دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > الفتوى الحموية

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 04:11 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي بيان غلط من زعم أن مذهب السلف إقرارها على ما جاءت به مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد

وَاعْلَمْ أَنَّ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ يَقُولُ: مَذْهَبُ السَّلَفِ إِقْرَارُهَا عَلَى مَا جَاءَت بِهِ مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ، وَهَذَا لَفْظٌ مُجْمَلٌ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ.
يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالظَّاهِرِ نُعُوتَ الْمَخْلُوقِينَ وَصِفَاتِ الْمُحْدَثِين; مِثْلُ أَنْ يُرَادَ بِكَوْنِ اللَّهِ ( قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي ) أَنَّهُ مُسْتَقِرٌّ فِي الْحَائِطِ الَّذِي يُصَلِّي إِلَيْهِ، وَأَنَّ ( اللَّهُ مَعَنَا ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِلَى جَانِبِنَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَلا شَكَّ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُرَادٍ.
وَمَنْ قَالَ: إِنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ: أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُرَادٍ فَقَدْ أَصَابَ فِي الْمَعْنَى لَكِنْ أَخْطَأَ فِي إِطْلاقِ الْقَوْلِ بِأَنَّ هَذَا ظَاهِرُ الآيَاتِ وَالأَحَادِيثِ، فَإِنَّ هَذَا الْمُحَالُ لَيْسَ هُوَ الأَظْهَرُ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. اللَّهُمَّ إِلا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَعْنَى الْمُمْتَنِعُ صَارَ يَظْهَرُ لِبَعْضِ النَّاسِ فَيَكُونُ الْقَائِلُ لِذَلِكَ مُصِيبًا بِهَذَا الاعْتِبَارِ، مَعْذُورًا فِي هَذَا الإِطْلاَق.
فَإِنَّ الظُّهُورَ وَالْبُطُونَ قَدْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَهُوَ مِن الأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ. وَكَانَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنْ يُبَيِّنَ لِمَن اعْتَقَدَ أَنَّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ: أَنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ الظَّاهِرُ، حَتَّى يَكُونَ قد أَعْطَى كَلامَ اللَّهِ وَكَلامَ رَسُولِهِ حَقَّهُ لَفْظًا وَمَعْنًى(1).
وَإِنْ كَانَ النَّاقِلُ عَنِ السَّلَفِ أَرَادَ - بِقَوْلِهِ الظَّاهِرُ غَيْرُ مُرَادٍ عِنْدَهُمْ - أَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي ظَهَرَتْ مِنْ هَذِهِ الآيَاتِ وَالأَحَادِيثِ مِمَّا يَلِيقُ بِجَلالِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ، لاَ يَخْتَصُّ بِصِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ، بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ لِلَّهِ، أَوْ جَائِزَةٌ عَلَيْهِ جَوَازًا ذِهْنِيًّا، أَوْ جَوَازًا خَارِجِيًّا: غَيْرُ مُرَادٍ، فَقَدْ أَخْطَأَ فِيمَا نَقَلَهُ عَنِ السَّلَفِ، أَوْ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ، فَمَا يُمْكِنُ أَحَدٌ قَطُّ أَنْ يَنْقُلَ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ مَا يَدُلُّ - لاَ نَصًّا وَلاَ ظَاهِرًا - أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَلا أَنَّ اللََّهَ لَيْسَ لَهُ سَمْعٌ وَلا بَصَرٌ وَلا يَدٌ حَقِيقَةً (2).

وَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا الْمَعْنَى يَنْتَحِلُهُ بَعْضُ مَنْ يَحْكِيهِ عَنِ السَّلَفِ، وَيَقُولُ: إِنَّ طَرِيقَةَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ - طَرِيقَةُ السَّلَفِ - بِمَعْنَى أَنَّ الْفَرِيقَيْنِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الآيَاتِ وَالأَحَادِيثَ لَمْ تَدُلَّ عَلَى صِفَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وتعالى - وَلَكِنَّ السَّلَفَ أَمْسَكُوا عَنْ تَأْوِيلِهَا، وَالْمُتَأَخِّرُونَ رَأَوْا الْمَصْلَحَةَ في تَأْوِيلَهَا، لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ وَيَقُولُ: الْفَرْقُ أَنَّ هَؤُلاءِ يُعَيِّنُونَ الْمُرَادَ بِالتَّأْوِيلِ، وَأُولَئِكَ لاَ يُعَيِّنُونَ لِجَوَازِ أَنْ يُرَادَ غَيْرُهُ.
وَهَذَا الْقَوْلُ عَلَى الإِطْلاَقِ كَذِبٌ صَرِيحٌ عَلَى السَّلَفِ: أَمَّا فِي كَثِيرٍ مِنَ الصِّفَاتِ فَقَطْعًا، مِثْلَ: أَنَّ اللَّهَ تعالى فَوْقَ الْعَرْشِ، فَإِنَّ مَنْ تَأَمَّلَ كَلامَ السَّلَفِ الْمَنْقُولَ عَنْهُمْ - الَّذِي لَمْ يُحْكَ هُنَا عُشْرُهُ - عَلِمَ بالاضْطِرَارِ أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا مُصَرِّحِينَ بِأَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَرْشِ حَقِيقَةً، وَأَنَّهُمْ مَا اعْتَقَدُوا خِلافَ هَذَا قَطُّ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ قَدْ صَرَّحَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الصِّفَاتِ بِمِثْلِ ذَلِكَ.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
بيان, غلط

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:00 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir