دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 صفر 1441هـ/6-10-2019م, 03:38 PM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا(5)
علوم الآية :
سبب النزول:لم يصح في سبب نزولها شىء

-مناسبة الآية لما قبلها
-إما عطف على قوله {وآتوا النساء صدقاتهن } لدفع توهّم إيجاب أن يؤتى كلّ مال لمالكه من أجل تقدّم الأمر بإتيان الأموال مالكيها ، وإما عطف على قوله {وآتوا اليتامى }وما بينهما اعتراض ،ذكره ابن عاشور

-معنى الآية
ينهى تعالى عن تمكين السّفهاء من التّصرّف في الأموال الّتي جعلها اللّه للنّاس قيامًا، أي: تقوم بها معايشهم من التّجارات وغيرها كما ذكر ابن كثير

-مقصد الآية
بيان الحال التي يمنع فيها السفيه من ماله، والحال التي يؤتى فيها مالَه كما ذكر ابن عاشور
وقال ابن كثير : وهذه الآية الكريمة انتظمت الإحسان إلى العائلة، ومن تحت الحجر بالفعل، من الإنفاق في الكساوى والإنفاق والكلام الطّيّب، وتحسين الأخلاق

-المخاطب بقوله {ولاتؤتوا السفهاء أموالكم}
عموم الناس المخاطبين كمثل الخطاب في قوله {وآتوا اليتامى}وقوله {وآتوا النساء} وقوله {يأيها الناس اتقوا ربكم}ليأخذ كل من يصلح لهذا الحكم حظّه من الامتثال،ذكره ابن عاشور

-المراد ب{السفهاء}
اختلف العلماء في المراد بالسفهاء على أقوال :
-
القول الأول :النساء خاصة دون غيرهم وقال به مجاهد والضحاك والحسن وسليمان وابن عمر
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق القاسم عن أبي أمامة مرفوعا: وإن النساء هنّ السّفهاء إلا الّتي أطاعت قيّمها)». قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم
قول ابن عمر رواه الطبري من طريق مورق العجلى عنه
وقول مجاهد رواه الطبري من طرق وابن وهب المصري عن سفيان عن حميد عنه ومن طرق عن ابن أبي نجيح عنه وقول الضحاك رواه الطبري من طريق جويبر عنه، وقول الحسن رواه الطبري من طريق هشام عنه
قال ابن جرير: وقول من خصها بالنساء يضعف من جهة الجمع، فإن العرب إنما تجمع فعيلة على فعائل أو فعيلات
-القول الثانى :هم النساء والصبيان وقال به ابن عباس وسعيد بن جبيرومجاهد وقتادة والضحاك والحسن والسدى والحكم بن عتيبة وأبي مالك
أما قول ابن عباس فأخرجه الطبرى من طريق على بن أبي طلحة عنه وابن أبي حاتم من طريق الضحاك عنه ،وقول سعيد بن جبير أخرجه الطبري من طريق عبد الكريم عنه ، وقول مجاهد أخرجه الطبرى من طريق حميد الأعرج عنه ،وقول قتادة أخرجه الطبرى من طريق سعيد عنه ، وقول الضحاك أخرجه الطبرى وابن أبي حاتم من طريق جويبر عنه ومن طرق عن سلمة عنه ، وقول الحسن أخرجه الطبري من طرق عنه وأخرجه سعيد بن منصور من طريق يونس وعبدالرزاق من طريق معمر عنه ، وقول السدى أخرجه الطبري من طريق أسباط عنه ومن طريق عبد الرحمن الرؤاسي يرده إلى عبد الله وقول الحكم أخرجه الطبري من طريق ابن أبي عنية عنه ، وقول أبي مالك أخرجه الطبري من طريق اسماعيل بن ابي خالد عنه
-القول الثالث:هم الصبيان خاصة (وقيل هم اليتامى وقيل ولد الرجل)
والقول بأنهم الصبيان من اليتامى :هو قول سعيد بن جبيروأخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق سالم عنه
والقول بأنهم ولد الرجل قول ابن عباس والحسن وابن زيد وأبي مالك
أما قول ابن عباس فقد أخرجه الطبري من طريق عطية العوفي ( بإسناد مسلسل بالعوفيين الضعفاء )عنه وقول الحسن أخرجه الطبري من طريق يونس عنه وقول ابن زيد اخرجه الطبرى من طريق ابن وهب عنه وقول أبي مالك اخرجه الطبري من طريق اسماعيل بن ابي خالد عنه
-القول الرابع :أنهم الخدم وهم شياطين الإنس وهو قول رواه ابن أبي حاتم بصيغة التضعيف عن أبي هريرة
-القول الخامس :السفهاء من الرجال والنساء وهو مروى عن مجاهد بسند ضعيف ويشهد له حديث أبي موسىى
فقد أخرج الهمذانى بسنده من طريق جابر قال سألت مجاهدا عن السفهاء قال :السفهاء من الرجال والنساء ،وعبد الرحمن بن حسن الهمذانى مضعف وهو يروى هذه النسخة من تفسير مجاهد بالوجادة
ويشهد لقول مجاهد ما أخرجه ابن جرير في تفسيره والحاكم في مستدركه وصححه من طريق الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى أنّه قال: ثلاثةٌ يدعون اللّه فلا يستجيب : رجلٌ كانت له امرأةٌ سيّئة الخلق فلم يطلّقها ،ورجل عليه دين فلم يشهد عليه ورجل أعطى ماله سفيها وقد قال الله {ولاتؤتوا السفهاء أموالكم}

تحرير المسألة :
السفه في اللغة :الجهل وأصله الخفة يقال ثوب سفيه أي خفيف ويقال للفاسق سفيه لأنه خفيف القدر هين عند المؤمنين والسفهاء الجهلاء ،ذكره النحاس في معانى القرآن
والمراد الجهلاء بالتصرف السديد في إنفاق المال فإن الله عزوجل ورسوله نهيا عن إضاعة المال وإضاعته تكون إما بإنفاقه في المعاصي أو بدفعه لمن لايحسن التصرف فيه فيبذره أو يسرف في إنفاقه فيتلفه
والذي لايحسن التصرف في الأموال وليس له عقل رشيد يحجره عن إضاعتها فإن الله نهى عن تمليكه المال ولكن يحجر عليه إما لحق نفسه بمنعه من التصرف في المال إن كان ماله حتى يبلغ مبلغ الرشد والعقل أو بعدم إعطائه المال ليتصرف فيه وأمر بالقيام على هؤلاء تصرفا وتدبيرا
وقد أشارت الأحاديث والآثار إلى أن السفيه قد يكون امرأة أو صبيا أو حتى رجلا فكل من لايحسن التصرف في الأموال فإنه يلزمه وصف السفيه ويدخل في الآية الكريمة فلا تختص الآية بصنف دون آخر وإن كان الغالب في هذا الوصف على النساء والصبيان فهم الضعفاء قليلو الخبرة والتجربة والعقل كما روى الحسن مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو معنى ماروى عن أبي موسى رضى الله عنه ومجاهد أيضا
قال صاحب التحرير والتنوير: والسفهاء يجوز أن يراد به اليتامى، لأنّ الصغر هو حالة السفه الغالبة، فيكون مقابلاً لقوله: {وآتوا اليتامى} لبيان الفرق بين الإيتاء بمعنى الحفظ والإيتاء بمعنى التمكين، ويكون العدول عن التعبير عنهم باليتامى إلى التعبير هنا بالسفهاء لبيان علّة المنع. ويجوز أن يراد به مطلق من ثبت له السفه، سواء كان عن صغر أم عن اختلال تصرّف، فتكون الآية قد تعرّضت للحجر على السفيه الكبير استطراداً للمناسبة، وهذا هو الأظهر لأنّه أوفر معنى وأوسع تشريعاً. وعلى هذا فإن الآية تشمل كل من كان السفه له صفة كائنا من كان، ،وهو خلاصة ما ذكره الطبري في المسألة

مسألة فقهية:
أقسام الحجر على السفهاء :

فتارةً يكون الحجر للصّغر؛ فإنّ الصّغير مسلوب العبارة.
وتارةً يكون الحجر للجنون، وتارةً لسوء التّصرّف لنقص العقل أو الدّين، وتارةً يكون الحجر للفلس، وهو ما إذا أحاطت الدّيون برجلٍ وضاق ماله عن وفائها، فإذا سأل الغرماء الحاكم الحجر عليه حجر عليه ،ذكره ابن كثير

-حقيقة نسبة الأموال في قوله {أموالكم}
-قيل أموال المخاطبين من الناس من الرشداء : فنهاهم الله تعالى أن يؤتوا السفهاء المستحقين للحجر أموالهم التى يملكونها فيسلطوهم عليها فيهلكوها ويضيعوها ولكن أمرهم بأن يقوموا هم عليهم فيرزقوهم ويكسوهم منها إن كانوا ممن تجب عليهم نفقتهم كأهله وبنيه ونحو ذلك وهو قول السدى وابن عباس وابن زيد وغيرهم كما روى ابن جرير
روى ابن جرير من طريق أسباط عن السدي لا تعط امرأتك وولدك مالك فيكونوا هم الّذين يقومون عليك، وأطعمهم من مالك واكسهم.
-وقيل بل المراد أموال السفهاء أنفسهم ولكنها أضيفت إلى الولاة لأنهم قوامها ومدبروها
وهذا في حال كونهم أيتاما على سبيل المثال كما قال سعيد بن جبير :{أموالكم} قال {أموالهم} بمنزلة قوله {ولاتقتلوا أنفسكم} أو غير أيتام ممن يستحقون الحجر لصغر سن أو جنون أو فلس ونحوه

الدراسة والترجيح:
أشار ابن جرير أن الله تعالى نهى المؤمنين ان يؤتوا السفهاء أموالهم أى أموال المنهيين ويدخل فيها أموال السفهاء أنفسهم لأن قوله {أموالكم} غير مخصوص بمال دون مال وإنما تخاطب العرب قوما بخطاب بعضه خبر وبعضه غيب والمعنى لا تؤتوا أيّها النّاس سفهاءكم أموالكم الّتي بعضها لكم وبعضها لهم فتضيعوها
ويرى ابن عاشور أن المراد أموال السفهاء المحجور عليهم التصرف فيها وعلل إضافة الأموال إلى ضمير المخاطبين لأن فيه إشارة بديعة إلى أن المال الرائج بين الناس هو حق لمالكيه المختصين به في ظاهر الأمر ولكنه عند التأمل تلوح فيه حقوق الملة جمعاء لأن في حصوله منفعة للأمة كلها فإن ما في أيدى بعض أفرادها من الثروة يعود إلى الجميع بالصالحة ...
وقد استبعد القول بأن الإضافة لأجل قيام أولياء السفهاء على أموالهم و القول بأن الإضافة حقيقية أيضا فيه بعد لأجل قصر المعنى عليه وجعله هو المقصود من الآية وإلا فلو جعل هذا أو ذاك وجها جائزا من لفظ الآية لكان وجه وجيه
ويظهرلى والله أعلم أن هذا القول من ابن عاشور له وجهه خاصة وأنه لاينفي الأقوال الأخرى لكنه أبرز بلاغة القرآن في التعبير عما لم يسبق إليه حكيم من الحكماء في الإقتصاد على حسب تعبيره والله أعلم

-معنى قوله تعالى {قياما}
أصله قوم ،قرئت قياما بالألف وقيما بكسر القاف وفتح الياء والمعنى واحد وهو ما به يتقوم المعاش وعلى القراءتين فالإخبار به عن الأموال إخبار بالمصدر للمبالغة والمعنى أن الأموال تقويم عظيم لأحوال الناس ،ذكره ابن عاشور
روى ابن جرير بسنده من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : وقوله (قياما) . بمعنى: قوامكم في معايشكم

-معنى قوله تعالى {وارزقوهم فيها واكسوهم}:
فأما من قال المراد بأموالكم أموال المؤمنين القائمين على هؤلاء السفهاء فيكون المراد بالرزق فيها الإنفاق عليهم منها طعاما وكسوة وما يحتاجون إليه
وأما من قال المراد أموال السفهاء فالمعنى أنفقوا عليهم من أموالهم فأطعموهم واكسوهم منها ،ذكره ابن جرير

-نكتة بلاغية في قوله تعالى {وارزقوهم فيها}:
عدل عن تعدية {ارزقوهم }ب{من} إلى {في}الدالة على الظرفية المجازية وعلة ذلك نفي توهم إنقاص ذات المال بما يؤخذ منه سواء أخذ من عينه أو من ثمنه أو نتاجه وأن ذلك يحصل متكررا ( أو كما وجهه الزمخشري اجعلوها أي الأموال محلا لرزقهم بأن تتجروا فيها وتتربحوا حتى تكون نفقتهم من الربح لا من أصل المال) ولو كان كما قال لاقتضى نهيا عن الإنفاق من أصل المال كما ذكر ابن عاشور
ولا أرى أن قول الزمخشري يقتضي نهيا عن الإنفاق من أصل المال وإنما هو تحضيض على فعل الأصلح والأنفع لمال اليتيم كما قال تعالى في سورة البقرة {ويسئلونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير}

-المراد بالقول المعروف {وقولوا لهم قولا معروفا}
والقول المعروف هو كل قول له موقع حال مقاله فالمعروف قد يكرهه السفيه إذا كان فيه صلاح نفسه
واختلف المفسرون في المراد به :
-فقيل هو العدة الجميلة بالبر والصلة أى تعدونهم برد أموالهم إليهم إن هم رشدوا وهو قول مجاهد أخرجه الطبري عنه
-وقيل علموهم أمر دينهم ،ذكره الزجاج
-وقيل ادعوا لهم إن كانوا ليسوا ممن تجب عليك نفقتهم ولا ممن وليت أمرهم وهو قول ابن زيد وأخرجه الطبري
وقال الطبري :أولى هذه الأقوال بالصواب قول ابن جريج : أي قولوا يا معشر ولاة السّفهاء قولاً معروفًا للسّفهاء، إن صلحتم ورشدتم سلّمنا إليكم أموالكم وخلّينا بينكم وبينها، فاتّقوا اللّه في أنفسكم وأموالكم، وما أشبه ذلك من القول الّذي فيه حثٌّ على طاعة اللّه ونهي عن معصيته


تفسير قوله تعالى: {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا (6)

علوم الآية :
-أسباب النزول : عن عائشة رضي الله تعالى عنها في قوله تعالى
{وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} أنها نزلت في مال اليتيم إذا كان فقيرا فإنه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروف ."متفق عليه"

-مناسبة الآية لما قبلها
-يجوز أن تكون هذه الجملة معطوفة على قوله تعالى {وآتوا اليتامى اموالهم}فتكون هذه الآية بيان لكيفية الإيتاء وعبر بالاسم الظاهر دون العدول إلى الضمير لبعد ما بين الآيتين من الفصل
-ويجوز أن تكون جملة {وابتلوا اليتامى}معطوفة على جملة {ولاتؤتوا السفهاء أموالكم }في الآية السابقة لها لتنزيلها منها منزلة الغاية للنهي وكأنها تبين أن لهذا النهى عن الإيتاء غاية وحد ؛فإن كان المراد بالسفهاء في الآية السابقة خصوص اليتامى فقد كان يتوقع أن يعبر بنفس الاسم الظاهر {السفهاء}أو بالإضمار ووجه ذلك أن هؤلاء السفهاء من الأيتام مرجو كمال عقولهم حال الإبتلاء والإختبار وزوال وصف السفه عنهم فالتعبير بلفظ السفهاء في مقام الإبتلاء الذى هو مظنة حصول نضوج العقل ورشده يشعر بنوع من التناقض هذا مع ما في العدول عن الضمير إلى الاسم الظاهر من زيادة الإيضاح والإهتمام بالحكم
وإن كان المراد بالسفهاء أعم من اليتامى وهو الأظهر ؛فإن تخصيص ذلك باليتامى يثير تساؤلا والجواب عنه بأن الاختبار يكون عند الوقت الذي يرجى فيه تغير الحال ووصف السفه يرجى زواله ممن يقارب ويناهز البلوغ فيحصل له كمال العقل والرشد وحسن التصرف المالى على الأغلب وهذا وصف مرجو تحققه في حال اليتامى وأما من كان سفهه حال الكبر فإنه لايعرف له وقت هو مظنة لتغير حاله وإمكان ابتلائه ولهذا عبر عن السفهاء باليتامى ،خلاصة ما ذكره ابن عاشور

-المخاطب بقوله {وابتلوا}
هذه مخاطبة للجميع، والمعنى: يخلص التلبس بهذا الأمر للأوصياء،ذكره ابن عطية

-معنى {وابتلوا }
الابتلاء في هذا المقام هو الاختبار والتجربة
وقال ابن جرير : واختبروا عقول يتاماكم في أفهامهم، وصلاحهم في أديانهم، وإصلاحهم أموالهم
فالمراد اختبار عقولهم ورأيهم بالتجربة وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد كما روى ابن جرير عنهم من طرق

-كيفية الإبتلاء
قال ابن عاشور:قال المالكية: يدفع لليتيم شيء من المال يمكنه التصرّف فيه من غير إجحاف، ويردّ النظر إليه في نفقة الدار شهراً كاملاً، وإن كانت بنتاً يفوّض إليها ما يفوّض لربّة المنزل، وضبط أموره، ومعرفة الجيّد من الرديء، ونحو ذلك، بحسب أحوال الأزمان والبيوت.

-معنى {اليتامى }
هو من مات أبوه وهو دون البلوغ

-معنى {حتى إذا}
قال صاحب الدر المصون ، فيها قولان أشهرُهما: أنها حرف غاية دَخَلَتْ على الجملةِ الشرطية وجوابِها، والمعنى: وابْتَلوا اليتامى إلى وقت بلوغِهم واستحقاقِهم دَفْعَ أموالِهم بشرطِ إيناس الرُّشْد، فهي حرف ابتداء كالداخلة على سائر الجمل .
قلت: وهو ما ذكره صاحب الكشاف ولم يذكر وجها غيره ويكون على هذا المعنى الشروع في الإبتلاء قبل بلوغ النكاح لمكان حتى المؤذنة بالإنتهاء
والقول الثانى أنها حرف جر وما بعدها مجرور بها و{إذا} اسم زمان مجرد عن معنى الشرط لأن الفعل بعدها للمضي فلاتصلح أن تكون شرطا إلا بتأويل ،ذكره ابن عاشوروهو ما مال إليه ابن عطية أيضا
قلت: فيكون المعنى ابتلوا اليتامى وقت بلوغهم النكاح وربما يكون هذا المعنى هو مأخذ من جعل الإبتلاء بالمال بعد حصول البلوغ لخلو{ حتى} من معنى الإنتهاء ولكن إقادة معنى الظرفية فقط
ويشهد له قول ابن عباس الذي أخرجه الطبري من طريق على بن أبي طلحة عنه في قوله {حتى إذا بلغوا النكاح }قال :عند الحلم

-وقت الإبتلاء:
الآية ظاهرة في تقدّم الابتلاء والاستيناس على البلوغ لمكان (حتّى) المؤذنة بالانتهاء، وفيه قول أنّه لا يُدفع للمحجور شيء من المال للابتلاء إلا بعد البلوغ ،ذكره ابن عاشور.
تنبيه:
يترتب على الخلاف في معنى {حتى إذا} اعتبار الشروط في دفع أموال اليتامى إليهم
-فإن من أجاز أن تكون{ إذا }في هذا المقام للشرط اعتبر بلوغ النكاح شرطا لدفع المال وأما من يرى أنها ليست بشرطية وإنما ظرفية وحسب فلايعتبر عنده بلوغ النكاح شرطا لدفع المال وهذا ما أشار إليه ابن عطية وهذا نص كلامه :
قال القاضي أبو محمد: والتمثيل عندي في دفع المال بنوازل الشرطين-أي البلوغ والرشد- غير صحيح، وذلك أن البلوغ لم تسقه الآية سياق الشرط، ولكنه حالة الغالب على بني آدم أن تلتئم عقولهم فيها، فهو الوقت الذي لا يعتبر شرط الرشد إلا فيه، فقال إذا بلغ ذلك الوقت فلينظر إلى الشرط وهو الرشد حينئذ، وفصاحة الكلام تدل على ذلك، لأن التوقيف بالبلوغ جاء بـ {إذا} والمشروط – أي- قوله تعالى {فإن آنستم منهم رشدا} جاء بـ {إن} التي هي قاعدة حروف الشرط، و {إذا} ليست بحرف شرط لحصول ما بعدها .

-المراد ببلوغ النكاح
المراد إذا بلغوا الحلم وهو قول ابن عباس ومجاهد وابن زيد والسدي كما أخرج الطبري في تفسيره
والمعنى بلغوا مبلغ الرجال بحلم أو بحيض كما ذكر ابن عطية

-علة تسمية بلوغ الإحتلام نكاحا
وذلك بناء على المتعارف عند العرب من التبكير بتزويج البنت عن البلوغ. ومن طلب الرجل الزواج عند بلوغه ،قاله ابن عاشور

-حد البلوغ في الشرع
-اتفق العلماء على أن البلوغ يحصل بالإحتلام أو بالحيض أو الحبل

مسألة فقهية :
-وأما إن تخلف حصول البلوغ عن وقت مظنته في الذكر أو الأنثى فإن العلماء اختلفوا في ما يعرف به البلوغ وهو السن والإنبات
فاختلفوا في تعيين أقصى السن التى لايبلغها من لم يحتلم إلا احتلم ،واختلفوا في اعتبار الإنبات علامة على البلوغ أم لا؟
-الأقوال في السن الذي لايتخلف عنه أقصى البلوغ :
-قيل خمس عشرة سنة :وهو قول محمد بن قيس أخرجه ابن أبي حاتم عنه
وهو قول ابن وهب وأَصْبَغ وعبد الملك بن الماجشون وعمر بن عبد العزيز وجماعة من أهل المدينة، واختاره ابن العربي كما ذكر القرطبي
والحجة بحديث ابن عمر إذْ عُرض يوم الخَنْدق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجيز، ولم يُجَز يوم أُحُد؛ لأنه كان ابنَ أربع عشرة سنة. أخرجه مسلم
-قال ابن عاشور: ولا حجّة فيه إذ ليس يلزم أن يكون بلوغ عبد الله بن عمر هو معيار بلوغ عموم المسلمين، فصادف أن رآه النبي وعليه ملامح الرجال، فأجازه، وليس ذكر السنّ في كلام ابن عمر إيماء إلى ضبط الإجازة.
-وقال مالك وأبو حنيفة أقصى حد لايبلغه من لم يحتلم إلا احتلم سبعة عشر سنة وعن أبي حنيفة تسعة عشر سنة وهو الأشهر عنه وفي الجارية حتى سن سبعة عشر وعليها النظر وروى عنه اللؤلؤي ثمان عشرة سنة
-وقال داود لايبلغ بالسن حتى يحتلم
مسألة استطرادية :هل يعتد بالإنبات في حد البلوغ؟
قد دلّت السّنّة على ذلك في الحديث الّذي رواه الإمام أحمد، عن عطيّة القرظيّ، رضي اللّه عنه قال: عرضنا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم قريظة فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خلّي سبيله، فكنت فيمن لم ينبت، فخلّى سبيلي.
وقد أخرجه أهل السّنن الأربعة بنحوه وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ. وإنّما كان كذلك؛ لأنّ سعد بن معاذٍ، رضي اللّه عنه، كان قد حكم فيهم بقتل المقاتلة وسبي الذّرّيّة.
قال أبو عمر بن عبد البر: هذا فيمن عرف مولده، وأمّا من جُهل مولده وعدة سنّه أو جحده فالعمل فيه بما روى نافع عن أسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى أُمراء الأجْنَاد: ألا تَضرِبوا الجزية إلا على مَن جَرَت عليه المَوَاسِي..

-معنى {آنستم }
-أي عرفتم منهم وهو قول ابن عباس أخرجه ابن جرير من طريق على بن أبي طلحة
-في قراءة عبد الله {أحسيتم }أي وجدتم ومنها قوله تعالى {آنس من جانب ا لطور نارا}
قال مكى بن أبي طالب: علمتم وتبينتم، وأصله أبصرتم
وأصل الإيناس رؤية الإنسي أي الإنسان، ثمّ أطلق على أوّل ما يتبادر من العلم، سواء في المبصرات أو في المسموعات ،ابن عاشور

-وجه البلاغة في لفظة آنستم دون علمتم
قال ابن عاشور:للإشارة إلى أنّه إن حصل أوّل العلم برشدهم يدفع إليهم مالهم دون تراخ ولا مطل.

-معنى قوله {رشدا}
اختلف المفسرون في معنى الرشد على أقوال :
- العقل والصلاح في الدين ، رواه ابن جرير من طريق سعيد عن قتادة و من طريق أسباط عن السدي
- الصلاح ،صلاحا في دينهم وإصلاحا لأموالهم ، رواه ابن جرير من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس ،و من طريق مبارك عن الحسن ورواه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير
-وقال بعضهم بل ذلك العقل خاصة ،وهو قول مجاهد رواه ابن جرير من طريق منصور عنه وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله {رشدا} إذا أدرك اليتيم بحلم وعقلٍ ووقارٍ دفع إليه ماله ،وهو معنى قول الشعبي رواه ابن جرير من طريق شبرمة قال سمعته يقول :إن الرجل ليأخذ بلحيته ومابلغ رشده"
- الصلاح والعلم بما يصلحه وهو قول ابن جريج رواه ابن جرير من طريق حجاج عنه
-وقيل الرشد :إقامة الصلاة وهو قول عبيدة بن عمرو رواه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن سيرين عنه ويراد به صلاح الدين خاصة
-وقيل الرشد:سنة بعد الإحتلام وهو قول شبرمة رواه ابن أبي حاتم من طريق هشيم عنه

الترجيح:
قال أبو جعفر: وأولـى هذه الأقوال عندي بـمعنى الرشد فـي هذا الـموضع: العقل وإصلاح الـمال؛ لإجماع الـجميع علـى أنه إذا كان كذلك لـم يكن مـمن يستـحقّ الـحجر علـيه فـي ماله، وحوز ما فـي يده عنه، وإن كان فـاجراً فـي دينه. وإذ كان ذلك إجماعاً من الـجميع، فكذلك حكمه إذا بلغ وله مال فـي يدي وصي أبـيه أو فـي يد حاكم قد ولـي ماله لطفولته، واجب علـيه تسلـيـم ماله إلـيه، إذا كان عاقلاً بـالغاً، مصلـحاً لـماله، غير مفسد؛ لأن الـمعنى الذي به يستـحقّ أن يولـي علـى ماله الذي هو فـي يده، هو الـمعنى الذي به يستـحقّ أن يـمنع يده من ماله الذي هو فـي يد ولـيّ، فإنه لا فرق بـين ذلك. وفـي إجماعهم علـى أنه غير جائز حيازة ما فـي يده فـي حال صحة عقله وإصلاح ما فـي يده، الدلـيـلُ الواضح علـى أنه غير جائز منع يده مـما هو له فـي مثل ذلك الـحال، وإن كان قبل ذلك فـي يد غيره لا فرق بـينهما. ومن فرق بـين ذلك عكس علـيه القول فـي ذلك، وسئل الفرق بـينهما من أصل أو نظير، فلن يقول فـي أحدهما قولاً إلا ألزم فـي الآخر مثله. فإن كان ما وصفنا من الـجميع إجماعاً، فبـين أن الرشد الذي به يستـحقّ الـيتـيـم إذا بلغ فأونس منه دفع ماله إلـيه، ما قلنا من صحة عقله وإصلاح ماله


-غرض تنكير {رشدا}

تنكير النوعية فمعلوم أن الرشد هنا يراد به الرشد في التصرف المالى فتساوت النكرة مع المعرف بلام الجنس
وقيل المراد بالتنكير: رشدا ما فيصدق على العقل في الجملة ولم يشترط حسن التصرف في المال وهذا الوجه مردود لأنه لاعموم في الرشد وهومن المواهى العقلية المحضة لا أفراد لها ،ذكره ابن عاشور

-معنى قوله {فادفعوا إليهم أموالهم}
أمر بتسليم الأموال لليتامى ذكورا كانوا أو إناثا عند تحقق الشروط المذكورة في الآية

-سر التعبير بالدفع دون الإيتاء :
الدفع فيه معنى التسليم وهو تسليم الأموال التى كانت تحت الأولياء إلى المحجور عليهم وأما الإيتاء المعبر عنه في قوله تعالى {وآتوا اليتامى أموالهم }ففيه معنى الحفظ والرعاية وإعطائهم مايحتاجون إليه دون تسليمه له مقبل حلول الوقت المناسب لذلك ،خلاصة ما ذكره أبو السعود

-شروط دفع أموال اليتامى إليهم
اختلف العلماء في شروط دفع أموال اليتامى على أقوال:
-البلوغ، والرشد المختبر، وحينئذ يدفع المال،وهو قول مالك
-وأبو حنيفة يرى أن يدفع المال بالشرط الواحد ما لم يحتفظ له سفه
-ويرى ابن عطية أن البلوغ ليس شرطا إنما هو الوقت الذي لايعتبر شرط الرشد إلا فيه.
-وأما ابن عاشور فله رأي آخرمبنى على أسلوب الشرط في الآية:
فإن تركيب الآية الكريمة بقوله تعالى {حتى إذا بلغوا النكاح} الدالة على انتهاء الحجر بالبلوغ أصالة بشرط أن يعرف من المحجور رشد كما في قوله {فإن آنستم منهم رشدا}
فالشرط الأول المفهوم من قوله {إذا بلغوا النكاح}مقيد بالشرط الثانى {فإن آنستم}وهو جوابه ولذا قرن بالفاء ليكون نصا في الجواب وتكون {إذا }نصا في الشرط فيتحصل من مجموع الشرطين في الآية أن مجموعهما سبب لتسليم المال للمحجور عليهم وأنه لايكفي حصول أحدهما ولا النظر إلى الذي يحصل منهما ابتداء و القاعدة العامّة في كلّ جملة شرط بنيت على جملة شرط آخر، فلا دلالة لهما إلاّ على لزوم حصول الأمرين في مشروط واحد

فائدة:
-الآية أيضاً صريحة في أنّه إذا لم يحصل الشرطان معاً: البلوغ والرشد، لا يدفع المال للمحجور. واتّفق على ذلك عامّة علماء الإسلام، فمن لم يكن رشيداً بعد بلوغه يستمرّ عليه الحجر، ولم يخالف في ذلك إلاّ أبو حنيفة لأنه لايعتبر مفهوم الشرط

-معنى قوله تعالى {ولا تأكلوها إسرافا}
-وأكلها: بإنفاقها واستهلاكها في منافع الأولياء وأهليهم من غير حاجة ضرورية بل على سبيل التوسع والجشع وهو معنى الإسراف
-وأصل الإسراف تجاوز الحد المباح إلى مالم يبح إفراطا كما قال ابن جرير
-وروى ابن أبي حاتم من طريق عطاء عن سعيد بن جبير في قوله إسرافا: قال تأكلوها بغير حق

-سر التعبير بالأكل دون الإنفاق
وعبر بالأكل دون الإستهلاك ونحوه لأنه الأغلب في الإستهلاك ولأن معظم أموال اليتامى كانت أعيانا من أنعام وتمر وحب لا ممايختزن أو يعسر نقله كالعقار فكان يسهل اكلها ،ذكره ابن عاشور

-معنى {وبدارا أن يكبروا}
بدارا:من المبادرة وهى الإسراع في أكل مال اليتيم خشية أن يبلغ فيجد ما يطالب به
روى ابن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {بدارا}يعني، يأكل مال اليتيم ببادرةٍ، فعند أن يبلغ فيحول بينه وبين ماله
روى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير من طريق عطاء بن يسار عنه قال {أن يكبروا}خشية أن يبلغ الحلم فيأخذ ماله

-إعراب {إسرافا }
منصوبة على الحال أو على النيابة عن المفعول المطلق والمقصود تشويه حالة الأكل عن سرعة وإسراف،ابن عاشور

-فائدة تذييل النهى عن أكل أموالهم بقوله {إسرافا وبدارا}
لأن في ضمنه تخصيص لعموم النهى عن الاكل بحال الأكل بالمعروف كما سيأتى ،ذكره ابن عاشور

-المراد بقوله {ومن كان غنيا}
- قيل هو الوصي :روى ابن أبي حاتم من طريق عروة عن عائشة قالت نزلت في والى اليتيم،وروى عن سعيد بن جبير من طريق عطاء عنه قال:ومن كان غنيا يعنى الوصي
-وقيل هو اليتيم :رواه ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد وربيعة من طريق نافع القارىء أنه سألهما عن قوله {ومن كان غنيا فليستعفف}قالا ذلك في اليتيم إن كان غنيا فلينفق عليه بقدر غناه ولم يكن للولي منه شيء

-معنى قوله {ومن كان غنيا فليستعفف}
-ومن كان غنيا من أولياء اليتامى فليستعفف عن مال يتيمه ويستغنى عنه بماله وهو قول ابن عباس رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن حكم عن مقسم عنه وقول إبراهيم رواه ابن جرير من طريق منصور عنه وقول الحسن رواه ابن أبي حاتم عنه من طريق مبارك.
-وقيل إن كان اليتيم غنيا فلينفق واليه عليه بقدر غناه وليستعفف الولى فلايأخذ منه شيئا وهو قول يحيى بن سعيد وربيعة
قال ابن حجر في الفتح : وأغرب ربيعة فقال المراد خطاب الوليّ بما يصنع باليتيم إن كان غنيًّا وسّع عليه وإن كان فقيرًا أنفق عليه بقدره وهذا أبعد الأقوال كلّها

والراجح:القول الأول وهو أن المراد والي اليتيم إن كان غنيا فليستعفف عن مال يتيمه ولايأكل منه حفظا لمال يتيمه طالما أنه مستغن بماله ولا حاجة له في الأكل منه فإن أكل منه فيكون أكله بغير حق وهذا المعنى موافق لسياق الآية وظاهر لفظها حيث قال بعدها {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}
وأما القول الثانى أن المراد اليتيم إن كان غنيا فواليه يستعف عن ماله فإن له وجها لأنه إن أراد مخاطبة الأولياء والأوصياء على أيتامهم الأغنياء فربما طمع في مال يتيمه لكثرته ووفرته فينفق منه بغير وجه حق ضنا بمال نفسه وخوفا عليه فأمروا أن يستعفوا عن مال أيتامهم الأغنياء ،ولا أرى هذا المعنى مضادا للقول السابق بل يتوافق معه إلا أن الأول أظهر وعليه أكثر قول السلف وقد روى عن عائشة رضي الله عنها في قوله {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}قالت نزلت في والى اليتيم ... متفق عليه .

-معنى {فليستعفف}
قيل:يستعف عن الحرام فهو عليه كالميتة والدم ،قول الشعبي رواه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن السائب عنه
ووجهه أنه إن كان غنيا فليس له أن يأكل من مال يتيمه لأن الله تعالى قيد الأكل منه بحال الفقر والحاجة فمن أكل بغير حق فقد أكل حراما
وقيل يستعف :بالباه وهو قول إبراهيم بن محمد محتجا بقول عمر {التمسوا الغنى في الباه}
ولا أعلم له وجه في تفسير الآية

-المراد بالمعروف {فليأكل بالمعروف}
اختلف العلماء في المراد بالمعروف على أقوال ومبناها على الخلاف في كون الآية محكمة أم منسوخة :
-قيل المعروف :القرض يستقرض من مال يتيمه إن احتاجه ثم يرده إذا أيسر ، وهو قول عمر وابن عباس وعبيدة السلمانى وسعيد بن جبير ومجاهد وأبي وائل وأبي العالية كما روى ابن جرير عنهم جميعا من طرق، وقال الشعبي الأكل منه حال الإضطرار كما يضطر إلى الميتة فإن أكل منه قضاه وهو ،رواه ابن جرير من طريق عطاء بن السائب عنه ونسبه أبو جعفر النحاس مرويا عن ابن عباس من طريق عكرمة بغير إسناد

وحجة هذا القول ما قال أبو العالية والثورى كما روى ابن جرير :ألا ترى إلى قوله {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم } ففهموا منه أن الدفع والإشهاد عليه إنما يكون للمال المودع فلايحل الأخذ منه إلا على سبيل القرض والرد والله أعلم وأما قول الشعبي فتعقبه ابن عاشور فقال: وهو أضعف الأقوال لأنّ الله ناط الحكم بالفقر لا بالاضطرار، وناطه بمال اليتيم، والاضطرار لا يختصّ بالتسليط على مال اليتيم بل على كلّ مال.
- المعروف :أن يأكل منه غير مسرف ولا قضاء عليه فقيل: يأكل بأطراف أصابعه ولايكتسي منه ،مروى عن ابن عباس و هو قول عكرمة والسدي كما روى ابن جرير من طرق عنهم إلا أن قول ابن عباس يحكيه السدى عمن سمع من ابن عباس بدون تصريح باسمه ففيه انقطاع ولايثبت عن ابن عباس .
وقيل يأكل مايسد جوعه ويوارى عورته وهو قول إبراهيم النخعي رواه ابن جرير عنه من طرق عن المغيرة عنه وقول أبي معبد رواه ابن جرير من طريق الوليد بن مسلم وقد صرح فيه بالتحديث عنه
-المعروف: قوته ،أكل تمره وشرب رسل ماشيته بقيامه على ذلك، فأمّا الذّهب والفضّة فليس له أخذ شيءٍ منهما إلاّ على وجه القرض وهو قول ابن عباس والحسن والشعبي وأبي العالية كما روى ابن جرير عنهم
ووجه هذا القول أن الرخصة في الأكل لا التمول وكان الأكل من النخل تمرا والشرب من رسل الغنم وأما الأموال التى يتمول بها من الذهب والفضة فلا لقوله {فإذا دفعتم إليهم اموالهم} وقد روى ابن جرير عن قتادة من طريق سعيد عنه قال : ذكر لنا أنّ عمّ ثابت بن رفاعة - وثابتٌ يومئذٍ يتيمٌ في حجره - من الأنصار أتى نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: يا نبيّ اللّه، إنّ ابن أخي يتيمٌ في حجري،
فما يحلّ لي من ماله؟ قال{ أن تأكل بالمعروف من غير أن تقي مالك بماله، ولا تتّخذ من ماله وفرًا }وكان اليتيم يكون له الحائط من النّخل، فيقوم وليّه على صلاحه وسقيه، فيصيب من ثمرته، أو تكون له الماشية، فيقوم وليّه على صلاحها، أو يلي علاجها ومؤنتها فيصيب من جزازها وعوارضها ورسلها، فأمّا رقاب المال وأصول المال، فليس له أن يستهلكه
-المعروف :أن يأخذ الوليّ بقدر أجرته إذا عمل لليتيم عملا، وهو قول روى معناه عن: ابن عباس رواه ابن جرير والنحاس من طريق القاسم بن محمّدٍ ،ورواه ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح من طريق ابن أبي نجيح
-المعروف : له أن يأكل من جميع المال إذا كان يلي ذلك وإن أتى على المال ولا قضاء عليه،وهو قول عطاء وإبراهيم كما روى ابن جرير من طرق عنهم
-وقيل المعروف :أن يقتر الوصي على نفسه حتى لايمد يده إلى مال يتيمه ،قول ابن عباس رواه ابن أبي حاتم من طريق مقسم عنه
-وقيل المعروف :إن كان اليتيم فقيرا أنفق عليه وصيه بقدر فقره ولايأكل هو منه شيئا وهو قول يحيى بن سعيد وربيعة أخرجه ابن أبي حاتم
قال المالكية: يأخذ الوصي بقدر أجرة مثله، وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا يأخذ إلاّ إذا سافر من أجل اليتيم يأخذ قوته في السفر،ذكره ابن عاشور

خلاصة الأقوال وتحرير المسألة :
-من قال الآية محكمة فعندهم جواز الأكل من مال اليتيم إذا احتاج لذلك بالمعروف واختلفوا في المراد بالمعروف على أقوال:
-الأول :الأكل على سبيل القرض فيرده عند تيسر حاله وإلا فلومات معسرا فإما أن يتحلل يتيمه منه أو أنه معفو عنه للعذر
-الثانى :الأكل على سبيل أخذ الأجرة أجرة المثل إذا عمل لليتيم عملا في ماله
-الثالث:أن يأكل عند حاجته بمقدار القوت غير مسرف ولا متأثل ومنهم من قال يأكل مايسد جوعته ولايكتسي ومنهم من قال يأكل مايسد الجوع ويوارى العورة وفي كلا الحالين لايقضي إذا وجد
-الرابع :أن يأكل على سبيل الإضطرار كاضطراره لأكل الميتة والخنزير فإذا أيسر قضاه وإلا فلا

وأما القول بنسخ الآية : فهو مروى عن ابن عباس رواه أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ وابن الجوزى في نواسخ القرآن من طريق ابن جريج عن عطاء الخراسانى عنه وعطاء الخراسانى لم يلق ابن عباس فحديثه عنه مرسل ولفظه :قال: نسخ من ذلك الظّلم والاعتداء فنسخها {إن الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما} ورواه أيضا ابن الجوزى من طريق العوفيين المسلسل بالضعفاء عنه
وبهذا يتبين أن القول بالنسخ المروى عن ابن عباس غير ثابت وقد رد القول بالنسخ علم الدين السخاوى في جمال القراء وقد روى عنه القول بأن المعروف الأكل على سبيل القرض وهو قول قد صح عنه ومروى عنه قول ثالث فيه تأويل معنى الأكل بالمعروف كما سبق

الراجح: يرى ابن جرير أن المراد بالمعروف الأكل من مال اليتيم عند الضرورة والحاجة على وجه الإستقراض وعلة ذلك عنده:
-أن والى اليتيم لايملك من مال يتيمه إلى القيام عليه لمصلحة يتيمه بالإجماع فهو لايملك أن يستهلكه ولايجوز لأحد أن يستهلك مال غيره ؛فإن تعدى واستهلكه بأكل أو بغيره فعليه ضمانه شأنه في ذلك شأن غيره إلا أنه يملك الإستقراض منه أو عليه للقيام على مصلحته
قلت:فكل مال عليه ضمان حال تلفه فهو لايحل إلا على سبيل القرض والرد ولذا قال تعالى {فأشهدوا عليهم }وذلك لأن الله جعل الوصي غير مصدق بدفع المال للمحجور إلا ببينة كما هو عند المالكية
-أن الأكل من مال اليتيم لايراد به معنى الإعتياض على القيام بشئونه فيأكل من ماله مقابل القيام عليه لأن ذلك معلوم بالإجارة فيؤاجر نفسه من يتيمه بأجرة معلومة غنيا كان الوالى أو فقيرا وإنما أذن الله بأكل مال اليتيم في حال مخصوصة وأما الإجارة فهى لاتختص بحال دون حال
-ووجه آخر وهو أن تأويل المعروف في الآية بجواز الأكل حال الفقر لا على وجه القرض غير مجمع عليه خاصة وأن والى اليتيم غير مالك لماله وأن أكله قرضا قد قال به من الصحابة والتابعين ماقد علم ومضى
-وبالقياس على أموال المجانين والمعاتيه المولى عليهم فإنه لايجوز الأكل من أموالهم على غير سبيل القرض
قلت:ويضاف إلى ذلك عدم ثبوت القول بالنسخ عن ابن عباس والقول بالنسخ يحتاج إلى دليل صحيح صريح فالراجح ما رجحه ابن جرير والسخاوى وهو قول أكثر السلف وهو الأليق لأن الأصل في أموال الغير الحظر لا الإباحة والله أعلم

-هل الأمر بالإشهاد على سبيل الوجوب في قوله {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم}
قال ابن عاشور: قال جماعة لم يسم أصحابها إن لوحظ ما فيه من الاحتياط لحقّ الوصيّ كان الإشهاد مندوباً لأنّه حقّه فله أن لا يفعله، وإن لوحظ ما فيه من تحقيق مقصد الشريعة من رفع التهارج وقع الخصومات، كان الإشهاد واجبا

-معنى قوله تعالى {وكفى بالله حسيبا}

أي: وكفى باللّه محاسبًا وشهيدًا ورقيبًا على الأولياء في حال نظرهم للأيتام، وحال تسليمهم للأموال: هل هي كاملةٌ موفّرةٌ، أو منقوصةٌ مبخوسة مدخلةٌ مروّجٌ حسابها مدلّسٌ أمورها؟ اللّه عالمٌ بذلك كلّه. ولهذا ثبت في صحيح مسلمٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :يا أبا ذرٍّ، إنّي أراك ضعيفًا، وإنّي أحبّ لك ما أحبّ لنفسي، لا تأمّرن على اثنين، ولا تلينّ مال يتيم" ،ذكره ابن كثير

-مناسبة تذييل الآية بهذا الاسم {حسيبا}
،ذكره ابن عاشور لأنّها وصيّات وتحريضات فوكل الأمر فيها إلى مراقبة الله تعالى

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 صفر 1441هـ/12-10-2019م, 09:10 AM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل يوسف مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا(5)
فاتك مسائل الوقف والقراءات :؟؟؟؟!!
علوم الآية :
سبب النزول:لم يصح في سبب نزولها شىء
ينقصك التحرير
-مناسبة الآية لما قبلها
-إما عطف على قوله {وآتوا النساء صدقاتهن } لدفع توهّم إيجاب أن يؤتى كلّ مال لمالكه من أجل تقدّم الأمر بإتيان الأموال مالكيها ، وإما عطف على قوله {وآتوا اليتامى }وما بينهما اعتراض ،ذكره ابن عاشور

-معنى الآية
ينهى تعالى عن تمكين السّفهاء من التّصرّف في الأموال الّتي جعلها اللّه للنّاس قيامًا، أي: تقوم بها معايشهم من التّجارات وغيرها كما ذكر ابن كثير.

-مقصد الآية
بيان الحال التي يمنع فيها السفيه من ماله، والحال التي يؤتى فيها مالَه كما ذكر ابن عاشور
وقال ابن كثير : وهذه الآية الكريمة انتظمت الإحسان إلى العائلة، ومن تحت الحجر بالفعل، من الإنفاق في الكساوى والإنفاق والكلام الطّيّب، وتحسين الأخلاق

-المخاطب بقوله {ولاتؤتوا السفهاء أموالكم}
عموم الناس المخاطبين كمثل الخطاب في قوله {وآتوا اليتامى}وقوله {وآتوا النساء} وقوله {يأيها الناس اتقوا ربكم}ليأخذ كل من يصلح لهذا الحكم حظّه من الامتثال،ذكره ابن عاشور
هنا علينا ذكر الأقوال الأخرى وتحريرها !!!
القول الأول :خطاب للأولياء ، وهو قول ....
القول الثاني :خطاب للآباء ، ...


هنا مسألة معنى السفهاء :

-المراد ب{السفهاء}
اختلف العلماء في المراد بالسفهاء على أقوال :
-
القول الأول :النساء خاصة دون غيرهم وقال به مجاهد والضحاك والحسن وسليمان وابن عمر
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق القاسم عن أبي أمامة مرفوعا: وإن النساء هنّ السّفهاء إلا الّتي أطاعت قيّمها)». قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم
قول ابن عمر رواه الطبري من طريق مورق العجلى عنه
وقول مجاهد رواه الطبري من طرق وابن وهب المصري عن سفيان عن حميد عنه ومن طرق عن ابن أبي نجيح عنه وقول الضحاك رواه الطبري من طريق جويبر عنه، وقول الحسن رواه الطبري من طريق هشام عنه
الصواب في كتابة التخريج كما تعلمنا مع الدكتورة اقبال أن يقال أخرجه ابن جرير في تفسيره (رقم الجزء أولا / ثم الصفحة ) عن سفيان بن حميد عن مجاهد ،( ولم تذكري ابن المنذر )وأخرجه ابن المنذر في تفسيره (الجزء / رقم الصفحة )عن طريق ابن جريج عن مجاهد ..
وقول الضحاك أخرجه ابن جرير في تفسيره ( الجزء أولا / ثم الصفحة ) عن طريق جويبير عن الضحاك ( ولا يقال عن جوبير عنه ) .

قال ابن جرير: وقول من خصها بالنساء يضعف من جهة الجمع، فإن العرب إنما تجمع فعيلة على فعائل أو فعيلات.
وأين وجه هذا القول ؟؟!!
-القول الثانى :هم النساء والصبيان وقال به ابن عباس وسعيد بن جبيرومجاهد وقتادة والضحاك والحسن والسدى والحكم بن عتيبة وأبي مالك
أما قول ابن عباس فأخرجه الطبرى( في تفسيره ( الجزء ، والصفحة ) ) من طريق على بن أبي طلحة عنه( من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ) وابن أبي حاتم من طريق الضحاك عنه ،
والصواب أن يقال أخرجه ابن جرير في تفسيره ( الجزء / والصفحة ) وابن أبي حاتم في تفسيره (الجزء/ والصفحة) من طريق علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس .
وقول سعيد بن جبير أخرجه الطبري من طريق عبد الكريم عنه ، وقول مجاهد أخرجه الطبرى من طريق حميد الأعرج عنه ،وقول قتادة أخرجه الطبرى من طريق سعيد عنه ، وقول الضحاك أخرجه الطبرى وابن أبي حاتم ( لم يرو ابن أبي حاتم عن موضوع النساء والصبيان راجعي تفسيره )من طريق جويبر عنه ومن طرق عن سلمة عنه ، وقول الحسن أخرجه الطبري ( في تفسيره ( الجزء / الصفحة ) من طرق عنه( عن الحسن ) وأخرجه سعيد بن منصور من طريق يونس وعبدالرزاق من طريق معمر عنه ،( الترتيب أولا بحسب تاريخ الوفاة الأسبق ، فعبد الرزاق أولا ثم سعيد بن منصور ثم ابن جرير ) فيقال : (فأخرجه وعبد الرزاق في تفسيره (1/433)و ابن جرير ( 6/388) من طرق أبي حمزة ومعمر عن الحسن ،وأخرجه سعيد بن منصور في تفسيره (الجزء / والصفحة )وابن جرير في تفسيره (6/388) من طريق يونس عن الحسن بألفاظ مختلفة .
وقول السدى أخرجه الطبري من طريق أسباط عنه ومن طريق عبد الرحمن الرؤاسي ( عن السدي )يرده إلى عبد الله ( بدون اضافة يرده إلى عبد الله )،وقول الحكم أخرجه الطبري( في تفسيره ( الجزء / الصفحة ) من طريق ابن أبي عنية عنه( عن الحكم ) ، وقول أبي مالك أخرجه الطبري من طريق( عن اسماعيل بن أبي خالد عن أبي مالك ) اسماعيل بن ابي خالد عنه
وأين توجيه هذا القول ؟؟!!
-القول الثالث:هم الصبيان خاصة (وقيل هم اليتامى وقيل ولد الرجل)
والقول بأنهم الصبيان من اليتامى :هو قول سعيد بن جبيروأخرجه الطبري ( في تفسيره ( الجزء / الصفحة ) )وابن أبي حاتم( في تفسيره ( الجزء / الصفحة )) من طريق سالم عنه ( عن سالم عن سعيد بن جبير ) .
والقول بأنهم ولد الرجل قول ابن عباس والحسن وابن زيد وأبي مالك
أما قول ابن عباس فقد أخرجه الطبري من طريق عطية العوفي ( بإسناد مسلسل بالعوفيين الضعفاء )عنه وقول الحسن أخرجه الطبري من طريق يونس عنه وقول ابن زيد اخرجه الطبرى من طريق ابن وهب عنه وقول أبي مالك اخرجه الطبري من طريق اسماعيل بن ابي خالد عنه
-القول الرابع :أنهم الخدم وهم شياطين الإنس وهو قول رواه ابن أبي حاتم بصيغة التضعيف عن أبي هريرة(وهو قول أبو هريرة ، أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره( 3/863) عن معاوية بن قرة عن أبي هريرة
توجيه القول : ؟؟!
-القول الخامس :السفهاء من الرجال والنساء وهو مروى عن مجاهد بسند ضعيف ويشهد له حديث أبي موسىى
فقد أخرج الهمذانى بسنده من طريق جابر قال سألت مجاهدا عن السفهاء قال :السفهاء من الرجال والنساء ،وعبد الرحمن بن حسن الهمذانى مضعف وهو يروى هذه النسخة من تفسير مجاهد بالوجادة
ويشهد لقول مجاهد ما أخرجه ابن جرير في تفسيره والحاكم في مستدركه وصححه من طريق الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى أنّه قال: ثلاثةٌ يدعون اللّه فلا يستجيب : رجلٌ كانت له امرأةٌ سيّئة الخلق فلم يطلّقها ،ورجل عليه دين فلم يشهد عليه ورجل أعطى ماله سفيها وقد قال الله {ولاتؤتوا السفهاء أموالكم}

تحرير المسألة :
السفه في اللغة :الجهل وأصله الخفة يقال ثوب سفيه أي خفيف ويقال للفاسق سفيه لأنه خفيف القدر هين عند المؤمنين والسفهاء الجهلاء ،ذكره النحاس في معانى القرآن
والمراد الجهلاء بالتصرف السديد في إنفاق المال فإن الله عزوجل ورسوله نهيا عن إضاعة المال وإضاعته تكون إما بإنفاقه في المعاصي أو بدفعه لمن لايحسن التصرف فيه فيبذره أو يسرف في إنفاقه فيتلفه
والذي لايحسن التصرف في الأموال وليس له عقل رشيد يحجره عن إضاعتها فإن الله نهى عن تمليكه المال ولكن يحجر عليه إما لحق نفسه بمنعه من التصرف في المال إن كان ماله حتى يبلغ مبلغ الرشد والعقل أو بعدم إعطائه المال ليتصرف فيه وأمر بالقيام على هؤلاء تصرفا وتدبيرا
وقد أشارت الأحاديث والآثار إلى أن السفيه قد يكون امرأة أو صبيا أو حتى رجلا فكل من لايحسن التصرف في الأموال فإنه يلزمه وصف السفيه ويدخل في الآية الكريمة فلا تختص الآية بصنف دون آخر وإن كان الغالب في هذا الوصف على النساء والصبيان فهم الضعفاء قليلو الخبرة والتجربة والعقل كما روى الحسن مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو معنى ماروى عن أبي موسى رضى الله عنه ومجاهد أيضا
قال صاحب التحرير والتنوير: والسفهاء يجوز أن يراد به اليتامى، لأنّ الصغر هو حالة السفه الغالبة، فيكون مقابلاً لقوله: {وآتوا اليتامى} لبيان الفرق بين الإيتاء بمعنى الحفظ والإيتاء بمعنى التمكين، ويكون العدول عن التعبير عنهم باليتامى إلى التعبير هنا بالسفهاء لبيان علّة المنع. ويجوز أن يراد به مطلق من ثبت له السفه، سواء كان عن صغر أم عن اختلال تصرّف، فتكون الآية قد تعرّضت للحجر على السفيه الكبير استطراداً للمناسبة، وهذا هو الأظهر لأنّه أوفر معنى وأوسع تشريعاً. وعلى هذا فإن الآية تشمل كل من كان السفه له صفة كائنا من كان، ،وهو خلاصة ما ذكره الطبري في المسألة

مسألة فقهية:
أقسام الحجر على السفهاء :

فتارةً يكون الحجر للصّغر؛ فإنّ الصّغير مسلوب العبارة.
وتارةً يكون الحجر للجنون، وتارةً لسوء التّصرّف لنقص العقل أو الدّين، وتارةً يكون الحجر للفلس، وهو ما إذا أحاطت الدّيون برجلٍ وضاق ماله عن وفائها، فإذا سأل الغرماء الحاكم الحجر عليه حجر عليه ،ذكره ابن كثير
المسألة الفقهية تذكر في آخر المسائل .
علوم الآية أو السورة
المسائل التفسيرية
المسائل العقدية
المسائل اللغوية
المسائل الفقهية

-حقيقة نسبة الأموال في قوله {أموالكم}( يحسن أن يكون الصياغة بأفضل من ذلك ، كأن يقال مثلا : المخاطب في قوله ( أموالكم ) أو يقال : مرجع كاف الخطاب في قوله ( أموالكم ))
-قيل أموال المخاطبين من الناس من الرشداء : فنهاهم الله تعالى أن يؤتوا السفهاء المستحقين للحجر أموالهم التى يملكونها فيسلطوهم عليها فيهلكوها ويضيعوها ولكن أمرهم بأن يقوموا هم عليهم فيرزقوهم ويكسوهم منها إن كانوا ممن تجب عليهم نفقتهم كأهله وبنيه ونحو ذلك وهو قول السدى وابن عباس وابن زيد وغيرهم كما روى ابن جرير
روى ابن جرير من طريق أسباط عن السدي لا تعط امرأتك وولدك مالك فيكونوا هم الّذين يقومون عليك، وأطعمهم من مالك واكسهم.
( أين التخريج هنا ؟؟؟؟!!)
-وقيل بل المراد أموال السفهاء أنفسهم ولكنها أضيفت إلى الولاة لأنهم قوامها ومدبروها
وهذا في حال كونهم أيتاما على سبيل المثال كما قال سعيد بن جبير :{أموالكم} قال {أموالهم} بمنزلة قوله {ولاتقتلوا أنفسكم} أو غير أيتام ممن يستحقون الحجر لصغر سن أو جنون أو فلس ونحوه
أين التخريج هنا ؟؟!!
الدراسة والترجيح:
أشار ابن جرير أن الله تعالى نهى المؤمنين ان يؤتوا السفهاء أموالهم أى أموال المنهيين ويدخل فيها أموال السفهاء أنفسهم لأن قوله {أموالكم} غير مخصوص بمال دون مال وإنما تخاطب العرب قوما بخطاب بعضه خبر وبعضه غيب والمعنى لا تؤتوا أيّها النّاس سفهاءكم أموالكم الّتي بعضها لكم وبعضها لهم فتضيعوها
ويرى ابن عاشور أن المراد أموال السفهاء المحجور عليهم التصرف فيها وعلل إضافة الأموال إلى ضمير المخاطبين لأن فيه إشارة بديعة إلى أن المال الرائج بين الناس هو حق لمالكيه المختصين به في ظاهر الأمر ولكنه عند التأمل تلوح فيه حقوق الملة جمعاء لأن في حصوله منفعة للأمة كلها فإن ما في أيدى بعض أفرادها من الثروة يعود إلى الجميع بالصالحة ...
وقد استبعد القول بأن الإضافة لأجل قيام أولياء السفهاء على أموالهم و القول بأن الإضافة حقيقية أيضا فيه بعد لأجل قصر المعنى عليه وجعله هو المقصود من الآية وإلا فلو جعل هذا أو ذاك وجها جائزا من لفظ الآية لكان وجه وجيه
ويظهرلى والله أعلم أن هذا القول من ابن عاشور له وجهه خاصة وأنه لاينفي الأقوال الأخرى لكنه أبرز بلاغة القرآن في التعبير عما لم يسبق إليه حكيم من الحكماء في الإقتصاد على حسب تعبيره والله أعلم

وأيضا هناك مسألة أخرى فاتك هنا أختي الفاضلة ، وهو دلالة إضافة الكاف إلى الأموال والتي ذكره ابن الجوزي والبغوي وغيرهم .
-معنى قوله تعالى {قياما}
أصله قوم ،قرئت قياما بالألف وقيما بكسر القاف وفتح الياء والمعنى واحد وهو ما به يتقوم المعاش وعلى القراءتين فالإخبار به عن الأموال إخبار بالمصدر للمبالغة والمعنى أن الأموال تقويم عظيم لأحوال الناس ،ذكره ابن عاشور
روى ابن جرير بسنده من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : وقوله (قياما) . بمعنى: قوامكم في معايشكم

-معنى قوله تعالى {وارزقوهم فيها واكسوهم}:( هذا تستخرجي منها مسائل أخرى : المراد بالرزق ، مرجع ضمير الهاء ،معنى الكسوة ، ..)
فأما من قال المراد بأموالكم أموال المؤمنين القائمين على هؤلاء السفهاء فيكون المراد بالرزق فيها الإنفاق عليهم منها طعاما وكسوة وما يحتاجون إليه
وأما من قال المراد أموال السفهاء فالمعنى أنفقوا عليهم من أموالهم فأطعموهم واكسوهم منها ،ذكره ابن جرير

-نكتة بلاغية في قوله تعالى {وارزقوهم فيها}:
عدل عن تعدية {ارزقوهم }ب{من} إلى {في}الدالة على الظرفية المجازية وعلة ذلك نفي توهم إنقاص ذات المال بما يؤخذ منه سواء أخذ من عينه أو من ثمنه أو نتاجه وأن ذلك يحصل متكررا ( أو كما وجهه الزمخشري اجعلوها أي الأموال محلا لرزقهم بأن تتجروا فيها وتتربحوا حتى تكون نفقتهم من الربح لا من أصل المال) ولو كان كما قال لاقتضى نهيا عن الإنفاق من أصل المال كما ذكر ابن عاشور
ولا أرى أن قول الزمخشري يقتضي نهيا عن الإنفاق من أصل المال وإنما هو تحضيض على فعل الأصلح والأنفع لمال اليتيم كما قال تعالى في سورة البقرة {ويسئلونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير}

-المراد بالقول المعروف {وقولوا لهم قولا معروفا}
والقول المعروف هو كل قول له موقع حال مقاله فالمعروف قد يكرهه السفيه إذا كان فيه صلاح نفسه
واختلف المفسرون في المراد به :
-فقيل هو العدة الجميلة بالبر والصلة أى تعدونهم برد أموالهم إليهم إن هم رشدوا وهو قول مجاهد أخرجه الطبري عنه ( أين تخريج القول ؟؟!!ووجه القول ؟؟!!)
-وقيل علموهم أمر دينهم ،ذكره الزجاج ( ووجه هذا القول ؟؟!!)
-وقيل ادعوا لهم إن كانوا ليسوا ممن تجب عليك نفقتهم ولا ممن وليت أمرهم وهو قول ابن زيد وأخرجه الطبري ( أين التخريج ووجه هذا القول ؟؟!!)
وقال الطبري :أولى هذه الأقوال بالصواب قول ابن جريج : أي قولوا يا معشر ولاة السّفهاء قولاً معروفًا للسّفهاء، إن صلحتم ورشدتم سلّمنا إليكم أموالكم وخلّينا بينكم وبينها، فاتّقوا اللّه في أنفسكم وأموالكم، وما أشبه ذلك من القول الّذي فيه حثٌّ على طاعة اللّه ونهي عن معصيته


تفسير قوله تعالى: {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا (6)

علوم الآية :
ينقصك مسألة الوقف والقراءات .
-أسباب النزول : عن عائشة رضي الله تعالى عنها في قوله تعالى
{وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} أنها نزلت في مال اليتيم إذا كان فقيرا فإنه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروف ."متفق عليه"
ويذكر إن قيل فيها سبب نزول آخر مع التحرير ، فقد ذكر فيه سبب نزول آخر أنها نزلت في ثابت بن رفاعة وعمه، وهو من حديث مرسل ، ذكره المزيني في المحرر.
-مناسبة الآية لما قبلها
-يجوز أن تكون هذه الجملة معطوفة على قوله تعالى {وآتوا اليتامى اموالهم}فتكون هذه الآية بيان لكيفية الإيتاء وعبر بالاسم الظاهر دون العدول إلى الضمير لبعد ما بين الآيتين من الفصل
-ويجوز أن تكون جملة {وابتلوا اليتامى}معطوفة على جملة {ولاتؤتوا السفهاء أموالكم }في الآية السابقة لها لتنزيلها منها منزلة الغاية للنهي وكأنها تبين أن لهذا النهى عن الإيتاء غاية وحد ؛فإن كان المراد بالسفهاء في الآية السابقة خصوص اليتامى فقد كان يتوقع أن يعبر بنفس الاسم الظاهر {السفهاء}أو بالإضمار ووجه ذلك أن هؤلاء السفهاء من الأيتام مرجو كمال عقولهم حال الإبتلاء والإختبار وزوال وصف السفه عنهم فالتعبير بلفظ السفهاء في مقام الإبتلاء الذى هو مظنة حصول نضوج العقل ورشده يشعر بنوع من التناقض هذا مع ما في العدول عن الضمير إلى الاسم الظاهر من زيادة الإيضاح والإهتمام بالحكم
وإن كان المراد بالسفهاء أعم من اليتامى وهو الأظهر ؛فإن تخصيص ذلك باليتامى يثير تساؤلا والجواب عنه بأن الاختبار يكون عند الوقت الذي يرجى فيه تغير الحال ووصف السفه يرجى زواله ممن يقارب ويناهز البلوغ فيحصل له كمال العقل والرشد وحسن التصرف المالى على الأغلب وهذا وصف مرجو تحققه في حال اليتامى وأما من كان سفهه حال الكبر فإنه لايعرف له وقت هو مظنة لتغير حاله وإمكان ابتلائه ولهذا عبر عن السفهاء باليتامى ،خلاصة ما ذكره ابن عاشور

ينقصك مسألة النسخ في الآية :

-المخاطب بقوله {وابتلوا} ( الأفضل أن تقولي في هذه المسألة : المخاطب في الآية ، حتى لا تضطري بقول ( المخاطب ادفعوا ، فأشهدوا ،..)
هذه مخاطبة للجميع، والمعنى: يخلص التلبس بهذا الأمر للأوصياء،ذكره ابن عطية

-معنى {وابتلوا }
الابتلاء في هذا المقام هو الاختبار والتجربة
وقال ابن جرير : واختبروا عقول يتاماكم في أفهامهم، وصلاحهم في أديانهم، وإصلاحهم أموالهم
فالمراد اختبار عقولهم ورأيهم بالتجربة وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد كما روى ابن جرير عنهم من طرق ( أين التخريج ؟؟!!)

-كيفية الإبتلاء
قال ابن عاشور:قال المالكية: يدفع لليتيم شيء من المال يمكنه التصرّف فيه من غير إجحاف، ويردّ النظر إليه في نفقة الدار شهراً كاملاً، وإن كانت بنتاً يفوّض إليها ما يفوّض لربّة المنزل، وضبط أموره، ومعرفة الجيّد من الرديء، ونحو ذلك، بحسب أحوال الأزمان والبيوت.

-معنى {اليتامى }
هو من مات أبوه وهو دون البلوغ
يحسن بك أن تذكري كلام أهل اللغة في معنى اليتيم .
-معنى {حتى إذا}
قال صاحب الدر المصون ، فيها قولان أشهرُهما: أنها حرف غاية دَخَلَتْ على الجملةِ الشرطية وجوابِها، والمعنى: وابْتَلوا اليتامى إلى وقت بلوغِهم واستحقاقِهم دَفْعَ أموالِهم بشرطِ إيناس الرُّشْد، فهي حرف ابتداء كالداخلة على سائر الجمل .
قلت: وهو ما ذكره صاحب الكشاف ولم يذكر وجها غيره ويكون على هذا المعنى الشروع في الإبتلاء قبل بلوغ النكاح لمكان حتى المؤذنة بالإنتهاء
والقول الثانى أنها حرف جر وما بعدها مجرور بها و{إذا} اسم زمان مجرد عن معنى الشرط لأن الفعل بعدها للمضي فلاتصلح أن تكون شرطا إلا بتأويل ،ذكره ابن عاشوروهو ما مال إليه ابن عطية أيضا
قلت: فيكون المعنى ابتلوا اليتامى وقت بلوغهم النكاح وربما يكون هذا المعنى هو مأخذ من جعل الإبتلاء بالمال بعد حصول البلوغ لخلو{ حتى} من معنى الإنتهاء ولكن إقادة معنى الظرفية فقط
ويشهد له قول ابن عباس الذي أخرجه الطبري من طريق على بن أبي طلحة عنه في قوله {حتى إذا بلغوا النكاح }قال :عند الحلم
والراجح :؟؟!!
-وقت الإبتلاء:
الآية ظاهرة في تقدّم الابتلاء والاستيناس على البلوغ لمكان (حتّى) المؤذنة بالانتهاء، وفيه قول أنّه لا يُدفع للمحجور شيء من المال للابتلاء إلا بعد البلوغ ،ذكره ابن عاشور.
تنبيه:
يترتب على الخلاف في معنى {حتى إذا} اعتبار الشروط في دفع أموال اليتامى إليهم
-فإن من أجاز أن تكون{ إذا }في هذا المقام للشرط اعتبر بلوغ النكاح شرطا لدفع المال وأما من يرى أنها ليست بشرطية وإنما ظرفية وحسب فلايعتبر عنده بلوغ النكاح شرطا لدفع المال وهذا ما أشار إليه ابن عطية وهذا نص كلامه :
قال القاضي أبو محمد: والتمثيل عندي في دفع المال بنوازل الشرطين-أي البلوغ والرشد- غير صحيح، وذلك أن البلوغ لم تسقه الآية سياق الشرط، ولكنه حالة الغالب على بني آدم أن تلتئم عقولهم فيها، فهو الوقت الذي لا يعتبر شرط الرشد إلا فيه، فقال إذا بلغ ذلك الوقت فلينظر إلى الشرط وهو الرشد حينئذ، وفصاحة الكلام تدل على ذلك، لأن التوقيف بالبلوغ جاء بـ {إذا} والمشروط – أي- قوله تعالى {فإن آنستم منهم رشدا} جاء بـ {إن} التي هي قاعدة حروف الشرط، و {إذا} ليست بحرف شرط لحصول ما بعدها .

فاتك ذكر مسألة : معنى البلوغ :

-المراد ببلوغ النكاح
المراد إذا بلغوا الحلم وهو قول ابن عباس ومجاهد وابن زيد والسدي كما أخرج الطبري في تفسيره
والمعنى بلغوا مبلغ الرجال بحلم أو بحيض كما ذكر ابن عطية
المراد ببلوغ النكاح ذكروا فيه ثلاثة أقوال :
القول الأول :الحلم ، وهو قول ....
التخريج
وجه هذا القول
القول الثاني :سن الخامس عشر ، وهو قول ....
التخريج
وجه هذا القول
القول الثالث :انبات الشعر ، وهو قول ..

التخريج
ووجه هذا القول
الترجيح :...

-علة تسمية بلوغ الإحتلام نكاحا
وذلك بناء على المتعارف عند العرب من التبكير بتزويج البنت عن البلوغ. ومن طلب الرجل الزواج عند بلوغه ،قاله ابن عاشور

-حد البلوغ في الشرع
-اتفق العلماء على أن البلوغ يحصل بالإحتلام أو بالحيض أو الحبل

مسألة فقهية :( تذكر في الأخير )
-وأما إن تخلف حصول البلوغ عن وقت مظنته في الذكر أو الأنثى فإن العلماء اختلفوا في ما يعرف به البلوغ وهو السن والإنبات
فاختلفوا في تعيين أقصى السن التى لايبلغها من لم يحتلم إلا احتلم ،واختلفوا في اعتبار الإنبات علامة على البلوغ أم لا؟
-الأقوال في السن الذي لايتخلف عنه أقصى البلوغ :
-قيل خمس عشرة سنة :وهو قول محمد بن قيس أخرجه ابن أبي حاتم عنه
وهو قول ابن وهب وأَصْبَغ وعبد الملك بن الماجشون وعمر بن عبد العزيز وجماعة من أهل المدينة، واختاره ابن العربي كما ذكر القرطبي
والحجة بحديث ابن عمر إذْ عُرض يوم الخَنْدق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجيز، ولم يُجَز يوم أُحُد؛ لأنه كان ابنَ أربع عشرة سنة. أخرجه مسلم
-قال ابن عاشور: ولا حجّة فيه إذ ليس يلزم أن يكون بلوغ عبد الله بن عمر هو معيار بلوغ عموم المسلمين، فصادف أن رآه النبي وعليه ملامح الرجال، فأجازه، وليس ذكر السنّ في كلام ابن عمر إيماء إلى ضبط الإجازة.
-وقال مالك وأبو حنيفة أقصى حد لايبلغه من لم يحتلم إلا احتلم سبعة عشر سنة وعن أبي حنيفة تسعة عشر سنة وهو الأشهر عنه وفي الجارية حتى سن سبعة عشر وعليها النظر وروى عنه اللؤلؤي ثمان عشرة سنة
-وقال داود لايبلغ بالسن حتى يحتلم
مسألة استطرادية :هل يعتد بالإنبات في حد البلوغ؟
قد دلّت السّنّة على ذلك في الحديث الّذي رواه الإمام أحمد، عن عطيّة القرظيّ، رضي اللّه عنه قال: عرضنا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم قريظة فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خلّي سبيله، فكنت فيمن لم ينبت، فخلّى سبيلي.
وقد أخرجه أهل السّنن الأربعة بنحوه وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ. وإنّما كان كذلك؛ لأنّ سعد بن معاذٍ، رضي اللّه عنه، كان قد حكم فيهم بقتل المقاتلة وسبي الذّرّيّة.
قال أبو عمر بن عبد البر: هذا فيمن عرف مولده، وأمّا من جُهل مولده وعدة سنّه أو جحده فالعمل فيه بما روى نافع عن أسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى أُمراء الأجْنَاد: ألا تَضرِبوا الجزية إلا على مَن جَرَت عليه المَوَاسِي..

-معنى {آنستم }
-أي عرفتم منهم وهو قول ابن عباس أخرجه ابن جرير من طريق على بن أبي طلحة
-في قراءة عبد الله {أحسيتم }أي وجدتم ومنها قوله تعالى {آنس من جانب ا لطور نارا}
قال مكى بن أبي طالب: علمتم وتبينتم، وأصله أبصرتم
وأصل الإيناس رؤية الإنسي أي الإنسان، ثمّ أطلق على أوّل ما يتبادر من العلم، سواء في المبصرات أو في المسموعات ،ابن عاشور

-وجه البلاغة في لفظة آنستم دون علمتم
قال ابن عاشور:للإشارة إلى أنّه إن حصل أوّل العلم برشدهم يدفع إليهم مالهم دون تراخ ولا مطل.

-معنى قوله {رشدا}
اختلف المفسرون في معنى الرشد على أقوال :
- العقل والصلاح في الدين ، رواه ابن جرير من طريق سعيد عن قتادة و من طريق أسباط عن السدي
- الصلاح ،صلاحا في دينهم وإصلاحا لأموالهم ، رواه ابن جرير من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس (وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 7/546) وابن أبي حاتم (3/865)عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ).،و من طريق مبارك عن الحسن ( وأخرجه ابن المنذر في تفسيره ( 2/568) من طريق هشام بْن حسان عَنْ الحسن بألفاظ متقاربة .)ورواه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير(وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/766) عن عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنُ جُبَيْرٍ.)
-وقال بعضهم بل ذلك العقل خاصة ،وهو قول مجاهد رواه ابن جرير من طريق منصور عنه وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله {رشدا} إذا أدرك اليتيم بحلم وعقلٍ ووقارٍ دفع إليه ماله ،وهو معنى قول الشعبي رواه ابن جرير من طريق شبرمة قال سمعته يقول :إن الرجل ليأخذ بلحيته ومابلغ رشده"
- الصلاح والعلم بما يصلحه وهو قول ابن جريج رواه ابن جرير من طريق حجاج عنه
-وقيل الرشد :إقامة الصلاة وهو قول عبيدة بن عمرو رواه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن سيرين عنه ويراد به صلاح الدين خاصة
-وقيل الرشد:سنة بعد الإحتلام وهو قول شبرمة رواه ابن أبي حاتم من طريق هشيم عنه
أين توجيه الأقوال ؟؟!!
الترجيح:
قال أبو جعفر: وأولـى هذه الأقوال عندي بـمعنى الرشد فـي هذا الـموضع: العقل وإصلاح الـمال؛ لإجماع الـجميع علـى أنه إذا كان كذلك لـم يكن مـمن يستـحقّ الـحجر علـيه فـي ماله، وحوز ما فـي يده عنه، وإن كان فـاجراً فـي دينه. وإذ كان ذلك إجماعاً من الـجميع، فكذلك حكمه إذا بلغ وله مال فـي يدي وصي أبـيه أو فـي يد حاكم قد ولـي ماله لطفولته، واجب علـيه تسلـيـم ماله إلـيه، إذا كان عاقلاً بـالغاً، مصلـحاً لـماله، غير مفسد؛ لأن الـمعنى الذي به يستـحقّ أن يولـي علـى ماله الذي هو فـي يده، هو الـمعنى الذي به يستـحقّ أن يـمنع يده من ماله الذي هو فـي يد ولـيّ، فإنه لا فرق بـين ذلك. وفـي إجماعهم علـى أنه غير جائز حيازة ما فـي يده فـي حال صحة عقله وإصلاح ما فـي يده، الدلـيـلُ الواضح علـى أنه غير جائز منع يده مـما هو له فـي مثل ذلك الـحال، وإن كان قبل ذلك فـي يد غيره لا فرق بـينهما. ومن فرق بـين ذلك عكس علـيه القول فـي ذلك، وسئل الفرق بـينهما من أصل أو نظير، فلن يقول فـي أحدهما قولاً إلا ألزم فـي الآخر مثله. فإن كان ما وصفنا من الـجميع إجماعاً، فبـين أن الرشد الذي به يستـحقّ الـيتـيـم إذا بلغ فأونس منه دفع ماله إلـيه، ما قلنا من صحة عقله وإصلاح ماله


-غرض تنكير {رشدا}

تنكير النوعية فمعلوم أن الرشد هنا يراد به الرشد في التصرف المالى فتساوت النكرة مع المعرف بلام الجنس
وقيل المراد بالتنكير: رشدا ما فيصدق على العقل في الجملة ولم يشترط حسن التصرف في المال وهذا الوجه مردود لأنه لاعموم في الرشد وهومن المواهى العقلية المحضة لا أفراد لها ،ذكره ابن عاشور

-معنى قوله {فادفعوا إليهم أموالهم}
أمر بتسليم الأموال لليتامى ذكورا كانوا أو إناثا عند تحقق الشروط المذكورة في الآية ( قول من ؟؟!!)

-سر التعبير بالدفع دون الإيتاء :
الدفع فيه معنى التسليم وهو تسليم الأموال التى كانت تحت الأولياء إلى المحجور عليهم وأما الإيتاء المعبر عنه في قوله تعالى {وآتوا اليتامى أموالهم }ففيه معنى الحفظ والرعاية وإعطائهم مايحتاجون إليه دون تسليمه له مقبل حلول الوقت المناسب لذلك ،خلاصة ما ذكره أبو السعود

-شروط دفع أموال اليتامى إليهم
اختلف العلماء في شروط دفع أموال اليتامى على أقوال:
-البلوغ، والرشد المختبر، وحينئذ يدفع المال،وهو قول مالك
-وأبو حنيفة يرى أن يدفع المال بالشرط الواحد ما لم يحتفظ له سفه
-ويرى ابن عطية أن البلوغ ليس شرطا إنما هو الوقت الذي لايعتبر شرط الرشد إلا فيه.
-وأما ابن عاشور فله رأي آخرمبنى على أسلوب الشرط في الآية:
فإن تركيب الآية الكريمة بقوله تعالى {حتى إذا بلغوا النكاح} الدالة على انتهاء الحجر بالبلوغ أصالة بشرط أن يعرف من المحجور رشد كما في قوله {فإن آنستم منهم رشدا}
فالشرط الأول المفهوم من قوله {إذا بلغوا النكاح}مقيد بالشرط الثانى {فإن آنستم}وهو جوابه ولذا قرن بالفاء ليكون نصا في الجواب وتكون {إذا }نصا في الشرط فيتحصل من مجموع الشرطين في الآية أن مجموعهما سبب لتسليم المال للمحجور عليهم وأنه لايكفي حصول أحدهما ولا النظر إلى الذي يحصل منهما ابتداء و القاعدة العامّة في كلّ جملة شرط بنيت على جملة شرط آخر، فلا دلالة لهما إلاّ على لزوم حصول الأمرين في مشروط واحد

فائدة:
-الآية أيضاً صريحة في أنّه إذا لم يحصل الشرطان معاً: البلوغ والرشد، لا يدفع المال للمحجور. واتّفق على ذلك عامّة علماء الإسلام، فمن لم يكن رشيداً بعد بلوغه يستمرّ عليه الحجر، ولم يخالف في ذلك إلاّ أبو حنيفة لأنه لايعتبر مفهوم الشرط

-معنى قوله تعالى {ولا تأكلوها إسرافا}( يحسن بك أن تستخرجي مسائل ذلك : المراد بالأكل ، معنى الإسراف ،..)
-وأكلها: بإنفاقها واستهلاكها في منافع الأولياء وأهليهم من غير حاجة ضرورية بل على سبيل التوسع والجشع وهو معنى الإسراف
-وأصل الإسراف تجاوز الحد المباح إلى مالم يبح إفراطا كما قال ابن جرير
-وروى ابن أبي حاتم من طريق عطاء عن سعيد بن جبير في قوله إسرافا: قال تأكلوها بغير حق

-سر التعبير بالأكل دون الإنفاق
وعبر بالأكل دون الإستهلاك ونحوه لأنه الأغلب في الإستهلاك ولأن معظم أموال اليتامى كانت أعيانا من أنعام وتمر وحب لا ممايختزن أو يعسر نقله كالعقار فكان يسهل اكلها ،ذكره ابن عاشور

-معنى {وبدارا أن يكبروا}( معنى بدارا)
بدارا:من المبادرة وهى الإسراع في أكل مال اليتيم خشية أن يبلغ فيجد ما يطالب به( قول من ؟؟!!)
روى ابن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {بدارا}يعني، يأكل مال اليتيم ببادرةٍ، فعند أن يبلغ فيحول بينه وبين ماله
روى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير من طريق عطاء بن يسار عنه قال {أن يكبروا}خشية أن يبلغ الحلم فيأخذ ماله

-إعراب {إسرافا } ( هذه المسألة قبل التي قبلها )
منصوبة على الحال أو على النيابة عن المفعول المطلق والمقصود تشويه حالة الأكل عن سرعة وإسراف،ابن عاشور

-فائدة تذييل النهى عن أكل أموالهم بقوله {إسرافا وبدارا}
لأن في ضمنه تخصيص لعموم النهى عن الاكل بحال الأكل بالمعروف كما سيأتى ،ذكره ابن عاشور

مسألة معنى الغنى ؟!:

-المراد بقوله {ومن كان غنيا}
- قيل هو الوصي :روى ابن أبي حاتم من طريق عروة عن عائشة قالت نزلت في والى اليتيم،وروى عن سعيد بن جبير من طريق عطاء عنه قال:ومن كان غنيا يعنى الوصي
-وقيل هو اليتيم :رواه ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد وربيعة من طريق نافع القارىء أنه سألهما عن قوله {ومن كان غنيا فليستعفف}قالا ذلك في اليتيم إن كان غنيا فلينفق عليه بقدر غناه ولم يكن للولي منه شيء

-معنى قوله {ومن كان غنيا فليستعفف}
-ومن كان غنيا من أولياء اليتامى فليستعفف عن مال يتيمه ويستغنى عنه بماله وهو قول ابن عباس رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن حكم عن مقسم عنه وقول إبراهيم رواه ابن جرير من طريق منصور عنه وقول الحسن رواه ابن أبي حاتم عنه من طريق مبارك.
-وقيل إن كان اليتيم غنيا فلينفق واليه عليه بقدر غناه وليستعفف الولى فلايأخذ منه شيئا وهو قول يحيى بن سعيد وربيعة
قال ابن حجر في الفتح : وأغرب ربيعة فقال المراد خطاب الوليّ بما يصنع باليتيم إن كان غنيًّا وسّع عليه وإن كان فقيرًا أنفق عليه بقدره وهذا أبعد الأقوال كلّها

والراجح:القول الأول وهو أن المراد والي اليتيم إن كان غنيا فليستعفف عن مال يتيمه ولايأكل منه حفظا لمال يتيمه طالما أنه مستغن بماله ولا حاجة له في الأكل منه فإن أكل منه فيكون أكله بغير حق وهذا المعنى موافق لسياق الآية وظاهر لفظها حيث قال بعدها {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}
وأما القول الثانى أن المراد اليتيم إن كان غنيا فواليه يستعف عن ماله فإن له وجها لأنه إن أراد مخاطبة الأولياء والأوصياء على أيتامهم الأغنياء فربما طمع في مال يتيمه لكثرته ووفرته فينفق منه بغير وجه حق ضنا بمال نفسه وخوفا عليه فأمروا أن يستعفوا عن مال أيتامهم الأغنياء ،ولا أرى هذا المعنى مضادا للقول السابق بل يتوافق معه إلا أن الأول أظهر وعليه أكثر قول السلف وقد روى عن عائشة رضي الله عنها في قوله {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}قالت نزلت في والى اليتيم ... متفق عليه .

-معنى {فليستعفف}
قيل:يستعف عن الحرام فهو عليه كالميتة والدم ،قول الشعبي رواه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن السائب عنه
ووجهه أنه إن كان غنيا فليس له أن يأكل من مال يتيمه لأن الله تعالى قيد الأكل منه بحال الفقر والحاجة فمن أكل بغير حق فقد أكل حراما
وقيل يستعف :بالباه وهو قول إبراهيم بن محمد محتجا بقول عمر {التمسوا الغنى في الباه}
ولا أعلم له وجه في تفسير الآية

معنى الفقير ؟؟ :
-المراد بالمعروف {فليأكل بالمعروف}
اختلف العلماء في المراد بالمعروف على أقوال ومبناها على الخلاف في كون الآية محكمة أم منسوخة :
-قيل المعروف :القرض يستقرض من مال يتيمه إن احتاجه ثم يرده إذا أيسر ، وهو قول عمر وابن عباس وعبيدة السلمانى وسعيد بن جبير ومجاهد وأبي وائل وأبي العالية كما روى ابن جرير عنهم جميعا من طرق ( التخريج ؟؟!!)، وقال الشعبي الأكل منه حال الإضطرار كما يضطر إلى الميتة فإن أكل منه قضاه وهو ،رواه ابن جرير من طريق عطاء بن السائب عنه ونسبه أبو جعفر النحاس مرويا عن ابن عباس من طريق عكرمة بغير إسناد

وحجة هذا القول ما قال أبو العالية والثورى كما روى ابن جرير :ألا ترى إلى قوله {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم } ففهموا منه أن الدفع والإشهاد عليه إنما يكون للمال المودع فلايحل الأخذ منه إلا على سبيل القرض والرد والله أعلم وأما قول الشعبي فتعقبه ابن عاشور فقال: وهو أضعف الأقوال لأنّ الله ناط الحكم بالفقر لا بالاضطرار، وناطه بمال اليتيم، والاضطرار لا يختصّ بالتسليط على مال اليتيم بل على كلّ مال.
- المعروف :أن يأكل منه غير مسرف ولا قضاء عليه فقيل: يأكل بأطراف أصابعه ولايكتسي منه ،مروى عن ابن عباس و هو قول عكرمة والسدي كما روى ابن جرير من طرق عنهم إلا أن قول ابن عباس يحكيه السدى عمن سمع من ابن عباس بدون تصريح باسمه ففيه انقطاع ولايثبت عن ابن عباس .
وقيل يأكل مايسد جوعه ويوارى عورته وهو قول إبراهيم النخعي رواه ابن جرير عنه من طرق عن المغيرة عنه(وقول إبراهيم أخرجه سعيد بن منصور في سننه ( 3/1166)و ابن جرير في تفسيره (/)وابن أبي حاتم في تفسيره عن المغيرة عن إبراهيم . وقول أبي معبد رواه ابن جرير من طريق الوليد بن مسلم وقد صرح فيه بالتحديث عنه
-المعروف: قوته ،أكل تمره وشرب رسل ماشيته بقيامه على ذلك، فأمّا الذّهب والفضّة فليس له أخذ شيءٍ منهما إلاّ على وجه القرض وهو قول ابن عباس والحسن والشعبي وأبي العالية كما روى ابن جرير عنهم
ووجه هذا القول أن الرخصة في الأكل لا التمول وكان الأكل من النخل تمرا والشرب من رسل الغنم وأما الأموال التى يتمول بها من الذهب والفضة فلا لقوله {فإذا دفعتم إليهم اموالهم} وقد روى ابن جرير عن قتادة من طريق سعيد عنه قال : ذكر لنا أنّ عمّ ثابت بن رفاعة - وثابتٌ يومئذٍ يتيمٌ في حجره - من الأنصار أتى نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: يا نبيّ اللّه، إنّ ابن أخي يتيمٌ في حجري،
فما يحلّ لي من ماله؟ قال{ أن تأكل بالمعروف من غير أن تقي مالك بماله، ولا تتّخذ من ماله وفرًا }وكان اليتيم يكون له الحائط من النّخل، فيقوم وليّه على صلاحه وسقيه، فيصيب من ثمرته، أو تكون له الماشية، فيقوم وليّه على صلاحها، أو يلي علاجها ومؤنتها فيصيب من جزازها وعوارضها ورسلها، فأمّا رقاب المال وأصول المال، فليس له أن يستهلكه
-المعروف :أن يأخذ الوليّ بقدر أجرته إذا عمل لليتيم عملا، وهو قول روى معناه عن: ابن عباس رواه ابن جرير والنحاس من طريق القاسم بن محمّدٍ ،ورواه ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح من طريق ابن أبي نجيح
-المعروف : له أن يأكل من جميع المال إذا كان يلي ذلك وإن أتى على المال ولا قضاء عليه،وهو قول عطاء وإبراهيم كما روى ابن جرير من طرق عنهم ( التخريج ؟؟!!)
-وقيل المعروف :أن يقتر الوصي على نفسه حتى لايمد يده إلى مال يتيمه ،قول ابن عباس رواه ابن أبي حاتم من طريق مقسم عنه
-وقيل المعروف :إن كان اليتيم فقيرا أنفق عليه وصيه بقدر فقره ولايأكل هو منه شيئا وهو قول يحيى بن سعيد وربيعة أخرجه ابن أبي حاتم ( التخريج ؟؟!!)
قال المالكية: يأخذ الوصي بقدر أجرة مثله، وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا يأخذ إلاّ إذا سافر من أجل اليتيم يأخذ قوته في السفر،ذكره ابن عاشور

خلاصة الأقوال وتحرير المسألة :
-من قال الآية محكمة فعندهم جواز الأكل من مال اليتيم إذا احتاج لذلك بالمعروف واختلفوا في المراد بالمعروف على أقوال:
-الأول :الأكل على سبيل القرض فيرده عند تيسر حاله وإلا فلومات معسرا فإما أن يتحلل يتيمه منه أو أنه معفو عنه للعذر
-الثانى :الأكل على سبيل أخذ الأجرة أجرة المثل إذا عمل لليتيم عملا في ماله
-الثالث:أن يأكل عند حاجته بمقدار القوت غير مسرف ولا متأثل ومنهم من قال يأكل مايسد جوعته ولايكتسي ومنهم من قال يأكل مايسد الجوع ويوارى العورة وفي كلا الحالين لايقضي إذا وجد
-الرابع :أن يأكل على سبيل الإضطرار كاضطراره لأكل الميتة والخنزير فإذا أيسر قضاه وإلا فلا

وأما القول بنسخ الآية : فهو مروى عن ابن عباس رواه أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ وابن الجوزى في نواسخ القرآن من طريق ابن جريج عن عطاء الخراسانى عنه وعطاء الخراسانى لم يلق ابن عباس فحديثه عنه مرسل ولفظه :قال: نسخ من ذلك الظّلم والاعتداء فنسخها {إن الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما} ورواه أيضا ابن الجوزى من طريق العوفيين المسلسل بالضعفاء عنه
وبهذا يتبين أن القول بالنسخ المروى عن ابن عباس غير ثابت وقد رد القول بالنسخ علم الدين السخاوى في جمال القراء وقد روى عنه القول بأن المعروف الأكل على سبيل القرض وهو قول قد صح عنه ومروى عنه قول ثالث فيه تأويل معنى الأكل بالمعروف كما سبق

الراجح: يرى ابن جرير أن المراد بالمعروف الأكل من مال اليتيم عند الضرورة والحاجة على وجه الإستقراض وعلة ذلك عنده:
-أن والى اليتيم لايملك من مال يتيمه إلى القيام عليه لمصلحة يتيمه بالإجماع فهو لايملك أن يستهلكه ولايجوز لأحد أن يستهلك مال غيره ؛فإن تعدى واستهلكه بأكل أو بغيره فعليه ضمانه شأنه في ذلك شأن غيره إلا أنه يملك الإستقراض منه أو عليه للقيام على مصلحته
قلت:فكل مال عليه ضمان حال تلفه فهو لايحل إلا على سبيل القرض والرد ولذا قال تعالى {فأشهدوا عليهم }وذلك لأن الله جعل الوصي غير مصدق بدفع المال للمحجور إلا ببينة كما هو عند المالكية
-أن الأكل من مال اليتيم لايراد به معنى الإعتياض على القيام بشئونه فيأكل من ماله مقابل القيام عليه لأن ذلك معلوم بالإجارة فيؤاجر نفسه من يتيمه بأجرة معلومة غنيا كان الوالى أو فقيرا وإنما أذن الله بأكل مال اليتيم في حال مخصوصة وأما الإجارة فهى لاتختص بحال دون حال
-ووجه آخر وهو أن تأويل المعروف في الآية بجواز الأكل حال الفقر لا على وجه القرض غير مجمع عليه خاصة وأن والى اليتيم غير مالك لماله وأن أكله قرضا قد قال به من الصحابة والتابعين ماقد علم ومضى
-وبالقياس على أموال المجانين والمعاتيه المولى عليهم فإنه لايجوز الأكل من أموالهم على غير سبيل القرض
قلت:ويضاف إلى ذلك عدم ثبوت القول بالنسخ عن ابن عباس والقول بالنسخ يحتاج إلى دليل صحيح صريح فالراجح ما رجحه ابن جرير والسخاوى وهو قول أكثر السلف وهو الأليق لأن الأصل في أموال الغير الحظر لا الإباحة والله أعلم

-هل الأمر بالإشهاد على سبيل الوجوب في قوله {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم}
قال ابن عاشور: قال جماعة لم يسم أصحابها إن لوحظ ما فيه من الاحتياط لحقّ الوصيّ كان الإشهاد مندوباً لأنّه حقّه فله أن لا يفعله، وإن لوحظ ما فيه من تحقيق مقصد الشريعة من رفع التهارج وقع الخصومات، كان الإشهاد واجبا
( حرري الأقوال ثم رجحي بينها )

-معنى قوله تعالى {وكفى بالله حسيبا}

أي: وكفى باللّه محاسبًا وشهيدًا ورقيبًا على الأولياء في حال نظرهم للأيتام، وحال تسليمهم للأموال: هل هي كاملةٌ موفّرةٌ، أو منقوصةٌ مبخوسة مدخلةٌ مروّجٌ حسابها مدلّسٌ أمورها؟ اللّه عالمٌ بذلك كلّه. ولهذا ثبت في صحيح مسلمٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :يا أبا ذرٍّ، إنّي أراك ضعيفًا، وإنّي أحبّ لك ما أحبّ لنفسي، لا تأمّرن على اثنين، ولا تلينّ مال يتيم" ،ذكره ابن كثير
( هناك يحتاج الأمر إلى تحرير الأقوال ، لأنه هناك قولين في المسألة :
الأول : أي كافيا
الثاني : محاسبا
-مناسبة تذييل الآية بهذا الاسم {حسيبا}
،ذكره ابن عاشور لأنّها وصيّات وتحريضات فوكل الأمر فيها إلى مراقبة الله تعالى
أحسنت بارك الله فيك وجعله في ميزات حسناتك ،عمل يستحق أن نتعب عليه وإن أصبنا أو أخطأ نتقرب به إلى الله ،هذه ملحوظات وجدتها بالإضافة إلى الفواصل والنقاط ، وقد أخطأ أو أصيب ، والله تعالى أعلم ، أسأل الله ان يعلمنا ما ينفعنا ويجعل أعمالنا خالصة له .

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الخامس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:19 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir