دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطلاق

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 26 ربيع الثاني 1432هـ/31-03-2011م, 10:02 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ

وَإِنِ ادَّعَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا فِيهِ، أَوْ بِوَضْعِ الحَمْلِ المُمْكِنِ، وَأَنْكَرَهُ فَقَوْلُهَا، وَإِنِ ادَّعَتْهُ الحُرَّةُ بِالْحَيْضِ فِي أَقلَّ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْماً وَلَحْظَةٍ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهَا، وَإِنْ بَدَأَتْهُ فَقَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي، فَقَالَ: كُنْتُ رَاجَعْتُكِ، أَوْ بَدَأَهَا بِهِ فَأَنْكَرَتْهُ فَقَوْلُهَا.
قوله: «وإن ادعت انقضاء عدتها في زمن يمكن انقضاؤها فيه» أي: إن ادعت المطلقة أنها انقضت عدتها في زمن يمكن انقضاؤها فيه، وهو على المذهب تسعة وعشرون يوماً ولحظةٌ، وهذا أقل زمن يمكن انقضاؤها فيه؛ لأن أقل الحيض يوم وليلة، وأقل الطهر بين حيضتين ثلاثة عشر يوماً فإذا جمعنا ثلاثة عشر يوماً مع ثلاثة عشر يوماً يكون الجميع ستة وعشرين يوماً، ويبقى ثلاثة أيام، يوم وليلة للحيضة الأولى، ويوم وليلة للحيضة الثانية، ويوم وليلة للحيضة الثالثة، لكن إن قالت: إنها انقضت عدتها في ثمانية وعشرين يوماً فإن دعواها لا تسمع؛ لأن هذا لا يمكن، هذا هو المذهب.
أما على القول الراجح فقد سبق أنه لا حَدَّ لأقل الحيض ولا لأقل الطهر، ولكن لا شك أن كون امرأة تحيض ثلاثة أيام ثلاث مرات في شهر، هذا بعيد جداً، ولهذا حتى لو ادعت أنها انقضت في شهر فلا بد من بينة.
قوله: «أو بوضع الحمل الممكن» الحمل الممكن الذي تنقضي به العدة هو الذي تبين فيه خلق الإنسان، ولا يمكن أن يتبين خلق الإنسان في أقل من واحد وثمانين يوماً لحديث ابن مسعود رضي الله عنه: «يجمع أحدكم في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك» [(103)]، وابتداء المضغة يكون في اليوم الواحد والثمانين أما قبل ذلك فلا، ولهذا قال الله تعالى: {{ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ}} [الحج: 5] يعني قد يبتدئ التخليق من أول ما يكون مضغة، وقد يتأخر بعض الشيء، ولهذا فأقل زمن يمكن أن يخلق فيه واحد وثمانون يوماً، ولا يمكن أن يخلَّق قبل ذلك، ولكن الغالب أنه إذا تم له ثلاثة أشهر ـ يعني تسعين يوماً ـ فإنه يُخلَّق، فإذا وضعت من لم يُخَلَّق فإن العدة لا تنقضي بذلك؛ لأن من لم يخلَّق لم يتيقن كونه ولداً، فقد يفسد وينزل، لكن إذا خُلِّق عُلم أنه ولد، ولأن النفاس لا يثبت إلا بأن تضع ما فيه خلق إنسان، فإذا ادعت انقضاء عدتها في ذلك فإنها تقبل، ولهذا يقول المؤلف:
«وأنكره فقولها» أي: أنكره الزوج، وقال: ما انقضت العدة، وهي تقول: انقضت، يقول المؤلف: إن القول قولها، والدليل قوله تعالى: {{وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}} [البقرة: 228] ، فهذه الآية تشير إلى أن القول قولها؛ لأن الله قال: {{يَكْتُمْنَ}} فلو قالت: لا يوجد حمل والعدة انقضت فالقول قولها؛ لأنه لولا أن القول قولها لم يكن لكتمانها أثر.
فإذا قال قائل: أليست هي المدعية؛ والأصل بقاء العدة؟
قلنا: بلى، ولكن يقال: إن الزوج هو الذي كان السبب في الفراق، فعاد وبال فعله عليه، وقلنا: إن القول قولها.
قوله: «وإن ادعته الحرة بالحيض» «ادعته» الضمير يعود على انقضاء العدة.
وقوله: «الحرة» لأن الحرة عدتها ثلاثة قروء، والأمة قَرْءَان، يعني إن ادعت أنه انقضى بالحيض.
قوله: «في أقلَّ من تسعة وعشرين يوماً ولحظة لم تسمع دعواها» لأنه ما يمكن أن يكون في أقل من تسعة وعشرين يوماً ولحظة.
وقوله: «لم تسمع» يعني أن القاضي يرفضها رفضاً ولا ينتظر، أو يقول: هاتي بينة أو ما أشبه ذلك، لكن هل تقبل دعواها؟
نقول: كل دعوى لا تسمع فإنها لا تقبل، وليس كل دعوى لا تقبل لا تسمع، فقد تسمع الدعوى ولا تقبل، فإذا ادعت انقضاء العدة في ثلاثين يوماً تسمع لكن لا تقبل؛ لأنها لا تحيض في هذه المدة القصيرة ثلاث مرات إلا نادراً، فإذا ادعت ذلك فدعواها خلاف الظاهر فلا تقبل إلا ببينة، ولهذا ذكر أنه رفع لشريح ـ القاضي المشهور ـ امرأة ادعت أنها انقضت عدتها في ثلاثين يوماً، فقال: إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرجى دينه وخلقه أو أمانته فإنها تقبل وإلا فلا، فقال علي رضي الله عنه: قالون[(104)]؛ يعني جيد بالرومية، فأخذ الفقهاء بذلك، وقالوا: إن ادعته في زمن يندر انقضاؤها فيه فإنه لا بد أن تأتي ببينة، وإلا فلا تقبل، فصار لها ثلاث حالات:
الأولى : أن تدعي انقضاء العدة في زمن لا يمكن انقضاؤها فيه، فهذه لا تسمع دعواها أصلاً، ولا يلتفت إليها القاضي.
الثانية : أن تدعي انقضاءها في زمن يمكن، لكنه بعيد ونادر، فهذه تسمع ولكن لا تقبل إلا ببينة.
الثالثة : أن تدعي انقضاءها في زمن يمكن انقضاؤها فيه، ولا يندر أن تنقضي فيه، يعني أمثالها كثير، مثل لو ادعت انقضاءها في مدة شهرين فإن هذا أمر يقع كثيراً، فهذه تقبل بلا بينة؛ وذلك لأن هذا أمر يمكن وكثير، فليس هناك ما يمنع قولها.
فإن كان الأمر بالعكس، كأن ادعى هو انقضاء العدة، وقالت: إنها لم تنقضِ، فالقول قولها هي؛ لأن الأصل بقاؤها، ولأن الله ـ تعالى ـ جعل الأمر راجعاً إليها في قوله: {{وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}} [البقرة: 228] ، وهذا هو الأصل.
قوله: «وإن بدأته فقالت: انقضت عدتي، فقال: كنت راجعتك، أو بدأها به فأنكرته فقولها» هاتان مسألتان:
الأولى : إذا بدأت وقالت: انقضت عدتي، فقال: كنت راجعتك، فالقول قولها؛ لأن الأصل عدم المراجعة، فإن أتى ببينة تشهد بأنه راجع قبل انقضاء عدتها فالزوجة زوجته، وإن لم يأتِ فلا؛ لأن القول قولها، وهذا هو الأصل.
الثانية : إن بدأها به يعني قال: راجعتك، فقالت: قد انقضت عدتي، فقال: قد راجعتك قبل انقضاء العدة، فالقول قولها؛ لأن الأصل عدم المراجعة، فالصورتان معناهما واحد، ولكن المسألة الثانية خلاف المذهب، فالمذهب: أن القول قوله؛ لأنه لما قال: كنت راجعتك، فقالت: انقضت عدتي فهي المدعية، فهي التي ادعت أن رجعته غير صحيحة، فعليها البينة، فإن لم تأتِ ببينة فإنه يكون زوجاً لها، والقول قوله.
وهذا الذي ذكروه ـ رحمهم الله ـ لا شك أنه من حيث الصورة ظاهر الفرق بينه وبين الصورة الأولى، لكن من حيث المعنى لا يظهر الفرق بينهما، ولهذا فالصواب ما مشى عليه الماتن من أن القول قول المرأة في كلتا الصورتين؛ فأيُّ فرق بين أن تأتي إليه وتقول: انقضت عدتي، ويقول: راجعتك، وبين أن يأتي إليها ويقول: راجعتك، فتقول: قد انقضت عدتي قبل أن تراجعني، فالحقيقة أنه لا فرق بينهما؛ لأن الأصل عدم المراجعة.


[103] أخرجه البخاري في بدء الخلق/ باب ذكر الملائكة... (3208)، ومسلم في القدر/ باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه... (2643).
[104] علَّقه البخاري في كتاب الحيض دون قوله: «قالون»، وأخرجه الدارمي في الطهارة/ باب في أقل الطهر (843)، وسعيد بن منصور في سننه (1/351)، وابن أبي شيبة في المصنف (4/200)، ووصله الحافظ في التغليق (2/179).


التوقيع :
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
فيمن, فصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir