دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 محرم 1441هـ/18-09-2019م, 12:52 PM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس الرابع: مجلس أداء التطبيق الثالث من تطبيقات مهارات التخريج


مجلس أداء التطبيق الثالث من تطبيقات مهارات التخريج


خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).

2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).

3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).

4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).

5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).

تعليمات:
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.

تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________
وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 محرم 1441هـ/24-09-2019م, 10:40 PM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي

مجلس أداء التطبيق الثالث من تطبيقات مهارات التخريج

خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1-قول زر بن حبيش: أخرجه عبد بن حميد والفراء وابن جرير الطبري (في تفسيره من طرق) كلهم من طريق عاصم عن زر بن حبيش
وقوله الظنين المتهم والضنين البخيل:
وهما قراءتان متواترتان قراءة بالظاء {ظنين }أي مظنون به والمعنى ليس بمتهم من الظنة والتهمة وهى قراءة ابن كثيرٍ، وأبو عمرٍو، والكسائيّ، وابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، وزيد بن ثابتٍ، وابن عمر، وابن الزّبير، وعائشة، وعمر بن عبد العزيز، وابن جبيرٍ، وعروة بن الزّبير، ومسلم بن جندبٍ، ومجاهدٌ وغيرهم وهى قراءة ثابتة بالتواتر
وقراءة بالضاد {ضنين}من الضن وهو البخل وهى قراءة نافعٍ، وعاصمٍ، وابن عامرٍ، وحمزة، وعثمان بن عفّان، وابن عبّاسٍ، والحسن، وأبي رجاءٍ، والأعرج، وأبي جعفرٍ، وشيبة، وجماعةٍ وافرةٍ وهى قراءة متواترة أيضا وهى الموافقة لخط المصحف الإمام
وكل من هؤلاء يقرأ على حرفه لا ينكر من قرأ على الحرف الآخر وكيف ذاك وقد ثبتت تلك القراءتان عن النبي صلى الله عليه وسلم
، قال سفيان بن عيينة: (ظنينٌ) و(ضنينٌ) سواءٌ، أي: ما هو بكاذبٍ، وما هو بفاجرٍ، والظّنين: المتّهم، والضّنين: البخيل
-والمعنى في قراءة الظاء أي ليس بمتهم في تبليغ الوحى فلايكذب على الله تعالى
-وفي قراءة الضاد :يحتمل أحد معنيين الأول أي يضن بالشيء حتى يعطى عليه أجر كحلوان الكاهن وفي ضمنها نفي الكهانة عن النبي صلى الله عليه وسلم
الثانى :ضنين بمعنى كاتم (مجاز مرسل) بعلاقة اللزوم لأن الكتمان بخل بالأمر المعلوم
-والمعنى ليس ببخيل عما أعطاه الله من القرآن فإنه بلغه وعلمه وبينه ولم يضن به عليكم فكلا القراءتين معناه صحيح والذي لايكذب على الله تعالى فهو أمين والأمين يبلغ البلاغ التام كما أمر لايضن عما أمر به من البلاغ
-فلا ترجيح بين القراءتين بل نجمع بينهما لثبوتهما تواترا وأن معنى الآية يحتملهما قطعا.

الرد على من رجح إحدى القراءتين على الأخرى :

فمن قرأ {ظنين}احتج بحرف {على }أى لست بمتهم عليه كما تقول ما أنت على فلان بمتهم وهو مناسب لهذه القراءة دون الأخرى
وقيل ظنين بمعنى ضعيف أي لست ضعيف القوة عليه كما يقال للبئر قليلة الماء بئر ظنون والعرب تقول للرجل الضعيف ظنون وظنين من قولهم ناقة شروب وشريب ،كما ذكر الفراء وابن عطية
فلو كان {عن} أو {الباء} مكان {على }كان ملائما ل{ضنين} كما تقول ما هو بضنين بالغيب أو ما هو عن الغيب بضنين وقال ابن عاشور على بمعنى الباء أى ماهو بالغيب بضنين كقوله تعالى {حقيق على ألا أقول على الله إلا الحق} أى حقيق بي ووجه استعمال على مكان الباء في قراءة الضاد لتضمين معنى الحرص وهو شدة البخل،ووجه استعمال على في قراءة الظاء ظنيت للإستعلاء المجازى أى لست بمتهم في أمر الغيب

الدراسة والترجيح :
-رأى ابن جرير أن أولى القراءتين عنده بالصواب هى قراءة الضاد وعلة ذلك عنده اتفاق خطوط المصاحف على حرف الضاد وإن اختلفت قراءتهم به
-وقد أحسن ابن عاشور رحمه الله في تحرير المسألة وخلاصة ماذكره:
-أنه لايشترط موافقة القراءة لخط المصحف الإمام إذا ثبتت القراءة بالتواتر وإن تواتر القراءة مقدم على تواتر الخط إن كان للخط تواتر.
-تواتر القراءتين دليل أن الله أنزله بالوجهين وأراد كلا المعنيين
-أن ما اعتذر به أبو عبيدة عن اتفاق المصاحف على خط الضاد دون الظاء رغم تواتر قراءة الظاء لأجل شدة التشابه بينهما في الخط لا حاجة له وذلك أن كتابة المصاحف على حرف دون الآخر وجهه أنهم اعتمدوا على كتابة إحداهما ووكلوا الأخرى للقراءة لتواترها أيضا لا لإختلاف بينهم في الكتابة
وأقول: أن مارواه عبد بن حميد كما في الدر المنثور عن هشام بن عروة عن عائشة وقولها (أن الكتاب يخطئون في المصاحف) فإن هذا القول عنها رضي الله عنها لايصح


2-قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
في الآية مسائل:
الأولى :المراد بالذين كفروا بعد إيمانهم
الثانية :معنى ازدادوا كفرا
الثالثة :علة عدم قبول توبتهم

المسألة الأولى :المراد بالذين كفروا بعد إيمانهم ،جاء فيها أقوال:
قول أبي العالية: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم)
-رواه ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن جرير من طرق عن داود بن أبي هند عن أبي العالية بألفاظ متقاربة وهو قول الحسن أيضا رواه ابن جرير من طريق عباد بن منصور
-أقوال أخرى في المراد بالذين كفروا بعد إيمانهم :
- هم اليهود الذين كفروا بعيسى والإنجيل ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن، رواه ابن جريروابن أبي حاتم من طريق معمر عن قتادة ورواه عبد بن حميد كما في الدر المنثور وقال معمر :قال مثل ذلك عطاء الخراسانى
-نزلت في قوم ارتدوا بعد إسلامهم ثم أسلموا ثم ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم فذكروا لرسول الله فنزلت الآية ،رواه البزار من طريق عكرمة عن ابن عباس كما ذكر ابن كثير في تفسيره
ويبدو لى أن هذا هو معنى قول ابن جرير :الذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم وهو قول مجاهد

المسألة الثانية :معنى قوله {ثم ازدادوا كفرا}
ومعنى ازدادوا كفرا مبنى على المراد ب{الذين كفروا بعد إيمانهم}:
-فعلى القول بأن المراد بهم اليهود والنصارى الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم بأنبيائهم وازدادوا كفرا أى بما ارتكبوه من الذنوب والمعاصي حال كفرهم وهو قول أبي العالية
-وعلى القول بأن المراد بالذين كفروا اليهود كفروا بعيسى بعد إيمانهم بنبيهم ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم وهو قول قتادة وعطاء الخراسانى
-وأما القول بأنهم قوم ارتدوا بعد إسلامهم فيكون معنى ازديادهم الكفر أى تموا على كفرهم وماتوا عليه فتلك زيادة كفرهم و هو قول مجاهد

المسألة الثالثة : علة عدم قبول توبتهم
-أي هؤلاء اليهود والنصارى الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم بأنبيائهم لن تقبل توبتهم من الذنوب وهم على حال الكفر والضلالة ولذا قال تعالى بعدها {وأولئك هم الضالون} وهو قول أبي العالية
-وقيل لن تقبل توبتهم إذا حضرهم الموت وهو قول الحسن والسدى
-وأما على القول بأنهم الذين ارتدوا بعد إسلامهم ثم أسلموا ثم ارتدوا فالمراد عدم قبول توبتهم الأولى ولاتنفعهم لكفرهم الآخر وموتهم عليه وهو معنى قول مجاهد وصرح به ابن جريج

الدراسة والترجيح:

-أما القول الأول بأنهم اليهود والنصارى الذين آمنوا بأنبيائهم وكفروا بمحمد أو على القول بأنهم اليهود الذين كفروا بعيسى ثم كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم فإن توبتهم من الذنوب حال قيامهم على الكفر لا تقبل لأن الله يتقبل من المؤمنين ويغفر الذنوب جميعا وأعظمها الشرك فليس المقصود بنفي قبول التوبة التوبة من الشرك إلى الإيمان وإنما التوبة من بعض الذنوب وترك التوبة من أصل الذنوب وهو الشرك وهذا القول هو الذي رجحه ابن جرير وانتصر له
وأما من فسر عدم قبول التوبة بأن قيدها بحال الإحتضار فقال لاتقبل توبتهم عند حضور الموت فإن له وجهه وذلك أن الله تعالى يقول {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنى تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار }
واعترض ابن جرير على هذا القول وذلك أن التائب من الذنب وإن كان كفرا يقبل منه ولو كان حال الموت مالم يغرغر وتحشرج نفسه وهو مروى عن السلف منهم ابن عمر وابن زيد وغيرهما كما روى ابن جرير في تفسيره

-وأما القول بأنهم قوم آمنوا بأنبيائهم ثم كفروا بعد إيمانهم وهذا هو معنى الردة فالمراد بعدم قبول التوبة منهم أي إيمانهم الأول قبل كفرهم فإنه لن ينفعهم ولاتقبل التوبة بعد الموت كما قال تعالى {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به} وقد اعترض ابن جرير على هذا القول وعلل ذلك بأن ظاهر الآية ليس فيه مايدل على توبتهم من كفر كان بعد إيمان ثم عودة إلى كفر مرة أخرى وإنما ظاهر الآية أنهم كفروا بعد إيمانهم
ولكن وجه ابن عطية هذا القول بل رآه وعلة ذلك عنده أنهم المعنيون بالذكر في الآية السابقة بقوله تعالى {كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق }فهؤلاء الذين ارتدوا بعد إيمانهم وإقرارهم بالنبوة وشهدوا على ذلك لن تقبل توبتهم أي لأنهم يكوتون على الكفر وقد علم الله منهم ذلك فصاروا في حيز من لاتقبل توبته ولذا ذكر بعدها حكما عاما في حال من يموت على الكفر هكذا قال
ولكن أرى أن هذا الوجه فيه تكلف نوعا ما فقول الله تعالى {لن تقبل توبتهم }أي إذا تابوا وهم لم يفعلوا إذ ماتوا على ذلك والأصل حمل معانى القرآن على ظاهراللفظ مالم تصرفه قرينة
والذي يظهر والله أعلم أن ألفاظ الآية الكريمة تحتمل جميع هذه المعانى كلها فيجوز أن يكونوا الذين كفروا من أهل الكتاب أو المرتدين بعد إسلامهم وأن التوبة لاتقبل من الذنوب حال القيام على الشرك ولاتقبل حال الاحتضار عند الحشرجة والغرغرة ولذا استثنى الله تعالى بعدها فقال {إلا الذين تابوا من بعد ذلك }أى من بعد الشرك والكفر أو الردة والله أعلم بمراده

3-قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر)
رواه عبد الرزاق وابن جرير من طرق عن أبي بكير عن سعيد بن جبير ورواه سفيان الثورى من طريق مورق أو مرزوق عنه
وقد لاحظت قول ابن أبي حاتم عن أبي بكير قال يعنى مرزوقا فلعله هو فيكون رواية الثورى من طريق أبي بكير عنه
ويكون التخريج على هذا:
رواه عبد الرزاق وابن جرير من طرق والثورى كلهم من طريق أبي بكير عنه :الرفيق في السفر
وروى ابن جرير من طرق وابن أبي حاتم عن أبي بكير عنه أيضا :{الرفيق الصالح}
وروي هذا القول (الرفيق في السفر) أيضا عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي والضحاك وغيرهم

الأقوال الأخرى في المراد ب{الصاحب بالجنب}:
-امرأة الرجل التى تكون معه إلى جنبه،وقال به عبد الله وعلي وعبد الرحمن بن أبي ليلى وإبراهيم
-وقيل هو الذي يصحبك ويلزمك رجاء نفعك ،قال به ابن عباس وابن زيد
. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم كما في الدر المنثور : {والصاحب بالجنب} قال: هو جليسك في الحضر ورفيقك في السفر وامرأتك التي تضاجعك
وهذا القول لزيد بن أسلم قول جامع لكل ماسبق من الأقوال إذ كل منها يحتمل دخوله في معنى الآية ولاتناقض بينها لأنّ كلّهم بجنب الّذي هو معه وقريبٌ منه، وقد أوصى اللّه تعالى بالإحسان إلى جميعهم لوجوب حقّ الصّاحب على المصحوب.
ومعنى بالجنب أي إلى جنب صاحبه ففيها المرافقة والمصاحبة والملازمة وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد وغيره عن ابن عمرو عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: خير الأصحاب عند الله خير هم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره

4.قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة)
. قول سعيد بن المسيب أخرجه بن جرير في تفسيره من طريق مجاهد عنه
اتهم ابن جريج بالتدليس مع كونه ثقة واختلف الأئمة في حكم عنعنته بين راد لعنعنته مطلقا مالم يصرح بالتحديث وبين القبول للعنعنة مالم توجد قرينة
والرواية التى أوردها ابن جرير بإسناد معلق، ومعنى المتن صحيح ومروى عن أكثر من واحد من السلف لكن في ثبوته عن ابن المسيب نظر
وقال بهذا القول أنها الصلاة المكتوبة أو الصلوات الخمس : ابن عمر وابن عباس ومجاهد والحسن وإبراهيم و عامر الشعبي والضحاك وعبد الرحمن بن أـبي عمرة
-قيل صلاة الصبح وصلاة العصر وهو قول قتادة ،وهذا القول يدخل تحت القول الأول
الأقوال الاخرى في المراد بالدعاء الذي كان يدعونه هؤلاء بالغداة والعشي:
-أن المراد بالدعاء غداة وعشيا ذكر الله تعالى وهو قول إبراهيم ومنصور
-وقيل دعاؤهم تعلمهم القرآن وقراءته:وهو قول أبي جعفر
-وقيل دعاؤهم عبادتهم ربهم وهو قول الضحاك واستشهد بقوله تعالى {لاجرم أنما تدعوننى إليه }يعنى تعبدونه
الدراسة والترجيح :
ورد في المحرر في أسباب النزول : أخرج مسلم والنسائي وابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة نفر فقال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم - اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا، قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يقع. فحدث نفسه. فأنزل الله - عز وجل -: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)
وهذا أصح ماورد في سبب نزول الآية الكريمة لصحة الإسناد وموافقة لفظه نص الآية الكريمة وتصريحه بالنزول مع احتجاج المفسرين به مع عدم المعارض الراجح
وأما الوصف الذي جاء لهؤلاء الضعفاء من المؤمنين بقوله {يدعون ربهم بالغداة والعشي}وجاء في تأويل دعائهم ربهم عدة تأويلات منها أنهم الذين يشهدون الصلوات المكتوبة في جماعة أو الذين يصلون صلاتى الغداة والصبح وهى الصلاة المفروضة بمكة أول الأمر ركعتان من أول النهار وركعتان من آخره وتأوله آخرون بأن الدعاء هو الذكر ومعلوم أن الذكر داخل في الدعاء خاصة إذا قيد بوقتى الغداة والعشي وقيل بل هو تعلمهم القرآن وقراءته وهو أفضل الذكر وأجل العبادات ومنهم من تأوله بأنه العبادة على وجه العموم
وكل ذلك صحيح داخل في لفظ الآية الكريمة محتمل لها ولاتعارض فهم القوم الذين يعبدون ربهم على مدار اليوم والليلة بأداء الفرائض التى من أعظمها الصلاة ويذكرون ربهم بالغداة والعشي ويقرؤون القرآن ولهذا أمر النبي بملازمتهم وعدم الإنفكاك عن صحبتهم وترك مجالستهم

5-قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
قول إبراهيم :رواه ابن جرير في تفسيره من طريق فرقد السبخى بهذا اللفظ ،ورواه سعيد بن منصور من طريق رجل لم يسمه-لعله فرقد- بلفظ {أن يأخذ عبده بالحق} و أخرجه سعيد بن منصور وأبو الشيخ عن فرقد السبخى كما في الدر المنثور
وروى نحو هذا القول عن شهر بن حوشب والحسن ومعناه استقصاء الحساب على المحاسب فلا يعفى له عن شىء منه وهذا هو أشد الحساب وهو حساب الكفار
أقوال أخرى في معنى سوء الحساب :
-وقيل هو مناقشة الأعمال : وهو قول أبي الجوزاء كما في الدر المنثور ، ونسب مكى بن أبي طالب هذا القول لابن عباس بدون إسناد
ومعنى المناقشة : يناقشون على النقير والقطمير كما ذكر ابن كثير
ودليل هذا القول حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {من نوقش الحساب عذب}
-وقيل :التوبيخ والتقريع عند الحساب ،ذكره ابن الجوزى وهذا القول يدخل تحت القول السابق فإن من يناقش أعماله السيئة فإنه يوبخ ويقرع عليها
الدراسة والترجيح:
-القول الأول في معنى سوء الحساب وهو أن يؤخذ العبد بذنبه كله فلا يغفر له منه شىء وإن كانت له حسنات أحبطت بسيئاته وهذا أشد الحساب و لايكون إلا للكفار الذين لايقبل الله تعالى منهم صرفا ولاعدلا فكفرهم أحبط أعمالهم ؛ فوصف السوء للحساب مرتبط بما يحيط بالحساب من الإهانة والتقريع ومن بعد ذلك العذاب
-وأما القول بأن سوء الحساب هو مناقشة الأعمال :فهى مناقشة من توزن حسناته وسيئاته
فمن استدل على هذا القول بحديث {من نوقش الحساب عذب} فهم منه أنه في حق صنف من أصناف المسلمين الذين يعذبون بذنوبهم ويؤاخذون عليها
أما سياق الآية الكريمة فإنها تتحدث عن من لم يستجيبوا لربهم وأنهم لو افتدوا من عذاب الله بملء الأرض لايقبل منهم ولهم سوء الحساب ومرجعهم الأخير إلى جهنم وهؤلاء هم الكفار فسياق الآية فيهم ويكون القول بأن سوء الحساب المناقشة فداخل فيه أيضا والله أعلم

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 محرم 1441هـ/25-09-2019م, 12:57 AM
بدرية صالح بدرية صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 498
افتراضي

خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).
قوله تعالى :( بظنين). لها قراءتان عند القراء ..
القول الأول : بقراءة (بظنين ) بالظاد وهو المتهم ،قراءة أهل مكة والبصرة والكسائي بالظاء ، وقراءة ابن عباس ، قولاً عن ابن عباس وعن عاصم بن زر ، وقولاًعن سعيد بن جبير ، وإبراهيم
قول ابن عباس : رواه الطبري عن طريق جُوَيْبِرٍ، عن الضحَّاكِ، عن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّهُ قَرَأَ: (بِظَنِينٍ) قالَ: ليْسَ بِمُتَّهَمٍ.
قول عاصم بن زر : رواه ابن جرير ثَنَا سُفيانُ، عنْ عاصِمٍ، عنْ زِرٍّ: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ)، قالَ: الظَّنِينُ المُتَّهَمُ.
وأخرجه ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهْرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ عاصِمٍ، عنْ زِرٍّ:
قول سعيد بن جبير :
رواه ابن جرير الطبري قولاً عن شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْمُعَلَّى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ:
قول ابراهيم : رواه ابن جرير الطبري قولاً عن خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا الْمُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ.
القول الثاني : قراءة قرّاء المدينة والكوفة ( بِضَنِينٍ ) بالضاد وقراءة ابن عباس وابن مسعود ، أي ببخيل وهو قول مجاهد
تفسير مجاهد أنبأ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: ثنا آدَمُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: 24] يَعْنِي بِبَخِيلٍ، يَقُولُ: «لَا يَضِنُّ عَلَيْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ»
القول الثالث : بضعيف سماعاً عن الضحاك بانه قال :تأول أهل العربية قول بضعيف.
رواه ابن جرير الطبري قال حدثت عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ …
التوجيه :
قال القرطبي وقيل : بظنين : بضعيف . حكاه الفراء والمبرد ; يقال : رجل ظنين : أي ضعيف . وبئر ظنون : إذا كانت قليلة الماء ; قال الأعشى :
ما جعل الجد الظنون الذي جنب صوب اللجب الماطر..
الدراسة. :
من المفسرين من رجح القراءة بالظاء بقوله (بظنين ) ، ومنهم من رجحها بالضاد ، وكلا القراءتين لها معنى صحيح ومناسب لهذا المقام .
قال الالوسي : ورجحت هذه القراءة ، لأنها أنسب بالمقام ، لاتهام الكفرة له صلى الله عليه وسلم بذلك ، ونفى التهمة ، أولى من نفى البخل
فالراجح : هو قول ظنين وضنين سواء ، لاتعارض بينهما، وكلاهما متواتر تعطي معنى ومدلول صحيح ، فلا رسولنا الكريم بمتهم بما يخبرهم عن الأنباء ، ولاهو ببخيل بتعليمهم بما ينفعهم في دينهم ودنياهم. .
قال سفيان بن عيينة : ظنين وضنين سواء أي ما هو بكاذب وما هو بفاجر والظنين المتهم والضنين : البخيل .
قال القرطبي : واختاره أبو عبيد ; لأنهم لم يبخلوه ولكن كذبوه ; ولأن الأكثر من كلام العرب : ما هو بكذا ، ولا يقولون : ما هو على كذا ، إنما يقولون : ما أنت على هذا بمتهم .
قال ابن جرير الطبري : وَأَوْلَى القراءَتَيْنِ في ذلكَ عندِي بالصَّوابِ: ما عليهِ خُطُوطُ مصاحِفِ المُسْلِمِينَ مُتَّفِقَةً، وإِن اخْتَلَفَتْ قِرَاءَتُهم بهِ، وذلكَ {بِضَنِينٍ} بالضادِ؛ لأنَّ ذلكَ كلَّهُ كذلكَ في خُطُوطِهَا.
وقال : فإذا كانَ ذلكَ كذلكَ، فَأَوْلَى التأويلَيْنِ بالصوَابِ في ذلكَ تأويلُ مَنْ تأوَّلَهُ: وما مُحَمَّدٌ على ما عَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ وَحْيِهِ وتَنْزِيلِهِ بِبَخِيلٍ بتَعْلِيمَكُمُوهُ أيُّها الناسُ، بلْ هوَ حريصٌ على أنْ تُؤْمِنُوا بهِ وتَتَعَلَّمُوهُ).

2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك فمنهم من قال :
القول الأول : من كفر ببعض الأنبياء قبل مبعث محمد ، ثم ازداد كفراً بعد بعثه صلى الله عليه وسلم ، وهو قول الحسن وقتادة
قول الحسن : رواه الطبري حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، قال: حدّثنا عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن،
قول قتادة : روى الطبري من طرق عن قتادة حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة ....، ورواية أخرى عن عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة ...
القول الثاني : الذين كفروا من أهل الكتاب بمحمد بعد إيمانهم بأنبيائهم وازدادوا ذنوباً مع كفرهم ، قول أبي العالية
قول أبي العالية : رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن داود، قال: سألت أبا العالية...
القول الثالث : أنّ الّذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم، وازدادوا عليه وهم مقيمون حتى هلكوا ، فلن ينفعهم توبتهم الأولى ولاإيمانهم الأول. قاله مجاهد
قول مجاهد : رواه ابن جرير الطبري حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهد ....
القول الرابع : ازدادوا كفرا فماتوا كفار فلن تقبل لهم توبة ، قاله السدي
قول السدي : رواه ابن جرير وابن أبي حاتم قال : حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ …
الدراسة والترجيح :
جميع هذه الأقوال صحيحة ، وسياق الآيات تبين التوبة وبعض أصناف الناس فيها ، ولعل أقربها للسياق هو من قال :هم قوموا ارتدوا عن الإسلام ودخلوا في الكفر ، ولم يحققوا التوبة وظلوا مقيمون الكفر حتى اداركهم الموت فلن تقبل لهم توبة ..
قال أبو العالية: هؤلاء قوم أظهروا التوبة ولم يحققوا.
قال أبو جعفرٍ: وأولى هذه الأقوال بالصّواب في تأويل هذه الآية قول من قال: عنى بها اليهود، وأن يكون تأويله أنّ الّذين كفروا من اليهود بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم عند مبعثه بعد إيمانهم به قبل مبعثه، ثمّ ازدادوا كفرًا بما أصابوا من الذّنوب في كفرهم ومقامهم على ضلالتهم، لن تقبل توبتهم من ذنوبهم الّتي أصابوها في كفرهم، حتّى يتوبوا من كفرهم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ويراجعوا التّوبة منه بتصديق ما جاء به من عند اللّه.

3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بذلك فقالوا :
القول الأول : الرفيق بالسفر. قول ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وقتادة والسدي والضحاك وزيد بن أسلم.
قول ابن عباس : أخرجه ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب قولاً عن معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ …
قول سعيد ابن جبير : رواه عبدالرزاق وابن جرير قولاً عن سفيان، عن أبي بكيرٍ قال: سمعت سعيد بن جبيرٍ …
ورواه أبو حذيفة من طريق سفيان [الثوري] عن مورقٍ أو مرزوقٍ مولى الشّعبيّ عن سعيد بن جبيرٍ …
قول مجاهد : رواه عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة وابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ …
ورواه ابن أبي حاتم قولاً عن عقبة، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ وعكرمة ....
قول قتادة : رواه ابن جرير وابن أبي حاتم قولاً عن يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة…
قول السدي : رواه ابن جرير قولاً عن أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ ………
قول الضحاك : رواه ابن جرير قولاً عن هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك …
قول زيد بن أسلم : أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن إبراهيم بن حمزة، ثنا حاتم بن أبي عجلان، عن زيد ابن أسلم …
القول الثاني : امرأة الرّجل الّتي تكون معه إلى جنبه. قول علي وعبدالله وابن عباس وابراهيم
قول علي وعبدالله : رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو حذيفة قولاً عن سفيان، عن جابرٍ، عن عامرٍ أو القاسم، عن عليٍّ، وعبد الله …
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن علي ...
وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود مثله ...
قول ابن عباس : رواه ابن جرير قولاً عن محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ …
قول ابراهيم : رواه ابن جرير وعبدالرزاق من طرق عن أبي الهيثم، عن إبراهيم ..، وفي سنن سعيد بن منصور عن طريق عبد اللّه بن المبارك، عن محمّد بن سوقة، عن إبراهيم -
القول الثالث : الّذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك. قول ابن عباس وابن زيد
قول ابن عباس : رواه ابن جرير قولاً عن الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ …
قول ابن زيد : رواه ابن جرير قولاً عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ…
الدراسة والترجيح :
تأويل هذه الآية بالمعنى اللغوي هي تخص كل من جانب شخص ولازمه ، فيدخل فيها صاحب السفر والمرأة وكل من لازم شخص رجاء نفع ومصلحة ، فجميعهم من أوصى بهم الله سبحانه وحث على ملازمتهم لحق الصاحب على المصحوب.
قال الأخفش في معاني القرآن : ( الصّاحب بالجنب} فمعناه: "هو الذي بجنبك"، كما تقول "فلان بجنبي" و"إلى جنبي").
والراجح أن جميع هذه المعاني تحتمل هذا المعنى ، وهم معنيون به .
قال ابن جرير : الصّاحب بالجنب محتملا جميع هذه المعاني ، فكلّ من جنب رجلاً يصحبه في سفرٍ أو نكاحٍ أو انقطاعٍ إليه واتّصالٍ به، ولم يكن اللّه جلّ ثناؤه خصّ بعضهم ممّا احتمله ظاهر التّنزيل؛ فالصّواب أن يقال: جميعهم معنيّون بذلك، وبكلّهم قد أوصى اللّه بالإحسان إليه).
4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
اختلف أهل التّأويل في هذا الدعاء :
القول الأول : الصلوات الخمس . قول ابن عباس وابراهيم ومجاهد والضحاك وقتادة وعبدالله بن عمر وعبدالرحمن بن أبي عمرة وعامر
قول ابن عباس : رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم قولاً عن معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ …
قول إبراهيم : رواه ابن جرير قولاً عن الحجّاج بن المنهال، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن أبي حمزة، عن إبراهيم … ، ورواية أخرى عن هنّاد بن السّريّ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا ابن فضيلٍ، عن الأعمش، عن إبراهيم …
قول مجاهد : رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من عدة طرق عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ …
قول الضحاك : رواه ابن جرير قال : حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك ….
قول قتادة : رواه ابن جرير قولاً عن بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة …
قول عبدالله بن عمر : رواه ابن جرير قولاً عن محمّد بن عجلان، عن نافعٍ، عن عبد اللّه بن عمر…
قول عبدالرحمن بن أبي عمرة : رواه ابن جرير فقال :حدّثنا وكيعٌ، عن أبيه، عن منصورٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي عمرة…
قول عامر : رواه ابن جرير قولاً عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن عامرٍ ..
القول الثاني : أهل الذكر. . قول إبراهيم
قول إبراهيم : رواه ابن أبي شيبة ،وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن منصورٍ، عن إبراهيم …
القول الثالث : بل كان ذلك تعلّمهم القرآن وقراءته.قول أبي جعفر
قول أبي جعفر : رواه ابن جريروابن أبي حاتم قولاً عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن أبي جعفرٍ …
القول الرابع : بدعائهم ربّهم عبادتهم إيّاه. قول الضحاك
قول الضحاك : رواه ابن جرير قولاً عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك …
الدراسة والترجيح :
الأقوال جميعها لاتعارض بينها ،فجميع ماذكر تصدق عليه معنى هذه الآية ، فقد جاء لفظ الدعاء في مواطن عديدة، يكون المعنى فيه حسب سياق الآية ..
وأساس هذه الأمور جميعها لايكون إلا بتوحيد الله وإفراده بالعبادة.
و خصا البكرة والعشي بذلك لأنه الغالب فيهما الشغل عند الناس ، ويغلب في هذا الوقتين الدعاء والذكر ...

5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
رواه عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ عن عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن فرقد عن إبراهيم ………
ورواه الطبري قولاً عن عفّان، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن فرقدٍ، عن إبراهيم…
وفي رواية أخرى عن ابن جرير عن ابن سنانٍ القزّاز، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن الحجّاج، عن فرقدٍ، قال: قال لي إبراهيم ………
وقيل : المناقشة بالأعمال ، رواه عبدالرزاق وابن جرير الطبري عن جعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك قال سمعت أبا الجوزاء …
وقيل التوبيخ والتقريع : كما ذكره ابن الجوزي وهي تدخل في المناقشة .
الدراسة والترجيح :
سياق هذه الآية للذين لم يستجيبوا لله والرسول ، فلم تنفعهم اعمالهم ، وعرضوا على الحساب ونوقشوا فيه ..
فسوء الحساب يكون بالمناقشة واستيفاء العبد لكل حقوقه؛ فالله سبحانه منزه عن الظلم ، فمن نوقش الحساب لقي العذاب ، ولعل من استدل بحديث ( من نوقش الحساب عذب} ، فهو يخص صنف من خلطوا عمل صالح وعمل سيء وهو مؤمن ، فهم يعذبون حسب ذنبهم ، حتى يلقوا الله سبحانه ماعليهم من ذنب.
فالكافر يناقش ويعذب على كل صغيرة وكبيرة ، ولن تنفعه أعماله الحسنة ، طالما مات على الكفر ..فمن نوقش ناله التوبيخ والتقريع ، وعذب على حسب عمله ولايظلم فتيلا.
قال ابن كثير:يناقشون على النقير والقطمير ...
فالراجح أنه لاتعارض بين هذه الأقوال ،فهي مكملة لبعض ، ودلالة اللفظ تشير لهذا المعنى . والله اعلم.
اعتذر عن عدم التنسيق لضيق الوقت ، وكذلك لتخريجي جميع الأقوال باجتهاد مني ، لم ألحظ انه غير مطلوب إلا نهاية التطبيق ، ولعله يستفاد منه بحول الله بعد التصحيح .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 محرم 1441هـ/25-09-2019م, 05:59 AM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).

اختلفوا في معنى ( ضنين ) على أقوال :
القول الأول : متهم ، وهو قول ابن عباس ،وسعيد بن جبير ، وإبراهيم ،وزر بن حبيش والضحاك .
وقول زر بن حبيش أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 3/261) من طرق عن سفيان عن عاصم عن زر بن حبيش ، فبعضها بزيادة لفظ ( الغيب : القرآن ) والتي كانت من طريق عبد الرحمن ووكيع ،وبعضها ذكرت ( قراءتكم ) والتي من طريق عبد الرحمن ،ورواه الفراء في معاني القرآن من طريق قيس بن الربيع عن عاصم عن زر بلفظ ( أنتم تقرؤون ).
وعزاه السيوطي في الدر المنثور (15/ 277) إلى عبد بن حميد، ولم أجد في المنتخب لمسند عبد بن حميد .

وهذه القول مبني على قراءة الظاء ( بظنين ) ، بمعنى الظن وهو الاتهام ، وهي قراءة ابن كثير وأبو عمرو والكسائي .[حجة القراءات،752/1].
وعلى هذه القراءة تكون معنى قوله (وماهو على الغيب ضنين) : أي ماهو على الوحي بمهتم ، فهو ليس متهم على القرآن بل هو أمين .
القول الثاني : البخيل ، وهو قول مجاهد ،وإبراهيم ،وزر بن حبيش .
وهذا القول مبني على قراءة الضاء ( بضنين ) ، بمعنى ببخيل ، وهي قراءة الباقون .
فيكون معنى الآية ( وماهو على الغيب بضنين ) : أي لَا يبخل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وسلم آتَاهُ الله من الْعلم وَالْقُرْآن وَلَكِن يرشد وَيعلم وَيُؤَدِّي عَن الله جلّ وَعز.[حجة القراءات،752/1].
وله وجه في اللغة أيضا فالعرب تقول للرجل البخيل ضنين .
والضنين في اللغة مشتق من ضن ، فقال الخليل أحمد : الضِّنُّ والضِّنَّةُ والمَضَنِةُ، كلُّ ذلك من الإِمساكِ والبُخْل، تقول: رجلٌ ضَنينٌ.
وأيضا هذه القول مبني من جهة نصوص أخرى تؤيدها التي نفت أن يكون بخيل بما يخبر به من الأمور الغيبية ، فنفت أن يكون علمه من الشياطين ، فقال تعالى : ( وما تنزلت به الشياطين ) ، فنفت الكهانة عنه ، كما في قوله تعالى : ( وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون ).

القول الثالث : الكتمان ، وهو قول ابن زيد و ذكره ابن الجوزي وابن عاشور .
وهذا القول مبني على علاقة اللزوم ، لأن الكتمان بخل بالأمر المعلوم للكاتم ، واعتبروا أن ( بضنين ) مجاز مرسل .
القول الرابع :الضعيف ، وهو قول الفراء ، والأنباري .
وهذا القول مبني على توجيهه في اللغة ، فالعرب تقول على الرجل الضعيف ، هو ظنون ، فقلبت الواو ياء .
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): ويجوز أن يكون معناه «بضعيف»، من قول العرب: وصل فلان ظنون، أي ضعيف، فيكون الأصل فيه: وما هو على الغيب بظنون، فقلبوا الواو ياء، كما قالوا: ناقة طعوم وطعيم، للتي بين الغثة والسمينة؛ في حروف كثيرة يطول تعديدها وإحصاؤها. [كتاب الأضداد:15- 16] (م)

الترجيح :
رجح البعض القول الأول محتجين على أن ( على ) تقوي هذا القول ، كما ذكر ذلك الفراء ،وقد ذكر ابن عاشور أن ( على ) استعلاء المجازي للظرفية أَيْ مَا هُوَ بِمُتَّهَمٍ فِي أَمْرِ الْغَيْبِ وَهُوَ الْوَحْيُ أَنْ لَا يَكُونَ
كَمَا بَلَّغَهُ.
وذكر أيضا ابن عاشور أنه على القول الثاني ( بضنين ) ، يكون ( على ) بمعنى الباء ،أو لتضمين ( ضنين ) معنى حريص ، والحرص شدة البخل .

ولكن الصواب أن ( على ) متعلقة به على الوجهين ، كما ذكر ذلك العبكري في التبيان في إعراب القرآن .(2/586)
ورجح ابن جرير القول الثاني ، لأنه الذي عليه رسم المصحف ، ورجح أبو عبيدة والألوسي القول الأول بنفي التهمة ، لأن الكفرة كذبوه .
قال القرطبي: " واختاره أبو عبيدة؛ لأنهم لم يبخلوه ولكن كذبوه، ولأن الأكثر من كلام العرب: ما هو بكذا، ولا يقولون: ما هو على كذا، إنما يقولون: ما أنت على هذا بمتهم"
قال الألوسي: " والأول أشهر ورجحت هذه القراءة عليها بأنها أنسب بالمقام؛ لاتهام الكفرة له - صلى الله عليه وسلم -، ونفي التهمة أولى من نفي البخل وبأن التهمة تتعدى بعلى دون البخل فإنه لا يتعدى بها إلا باعتبار تضمينه معنى الحرص ونحوه "
، ولكن الصواب أن القراءاتين صحيحتين لأنها ثابتة ، ومتواترة ، كما ذكر ذلك ابن عاشور .

قال ابن جرير : وقد تأوّل ذلك بعض أهل العربية أن معناه: وما هو على الغيب بضعيف، ولكنه محتمِل له مطيق، ووجهه إلى قول العرب للرجل الضعيف: هو ظَنُون.( ابن جرير ، 262).
وأما من جهة المعنى فيصح أن يقال أنه ليس بمتهم ، وأنه ليس ببخيل بعلمه ، واستعملت لفظة ( الضنين ) هنا على البخيل لفرق لطيف .
-فالفرق بين الضن والبخل: أن الضن أصله أن يكون بالعواري، والبخل بالهيئات ولهذا تقول هو ضنين بعلمه ولا يقال بخيل بعلمه لان العلم أشبه بالعارية منه بالهبة، وذلك أن الواهب إذا وهب شيئا خرج من ملكه فإذا أعار شيئا لم يخرج أن يكون (1) عالما به فأشبه العلم العارية فاستعمل فيه من اللفظ ما وضع لها ولهذا قال الله تعالى " وما هو على الغيب بضنين " (2) ولم يقل بخيل.( معجم الفروق اللغوية ،1/332).
وأما القول بأنه الكتمان ، فأيضا تحتمله المعنى فهو ليس بكاتم لما أنزله الله ، كما جاءت الأدلة الأخرى التي تثبت ذلك ، فقال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) .
وأما القول بأنه الضعيف ، فهذا القول ذكر الفراء أنه محتمل له .
فالراجح أن كل الأقوال تحتملها الآية إلا القول بأنه ضعيف فهو قول محتمل .

: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
اختلفوا فيمن نزلت عليه الآية على أقوال :

القول الأول : هم اليهود والنصارى ، وهو قول الحسن ،وأبي العالية .
وهذا القول
القول الثاني : أن الذين كفروا هم اليهود فكفروا بالإنجيل ثم ازدادوا كفرا بالقرآن ، وهو قول قتادة .
القول الثالث: من ارتد عموما بعد إيمانه بأنبياءه ، وهو قول ابن عباس .
القول الرابع : المنافقون ، وقول ابن زيد ، و ذكره ابن منظور .

وقول أبي العالية أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/579) وابن المنذر في تفسيره ( 1/282) وابن أبي حاتم (2/702)من طريق داود عن أبي العالية ، بصيغ مختلفة لكن ألفاظها متقاربة.
فقول أبي العالية مبني على نزولها في اليهود والنصارى ،ومبني على أدلة أخرى كقوله تعالى : (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) ، وأيضا في الحديث : "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ". رواه مسلم.
الدراسة والترجيح :
أنها عامة في جميع الكفار وبكل من يكفر بأنبياءه ، لأن الكفر عام يشمل كل أصناف الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم .
قال ابن منظور في لسان العرب : كفر : الكفر : نقيض الإيمان ، آمنا بالله وكفرنا بالطاغوت ؛ كفر بالله يكفر كفرا وكفورا وكفرانا . ويقال لأهل دار الحرب : قد كفروا أي عصوا وامتنعوا .

وكل الأقوال تحتملها الآية ، فمن كفر من اليهود والنصارى بعد علمه برسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم يشمله الوعيد ، ومن كفر بعد إيمانه من المنافقين أيضا يشملهم الوعيد .


: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول :رفيق الرجل في السفر ، وهو قول قتادة ومجاهد ، والضحاك، وأبي عبيدة ، والسدي
القول الثاني :امرأة الرجل التي تكون بجنبه ،وهو قول عبد الله وعلي ،عبد الرحمن بن أبي ليلى ،وإبراهيم .
القول الثالث: الصاحب الملازم الصالح ، وهو قول ابن عباس ، وابن زيد ، وعلي وعبد الله ، وسعيد بن جبير ، وابن جريج.
فقول سعيد بن المسيب أخرجه ابن جرير (8/341) وعبد الرزاق ( 1/456)، وابن المنذر في تفسيره (2/703) من طريق أبي بكير عن سعيد بن جبير، كلهم بنفس اللفظ إلا ابن المنذر بلفظ (الرفيق الصالح) ،
وقول سعيد بن المسيب مبني على بعض ما يدخل فيه لفظة ( الصاحب بالجنب ) ، ومبني على الأحاديث التي تحث على مكانة الصحبة في السفر .
الدراسة والترجيح :
أن كل هذه الأقوال صحيحة ، وكلها أمثلة على الصاحب بالجنب ،وتحتملها الآية ، فالرفيق بالسفر والحضر والمرأة كلهم يصلح أن يطلق عليهم صاحب بالجنب ،ففي لسان العرب : الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ: شِقُّ الإِنْسانِ وَغَيْرِهِ. تَقُولُ: قعَدْتُ إِلَى جَنْب فُلَانٍ وَإِلَى جانِبه، بِمَعْنًى، وَالْجَمْعُ جُنُوبٌ وجَوانِبُ وجَنائبُ، الأَخيرة نَادِرَةٌ.[ لسان العرب ، 1/257].
فالذي يكون بجانبك يكون له حق الإحسان إليه ، كما في الحديث الذي أخرجه الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه ، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره ) صحه الألباني ، ولقد قال الله تعالى عن حق المرأة : ( وعاشروهن بالمعروف ) ، وأما في مكانة الرفيق في السفر ، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن الناس يعلمونَ من الوحدة ما أعلم ما سار راكبٌ بليلٍ وحدَه)).

: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
اختلفوا في المراد بالدعاء على أقوال :
القول الأول : الصلاة ، وقول قول إبراهيم وسعيد بن المسيب وعامر وغيرهم .
وقول سعيد بن المسيب أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 11/367) عن عبد الله بن كثير عن مجاهد ،

وهذا القول مبني على أنها من الدعاء ، فالصلاة كلها دعاء ، وفي اللغة الصلاة دعاء ، كما ذكر ذلك ابن قتيبة في غريب الحديث وغيرهم ، لذلك يقول الله تعالى : وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) أي بدعائه ، وهي من أنواع العبادة أيضا ، وقد سمى الله الدعاء عبادة ، في قوله تعالى : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي).
وأيضا مبني على أن الصلاة من أركان الإسلام ، وعَن ابن عُمَر رَضِيَ اللَّه عنْهَما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ مُتفقٌ عليه.
فيكون النهي في قوله ( ولا تطرد ) نهي عن ابعاد من معه عمود هذا الدين وهو الإسلام .
ففي الحديث الذي رواه مسلم في (صحيحه) عن جابر بن عبدالله، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بَيْن الرَّجل وَبَيْن الشِّرْكِ وَالكُفر ترْكُ الصَّلاةِ)).

ولكن اختلفوا في الصلاة المقصودة على أقوال :
الأول :الصلوات الخمسة المكتوبة ، وهو قول ابن عباس ،ومجاهد ، والحسن ، والضحاك ، وسعيد بن المسيب ،وعبد الرحمن بن أبي عمرة ،وإبراهيم .
الثاني :صلاة الصبح والعصر ، وهو قول مجاهد ،
الثالث: العشي صلاة العشاء ، وهو قول عمرو بن شعيب .

القول الثاني :ذكر الله ، وهو قول إبراهيم .
وهذا القول مبني على الدعاء من معناه الحقيقي وهو الذكر .
فقال تعالى : (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ) ، فهنا نجد أنه بين معنى الذكر في دعاء المسألة ، في قوله : ( ربنا آتنا في الدنيا ..) ، وفي قوله تعالى : ( الذين يذكرون الله قياما وقعوا وعلى جنوبهم ) هنا بين الذكر في كل الأحوال ، وهو دعاء الله في كل الأحوال ، ويؤيد هذه الآية قول الله تعالى : (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) فهنا ذكر الدعاء في حال مضاجعهم .
القول الثالث: قراءة القرآن وتعلمه ، وقول أبي جعفر .
وهذا القول مبني على أنها مما تتضمنه الدعاء من الذكر ، وبعض أنواع الذكر وهو قراءة القرآن ، لأن الذكر يكون بالدعاء وبقراءة القرآن ، ونحوه ، ، وقال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)، وقد سمى الله القرآن ذكر ، فقال تعالى : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٤٤ النحل﴾.
القول الرابع :عبادة الله ، وهو قول ابن عباس ، و الضحاك.
وهذا مبني على لازم القول ، وعلى الأدلة التي تذكر أن الدعاء عبادة ، كما قال تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)، فسمى الله هنا الدعاء عبادة ، وأيضا جاء في الحديث : ( الدعاء هو العبادة ) .
الدراسة والترجيح :
وكل هذه الأقوال تحتملها الآية ، فالذين يدعون ربهم يكون بالذكر أو الصلاة أو قراءة القرآن ، وقد قال الله تعالى في موضع آخر ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) ، وقال في سياق آخر أيضا يتوعد من منع ذكر الله ، فقال : ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها ) ، وأثنى الله على الذين يذكرونه ، فقال : (ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى ﴾ .
وقد ذكر الله الذكر في سياق الصلاة ، فقال تعالى : {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} ، فالصلاة كلها ذكر لله ، كما قال تعالى أيضا (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ) ، فالدعاء عبادة في ذاتها ، والذكر وتلاوة القرآن والصلاة من أنواع العبادات .

: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
اختلفوا في المراد بسوء الحساب على أقوال :

القول الأول :مناقشة الأعمال وهو قول أبو الجوزاء ، وابن زيد .
وهذا القول مأخوذ من لازم الحساب ، لأنه جاء في الحديث الذي رواه البخاري عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نوقش الحساب عذب قالت قلت أليس يقول الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال ذلك العرض).
القول الثاني : مؤاخذتهم على جميع ذنوبهم فلا يغفر منه شيء ، وهو قول إبراهيم ومقاتل وحوشب .
فهنا القول مبني على بعض لازم معنى السوء في اللغة ، فالسوء تتضمن معنى القبح في اللغة ،ففي تهذيب اللغة : قَالَ اللَّيْث: ساءَ يَسُوء: فِعلٌ لَازم ومُجاوزٌ، يُقَال: سَاءَ الشيءُ يَسُوء فَهُوَ سَيّءٌ: إِذا قَبحُ.)[ تهذيب اللغة ،13/89)،فلما أضيفت إلى الحساب كان الكلام عن أقبح أنواع التعامل في الحساب ، لأن الحساب هو إحصاء ماعلى العبد وماله ، كما ذكر ذلك البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات .
القول الثالث :لا تقبل منهم حسنة ولا يتجاوز لهم عن سيئة ، وهو قول ذكره الماوردي .
وهذا القول مبني على أن الكفر يحبط الأعمال ، فلا ينتفع الكافر بحسناته ولا يتجاوز عن سيئاته ، كما قال تعالى : ((الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)، وقال أيضا : ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )
ومبني على بعض لازم معنى لفظة ( سوء) في اللغة أيضا ، وهو القبح كما ذكرنا سابقا .
ومن جهة أخرى مبني على أن لفظة سوء جاءت نكرة مضافة إلى معرفة ،فتفيد العموم ، فتشمل كل أنواع القبح .
القول الرابع : وهو ما أفضى إليه حسابهم من السوء وهو العقاب ، وهو قول ذكره الماوردي .
وهذا القول مبني على بعض لازم الإضافة إلى الحساب ، فقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نوقش الحساب عذب قالت قلت أليس يقول الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال ذلك العرض)، فكان هذا القول على بعض لازم الحساب وهو العقاب ، أي أنه إذا حصل النقاش على الحساب كان العقاب ، لأن هناك نوع آخر من الحساب وهو حساب المؤمن وهو تقريره بذنوبه ، مع سترها له في الدنيا ومغفرته له .
ففي الحديث عن ابن عمَر رضي اللَّه عنهما قالَ: سمِعتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول: "يُدْنَى المُؤْمِنُ يَومَ القِيَامَةِ مِنُ رَبِّهِ حتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيهِ، فَيُقَرِّرَهُ بِذُنُوبِه، فيقولُ: أَتَعرفُ ذنبَ كَذا؟ أَتَعرفُ ذَنبَ كَذَا؟ فيقول: رَبِّ أَعْرِفُ، قَالَ: فَإِنِّي قَد سَتَرتُهَا عَلَيكَ في الدُّنيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَومَ، فَيُعطَى صَحِيفَةَ حسَنَاته "متفقٌ عَلَيهِ .
وقد قال الله تعالى أيضا في محكم التنزيل : (وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) .

القول الخامس : وهو التوبيخ والتقريع عند الحساب ، وهو قول ذكره ابن الجوزي والماوردي .
وهذا القول مبني على أنها من أساليب القرآن .
وهذا الحديث أخرجه سعيد بن منصور من طريق خلف بن خليفة عن رجل( مبهم ) عن إبراهيم ، وأخرجه ابن جرير في تفسيره (13/506) من طريق أبي عثمان والحجاج عن فرقد عن إبراهيم ، وأخرجه ابن جرير في تفسيره ( 13/508)و الواحدي في تفسيره ( 3/13) من طريق حماد بن سلمة عن فرقد عن إبراهيم ، وأخرجه أحمد بن مروان في المجالسة وجواهر العلم (1/422)عن خلف بن خليفة عن إبراهيم بلفظ آخر فقال : (قَالَ: يَأْخُذُ عَبْدَهُ بِالْحَقِّ.)، وأخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ( 6/1240)عن أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بلفظ ( يؤاخذ ) و( لايترك ) ، وأخرجه البغدادي في تاريخ بغداد ( 3/74) من طريق الجراح عن فرقد عن إبراهيم .

-فرقد صدوق غير أنه لين الحديث كثير الخطأ ( التقريب ، 2/108)، وقال عنه النسائي : ليس بثقة ،وقال البخاري في حديث : مناكير ، وضعفه ابن سعد ، ويعقوب بن شيبة ، وغيرهم .[تهذيب التهذيب ، 8/262].
الدراسة والترجيح :
أن هذه الأقوال كلها صحيحة للكافر فلا يغفر له شيء عند الحساب ، أما المؤمن إن حوسب فإنه هناك من الذنوب التي يقرره الله بها ثم يغفرها له ، و هناك من الذنوب التي يعذب عليها ثم يخرج من النار إلى الجنة ، إلا الشرك فإن الله لا يغفر صاحبها ، كما قال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 محرم 1441هـ/25-09-2019م, 08:23 AM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

تعديل وإضافة :
================
خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).

اختلفوا في معنى ( ضنين ) على أقوال :
القول الأول : متهم ، وهو قول ابن عباس ،وسعيد بن جبير ، وإبراهيم ،وزر بن حبيش والضحاك .
وقول زر بن حبيش أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 3/261) من طرق عن سفيان عن عاصم عن زر بن حبيش ، فبعضها بزيادة لفظ ( الغيب : القرآن ) والتي كانت من طريق عبد الرحمن ووكيع ،وبعضها ذكرت ( قراءتكم ) والتي من طريق عبد الرحمن ،ورواه الفراء في معاني القرآن من طريق قيس بن الربيع عن عاصم عن زر بلفظ ( أنتم تقرؤون ).
وعزاه السيوطي في الدر المنثور (15/ 277) إلى عبد بن حميد، ولم أجد في المنتخب لمسند عبد بن حميد .

وهذه القول مبني على قراءة الظاء ( بظنين ) ، بمعنى الظن وهو الاتهام ، وهي قراءة ابن كثير وأبو عمرو والكسائي .[حجة القراءات،752/1].
وعلى هذه القراءة تكون معنى قوله (وماهو على الغيب ضنين) : أي ماهو على الوحي بمهتم ، فهو ليس متهم على القرآن بل هو أمين .
القول الثاني : البخيل ، وهو قول مجاهد ،وإبراهيم ،وزر بن حبيش .
وهذا القول مبني على قراءة الضاء ( بضنين ) ، بمعنى ببخيل ، وهي قراءة الباقون .
فيكون معنى الآية ( وماهو على الغيب بضنين ) : أي لَا يبخل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وسلم آتَاهُ الله من الْعلم وَالْقُرْآن وَلَكِن يرشد وَيعلم وَيُؤَدِّي عَن الله جلّ وَعز.[حجة القراءات،752/1].
وله وجه في اللغة أيضا فالعرب تقول للرجل البخيل ضنين .
والضنين في اللغة مشتق من ضن ، فقال الخليل أحمد : الضِّنُّ والضِّنَّةُ والمَضَنِةُ، كلُّ ذلك من الإِمساكِ والبُخْل، تقول: رجلٌ ضَنينٌ.
وأيضا هذه القول مبني من جهة نصوص أخرى تؤيدها التي نفت أن يكون بخيل بما يخبر به من الأمور الغيبية ، فنفت أن يكون علمه من الشياطين ، فقال تعالى : ( وما تنزلت به الشياطين ) ، فنفت الكهانة عنه ، كما في قوله تعالى : ( وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون ).

القول الثالث : الكتمان ، وهو قول ابن زيد و ذكره ابن الجوزي وابن عاشور .
وهذا القول مبني على علاقة اللزوم ، لأن الكتمان بخل بالأمر المعلوم للكاتم ، واعتبروا أن ( بضنين ) مجاز مرسل .
القول الرابع :الضعيف ، وهو قول الفراء ، والأنباري .
وهذا القول مبني على توجيهه في اللغة ، فالعرب تقول على الرجل الضعيف ، هو ظنون ، فقلبت الواو ياء .
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): ويجوز أن يكون معناه «بضعيف»، من قول العرب: وصل فلان ظنون، أي ضعيف، فيكون الأصل فيه: وما هو على الغيب بظنون، فقلبوا الواو ياء، كما قالوا: ناقة طعوم وطعيم، للتي بين الغثة والسمينة؛ في حروف كثيرة يطول تعديدها وإحصاؤها. [كتاب الأضداد:15- 16] (م)

الدراسة والترجيح :
رجح البعض القول الأول محتجين على أن ( على ) تقوي هذا القول ، كما ذكر ذلك الفراء ،وقد ذكر ابن عاشور أن ( على ) استعلاء المجازي للظرفية أَيْ مَا هُوَ بِمُتَّهَمٍ فِي أَمْرِ الْغَيْبِ وَهُوَ الْوَحْيُ أَنْ لَا يَكُونَ
كَمَا بَلَّغَهُ.
وذكر أيضا ابن عاشور أنه على القول الثاني ( بضنين ) ، يكون ( على ) بمعنى الباء ،أو لتضمين ( ضنين ) معنى حريص ، والحرص شدة البخل .

ولكن الصواب أن ( على ) متعلقة به على الوجهين ، كما ذكر ذلك العبكري في التبيان في إعراب القرآن .(2/586)
ورجح ابن جرير القول الثاني ، لأنه الذي عليه رسم المصحف ، ورجح أبو عبيدة والألوسي القول الأول بنفي التهمة ، لأن الكفرة كذبوه .
قال القرطبي: " واختاره أبو عبيدة؛ لأنهم لم يبخلوه ولكن كذبوه، ولأن الأكثر من كلام العرب: ما هو بكذا، ولا يقولون: ما هو على كذا، إنما يقولون: ما أنت على هذا بمتهم"
قال الألوسي: " والأول أشهر ورجحت هذه القراءة عليها بأنها أنسب بالمقام؛ لاتهام الكفرة له - صلى الله عليه وسلم -، ونفي التهمة أولى من نفي البخل وبأن التهمة تتعدى بعلى دون البخل فإنه لا يتعدى بها إلا باعتبار تضمينه معنى الحرص ونحوه "
، ولكن الصواب أن القراءاتين صحيحتين لأنها ثابتة ، ومتواترة ، كما ذكر ذلك ابن عاشور .

وأما من جهة المعنى فيصح أن يقال أنه ليس بمتهم ، وأنه ليس ببخيل بعلمه ، واستعملت لفظة ( الضنين ) هنا على البخيل لفرق لطيف .
-فالفرق بين الضن والبخل: أن الضن أصله أن يكون بالعواري، والبخل بالهيئات ولهذا تقول هو ضنين بعلمه ولا يقال بخيل بعلمه لان العلم أشبه بالعارية منه بالهبة، وذلك أن الواهب إذا وهب شيئا خرج من ملكه فإذا أعار شيئا لم يخرج أن يكون (1) عالما به فأشبه العلم العارية فاستعمل فيه من اللفظ ما وضع لها ولهذا قال الله تعالى " وما هو على الغيب بضنين " (2) ولم يقل بخيل.( معجم الفروق اللغوية ،1/332).
وأما القول بأنه الكتمان ، فأيضا تحتمله المعنى فهو ليس بكاتم لما أنزله الله ، كما جاءت الأدلة الأخرى التي تثبت ذلك ، فقال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) .
وأما القول بأنه الضعيف ، فهذا القول ذكر الفراء أنه محتمل له .
فالراجح أن كل الأقوال تحتملها الآية إلا القول بأنه ضعيف فهو قول محتمل .
قال ابن جرير : وقد تأوّل ذلك بعض أهل العربية أن معناه: وما هو على الغيب بضعيف، ولكنه محتمِل له مطيق، ووجهه إلى قول العرب للرجل الضعيف: هو ظَنُون.( ابن جرير ، 262).

: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
اختلفوا فيمن نزلت عليه الآية على أقوال :

القول الأول : هم اليهود والنصارى ، وهو قول الحسن ،وأبي العالية .
القول الثاني : أن الذين كفروا هم اليهود فكفروا بالإنجيل ثم ازدادوا كفرا بالقرآن ، وهو قول قتادة ، وعطاء الخرساني .
القول الثالث: من ارتد عموما بعد إيمانه بأنبياءه ، وهو قول ابن عباس .
القول الرابع : المنافقون ، وقول ابن زيد .
القول الخامس : أنهم أشخاص معينين ارتدوا عن الإسلام كالحارث بن سويد وغيرهم ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد والسدي ،وعكرمة .

وقول أبي العالية أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/579) وابن المنذر في تفسيره ( 1/282) وابن أبي حاتم (2/702)من طريق داود عن أبي العالية ، بصيغ مختلفة لكن ألفاظها متقاربة.
فقول أبي العالية مبني على نزولها في اليهود والنصارى ،ومبني على أدلة أخرى كقوله تعالى : (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) ، وأيضا في الحديث : "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ". رواه مسلم.
ومبنبي على سياق الآية التي قبلها حيث قال فيها : ( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق ) ، فالذين شهدوا أن الرسول حق في كتبهم من اليهود النصارى ، كما قال تعالى في موضع آخر من القرآن ، فقال تعالى : : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ) .
الدراسة والترجيح :
أنها عامة في جميع الكفار وبكل من يكفر بأنبياءه ، لأن الكفر عام يشمل كل أصناف الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم .
قال ابن منظور في لسان العرب : كفر : الكفر : نقيض الإيمان ، آمنا بالله وكفرنا بالطاغوت ؛ كفر بالله يكفر كفرا وكفورا وكفرانا . ويقال لأهل دار الحرب : قد كفروا أي عصوا وامتنعوا .

فكل الأقوال تحتملها الآية ، لكن القول الأول والثاني والرابع والخامس ، أولى بالصواب لدلالة السياق،حيث قال في الآيات التي تسبقها : ( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق )، فمن كفر من اليهود والنصارى بعد علمه برسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم يشمله الوعيد ، ومن كفر بعد إيمانه من المنافقين أيضا يشملهم الوعيد في الآية .
ونستطيع القول أن الذين شهدوا أن الرسول حق أيضا المنافقين وليس فقط اليهود والنصارى ، بدلالة قوله تعالى : ( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون )، ولأن المنافقين شهدوا أن الرسول حق في أول اسلامهم .
والمرتد يقتل كما جاء الحديث بذلك ، لكن من ارتد ثم تاب توبة صادقة ورجع إلى الإسلام ،قبل موته فهذا يقبل توبته ، كما قال تعالى في موضوع آخر : (وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ۚ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ۚ فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ ۖ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ).
ومما يؤيد أيضا عدم شمول القول الثالث ، هو أن سياق الآية ذكر فيها عن الإسلام فهو عن الإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) .
وأما القول الخامس ، يكون من بعض الذين أنزل بسببهم هذه الآية ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .

: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول :رفيق الرجل في السفر ، وهو قول قتادة ومجاهد ، والضحاك، وأبي عبيدة ، والسدي
القول الثاني :امرأة الرجل التي تكون بجنبه ،وهو قول عبد الله وعلي ،عبد الرحمن بن أبي ليلى ،وإبراهيم .
القول الثالث: الصاحب الملازم الصالح ، وهو قول ابن عباس ، وابن زيد ، وعلي وعبد الله ، وسعيد بن جبير ، وابن جريج.
فقول سعيد بن جبير أخرجه ابن جرير (8/341) وعبد الرزاق في تفسيره ( 1/456)، وابن المنذر في تفسيره (2/703) من طريق أبي بكير عن سعيد بن جبير، كلهم بنفس اللفظ إلا ابن المنذر بلفظ (الرفيق الصالح) .
وأبي بكير قال عنه النسائي ليس بالقوي ، وقال عنه مرة أنه ضعيف .[ سير أعلام النبلاء ،246/9].
وقول سعيد بن الجبير مبني على بعض ما يدخل فيه لفظة ( الصاحب بالجنب ) ، ومبني على الأحاديث التي تحث على مكانة الصحبة في السفر .
كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب" (أبو داود 2602, والترمذي 1673 وقال: حديث حسن).

الدراسة والترجيح :
أن كل هذه الأقوال صحيحة ، وكلها أمثلة على الصاحب بالجنب ،وتحتملها الآية ، فالرفيق بالسفر والحضر والمرأة كلهم يصلح أن يطلق عليهم صاحب بالجنب ،ففي لسان العرب : الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ: شِقُّ الإِنْسانِ وَغَيْرِهِ. تَقُولُ: قعَدْتُ إِلَى جَنْب فُلَانٍ وَإِلَى جانِبه، بِمَعْنًى، وَالْجَمْعُ جُنُوبٌ وجَوانِبُ وجَنائبُ، الأَخيرة نَادِرَةٌ.[ لسان العرب ، 1/257].
فالذي يكون بجانبك يكون له حق الإحسان إليه ، كما في الحديث الذي أخرجه الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه ، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره ) صحه الألباني ، ولقد قال الله تعالى عن حق المرأة : ( وعاشروهن بالمعروف ) ، وأما في مكانة الرفيق في السفر ، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن الناس يعلمونَ من الوحدة ما أعلم ما سار راكبٌ بليلٍ وحدَه)).

: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
اختلفوا في المراد بالدعاء على أقوال :
القول الأول : الصلاة ، وقول قول إبراهيم وسعيد بن المسيب وعامر وغيرهم .
وقول سعيد بن المسيب أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 11/367) عن عبد الله بن كثير عن مجاهد .
ولم أجد قول سعيد بن المسيب من هذا الطريق في تفسير مجاهد ، وابن جريج الذي جاء عن طريقه هذا الحديث هو ثقة في نفسه لكنه يدلس ، كما ذكر ذلك الذهبي في سير أعلام النبلاء [326/6]

وهذا القول مبني على أنها من الدعاء ، فالصلاة كلها دعاء ، وفي اللغة الصلاة دعاء ، كما ذكر ذلك ابن قتيبة في غريب الحديث وغيرهم ، لذلك يقول الله تعالى : وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) أي بدعائه ، وهي من أنواع العبادة أيضا ، وقد سمى الله الدعاء عبادة ، في قوله تعالى : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي).
وأيضا مبني على أن الصلاة من أركان الإسلام ، وعَن ابن عُمَر رَضِيَ اللَّه عنْهَما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ مُتفقٌ عليه.
فيكون النهي في قوله ( ولا تطرد ) نهي عن ابعاد من معه عمود هذا الدين وهو الصلاة .
ففي الحديث الذي رواه مسلم في (صحيحه) عن جابر بن عبدالله، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بَيْن الرَّجل وَبَيْن الشِّرْكِ وَالكُفر ترْكُ الصَّلاةِ)).

ولكن اختلفوا في الصلاة المقصودة على أقوال :
الأول :الصلوات الخمسة المكتوبة ، وهو قول ابن عباس ،ومجاهد ، والحسن ، والضحاك ، وسعيد بن المسيب ،وعبد الرحمن بن أبي عمرة ،وإبراهيم .
الثاني :صلاة الصبح والعصر ، وهو قول مجاهد .
الثالث: العشي صلاة العشاء ، وهو قول عمرو بن شعيب .

القول الثاني :ذكر الله ، وهو قول إبراهيم .
وهذا القول مبني على الدعاء من معناه الحقيقي وهو الذكر .
فقال تعالى : (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ) ، فهنا نجد أنه بين معنى الذكر في دعاء المسألة ، في قوله : ( ربنا آتنا في الدنيا ..) ، وفي قوله تعالى : ( الذين يذكرون الله قياما وقعوا وعلى جنوبهم ) هنا بين الذكر في كل الأحوال ، وهو دعاء الله في كل الأحوال ، ويؤيد هذه الآية قول الله تعالى : (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) فهنا ذكر الدعاء في حال مضاجعهم .
القول الثالث: قراءة القرآن وتعلمه ، وقول أبي جعفر .
وهذا القول مبني على أنها مما تتضمنه الدعاء من الذكر ، وبعض أنواع الذكر وهو قراءة القرآن ، لأن الذكر يكون بالدعاء وبقراءة القرآن ، ونحوه ، ، وقال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)، وقد سمى الله القرآن ذكر ، فقال تعالى : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٤٤ النحل﴾.
القول الرابع :عبادة الله ، وهو قول ابن عباس ، و الضحاك.
وهذا مبني على لازم القول ، وعلى الأدلة التي تذكر أن الدعاء عبادة ، كما قال تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)، فسمى الله هنا الدعاء عبادة ، وأيضا جاء في الحديث : ( الدعاء هو العبادة ) .
الدراسة والترجيح :
وكل هذه الأقوال تحتملها الآية ، فالذين يدعون ربهم يكون بالذكر أو الصلاة أو قراءة القرآن ، وقد قال الله تعالى في موضع آخر ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) ، وقال في سياق آخر أيضا يتوعد من منع ذكر الله ، فقال : ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها ) ، وأثنى الله على الذين يذكرونه ، فقال : (ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى ﴾ .
وقد ذكر الله الذكر في سياق الصلاة ، فقال تعالى : {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} ، فالصلاة كلها ذكر لله ، كما قال تعالى أيضا (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ) ، فالدعاء عبادة في ذاتها ، والذكر وتلاوة القرآن والصلاة من أنواع العبادات .


: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
اختلفوا في المراد بسوء الحساب على أقوال :

القول الأول :مناقشة الأعمال وهو قول أبو الجوزاء ، وابن زيد .
وهذا القول مأخوذ من لازم الحساب ، لأنه جاء في الحديث الذي رواه البخاري عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نوقش الحساب عذب قالت قلت أليس يقول الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال ذلك العرض).
القول الثاني : مؤاخذتهم على جميع ذنوبهم فلا يغفر منه شيء ، وهو قول إبراهيم ومقاتل وحوشب .
فهنا القول مبني على بعض لازم معنى السوء في اللغة ، فالسوء تتضمن معنى القبح في اللغة ،ففي تهذيب اللغة : قَالَ اللَّيْث: ساءَ يَسُوء: فِعلٌ لَازم ومُجاوزٌ، يُقَال: سَاءَ الشيءُ يَسُوء فَهُوَ سَيّءٌ: إِذا قَبحُ.)[ تهذيب اللغة ،13/89)،فلما أضيفت إلى الحساب كان الكلام عن أقبح أنواع التعامل في الحساب ، لأن الحساب هو إحصاء ماعلى العبد وماله ، كما ذكر ذلك البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات .
القول الثالث :لا تقبل منهم حسنة ولا يتجاوز لهم عن سيئة ، وهو قول ذكره الماوردي .
وهذا القول مبني على أن الكفر يحبط الأعمال ، فلا ينتفع الكافر بحسناته ولا يتجاوز عن سيئاته ، كما قال تعالى : ((الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)، وقال أيضا : ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )
ومبني على بعض لازم معنى لفظة ( سوء) في اللغة أيضا ، وهو القبح كما ذكرنا سابقا .
ومن جهة أخرى مبني على أن لفظة سوء جاءت نكرة مضافة إلى معرفة ،فتفيد العموم ، فتشمل كل أنواع القبح .
القول الرابع : وهو ما أفضى إليه حسابهم من السوء وهو العقاب ، وهو قول ذكره الماوردي .
وهذا القول مبني على بعض لازم الإضافة إلى الحساب ، فقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نوقش الحساب عذب قالت قلت أليس يقول الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال ذلك العرض)، فكان هذا القول على بعض لازم الحساب وهو العقاب ، أي أنه إذا حصل النقاش على الحساب كان العقاب ، لأن هناك نوع آخر من الحساب وهو حساب المؤمن وهو تقريره بذنوبه ، مع سترها له في الدنيا ومغفرته له .
ففي الحديث عن ابن عمَر رضي اللَّه عنهما قالَ: سمِعتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول: "يُدْنَى المُؤْمِنُ يَومَ القِيَامَةِ مِنُ رَبِّهِ حتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيهِ، فَيُقَرِّرَهُ بِذُنُوبِه، فيقولُ: أَتَعرفُ ذنبَ كَذا؟ أَتَعرفُ ذَنبَ كَذَا؟ فيقول: رَبِّ أَعْرِفُ، قَالَ: فَإِنِّي قَد سَتَرتُهَا عَلَيكَ في الدُّنيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَومَ، فَيُعطَى صَحِيفَةَ حسَنَاته "متفقٌ عَلَيهِ .
وقد قال الله تعالى أيضا في محكم التنزيل : (وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) .

القول الخامس : وهو التوبيخ والتقريع عند الحساب ، وهو قول ذكره ابن الجوزي والماوردي .
وهذا القول مبني على أنها من أساليب القرآن .
وهذا الحديث أخرجه سعيد بن منصور من طريق خلف بن خليفة عن رجل( مبهم ) عن إبراهيم ، وأخرجه ابن جرير في تفسيره (13/506) من طريق أبي عثمان والحجاج عن فرقد عن إبراهيم ، وأخرجه ابن جرير في تفسيره ( 13/508)و الواحدي في تفسيره ( 3/13) من طريق حماد بن سلمة عن فرقد عن إبراهيم ، وأخرجه أحمد بن مروان في المجالسة وجواهر العلم (1/422)عن خلف بن خليفة عن إبراهيم بلفظ آخر فقال : (قَالَ: يَأْخُذُ عَبْدَهُ بِالْحَقِّ.)، وأخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ( 6/1240)عن أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بلفظ ( يؤاخذ ) و( لايترك ) ، وأخرجه البغدادي في تاريخ بغداد ( 3/74) من طريق الجراح عن فرقد عن إبراهيم .

-فرقد صدوق غير أنه لين الحديث كثير الخطأ ( التقريب ، 2/108)، وقال عنه النسائي : ليس بثقة ،وقال البخاري في حديث : مناكير ، وضعفه ابن سعد ، ويعقوب بن شيبة ، وغيرهم .[تهذيب التهذيب ، 8/262].
وأما خلف بن خليفة فهو قال عنه الذهبي أنه لا بأس به .[سير أعلام النبلاء ،342/8]
الدراسة والترجيح :
أن هذه الأقوال كلها صحيحة للكافر فلا يغفر له شيء عند الحساب ، أما المؤمن إن حوسب فإنه هناك من الذنوب التي يقرره الله بها ثم يغفرها له ، و هناك من الذنوب التي يعذب عليها ثم يخرج من النار إلى الجنة ، إلا الشرك فإن الله لا يغفر صاحبها ، كما قال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )، وهي أيضا من أساليب القرآن التي فيها التقريع والتوبيخ ، ومثله قوله تعالى : ( سوء العذاب ) (وساءت مصيرا) ، الخ .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 محرم 1441هـ/25-09-2019م, 10:04 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

قول زرّ بن حبيش: الظنين: المتهم. وفي قراءتكم: (بضنين) والضنين: البخيل، رواه ابن جريرو الفراء من طريق عاصم عنه
وأخرجه عبد بن حميد عن زر بن حبيش ذكره السيوطي في الدر المنثور .
توجيه قول زر بن حبيش :
هذه اللفظة وردت فيها قراءتان بالظاء والضاء ولكل قراءة معنى يختلف(بظنين ) بمتهم بما يبلغ من الوحي ، فقد اتهموه بأنه من عند غير الله ويعلمه بشر فنفى الله عنه هذه التهمة ، (بضنين) بمعنى بخيل أي لا يبخل عليكم بتبليغ هذا الدين بل يبذله لكل أحد.
الأقوال في الآية:
وردت قراءتان للآية
(بضنين) قراءة عامة قراء المدينة والكوفة
الأقوال في معناها:
غير بخيل: رواه ابن جرير في تفسيره عن زر بن حبيش من طريق عاصم عنه
وعن إبراهيم النخعي من طريق المغيرة عنه
وعن مجاهد من طريق أبي نجيح عنه
1- (بظنين) قرأ بها ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي
-الأقوال في معناها:
-بمتهم : رواه ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس ، من طريق الضحاك عنه ،ورواه عن سعيد بن جبير من طرق عن أبي المعلى عنه ،وعن إبراهيم النخعي من طريق المغيرة ، وعن الضحاك من طريق عبيد ،وعن زر بن حبيش من طريق عاصم
وأخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود ، ذكره السيوطي في الدر المنثور
-قيل: بضعيف تقول العرب للرجل الضعيف: هو ظنون وقولهم: بئر ظنون إذا كانت قليلة الماء، قاله بعض أهل العربية ذكره الطبري
الترجيح : اختلف أهل العلم بترجيح أحدى القراءتين
- منهم من رجح القراءة بالضاد وحجتهم في ذلك أنها توافق رسم المصحف وممن رجح ذلك ابن جرير ومنهم من رجح القراءة بالظاء وهي التي بمعنى بمتهم لأن قريش لم تصف محمد صلى الله عليه وسلم بالبخل وإنما كذبته واتهمته بأن القرآن ليس من عند الله فنفى الله عنه هذه التهمة . وممن رجح هذه القراءة أبو عبيد
والراجح أن كلا القولان صحيح فهما قراءتان متواترة ومعناهما صحيح. وكذلك القول الثالث لا يعارض الأقوال الأخرى .
.......................................................
قول أبوالعالية ، في تفسير قوله تعالى :"إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم"؟ قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم.
رواه عنه ابن جرير من طرق عن أبي داوود ابن أبي هند
الأقوال في معنى الآية :
-القول الأول : اليهود كفروا بعيسى والإنجيل ثم ازدادوا كفراً بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن، لن تقبل توبتهم عند موتهم , أي إذا بلغت الحلقوم فالتوبة لا تقبل عند الحشرجة ،قاله قتادة رواه عبد الرزاق في مصنفه من طريق معمر و ابن جرير في تفسيره من طريق سعيد و أبي جعفر ومعمر ورواه ابن جرير عن عطاء الخرساني من طريق معمر ،ورواه ابن جرير عن الحسن من طريق عباد بن منصور ، ورواه ابن أبي حاتم عن قتادة من طريق شيبان وطريق سعيد ،و أخرجه عبد بن حميد ذكره السيوطي في الدر المثور
التوجيه:
قال ابن عطية: وفي هذا القول اضطراب، لأن الذي كفر بعيسى بعد الإيمان بموسى ليس بالذي كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، فالآية على هذا التأويل تخلط الأسلاف بالمخاطبين
-االقول الثاني :الذين كفروا من أهل الكتاب بمحمد صلى الله عليه وسلم لما رأوه وهم قد آمنوا بصفته ونعته من قبل ثم إزدادوا كفرا بذنوب وقعوا فيها من الإفتراء والسعي على الإسلام ،لن تقبل توبتهم من تلك الذنوب وهم مقيمون على الكفر ،لو آمنوا قبلت توبتهم، تابوا من بعض، ولم يتوبوا من الأصل. قاله أبو العالية رواه ابن جرير من طرق عن داوود ورواه ابن أبي حاتم ، واخرجه عبد بن حميد و ابن المنذر ذكره السيوطي في الدر المنثور
القول الثالث: اليهود والنصارى الذين آمنوا برسلهم ثم حرفوا كتبهم من بعدهم ، ثم ازدادوا كفرا، أي : ثبتوا و أقاموا على أمرهم وما هم عليه من الكفر والطغيان حتى هلكوا عليه، فزيادة كفرهم هو ثباتهم على الكفر فلا يقبل لهم توبة عند غرغرة الروح و يدخل في هذا القول المرتدون، قاله مجاهد وقال السدي وعكرمة وابن جريج نحوه. رواه ابن جريروابن أبي حاتم عن السدي وقال ونحوه عن مجاهد
القول الرابع: نزلت في قوما أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا} الآية أخرجه البزار عن ابن عباس ذكره السيوطي في الدر المنثور ثم قال : هذا خطأ من البزار
وذكر البغوي نحوه في تفسيره عن الكلبي، لكنه لا يصح فهو معلق، ومع تعليقه. الكلبي هو محمد بن السائب متروك كذاب فالخبر لا شيء.
الترجيح:
القول الأول رد عليه ابن عطية والرابع خطأ من البزار كما ذكر السيوطي
والقول الثاني والثالث لا يتعارضان ، فمن كفر بعد إيمانه وزاد كفرا على كفره بكفره بمحمد صلى الله عليه وسلم وكيده للإسلام ‘فلن تقبل توبته مع أن الله تعالى ذكر في كتابه (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ)لأنه كان مصر على كفره وثابت عليه إلى وقت موته عند غرغرة الروح فهنا لا تقبل التوبة.
ومما يؤيد هذا الترجيح سياق الآية قال بعدها (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَىٰ..)
....................................
قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال :الرفيق في السفر .
رواه ابن جرير في تفسيره والثوري وعبدالرزاق
الأقوال في الآية :
القول الأول : الرفيق أو الصاحب في السفر ،رواه ابن جرير عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة وعكرمة والسدي والضحاك ، ورواه الثوري في تفسيره عن سعيد بن جبير ،ورواه عبد الرزاق في تفسيره عن سعيد بن جبير و مجاهد ، رواه ابن أبي حاتم عن مجاهد وعكرمة وابن عباس وزيد بن أسلم ،وأخرجه ابن المنذر عن ابن عباس ذكره السيوطي في الدر المنثور وأخرجة البيهقي في شعب الإيمان وابن رجب في تفسيره عن ابن عباس ،وروى ابن جرير عن علي وعبدالله :الرفيق الصالح ورواه ابن أبي حاتم وذكره ابن رجب الحنبلي في تفسيره عن سعيد بن جبير
القول الثاني : امرأة الرجل ،قاله علي وعبد الله رضي الله عنهما رواه ابن جرير من طرق عن جابر عنهما ، ورواه عن ابن عباس وابن أبي ليلى ، وإبراهيم النخعي ، ورواه ابن أبي حاتم عنهم ، وذكر هذا القول ابن رجب ولم ينسبه، و وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن علي ذكره السيوطي في الدر المنثور
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود ذكره السيوطي في الدر المنثور
القول الثالث : الذي يلصق بالرجل رجاء نفعه وخيره. قاله ابن عباس وابن زيد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيره وذكره ابن رجب في تفسيره
القول الرابع : الغريب ، قاله أبوعبيدة في كتاب المجاز ذكره ابن حجر في فتح الباري وقال إنه خولف في ذلك
الراجح:
لا تعارض بين هذه الأقوال عدا قول أبو عبيدة فهو مخالف للأقوال الأخرى

................
قول ابن المسيب في قوله تعالى : :"ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي"، قال: إنما ذاك في الصلاة. رواه ابن جرير في تفسيره من طريق مجاهد عنه
الأقوال في معني الآية:
القول الأول: الصلوات المكتوبة، رواه ابن جريروابن أبي حاتم عن ابن عباس وإبراهيم النخعي وعن مجاهد ورواه ابن جرير عن الضحاك والحسن وعبد الله بن عمر، وعن عبد الرحمن بن أبي عمرة وعن عامرو وعن سعيد بن المسيب في رواية عند ابن جرير وابن أبي حاتم زاد مجاهد وقتادة صلاة الصبح والعصر، وروى ابن أبي حاتم عن عمرو بن شعيب العشاء.
القول الثاني: ذكر الله تعالى: رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي عن طريق المغيرة ورواه ابن جرير عن منصور
القول الثالث: قراءة القرآن وتعلمه، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن إبي جعفر عن طريق جابر.
القول الرابع: عبادتهم ربهم، رواه ابن جرير عن الضحاك ورواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة عنه
الترجيح:
لا تعارض بين هذه الأقوال فالدعاء يأتي بمعنى دعاء العبادة كالذكر والثناء على الله باللسان ، ودعاء مسألة قال تعالى :(وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين، [سورة غافر: 60] . وكل عبادة يقوم بها العبد تتضمن الدعاء لأنه يقوم بها وهو يرجي ثوابها وقد يراد به ذكر الله هو دعاء العبادة .

...........................
قال إبراهيم النخعي: "سوء الحساب"هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يغفر له منه شيء. رواه ابن وهب و ابن جريرمن طريق فرقد
الأقوال في الآية:
-القول الأول :المناقشة في الأعمال ، رواه عبد الرزاق في تفسيره وابن جريرعن أبي الجوزاء من طريق عمرو بن مالك أخرجه ابن أبي شيبة و وابن المنذر وأبو الشيخ ذكره السيوطي في الدر المنثور
القول الثاني :أن لا يتجاوز لهم عن شيء، رواه ابن جرير عن شهر بن حوشب وإبراهيم النخعي من طريق فرقد ورواه عن ابن زيد
،ورواه ابن وهب عن إبراهيم من طريق فرقد ، وأخرجه ابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن ذكره السيوطي في الدر المنثور
القول الثالث: شدة العذاب ، تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
الراجح:
لا تعارض بين الأقوال ، فإن المناقشة تدل على شدة العذاب وأنه لا يتجاوز لهم عن شيئ يؤيده حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري
عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نوقش الحساب عذب قالت :قلت :أليس يقول الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال ذلك العرض.
والله أعلم

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 محرم 1441هـ/27-09-2019م, 05:22 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).
رواه عنه ابن جرير من طريق عاصم .
عاصم من الطبقة الثالثة ،وثقه أبو زرعة وجماعة ،وقال عنه أبو حاتم :محله الصدق ،وقال عنه الدار قطني :في حفظه شيء.
وقال بقول زر بن حبيش :ابن عباس وابن الزبير وسعيد بن جبير وإبراهيم في أحد القولين عنه.
القراءات الواردة في هذه اللفظة :
1-(بظنين )قرأ بها بعض المكيين وبعض البصريين وبعض الكوفيين ، بمعنى أنه غير متهم فيما يخبرهم عن الله من الأنباء.
2- (بضنين ) وقال بذلك : ابن مسعود وابن عباس في أحد القولين عنه وإبراهيم ومجاهد وقتادة وسفيان .
وقرأ بهذه القرّاءة قرّاء المدينة والكوفة وهي بمعنى أنه غير بخيل عليهم بتعليمهم ما علَّمه الله، وأنزل إليه من كتابه.
وقيل: معناه بضعيفِ القوةِ عن التبليغ مِنْ قولِهم: «بئرٌ ظَنُوْنٌ» ، أي: قليلةُ الماءِ.
تأول هذا القول بعض أهل اللغة وضعفه الطبري رحمه الله .
توجيه قراءة زر بن حبيش:
قراءة (بظنين ) نَظِيرُ وصْفِهِ بِأمِينٍ، ورَجَّحَ أبُو عُبَيْدٍ قِراءَةَ الظاءِ مُشالَةً لِأنَّ قُرَيْشًا لَمْ تُبَخِّلْ مُحَمَّدًا ﷺ فِيما يَأْتِي بِهِ وإنَّما كَذَّبَتْهُ فَقِيلَ ما هو بِمُتَّهَمٍ.
الترجيح :
ليس بين القراءتين تضاد لأن كليهما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمله الرسم العثماني ،فقراءة (بضنين )بالضاد ثبتت عن جمهور الصحابة رضي الله عنهم ، فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَلى مَعْناهُ الحَقِيقِيِّ، أيْ: وما صاحِبُكم بِبَخِيلٍ أيْ: بِما يُوحى إلَيْهِ وما يُخْبِرُ بِهِ عَنِ الأُمُورِ الغَيْبِيَّةِ طَلَبًا لِلِانْتِفاعِ بِما يُخْبِرُ بِهِ بِحَيْثُ لا يُنْبِئُكم عَنْهُ إلّا بِعِوَضٍ تُعْطُونَهُ، وذَلِكَ كِنايَةٌ عَنْ نَفْيِ أنْ يَكُونَ كاهِنًا أوْ عَرّافًا يَتَلَقّى الأخْبارَ عَنِ الجِنِّ إذْ كانَ المُشْرِكُونَ يَتَرَدَّدُونَ عَلى الكُهّانِ ويَزْعُمُونَ أنَّهم يُخْبِرُونَ بِالمُغَيَّباتِ، قالَ تَعالى: ﴿وما هو بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ﴾ [الحاقة: 41] ﴿ولا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ﴾ [الحاقة: 42] فَأقامَ لَهُمُ الفَرْقَ بَيْنَ حالِ الكُهّانِ وحالِ النَّبِيءِ ﷺ بِالإشارَةِ إلى أنَّ النَّبِيءَ لا يَسْألُهم عِوَضًا عَمّا يُخْبِرُهم بِهِ وأنَّ الكاهِنَ يَأْخُذُ عَلى ما يُخْبِرُ بِهِ ما يُسَمُّونَهُ حُلْوانًا، فَيَكُونُ هَذا المَعْنى مِن قَبِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ ما أسْألُكم عَلَيْهِ مِن أجْرٍ﴾ [الفرقان: 57] ﴿وما أسْألُكم عَلَيْهِ مِن أجْرٍ﴾ [الشعراء: 109] ونَحْوِ ذَلِكَ.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ضَنِينٍ مَجازًا مُرْسَلًا في الكِتْمانِ بِعَلاقَةِ اللُّزُومِ؛ لِأنَّ الكِتْمانَ بُخْلٌ بِالأمْرِ المَعْلُومِ لِلْكاتِمِ، أيْ: ما هو بِكاتِمٍ الغَيْبَ، أيْ: ما يُوحى إلَيْهِ، وذَلِكَ أنَّهم كانُوا يَقُولُونَ ﴿ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذا أوْ بَدِّلْهُ﴾ [يونس: 15] وقالُوا ﴿ولَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتابًا نَقْرَؤُهُ﴾ [الإسراء: 93] .
كما قال ابن عاشور رحمه الله .
2-قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق داوود أبي هند

ابن داوود من الطبقة الخامسة، وثقه ابن حَنْبَل وابن معين والنسائي وغيرهم .
وورد في تفسير هذه الآية أقوال أخرى :
1- قوله :"إنّ الذين كفروا" ببعض أنبيائهم الذين بعثوا قبل محمد ﷺبعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرًا" بكفرهم بمحمد لن تقبل توبتهم"، عند حُضور الموت وحَشرجته بنفسه.
قاله الحسن وقتادة وعطاء الخرساني .
2-وقيل معنى ذلك: إن الذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم"ثم ازدادوا كفرًا"، يعني: بزيادتهم الكفر: تمامُهم عليه،(حتى هلكوا وهم عليه مقيمون “لن تقبل توبتهم"، لن تنفعهم توبتهم الأولى وإيمانهم، لكفرهم الآخِر وموتهم.
قاله :عكرمة .
3-وقيل معنى قوله:"ثم ازدادوا كفرًا"، ماتوا كفارًا، فكان ذلك هو زيادتهم من كفرهم. وقالوا: معنى"لن تقبل توبتهم"، لن تقبل توبتهم عند موتهم.
قاله :السدي .
الترجيح بين الاقوال:
رجح الطبري هذاالمعنى وهو :” إن الذين كفروا من اليهود بمحمد ﷺ عند مَبعثه، بعد إيمانهم به قبل مبعثه، ثم ازدادوا كفرًا بما أصَابوا من الذنوب في كفرهم ومُقامهم على ضلالتهم، لن تقبل توبتهم من ذنوبهم التي أصابوها في كفرهم، حتى يتوبوا من كفرهم بمحمد ﷺ، ويراجعوا التوبة منه بتصديقه بما جاء به من عند الله."وذلك لأن الآيات قبلها وبعدها فيهم نزلت، فأولى أن تكون هي في معنى ما قبلها وبعدها، إذ كانت في سياق واحد.
ورجح معنى ( لن تقبل توبتهم ) أي : لن تقبل توبتهم من ذنوبهم وهم على الكفر مقيمين ، لأن الله عز وجل قال : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا (48) فالله تعالى لا يقبل توبة الكافرين من ذنوبهم ماداموا مصرين على كفرهم .هذا والله أعلم .

3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
أخرجه عنه عبد الرزاق وابن جرير والثوري من طريق أبي بكير .
وهو ثقة عابد من كبار الثالثة .
وروي هذا القول أيضا عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وعكرمة والسدي والضحاك .
ووردت أقوال أخرى في في المراد بذلك :
1-الرفيق الصالح ، قاله عبد الله وابن عباس وسعيد بن جبير .
2-امرأة الرجل التي تكون معه إلى جنبه ، قاله : عبد الله وعلي وابن عباس وَعَبَد الرحمن بن أبي ليلى وإبراهيم النخعي .
4-هو الذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك،قاله : ابن عباس وابن زيد
الترجيح بين الأقوال :
الصواب أن تدخل الاقوال جميعا في معنى الآية لأن:"الصاحب بالجنب"، هو الصاحب إلى الجنب، كما يقال:"فلان بجَنب فلان، وإلى جنبه".فيشمل هذا الرفيقُ في السفر، والمرأة، والمنقطع إلى الرجل الذي يلازمه رجاءَ نفعه، لأن كلهم بجنب الذي هو معه وقريبٌ منه. وقد أوصى الله تعالى بالإحسان إليهم جميعا .
4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
رواه عنه ابن جرير من طريق مجاهد .
مجاهد من الطبقة الثانية ، وهو إمام ثقة .
وورد هذا القول أيضا عن ابن عباس وسعيد بن المسبب .
وجاء في المراد بذلك أقوال أخرى :
1-تعظيم القرآن ، قاله :أبو جعفر .
2-الذكر ، قاله :إبراهيم النخعي .
3-عبادة الله ، قاله الضحاك .
4-اَلْمُرادُ بِهِ صَلاةُ مَكَّةَ؛ الَّتِي كانَتْ مَرَّتَيْنِ في اليَوْمِ؛ بُكْرَةً؛ وعَشِيًّا، قاله الحسن بن أبي الحسن وهذا القول يدخل تحت قول سعيد بن المسيب.
5-أنَّهُ دُعاءُ اللَّهِ بِالتَّوْحِيدِ، والإخْلاصِ لَهُ، وعِبادَتِهِ، قالَهُ الزَّجّاجُ.
-سبب نزولها :
رَوى مُسْلِمٌ «عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ قالَ: كُنّا مَعَ النَّبِيءِ سِتَّةَ نَفَرٍ، فَقالَ المُشْرِكُونَ لِلنَّبِيءِ: اطْرُدْ هَؤُلاءِ لا يَجْتَرِئُونَ عَلَيْنا. قالَ: وكُنْتُ أنا، وابْنُ مَسْعُودٍ، ورَجُلٌ مِن هُذَيْلٍ، وبِلالٌ، ورَجُلانِ، لَسْتُ أُسَمِّيهِما، فَوَقَعَ في نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَقَعَ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى ﴿ولا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهم بِالغَداةِ والعَشِيِّ يُرِيدُونَ وجْهَهُ﴾ آهـ» . وسَمّى الواحِدِيُّ بَقِيَّةَ السِّتَّةِ: وهم صُهَيْبٌ، وعَمّارُ بْنُ ياسِرٍ، والمِقْدادُ بْنُ الأسْوَدِ، وخَبّابُ بْنُ الأرَتِّ.
الترجيح بين الأقوال :
الأقوال الواردة كلها تحتملها الآية لأن الصلاة هي دعاء وهي أعظم عبادة وكذلك قراءة القرآن والذكر وتوحيد الله ، فلا يوجد منافاة بينهم لأن الصلاة تحتوي على قراءة القران والدعاء وذكر الله وتوحيده ،وهؤلاء الذين نزلت فيهم الآية أدوا هذه العبادة على أكمل وجه كما يحب الله ويرضاه وهم أرادوا الله وقصدوا الطرق التي أمرهم يقصدها واتباعها وهي تشمل كل ماجاء في معنى الآية الكريمة .
5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
أخرجه عنه ابن وهب وابن جرير من طريق فرقد .
فرقد من الطبقة الخامسة ، ضعفه ابن حنبل .
لكن ابن سعد في سننه صحح هذا الأثر عنه .
الأقوال الأخرى الواردة في المراد (بسوء الحساب )
1-المقايسة بالأعمال ، ورد عن أبي الجوزاء .
2-الذي لا جواز فيه ، ورد عن ابن زيد .
الترجيح بين الأقوال :
معنى الآية أنهم يُنَاقَشُونَ عَلَى كل صغيرة وكبيرة ، وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ؛وذلك بسبب كفرهم وعنادهم فأحبطت أعمالهم واستحقوا هذا الوعيد الشديد والعياذ بالله .
فتدخل الأقوال جميعا في معنى الآية لأنه ليس بينها تضاد ، فالذي لا يتجاوز عنه وتقايس أعماله حري بأن لا يغفر له من ذنبه شيء والله سبحانه وتعالى قال في كتابه :إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا (48)النساء.
كما أنه سبحانه بين مآلهم بقوله (وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) 18

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 30 جمادى الأولى 1441هـ/25-01-2020م, 12:00 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل يوسف مشاهدة المشاركة
مجلس أداء التطبيق الثالث من تطبيقات مهارات التخريج

خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1-قول زر بن حبيش: أخرجه عبد بن حميد والفراء وابن جرير الطبري (في تفسيره من طرق) كلهم من طريق عاصم عن زر بن حبيش [تفسير عبد بن حميد مفقود فأين اطلعت على إسناده؟ إن كان نقلا عن مصدر بديل فنذكره، مثلا وأخرجه عبد بن حميد كما في الدر المنثور للسيوطي]
وقوله الظنين المتهم والضنين البخيل:
وهما قراءتان متواترتان قراءة بالظاء {ظنين }أي مظنون به والمعنى ليس بمتهم من الظنة والتهمة وهى قراءة ابن كثيرٍ، وأبو عمرٍو، والكسائيّ، وابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، وزيد بن ثابتٍ، وابن عمر، وابن الزّبير، وعائشة، وعمر بن عبد العزيز، وابن جبيرٍ، وعروة بن الزّبير، ومسلم بن جندبٍ، ومجاهدٌ وغيرهم وهى قراءة ثابتة بالتواتر [المصدر؟، القراءات يحسن تخريجها من كتب القراءات]
وقراءة بالضاد {ضنين}من الضن وهو البخل وهى قراءة نافعٍ، وعاصمٍ، وابن عامرٍ، وحمزة، وعثمان بن عفّان، وابن عبّاسٍ، والحسن، وأبي رجاءٍ، والأعرج، وأبي جعفرٍ، وشيبة، وجماعةٍ وافرةٍ وهى قراءة متواترة أيضا وهى الموافقة لخط المصحف الإمام
وكل من هؤلاء يقرأ على حرفه لا ينكر من قرأ على الحرف الآخر وكيف ذاك وقد ثبتت تلك القراءتان عن النبي صلى الله عليه وسلم
، قال سفيان بن عيينة: (ظنينٌ) و(ضنينٌ) سواءٌ، أي: ما هو بكاذبٍ، وما هو بفاجرٍ، والظّنين: المتّهم، والضّنين: البخيل
-والمعنى في قراءة الظاء أي ليس بمتهم في تبليغ الوحى فلايكذب على الله تعالى
-وفي قراءة الضاد :يحتمل أحد معنيين الأول أي يضن بالشيء حتى يعطى عليه أجر كحلوان الكاهن وفي ضمنها نفي الكهانة عن النبي صلى الله عليه وسلم
الثانى :ضنين بمعنى كاتم (مجاز مرسل) بعلاقة اللزوم لأن الكتمان بخل بالأمر المعلوم
-والمعنى ليس ببخيل عما أعطاه الله من القرآن فإنه بلغه وعلمه وبينه ولم يضن به عليكم فكلا القراءتين معناه صحيح والذي لايكذب على الله تعالى فهو أمين والأمين يبلغ البلاغ التام كما أمر لايضن عما أمر به من البلاغ
-فلا ترجيح بين القراءتين بل نجمع بينهما لثبوتهما تواترا وأن معنى الآية يحتملهما قطعا.

الرد على من رجح إحدى القراءتين على الأخرى :

فمن قرأ {ظنين}احتج بحرف {على }أى لست بمتهم عليه كما تقول ما أنت على فلان بمتهم وهو مناسب لهذه القراءة دون الأخرى
وقيل ظنين بمعنى ضعيف أي لست ضعيف القوة عليه كما يقال للبئر قليلة الماء بئر ظنون والعرب تقول للرجل الضعيف ظنون وظنين من قولهم ناقة شروب وشريب ،كما ذكر الفراء وابن عطية
فلو كان {عن} أو {الباء} مكان {على }كان ملائما ل{ضنين} كما تقول ما هو بضنين بالغيب أو ما هو عن الغيب بضنين وقال ابن عاشور على بمعنى الباء أى ماهو بالغيب بضنين كقوله تعالى {حقيق على ألا أقول على الله إلا الحق} أى حقيق بي ووجه استعمال على مكان الباء في قراءة الضاد لتضمين معنى الحرص وهو شدة البخل،ووجه استعمال على في قراءة الظاء ظنيت للإستعلاء المجازى أى لست بمتهم في أمر الغيب

الدراسة والترجيح :
-رأى ابن جرير أن أولى القراءتين عنده بالصواب هى قراءة الضاد وعلة ذلك عنده اتفاق خطوط المصاحف على حرف الضاد وإن اختلفت قراءتهم به
-وقد أحسن ابن عاشور رحمه الله في تحرير المسألة وخلاصة ماذكره:
-أنه لايشترط موافقة القراءة لخط المصحف الإمام إذا ثبتت القراءة بالتواتر وإن تواتر القراءة مقدم على تواتر الخط إن كان للخط تواتر.
-تواتر القراءتين دليل أن الله أنزله بالوجهين وأراد كلا المعنيين
-أن ما اعتذر به أبو عبيدة عن اتفاق المصاحف على خط الضاد دون الظاء رغم تواتر قراءة الظاء لأجل شدة التشابه بينهما في الخط لا حاجة له وذلك أن كتابة المصاحف على حرف دون الآخر وجهه أنهم اعتمدوا على كتابة إحداهما ووكلوا الأخرى للقراءة لتواترها أيضا لا لإختلاف بينهم في الكتابة
وأقول: أن مارواه عبد بن حميد كما في الدر المنثور عن هشام بن عروة عن عائشة وقولها (أن الكتاب يخطئون في المصاحف) فإن هذا القول عنها رضي الله عنها لايصح
[أحسنت، بارك الله فيك، والأولى في تحرير المسألة، عرض كل قراءة، ثم بيان معنى كل قراءة، ثم بيان وجه الجمع بينهما، ومعنى الآية بالجمع بين القراءتين والرد على من رجح إحداهما على الأخرى]

2-قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
في الآية مسائل:
الأولى :المراد بالذين كفروا بعد إيمانهم
الثانية :معنى ازدادوا كفرا
الثالثة :علة عدم قبول توبتهم

المسألة الأولى :المراد بالذين كفروا بعد إيمانهم ،جاء فيها أقوال:
قول أبي العالية: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم)
-رواه ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن جرير من طرق عن داود بن أبي هند عن أبي العالية بألفاظ متقاربة وهو قول الحسن أيضا رواه ابن جرير من طريق عباد بن منصور
-أقوال أخرى في المراد بالذين كفروا بعد إيمانهم :
- هم اليهود الذين كفروا بعيسى والإنجيل ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن، رواه ابن جريروابن أبي حاتم من طريق معمر عن قتادة ورواه عبد بن حميد كما في الدر المنثور وقال معمر :قال مثل ذلك عطاء الخراسانى
-نزلت في قوم ارتدوا بعد إسلامهم ثم أسلموا ثم ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم فذكروا لرسول الله فنزلت الآية ،رواه البزار من طريق عكرمة عن ابن عباس كما ذكر ابن كثير في تفسيره
ويبدو لى أن هذا هو معنى قول ابن جرير :الذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم وهو قول مجاهد [نص قول مجاهد ليس فيه هذا المعنى وإنما فيه علة عدم قبول التوبة، وهي تمامهم على الكفر]

المسألة الثانية :معنى قوله {ثم ازدادوا كفرا}
ومعنى ازدادوا كفرا مبنى على المراد ب{الذين كفروا بعد إيمانهم}:
-فعلى القول بأن المراد بهم اليهود والنصارى الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم بأنبيائهم وازدادوا كفرا أى بما ارتكبوه من الذنوب والمعاصي حال كفرهم وهو قول أبي العالية
-وعلى القول بأن المراد بالذين كفروا اليهود كفروا بعيسى بعد إيمانهم بنبيهم ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم وهو قول قتادة وعطاء الخراسانى
-وأما القول بأنهم قوم ارتدوا بعد إسلامهم فيكون معنى ازديادهم الكفر أى تموا على كفرهم وماتوا عليه فتلك زيادة كفرهم و هو قول مجاهد [ولا مانع أن يكون هذا المعنى في اليهود والنصارى أيضًا، ولا مانع كذلك من دخول قول أبي العالية فيمن ارتد بعد إسلامه، لذا كان من الجيد فصل هذه عن المسألة قبلها]

المسألة الثالثة : علة عدم قبول توبتهم
-أي هؤلاء اليهود والنصارى الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم بأنبيائهم لن تقبل توبتهم من الذنوب وهم على حال الكفر والضلالة ولذا قال تعالى بعدها {وأولئك هم الضالون} وهو قول أبي العالية
-وقيل لن تقبل توبتهم إذا حضرهم الموت وهو قول الحسن والسدى
-وأما على القول بأنهم الذين ارتدوا بعد إسلامهم ثم أسلموا ثم ارتدوا فالمراد عدم قبول توبتهم الأولى ولاتنفعهم لكفرهم الآخر وموتهم عليه وهو معنى قول مجاهد وصرح به ابن جريج
[وقول آخر أنهم أرادوا التوبة بعد ما ارتدوا نفاقًا؛ فلم يكونوا صادقين في طلبهم، لهذا لم تقبل توبتهم]
الدراسة والترجيح:

-أما القول الأول بأنهم اليهود والنصارى الذين آمنوا بأنبيائهم وكفروا بمحمد أو على القول بأنهم اليهود الذين كفروا بعيسى ثم كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم فإن توبتهم من الذنوب حال قيامهم على الكفر لا تقبل لأن الله يتقبل من المؤمنين ويغفر الذنوب جميعا وأعظمها الشرك فليس المقصود بنفي قبول التوبة التوبة من الشرك إلى الإيمان وإنما التوبة من بعض الذنوب وترك التوبة من أصل الذنوب وهو الشرك وهذا القول هو الذي رجحه ابن جرير وانتصر له
وأما من فسر عدم قبول التوبة بأن قيدها بحال الإحتضار فقال لاتقبل توبتهم عند حضور الموت فإن له وجهه وذلك أن الله تعالى يقول {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنى تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار }
واعترض ابن جرير على هذا القول وذلك أن التائب من الذنب وإن كان كفرا يقبل منه ولو كان حال الموت مالم يغرغر وتحشرج نفسه وهو مروى عن السلف منهم ابن عمر وابن زيد وغيرهما كما روى ابن جرير في تفسيره

-وأما القول بأنهم قوم آمنوا بأنبيائهم ثم كفروا بعد إيمانهم وهذا هو معنى الردة فالمراد بعدم قبول التوبة منهم أي إيمانهم الأول قبل كفرهم فإنه لن ينفعهم ولاتقبل التوبة بعد الموت كما قال تعالى {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به} وقد اعترض ابن جرير على هذا القول وعلل ذلك بأن ظاهر الآية ليس فيه مايدل على توبتهم من كفر كان بعد [بعده] إيمان ثم عودة إلى كفر مرة أخرى وإنما ظاهر الآية أنهم كفروا بعد إيمانهم
ولكن وجه ابن عطية هذا القول بل رآه وعلة ذلك عنده أنهم المعنيون بالذكر في الآية السابقة بقوله تعالى {كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق }فهؤلاء الذين ارتدوا بعد إيمانهم وإقرارهم بالنبوة وشهدوا على ذلك لن تقبل توبتهم أي لأنهم يكوتون على الكفر وقد علم الله منهم ذلك فصاروا في حيز من لاتقبل توبته ولذا ذكر بعدها حكما عاما في حال من يموت على الكفر هكذا قال [هنا خلط بين قولين في علة عدم قبول التوبة؛ القول بأن العلة أنهم تابوا حال حضرتهم الوفاة، والقول بأن المراد بالتوبة في قوله {لن تقبل توبتهم} إيمانهم الأول قبل كفرهم، وهو قول ابن جريج]
ولكن أرى أن هذا الوجه فيه تكلف نوعا ما فقول الله تعالى {لن تقبل توبتهم }أي إذا تابوا وهم لم يفعلوا إذ ماتوا على ذلك والأصل حمل معانى القرآن على ظاهراللفظ مالم تصرفه قرينة
والذي يظهر والله أعلم أن ألفاظ الآية الكريمة تحتمل جميع هذه المعانى كلها فيجوز أن يكونوا الذين كفروا من أهل الكتاب أو المرتدين بعد إسلامهم وأن التوبة لاتقبل من الذنوب حال القيام على الشرك ولاتقبل حال الاحتضار عند الحشرجة والغرغرة ولذا استثنى الله تعالى بعدها فقال {إلا الذين تابوا من بعد ذلك }أى من بعد الشرك والكفر أو الردة والله أعلم بمراده

3-قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر)
رواه عبد الرزاق وابن جرير من طرق عن أبي بكير عن سعيد بن جبير ورواه سفيان الثورى من طريق مورق أو مرزوق عنه [وهو نفسه أبو بكير]
وقد لاحظت قول ابن أبي حاتم عن أبي بكير قال يعنى مرزوقا فلعله هو فيكون رواية الثورى من طريق أبي بكير عنه
ويكون التخريج على هذا:
رواه عبد الرزاق وابن جرير من طرق والثورى كلهم من طريق أبي بكير عنه :الرفيق في السفر
وروى ابن جرير من طرق وابن أبي حاتم عن أبي بكير عنه أيضا :{الرفيق الصالح} [حبذا أن نذكر هنا الراوي عن أبي بكير لاختلاف اللفظ]
وروي هذا القول (الرفيق في السفر) أيضا عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي والضحاك وغيرهم

الأقوال الأخرى في المراد ب{الصاحب بالجنب}:
-امرأة الرجل التى تكون معه إلى جنبه،وقال به عبد الله وعلي وعبد الرحمن بن أبي ليلى وإبراهيم
-وقيل هو الذي يصحبك ويلزمك رجاء نفعك ،قال به ابن عباس وابن زيد
. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم كما في الدر المنثور : {والصاحب بالجنب} قال: هو جليسك في الحضر ورفيقك في السفر وامرأتك التي تضاجعك
وهذا القول لزيد بن أسلم قول جامع لكل ماسبق من الأقوال إذ كل منها يحتمل دخوله في معنى الآية ولاتناقض بينها لأنّ كلّهم بجنب الّذي هو معه وقريبٌ منه، وقد أوصى اللّه تعالى بالإحسان إلى جميعهم لوجوب حقّ الصّاحب على المصحوب. [نوادر الأصول متوفر، وتفسير ابن المنذر لسورة النساء ضمن الجزء المطبوع، وتفسير ابن أبي حاتم أيضًا]
ومعنى بالجنب أي إلى جنب صاحبه ففيها المرافقة والمصاحبة والملازمة وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد وغيره عن ابن عمرو عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: خير الأصحاب عند الله خير هم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره

4.قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة)
. قول سعيد بن المسيب أخرجه بن جرير في تفسيره من طريق مجاهد عنه
اتهم ابن جريج بالتدليس مع كونه ثقة واختلف الأئمة في حكم عنعنته بين راد لعنعنته مطلقا مالم يصرح بالتحديث وبين القبول للعنعنة مالم توجد قرينة
والرواية التى أوردها ابن جرير بإسناد معلق، ومعنى المتن صحيح ومروى عن أكثر من واحد من السلف لكن في ثبوته عن ابن المسيب نظر
[هذا إسناد الطبري:
"حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد:"ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي"، قال: المصلين المؤمنين، بلال وابن أم عبد = قال ابن جريج، وأخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد قال: صليت الصبح مع سعيد بن المسيب، فلما سلّم الإمام ابتدر الناس القاصَّ، فقال سعيد: ما أسرعَ بهم إلى هذا المجلس! (2) قال مجاهد: فقلت يتأولون ما قال الله تعالى ذكره. قال: وما قال؟ قلت:"ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي"، قال: وفي هذا ذَا؟ إنما ذاك في الصلاة التي انصرفنا عنها الآن، إنما ذاك في الصلاة" اهـ.
وهو يفيد بأن الجزء الذي تحته خط مشترك إلى مجاهد، وإلى سعيد بن المسيب
والإسناد إلى سعيد ابن المسيب فيه أمران:
الأول: أن ابن جريج لم يرسل عن مجاهد، بل بينه وبين مجاهد واسطة.
والثاني: أنه صرح بالتحديث عن الواسطة فقال: أخبرني عبد الله بن كثير]

وقال بهذا القول أنها الصلاة المكتوبة أو الصلوات الخمس : ابن عمر وابن عباس ومجاهد والحسن وإبراهيم و عامر الشعبي والضحاك وعبد الرحمن بن أـبي عمرة
-قيل صلاة الصبح وصلاة العصر وهو قول قتادة ،وهذا القول يدخل تحت القول الأول
الأقوال الاخرى في المراد بالدعاء الذي كان يدعونه هؤلاء بالغداة والعشي:
-أن المراد بالدعاء غداة وعشيا ذكر الله تعالى وهو قول إبراهيم ومنصور
-وقيل دعاؤهم تعلمهم القرآن وقراءته:وهو قول أبي جعفر
-وقيل دعاؤهم عبادتهم ربهم وهو قول الضحاك واستشهد بقوله تعالى {لاجرم أنما تدعوننى إليه }يعنى تعبدونه
الدراسة والترجيح :
ورد في المحرر في أسباب النزول : أخرج مسلم والنسائي وابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة نفر فقال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم - اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا، قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يقع. فحدث نفسه. فأنزل الله - عز وجل -: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)
وهذا أصح ماورد في سبب نزول الآية الكريمة لصحة الإسناد وموافقة لفظه نص الآية الكريمة وتصريحه بالنزول مع احتجاج المفسرين به مع عدم المعارض الراجح
وأما الوصف الذي جاء لهؤلاء الضعفاء من المؤمنين بقوله {يدعون ربهم بالغداة والعشي}وجاء في تأويل دعائهم ربهم عدة تأويلات منها أنهم الذين يشهدون الصلوات المكتوبة في جماعة أو الذين يصلون صلاتى الغداة والصبح وهى الصلاة المفروضة بمكة أول الأمر ركعتان من أول النهار وركعتان من آخره وتأوله آخرون بأن الدعاء هو الذكر ومعلوم أن الذكر داخل في الدعاء خاصة إذا قيد بوقتى الغداة والعشي وقيل بل هو تعلمهم القرآن وقراءته وهو أفضل الذكر وأجل العبادات ومنهم من تأوله بأنه العبادة على وجه العموم
وكل ذلك صحيح داخل في لفظ الآية الكريمة محتمل لها ولاتعارض فهم القوم الذين يعبدون ربهم على مدار اليوم والليلة بأداء الفرائض التى من أعظمها الصلاة ويذكرون ربهم بالغداة والعشي ويقرؤون القرآن ولهذا أمر النبي بملازمتهم وعدم الإنفكاك عن صحبتهم وترك مجالستهم

5-قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
قول إبراهيم :رواه ابن جرير في تفسيره من طريق فرقد السبخى بهذا اللفظ ،ورواه سعيد بن منصور من طريق رجل لم يسمه-لعله فرقد- بلفظ {أن يأخذ عبده بالحق} و أخرجه سعيد بن منصور وأبو الشيخ عن فرقد السبخى كما في الدر المنثور
[قول إبراهيم النخعي أخرجه ابن وهب وابن جرير الطبري والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد من طريق فرقد عن إبراهيم النخعي به، وأخرجه أبو الشيخ كما في الدر المنثور للسيوطي.
ورواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة من طريق سعيد بن زيد عن أبي حمزة عن إبراهيم النخعي.
وروى سعيد بن منصور من طريق خلف بن خليفة، عن رجل عن إبراهيم أنه قال في معنى (سوء اللحساب): أن يأخذ عبده بالحق، وكذا رواه أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي في المجالسة وجواهر العلم من دون واسطة بين خلف وإبراهيم]


وروى نحو هذا القول عن شهر بن حوشب والحسن ومعناه استقصاء الحساب على المحاسب فلا يعفى له عن شىء منه وهذا هو أشد الحساب وهو حساب الكفار
أقوال أخرى في معنى سوء الحساب :
-وقيل هو مناقشة الأعمال : وهو قول أبي الجوزاء كما في الدر المنثور [لمَ اللجوءللدر المنثور والقول متوفر في الكتب المسندة مثل تفسير عبد الرزاق ومصنف ابن أبي شيبة،وتفسير ابن جرير] ؟، ونسب مكى بن أبي طالب هذا القول لابن عباس بدون إسناد [رواه أبو داوود عن ابن عباس موقوفًا عليه، ومقطوعًا على أبي الجوزاء]
ومعنى المناقشة : يناقشون على النقير والقطمير كما ذكر ابن كثير
ودليل هذا القول حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {من نوقش الحساب عذب}
-وقيل :التوبيخ والتقريع عند الحساب ،ذكره ابن الجوزى وهذا القول يدخل تحت القول السابق فإن من يناقش أعماله السيئة فإنه يوبخ ويقرع عليها
الدراسة والترجيح:
-القول الأول في معنى سوء الحساب وهو أن يؤخذ العبد بذنبه كله فلا يغفر له منه شىء وإن كانت له حسنات أحبطت بسيئاته وهذا أشد الحساب و لايكون إلا للكفار الذين لايقبل الله تعالى منهم صرفا ولاعدلا فكفرهم أحبط أعمالهم ؛ فوصف السوء للحساب مرتبط بما يحيط بالحساب من الإهانة والتقريع ومن بعد ذلك العذاب
-وأما القول بأن سوء الحساب هو مناقشة الأعمال :فهى مناقشة من توزن حسناته وسيئاته
فمن استدل على هذا القول بحديث {من نوقش الحساب عذب} فهم منه أنه في حق صنف من أصناف المسلمين الذين يعذبون بذنوبهم ويؤاخذون عليها
أما سياق الآية الكريمة فإنها تتحدث عن من لم يستجيبوا لربهم وأنهم لو افتدوا من عذاب الله بملء الأرض لايقبل منهم ولهم سوء الحساب ومرجعهم الأخير إلى جهنم وهؤلاء هم الكفار فسياق الآية فيهم ويكون القول بأن سوء الحساب المناقشة فداخل فيه أيضا والله أعلم
[لاحظي -بارك الله فيكِ- أن التعبير بسوء الحساب ورد في موضعين من القرآن الكريم، كلاهما في سورة الرعد
أحدهما أن المؤمنين يخافون سوء الحساب، والثاني فيمن لم يستجب لأمر الله، فجزاؤه سوء الحساب.
لذا لا مانع من الجمع بين الأقوال، بل يدخل فيها قول الزجاج: " لا تقبل حسناتهم، ولا تغفر سيئاتهم، وعلل ذلك بقول بأن الكفر يحبط العمل، واستدل بقول الله تعالى: {الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه أضلّ أعمالهم}]


التقويم: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 30 جمادى الأولى 1441هـ/25-01-2020م, 09:38 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيا أبوداهوم مشاهدة المشاركة
تعديل وإضافة :
================
خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).

اختلفوا في معنى ( ضنين ) على أقوال :
القول الأول : متهم ، وهو قول ابن عباس، وسعيد بن جبير، وإبراهيم، وزر بن حبيش والضحاك .
وقول زر بن حبيش أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 3/261) من طرق عن سفيان عن عاصم عن زر بن حبيش ، فبعضها بزيادة لفظ ( الغيب : القرآن ) والتي كانت من طريق عبد الرحمن ووكيع ،وبعضها ذكرت ( قراءتكم ) والتي من طريق عبد الرحمن ،ورواه الفراء في معاني القرآن من طريق قيس بن الربيع عن عاصم عن زر بلفظ ( أنتم تقرؤون ). [طالما الألفاظ متقاربة، ولا خلاف في المعنى فيمكن أن يساق التخريج في مساق واحد بذكر مخرج الأثر، وتقولين في نهايته، بألفاظ متقاربة]
وعزاه السيوطي في الدر المنثور (15/ 277) إلى عبد بن حميد، ولم أجد في المنتخب لمسند عبد بن حميد .

وهذه القول مبني على قراءة الظاء ( بظنين ) ، بمعنى الظن وهو الاتهام ، وهي قراءة ابن كثير وأبو عمرو والكسائي .[حجة القراءات،752/1].
وعلى هذه القراءة تكون معنى قوله (وماهو على الغيب ضنين) : أي ماهو على الوحي بمهتم ، فهو ليس متهم على القرآن بل هو أمين .
القول الثاني : البخيل ، وهو قول مجاهد ،وإبراهيم ،وزر بن حبيش .
وهذا القول مبني على قراءة الضاء ( بضنين ) ، بمعنى ببخيل ، وهي قراءة الباقون .
فيكون معنى الآية ( وماهو على الغيب بضنين ) : أي لَا يبخل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وسلم آتَاهُ الله من الْعلم وَالْقُرْآن وَلَكِن يرشد وَيعلم وَيُؤَدِّي عَن الله جلّ وَعز.[حجة القراءات،752/1].
وله وجه في اللغة أيضا فالعرب تقول للرجل البخيل ضنين .
والضنين في اللغة مشتق من ضن ، فقال الخليل أحمد : الضِّنُّ والضِّنَّةُ والمَضَنِةُ، كلُّ ذلك من الإِمساكِ والبُخْل، تقول: رجلٌ ضَنينٌ.
وأيضا هذه القول مبني من جهة نصوص أخرى تؤيدها التي نفت أن يكون بخيل بما يخبر به من الأمور الغيبية ، فنفت أن يكون علمه من الشياطين ، فقال تعالى : ( وما تنزلت به الشياطين ) ، فنفت الكهانة عنه ، كما في قوله تعالى : ( وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون ).

القول الثالث : الكتمان ، وهو قول ابن زيد و ذكره ابن الجوزي وابن عاشور .
وهذا القول مبني على علاقة اللزوم ، لأن الكتمان بخل بالأمر المعلوم للكاتم ، واعتبروا أن ( بضنين ) مجاز مرسل .
القول الرابع :الضعيف ، وهو قول الفراء ، والأنباري .
وهذا القول مبني على توجيهه في اللغة ، فالعرب تقول على الرجل الضعيف ، هو ظنون ، فقلبت الواو ياء .
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): ويجوز أن يكون معناه «بضعيف»، من قول العرب: وصل فلان ظنون، أي ضعيف، فيكون الأصل فيه: وما هو على الغيب بظنون، فقلبوا الواو ياء، كما قالوا: ناقة طعوم وطعيم، للتي بين الغثة والسمينة؛ في حروف كثيرة يطول تعديدها وإحصاؤها. [كتاب الأضداد:15- 16] (م)

الدراسة والترجيح :
رجح البعض القول الأول محتجين على أن ( على ) تقوي هذا القول ، كما ذكر ذلك الفراء ،وقد ذكر ابن عاشور أن ( على ) استعلاء المجازي للظرفية أَيْ مَا هُوَ بِمُتَّهَمٍ فِي أَمْرِ الْغَيْبِ وَهُوَ الْوَحْيُ أَنْ لَا يَكُونَ
كَمَا بَلَّغَهُ.
وذكر أيضا ابن عاشور أنه على القول الثاني ( بضنين ) ، يكون ( على ) بمعنى الباء ،أو لتضمين ( ضنين ) معنى حريص ، والحرص شدة البخل .

ولكن الصواب أن ( على ) متعلقة به على الوجهين ، كما ذكر ذلك العبكري في التبيان في إعراب القرآن .(2/586)
ورجح ابن جرير القول الثاني ، لأنه الذي عليه رسم المصحف ، ورجح أبو عبيدة والألوسي القول الأول بنفي التهمة ، لأن الكفرة كذبوه .
قال القرطبي: " واختاره أبو عبيدة؛ لأنهم لم يبخلوه ولكن كذبوه، ولأن الأكثر من كلام العرب: ما هو بكذا، ولا يقولون: ما هو على كذا، إنما يقولون: ما أنت على هذا بمتهم"
قال الألوسي: " والأول أشهر ورجحت هذه القراءة عليها بأنها أنسب بالمقام؛ لاتهام الكفرة له - صلى الله عليه وسلم -، ونفي التهمة أولى من نفي البخل وبأن التهمة تتعدى بعلى دون البخل فإنه لا يتعدى بها إلا باعتبار تضمينه معنى الحرص ونحوه "
، ولكن الصواب أن القراءاتين صحيحتين لأنها ثابتة ، ومتواترة ، كما ذكر ذلك ابن عاشور .

وأما من جهة المعنى فيصح أن يقال أنه ليس بمتهم ، وأنه ليس ببخيل بعلمه ، واستعملت لفظة ( الضنين ) هنا على البخيل لفرق لطيف .
-فالفرق بين الضن والبخل: أن الضن أصله أن يكون بالعواري، والبخل بالهيئات ولهذا تقول هو ضنين بعلمه ولا يقال بخيل بعلمه لان العلم أشبه بالعارية منه بالهبة، وذلك أن الواهب إذا وهب شيئا خرج من ملكه فإذا أعار شيئا لم يخرج أن يكون (1) عالما به فأشبه العلم العارية فاستعمل فيه من اللفظ ما وضع لها ولهذا قال الله تعالى " وما هو على الغيب بضنين " (2) ولم يقل بخيل.( معجم الفروق اللغوية ،1/332).
وأما القول بأنه الكتمان ، فأيضا تحتمله المعنى فهو ليس بكاتم لما أنزله الله ، كما جاءت الأدلة الأخرى التي تثبت ذلك ، فقال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) .
وأما القول بأنه الضعيف ، فهذا القول ذكر الفراء أنه محتمل له .
فالراجح أن كل الأقوال تحتملها الآية إلا القول بأنه ضعيف فهو قول محتمل .
قال ابن جرير : وقد تأوّل ذلك بعض أهل العربية أن معناه: وما هو على الغيب بضعيف، ولكنه محتمِل له مطيق، ووجهه إلى قول العرب للرجل الضعيف: هو ظَنُون.( ابن جرير ، 262).
[الأولى تصنيف الأقوال على القراءات، بأن نقول في هذه الآية قراءتان، الأولى:.... ثم نذكر الخلاف في معناها، ثم نبين وجه الجمع بين الأقوال، وما يفيده من تكامل معنى الآية]
: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
اختلفوا فيمن نزلت عليه الآية على أقوال :

القول الأول : هم اليهود والنصارى ، وهو قول الحسن ،وأبي العالية .
القول الثاني : أن الذين كفروا هم اليهود فكفروا بالإنجيل ثم ازدادوا كفرا بالقرآن ، وهو قول قتادة ، وعطاء الخرساني .
القول الثالث: من ارتد عموما بعد إيمانه بأنبياءه ، وهو قول ابن عباس .
القول الرابع : المنافقون ، وقول ابن زيد .
القول الخامس : أنهم أشخاص معينين ارتدوا عن الإسلام كالحارث بن سويد وغيرهم ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد والسدي ،وعكرمة .
[الصحيح أن الحارث ارتد ثم أسلم وحسن إسلامه وفيه نزل: {إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم}]
وقول أبي العالية أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/579) وابن المنذر في تفسيره ( 1/282) وابن أبي حاتم (2/702)من طريق داود عن أبي العالية ، بصيغ مختلفة لكن ألفاظها متقاربة.
فقول أبي العالية مبني على نزولها في اليهود والنصارى ،ومبني على أدلة أخرى كقوله تعالى : (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) ، وأيضا في الحديث : "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ". رواه مسلم.
ومبنبي على سياق الآية التي قبلها حيث قال فيها : ( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق ) ، فالذين شهدوا أن الرسول حق في كتبهم من اليهود النصارى ، كما قال تعالى في موضع آخر من القرآن ، فقال تعالى : : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ) .
الدراسة والترجيح :
أنها عامة في جميع الكفار وبكل من يكفر بأنبياءه ، لأن الكفر عام يشمل كل أصناف الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم .
قال ابن منظور في لسان العرب : كفر : الكفر : نقيض الإيمان ، آمنا بالله وكفرنا بالطاغوت ؛ كفر بالله يكفر كفرا وكفورا وكفرانا . ويقال لأهل دار الحرب : قد كفروا أي عصوا وامتنعوا .

فكل الأقوال تحتملها الآية ، لكن القول الأول والثاني والرابع والخامس ، أولى بالصواب لدلالة السياق،حيث قال في الآيات التي تسبقها : ( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق )، فمن كفر من اليهود والنصارى بعد علمه برسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم يشمله الوعيد ، ومن كفر بعد إيمانه من المنافقين أيضا يشملهم الوعيد في الآية .
ونستطيع القول أن الذين شهدوا أن الرسول حق أيضا المنافقين [صنف من المنافقين الذين آمنوا ثم كفروا وأضمروا كفرهم، لأن هناك صنفا آخرًا لم يؤمن أصلا] وليس فقط اليهود والنصارى ، بدلالة قوله تعالى : ( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون )، ولأن المنافقين شهدوا أن الرسول حق في أول اسلامهم .
والمرتد يقتل كما جاء الحديث بذلك ، لكن من ارتد ثم تاب توبة صادقة ورجع إلى الإسلام ،قبل موته فهذا يقبل توبته ، كما قال تعالى في موضوع آخر : (وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ۚ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ۚ فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ ۖ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ).
ومما يؤيد أيضا عدم شمول القول الثالث ، هو أن سياق الآية ذكر فيها عن الإسلام فهو عن الإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) .
وأما القول الخامس ، يكون من بعض الذين أنزل بسببهم هذه الآية ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
[أحسنتِ، بارك الله فيكِ، لكن المسألة الرئيسة في قول أبي العالية هي علة عدم قبول التوبة، وهذه المسألة هي موضع البحث، إذ أنه من المتقرر في الشريعة أن الله عز وجل يقبل توبة من تاب إليه، فما المانع من عدم قبول توبتهم في هذه الآية، في قول أبي العالية: أنهم يتوبون من ذنوب أصابوها وهم على الكفر، فأرادوا التوبة من هذه الذنوب ولم يتوبوا من الكفر، وفي المسألة أقوال أخرى]
: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول :رفيق الرجل في السفر ، وهو قول قتادة ومجاهد ، والضحاك، وأبي عبيدة ، والسدي
القول الثاني :امرأة الرجل التي تكون بجنبه ،وهو قول عبد الله وعلي ،عبد الرحمن بن أبي ليلى ،وإبراهيم .
القول الثالث: الصاحب الملازم الصالح ، وهو قول ابن عباس ، وابن زيد ، وعلي وعبد الله ، وسعيد بن جبير ، وابن جريج. [على خلاف في عبارة كل منهم]
فقول سعيد بن جبير أخرجه ابن جرير (8/341) وعبد الرزاق في تفسيره ( 1/456)، وابن المنذر في تفسيره (2/703) من طريق أبي بكير عن سعيد بن جبير، كلهم بنفس اللفظ إلا ابن المنذر بلفظ (الرفيق الصالح) . [وأخرجه سفيان الثوري أيضًا من نفس الطريق.
قول الرفيق الصالح: رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين عن سفيان عن أبي بكير عن سعيد ابن جبير بلفظ الرفيق الصالح.
ورواه ابن جرير من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن أبي بكير عن سعيد، مثله.
ورواه البيهقي في شعب الإيمان عن سعيد ابن جبير، مثله، غير أن البيهقي قال: " وروينا عن سعيد بن جبير"، دون ذكر الإسناد.
لاتحاد المخرج عند أبي بكير، ذكرنا الرواة عنه لاختلاف اللفظ؛ ليتبين مصدر الخلاف]

وأبي بكير قال عنه النسائي ليس بالقوي ، وقال عنه مرة أنه ضعيف .[ سير أعلام النبلاء ،246/9].
وقول سعيد بن الجبير مبني على بعض ما يدخل فيه لفظة ( الصاحب بالجنب ) ، ومبني على الأحاديث التي تحث على مكانة الصحبة في السفر .
كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب" (أبو داود 2602, والترمذي 1673 وقال: حديث حسن).

الدراسة والترجيح :
أن كل هذه الأقوال صحيحة ، وكلها أمثلة على الصاحب بالجنب ،وتحتملها الآية ، فالرفيق بالسفر والحضر والمرأة كلهم يصلح أن يطلق عليهم صاحب بالجنب ،ففي لسان العرب : الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ: شِقُّ الإِنْسانِ وَغَيْرِهِ. تَقُولُ: قعَدْتُ إِلَى جَنْب فُلَانٍ وَإِلَى جانِبه، بِمَعْنًى، وَالْجَمْعُ جُنُوبٌ وجَوانِبُ وجَنائبُ، الأَخيرة نَادِرَةٌ.[ لسان العرب ، 1/257].
فالذي يكون بجانبك يكون له حق الإحسان إليه ، كما في الحديث الذي أخرجه الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه ، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره ) صحه الألباني ، ولقد قال الله تعالى عن حق المرأة : ( وعاشروهن بالمعروف ) ، وأما في مكانة الرفيق في السفر ، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن الناس يعلمونَ من الوحدة ما أعلم ما سار راكبٌ بليلٍ وحدَه)).

: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
اختلفوا في المراد بالدعاء على أقوال :
القول الأول : الصلاة ، وقول قول إبراهيم وسعيد بن المسيب وعامر وغيرهم .
وقول سعيد بن المسيب أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 11/367) عن عبد الله بن كثير عن مجاهد .
ولم أجد قول سعيد بن المسيب من هذا الطريق في تفسير مجاهد ، وابن جريج الذي جاء عن طريقه هذا الحديث هو ثقة في نفسه لكنه يدلس ، كما ذكر ذلك الذهبي في سير أعلام النبلاء [326/6]
[راجعي التعليق على الأخت أمل أعلاه]
وهذا القول مبني على أنها من الدعاء ، فالصلاة كلها دعاء ، وفي اللغة الصلاة دعاء ، كما ذكر ذلك ابن قتيبة في غريب الحديث وغيرهم ، لذلك يقول الله تعالى : وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) أي بدعائه ، وهي من أنواع العبادة أيضا ، وقد سمى الله الدعاء عبادة ، في قوله تعالى : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي).
وأيضا مبني على أن الصلاة من أركان الإسلام ، وعَن ابن عُمَر رَضِيَ اللَّه عنْهَما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ مُتفقٌ عليه.
فيكون النهي في قوله ( ولا تطرد ) نهي عن ابعاد من معه عمود هذا الدين وهو الصلاة .
ففي الحديث الذي رواه مسلم في (صحيحه) عن جابر بن عبدالله، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بَيْن الرَّجل وَبَيْن الشِّرْكِ وَالكُفر ترْكُ الصَّلاةِ)).
[توجيه القول أن الدعاء يأتي بمعنى دعاء المسألة ودعاء العبادة، والصلاة من العبادات التي يجتمع فيها المسلمون]
ولكن اختلفوا في الصلاة المقصودة على أقوال :
الأول :الصلوات الخمسة المكتوبة ، وهو قول ابن عباس ،ومجاهد ، والحسن ، والضحاك ، وسعيد بن المسيب ،وعبد الرحمن بن أبي عمرة ،وإبراهيم .
الثاني :صلاة الصبح والعصر ، وهو قول مجاهد .
الثالث: العشي صلاة العشاء ، وهو قول عمرو بن شعيب .

القول الثاني :ذكر الله ، وهو قول إبراهيم .
وهذا القول مبني على الدعاء من معناه الحقيقي وهو الذكر .
فقال تعالى : (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ) ، فهنا نجد أنه بين معنى الذكر في دعاء المسألة ، في قوله : ( ربنا آتنا في الدنيا ..) ، وفي قوله تعالى : ( الذين يذكرون الله قياما وقعوا وعلى جنوبهم ) هنا بين الذكر في كل الأحوال ، وهو دعاء الله في كل الأحوال ، ويؤيد هذه الآية قول الله تعالى : (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) فهنا ذكر الدعاء في حال مضاجعهم .
القول الثالث: قراءة القرآن وتعلمه ، وقول أبي جعفر .
وهذا القول مبني على أنها مما تتضمنه الدعاء من الذكر ، وبعض أنواع الذكر وهو قراءة القرآن ، لأن الذكر يكون بالدعاء وبقراءة القرآن ، ونحوه ، ، وقال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)، وقد سمى الله القرآن ذكر ، فقال تعالى : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٤٤ النحل﴾.
القول الرابع :عبادة الله ، وهو قول ابن عباس ، و الضحاك.
وهذا مبني على لازم القول ، وعلى الأدلة التي تذكر أن الدعاء عبادة ، كما قال تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)، فسمى الله هنا الدعاء عبادة ، وأيضا جاء في الحديث : ( الدعاء هو العبادة ) .
الدراسة والترجيح :
وكل هذه الأقوال تحتملها الآية ، فالذين يدعون ربهم يكون بالذكر أو الصلاة أو قراءة القرآن ، وقد قال الله تعالى في موضع آخر ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) ، وقال في سياق آخر أيضا يتوعد من منع ذكر الله ، فقال : ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها ) ، وأثنى الله على الذين يذكرونه ، فقال : (ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى ﴾ .
وقد ذكر الله الذكر في سياق الصلاة ، فقال تعالى : {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} ، فالصلاة كلها ذكر لله ، كما قال تعالى أيضا (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ) ، فالدعاء عبادة في ذاتها ، والذكر وتلاوة القرآن والصلاة من أنواع العبادات .


: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
اختلفوا في المراد بسوء الحساب على أقوال :

القول الأول :مناقشة الأعمال وهو قول أبو الجوزاء ، وابن زيد .
وهذا القول مأخوذ من لازم الحساب ، لأنه جاء في الحديث الذي رواه البخاري عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نوقش الحساب عذب قالت قلت أليس يقول الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال ذلك العرض). [لفظ ابن زيد مقارب للفظ إبراهيم النخعي]
القول الثاني : مؤاخذتهم على جميع ذنوبهم فلا يغفر منه شيء ، وهو قول إبراهيم ومقاتل وحوشب . [شهر بن حوشب]
فهنا القول مبني على بعض لازم معنى السوء في اللغة ، فالسوء تتضمن معنى القبح في اللغة ،ففي تهذيب اللغة : قَالَ اللَّيْث: ساءَ يَسُوء: فِعلٌ لَازم ومُجاوزٌ، يُقَال: سَاءَ الشيءُ يَسُوء فَهُوَ سَيّءٌ: إِذا قَبحُ.)[ تهذيب اللغة ،13/89)،فلما أضيفت إلى الحساب كان الكلام عن أقبح أنواع التعامل في الحساب ، لأن الحساب هو إحصاء ماعلى العبد وماله ، كما ذكر ذلك البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات .
القول الثالث :لا تقبل منهم حسنة ولا يتجاوز لهم عن سيئة ، وهو قول ذكره الماوردي . [الأصل أنه قول الزجاج]
وهذا القول مبني على أن الكفر يحبط الأعمال ، فلا ينتفع الكافر بحسناته ولا يتجاوز عن سيئاته ، كما قال تعالى : ((الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)، وقال أيضا : ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )
ومبني على بعض لازم معنى لفظة ( سوء) في اللغة أيضا ، وهو القبح كما ذكرنا سابقا .
ومن جهة أخرى مبني على أن لفظة سوء جاءت نكرة مضافة إلى معرفة ،فتفيد العموم ، فتشمل كل أنواع القبح .
القول الرابع : وهو ما أفضى إليه حسابهم من السوء وهو العقاب ، وهو قول ذكره الماوردي .
وهذا القول مبني على بعض لازم الإضافة إلى الحساب ، فقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نوقش الحساب عذب قالت قلت أليس يقول الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال ذلك العرض)، فكان هذا القول على بعض لازم الحساب وهو العقاب ، أي أنه إذا حصل النقاش على الحساب كان العقاب ، لأن هناك نوع آخر من الحساب وهو حساب المؤمن وهو تقريره بذنوبه ، مع سترها له في الدنيا ومغفرته له .
ففي الحديث عن ابن عمَر رضي اللَّه عنهما قالَ: سمِعتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول: "يُدْنَى المُؤْمِنُ يَومَ القِيَامَةِ مِنُ رَبِّهِ حتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيهِ، فَيُقَرِّرَهُ بِذُنُوبِه، فيقولُ: أَتَعرفُ ذنبَ كَذا؟ أَتَعرفُ ذَنبَ كَذَا؟ فيقول: رَبِّ أَعْرِفُ، قَالَ: فَإِنِّي قَد سَتَرتُهَا عَلَيكَ في الدُّنيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَومَ، فَيُعطَى صَحِيفَةَ حسَنَاته "متفقٌ عَلَيهِ .
وقد قال الله تعالى أيضا في محكم التنزيل : (وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) .

القول الخامس : وهو التوبيخ والتقريع عند الحساب ، وهو قول ذكره ابن الجوزي والماوردي .
وهذا القول مبني على أنها من أساليب القرآن .
وهذا الحديث أخرجه سعيد بن منصور من طريق خلف بن خليفة عن رجل( مبهم ) عن إبراهيم ، وأخرجه ابن جرير في تفسيره (13/506) من طريق أبي عثمان والحجاج عن فرقد عن إبراهيم ، وأخرجه ابن جرير في تفسيره ( 13/508)و الواحدي في تفسيره ( 3/13) من طريق حماد بن سلمة عن فرقد عن إبراهيم ، وأخرجه أحمد بن مروان في المجالسة وجواهر العلم (1/422)عن خلف بن خليفة عن إبراهيم بلفظ آخر فقال : (قَالَ: يَأْخُذُ عَبْدَهُ بِالْحَقِّ.)، وأخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ( 6/1240)عن أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بلفظ ( يؤاخذ ) و( لايترك ) ، وأخرجه البغدادي في تاريخ بغداد ( 3/74) من طريق الجراح عن فرقد عن إبراهيم .
[مجمل تخريج قول إبراهيم:
أخرجه ابن وهب وابن جرير الطبري والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد من طريق فرقد عن إبراهيم النخعي به، وأخرجه أبو الشيخ كما في الدر المنثور للسيوطي.
ورواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة من طريق سعيد بن زيد عن أبي حمزة عن إبراهيم النخعي.
وروى سعيد بن منصور من طريق خلف بن خليفة، عن رجل عن إبراهيم أنه قال في معنى (سوء اللحساب): أن يأخذ عبده بالحق، وكذا رواه أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي في المجالسة وجواهر العلم من دون واسطة بين خلف وإبراهيم.]

-فرقد صدوق غير أنه لين الحديث كثير الخطأ ( التقريب ، 2/108)، وقال عنه النسائي : ليس بثقة ،وقال البخاري في حديث : مناكير ، وضعفه ابن سعد ، ويعقوب بن شيبة ، وغيرهم .[تهذيب التهذيب ، 8/262].
وأما خلف بن خليفة فهو قال عنه الذهبي أنه لا بأس به .[سير أعلام النبلاء ،342/8]
الدراسة والترجيح :
أن هذه الأقوال كلها صحيحة للكافر فلا يغفر له شيء عند الحساب ، أما المؤمن إن حوسب فإنه هناك من الذنوب التي يقرره الله بها ثم يغفرها له ، و هناك من الذنوب التي يعذب عليها ثم يخرج من النار إلى الجنة ، إلا الشرك فإن الله لا يغفر صاحبها ، كما قال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )، وهي أيضا من أساليب القرآن التي فيها التقريع والتوبيخ ، ومثله قوله تعالى : ( سوء العذاب ) (وساءت مصيرا) ، الخ .
[من الجيد عند دراسة هذا القول بيان أن التعبير بـ " سوء الحساب" ورد في موضعين من القرآن الكريم، كلاهما في سورة الرعد، أحدهما فيه بيان خوف المؤمنين من سوء الحساب، والثاني فيه بيان أن سوء الحساب جزاء من لم يستجب لله عز وجل]


التقويم: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 30 جمادى الأولى 1441هـ/25-01-2020م, 11:20 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مضاوي الهطلاني مشاهدة المشاركة
قول زرّ بن حبيش: الظنين: المتهم. وفي قراءتكم: (بضنين) والضنين: البخيل، رواه ابن جريرو الفراء من طريق عاصم عنه
وأخرجه عبد بن حميد عن زر بن حبيش ذكره السيوطي في الدر المنثور .
توجيه قول زر بن حبيش :
هذه اللفظة وردت فيها قراءتان بالظاء والضاء ولكل قراءة معنى يختلف(بظنين ) بمتهم بما يبلغ من الوحي ، فقد اتهموه بأنه من عند غير الله ويعلمه بشر فنفى الله عنه هذه التهمة ، (بضنين) بمعنى بخيل أي لا يبخل عليكم بتبليغ هذا الدين بل يبذله لكل أحد.
الأقوال في الآية:
وردت قراءتان للآية
(بضنين) قراءة عامة قراء المدينة والكوفة
الأقوال في معناها:
غير بخيل: رواه ابن جرير في تفسيره عن زر بن حبيش من طريق عاصم عنه
وعن إبراهيم النخعي من طريق المغيرة عنه
وعن مجاهد من طريق أبي نجيح عنه
1- (بظنين) قرأ بها ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي
-الأقوال في معناها:
-بمتهم : رواه ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس ، من طريق الضحاك عنه ،ورواه عن سعيد بن جبير من طرق عن أبي المعلى عنه ،وعن إبراهيم النخعي من طريق المغيرة ، وعن الضحاك من طريق عبيد ،وعن زر بن حبيش من طريق عاصم
وأخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود ، ذكره السيوطي في الدر المنثور
-قيل: بضعيف تقول العرب للرجل الضعيف: هو ظنون وقولهم: بئر ظنون إذا كانت قليلة الماء، قاله بعض أهل العربية ذكره الطبري
الترجيح : اختلف أهل العلم بترجيح أحدى القراءتين
- منهم من رجح القراءة بالضاد وحجتهم في ذلك أنها توافق رسم المصحف وممن رجح ذلك ابن جرير ومنهم من رجح القراءة بالظاء وهي التي بمعنى بمتهم لأن قريش لم تصف محمد صلى الله عليه وسلم بالبخل وإنما كذبته واتهمته بأن القرآن ليس من عند الله فنفى الله عنه هذه التهمة . وممن رجح هذه القراءة أبو عبيد
والراجح أن كلا القولان صحيح فهما قراءتان متواترة ومعناهما صحيح. وكذلك القول الثالث لا يعارض الأقوال الأخرى . [من المهم هنا التفصيل في توضيح علة القول بترجيح إحدى القراءاتين، فمن كانت حجته رسم المصحف نقول أن القراءات المتواترة أغنى تواترها عن شرط رسم المصحف كما ذكر ذلك ابن عاشور في تفسيره، ومساعد الطيار في شرحة مقدمة التسهيل، ومن كانت حجته أن قريش لم تصف النبي صلى الله عليه وسلم بالبخل فنبين تكامل معنى الآية في نفي أي نقص في تبليغ الرسالة من كل ناحية، فنفت عنه البخل، والتهمة، والضعف عن تحمل أعباء الرسالة.
والمفسرون المتقدمون معذورون عند ترجيح قراءة على أخرى لعدم اشتهار أمر تواتر القراءات في زمانهم، أما الآن وبعد استقرار الأمر وتأليف المؤلفات في ذلك فلا يصح رد قراءة صحيحة أو ترجيح قراءة صحيحة على أخرى]
.......................................................

قول أبوالعالية ، في تفسير قوله تعالى :"إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم"؟ قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم.
رواه عنه ابن جرير من طرق عن أبي داوود ابن أبي هند [وروا ابن المنذر وابن أبي حاتم أيضًا بلفظ مقارب]
الأقوال في معنى الآية :
-القول الأول : اليهود كفروا بعيسى والإنجيل ثم ازدادوا كفراً بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن، لن تقبل توبتهم عند موتهم , أي إذا بلغت الحلقوم فالتوبة لا تقبل عند الحشرجة ،قاله قتادة رواه عبد الرزاق في مصنفه من طريق معمر و ابن جرير في تفسيره من طريق سعيد و أبي جعفر ومعمر ورواه ابن جرير عن عطاء الخرساني من طريق معمر ،ورواه ابن جرير عن الحسن من طريق عباد بن منصور ، ورواه ابن أبي حاتم عن قتادة من طريق شيبان وطريق سعيد ،و أخرجه عبد بن حميد ذكره السيوطي في الدر المثور
التوجيه:
قال ابن عطية: وفي هذا القول اضطراب، لأن الذي كفر بعيسى بعد الإيمان بموسى ليس بالذي كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، فالآية على هذا التأويل تخلط الأسلاف بالمخاطبين [وهل من رد على ذلك؟]
-االقول الثاني :الذين كفروا من أهل الكتاب بمحمد صلى الله عليه وسلم لما رأوه وهم قد آمنوا بصفته ونعته من قبل ثم إزدادوا كفرا بذنوب وقعوا فيها من الإفتراء والسعي على الإسلام ،لن تقبل توبتهم من تلك الذنوب وهم مقيمون على الكفر ،لو آمنوا قبلت توبتهم، تابوا من بعض، ولم يتوبوا من الأصل. قاله أبو العالية رواه ابن جرير من طرق عن داوود ورواه ابن أبي حاتم ، واخرجه عبد بن حميد و ابن المنذر ذكره السيوطي في الدر المنثور [تفسير ابن المنذر لسورة آل عمران موجود]
القول الثالث: اليهود والنصارى الذين آمنوا برسلهم ثم حرفوا كتبهم من بعدهم ، ثم ازدادوا كفرا، أي : ثبتوا و أقاموا على أمرهم وما هم عليه من الكفر والطغيان حتى هلكوا عليه، فزيادة كفرهم هو ثباتهم على الكفر فلا يقبل لهم توبة عند غرغرة الروح و يدخل في هذا القول المرتدون، قاله مجاهد وقال السدي وعكرمة وابن جريج نحوه. رواه ابن جريروابن أبي حاتم عن السدي وقال ونحوه عن مجاهد
القول الرابع: نزلت في قوما أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا} الآية أخرجه البزار عن ابن عباس ذكره السيوطي في الدر المنثور ثم قال : هذا خطأ من البزار
وذكر البغوي نحوه في تفسيره عن الكلبي، لكنه لا يصح فهو معلق، ومع تعليقه. الكلبي هو محمد بن السائب متروك كذاب فالخبر لا شيء.
الترجيح:
القول الأول رد عليه ابن عطية والرابع خطأ من البزار كما ذكر السيوطي [ومع ذلك فقد ذكره ابن كثير وقال إسناده جيد]
والقول الثاني والثالث لا يتعارضان ، فمن كفر بعد إيمانه وزاد كفرا على كفره بكفره بمحمد صلى الله عليه وسلم وكيده للإسلام ‘فلن تقبل توبته مع أن الله تعالى ذكر في كتابه (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ)لأنه كان مصر على كفره وثابت عليه إلى وقت موته عند غرغرة الروح فهنا لا تقبل التوبة.
ومما يؤيد هذا الترجيح سياق الآية قال بعدها (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَىٰ..)
[يفضل الفصل بين المسائل؛ فلدينا هنا ثلاث مسائل:
الأولى: المراد بالذين كفروا
الثانية: المراد بزيادة الكفر:
الثالثة: علة عدم قبول التوبة:
والسبب هو أن بعض السلف اقتصر في قوله على بعض هذه المسائل دون بعض، فمن الخطأ أن نسوق الجميع بمساق واحد وننسبه إليهم، ولم ينص عليه في قولهم]

....................................
قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال :الرفيق في السفر .
رواه ابن جرير في تفسيره والثوري وعبدالرزاق [من طريق؟]
الأقوال في الآية :
القول الأول : الرفيق أو الصاحب في السفر ،رواه ابن جرير عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة وعكرمة والسدي والضحاك ، ورواه الثوري في تفسيره عن سعيد بن جبير ،ورواه عبد الرزاق في تفسيره عن سعيد بن جبير و مجاهد ، رواه ابن أبي حاتم عن مجاهد وعكرمة وابن عباس وزيد بن أسلم ،وأخرجه ابن المنذر عن ابن عباس ذكره السيوطي في الدر المنثور وأخرجة البيهقي في شعب الإيمان وابن رجب في تفسيره عن ابن عباس ،وروى ابن جرير عن علي وعبدالله :الرفيق الصالح ورواه ابن أبي حاتم وذكره ابن رجب الحنبلي في تفسيره عن سعيد بن جبير [فرقي بين الألفاظ لاختلافها في المعنى، مع بيان القائل بكل لفظ.
والآية وإن كانت تحتمل جميع الأقوال لكن بيان اختلاف الأقوال هنا يبين أنها داخلة في معنى الآية]

القول الثاني : امرأة الرجل ،قاله علي وعبد الله رضي الله عنهما رواه ابن جرير من طرق عن جابر عنهما ، ورواه عن ابن عباس وابن أبي ليلى ، وإبراهيم النخعي ، ورواه ابن أبي حاتم عنهم [هذا يفيد أنه رواه عنهم جميعًا !] ، وذكر هذا القول ابن رجب ولم ينسبه، و وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن علي ذكره السيوطي في الدر المنثور
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود ذكره السيوطي في الدر المنثور [تفسير ابن المنذر لسورة النساء متوفر، ومعجم الطبراني مطبوع أيضًا]
القول الثالث : الذي يلصق بالرجل رجاء نفعه وخيره. قاله ابن عباس وابن زيد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيره وذكره ابن رجب في تفسيره
القول الرابع : الغريب ، قاله أبوعبيدة في كتاب المجاز ذكره ابن حجر في فتح الباري وقال إنه خولف في ذلك [جاء هذا في تفسير {الجار الجنب} للتفريق بينه وبين {والجار ذي القربى}]
الراجح:
لا تعارض بين هذه الأقوال عدا قول أبو عبيدة فهو مخالف للأقوال الأخرى
[ما وجه الجمع بين الأقوال؟ فبيانه من تمام تحريرك للمسألة]
................
قول ابن المسيب في قوله تعالى : :"ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي"، قال: إنما ذاك في الصلاة. رواه ابن جرير في تفسيره من طريق مجاهد عنه [من طريق ابن جريج قال أخبرني عبد الله بن كثير عن مجاهد عنه]
الأقوال في معني الآية:
القول الأول: الصلوات المكتوبة، رواه ابن جريروابن أبي حاتم عن ابن عباس وإبراهيم النخعي وعن مجاهد ورواه ابن جرير عن الضحاك والحسن وعبد الله بن عمر، وعن عبد الرحمن بن أبي عمرة وعن عامرو وعن سعيد بن المسيب في رواية عند ابن جرير وابن أبي حاتم زاد مجاهد وقتادة صلاة الصبح والعصر، وروى ابن أبي حاتم عن عمرو بن شعيب العشاء.
القول الثاني: ذكر الله تعالى: رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي عن طريق المغيرة [عنه] ورواه ابن جرير عن منصور
القول الثالث: قراءة القرآن وتعلمه، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن إبي جعفر عن طريق جابر[عنه].
القول الرابع: عبادتهم ربهم، رواه ابن جرير عن الضحاك ورواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة عنه
الترجيح:
لا تعارض بين هذه الأقوال فالدعاء يأتي بمعنى دعاء العبادة كالذكر والثناء على الله باللسان ، ودعاء مسألة قال تعالى :(وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين، [سورة غافر: 60] . وكل عبادة يقوم بها العبد تتضمن الدعاء لأنه يقوم بها وهو يرجي ثوابها وقد يراد به ذكر الله هو دعاء العبادة .
...........................

قال إبراهيم النخعي: "سوء الحساب"هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يغفر له منه شيء. رواه ابن وهب و ابن جريرمن طريق فرقد
[التخريج ناقص]
الأقوال في الآية:
-القول الأول :المناقشة في الأعمال ، رواه عبد الرزاق في تفسيره وابن جريرعن أبي الجوزاء من طريق عمرو بن مالك أخرجه ابن أبي شيبة و وابن المنذر وأبو الشيخ ذكره السيوطي في الدر المنثور
[رواه عبد الرزاق في تفسيره، وابن أبي شيبة في مصنفه، وابن جرير في تفسيره، وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في الدر المنثور للسيوطي].
القول الثاني :أن لا يتجاوز لهم عن شيء، رواه ابن جرير عن شهر بن حوشب وإبراهيم النخعي من طريق فرقد ورواه عن ابن زيد
،ورواه ابن وهب عن إبراهيم من طريق فرقد ، وأخرجه ابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن ذكره السيوطي في الدر المنثور
القول الثالث: شدة العذاب ، تنوير المقباس من تفسير ابن عباس [بالرجوع للأثر الوارد عن ابن عباس، وقد رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق؛ فلم يرد فيه هذا اللفظ]
[بقي قول للزجاج في معاني القرآن فيُرجى مراجعته]
الراجح:
لا تعارض بين الأقوال ، فإن المناقشة تدل على شدة العذاب وأنه لا يتجاوز لهم عن شيئ يؤيده حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري
عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نوقش الحساب عذب قالت :قلت :أليس يقول الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال ذلك العرض.
[راجعي التعليق على الأخت هيا]
والله أعلم

بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
اعتني بتوجيه الأقوال ودراستها؛ بالاطلاع على التفاسير التي تعتني بذلك، ودراسة ألفاظ الآية نفسها ففيها بيان توجيه بعض الأقوال والتي تساعدك على الجمع بين الأقوال أو الترجيح بينها، وكلما توسعت في الاطلاع كلما أفادكِ هذا في دراسة الأقوال بإذن الله
التقويم: ب+
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 2 جمادى الآخرة 1441هـ/27-01-2020م, 02:19 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بدرية صالح مشاهدة المشاركة
خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).
قوله تعالى :( بظنين). لها قراءتان عند القراء ..
القول الأول : بقراءة (بظنين ) بالظاد وهو المتهم ،قراءة أهل مكة والبصرة والكسائي بالظاء ، وقراءة ابن عباس ، قولاً عن ابن عباس وعن عاصم بن زر ، وقولاًعن سعيد بن جبير ، وإبراهيم [ما مصدركِ في تخريج القراءات؟، ينبغي أن يكون من كتب القراءات] ]
قول ابن عباس : رواه الطبري عن [من] طريق جُوَيْبِرٍ، عن الضحَّاكِ، عن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّهُ قَرَأَ: (بِظَنِينٍ) قالَ: ليْسَ بِمُتَّهَمٍ.
قول عاصم بن زر [عاصم عن زر] : رواه ابن جرير ثَنَا سُفيانُ، عنْ عاصِمٍ، عنْ زِرٍّ: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ)، قالَ: الظَّنِينُ المُتَّهَمُ.
وأخرجه ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهْرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ عاصِمٍ، عنْ زِرٍّ: [هذا إسناد ابن جرير]
[التخريج، نجمع الطرق، ونعين مخرج الأثر إن توفر - كما في هذا المثال- ونقول: رواه الفراء في معاني القرآن وابن جرير الطبري من طريق عاصم عن زر بن حبيش، قال: " ..... " واللفظ لـابن جرير الطبري، إن كان هناك اختلاف جوهري في المعنى بين الروايتين ننص عليه، كأن نقول: وفي رواية الفراء " ... "]
قول سعيد بن جبير :
رواه ابن جرير الطبري قولاً عن شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْمُعَلَّى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ:
قول ابراهيم : رواه ابن جرير الطبري قولاً عن خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا الْمُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ.
القول الثاني : قراءة قرّاء المدينة والكوفة ( بِضَنِينٍ ) بالضاد وقراءة ابن عباس وابن مسعود ، أي ببخيل وهو قول مجاهد
تفسير مجاهد أنبأ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: ثنا آدَمُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: 24] يَعْنِي بِبَخِيلٍ، يَقُولُ: «لَا يَضِنُّ عَلَيْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ» [هذا إسناد عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني إلى مجاهد، وعبد الرحمن راوي كتب، وتفسير مجاهد لا يصح نسبته إليه، وإنما الأصح أنه تفسير آدم بن أبي إياس]
القول الثالث : بضعيف سماعاً عن الضحاك بانه قال :تأول أهل العربية قول بضعيف. [التقسيم بداية كان على القراءات، وليس على معنى الكلمة، وضعيف أحد الأقوال في معنى قراءة " بظنين" ولتنظيم العرض، يحسن التصنيف بداية على القراءات كما فعلتِ، ثم تحت كل قراءة نذكر الأقوال في معناها، ثم نبين وجه الجمع بينها]
رواه ابن جرير الطبري قال حدثت عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ …
التوجيه :
قال القرطبي وقيل : بظنين : بضعيف . حكاه الفراء والمبرد ; يقال : رجل ظنين : أي ضعيف . وبئر ظنون : إذا كانت قليلة الماء ; قال الأعشى :
ما جعل الجد الظنون الذي جنب صوب اللجب الماطر..
[لديكِ كتب الفراء، فلا حاجة للنقل من القرطبي]
الدراسة. :
من المفسرين من رجح القراءة بالظاء بقوله (بظنين ) ، ومنهم من رجحها بالضاد ، وكلا القراءتين لها معنى صحيح ومناسب لهذا المقام .
قال الالوسي : ورجحت هذه القراءة ، لأنها أنسب بالمقام ، لاتهام الكفرة له صلى الله عليه وسلم بذلك ، ونفى التهمة ، أولى من نفى البخل
فالراجح : هو قول ظنين وضنين سواء ، لاتعارض بينهما، وكلاهما متواتر تعطي معنى ومدلول صحيح ، فلا رسولنا الكريم بمتهم بما يخبرهم عن الأنباء ، ولاهو ببخيل بتعليمهم بما ينفعهم في دينهم ودنياهم. .
قال سفيان بن عيينة : ظنين وضنين سواء أي ما هو بكاذب وما هو بفاجر والظنين المتهم والضنين : البخيل .
قال القرطبي : واختاره أبو عبيد [أبو عبيد اختار قراءة "بظنين" وكلامكِ فوق قول القرطبي مباشرة في بيان أن كلا القراءتين صحيحتان، فيفهم من هذا اختيار أبي عبيد للجمع بين القراءتين، وهذا غير صحيح] ; لأنهم لم يبخلوه ولكن كذبوه ; ولأن الأكثر من كلام العرب : ما هو بكذا ، ولا يقولون : ما هو على كذا ، إنما يقولون : ما أنت على هذا بمتهم .
قال ابن جرير الطبري : وَأَوْلَى القراءَتَيْنِ في ذلكَ عندِي بالصَّوابِ: ما عليهِ خُطُوطُ مصاحِفِ المُسْلِمِينَ مُتَّفِقَةً، وإِن اخْتَلَفَتْ قِرَاءَتُهم بهِ، وذلكَ {بِضَنِينٍ} بالضادِ؛ لأنَّ ذلكَ كلَّهُ كذلكَ في خُطُوطِهَا.
وقال : فإذا كانَ ذلكَ كذلكَ، فَأَوْلَى التأويلَيْنِ بالصوَابِ في ذلكَ تأويلُ مَنْ تأوَّلَهُ: وما مُحَمَّدٌ على ما عَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ وَحْيِهِ وتَنْزِيلِهِ بِبَخِيلٍ بتَعْلِيمَكُمُوهُ أيُّها الناسُ، بلْ هوَ حريصٌ على أنْ تُؤْمِنُوا بهِ وتَتَعَلَّمُوهُ).

2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك فمنهم من قال :
القول الأول : من كفر ببعض الأنبياء قبل مبعث محمد ، ثم ازداد كفراً بعد بعثه صلى الله عليه وسلم ، وهو قول الحسن وقتادة
قول الحسن : رواه الطبري حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، قال: حدّثنا عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن،
قول قتادة : روى الطبري من طرق عن قتادة حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة ....، ورواية أخرى عن عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة ...
القول الثاني : الذين كفروا من أهل الكتاب بمحمد بعد إيمانهم بأنبيائهم وازدادوا ذنوباً مع كفرهم ، قول أبي العالية
قول أبي العالية : رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن داود، قال: سألت أبا العالية...
القول الثالث : أنّ الّذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم، وازدادوا عليه وهم مقيمون حتى هلكوا ، فلن ينفعهم توبتهم الأولى ولاإيمانهم الأول. قاله مجاهد [قول مجاهد فيه بيان علة عدم قبل التوبة وهو هلاكهم على الكفر، ثم عقب ابن جريج بعد روايته لقول مجاهد وذكر المراد بالتوبة في الآية]
قول مجاهد : رواه ابن جرير الطبري حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهد ....
القول الرابع : ازدادوا كفرا فماتوا كفار فلن تقبل لهم توبة ، قاله السدي
قول السدي : رواه ابن جرير وابن أبي حاتم قال : حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ … [إسناد أي منهما؟ ابن جرير أو ابن أبي حاتم؟]
الدراسة والترجيح :
جميع هذه الأقوال صحيحة ، وسياق الآيات تبين التوبة وبعض أصناف الناس فيها ، ولعل أقربها للسياق هو من قال :هم قوموا ارتدوا عن الإسلام ودخلوا في الكفر ، ولم يحققوا التوبة وظلوا مقيمون الكفر حتى اداركهم الموت فلن تقبل لهم توبة .. [لماذا عددتِ هذا أقربها للسياق، وكلام ابن جرير أدناه يشير إلى أن الآيات في اليهود، فأي القولين اختياركِ أنتِ؟]
قال أبو العالية: هؤلاء قوم أظهروا التوبة ولم يحققوا.
قال أبو جعفرٍ: وأولى هذه الأقوال بالصّواب في تأويل هذه الآية قول من قال: عنى بها اليهود، وأن يكون تأويله أنّ الّذين كفروا من اليهود بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم عند مبعثه بعد إيمانهم به قبل مبعثه، ثمّ ازدادوا كفرًا بما أصابوا من الذّنوب في كفرهم ومقامهم على ضلالتهم، لن تقبل توبتهم من ذنوبهم الّتي أصابوها في كفرهم، حتّى يتوبوا من كفرهم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ويراجعوا التّوبة منه بتصديق ما جاء به من عند اللّه.

3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بذلك فقالوا :
القول الأول : الرفيق بالسفر. قول ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وقتادة والسدي والضحاك وزيد بن أسلم. [على اختلاف في اللفظ، فقد تعدد الروايات ما بين إطلاق لفظ الرفيق وبين تقييده بأمور إحداها السفر، ومن الجيد هنا التنبيه على هذا الاختلاف]
قول ابن عباس : أخرجه ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب قولاً عن معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ … [هذا التخريج منسوخ من الدر المنثور للسيوطي ثم أضيف له الطريق، وسبق التنبيه أنه لا يصح نسخ التخريج، لأننا بشر وكلنا معرضون للخطأ، فإذا أخطأ السيوطي في تخريجه فهذا يعني تكرار خطئه، وإذا كانت الكتب متوفرة فما الداعي لنقل التخريج؟؟
لفظ ابن جرير غير لفظ ابن أبي حاتم، فلفظ ابن أبي حاتم " الرفيق" دون التقييد بالسفر، وإسناد ابن المنذر إلى ابن عباس ليس من نفس طريق البقية]

قول سعيد ابن جبير : رواه عبدالرزاق وابن جرير قولاً عن سفيان، عن أبي بكيرٍ قال: سمعت سعيد بن جبيرٍ …
ورواه أبو حذيفة من طريق سفيان [الثوري] عن مورقٍ أو مرزوقٍ مولى الشّعبيّ عن سعيد بن جبيرٍ … [نقول: رواه سفيان الثوري في تفسيره، لأن أبا حذيفة إنما يروي كتاب تفسير الثوري] [ونختصر التخريج: رواه سفيان الثوري وعبد الرزاق وابن جرير من طريق أبي بكير عن سعيد به]
قول مجاهد : رواه عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة وابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ …
ورواه ابن أبي حاتم قولاً عن عقبة، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ وعكرمة ....
قول قتادة : رواه ابن جرير وابن أبي حاتم قولاً عن يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة…
قول السدي : رواه ابن جرير قولاً عن أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ ………
قول الضحاك : رواه ابن جرير قولاً عن هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك …
قول زيد بن أسلم : أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن إبراهيم بن حمزة، ثنا حاتم بن أبي عجلان، عن زيد ابن أسلم …
القول الثاني : امرأة الرّجل الّتي تكون معه إلى جنبه. قول علي وعبدالله وابن عباس وابراهيم
قول علي وعبدالله : رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو حذيفة قولاً عن سفيان، عن جابرٍ، عن عامرٍ أو القاسم، عن عليٍّ، وعبد الله …
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن علي ...
وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود مثله ...
قول ابن عباس : رواه ابن جرير قولاً عن محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ …
قول ابراهيم : رواه ابن جرير وعبدالرزاق من طرق عن أبي الهيثم، عن إبراهيم ..، وفي سنن سعيد بن منصور عن طريق عبد اللّه بن المبارك، عن محمّد بن سوقة، عن إبراهيم -
القول الثالث : الّذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك. قول ابن عباس وابن زيد
قول ابن عباس : رواه ابن جرير قولاً عن الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ …
قول ابن زيد : رواه ابن جرير قولاً عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ…
الدراسة والترجيح :
تأويل هذه الآية بالمعنى اللغوي هي تخص كل من جانب شخص ولازمه ، فيدخل فيها صاحب السفر والمرأة وكل من لازم شخص رجاء نفع ومصلحة ، فجميعهم من أوصى بهم الله سبحانه وحث على ملازمتهم لحق الصاحب على المصحوب.
قال الأخفش في معاني القرآن : ( الصّاحب بالجنب} فمعناه: "هو الذي بجنبك"، كما تقول "فلان بجنبي" و"إلى جنبي").
والراجح أن جميع هذه المعاني تحتمل هذا المعنى ، وهم معنيون به .
قال ابن جرير : الصّاحب بالجنب محتملا جميع هذه المعاني ، فكلّ من جنب رجلاً يصحبه في سفرٍ أو نكاحٍ أو انقطاعٍ إليه واتّصالٍ به، ولم يكن اللّه جلّ ثناؤه خصّ بعضهم ممّا احتمله ظاهر التّنزيل؛ فالصّواب أن يقال: جميعهم معنيّون بذلك، وبكلّهم قد أوصى اللّه بالإحسان إليه).
4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
اختلف أهل التّأويل في هذا الدعاء :
القول الأول : الصلوات الخمس . قول ابن عباس وابراهيم ومجاهد والضحاك وقتادة وعبدالله بن عمر وعبدالرحمن بن أبي عمرة وعامر
قول ابن عباس : رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم قولاً عن معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ …
قول إبراهيم : رواه ابن جرير قولاً عن الحجّاج بن المنهال، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن أبي حمزة، عن إبراهيم … ، ورواية أخرى عن هنّاد بن السّريّ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا ابن فضيلٍ، عن الأعمش، عن إبراهيم …
قول مجاهد : رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من عدة طرق عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ …
قول الضحاك : رواه ابن جرير قال : حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك ….
قول قتادة : رواه ابن جرير قولاً عن بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة …
قول عبدالله بن عمر : رواه ابن جرير قولاً عن محمّد بن عجلان، عن نافعٍ، عن عبد اللّه بن عمر…
قول عبدالرحمن بن أبي عمرة : رواه ابن جرير فقال :حدّثنا وكيعٌ، عن أبيه، عن منصورٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي عمرة…
قول عامر : رواه ابن جرير قولاً عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن عامرٍ ..
القول الثاني : أهل الذكر. . قول إبراهيم
قول إبراهيم : رواه ابن أبي شيبة ،وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن منصورٍ، عن إبراهيم …
القول الثالث : بل كان ذلك تعلّمهم القرآن وقراءته.قول أبي جعفر
قول أبي جعفر : رواه ابن جريروابن أبي حاتم قولاً عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن أبي جعفرٍ …
القول الرابع : بدعائهم ربّهم عبادتهم إيّاه. قول الضحاك
قول الضحاك : رواه ابن جرير قولاً عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك …
الدراسة والترجيح :
الأقوال جميعها لاتعارض بينها ،فجميع ماذكر تصدق عليه معنى هذه الآية ، فقد جاء لفظ الدعاء في مواطن عديدة، يكون المعنى فيه حسب سياق الآية ..
وأساس هذه الأمور جميعها لايكون إلا بتوحيد الله وإفراده بالعبادة.
و خصا البكرة والعشي بذلك لأنه الغالب فيهما الشغل عند الناس ، ويغلب في هذا الوقتين الدعاء والذكر ...
[اقرأي الملحوظات على الأخوات أعلاه، وبعض الملحوظات المتعلقة بالتخريج مكررة]
5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
رواه عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ عن عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن فرقد عن إبراهيم ………
ورواه الطبري قولاً عن عفّان، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن فرقدٍ، عن إبراهيم…
وفي رواية أخرى عن ابن جرير عن ابن سنانٍ القزّاز، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن الحجّاج، عن فرقدٍ، قال: قال لي إبراهيم ……… [نحدد مخرج الأثر كما سبق بيانه في المثال الأول، واقرأي التعليق على الأخوات أعلاه]
وقيل : المناقشة بالأعمال ، رواه عبدالرزاق وابن جرير الطبري عن جعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك قال سمعت أبا الجوزاء …
وقيل التوبيخ والتقريع : كما ذكره ابن الجوزي وهي تدخل في المناقشة . [ من لازم المناقشة]
الدراسة والترجيح :
سياق هذه الآية للذين لم يستجيبوا لله والرسول ، فلم تنفعهم اعمالهم ، وعرضوا على الحساب ونوقشوا فيه ..
فسوء الحساب يكون بالمناقشة واستيفاء العبد لكل حقوقه؛ فالله سبحانه منزه عن الظلم ، فمن نوقش الحساب لقي العذاب ، ولعل من استدل بحديث ( من نوقش الحساب عذب} ، فهو يخص صنف من خلطوا عمل صالح وعمل سيء وهو مؤمن ، فهم يعذبون حسب ذنبهم ، حتى يلقوا الله سبحانه ماعليهم من ذنب.
فالكافر يناقش ويعذب على كل صغيرة وكبيرة ، ولن تنفعه أعماله الحسنة ، طالما مات على الكفر ..فمن نوقش ناله التوبيخ والتقريع ، وعذب على حسب عمله ولايظلم فتيلا.
قال ابن كثير:يناقشون على النقير والقطمير ...
فالراجح أنه لاتعارض بين هذه الأقوال ،فهي مكملة لبعض ، ودلالة اللفظ تشير لهذا المعنى . والله اعلم.
اعتذر عن عدم التنسيق لضيق الوقت ، وكذلك لتخريجي جميع الأقوال باجتهاد مني ، لم ألحظ انه غير مطلوب إلا نهاية التطبيق ، ولعله يستفاد منه بحول الله بعد التصحيح .
[وللزجاج قول آخر لم تذكريه، واقرأي التعليق على الأخوات أعلاه]

أحسنتِ، بارك الله فيكِ.
واصلي التدرب على التخريج، وأنصحكِ بأن تقومي كل يوم بتخريج قول واحد، اختاري آية من وردكِ اليومي، وابحثي عن مسألة ما تريدين معرفة جوابها في هذه الآية، واختاري قولا واحدًا فيها، ثم قومي بتخريجه بصورة صحيحة وصياغة صحيحة، مع التأني في البحث والصياغة.
وواصلي القراءة في التفاسير، ليكن لكِ ورد يوم من أحد التفاسير التي تعتني بالتحرير العلمي، ومناقشة الأقوال، حتى تنمو عندكِ ملكة التعبير وتوجيه الأقوال، من خلال محاكاة أسلوب المفسر الذي ستختارينه، لن أفرض عليكِ واحدًا منها فاختاري الأنسب إليكِ، على سبيل المثال: تفسير ابن عطية، تفسير ابن كثير، أو إن أردنا التوسع تفسير الطبري.
هذه المهارات تحتاج صبر والكثير من التدرب، وتأتي على مدى الأيام والشهور والسنوات، فاصبري وصابري، رزقنا الله جميعًا العلم النافع والعمل الصالح.
التقويم: ج
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 2 جمادى الآخرة 1441هـ/27-01-2020م, 02:39 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء احمد مشاهدة المشاركة
1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).
رواه عنه ابن جرير من طريق عاصم . [ورواه الفراء من طريق عاصم عن زر بلفظ مقارب]
عاصم من الطبقة الثالثة ،وثقه أبو زرعة وجماعة ،وقال عنه أبو حاتم :محله الصدق ،وقال عنه الدار قطني :في حفظه شيء.
وقال بقول زر بن حبيش :ابن عباس وابن الزبير وسعيد بن جبير وإبراهيم في أحد القولين عنه.
القراءات الواردة في هذه اللفظة :
1-(بظنين )قرأ بها بعض المكيين وبعض البصريين وبعض الكوفيين ، بمعنى أنه غير متهم فيما يخبرهم عن الله من الأنباء.
2- (بضنين ) وقال بذلك : ابن مسعود وابن عباس في أحد القولين عنه وإبراهيم ومجاهد وقتادة وسفيان .
وقرأ بهذه القرّاءة قرّاء المدينة والكوفة وهي بمعنى أنه غير بخيل عليهم بتعليمهم ما علَّمه الله، وأنزل إليه من كتابه.
وقيل: معناه بضعيفِ القوةِ عن التبليغ مِنْ قولِهم: «بئرٌ ظَنُوْنٌ» ، أي: قليلةُ الماءِ. [هذا على قراءة {بظنين} فالأولى عرض القراءات ومن ثم عرض الأقوال في معنى كل قراءة ثم بيان وجه الجمع بينها]
تأول هذا القول بعض أهل اللغة وضعفه الطبري رحمه الله . [الطبري رجح قراءة " بضنين" على القراءة الأخرى، وإلا فهو لم يرد هذا القول كمعنى لكلمة " بظنين " والطبري مخطئ في ترجيحه بين القراءات الصحيحة وهو معذور في هذا لأن أمر القراءات لم يشتهر في عصره]
توجيه قراءة زر بن حبيش:
قراءة (بظنين ) نَظِيرُ وصْفِهِ بِأمِينٍ، ورَجَّحَ أبُو عُبَيْدٍ قِراءَةَ الظاءِ مُشالَةً لِأنَّ قُرَيْشًا لَمْ تُبَخِّلْ مُحَمَّدًا ﷺ فِيما يَأْتِي بِهِ وإنَّما كَذَّبَتْهُ فَقِيلَ ما هو بِمُتَّهَمٍ. [مع بيان توجيه المعنى من كلام أهل اللغة، ودلالة حرف الجر " على "]
الترجيح :
ليس بين القراءتين تضاد لأن كليهما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمله الرسم العثماني [رسم الضاد يختلف عن رسم الظاء وإن كان محتملا له، ورغم هذا فإن تواتر قراءة " بظنين " أغنى عن شرط موافقة الرسم] ،فقراءة (بضنين )بالضاد ثبتت عن جمهور الصحابة رضي الله عنهم ، فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَلى مَعْناهُ الحَقِيقِيِّ، أيْ: وما صاحِبُكم بِبَخِيلٍ أيْ: بِما يُوحى إلَيْهِ وما يُخْبِرُ بِهِ عَنِ الأُمُورِ الغَيْبِيَّةِ طَلَبًا لِلِانْتِفاعِ بِما يُخْبِرُ بِهِ بِحَيْثُ لا يُنْبِئُكم عَنْهُ إلّا بِعِوَضٍ تُعْطُونَهُ، وذَلِكَ كِنايَةٌ عَنْ نَفْيِ أنْ يَكُونَ كاهِنًا أوْ عَرّافًا يَتَلَقّى الأخْبارَ عَنِ الجِنِّ إذْ كانَ المُشْرِكُونَ يَتَرَدَّدُونَ عَلى الكُهّانِ ويَزْعُمُونَ أنَّهم يُخْبِرُونَ بِالمُغَيَّباتِ، قالَ تَعالى: ﴿وما هو بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ﴾ [الحاقة: 41] ﴿ولا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ﴾ [الحاقة: 42] فَأقامَ لَهُمُ الفَرْقَ بَيْنَ حالِ الكُهّانِ وحالِ النَّبِيءِ ﷺ بِالإشارَةِ إلى أنَّ النَّبِيءَ لا يَسْألُهم عِوَضًا عَمّا يُخْبِرُهم بِهِ وأنَّ الكاهِنَ يَأْخُذُ عَلى ما يُخْبِرُ بِهِ ما يُسَمُّونَهُ حُلْوانًا، فَيَكُونُ هَذا المَعْنى مِن قَبِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ ما أسْألُكم عَلَيْهِ مِن أجْرٍ﴾ [الفرقان: 57] ﴿وما أسْألُكم عَلَيْهِ مِن أجْرٍ﴾ [الشعراء: 109] ونَحْوِ ذَلِكَ.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ضَنِينٍ مَجازًا مُرْسَلًا في الكِتْمانِ بِعَلاقَةِ اللُّزُومِ؛ لِأنَّ الكِتْمانَ بُخْلٌ بِالأمْرِ المَعْلُومِ لِلْكاتِمِ، أيْ: ما هو بِكاتِمٍ الغَيْبَ، أيْ: ما يُوحى إلَيْهِ، وذَلِكَ أنَّهم كانُوا يَقُولُونَ ﴿ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذا أوْ بَدِّلْهُ﴾ [يونس: 15] وقالُوا ﴿ولَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتابًا نَقْرَؤُهُ﴾ [الإسراء: 93] .
كما قال ابن عاشور رحمه الله .[التحرير يكون بأسلوبكِ الخاص، وليس بالنقل عن المفسرين، وينقصه بيان معنى الآية بعد الجمع بين القراءتين من نفي كل معاني النقص عن تبليغ الرسالة]
2-قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق داوود أبي هند
[وابن المنذر بلفظ مقارب]
ابن داوود من الطبقة الخامسة، وثقه ابن حَنْبَل وابن معين والنسائي وغيرهم .
وورد في تفسير هذه الآية أقوال أخرى :
1- قوله :"إنّ الذين كفروا" ببعض أنبيائهم الذين بعثوا قبل محمد ﷺبعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرًا" بكفرهم بمحمد لن تقبل توبتهم"، عند حُضور الموت وحَشرجته بنفسه.
قاله الحسن وقتادة وعطاء الخرساني .
2-وقيل معنى ذلك: إن الذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم"ثم ازدادوا كفرًا"، يعني: بزيادتهم الكفر: تمامُهم عليه،(حتى هلكوا وهم عليه مقيمون “لن تقبل توبتهم"، لن تنفعهم توبتهم الأولى وإيمانهم، لكفرهم الآخِر وموتهم.
قاله :عكرمة .
3-وقيل معنى قوله:"ثم ازدادوا كفرًا"، ماتوا كفارًا، فكان ذلك هو زيادتهم من كفرهم. وقالوا: معنى"لن تقبل توبتهم"، لن تقبل توبتهم عند موتهم.
قاله :السدي .
[لاحظي الفرق بين الأقوال، لأنه لدينا ثلاثة مسائل يحسن الفصل بينهم، حتى لا ننسب للسلف ما لم يقولوه.
الأولى: المراد بالذين كفروا ...
الثانية: معنى زيادة الكفر.
الثالثة علة عدم قبول التوبة، أو معنى عدم قبول توبتهم
وتحريركِ يبنغي أن يستوفي هذه المسائل؛ فأما قول أبي العالية ففيه أن المراد بالذين كفروا هم اليهود والنصارى، ومعنى زيادة كفرهم أنهم أصابوا ذنوبًا بعد كفرهم، وعلة عدم قبول التوبة أنهم أرادوا التوبة من هذه الذنوب دون التوبة من الأصل فلم تقبل توبتهم لأنهم مستمرون على الضلالة.
وفي بعض أقوال السلف ذكر لبعض هذه المسائل دون بعض فلينتبه لذلك.]

الترجيح بين الاقوال:
رجح الطبري هذاالمعنى وهو :” إن الذين كفروا من اليهود بمحمد ﷺ عند مَبعثه، بعد إيمانهم به قبل مبعثه، ثم ازدادوا كفرًا بما أصَابوا من الذنوب في كفرهم ومُقامهم على ضلالتهم، لن تقبل توبتهم من ذنوبهم التي أصابوها في كفرهم، حتى يتوبوا من كفرهم بمحمد ﷺ، ويراجعوا التوبة منه بتصديقه بما جاء به من عند الله."وذلك لأن الآيات قبلها وبعدها فيهم نزلت، فأولى أن تكون هي في معنى ما قبلها وبعدها، إذ كانت في سياق واحد.
ورجح معنى ( لن تقبل توبتهم ) أي : لن تقبل توبتهم من ذنوبهم وهم على الكفر مقيمين ، لأن الله عز وجل قال : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا (48) فالله تعالى لا يقبل توبة الكافرين من ذنوبهم ماداموا مصرين على كفرهم .هذا والله أعلم .
[لا يصح الاعتماد على ترجيح ابن جرير الطبري فقط في المسألة بل ينبغي دراسة الأقوال ومناقشتها فربما الأصح هو الجمع بين الأقوال وإن كان أحدها أنسب للسياق لكن معنى الآية يحتمل العموم]
3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
أخرجه عنه عبد الرزاق وابن جرير والثوري من طريق أبي بكير .
وهو ثقة عابد من كبار الثالثة . [التوثيق في عدالته وليس ضبطه]
وروي هذا القول أيضا عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وعكرمة والسدي والضحاك .
ووردت أقوال أخرى في في المراد بذلك :
1-الرفيق الصالح ، قاله عبد الله وابن عباس وسعيد بن جبير .
2-امرأة الرجل التي تكون معه إلى جنبه ، قاله : عبد الله وعلي وابن عباس وَعَبَد الرحمن بن أبي ليلى وإبراهيم النخعي .
4-هو الذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك،قاله : ابن عباس وابن زيد
الترجيح بين الأقوال :
الصواب أن تدخل الاقوال جميعا في معنى الآية لأن:"الصاحب بالجنب"، هو الصاحب إلى الجنب، كما يقال:"فلان بجَنب فلان، وإلى جنبه".فيشمل هذا الرفيقُ في السفر، والمرأة، والمنقطع إلى الرجل الذي يلازمه رجاءَ نفعه، لأن كلهم بجنب الذي هو معه وقريبٌ منه. وقد أوصى الله تعالى بالإحسان إليهم جميعا .
4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
رواه عنه ابن جرير من طريق مجاهد .[من طريق ابن جريج قال أخبرني عبد الله بن كثير عن مجاهد عن سعيد به]
مجاهد من الطبقة الثانية ، وهو إمام ثقة .
وورد هذا القول أيضا عن ابن عباس وسعيد بن المسبب .
وجاء في المراد بذلك أقوال أخرى :
1-تعظيم القرآن ، قاله :أبو جعفر .
2-الذكر ، قاله :إبراهيم النخعي .
3-عبادة الله ، قاله الضحاك .
4-اَلْمُرادُ بِهِ صَلاةُ مَكَّةَ؛ الَّتِي كانَتْ مَرَّتَيْنِ في اليَوْمِ؛ بُكْرَةً؛ وعَشِيًّا، قاله الحسن بن أبي الحسن وهذا القول يدخل تحت قول سعيد بن المسيب.
5-أنَّهُ دُعاءُ اللَّهِ بِالتَّوْحِيدِ، والإخْلاصِ لَهُ، وعِبادَتِهِ، قالَهُ الزَّجّاجُ.
-سبب نزولها :
رَوى مُسْلِمٌ «عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ قالَ: كُنّا مَعَ النَّبِيءِ سِتَّةَ نَفَرٍ، فَقالَ المُشْرِكُونَ لِلنَّبِيءِ: اطْرُدْ هَؤُلاءِ لا يَجْتَرِئُونَ عَلَيْنا. قالَ: وكُنْتُ أنا، وابْنُ مَسْعُودٍ، ورَجُلٌ مِن هُذَيْلٍ، وبِلالٌ، ورَجُلانِ، لَسْتُ أُسَمِّيهِما، فَوَقَعَ في نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَقَعَ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى ﴿ولا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهم بِالغَداةِ والعَشِيِّ يُرِيدُونَ وجْهَهُ﴾ آهـ» . وسَمّى الواحِدِيُّ بَقِيَّةَ السِّتَّةِ: وهم صُهَيْبٌ، وعَمّارُ بْنُ ياسِرٍ، والمِقْدادُ بْنُ الأسْوَدِ، وخَبّابُ بْنُ الأرَتِّ.
الترجيح بين الأقوال :
الأقوال الواردة كلها تحتملها الآية لأن الصلاة هي دعاء وهي أعظم عبادة وكذلك قراءة القرآن والذكر وتوحيد الله ، فلا يوجد منافاة بينهم لأن الصلاة تحتوي على قراءة القران والدعاء وذكر الله وتوحيده ،وهؤلاء الذين نزلت فيهم الآية أدوا هذه العبادة على أكمل وجه كما يحب الله ويرضاه وهم أرادوا الله وقصدوا الطرق التي أمرهم يقصدها واتباعها وهي تشمل كل ماجاء في معنى الآية الكريمة .
5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
أخرجه عنه ابن وهب وابن جرير من طريق فرقد .
فرقد من الطبقة الخامسة ، ضعفه ابن حنبل .
لكن ابن سعد في سننه صحح هذا الأثر عنه .
الأقوال الأخرى الواردة في المراد (بسوء الحساب )
1-المقايسة بالأعمال ، ورد عن أبي الجوزاء . [لفظ المقايسة رواه أبو داوود عن ابن عباس موقوفًا عليه، ومقطوعًا على أبي الجوزاء، وبقية الطرق فيها لفظ المناقشة وهو الموافق لنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم فلعل لفظ المقايسة فيه تصحيف والله أعلم]
2-الذي لا جواز فيه ، ورد عن ابن زيد . [وهو قريب من قول إبراهيم، وبقي قول الزجاج راجعي التعلقات على زميلاتك أعلاه]
الترجيح بين الأقوال :
معنى الآية أنهم يُنَاقَشُونَ عَلَى كل صغيرة وكبيرة ، وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ؛وذلك بسبب كفرهم وعنادهم فأحبطت أعمالهم واستحقوا هذا الوعيد الشديد والعياذ بالله .
فتدخل الأقوال جميعا في معنى الآية لأنه ليس بينها تضاد ، فالذي لا يتجاوز عنه وتقايس أعماله حري بأن لا يغفر له من ذنبه شيء والله سبحانه وتعالى قال في كتابه :إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا (48)النساء.
كما أنه سبحانه بين مآلهم بقوله (وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) 18
[راجعي التعليق على زميلاتك أعلاه]

بارك الله فيكِ أختي الفاضلة ونفع بكِ.
اعتني كثيرًا بتحرير الأقوال وتوجيهها ودراستها بأسلوبك الخاص، فهناك ضعف في دراستكِ للمسائل.
وأوصيكِ بما أوصيت به الأخت بدرية من كثرة الاطلاع على التفاسير التي تعتني بتحرير الأقوال، ومن التدرب على الكتابة بأسلوبك حتى يكون لكِ أسلوبك الخاص، ومن دراسة ألفاظ الآية وما يتصل بمسألتك، ودراسة نظائر الآية ففيها ما يعينكِ على الترجيح أو الجمع بين الأقوال.
التقويم: ج.
وفقكِ الله وسدددكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الرابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir