اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إسراء خليفة
في سورة النبأ، ذكر ابن كثير أن المفسرين اختلفوا فى معنى «الأحقاب» ولم يرجح واحدا، فما الأرجح؟
هل الأرجح ما عليه الأكثرون - عند جمع أقوالهم - أن الحقب ثمانون عاما واليوم فيه بألف عام؟
|
اختلف في المراد بالأحقاب في قول الله تعالى: {لابثين فيها أحقابا} في مسائل:
المسألة الأولى: في مفرد الأحقاب ما هو؟ ، وقد اختلف فيه على ثلاثة أقوال:
القول الأول: مفرده حِقَب، والحِقَب جمع حقبة؛ فتكون الأحقاب جمع الجمع؛ وهذا قول ابن جرير الطبري، وهو كما قيل في الأنعم أنها جمع "نِعَم"، والنِّعم جمع "نعمة" فتكون الأنعم في قول الله تعالى: {شاكراً لأنعمه} وقوله: {فكفرت بأنعم الله} جمع الجمع.
وفي قراءة عمرو بن ميمون: {لابثين فيها حِقَبا}.
والقول الثاني: مفرده حقبة، وهذا قول أبي عبيد القاسم بن سلام.
والقول الثالث: مفرده حُقُب، والحُقب جمع حقبة، وهذا قول ابن الأنباري.
والمسألة الثانية: هل لهذا العدد مفهوم الغاية التي ينتهي العذاب بانتهائها؟
اختلف في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أن المراد بالعدد التكثير لا الدلالة على الغاية.
قال ابن قتيبة: (ليس هذا مما يدلّ على غاية، كما يظن بعض الناس. وإنما يدلّ على الغاية التوقيت: خمسة أحقاب أو عشرة، وأراد: أنهم يلبثون فيها أحقابا، كلّما مضي حقب تبعه حقب آخر).
والقول الثاني: المعنى أنهم يلبثون أحقاباً لا يذوقون في الأحقاب برداً ولا شراباً، وهم خالدون في النار أبداً، وهذا قول الزجاج.
القول الثالث: أن التحديد للمعذبين من أهل القبلة دون الكفار، وهذا القول مروي عن مقاتل بن حيان، وهو خلاف سياق الآيات.
والمسألة الثالثة: ما مقدار الحقب؟
وقد اختلف في تحديده على أقوال:
القول الأول: الحقب ثمانون سنة، وقد رواه الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ورواه البزار عن أبي هريرة، وهذا أجود ما روي في هذه المسألة، وقد روي من حديث أبي أمامة مرفوعاً أن الحقب ثلاثون ألف سنة ولا يصح.
القول الثاني: الحقب الواحد ثمانون سنة من سنيّ الآخرة؛ أي أن اليوم من كل سنة بألف سنة، وهذا القول مروي عن أبي هريرة وقتادة وسعيد بن جبير وغيرهم، وأصل هذا القول مأخوذ عن أهل الكتاب فقد روي عن هلال الهجري وبشير بن كعب.
القول الثالث: الحقب الواحد؛ سبعون ألف سنة كلّ يوم منها كألف سنة، وهذا القول مروي عن الحسن البصري.
القول الرابع: الحقب سنة واحدة بلغة قيس، ذكره قطرب في كتاب الأزمنة.
والراجح أن ذكر العدد لإفادة طول مكثهم لا لوضع غاية ينتهي العذاب بانتهائها، لصراحة الأدلّة بعدم فناء النار، وأن أصحاب النار ماكثون فيها أبداً لا يخفف عنهم العذاب ولا ينقطع، والله تعالى أعلم.