دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > المتابعة الذاتية في برنامج الإعداد العلمي > منتدى المستوى السابع

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 17 ذو القعدة 1440هـ/19-07-2019م, 07:15 AM
د.محمد بشار د.محمد بشار غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 265
افتراضي

الرسالة التبوكية ( لابن القيم )


أ. تفسير قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].
وقد اشتملَت هده الآية على جميع مصالح العباد في معاشهم ومعادهم؛ فكلُّ عبد عليه واجبان:
الأول: واجب بينه وبين الخلق:﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾.
الآخر: واجب بينه وبين الله: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾.
ب. دلالات الألفاظ: المطابقة - التضمُّن - اللزوم.
ج. قاعدة: بعض الألفاظ إذا اجتمعت افترَقت، وإذا افترقت اجتمَعت.
د. شواهد للقاعدة: الإسلام والإيمان، الإيمان والعمل الصَّالح، الفقير والمسكين، الفسوق والعصيان، المنكر والفاحشة.
هـ. تنطبق هذه القاعدة - أيضًا - على البرِّ والتقوى، وأن كلًّا منهما عند الانفراد يشمل الآخر.
و. معنى البر والتقوى عند الاقتران والانفراد.
ز. مفاسد عدَم فهم ألفاظ القرآن ودلالته.
ح. لا يتمُّ للعبد أداء الواجبين إلَّا بما قرَّره الشيخ عبدالقادر الجيلاني: كن مع الحقِّ بلا خلقٍ، ومع الخلق بلا نفسٍ، ومَن لم يكن كذلك، لم يزل في تخبيطٍ، ولم يزل أمرُه فُرطًا.
ط. سبب تأليف الإمام ابن القيم للرسالة، وزمان كتابتها.

الهجرة:
أ. بالجسم من بلدٍ إلى بلد [تُبحث في علم الفقه]: لا تجب على كلِّ إنسان.
ب. بالقلب إلى الله ورسوله [تبحث في علم السلوك والأخلاق]: تجب على كلِّ إنسان.
أولًا: هجرة القلب إلى الله تعالى [الفرار من الله إليه]:
أ. الفرار من الله [متضمن توحيد الربوبيَّة وإثبات القدر] إليه [متضمن توحيد الألوهية].
ب. تقوى وتضعُف بحسب داعي المحبَّة.
ج. أهمية هِجرة القلب بالنسبة لهجرة الجسم.

ثانيًا: هجرة القلب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أ. قلَّة السالكين وغربتهم.
ب. حد الهجرة إلى رسول الله.
ج. مَن ينتفع بهذه الهجرة.
د. الهجرة القلبيَّة فرض على كلِّ مسلم، وهي مقتضى الشهادتين، ويُسأل كلُّ عبد عنها في الدُّور الثلاث.
هـ. الفرق بين علم الحب وحال الحب.
و. تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع مَوارد النِّزاع وانشراح الصدور بحكمه.

في الهجرة إلى الله ورسوله
لما فصل عير السفر واستوطن المسافر دار الغربة وحيل بينه وبين مألوفاته وعوائده المتعلقة بالوطن ولوازمه ، أحدث له ذلك نظراً فأجال فكره في أهم ما يقطع به منازل السفر إلى الله ، ويُنفق فيه بقية عمره فأرشده من بيده الرشد إلى أن أهم شئ يقصده إنما هو الهجرة إلى الله ورسوله ، فإنها فرض عين على كل أحد في كل وقت ، وأنه لا انفكاك لأحد عن وجوبها وهي مطلوب الله ومراده من العباد ، إذ الهجرة هجرتان :

الهجرة الأولى : هجرة بالجسم من بلد إلى بلد ، وهذه أحكامها معلومة وليس المراد الكلام فيها .

والهجرة الثانية الهجرة بالقلب إلى الله ورسوله ، وهذه هي المقصودة هنا . وهذه الهجرة هي الهجرة الحقيقية وهي الأصل وهجرة الجسد تابعة لها .

وهي هجرة تتضمن ( من ) و ( إلى ) فيهاجر بقلبه من محبة غير الله إلى محبته ، ومن عبودية غيره إلى عبوديته ، ومن خوف غيره ورجائه والتوكل عليه إلى خوف الله ورجائه والتوكل عليه ، ومن دعاء غيره وسؤاله والخضوع له والذل والاستكانة له إلى دعائه وسؤاله والخضوع له والذل له والاستكانة له ، وهذا بعينه معنى الفرار إليه قال تعالى : { ففروا إلى الله } ، والتوحيد المطلوب من العبد هو الفرار من الله إليه .

وتحت ( من ) و( إلى ) في هذا سر عظيم من أسرار التوحيد ، فإن الفرار إليه سبحانه يتضمن إفراده بالطلب والعبودية ولوازمها فهو متضمن لتوحيد الإلهية التي اتفقت عليها دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

أما الفرار منه إليه فهو متضمن لتوحيد الربوبية وإثبات القدر ، وأن كل ما في الكون من المكروه والمحذور الذي يفر منه العبد فإنما أوجبته مشيئة الله وحده ، فانه ما شاء كان ووجب وجوده بمشيئته ، وما لم يشأ لم يكن ، وامتنع وجوده لعدم مشيئته . فادا فر العبد إلى الله فإنما يفر من شئ إلى شئ وجد بمشيئة الله وقدره فهو في الحقيقة فار من الله إليه .

ومن تصور هذا حق تصوره فهم معنى قوله ﷺ : " وأعوذ بك منك " وقوله : " لا ملجأ ولا منجى منك ألا إليك " ، فانه ليس في الوجود شئ يفر منه ويستعاذ منه ويلتجأ منه إلا هو من الله خلقاً وإبداعا . فالفار والمستعيذ : فار مما أوجده قدر الله ومشيئته وخلقه إلى ما تقتضيه رحمته وبره ولطفه وإحسانه ، ففي الحقيقة هو هارب من الله إليه ومستعيذ بالله منه ، وتصور هذين الأمرين يوجب للعبد انقطاع تعلق قلبه عن غيره بالكلية خوفاً ورجاء ومحبة فإنه إذا علم أن الذي يفر منه ويستعيذ منه إنما هو بمشيئة الله وقدرته وخلقه لم يبق في قلبه خوف من غير خالقه وموجده فتضمن ذلك إفراد الله وحده بالخوف والحب والرجاء ، ولو كان فراره مما لم يكن بمشيئة الله وقدرته لكان ذلك موجباً لخوفه منه ، مثل من يفر من مخلوق آخر أقدر منه فانه في حال فراره من الأول خائف منه حذرا أن لا يكون الثاني يفيده منه بخلاف ما إذا كان الذي يفر إليه هو الذي قضي وقدر وشاء ما يفر منه ، فانه لا يبقى في القلب التفات إلى غيره .

فتفطن إلى هذا السر العجيب في قوله : " أعوذ بك منك " و " لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك " فإن الناس قد ذكروا في هذا أقوالاً وقل من تعرض منهم لهذه النكته التي هي لبّ الكلام ومقصوده وبالله التوفيق

فتأمل كيف عاد الأمر كله إلى الفرار من الله إليه وهو معنى الهجرة إلى الله تعالى ، ولهذا قال النبي ﷺ : " المهاجر من هجر ما نهى الله عنه " . ولهذا يقرن الله سبحانه بين الإيمان والهجرة في غير موضع لتلازمهما واقتضاء أحدهما للآخر .

والمقصود أن الهجرة إلى الله تتضمن : هجران ما يكرهه وإتيان ما يحبه ويرضاه ، وأصلها الحب والبغض ، فان المهاجر من شئ إلى شئ لابد أن يكون ما هاجر إليه أحب مما هاجر منه ، فيؤثر احب الأمرين إليه على الآخر . وإذا كان نفس العبد وهواه وشيطانه إنما يدعوانه إلى خلاف ما يحبه ويرضاه ، وقد بلي بهؤلاء الثلاث ، فلا يزالون يدعونه إلى غير مرضاة ربه ، وداعي الإيمان يدعوه إلى مرضاة ربه فعليه في كل وقت أن يهاجر إلى الله ولا ينفك في هجرته إلى الممات .

وهذه الهجرة تقوى وتضعف بحسب داعي المحبة في قلب العبد ، فإن كان الداعي أقوى كانت هذه الهجرة أقوى وأتم وأكمل . وإذا ضعف الداعي ضعفت الهجرة حتى لا يكاد يشعر بها علماً ، ولا يتحرك لها إرادة .

والذي يقضي منه العجب : أن المرء يوسع الكلام ويفرغ المسائل في الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام وفي الهجرة التي انقطعت بالفتح ، وهذه هجرة عارضة ، ربما لا تتعلق به في العمر أصلاً وأما هذه الهجرة التي هي واجبة على مدى الأنفاس فإنه لا يحصل فيها علما ولا إرادة وما ذاك إلا للإعراض عما خلق له ، والاشتغال بما لا ينجيه وحده عما لا ينجيه غيره . وهذا حال من عشت بصيرته وضعفت معرفته بمراتب العلوم والأعمال . والله المستعان ، وبالله التوفيق ، لا اله غيره ولا رب سواه .

وأما الهجرة إلى رسول الله ﷺ فعلم لم يبق منه سوى اسمه ، ومنهج لم تترك بنيَّات الطريق سوى رسمه ، ومحجة سفَت عليها السوافي فطمست رسومها ، وغارت عليها الأعادي فغّورت مناهلها وعيونها ، فسالكها غريب بين العباد ، فريد بين كل حي وناد ، بعيد على قرب المكان ، وحيد على كثرة الجيران ، مستوحش مما به يستأنسون ، مستأنس مما به يستوحشون ، مقيم إذا ظعنوا ، ظاعن إذا قطنوا ، منفرد في طريق طلبة ، لا يقر قراره حتى يظفر بأربه ، فهو الكائن معهم بجسده ، البائن منهم بمقصده ، نامت في طلب الهدى أعينهم ، وما ليل مطيته بنائم ، وقعدوا عن الهجرة النبوية ، وهو في طلبها مشمر قائم ، يعيبونه بمخالفة آرائهم ، ويزرون عليه ازراءه على جهالاتهم وأهوائهم ، قد رجموا فيه الظنون ، وأحدقوا فيه العيون ، وتربصوا به ريب المنون { فتربصوا إنَّا معكم متربصون } ، { قال رب احكم بالحق ، وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون } .

والمقصود : أن هذه الهجرة النبوية شانها شديد . وطريقها على غير المشتاق بعيد .

بعيد على كسلان أو ذي ملالة * أما على المشتاق فهو قريب

ولعمر الله ما هي إلا نور يتلألأ ، ولكن أنت ظلامه ، وبدر أضاء مشارق الأرض ومغاربها ، ولكن أنت غيمه وقتامه ومنهل عذب صاف وأنت كدره ، ومبتدأ لخير عظيم ولكن ليس عندك خبره .

فاسمع الآن شأن هذه الهجرة والدلالة عليها ، وحاسب ما بينك وبين الله ، هل أنت من الهاجرين لها أو المهاجرين إليها ؟

فجد هذه الهجرة : سفر النفس في كل مسالة من مسائل إلايمان ، ومنزل من منازل القلوب ، وحادثة من حوادث إلاحكام إلى معدن الهدى ، ومنبع النور الملتقى من فم الصادق المصدوق الذي { لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } فكل مسألة طلعت عليها شمس رسالته ، وإلا فاقذف بها في بحر الظلمات ، وكل شاهد عدله هذا المزكى وإلا فعُده من أهل الريب والتهمات . فهذا حد هذه الهجرة .

فما للمقيم في مدينة طبعه وعوائده ، القاطن في دار مرباه ومولده ، القائل : إنا على طريقة آبائنا سالكون ، وإنا بحبلهم متمسكون ، وأنا على آثارهم مقتدون ، وما لهذه الهجرة التي كلت عليهم ، واستند في طريقة نجاحه وفلاحه إليهم ، معتذراً بأن رأيهم خير من رأيه لنفسه ، وأن ظنونهم وآراءهم أوثق من ظنه وحدسه ، ولو فتشت عن مصدر مقصود هذه الكلمة لوجدتها صادرة عن الإخلاد إلى ارض البطالة متولدة بين الكسل وزوجه الملالة .

والمقصود : أن هذه الهجرة فرض على كل مسلم ، وهي مقتضى " شهادة أن محمدا رسول الله ﷺ " كما أن الهجرة الأولى مقتضى " شهادة أن لا إله إلا الله " وعن هاتين الهجرتين يسأل كل عبد يوم القيامة وفي البرزخ ، ويطالب بها في الدنيا ودار البرزخ ودار القرار.

قال قتادة : " كلمتان يسأل عنهما الأولون والآخرون : ماذا كنتم تعبدون ومإذا اجبتم المرسلين ؟ " .

وهاتان الكلمتان هما مضمون الشهادتين وقد قال تعالى { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسملوا تسليما } فأقسم سبحانه بأجل مقسم به - وهو نفسه عز وجل - على أنه لا يثبت لهم الإيمان ، ولا يكونون من أهله ، حتى يحكموا رسول الله ﷺ في جميع موارد النزاع في جميع ابواب الدين . فإن لفظة " ما " من صيغ العموم فإنها موصلة تقتضي نفي الإيمان أو يوجد تحكيمه في جميع ما شجر بينهم . ولم يقتصر على هذا حتى ضم إليه انشراح صدورهم بحكمه حيث لا يجدون في أنفسهم حرجاً - وهو الضيق والحصر - من حكمه ، بل يقبلوا حكمه بالإنشراح ، ويقابلوه بالتسليم لا أنهم يأخدونه على إغماض ، ويشربونه على قذى ، فإن هذا مناف للإيمان ، بل لابد أن يكون أخذه بقبول ورضا وانشراح صدر .

حكم الأتباع والمتبوعين:
أ. الأتباع والمتبوعون المشتركون في الضلالة:
- ﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 66 - 68].

- ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ * قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 37 - 39].

المتبوعون صالحون والأتباع:
1. أشقياء: [المخالفون لمتبوعيهم، العادلون عن طريقتهم الذين يزعمون أنهم لهم تبع وليسوا متبعين لطريقتهم؛ مثل: النصارى].

• ﴿ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 166، 167].

سعداء: نوعان:
أتباع لهم حكم الاستقلال:
[التابع له من الأعمال ما يؤهِّله للجنة؛ الصحابة والتابعون لهم بإحسان].
﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [التوبة: 100].

ليس لهم حكم الاستقلال:
[أتباع المؤمنين من ذريتهم الذين لم يثبت لهم حكم التكليف في دار الدنيا، وإنما هم مع آبائهم تبع لهم].
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الطور: 21].

أقسام الخلائق بالنِّسبة إلى دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وما بعثه الله به من الهدى.
من أعظم التعاون التعاونُ على البرِّ والتقوى، والتعاون على سفر الهجرة إلى الله والرسول.
زاد السفر: [العلم الموروث من خاتم الأنبياء]، وطريقه: [بذل الجهد واستفراغ الوسع]، ومركبه: [صدق اللُّجء إلى الله].
- ورأس الأمر وعموده في ذلك إنَّما هو دوام التفكُّر وتدبُّر آيات الله؛ حيث تستولي على الفكر وتشغل القلب.
-. كيف تَدبُّرُ القرآن وتفهُّمُه والإشرافُ على عجائبه وكنوزِه؟ مثال: آيات من سورة الذاريات.
-الرفيق والطريق: طلب الرَّفيق لسفَر الهجرة، ومواصلة السير، ولو وحيدًا غريبًا.
- شتَّان بين أقوامٍ موتى تحيا القلوب بذِكرهم، وبين أقوامٍ أحياءٍ تموت القلوب بمخالطتهم.
-وقد كان يُغني من كثير من هذا التطويل ثلاثُ كلماتٍ كان يكتب بها بعضُ السلف إلى بعض، وهي: "من أصلح سَريرتَه، أصلح اللهُ علانيتَه، ومن أصلَح ما بينه وبين الله، أصلَح الله ما بينه وبين الناس، ومن عمل لآخرته، كفاه الله مَؤُونةَ دنياه".

معنى البر والتقوى
وقد جمع الله خصال البر في قوله تعالى : { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة واتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون } .

فأخبر سبحانه أن البر هو الإيمان بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وهذه هي أصول الإيمان الخمس التي لا قوام للإيمان إلا بها ، وأنها الشرائع الظاهرة من إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والنفقات الواجبة ، وأنها الأعمال القلبية التي هي حقائقه من الصبر والوفاء بالعهد فتناولت هده الخصال جميع أقسام الدين حقائقه وشرائعه والأعمال المتعلقة بالجوارح والقلب وأصول الإيمان الخمس . ثم أخبر سبحانه عن هذا أنها هي خصال التقوى بعينها فقال : { أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون } .

وأما التقوى فحقيقتها العمل بطاعة الله إيماناً واحتساباً ، أمراً ونهياً ، فيفعل ما أمر الله به إيمانا بالأمر وتصديقا بوعده ، ويترك ما نهى الله عنه إيماناً بالنهي وخوفاً من وعيده ، كما قال طلق بن حبيب : " إذا وقعت الفتنة فاطفئوها بالتقوى " قالوا : وما التقوى ؟ قال : " أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجوا ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله " .

وهذا أحسن ما قيل في حد التقوى .

فان كل عمل لابد له من مبدأ وغاية ، فلا يكون العمل طاعة وقربة حتى يكون مصدره عن الإيمان فيكون الباعث عليه هو الإيمان المحض ، لا العادة ولا الهوى ولا طلب المحمدة والجاه وغير ذلك بل لابد أن يكون مبدؤه محض الإيمان وغايته ثواب الله وابتغاء مرضاته وهو الاحتساب . ولهذا كثيرا ما يُقرن بين هذين الأصلين في مثل قول النبي ﷺ : " من صام رمضان إيمانا واحتسابا " و " ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً " ونظائره .

فقوله : " على نور من الله " إشارة إلى الأصل الأول وهو الإيمان الذي هو مصدر العمل والسبب الباعث عليه .

وقوله : " ترجو ثواب الله " إشارة أن الأصل الثاني وهو الاحتساب وهو الغاية التي لأجلها يوقع العمل ولها يقصد به .

ولا ريب أن هذا اسم لجميع أصول الإيمان وفروعه ، وأن البر داخل في هذا المسمى .

وأما عند اقتران أحدهما بالآخر كقوله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى } فالفرق بينهما فرق بين السبب المقصود لغيره والغاية المقصودة لنفسها ، فان البر مطلوب لذاته ، إذ هو كمال العبد وصلاحه الذي لا صلاح له بدونه كما تقدم . وأما التقوى فهي الطريق الموصل إلى البر والوسيلة إليه ولفظها يدل على هذا فإنها فعلى ، من وقى تقي ، وكان أصلها وقوى ، فقلبوا الواو تاء ، كما قالوا تراث من الوراثة ، وتجاه من الوجه ، وتخمة من الوخمة ، ونظائرها . فلفظها دال على أنها من الوقاية فان المتقي قد جعل بينه وبين النار وقاية والوقاية من باب دفع الضر فالتقوى والبر كالعافية والصحة .

وهذا باب شريف ينتفع به انتفاعاً عظيماً في فهم ألفاظ القرآن ودلالته ، ومعرفة حدود ما أنزل الله على رسوله فانه هو العلم النافع وقد ذم الله تعالى في كتابه من ليس له علم بحدود ما أنزل الله على رسوله.

فإن عدم العلم بذلك مستلزم مفسدتين عظيمتين :

إحداهما أن يدخل في مسمى اللفظ ما ليس منه فيحكم له بحكم المراد من اللفظ فيساوي بين ما فرق الله بينهما .

والثانية أن يخرج من مسمى اللفظ بعض أفراده الداخلة تحته فيسلب عنه حكمه فيفرق بين ما جمع الله بينهما .

والذكي الفطن يتفطن لأفراد هذه القاعدة وأمثالها فيرى أن كثيرًا من الاختلاف أو أكثره إنما ينشأ من هذا الوضع وتفصيل هذا لا يفي به كتاب ضخم .

ومن هذا لفظ : الخمر فإنه اسم شامل لكل مسكر فلا يجوز إخراج بعض المسكرات منه وينفى عنها حكمه .

وكذلك لفظ : الميسر وإخراج بعض أنواع القمار منه .

وكذلك لفظ : النكاح وإدخال ما ليس بنكاح في مسماه .

وكذلك لفظ : الربا وإخراج بعض أنواعه منه وإدخال ما ليس بربا فيه .

وكذلك لفظ : الظلم والعدل والمعروف والمنكر ونظائره اكثر من أن تحصى …

والمقصود من اجتماع الناس وتعاشرهم التعاون على البر والتقوى ، فيعين كل واحد صاحبه على ذلك علماً وعملاً .

فان العبد وحده لا يستقل بعلم ذلك ولا بالقدرة عليه فاقتضت حكمة الرب سبحانه أن جعل النوع الإنساني قائماً بعضه ببعضه ، معيناً بعضه لبعضه .

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, التطبيق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:35 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir