دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م, 09:54 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب صلاة الكسوف (3/3) [صفة صلاة الكسوف وهيئتها]


وعن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فصَلَّى، فقامَ قِيامًا طَويلًا، نَحْوًا مِن قِراءةِ سورةِ البَقرةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا، ثُمَّ رَفَعَ فقَامَ قِيامًا طَويلًا وهو دُونَ القِيامِ الأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَويلًا وهو دُونَ الرُّكوعِ الأَوَّلِ، [ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قامَ قِيامًا طَويلًا، وهو دُونَ القِيامِ الأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكوعًا طَويلًا وهو دُونَ الرُّكوعِ الأَوَّلِ] ثُمَّ رَفَعَ فقامَ قِيامًا طَويلًا وهو دُونَ القِيامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكوعًا طَويلًا وهو دُونَ الرُّكوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وقد تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فخَطَبَ الناسَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، واللفظُ للبخاريِّ.
وفي روايَةٍ لمسلِمٍ: صَلَّى حينَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ (ثمانِ•+) رَكَعَاتٍ في أَرْبَعِ سجَدَاتٍ.
وعن عليٍّ مِثْلُ ذَلِكَ.
وله: عن جابرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بأربعِ سجَدَاتٍ.
ولأبي دَاوُدَ: عن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ: صَلَّى فرَكَعَ خَمْسَ، رَكَعاتٍ وسَجَدَ سَجدتينِ، وفَعَلَ في الثانيَة مِثْلَ ذَلِكَ.
وعن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: ما هَبَّتْ رِيحٌ قط إلا جَثَا النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وقالَ: ((اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا)). رواهُ الشافعيُّ والطبرانيُّ.
وعنه: أنه صَلَّى في زَلزلةٍ سِتَّ رَكَعاتٍ وأَربعَ سجَدَاتٍ، وقالَ: هكذا صَلَاةُ الآياتِ. رواهُ البَيْهَقِيُّ.
وذَكَرَ الشافعيُّ عن عليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثلَهُ دُونَ آخِرِه.


  #2  
قديم 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م, 09:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


4/473 - وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: انْخَسَفَت الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى؛ فَقَامَ قِيَاماً طَوِيلاً نَحْواً مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعاً طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَاماً طَوِيلاً، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعاً طَوِيلاً، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ قِيَاماً طَوِيلاً، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعاً طَوِيلاً، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَاماً طَوِيلاً، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعاً طَوِيلاً، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَد انْجَلَت الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وفي رِوايَةٍ لمُسْلِمٍ: صَلَّى حِينَ كَسَفَتِ الشمسُ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ في أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ.
(وعن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: انْخَسَفَت الشمسُ علَى عهدِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم، فصلَّى، فقامَ قياماً طَويلاً نَحواً مِنْ قِراءةِ سُورةِ البقرةِ، ثمَّ رَكَعَ رُكوعاً طويلاً، ثمَّ رَفَعَ فقامَ قِياماً طويلاً، وهوَ دُونَ القيامِ الأوَّلِ، ثمَّ ركَعَ رُكوعاً طويلاً، وهوَ دونَ الركوعِ الأوَّلِ، ثمَّ سَجَدَ، ثمَّ قامَ قياماً طَويلاً، وهوَ دونَ القيامِ الأوَّلِ، ثمَّ رَكَعَ رُكوعاً طويلاً وهوَ دونَ الرُّكوعِ الأوَّلِ، ثمَّ رفَعَ فقامَ طويلاً، وهوَ دونَ القيامِ الأوَّلِ، ثمَّ رَكَعَ رُكوعاً طويلاً، وهوَ دونَ الركوعِ الأوَّلِ، ثمَّ رَفَعَ رأسَهُ، ثمَّ سَجَدَ، ثمَّ انْصَرَفَ وقدِ انْجَلَت الشمسُ، فخطَبَ الناسَ. مُتَّفَقٌ عليهِ، واللفظُ للبخارِيِّ).
قَوْلُهُ: "فَصَلَّى"، ظَاهِرُ الْفَاءِ التَّعْقِيبُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ صَلاةَ الْكُسُوفِ وردَتْ عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ذَكَرَهَا الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمْ، وَهِيَ سُنَّةٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَفِي دَعْوَى الاتِّفَاقِ نَظَرٌ؛ لأَنَّهُ صَرَّحَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ بِوُجُوبِهَا، وَحَكَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَجْرَاهَا مَجْرَى الْجُمُعَةِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إيجَابُهَا.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهَا تُسَنُّ فِي جَمَاعَةٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: فُرَادَى. وَحُجَّةُ الأَوَّلِينَ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا جَمَاعَةً، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهَا؛ فَالْجُمْهُورُ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامَانِ وَقِرَاءَتَانِ وَرُكُوعَانِ، وَالسُّجُودُ سَجْدَتَانِ كَغَيْرِها، وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ ذَهَبَ إلَيْهَا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَآخَرُونَ.
وَفِي قَوْلِهِ: " نَحْواً مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنَ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الْقِيَامِ الأَوَّلِ مِنْ أَوَّلِ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الكتابِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِيَامِ الثَّانِي، وَمَذْهَبُنَا وَمَالِكٌ أَنَّهَا لا تَصِحُّ الصَّلاةُ إلاَّ بِقِرَاءَتِهَا، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ طُولِ الرُّكُوعِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِن الطُّرُقِ بَيَانَ مَا قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، إلاَّ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا أَنَّهُ لا قِرَاءَةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْمَشْرُوعُ فِيهِ الذِّكْرُ مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَكْبِيرٍ وَغَيْرِهِمَا.
وَفِي قَوْلِهِ: " وَهُوَ دُونَ الرُّكوعِ الأَوَّلِ " دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ الَّذِي يَعْقُبُهُ السُّجُودُ لا تَطْوِيلَ فِيهِ، وَأَنَّهُ دُونَ الأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، أَنَّهُ أَطَالَ ذَلِكَ. لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهَا شَاذَّةٌ فَلا يُعْمَلُ بِهَا.
وَنَقَلَ الْقَاضِي إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لا يُطَوِّلُ الاعْتِدَالَ الَّذِي يَلِي السُّجُودَ، وَتَأْوِيلُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالإِطَالَةِ زِيَادَةَ الطُّمَأْنِينَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ طُولَ السُّجُودِ، وَلَكِنَّهُ قَدْ ثَبَتَتْ إطَالَتُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لِلشَّافِعِيِّ: إنَّهُ يُطَوِّلُ؛ لِلأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِذَلِكَ، فَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ: كَانَ أَطْوَلَ مَا يَسْجُدُ فِي صَلاةٍ قَطُّ. وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: وَسُجُودُهُ نَحْوُ مِنْ رُكُوعِهِ. وَبِهِ جَزَمَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ.
وَيَقُولُ عَقِيبَ كُلِّ رُكُوعٍ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ يَقُولُ عَقِيبَهُ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، إلَى آخِرِهِ، وَيُطَوِّلُ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ؛ فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لِحَدِيثِ جَابِرٍ: إطَالَةُ الاعْتِدَالِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِن الطُّرُقِ، إلاَّ فِي هَذَا، وَنَقْلُ الْغَزَالِيِّ الاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِ إطَالَتِهِ مَرْدُودٌ.
وَفِي قَوْلِهِ: " ثُمَّ قَامَ قِيَاماً طَوِيلاً، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ " دَلِيلٌ عَلَى إطَالَةِ الْقِيَامِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَكِنَّهُ دُونَ الْقِيَامِ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى.
وَقَدْ وَرَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّهُ قَرَأَ آلَ عِمْرَانَ.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لا خِلافَ أَنَّ الرَّكْعَةَ الأُولَى بِقِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا تَكُونُ أَطْوَلَ مِن الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِقِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا.
وَاخْتُلِفَ فِي الْقِيَامِ الأَوَّلِ مِن الثَّانِيَةِ وَرُكُوعِهِ: هَلْ هُمَا أَقْصَرُ مِن الْقِيَامِ الثَّانِي مِن الأَوَّلِ وَرُكُوعِهِ أَوْ يَكُونَانِ سَوَاءً؟ قِيلَ: وَسَبَبُ هَذَا الْخِلافِ فَهْمُ مَعْنَى قَوْلِهِ: " وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ ": هَل الْمُرَادُ بِهِ الأَوَّلُ مِن الثَّانِيَةِ أَوْ يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ، فَيَكُونُ كُلُّ قِيَامٍ دُونَ الَّذِي قَبْلَهُ؟
وَفِي قَوْلِهِ: " فَخَطَبَ النَّاسَ " دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ الْخُطْبَةِ بَعْدَ صَلاةِ الْكُسُوفِ، وَإِلَى اسْتِحْبَابِهَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وكَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ.
وَعَن الْحَنَفِيَّةِ: لا خُطْبَةَ فِي الْكُسُوفِ؛ لأَنَّهَا لَمْ تُنْقَلْ. وَتُعُقِّبَ بِالأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِالْخُطْبَةِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْخُطْبَةَ بَلْ قَصَدَ الرَّدَّ عَلَى مَن اعْتَقَدَ أَنَّ الْكُسُوفَ بِسَبَبِ مَوْتِ أَحَدٍ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ: فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ: وَشَهِدَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: أَنَّهُ ذَكَرَ أَحْوَالَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَغَيْرَ ذَلِكَ. وَهَذِهِ مَقَاصِدُ الْخُطْبَةِ.
وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ: عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: فَخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ((أَمَّا بَعْدُ، مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ رَأَيْتُهُ إِلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا، حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ قَرِيباً، أَوْ مِثْلَ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ))، لا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَ.
قَالَتْ أَسْمَاءُ: ((فَيُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَو الْمُوقِنُ))، لا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قالَ. قَالَتْ أَسْمَاءُ: ((فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَأَجَبْنَا وَأَطَعْنَا)) ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يُقَالُ: ((نَمْ، قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تُؤْمِنُ بِهِ، فَنَمْ صَالِحاً)). وَفِي مُسْلِمٍ رِوَايَةٌ أُخْرَى فِي الْخُطْبَةِ بِأَلْفَاظٍ فِيهَا زِيَادَةٌ.
(وَفِي رِوَايَةِ لِمُسْلِمٍ)؛ أَيْ: عَن ابْنِ عَبَّاسٍ، (صَلَّى)؛ أَي: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (حِينَ كَسَفَت الشَّمْسُ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ)؛ أَيْ: رُكُوعَاتٍ، (فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ) فِي رَكْعَتَيْنِ؛ لأَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ لَهَا سَجْدَتَانِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ رَكَعَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعَ رُكُوعَاتٍ، فَيَحْصُلُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ ثَمَانِي رُكُوعَاتٍ، وَإِلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ.

5/474 - وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ.
(وَعَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ)؛ أَيْ: وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْهُ (مِثْلُ ذَلِكَ)؛ أَيْ: مِثْلُ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
6/475 - وَلَهُ عَنْ جَابِرٍ: صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ.
(وَلَهُ)؛ أَيْ: لِمُسْلِمٍ، (عَنْ جَابِرِ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، (صَلَّى)؛ أَي: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (سِتَّ رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ)؛ أَيْ: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلاثُ رُكُوعَاتٍ وَسَجْدَتَانِ.
7/476 - وَلأَبِي دَاوُدَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: صَلَّى فَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، وَفَعَلَ فِي الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ.
(وَلأَبِي دَاوُدَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، صَلَّى)؛ أَيْ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (فَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ)؛ أَيْ: رُكُوعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، (وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، وَفَعَلَ فِي الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ)؛ رَكَعَ خَمْسَ رُكُوعَاتٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ.
إذَا عَرَفْتَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ، فَقَدْ يَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِهَا أَنَّ صَلاةَ الْكُسُوفِ رَكْعَتَانِ اتِّفَاقاً، إنَّمَا اخْتُلِفَ فِي كَمِّيَّةِ الرُّكُوعَاتِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَحَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي سَاقَهَا الْمُصَنِّفُ أَرْبَعُ صُوَرٍ:
الأُولَى: رَكْعَتَانِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ، وَبِهَذَا أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ، وَعَلَيْهَا دَلَّ حَدِيثُ عَائِشَةَ وَجَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ أَصَحُّ مَا فِي الْبَابِ، وَبَاقِي الرِّوَايَاتِ مُعَلَّلَةٌ ضَعِيفَةٌ.
الثَّانِيَةُ: رَكْعَتَانِ أَيْضاً، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعُ رُكُوعَاتٍ، وَهِيَ الَّتِي أَفَادَتْهَا رِوَايَةُ مُسْلِمٍ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ.
وَالثَّالِثَةُ: رَكْعَتَانِ أَيْضاً، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلاثُ رُكُوعَاتٍ، وَعَلَيْهَا دَلَّ حَدِيثُ جَابِرٍ.
وَالرَّابِعَةُ: رَكْعَتَانِ أَيْضاً، يَرْكَعُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ خَمْسَ رُكُوعَاتٍ.
وَلَمَّا اخْتَلَفَت الرِّوَايَاتُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ؛ فَالْجُمْهُورُ أَخَذُوا بِالأُولَى لِمَا عَرَفْتَ مِنْ كَلامِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إنَّهُ أَخَذَ بِكُلِّ نَوْعٍ بَعْضُ الصَّحَابَةِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِن الْمُحَقِّقِينَ: إنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الأَنْوَاعِ، فَأَيُّهَا فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ تَعَدَّدَ الْكُسُوفُ، وَأَنَّهُ فَعَلَ هَذِهِ تَارَةً، وَهَذَا أُخْرَى، وَلَكِنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ كُلَّ الرِّوَايَاتِ حِكَايَةٌ عَنْ وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ، هِيَ صَلاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ وَفَاةِ إبْرَاهِيمَ؛ وَلِهَذَا عَوَّلَ الآخَرُونَ عَلَى إعْلالِ الأَحَادِيثِ الَّتِي حَكَت الصُّوَرَ الثَّلاثَ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: كِبَارُ الأَئِمَّةِ لا يُصَحِّحُونَ التَّعَدُّدَ لِذَلِكَ؛ كَالإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَالشَّافِعِيِّ، وَيَرَوْنَهُ غَلَطاً. وَذَهَبَت الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهَا تُصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ.
8/477 - وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَا هَبَّتِ الرِّيحُ قَطُّ إلاَّ جَثَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ: ((اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلا تَجْعَلْهَا عَذَاباً)). رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ.
(وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَا هَبَّتْ رِيحٌ قَطُّ إلاَّ جَثَا): بِالْجِيمِ وَالْمُثَلَّثَةِ، (النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ)؛ أَيْ: بَرَكَ عَلَيْهِمَا، وَهِيَ قَعْدَةُ الْمَخَافَةِ لا يَفْعَلُهَا فِي الأَغْلَبِ إلاَّ الْخَائِفُ، (وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلا تَجْعَلْهَا عَذَاباً. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ).
الرِّيحُ اسْمُ جِنْسٍ صَادِقٌ عَلَى مَا يَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وما يَأْتِي بِالْعَذَابِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً: ((الرِّيحُ مِنْ رُوحِ اللَّهِ؛ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَبِالْعَذَابِ، فَلا تَسُبُّوهَا)).
وَقَدْ وَرَدَ فِي تَمَامِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ((اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحاً، وَلا تَجْعَلْهَا رِيحاً)). وَهُوَ يَدُلُّ أَنَّ الْمُفْرَدَ يَخْتَصُّ بِالْعَذَابِ، وَالْجَمْعَ بِالرَّحْمَةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي كِتَابِ اللَّهِ {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً} وَ{أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}، {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}، {أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ}.
رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ والبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ الْكَبِيرِ، وَهُوَ بَيَانُ أَنَّهَا جَاءَتْ مَجْمُوعَةً فِي الرَّحْمَةِ وَمُفْرَدَةً فِي الْعَذَابِ، فَاسْتُشْكِلَ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ طَلَبِ أَنْ تَكُونَ رَحْمَةً، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ: لا تُهْلِكْنَا بِهَذِهِ الرِّيحِ؛ لأَنَّهُمْ لَوْ هَلَكُوا بِهَذِهِ الرِّيحِ لَمْ تَهُبَّ بعدَها عَلَيْهِمْ رِيحٌ أُخْرَى، فَتَكُونُ رِيحاً لا رِيَاحاً.
9/478 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ صَلَّى فِي زَلْزَلَةٍ سِتَّ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَقَالَ: هَكَذَا صَلاةُ الآيَاتِ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَهُ دُونَ آخِرِهِ.
(وَعَنْهُ)؛ أَي: ابْنِ عَبَّاسٍ، (صَلَّى فِي زَلْزَلَةٍ سِتَّ رَكَعَاتٍ)؛ أَيْ: رُكُوعَاتٍ، (وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ)؛ أَيْ: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلاثُ رُكُوعَاتٍ، (وَقَالَ: هَكَذَا صَلاةُ الآيَاتِ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ دُونَ آخِرِهِ)، وَهُوَ قَوْلُهُ: " هَكَذَا صَلاةُ الآيَاتِ ". أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عنهُ، أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ فِي زَلْزَلَةٍ فِي الْبَصْرَةِ.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُخْتَصَراً، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ صَلَّى بِهِمْ فِي زَلْزَلَةٍ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ رَكَعَ فِيهَا سِتًّا. وَظَاهِرُ اللَّفْظِ أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ جَمَاعَةً. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْقَاسِمُ مِن الآلِ، وَقَالَ: يُصَلِّي لِلأَفْزَاعِ مِثْلَ صَلاةِ الْكُسُوفِ، وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَلَكِنْ قَالَ: كَصَلاةِ الْكُسُوفِ.
قُلْتُ: لَكِنْ فِي كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يُصَلِّي الْكُسُوفَ رَكْعَتَيْنِ إذَا شَاءَ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى أَنَّهُ لا يُسَنُّ التَّجْمِيعُ، وَأَمَّا صَلاةُ الْمُنْفَرِدِ فَحَسَنٌ، قَالَ: لأَنَّهُ لَمْ يُرْوَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالتَّجْمِيعِ إلاَّ فِي الْكُسُوفَيْنِ.


  #3  
قديم 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م, 10:00 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


412- وعن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: انْخَسَفَت الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ فصَلَّى، فقامَ قِياماً طَويلاً، نَحْواً مِنْ قِراءةِ سورةِ البَقرةِ، ثمَّ رَكَعَ رُكُوعاً طَويلاً، ثمَّ رَفَعَ فقَامَ قِياماً طَويلاً، وهوَ دُونَ القِيامِ الأَوَّلِ، ثمَّ رَكَعَ رُكُوعاً طَويلاً، وهوَ دُونَ الرُّكوعِ الأَوَّلِ، ثمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قامَ قِياماً طَويلاً، وهوَ دُونَ القِيامِ الأَوَّلِ، ثمَّ رَكَعَ رُكوعاً طَويلاً، وهوَ دُونَ الرُّكوعِ الأَوَّلِ، ثمَّ رَفَعَ فقامَ قِياماً طَويلاً، وهوَ دُونَ القِيامِ الأَوَّلِ، ثمَّ رَكَعَ رُكوعاً طَويلاً، وهوَ دُونَ الرُّكوعِ الأَوَّلِ، ثمَّ سَجَدَ، ثمَّ انْصَرَفَ وقدْ تَجَلَّت الشَّمْسُ، فخَطَبَ الناسَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، واللفظُ للبخاريِّ.
وفي روايَةٍ لمسلِمٍ: صَلَّى حينَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ في أَرْبَعِ سجَدَاتٍ.
وعنْ عليٍّ مِثْلُ ذَلِكَ.
ولهُ عنْ جابرٍ: صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بأربعِ سجَدَاتٍ.
ولأبي دَاوُدَ عنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ: صَلَّى، فرَكَعَ خَمْسَ رَكَعاتٍ، وسَجَدَ سَجدتيْنِ، وفَعَلَ في الثانيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ.
* درجةُ الحديثِ:
اختَلَفَت الأحاديثُ في عددِ الركعاتِ في الركعةِ الواحدةِ؛ فرُوِيَ: " رُكُوعَانِ في الركعةِ "، ورُوِيَ: " ثلاثُ ركعاتٍ في الركعةِ "، ورُوِيَ: " أربعُ ركعاتٍ في الركعةِ "، ورُوِيَ: " خمسةُ ركعاتٍ في الركعةِ "، فصلاةُ الكسوفِ رُوِيَتْ على هذهِ الكيفيَّاتِ المتعَدِّدَةِ، معَ أنَّ الخسوفَ لم يَقَعْ إلاَّ مَرَّةً واحدةً في زمَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ؛ ولِذَا صَحَّحَ الأئمَّةُ والمُحَقِّقُونَ حديثَ عائشةَ الذي فيهِ: " أربعُ ركعاتٍ في ركعتَيْنِ " على غيرِهِ مِن الرواياتِ، وضَعَّفُوا ما عدَاهُ مِن الرواياتِ، ومنهم الأئمَّةُ: الشافعيُّ، وأحمدُ، والبخاريُّ، وابنُ تَيْمِيَّةَ، وابنُ القَيِّمِ، وغَيْرُهُم.
* مفرداتُ الحديثِ:
- انْخَسَفَت الشمْسُ: الكسوفُ للشمْسِ، والخسوفُ للقمَرِ، هذا اصطلاحُ الفقهاءِ، واختارَهُ ثَعْلَبٌ، قالَ في الفصيحِ: كسَفَت الشمْسُ، وخَسَفَ القمَرُ، أجْوَدُ الكلامَيْنِ، وذكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّهُ أفْصَحُ.
قالَ الْعَيْنِيُّ: وفي الحقيقةِ في مَعْنَاهُمَا فَرْقٌ، فقيلَ: الكسوفُ أنْ يُكْسَفَ ببَعْضِهما، والخسوفُ أنْ يُخْسَفَ بكِلَيْهِما، قالَ تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ} [القصص: 81]، وقالَ بعضُ أهْلِ اللُّغَةِ: الأفصَحُ إطلاقُ الكسوفِ على الشمْسِ، والخسوفِ على القمَرِ، وإن صَحَّ إطلاقُ أحَدِهما مكانَ الآخَرِ.
* ما يُؤْخَذُ مِن الحديثِ:
1- طولُ القيامِ في الركعةِ الأُولَى بقَدْرِ قراءةِ سورةِ البقرةِ.
2- تُصَلَّى الركعةُ الأُولَى بركوعَيْنِ وسجودَيْنِ، كلُّ واحدٍ أقْصَرُ مِن الذي قبلَهُ، ثمَّ تُصَلَّى الركعةُ الثانيَةُ كالركعةِ الأُولَى، إلاَّ أنَّها أقْصَرُ منها في قيامِها وركوعِها وسجودِها.
3- قالَ شيخُ الإسلامِ: الكسوفُ يَطُولُ زمانُهُ تارةً، ويَقْصُرُ أُخْرى، بِحَسَبِ ما يُكْسَفُ منهُ، فإذا عَظُمَ الكسوفُ طُوِّلَت الصلاةُ، حتَّى يَقْرَأَ بالبقرةِ ونحوِها في أوَّلِ ركعةٍ، وبعدَ الركوعِ بِدُونِ ذلكَ، وقدْ جاءَت الأحاديثُ الصحيحةُ بما ذَكَرْنا، وشُرِعَ تخفيفُها لزوالِ السببِ، وكذا إذا عُلِمَ أنَّ الكسوفَ لا يَطولُ، وإنْ خَفَّ قَبْلَ الصلاةِ شَرَعَ وأَوْجَزَ، وعليهِ جماهيرُ أهْلِ العلْمِ؛ لأنَّها صلاةٌ شُرِعَتْ لعِلَّةٍ، وقدْ زَالَتْ.
4- انْصَرَفَ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ مِن الصلاةِ وقد انْجَلَت الشمْسُ، فخَطَبَ الناسَ. وهذهِ الصفةُ مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ متَّفَقٌ عليها، وهيَ كحديثِ عائشةَ السابقِ.
5- جاءَ في روايَةِ مسلمٍ: " صَلَّى ثمانِيَ ركعاتٍ في أربَعِ سَجداتٍ "، ولمسلِمٍ عنْ جابِرٍ: " صلَّى ستَّ ركعاتٍ، وسَجَدَ سجدتيْنِ "، ولأبي داودَ عنْ أُبَيِّ بنِ كعْبٍ: " صَلَّى خَمْسَ ركعاتٍ، وسجَدَ، وفَعَلَ في الثانيَةِ مِثْلَ ذلكَ "، وللبيهَقِيِّ عن ابنِ عبَّاسٍ في زَلْزَلَةٍ: " صَلَّى سِتَّ ركعاتٍ وأرْبَعَ سجداتٍ ".
* خِلافُ العُلماءِ:
اخْتَلَفَ العُلماءُ في عَددِ ركعاتِ صلاةِ الكسوفِ؛ فذَهَبَ الحنفيَّةُ إلى أنَّها تُصَلَّى ركعتَيْنِ كهيئةِ الصلواتِ الأُخَرِ؛ لِمَا رَوَى أبو داودَ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ صلَّى ركعتَيْنِ، فأطالَ فيهما القيامَ، وانْجَلَت الشمْسُ.
وذَهَبَ جُمهورُ العُلماءِ إلى أنَّها تُصَلَّى أرْبَعَ ركعاتٍ في أرْبَعِ سجداتٍ، ودليلُهم: حديثُ عائشةَ، وحديثُ ابنِ عبَّاسٍ.
قالَ ابنُ عبدِ الْبَرِّ: هذانِ الحديثانِ مِنْ أصَحِّ ما رُوِيَ في هذا البابِ. وذَهَبَ الحنابِلَةُ إلى جوازِ كلِّ صِفةٍ وَرَدَتْ مِن الشارِعِ، ولكنَّ الأَفْضَلَ هوَ أرْبَعُ ركعاتٍ في كلِّ السجداتِ الأربعِ، كما هوَ رَأْيُ الجمهورِ.
قالَ مُحَرِّرُهُ عَفَا اللَّهُ عنهُ: وَرَدَتْ صِفاتُ صلاةِ الكسوفِ على كَيْفِيَّاتٍ متَعَدِّدَةٍ؛ منها: الأمْرُ بالصلاةِ إِجْمَالاً.
- ومنها: أنْ تُصَلَّى أربعَ ركعاتٍ في أربَعِ سَجداتٍ.
- ومنها: أنْ تُصَلَّى سِتَّ رَكعاتٍ في أَرْبَعِ سجداتٍ.
- ومنها: أنْ تُصَلَّى ثَمَانِيَ ركعاتٍ في أربَعِ سَجداتٍ.
- ومنها: أنْ تُصَلَّى عشْرَ رَكعاتٍ في أَربعِ سجداتٍ.
معَ أنَّ الخسوفَ لم يَقَعْ إلاَّ مَرَّةً واحدةً في زمَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ؛ لذا رَجَّحَ الأئمَّةُ والمحقِّقُونَ حديثَ عائشةَ على غيرِهِ مِن الرواياتِ، وهوَ: أربَعُ ركعاتٍ وأربعُ سَجداتٍ، وما عَدَاهَا فقَدْ ضَعَّفَهُ الأَئِمَّةُ: أحمدُ، والبخاريُّ، والشافعيُّ، وابنُ تَيْمِيَّةَ، وابنُ القيِّمِ، وغَيْرُهم.
قالَ شيخُ الإسلامِ: قدْ وَرَدَ في صلاةِ الكسوفِ أنواعٌ، ولكنَّ الذي استفاضَ عندَ أهْلِ العلْمِ بِسُنَّةِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ، ورواهُ البخاريُّ ومسلِمٌ مِنْ غيرِ وَجْهٍ، وهوَ الذي استحَبَّهُ أكثَرُ أهْلِ العلْمِ؛ كمالِكٍ، والشافعيِّ، وأحمدَ رَحِمَهم اللَّهُ، أنَّهُ صَلَّى بهم ركعتَيْنِ، في كلِّ ركعةٍ ركوعانِ.
وقالَ الشيخُ ناصرُ الدِّينِ الألبانيُّ: الصوابُ أنَّها رُكوعانِ في كلِّ ركعةٍ، كما في حديثِ عائشةَ وغيرِها مِن الصحابةِ رَضِيَ اللَّهُ عنهم، وما سِوَى ذلكَ إمَّا ضعيفٌ، أوْ شاذٌّ لا يُحْتَجُّ بهِ.
وأَجْمَعَ الفقهاءُ على أنَّ وقتَ صلاةِ الكسوفِ مِنْ بَدءِ الكسوفِ إلى التَّجَلِّي.
واخْتَلَفوا: هلْ تُصَلَّى في أوقاتِ النهيِ أوْ لا؟
فذَهَبَ الجمهورُ إلى أنَّها لا تُصَلَّى فيها؛ لِعُمُومِ أحاديثِ النهيِ عن الصلاةِ في هذهِ الأوقاتِ.
وذَهَبَ الشافعيَّةُ إلى أنَّها تُصَلَّى، وخَصُّوا النهيَ في هذهِ الأوقاتِ بالنفْلِ المطلَقِ، أمَّا الصلواتُ ذواتُ الأسبابِ؛ كصلاةِ الكسوفِ وتَحِيَّةِ المسجِدِ، فلا تَدْخُلُ في النهيِ، فهيَ مُخَصَّصَةٌ بالأحاديثِ الآمرةِ بتلكَ الصلواتِ، وجوازِ فعْلِ الصلواتِ ذَوَاتِ الأسبابِ في أوقاتِ النهيِ.
وهوَ روايَةٌ قَوِيَّةٌ عن الإمامِ أحمدَ، اختارَها شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ وجماعةٌ منِ أصحابِنا، مُخَصِّصِينَ أحاديثِ النهيِ العامَّةِ بأحاديثِ ذَوَاتِ الأسبابِ الْمُبيحةِ، وبهذا تَجْتَمِعُ الأدِلَّةُ، ويُمْكِنُ العمَلُ بها جميعاً.
واخْتَلَفَ العلماءُ بالجهْرِ أو الإسرارِ في صلاةِ الكسوفِ؛ فذَهَبَ الأئمَّةُ الثلاثةُ إلى أنَّها صلاةٌ سِرِّيَّةٌ، لا يُجْهَرُ فيها؛ لِمَا رَوَى أحمدُ (3268) وأبو يَعلَى (5/130) عن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: " صَلَّيْتُ معَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ، فلَمْ أَسْمَعْ منهُ حَرْفاً مِن القراءةِ "، ولأنَّها صَلاةٌ نَهاريَّةٌ، والأصْلُ فيها الإخفاءُ.
وذهَبَ الحنابِلَةُ إلى أنَّها صلاةٌ جَهْرِيَّةٌ، سواءٌ كانتْ في الليلِ أوْ في النهارِ؛ لِمَا في البخاريِّ (1046) ومسلمٍ (901) عنْ عائشةَ قالتْ: " جَهَرَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ في صلاةِ الكسوفِ في قِرَاءَتِهِ ".
أمَّا الحديثُ الذي اسْتَدَلَّ بهِ الجمهورُ فهوَ ضعيفٌ؛ ففيهِ عبدُ اللَّهِ بنُ لَهِيعَةَ، وقدْ تُكُلِّمَ فيهِ، ولا يُقَاوِمُ حديثَ الصحيحيْنِ، ولأنَّها صلاةٌ جامعةٌ؛ كصلاةِ الْجُمُعَةِ والعيديْنِ.
وعلى فرْضِ صلاحِيَّتِهِ للاحتجاجِ بهِ، فيُحْمَلُ على أنَّهُ كانَ بَعيداً، فلم يَسْمَع القراءةَ، وعلى تسليمِ قُرْبِهِ يُحْتَمَلُ أنَّهُ نَسِيَ المقروءَ بعينِهِ، وكان ذاكِراً للمِقدارِ، فاحتاجَ إلى الْحَزَرِ والتَّخْمِينِ. والذي حَمَلَ على ارتكابِ هذهِ الاحتمالاتِ أنَّ الرواياتِ الدالَّةَ على الإسرارِ كُلَّها رواياتٌ واهيَةٌ ضعيفةٌ، لا يَصِحُّ بِمِثْلِها الاحتجاجُ، والْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ على النافِي، فالجهْرُ أصَحُّ دليلاً وأقوى وآصَلُ عندَ التعارُضِ.
واختلفَ العلماءُ: هلْ لصلاةِ الكسوفِ خُطبةٌ مُسْتَحَبَّةٌ أوْ لا؟
فذَهَبَ الأئمَّةُ الثلاثةُ إلى أنَّهُ ليسَ لها خُطبةٌ.
وذَهَبَ الإمامُ الشافعيُّ وإسحاقُ وكثيرٌ مِنْ أهْلِ الحديثِ إلى استحبابِها، ورَجَّحَ بعْضُ الْمُحَقِّقِينَ التفصيلَ، وهوَ أنَّهُ إن احتيجَ إلى مَوْعِظَةِ الناسِ وإرشادِهم اسْتُحِبَّتْ، كما خَطَبَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ يومَ كسوفِ الشمْسِ لَمَّا قالَ الناسُ: إنَّها كَسَفَت لموتِ إبراهيمَ، فخَطَبَ؛ ليُزيلَ عن الناسِ هذا الاعتقادَ الجاهليَّ الخاطئَ، أمَّا إذا لم يَكُنْ هناكَ حاجةٌ فلا تُشْرَعْ؛ لأنَّها لم تُفْعَلْ إلاَّ لسَببٍ، فتُناطُ بهِ، واللَّهُ أعْلَمُ.

413- وعن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: ما هَبَّتْ رِيحٌ قَطُّ إلاَّ جَثَا النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وقالَ: ((اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلا تَجْعَلْهَا عَذَاباً)). رواهُ الشافعيُّ والطبرانيُّ.
* درجةُ الحديثِ:
الحديثُ ضعيفٌ، قالَ في التلخيصِ: رواهُ الشافعيُّ في الأُمِّ، وأخرَجَهُ الطبرانيُّ وأبو يَعْلَى مِنْ طريقِ حُسينِ بنِ قَيْسٍ عنْ عِكرمةَ.
قالَ في مَجْمَعِ الزوائدِ: فيهِ حُسينُ بنُ قَيْسٍ الرَّحْبِيُّ الواسطِيُّ، وهوَ متروكٌ، وبَقِيَّةُ رجالِهِ رجالُ الصحيحِ.
* مفرداتُ الحديثِ:
- هَبَّتْ: مِن الهبوبِ، مِنْ بابِ نَصَرَ؛ وهوَ جَرَيَانُ الريحِ وفَوَرَانُها، والهبوبُ هيَ الريحُ المُثِيرَةُ للغبارِ.
- رِيحٌ: قَالُوا: لأنَّ الريحَ بالإفرادِ لا تَأْتِي إلاَّ بالعذابِ، كما قَالَ تعالى: {إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذَّارِيَات: 41]، وأمَّا الرياحُ فتكونُ بشائِرَ خيرٍ، كما قالَ: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر: 22].
- قَطُّ: بتشديدِ الطاءِ مَبْنِيٌّ على الضمِّ: ظرْفٌ للزمَنِ الماضِي على سبيلِ الاستغراقِ، بمعنى أنَّهُ يَستغرِقُ كلَّ ما مَضَى مِن الزمَنِ، فمعنى: ما فَعَلْتُهُ قَطُّ؛ أيْ: ما فَعَلْتُهُ فيما انْقَطَعَ مِنْ عُمْرِي؛ لأنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ قَطَطْتُهُ؛ أيْ: قَطَعْتُهُ، ويُؤْتَى بهِ بعدَ النفِي والاستفهامِ؛ لاختصاصِهِ بذلكَ.
- جَثَا: أَيْ على رُكبتَيْهِ، جَثْواً، مِنْ بَابَيْ عَلا وَرَمَى، فهوَ جاثٍ، والمرادُ: الْجِلْسَةُ على الرُّكْبَتَيْنِ.
* ما يُؤْخَذُ مِن الحديثِ:
1- الريحُ عُذِّبَ بها أُمَمٌ، فهوَ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ يَخْشَى على أُمَّتِهِ عذابَ الاستئصالِ.
2- الرياحُ قدْ تكونُ رحمةً؛ فقدْ قالَ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ))، وقالَ تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر: 22]، فهيَ تَلْقَحُ السحابَ، وتَلْقَحُ الأشجارَ، بِنَقْلِ لِقاحِ ذُكُورِها لإِنَاثِها، وللَّهِ تعالى في خَلْقِهِ شُؤونٌ.

414- وعن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، أنَّهُ صَلَّى في زَلزلةٍ سِتَّ رَكَعاتٍ وأَربعَ سجَدَاتٍ، وقالَ: هكذا صَلاةُ الآياتِ. رواهُ البَيْهَقِيُّ.
وذَكَرَ الشافعيُّ عنْ عليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثلَهُ دُونَ آخِرِهِ.
* درجةُ الحديثِ:
الحديثُ حسَنٌ.
أخْرَجَهُ البَيهقيُّ وصَحَّحَهُ مَوقوفاً على ابنِ عبَّاسٍ، ورواهُ ابنُ أبي شَيْبَةَ (2/472) مِنْ هذا الوجهِ مُخْتَصَراً، أنَّ ابنَ عبَّاسٍ صَلَّى بهم في زلزلةٍ أرْبَعَ سَجداتٍ، رَكَعَ فيها ستًّا. وظاهِرُ اللفْظِ أنَّهُ صَلَّى بهم جماعةً. وذَكَرَ الشافعيُّ بَلاغاً عنْ عَلِيٍّ مثْلَهُ دُونَ آخِرِهِ، قالَ الشافعيُّ: لوْ ثَبَتَ عنْ عَلِيٍّ لَقُلْتُ بهِ، فَهُمْ لا يُثْبِتُونَهُ ولا يَنْفُونَهُ. وتقدَّمَ في مسلِمٍ (904) عنْ جابرٍ: صَلَّى سِتَّ ركعاتٍ بأربَعِ سجداتٍ، وهذا في الكسوفِ، وهوَ آيَةٌ مِن الآياتِ.


* مفرداتُ الحديثِ:
- الزلزلةُ: جَمْعُها: زِلازلٌ، وهيَ هِزَّةٌ تَنْتَابُ سَطْحَ الأرضِ؛ نتيجةَ توَتُّرِ أجزاءِ القشورِ الأرضيَّةِ، فيَحْدُثُ انزلاقُ الصخورِ بعضِها فوقَ بعضٍ، وهناكَ أَسْبَابٌ أُخَرُ؛ مثلُ ثَوَرَانِ البراكينِ.
* ما يُؤْخَذُ مِن الحديثِ:
1- أنَّ ابنَ عبَّاسٍ صَلَّى في زلزلةٍ سِتَّ ركعاتٍ وأربعَ سَجداتٍ، بمعنى: أنَّ كلَّ ركعةٍ فيها ثلاثُ ركوعاتٍ.
2- أنَّ ابنَ عبَّاسٍ أرْشَدَهم إلى أنْ يَفْعَلوا ذلكَ، فيُصَلُّوا هذهِ الصلاةَ عندَ كلِّ آيَةٍ كونيَّةٍ يُجْرِيها اللَّهُ تعالى في هذا الكونِ؛ مِنْ زلزالٍ، وفَيَضانٍ، ورِيحٍ شديدةٍ، وتساقُطِ كوارثَ، ونحوِ ذلكَ.
3- قالَ شيخُ الإسلامِ: يُصَلَّى لكلِّ آيَةٍ كما دَلَّتْ على ذلكَ السُّنَنُ والآثارُ، وقالَ المحقِّقونَ مِنْ أصحابِ أحمدَ وغيرِهم: وهذهِ صلاةُ رَهْبَةٍ وخَوْفٍ، كما أنَّ صلاةَ الاستغفارِ صلاةُ رغبةٍ ورجاءٍ، وقدْ أمَرَ اللَّهُ عِبادَهُ أنْ يَدْعُوهُ خَوْفاً وطَمَعاً.
وقالَ ابنُ القَيِّمِ: التخويفُ إنَّما يَكُونُ بما هوَ سببٌ للشَّرِّ والخوفِ؛ كالزَّلْزَلَةِ والريحِ العاصفِ، فقالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: ((إِذَا رَأَيْتُمْ آيَةً فَاسْجُدُوا))، تَدُلُّ على أنَّ السجودَ شُرِعَ عندَ الآياتِ.
وبعضُ العُلماءِ قالَ: لا تُصَلَّى صلاةُ الكسوفِ؛ لِحُدُوثِ صواعِقَ، أوْ عواصِفَ شديدةٍ، أوْ رُعودٍ وبُروقٍ مُخِيفَةٍ؛ لأنَّ هذهِ الأمورَ حَدَثَتْ في زمَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ، فلم يُصَلِّ مِنْ أَجْلِها، وإنَّما صَلَّى للكسوفِ، والأفضَلُ الاقتصارُ على الواردِ الثابتِ، والتخويفُ لا شكَّ أنَّهُ عِلَّةٌ، ولكنْ لا قِياسَ معَ السُّنَّةِ الظاهرةِ، والترْكُ عندَ وُجودِ السببِ وانتفاءِ المانِعِ سُنَّةٌ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, صلاة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir