دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الجنايات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الآخرة 1431هـ/24-05-2010م, 06:29 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي فصل في أحكام الجراح

( فصلٌ ) النوعُ الثاني ( الْجِراحُ ) فيُقْتَصُّ في كلِّ جُرْحٍ يَنْتَهِي إلى عَظْمٍ، كالموضِّحَةِ وجُرْحِ العَضُدِ والساقِ والفَخِذِ والقَدَمِ، ولا يُقْتَصُّ في غيرِ ذلك من الشِّجاجِ والْجُروحِ غيرِ كسْرِ سِنٍّ، إلا أن يكونَ أعظَمَ مِن الموضِّحَةِ، كالهاشِمَةِ والْمُنَقِّلَةِ والْمَأمومةِ فله أن يَقْتَصَّ مُوَضِّحَةً، وله أَرْشُ الزائدِ، وإذا قَطَعَ جماعةٌ طَرْفًا أو جَرَحُوا جُرْحًا يُوجِبُ الْقَوَدَ فعليهم الْقَوَدُ، وسرايةُ الجِنايةِ مَضمونةٌ في النفْسِ فما دونَها، وسِرايةُ الْقَوَدِ مَهدورةٌ، ولا يُقْتَصُّ من عُضْوٍ وجُرْحٍ قبلَ بُرْئِه كما لا تُطْلَبُ له ديةٌ.

  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 11:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

..........................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 11:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


فصلٌ
(النوعُ الثاني) مِن نَوْعَيِ القِصاصِ فيما دُونَ النفسِ: (الجِرَاحُ، فيُقْتَصُّ في كلِّ جُرْحٍ يَنْتَهِي إلى عَظْمٍ)؛ لإمكانِ استيفاءِ القِصاصِ من غيرِ حَيْفٍ ولا زِيادةٍ؛ وذلك (كالمُوضِحَةِ) في الرأسِ والوجهِ، (وجُرْحِ العَضُدِ، و) جُرْحِ (الساقِ، و) جُرْحِ (الفَخِذِ، و) جُرْحِ (القَدَمِ)؛ لقولِه تعالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}.
(ولا يُقْتَصُّ في غيرِ ذلكَ مِن الشِّجَاجِ)؛ كالهَاشِمَةِ والمُنَقِّلَةِ والمَأْمُومَةِ، (و) لا في غيرِ ذلكَ مِن (الجُرُوحِ)؛ كالجائفةِ؛ لِعَدَمِ أَمْنِ الحَيْفِ والزيادةِ، ولا يُقْتَصُّ في كسرِ عَظْمٍ (غيرَ كَسْرِ سِنٍّ)؛ لإمكانِ الاستيفاءِ مِنه بغيرِ حَيْفٍ؛ كبَرْدٍ ونحوِهِ، (إلاَّ أنْ يكونَ الجُرْحُ أعظمَ مِن المُوضِحَةِ؛ كالهَاشِمَةِ والمُنَقِّلَةِ والمأمومةِ، فله)؛ أي: للمجنِي عليه (أنْ يَقْتَصَّ مُوضِحَةً)؛ لأنَّه يَقْتَصِرُ على بعضِ حَقِّه، ويَقْتَصُّ مِن مَحَلِّ جِنَايَتِه، (وله أَرْشُ الزائِدِ) على المُوضِحَةِ، فيَأْخُذُ بعدَ اقْتِصَاصِهِ مِن مُوضِحَةٍ في هَاشِمَةٍ خَمْساً مِن الإِبِلِ، وفي مُنَقِّلَةٍ عَشْراً، وفي مَأْمُومَةٍ ثَمَانِيَةً وعشرينَ وثُلُثاً، ويُعْتَبَرُ قَدْرُ جُرْحٍ بمِسَاحةٍ دُونَ كَثَافَةِ اللَّحْمِ، (وإذا قَطَعَ جَمَاعَةٌ طَرَفاً) يُوجِبُ قَوَداً؛ كَيَدٍ، (أو جَرَحُوا جُرْحاً يُوجِبُ القَوَدَ) كمُوضِحَةٍ، ولم تَتَمَيَّزْ أَفْعَالُهم؛ كأنْ وَضَعُوا حديدةً على يدٍ، وتَحَامَلُوا عليها حتَّى بَانَتْ، (فعليهم)؛ أي: على الجماعةِ القاطعِينَ أو الجارِحِينَ (القَوَدُ)؛ لِمَا رُوِيَ عن عليٍّ أنَّه شَهِدَ عندَه شاهدانِ على رَجُلٍ بِسَرِقَةٍ، فقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ جاءَ آخَرُ، فقالاَ: هذا هو السارِقُ، وأَخْطَأْنَا في الأوَّلِ. فرَدَّ شَهَادَتَهُما على الثانِي، وغَرَّمَهُما دِيَةَ يَدِ الأوَّلِ، وقالَ: (لو عَلِمْتُ أَنَّكُما تَعَمَّدْتُما، لَقَطَعْتُكُما).
وإنْ تَفَرَّقَتْ أَفْعَالُهم أو قَطَعَ كُلُّ واحدٍ مِن جانبٍ، فلا قَوَدَ عليهم.
(وسِرَايَةُ الجِنايةِ مضمونةٌ في النفسِ فما دُونَها)، فلو قَطَعَ أُصْبَعاً فتَآكَلَتْ أُخْرَى أو اليدُ، وسَقَطَتْ مِن مِفْصَلٍ، فالقَوَدُ فيما يَشُلُّ الأَرْشُ بِقَوَدٍ أو دِيَةٍ. (وسِرايةُ القَوَدِ مَهْدُورَةٌ)، فلو قَطَعَ طَرَفاً قَوَداً، فسَرَى إلى النفْسِ، فلا شيءَ على قاطعٍ؛ لعدمِ تَعَدِّيه، لكِنْ إنْ قَطَعَ قَهْراً معَ حَرٍّ أو بَرْدٍ أو بآلةٍ كالَّةٍ أو مسمومةٍ ونَحْوِها، لَزِمَه بَقِيَّةُ الدِّيَةِ، (ولا) يَجُوزُ أنْ (يَقْتَصَّ عن عُضْوٍ وجُرْحٍ قبلَ بَرْئِهِ)؛ لحديثِ جَابِرٍ أنَّ رَجُلاً جَرَحَ رَجُلاً، فأرادَ أنْ يَسْتَقِيدَ، فنَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يُسْتَقَادَ مِن الجارِحِ حَتَّى يَبْرَأَ المجروحُ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. (وكما لا تُطْلَبُ له)؛ أي: للعضوِ أو الجُرْحِ (دِيَةٌ) قبلَ بَرْئِهِ لاحتمالِ السِّرَايَةِ، فإنِ اقْتَصَّ قبلُ، فسِرَايَتُها بعدُ هَدَرٌ، ولا قَوَدَ ولا دِيَةَ لِمَا رُجِيَ عَوْدٌ مِن نحوِ سِنٍّ ومنفعةٍ في مُدَّةٍ تَقُولُها أهلُ الخِبْرَةِ، فلو ماتَ تَعَيَّنَتْ دِيَةُ الذاهِبِ.

  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 12:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


فصل

(النوع الثاني) من نوعي القصاص فيما دون النفس (الجراح([1]) فيقتص في كل جرح ينتهي إلى عظم)([2]) لإمكان استيفاء القصاص من غير حيف ولا زيادة([3]) وذلك (كالموضحة) في الرأس والوجه([4]).

(وجرح العضد و) جرح (الساق و) جرح (الفخذ و) جرح (القدم([5])) لقوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}([6]) (ولا يقتص في غير ذلك من الشجاج)([7]).

كالهاشمة والمنقلة والمأمومة([8]) (و) لا في غير من (الجروح) كالجائفة([9]) لعدم أمن الحيف والزيادة([10]) ولا يقتص في كسر عظم (غير كسر سن)([11]).

لإمكان الاستيفاء منه بغير حيف، كبرد ونحوه([12]) (إلا أن يكون) الجرح (أعظم من الموضحة كالهاشمة، والمنقلة والمأمومة فله) أي للمجني عليه (أن يقتص موضحة) لأنه يقتصر على بعض حقه، ويقتص من محل جنايته([13]) (وله أرش الزائد) على الموضحة([14]) فيأخذ بعد اقتصاصه من موضحة في هاشمة خمسا من الإبل([15]) وفي منقلة عشرا([16]) وفي مأمومة ثمانية وعشرين وثلثا([17]) ويعتبر قدر جرح بمساحة، ودون كثافة اللحم([18]).

(وإذا قطع جماعة طرفا) يوجب قودا كيد (أو جرحوا جرحا يوجب القود) كموضحة ولم تتميز أفعالهم، كأن وضعوا حديدة على يد، وتحاملوا عليها حتى بانت (فعليهم) أي على الجماعة القاطعين أو الجارحين (القود)([19]) لما روي عن علي أنه شهد عنده شاهدان على رجل بسرقة، فقطع يده، ثم جاءا بآخر فقالا: هذا هو السارق، وأخطأنا في الأول، فرد شهادتهما على الثاني، وغرمهما دية يد الأول، وقال: لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما([20]) وإن تفرقت أفعالهم([21]).

أو قطع كل واحد من جانب فلا قود عليهم([22]) (وسراية الجناية مضمونة في النفس فما دونها)([23]) فلو قطع إصبعا فتآكلت آخرى أو اليد، وسقطت من مفصل فالقود([24]) وفيما يشل الأرش([25]) (وسراية القود مهدرة)([26]) فلو قطع طرفا قودا فسرى إلى النفس فما دونها فلا شيء على قاطع، لعدم تعديه([27]).

لكن إن قطع قهرا مع حر أو برد([28]) أو بآلة كالة، أو مسمومة ونحوها([29]) لزمه بقية الدية([30]).
(ولا) يجوز أن (يقتص من عضو وجرح قبل برئه)([31]) لحديث جابر أن رجلا جرح رجلا، فأراد أن يستقيد فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستقاد من الجارح حتى يبرأ المجروح، رواه الدارقطني([32]) (كما لا تطلب له) أي للعضو أو الجرح (دية) قبل برئه، لاحتمال السراية([33]) فإن اقتص قبل فسرايتها بعد هدر([34]).
ولا قود ولا دية لما رجي عوده من نحو سن، ومنفعة، في مدة تقولها أهل الخبرة([35]) فلو مات تعينت دية الذاهب([36]).


([1]) قال شيخ الإسلام: القصاص في الجراح، ثابت بالكتاب والسنة والإجماع بشرط المساواة، فإذا شجه فله شجه كذلك، فإذا لم تمكن مثل أن يكسر عظما باطنا، أو شجة دون الموضحة، فلا يشرع القصاص، بل تجب الدية، وأما القصاص في الضرب بيده، أو بعصا أو سوط، ونحو ذلك، فقالت طائفة لا قصاص فيه، بل فيه التعزير.
والمأثور عن الخلفاء وغيرهم، من الصحابة والتابعين: أن القصاص مشروع في ذلك، وهو نص أحمد وغيره من الفقهاء، وبذلك جاءت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصواب، وقال عمر: إني ما أرسل عمالي ليضربوا أبشاركم، فوالذي نفسي بيده، من فعل لأقصنه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه، رواه أحمد، ومعناه: أن ضرب الوالي رعيته ضربا غير جائز، فأما الضرب المشروع، فلا قصاص فيه، بالإجماع.
([2]) وهذا شرط لجواز القصاص، زيادة على ما سبق.
([3]) لانتهائه إلى العظم، أشبه قطع الكف من الكوع.
([4]) واتفق أهل العلم على جواز القصاص فيها بشرطه، وقال الوزير: أجمعوا على أن الموضحة فيها القصاص، إذا كانت عمدا، وفي الإنصاف: يوضحه بالمساحة بلا نزاع.
([5]) قياسا على جرح الموضحة، المتفق عليها.
([6]) وهو نص على القصاص في الجروح بشرطها، ولو لم يجب القصاص في كل جرح، ينتهي إلى عظم، لسقط حكم الآية.
([7]) أي ولا يقتص في أي نوع من الشجاج، غير المذكورة، المنتهية إلى عظم، كالموضحة وجرح العضد والساق، والقدم، كما دون الموضحة كالباضعة، أو أعظم منها، كما مثل، واختار الشيخ: القصاص في كل شيء من الجراح والكسر، يقدر على القصاص منه للأخبار، وقال: ثبت عن الخلفاء الراشدين، وتقدم نحوه.
وقال ابن القيم: قالت الشافعية، والحنفية، والمالكية، ومتأخروا الأصحاب، لا قصاص في اللطمة والضربة، وحكى بعضهم الإجماع، وخرجوا عن محض القياس، وموجب النصوصن وإجماع الصحابة، وقال تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} فالواجب للملطوم، أن يفعل بالجاني عليه كما فعل به، فلطمة بلطمة، وضربة بضربة في محلهما، بالآلة التي لطمه بها، أو مثلها، أقرب إلى المماثلة المأمور بها، حسا وشرعا، من تعزيره بغير جنس اعتدائه وصفته، وهذا هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه ومحض القياس، ونصوص أحمد.
([8]) الهاشمة هي: التي تهشم العظم، والمنقلة هي التي تنقل العظام، والمأمومة هي: التي تصل إلى جلدة الدماغ، فجلدة الرأس يليها لحم، ويلي اللحم جلدة رقيقة، تسمى السمحاق، ويليها عظم يسمى القحف، وبعد العظم خريطة، مشتملة على دهن، وذلك الدهن يسمى الدماغ، ويسمى أيضا أم الرأس، والجناية الواصلة إلى الخريطة المذكورة، المسماة أم الرأس، تسمى مأمومة فلا قصاص فيها، عند الأئمة الأربعة، قال الموفق، ولا نعلم أحدا أوجب القصاص، فيما فوق الموضحة، إلا ما روي عن ابن الزبير، أنه أقاد من المنقلة، وليس بثابت عنه، وقال ابن المنذر: ولا أعلم أحدا خالف ذلك، لأنه ليس له حد ينتهي إليه، ولا يمكن الاستيفاء من غير حيف.
([9]) وهي التي تنفذ إلى جوف، كبطن وصدر، وثغرة نحر، وجبين وخاصرة ونحوها، فلا قصاص في نحوها، لما تقدم.
([10]) ولابن ماجه مرفوعا «لا قود في المأمومة، ولا في الجائفة، ولا في المنقلة» وقال ابن رشد: القصاص فيما أمكن القصاص فيه منها، وفيما وجد منه محل القصاص، ولم يخش منه تلف النفس، وإنما صاروا لهذا، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع القود في المأمومة، والمنقلة، والجائفة فرأى مالك ومن قال بقوله: أن هذا حكم ما كان في معنى هذه من الجراح التي هي متالف مثل كسر عظم الرقبة، والصلب والصدر، والفخذ وما أشبه ذلك، ولأنه لا تؤمن الزيادة فلم يجب القصاص، ككسر العظام.
([11]) تقدم أنه لا قصاص في كسر عظم، بغير خلاف، غير كسر سن.
([12]) أي كبر سن الجاني، وتقدم.
([13]) قولا واحدا، وهو مذهب الشافعي، فإنه إنما وضع نحو السكين، في موضع وضعها الجاني فيه، ولأن سكين الجاني، وصلت العظم وتجاوزته.
([14]) فيجب له إذا اقتص موضحة والجناية فوقها، ما بين دية الموضحة، ودية تلك الشجة، لأنه تعذر فيه القصاص، فوجب الأرش، كما لو تعذر في جميعها.
([15]) لأنه التفاوت بينها وبين الموضحة.
([16]) أي ويأخذ في المنقلة عشرا من الإبل، لأنه ما بين الموضحة والمنقلة.
([17]) لأن الواجب فيها ثلث الدية، فإذا سقط منها دية موضحة، وهي خمس من الإبل، بقي ذلك المذكور.
([18]) أي ويعتبر قصاص جرح طولا وعرضا، دون كثافة اللحم لأن حده العظم، والناس يختلفون في كثرة اللحم وقلته، فلا يمكن اعتباره فيعمد المقتص إلى موضع الشجة من رأس المشجوج، فيعلم طولها وعرضها، بنحو خيط، ويضعها على رأس الشاج، ويعلم طرفيه بنحو سواد، ويأخذ حديدة، عرضها كعرض الشجة فيضعها في أول الشجة ونحوها، إلى آخرها فيأخذ مثل الشجة طولا عرضا، ولا يراعي العمق، لأن حده العظم، ولو روعي لتعذر الاستيفاء.
([19]) في أشهر الروايتين، وهو مذهب مالك، وكذا لو أكرهوا إنسانا، على قطع طرف، أو ألقوا صخرة على طرف إنسان فقطعه، او قلعوا عينا بضربة واحدة، ونحو ذلك.
([20]) رواه البخاري وغيره، ودل على أن القصاص على كل منهما لو تعمدا، ولأنه أحد نوعي القصاص، فتؤخذ الجماعة بالواحد، كالأنفس.
([21]) أي القاطعين لليد ونحوها، فلا قود عليهم.
([22]) قولا واحدا إن لم يتواطؤوا، وكذا لو ضرب كل واحد على اليد ونحوها، حتى انفصلت، ونحو ذلك، فلا قود عليهم، وإن كان فعل كل واحد يمكن الاقتصاص منه بمفرده، اقتص منه، وهذا مذهب الشافعي.
([23]) قال الموفق: سراية الجناية مضمونة بغير خلاف، لأنها أثر جناية والجناية مضمونة فكذا أثرها.
([24]) وهذا مذهب أبي حنيفة، لأنه أحد نوعي القصاص، وإن سرت الجناية إلى النفس، أو ما لا يمكن مباشرته بالإتلاف، مثل أن هشمه في رأسه فمات، أو ذهب ضوء عينيه، وجب القصاص بلا خلاف في النفس.
([25]) وهو قول مالك والشافعي، لعدم إمكان القصاص في الشلل، وهو فساد العضو وذهاب حركته بالسراية.
([26]) وهو مذهب مالك، والشافعي، وقال الوزير: اتفقوا على أن الإمام إذا قطع يد السارق، وسرى إلى نفسه، فلا ضمان عليه.
([27]) وروى البيهقي وغيره، عن عمر وعلي، أنهما قالا: في الذي يموت في القصاص لا دية له، ولأنه قطع بحق، فكما أنه غير مضمون، فكذا سرايته، كقطع السارق المتفق عليه.
([28]) بلا إذنه، ولا إذن الإمام أو نائبه، لزمه بقية الدية.
([29]) كحرقه طرفا يستحق القصاص فيه، فيموت جان، أو في حال لا يؤمن فيها الخوف من السراية.
([30]) أي يضمن دية النفس، منقوصا منها دية العضو، الذي وجب له فيها القصاص، فإن وجب في يده، فعليه نصف الدية، أو جفن فثلاثة أرباعها وهكذا.
([31]) عند أكثر أهل العلم، منهم أبو حنيفة مالك، وقال ابن المنذر: كل من أحفظ عنه من أهل العلم، يرى الانتظار بالجرح متى يبرأ.
([32]) ورواه أحمد وغيره، من حديث عمرو بن شعيب، ولأنه باقتصاصه قبل الإندمال، رضي بترك ما يزيد عليه بالسراية، فبطل حقه منه، وقال أحمد: لأنه قد دخله العفو بالقصاص.
([33]) أي لا يقتص من عضو وجرح قبل البرء، كما أنه لا تطلب له دية، لاحتمال السراية، فتسقط عن المجني عليه.
([34]) لأنه استعجـل ما لم يمكن له استعجـاله فبطـل حقه، لحديث عمرو
رواه أحمد، فإن قيل: ما الفرق بين هذا وما قبله، حيث ضمن السراية في الأول دون الثاني؟ قيل: إنه إنما منع من الاقتصاص في الطرف قبل برئه، لمصلحة المجني عليه، إذ قد تسري الجناية إلى طرف آخر، أو إلى النفس، بخلاف منعه من القصاص في الحر أو البرد، فإنه لمصلحة الجاني، فلذلك ضمن السراية، فيما إذا كانت مصلحة التأخير للجاني، ولم تضمن إذا كانت المصلحة للمجني عليه.

([35]) أي أن السن أو المنفعة، تعود وتسقط المطالبة به، فوجب تأخيره، وإن عاد فلا شيء على الجاني، لأن المتلف عاد، فلم يجب به شيء، كإن كانت شماء مثلا فلا دية ولا قود، إن رجي عوده، وإن مضى زمن يمكن عودها فيه، فلم تعد، خير بين القصاص والدية، كسائر الجنايات، واختار الموفق في سن الكبير ونحوها القود في الحال، وصوبه في الإنصاف، ولعله مراد الأصحاب: فإن سن الكبير إذا قلعت يئس من عودها غالبا.
([36]) لأنه لا يتأتى العود بعد موته.

  #5  
قديم 11 ربيع الثاني 1432هـ/16-03-2011م, 11:48 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ
النَّوْعُ الثَّانِي: الْجِرَاحُ، فَيُقْتَصُّ فِي كُلِّ جُرْحٍ يَنْتَهِي إِلَى عَظْمٍ، كَالْمُوضِحَةِ،
قوله: «النوع الثاني: الجراح» أي: النوع الثاني من القصاص فيما دون النفس، ويجب أن نتذكر القاعدتين السابقتين في أول الباب.
الأولى: من أقيد بأحد في النفس أقيد به في الجراح، ومن لا فلا.
الثانية: إذا كانت الجناية موجبة للقصاص في النفس فهي موجبة له في الجراح، وإلاَّ فلا.
وعلى هذا فالجرح خطأ لا قصاص فيه، وجرح المسلم الكافر لا قصاص فيه، وجرح الوالد الولد ـ على المذهب ـ لا قصاص فيه.
قوله: «فيقتص في كل جرح ينتهي إلى عظم» هذه قاعدة القصاص في الجروح، فإن كان الجرح لا ينتهي إلى عظم فلا قصاص؛ وذلك لأن الذي ينتهي إلى عظم يمكن الاستيفاء منه بلا حيف؛ لأنك ستأخذ اللحم حتى تصل إلى العظم، وأما ما لا ينتهي إلى عظم فلا يمكن القصاص منه، فهذا مبني على ما سبق وهو إمكان الاستيفاء بلا حيف، مثاله:
قوله: «كالموضحة» وهي التي توضح العظم في الرأس والوجه خاصة، وهذا ما تقتضيه اللغة العربية، فإن العرب إذا قالوا: الموضحة، فإنما يعنون بها الجرح في الرأس والوجه فقط، أما الجرح في الصدر ولو بيَّن العظم فلا يسمى موضحة.
فإذا جنى شخص على آخر عمداً، وكشط جلد رأسه ولحمه حتى وصل إلى العظم فإنه يقتص منه؛ لأنه جرح ينتهي إلى عظم، والاعتبار بالمساحة لا بالكثافة، أي بمساحة الجرح لا بكثافة عمقه؛ لأن بعض الناس يكون سميناً، وتكون طبقات اللحم فوق العظم أكثر، وبعض الناس بالعكس، فهذا لا عبرة به، بل العبرة بالمساحة، فيؤخذ من الجاني بمثل ما أخذ من المجني عليه.
وهل يؤخذ بالنسبة أو بالقدر؟ الظاهر أننا نأخذ بالنسبة، فإذا أوضح ربع رأسه نوضح ربع رأسه.

وَجُرْحِ العَضُدِ، وَالسَّاقِ، وَالفَخْذِ، وَالقَدَمِ، وَلاَ يُقْتَصُّ فِي غَيْرِ ذلِكَ مِنَ الشِّجَاجِ وَالجُرُوحِ غَيْرَ كَسْرِ سِنٍّ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَعْظَمَ مِن المُوضِحَةِ، كَالهَاشِمَةِ، وَالمُنَقِّلَةِ، وَالمَأْمُومَةِ، فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ موضِحَةً، وَلَهُ أَرْشُ الزَّائِدِ،.............
قوله: «وجرح العضد، والساق، والفخذ، والقدم» والدليل قوله تعالى: {{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}} فيقتص من كل جرح بمثله.
وقوله: «العضد» هو العظم الذي بين الكتف والمرفق.
وقوله: «والساق» وهو العظم بين الركبة والقدم.
وقوله: «والفخذ» وهو العظم الذي بين الورك والركبة.
وقوله: «والقدم» وهو العظم الذي بين الكعبين إلى نهاية الأصابع.
فالجروح في هذه المواضع تنتهي إلى عظم، والجرح في الصدر ينتهي إلى عظم إذا كان على الضلوع، أما إن كان بينهما فإنه لا ينتهي إلى عظم، والجرح في الرقبة ينتهي إلى عظم في مكان منه، وفي مكان آخر لا ينتهي إلى عظم، فالقاعدة أن كل جرح ينتهي إلى عظم ففيه قصاص.
قوله: «ولا يقتص في غير ذلك من الشجاج والجروح، غير كسر سن» الشجاج من الجراح، والجروح هنا ما سوى الشجاج، والشجاج: جمع شجَّة، وهي جرح الرأس والوجه خاصة، ففي الجبهة والرأس تسمى شجة، وفي الرقبة يسمى جرحاً.
وقوله: «في غير ذلك من الشجاج» سيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ أن الشجاج عشرة أنواع عند العرب، فما قبل الموضحة ليس فيه قصاص إطلاقاً، كالدامية والبازلة، وما بعد الموضحة، يقول المؤلف:
«إلاَّ أن يكون أعظم من الموضحة، كالهاشمة، والمنقِّلة والمأمومة، فله أن يقتص موضحة، وله أرش الزائد» الهاشمة: هي الجرح الذي يبرز العظم ويهشمه، فهذه لا قصاص فيها.
والمنقِّلة: هي التي توضح العظم وتهشمه وتنقله، وهذه لا قصاص فيها.
والمأمومة هي التي تصل إلى أم الدماغ، بأن ضربه فانجرح وبان العظم، وانهشم، وانتقل، وبان الدماغ، فهذه لا يقتص فيها من الجاني؛ لأن المأمومة لا يمكن الاستيفاء فيها بدون حيف.
وقوله: «غير كسر سن» لو كسر سناً فإنه يقتص منه، وذلك بأن نحكّه بالمبرد، حتى يتحقق القصاص، ويكون القصاص بالنسبة لا بالقَدْر؛ لأن سن الجاني قد يكون قدر سن المجني عليه مرتين، فإذا كسر نصف سن المجني عليه، وقلنا: القصاص بالقدر، فإننا نأخذ ربع سن الجاني، لكننا إذا قلنا بالنسبة، فإننا نأخذ نصف سنِّ الجاني.
فالخلاصة: أنه لا قصاص في الجروح إلا في ثلاث حالات:
الأولى: في كل جرح ينتهي إلى عظم.
الثانية: في السن.
الثالثة: الجروح التي فيها قصاص وأرش الزائد، وذلك مذكور في قول المؤلف: «إلاَّ أن يكون أعظم من الموضحة، كالهاشمة، والمنقلة، والمأمومة، فله أن يقتص موضحة، وله أرش الزائد» هذا ما ذهب إليه المؤلف.
والصحيح أنه يقتص من كل جرح؛ لعموم قوله تعالى: {{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}} فمتى أمكن القصاص من جرح وجب إجراء القصاص فيه، وعلى هذا فإذا قال الأطباء: نحن الآن نقتص منه بالسنتيمتر بدون حيف فإنه يقتص منه، فلو أن رجلاً شق بطن رجلٍ فإنه لا يقتص منه على المذهب، والصحيح أنه يقتص منه.

وَإِذَا قَطَعَ جَمَاعَةٌ طَرَفاً أَوْ جَرَحُوا جُرْحاً يُوجِبُ الْقَوَدَ فَعَلَيْهِمُ القَوَدُ،.....
قوله: «وإذا قطع جماعة طرفاً، أو جرحوا جرحاً يوجب القود فعليهم القود» الطرف هو العضو، فلو قطعوا طرفاً، وذلك بأن يأتوا بسكين ويتحاملوا عليها جميعاً حتى ينقطع العضو، فهؤلاء اشتركوا فيقتص منهم جميعاً لعموم قوله تعالى: {{النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}} [المائدة: 45] ، وقياساً على ما إذا اشتركوا في قتله، فإنه إذا وجب القصاص عليهم جميعاً فيما إذا اشتركوا في القتل، فلأن يجب القصاص عليهم فيما لو اشتركوا في قطع عضوٍ من باب أولى؛ لأن النفس أعظم حرمة، والقصاص في الأطراف مبني على القصاص في النفوس، وكذلك لو جرحوا جرحاً يوجب القود ـ وهو على المذهب كل جرح ينتهي إلى عظم ـ فإذا جرحوا جرحاً يوجب القود فعليهم القود، فإذا كانوا عشرة فإننا سنجرح عشرة رؤوس برأسٍ واحد، ونقول: كما أننا نقتل عشرة أنفس بنفس واحدة، قال عمر ـ رضي الله عنه ـ: «لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به»[(33)].
وقوله: «إذا قطع جماعة طرفاً أو جرحوا جرحاً يوجب القود فعليهم القود» ، لم يذكر حكم ما إذا تمالؤوا عليه، والصحيح أنهم لو تمالؤوا عليه فكما لو تشاركوا فيه، ومعنى تمالؤوا عليه أي: اتفقوا عليه؛ بأن قالوا: نريد قطع يد فلان، فقال أحدهم: اجلس أنت في مكان كذا، وأنت الآخر اجلس في مكان كذا، حتى إذا أقبل أحدٌ تخبرونني، واتفقوا على ذلك فقد تشاركوا في الإثم، ولولا أن هؤلاء حرسوا ما تجرأ هؤلاء على القطع، وهؤلاء يعلمون أنهم سيقطعون هذا الرجل، فإذا تمالؤوا عليه فقد تشاركوا فيه، وعمر ـ رضي الله عنه ـ قال: «لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به».
فإذا قطعوا طرفاً، وجرحوا جرحاً، سواء كان ذلك بالمشاركة الفعلية، أو كان بالممالأة والمواطأة على ذلك، فعليهم القود، فإذا اختار المجني عليه الدية فعليهم دية واحدة لذلك الطرف أو الجرح.
ثم ذكر المؤلف قاعدتين مهمتين في سراية الجناية، وسراية القود فقال ـ رحمه الله ـ:

وَسِرَايَةُ الجِنَايَةِ مَضْمُونَةٌ فِي النَّفْسِ فَمَا دُونَها وَسِرايَةُ الْقَوَدِ مَهْدُورَةٌ، وَلاَ يُقْتَصُّ مِنْ عُضْوٍ وَجُرْحٍ قَبْلَ بُرْئِهِ، كَمَا لاَ تُطْلَبُ لَهُ دِيَةٌ.
«وسراية الجناية مضمونة في النفس فما دونها» ، «سراية» : مضاف، و «الجناية» : مضاف إليه، وهي من باب إضافة الشيء إلى سببه، أي: السراية التي سببها الجناية مضمونة، والسراية: هي أن ينتقل الشيء من مكان إلى آخر، فيسري الجرح من المكان الأول إلى مكان آخر ويتسع، وكذلك الأعضاء، كما لو قطع أصبعاً فتآكلت الكف كلها، أو قطع أنملة فتآكل الأصبع كله، أو جرح موضحة بقدر الظفر ثم اتسعت حتى صارت بقدر الكف.
يقول المؤلف: إذا كانت السراية من جناية فإنها مضمونة في النفس فما دونها، في النفس مثل لو قطع أصبع إنسانٍ عمداً فنزف الدم حتى مات، فهنا نقتل الجاني، فإذا قال الجاني: أنا لم أقطع إلاَّ الأصبع، فنقول له: لكن هذه الجناية سرت إلى النفس، وأنت السبب، وربما أنك لم تقصد أن تقتل هذا الشخص، لكنه مات بسببك فتكون ضامناً.
وهذا الضابط مبني على قاعدة معروفة عند أهل العلم، وهي: «ما ترتب على غير المأذون فهو مضمون» فكل شيء ترتب على شيء لم يؤذن فيه، لا شرعاً ولا عرفاً، فإنه يكون مضموناً على صاحبه، ولها أمثلة كثيرة، ويستثنى من سراية الجناية ما سيأتي وهو ما إذا اقتص المجني عليه قبل البرء فهنا لا تضمن السراية، مثاله: قطع إصبع رجلٍ عمداً، فطلب المقطوع إصبعُه أن تقطع أصبع الجاني وأصر وألح، فإنها إذا قطعت في هذه الحال ثم سرت الجناية فإنها تكون هدراً، كما ستأتي المسألة قريباً إن شاء الله.
قوله: «وسراية القود مهدورة» ، القود أي: القصاص، فلو اقتصصنا من الجاني ثم سرت الجناية فإنها هدر، أي: لا شيء فيها؛ لأننا نقول: أنت المعتدي، فلا شيء لك.
وهذا الضابط مبني على قاعدة عند أهل العلم وهي «ما ترتب على المأذون فليس بمضمون»، وهنا القود مأذون فيه، فإذا استقدنا من هذا الرجل، وقطعنا يده ثم سرى القود، فقد ترتب هذا على شيء مأذون فلا يكون مضموناً، ويستثنى من هذا الضابط ما إذا اقتص منه في حالٍ يخشى فيه من السراية، مثل أن يكون في شدة حر، أو في شدة برد، أو إنسان فيه داء السكري، فإن هذا في الغالب لا يبرأ، ويخشى فيه السراية، فإذا كان كذلك، قال أهل العلم: إن السراية في هذه الحال تكون مضمونة؛ لأنها مترتبة على شيء غير مأذون فيه، فإن قلت: هو مأذون فيه في الأصل؟ فالجواب: لكنه في هذه الحال ليس مأذوناً فيه، فيكون عليه الضمان.
قوله: «ولا يقتص من عضو وجرح قبل برئه» ، «من» بدلية، أي: ولا يقتص بدل عضو وجرح، و«من» تأتي للبدل، ومثالها قوله تعالى: {{وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلاَئِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ }} [الزخرف:60] فـ{منكم} هنا بمعنى بدلكم.
فلا يقتص من عضو الجاني بدل عضو المجني عليه حتى يبرأ عضو المجني عليه.
وقوله: «ولا يقتص» لم يبين ـ رحمه الله ـ هل هذا حرام، أو مكروه؟ فيحتمل أنه حرام ويحتمل أنه مكروه، والمشهور من المذهب أنه حرام، وأنه لا يجوز أن يقتص حتى يبرأ، ودليل ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن رجلاً طعن رجلاً بقرنٍ في ركبته، فجاء المطعون وطلب من النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يقتص منه، ولكنَّه نهاه، فألح عليه، فاقتص منه، ثم جاء الرجل المجني عليه بعد مدة فقال: يا رسول الله، عرجت ـ أي: إن الجناية سرت ـ فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «قد نهيتك فعصيتني، فأبعدك الله، وبطل عرجك» ، ثم نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه[(34)].
والقول الثاني: أن النهي للكراهة والإرشاد؛ ووجه ذلك أننا نقول للمجني عليه: انتظر ربما تسري جنايتك، فالجناية لم تستقر بعد، فمن المصلحة لك أن تنتظر، وإذا كان النهي للإرشاد فإنه لا يحرم، وهذا أحد قولي الشافعي أنه يجوز أن يقتص قبل البرء، واستدل لقوله بأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أقاد الرجل، ولو كان حراماً ما أقاده.
ولكننا نقول في نفس الحديث: «ثم نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يقتص من جرح حتى يبرأ».
قوله: «كما لا تطلب له دية» ، أي: أن الجرح والعضو لا يقتص منه قبل برئه، ولا تطلب له دية، وذلك من أجل أن نعرف الجناية واستقرارها.

-----------------------


[33] سبق تخريجه ص(24).
[34] أخرجه أحمد (2/217)، والدارقطني (3114) ط/ الرسالة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال الحافظ في البلوغ (1083): «أعل بالإرسال»، وصححه الألباني في الإرواء (2237).

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
في, فصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir