دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 ذو القعدة 1442هـ/23-06-2021م, 12:56 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي مجلس مذاكرة كتاب حكاية المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدعة لابن قدامة

مجلس مذاكرة كتاب حكاية المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدعة لابن قدامة

لخص مقاصد كتاب حكاية المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدعة لابن قدامة.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 ذو القعدة 1442هـ/23-06-2021م, 02:43 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

تلخيص مقاصد كتاب “حكاية المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدعة لابن قدامة”:

المقصد الأكبر:
بيان أن القرآن كلام الله وهو هذه المائة والأربع عشرة سورة أولها سورة الفاتحة وآخرها المعوذات وأنه سور وآيات وحروف وكلمات متلو مسموع مكتوب. وحكاية أقوال أهل البدع مع ردها.

المقاصد الفرعية:
*حكاية قول أهل البدعة في القرآن وهو: أن هذه السور والآيات ليست بقرآن وإنما هي عبارة عنه وحكاية، وأنها مخلوقة وأن القرآن معنى في نفس الباري وهو شيء واحد لا يتجزأ ولا يتبعض ولا يتعدد ولا هو شيء ينزل ولا يتلى ولا يسمع ولا يكتب وأنه ليس في المصاحف إلا الورق والمداد.

*تفصيل الشبه وردها:
-شبهة: زعم أن القرآن مخلوق وهو عبارة جبريل ألفها بإلهام من الله.
حجتهم: أنه متعدد ولا يتعدد إلا المخلوق.
الرد: حجتهم باطلة، لـ:
-تعدد صفات الله وأسمائه.
-في تقولهم إقرار بخلق القرآن، ومن قال بذلك فقد كفر.
-وإن نفوا خلقه مع إقرارهم بعدم تعدده فيلزم منه إلزامهم بالاعتقاد أن القرآن والتوراة والزبور واحد وأن البقرة وآل عمران واحد وغير متعددة، وهو ما لا يقره إلا جاحد أو متسفسط.
-نص الشافعي على أنها غير مخلوقة، وكفر ابن حنبل من قال بذلك. وإن قالوا :هي مخلوقة، فقد قالوا بخلق القرآن، وهو قول المعتزلة، وقد اتفقنا على ضلالهم.
واتفق المنتمون إلى السنة على أن القائل بخلق القرآن كافر؛ منهم من قال كفر ينقل عن الملة، ومنهم من قال لا ينقله عنها.

-شبهة: أن كتاب الله غير القرآن.
فيه:
-مخالفة لإجماع الأمة.
-مخالفة للآيات الصريحة، ومنها: “تلك ءايات الكتاب المبين * إنا أنزلناه قرءانا عربيا”.
*حجتهم: أن هذه الحروف لا تخرج إلا من مخارج وأدوات فلا يجوز إضافة ذلك إلى الله سبحانه.
الرد:
-لا دليل على أن الحروف لا تخرج إلا من مخارج وأدوات، ووجود ذلك في حق المخلوق لا يستلزم وجوده في حق الخالق بل في ذلك قياس وتشبيه له بعباده.
-نفي الكلام عن الله باسم الحاجة للأداة يستلزم منه نفي صفات الله، كالبصر والسمع التي تحتاج لحدقة وأذن.
-ما ثبت من إنطاق بعض المخلوقات من غير مخارج كالحجر والجلود، فكيف بالخالق.

-شبهة: دخول التعاقب على الحروف.
الرد: لا يلزم ذلك في حق الله، فلا يقاس الخالق على المخلوق.

*ذكر الدليل على أن هذه السور المشتملة على حروف قرآن:
-الكتاب:
منه قوله سبحانه: {وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين}.
-السنة:
منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن هو حبل الله تعالى، هو النور المبين والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم ولا يزيغ فيستعتب ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق عن كثرة الرد؛ فاتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول {الم} حرف ولكن في الالف عشر وفي اللام عشر وفي الميم عشر).
-الإجماع:
لا خلاف بين المسلمين أجمعين أن من جحد آية أو كلمة متفقا عليها أو حرفا متفقا عليه أنه كافر، وقال علي رضي الله عنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله، ولا خلاف بين المسلمين كلهم في أنهم يقولون قال الله كذا إذا أرادوا أن يخبروا عن آية أو يستشهدوا بكلمة من القرآن ويقرون كلهم بأن هذا قول الله.

-شبهة: زعم أن وصف القرآن بالحروف وصف دخيل لم يتم التعبير به لا في قرآن ولا سنة.
الرد:
-ثبت أن القرآن هو هذه السور والآيات ولا خلاف بين العقلاء كلهم مسلمهم وكافرهم في أنها حروف ولا يختلف عاقلان في أن {الحمد} خمسة أحرف، واتفق المسلمون كلهم في أن سورة الفاتحة سبع آيات، واختلفوا في أن {بسم الله الرحمن الرحيم} هل هي آية منها أم لا، واتفقوا كلهم على أنها كلمات وحروف، وقد افتتح الله تعالى كثيرا من سور القرآن بالحروف المقطعة مثل {الم} و {الر}، ولا يجحد عاقل كونها حروفا إلا على سبيل المكابرة.
-لا خلاف في أنه يجوز أن يقال إن القرآن مائة واربع عشرة سورة، وإن سورة البقرة مائتان وست وثمانون آية، وفي عد آى سور القرآن وأحزابه وأسباعه وأعشاره ولم يرد لفظ في ذلك في كتاب ولا سنة على أن لفظ الحرف قد جاءت به السنة وأقوال الصحابة وإجماع الأمة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ القرآن وأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات ومن قرأه ولحن فيه فله بكل حرف منه حسنة) وهذا حديث صحيح.

-شبهة عدم وجود دليل على كلام الله بصوت:
الرد:
-في الكتاب: قوله تعالى: “{وكلم الله موسى تكليما}.
في السنة: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله يجمع الخلائق فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمع من قرب أنا الملك أنا الديان).
-الإجماع: وقد تناولت الأمة كل هذه الآثار بالقبول والتصديق.

-شبهة: أن الهواء لا يكون إلا من صوت بين جرمين.
الرد:
-بنفس ما ورد سابقا وهو وقوعهم في حفرة التشبيه وقياس الخالق على المخلوق.

وصايا ختامية:
-اللازم في صفات الله وأخباره الاتباع، وعدم التجاوز والتأويل والشك والارتياب، بل يؤمن به بالوجه الذي أراده. قال الله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}.
-اتفق المسلمون كلهم على تعظيم المصحف وتبجيله، وتحريم مسه على المحدث، وأن من حلف به فحنث فعليه الكفارة ولا تجب الكفارة بالحلف بمخلوق. وفي إجماعهم كفاية لمعتبر.
-استدلال أهل البدع بكثرتهم وكثرة أموالهم وجاههم ليس بحجة، بل هو حجة عليهم، فقد قال قوم نوح له: {ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين}. فالكثرة لا تساوي الصواب.
-ثم ختم بالدعاء بالثبات على الإسلام والسنة وتجنب الكفر والبدعة وتحبيب الإيمان وتزيينه في القلوب وطلب الرشد والتوفيق، ثم الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 ذو القعدة 1442هـ/25-06-2021م, 04:48 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

تلخيص مقاصد كتاب حكاية المناظرة في القرآن مع أهل البدعة لابن قدامة رحمه الله
-المقصد الرئيسي :
القول الفصل في الرد على شبهات أهل البدع فيما ادعوه من أن القرآن مخلوق و أن القرآن نفس الْبَارِي وَهُوَ شَيْء وَاحِد لَا يتَجَزَّأ وَلَا يَتَبَعَّض وَلَا يَتَعَدَّد وَلَا هُوَ شَيْء ينزل وَلَا يُتْلَى وَلَا يسمع وَلَا يكْتب وَأَنه لَيْسَ فِي الْمَصَاحِف إِلَّا الْوَرق والمداد،وبيان أن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق وهو متلو مسموع مكتوب وَهُوَ هَذِه الْمِائَة والأربع عشرَة سُورَة أَولهَا سُورَة الْفَاتِحَة وَآخِرهَا المعوذات.
المقاصد الفرعية للكتاب :
-المقصد الأول :
الرد على شبهة من زعم أن سور القرآن هي عبارة جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام و هُوَ الَّذِي ألفها بإلهام الله تَعَالَى لَهُ ذَلِك، وعلى من زعم أَن الله تَعَالَى خلقها فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ فَأَخذهَا جِبْرِيل مِنْهُ،وحجتهم أن سور القرآن متعددة ولا يتعدد إلا المخلوق .
-رد الشيخ على هذه الشبهة بعدة حجج منها :
1-أن صفات الله متعددة ولا خلاف في أنها قديمة وكذلك أسماؤه وكتبه وهي غير مخلوقة .
2-وأبطل قولهم بأن كتب الله التي أنزل على رسله لم ينزل منها شيءولا شيء منها يحفظ أو يتلو ولا يسمع وإنما أنزل عبارتها فقط ،وأكد أن القرآن والسنة والإجماع يبطل هذا القول ؛وساق شواهد لذلك منها :
قوله تعالى : الر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا لَعَلَّكُمْ تعقلون} [يُوسُف: 1-2]
وَقَالَ سُبْحَانَهُ {شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن} [الْبَقَرَة: 185]
وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: (أُنْزِلْ الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف) وَالسّنة مَمْلُوءَة مِنْهُ.
فهذه الشواهد وغيرها دليل على أن التوراة والإنجيل والزبور والقرآن نزلوا من عند الله عز وجل .
-المقصد الثاني :
الرد على شبهة أن الحروف لا تخرج إلا من مخارج وأدوات وهذا لا يجوز إضافته لله عز وجل .
رد الشيخ على ذلك بأوجه :
1-أنه لا يجوز تشبيه الله بخلقه ؛قال تعالى ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )
2-أن الله عز وجل سميع بصير ولا يوصف بافتقاره إلى المخارج والأدوات .
3-أن الله أنطق بعض مخلوقاته بغير مخارج ؛قال تَعَالَى {وتكلمنا أَيْديهم وَتشهد أَرجُلهم}[ يس: 65]فلم لا يقدر سبحانه على التكلم إلا من المخارج .
-ورد الشيخ كذلك على قولهم بأن الحروف يدخلها التعاقب بأن هذا يلزم في حق من يتكلم بالمخارج والأدوات والله سبحانه لا يوصف بذلك .
-المقصد الثالث :
إثبات أن السور المشتملة على الحروف قرآنا :
وهذا يثبته الكتاب والسنة وإجماع الأمة ؛فأما الدليل من القرآن فقوله تعالى : {وَمَا علمناه الشّعْر وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِن هُوَ إِلَّا ذكر وَقُرْآن مُبين} [يس: 69]
وأما الدليل من السنة فقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن هَذَا الْقُرْآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبته مَا اسْتَطَعْتُم، إِن هَذَا الْقُرْآن هُوَ حَبل الله تَعَالَى، هُوَ النُّور الْمُبين والشفاء النافع عصمَة لمن تمسك بِهِ وَنَجَاة لمن تبعه، لَا يعوج فَيقوم وَلَا يزِيغ فيستعتب وَلَا تَنْقَضِي عجائبه وَلَا يخلق عَن كَثْرَة الرَّد؛ فاتلوه فَإِن الله يَأْجُركُمْ على تِلَاوَته بِكُل حرف عشر حَسَنَات أما إِنِّي لَا أَقُول {الم} حرف وَلَكِن فِي الالف عشر وَفِي اللَّام عشر وَفِي الْمِيم عشر)والأمة مجمعة على أن الصلاةلا تصح الا بِهِ وَلَا تصح الْخطْبَة إِلَّا بِآيَة مِنْهُ وَلَا يقرأه حَائِض وَلَا جنب.
-المقصد الرابع :
إثبات أن القرآن الذي بين أيدينا هو كتاب الله الذي سماه الله قرآنا :
تعلمنا هذا من النص أو الشرع ،فأما العقل فلا يقتضي تسمية صفة الله قرآنا ،وكل ما ورد في النص بتسميته قرآنا هو لهذا الكتاب العربي العزيز ، والأمة مجمعة على ذلك ، وتسمية أهل البدع لغيره قرآنا هو تحكم بغير دليل شرعي ولا عقلي ،وهو مخالف للكتاب والسنة والإجماع .
ومن الأدلة على بطلان مدعي بدعة أن الكتاب الذي بين أيدينا هو ليس القرآن الكريم المجمع عليه هو إخفاؤهم وإنكارهم لبدعتهم وهذا دليل على بطلان قولهم وحجتهم .
-المقصد الخامس :
إثبات الصوت لله عز وجل كما يليق بجلاله وعظمته :
الشبهة في ذلك أنهم زعموا أن الصوت لَا يكون إِلَّا من هَوَاء بَين جرمين وهذا لا يجوز في حق الله عز وجل .
رد عليهم الشيخ رحمه الله بأن قياسهم لذلك في حق الله عز وجل باطل ولا يجوز تشبيهه بخلقه فهو ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )
والله سبحانه وتعالى أثبت في كتابه أنه تكلم وجاء هذا في آيات كثيرة منها قوله ( وكلم الله موسى تكليما )
وَلَا خلاف بَيْن المسلمين جميعا أَن مُوسَى سمع كَلَام الله من الله بِغَيْر وَاسِطَة وَلَا يسمع إِلَّا الصَّوْت، فَإِن الصَّوْت هُوَ مَا يَتَأَتَّى سَمَاعه.
وَقد صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنه قَالَ: (إِن الله يجمع الْخَلَائق فيناديهم بِصَوْت يسمعهُ من بعد كَمَا يسمع من قرب أَنا الْملك أَنا الديَّان).
الخاتمة :
أوصى الشيخ رحمه الله المسلمين بالتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة ، وأوصى الناس بألا يغتروا بكثرة أهل الباطل وقوتهم فهذا ليس دليلا على رجحان قولهم وإنما هو استدراج الله لهم ، ثم سأل الله الثبات على الحق والإيمان واستعاذ بالله من الضلالة والخذلان ؛ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 ذو القعدة 1442هـ/1-07-2021م, 12:24 AM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

لخص مقاصد كتاب "حكاية المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدعة لابن قدامة :
*المقصد الرئيسي .
الرد على أقوال أهل البدع الباطلة حول القرآن الكريم .
*سبب كتابة الرسالة :
لبيان الحق وتحري الصدق فيما جرى في المناظرة .
*المقاصد الفرعية :
-المقصد الأكبر.
بيان اعتقاد المسلمين الحق في الْقُرْآن العظيم ،أنه كَلَام الله وَهُوَ هَذِه الْمِائَة والأربع عشرَة سُورَة أَولهَا سُورَة الْفَاتِحَة وَآخِرهَا المعوذات وأنه سور وآيات وحروف وكلمات متلو مسموع مَكْتُوب .
وإظهار اعتقادهم الباطل الذي هو خلاف ذلك والعياذ بالله ،َوهي أَن هَذِه السُّور والآيات لَيست بقرآن وَإِنَّمَا هِيَ عبارَة عَنهُ وحكاية، وأنها مخلوقة وَأَن الْقُرْآن معنى فِي نفس الْبَارِي وَهُوَ شَيْء وَاحِد لَا يتَجَزَّأ وَلَا يَتَبَعَّض وَلَا يَتَعَدَّد وَلَا هُوَ شَيْء ينزل وَلَا يُتْلَى وَلَا يسمع وَلَا يكْتب وَأَنه لَيْسَ فِي الْمَصَاحِف إِلَّا الْوَرق والمداد.
-الغرض من مقولتهم الباطلة .
ذكر ابن قدامة رحمه الله تعالى: (أن مدار الْقَوْم على القَوْل بِخلق الْقُرْآن ووفاق الْمُعْتَزلَة وَلَكِن أَحبُّوا أن لَا يعلم بهم فارتكبوا مُكَابَرَة العيان وَجحد الْحَقَائِق وَمُخَالفَة الْإِجْمَاع ونبذ الْكتاب وَالسّنة وَرَاء ظُهُورهمْ وَالْقَوْل بِشَيْء لم يقلهُ قبلهم مُسلم وَلَا كَافِر .
*تفصيل شبههم والرد عليها .
-شبهة القوم : أنه ليس بقرآن ،وإنما عبارَة جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ألفها بإلهام الله تَعَالَى لَه، وَزعم آخَرُونَ مِنْهُم أَن الله تَعَالَى خلقهَا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ فَأَخذهَا جِبْرِيل مِنْهُ.
-محتجين أنها مخلوقة لكونها تتعدّد ولا يتعدد إلا المخلوق.
وقولهم هذا يرد عليهم بعدة أمور :
_أن قولهم هذا يبطل بصفات الله تعالى، فهي متعدّدة منها السّمع والبصر والعلم وغيرها، وكذلك أسمائه جلا وعلا، قَالَ الله تَعَالَى: ( وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى فَادعوهُ بهَا وذروا الَّذين يلحدون فِي أَسْمَائِهِ )
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِن لله تَعَالَى تِسْعَة تسعون اسْم. )
قد ثبت تعدادها بِالْكتاب وَالسّنة الْإِجْمَاع .
وَقد نَص الشَّافِعِي رَحمَه الله على أَن أَسمَاء الله تَعَالَى غير مخلوقة، وَقَالَ أحْمَد رَحمَه الله من زعم أن أسماء الله تَعَالَى مخلوقة فقد كفر.
-كذلك كلمات الله متعددة: كما قال تعالى :(قل لَو كَانَ الْبَحْر مدادا لكلمات رَبِّي لنفد الْبَحْر قبل أَن تنفد كَلِمَات رَبِّي وَلَو جِئْنَا بِمثلِهِ مدَدا ).

*شبهة أن القرآن شَيْء وَاحِد لَا يتَجَزَّأ وَلَا يَتَبَعَّض وَلَا يَتَعَدَّد وَلَا هُوَ شَيْء ينزل وَلَا يُتْلَى وَلَا يسمع وَلَا يكْتب .
يرد عليهم أن القرآن يكذبهمْ بها وكذلك السّنة والإجماع .
فمن القرآن قوله تعالى : (الر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا لَعَلَّكُمْ تعقلون (
وقال سُبْحَانَهُ : (شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن (
وَغيره من الآيات التي تفند كذبهم .
وقد أكفر الله تَعَالَى الْيَهُود بقَوْلهمْ: ( مَا أنزل الله على بشر من شَيْء )
فقَالَ عز من قائل:( قل من أنزل الْكتاب الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نورا وَهدى للنَّاس...)
وَقَال صلى الله عليه وسلم : (أُنْزِلْ الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف ( وغيرها من الأحاديث الشاهدة على بطلان قولهم .

*شبهة قولهم إن كتاب الله غير الْقُرْآن .
يرد عليهم بأنهم خالفوا رب الْعَالمين وخرقوا إجماع الْمُسلمين وأتوا بما لم ياتِ به احدٌ من الملحدين .
يقول الله تعالى: (الر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا )
وقال تعالى : (حم وَالْكتاب الْمُبين إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا لَعَلَّكُمْ تعقلون( ولايخفى هَذَا إِلَّا على من أعمى الله قلبه وأضله عَن سَبيله ، قال تعالى : (وَمن يضلل الله فَمَا لَهُ من هاد(

*شبهة أن هذه الحروف لَا تخرج إِلَّا من مخارج وأدوات فَلَا يجوز إِضَافَة ذَلِك إِلَى الله سُبْحَانَهُ.
يرد على قولهم هذا بأن قِياس الله تعالى على خلقه وتشبهه بعباده من أقبح الْكفْر) .
يقول الله تعالى :(لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير)
فأول الآية دليل على التنزيه الكامل من غير تعطيل ،وأخرها دليل على الإيمان بالصفات من تشبيه ولا تمثيل .
وقد أنطق الله بعض مخلوقاته بغير مخارج قال تعالى: (حَتَّى إِذا مَا جاؤوها شهد عَلَيْهِم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بِمَا كَانُوا يعْملُونَ وَقَالُوا لجلودهم لم شهدتم علينا قَالُوا أنطقنا الله الَّذِي أنطق كل شَيْء )
وَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أن حجرا كَانَ يسلم عَلَيْهِ، وَسبح الْحَصَى فِي يَدَيْهِ.

*ومن شبههم أن احْتَجُّوا بَأن الْحُرُوف يدخلهَا التَّعَاقُب فَيَسْبق بَعْضهَا بَعْضًا.
ويرد عليهم بأن هذه الشبهة قد بُنيت على معتقدهم الباطل حيث شبهوا الخالق بخلقه الضعفاء، وإلا هو عز وجل كاملٌ من جميع الوجوه لا شبيه له ولا مثيل .

*شبهة طلبهم الدليل إِن السور المشتملة على حروف قرآن .
-نردعليهم بما ورد في كتاب الله تعالى:حيث تحداهم به ِولَا يجوز التحدي بما لا يعلم ولا يدرى ما هو، فقال تعالى: (قل لَئِن اجْتمعت الْإِنْس وَالْجِنّ على أَن يَأْتُوا بِمثل هَذَا الْقُرْآن لَا يأْتونَ بِمثلِهِ وَلَو كَانَ بَعضهم لبَعض ظهيرا)
وأخبر تعالى أنهم طلبوا الإتيان بغيره أو تبديله ، فقَالَ تَعَالَى: (وَإِذا تتلى عَلَيْهِم آيَاتنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذين لَا يرجون لقاءنا ائْتِ بقرآن غير هَذَا أَو بدله قل مَا يكون لي أَن أبدله من تِلْقَاء نَفسِي إِن أتبع إِلَّا مَا يُوحى إِلَيّ )
ومرة ادعوا القدرة على أن يَقُولُوا مثله، وغيرها من مقترحاتهم المتهالكة فعُلِم يَقِينا أَن هذا الموجود عندنَا هو سور وآيات وحروف وكلمات.
- أن الله تَعَالَى افتتح كثيرا من سور الْقُرْآن بالحروف الْمُقطعَة مثل (الم( و (الر(، وَلَا يجْحَد عَاقل كَونهَا حروفا إِلَّا على سَبِيل المكابرة .
-وكذلك بما ورد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم : حيث قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : (إِن هَذَا الْقُرْآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبته مَا اسْتَطَعْتُم، إِن هَذَا الْقُرْآن هُوَ حَبل الله تَعَالَى، هُوَ النُّور الْمُبين والشفاء النافع عصمَة لمن تمسك بِهِ وَنَجَاة لمن تبعه، لَا يعوج فَيقوم وَلَا يزِيغ فيستعتب وَلَا تَنْقَضِي عجائبه وَلَا يخلق عَن كَثْرَة الرَّد؛ فاتلوه فَإِن الله يَأْجُركُمْ على تِلَاوَته بِكُل حرف عشر حَسَنَات أما إِنِّي لَا أَقُول (الم( حرف وَلَكِن فِي الالف عشر وَفِي اللَّام عشر وَفِي الْمِيم عشر )
وغير هذا من الأحاديث الواردة في بيان فضل هذا الكتاب العظيم .
-وكذلك اجماع الْأمة على أَن الصلاة لا تصح الا بِهِ، وكذلك الخطبة تصح إِلَّا بِآيَة مِنْهُ ،وأنه لا يقرأه حَائِض وَلَا جنب.
وأَن من جحد آيَة أَو كلمة مُتَّفقا عَلَيْهَا أَو حرفا مُتَّفقا عَلَيْهِ أَنه كافر، قال عَليّ رَضِي الله عَنهُ (من كفر بِحرف مِنْهُ فقد كفر بِهِ كُله) .

* ومن شبههم الباطلة نفيهم أن الله تعالى يتكلم بصوت بزعمهم أنه لم يرد ذلك في كتاب ولا سنة.
ويرد عليهم بما احتجوا به من كتاب الله وسنة نبيه، أما الْكتاب فَقَوْل الله تَعَالَى : (وكلم الله مُوسَى تكليما )
وقوله : (مِنْهُم من كلم الله )
و صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنه قَالَ: (إِن الله يجمع الْخَلَائق فيناديهم بِصَوْت يسمعهُ من بعد كَمَا يسمع من قرب أَنا الْملك أَنا الديَّان)
وإنما فعلهم هذا قِيَاسٌ مِنْهُم لربنا تبَارك وَتَعَالَى على خلقه وتشبيه لَهُ بعباده وَحكم عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا تكون صفته إِلَّا كصفات مخلوقاته وَهَذَا ضلال بعيد.

وصايا وتنبيهات
-المعتمد في صِفَات الله عز وَجل، إِنَّمَا هُوَ الِاتِّبَاع، نصف الله تَعَالَى بِمَا وصف بِهِ نَفسه وَوَصفه بِهِ رَسُوله، فنؤمن بِالْمَعْنَى الَّذِي أراده، وَنكل علمه إِلَيْهِ تعالى .
-لزوم جادة سلفنا الصالح حيث قال صلى الله عليه وسلم: (عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين من بعدِي عضوا عَلَيْهَا بالنواجذ وَإِيَّاكُم ومحدثات الْأُمُور فَإِن كل محدثة بِدعَة وكل بِدعَة ضَلَالَة ) .
-الحذر من الملبسين الذين يَقُولون فِي الظَّاهِر قولا يُوَافق أهل الْحق ثمَّ يفسرونه بما يوافق اهوائهم ومعتقداتهم .
-تعظيم كتاب الله وتبجيله، ووجوب ما العمل بما شرع في حقه .
- الحذر مما يرد في أخر الزمان من تفشي البدع والمنكرات، فقد أخبرصلى الله عليه وسلم نَا أَن فِي آخر الزَّمَان تكْثر الْبدع وَتَمُوت السّنَن ويغرب الدّين .
- الحذر من الإغترار بالباطل لكثرة أهله وظهورهم، وقلة أهل السنة وغربتهم .
- سؤال الله دائما الإيمان والثبات .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 صفر 1443هـ/2-10-2021م, 11:34 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تصحيح مجلس مذاكرة كتاب حكاية المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدعة لابن قدامة

تعليق عام:
- لأن الكتاب هو حكاية عن مناظرة بين ابن قدامة - رحمه الله - وبعض أهل البدع وهم من الأشاعرة، فيحسن هنا تعلم طريقة المناظرة وأدوات الحجاج، وفي التعليقات تطبيقات على ذلك بإذن الله.
- الأشاعرة لم يقولوا بأن القرآن مخلوق صراحة، بل ناظروا المعتزلة في ذلك، ولكن ما جاء به الأشاعرة من أقوال خالفوا بها السلف والمعتزلة جميعًا، وكان من لازم أقوالهم أن القرآن مخلوق، وكثيرًا ما يعبر ابن قدامة رحمه الله، عن أقوال الأشاعرة بلازمها - احتجاجًا عليهم-، لا أنهم قالوها نصًا.
وخلاصة الأمر أن الأشاعرة يفرقون بين كلام الله والقرآن العربي، فكلام الله صفة من صفاته يثبتونها، لكن على أنه كلام نفسي، والقرآن عبارة عن كلام الله عز وجل، عبر بها جبريل عنه - على خلاف بينهم في طريقة اطلاع جبريل على ما في نفس الباري-، وبهذا يكون قولهم القرآن كلام الله على سبيل المجاز لا أن الله تكلم به حقيقة، وسمعه جبريل ونزل به على النبي صلى الله عليه وسلم.
وسبب ذلك شبهات عدة أوردها ابن قدامة في كتابه ورد عليها، ومن هذه الشبهات:
1. أن السور متعددة ومع اعتقادهم أن كلام الله لا يتعدد ولا يتجزأ، لأن كلام الله صفة من صفاته ولا يتعدد إلا المخلوق.
2. اعتقادهم أن القرآن كلام الله، لكن لم ينزل منه شيء وإنما نزل عبارته، كما سبق تفصيله
من لازم الشبهة الأولى الثانية، أن الكتاب الذي بين أيدينا ليس هو القرآن، ولهذا ذكر ابن قدامة الأدلة على أن الكتاب الذي بين أيدينا هو القرآن الذي تكلم به الله عز وجل حقيقة.
3. اعتقادهم أن الله عز وجل لا يتكلم بحرف وصوت وأصل الشبهة أن هذا فيه تشبيه الله عز وجل بالمخلوقين، والله عز وجل ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
وذلك لأنهم تصوروا كيفية معينة للكلام بحرف وصوت والتزموها، ثم وجدوا أنها لا تليق بالله عز وجل، فعطلوا الصفة !
وفي كلام ابن قدامة نفي هذا التلازم وبالتالي بطلت الشبهة.


نورة الأمير: ب
أحسنتِ، بارك الله فيك ونفع بك.
- بالنسبة للمقصد العام يمكنكِ اختصاره، بعدم التفصيل في ذكر عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن، والإشارة إليها، ثم تخصيص مقصد فرعي فيه بيان تفصيلها.
- تفصيل الأدلة واستيعابها وبيان وجه الاستدلال منها، مهم في هذا المقام، وليس من المناسب اختصاره.
- قولكِ: (-شبهة: زعم أن القرآن مخلوق وهو عبارة جبريل ألفها بإلهام من الله)
بعد قراءة التعليق العام.
الشبهة هي أن السور المائة وأربعة عشر ليست هي كلام الله، وأصلها اعتقادهم أن كلام الله لا يتجزأ ولا يتعدد لأن المخلوق هو الذي يتعدد وصفات الله غير مخلوقة.
احتج عليهم بحجج عدة ثم سلم لهم على قولهم أن المتعدد مخلوق (طريقة المنع والتسليم) بأن كتب الله عز وجل متعددة، مثل التوراة والإنجيل والزبور والقرآن، وهي غير مخلوقة، كما اتفق المنتمون للسنة وفيهم كلا طرفي المناظرة (الأشاعرة وابن قدامة)
فإن قالوا أنها مخلوقة أقروا بقول خصومهم المعتزلة، وإن قالوا غير مخلوقة فقد حاجهم ابن قدامة.
- لم يتفق العلماء على تحريم مس المحدث للمصحف بل فيه خلاف، بسبب الخلاف في تفسير قوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون}
بحسب الخلاف في مرجع الضمير في {يمسه} هل هو القرآن أو اللوح المحفوظ، والمقصود بـ (المطهرون) هل هم الملائكة أو الناس.


فاطمة الزهراء محمد: ب
- يمكنكِ اختصار المقصد العام إلى إيراد بعض المسائل التي وردت في مناظرة بين ابن قدامة وبعض أهل البدع في القرآن، والرد على شبهاتهم.
- المقصد الأول:
أرجو قراءة التعليق العام، والتعليق على الأخت نورة.
- المقصد الثاني:
قولكِ: (أن الله عز وجل سميع بصير ولا يوصف بافتقاره إلى المخارج والأدوات)
قصد ابن قدامة الاحتجاج بما أثبته الأشاعرة من صفات الله عز وجل ومنها السمع والبصر، وأنها في حق المخلوقين تفتقد لأدوات معينة، فالعلم عند البشر لا يكون إلا بقلب والسمع لا يكون إلا بانخراق الصوت، والله عز وجل منزه عن الشبه بالمخلوقين؛ فإن نفوا الكلام لافتقاره إلى مخارج وأدوات، فيجب نفي جميع الصفات، تعالى الله عن هذا علوًا كبيرًا.
- تفصيل الأدلة واستيعابها وبيان وجه الاستدلال منها، مهم في هذا المقام، وليس من المناسب اختصاره.

منيرة محمد: ج+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
- المقصد الرئيس والأكبر وسبب تأليف الكتاب، المفترض أن تعبر عن معنى واحد وهو المقصد العام من الكتاب، وتحته نفصل المقاصد الفرعية.
- قولكِ: -الغرض من مقولتهم الباطلة ، بعد المقصد العام، يفيد أن ما تحتها هو غرض ما قبلها
وإنما ساق ابن قدامة عبارة (مدار القوم على ...)
بعد ما أورد عددًا من الشبه، التي ناظرهم فيها ثم انتهى معهم إلى القول بأن القرآن كلام الله غير مخلوق لكن مع هذا قالوا بأن فإن هذا القرآن العربي الذي بين أيدينا ليس هو القرآن القديم.
وأورد بعد ذلك ما يفيد كتمان مناظريه لحقيقة اعتقادهم، والاحتجاج على بطلان عقيدتهم بذلك.
- أرجو قراءة التعليق العام والتعليقات على الأختين نورة وفاطمة أعلاه.

وفقني الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 صفر 1443هـ/6-10-2021م, 05:59 PM
فداء حسين فداء حسين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مستوى الإمتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 955
افتراضي

تلخيص مقاصد كتاب حكاية المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدعة لابن قدامة.
المقصد الرئيسي:
إثبات صفة الكلام لله سبحانه, وإثبات بأن القرآن الموجود بين الدفتين هو كلام الله حقيقة لا مجازا, والرد على المذاهب الرديئة فيه.

المقاصد الفرعية:
- سبب تأليف الكتاب: حكاية المناظرة التي وقعت:
- عقيدة أهل السنة في القرآن الكريم.
- بيان اختلاف الفرق في القرآن.
- بعض قواعد أهل السنة في الأسماء والصفات.
- حقيقة قول الأشاعرة في كلام الله وفي القرآن.
- مؤسس المذهب الأشعري.
- مناظرة وردود المصنف على الأشاعرة.
- الاحتجاج بكمال بلاغ النبي صلى الله عليه وسلم وكمال بلاغ الصحابة.
- غربة الدين.

التلخيص:

- سبب تأليف الكتاب: حكاية المناظرة التي وقعت:
• كرر سؤال بعض أصحابه عن حكاية مناظرة التي جرت بينه وبين بعض أهل البدعة في القرآن, فخاف من الزيادة والنقصان, فرأى أن يذكر ذلك على غير سبيل الحكاية كي لا تكون الزيادة في الحجج والأجوبة عن شبههم كذبا مع تضمن ذلك لأكثر ما جرى .

- عقيدة أهل السنة في القرآن الكريم:
• القرآن كلام الله وهو هذه المائة والأربع عشرة سورة أولها سورة الفاتحة وآخرها المعوذات وانه سور وايات وحروف وكلمات متلو مسموع مكتوب.
• وجوب ىتعظيم القرآن الكريم.
• القرآن الكريم كلام الله.
• التقرب إلى الله سبجانه بقراءة كلامه.
• من قال أن القرآن مخلوق فهو كافر.
• اتفق أهل السنة على أن القرآن كلام الله غير مخلوق.
• القرآن هو هذه السور التي سماها الله قرآنا عربيا وأنزلها على رسوله عليه السلام.
• أجمع المسلمون على أن في القرآن ناسخا ومنسوخا.
• أجمعوا على أن القرآن معجز للخلق عجزوا عن الإتيان بعشر سور مثله او سورة مثله.
• لا خلاف بين المسلمين أجمعين أن من جحد آية أو كلمة متفقا عليها أو حرفا متفقا عليه أنه كافر وقال علي رضي الله عنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله.
• قال احمد رحمه الله:( من زعم ان اسماء الله تعالى مخلوقة فقد كفر).القول في الذات كالقول في الصفات.

- بيان اختلاف الفرق في القرآن:
• صرحت المعتزلة بخلق القرآن.
• قالت الكلابية بأن السور والآيات حكاية عن كلام الله, ولازم قولهم أن القرآن مخلوق.
• قالت الأشاعرة بأن السور والآيات عبارة عن كلام الله, ولازم قولهم أن القرآن مخلوق.
• اتفق الأشاعرة والكلابية على أن كلام الله سبحانه هو المعنى القائم بالنفس, وهو شيء واحد لا يتجزأ ولا يتبعض ولا يتعدد ولا هو شيء ينزل ولا يتلى ولا يسمع.
• قالوا: ليس في المصاحف إلا الورق والمداد.
• اختلفوا في كيفية نزول جبريل عليه السلام بالوحي:
قال بعضهم هي عبارة جبريل عليه السلام هو الذي ألفها بإلهام الله تعالى له ذلك .
وزعم بعضهم أن الله تعالى خلقها في اللوح المحفوظ فأخذها جبريل منه, وكلا القولين راجع إلى نفي سماع جبريل عليهه السلام القرآن من الله سبحانه.
(وإنما قالوا ما قالوا لأنهم زعموا بأن كلام الله قديم, دون إثباتهم بأنه حادث الآحاد, ومنعوا قيام الأفعال والحوادث في الله سبحانه).
• احتجوا على كون هذه السور مخلوقة بأنها تتعدد ولا يتعدد إلا المخلوق, وقيام الحوادث لا يكون إلا في المخلوق, فأرادوا تنزبه الباري فعطلوه عن صفاته.

- بعض قواعد أهل السنة في الأسماء والصفات:
• إثبات ما وصف الله تعالى به نفسه, وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم, بدون تأويل ولا تفسير(يقصد هنا تفسير الكيفية).
ا• لصفات التي قالها الله ورسوله لها معنى هو به عالم , فنؤمن به بالمعنى الذي اراده ونكل علمه إليه .(يريد نؤمن بالمعنى الظاهر المتبادر إلى الذهن, ونكل العلم الكيفية إلى الله مع إثباتها, فلا وسيلة لمعرفتها).
• ما سكت عنه الله سبحانه وسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم؛ نسكت عنه.
• الاتباع وعدم الابتداع,كما قال تعالى:{وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} وقال لرسوله عليه السلام:{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}, وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة).
• صفات الله متعددة كما ذكرت في نصوص الكتاب والسنة.منها: السمع والبصر والعلم والإرادة والقدرة والحياة والكلام.
• ثبت في الكتاب والسنة أن أسماء الله تعالى متعددة كذلك, قال تعالى :{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه} ,
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :(إن لله تعالى تسعة تسعون اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة).
• صفات الله قديمة, وهذا بلا خلاف.(ومنها ما هو قديم متجدد الآحاد).
• أسماء الله سبحانه غير مخلوقة, نص الشافعي رحمه الله على أن أسماء الله تعالى غير مخلوقة.
• القول في بعض الصفات كالقول في بعض.

- حقيقة قول الأشاعرة في كلام الله وفي القرآن:
• قالوا بأن كلام الله هو الكلام القائم في النفس.
• قالت الأشاعرة بأن القرآن كلام الله غير مخلوق على حسب أصولهم لا أصول أهل السنة.
• قالوا بأن كلام الله ليس هذا القرآن. وبأن غير هذا يسمى قرآنا, وبأن هذا القرآن ليس القرآن القديم!
• قالوا إن القرآن في نفس الباري قائم به ليس هو سورا ولا آيات ولا حروفا ولا كلمات.
• ادعوا بأن جبريل لم يسمعه من الله؛ بل خلق الله فهمه في نفس جبريل عليه السلام, فنزل به وتكلم هو به, فيلزمهم على هذا القول أن يقولوا:(قال جبريل) لا (قال الله تعالى).
• نهاية قولهم يرجع إلى موافقة قول المعتزلة الذين قالوا بخلق القرآن.
• قالوا بأن القرآن مكتوب في المصاحف, ثم قالوا ليس فيها إلا الحبر والورق, فيلزم من قولهم جواز مسها للمحدث , لأن المحدث يلا منع من مس حبر ولا ورق.
• لم تصرح الأشاعرة بالقول بخلق القرآن إلا فيما بينهم, مع إظهارهم تعظيم القرآن أمام العامة, ولا يعرف في أهل البدع طائفة يكتمون مقالتهم ولا يتجاسرون على إظهارها الا الزنادقة والأشعرية .
• كلام الأشاعرة في ماهية القرآن مضطرب غير واضح, ولا دليل لديهم على أن غير هذا يسمى قرآنا , فإن تسمية القرآن إنما تعلم من الشرع أو النص ,فأما العقل فلا يقتضي تسمية صفة.
وهذا حال جميع أصولهم, فلا هم اعتمدوا على العقل المحض كما فعلت المعتزلة, ولا هم أخذوا بالشرع كحال أهل السنة والجماعة.

- مؤسس المذهب الأشعري:
أبو حسن الأشعري
• لم يعرف بدين ولا ورع ولا شيء من علوم الشريعة البتة ولا ينسب إليه من العلم إلا علم الكلام المذموملم يعرف بدين ولا ورع ولا شيء من علوم الشريعة البتة ولا ينسب إليه من العلم إلا علم الكلام المذموم وهم يعترفون • أقام على الاعتزال أربعين عاما ثم أظهر الرجوع عنه فلم يظهرز
• أقام على الاعتزال أربعين عاما ثم أظهر الرجوع عنه دون إظهار توبة .
• أظهر هذه البدعة.
( قد ألف أبو الحسن الأشعري كتاب الإنابة, وصرح برجوعه إلى مذهب الإمام أحمد, لكنه لم يخلص من مذهب المتكلمة بالكلية).

- مناظرة وردود المصنف على الأشاعرة:

أولا: مقدمة في الرد على الأشاعرة بعدم كون القرآن مخلوقا:
1- إن قالوا أن كلام الله مخلوق؛ فقد قالوا بخلق القرآن وشابهوا المعتزلة, واتفق أهل السنة على كفر القائل بخلق القرآن. واختلفوا هل هو كفر ينقل عن الملة أو لا(والصحيح بأن أهل السنة قصدوا الكفر الناقل عن الملة, مع تفريقهم بين التكفير المطلق وتكفير المعين),فإن قالوا بهذا القول؛ فقد قالوا بقول أقروا بكفر قائله.
2- وإن أقروا بها غير مخلوقة وهي متعددة؛ فقد بطل قولهم.
3- ان قالوا هى شيء واحد غير متعددة؛ فهذه مكابرة منهم وسفسطة لبطلان لوازم هذا القول حسا وعقلا وشرعا:
• فعلى هذا القول: بلزم أن تكون التوراة هي القرآن والإنجيل والزبور.
• ويلزم أن موسى لما أنزلت عليه التوراة فقد انزل عليه كل كتاب لله تعالى, وان نبينا عليه السلام لما أنزل عليه القرآن فقد أنزلت عليه التوراة والإنجيل والزبورّ
• ويلزم من هذا وأن من قرأ آية من القرآن فقد قرأ كل كتاب الله تعال,ى ومن حفظ شيئا منه فقد حفظه كله.
• ويلزم أن أن يكون الأمر هو النهي والإثبات هو النفي وقصة نوح هي قصة هود ولوط واحد الضدين.
4- إن قالوا أن التوراة والإنجيل والزبور والقرآن عبارة عن كلام الله عز وجل, أما كلام الله القديم فلم ينزل منه شيء على الأنبياء؛ كذب كلامهم هذا القرآن والسنة والإجماع, فلا خلاف بين المسلمين كلهم ان القرآن أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم, وان التوراة انزلت على موسى, والإنجيل على عيسى, والزبور على داود, والله عز وجل يقول: {الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون},
وقال سبحانه:{وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة}, وغيرها من الآيات.
• وقد أكفر الله تعالى اليهود بقولهم: {ما أنزل الله على بشر من شيء} ثم قال: {قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس} ثم قال: {قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون} , وغيرها من اتلآيات,

ثانيا: الرد على ما قالوه بأن( بأن كتاب الله غير القرآن):
• هذا خرق لإجماع المسلمين, وشيء لم لم يأت به حتى الملاحدة.
• لا خلاف بين المسلمين ان كتاب الله هو القرآن العظيم المنزل على سيد المرسلين بلسان عربي مبين, والله تعالى قد أخبر بذلك فقال سبحانه {الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا} , وقال {حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} وغيرها من الآيات, وهذا لا يخفى هذا إلا على من أعمى الله قلبه واضله عن سبيله .

ثالثا: الرد على ما زعموه بأن (الحروف لا تخرج إلا من مخارج وأدوات والله سبحانه منزه ذلك):
يرد عليه من أوجه:
1- لا يوجد دليل على ان الحروف لا تكون الا من مخارج وأدوات.
2- هم وقعوا في التشبيه ثم فروا منه إلى التعطيل, فظنوا بأن وجود المخارج والأدوات للمخلوق يلزم منه ذلك في حق الخالف؛ وهذا قياس لله تعالى على خلقه, وإلحاق لصفاتهم بصفاته؛ وهو من أقبح الكفر, فهو:{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.
وكذلك فهذا باطل بسائر صفات الله تعالى, فإن العلم لا يكون في حقنا إلا بقلب والسمع لا يكون إلا من انخراق والبصر لا يكون إلا من حدقة والله تعالى عالم سميع بصير ولا يوصف بذلك.
3- يلزم من نفيكم الكلام لافتقاره في زعمكم إلى المخارج والأدوات؛ نفي سائر الصفات.
وإن أثبتم له الصفات ونفيتم عنه الأدوات؛ لزمكم مثل ذلك في صفة الكلام. فالقول في بعض الصفات كالقول في بعض.
4- إن الله تعالى أنطق بعض مخلوقاته بغير مخارج, قال تعالى: {وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم} , وقال تعالى {حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء}, وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان حجرا كان يسلم عليه وسبح الحصى في يديهو وغيرها من الأدلة.
5- لا خلاف في أن الله تعالى قادر على إنطاق الحجر الأصم من غير مخارج فلم لا يقدر سبحانه على التكلم إلا من المخارج!

رابعا: الرد على احتجاجهم بان( الحروف يدخلها التعاقب فيسبق بعضها بعضا):
1- يقال لهم بأن هذا اللازم إنما يكون في حق من يتكلم بالمخارج والأدوات, والله سبحانه لا يوصف بذلك.
1- هذا يعود إلى تشبيه الله تعالى بعباده, فإنه لا يتصور في حقه إلا ما يتصور منهم وهو باطل في نفسه.

خامسا: إثبات أن السور المشتملة على الحروف قرآن:
1- من الكتاب:
• قال تعالى:{وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين}, فأخبر الله تعالى ان الذي سموه شعرا قرآن مبين وما ليس بحروف لا يجوز ان يكون شعرا عند أحد فلما ثبت أنهم سموه شعرا دل على أنه حروف .
• وقال الله تعالى:{قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا}: فأشار إلى حاضر وتحداهم بالإتيان بمثله, ولا يجوز التحدي بما لا يعلم ولا يدرى ما هو.
• وقال تعالى {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل} وقال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} وغيرها من الآيات في كتاب الله تعالى والتي تدل بمجموعها على أن القرآن هذا الذي هو سور محكمات وآيات مفصلات وحروف وكلمات, فلا يمكن أن يتطرق الاحتمال إلى مجموعها ولو تطرق إلى بعضها.

2- من السنة:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:( إن هذا القرآن مأدبة الله, فتعلموا من مأدبته ما استطعتم, إن هذا القرآن هو حبل الله تعالى...) إلى قوله صلى الله عليه وسلم:( فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات, أما إني لا أقول {الم} حرف, ولكن في الالف عشر وفي اللام عشر وفي الميم عشر).

3- الإجماع:
• أجمعت الأمة على أن هذا القرآن الذي لا تصح الصلاة الا به هو كلام الله غير مخلوق.
• ولما زعمت المعتزلة بأنه مخلوق؛ لم يكن اختلافهم في هذا الموجود دون ما في نفس الباري مما لا يدرى ما هو ولا نعرفه.
• ولما أمر الله سبحانه بترتيل القرآن في قوله:{ورتل القرآن ترتنيلا}؛ لم يفهم منه المسلمون إلا هذا القرآن الموجود.
• ولما زعم الوليد بقوله:{إن هذا إلا قول البشر}؛ إنما أشار إلى هذا النظم, فتوعده الله عز وجل فقال {سأصليه سقر}.
• ولما قالوا :{لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه}؛إنما أشاروا إليه.
• ولما قالوا :{إن هذا إلا أساطير الأولين}؛ لم يعنوا غيره.
ولو لم يكن هذا النظم قرآنا لوجب ان تبطل الصلاة به لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن), فعلى قولهم تكون قراءة القرآن مبطلة للصلاة!

سادسا: الرد على قولهم:(كيف قلتم إن القرآن حروف ولم يرد في كتاب ولا سنة ولا عن أحد من الأئمة):
1- قد ثبتنا ان القرآن هو هذه السور والآيات, ولا ينكر عاقل بأنها حروف ولا يختلف عاقلان في أن {الحمد} خمسة أحرف, وقد افتتح الله تعالى كثيرا من سور القرآن بالحروف المقطعة مثل {الم} و {الر}.
2- لا خلاف في أنه يجوز أن يقال إن القرآن مائة واربع عشرة سورة, ولم يرد لفظ في ذلك في كتاب ولا سنة.
3- ثبت مجيء لفظ (الحرف) في السنة ,وأقوال الصحابة, وإجماع الأمة, فقال النبي صلى الله عليه وسلم:( من قرأ القرآن وأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات...) الحديث, وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(اقرأوا القرآن قبل أن يأتي قوم يقيمون حروفه إقامة السهم لا يجاوز تراقيهم), وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :(من حلف بالقرآن فعليه بكل حرف كفارة), واتفق أهل الأمصار من أهل الحجاز والعراق والشام على عدد حروف القرآن فعدها كل أهل مصر وقالوا عددها كذا وكذا, وغيرها مما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام وعن الصحابة والسلف.
4- أول من أنكر هذه اللفظة هو الأشعري, وقد كان إجماع المسلمين على خلاف قوله, فلا تأثير لقوله عند أهل الحق, ولا تترك الحقائق وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة لقول الأشعري .

سابعا:الرد على قولهم:(قلتم إن الله يتكلم بصوت ولم يأت كتاب ولا سنة):
أولا: ورد به الكتاب, قال الله تعالى {وكلم الله موسى تكليما}, وقوله تعالى :{وإذ نادى ربك موسى} ولا خلاف أن موسى سمع كلام الله من الله بغير واسطة ولا يسمع إلا الصوت.
ثانيا: ورد به السنة, فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:( إن الله يجمع الخلائق فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمع من قرب أنا الملك أنا الديان).
ثالثا: أجمع السلف على ذلك, فقد ذكر عبد الله بن أحمد انه قال: سالت ابي فقلت : يا ابه إن الجهمية يزعمون ان الله لا يتكلم بصوت,: كذبوا إنما يريدون على التعطيل.
ثم روى قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه انه قال : إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء.
رابعا: إن قالوا:( الصوت لا يكون إلا من هواء بين جرمين)؛ يجاب عليهم كما جاء سابقا بإن هذا قياس منهم لله سبحانه على خلقه, وتشبيه له بعباده, ويلزمهم كذلك طرد هذا الكلام على باقي الصفات, وهم لا يفعلون ذلك.\

ثامنا: الرد على قولهم:(ما في الكتاب إلا الحبر والورق):
1- إن كانت كما زعموا فلم لا يمس المصاحف الا المطهرون, فلم يقل أحد أن المحدث يمنع من مس حبر ولا ورق.
2- تجب الكفارة على الحالف بالمصحف إذا حنث.
3- يلزم من قولهم التسوية بين المصحف وبين ديوان ابن الحجاج لأنه إذا لم يكن بين كل واحد منهما غير الحبر والورق فقد تساويا فيجب تساويهما في الحكم.
4- قولهم خالف ما في الكتاب والسنة وإجماع الأمة: فقد قال تعالى:{فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين} فأقسم الله عز وجل أنه قرآن كريم في كتاب مكنون, وقال صلى الله عليه وسلم:(لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن تناله أيديهم).

تاسعا: الرد على قولهم:(أن الكفارة وجبت على الحالف بالمصحف إذا حنث لاعتقاد العامة أن فيه كلام الله):
1- اتفق المسلمون كلهم على أن من حلف به فحنث فعليه الكفارة, ولا تجب الكفارة بالحلف بمخلوق.
2- هذا الحكم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم, لم يتجدد الآن.
3- إن أقر أن عامة أهل عصر النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته كانوا يعتقدون أن فيه كلام الله تعالى, وأقرهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصوبهم فيه,فهو الحق الذي لا شك فيه ولا يحل خلافه.
• إن قال إنهم كانوا يعتقدون ذلك ولم يعلم بهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكيف علم هو؟ وكيف علم هو من أحوال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن اعتقاداتهم ما يخفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين أظهرهم؟!
• ثم يقال له: هل كانوا مصيبين في اعتقادهم أو مخطئين؟
فإن كانوا مخطئين؛ فقد اعتقد ان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا ضلالا ومن بعدهم, وأنه هو أصاب بمخالفتهم.
وهذا إقرار بأن مقالته بدعة حادثة خالف بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين بعدهم.
وإن زعم أن أهل عصر النبي صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يعتقدون هذا وإنما حدث بعدهم؛ فلِمَ يثبت هذا الحكم في عصرهم؟
ولمَ وجبت الكفارة على الحالف بالورق والحبر؟!
ولا خلاف بين المسلمين أنه لا تجب كفارة بالحلف بورق ولا حبر ولا مخلوق

- الاحتجاج بكمال بلاغ النبي صلى الله عليه وسلم وكمال بلاغ الصحابة:
• أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بإظهار الدين والدعاء اليه وتبليغ ما أنزل عليه, فقال تعال:ى {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}.
• توعده الله سبحانه على إخفاء شىء منه بقوله :{وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} .
• يلزم من كلام الأشاعرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أوهم أمته خلاف الحق الذي جاءت به الأشاعرة, مع أنه اشفق على أمته من أن يعلمه الله حقا ويأمره بتبليغه فيكتمه عنهم حتى يضلوا عنه.
• إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد كتمه؛ فمن الذى بلغه إلى الصحابة حتى اعتقدوه ودانوا ثم وصل إلى الأشاعرة؟!
• إن كان الصحابة رضوان الله عليهم قد تواطؤوا على كتمانه؛ فمن الذي نقله إلى التابعين حتى اعتقدوه؟!
• يلزم من هذا كله أن الحق خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم, وعلى أصحابه والتابعين بعدهم , وعلى الأئمة الذين مهدوا الدين واقتدزا بسلفهم واقتدوا بهم من بعدهم, وغطي عنهم الصواب ولم يتبين لهم الصحيح إلى أن جاء الأشعرفي فبينه وأوضح ما خفي على النبي صلى الله عليه وسلم وأمته وكشفه!
• يلزم من هذا أن تكون شريعتهم غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم, ودينهم غير دين الإسلام, لأن دين الإسلام هو الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم, وهذا إنما جاء به الأشعري .
إن رضوا هذا واعترفوا به خرجوا عن الإسلام بالكلية.

- غربة الدين:
• انتشار هذه البدعة مع ظهور فسادها.
• قال عليه الصلاة السلام:( بدأ الدين غريبا وسيعود كما بدأ ,ثم جمع بينهم في أن لهم طوبى فقال فطوبى للغرباء).
• كثرة أهل البدع وسلطانهم وقلة هل السنة, وقد جاء في خبر يأتي على الناس زمان يكون المتمسك بدينه كالقابض على الجمر.
• الكثرة لا تعني الحق.
• لا تزال طائفة من هذه الأمة ظاهرة منصورة, لذا لما وقعت الفتنة ,وظهرت المعتزلة, ودعوا إلى القول بخلق القرآن؛ ثبت أهل الحق حتى قتل بعضهم وحبس بعضهم وضرب بعضهم , إلى أن كشف الله تعالى تلك الفتنة وازال تلك المحنة وقمع أهل البدعة.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11 شعبان 1443هـ/14-03-2022م, 11:45 PM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

مقاصد كتاب:
حكاية المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدعة
لابن قدامة
(المتوفى: 620هـ):
تحقيق عبد الله بن يوسف الجديع
مكتبة الرشد
الرياض



المقصد العام:
بيان مذهب أهل السنة والجماعة وأدلتهم بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق والرد على مخالفيهم.
المقاصد الفرعية
- بيان قصة تأليف الكتاب
- قول أهل السنة والجماعة في القرآن الكريم
- حكم القائل بخلق القرآن
- أقوال أهل البدع في القرآن.
- أدلتهم والرد عليها.
- خلاصة قول الأشاعرة في القرآن الكريم والأدلة على فساد قولهم.

توزيع الموضوعات على مقاصد الكتاب:

بيان قصة تأليف الكتاب
ألف ابن قدامة هذا الكتاب استجابة لطلب بعض أصحابه أن يحكي لهم قصة مناظرة حقيقية وقعت له مع أهل البدعة في القرآن، ولكنه ألفه على غير سبيل الحكاية خوفا وتورعا من الوقوع في الكذب مع إشارته إلى أن الكتاب تضمن أكثر ما جرى.

قول أهل السنة والجماعة في القرآن الكريم
اتفقَ أهل السّنة على أَن الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق، وَهُوَ هَذِه الْمِائَة والأربع عشرَة سُورَة أَولهَا سُورَة الْفَاتِحَة وَآخِرهَا المعوذات وأنه سور وآيات وحروف وكلمات متلو مسموع مَكْتُوب.

حكم القائل بخلق القرآن
قال ابن قدامة: "اتفقَ المنتمون إِلَى السّنة على أن الْقَائِل بِخلق الْقُرْآن كَافِر؛ مِنْهُم من قَالَ كفر ينْقل عَن الْملَّة، وَمِنْهُم من قَالَ لَا يَنْقُلهُ عَنْهَا."

أقوال أهل البدع في القرآن:
- أَن هَذِه السُّور والآيات لَيست بقرآن وَإِنَّمَا هِيَ عبارَة عَنهُ وحكاية.
- أن هذه السور والآيات مخلوقة.
- أَن الْقُرْآن معنى فِي نفس الْبَارِي وَهُوَ شَيْء وَاحِد لَا يتَجَزَّأ، وَلَا يَتَبَعَّض وَلَا يَتَعَدَّد وَلَا هُوَ شَيْء ينزل وَلَا يُتْلَى وَلَا يسمع وَلَا يكْتب وَأَنه لَيْسَ فِي الْمَصَاحِف إِلَّا الْوَرق والمداد.
- لأهل البدع أقوال في سور القرآن هي: الأول: أنها عبارَة جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ الَّذِي ألفها بإلهام الله تَعَالَى لَهُ ذَلِك، الثاني: أَن الله تَعَالَى خلقهَا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ فَأَخذهَا جِبْرِيل مِنْهُ.

أدلتهم والرد عليها
الدليل الأول: قالوا إن السُّور مخلوقة لأنَّهَا تَتَعَدَّد وَلَا يَتَعَدَّد إِلَّا الْمَخْلُوق.
وقد أورد ابن قدامة عدد من الردود على دليلهم هذا
• أن صِفَات مُتعَدِّدَة مِنْهَا السّمع وَالْبَصَر وَالْعلم والإرادة وَالْقُدْرَة والحياة والكلام وَلَا خلاف فِي أَنَّهَا قديمَة وَكَذَلِكَ أَسمَاء الله تَعَالَى فَإِنَّهَا مُتعَدِّدَة وقديمة، وقد ثَبت تعدادها بِالْكتاب وَالسّنة الْإِجْمَاع:
1. قَالَ الله تَعَالَى: {وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى فَادعوهُ بهَا وذروا الَّذين يلحدون فِي أَسْمَائِهِ}،
2. وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن لله تَعَالَى تِسْعَة تسعون اسْما مائَة إِلَّا وَاحِدًا من أحصاها دخل الْجنَّة)،
3. نَص الشَّافِعِي رَحمَه الله على أَن أَسمَاء الله تَعَالَى غير مخلوقة، وَقَالَ أحْمَد رَحمَه الله من زعم أن أسماء الله تَعَالَى مخلوقة فقد كفر.
• أن كَلِمَات الله تَعَالَى مُتعَدِّدَة وَهِي قديمَة.:
قَالَ الله تَعَالَى: {قل لَو كَانَ الْبَحْر مدادا لكلمات رَبِّي لنفد الْبَحْر قبل أَن تنفد كَلِمَات رَبِّي وَلَو جِئْنَا بِمثلِهِ مدَدا}.
• أن كتب الله تَعَالَى التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَالْقُرْآن مُتعَدِّدَة، وَهِي غير مخلوقة.
وقولهم إن الكتب السماوية شيء واحد غير متعدد مكابرة فهو يعني:
 أن التوراة هي القرآن والإنجيل والزبور
أَن مُوسَى لما أنزلت عَلَيْهِ التَّوْرَاة فقد أنْزِلْ عَلَيْهِ كل كتاب لله تَعَالَى، وأن نَبينَا عَلَيْهِ السَّلَام لما أنزل عَلَيْهِ الْقُرْآن فقد أنزلت عَلَيْهِ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور.
 أَن من قَرَأَ آيَة من الْقُرْآن فقد قَرَأَ كل كتاب الله تَعَالَى، وَمن حفظ شَيْئا مِنْهُ فقد حفظه كُله وَيجب على هَذَا أن لَا يتعب اُحْدُ فِي حفظ الْقُرْآن لِأَنَّهُ يحصل لَهُ حفظ كل كتاب لله تَعَالَى بِحِفْظ آيَة مِنْهُ.
 وَيجب على هَذَا أَن يكون الْأَمر هُوَ النَّهْي وَالْإِثْبَات هُوَ النَّفْي وقصة نوح هِيَ قصَّة هود وَلُوط وَأحِد الضدين هُوَ الآخر.

الدليل الثاني: إِن كَلَام الله عز وَجل هُوَ هَذِه الْكتب، وَإِن التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَالْقُرْآن كَلَام الله عز وَجل الْقَدِيم، لَكِن لم ينزل مِنْهُ شَيْء على الْأَنْبِيَاء، وَلَا هُوَ شي يحفظ وَلَا يُتْلَى وَلَا يسمع، وَإِنَّمَا أنزل عِبَارَته.
الرد:
في هذا مخالفة للْقُرْآن وَالسّنة وَإِجْمَاع الْأمة؛ فَإِنَّهُ لَا خلاف بَين الْمُسلمين كلهم أن الْقُرْآن أنزل على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأن التَّوْرَاة أُنزِلت على مُوسَى وَالْإِنْجِيل على عِيسَى وَالزَّبُور على دَاوُد والشواهد من القرآن على ذلك كثيرة منها:
{الر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا لَعَلَّكُمْ تعقلون}
{شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن}
{وَإنَّهُ لتنزيل رب الْعَالمين نزل بِهِ الرّوح الْأمين على قَلْبك لتَكون من الْمُنْذرين}
{وَقَالَ الَّذين كفرُوا لَوْلَا نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة}
{وَقَالُوا لَوْلَا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتين عَظِيم}
{وننزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين}
{َلَقَد آتيناك سبعا من المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم}
{كتاب أَنزَلْنَاهُ إِلَيْك مبارك}
{وَهَذَا كتاب أَنزَلْنَاهُ مبارك}
وَمثل هَذَا كثير.
وَقد أكفر الله تَعَالَى الْيَهُود بقَوْلهمْ
{مَا أنزل الله على بشر من شَيْء} ثمَّ قَالَ {قل من أنزل الْكتاب الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نورا وَهدى للنَّاس}، ثمَّ قَالَ {قل الله ثمَّ ذرهم فِي خوضهم يَلْعَبُونَ}
وَقَالَ {وَهُوَ الَّذِي أنزل إِلَيْكُم الْكتاب مفصلا وَالَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يعلمُونَ أَنه منزل من رَبك بِالْحَقِّ}
وَقَالَ {هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب مِنْهُ آيَات محكمات}
وَمثل هَذَا كثير.
وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: (أُنْزِلْ الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف) وَالسّنة مَمْلُوءَة مِنْهُ.

الدليل الثالث: كتاب الله غير الْقُرْآن.
الرد:
لَا خلاف بَين الْمُسلمين أن كتاب الله هُوَ الْقُرْآن الْعَظِيم الْمنزل على سيد الْمُرْسلين بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين، وَالله تَعَالَى قد أخبر بذلك فَقَالَ سُبْحَانَهُ:
- {الر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا}.
- {حم وَالْكتاب الْمُبين إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا لَعَلَّكُمْ تعقلون}.
- {حم تَنْزِيل من الرَّحْمَن الرَّحِيم كتاب فصلت آيَاته قُرْآنًا عَرَبيا لقوم يعلمُونَ}
- {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ يَسْتَمِعُون الْقُرْآن فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصتُوا فَلَمَّا قضي ولوا إِلَى قَومهمْ منذرين قَالُوا يَا قَومنَا إِنَّا سمعنَا كتابا أنزل من بعد مُوسَى} فَسَموهُ قُرْآنًا وكتابا
- {فَقَالُوا إِنَّا سمعنَا قُرْآنًا عجبا يهدي إِلَى الرشد فَآمَنا بِهِ}.
وَلم يكن الْقُرْآن الذى دعوا إِلَى القَوْل بخلقه سوى هَذِه السُّور الَّتِي سَمَّاهَا الله قُرْآنًا عَرَبيا وأنزلها على رَسُوله عَلَيْهِ السَّلَام وَلم يَقع الْخلاف فِي غَيرهَا الْبَتَّةَ.


الدليل الرابع: أَن هَذِه الْحُرُوف لَا تخرج إِلَّا من مخارج وأدوات فَلَا يجوز إِضَافَة ذَلِك إِلَى الله سُبْحَانَهُ.

رد عليهم ابن قدامة بالردود التالية:
1. استدلالهم بأن الحروف لا تكون إلا من مخارج بالقياس على البشر تشبيه لله سبحانه بعباده وهذا من أقبح الكفر فهو سبحانه: {لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير}.
2. أن هذا القياس ينطبق على سائر الصفات فالعلم لا يكون إلا بقلب والسمع لا يكون إلا بالعين والسمع لا يكون إلا بالتجويف والله سبحانه عالم سميع بصير وهو سبحانه لا يوصف بذلك فنفي الكلام لافتقاره للمخارج ينبني عليه نفي جميع الصفات لافتقارها لأداة واثبات الصفات يلزم منه اثبات الكلام.
3. إِن الله تَعَالَى أنطق بعض مخلوقاته بِغَيْر مخارج فَإِنَّهُ قَالَ تَعَالَى:
{وتكلمنا أَيْديهم وَتشهد أَرجُلهم}.
{حَتَّى إِذا مَا جاؤوها شهد عَلَيْهِم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بِمَا كَانُوا يعْملُونَ وَقَالُوا لجلودهم لم شهدتم علينا قَالُوا أنطقنا الله الَّذِي أنطق كل شَيْء}
وَأخْبَرْ عَن السَّمَاء وَالْأَرْض أَنَّهُمَا {قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين}.
وَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أن حجرا كَانَ يسلم عَلَيْهِ، وَسبح الْحَصَى فِي يَدَيْهِ.
وَقَالَ ابْن مَسْعُود: كُنَّا نسْمع تسيبح الطَّعَام وَهُوَ يُؤْكَل، وَلَا خلاف فِي أَن الله تَعَالَى قَادر على إنطاق الْحجر الْأَصَم من غير مخارج، فَلم لَا يقدر سُبْحَانَهُ على التَّكَلُّم إِلَّا من المخارج؟

الدليل الخامس: الصوت لَا يكون إِلَّا من هَوَاء بَين جرمين.
الرد:
- هَذَا قِيَاس مِنْهُم لربنا تبَارك وَتَعَالَى على خلقه وتشبيه لَهُ بعباده وَحكم عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا تكون صفته إِلَّا كصفات مخلوقاته وَهَذَا ضلال بعيد.
- يلْزمهُم مثل هَذَا فِي بَقِيَّة الصِّفَات، والحق أن معتمدنا فِي صِفَات الله عز وَجل، إِنَّمَا هُوَ الِاتِّبَاع.
الدليل السادس: أن الْحُرُوف يدخلهَا التَّعَاقُب فَيَسْبق بَعْضهَا بَعْضًا.
الرد:
أن هَذَا إِنَّمَا يلْزم فِي حق من يتَكَلَّم بالمخارج والأدوات وَالله سُبْحَانَهُ لَا يُوصف بذلك، وما قالوه تشبيه باطل.

الدليل السابع: كيف قُلْتُمْ إِن الْقُرْآن حُرُوف وَلم يرد فِي كتاب وَلَا سنة وَلَا عَن أحد من الْأَئِمَّة:

الرد:
• لا يختلف العقلاء مسلمهم وكافرهم بأن القرآن هو هذه السور والآيات وأن قولك: {الحمد} خمسة أحرف
• اتفقَ الْمُسلمُونَ كلهم فِي أَن سُورَة الْفَاتِحَة سبع آيَات، وَاخْتلفُوا فِي أَن {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} هَل هِيَ آيَة مِنْهَا أم لَا، وَاتَّفَقُوا كلهم على أَنَّهَا كَلِمَات وحروف.
• افْتتح الله تَعَالَى كثيرا من سور الْقُرْآن بالحروف الْمُقطعَة مثل {ألم}، {ألر} وَلَا يجْحَد عَاقل كَونهَا حروفا إِلَّا على سَبِيل المكابرة.
• أن َهَذَا الأَمر غير خَافَ على أحد فَلَا حَاجَة إِلَى الدَّلِيل عَلَيْهِ.
• سمى المشركون القرآن شعرا دلالة، ولو لم يتكون من حروف لم تجز تسميته شعرا، قال تعالى: {وَمَا علمناه الشّعْر وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِن هُوَ إِلَّا ذكر وَقُرْآن مُبين}.
• تحدى سبحانه الإنس والجن بأن يأتوا بمثل القرآن وَلَا يجوز التحدي بِمَا لَا يعلم وَلَا يدري مَا هُوَ، قَالَ الله تَعَالَى: {قل لَئِن اجْتمعت الْإِنْس وَالْجِنّ على أَن يَأْتُوا بِمثل هَذَا الْقُرْآن لَا يأْتونَ بِمثلِهِ وَلَو كَانَ بَعضهم لبَعض ظهيرا}.
• أخبر سبحانه وتعالى في عدد من الآيات أن المشركين طلبوا منه صلى الله عليه وسلم أن يأتي بمثل هذا القرآن أو يبدله، وأنهم ادعوا القدرة على قول مثله، وقالوا لولا أنزل على غيره فعُلِم يَقِينا أَنه هَذَا الْمَوْجُود عندنَا الَّذِي هُوَ سور، وآيات، وحروف وكلمات.
• أشار سبحانه في العديد من الآيات إلى القرآن بأداة الإشارة هذا والتي تدل على الحاضر، وأخبر بأنه صرفت فيه الأمثال وأنه عربي، وَهَذَا إِنَّمَا يُوصف بِهِ النّظم الَّذِي هُوَ حُرُوف دون مَا لَا يعرف وَلَا يدرى مَا هُوَ.
• جاءت الإشارة إلى القرآن الكريم في عدد من الآيات ولم يفهم منها المسلمون ولا غيرهم إلا الإشارة لهذا الكتاب الذي بين أيدينا ومن ذلك قوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا}، وقوله على لسان الوليد بن المغيرة: {إِن هَذَا إِلَّا قَول الْبشر}، وقولهم: {لن نؤمن بِهَذَا الْقُرْآن وَلَا بِالَّذِي بَين يَدَيْهِ}، و{إِن هَذَا إِلَّا أساطير الْأَوَّلين}.
• السنة مشحونة بالحديث عن كتاب الله والإشارة له بلفظ هذا وبأن الله يأجر على تلاوته "بِكُل حرف عشر حَسَنَات أما إِنِّي لَا أَقُول {الم} حرف، وَلَكِن فِي الالف عشر وَفِي اللَّام عشر وَفِي الْمِيم عشر.
• قال صلى الله عليه وسلم: ( إِن صَلَاتنَا هَذِه لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس، إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وَقِرَاءَة الْقُرْآن) مما يدل على أن النظم الذي بين أيدينا قرآن وإلا لما صحت صلاتنا، فعلى قولهم إن هذا القرآن تصنيف جبريل تبطل صلاتنا
• أجْمع الْمُسلمُونَ على أَن فِي الْقُرْآن نَاسِخا ومنسوخا، وَإِنَّمَا يتَعَلَّق هَذِه النّظم دون مَا فِي النَّفس.
• أَجْمعُ المسلمون على أَن الْقُرْآن معجز لِلْخلقِ عجزوا عَن الْإِتْيَان بِعشر سور مثله اَوْ سُورَة مثله وَإِنَّمَا يتَعَلَّق ذَلِك بِهَذَا الْقُرْآن.
• أجمع المسلمون على أَن من جحد آيَة أَو كلمة مُتَّفقا عَلَيْهَا أَو حرفا مُتَّفقا عَلَيْهِ أَنه كَافِر، وَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ من كفر بِحرف مِنْهُ فقد كفر بِهِ كُله.
• المسلمون كلهم يَقُولُونَ قَالَ الله كَذَا إِذا أَرَادوا أن يخبروا عَن آيَة أَو يستشهدوا بِكَلِمَة من الْقُرْآن.
• اجماع الأمة على أَن هَذَا الْقُرْآن الَّذِي لَا تصح الصَّلَاة الا بِهِ وَلَا تصح الْخطْبَة إِلَّا بِآيَة مِنْهُ وَلَا يقرأه حَائِض وَلَا جنب.
• لما اخْتلف اهل الْحق والمعتزلة فَقَالَ أهل الْحق الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق، وَقَالَت الْمُعْتَزلَة هُوَ مَخْلُوق، لم يكن اخْتلَافهمْ فِي هَذَا الْمَوْجُود دون مَا فِي نفس الْبَارِي مِمَّا لَا يدرى مَا هُوَ وَلَا نعرفه.
• أقرُّوا ان الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق فَإِذا لم يكن الْقُرْآن هَذَا الْكتاب الْعَرَبِيّ الَّذِي سَمَّاهُ الله قُرْآنًا فَمَا الْقُرْآن عِنْدهم؟ وَبِأَيِّ شَيْء علمُوا أَن غير هَذَا يُسمى قُرْآنًا؟
• تَسْمِيَة الْقُرْآن إِنَّمَا تعلم من الشَّرْع أَو النَّص، فَأَما الْعقل فَلَا يَقْتَضِي تَسْمِيَة صفة الله قُرْآنًا، وَمَا ورد النَّص بتسميته الْقُرْآن إِلَّا لهَذَا الْكتاب وَلَا عرفت الْأمة قُرْآنًا غَيره.
• تسميتهم غَيره قُرْآنًا تحكم بِغَيْر دَلِيل شَرْعِي وَلَا عَقْلِي، مُخَالف الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الْأمة.

الدليل الثامن: لَا يسوغ لكم أَن تَقولُوا لَفْظَة لم ترد فِي كتاب وَلَا سنة وَإِن كَانَ مَعْنَاهَا صَحِيحا ثَابتا.
- لَا خلاف فِي أَنه يجوز أَن يُقَال إِن الْقُرْآن مائَة وأربع عشرَة سُورَة، وَإِن سُورَة الْبَقَرَة مِائَتَان وست وَثَمَانُونَ آيَة، وَفِي عد آي سور الْقُرْآن وأحزابه وأسباعه وأعشاره وَلم يرد لفظ فِي ذَلِك فِي كتاب وَلَا سنة.
- أن لفظ الْحَرْف قد جَاءَت بِهِ السّنة وأقوال الصَّحَابَة وَإِجْمَاع الْأمة.
• مما ورد في حديثه صلى الله عليه وسلم:
- (من قَرَأَ الْقُرْآن وأعربه فَلهُ بِكُل حرف مِنْهُ عشر حَسَنَات وَمن قَرَأَهُ ولحن فِيهِ فَلهُ بِكُل حرف مِنْهُ حَسَنَة) حَدِيث صَحِيح.
- اقرأوا الْقُرْآن قبل أَن يَأْتِي قوم يُقِيمُونَ حُرُوفه إِقَامَة السهْم لَا يُجَاوز تراقيهم)
-(أنزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف)
• قَالَ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا(إِعْرَاب الْقُرْآن أحب إِلَيْنَا من حفظ بعض حُرُوفه).
• قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: ( من كفر بِحرف من الْقُرْآن فقد كفر بِهِ كُله)
وَقَالَ: (تعلمُوا الْبَقَرَة فَإِن بِكُل حرف مِنْهَا حَسَنَة والحسنة بِعشْرَة أَمْثَالهَا)
• قَالَ عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: ( من حلف بِالْقُرْآنِ فَعَلَيهِ بِكُل حرف كَفَّارَة)
• قَالَ ابْن عمر : (إِذا خرج أحدكُم لِحَاجَتِهِ ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله فليأت الْمُصحف فيفتحه فيقرأ سُورَة، فَإِن الله يكْتب لَهُ بِكُل حرف عشر حَسَنَات، أما إِنِّي لَا أَقُول {الم} وَلَكِن الْألف عشر وَاللَّام عشر وَالْمِيم عشر)
• قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: (قراء الْقُرْآن ثَلَاثَة فقوم حفظوا حُرُوفه وضيعوا حُدُوده)
• قَالَ حُذَيْفَة وفضاله بن عبيج: (خُذ عَليّ الْمُصحف وَلَا تردن عَليّ ألفا وَلَا واوا)
• ذكر أَبُو عبيد وَغَيره من الْأَئِمَّة فِي تصانيفهم: (بَاب اخْتلَافهمْ فِي حُرُوف الْقُرْآن)
• اتفقَ أهل الْأَمْصَار من أهل الْحجاز وَالْعراق وَالشَّام على عدد حُرُوف الْقُرْآن فَعَدهَا كل أهل مصر وَقَالُوا عَددهَا كَذَا وَكَذَا.
• قَالَ الْمسيب بن وَاضح: قلت ليوسف بن أسباط: حَدثنِي أبو عمر الصَّنْعَانِيّ حَفْص بن ميسرَة، قَالَ: الْقُرْآن ألفا ألف حرف واربعة وَعِشْرُونَ الف حرف، فَمن قَرَأَ الْقُرْآن أعطي بِكُل حرف زَوْجَة من الْحور الْعين، فَقَالَ لي يُوسُف بن أَسْبَاط وَمَا يُعْجِبك من ذَلِك، حَدثنِي مُحَمَّد بن أبان الْعجلِيّ عَن عبد الأعلى عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أَبِيه عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: من قَرَأَ الْقُرْآن أعطي بِكُل حرف زَوْجَتَيْنِ من الْحور الْعين.
- لم تزل هَذِه الْأَخْبَار وَهَذِه اللَّفْظَة متداولة منقولة بَين النَّاس لَا ينكرها مُنكر وَلَا يخْتَلف فِيهَا أحد إِلَى ان جَاءَ الْأَشْعَرِيّ فأنكرها وَخَالف الْخلق كلهم مسلمهم وكافرهم وَلَا تَأْثِير لقَوْله عِنْد أهل الْحق وَلَا تتْرك الْحَقَائِق وَقَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِجْمَاع الْأمة لقَوْل الْأَشْعَرِيّ إِلَّا من سلبه الله التَّوْفِيق وأعمى بصيرته وأضله عَن سَوَاء السَّبِيل.

الدليل التاسع: قد قُلْتُمْ إِن الله يتَكَلَّم بِصَوْت وَلم يَأْتِ في كتاب وَلَا سنة
الرد:
- دل عليه الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع أهل الْحق:
- قال تعالى: {وكلم الله مُوسَى تكليما}، {مِنْهُم من كلم الله}، {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا أَو من وَرَاء حجاب}.
- قال تعالى: {وَإِذ نَادَى رَبك مُوسَى}، ولَا خلاف أَن مُوسَى عليه السلام سمع كَلَام الله من الله بِغَيْر وَاسِطَة وَلَا يسمع إِلَّا الصَّوْت، فَإِن الصَّوْت هُوَ مَا يَتَأَتَّى سَمَاعه.
قال صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنه قَالَ: (إِن الله يجمع الْخَلَائق فيناديهم بِصَوْت يسمعهُ من بعد كَمَا يسمع من قرب أَنا الْملك أَنا الديَّان).
- ذكر عبد الله بن أَحْمد أنه قَالَ: سَالَتُ أبي فَقلت: يَا أبه إِن الْجَهْمِية يَزْعمُونَ أن الله لَا يتَكَلَّم بِصَوْت، فَقَالَ:( كذبُوا إِنَّمَا يُرِيدُونَ على التعطيل)، ثمَّ قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْمحَاربي قَالَ حَدثنَا سُلَيْمَان بن مهْرَان الْأَعْمَش عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ إِذا تكلم الله بِالْوَحْي سمع صَوته أهل السَّمَاء، قَالَ أَبُو نصر السجْزِي رَحمَه الله: وَهَذَا الْخَبَر لَيْسَ فِي رُوَاته إِلَّا إِمَام مَقْبُول، وَقد رُوِيَ مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
- فِي بعض الآثار: أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لما ناداه ربه يَا مُوسَى، أجاب سَرِيعا استئناسا بالصوت فَقَالَ لبيْك ، أسْمَع صَوْتك وَلَا أرى مَكَانك، فَأَيْنَ أَنْت؟ قَالَ: انا فَوْقك وأمامك ووراءك وَعَن يَمِينك وَعَن شمالك- فَعلم أن هَذِه الصّفة لَا تنبغي إِلَّا لله عز وَجل- قَالَ: فَكَذَلِك أنا يَا رب أفكلامك أسمع أم كَلَام رَسُولك قَالَ بل كَلَامي.
- وَفِي أثر آخر أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لما ناجاه ربه ثمَّ سمع كَلَام الْآدَمِيّين مقتهم لما وقر فِي مسامعك من كَلَام الله تَعَالَى، وَمثله فِي الْآثَار كثير تناولته الْأمة وَلم يُنكره إِلَّا مُبْتَدع لَا يلْتَفت إِلَيْهِ.

الدليل العاشر: إِنَّمَا وَجَبت الْكَفَّارَة على الْحَالِف لاعتقاد الْعَامَّة أَن فِيهِ كَلَام الله.

الرد:
- هَذَا الحكم من لدن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَتَجَدَّد الْآن فَإِن أقرّ أَن عَامَّة أهل عصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصحابته كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَن فِيهِ كَلَام الله تَعَالَى وأقرهم عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصوبهم فِيهِ فَهُوَ الْحق الَّذِي لَا شكّ فِيهِ وَلَا يحل خِلَافه.
- إِن قَالَ إِنَّهُم كَانُوا يَعْتَقِدُونَ ذَلِك وَلم يعلم بهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكيف علم هُوَ مَا يخفى على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بَين أظهرهم؟
- إِن كَانُوا مخطئين فقد اعْتقد أن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا ضلالا وَمن بعدهمْ واتفقوا على ذلك وَأَنه هُوَ أصَاب بمخالفتهم.
- هَذَا إِقْرَار بِأَن مقَالَته بِدعَة حَادِثَة خَالف بهَا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالتَّابِعِينَ بعدهمْ وَهُوَ الَّذِي يَقُوله عَنْهُم وبدعته فيهم.
- كَيفَ يحل أَن يوهموا الْعَامَّة مَا يقوى بِهِ اعْتِقَادهم الَّذِي يَزْعمُونَ أَنه بِدعَة من تعظيمهم للمصاحف فِي الظَّاهِر واحترامها عِنْد النَّاس وَرُبمَا قَامُوا عِنْد مجيئها وقبلوها ووضعوها على رؤوسهم ليوهموا النَّاس أَنهم يَعْتَقِدُونَ فِيهَا الْقُرْآن وَرُبمَا أمروا من توجبت عَلَيْهِ يَمِين فِي الحكم بِالْحلف بالمصحف إيهاما لَهُ أَن الَّذِي يحلف بِهِ هُوَ الْقُرْآن الْعَظِيم وَالْكتاب الْكَرِيم وَهَذَا عِنْدهم اعْتِقَاد بَاطِل فَكيف يحل لَهُم أَن يتظاهروا بِهِ ويضمرون خِلَافه وَهَذَا هُوَ النِّفَاق فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ الزندقة الْيَوْم.

الدليل الحادي عشر: قالوا : لَيْسَ فِي الْمُصحف إِلَّا الحبر وَالْوَرق
يرد عليهم بالقرآن والسنة وإجماع الأمة:
قال تعالى:
• {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم وَإنَّهُ لقسم لَو تعلمُونَ عَظِيم إِنَّه لقرآن كريم فِي كتاب مَكْنُون لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ تَنْزِيل من رب الْعَالمين} [الْوَاقِعَة: 75- 80]
فأقسم الله عز وَجل أَنه قُرْآن كريم فِي كتاب مَكْنُون
• {بل هُوَ قُرْآن مجيد فِي لوح مَحْفُوظ}[البروج: 21- 22]
• {وَالطور وَكتاب مسطور فِي رق منشور} [الطّور: 1- 3]
• وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا تسافروا بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرض الْعَدو مَخَافَة أَن تناله أَيْديهم)، يُرِيد الْمَصَاحِف الَّتِي فِيهَا الْقُرْآن.
• اتفقَ الْمُسلمُونَ كلهم على تَعْظِيم الْمُصحف وتبجيله، وَتَحْرِيم مَسّه على الْمُحدث، وأَن من حلف بِهِ فَحنث فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة وَلَا تجب الْكَفَّارَة بِالْحلف بمخلوق.
• لم لَا يَمَسهَا الا الْمُطهرُونَ وَمَا رَأينَا الْمُحدث يمْنَع من مس حبر وَلَا ورق؟
• لِمَ تجب الْكَفَّارَة على الْحَالِف بالمصحف إِذا حنث؟
• وَمن قَالَ إِنَّه لَيْسَ فِي الْمُصحف إِلَّا الحبر وَالْوَرق لزمَه التَّسْوِيَة بَين الْمُصحف وَبَين ديوَان ابْن الْحجَّاج لِأَنَّهُ إِذا لم يكن بَين كل وَاحِد مِنْهُمَا غير الحبر وَالْوَرق فقد تَسَاويا فَيجب تساويهما فِي الحكم.

الدليل الثاني عشر: أهل الْبدع يستدلون على كَونهم أهل الْحق بكثرتهم وَكَثْرَة أَمْوَالهم وجاههم وظهورهم، ويستدلون على بطلَان السّنة بقلة أَهلهَا وغربتهم وضعفهم.
الرد:
• هذا خلاف ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، ومنهج من كذب الأنبياء قبلهم، قَالَ قوم نوح لَهُ: {مَا نرَاك إِلَّا بشرا مثلنَا وَمَا نرَاك اتبعك إِلَّا الَّذين هم أراذلنا بَادِي الرَّأْي وَمَا نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين}، وكذلك قوم صالح ومن كذب بنبينا صلى الله عليه وسلم من قومه، وغيرهم،
• ذم سبحانه الحياة الدنيا والاعتداد بها في عدد من الآيات قال تعالى: {وفرحوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا مَتَاع}، وحتى ملك الروم على كفره ذكر هذه الحقيقة في حديثه مع أبي سفيان حين سأله: يتبعهُ ضعفاء النَّاس أَو أقوياؤهم؟ فَقَالَ: بل ضُعَفَاؤُهُمْ فكان هذا مما استدل به، على صدقه صلى الله عليه وسلم، والأدلة على ذلك كثيرة، وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وما روي عنه في هذا الشأن خير دليل.
• انتشار البدع في آخر الزمان غير مستغرب قال صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء)، وقد مدح صلى الله أهل الحق على قلتهم حينها وأخبر بأنه لا يضرهم من خذلهم قال صلى الله عليه وسلم: (يَأْتِي على النَّاس زمَان يكون للقائمين بِالْكتاب وَالسّنة مثل أجْرِ خمسين شَهِيدا) قَالُوا يَا رَسُول الله: منا أَو مِنْهُم، قَالَ: (مِنْكُم)، وقال: (يَأْتِي على النَّاس زمَان يكون المتمسك بِدِينِهِ كالقابض على الْجَمْر)

خلاصة قول الأشاعرة: القول بخلق القرآن وموافقة المعتزلة لكن حرصهم على عدم إظهار ذلك جعلهم يقولون مالم يقله قبلهم مسلم ولا كافر، ومما يدل على فساد قولهم:
• أنهم حريصون أشد الحرص على إخفاء قولهم، ولا يصرحون به إلا في الخلوات، مع أنهم ولاة أمر وأرباب دولة.
• أنهم يكرهون حكاية المقالة عنهم وينكرونها إذا نقلت عنهم.
• أنهم يتظاهرون بتعظيم القرآن في العلن، أما في الخلوات فيقولون ما فيه إلا الورق والمداد.
• لا يعرف من أهل البدع من يكتم مقالته ولا يتجاسر على إظهارها إلا الزنادقة والأشعرية.
• أمر سبحانه بإظهار الدين والدعوة إليه وتبليغه بقوله: {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته وَالله يَعْصِمك من النَّاس} فلو كان قولهم حق لم لا يظهرونه؟ وكيف يستحلون كتمانه والتظاهر باعتقاد سواه؟
• لَو كَانَت مقالتهم هِيَ الْحق الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَالْأَئِمَّة الَّذين بعدهمْ فكَيفَ لم يظهرها أحد مِنْهُم؟ وَكَيف تواطأوا على كتمانها؟
• لا يتصور منه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتمان هذا الحق عَن أمته وَقد أَمر بتبليغ مَا انْزِلْ إِلَيْهِ وتوعد على إخفاء شيء مِنْهُ، قال تعالى: {وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته}ولا إيهام الخلق خلاف الحق الذي أنزل إليه عليه أفضل الصلاة والتسليم.
• إذا كان عليه السلام كتمه فَمن الذي بلغه إِلَى الصَّحَابَة حَتَّى اعتقدوه ودانوا بِهِ؟
• زَعَمت الْمُعْتَزلَة أَنه مَخْلُوق، وَأقر الأشعري أَنهم مخطئون، ثمَّ عَاد فَقَالَ هُوَ مَخْلُوق وَلَيْسَ بقرآن فَزَاد عَلَيْهِم .
• عند الْأَشْعَرِيّ أَنَّهَا مخلوقة فَقَوله قَول الْمُعْتَزلَة لَا محَالة إِلَّا أَنه يُرِيد التلبيس فَيَقُول فِي الظَّاهِر قولا يُوَافق أهل الْحق ثمَّ يفسره بقول الْمُعْتَزلَة.
• والأشعري يجحده كُله وَيَقُول لَيْسَ شَيْء مِنْهُ قُرْآنًا وَإِنَّمَا هُوَ كَلَام جِبْرِيل
• وَعند الْأَشْعَرِيّ لَيْسَ هَذَا قَول الله وانما هُوَ قَول جِبْرِيل، فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُم أَنهم يَقُولُونَ قَالَ جِبْرِيل أَو قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا حكوا آيَة.
• قَالَ: وَأَنا أَقُول إِن هَذَا قُرْآن وَلَكِن لَيْسَ هُوَ الْقُرْآن الْقَدِيم، قلت: وَلنَا قرآنان، قَالَ: نعم، وَأي شَيْء يكون إِذا كَانَ لنا قرآنان، ثمَّ غضب لما حكيت عَنهُ هَذَا القَوْل.
• يَقُول: الْقُرْآن مقروء متلو مَحْفُوظ مَكْتُوب مسموع، ثمَّ يَقُول الْقُرْآن فِي نفس الْبَارِي قَائِم بِهِ لَيْسَ هُوَ سورا وَلَا آيَات وَلَا حروفا وَلَا كَلِمَات، فَكيف يتَصَوَّر إِذا قِرَاءَته وسماعه وكتابته؟
• يَقُولُونَ: إِن مُوسَى سمع كَلَام الله من الله، ثمَّ يَقُولُونَ: لَيْسَ بِصَوْت.
• يَقُولُونَ: إِن الْقُرْآن مَكْتُوب فِي الْمَصَاحِف، ثمَّ يَقُولُونَ: لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الحبر وَالْوَرق.
• حَقِيقَة مَذْهَبهم أَنه لَيْسَ فِي السَّمَاء إِلَه وَلَا فِي الأَرْض قُرْآن وَلَا أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله
• أَن إمَامهمْ الَّذِي أنشأ هَذِه الْبِدْعَة رجل لم يعرف بدين وَلَا ورع وَلَا شَيْء من عُلُوم الشَّرِيعَة الْبَتَّةَ وَلَا ينْسب إِلَيْهِ من الْعلم إِلَّا علم الْكَلَام المذموم وهم يعترفون بِأَنَّهُ أَقَامَ على الاعتزال أَرْبَعِينَ عَاما ثمَّ أظهر الرُّجُوع عَنهُ فَلم يظْهر مِنْهُ بعد التَّوْبَة سوى هَذِه الْبِدْعَة، فَكيف تصور فِي عُقُولهمْ أَن الله لَا يوفق لمعْرِفَة الْحق إِلَّا عدوه وَلَا يَجْعَل الْهدى إِلَّا مَعَ من لَيْسَ لَهُ فِي علم الاسلام نصيب وَلَا فِي الدّين حَظّ.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir