد أمره بالشورى {فإذا عزمت فتوكل على الله}أى إذا بدا لك الرأى السديد ولاح لك الحق والصواب وكنت على بينة من أمرك فعزمت على المضي في شأنك فتوكل على الله
فإن الإنسان إذا عزم على فعل شىء بعد الاستشارة واستنفاذ الوسع في السؤال والتحرى فلاينبغى له أن ينقض عزمه أو يرجع عما عزم عليه ولهذا فإن النبي لما لبس لأمة الحرب بعد أن استشار أصحابه فأشاروا عليه بالخروج ثم بدا لهم أنهم قد اختاروا مالم يرغب فيه نبيهم فأرادوا أن يرجعوا عما اختاروه قال لهم صلى الله عليه وسلم {لاينبغى لنبي لبس لأمة الحرب أن ينزعها ....أو كما قال }وهذا فيه الدلالة على أن اتخاذ القرار بعد المشاورة لاينبغى الرجوع عنه خاصة إن كان من أهل القيادة والسياسة حتى لايفقد أتباعه ثقتهم فيه ويفت في عزائمهم فإن للتردد آفات وتضييع للأوقات
قال صاحب المنار: وَيُمْكِنُ إِرْجَاعُ ذَلِكَ إِلَى قَاعِدَةِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، وَأَيُّ ضَرَرٍ أَشُدُّ مَنْ فَسْخِ الْعَزِيمَةِ وَمَا فِيهِ مِنَ الضَّعْفِ وَالْفَشَلِ وَإِبْطَالِ الثِّقَةِ؟
ومن فوائد الشورى كما ذكرها السعدي:
منها: أن المشاورة من العبادات المتقرب بها إلى الله.
ومنها: أن فيها تسميحا لخواطرهم، وإزالة لما يصير في القلوب عند الحوادث، فإن من له الأمر على الناس -إذا جمع أهل الرأي: والفضل وشاورهم في حادثة من الحوادث- اطمأنت نفوسهم وأحبوه، وعلموا أنه ليس بمستبد (2) عليهم، وإنما ينظر إلى المصلحة الكلية العامة للجميع، فبذلوا جهدهم ومقدورهم في طاعته، لعلمهم بسعيه في مصالح العموم، بخلاف من ليس كذلك، فإنهم لا يكادون يحبونه محبة صادقة، ولا يطيعونه وإن أطاعوه فطاعة غير تامة.
ومنها: أن في الاستشارة تنور الأفكار، بسبب إعمالها فيما وضعت له، فصار في ذلك زيادة للعقول.
ومنها: ما تنتجه الاستشارة من الرأي: المصيب، فإن المشاور لا يكاد يخطئ في فعله، وإن أخطأ أو لم يتم له مطلوب، فليس بملوم، فإذا كان الله يقول لرسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو أكمل الناس عقلا وأغزرهم علما، وأفضلهم رأيا-: {وشاورهم في الأمر} فكيف بغيره؟!

وهم مع عزمهم وشروعهم في ماعزموا عليه متوكلين على ربهم فيما عزموا عليه
والتوكل :عمل قلبي عظيم بل هو نصف الإيمان وعلامة صدق الإيمان وهو اعتماد القلب بكليته على الله تعالى في استجلاب النفع أو دفع الضر مع الأخذ بالأسباب الممكنة المباحة شرعية كانت أو كونية
وليعلم المتوكل أنه باستشارته يفعل ما أمر به ويسد على نفسه بابا عظيما للشيطان عليه حين يأتيه فيقول لو أنك فعلت كذا أو كذا وهذه إحدى فوائد الأخذ بالأسباب والتوفيق من الله وحده
ثم رغب الله تعالى في التوكل أشد الترغيب بقوله {إن الله يحب المتوكلين} وفيه دليل على أننا مأمورون به وينبغي علينا المسارعة في تحقيقه بالقلب ثقة في الله واعتمادا عليه وحده وتفويض الأمور كلها إليه وانتظار الفرج منه وحده وعدم التعويل على أسباب أو أشخاص فإنه لامانع لما أعطى ولامعطى لما منع ولاينفع ذا الجد منه الجد وحده
وفي تحقيق التوكل اعتراف العبد بالتوحيد وبكمال القدرة الإلهية وشدة الافتقار والحاجة إليه سبحانه وهو الوصف البشرى اللازم لهم شدة الفقر والحاجة لخالقهم وباريهم وأنه لاغنى لهم عنه طرفة عين ألبتة
اللهم ارزقنا حسن الخلق والرحمة بالخلق وبأنفسنا وألهما العمل بالشورى وارزقنا حسن التوكل عليك في الأمور كلها
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
المصادر:
-الطبري
-البغوى
-ابن كثير
-المنار
-القاسمى
-ابن عاشور
-الرازى
-ابن القيم من الرسالة التبوكية
-الآلوسي
-ابن عطية

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 رمضان 1439هـ/16-05-2018م, 07:45 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

: قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)} بالأسلوب المقاصدي.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ،ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

هذه الآية جاءت لبيان سبب الهزيمة الخفي ،وهو بسبب معاصيهم السابقة وهذا من شؤون المعصية، فبينت السبب ليحذر المؤمنين من الذنوب ومن شؤمها عليهم .
فالمعصية تجر معصية أخرى ؛لذلك علينا الحذر من المعاصي وهي سبب لتسلط الشيطان ووسوسته أيضا .
قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}.
فمن أسباب هزيمة المسلمين يوم أحد عندما خالف بعض من الصحابة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم واستعجلوا بالأخذ من الغنائم، وكان ذلك بسبب ذنب آخر وخطيئة أخرى وقعوا فيها سابقا ، فالسيئة تجر السيئة .
فهذه الآية نزلت في جماعة من الصحابة فروا من العدو .
فقال قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان} [الآية: 155]
قال عبد بن حميد حدثنا يوسف بن بهلول عن عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق قال: قال عكرمة مولى ابن عباس جاءت فاختة بنت غزوان امرأة عثمان بن عفان ورسول الله وعلي يغسلان السلاح من الدماء فقالت ما فعل ابن عفان أما والله لا تجدونه الأم القوم فقال لها علي ألا إن عثمان فضح الذمار اليوم فقال له رسول الله مه وكان ممن ولى دبره يومئذ عثمان بن عفان وسعد بن عثمان وعقبة بن عثمان إخوان من الأنصار من بني زريق حتى
بلغوا الجلعب فرجعوا بعد فقالت فقال لهم رسول الله لقد ذهبتم بها عريضة قال الله تعالى إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم الآية.
وأخرج سنيد عن حجاج بن محمد عن ابن جريج قال: قال عكرمة إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان نزلت في رافع بن المعلى وغيره من الأنصار وفي أبي حذيفة بن عتبة وآخر ولقد عفا الله عنهم إذ لم يعاقبهم). [العجاب في بيان الأسباب: 2/774]
واختلفوا في الأعيان الذين نزلت فيهم الآية على قولين :
القول الأول : هم كل من ولى الدبر من المشركين بأحد، وهو قول قتادة والربيع وعاصم بن كليب عن أبيه وذكره ابن جرير وابن عطية والماوردي والقرطبي والألوسي .
وقول قتادة رواه ابن جرير من طريق سعيدٌ، عن قتادة.
وأما قول الربيع فواه ابن جرير من طريق عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع.
وأما قول عاصم بن كليب فرواه ابن جرير من طريق أبو بكر بن عياش عن عاصم بن كليب عن أبيه .
وهو تفسير مبني على أن التولي هو الإدبار من اللغة ، وذكر ذلك الحميري في شمس العلوم ، وهو مبني أيضا على التفسير بلازم المعنى .
القول الثاني : أنهم من هرب إلى المدينة وقت الهزيمة وهو قول وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن المسيب والسدي وأبي مليكة النهدي وذكره ابن جرير ومكي بن أبي طالب وابن عطية والماوردي والقرطبي والألوسي .
وأما قول عبد الرحمن بن عوف فرواه أبو حاتم من طريق عن أبي عونٍ، عن المسور بن مخرمة، عن عبد الرّحمن بن عوفٍ.
وقول سعيد بن المسيب رواه البزار والهيثمي من طريق علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب.
و قول السدي فرواه ابن جرير من طريق أسباطٌ، عن السّدّيّ.
وأما قول أبي مليكة النهدي فرواه الفزازي من طريق هانئ بن قيس عن حبيب بن أبي مليكة النهدي.
وهذا التفسير مبني على تفسير التولي بالإنصراف وهو الفرار ، كما في قوله تعالى : ( ماولاهم عن قبلتهم ) أي ما صرفهم ، وذكر ذلك الحميري في شمس العلوم .

فالراجح أنهم ناس من الصحابة فروا من العدو .
فقد روى البخاري من طريق أبو حمزة عن عثمان بن موهب والامام احمد من طريق أبو عوانة عن عثمان بن موهب :قال جاء رجل حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال من هؤلاء القعود قالوا هؤلاء قريش قال من الشيخ قالوا ابن عمر فأتاه فقال إني سائلك عن شيء أتحدثني قال أنشدك بحرمة هذا البيت أتعلم أن عثمان بن عفان فر يوم أحد قال نعم قال فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهدها قال نعم قال فتعلم أنه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال نعم قال فكبر قال ابن عمر تعال لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فإنه لو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان بن عفان لبعثه مكانه فبعث عثمان وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى هذه يد عثمان فضرب بها على يده فقال هذه لعثمان اذهب بهذا الآن معك.

والمراد ب(يوم التقى الجمعان) هو يوم أحد حين التقى المسلمين بالمشركين ، وقد ذكر ذلك ابن جرير والبغوي وابن عطية وابن الجوزي والقرطبي والألوسي والشوكاني .
وقوله ( منكم ) : هنا الجار والمجرور متعلق بمحذوف وهو المسلمون .
وقوله ( الجمعان ): ( أل ) هنا للعهد ، وهو اسم جمع وقد ثني لأنه أريد به النوع ، كما ذ كر ذلك أبو حيان وابن السمين ، والمراد به به جمع المشركين وجمع المؤمنين ، وذكر ذلك ابن جريروابن الجوزي وأبو حيان وابن السمين .
فالشيطان يوسوس الناس لييستدرجهم ويوقعهم في الزلل، فلذلك علينا الحذر من وساوس الشيطان .
فقوله تعالى ( إنما استزلهم الشيطان ) : ف( إنما ) أصلها ( إن ) و ( ما الكافة ) ، واستزل : زيادة السين على لفظ الزلل يدل على طلب الزلة وهي للتأكيد ،و( استزل ) على وزن كما ذكر ذلك ابن جرير والزمخشري وابن عاشور .
والزلة هي الخطيئة ، كما ذكر ذلك ابن جريرو البغوي و القرطبي .

لكن اختلفوا على معنى ( استزل ) بزيادة السين على قولين :
القول الأول : استدعى وتعجل أن يزلوا ، وهو قول ذكره ابن قتيبة وابن جرير و النحاس والبغوي وابن عطية والقرطبي و الألوسي والزبيدي .
وهو قول مبني على وزن ( استفعل ) ، وفي اللغة استفعل تدل على الطلب ، ومبني على التفسير بلازم بعض المعنى المعنى .
قال ابن عطية : ( ت : 542ه): واستزل معناه: طلب منهم أن يزلوا، لأن ذلك هو مقتضى وسوسته وتخويفه.
قال جمال الدين محمد بن عمرو ـ : ( 930ه) : اسْتَفْعَلَ بزيادةِ همزةِ الوصلِ وَالسينِ وَالتاءِ، وَهوَ للطَّلَبِ؛ كَـ (اسْتَغْفَرَ رَبَّهُ) وَاسْتَعَانَهُ؛ أيْ: سَأَلَهُ المَغْفِرَةَ وَالإِعانةَ.
القول الثاني : حملهم على الزلة ، وهو قول ذكره مكي بن أبي طالب و البغوي .
وهذا القول مبني على أن استزل من أزل ، والتي تكون بمعنى حملها على الزلل ، وهو مبني على بعض اشتقاق الكلمة .
والقول الثاني بمعنى واحد ، فاستزل وأزل لهما نفس المعنى كما ذكر ذلك أبو حيان .
فقال أبو حيان ( ت: 745ه) : واستزل هنا استفعل للطلب ، أي طلب منهم الزلل ودعاهم إليه ؛ لأن ذلك هو مقتضى وسوسته وتخويفه . هكذا قالوه ، ولا يلزم من طلب الشيء واستدعائه حصوله ، فالأولى أن يكون استفعل هنا بمعنى أفعل ، فيكون المعنى : أزلهم الشيطان ، فيدل على حصول الزلل ، ويكون استزل وأزل بمعنى واحد ، كاستبان وأبان ، واستبل وأبل.
وقال الراغب الأصفهاني في غريب القرآن ( ت : 502ه) : (الزَّلَّةُ في الأصل: استرسال الرّجل من غير قصد، يقال: زَلَّتْ رِجْل تَزِلُّ، والْمَزِلَّةُ: المكان الزّلق، وقيل للذّنب من غير قصد: زَلَّةٌ، تشبيها بزلّة الرّجل. قال تعالى: فَإِنْ زَلَلْتُمْ
[البقرة/ 209] ، فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ.
[البقرة/ 36] ، واسْتَزَلَّهُ: إذا تحرّى زلّته، وقوله: إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ [آل عمران/ 155] ، أي: استجرّهم الشّيطان حتى زلّوا، فإنّ الخطيئة الصّغيرة إذا ترخّص الإنسان فيها تصير مسهّلة لسبيل الشّيطان على نفسه.) انتهى .
و الشيطان عدو للإنسان ولكن لا يتسلط على الإنسان إلا بسبب الذنوب فذلك علينا الحذر من الذنوب .
ولذلك قال الله تعالى ( إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ) ، فسبب وقوعهم في الخطأ هو بسبب الذنوب ، ولكن ذكر الشيطان لأنه طرف .
فقال ابن عطية ( ت : 542ه) : (ويحتمل لفظ الآية أن تكون الإشارة في قوله: "ببعض ما كسبوا" إلى هذه العبرة، أي: كان للشيطان في هذا الفعل الذي اكتسبوه استزلال لهم، فهو شريك في بعضه.).
والباء في قوله ( ببعض ) : سببية ، ذكره الألوسي وابن عاشور .
فالمراد ب(كسبوا) وهي الذنوب كما ذكر ذلك ابن جرير والبغوي وابن عطية والماوردي والقرطبي وابن كثير
واختلفوا في سبب الفرار :
القول الأول : محبتهم للغنيمة وحرصهم على الحياة.، وهذا القول ذكره ابن عطية والماوردي وابن الجوزي .
وهو قول مبني على التفسير ببعض المعنى .
القول الثاني : استزلهم بذكر خطايا سلفت لهم ، وكرهوا القتل قبل إخلاص التوبة منها، وهذا قول ذكره الزجاج و ابن عطية و الماوردي والزمخشري وابن الجوزي والألوسي
وهذا قول مبني على التفسير ببعض المعنى .
فالله تعالى يعفو عن الذنوب مهما كانت مالم يأتي بالشرك ، كما قال الله تعالى : ( إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون لمن يشاء ) ، وأما في هذه الآية ذكر عن الفرار وهو من الكبائر فهي مادون الشرك ، فهذه الآية دالة على غفران الله للكبائر ، فعلينا المبادرة بالتوبة والإستغفار من الذنوب لأن رحمة الله واسعة .
في الحديث الصحيح رواه الشيخان البخاري ، ومسلم في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اجتنبوا السبع الموبقات - يعني المهلكات - ) ، قلنا: وما هن يا رسول الله ؟ ، قال : ( الشرك بالله ، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) .
فقوله تعالى ( ولقد عفا الله عنهم ) : فهذا اخبار عن عن عفو الله للمذنين ، ( لقد ) اللام واقعة في جواب القسم المحذوف، وقد لتحقيق و تفيد التوكيد ، و( عفا ) : جاءت فعل ماضي ، وأضيفت إلى لفظ الجلالة ، فلذلك فالعفو من صفات الله .
ومعنى العفو :
قال ابن منظور في لسان العرب ( ت : 711ه) : العفو وهو فعول من العفو ، وهو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه ، وأصله المحو والطمس.
وقوله ( إن الله غفور حليم ) :وختم الآية بالغفران والحلم ، فالغفور والحليم اسمان من أسماء الله ، وفي ختمها بالإسمين بيان كمال صفاته ، فبسبب حلمه على العباد رغم ذنوبهم العظيمة أعطاهم الفرص وأمهل عليهم ليستغفروا له فيغفر لهم أو ليكفرهم عنهم بمكفرات أخرى ، فعلينا الاستغفار والتوبة من الذنوب .
وقال البقاعي في تناسب الآيات والدرر( ت 885ه) : وختم ذلك ببيان علته مما هو أهله من الغفران؛ والحلم؛ فقال - معيدا للاسم الأعظم؛ تنبيها على أن الذنب عظيم؛ والخطر بسببه جسيم؛ فلولا الاشتمال على جميع صفات الكمال؛ لعوجلوا بأعظم النكال.
وقال عبد الرحمن السعدي في تيسير الكريم الرحمن ( ت :1889ه) إن الله غفور للمذنبين الخطائين بما يوفقهم له من التوبة والاستغفار، والمصائب المكفرة، حليم لا يعاجل من عصاه، بل يستأني به، ويدعوه إلى الإنابة إليه، والإقبال عليه) . انتهى .
فعلينا الحذر من هذه الذنوب لما تجره من ذنب آخر، فالحسنة تقول أختي أختي والسيئة تقول أختي أختي ، وإذا أذنبنا فلنسارع للتوبة وعمل الصالحات ؛لأن الحسنات يذهبن السيئات ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) ، وإذا لم يتدارك العبد نفسه فإنه يتعرض لمصائب وابتلاءات ليرجع إليه سبحانه ، قال تعالى : ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) .

قال ابن القيم في مدارج السالكين( ت :751ه) : أن المعصية لا بد أن تؤثر أثرا سيئا ولا بد إما هلاكا كليا ، وإما خسرانا وعقابا يعقبه إما عفو ودخول الجنة ، وإما نقص درجة ، وإما خمود مصباح الإيمان ، وعمل التائب في رفع هذه الآثار والتكفير ، وعمل المطيع في الزيادة ، ورفع الدرجات .

ولهذا كان قيام الليل نافلة للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، فإنه يعمل في زيادة الدرجات ، وغيره يعمل في تكفير السيئات ، وأين هذا من هذا ؟ .).انتهى .

أسأل الله أن ينفعكم بهذه الرسالة ويعفو عنا ويتجاوز عنا إنه هو الغفور الرحيم .



========================
المراجع :
صحيح البخاري
تفسير أبي حاتم
تفسير ابن عطية
تفسير الطبري
تفسير ابن السمين
تفسير الألوسي
التحرير والتنوير لابن عاشور
تفسير البغوي
شمس العلوم للحميري
الهداية في بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب
كشف الأستار عن زوائد البزار
مرويات الإمام أحمد في التفسير
تفسير البحر المحيط لأبو حيان
فتح الأقفال وحل الإشكال بشرح لامية الأفعال
النكت والعيون للماوردي
غريب القرآن للأصفهاني .
تفسير غريب القرآن لابن قتيبة .
تفسير ابن كثير
تاج العروس للزبيدي .
معاني القرآن للزجاج
معاني القرآن للنحاس
أحكام القرآن للقرطبي
فتح القدير للشوكاني
تناسب الآيات والدرر للبقاعي .
مدارج السالكين لابن القيم
لسان العرب لابن منظور
العجاب في بيان الأسباب.
مسند البزار
السير لابي اسحاق الفزاري
مجمع الزوائد للهيثمي
مسند الإمام أحمد

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 4 رمضان 1439هـ/18-05-2018م, 12:40 PM
هناء هلال محمد هناء هلال محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 663
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم العاشر من تفسير آل عمران

أكتب رسالة تفسيرية في قوله تعالى : (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم ) بالأسلوب المقاصدي

بعد أن بين سبحانه في الآية السابقة مرتبة حق اليقين بقوله (قل لو كنتم في بيوتكم) انتقل إلى مرتبة الأسباب الظاهرة التي أدت إلى أنهم لم يثبتوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد - حين ألتقى الجمعان المؤمنون والمشركون – ، ثم فتح لهم باب عفوه فهو الغفور الحليم .
ولا شك أن هذا البيان له أثر على تزكية النفوس وتحبيب الله ورسوله للمؤمنين ، وتنفيرهم من الشيطان ، ومن معصية الله ورسوله .
وقوله (تولوا) من التولي الذي هو هنا بمعنى الإدبار ، وقد اختلف أهل التفسير في الذين تولوا ، فمنهم من قال هم الرماة الذين تركوا الجبل لأخذ الغنائم ، ومنهم من قال هم الذين لم يثبتوا في القتال وانحازوا إلى الجبل أو رجعوا إلى المدينة ، وقيل بل هم الذين رجعوا إلى المدينة خاصة ، وقيل بل هم أشخاص بأعينهم .
والراجح أن الآية تشمل جميع من تولى يوم أحد ، والدليل على ذلك أن عثمان بن عفان رضي الله عنه عوتب على توليه يوم أحد فقال : إن ذلك خطأ عفا الله عنه .
وهذا التولي والإعراض عن طاعة الله سبحانه وإن كان يشمل ما سبق ، فإنه ينسحب على كل من تولى عن طاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم في كافة ما أمر به ، واجتناب من نهى عنه .
وقوله تعالى (إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا)
اختلف المفسرون في معنى (استزلهم الشيطان) ، فقال بعضهم أن (الهمزة والسين والتاء) تدل على الطلب ، ويكون المعنى أن الشيطان طلب أن يزلوا ببعض ما كسبوا فهو مقتضى وسوسته وتخويفه ، وقال بعضهم : (السين والتاء) للتأكيد ، ويكون المعنى أزلهم أي جعلهم زالين ، ولا يحسن الحمل على الطلب لأن المقصود لومهم على وقوعهم في معصية الرسول صلى الله عليه وسلم فهو زلل واقع .
وقوله (ببعض ما كسبوا) : قيل : الباء في (ببعض) على أصلها ويكون الزلل الذي وقع هو التولي عن القتال ، وقيل بل الباء للسببية فيكون بعض ما كسبوا كان سببا لزلتهم سواء كانت الطمع في الغنائم ، أو بعض ما كسبوا من السيئات من قبل كما قال تعالى : (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم)
فالآية تبين لنا سنة من سنن الله تعالى وهي أن المصائب التي تعرض للبشر هي من آثار الذنوب والمعاصي ، وهذه السنة واضحة متوافقة مع كثير من آيات الكتاب العزيز ، وهي عامة في عقوبات الدنيا والآخرة .
وكما توضح الآية أسباب الانهزام في القتال ، فهي توضح أسباب الانهزام أمام الشيطان ، وأمام الهوى فكل هذا بشؤم المعاصي
كما تثبت الآية أن للشيطان تسلط وتأثير على العبد حتى في عمله الصالح كالجهاد ، وتمكنه من العبد يكون بفعل بعض الذنوب ، ولو أطاع العبد ربه ما تسلط عليه كما قال تعالى : (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) .
قال ابن القيم رحمه الله : "إن الأعمال جند للعبد وجند عليه ، ولا بد للعبد في كل وقت من سرية من نفسه تهزمه أو تنصره ، فهو يمد عدوه بأعماله من حيث يظن أنه يغزو عدوه " .
ومن هدايات الآية الكريمة
- أن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ، ومن جزاء السيئة السيئة بعدها كما قال بعض السلف .
- كما أن وعد الله للمؤمنين بالنصر على عدوهم مشروط بعدم عصيانهم أو رغبتهم في الدنيا ، فالمعاصي من أسباب فوات النصر الذي وعد به سبحانه في قوله (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا) فطاعة الله من أعظم أسباب النصر ، ومعصيته من أعظم أسباب الخذلان والهزيمة .
- وفي الآية رد على الجبرية بقوله (ببعض ما كسبوا) ، وكذا رد على المرجئة الذين يقولون أنه لا يضر مع الإيمان معصية .
- وتوضح الآية أيضا انهزام أهل الكلام والفرق الضالة بسبب عقائدهم الفاسدة أمام حجة وأدلة أهل السنة والجماعة .
وقوله تعالى : (ولقد عفا الله عنهم)
يخبر الله سبحانه وتعالى أنه عفا عن الذين تولوا في هذا اليوم ، وهذا العفو يشمل أيضا الذين ثبتوا كما هو الراجح من أقوال أهل العلم ، وهذا العفو يوضح أن من سنة الله أن بعض زلات البشر لا يؤاخذون بها ولا يعاقبون عليها برحمته وحلمه سبحانه .
وتأكيد الله سبحانه للعفو عنهم متوافق مع مقاصد القرآن الكريم في آيات عديدة ، فمن فعل المعاصي وتاب وندم فتح له باب التوبة لتطهير النفس من دنس المعاصي فهو سبحانه غفور رحيم ، كقوله تعالى : (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) .
ومن هدايات الآية الكريمة بيان فضل الصحابة ، واعتقاد عدالتهم جميعا ، وأنهم ليسوا معصومين وإنما بشر يجوز عليهم المعصية والخطأ ، ولكن لهم من شرف الصحبة والسبق للإسلام ما يكون سببا في العفو عنهم والتجاوز عن سيئاتهم ، لاسيما إن كانت هذه السيئات كما قال الزجاج : التولي لم يكن عن معاندة ولا رغبة في الدنيا وإنما ذكرهم الشيطان ببعض الخطايا فكرهوا لقاء الله إلا على حال يرضونها .
وقوله (إن الله غفور حليم)
فنجد أن ختم الآية يناسب المقام ، فهو سبحانه غفور يستر الذنوب ويتجاوز عن المؤاخذة بها ، وهو سبحانه حليم يمهل عباده ليتوبوا فلا يعجل لهم العقوبة .

المراجع :
تفسير ابن جرير
تفسير الزجاج
تفسير الماوردي
تفسير البغوي
تفسير ابن عطية
تفسير القرطبي
تفسير ابن كثير
تفسير الألوسي
تفسير ابن عاشور
تفسير السعدي
التفسير الكبير للرازي
تفسير الحاوي للقماش

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 5 رمضان 1439هـ/19-05-2018م, 11:22 AM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

تعديل :

: قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)} بالأسلوب المقاصدي.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ،ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

هذه الآية جاءت لبيان سبب الهزيمة الخفي ،وهو بسبب معاصيهم السابقة وهذا من شؤون المعصية، فبينت السبب ليحذر المؤمنين من الذنوب ومن شؤمها عليهم .
فالمعصية تجر معصية أخرى ؛لذلك علينا الحذر من المعاصي وهي سبب لتسلط الشيطان ووسوسته أيضا .
قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}.
فمن أسباب هزيمة المسلمين يوم أحد عندما خالف بعض من الصحابة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم واستعجلوا بالأخذ من الغنائم، وكان ذلك بسبب ذنب آخر وخطيئة أخرى وقعوا فيها سابقا ، فالسيئة تجر السيئة .
فهذه الآية نزلت في جماعة من الصحابة فروا من العدو .
فقال قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان} [الآية: 155]
قال عبد بن حميد حدثنا يوسف بن بهلول عن عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق قال: قال عكرمة مولى ابن عباس جاءت فاختة بنت غزوان امرأة عثمان بن عفان ورسول الله وعلي يغسلان السلاح من الدماء فقالت ما فعل ابن عفان أما والله لا تجدونه الأم القوم فقال لها علي ألا إن عثمان فضح الذمار اليوم فقال له رسول الله مه وكان ممن ولى دبره يومئذ عثمان بن عفان وسعد بن عثمان وعقبة بن عثمان إخوان من الأنصار من بني زريق حتى
بلغوا الجلعب فرجعوا بعد فقالت فقال لهم رسول الله لقد ذهبتم بها عريضة قال الله تعالى إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم الآية.
وأخرج سنيد عن حجاج بن محمد عن ابن جريج قال: قال عكرمة إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان نزلت في رافع بن المعلى وغيره من الأنصار وفي أبي حذيفة بن عتبة وآخر ولقد عفا الله عنهم إذ لم يعاقبهم). [العجاب في بيان الأسباب: 2/774]
واختلفوا في الأعيان الذين نزلت فيهم الآية على قولين :
القول الأول : هم كل من ولى الدبر من المشركين بأحد، وهو قول قتادة والربيع وعاصم بن كليب عن أبيه .
وقول قتادة رواه ابن جرير من طريق سعيدٌ، عن قتادة.
وأما قول الربيع فواه ابن جرير من طريق عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع.
وأما قول عاصم بن كليب فرواه ابن جرير من طريق أبو بكر بن عياش عن عاصم بن كليب عن أبيه ، فعاصم بن كليب قال عنه يحيى بن معين : ثقة وكذلك قال النسائي ، وأما أبو بكر بن عياش فقد ذكر عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء وقال : (قال عنه يحيى بن معين : ثقة . وقال غير واحد : إنه صدوق ، وله أوهام . وقال أحمد : كان يحيى بن سعيد لا يعبأ بأبي بكر ، وإذا ذكر عنده ، كلح وجهه ).

وقال الذهبي أيضا : (وروى مهنا بن يحيى ، عن أحمد بن حنبل ، قال : أبو بكر كثير الغلط جدا ، وكتبه ليس فيها خطأ) .

وهذا القول مبني على معناه من بعض المعاني اللغوية للتولي ، فمبني على أن التولي هو الإدبار من اللغة ، وذكر ذلك الحميري في شمس العلوم ، وهو مبني أيضا على التفسير بلازم المعنى .
القول الثاني : أنهم في أشخاص مخصوصين ممن هرب إلى المدينة وقت الهزيمة وهو قول وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن المسيب والسدي وأبي مليكة النهدي
وأما قول عبد الرحمن بن عوف فرواه أبو حاتم من طريق عن أبي عونٍ، عن المسور بن مخرمة، عن عبد الرّحمن بن عوفٍ، فمسور بن مخرمة قال عنه يحي بن معين أنه ثقة ، وأما أبي عون فقال عنهعثمان بن سعيد : (سألت ابن معين عن ابن عون فقال : هو في كل شيء ثقة ).

وقول سعيد بن المسيب رواه البزار والهيثمي من طريق علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب، وعلي بن زيد قال عنه الذهبي أنه سيء الحفظ ، و قال الترمذي : (صدوق ، وكان ابن عيينة يلينه).
و قول السدي فرواه ابن جرير من طريق أسباطٌ، عن السّدّيّ، والسدي الكبير مختلف فيه ، فقال عنه الإمام أحمد في العلل ومعرفة الرجال أنه ضعيف ، وقال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء : (قال النسائي : صالح الحديث ، وقال يحيى بن سعيد القطان : لا بأس به) ، ولكن أسباط بن نصر ، قال عنه أبو حاتم : (سمعت أبا نعيم ، يضعف أسباط بْن نصر) ، وقال : (أحاديثه عامته سقط مقلوب الأسانيد).

وأما قول أبي مليكة النهدي فرواه الفزازي من طريق هانئ بن قيس عن حبيب بن أبي مليكة النهدي، وأبو مليكة النهدي ذكره ابن حبان في الثقات .
وهذا مبناه على معنى آخر للتولي في اللغة، أن التولي بالإنصراف وهو الفرار ، كما في قوله تعالى : ( ماولاهم عن قبلتهم ) أي ما صرفهم ، وذكر ذلك الحميري في شمس العلوم .

فالخلاصة في هذا أن القولين صحيحين لكن القول الثاني قيد العموم وحدد من هم الأشخاص ، فلذلك الراجح أنه يشمل ناس مخصوصين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ممن فروا من العدو ، و لدلالة الحديث الصحيح على ذلك الذي رواه البخاري على التعيين ، وهو قول رجحه ابن جرير .
فقد روى البخاري من طريق أبو حمزة عن عثمان بن موهب والامام احمد من طريق أبو عوانة عن عثمان بن موهب قال : ( جاء رجل حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال من هؤلاء القعود قالوا هؤلاء قريش قال من الشيخ قالوا ابن عمر فأتاه فقال إني سائلك عن شيء أتحدثني قال أنشدك بحرمة هذا البيت أتعلم أن عثمان بن عفان فر يوم أحد قال نعم قال فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهدها قال نعم قال فتعلم أنه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال نعم قال فكبر قال ابن عمر تعال لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فإنه لو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان بن عفان لبعثه مكانه فبعث عثمان وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى هذه يد عثمان فضرب بها على يده فقال هذه لعثمان اذهب بهذا الآن معك) .
وأما معنى التولي في اللغة ، فالمعنين متقاربين لأنهما من المترادفات فالإدبار هو الإنصراف والفرار .

والمراد ب(يوم التقى الجمعان) هو يوم أحد حين التقى المسلمين بالمشركين ، وقد ذكر ذلك ابن جرير والبغوي وابن عطية وابن الجوزي والقرطبي والألوسي والشوكاني .
وقوله ( منكم ) : هنا الجار والمجرور متعلق بمحذوف وهو المسلمون .
وقوله ( الجمعان ): ( أل ) هنا للعهد ، وهو اسم جمع وقد ثني لأنه أريد به النوع ، كما ذ كر ذلك أبو حيان وابن السمين ، والمراد به به جمع المشركين وجمع المؤمنين ، وذكر ذلك ابن جريروابن الجوزي وأبو حيان وابن السمين .
فالشيطان يوسوس الناس لييستدرجهم ويوقعهم في الزلل، فلذلك علينا الحذر من وساوس الشيطان .
فقوله تعالى ( إنما استزلهم الشيطان ) : ف( إنما ) أصلها ( إن ) و ( ما الكافة ) ، واستزل : زيادة الألف والسين والتاء على لفظ الزلل يدل على طلب الزلة وهي للتأكيد ،و( استزل ) على وزن ،كما ذكر ذلك ابن جرير والزمخشري وابن عاشور .
والزلة هي الخطيئة ، كما ذكر ذلك ابن جريرو البغوي و القرطبي .

لكن اختلفوا على معنى ( استزل ) بزيادة الألف والسين والتاء على قولين :
القول الأول : استدعى وتعجل أن يزلوا ، وهو قول ذكره ابن قتيبة وابن جرير و النحاس والبغوي وابن عطية والقرطبي و الألوسي والزبيدي .
وهو قول مبني على وزن ( استفعل ) ، وفي اللغة استفعل تدل على الطلب ، ومبني على التفسير بلازم بعض المعنى .
قال ابن عطية : ( ت : 542ه): واستزل معناه: طلب منهم أن يزلوا، لأن ذلك هو مقتضى وسوسته وتخويفه.
قال جمال الدين محمد بن عمرو ـ : ( 930ه) : اسْتَفْعَلَ بزيادةِ همزةِ الوصلِ وَالسينِ وَالتاءِ، وَهوَ للطَّلَبِ؛ كَـ (اسْتَغْفَرَ رَبَّهُ) وَاسْتَعَانَهُ؛ أيْ: سَأَلَهُ المَغْفِرَةَ وَالإِعانةَ.
القول الثاني : حملهم على الزلة ، وهو قول ذكره مكي بن أبي طالب و البغوي .
وهذا القول مبني على أن استزل من أزل ، والتي تكون بمعنى حملها على الزلل ، وهو مبني على بعض اشتقاق الكلمة .
والقول الثاني بمعنى واحد ، فاستزل وأزل لهما نفس المعنى كما ذكر ذلك أبو حيان .
فقال أبو حيان ( ت: 745ه) : واستزل هنا استفعل للطلب ، أي طلب منهم الزلل ودعاهم إليه ؛ لأن ذلك هو مقتضى وسوسته وتخويفه . هكذا قالوه ، ولا يلزم من طلب الشيء واستدعائه حصوله ، فالأولى أن يكون استفعل هنا بمعنى أفعل ، فيكون المعنى : أزلهم الشيطان ، فيدل على حصول الزلل ، ويكون استزل وأزل بمعنى واحد ، كاستبان وأبان ، واستبل وأبل.
وقال الراغب الأصفهاني في غريب القرآن ( ت : 502ه) : (الزَّلَّةُ في الأصل: استرسال الرّجل من غير قصد، يقال: زَلَّتْ رِجْل تَزِلُّ، والْمَزِلَّةُ: المكان الزّلق، وقيل للذّنب من غير قصد: زَلَّةٌ، تشبيها بزلّة الرّجل. قال تعالى: فَإِنْ زَلَلْتُمْ
[البقرة/ 209] ، فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ.
[البقرة/ 36] ، واسْتَزَلَّهُ: إذا تحرّى زلّته، وقوله: إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ [آل عمران/ 155] ، أي: استجرّهم الشّيطان حتى زلّوا، فإنّ الخطيئة الصّغيرة إذا ترخّص الإنسان فيها تصير مسهّلة لسبيل الشّيطان على نفسه.) انتهى .
و الشيطان عدو للإنسان ولكن لا يتسلط على الإنسان إلا بسبب الذنوب فذلك علينا الحذر من الذنوب .
ولذلك قال الله تعالى ( إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ) ، فسبب وقوعهم في الخطأ هو بسبب الذنوب ، ولكن ذكر الشيطان لأنه طرف .
فقال ابن عطية ( ت : 542ه) : (ويحتمل لفظ الآية أن تكون الإشارة في قوله: "ببعض ما كسبوا" إلى هذه العبرة، أي: كان للشيطان في هذا الفعل الذي اكتسبوه استزلال لهم، فهو شريك في بعضه.).
والباء في قوله ( ببعض ) : سببية ، ذكره الألوسي وابن عاشور .
فالمراد ب(كسبوا) وهي الذنوب كما ذكر ذلك ابن جرير والبغوي وابن عطية والماوردي والقرطبي وابن كثير
واختلفوا في سبب الفرار :
القول الأول : محبتهم للغنيمة وحرصهم على الحياة.، وهذا القول ذكره ابن عطية والماوردي وابن الجوزي .
وهذا مبناه على التفسير ببعض المعنى .
القول الثاني : استزلهم بذكر خطايا سلفت لهم ، وكرهوا القتل قبل إخلاص التوبة منها، وهذا قول ذكره الزجاج و ابن عطية و الماوردي والزمخشري وابن الجوزي والألوسي
وهذا مبناه على التفسير ببعض المعنى أيضا .
فالله تعالى يعفو عن الذنوب مهما كانت مالم يأتي بالشرك ، كما قال الله تعالى : ( إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون لمن يشاء ) ، وأما في هذه الآية ذكر عن الفرار وهو من الكبائر فهي مادون الشرك ، فهذه الآية دالة على غفران الله للكبائر ، فعلينا المبادرة بالتوبة والإستغفار من الذنوب لأن رحمة الله واسعة .
في الحديث الصحيح رواه الشيخان البخاري ، ومسلم في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اجتنبوا السبع الموبقات - يعني المهلكات - ) ، قلنا: وما هن يا رسول الله ؟ ، قال : ( الشرك بالله ، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) .
فقوله تعالى ( ولقد عفا الله عنهم ) : فهذا اخبار عن عن عفو الله للمذنين ، ( لقد ) اللام واقعة في جواب القسم المحذوف، وقد لتحقيق و تفيد التوكيد ، و( عفا ) : جاءت فعل ماضي ، وأضيفت إلى لفظ الجلالة ، فلذلك فالعفو من صفات الله .
ومعنى العفو :
قال ابن منظور في لسان العرب ( ت : 711ه) : العفو وهو فعول من العفو ، وهو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه ، وأصله المحو والطمس.
وقوله ( إن الله غفور حليم ) :وختم الآية بالغفران والحلم ، فالغفور والحليم اسمان من أسماء الله ، وفي ختمها بالإسمين بيان كمال صفاته ، فبسبب حلمه على العباد رغم ذنوبهم العظيمة أعطاهم الفرص وأمهل عليهم ليستغفروا له فيغفر لهم أو ليكفرهم عنهم بمكفرات أخرى ، فعلينا الاستغفار والتوبة من الذنوب .
وقال البقاعي في تناسب الآيات والدرر( ت 885ه) : وختم ذلك ببيان علته مما هو أهله من الغفران؛ والحلم؛ فقال - معيدا للاسم الأعظم؛ تنبيها على أن الذنب عظيم؛ والخطر بسببه جسيم؛ فلولا الاشتمال على جميع صفات الكمال؛ لعوجلوا بأعظم النكال.
وقال عبد الرحمن السعدي في تيسير الكريم الرحمن ( ت :1889ه) إن الله غفور للمذنبين الخطائين بما يوفقهم له من التوبة والاستغفار، والمصائب المكفرة، حليم لا يعاجل من عصاه، بل يستأني به، ويدعوه إلى الإنابة إليه، والإقبال عليه) . انتهى .
فعلينا الحذر من هذه الذنوب لما تجره من ذنب آخر، فالحسنة تقول أختي أختي والسيئة تقول أختي أختي ، وإذا أذنبنا فلنسارع للتوبة وعمل الصالحات ؛لأن الحسنات يذهبن السيئات ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) ، وإذا لم يتدارك العبد نفسه فإنه يتعرض لمصائب وابتلاءات ليرجع إليه سبحانه ، قال تعالى : ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) .

قال ابن القيم في مدارج السالكين( ت :751ه) : أن المعصية لا بد أن تؤثر أثرا سيئا ولا بد إما هلاكا كليا ، وإما خسرانا وعقابا يعقبه إما عفو ودخول الجنة ، وإما نقص درجة ، وإما خمود مصباح الإيمان ، وعمل التائب في رفع هذه الآثار والتكفير ، وعمل المطيع في الزيادة ، ورفع الدرجات .

ولهذا كان قيام الليل نافلة للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، فإنه يعمل في زيادة الدرجات ، وغيره يعمل في تكفير السيئات ، وأين هذا من هذا ؟ .).انتهى .

أسأل الله أن ينفعكم بهذه الرسالة ويعفو عنا ويتجاوز عنا إنه هو الغفور الرحيم .



========================
المراجع :
صحيح البخاري
تفسير أبي حاتم
تفسير ابن عطية
تفسير الطبري
تفسير ابن السمين
تفسير الألوسي
التحرير والتنوير لابن عاشور
تفسير البغوي
شمس العلوم للحميري
الهداية في بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب
كشف الأستار عن زوائد البزار
مرويات الإمام أحمد في التفسير
تفسير البحر المحيط لأبو حيان
فتح الأقفال وحل الإشكال بشرح لامية الأفعال
النكت والعيون للماوردي
غريب القرآن للأصفهاني .
تفسير غريب القرآن لابن قتيبة .
تفسير ابن كثير
تاج العروس للزبيدي .
معاني القرآن للزجاج
معاني القرآن للنحاس
أحكام القرآن للقرطبي
فتح القدير للشوكاني
تناسب الآيات والدرر للبقاعي .
مدارج السالكين لابن القيم
لسان العرب لابن منظور
العجاب في بيان الأسباب.
مسند البزار
السير لابي اسحاق الفزاري
مجمع الزوائد للهيثمي
مسند الإمام أحمد
سير أعلام النبلاء للذهبي
العلل ومعرفة الرجال لإمام أحمد
تهذيب الكال للمزي
تهذيب التهذيب لابن حجر

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 8 شوال 1439هـ/21-06-2018م, 11:47 PM
شيماء طه شيماء طه غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 318
افتراضي

رسالة في قوله تعالى "فبما رحمة من الله لنت لهم."
الحمد لله والصلاة والسلام على الرحمة المهداة نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أما بعد
فلقد أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين قال تهعالى "وما أرسلناك ألا رحمة للعالمين."
فهو رحمة للأنسلاوالجن مؤمنهم وكافرهم يدعوهم الى الله ليخرجهم من الظلمات الى النور
قال تعالى له "قل يا أيها الناس اني رسول الله اليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض."
فهو صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وحجة على خلقه أجمعين وهو منة من الله على المؤمنين
وقد من الله تعالى بهذا النبي بمكارم الأخلاق فلا يحصى من دخل في الاسلام بسبب كرم خلقه صلى الله عليه وسلم من جود أو كرم وعفو وصفح وحلم ورحمة.
ومن تتبع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وجد أنه يلازم الخلق الحسن في جميع أحواله
فأقبل الناس ودخلوا في دينه أفواجا بفضل الله ثم بفضل حسن خلقه
ولقد تنوعت خطابات القرآن فتارة
ثناءا على خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقال تعالى "وانك لعلى خلق عظيم"
وتارة يمتن عليه وعلى المؤمنين حيث أودع الله في قلبه الرحمة واللين فقال تعالى "فبما رحمة الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك."
ففي الآية يخاطب الله رسوله صلى الله عليه وسلم ممتنا عليه وعلى المؤمنين فيما ألان به قلبه على أمته المتبعين لأمره التاركين لزجره
"فبما رحمة من الله لنت لهم أي بأي شيء جعلك الله لهم لينا لولا رحمة الله بك وبهم.
قال الحسن البصري هذا خلق النبي صلى الله عليه وسلم بعثه الله به."

فبرحمة الله لك ولأصحابك من الله عليك أن ألنت لهم جانبك وخفضت لهم جناحك وترققت عليهم وحسنت لهم خلقك
فاجتمعوا عليك وأحبوك وامتثلوا أمرك.
"ولو كنت فظا." أي سيئ الخلق.
"غليظ القلب." أي قاسي.
"لانفضوا من حولك." لأن هذا ينفرهم ويبغضهم لمن قام به هذا الخلق السيئ.
فالخلق الحسن من الرئيس في الدين تجذب الناس الى دين الله وترغبهم فيه مع ما لصاحبه من المدح والثواب الخاص.
والأخلاق السيئة من الرئيس في الدين تنفر الناس عن الدين مع ما لصاحبها من الذم والعقاب.
فهذا الرسول المعصوم صلى الله عليه وسلم يقول الله له ما يقول فكيف بغيره؟؟؟
أليس من أوجب الواجبات وأهم المهمات الاقتداء به وبأخلاقه الكريمةومعاملة الناس بما يعاملهم به صلى الله عليه وسلم من اللي وحسن الخلق امتثالا لأمر اللله وجذبا لعباد الله الى دين الله.
حري بنا أن نقتدي به في جميع شؤونننا قال تعالى "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر."
اللهم ارزقنا حسن الخلق وحسن الاقتداء بنبيك صلى الله عليه وسلم أنك على كل شيء قدير.
والحمد لله رب العالمين.
المراجع:
تفسير ابن كثير

تفسير القرطبي
التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور.
تفسير السعدي.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 9 شوال 1439هـ/22-06-2018م, 06:21 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم العاشر من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 153-171)


أحسنتم، بارك الله فيكم وأحسن إليكم.
كما تعلّمنا في مقرر "أساليب التفسير" أن الأصل في كتابة الرسالة التفسيرية هو تفسير الآية، ومعنى التفسير أن يبيّن معنى الآية تفصيليّا وتشرح مسائلها، وألا نقتصر على مسألة واحدة أو مسائل قليلة من مسائل الآية.
لذا كانت الخطوة الأولى في إعداد أيّ رسالة هي استخلاص مسائل الآية محلّ الشرح، غير أن نوع الأسلوب المختار في كتابة الرسالة -كما درسنا سابقا- يحتّم التصرّف في بعض المسائل وكيفية عرضها بالصورة الملائمة له، فنختصر في تناول بعض المسائل ونتوسّع في البعض الآخر، لكن يبقى الأصل هو تفسير الآية وعدم إغفال مسائلها المتّصلة بالأسلوب المختار.




تفسير قوله تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم} الآية بالأسلوب الوعظي.

1: بدرية صالح ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- أوصيك بكثرة قراءة الرسائل المكتوبة بهذا الأسلوب لتحسينه وضبط عباراته.
- توجد كلمات متشابكة في بعض المواضع صعّبت من قراءة الرسالة، فيرجى مراجعة العمل جيدا قبل اعتماده.
- قلتِ: "وتثبيط وتمكين" والظاهر أنها "تثبيت".



2: أمل يوسف أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- لو ذكرتِ قصة أمامة بن أثال بتمامها لكان ذلك أحسن تأثيرا، فإن التفصيل في الاستشهاد على حسن خلق النبي -صلى الله عليه وسلم- بما ورد في السيرة من الأمور التي تزيد الأسلوب الوعظي تأثيرا ونفعا، وليس مجرّد الإشارة.
وهذه توصية عامّة للأسلوب الوعظيّ وهي العناية بالشواهد من القرآن والحديث والسيرة والتاريخ وحتى الشعر، لما لذلك من تأثير قويّ على القلب في قبول هدايات الآية والانتفاع بها.


3: شيماء طه د
بارك الله فيك ونفع بك.
اقتصرتِ على تفسير جزء من الآية وفاتك أكثرها.
والراجح في أسلوب الآية أنه خبر وليس استفهام، وأن "ما" زائدة غير عاملة أفادت التوكيد، والمعنى: فبرحمة من الله لنت لهم.



تفسير قوله تعالى: {إن الذين تولّوا منكم يوم التقى الجمعان} الآية بالأسلوب المقاصدي.

4: هناء هلال د
بارك الله فيك ونفع بك.
- مدخلك للرسالة ليس مناسبا، لأن القاريء لا يفهم قصدك بمرتبة حق اليقين ولا من هم الذين لم يثبتوا يوم أحد، فتجب الإشارة أولا إلى قصة وقعة أحد وسبب تولّي من تولّى من الصحابة -رضوان الله عليهم- والآيات التي نزلت فيهم ثم التفصيل في تفسير الآية موضوع الرسالة مقاصديا بعد أن ربطناها بالسياق الذي وردت فيه.
والأسلوب المقاصدي في الرسالة ضعيف، بل يغلب عليها الأسلوب العلمي في تفسير الآية، وقد ذكر شيخنا -حفظه الله- سبع نقاط في تحسين وتجويد الأسلوب المقاصدي أرجو مراجعتها ومحاولة تطبيقها.
والأسلوب المقاصدي من الأساليب الواسعة وقد لا يفي به ما يذكر في تفسير الآية موضوع الرسالة فقط، بل يحتاج إلى اطّلاع أوسع لجمع ما يتّصل بمقاصد الآية من مواضع أخرى.



5: هيا أبو داهوم ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- في تعيين من تولّى يوم أحد قلتِ في القول الأول: "كل من ولّى الدبر من المشركين" والصواب: المسلمين.
وأثني على مجهودك الواضح في هذه الرسالة وكثرة مراجعك وسعة اطّلاعك، لكن هذا السمت في الكتابة أعني حصر الأقوال وتخريجها وتوجيهها ونقدها هو من خصائص أسلوب التقرير العلمي، لأننا في الأسلوب المقاصدي نركّز على فقه مقاصد الآيات والانتفاع بهداياتها، لذلك نختصر كثيرا في عرض الخلاف والمسائل التي لا تتّصل بهدف الرسالة إلا فيما لابد منه لخدمة هذا الهدف، وقصدي من الاختصار لا يعني إغفال هذه المسائل بالكليّة وإنما نذكر منها ما نحتاجه ونختصر ما لا يضرّ اختصاره.
ولم يفتكِ التعرّض لمقصد الآية في نهاية الرسالة والذي لا شك كان سيصبح أفضل لولا انشغالك بالتقرير العلمي في معظم الرسالة.
وأوصيك بما أوصيت به الأستاذة هناء من مراجعة درس الأسلوب المقاصدي ومحاولة تطبيقه على هذه الآية والتي أرجو أن تنتج رسالة قيّمة إذا ما عني بها هذه العناية من الاجتهاد وسعة الاطّلاع، كما أوصيك بقراءة المثال الذي كتبه الشيخ -حفظه الله- وتأمّله جيدا ومحاولة محاكاته.
- توجد بعض الملاحظات على تحرير المسائل وتوجيه الأقوال أرجو أن تتاح الفرصة لبيانها في موضع آخر، وفقك الله.




رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11 شوال 1439هـ/24-06-2018م, 01:56 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

‎قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} بالأسلوب الوعظي.
بِسْم الله الرحمن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوكل عليه ونرجو رحمته ونخاف عذابه ونثني عليه الخير كله ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين ،الموصوف بالصفات الحميدة والاخلاق المجيدة
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أمابعد :
فإن الرحمة واللين أخلاق إسلامية رفيعة لا يتخلق بها إلا من وفقه الله لذلك وهي تدل على كرم صاحبها ونُبله، وتقديره لمشاعر الآخرين، ومعاونتهم والتخفيف عنهم، ولِين الجانب لهم، وقد بلَغ منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم الدرجة القُصوى، فكان - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا بالكبير والصغير، بالرجال والنساء، حتى بالحيوانات والطيور، وبكل ما يحيط به، وصدق الله العلي العظيم إذ يقول: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]، وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]، وقال - سبحانه -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، إلى غير ذلك من الآيات التي تُثبت صفة الرحمة في أرْوَع صُوَرها وأعلاها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم.
وقد بينت هذه الآية الكريمة هذا الخلق الرفيع الذي تعامل به الحبيب صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ،فقال تعالى :( فبما رحمة من الله لِنت لهم) فخاطب المولى عز وجل حبيبه بهذا الخطاب الرفيع الدال على الامتنان على عبده وصفيه بأن وفقه للاتصاف بهذا الخلق الكريم وهو خلق اللين الذي تكسب القلوب به وتلين وفِي هذا مدح له وبيان لجميل أوصافه ،وقد قال عليه الصلاة و السلام فيماروت عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :أنه قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانهُ، ولا ينزعُ من شيءٍ إلا شانهُ» رواه مسلم.
وسبب نزول هذه الاية الكريمة :
أن القوم لما انهزموا عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ثم عادوا لم يخاطبهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتغليظ والتشديد ، وإنما خاطبهم بالكلام اللين .
واللِّينُ هُنا مَجازٌ في سِعَةِ الخَلْقِ مَعَ أُمَّةِ الدَّعْوَةِ والمُسْلِمِينَ، وفي الصَّفْحِ عَنْ جَفاءِ المُشْرِكِينَ، وإقالَةِ العَثَراتِ. ودَلَّ فِعْلُ المُضِيِّ في قَوْلِهِ لِنْتَ عَلى أنَّ ذَلِكَ وصْفٌ تَقَرَّرَ وعُرِفَ مِن خُلُقِهِ، وأنَّ فِطْرَتَهُ عَلى ذَلِكَ بِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ إذْ خَلَقَهُ كَذَلِكَ و(﴿اللَّهُ أعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالاتِهِ﴾ [الأنعام: 124])، فَخُلُقُ الرَّسُولِ مُناسِبٌ لِتَحْقِيقِ حُصُولِ مُرادِ اللَّهِ تَعالى مِن إرْسالِهِ، لِأنَّ الرَّسُولَ يَجِيءُ بِشَرِيعَةٍ يُبَلِّغُها عَنِ اللَّهِ تَعالى، فالتَّبْلِيغُ مُتَعَيَّنٌ لا مُصانَعَةَ فِيهِ، ولا يَتَأثَّرُ بِخُلُقِ الرَّسُولِ، وهو أيْضًا مَأْمُورٌ بِسِياسَةِ أُمَّتِهِ بِتِلْكَ الشَّرِيعَةِ، وتَنْفِيذِها فِيهِمْ، وهَذا عَمَلٌ لَهُ ارْتِباطٌ قَوِيٌّ بِمُناسَبَةِ خُلُقِ الرَّسُولِ لِطِباعِ أُمَّتِهِ حَتّى يُلائِمَ خُلُقَهُ الوَسائِلُ المُتَوَسَّلُ بِها لِحَمْلِ أُمَّتِهِ عَلى الشَّرِيعَةِ النّاجِحَةِ في البُلُوغِ بِهِمْ إلى مُرادِ اللَّهِ تَعالى مِنهم.كما ذكر ابن عاشور رحمه الله في تفسيره .
وعقب المولى عز وجل بقوله :( ولو كنت فظّا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) فنفى عن الحبيب الفضاضة وهي : سوء الخلق والجفاء في الطبع وكذلك نفى عنه الغلظة وهي : قسوة القلب ، وفِي هذا ذم لهذه الأخلاق التي يجب على كل داعية ومسلم الابتعاد عنهما وتجنبها لأنهما وسيلتان للتنفير والتبغيض والانفضاض عن الدعوة والتمسك بالشرع ، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان قدوة وأسوة حسنة يقتدى بها إلى يوم الدين ،فكان مثالا للاخلاق الكريمة ،وفِي سيرته شواهد كثيرة على رحمته ولين طبعه ومن هذه الشواهد :
رحمته صلى الله عليه وسلم بأهله ،وذلك عندما رُمِيت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في عِرْضها، وتكلم الناس فيها شهرًا، وكان عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين هو من يُروِّج لذلك، فيبْلُغ الكلامُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، يبلغه ذلك في حق زوجه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، فما يتكلم صلى الله عليه وسلم بشيء في حقِّها، وما رماها صلى الله عليه وسلم بشيء مما يتكلم به الناس، إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتأذى من ذلك، ويُرى ذلك في وجهه صلى الله عليه وسلم، وما قال لها إلا كلمات يسيرة، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عائِشةُ، إِنّهُ بلغنِي عنْكِ كذا وكذا، فإِنْ كُنْتِ برِيئةً، فسيُبرِّئُكِ اللَّهُ، وإِنْ كُنْتِ ألْممْتِ بِذنْبٍ فاسْتغْفِرِي اللّه وتُوبِي إِليْهِ، فإِنَّ الْعبْد إِذا اعْترف ثُمَّ تابَ تابَ اللَّهُ عليْهِ»
بل تعدت رحمته للحيوانات والجماد وقد ظهر هذا في هذه الأحاديث الشريفة :
يقول سهل بن الحنظلية رضي الله عنه، مَرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لَحِق ظهرُه ببطنِه، فقال: «اتَّقُوا اللَّهَ فِى هذِهِ الْبهائِمِ الْمُعْجمةِ فارْكبُوها وكُلُوها صالِحةً ».
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته، فرأينا حُمَّرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الْحُمّرةُ فجعلت تفرش – أي ترفرف بجناحيها – فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «مَنْ فَجَعَ هذِهِ بِولدِها؟! رُدُّوا ولدها إِليْها».
ولقد وصف عبد الله بن عمرو بن العاص النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (إنه ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي السيئة بمثلها، ولكن يعفو ويصفح) . وكان عليه الصلاة والسلام لا يثير غيظه شيء، ويداري الناس إلا أن يكون في المداراة حق مضيع،وروت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض ).
وبعد مدح الله عز وجل لنبيه ونفي الأخلاق السيئة عنه ، أرشده إلى ما ينفع أصحابه وأمته ويصلح حالهم فقال :(فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر )
فالعفو عن الخطأ عند المقدرة على العقاب من أنبل الأخلاق ، قال تعالى :( والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) فسمى الله العافين عن الناس محسنين والاحسان هو أعلى مراتب الإيمان .
قالَ صاحِبُ ”الكَشّافِ“: ﴿فاعْفُ عَنْهُمْ﴾ فِيما يَتَعَلَّقُ بِحَقِّكَ ﴿واسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ فِيما يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعالى.
وظاهِرُ الأمْرِ لِلْوُجُوبِ، والفاءُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاعْفُ عَنْهُمْ﴾ يَدُلُّ عَلى التَّعْقِيبِ، فَهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّهُ تَعالى أوْجَبَ عَلَيْهِ أنْ يَعْفُوَ عَنْهم في الحالِ، وهَذا يَدُلُّ عَلى كَمالِ الرَّحْمَةِ الإلَهِيَّةِ حَيْثُ عَفا هو عَنْهم، ثُمَّ أوْجَبَ عَلى رَسُولِهِ أنْ يَعْفُوَ في الحالِ عَنْهم.كما ذكر البقاعي رحمه الله .
( واستغفر لهم ) بعد العفو عن حقه صلى الله عليه وسلم يأتي الاستغفار لهم ليعفو الله عنهم كذلك ،واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم ودعاؤه لهم مستجاب ،قال تعالى : ( ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابارحيما) النساء 64
ففي عفوه صلى الله عليه وسلم واستغفار لهم رحمة كبيرة بهم وشفقة عليهم من أن يمسهم عذاب الله ، ولَم يقف الأمر عند هذا الحد بل أمره الرحمن الرحيم أن يشاورهم أيضا في الأمور التي ليس فيها نص شرعي وتقبل للاجتهاد وهذا سبب آخر لجبر خواطرهم .
قال ابن عاشور رحمه الله :
فَتَعَيَّنَ أنَّ المُشاوَرَةَ المَأْمُورَ بِها هُنا هي المُشاوَرَةُ في شُئُونِ الأُمَّةِ ومَصالِحِها، وقَدْ أمَرَ اللَّهُ بِها هُنا ومَدَحَها في ذِكْرِ الأنْصارِ في قَوْلِهِ تَعالى وأمْرُهم شُورى بَيْنَهم واشْتَرَطَها في أمْرِ العائِلَةِ فَقالَ فَإنْ أرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنهُما وتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما. فَشَرَعَ بِهاتِهِ الآياتِ المُشاوَرَةَ في مَراتِبِ المَصالِحِ كُلِّها: وهي مَصالِحُ العائِلَةِ ومَصالِحِ القَبِيلَةِ أوِ البَلَدِ، ومَصالِحِ الأُمَّةِ.
ومن الأمثلة على مشاورتهم :
1-شاورهم فِي أُحُدٍ فِي أَنْ يَقْعُدَ فِي الْمَدِينَةِ أَوْ يَخْرُجَ إِلَى الْعَدْوِّ، فَأَشَارَ جمهُورُهم بِالْخُرُوجِ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ.
2-وَشَاوَرَهُمْ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي مُصَالَحَةِ الْأَحْزَابِ بِثُلُثِ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ عَامَئِذٍ، فَأَبَى عَلَيْهِ ذَلِكَ السَعْدَان: سعدُ بْنُ مُعَاذٍ وسعدُ بْنُ عُبَادة، فَتَرَكَ ذَلِكَ.
-3وَشَاوَرَهُمْ يومَ الحُدَيبية فِي أَنْ يَمِيلَ عَلَى ذَرَاري الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ لَهُ الصديق: إنا لم نجيءلِقِتَالِ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، فَأَجَابَهُ إِلَى مَا قَالَ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ: هَلْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَوْ مِنْ بَابِ النَّدْبِ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ.
ومِن أحْسَنِ ما قِيلَ في الشُّورى قَوْلُ بَشّارِ بْنِ بُرْدٍ:
إذا بَلَغَ الرَّأْيُ المَشُورَةَ فاسْتَعِنْ ∗∗∗ بِحَزْمِ نَصِيحٍ أوْ نَصِيحَةِ حازِمِ
ولا تَحْسَبِ الشُّورى عَلَيْكَ غَضاضَةً ∗∗∗ مَكانُ الخَوافِي قُوَّةٌ لِلْقَوادِمِ

(فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين )و العَزْمُ هو تَصْمِيمُ الرَّأْيِ عَلى الفِعْلِ. ويكون العزم على أمر من الأمور بعد الاستشارة فيه، إن كان يحتاج إلى استشارة ،وبعد العزم يأتي التوكل على الله مباشرة ﴿فتوكل على الله﴾ أي: اعتمد على حول الله وقوته، متبرئا من حولك وقوتك، ﴿إن الله يحب المتوكلين﴾ عليه، اللاجئين إليه، وحقيقة التوكل الاعتماد ، وهو عَلامَةُ صِدْقِ الإيمانِ، وفِيهِ مُلاحَظَةُ عَظَمَةِ اللَّهِ وقُدْرَتِهِ، واعْتِقادُ الحاجَةِ إلَيْهِ، وعَدَمُ الِاسْتِغْناءِ عَنْهُ، وهَذا أدَبٌ عَظِيمٌ مَعَ الخالِقِ يَدُلُّ عَلى مَحَبَّةِ العَبْدِ رَبَّهُ فَلِذَلِكَ أحَبَّهُ اللَّهُ.
وثمرة هذه الأية الكريمة كما قال بعض المفسرين :
وقال بعض المفسرين : ثمرة الآية وجوب التمسك بمكارم الأخلاق وخصوصا لمن يدعو إلى الله تعالى ويأمر بالمعروف.
أسأله تعالى أن يجعلنا وإياكم من المتصفين بالاخلاق الكريمة المقتدين بصاحب الخلق الرفيع صلى الله عليه وسلم ويوفقنا لذلك ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
المصادر :
تفسر ابن كثير
تفسير ابن عطية
تفسير السعدي
تفسير الكشاف
تفسير المنار
زهرة التفاسير
تفسير ابن عاشور
تفسير القاسمي
تفسير النسفي
شبكة الألوكة

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 14 شوال 1439هـ/27-06-2018م, 04:30 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم..


فاطمة الزهراء أحمد أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 17 ذو الحجة 1439هـ/28-08-2018م, 07:50 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي



رسالة تفسيرية وعظية في قوله تعالى:
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران : 159]
....
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى:(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران : 159]
يخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بمنة من مننه عليه وعلى المؤمنين ، فقال:(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ )أي برحمة من الله ، عظيمة واسعة فياضة ، منّ عليك وعليهم بأن ألان جانبك لصحابتك وخفض جناحك لهم ، ووسع خلقك لهم ، في كل أحوالك .
(وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ )أي لو كنت سيء الخلق جافٍ قاسي القلب ، فنفى الله تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم هذه الصفات بعد أن بين أنه أكرمه باللين وخفض الجناح ، قال الحسن البصري : هذا خلق محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله به .
بل كان من أخلاقه صلّى الله عليه وسلّم مداراة الناس إلا أن يكون في المداراة حق مضيع فعن عائشة رضى الله عنها، قالت: (قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن الله أمرنى بمداراة الناس كما أمرنى بإقامة الفرائض).
(لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ) أي : لتفرقوا عنك ، ونفروا منك ، ولم ينقادوا لك .
( فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) ثم أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ، بما وفقه له من لين ورحمة أن يعفو عمن أساء إليه ، أو خالف أمره ، وأن يطلب من الله يغفر لهم عما يبدر منهم من خطأ أو ذنب .
(وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ )وطلب منه أن يستشيرهم فيما يقدم عليه من أمر تأليفاً لقلوبهم وجمعاً لكلمتهم .قال الحسن: ما أمر الله- تعالى- نبيه بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم، وإنما أراد أن يعلمهم ما في المشاورة من الفضل وليقتدى به أمته من بعده.
(فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) ثم أمره إذا عزم على أمر بعد الإستشارة أن يوكل أمره إلى الله ويعتمد عليه ، في بلاغ ذلك الأمر وتفويضه الأمر له سبحانه ، والثقة به ، والتبرء من الحول والقوة.
(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) يحب المتوكلين المفوضين الأمر إليه ، لأن ذلك دليل على الإفتقار إليه ، وعدم الاستغناء عنه ، رغم التشاور والعزم على تنفيذ الأمر ،إلا إنه مفتقر لربه ليوفقه ويسدده ويعينه.
فوائد الآية :
في هذه الآية الفذة ، جماع آداب وسلوكيات ، المربي والمعلم مع من تحت يده والتي تتخلص في الآتي:
1- ليكن لين الجانب وسهولة الخلق وسعته ، جبلة المربي ، وأصل خُلقه ودثاره، فما كان الرفق واللين في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه، فبهذا الخلق ، يمتلك المعلم والمربي قلوب من تحت يده ، وهذا الخلق من أبرز سمات نجاح المربي .
2-البعد عن سوء الخلق سواء بالقول أو الفعل ، فلا يكون المربي فضاً بقوله ، فيكسر قلوب المربين ، أو يخدشها بالتعنيف ، وكثرة اللوم والتوبيخ ، ولا يكون غليظ القلب قاسي كالصخر ، لا يرحم ضعيفاًولا يحنو على صغير ولا يعذر صاحب خطأ ، بل يتسع خلقه وقوله وقلبه لكل أولئك وغيرهم، فهو يسعى لهدف عالٍ ، وبناءا شامخاً ، يجب إحكام بنائه وأساسة وهذا لا يكون بالفضاضة والقسوة ، فإنه سرعان ما يتهدم بناؤه ، ويخيب رجاؤه.
3- على المربي أن يكون قلبه صافياً كصفاء الزجاج ، لا يحمل عتباً على أحد فضلا أن يحمل كرهاً أو حقداً ، بل يعفو لمن أخطأ عليه ، ويسامح ، بل يجازي بالسيئة حسنة ، بأن يستغفر لمن أذنب بحقه ، كما يستغفر لمن قصر أو أذنب بحق ربه ، فهو يحمل همّ من تحت يديه ،يؤلمه وقوعهم بالذنب أو التقصير فيبادر إلى ربه يرجوه أن يغفر لهم ويتوب عليهم ، ليكونوا صالحين .
4- المشاركة في البناء أساس النجاح والتوفيق ، فاليد الواحدة لا تصفق ، وكذلك المربي أو المعلم ، إذا انفرد بنفسه ليبني ويشيد صرح النجاح، في أولئك المتربون ، لن يفلح ، أو لن يحقق ذروة الفلاح ، فلابد من التشاور في خطوات النجاح بين المربي والمتربون ، فكم من مشورة ضعيف أو آحاد من الناس كانت سبباً لإدراك المعالي ، فلا يستهين المربي بمن تحت يده ، فكم من تلميذ فاق معلمة .
5- إذا لاح بارق الصواب في الرأي فعلى المربي المبادرة للعمل والعزم على ذلك وعدم التواني ، ويعقد ذلك العزم بالإعتماد على الله وتفويض الأمر إليه ، والتبرؤ من الحول والقوة ، فهو مدبر الأمور سبحانه ومصرفها .
6- أعلم أيها المربي أن الله يحب المتوكلين ، لأن توكل العبد ، دليل على فقره وعدم استغناؤه عن ربه ، ومحبته لمدبر أمره ، فحضي بمحبة ربه ، ويالسعادة من رزق تلك المحبة .
هذه بعض من معاني هذه الآية يستنير بها كل مربي من أب أو أم أو معلم ، ليحقق ما يرجوه من ثمار تلك التربية .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك
المراجع
فسير ابن جرير وابن كثير وابن سعدي والطاهر عاشور وطنطاوي؟

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 17 ذو الحجة 1439هـ/28-08-2018م, 07:50 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي



رسالة تفسيرية وعظية في قوله تعالى:
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران : 159]
....
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى:(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران : 159]
يخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بمنة من مننه عليه وعلى المؤمنين ، فقال:(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ )أي برحمة من الله ، عظيمة واسعة فياضة ، منّ عليك وعليهم بأن ألان جانبك لصحابتك وخفض جناحك لهم ، ووسع خلقك لهم ، في كل أحوالك .
(وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ )أي لو كنت سيء الخلق جافٍ قاسي القلب ، فنفى الله تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم هذه الصفات بعد أن بين أنه أكرمه باللين وخفض الجناح ، قال الحسن البصري : هذا خلق محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله به .
بل كان من أخلاقه صلّى الله عليه وسلّم مداراة الناس إلا أن يكون في المداراة حق مضيع فعن عائشة رضى الله عنها، قالت: (قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن الله أمرنى بمداراة الناس كما أمرنى بإقامة الفرائض).
(لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ) أي : لتفرقوا عنك ، ونفروا منك ، ولم ينقادوا لك .
( فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) ثم أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ، بما وفقه له من لين ورحمة أن يعفو عمن أساء إليه ، أو خالف أمره ، وأن يطلب من الله يغفر لهم عما يبدر منهم من خطأ أو ذنب .
(وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ )وطلب منه أن يستشيرهم فيما يقدم عليه من أمر تأليفاً لقلوبهم وجمعاً لكلمتهم .قال الحسن: ما أمر الله- تعالى- نبيه بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم، وإنما أراد أن يعلمهم ما في المشاورة من الفضل وليقتدى به أمته من بعده.
(فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) ثم أمره إذا عزم على أمر بعد الإستشارة أن يوكل أمره إلى الله ويعتمد عليه ، في بلاغ ذلك الأمر وتفويضه الأمر له سبحانه ، والثقة به ، والتبرء من الحول والقوة.
(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) يحب المتوكلين المفوضين الأمر إليه ، لأن ذلك دليل على الإفتقار إليه ، وعدم الاستغناء عنه ، رغم التشاور والعزم على تنفيذ الأمر ،إلا إنه مفتقر لربه ليوفقه ويسدده ويعينه.
فوائد الآية :
في هذه الآية الفذة ، جماع آداب وسلوكيات ، المربي والمعلم مع من تحت يده والتي تتخلص في الآتي:
1- ليكن لين الجانب وسهولة الخلق وسعته ، جبلة المربي ، وأصل خُلقه ودثاره، فما كان الرفق واللين في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه، فبهذا الخلق ، يمتلك المعلم والمربي قلوب من تحت يده ، وهذا الخلق من أبرز سمات نجاح المربي .
2-البعد عن سوء الخلق سواء بالقول أو الفعل ، فلا يكون المربي فضاً بقوله ، فيكسر قلوب المربين ، أو يخدشها بالتعنيف ، وكثرة اللوم والتوبيخ ، ولا يكون غليظ القلب قاسي كالصخر ، لا يرحم ضعيفاًولا يحنو على صغير ولا يعذر صاحب خطأ ، بل يتسع خلقه وقوله وقلبه لكل أولئك وغيرهم، فهو يسعى لهدف عالٍ ، وبناءا شامخاً ، يجب إحكام بنائه وأساسة وهذا لا يكون بالفضاضة والقسوة ، فإنه سرعان ما يتهدم بناؤه ، ويخيب رجاؤه.
3- على المربي أن يكون قلبه صافياً كصفاء الزجاج ، لا يحمل عتباً على أحد فضلا أن يحمل كرهاً أو حقداً ، بل يعفو لمن أخطأ عليه ، ويسامح ، بل يجازي بالسيئة حسنة ، بأن يستغفر لمن أذنب بحقه ، كما يستغفر لمن قصر أو أذنب بحق ربه ، فهو يحمل همّ من تحت يديه ،يؤلمه وقوعهم بالذنب أو التقصير فيبادر إلى ربه يرجوه أن يغفر لهم ويتوب عليهم ، ليكونوا صالحين .
4- المشاركة في البناء أساس النجاح والتوفيق ، فاليد الواحدة لا تصفق ، وكذلك المربي أو المعلم ، إذا انفرد بنفسه ليبني ويشيد صرح النجاح، في أولئك المتربون ، لن يفلح ، أو لن يحقق ذروة الفلاح ، فلابد من التشاور في خطوات النجاح بين المربي والمتربون ، فكم من مشورة ضعيف أو آحاد من الناس كانت سبباً لإدراك المعالي ، فلا يستهين المربي بمن تحت يده ، فكم من تلميذ فاق معلمة .
5- إذا لاح بارق الصواب في الرأي فعلى المربي المبادرة للعمل والعزم على ذلك وعدم التواني ، ويعقد ذلك العزم بالإعتماد على الله وتفويض الأمر إليه ، والتبرؤ من الحول والقوة ، فهو مدبر الأمور سبحانه ومصرفها .
6- أعلم أيها المربي أن الله يحب المتوكلين ، لأن توكل العبد ، دليل على فقره وعدم استغناؤه عن ربه ، ومحبته لمدبر أمره ، فحضي بمحبة ربه ، ويالسعادة من رزق تلك المحبة .
هذه بعض من معاني هذه الآية يستنير بها كل مربي من أب أو أم أو معلم ، ليحقق ما يرجوه من ثمار تلك التربية .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك
المراجع
تفسير ابن جرير وابن كثير وابن سعدي والطاهر عاشور وطنطاوي

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م, 12:27 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم ..

مضاوي الهطلاني ب
بارك الله فيك ونفع بك.
الأسلوب الوعظي في الرسالة ضعيف، وهي أقرب إلى بيان مختصر لمعاني الآية الكريمة، مع ذكر بعض فوائدها.
والظاهر أن الرسالة كتبت على عجل، فالأستاذة مضاوي من أفضل من يكتب هذا النوع من الرسائل، يسّر الله أمرك.
والواجب في الرسائل الوعظية -كما هو معلوم- إبراز هدايات الآية مدعّمة بالشواهد المتنوّعة والتي تزيد من تأثير الخطاب الوعظي، فلو أنك استشهدتِ من السيرة على هذا الخلق النبويّ الرفيع لكان للرسالة أحسن الأثر على القلب، ولعلك تراجعين رسالة الأستاذة فاطمة الزهراء إضافة إلى درس الأسلوب الوعظي، وفقك الله.
- يلاحظ عدم توثيق الأحاديث والآثار.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 22 شوال 1441هـ/13-06-2020م, 12:13 PM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

اكتب رسالة تفسيرية في واحد مما يلي:

2 : قوله تعالى: (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) بالأسلوب البياني.

الحمد الله الذي أنزل القرآن العظيم بأحسن بيان، وجعله هدى ورحمة للمؤمنين على مدى الأزمان، بارك في ألفاظه ومعانيه، وجعل جماع العلوم فيه،
من تأمله انبهر بلطائفه البديعة، ومعانيه البليغة ، أبهر الفصحاء بيانه، وأدهش العلماء بلاغته وحسن نظامه ،
لتأثير آياته سحر عجيب ، ولتدبر أمره ونهيه وعقل معانيه شيء رهيب ، من عمل به نجى ، ومن أعرض عنه ضل وشقى
قال ابن عطية رحمه الله : ( كتاب الله لو نُزِعَت منه لفظةٌ ثم أديرَ لسانُ العربِ في أن يوجدَ أحسنَ منها لم يوجد) .

وفي هذه الآية الجليلة من البلاغة والبيان ما ظهر بعضه للمتأملين وخفي أكثره لضعف الملكة وقصور الآلة والتعبير .
*مناسبة الاية لما قبلها :
لما نهى الله المؤمنين عن أن يكونوا كحال الذين كفروا أو يشابهوا مقالتهم في شأن من مات في سفر أو غزو؛ بين لهم ثمرة ما حثهم عليه ليكون مرغباً لهم ومحفزاً .
*مقصد الآية :
تحقير لأمر الدنيا وحض على طلب الشهادة وذلك باليقين الجازم بموعود الله.
*المعنى الأجمالي للآية :
يخبر الرب عز وجل خبرمؤكداً بالقسم بأن من يقتل في سبيله أو يموت فإن ما ينتظره من مغفرة تمحو ما كان من ذنوبه وسيئاته ورحمة ترفع درجاته خير له مما يجمع الذين يحرصون على الحياة ليتمتعوا بالشهوات واللذات، إذ لا يليق بالمؤمنين الذين يؤثرون مغفرة الله ورحمته الدائمة على الحظوظ الفانية أن يتحسروا على من يقتل منهم أو يموت في سبيل الله، ويودوا لو لم يكونوا خرجوا من دورهم إلى حيث لقوا حتفهم فإن ما يلقونه بعد هذا الحتف خير مما كانوا فيه قبله.
وكما قيل :
فَإنْ تَكُنِ الأَبْدَانُ لِلْمَوْتِ أنْشِئَتْ فَمَقْتَلُهَا بالسَّيْفِ فِي اللهِ أفْضَلُ

*المسائل البيانية في الآية :
*قوله تعالى :( وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)
قوله: (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ)
في هذه الآية الجليلة يخاطب الله المؤمنين قائلا لهم: مغفرة الله خير لكم من الأموال التي تجمعونها في الدنيا.
*وَلَئِنْ ..
ورد في معنى "الواو" قولان :
*الأول : أنها معطوفة على عَلى قوله :(لا تَكُونُوا كالَّذِينَ كَفَرُوا وعَلى قَوْلِهِ واللَّهُ يُحْيِي ويُمِيتُ) . ذكره ابن عاشور .
*الثاني : أنها استئنافية مسوقة لتقرير أن ما تحذرون وقوعه ليس مما ينبغي أن يحذر منه بل يجب أن يكون حافزا لكم على القتال ومواصلة الجهاد.
*ذكره محيي الدين درويش .
لئن : اجتمع في الجملة قسم وشرط، فحذف في الآية جواب الشرط ،وابتدأ باللام الموطئة للقسم ليدل على وجود قسم محذوف ،سدّ مسده جواب القسم المبتدأ باللام المؤكدة " لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ" قال ابن مالك :
وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطٍ وَقَسَمْ ∗∗∗ جَوَابَ مَا أَخَّرْتَ فَهْوَ مُلْتَزَمْ
وفي الإتيان بهذ اللفظ بلاغة في التعبير وزيادة في التأكيد وحثٌ على الأخلاص والمبادرة ، على ما يؤثرونه من الدنيا وما يجمعون فيها."

*مناسبة تقديم القتل على الموت في الآية :
كل لفظة في كتاب الله لها محلها المناسب، وموضعها الذي تكون فيه أبلغ ما يكون ،ومن ذلك هذه الآية التي قدم فيها القتل على الموت، لمناسبة السياق لأنه محل تحريض على القتال، ، وللعناية به وبيان فضله وشرفه..
قال الألوسي : لأنه الأكثر ثوابا والأعظم عند الله.

لمراد بقوله: "وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"
قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى:" أي: في الجهاد في سبيله، ويحتمل أن يكون أعم من ذلك، بمعنى: قتلتم في سبيل الله في الجهاد، أو قتلتم في سبيل الله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو قتلتم في سبيل الله في الدعوة إليه، أو قتلتم في سبيل الله في بيان الحق، كل هذا داخل في سبيل الله."

*مناسبة حرف العطف بينهما :
ورد حرف العطف لبيان الفرق بين من مات في الجهاد، أو متم مطلقا ،لأنه لو كان سواء لقال تعالى "ولئن قتلتم أو متم في سبيل الله"، فلما أخر (متم) عن القيد علم أنه غير مراد في الجملة الثانية ،خلاصة ما ذكره ابن عثيمين رحمه الله تعالى .
*قوله :" لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ"
مغفرة مبتدأ، و"من" متعلقة بمحذوف وقع صفة لها، ووصفت بذلك إظهارا للاعتناء بها ورمزا إلى تحقق وقوعها
ودخلت اللام في قوله:"لمغفرة من الله"، لدخولها في قوله: و"لئن"، كما قوله تعالى: (وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأدْبَارَ)
فهي جواب للقسم حسب القاعدة المقررة وهي أنه إذا اجتمع قسم وشرط فالجواب يعطى للمتقدم منهما..

*دلالة مجيء الجملة الأسمية :
تدل على ثبوت الخبر وتأكيده ليتيقن العبد ذلك ويسعى له .
*قوله :" مِنَ اللَّهِ"
في إضافة المغفرة إلى الله تعظيم لها لأنها من العظيم، وهنا يظهر لنا مناسبة اختيار هذا الاسم من بين أسماء الله تعالى لما في هذا الاسم من المهابة والإجلال والعظمة ، قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى :" في إضافة المغفرة إلى الله دلالة على عظمة هذه المغفرة؛ وذلك لأن الشيء يعظم بعظم باذله .
وحذفت صفة رحمة لدلالة المذكور عليها ،لأن نيل المغفرة من رحمة الله بعبده أن وفقه لأسبابها .
وجيئ بالمغفرةِ والرحمةِ نكرتين إيذاناً بأنَّ أَدنى خيرٍ وأقلَّ شيء خيرٌ من الدنيا وما فيها، نظير قوله: (وَرِضْوَانٌ مِّنَ الله أَكْبَرُ)

*مناسبة الجمع بين المغفرة والرحمة :
مناسبة الجمع بينهما ليكمل للإنسان سعادته؛ إذ في المغفرة النجاة من المكروه، وفي الرحمة حصول المطلوب.
وقال ابن عطية:" وتحتمل الآية أن يكون قوله "لمغفرة" إشارة إلى القتل أو الموت في سبيل الله، سمى ذلك مغفرة ورحمة إذ هما مقترنان به، ويجيء التقدير: لذلك مغفرة ورحمة، وترتفع المغفرة على خبر الابتداء المقدر، وقوله: "خير" صفة لخبر الابتداء" .
*قوله :" خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ"
أتت " خَيْرٌ" نكرة ومنونة لتعظيم هذا الخير وإظهاره وبيان كثرته وتنوعه .
وهو والله أعظم الخير وأنفعه لو وعت عقولنا وأيقنت به قلوبنا، كما قال تعالى:( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هو خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ)
*"مِمَّا يَجْمَعُونَ"
قرأ الجمهور: ”تجمعون“ بالتاء على سياق الخطاب في قوله: ولئن قتلتم" والمعنى وأن المغفرة والرحمة خير مما تجمعون أيها المؤمنون من حطام الدنيا الذي يمنع من الجهاد.
وقرأ قوم منهم حفص عن عاصم بالياء، أي خيرٌمما يجمعه الكفار المنافقون وغيرهم، من منافع الدنيا وطيباتها مدة أعمارهم، وعن ابن عباس رضي الله عنهما "خير من طلاع الأرض ذهبة حمراء"
ونلحظ أنه لم يذكر متعلق الفعل "مِمَّا يَجْمَعُونَ" ليشمل كل ما يظن أنه نعيم في هذه الدنيا فيجمع ويحرص عليه .
قال أبو السعود:" والاقتصار على بيان خيريتهما من ذلك بلا تعرض للإخبار بحصولهما لهم للإيذان بعدم الحاجة إليه بناء على استحالة التخييب منه تعالى بعد الإطماع. "

قوله تعالى:( وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ)
*مناسبة الآية لما قبلها :

لمّا رغب اللهُ تعالى المجاهدين في الآية الأُولى بمغفرته ورحمته، زاد في إعلاء الدّرجات، فرغبهم هاهنا بالحشر إليه .

*مناسبة تقديم الموت على القتل في الآية :
التقديم يدل على الاعتناء بالشيء والاهتمام بذكره،وفي هذه الآية قدم الموت على القتل بخلاف الآية السابقة وذلك لأن الآية كما قال ابن عطية : آية وعظ بالآخرة والحشر، وآية تزهيد في الدنيا والحياة، والموت المذكور فيها هو موت على الإطلاق في السبيل وفي المنزل وكيف كان، فقدم لعمومه وأنه الأغلب في الناس من القتل.

*قوله :" لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ"
- دلالة إدخال لام التأكيد في اسم الله " لَإِلَى اللَّهِ"
فيها دلالة على أن الإلهية تقتضي هذا الحشر والنشر، كما قال: ﴿إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى)
وكذلك فيها تأنيس للمؤمنين وترهيباً للغافلين .

*دلالة تقديم المعمول على العامل :
تقدم المعمول على العامل ،تفيد الحصروالأختصاص، ومعناه إلى الله يحشر جميع الخلق لا إلى غيره، وهذا يدل على أنه لا حاكم في ذلك اليوم ولا ضار ولا نافع إلا هو،كما قال تعالى: (لمن الملك اليوم لله الواحد القهار)

*مناسبة ورود اسم "الله" دون غيره :.
في ذكر هذا الاسم الذي هو أعظم الأسماء دلالة على كمال الرحمة وكمال القهر، فهو لدلالته على كمال الرحمة أعظم أنواع الوعد، ولدلالته على كمال القهر أشد أنواع الوعيد.
-قوله : "تُحْشَرُونَ" فعل ما لم يسم فاعله، مع أن الفاعل هو الله تعالى،وذلك للتعظيم وللمهابة .
قال الرازي : وإنما لم يقع التصريح به لأنه تعالى هو العظيم الكبير الذي، شهدت العقول بأنه هو الله الذي يبدئ ويعيد، ومنه الإنشاء والإعادة، فترك التصريح في مثل هذا الموضع أدل على العظمة، ونظيره قوله تعالى: ﴿وقيل ياأرض ابلعي ماءك﴾

قال ابن عاشور: وقدم القتل في الأولى والموت في الثانية اعتبارا بعطف ما يظن أنه أبعد عن الحكم فإن كون القتل في سبيل الله سببا للمغفرة أمر قريب، ولكن كون الموت في غير السبيل مثل ذلك أمر خفي مستبعد، وكذلك تقديم الموت في الثانية لأن القتل في سبيل الله قد يظن أنه بعيد عن أن يعقبه الحشر، مع ما فيه من التفنن، ومن رد العجز على الصدر وجعل القتل مبدأ الكلام وعوده.

المصادر والمراجع :
- جامع البيان لابن جرير الطبري ( 310 هـ )
- المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني ( 425 هـ )
-الهداية إلى بلوغ النهاية مكي بن أبي طالب (٤٣٧ هـ)
-النكت والعيون للماوردي ( 450 هـ)
الكشاف للزمخشري ( 538 هـ )
- المحرر الوجيز لابن عطية ( 541 هـ )
- زاد المسير في علوم التفسير لابن الجوزي ( 597 هـ)
- الكبير لفخر الدين للرازي ( 606هـ)
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ
-أنوار التنزيل و أسرار التأويل للبيضاوي ( 685هـ).
-مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي ( 710 هـ)
-البحر المحيط لأبي حيان ( 754هـ)
-الدر المصون للسمين الحلبي ( 756هـ)
-تفسير القرآن العظيم لابن كثير ( 774 هـ )
البرهان في علوم القرآن للزركشي ( 794 هـ )
- نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي ( 885 هـ )
- الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي( 911 هـ)
- إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود( 982 هـ)
- روح المعاني للألوسي ( 1270 هـ )
-التحرير والتنوير لابن عاشور ( 1393 هـ )
-إعراب القرآن وبيانه محيي الدين درويش (1403)
-تفسير ابن عثيمين ( 1421هـ)
-دروس البلاغة
-التفسير المحرر

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 13 ذو القعدة 1441هـ/3-07-2020م, 01:29 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم


منيرة محمد أ+

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الخامس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:22 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir