دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 ربيع الثاني 1441هـ/19-12-2019م, 12:54 PM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس الثامن: مجلس مذاكرة القسم الأول من سير أعلام المفسرين

مجلس القسم الأول من دورة "سير أعلام المفسرين"
لفضيلة الشيخ عبد العزيز الداخل -حفظه الله.


اختر مفسّراً من المفسرين الذين درست سيرهم واكتب عنه رسالة تعريفية مختصرة ( في حدود صفحة إلى ثلاث صفحات ) تبيّن فيها أهم ما ورد في سيرته
والفوائد التي استفدتها من دراستك لسيرته.


- لايسمح بتكرار اختيار المفسر إلا بعد تغطية جميع المفسرين.

تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.

تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22 ربيع الثاني 1441هـ/19-12-2019م, 01:10 PM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

أكتب بإذن الله عن الصحابي حذيفة بن اليمان رضي الله عنه

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 ربيع الثاني 1441هـ/19-12-2019م, 03:30 PM
عبدالكريم الشملان عبدالكريم الشملان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 680
افتراضي

سأكتب عن سيرة الصحابي عبدالله بن مسعود رضي الله عنه -بإذن الله-

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 ربيع الثاني 1441هـ/21-12-2019م, 10:13 PM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

سيرة صاحب السر بصير الفتن ( حذيفة بن اليمان )

( يا أمير المؤمنين.. أدرك هذه الأمة، قبل أن يختلفوا في الكتاب، كما اختلف اليهود والنصارى..) (1)
هكذا أطلقها حذيفة صرخةً مدويةً تستنهض أمير المؤمنين قبل وقوع فتنة عظيمة وشقاق بعيد..


كان ذلك سنة خمس وعشرين من الهجرة، وقد اجتمع أهل الشام وأهل العراق في فتح أرمينية وأذربيجان، وكان حذيفة بن اليمان ضمن تلك الغزوة فحزن لما رأى من حال المسلمين،
كل يستنصر لقرائته وينكر على أخيه القراءة التي يقرأ بها، وسمع ما كانت تنطق به ألسنتهم من كلمات التجريح، والتأثيم، فاستعظم ذلك، ففزع إلى عثمان رضي الله عنه، وأخبره بما رأى،
وقال له:
(أدرك الناس قبل أن يختلفوا في كتابهم الذي هو أصل الشريعة، ودعامة الدين، كما اختلف اليهود والنصارى).(2)
وقد أدرك عثمان ثاقب النظر، حصيف الرأي، خطورة التحذير لا سيما أنه جاء من صحابي عارف بالفتن ومكامنها، وبعد المشورة كان جمعُ الناس على مصحف إمام هو سبيل حل النزاع واستئصال الخلاف.(3)
وهكذا هو الناصح لدينه، القوي في الحق، يفزع لما قد يُحدِثُ شرخا بالأمة، ويُنزلُ بقلوب أبنائها البغضاء، يسعى في الإصلاح والنصح لأولي الأمر..

فمن ذاك العَلَم المتبصر بالفتن، سليم القلب والمقصد.. إنه حذيفة بن اليمان.

يكنى بأبي عبد الله، وهو حذيفه بن حسيل (4) بن جابر من بني عبس(5)، وقيل حسل، ولُقب أبوه ب(اليمان) لأنه أصاب دما في قومه، فهرب إلى المدينة، وحالف بني عبد الأشهل من الأنصار،
فسماه قومه اليمان لأنه حالف الأنصار وهم من اليمن(6)، وأمه هى الرباب بنت كعب بن عدي بن كعب بن عبد الأشهل(7).

أسلم حذيفة هو وأبوه، وهاجرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (8) وخيره الرسول صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة فاختار النصرة (9)، وأرادا أن يشهدا معه بدراً، وكان المشركون قد استحلفوهما ألا يشهدا
مع النبي صلى الله عليه وسلم، فحلفا لهم، ثم سألا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم (10).

ولما أتت الفرصة التي ينتظهرها حذيفة، سارع، وشمر، وأعد العدة ليقاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم في أحد، وبدأت المعركة واشتد القتال وحذيفة يظهر براعة وبسالة، وكان أبوه شيخا كبيرا قد جُعل هو وغيره من الشيوخ
الذين لا يقوون على حمل السلاح أو القتال في الآطام مع النساء، فلم يصبر وكان ينتظر الشهادة، فلحق بالمقاتلين (11)*، وحين اختلط المسلمون أبصر حذيفة بعضا منهم يلاحقون أباه ولم يعرفوه،
فصرخ حذيفة وقلبه يكاد ينخلع: عباد الله أبي أبي..
لكن سبقت سيوفهم، وكل ما قدر الرحمن مفعول..
قُتل أبوه، خطأ على أيديهم..
فقال حذيفة بأسى ورباطة جأش لما علم الصدق منهم: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين..
ثم ما لبث أن أنطلق لساحة المعركة يقاتل، فلم يغفل عن الهدف الأسمى والمطلب الأعظم..
وزاده ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا، وأمر بديّة اليمان أن تُخرج، فتصدق حذيفة بدم أبيه على المسلمين (12).
قال أبو بكر: فوالله ما زالت في حذيفة منها بقية خير حتى لقى الله عز وجل (13).
فتلك منقبة لحذيفة من مناقبه الجليلة التي سنذكرها..

صاحب السر..
روي عن علقمة أنه أتى المدينة فجلس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم يسر لي جليسا صالحا، فجلس إليه أبو الدرداء، فلما علم أن علقمة أتى من الكوفة قال له: أليس فيكم صاحب السر
الذي لا يعلمه غيره، يعني حذيفة، وعدد له أسماء من الصحابة كل بما عُرف عنه (14).

لكن لمَ عُرف حذيفة بصاحب السر؟ وأي سر هذا ؟!
كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أسرَّ لحذيفة بالمنافقين وأحوالهم، ولا يعلم أحد سواه هذا السر (15)، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحذيفة: إني مسر إليك أمرا فلا تذكرنه، إني نهيت أن أصلي عن فلان
وفلان وفلان -رهط عدة من المنافقين -(16)، وكان عمر بن الخطاب يتحرى خبر المنافقين، فسأل حذيفة: هل فى عمالى أحد منهم؟ قال: "نعم، واحد"، قال: من هو؟ قال: "لا أذكره"، فعزله عمر كأنما دَلّ عليه (17)،
وكان إذ مات الرجل وأعرض حذيفة عن الصلاة عليه علم عمر فينصرف ولا يصلي عليه ( 18).

وقد سأل عمر حذيفة يوما: يا حذيفة أنشدك بالله أمن القوم أنا؟
قال حذيفة: اللهم لا، ولن أبري أحدا بعدك.
فجادتا عينا عمر (19).
لله درك يا عمر تخاف أن تكون منهم وقد بُشرت بالجنة !
فهى هى منقبة أخرى لحذيفة، فهو الوحيد الذي عرف بصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم..

علمت الشر لتوقيه..
خالط حذيفة أهل الصفة مدة فنسب إليهم، وعكف على العلم والعبادة، وكان عارفا بالفتن متبصرا بها،
فزهد في الدنيا وعزف عنها (20) ولربما كان ذلك لكثرة ما سمع من الرسول صلى الله عليه وسلم من أحاديث الفتن، وما علمه من أحوال المنافقين، فأورث قلبه الزهد في الدنيا والإقبال على الآخرة.


كان حذيفة يكثر من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن أحاديث الفتن والشر ليجتنبها، وكان أعلم الصحابة بها، وجاء عن حذيفة فيما روي في الصحيحين أنه قال: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير،
وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركنى)
(21)، وهذا يدل على عقل وبصيرة، فإن العالم بالخير يأتيه، وقد يعرض له أمر لا تتبين حقيقته أخير هو أم شر، فإن عَلِمَ الشر كان ذلك أدعى لاجتنابه، والحرص على لزوم الخير،
فيمضي واثق الخطى، على بينة
فيما يعرض له..
وقد سئل حذيفةُ يوما: أي الفتن أشد؟ قال: أن يعرض عليك الخير والشر، ولا تدري أيهما تترك (22).
وروي عن حذيفة أنه قال: إني لأعلم الناس بكل فتنة هى كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما ذاك أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني من ذلك أسره إلى لم يكن حدث به غيري (23).
ومقولة حذيفة تبنئ عن علمه بنفسه، ومعرفته بإمكاناته، وحق له أن يقول ذلك فقد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث الفتن، وكان عمر رضي الله عنه يسأله عنها..

ففي جمع عند عمر كان فيه حذيفة، سأل عمر: أيكم سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتن التي تموج موج البحر؟
فقال حذيفة وقد علم أن عمر يريده: أنا.
قال عمر: أنت لله أبوك.
فقال حذيفة: تعرض الفتن على القلوب عرض الحصيد، فأي قلب أنكره نكتت فيه نكتة بيضاء، وأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء حتى تصير القلوب على قلبين.. الحديث.
ثم حدث حذيفة عمر بفتنة عظيمة وأن بينه وبينها بابا مغلقا يوشك أن يكسر كسراً..
فقال عمر: كسرا لا أبا لك.
قال حذيفة: نعم.
قال: فلو أنه فُتح لكان لعله أن يُعاد فيغلق.
فأعاد حذيفة: بل كسرا(24).
وكان هذا الباب عمر، فبموته دبت الفتنة في الأمة، وكانت أول الفتن مقتل عثمان بن عفان..
وروي عن حذيفة أنه قال بعد موت عمر: كان كان الإسلام في زمان عمر كالرجل المقبل لا يزداد إلا قربًا، فلما توفي صار كالرجل المدبر لا يزداد إلا بعدًا(25).

مناقب حذيفة..
لحذيفة مناقب عديدة، ومواقف تفصح عن شخصية ذات بصيرة..
ومن مناقب حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له فكفي، وكان ذلك في ليلة من ليالي الحصار في غزوة الخندق، حيث البرد الشديد والجوع، وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يرسل من يأتي بخبر القوم،
وجعل يُرغِّب من عنده فقال: هو رفيقي في الجنة، ويكرر النداء، فما قام أحد، حتى نادى حذيفة ..
فقال: يا حذيفة، تسمع كلامي منذ الليلة ولا تقوم ؟
فقال حذيفة: ولا والذي بعثك بالحق، إن قدرت على ما بي من الجوع والبرد.
فقال له: اذهب في القوم فانظر ماذا يقولون..
وأمنه فقال: ليس عليك بأس.
وما أن انطلق حذيفة، دعا له النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته (26).
فحُفظ حتى عاد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان قد دخل بين القوم حتى جلس معهم، وكُفي البرد والخوف، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بما علم، وبعدم فرغ أصابه البرد، فألبسه الرسول صلى الله عليه وسلم
من فضل عبائته التي كانت عليه، فنام حذيفة حتى الصبح (27).
هكذا كان حذيفة حين يُطلبُ، رجل المهام..

وفي يوم قال عمر لأصحابه: تمنوا، فتمنوا ملء البيت الذى هم فيه جوهرًا لينفقوه فى سبيل الله، فقال عمر: لكنى أتمنى رجالاً مثل أبى عبيدة، ومعاذ بن جبل، وحذيفة، وأستعملهم فى طاعة الله تعالى (28).

وفي خلافة عمر كانت الفتوحات الإسلامية لأرض فارس، وكان عمر يُحسن استثمار الرجال كل في موقعه، فأمر بجيش تحت قيادة حذيفة، يسير به إلى النعمان بن مقرن ليلتحم معه تحت راية النعمان في قتال الفرس،
وقد سار مع حذيفة خلق كثير من أمراء العراق، والوجهة كانت نهاوند، وفي المعركة اشتد القتال بين العرب والفرس، وكان عمر قد كتب بأن يتولى حذيفة الراية بعد النعمان، فلما قتل النعمان، أخفى حذيفه خبر موته
لئلا تفتر العزائم، وأقام أخ النعمان ويقال له نعيم- وقيل سويد- مكانه تقديرا له،(29)، وذهب يحث المسلمين على القتال ويستنهض الهمم، ويرغبهم فيما عند الله من ثواب، حتى انتهى القتال بهزيمة الفرس هزيمة نكراء،
وفتح حذيفة بعد ذلك همذان والدينور وماء سندان (30) وشهد فتح الجزيرة ونزل نصيبين، وتولى المدائن (31).

فكان حذيفة قائدا حكيما، ومقاتلا شجاعا، وهذا لا يتعارض مع قلب رحيم، فمن مشاهد بره، ماروي عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليستغفر له ولأمه، وكان قد عرض للنبي صلى الله عليه وسلم عارض، فقال لحذيفة: ما لك؟ فحدثه حذيفة بالأمر.
فقال: غفر الله لك ولأمك، أما رأيت العارض الذي عرض لي قبل؟
قال حذيفة: بلى.
قال: هو ملك من الملائكة لم يهبط إلى الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه أن يسلم عليّ وبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.(32)
فشهد هبوط ملك لم ينزل إلى الأرض من قبل حاملا البشارة للنبي صلى الله عليه وسلم..
فأي فضل هذا الذي شهده حذيفة!


من أقوال حذيفة..
لحذيفة أقوال أحق أن تحفظ في الصدور،انتقيت منها ما قل ودل عنه، قال: إن الحق ثقيل وهو مع ثقله مرئ، وإن الباطل خفيف وهو مع خفته وبئ، وترك الخطيئة أيسر- أو قال: خير- من طلب التوبة،
ورب شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا.
وعنه قال: ليس خياركم من ترك الدنيا للآخرة، ولا خياركم من ترك الآخرة للدنيا، ولكن خياركم من أخذ من كل. (33)
وهذه مقولة بليغة، فالصحابة رضي الله عنهم لا سيما كبارهم قد فهموا حقيقة الزهد في الدنيا فلم يجتنبوها بالكلية، بل سخروها لتخدم آخرتهم..

وفاته..
كان حذيفة مدركا لحقيقة الدنيا وأنه لابد من يوم يغادرها فيه، فأرسل من يشتري له كفنا، فاشتروا له كفنا حلة عصب بثلاث مائة درهم، فقال: ما هذا لي بكفن، إنما يكفيني ريطتان بيضاوان ليس معهما قميص،
وإني لأترك إلا قليلا حتى أنال خيرا منهما أو شرا منهما، فابتاعوا له ريطتين بيضاوين. (34)
* الريطة: كل ملاءة غير ذات لفقين كلها نسج واحد، وقيل هو كل ثوب لين دقيق.
(انظر: لسان العرب لابن منظور).

وروي عن حذيفة أنه قال: أول الفتن قتل عثمان، وآخر الفتن الدجال، والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حب قتل عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه وإن لم يدركه آن به في قبره، فشهد حذيفة أول الفتن التي كان يُحدثه بها الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان مقتل عثمان، ولما علم حذيفة بمقتله قال: والله لئن كان قتله خيراً ليحلبنه لبناً، وإن كان قتله شراً ليمتص بِهِ دَمًا (35)، وما لبث أن توفى بعده بأربعين ليلة، فمات في أوائل سنة ست وثلاثين بالمدائن(36).

رحم الله حذيفة بن اليمان العارف بالمحن وأحوال القلوب، المشرف على الفتن والآفات والعيوب، سأل عن الشر فاتقاه، وتحرى الخير فاقتناه.. (37)

الفوائد:
1. الاطلاع على سير الصحابة تكسب المروءة، وتهذب الأخلاق، وتعلي الهمم، وما أحوجنا لذلك في هذا الزمان.
2. المؤمن الفطن لا يكتفي بمعرفة سبل الخير، بل عليه معرفة الشر ليتقيه، وكم من بدعة انتشرت وروج لها بدافع الخير!
3. معرفة أحوال الصحابة وهديهم في الفتن، لها أكبر أثر في الثبات عند الشدائد.
4. معرفة المرء بقدراته وإمكاناته والتصريح بذلك، لا سيما من أهل الصلاح، يُحمل على رغبتهم في نفع الأمة.
5. تحري المرء عن حاله، من أحسن ما ينشغل به، وينفعه في دنياه وآخرته.

المراجع:
(1) [دلائل النبوة: 7/150]
(2) [معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ 1/423] بتصرف.
(3) [معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ 1/423] بتصرف.
(4) [
تهذيب الكمال: 5/496]
(5) [الطبقات الكبرى: 6/15] بتصرف.
(6) [تهذيب الأسماء واللغات 1/153] بتصرف.
(7)، (8)[تهذيب الأسماء واللغات: 1/154] بتصرف.
(9) [المعجم الكبير للطبراني: 3/163]
(10) [تهذيب الكمال: 5/497] بتصرف
(11) [المغازي للواقدي: 1/233-234] بتصرف
(12) [المغازي للواقدي: 1/233-234] بتصرف
(13) [صحيح البخاري: 5/39]
(14) [صحيح البخاري: 5/25]
(15) [تهذيب الكمال: 5/496] بتصرف.
(16) [ المغازي للواقدي: 3/1045]
(17) [تهذيب الأسماء واللغات: 1/154]
(18) [ المغازي للواقدي: 3/1045]
(19) [الزهد لوكيع: 1/791]
(20) [حلية الأولياء: 1/ 354].
(21) [تهذيب الأسماء واللغات: 1/155]
(22)[تهذيب الأسماء واللغات: 1/154]
(23) [تهذيب الكمال: 5/501]
(24) [ حلية الأولياء: 1/270]
(25) [الرياض النضرة: 2/420]
(26) [ المغازي للواقدي: 2/488-489] بتصرف
(27) [حلية الاولياء: 1/354] بتصرف
(28) [تهذيب الأسماء واللغات: 1/154]
(29) [ البداية والنهاية: 7/123-125]
(30) [ الثقات لابن حبان: 2/232]
(31) [ تهذيب الأسماء واللغات: 1/154]
(32) [ فضائل الصحابة: 1/58]
(33) [ تهذيب الكمال: 5/506]
(34) [المعجم الكبير للطبراني: 3/163]
(35) [البداية والنهاية: 7/214]
(36) [تهذيب الأسماء واللغات: 1/154]
(37) [ حلية الأولياء: 1/270]



رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 ربيع الثاني 1441هـ/22-12-2019م, 12:44 AM
عبدالكريم الشملان عبدالكريم الشملان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 680
افتراضي

المجلس الثامن ، الخميس ،22/4/1441
مجلس مذاكرة القسم الأول من سير أعلام المفسرين،
-سيرة عبدالله بن مسعود الهذلي .
هو أبو عبدالرحمن ، عبدالله بن مسعود بن غافل بن حبيب ، من بني سعد بن هذيل ، نشأ في مكة و ترعرع تحت تربية والده مسعود بن غافل ، "1" يلقب بابن أم عبد ، كان آدم ،خفيف اللحم ، نحيفاً ، قصيراً ،شديد الأدمة ، من أجود الناس ، ومن أطيبهم ريحاً ، يعرف بالليل بريحه ، و يتختم بخاتم من حديد ."2"
كان رحمه الله من السابقين إلى الإسلام ، حتى قيل إنه سادس ستة أسلموا ،"3"
وقد كان لإسلامه قصة مشوقة ، رواها بنفسه رضي الله عنه و أرضاه ، قال كنت أرعى غنماً لعقبة بن أبي معيط ، فمر بي رسول الله و أبو بكر ...، فقال : يا غلام هل من لبن؟ قلت :نعم .. فشرب رسول الله .. ثم قلت : يا رسول الله علمني من هذا القول ، فمسح رأسي ، وقال إنك غلام معلم ."4 " ،
كان ممن أدرك القبلتين من الصحابة .
أسلمت أمه ، وكان لها صحبة ، وزوجته زينب بنت أبي معاوية الثقفية ،
أحب رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم و لزمه في مكة ملازمة عظيمة ، كان من آثارها أن صدع بالقرآن الكريم في مكة "5" ،
عندها ناصبه كفار مكة العداء ،و ذلك الأمر لم يثنه عن التمسك بالحق و الجهر به و إعلانه وسط قوم كفار ، اللذين آذوه و عذبوه ، فقاسى من الاضطهاد و الظلم و الجور ، مما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير على أولئك الضعفة ،ومنهم ابن مسعود للهجرة إلى الحبشة حفاظا على عقيدتهم ، و دينهم من الفتنة "6"،
و الابتلاء ،فأقام هناك عدة سنوات عند الملك النجاشي ملك الحبشة ،زكاه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صعد ابن مسعود شجرة ، فضحكوا من نحافه ساقيه فقال النبي :- ماتضحكون ؟ لرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد،"7" ،
قال حذيفة : ما أعلم أحدا أقرب سمتا ولاهدياً ولا دلاً من رسول الله من ابن أم عبد .."8"،
فلما عاد ابن مسعود من الحبشة حيث جره الحنين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم و الصحابة الكرام ، و الثلة المؤمنة ،واستمر اضطهاد قريش ، بل زاد مما جعل رسول الله عليه السلام يشير للمؤمنين بالهجرة ثانية إلى المدينة المنورة "9"
قدم ابن مسعود إلى المدينة هارباً بدينه لايألوا على شيء ، إلا مزيدا من التمسك بالحق ، و الحرية في ممارسته، حيث استقبله الأنصار مع إخوته من المهاجرين و نزل على معاذ بن جبل
الذي أحسن ضيافته ، و أجزل و فادته ، كما آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين الزبير بن العوام ، و قيل : غيره ،"10"، وقد اختط رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبدالله و أخيه عتبة دوراً مع دور بني زهرة بن كلاب في ناحية مؤخر المسجد " 11"،
وقد تميز و انفرد عبدالله بميزة عظيمة ،حيث لزم هو و أمه خدمه النبي عليه السلام " فكان يُلبس النبي نعليه ، و يمشي أمامه بالعصا ، حتى كان صاحب سواد النبي ووساده و سواكه و نعليه و طهوره ،وكان يستر النبي عليه السلام إذا اغتسل ، و يوقظه إذا نام ، و يونسه إذا مشى ،.. فصار كثير الولوج على النبي عليه السلام قريباً منه ، و ياله من فضل عظيم ، و ميزة كبيرة أن يقضي أوقاتاً طوالا مع نبي الرحمة عليه السلام "12،
و ينهل من علمه و سمته و خلقه و شمائله و يقتدي بأثره ، و يحمل مآثره ، لم يكتف ابن مسعود بمصاحبة رسول الله عليه السلام في أمنه و بيته ، بل لزمه في حروبه و غزواته ، فشهد كل المشاهد مع رسول الله ، بل إنه أجهز على أبي جهل ، و نفله النبي -عليه السلام -سيف أبي جهل ، و خصه بذلك تقديرا له و مكافأة ، فالجزاء من جنس العمل ،13 .
ومن أعظم مآثر ابن مسعود و قوته و ثباته على الحق أنه كان أحد أربعة ثبتوا مع النبي يوم أحد بعد أن تقهقر كثير من المحاربين في تلك المعركة.
و من أقواله المأثورة :. " لا تحدث قوماً حديثا لا تفهمه عقولهم ، فقد تحدث فيهم فتنة .
وقال : مادام قلبك يذكر الله فأنت في صلاة ، حتى إن كنت في السوق ، لقب بفقيه الأمة،
ومن أقواله في التفسير : 1- ما أخرجه عبدالرزاق عن معمر بسنده إلى ابن مسعود في قوله " بما قدم و أخر " قال :بما قدم من عمل و ما أخر من سنة ، عمل بها بعده من خير أو شر .."
2- ما أخرجه عبدالرزاق عن ابن عيينة عن أبي إسحق بسنده إلى ابن مسعود في قوله " ولقدرآه، بالأفق المبين "
قال : رأى جبريل له خمسمائة جناح ،قد سد الأفق " 14
استمرت مشاركات ابن مسعود في نشر الإسلام ،ومن ذلك أن شارك في فتح الشام، و شهد معركة اليرموك ، و تولى قسمة الغنائم ،و كان من حرصه على تبليغ و تعليم الإسلام أن اختار الإقامة بحمص ليعلم أهلها العقيدة ، و الأحكام ، ثم جاءه الأمر من الخلفية عمر بن الخطاب بالذهاب للكوفة ليعلم أهلها أمور الدين و التفسير و الأحكام "15" ، و كتب عمر لأهل الكوفة ، إني بعثت ابن مسعود معلماً ووزيرا ، فهذه تزكية من عمر له و أمر عمر بالاقتداء بابن مسعود و طاعته و سماع قوله ، بل قال " وقد آثرتكم بعبدالله على نفسي "16" ،وذلك لعظم أثره ووفرة علمه ، و كريم خلقه ، و عظيم سجاياه و شمائله ، و نضوج فكرة ، أقام رحمه الله بالكوفة مدة خلافة عمر ،و بداية خلافة عثمان ، و كانت الكوفة ميدانا عظيماً لنشر العلم ، و تعليم الناس و تأديبهم بالقرآن الكريم ، و ربطهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتطبيق الأحكام الشرعية ، و غرس العقيدة الصافية ،
ثم عزله عثمان و أمره بالعودة إلى المدينة فاجتمع أهل الكوفة : و قالوا : أقم ، و نحن نمنعك ، ولكن الصحابي الحكيم العالم رد بقوله : إن له عليّ حق الطاعة ، و إنها ستكون أمور وفتن ، فلا أحب أن أكون أول من فتحها "17 ،وردّ الناس ، وخرج إلى المدينة ، مطمئناً راضياً بما قسم الله له ، حريصاً على وحده الأمة و ترابط الأئمة ، وهو موقف بطولي عظيم ، يسطر بماء الذهب 18 ،
وكان لشدة ملازمته و خدمته للنبي صلى الله عليه و سلم أثرها في تعلقه الشديد بالقرآن الكريم و العلم بتفسيره و فضائله و أحكامه ، و بأسباب النزول، حتى بزّ
غيره من الصحابة ، و تميز بذلك ،
فقد روى مسروق عن ابن مسعود قوله :- " و الله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت ..." فقد أخذ من فم النبي صلى الله عليه وسلم بضعا و سبعين سورة "19" وكان حسن الصوت بالقرآن ، و كان النبي يحب أن يسمعه منه ، و قد طلب النبي من ابن مسعود أن يقرا عليه القرآن ، فلما قرأ عليه " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد " فاضت عينا النبي صلى الله عليه و سلم ."20"
و قال رسول الله " من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل ، فليقرأ قراءة ابن أم عبد " ،
كما وصى النبي عليه السلام ، فقال : استقرؤا القرآن من أربعة ،وعدّه منهم "21 "
وإليه تنتهي قراءة عاصم و حمزة و الكسائي
ولم يكتف بذلك ، بل كان عابداً يقوم الليل بالقرآن ، قال عبيد الله بن عبدالله بن عتبة :- كان عبدالله إذا هدأت العيون قام ، فسمعت له دوياً كدوي النحل حتى يصبح "، وكان فقيها مفتياً ، قال عنه علي :- علم القرآن و السنة ، ولما استفتي أبو موسى الأشعري في الفرائض فغلط ، و خالفه ابن مسعود، قال أبو موسى :" لا تسألوني عن شي مادام هذا الحبر بين أظهركم " 22
وعده ابن القيم من المكثرين في الفتيا ،وكان ينحى منحى عمر في الفقة والفتيا بالرأي و لم تكن عنايته بالقرآن الكريم و تفسيره و أسباب نزوله فقط ، بل اعتنى بالحديث ،فروي عن النبي عليه السلام ، و عمر و سعد و غيرهم وروى عنه ، ابن عباس ، و ابن عمر و أبوموسى و غيرهم كثير ، "23" وقد اتفق له البخاري و مسلم على 64 حديثاً ، و أحصى له بقي بن مخلد في مسنده بالمكرر 840 حديثاً ،
تولى قضاء الكوفة و بيت مالها ، في خلافه عمر ،"24"، توفي رحمه الله سنة 32هـ بعد مرضه، في المدينة المنورة ،بعدما جاوز عمره ستين سنة، ودفن بالبقيع ، وكان ذلك في خلافة عثمان بن عفان ، و صلى عليه الزبير ، و جمع غفير من الصحابة الكرام ، رحمه الله و غفر له "25" .
الفوائد و الفرائد :
1- أهمية عمل الفتيان في مقتبل أعمارهم فيما ينفعهم ، و يقوي أجسادهم، أو يكسبهم المال الذي يعتمدون فيه بعد الله على أنفسهم .
حديث كان عبدالله بن مسعود يرعي الغنم في صغره .
2- بركة مسح الرسول صلى الله عليه وسلم على رأس عبدالله بن مسعود ، حيث أكسبه الاهتمام بالعلم ،و خصوصا ما يتعلق بعلوم القرآن الكريم و تفسيره و فضائله.
3- تزكية الرسول صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن مسعود في قوله له " إنك غلام معلم ".
4- إن في رعي الغنم مجال مفتوح لتزكية النفس ، وتربيتها على التواضع و السكينة .
5- أهمية الحوار و النقاش مع الناس ممن يعمل ، وقد يحتاج إليه.
6- در الضرع ببركة مسح الرسول يعد من معجزاته عليه السلام .
7- حرص ابن مسعود على التعلم بقوله : علمني.
8- تواضع الرسول عليه السلام ولين جانبه و تودده للصغار.
9- عظم همة ابن مسعود في العمل وطلب العلم ، والسفر للشام و العراق و المدينة.
10- عظم مكسب من خلد التاريخ اسمه بأعماله و فضائله و خدمته للإسلام .
11- أثر فضل العلم و التعليم في قضاء حوائج الناس و الفتيا لمشاكلهم و أحوالهم.
12- كثرة آثار ابن مسعود في التفسير من خلال كثرة مروياته .
13- رفعه الإنسان بالعلم ، و مايجلبه من عز و شرف و كرامة و مكانة.
14- وزن الإنسان و قدره ليس بحجم جسمه وعظم هيكله ، بل بعلمه و تقواه و ورعه.
15- شجاعة ابن مسعود و شهوده لكل المشاهد و الغزوات و جهاده لنشر الإسلام.
المصادر :-
1- انظر في ذلك :الإصابة في تمييز الصحابة (368/2) .
2- انظر في ذلك : سير أعلام النبلاء (281/3).
3- انظر في ذلك :- المستدرك على الصحيحين (13/3) ، و المعجم الكبير (65/9).
4- انظر في ذلك : مسند أحمد (82/6) .
5- انظر في ذلك : أسد الغابة في معرفة الصحابة (282/3).
6- انظر في ذلك : الطبقات الكبرى (3/111) .
7- انظر في ذلك : تهذيب الكمال (284/4).
8- انظر في ذلك :إمتاع الأسماع (350/6) .
9- انظر في ذلك : الطبقات الكبرى (112/3).
10- انظر في ذلك : سير أعلام النبلاء (290/3) .
11- انظر في ذلك : صحيح البخاري ، كتاب فضائل القرآن ، باب : القراء من أصحاب النبي عليه السلام (195/6).
12- انظر في ذلك : غاية النهاية في طبقات القراء (1).
13- انظر في ذلك : تهذيب الأسماء واللغات (61/2) للنووي.
14- انظر في ذلك : تفسير عبدالرزاق (369/3) و (400/3).
15- انظر في ذلك : إعلام الموقعين عن رب العالمين ،فضل أول من وقع عن الله ( 17/2) .
16- انظر في ذلك : الإصابة (368/2).
17- انظر في ذلك : تهذيب الكمال (284/4) .
19- انظر في ذلك : صحيح البخاري (393/1).
20- انظر في ذلك : صحيح البخاري (95/1) .
21- انظر في ذلك: مسند أحمد (82/6).
22- انظر في ذلك : صحيح ابن حبان (117/2) .
23- تهذيب الكمال (284/4).
24- انظر في ذلك : أسد الغابة (286/3) .
25- انظر في ذلك : الإصابة (369/2).

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28 ربيع الثاني 1441هـ/25-12-2019م, 01:32 PM
رشا عطية الله اللبدي رشا عطية الله اللبدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 340
افتراضي

الصحابي الجليل البدري العالم المعلَم سمح الكف الكريم معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الخزرجي الأنصاري ، من أوائل من جمع القرآن في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال :" جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيٌّ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ " قُلْتُ لِأَنَسٍ: مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: أَحَدُ عُمُومَتِي ، . رواه البخاري
كان معاذ محبوبا عند رسول الله حتى أقسم رسول الله على حبه ،عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده يوما ثم قال: " يا معاذ، والله إني لأحبك ، فقال له معاذ: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وأنا والله أحبك قال: " أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داوود والنسائي في السنن الكبري.
المحبوب الموقر عند الصحابة ، وربما توسط لأحد الصحابة عند عمر رضي الله عنه ، وجاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال": كان معاذ بن جبل من أحسن الناس وجها، وأحسنهم خلقا، وأسمحهم كفا." . رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى.
معاذ سيد إمامٌ في قومه
عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ شَابًّا جَمِيلًا سَمْحًا مِنْ خَيْرِ شَبَابِ قَوْمِهِ، لَا يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، " رواه أحمد في مسنده "
وكان يصلي بقومه ويؤمهم ، وربما أطال الصلاة فلما شكا قومه ذلك خفف ‘ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ مُعَاذًا، أَمَّ قَوْمَهُ، فِي الْعَتَمَةِ فَافْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَتَنَحَّى رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ فَصَلَّى، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ: «أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟ اقْرَأْ بِسُورَةِ كَذَا وَسُورَةِ كَذَا» رواه الشافعي في مسنده .

معاذ بن جبل جبلاً في العلم
كان عالما ذو مكانة وقدر عند الصحابة ، جاء عن عمر مرفوعا : "يأتي معاذ بين يدي العلماء رتوة " . رواه أبو نعيم
بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فدخل أكثرهم طواعية وكان فيهم معلما وقاضيا ، ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ: " إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَادْعُهُمِ الَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حِجَابٌ " أخرجه أحمد في مسنده .
وهو من أفقه الناس في الدين فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرحم أمتي بأمّتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله أبيّ، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكلّ أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح. رواه الإمام أحمد وابن ماجه والنسائي في الكبرى.
وأخرج الطبراني في المعجم الكبير قال : حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيُّ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ مُعَاذًا كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: غَلَطَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّمَا قَالَ {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ} [النحل: 120] ، قَالَ: أَتَدْرِي مَا الْأُمَّةُ، وَمَا الْقَانِتُ؟ قَالَ: اللهُ أَعْلَمُ، قَالَ: الْأُمَّةُ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ، وَالْقَانِتُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَكَذَلِكَ كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُعَلِّمُ الْخَيْرَ، وَكَانَ مُطِيعًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ".وأخرجه الحاكم فالمستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
آخر وصاياه العلم
كان آخر ما وصى به هذه العالم هو الاستزادة من العلم والإيمان الذي هو ثمرة العلم
عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمِيرَةَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ مُعَاذًا الْمَوْتُ قِيلَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْصِنَا قَالَ: «أَجْلِسُونِي» قَالَ: «إِنَّ الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ مَكَانَهُمَا مَنِ ابْتَغَاهُمَا وَجَدَهُمَا» يَقُولُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَالْتَمِسُوا الْعِلْمَ عِنْدَ أَرْبَعَةِ رَهْطٍ عِنْدَ عُوَيْمِرِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعِنْدَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَعِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ الَّذِي كَانَ يَهُودِيًّا، فَأَسْلَمَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّهُ عَاشِرُ عَشْرَةٍ فِي الْجَنَّةِ»
وإن أردت يا طالب العلم أن تتأسى بحال هذا العالم الذي عاش يخشى الله ويخافه ،ليدفعه ذلك للعمل ، عند حضور الموت وقرب الأجل وانقطاع العمل كان محسنا الظن بالله مغلبا رجائه على خوفه محبا للقاء ربه،فمن أحب لقاء الله أحب الله لقائه
أخرج أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء قال :أن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ: «انْظُرُوا أَصْبَحْنَا؟» فَأُتِيَ فَقِيلَ: لَمْ تُصْبِحْ، فَقَالَ: «انْظُرُوا أَصْبَحْنَا؟» فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: لَمْ تُصْبِحْ، حَتَّى أُتِيَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ فَقِيلَ: قَدْ أَصْبَحْتَ، قَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ لَيْلَةٍ صَبَاحُهَا إِلَى النَّارِ، مَرْحَبًا بِالْمَوْتِ مَرْحَبًا، زَائِرٌ مُغِبٌّ، حَبِيبٌ جَاءَ عَلَى فَاقَةٍ، اللهُمَّ إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَخَافَكَ، فَأَنَا الْيَوْمَ أَرْجُوكَ، اللهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ الدُّنْيَا وَطُولَ الْبَقَاءِ فِيهَا لِجَرْيِ الْأَنْهَارِ، وَلَا لِغَرْسِ الْأَشْجَارِ، وَلَكِنْ لَظَمَأِ الْهَوَاجِرِ، وَمُكَابَدَةِ السَّاعَاتِ، وَمُزَاحَمَةِ الْعُلَمَاءِ بِالرُّكَبِ عَنِ حِلَقِ الذِّكْرِ "

مات معاذ بن جبل بالأردن سنة 18 للهجرة في طاعون عمواس، تاركا أثرا عظيما وذكرا كريما فرضي الله عنه وأرضاه وحشرنا مع زمرة العلماء وطلاب العلم هو ولي ذلك والقادر عليه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فوائد من سيرة الصحابي معاذ بن جبل رضي الله عنه :
1) الحب في الله من أعظم العبادات التي نتقرب بها لله ، ولنا في رسول الله أسوة حسنة ، ( يا معاذ ، والله إني لأحبك )
2) من أجل ما يرفع المؤمن في دنياه وآخرته حسن الخلق وتحصيل العلم ، معاذ بن جبل اسم ملئ التاريخ الإسلامي بهاءً ونورا ، وكان من اكثر ما تميز به معاذ بين الصحابة حسن الخلق والإمامة في العلم
3) اهتمام الصحابة بمكانة العلم ، وكانوا يحفظون لمعاذ بن جبل قدره ، لما علموه من مكانته في العلم .
4) تقديم الإمامة في الصلاة لمن له سبق العلم والدين ولو كان أصغرهم سنا
5) أن يطلب المؤمن العلم من أجل زيادة الإيمان لا من أجل تحصيله لذاته فقط
6) الحرص على عدم فتنة الناس في دينهم بإطالة الصلاة لمن كان يصلي بكبار السن والضعفاء
7) تغليب جانب الرجاء عند قرب حضور الأجل ومحبة لقاء الله وفي الحديث : "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه "

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 جمادى الأولى 1441هـ/12-01-2020م, 12:28 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الأول من سير أعلام المفسرين

إنشاد راجح: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
أوصيكِ بوصية عند اختيار المصادر خاصة عند الكتابة في سير الصحابة، أن تبحثي أولا فيما ثبتت صحته من كتب الصحيحين، ثم الصحيح من كتب السنن والمسانيد، ثم توسعي ما شئتِ في المصادر
مثلا قصة حذيفة بن اليمان يوم الخندق موجودة في صحيح مسلم، فحتى وإن نسبتيها للمغازي للواقدي، فلا ينبغي إغفال نسبتها لكتاب من كتب الصحيح.

عبد الكريم الشملان: أ+
أحسنت بارك الله فيك، بعض الفقرات بحاجة إلى إعادة ترتيب، من تقديم وتأخير، مثلا حديثك عن ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن مسعود لما رأى الصحابة ساقه الدقيقة، فمن غير المناسب أن يتخلل حديثك عن هجرته إلى الحبشة ومن ثم للمدينة، بل يمكن أن تجعله قبل حديثك عن علمه وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن منه.
كذلك الحديث عن أقوال ابن مسعود رضي الله عنه تؤخر بعد حديثك عن قدره في التفسير.

رشا عطية: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
واصلي التدرب على كتابة الرسائل وأنصحكِ بعمل مسودة قبل كتابة الرسالة، تحددين فيها المقصد من الرسالة وليكن هنا مثلا " تحفيز طلاب العلم على الاجتهاد فيه"، ثم وضع عناصر للرسالة من خلال سيرة المفسر الذي ترغبين في الكتابة عنه، وبحسب المادة العلمية التي قمتِ بجمعها، وقومي بترتيب هذه العناصر بحيث تخرج بصورة متسلسلة ومشوقة
فيمكنكِ أن تبدأي بمشهد الختام في حياة معاذ بن جبل رضي الله عنه، ووصيته عند موته، ثم تعودين إلى محطات حياته وتبرزين كيف عمل هو بهذه الوصية في حياته؟ كيف دخل في الإسلام؟، وخبر جمعه للقرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وخبر بعثه معلمًا إلى اليمن، وأخبار تخلقه بأخلاق العلماء وامتثاله لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بما ينبغي لطالب العلم أن يأتسي به ....
حسن إعدادكِ لرسالتك يكون له دور كبير في إخراجها بإذن الله.

بارك الله فيكن ونفع بكن الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11 جمادى الآخرة 1441هـ/5-02-2020م, 05:31 AM
حليمة السلمي حليمة السلمي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 321
افتراضي

إمام الفقهاء وكنز العلماء.
معاذ بن جبل الأنصاري (ت 19هـ)

"والله، إني أحبك يا معاذ" الله أكبر مقولة يتفطر القلب شوقًا لمثلها من قائلها، ما أجملها من عبارة وما أروعها وما أجلها والقائل رسول الله ﷺ! ما أهنأك يا معاذ عليك رضوان الله تعالى بمحبة رسول الله ﷺ! ويشهد الله على محبتنا لكل من أحبه رسول الله.
إنه: معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الخزرجي الأنصاري من كبار علماء الصحابة وقرائهم وفقهائهم، كان قاضيًا ومعلمًا بأمر رسول الله ﷺ.
يكنى رضي الله عنه بأبي عبدالرحمن ، أسلم شابًا في الثامنة عشر من عمره، وشهد مع قومه الخزرج بيعة العقبة الثانية، ولما هاجر رسول الله ﷺ إلى المدينة لازمه؛ فأخذ عنه القرآن والأحكام الشرعية، وشهد معه ﷺ المشاهد كلها.
استخلفه رسول الله ﷺ في مكة بعد الفتح يقرئ الناس القرآن، ثم أرسله ﷺ إلى اليمن معلمًا وقاضيًا، ومات رسول ﷺ وهو هناك.
جمع القرآن في حياة رسول الله ﷺ وكان -رضي الله عنه- من القراء الصّحابة الذين قال فيهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِن أرْبَعَةٍ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ، وسَالِمٍ مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ، وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، ومُعَاذِ بنِ جَبَلٍ" رواه البخاري في صحيحه.
تعلم من رسول الله العلم الواسع والفقه والحكمة حتى قال عنه ﷺ "وأعلَمُها بالحَلالِ والحَرامِ مُعاذٌ" رواه الإمام أحمد وابن ماجه والنسائي في الكبرى.
كانت مكانته عند النبي عظيمة جدًا فقد أحبه رسول الله ﷺ وخصه بوصية عظيمة نافعة له وللأمة من بعده، روي معاذ بن جبل رضي الله عنه: "أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أخَذ بيدِه فقال: يا معاذُ واللهِ إنِّي لأُحِبُّك، فقال معاذٌ: بأبي أنتَ وأُمِّي واللهِ إنِّي لأُحِبُّك، فقال: يا معاذُ أوصيك ألَّا تدَعَنَّ في دبُرِ كلِّ صلاةٍ أنْ تقولَ: اللَّهمَّ أعِنِّي على ذِكرِك وشُكرِك وحُسنِ عبادتِك" رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داوود والنسائي في السنن الكبري.
زكاه الرسول ﷺ في دينه وشهد له بالصلاح والتقوى، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ ﷺ: "نعمَ الرجلُ أبو بكرٍ، نعمَ الرجلُ عمرُ، نعمَ الرجلُ أبو عُبَيدَةَ بنُ الجرَّاحِ، نعمَ الرجلُ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، نعمَ الرجلُ ثابِتُ ابنُ قيسِ بنِ شمَّاسٍ، نعمَ الرجلُ معاذُ بنُ جبلٍ، نعمَ الرجلُ معاذُ بنُ عمرِو ابنِ الجَمُوح، نعمَ الرجلُ سهيلُ ابنُ بيضاءَ" رواه الألباني، في صحيح الجامع.
وأثنى عليه الصحابة رضي الله عنهم، روى يحيى بن أبي عمرو السيباني عن أبي العجفاء عن عمر بن الخطاب مرفوعا: (يأتي معاذ بين يدي العلماء رتوة). رواه أبو نعيم وابن أبي عاصم، وروي من طرق أخرى يشدّ بعضها بعضاً، وفي لفظ: «معاذ بن جبل أمام العلماء برتوة يوم القيامة».
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان معاذ بن جبل من أحسن الناس وجها، وأحسنهم خلقا، وأسمحهم كفا..) رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى.
و قال الشعبي عن مسروق كنا عند بن مسعود فقرأ: (إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين)
فقال فروة بن نوفل: نسي.
فقال عبد الله: من نسي أنا كنا نشبهه بإبراهيم عليه السلام.
خرج رضي الله عنه إلى الشام مجاهدًا ومعلمًا للقرآن، ثم أصاب الطاعون بلاد الشام في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقبل وفاة واليها أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه بالطاعون استخلف عليها معاذ بن جبل رضي الله عنه ، الذي مات بعده بالطاعون أيضًا سنة ثمانية عشر من الهجرة، وهو ابن ثمانية وثلاثين عامًا.
ومن الآثار المروية له في التفسير ما رواه ابن جرير عن إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد عن ابن مسعود: أن رجلا لقي امرأة في بعض طرق المدينة، فأصاب منها ما دون الجماع، فأتى النبي ﷺ فذكر ذلك له، فنزلت: {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} ، فقال معاذ بن جبل: يا رسول الله، لهذا خاصة، أو لنا عامة؟ قال: بل لكم عامة).
وما رواه ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون، قال ثنا حميد بن أبي الخزامى قال: سئل معاذ بن جبل عن قول الله: {فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها} قال: {لا انفصام لها} يعني: لا انقطاع لها- مرتين- دون دخول الجنة).
روى عنه عدد من الصحابة منهم، ابن عباس وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر، وأنس، وجابر وأبو الطفيل رضي الله عنهم.
ومن التابعين جماعة منهم عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، وقيس بن أبي حازم، وعمرو بن ميمون الأودي، وعبد الرحمن بن غنم الأشعري، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وأبو حمزة الشيباني، وغيرهم، واختلف في سماع مسروق منه.
رضي الله عن معاذ بن جبل وأرضاه، وجمعه مع الحبيب الذي أحبه ﷺ في أعلى درجات الجنان، ورزقنا العلم والفقه في الدين ومحبة رسول رب العالمين ﷺ. آمين.
وصلى الله وسلم على رسولنا الأمين، وآله وصحبه أجمعين.

الفوائد المستفادة:
البحث في السيرة النبوية عن الأسباب الجالبة لمحبة رسول الله ﷺ والحرص على امتثالها والمداومة عليها.
الاقتداء بمعاذ بن جبل رضي الله عنه في حرصه على العلم وملازمة التعلم والتفقه في الدين.
العلم طريق الصلاح ؛ فمتى ما حرص العبد على طلبه والعمل به والدعوة إليه ؛ كان في زمرة أولياء الله الصالحين.
أول طريق العلم النافع جمع القرآن الكريم وتعاهده بالتدبر والمدارسة.
التفقه في الدين والعلم بالحلال والحرام شريعة العلماء الربانيين الذين أخلصوا لله فنالوا الدرجات العليا في الآخرة وفي الدنيا.
والله أعلم


تم الجواب وبالله التوفيق

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 17 جمادى الآخرة 1441هـ/11-02-2020م, 03:33 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حليمة السلمي مشاهدة المشاركة
إمام الفقهاء وكنز العلماء.
معاذ بن جبل الأنصاري (ت 19هـ)

"والله، إني أحبك يا معاذ" الله أكبر مقولة يتفطر القلب شوقًا لمثلها من قائلها، ما أجملها من عبارة وما أروعها وما أجلها والقائل رسول الله ﷺ! ما أهنأك يا معاذ عليك رضوان الله تعالى بمحبة رسول الله ﷺ! ويشهد الله على محبتنا لكل من أحبه رسول الله.
إنه: معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الخزرجي الأنصاري من كبار علماء الصحابة وقرائهم وفقهائهم، كان قاضيًا ومعلمًا بأمر رسول الله ﷺ.
يكنى رضي الله عنه بأبي عبدالرحمن ، أسلم شابًا في الثامنة عشر من عمره، وشهد مع قومه الخزرج بيعة العقبة الثانية، ولما هاجر رسول الله ﷺ إلى المدينة لازمه؛ فأخذ عنه القرآن والأحكام الشرعية، وشهد معه ﷺ المشاهد كلها.
استخلفه رسول الله ﷺ في مكة بعد الفتح يقرئ الناس القرآن، ثم أرسله ﷺ إلى اليمن معلمًا وقاضيًا، ومات رسول ﷺ وهو هناك.
جمع القرآن في حياة رسول الله ﷺ وكان -رضي الله عنه- من القراء الصّحابة الذين قال فيهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِن أرْبَعَةٍ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ، وسَالِمٍ مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ، وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، ومُعَاذِ بنِ جَبَلٍ" رواه البخاري في صحيحه.
تعلم من رسول الله العلم الواسع والفقه والحكمة حتى قال عنه ﷺ "وأعلَمُها بالحَلالِ والحَرامِ مُعاذٌ" رواه الإمام أحمد وابن ماجه والنسائي في الكبرى.
كانت مكانته عند النبي عظيمة جدًا فقد أحبه رسول الله ﷺ وخصه بوصية عظيمة نافعة له وللأمة من بعده، روي معاذ بن جبل رضي الله عنه: "أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أخَذ بيدِه فقال: يا معاذُ واللهِ إنِّي لأُحِبُّك، فقال معاذٌ: بأبي أنتَ وأُمِّي واللهِ إنِّي لأُحِبُّك، فقال: يا معاذُ أوصيك ألَّا تدَعَنَّ في دبُرِ كلِّ صلاةٍ أنْ تقولَ: اللَّهمَّ أعِنِّي على ذِكرِك وشُكرِك وحُسنِ عبادتِك" رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داوود والنسائي في السنن الكبري.
زكاه الرسول ﷺ في دينه وشهد له بالصلاح والتقوى، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ ﷺ: "نعمَ الرجلُ أبو بكرٍ، نعمَ الرجلُ عمرُ، نعمَ الرجلُ أبو عُبَيدَةَ بنُ الجرَّاحِ، نعمَ الرجلُ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، نعمَ الرجلُ ثابِتُ ابنُ قيسِ بنِ شمَّاسٍ، نعمَ الرجلُ معاذُ بنُ جبلٍ، نعمَ الرجلُ معاذُ بنُ عمرِو ابنِ الجَمُوح، نعمَ الرجلُ سهيلُ ابنُ بيضاءَ" رواه الألباني، في صحيح الجامع. [الألباني رحمه الله من العلماء المتأخرين، له مجهود كبير في تحقيق الأحاديث وبيان صحتها من ضعفها لكن لا يروي بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالطبع، وإنما يقال: صححه الألباني]
وأثنى عليه الصحابة رضي الله عنهم، روى يحيى بن أبي عمرو السيباني عن أبي العجفاء عن عمر بن الخطاب مرفوعا: (يأتي معاذ بين يدي العلماء رتوة). رواه أبو نعيم وابن أبي عاصم، وروي من طرق أخرى يشدّ بعضها بعضاً، وفي لفظ: «معاذ بن جبل أمام العلماء برتوة يوم القيامة».
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان معاذ بن جبل من أحسن الناس وجها، وأحسنهم خلقا، وأسمحهم كفا..) رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى.
و قال الشعبي عن مسروق كنا عند بن مسعود فقرأ: (إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين)
فقال فروة بن نوفل: نسي.
فقال عبد الله: من نسي أنا كنا نشبهه بإبراهيم عليه السلام.
خرج رضي الله عنه إلى الشام مجاهدًا ومعلمًا للقرآن، ثم أصاب الطاعون بلاد الشام في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقبل وفاة واليها أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه بالطاعون استخلف عليها معاذ بن جبل رضي الله عنه ، الذي مات بعده بالطاعون أيضًا سنة ثمانية عشر من الهجرة، وهو ابن ثمانية وثلاثين عامًا.
ومن الآثار المروية له في التفسير ما رواه ابن جرير عن إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد عن ابن مسعود: أن رجلا لقي امرأة في بعض طرق المدينة، فأصاب منها ما دون الجماع، فأتى النبي ﷺ فذكر ذلك له، فنزلت: {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} ، فقال معاذ بن جبل: يا رسول الله، لهذا خاصة، أو لنا عامة؟ قال: بل لكم عامة).
وما رواه ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون، قال ثنا حميد بن أبي الخزامى قال: سئل معاذ بن جبل عن قول الله: {فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها} قال: {لا انفصام لها} يعني: لا انقطاع لها- مرتين- دون دخول الجنة).
روى عنه عدد من الصحابة منهم، ابن عباس وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر، وأنس، وجابر وأبو الطفيل رضي الله عنهم.
ومن التابعين جماعة منهم عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، وقيس بن أبي حازم، وعمرو بن ميمون الأودي، وعبد الرحمن بن غنم الأشعري، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وأبو حمزة الشيباني، وغيرهم، واختلف في سماع مسروق منه.
رضي الله عن معاذ بن جبل وأرضاه، وجمعه مع الحبيب الذي أحبه ﷺ في أعلى درجات الجنان، ورزقنا العلم والفقه في الدين ومحبة رسول رب العالمين ﷺ. آمين.
وصلى الله وسلم على رسولنا الأمين، وآله وصحبه أجمعين.

الفوائد المستفادة:
البحث في السيرة النبوية عن الأسباب الجالبة لمحبة رسول الله ﷺ والحرص على امتثالها والمداومة عليها.
الاقتداء بمعاذ بن جبل رضي الله عنه في حرصه على العلم وملازمة التعلم والتفقه في الدين.
العلم طريق الصلاح ؛ فمتى ما حرص العبد على طلبه والعمل به والدعوة إليه ؛ كان في زمرة أولياء الله الصالحين.
أول طريق العلم النافع جمع القرآن الكريم وتعاهده بالتدبر والمدارسة.
التفقه في الدين والعلم بالحلال والحرام شريعة العلماء الربانيين الذين أخلصوا لله فنالوا الدرجات العليا في الآخرة وفي الدنيا.
والله أعلم


تم الجواب وبالله التوفيق
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
لو فصّلتِ بشكل أكبر في بيان التلازم بين ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم حتى كان معاذ بن جبل من الصحابة الذين جمعوا القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وشهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بأنه أعلم الأمة بالحلال والحرام، وبين تأدية معاذ بن جبل رضي الله عنه لهذا العلم، واستخلاف النبي صلى الله عليه وسلم وبعثه له، ومن بعد النبي صلى الله عليه وسلم الخلفاء الراشدين.
المقصد بيان أهمية تحمل العلم من مصادره الصحيحة، ثم أهمية تأدية هذا العلم، كنصيحة توضحيها لطلاب العلم في رسالتك، خصوصًا وأنك ذكرت الأدلة من سيرة معاذ رضي الله عنه، لكن بقيت الصياغة الأدبية منكِ فتزيدي هذه الأدلة بيانًا، وتنبيها لطالب العلم ليعتني بما فيها من وصايا وفوائد.
ويمكن أيضًا التعريج على وصية النبي صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي شهد فيه النبي صلى الله عليه وسلم بحب معاذ-، ومع شهادته أوصاه: " اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"
فتنبهين على أنه مهما بلغ المرء من علمه وعمله حتى شهد له النبي صلى الله عليه وسلم " وأعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ"، فإنه لا يستغني أبدا عن الاعتصام بالله عز وجل فيسأله دبر كل صلاة بهذا الدعاء.
وراجعي التعليق على الأخت رشا، ولكل منكما وصية مختلفة كمدخل مختلف لسيرة نفس الصحابي رضوان الله عليهم جميعًا
التقويم: أ
زادكِ الله علمًا وهدىً ونفع بكِ الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثامن

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir