دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > بانت سعاد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 محرم 1430هـ/16-01-2009م, 06:11 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي (تابع) شرح جمال الدين محمد بن هشام الأنصاري

قالَ رَحِمَه اللهُ تعالى:
26- تَخْذِي على يَسَرَاتٍ وهي لَاحِقَةٌ = ذوابِلٌ مَسُّهُنَّ الأرضَ تَحليلُ
الْخَذْيُ والْخَذَيانُ والوَخْذُ: ضَرْبٌ مِن السيرِ. يُقالُ: خَذَى بالمعْجَمَتَيْنِ مَفتوحتينِ يَخْذِي بالكسْرِ خَذْيًا وخَذَيَانًا، ووَخْذَ يَخِذُ وَخْذًا، وخَوَذَ يَخوذُ تَخْوِيذًا، اسْتُعْمِلَتْ فيه التقاليبُ الثلاثةُ بمعنًى، وليس واحدٌ منها مَقلوبًا؛ لاستكمالِ كلٍّ منها تصاريفَه، ولذلك خُطِّئَ مَن قالَ في " جَذَبَ " و " جَبَذَ ": إنَّ أَحَدَهما مَقلوبٌ مِن الآخَرِ؛ لقولِهم: جَذَبَ يَجْذِبُ جَذْبًا، وجَبَذَ يَجْبِذُ جَبْذًا.
و " الْيَسَرَاتُ ": قالَ التِّبريزيُّ: القوائمُ. والصوابُ قولُ الجوهريِّ: إنها القوائمُ الْخِفافُ، واشتقاقُها مِن اليُسْرِ، وهو حاصِلٌ مَعَ الْخِفَّةِ حُصولًا أكْمَلَ.
واللاحِقَةُ: الضامِرَةُ , أي: الخفيفةُ اللحْمِ.
وضميرُ " هي " لليَسَرَاتِ , لا الناقةِ لأمرينِ:
أحدُهما: قولُه: ذَوابِلُ مَسُّهُنَّ الأرضَ تحليلُ. وذلك مِن صِفاتِ القوائمِ خاصَّةً.
والثاني: أنه إن لم يُحْمَلْ على ذلك، تَنَاقَضَ مع قولِه: قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عن عُرُضٍ، وقد يُقالُ: التناقُضُ لازِمٌ له ؛ لقولِ: " فَعْمٌ مُقَيَّدُهَا " ؛ إذ معناه أنَّ أَطرافَها غَليظةٌ، ويُجابُ بأنَّ الْمُرادَ بالفُعومةِ: غِلَظُ الأعصابِ والعِظامِ، وبالضُّمورِ: قِلَّةُ اللحمِ، فلا تَنافِيَ، وإذا كانت القوائمُ قليلةَ اللحمِ لم تكن رَهْلَةً، ولا مُسْتَرْخِيَةً، وكان ذلك أَسرَعَ لرَفْعِ قَوائِمِها وبَسْطِها.
ورَوَى عبدُ اللطيفِ " لاهِيَةٌ " بَدَلَ " لاحقةٌ " ولا إشكالَ عليه، والمعنى: أنها تُسْرِعُ مِن غيرِ اكتراثٍ، كأنَّ ذلك سَجِيَّةٌ لها، فهي تَفْعَلُه وهي غَافِلَةٌ عنه.
والواوُ مِن قولِه: " وهي " إمَّا زائدةٌ في أَوَّلِ الجملةِ الموصوفةِ بها " يَسَرَاتٌ "، كما قالَ بعضُهم في قولِه تعالى : { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ } أو هي واوُ الحالِ، وسَوَّغَ مَجيءَ الحالِ مِن النَّكرةِ وهي " يَسراتٍ " عَدَمُ صلاحِيَةِ الجملةِ الوصفِيَّةِ لاقترانِها بالواوِ، ومِثلُهُ قولُه تعالى: { أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا } وقولُ الشاعرِ ( البحر الطويل )

مَضَى زَمَنٌ والناسُ يَستَشْفِعُونَ بي = فهل لي إلى لَيْلَى الغَداةَ شَفيعُ
ومَن رَوَى " لاهيةٌ " فالواوُ للحالِ لا غيرُ، وصاحبُها الضميرُ " تَخْذِي "
وقولُه: " ذوابلٌ " جَمْعُ " ذابِلٍ " وهو اليابِسُ، وهي خَبَرٌ ثانٍ، أو خَبَرٌ لِمَحذوفٍ، ويَجوزُ نَصْبُها حالًا مِن ضميرِ " لاحقةٌ " وجَرُّها صفةٌ لـ " يَسراتٍ " وإنما تُؤَنَّثُ للضرورِة، كقولِه: قَوَاطِنًا مَكَّةَ مِن وَرَقِ الْحِمَى.
وقولُه : " مَسُّهُنَّ الأرضَ تَحليلُ " إشارةٌ إلى سُرْعَةِ رَفْعِها قوائمَها، وذلك أنَّ التحليلَ مِن " تَحِلَّةِ اليمينِ " فالمعنى أنَّ مَسَّهُنَّ الأرضَ قليلٌ، كما يَحْلِفُ الإنسانُ على الشيءِ لَيَفْعَلَنَّهُ، فيَفعلُ منه اليَسيرَ، ليَتَحَلَّلَ به مِن قَسَمِه، هذا أَصْلُه، ثم كَثُرَ حتى قِيلَ لكلِّ شيءٍ لم يُبالَغْ فيه، وفي الحديثِ: (( لَا يَمُوتُ لِأَحَدِكُمْ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ )) وقالَ جَماعةٌ مِن الْمُفَسِّرِينَ: إنَّ اليمينَ هنا على الأَصْلِ الذي هو القَسَمُ, لا أنه كِنايةٌ عن القِلَّةِ ؛ وذلك أنَّ اللهَ تعالى يقولُ: { وِإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا } والمعنى: أنَّ النارَ لا تَمَسُّه إلا بِمِقدارِ ما يَبَرُّ اللهُ تعالى قَسَمَه، وفي هذا القولِ نَظَرٌ؛ لأنَّ الجملةَ لا قَسَمَ فيها، اللهمَّ إلا إنْ عُطِفَتْ على الجُمَلِ التى أُجيبَ بها القَسَمُ مِن قولِه تعالى: { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ } إلى آخِرِها، وفيه بُعْدٌ.
قالَ رَحِمَه اللهُ تعالى:
27- سُمْرُ العُجَاياتِ يَتْرُكْنَ الْحَصَى زِيَمًا = لم يَقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكْمِ تَنعيلُ
" العُجاياتُ " والعُجَاوَاتُ، بضَمِّ العينِ الْمُهْمَلَةِ، وبالجيمِ: جَمْعُ عِجايةٍ، وعَجاوةٍ، وهي عندَ الأَصْمَعِيِّ: لَحْمَةٌ مُتَّصِلَةٌ بالعَصَبِ الْمُنْحَدِرِ مِن رُكبةِ البعيرِ إلى الفَرْسَنِ.
وقالَ الجوهريُّ: العُجايتانِ: عَصَبَتَانِ في باطنِ يَدَي الفَرَسِ، وأَسْفَلَ منها هَناةٌ كالأظفارِ، ويُقالُ لكلِّ عَصَبٍ مُتَّصِلٍ بالحافِرِ: عُجايةٌ.
وقالَ التِّبريزيُّ: العُجايةُ: عَصَبُ قوائمِ الإبِلِ والخيلِ.
والزِّيَمُ بكَسْرِ الزايِ، وفَتْحِ الياءِ: الْمُتَفَرِّقُ، أي: أنها لشِدَّةِ وَطْئِها الأرضَ، تُفَرِّقُ الْحَصَى.
والأُكْمُ مُخَفَّفٌ مِن الأُكُمُ بضَمَّتَيْنِ: أي: أنها لا تَحْفَى في سَيْرِها، تَفْتَقِرُ إلى النَّعْلِ.
وهنا ثلاثُ مَسائلَ:
الأُولَى: فِعَلٌ بكَسْرِ الأَوَّلِ وفَتْحِ الثاني، كثيرٌ في الأسماءِ كضِلَع، وأَمَّا في الصفاتِ، فقالَ سِيبويهِ: لا نَعْلَمُه جاءَ صِفةً إلا في حَرْفٍ مُعْتَلٍّ يُوصَفُ به الْجَمْعُ، وهو: قَومٌ عِدًى. انتهى. وكذا قالَ يَعقوبُ: لم يَأْتِ " فِعَلٌ " في النُّعوتِ إلا حَرْفٌ واحدٌ، يُقالُ: قَومٌ عِدًى: أي: غُرَمَاءُ، أو أَعداءٌ. قالَ: ( البحر الطويل )

إذا كُنتَ في قومٍ عِدَى لستَ مِنهم = فكلْ ما عَلِقْتَ مِن خَبيثٍ وطَيِّبِ
وقالَ الأَخْطَلُ: ( البحر الطويل )
ألا يا اسْلَمِي يا هِندُ هندَ بَنِي بَكْرِ = وإن كان حَيَّانَا عِدَى آخِرَ الدَّهْرِ
يُرْوَى بالضَّمِّ والكَسْرِ، وقد أُورِدَ عليهما أَلفاظٌ:
أحدُها: " زِيَمٌ " بمعنى مُتَفَرِّقٍ، كما في هذا البيتِ، وفي قولِ الآخَرِ: ( البحر البسيط )
باتَتْ ثَلاثَ لَيالٍ غيرَ واحدةٍ = بذِي الْمَجَازِ تُرَاعِي مَنْزِلًا زِيَمًا
أي: مُتَفَرِّقَ البَنَاتِ، " وذو الْمَجَازِ " سُوقٌ عَظيمةٌ كانت تُقامُ في الجاهليَّةِ بِمِنًى، ومِثْلُها " عُكاظُ " بالظاءِ الْمُشَالَةِ مَمنوعةُ الصرْفِ، كانتْ تُقامُ بنَاحِيَةِ مَكَّةَ في كلِّ سَنَةٍ شَهْرًا، يَتبايَعونَ، ويَتناشدونَ الشِّعْرَ، ويَتَفَاخَرُونَ، وكذلك " مَجَنَّةُ " بفَتْحِ الميمِ: مَوْضِعٌ تُقامُ به سُوقٌ على أَميالٍ مِن مَكَّةَ في الجاهليَّةِ. قالَ: ( البحر الطويل )
وهل أَرِدَنْ يَوْمًا مِياهَ مَجَنَّةٍ = وهل يَبْدُوَنَّ لي شامَةٌ وطَفِيلُ

والثاني: ماءُ صِرًى: للذي طَالَ مُكْثُهُ، رُوِيَ بضَمِّ الصادِ المهمَلَةِ وكَسْرِها، كما رُوِيَ " عِدًى " بهما إذا كان بمعنى الأعداءِ.
والثالثُ: " قِيَمًا " في قراءةِ بعضِهم: ( دِينًا قِيَمًا ).
والرابعُ: " سِوَى " بمعنى: مُسْتَوٍ في قولِه تعالى: { مَكَانًا سِوًى } ولا تكونُ هذه " سِوَى " الظرفيَّةَ؛ لأنَّ تلك مُلازِمَةٌ للإضافةِ، ويَصِحُّ أن يَخْلُفَها كَلِمَةُ " غيرُ " .
وقد أُجيبَ عن سِوًى وصِرًى بأنهما اسْمَانِ للمُسْتَوِي، وللطويلِ الْمُكْثِ، ثم وُصِفَ بهما، بدليلِ قولِهم: بُقْعَةٌ سِوًى، ومِياهٌ صِرًى، فلم يُطَابِقا الموصوفَ في التأنيثِ، كما تَقولُ: مَرَرْتُ بأَرْضٍ عَرْفَجٍ , وأُجيبَ عن " قِيَمٍ " بأنه مَصْدَرٌ مَقصورٌ مِن القِيامِ، ولهذا أُعِلَّتْ عَيْنُه، ولو كان غيرَ مَقصورٍ لصَحَّ، كما يُقالُ: حالَ حِوَلًا، واسْتَدْرَكَ الزَّبِيْدِيُّ قولَهم: ماءٌ رِوًى، وهو خَطَأٌ؛ لأنَّه مَصْدَرٌ وُصِفَ به، كما يُقالُ: رَجُلٌ رِضًى.
المسألةُ الثانيةُ: الأُكُمُ بضَمَّتَيْنِ جَمْعُ إِكامٍ، ككُتُبٍ جَمْعُ كِتابٍ، والإكامُ جَمْعُ أَكَمٍ، كالجِبالِ جَمْعُ جَبَلٍ، والأَكَمُ جَمْعُ أَكَمَةٍ، كالثَّمَرِ جَمْعُ ثَمَرَةٍ، ويُجْمَعُ الأَوَّلُ وهو الأُكُمُ على آكَامٍ، كما يُقالُ: عُنُقٌ وأَعناقٌ، ونَظيرُه جَمْعُ ثَمرةٍ على ثَمَرٍ، كشَجرةٍ وشَجَرٍ، وجَمْعُ ثَمَرٍ على ثِمارٍ كجِبالٍ، وجَمْعُ ثِمارٍ على ثُمُرٍ كَكُتُبٍ، وجَمْعُ ثُمُرٍ على أَثمارٍ كأَعناقٍ، ذَكَرَها الجوهريُّ، وحُكِيَ الثاني عن الفَرَّاءِ، ولا أَعْرِفُ لهما نَظيرًا في العربيَّةِ.
المسألةُ الثالثةُ: ذَهَبَ عليٌّ رَضِيَ اللهُ عنه ومَن وَافَقَه إلى أنَّ الْمُرادَ. بـ " العَادياتِ " الإِبِلُ التي يُحَجُّ عليها، وأنَّ الْمُرادَ بـ " جَمْعٍ " الْمُزْدَلِفَةُ لاجتماعِ الناسِ بها، وذلك أنَّ مَن عَدَا أهلَ مَكَّةَ كانوا بعَرفاتٍ؛ لأنَّها مَوْقِفُ الأنبياءِ عليهم السلامُ، وكان الْمَكِّيُّونَ يَقِفُونَ بِمُزْدَلِفَةَ، ويقولون: نحنُ خُدَّامُ الْحَرَمِ، فلا نَتجاوَزُهُ إلى الْحِلِّ، فإذا أَفاضَ الوَاقفونَ بعَرَفَةَ، اجْتَمَعُوا معهم في مُزْدَلِفَةَ، فأَمَرَ اللهُ تعالى الْمَكِّيِّينَ بالوُقوفِ بعَرَفَةَ بقولِه تعالى: { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ } أي: مِن عَرفاتٍ.
وزَعَمَ الأكثرونَ أنَّ الْمُرادَ بـ "العادياتِ": خَيْلُ الغُزاةِ، واسْتَدَلُّوا بثلاثةِ أُمورٍ:
أحدُها: أنَّ الخيلَ هي التي تَقْدَحُ النارَ بحوافِرِها إذا صادَفَتِ الْحِجارةَ، بخِلافِ أَخفافِ الإِبِلِ.
والثاني: أنَّ الضَّبْحَ صَوْتٌ يَخرُجُ مِن أَجوافِ الخيلِ لا الإبِلِ
والثالثُ: أنَّ النَّقْعَ غُبارُ الحربِ.
وأُجيبَ بأنَّ الإبِلَ إذا أَجْهَدَت نفسَها في السَّيْرِ سُمِعَ لها صوتٌ يُشْبِهُ الضَّبْحَ، وثارَ لها غُبارٌ يُشْبِهُ النَّقْعَ، ودَفَعَت الحجارةَ بعضَها في بعضٍ، فأَوْرَت النارَ، وبأنَّ الْحُجَّاجَ لَمَّا كانوا يَدْفَعونَ مِن جَمْعٍ في أَوَّلِ النهارِ شُبِّهُوا بالْمُغِيرِينَ، ولهذا كانوا يقولون: أَشرَقَ ثَبيرٌ كَيْمَا نُغيرَ، واحْتَجُّوا بأنَّ السورةَ مَدَنِيَّةٌ نَزَلَتْ بعدَ وَقعةِ بَدْرٍ، ولم يكنْ معَه في تلك الواقعةِ إلا فَرَسانِ؛ فرسٌ للزُّبيرِ, وفَرَسٌ للمِقدادِ.
قالَ:
28- كأنَّ أَوْبَ ذِرَاعَيْهَا إذا عَرِقَتْ = وقد تَلَفَّعَ بالقَوْرِ العَسَاقِيلُ
للأَوْبِ أَربعةُ مَعانٍ:
أحدُها: الرَّجْعُ، فهما مُترادِفانِ مُتوازنانِ، ومِثْلُه في المعنى: الإيابُ، ومنه قولُه تعالى: { إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ }.
والثاني: الْمَطَرُ، سَمَّوْهُ بذلك كما سَمَّوْهُ رَجْعًا؛ لأنَّهم يَزْعُمُون أنَّ السَّحابَ يَحْمِلُ الماءَ مِن بُخارِ الأَرْضِ، ثم يُرْجِعُه إليها، أو أَرَادُوا التفاؤُلَ له بالرجوعِ والأَوْبِ، أو لأنَّ اللهَ يُرْجِعُه وَقْتًا فَوَقْتًا، قالَ اللهُ تعالى: { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } أي: ذاتِ الْمَطَرِ، ومِن أبياتِ إيضاحِ أبي عَلِيٍّ رَحِمَه اللهُ تعالى: ( البحر الطويل )

رَيَّاءُ شَمَّاءُ لا يَأْوِي لِقُنَّتِهَا = إلا السَّحَابُ وإلا الأَوْبُ والسَّيْلُ
الثالثُ: سُرعةُ تَقليبِ اليَدَيْنِ والرِّجلينِ في السَّيْرِ، يُقالُ منه: ناقةٌ أَوُوبٌ على فَعولٍ، وهو مَكتوبٌ في " الصِّحاحِ " بِهَمزتينِ، وهو سَهْوٌ.
والرابعُ: المكانُ والْجِهَةُ، يُقالُ: جَاؤُوا مِن كلِّ أَوْبٍ.
والمرادُ في البيتِ: المعنى الأَوَّلُ أو الثالثُ، لا الثاني ولا الرابعُ.
" وذِرَاعَيْهَا": مخفوضٌ لَفْظًا، مرفوعٌ مَحَلًّا، " وإذا عَرِقَتْ " كنايةٌ عن وَقْتِ الهاجِرَةِ، أي: كأنَّ رَجْعَ يَدَيْهَا، أو سُرعةَ تَقليبِ يَدَيْهَا وَقتَ اشتدادِ الحرِّ، والْمُشَبَّهُ به مَذكورٌ في قولِه بعدَ ذلك: ذِراعَا عَيْطَلٍ. وإنما خُصَّ التشبيهُ بهذا الوَقْتِ؛ لأنَّ السرابَ إنما يَظْهَرُ عندَ قُوَّةِ حَرِّ الشمسِ.
وتَلَفَّعَ: اشْتَمَلَ، وهو مِن اللِّفاعِ، كتَلَحَّفَ مِن اللِّحافِ، وتَنَقَّبَ مِن النِّقابِ، واللِّفاعُ: ما يُتَلَفَّعُ به، أي: يُتَلَحَّفُ. قالَ وَضَّاحُ اليَمَنِ أو جَريرٌ: ( البحر الْمُنْسَرِح ).

لم تَتَلَفَّعْ بفَضْلِ مِئْزَرِهَا = دَعْدٌ ولم تَغْدُ دَعْدُ في العُلَبِ
ويُرْوَى : " ولم تُسْقَ "
والقَوْرُ: جَمْعُ قَارَّةٍ. قالَ: ( بحر مَشطور السريع )

هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلَى ذي الْقَوْرِ = قد دَرَسَتْ غيرَ رَمادٍ مَكفورِ
والقارَّةُ: الْجَبَلُ الصغيرُ.
وللعَساقيلِ مَعنيانِ:
أحدُهما ـ هو الْمُرادُ هنا ـ : السرابُ قالَ الجوهريُّ: لم أَسْمَعْ بوَاحدةٍ.
والثاني: ضَرْبٌ مِن الكَمَأَةِ، وهي الكَمَأَةُ الكِبارُ البِيضُ التي يُقالُ لها: شَحمةُ الأَرْضِ، وواحِدُه: عُسقولٌ، وأَمَّا قولُه: ( البحر الكامل )

ولقد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤًا وعَسَاقِلًا = ولقد نَهَيْتُكَ عن بَناتِ الأَوْبَرِ
فأَصْلُه: عَساقيلُ: كعَصافيرَ، ولكنه حَذَفَ الْمَدَّةَ للضرورةِ، وعَكْسُه بيتُ الكِتابِ : ( البحر البسيط ).
تَنْفِي يَدَاهَا الْحَصَا في كُلِّ هَاجِرَةٍ = نَفْيَ الدراهيمِ تِنقادَ الصَّيَاريفِ
أَصْلُه: الصَّيَارِفُ، جَمْعُ صَيْرَفٍ، فأَشْبَعَ الكَسرةَ، فتَوَلَّدَت الياءُ، فأَمَّا الدراهيمُ: فجَمْعُ دِرهامٍ، لُغَةٌ في الدِّرْهَمِ.
والواوُ واوُ الحالِ، وعامِلُ الحالِ ما في " كأنَّ " مِن معنى التشبيهِ، كقولِ امْرِئِ القيسِ: ( البحر الطويل )
كأنَّ قُلوبَ الطيرِ رَطْبًا ويَابِسًا = لدى وَكْرِها العُنَّابُ والْحَشَفُ البالِي
ويَتَعَلَّقُ بهذا البيتِ مَسائلُ :
إحداها: أنَّ " إذا " إن قُدِّرَتْ خَلِيَّةً مِن مَعنى الشرْطِ، فعامِلُها الأَوْبُ، أو ما في " كأنَّ " مِن مَعْنَى التشبيهِ، ولا حَذْفَ، وإلا فالجوابُ مُقَدَّرٌ، وهل هي حِينئذٍ مَنصوبةٌ بفِعْلِ الشرْطِ، أو فِعْلِ الجوابِ؟ فيه خِلافٌ تَقَدَّمَ.
الثانيةُ: فيه العَيْبُ الْمُسَمَّى بالتَّضمينِ، وهو أن يكونَ البيتُ مُفْتَقِرًا إلى ما بَعْدَه افتقارًا لازِمًا، وقالَ قومٌ: هو تَعليقُ قافيةِ البيتِ الأَوَّلِ بأَوَّلِ البيتِ الثاني . وأَنْشَدَ الفَريقانِ على ذلك قولَه: ( البحر الوافر ).
هُمُو وَرَدُوا الْجِفَارَ على تَمِيمٍ = وهم أصحابُ يومِ عُكاظَ إِنِّي
شَهِدْتُ لَهُمْ مَواطِنَ صَالحاتٍ = أَتَيْتُهُمُ بصِدْقِ الوُدِّ مِنِّي
وقولَ الآخَرِ: ( البحر السريع )
لا صُلْحَ بَيْنِي فاعْلَمُوهُ ولا = بينَكم ما حَمَلَت عَاتِقِي
سَيْفِي وما كُنَّا بِنَجْدِ = وما قَرْقَرَ قمرُ الوَادِي بالشاهِقِ
وعلى التفسيرِ الثاني لا يكونُ في البيتِ عَيْبٌ، ومِن أَقْبَحِ التضمينِ قولُه: ( البحر الوافر ).
وليس المالُ فاعْلَمْهُ بمالٍ = مِن الأموالِ إلا لِلَّذِي
يُريدُ به العَلاءَ ويَمْتَهِنْهُ = لأَقْرَبَ أَقرَبِيهِ ولِلْقَصِيِّ
فوَقَعَ بينَ الموصولِ وصِلَتِه، وهما كالكلمةِ الواحدةِ، ولم يَذْكُر الخليلُ التضمينَ في العُيوبِ، وذَكَرَه الأَخْفَشُ.
الثالثةُ: فيه القَلْبُ؛ إذ المعنى أنَّ السرابَ صارَ للأُكُمِ مِثلَ اللِّثامِ، فالأَصْلُ: وقد تَلَفَّعَت القَوْرُ بالعَساقيلِ، فقَلْبٌ، كما قالَ النابِغَةُ الْجَعْدِيُّ رَضِيَ اللهُ عنه: ( البحر البسيط )
حتى لَحِقْنَاهُم تَعْدِي فَوَارِسُنا = كأننا رَعْنُ قُفٍّ يَرْفَعُ الآلَا
أي: يَرفَعُهُ الآلُ
وقد اخْتَلَفَ في القَلْبِ فَريقانِ: النَّحْوِيُّونَ والبَيانِيُّونَ:
أمَّا النَّحْوِيُّونَ: فمنهم مَن خَصَّهُ للضرورةِ، وزَعَمَ أنه غَنِيٌّ عن التأويلِ، وهذا فاسدٌ، إذ ما مِن ضرورةٍ إلا ولها وَجهٌ يُحاوِلُه الْمُضْطَرُّ، نَصَّ على ذلك سِيبويهِ، ومِنهم مَن خَصَّه بالضرورةِ، وشَرْطِ التأويلِ، ومِنهم مَن أَجازَه في الكلامِ، واحْتَجَّ بقولِه تعالى: { مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ } والْمَفاتِحُ لا تَنْهَضُ بالعُصْبَةِ، مُتَثَاقِلَةً، بل العُصْبَةُ هي التي تَنْهَضُ بها مُتَثَاقِلَةً، وبقولِهم: أَدْخَلْتُ القَلَنْسُوَةَ في رأسي، وعَرَضْتُ الحوضَ على الناقةِ.
وأمَّا البَيانيُّونَ: فاختلَفوا في كَوْنِه مَقبولًا في الكلامِ الفصيحِ، فقَبِلَه قومٌ مُطْلَقًا، ورَدَّه قَومٌ مُطْلَقًا وفَصَّلَ بعضُهم، فقالَ: إن تَضَمَّنَ اعتبارًا لَطيفًا قُبِلَ، وإلا فلا, فمِن الأوَّلِ قولُ رُؤبةَ بنِ العَجَّاجِ: ( البحر الرجَز )

ومَهْمَهٍ مُغْبَرَّةٍ أَرْجَاؤُهُ = كأنَّ لونَ أَرْضِه سَمَاؤُهُ
أي: كأنَّ لونَ سَمَائِهِ لغُبْرَتِها لونُ أَرْضِه، فعَكَسَ التشبيهَ للمُبالَغَةِ. ومِن الثاني قولُه: ( البحر الوافر )

فَدَيْتُ بنفسِه نَفْسِي ومَالِي = وما آلُوكَ إلا ما أُطِيقُ

29- يومًا يَظَلُّ به الْحِرْبَاءُ مُصْطَخِدًا = كأنَّ ضَاحِيَهُ بالشمْسِ مَمْلُولُ
" يومًا ": ظَرْفٌ لقولِه: " تَلَفَّع "، أو للأَوْبِ، أو لِمَا في " كأنَّ " مِن معنى التشبيهِ، أي: أنَّ الشبَهَ حاصِلٌ في ذلك اليومِ، وإذا قُدِّرَتْ " إذا " ظَرفًا للأَوْبِ، أو لـ "كأنَّ"، لم يَجُزْ كونُ " يومًا " ظَرْفًا لعامِلِها؛ إذ لا يَتَعَلَّقُ ظَرْفَا زمانٍ ولا ظَرْفَا مكانٍ بعامِلٍ واحدٍ إلا على سبيلِ التَّبَعِيَّةِ، فإنْ أَرَدْتَ ذلك، فَقَدِّرْ " يومًا " بَدَلًا مِن " إذا " والتعَلُّقُ بالفعلِ أَوْلَى لقُرْبِه، ولِقُوَّتِه في العَمَلِ.
" ويَظَلُّ " بالفتْحِ: مُضارِعُ ظَلِلْتُ بالكَسْرِ، يُقالُ: ظَلَّ يَفعَلُ إذا فَعَلَ نهارًا، أو باتَ يَفعلُ: إذا فَعَلَ ليلًا، قالت امرأةٌ: ( البحر الرجَز ):
أَظَلُّ أَرْعَى وأَبِيتُ أَطْحَنُ = والموتُ مِن بعضِ الحياةِ أَهْوَنُ
وتكونُ بمعنى " صارَ " كقولِه تعالى: { ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا } وهو المرادُ هنا.
" والْحِرْبَاءُ ": ذَكَرُ أُمِّ حبُيَنْ،ٍ وهو حَيوانٌ بَرِّيٌّ، له سَنامٌ كسَنامِ الْجَمَلِ، يَسْتَقْبِلُ الشمسَ، ويَدورُ معها كيف ما دَارَتْ، ويَتَلَوَّنُ ألوانًا بِحَرِّ الشمسِ، وهو في الظِّلِّ أَخْضَرُ، ويُكَنَّى أبا قرَّةَ، وبه يُضْرَبُ الْمَثَلُ في الْحِزامةِ؛ لأنَّه يَلْزَمُ ساقَ الشجرةِ، فلا يُرْسِلُه إلا ويُمْسِكُ ساقًا آخَرَ، قالَ أبو دُؤَادٍ: ( البحر البسيط )
أني أُتِيحَ له حِرْبَاءً تُنَضِّبُهُ = لا يُرْسِلُ الساقَ إلا مُمْسِكًا سَاقَا
وجَمْعُ الْحِرْبَاءِ حَرَابِي، والأُنْثَى حِرْبَاءَةٌ، وأَلِفُ " حِرباءَ " لإلحاقِه بقِرْطَاسٍ، فلذلك يُنَوَّنُ، وتَلْحَقُه الهاءُ، ومِثلُه العَلباءُ.
ويُقالُ: أَصْخَدَ الحرباءُ بالصادِ والدالِ المهمَلتينِ والخاءِ الْمُعجمَةِ: إذا تُصْلَى بحَرِّ الشمسِ، ويُقالُ أيضًا: اصْطَخَدَ، وهو افْتَعَلَ، أُبْدِلَتْ تَاؤُه طَاءً كاصْطَبَرَ، ويُقالُ: اصْطَخَمَ بالميمِ، بمعنى: انْتَصَبَ قائمًا، ويُرْوَى هنا " مُصْطَخَمًا " ويُقالُ: اصْطَخَبَ بالباءِ بمعنى صاحَ. قالَ:
إنَّ الضفادِعَ في الغُدرانِ تَصْطَخِبُ
وصَحَّفَ الأَصْمَعِيُّ بيتَ ذي الرُّمَّةِ:
فيها الضفادِعُ والْحِيتانُ تَصْطَخِبُ.
فقالَ: تَصْطَخِبُ بخَاءٍ مُعْجَمَةٍ. فقالَ له أبو عليٍّ الأصفهانيُّ: أيُّ صوتٍ للحِيتانِ يا أبا سعيدٍ؟ إنما هو " تَصْطَحِبُ " بالْمُهمَلةِ، أي: تَتجاوَرُ. والجملةُ صِفَةٌ لـ "يومًا".
وضَاحِيَهُ، ما ضَحِيَ منه للشمسِ، أي: بَرَزَ وظَهَرَ، قالَ اللهُ تعالى: { وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى } أي: لا تَبْرُزُ للشمسِ، ورأى ابنُ عمرَ رَضِيَ اللهُ عنه رَجُلًا مُحْرِمًا قد اسْتَظَلَّ، فقالَ له: اضْحَ لِمَنْ أَحرَمْتَ له " اضْحَ " بكَسْرِ الهمزةِ، وفتْحِ الحاءِ، كذلك ضَبَطَه الأَصْمَعِيُّ وغيرُه، وأمَّا الْمُحَدِّثُونَ فيَفتحونَ الْهَمْزَةَ، ويَكْسِرونَ الحاءَ، مِن " أَضْحَى " والصوابُ الأَوَّلُ، وأنه مِن " ضَحِيَ " قالَ الرياشيُّ: رأيتُ أحمدَ بنَ الْمُعَذَََََّلِ في الْمَوقِفِ وقد ضَحِيَ للشمسِ وهي شديدةُ الحَرِّ، فقلتُ له: هذا أَمْرٌ قد اخْتُلِفَ فيه، فلو أَخَذْتَ بالتوسِعَةِ، فأَنْشَدَ ( البحر الطويل ).

ضَحِيتُ له كي أَسْتَظِلَّ بظِلِّهِ = إذا الظِّلُّ أَضْحَى فِي القِيامةِ قَالِصَا
فوا أَسَفِي إن كان سَعْيِي باطِلًا = ووا حَزَنًا إن كان حَجِّيَ ناقِصَا
أحمدُ بنُ الْمُعَذَّلِ بالذالِ الْمُعجمَةِ: بَصْرِيٌّ مالكيٌّ زاهِدٌ عالِمٌ، وهو أخو عبدِ الصمَدِ بنِ الْمُعَذَّلِ الشاعرِ المشهورِ.
ووَقَعَ لعبدِ اللطيفِ هنا وَهْمَانِ:
أحدُهما: أنه جَعَلَ القائلَ: " اضْحِ لِمَن أَحْرَمْتَ له " النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما هو ابنُ عمرَ.
والثاني: أنه قالَ: والْمُصْطَخِمُ مَنصوبٌ؛ لأنَّه خَبَرُ أَضْحَى، وليس في البيتِ أَضْحَى، وإنما هو خَبَرُ يَظَلُّ.
وقولُه: " مَملولٌ" . اسمُ مفعولٍ مِن مَلَلْتُ الْخَبْزَةَ في النارِ بالفتْحِ، أَمُلُّها بالضَّمِّ، مَلًّا: إذا عَمِلْتَها في الْمَلَّةِ بفتْحِ الميمِ، والْمَلَّةُ: الرمادُ الحارُّ عندَ الأكثرينَ، وقالَ أبو عُبيدةَ: هي الْحُفْرَةُ نفسُها، وعلى القولينِ فاعْلَمْ فَسادَ قولِهم: أَطْعِمْنَا مَلَّةً، والصوابُ: خُبْزَ مَلَّةٍ، ويُقالُ لذلك الْخُبْزِ: مَملولٌ، ومَليلٌ أيضًا، ويُقالُ مِن السآمَةِ: مَلِلْتُ بالكسْرِ أَمَلُّ بالفتْحِ مَلَلًا ومَلالةً، ومَلَّةً بالفتْحِ أيضًا، فالْمَلَّةُ مُشْتَرِكَةٌ، وأَمَّا الْمِلَّةُ بكسْرِ الميمِ، فالدِّينُ والشريعةُ.
والمعنى: أنَّ الآكامَ تَلَفَّعَتْ بالسرابِ في يومٍ يَظَلُّ الْحِرباءُ فيه مُحْتَرِقًا بالشمسِ، كأنَّ ما بَرَزَ منه للشمْسِ مَملولٌ كما تُمَلُّ الْخَبزةُ في النارِ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
البردة, شرح

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:54 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir