المجموعة الثالثة:
( 1 ) قول الشعبي في تفسير قول الله تعالى: {تتخذون منه سكراً} السكر: النبيذ).
رواه ابن جرير قال حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبو أسامة، وأحمد بن بشيرٍ، عن مجالدٍ، عنه .
التوجيه :
النبيذ: من النبذ وهو طرحك الشيء قاله ابن منظور،وقال ابن فارس : ماء يلقى فيه تمر، أو زبيب، ونحوهما، ليحلو به الماء، وتذهب ملوحته، ثم يترك حتى يشتد .وحكى اللحياني كما في لسان العرب : وهو ما يعمل من الأشربة من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير وغير ذلك. يقال: نبذت التمر والعنب إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذا، فصرف من مفعول إلى فعيل.
والنبيذ يُتخذ غالبا عند العرب من التمر والزبيب وهما ما ذكرا في صدر الآية ، وهو حلال جائز شربه قبل مكثه ثلاثة أيام ، وذلك قبل أن يشتد فيسكر ، روى البخاري قال : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُرْسِهِ، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ، وَهِيَ العَرُوسُ، قَالَ سَهْلٌ: «تَدْرُونَ مَا سَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا أَكَلَ، سَقَتْهُ إِيَّاهُ» .
أما إذا اشتد فأسكر فإنه يحرم شربه وهذا ما قصده الشعبي في تفسيره ( سكراً ) . رواى ابن الجعد ومسلم والبيهقي عن مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، نَا ضِرَارُ يَعْنِي ابْنَ مُرَّةَ أَبُو سِنَانٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا» .
( 2 ) قول محمد بن سيرين ( {السابقون الأولون} الذي صلوا القبلتين ).
رواه ابن جرير .حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن بعض أصحابه، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، وعن أشعث، عن ابن سيرين، في قوله: {والسّابقون الأوّلون} قال: هم الّذين صلّوا القبلتين.
والسند فيه ضعف لجهالة من سمع منه هشيم .وأشار إلى ذلك ابن أبي حاتم بقوله ( وروي عن ابن سيرين ) .
التوجيه :
هذا القول يوافق أحد القولين في تفسير ( السابقون الأولون )وهم الذين صلوا القبلتين مع الرسول صلى الله عليه وسلم .
وقال به : أبو موسى الأشعري ، وسعيد بن المسيب ، وقتادة .
أما قول أبي موسى فقد رواه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم عن قيس عن عثمان الثقفي عن مولى أبي موسى عنه .
وقول سعيد قد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن بشيرٍ عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عنه .
وقول قتادة قد رواه ابن جرير عن الحسن بن يحيى، عن عبد الرّزّاق،عن معمرٌ، عنه .
أما القول الآخر الذي ذكره ابن جرير في تفسير ( السابقون الأولون )هو ( هم الّذين بايعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بيعة الرّضوان أو أدركوا )
وهو قول : الشعبي .رواه ابن جرير من طرق عن إسماعيل ومطرّف عنه .
وكلا القولين محتملين وموافقين لقراءة الجمهور (والأنصارِ ) بالخفض .
( 3 ) قول عطاء بن أبي رباح: ( التفث: حلق الشعر وقطع الأظفار )
رواه يَحيى بن سلاَّم في تفسيره :قال :حدّثنا حمّادٌ، عن قيس بن سعدٍ، عن عطاءٍ قال: التّفث: حلق الشّعر وقطع الأظفار .
التوجيه : هذا القول من التفسير بالمثال ؛ ففسره ببعض أعمال الحج ، فقد فسر ابن جرير الطبري التفث : بمناسك الحج : من حلق شعرٍ، وأخذ شاربٍ، ورمي جمرةٍ، وطوافٍ بالبيت.راويا جملة من الآثار لكبار الصحابة في التفسير بهذا المعنى ومنها :
- حدّثنا ابن أبي الشّوارب، قال: حدّثني يزيد قال: أخبرنا الأشعث بن سوّارٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، أنّه قال: {ثمّ ليقضوا تفثهم} قال: " ما عليهم في الحجّ ".
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثني الأشعث، عن نافعٍ، عن ابن عمر، قال: " التّفث: المناسك كلّها ".
- قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عبد الملك، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قال، في قوله: {ثمّ ليقضوا تفثهم} قال: " التّفث: حلق الرّأس، وأخذٌ من الشّاربين، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقصّ الأظفار، والأخذ من العارضين، ورمي الجمار، والموقف بعرفة، والمزدلفة ".