دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 10:41 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي صلاة الليل

و ( صلاةُ الليلِ ) أفْضَلُ من صَلاةِ النهارِ وأَفْضَلُها ثُلُثُ الليلِ بعدَ نِصفِه، وصلاةُ ليلٍ ونهارٍ مَثْنَى مَثْنَى وإن تَطَوَّعَ في النهارِ بأربعٍ كالظُّهْرِ فلا بَأْسَ، وأَجْرُ صلاةِ قاعدٍ على نصفِ أجْرِ صلاةِ قائمٍ .


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 07:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

..................

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 07:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


فَصْلٌ
(وصَلاةُ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِن صَلاةِ النَّهَارِ)؛ لقَوْلِه صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ((أَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ)). رواهُ مُسْلِمٌ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ. فالتَّطَوُّعُ المُطْلَقُ أَفْضَلُهُ صَلاةُ اللَّيْلِ؛ لأنَّه أَبْلَغُ في الإِسْرَارِ وأَقْرَبُ إلى الإخلاصِ. (وأَفْضَلُهَا)؛ أي: الصَّلاةِ, (ثُلُثُ اللَّيْلِ بَعْدَ نِصْفِه) مُطْلقاً؛ لِمَا في الصَّحِيحِ مَرْفُوعاً: ((أَفْضَلُ الصَّلاةِ صَلاةُ دَاوُدَ, كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ, ويَقُومُ ثُلُثَهُ, ويَنَامُ سُدُسَهُ)). ويُسَنُّ قِيَامُ اللَّيْلِ وافتِتَاحُهُ برَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ.
ووَقْتُهُ مِن الغُرُوبِ إلى طُلُوعِ الفَجْرِ، ولا يَقُومُهُ كُلَّهُ إلاَّ لَيْلَةَ عِيدٍ، ويَتَوجَّهُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِن شَعْبَانَ.
(وصَلاةُ لَيْلٍ ونَهَارٍ مَثْنَى مَثْنَى)؛ لقَوْلِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى)). رَواهُ الخَمْسَةُ وصَحَّحَهُ البُخَارِيُّ. ومَثْنَى مَعْدُولٌ عَن اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، ومَعْنَاهُ مَعْنَى المُكَرَّرِ، وتَكْرِيرُهُ لتَوْكِيدِ اللَّفْظِ, لا للمَعْنَى. وكَثْرَةُ رُكُوعٍ وسُجُودٍ أَفْضَلُ مِن طُولِ قِيَامٍ فيما لم يَرِدْ تَطْوِيلُه.
(وإِنْ تَطَوَّعَ في النَّهَارِ بأَرْبَعٍ) بتَشَهُّدَيْنِ (كالظُّهْرِ, فلا بَأْسَ)؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ وابنُ مَاجَهْ, عَن أَبِي أَيُّوبَ, (أنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعاً لا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بتَسْلِيمٍ)، وإن لم يَجْلِسْ إلاَّ في آخِرِهِنَّ فَقَدْ تَرَكَ الأَوْلَى, ويَقْرَأُ في كُلِّ رَكْعَةٍ معَ الفَاتِحَةِ بسُورَةٍ, وإِن زَادَ على اثْنَتَيْنِ لَيْلاً, أو أَرْبَعٍ نَهَاراً، ولو جاوزَ ثَمَانِياً نَهَاراً بسَلامٍ وَاحِدٍ, صَحَّ، وكُرِهَ في غَيْرِ الوِتْرِ، ويَصِحُّ التَّطَوُّعُ برَكْعَةٍ ونَحْوِهَا.
(وأَجْرُ صَلاةِ قَاعِدٍ) بِلا عُذْرٍ (على نِصْفِ أَجْرِ صَلاةِ قَائِمٍ)؛ لقَوْلِهِ عليه السَّلامُ: ((مَنْ صَلَّى قَائِماً فَهُوَ أَفْضَلُ، ومَنْ صَلَّى قَاعِداً فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَائِمِ)) مُتَّفَقٌ عليه.
ويُسَنُّ تَرَبُّعُه بمَحَلِّ قِيَامٍ وثَنْيُ رِجْلَيْهِ برُكُوعٍ وسُجُودٍ.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 06:34 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

فصل

وصلاة الليل أفضل من صلاة النهار([1]) لقوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة بعد المكتوبة صلاة الليل» رواه مسلم عن أبي هريرة([2]) فالتطوع المطلق أفضله صلاة الليل([3]).لأنه أبلغ في الإسرار، وأقرب إلى الإخلاص([4]) (وأفضلها) أي الصلاة (ثلث الليل بعد نصفه مطلقا) ([5]) لما في الصحيح مرفوعًا «أفضل الصلاة صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه»([6]) ويسن قيام الليل([7]).وافتتاحه بركعتين خفيفتين([8]) ووقته من الغروب إلى طلوع الفجر([9]).ولا يقومه كله([10]) إلا ليلة عيد([11]).ويتوجه: وليلة النصف من شعبان([12]).(وصلاة ليل ونهار مثنى مثنى) لقوله عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى» رواه الخمسة، وصححه الترمذي([13]) ومثنى مثنى معدول عن اثنين اثنين([14]).ومعناه معنى المكرر، وتكريره لتوكيد اللفظ، لا للمعنى([15]) وكثرة ركوع وسجود، أفضل من طول قيام فيما لم يرد تطويله([16]) (وإن تطوع في النهار بأربع) بتشهدين (كالظهر فلا بأس)([17]).لما روى أبو داود وابن ماجه، عن أبي أيوب أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر أربعا، لا يفصل بينهن بتسليم([18]) وإن لم يجلس إلا في آخرهن فقد ترك الأولى([19]) ويقرأ في كل ركعة مع الفاتحة سورة([20]) وإن زاد على اثنتين ليلا، أو أربع نهارا، ولو جاوز ثمانيا نهارا بسلام واحد صح، وكره في غير الوتر([21]).ويصح التطوع بركعة ونحوها([22]) (وأجر صلاة قاعد) بلا عذر (على نصف صلاة قائم) لقوله عليه السلام «من صلى قائما فهو أفضل، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر صلاة القائم» متفق عليه([23]).ويسن تربعه بمحل قيام، وثني رجليه بركوع وسجود([24]).




([1]) بإجماع المسلمين.

([2]) وله أيضا وأهل السنن أنه صلى الله عليه وسلم سئل أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: «الصلاة في جوف الليل»، وفيه أيضا: «إن في الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه»، وقال: «عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنها عن الإثم»، رواه الحاكم وغيره، وفيه أحاديث كثيرة تدل على تأكد أفضلية قيام الليل، والاستكثار من الصلاة فيه، وقال تعالى: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} ينامون قليلا منه، ويصلون أكثره وقال: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا}وغير ذلك من الأدلة الدالة على فضل قيام الليل، وترتب الجزاء الجليل عليه.

([3]) وهو ما سوى الرواتب والوتر، إجماعا لقوله: «أفضل الصلاة بعد المكتوبة صلاة الليل»، وعن عمرو بن العاص، «ركعة بالليل خير من عشر ركعات بالنهار»، وقال أحمد: ليس بعد المكتوبة أفضل من قيام الليل.

([4]) وعمل السر أفضل من عمل العلانية، والإخلاص ركن العبادة الأعظم. ولأنه وقت غفلة الناس، وتركهم الطاعات، ولأن الصلاة بعد النوم أشق فكان أفضل، وتستحب النوافل المطلقة في جميع الأوقات غير أوقات النهي.

([5]) أي سواء كان الثلث الأوسط أو غيره، وقال الخلوتي: أي سواء انضم إليه السدس السادس أم لا، وقال شيخنا: أو الأخير، والنصف الأخير أفضل من الأول، ومن الثلث الأوسط.

([6]) فكان يجم نفسه بنوم أول الليل، ثم يقوم في الوقت الذي ينادي الله فيه «هل من سائل فأعطيه سؤاله؟»، ثم يستدرك بالنوم ما يستريح به من نصب القيام في بقية الليل، وهو النوم عند السحر، فيستقبل صلاة الصبح وأول النهار بنشاط فدل دلالة ظاهرة على فضيلة قيام ثلث الليل بعد نوم نصفه، وذلك حين يسمع الصارخ، وقد جرت العادة أن الديك يصيح عند نصف الليل غالبا، وتواتر عنه صلى الله عليه وسلم خبر التنزل الإلهي، حين يبقى ثلث الليل الآخر، «فيقول: من يدعوني فاستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له»، وللترمذي وصححه «أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر».

([7]) قال جمع من أهل العلم: سنة مؤكدة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، والأحاديث الواردة فيه في الصحيحين وغيرهما أشهر من أن تذكر، وأكثر من أن تحصر وقد أفرد بالمصنفات.

([8]) لحديث أبي هريرة «إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين» رواه مسلم وغيره، والسر والله أعلم لتكون توطئة لقيام الليل، وليذوق لذة العبادة.

([9]) قال أحمد: قيام الليل من المغرب إلى طلوع الفجر، فالنافلة بين العشائين من قيام الليل، وتقدم أن صلاة آخر الليل أفضل وقال تعالى:{إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً *} والناشئة لما بعد النوم، ومن لم يرقد فلا ناشئة له، وينبغي أن ينوي قيام الليل لخبر، «يكتب له ما نوى»، رواه النسائي وغيره بسند صحيح، وله نظائر، والتهجد إنما يكون بعد النوم، فإذا استيقظ من نومه مسح النوم عن وجهه، وتسوك، وذكر الله، وقال ما ورد.ومنه «لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله»، ثم إن قال: «اللهم اغفر لي»، أو دعا استجيب له، ويقول: «الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور، الحمد لله الذي رد علىَّ روحي، وعافاني في جسدي، وأذن لي بذكره»، وغير ذلك مما ورد، ويقول عند الصباح والمساء، وعند النوم والانتباه، وفي السفر وغير ذلك ما ورد.ويتأكد الإكثار من الدعاء والاستغفار آخر الليل، للآيات والأخبار، وإن شاء استفتح صلاته بافتتاح المتكوبة، وإن شاء بغيره مما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم كقوله: «اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض» إلخ، أو «اللهم رب جبرائيل» إلخ، أو «اللهم باعد بيني وبين خطاياي»، إلخ قال الشيخ: ويستحب للمصلي أن يستفتح بها كلها، وهو أفضل من أن يداوم على نوع ويهجر غيره.

([10]) أي لا يستحب، لما تقدم، ولقوله لعبد الله بن عمرو «يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار و تقوم الليل؟» قلت: بلى يا رسول الله، قال: «فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لنفسك عليك حقًّا»، ولزوجك عليك حقا، متفق عليه، ولقصة النفر الذين قال أحدهم: أما أنا فأقوم ولا أنام، فقال عليه الصلاة والسلام «ولكني أنام وأقوم، فمن رغب عن سنتي فليس مني»، وغير ذلك من الأحاديث.وقالت عائشة: ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح، ويحمل قولها على غير العشر، وتقدم، ولم يكثر ذلك منه، ولأنه لا بد في قيامه كله من ضرر أو تفويت حق، وتشق المداومة، وفي الصحيح «خذوا من العمل ما تطيقونه، فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا»، وفي لفظ «لا يمل حتى تملوا»، فإذا خشي الملل فلا ينبغي له أن يكره نفسه، وإن نعس فليرقد، لما في الصحيحين «إذا نعس أحدكم في صلاته فليرقد، حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه»، وفي الصحيح، «ليصل أحدكم نشاطه، فإذا كسل أو فتر فليرقد»، وظاهره حتى ليالي العشر، واستحبه الشيخ، وقال: قيام بعض الليالي مما جاءت به السنة، وقال أحمد: ينبغي أن يكون له ركعات معلومة من الليل والنهار، فإذا نشط طولها وإلا خففها، لحديث «أحب العمل إلى الله أدومه»،ويستحب أن يكون للعبد تطوعات يداوم عليها، وإذا فاتته قضاها ويوقظ أهله، وتوقظه للأخبار، وفي الصحيح «إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا» ونحوه للطبراني.

([11]) لما روى ابن ماجه «من قام ليلتي العيدين محتسبا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب»، وفي سنده: بقية والمرار، وروى مالك عن ابن عمر أنه كان يحيي ليلة العيد، وإلا ليالي العشر الأخير من رمضان لما في الصحيحين، «إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل»، وتقدم.

([12]) هذا التوجيه لابن رجب، وفيه حديث معاذ، رواه الأصبهاني، وقال شيخ الإسلام: وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل، وكان في السلف من يصليها، لكن الاجتماع فيها لإحيائها بدعة، قال ابن رجب: وفي استحباب قيامها ما في ليلة العيد، قال الشيخ: وأما إنشاء صلاة بعدد مقدر، وقراءة مقدرة، وفي وقت معين، تصلي جماعة راتبة، كصلاة الرغائب، والألفية، ونصف شعبان، وسبع وعشرين من رجب، وأمثال ذلك، فهذا غير مشروع باتفاق علماء الإسلام، ولا ينشئ هذا إلا جاهل مبتدع، وفتح مثل هذا الباب يوجب تغيير شرائع الإسلام، وقال أيضا: صلاة الرغائب بدعة محدثة، لم يصلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من السلف، وقال أيضا: لا أصل لها، بل هي محدثة، فلا يتستحب لا جماعة ولا فرادى، فقد ثبت في صحيح مسلم أنه نهى أن تخص ليلة الجمعة بقيام، أو يوم الجمعة بصيام، والأثر الذي ذكر فيها كذب، موضوع باتفاق العلماء.وقال النووي في صلاة الرغائب والألفية هاتان الصلاتان بدعتان مذمومتان ومنكرتان قبيحتان فلا تغتروا بذكرهما، ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن ذلك باطل، والرغائب أول جمعة من رجب، وقال ابن الجوزي وأبو بكر الطوسي: هي موضوعة، وقال شيخ الإسلام: صلاة التسبيح نص أحمد وأئمة أصحابه على كراهتها، ولم يستحبها إمام، وأما أبو حنيفة ومالك والشافعي فلم يسمعوا بها بالكلية، وقال: العمل بالخبر الضعيف لا يجوز، بمعنى أن النفس ترجو ذلك الثواب أو تخاف ذلك العقاب، ومثله الترغيب والترهيب بالإسرائيليات والمنامات، ونحو ذلك مما لا يجوز بمجرده إثبات حكم شرعي، لا استحباب ولا غيره، لكن يجوز ذلك في الترغيب والترهيب، فيما علم حسنه أو قبحه بأدلة الشرع، فإنه ينفع ولا يضر، واعتقاد موجبه يتوقف على الدليل الشرعي، وقال ابن القيم وغيره: الأصل، في العبادات البطلان، حتى يقوم دليل على الأمر، فإن الله لا يعبد إلا بما شرعه على ألسن رسله.

([13]) الحديث أخرجه الجماعة بلفظ «صلاة الليل مثنى مثنى»، وكرر للمبالغة في التأكيد، ولمسلم عن ابن عمر «تسلم من كل ركعتين» ورواه الخمسة كما ذكر بلفظ «والنهار»، وقال النسائي: خطأ، والدارقطني: وهم، لأنها من رواية علي البارقي في الأزديين، وهو ضعيف عن ابن معين وغيره، وقد خالف جماعة من أصحاب ابن عمر لم يذكروا فيه النهار، وله طرق وشواهد لا تخلو من مقال وصححه بعض أهل العلم، وثبت في كون صلاة النهار ركعتين ما لا يحصى من الأحاديث، وقال يحيى بن سعيد الأنصاري، ما أدركت فقهاء أرضنا إلا يسلمون من كل اثنتين من النهار، وليس بمعارض ما ثبت بأكثر من ركعتين ركعتين، لوقوعه جواب سؤال، ولا مفهوم له اتفاقًا، وجاءت السنة الصحيحة بالأربع والست والثمان، والسبع والتسع وغيرها، فلا منافاة، ولا يقتضي الكراهة بأكثر من ركعتين ولا تناقض سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.قال شيخ الإسلام: وكل ما جاءت به السنة فلا كراهة لشيء منه، بل هو جائز اهـ، وحديث «مثنى» حمله الجمهور على أنه لبيان الأفضلية لما صح من فعله، وقوله، ويحتمل أن يكون للإرشاد إلى الأخف، إذ السلام من ركعتين أخف على المصلي من الأربع فما فوق، أو لما فيه من الراحة غالبًا.

([14]) وهو غير منصرف للوصف والعدل.

([15]) وقال غيره: للمبالغة وقال في النهاية وغيرها: مثنى مثنى أي ركعتان ركعتان بتشهد وتسليم فهي ثنائية لا رباعية.

([16]) فما ورد في الشرع تطويله فالأفضل اتباعه وإلا فالأفضل كثرة الركوع والسجود لقوله: «أعني على نفسك بكثرة السجود»، ولقوله: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد»، وعنه طول القيام أفضل لما اختص به من تلاوة كتاب الله الذي هو أفصل الكلام على الإطلاق، وعنه التساوي واختاره الشيخ وقال: التحقيق أن ذكر القيام وهو القراءة أفضل من ذكر الركوع والسجود، وأما نفس الركوع والسجود فأفضل من نفس القيام، فاعتدلا، ولهذا كانت صلاته صلى الله عليه وسلم معتدلة.
وقال: الصلاة إذا قام من الليل، أفضل من القراءة في غير الصلاة، نص على ذلك أئمة الإسلام للخبر «استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة»، ولغيره من الأخبار، لكن إن حصل له نشاط وتدبر وتفهم للقراءة دون الصلاة فالأفضل في حقه ما كان أنفع له، وقال: العبادة التي ينتفع بها، فيحضر لها قلبه، ويرغب فيها، ويحبها أفضل من عبادة يفعلها مع الغفلة، وعدم الرغبة وقد تكون مداومته على النوع المفضول أنفع: لمحبته وشهود قلبه، وفهمه ذلك الذكر.

([17]) أي لا كراهة: لمجيء النصوص بذلك منها حديث عائشة: يصلي الضحى أربعا، لا يفصل بينهن بسلام، ولو تشهد في كل ركعة، فذكر الشافعية المنع، لما فيه من ابتداع صورة في الصلاة لم تعهد، قال يوسف، وهو حسن، ولم أره لأصحابنا.

([18]) ولفظ أبي داود: ليس فيهن تسليم، وزاد ابن ماجه: إذ زالت الشمس، وصرح غير واحد أن هذه سنة الزوال، غير سنة الظهر.

([19]) أي الأفضل لأنه أكثر عملا.

([20]) كسائر التطوعات.

([21]) وفاقا، بشرط نيته للزيادة، وإلا لم يصح، وجزم في التبصرة بعدم الكراهة وفاقا للشافعي، وقدمه في الفروع وغيره، وصححه المجد وغيره، واختاره القاضي وغيره، وذكر الزركشي أنه المشهور، سواء علم العدد أو نسيه، وتقدم أنه يجوز وإن لم ينو إلا عند الدخول في الثالثة، قال في الحاوي الكبير: لو صلى نافلة فقام إلى ثالثة، فلا خلاف بين العلماء أنه يجوز أن يتمها أربعا، ويجوز أن يرجع إلى الثانية ويسلم، وأي ذلك فعل سجد للسهو، وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل أربعا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، وفيهم أيضا: يصلي خمسا وسبعا وتسعا بسلام واحد، وصلى الضحى ثماني ركعات، لم يفصل بينهن، وهو تطوع، فألحق به، سائر التطوعات، وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يفعل ما يكره فعله، وتقدم أن قوله: «مثنى»: لا ينفي ما عداه، ولا يدل على كراهته، ومرادهم في غير الوتر، كثلاث وخمس وسبع وتسع، وإذا لم يكره في ذلك فما تقدم أولى، لفعله صلى الله عليه وسلم ولو شرع في أربع بتسليمة فله أن يسلم من ركعتين وفاقا.

([22]) كثلاث وخمس، قال في الإقناع: مع الكراهة، وروي عن عمر أنه صلى ركعة، وقال: هو تطوع وصح عن غيره من الصحابة تقصير الوتر بركعة، وهو تطوع، وتقدم أن النافلة في البيت أفضل، واتفق أهل العلم أن صلاة التطوع في البيت أفضل سوى ما تقدم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله في بيته، وقال: «صلوا في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» رواه مسلم وغيره، ولأنه أقرب إلى الإخلاص، ولا بأس بصلاة التطوع جماعة.قال الشيخ: وما لا تسن له الجماعة الراتبة، كقيام الليل، والسنن الرواتب، وصلاة الضحى، وتحية المسجد، ونحو ذلك، فهذا إذا فعله جماعة أحيانا جاز، وأما اتخاذه سنة راتبة فغير مشروع، بل بدعة مكروهة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تطوع بذلك في جماعة قليلة أحيانا، وإنما كان يقوم الليل وحده، ولم يكن هو صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه،ولا التابعون يعتادون الاجتماع للرواتب على ما هو دون هذا، ولا ينبغي الجهر نهارا، وليلا يراعي المصلحة، فإن كان الجهر أنشط في القراءة أو بحضرته من يستمع قراءته أو ينتفع بها، فالجهر أفضل، وإن كان بقرب من يتهجد، أو يتضرر برفع صوته، أو خاف رياء، فالإسرار أفضل،والنبي صلى الله عليه وسلم ربما أسر، وربما جهر، وقال: «أيها الناس كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة».

([23]) وأما مع العذر فكالقائم، قال الشيخ: إذا كان من عادته أنه يصلي قائما، وإنما قعد لعجزه، فإن الله يعطيه أجر القائم، لقوله صلى الله عليه وسلم «إذا مرض العبد أو سافر، كتب له من العمل ما كان يعمله وهو صحيح مقيم» فلو عجز عن الصلاة كلها لمرض كان الله يكتب له أجرها كله، لأجل نيته وفعله بما قدر عليه، فكيف إذا عجز عن أفعالها اهـ. وجواز التطوع جالسا مع القدرة على القيام مجمع عليه، واتفقوا على أنه لو شرع في صلاة تطوع قائما، لم يلزمه إتمامها قائما وظاهر المذهب أن صلاة المضطجع تطوعا لا تصح، وقال الشيخ: لا يجوز التطوع مضطجعا لغير عذر، ولعذر تصح، ويسجد إن قدر وإلا أومأ اهـ ومن فاته تهجده استحب له قضاؤه قبل الظهر لقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} وتقدم: «من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل».

([24]) رواه النسائي، وصححه ابن حبان والحاكم من حديث عائشة، أنه كان يصلي متربعا، والتربع أن يجعل باطن قدمه اليمنى تحت الفخذ اليسرى، وباطن اليسرى تحت اليمنى، مطمئنا وكفيه على ركبتيه مفرقا أنامله كالراكع، وثني رجليه هو رد ركبهما إلى القبلة، وعنه: لا يثنيهما في ركوعه، قال الموفق: هذا أقيس وأصح في النظر، وعنه: يفترش، وفاقا للشافعي، ومذهب أبي حنيفة يخير بينهما، والتربع قول مالك، وثنيهما حال سجوده لا نزاع فيه، ويجوز له القيام إذا ابتدأ الصلاة جالسا، وعكسه وفاقا، لما في الصحيحين من حديث عائشة كان يقرأ قاعدا حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوا من ثلاثين آية أو أربعين آية ثم ركع، ولمسلم، كان يصلي ليلا طويلا قاعدا وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد، ركع وسجد وهو قاعد، ولما روي عن أنس وابن عمر، فإذا بلغ الركوع فإن شاء قام فركع، وإن شاء ركع من قعود، قال أحمد وغيره، والعمل على تلك الأحاديث يعني في ركوعه عن قيام أو قعود فهي صحيحة، معمول بها عند أهل العلم قال الشيخ: وتحريه مع قعوده أن يقوم
ليركع ويسجد وهو قائم، دليل على أنه أفضل إذ هو أكمل، وأعظم خشوعا لما فيه من هبوط رأسه، وأعضائه الساجدة لله من القيام.


  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 10:13 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَصَلاَةُ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ النَّهَارِ،...........
قوله: «وصلاة الليل أفضل من صلاة النهار» . اعلمْ أنَّ صلاة التطوُّع نوعان: نوعٌ مطلق، ونوعٌ مقيَّد.
أما المقيَّد: فهو أفضل في الوقت الذي قُيِّدَ به، أو في الحال التي قُيِّدَ بها.
فمثلاً: تحيُّة المسجد، إذا دخلته ولو في النَّهار أفضل من صلاة الليل؛ لأنها مقيَّدة بحال مِن الأحوال؛ وهي دخول المسجد، وسُنَّة الوُضُوء ـ إذا توضَّأت فإنه يُسَنُّ لك أن تُصَلِّيَ رَكعتين ـ أفضل من صلاة الليل ولو كانت في النَّهار؛ لأنها مقيَّدة بسبب مِن الأسباب.
أما المطلق: فهو في الليل أفضل منه في النَّهار، لقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «أفضلُ الصَّلاةِ بعدَ الفريضةِ صلاةُ اللَّيل» ، واللَّيلُ يدخل مِن غروب الشَّمس، فالصَّلاة مثلاً بين المغرب والعِشاء أفضل مِن الصَّلاة بين الظُّهر والعصر؛ لأنها صلاة ليل فهي أفضل.
والمطلق يُسَنُّ الإكثار منه كلَّ وقت؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم للرَّجُل الذي قال: أسألك مرافقتك في الجَنَّةِ؛ قال: أَوَ غَيْرَ ذلك، قال: هو ذاك قال: «فأعنِّي على نفسك بكثرة السُّجود».

وَأَفْضَلُهَا ثُلُثُ اللَّيْلِ بَعْدَ نِصْفِهِ ..........
قوله: «وأفضلها» أي: أفضلُ وَقْتِ صلاة اللَّيلِ.
قوله: «ثُلُثُ الليل بعد نصفه» أي: أنك تقسم الليل أنصافاً، ثم تقوم في الثُّلثِ من النِّصفِ الثَّاني، وفي آخر الليل تنام.
ودليل ذلك: قَولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «أفضلُ الصَّلاةِ صلاةُ داود، كان ينامُ نصفَ الليلِ، ويقومُ ثُلُثَه، وينام سُدُسَه» وفي «صحيح البخاري» عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما ألفاه ـ يعني النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم ـ السَّحَر عندي إلا نائماً» أي: أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان ينام في السَّحَر في آخر الليل.
وهناك تعليل : وهو أنَّ نوم الإنسان بعد القيام يُكسب البدنَ قُوَّةً ونشاطاً، فيقوم لصلاة الفجر وهو نشيط.
وأيضاً: إذا نامَ سُدُسَ الليلِ الآخرِ؛ نقضت هذه النَّومةُ سهره، وأصبح أمام النَّاس وكأنه لم يقمِ اللَّيلَ، فيكون في هذا إبعاداً له عن الرِّياء.
إذاً؛ الأفضل ثُلُث الليل بعد النِّصف؛ لينام في آخرِ الليل.
فإن قال قائل: لماذا لا تجعلون الأفضلَ ثُلُث الليلِ الآخرِ؛ لأنَّ ذلك وقت النُّزول الإلهي؟.
فالجواب : أنَّ الذي يقوم ثُلُث الليل بعد نصفه سوف يدرك النُّزول الإلهي؛ لأنه سيدرك النصف الأول مِن الثلث الأخير، فيحصُل المقصودُ، والنبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام هو الذي قال: «أفضلُ الصَّلاة صلاة داود» .
مسألة : ما هو الليلُ المعتبرُ نصفُه؟
الظَّاهر: أنَّه مِن غروب الشَّمس إلى طُلُوع الفجر، فيكون نصف الليلِ في الشِّتاء بعد مضي سِتِّ ساعات مِن الغُروب؛ لأنَّ ليل الشِّتاء اثنتا عشرة ساعة، ويكون في بعض الأوقات بعد خمس ساعات مِن الغُروب؛ لأنَّ الليلَ يكون فيها حوالي عَشْرَ ساعات، فعُدَّ مِن غروب الشَّمس إلى طُلوع الفجر، ونصفُ ما بينهما هذا هو نصف الليل.

وَصَلاَةُ لَيْلٍ وَنَهَارٍ مَثْنَى مَثْنَى ...........
قوله: «وصلاة ليل ونهار مثنى مثنى» يعني: اثنتين اثنتين فلا يُصلِّي أربعاً جميعاً، وإنما يُصلِّي اثنتين اثنتين، لما ثبت في «صحيح» البخاري ومسلم مِن حديث ابن عُمرَ رضي الله عنهما أنَّ رَجُلاً سأل النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: ما ترى في صلاةِ اللَّيلِ؟ قال: «مَثْنى مَثْنى، فإذا خَشِيَ أحدُكم الصّبحَ؛ صَلَّى واحدةً فأوترت له ما قد صَلَّى» .
وأما «النَّهار» فقد رواه أهل السُّنَن، واختلف العلماءُ في تصحيحه.
والصَّحيح: أنَّه ثابتٌ كما صَحَّح ذلك البخاريُّ رحمه الله. وعلى هذا؛ فتكون صلاةُ الليلِ وصلاةُ النَّهارِ كلتاهما مَثْنى مَثْنى يُسَلِّمُ مِن كُلِّ اثنتين، ويُبْنَى على هذه القاعدة كُلُّ حديثٍ وَرَدَ بلفظ الأربع مِن غير أن يُصرِّحَ فيه بنفي التَّسليم، أي: أنَّه إذا جاءك حديثٌ فيه أربع؛ ولم يُصرِّحْ بنفي التَّسليم؛ فإنه يجب أنْ يُحملَ على أنَّه يُسَلِّمُ مِن كُلِّ رَكعتين، لأنَّ هذه هي القاعدة، والقاعدةُ تُحمل الجزئيات عليها. فقول عائشة رضي الله عنها لما سُئلت عن صلاة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في رمضان: «ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يُصَلِّي أربعاً، فلا تسأل عن حُسنِهِنَّ وطُولِهِنَّ» ، ظاهره: أنَّ الأربع بسلام واحد، ولكن يُحمل هذا الظَّاهر على القاعدة العامَّة، وهي أنَّ صلاة الليل مَثْنى مَثْنى، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ويُقال: إنها ذكرتْ أربعاً وحدها، ثم أربعاً وحدها؛ لأنَّه صَلَّى أربعاً ثم استراح، بدليل «ثم» التي للترتيب والمهلة. وقد سبقت هذه المسألة.
مسألة : إذا كانت صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، فما الحكم لو قام الإنسان إلى ثالثة.
الجواب : صلاته تبطل إذا تعمَّد؛ لأنه إذا تعمَّد الزِّيادة على اثنتين فقد خالف أمْر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الدَّال على أن صلاة الليل مثنى مثنى، وإذا خالف أَمْرَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقد قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ عَمِلَ عملاً ليس عليه أَمْرُنَا فهو رَدٌّ» ، ولهذا قال الإمام أحمد: إذا قام إلى ثالثة في صلاة الليل فكأنما قام إلى ثالثة في صلاة الفجر، ومن المعلوم أنه إذا قام إلى ثالثة في صلاة الفجر متعمِّداً بطلت صلاته بالإجماع، فكذلك إذا قام إلى ثالثة في التطوُّع في صلاة الليل فإنَّ صلاته تبطل إنْ كان متعمِّداً، وإنْ كان ناسياً وَجَبَ عليه الرُّجوع متى ذَكَرَ، ويسجد للسَّهوِ بعد السَّلام من أجل الزِّيادة، وبه نفهم جهل من يتعمَّد في التَّراويح في رمضان إذا قام إلى ثالثة ثم ذَكَرَ أن يستمرَّ، ثم يفتي نفسه ويقول: «إن استتمَّ قائماً كُرهَ الرُّجوع» «وإن شرعَ بالقراءة حُرِّمَ الرُّجوع» فيكون جاهلاً جهلاً مركَّباً، لأن هذا الحكم فيمن قام عن التشهُّد الأول، أما من قام إلى زائدة فحكمه وجوب الرُّجوع مطلقاً.
والجهل المركَّب ضرره عظيم، فإن الجاهل المركَّب يرى أنه على حقٍّ فهو يمدُّ يداً طويلة، وربما يعتقد أنه أعلمُ من الإمام أحمد وابن تيمية، وهو كما قال حمار تُوما:


قال حِمَارُ الحكيم تُوما
=
لو أنصفَ الدَّهرُ كنتُ أَرْكَبْ
وتوما رَجُلٌ يدَّعي الحكمةَ، ويركب على الحِمَار، فقال الحِمَارُ: لو أنصفَ الدَّهرُ كنت أركبُ، وعَلَّلَ ذلك بقوله:

لأَنَّني جَاهلٌ بَسيط
=
وصَاحبي جَاهلٌ مُركَّبْ
والجاهلُ البسيط؛ حاله أكمل مِن الجاهل المُركَّب.
وذُكِرَ لي أنَّ بعضَ الناس يطرد هذه القاعدة فيما إذا قام إلى خامسة في الظُّهر فيقول: إذا شرع بالقراءة حُرِّمَ الرُّجوعُ، وهذا كُلُّه خطأ، بل مَنْ قام إلى زائدة وجب عليه الرُّجوع متى ذَكَرَ، وإنْ كان قد شَرَع في القِراءة، وإذا قام إلى ثالثة في النَّهار، فمقتضى الحديث أنْ يكون كما لو قام إلى ثالثة في الليل، وأنه لو استمرَّ لبطلت صلاتُه.

وَإِنْ تَطَوَّعَ فِي النَّهَارِ بِأَرْبَعٍ كَالظُّهْرِ فَلاَ بَأْسَ........
قوله: «وإن تطوَّع» أي: صَلَّى صلاة تطوُّع في النَّهار، أي: لا في الليل.
قوله: «كالظُّهر» أي: بتشهُّدين، تشهُّد أول وتشهُّد ثاني.
قوله: «فلا بأس» أي: لا حرج؛ فتصحُّ صلاتُه، واستدلَّ في «الرَّوض» بحديث أبي أيوب: أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهر أربعاً لا يفصِلُ بينهن بتسليمٍ . ولكن الحديث ليس فيه أنَّ الأربع تكون بتشهُّدين، ولهذا نرى أنه إذا صَلَّى أربعاً بتشهُّدين فهو إلى الكراهة أقرب، بدليل أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا توتروا بثلاث لا تشبهوا بصلاة المغرب» ، وهو الصَّحيح، وهذا يدلُّ على أن الشَّارع يريد أن لا تلحق النَّوافل بالفرائض، والرَّجُل إذا تطوَّع بأربع وجعلها كالظُّهر بتشهُّدين فقد ألحق النَّافلة بالفريضة.
وهذا الحديث ـ إن صَحَّ عن النبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام أنه فَعَلَ هذا ـ فمن المعلوم أنَّ الواجبَ قَبولُه، ويكون مُستثنى مِن الحديث الذي هو قاعدة عامَّة في أنَّ صلاة الليل والنهار مثنى مثنى.

وَأَجْرُ صَلاَةِ قَاعِدٍ عَلَى نِصْفِ أَجْرِ صَلاَةِ قَائِمٍ ........
قوله: «وأجر صلاة قاعد على نصف أجر صلاة قائم» أي: تصحُّ صلاة القاعد لكنها على النِّصف مِن أجر صلاة القائم، والمراد هنا في النَّفل، ولهذا ساقها المؤلِّفُ رحمه الله في صلاة التطوُّع.
أما الفريضة؛ فصلاةُ القاعدِ القادرِ على القيام ليس فيها أجر؛ لأنها صلاة باطلة، لأنَّ مِن أركان الصَّلاة في الفريضة القيام مع القدرة.
وقوله: «أجر صلاة قاعد» مراده إذا كان قاعداً بلا عُذر، أما إذا كان قاعداً لعُذر، وكان من عادته أن يُصلِّي قائماً، فإنَّ له الأجر كاملاً لقولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إذا مَرِضَ العبدُ أو سافرَ؛ كُتب له مثلُ ما كان يعمل مقيماً صحيحاً» .
وهذه مِن نِعَمِ الله التي تستوجب على العاقل أن يُكثر من النَّوافل ما دام في حال الصِّحَّة؛ لأن جميع النَّوافل التي يعملها في صحَّته إذا مَرِضَ وعَجِزَ عنها كُتبتْ له كاملة كأنه يفعلها.
أما إذا كان لغير عُذر فهو على النِّصفِ مِن أَجْرِ صلاة القائم، فإذا كان أَجْرُ صلاة القائم عشرَ حسناتٍ، كان لهذا القاعد خمسُ حسناتٍ، ووَرَدَ في الحديث أنَّ أجْرَ صلاةِ المُضْطجعِ على النِّصفِ من أجْرِ صلاةِ القاعد .لكن هذا الشَّطر مِن الحديث لم يأخذ به جمهورُ العلماء، ولم يروا صِحَّة صلاة المضطجع إلا إذا كان معذوراً.
وذهب بعضُ العلماء: إلى الأخذ بالحديث. وقالوا: يجوز أنْ يتنفلَ وهو مضطجع، لكن أجره على النصف من أجر صلاة القاعد، فيكون على الرُّبع مِن أجر صلاة القائم.
ـ وهذا قولٌ قويٌّ؛ لأن الحديث في «صحيح البخاري»، ولأنَّ فيه تنشيطاً على صلاة النَّفل؛ لأن الإنسان أحياناً يكون كسلاناً وهو قادر على أنْ يُصلِّي قاعداً؛ لكن معه شيء مِن الكسل؛ فيُحِبُّ أنْ يُصلِّي وهو مضطجعٍ، فمن أجل أنْ ننشِّطَهُ على العمل الصَّالح نَفْلاً نقول: صَلِّ مضطجعاً، وليس لك إلا رُبع صلاة القائم، ونصف صلاة القاعد، ولهذا رَخَّصَ العلماءُ في صلاة النَّفل أن يشرب الماء اليسير من أجل تسهيل التطوُّع عليه، والتطوُّع أوسع من الفرض.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الليل, صلاة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:13 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir