دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > كتاب التوحيد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 شوال 1429هـ/26-10-2008م, 01:45 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي باب قول: اللهم اغفر لي إن شئت


بابُ قَولِ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْتَ
في (الصَّحيحِ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قال: ((لا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللهُمَّ ارْحَمنِي إِنْ شِئْتَ، لِيعْزِمِ الْمَسْأَلةَ فإنّ اللهَ لا مُكْرِهَ لَهُ)).
ولمسلمٍ:((وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ؛ فَإِنَّ اللهَ لا يَتَعاظَمُهُ شَيْءٌ أعْطاهُ)).

فِيهِ مسائل:

الأولى: النَّهْيُ عَنِ الاستِثْناءِ في الدُّعاءِ.

الثّانِيةُ: بَيانُ العِلَّةِ في ذلِكَ.


الثّالِثةُ: قولُه:((لِيعْزِمِ الْمَسْأَلةَ)).


الرّابِعةُ: إعْظامُ الرَّغْبَةِ.


الخامِسَةُ: التعليلُ لهذا الأَمْر.


  #2  
قديم 4 ذو القعدة 1429هـ/2-11-2008م, 01:24 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تيسيرالعزيز الحميد لفضيلة الشيخ:سليمان بن عبدالله

(3) لمَّا كانَ العبدُ لا غَنَاءَ لهُ عنْ رحمةِ اللهِ ومغفرتِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، بلْ فقيرٌ بالذَّاتِ إلى الغَنِيِّ بالذَّاتِ، كما قالَ تعالى:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }[فاطر:15] نُهِيَ عنْ قولِ ذلكَ؛ لِمَا فيهِ منْ إيهامِ الاستغناءِ عنْ مغفرةِ اللهِ ورحمتِهِ كما سيأتي وذلكَ مُضَادٌّ للتوحيدِ.
(4) قولُهُ: (في الصحيحِ) أي: (الصحيحَيْنِ).


قولُهُ: (اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْتَ) قالَ الْقُرْطُبِيُّ: (إنَّما نهى الرسولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنْ هذا القولِ؛ لأنَّهُ يدُلُّ على فُتُورِ الرغبةِ، وقِلَّةِ الاهتمامِ بالمطلوبِ، وكأنَّ هذا القولَ يتضَمَّنُ أنَّ هذا المطلوبَ إنْ حَصَلَ وإلاَّ اسْتَغْنَى عنهُ، ومَنْ كانَ هذا حالَهُ لم يتحَقَّقْ منْ حالِهِ الافتقارُ والاضْطِرَارُ الذي هوَ رُوحُ عبادةِ الدعاءِ، وكانَ ذلكَ دليلاً على قِلَّةِ معرفتِهِ بذُنُوبِهِ، وبرحمةِ ربِّهِ، وأيضًا فإنَّهُ لا يكونُ مُوقِنًا بالإجابةِ، وقدْ قالَ عليهِ السلامُ:((ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ))).
قولُهُ: (لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ) قالَ القرطبيُّ: (أيْ: لِيَجْزِمْ في طلِبَتِهِ، ويُحَقِّقْ رَغْبَتَهُ، ويتَيَقَّن الإجابةَ؛ فإنَّهُ إذا فعلَ ذلكَ دلَّ على علمِهِ بعظيمِ ما يطلبُ من المغفرةِ والرحمةِ، وعلى أنَّهُ مُفْتَقِرٌ إلى ما يَطْلُبُ مُضْطَرٌّ إليهِ.
وقدْ وعدَ اللهُ المُضْطَرَّ بالإجابةِ بقولِهِ: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ }[النمل:62]).
قولُهُ: (فَإِنَّهُ لاَ مُكْرِهَ لهُ) أيْ: فإنَّ اللهَ لا مُكْرِهَ لهُ، هذا لفظُ البخاريِّ في الدعواتِ.
ولفظُ مسلمٍ عنْ أبي هريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ فِي الدُّعَاءِ؛ فَإِنَّ اللهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ، لاَ مُكْرِهَ لَهُ)).
قالَ القُرْطُبِيُّ: (هذا إظهارٌ لعدمِ فائدةِ تَقَبُّلِ الاستغفارِ والرحمةِ بالمشيئةِ، كأنَّ اللهَ تعالى لا يَضْطَرُّهُ إلى فعلِ شيءٍ دُعَاءٌ ولا غيرُهُ، بلْ يفعلُ ما يُرِيدُ ويَحْكُمُ ما يشاءُ. ولذلكَ قَيَّدَ اللهُ تعالى الإجابةَ بالمسألةِ في قولِهِ: {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ }[الأنعام:41] فلا معنى لاشتراطِ المشيئةِ بِقِيلِهِ).
قولُهُ: (ولمسلمٍ) أيْ: منْ وَجْهٍ آخَرَ.
قولُهُ: (وَلْيُعَظِّم الرَّغْبَةَ) هوَ بالتَّشْدِيدِ.
(فَإِنَّ اللهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ) يُقَالُ: تعاظَمَ زيدٌ هذا الأمرَ؛ أيْ: كَبُرَ عليهِ وعَسُرَ، قالَ: والرغبةُ يعني الطَّلِبَةُ والحاجةُ التي يُرِيدُ، وقيلَ: السؤالُ والطلبُ بتكرارِ الدعاءِ والإلحاحِ فيهِ. والأوَّلُ أَظْهَرُ؛ أيْ: لِسَعَةِ جُودِهِ وكرمِهِ لا يَعْظُمُ عليهِ إعطاءُ شيءٍ، بلْ جميعُ الموجوداتِ في أَمْرِهِ يسيرٌ، وهوَ أكبرُ منْ ذلكَ، وهذا هوَ غايَةُ الْمَطَالِبِ؛ فالاقتصارُ على الدَّانِي في المسألةِ إِسَاءَةُ ظَنٍّ بجُودِهِ وكَرَمِهِ.


  #3  
قديم 4 ذو القعدة 1429هـ/2-11-2008م, 01:26 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي فتح المجيد لفضيلة الشيخ:عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ

(3) قَالَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (بابُ قولِ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ) يعني: أنَّ ذلكَ لا يَجوزُ لِوُرُودِ النهيِ عنهُ في حديثِ البابِ.

قَالَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: في (الصَّحِيحِ) عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ؛ فَإِنَّ اللهَ لاَ مُكْرِهَ لَهُ)).

ولِمُسْلِمٍ : ((وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ؛ فَإِنَّ اللهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ)).

بِخِلاَفِ العَبْدِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ يُعْطِي السَّائِلَ مَسْأَلَتَهُ لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ، أَوْ لِخَوْفِهِ منهُ أوْ رَجَائِهِ، فيُعْطِيهِ مَسْأَلَتَهُ وهوَ كَارِهٌ.

فاللاَّئِقُ بالسَّائِلِ للمَخْلُوقِ أَنْ يُعَلِّقَ حُصُولَ حَاجَتِهِ عَلَى مَشِيئَةِ المَسْئُولِ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُعْطِيَهُ وهوَ كَارِهٌ، بِخِلاَفِ رَبِّ العَالَمِينَ تَعَالَى؛ فَإِنَّهُ لاَ يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ؛ لِكَمَالِ غِنَاهُ عنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ، وكَمَالِ جُودِهِ وكَرَمِهِ، وكُلُّهُم فَقِيرٌ إِلَيْهِ مُحْتَاجٌ لاَ يَسْتَغْنِي عَن رَبِّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وعَطَاؤُهُ كَلاَمٌ.
وفي الحَدِيثِ: ((يَمِينُ اللهِ مَلأَى، لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ والنَّهَارَ؛ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ؟
فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا في يَمِينِهِ، وَفِي يَدِهِ الأُخْرَى الْقِسْطُ يَخْفِضُهُ ويَرْفَعُهُ)) يُعْطِي تَعَالَى لِحِكْمَةٍ، ويَمْنَعُ لِحِكْمَةٍ، وهوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ.
فاللاَّئِقُ بِمَنْ سَأَلَ اللهَ أَنْ يَعْزِمَ المَسْأَلَةَ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُعْطِي عَبْدَهُ شَيْئًا عنْ كَرَاهَةٍ، وَلاَ عَنْ عِظَمِ مَسْأَلَةٍ، وقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فيمَنْ يَمْدَحُهُ:



ويـَعـــْظـــُمُ فـــي عــــــَيــــــْنِ الــصَّغِيـــــرِ صِغَارُهَا = ويَصْغُرُ في عَيْنِ العَظِيمِ العَظَائِمُ






وَأَمَّا هَذَا بالنِّسْبَةِ إِلَى مَا في نُفُوسِ أَرْبَابِ الدُّنْيَا، وإِلاَّ فَإِنَّ العَبْدَ يُعْطِي تَارَةً ويَمْنَعُ أَكْثَرَ، ويُعْطِي كُرْهًا والبُخْلُ عَلَيْهِ أَغْلَبُ.
وبالنِّسْبَةِ إِلَى حَالِهِ هذهِ، فَلَيْسَ عَطَاؤُهُ بعَظِيمٍ.
وَأَمَّا مَا يُعْطِيهِ اللهُ عِبَادَهُ فهوَ دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ، يَجُودُ بالنَّوَالِ قَبْلَ السُّؤَالِ، مِنْ حِينِ وُضِعَت النُّطْفَةُ في الرَّحِمِ فنِعَمُهُ عَلَى الجَنِينِ في بَطْنِ أُمِّهِ دَارَّةٌ، يُرَبِّيهِ أَحْسَنَ تَرْبِيَةٍ.
فَإِذَا وَضَعَتْ أُمُّهُ عَطَّفَ عَلَيْهِ والِدَيْهِ، ورَبَّاهُ بِنِعَمِهِ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ، يَتَقَلَّبُ في نِعَمِ اللهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ.
فَإِذَا كَانَتْ حَيَاتُهُ عَلَى الإِيمانِ والتَّقْوَى ازْدَادَتْ نِعَمُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ إِذَا تَوَفَّاهُ أَضْعَافَ أَضْعَافَ مَا كَانَ عَلَيْهِ في الدُّنْيَا مِن النِّعَمِ التي لاَ يُقَدِّرُ قَدْرَهَا إِلاَّ اللهُ، مِمَّا أَعَدَّهُ اللهُ تَعَالَى لعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ المُتَّقِينَ، وَكُلُّ مَا يَنَالُهُ العَبْدُ في الدُّنْيَا مِن النِّعَمِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا عَلَى يَدِ مَخْلُوقٍ، فهوَ بإِذْنِ اللهِ وإِرَادَتِهِ وإِحْسَانِهِ إِلَى عَبْدِهِ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى هوَ المَحْمُودُ عَلَى النِّعَمِ كُلِّهَا، فهوَ الذي شَاءَهَا وقَدَّرَهَا، وأَجْرَاهَا عَنْ كَرَمِهِ وجُودِهِ وفَضْلِهِ، فَلَهُ النِّعْمَةُ ولَهُ الفَضْلُ، ولَهُ الثَّنَاءُ الحَسَنُ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}[النحل:53].
وَقَدْ يَمْنَعُ تَعَالَى عَبْدَهُ إِذَا سَأَلَهُ لِحِكْمَةٍ وعِلْمٍ بِمَا يُصْلِحُ عَبْدَهُ مِن العَطَاءِ والمَنْعِ، وقَدْ يُؤَخِّرُ مَا سَأَلَهُ عَبْدُهُ لِوَقْتِهِ المُقَدَّرِ، أوْ لِيُعْطِيَهُ أَكْثَرَ، فتَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ.

قَوْلُهُ: (ولِمُسْلِمٍ: ولْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ) أيْ: فِي سُؤَالِهِ لِرَبِّهِ حَاجَتَهُ؛ فَإِنَّهُ يُعْطِي العَظَائِمَ كَرَمًا وجُودًا وإِحْسَانًا.

(فَإِنَّ اللهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ) أيْ: لَيْسَ شَيْءٌ عِنْدَهُ يَعْظُمُ وإِنْ عَظُمَ في نَفْسِ المَخْلُوقِ؛ لأَِنَّ سَائِلَ المَخْلُوقِ لاَ يَسْأَلُهُ إِلاَّ مَا يَهُونُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ، بِخِلاَفِ رَبِّ العَالَمِينَ؛ فَإِنَّ عَطَاءَهُ كَلاَمٌ، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس:82]، فَسُبْحَانَ مَنْ لاَ يَقْدِرُ الخَلْقُ قَدْرَهُ، لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، وَلاَ رَبَّ سِوَاهُ.


  #4  
قديم 4 ذو القعدة 1429هـ/2-11-2008م, 01:27 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي القول السديد لفضيلة الشيخ : عبدالرحمن السعدي


(2) الأمورُ كلُّها وإنْ كانتْ بمشيئةِ اللهِ وإرادتِه،فالمطالبُ الدينيَّةُ كسؤالِ الرَّحمةِ والمغْفِرةِ، والمطالبُ الدنيوِيَّةُ المُعِينَةُ على الدينِ كسؤالِ العافيَةِ والرِّزقِ وتوابعِ ذلك، قد أُمِرَ العبدُ أنْ يسألَهَا مِن ربِّه طَالِبًا مُلِحًّا جازمًا، وهذا الطلَبُ عينُ العبوديَّةِ وَمُخُّهَا.

ولا يَتِمُّ ذلك إلا بالطَّلَبِ الجازِمِ الذي ليسَ فيه تعليقٌ بالمشيئَةِ؛ لأنَّه مأمورٌ بِه، وهو خيرٌ محضٌ لا ضَرَرَ فيه، واللهُ تعالَى لا يَتَعَاظَمُه شيءٌ.
وبهذا يظهرُ الفرْقُ بين هذا وبين سؤالِ بعضِ المطالبِ المُعَيَّنةِ الَّتي لا يُتحقَّقُ مصلحتُها ومنفعتُها، ولا يُجْزَمُ أنَّ حُصولَها خَيْرٌ للعبدِ، فالعبدُ يسألُ ربَّه ويعلِّقُه على اختيارِ ربِّه له أصلحَ الأمرينِ، كالدعاءِ المأثورِ:((اللهُمَّ أَحْيِنِي إِذَا كَانَت الحَيَاةُ خَيْرًا لي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الوَفَاةَ خَيْرًا لي)) وكدعاءِ الاسْتِخارَةِ.
فافْهَمْ هَذا الفَرْقَ اللَّطيفَ البديعَ بينَ طلبِ الأمورِ النافِعَةِ المعلومِ نَفْعُهَا وعدمُ ضررِها، وأنَّ الدَّاعِيَ يَجْزِمُ بطلبِها وَلاَ يُعَلِّقُها، وبينَ طلبِ الأمورِ الَّتي لا يدري العبدُ عن عواقِبِها، ولا رُجْحَانَ نَفْعِهَا على ضرَرِها، فالدَّاعِي يُعَلِّقُها على اختيارِ ربِّه الذي أحاطَ بكلِّ شيءٍ عِلْمًا وقدرةً ورحمةً ولُطْفًا.


  #5  
قديم 4 ذو القعدة 1429هـ/2-11-2008م, 01:29 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تهذيب القول المفيد لفضيلة الشيخ:صالح بن عبدالله العصيمي


(8) عَقَدَ المُؤَلِّفُ هذا البابَ لِمَا تَضَمَّنَهُ هذا الحديثُ منْ كَمالِ سُلطانِ اللهِ، وكمالِ جُودِهِ وفَضْلِهِ، وذلكَ منْ صفاتِ الكمالِ.

قال ابن قاسم في (حاشية كتاب التوحيد) ص: (أي: أنه لا يجوز ذلك، لأنه يدل على فتور الرغبة، وقلة الاهتمام بالمطلوب، وينبئ عن قلة اكتراثه بذنوبه ورحمة ربه، وذلك مضاد للتوحيد) .
قولُهُ: (اغْفِرْ لِي) المغفرةُ سَتْرُ الذَّنبِ معَ التَّجاوُزِ عنهُ؛ لأنَّها مُشْتَقَّةٌ من المِغْفَرِ، وهوَ ما يُسْتَرُ بهِ الرَّأسُ للوقايَةِ من السِّهامِ، وهذا لا يكونُ إلاَّ بشيءٍ ساترٍ واقٍ، ويدلُّ لهُ قولُ اللهِ عزَّ وجلَّ للعبدِ المؤمنِ حينَما يَخْلُو بهِ ويُقَرِّرُهُ بذنوبِهِ: ((قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ)).

(9) قولُهُ: (لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ) لا: ناهيَةٌ؛ بدليلِ جَزْمِ الفعلِ بعدَهَا.
قولُهُ: (اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، اللهُمَّ ارْحَمْنِي) ففي الجملةِ الأولى: (اغْفِرْ لِي) النَّجاةُ من المكروهِ.
وفي الثَّانيَةِ: (ارْحَمْنِي)الوصولُ إلى المطلوبِ، فيكونُ هذا الدُّعَاءُ شاملاً لكلِّ ما فيهِ حصولُ المطلوبِ وزوالُ المكروهِ.


قولُهُ: (لِيَعْزِم الْمَسْأَلةَ) اللامُ لامُ الأمرِ، ومعنى عَزْمِ المسألةِ أنْ لا يكونَ في تَرَدُّدٍ، بلْ يَعْزِمُ بدونِ تردُّدٍ ولا تعليقٍ.
والمسألةُ: السُّؤَالُ؛ أيْ: لِيَعْزِمْ في سُؤَالِهِ، فلا يَجْعَلُهُ مُتَرَدِّدًا بقولِهِ: إنْ شِئْتَ.
قولُهُ: (فَإِنَّ اللهَ لاَ مُكْرِهَ لَهُ) تعليلٌ للنَّهيِ عنْ قولِ: ((اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللهُمَّ ارْحَمنِي إِنْ شِئْتَ)) أيْ: لا أحدَ يُكْرِهُهُ على ما يُرِيدُ فيَمْنَعُهُ منهُ، أوْ ما لا يُريدُ فَيُلْزِمُهُ بفعلِهِ؛ لأنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للهِ وحدَهُ.
والمحظورُ في هذا التَّعليقِ منْ وُجُوهٍ ثلاثةٍ:
الأوَّلُ: أنَّهُ يُشْعِرُ بأنَّ اللهَ لهُ مُكْرِهٌ على الشَّيءِ، وأنَّ وراءَهُ مَنْ يَسْتَطِيعُ أنْ يَمْنَعَهُ، فَكَأَنَّ الدَّاعِيَ بهذهِ الكيفيَّةِ يقولُ: أنا لا أُكْرِهُكَ، إنْ شِئْتَ فاغفِرْ وإنْ شِئْتَ فلا تَغْفِرْ.


الثَّاني: أنَّ قولَ القائلِ: (إِنْ شِئْتَ)كأنَّهُ يرى أنَّ هذا أمْرٌ عَظيمٌ على اللهِ، فقدْ لا يَشَاؤُهُ لكونِهِ عظيمًا عندَهُ.


ونظيرُ ذلكَ أنْ تقولَ لشخصٍ من النَّاسِ -والمثالُ للصُّورةِ بالصُّورةِ، لا للحقيقةِ بالحقيقةِ-: أَعْطِني مليونَ رِيالٍ إنْ شِئْتَ، فإنَّكَ إذا قُلْتَ لهُ ذلكَ رُبَّما يكونُ الشَّيءُ عظيمًا يَتَثَاقَلُهُ.
فقولُكَ: (إنْ شئْتَ) لأجلِ أنْ تُهَوِّنَ عليهِ المسألةَ؛ فاللهُ عزَّ وجلَّ لا يحتاجُ أنْ تقولَ لهُ: (إنْ شئْتَ) لأنَّهُ سبحانَهُ وتعالى لا يَتَعاظَمُهُ شيءٌ أَعْطَاهُ، ولهذا قالَ عَليْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ؛ فَإِنَّ اللهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ)).
وَ(لْيُعَظِّم الرَّغْبَةَ) أيْ: لِيَسْأَلْ ما شاءَ منْ قليلٍ وكثيرٍ، ولا يَقُلْ: هذا كثيرٌ، لا أَسْأَلُ اللهَ إيَّاهُ.
ولهذا قالَ: ((فَإِنَّ اللهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ)) أيْ: لا يكُونُ الشَّيءُ عظيمًا عنْدَهُ حتَّى يَمْنَعَهُ ويَبْخَلَ بهِ سُبْحَانَهُ وتعالى.
كُلُّ شَيْءٍ يُعْطِيهِ فإنَّهُ ليسَ عظيمًا عندَهُ، فاللهُ عزَّ وجلَّ يَبْعَثُ الخلقَ بكلمةٍ واحدةٍ، وهذا أمْرٌ عظيمٌ، قالَ تعالى: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} وليسَ بعظيمٍ، فكلُّ ما يُعْطِيهِ اللهُ عزَّ وجلَّ لأحدٍ مِنْ خَلْقِهِ فليسَ بعظيمٍ يَتَعاظَمُهُ؛ أيْ: لا يكونُ الشَّيءُ عظيمًا عنْدَهُ حتَّى لا يُعْطِيَهُ، بلْ كُلُّ شيءٍ عندَهُ هيِّنٌ.
الثَّالثُ: أنَّهُ يُشْعِرُ بأنَّ الطَّالبَ مُسْتَغْنٍ عن اللهِ، كأنَّهُ يقولُ: إنْ شِئْتَ فافْعَلْ، وإنْ شئْتَ فلا تَفْعَلْ؛ فإنه لا يَهُمُّني، ولهذا قالَ: ((وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ)) أيْ: يَسْأَلْ برغبةٍ عظيمةٍ، والتَّعليقُ يُنافي ذلكَ؛ لأنَّ المُعَلِّقَ للشَّيءِ المطلوبِ يُشْعِرُ أنَّهُ مُسْتَغْنٍ عنهُ، والإنسانُ يَنْبَغِي أنْ يَدْعوَ اللهَ تعالى وهوَ يَشْعُرُ أنَّهُ مُفْتَقِرٌ إليهِ غايَةَ الافتقارِ، وأنَّ اللهَ قادرٌ على أنْ يُعْطِيَهُ ما سألَ، وأنَّ اللهَ ليسَ يعْظُمُ عليهِ شيءٌ، بلْ هوَ هَيِّنٌ عليهِ.


إذًا منْ آدابِ الدُّعاءِ أنْ لا يدعوَ بهذهِ الصِّيغةِ،


بلْ يَجْزِمُ فيقولُ: (اللهُمَّ اغفِرْ لي، اللهُمَّ ارْحمْنِي، اللهُمَّ وَفِّقْني) وما أشبهَ ذلكَ.
فائدة:
قال في (فتح المجيد) (ص:534): (حق من دعا الله بأسمائه الحسنى أن يسأل في كل مطلوب، ويتوسل بالاسم المقتضي لذلك المطلوب، المناسب لحصوله، حتى إن الداعي متشفع إلى الله تعالى، متوسلٌ إليه به.


فإذا قال: رب اغفر لي وتب علىّ إنك أنت التواب الغفور، فقد سأله أمرين وتوسل إليه باسمين من أسمائه مقتضيين لحصول مطلوبة..) .
أما مناسبةُ البابِ للتَّوحيدِ فهيَ من وجهَيْنِ:
الأول: منْ جهةِ الرُّبُوبيَّةِ، فإنَّ مَنْ أتَى بما يُشْعِرُ بأنَّ اللهَ لهُ مُكْرِهٌ، لمْ يَقُمْ بتَمامِ رُبُوبيَّتِهِ تعالى؛ لأنَّ منْ تمامِ الرُّبُوبيَّةِ أنَّهُ لا مُكرِهَ لهُ، بلْ إنَّهُ لا يُسْأَلُ عمَّا يَفْعَلُ كما قالَ تعالى: {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} وكذلكَ فيهِ نقصٌ منْ ناحيَةِ الرُّبُوبيَّةِ منْ جهةٍ أُخْرَى، وهوَ أنَّ اللهَ يَتَعاظَمُ الأشياءَ الَّتي يُعْطِيها، فكانَ فيهِ قَدْحٌ في جُودِهِ وكَرَمِهِ.


الثاني: منْ جهةِ العبدِ، فإنَّهُ يُشْعِرُ باستغنائِهِ عنْ ربِّهِ، وهذا نقصٌ في توحيدِ الإنسانِ منْ جهةِ الألوهيَّةِ أو الرُّبُوبيَّةِ أو الأسماءِ والصِّفاتِ، ولهذا ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ في البابِ الَّذي يتعلَّقُ بالأسماءِ والصِّفاتِ.


(10) فِيهِ مسائلُ:


الأولى: (النَّهْيُ عَن الاستِثْناءِ في الدُّعاءِ)والمرادُ بالاستثناءِ هنا الشَّرطُ؛ فإنَّ الشَّرْطَ يُسَمَّى استثناءً؛ بدليلِ قولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ لِضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبيرِ: ((حُجِّي وَاشْتَرِطِي؛ فَإِنَّ لَكِ عَلَى رَبِّكِ مَا اسْتَثْنَيْتِ)) ووجهُهُ أنَّكَ إذا قُلْتَ: (أَكْرِمْ زَيْدًا إنْ أَكْرَمَكَ) فهوَ كقولِكَ: (أَكْرِمْ زيدًا إلاَّ أَلاَّ يُكْرِمَكَ) فهوَ بمعنى الاستثناءِ في الحقيقةِ.


(11) الثَّانِيَةُ: (بَيانُ العِلَّةِ في ذلِكَ) وقدْ سبَقَ أنَّها ثلاثُ عِلَلٍ:


الأولى: أنَّها تُشْعِرُ بأنَّ اللهَ لهُ مُكْرِهٌ، والأمرُ ليسَ كذلكَ.


الثانية: أنَّها تُشْعِرُ بأنَّ هذا عظيمٌ على اللهِ قدْ يَثْقُلُ عليهِ ويَعْجِزُ عنهُ، والأمرُ ليسَ كذلكَ.


الثالثة: أنَّها تُشْعِرُ باستغناءِ الإنسانِ عن اللهِ، وهذا غيرُ لائقٍ وليسَ من الأدبِ.


(12) الثَّالِثةُ: قولُهُ: ((لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ)) تُفِيدُ أنَّكَ إذا سَأَلْتَ فَاعْزِمْ ولا تَتَرَدَّدْ.


(13) الرَّابِعةُ: (إِعْظَامُ الرَّغْبَة)لقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ: ((وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ)) أيْ: لِيَسَأَلْ ما بَدَا لهُ، فلا شيءَ عزيزٌ أوْ مُمْتَنِعٌ على اللهِ.


(14) الخامِسَةُ: (التَّعليلُ لهذا الأَمْرِ)بقولِهِ: ((لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ، أَوْ لاَ مُكْرِهَ لَهُ)) وبقولِهِ: ((وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ)) وفي هذا حُسْنُ تعليمِ الرَّسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ؛ إذا ذَكَرَ شيئًا قَرَنَهُ بعلَّتِهِ.


  #6  
قديم 4 ذو القعدة 1429هـ/2-11-2008م, 01:32 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح فضيلة الشيخ :صالح بن عبدالعزيزبن محمد آل الشيخ (مفرغ)


قال:
باب قول: اللهم اغفر لي إن شئت
حقيقة التوحيد أن يوحِّد العبد ربه -جل وعلا- بتمام الذل، والخضوع، والمحبة؛ وأن يتضرع إلى الله جل وعلا، ويتذلل إليه، بإظهار فقره التام إليه، وأن الله -جل وعلا- هو الغني عمّا سواه.
وقول القائل: (اللهم اغفر لي إن شئت) يُفهم منه: أنه مستغنٍ عن أن يُغفر له؛ كما يأتي العزيز، أو المتكبِّر من الناس، فيقول لآخر، لا يريد أن يتذلل له، فيقول: (افعل هذا إن شئت) يعني: إن فعلت ذلك فحسن، وإن لم تفعل فلست بُملِحٍّ عليك، ولست بذي إكرام؛ فهو مناف، هذا القول منافٍ لحاجة الذي قالها إلى الآخر؛ ولهذا كان فيها عدم تحقيق للتوحيد، ومنافاة لما يجب على العبد في جناب ربوبية الله جل وعلا، أن يُظهر فاقته وحاجته لربه، وأنه لا غنى به عن مغفرة الله، وعن غنى الله، وعن عفوه وكرمه، وإفضاله، ونعمه، طرفة عين.
فقول القائل: (اللهم اغفر لي إن شئت) كأنه يقول: لستُ محتاجاً، إن شئت فاغفر، وإن لم تشأ فلست بمحتاج، وهذا فعل أهل التكبر، وأهل الإعراض عن الله جل وعلا؛ ولهذا حُرِّم هذا اللفظ، وهو أن يقول أحد: (اللهم اغفر لي إنْ شئت).
ولهذا ساق الحديث، قال: في (الصحيح) عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إنْ شئت، اللهم ارحمني إنْ شئت، ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له)).
ولمسلم :((وليعظم الرغبة؛ فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه)).
قول (ليعزم المسألة) يعني:
ليسأل:
- سؤال عازمٍ.
- سؤال محتاجٍ.
- سؤال متذللٍ، لا سؤال مستغن مستكبر.
فليعزم المسألة، وليسأل سؤال جادٍّ، محتاج، متذلل، فقير، يحتاج إلى أن يُعطى ذلك؛ والذي سأل، سأل أعظم المسائل، وهي المغفرة والرحمة من الله جل وعلا؛ فيجب عليه:
- أن يُعظم هذه المسألة.
- ويُعظم الرغبة.
- وأنْ يعزم المسألة؛ فإن الله لا مكره له،
الله -جل وعلا- لا أحد يُكرِهه لتمام غناه، وتمام عزته، وقهره، وجبروته؛ وتمام كونه مُقيتاً سبحانه وتعالى؛ وهذا من آثار الأسماء والصفات.
لهذا لا يجوز في الدعاء أن يواجه العبدُ ربَّه بهذا القول:
(اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت) وهذا واضح ظاهر في الدعاء الذي فيه المخاطبة كهذا الخطاب: (اللهم اغفر لي إن شئت) هو يخاطب الله جل وعلا فيقول ذلك.
ولهذا قال بعض أهل العلم: (إن هذا يتقيد بالدعاء الذي فيه خطاب؛ أما الدعاء الذي ليس فيه خطاب؛ فيكون التعليق بالمشيئة: ليس تعليقاً لأجل عدم الحاجة، أو منبئاً عن عدم الحاجة كهذا الدعاء؛ بل هو للتبرك، كمن يقول: (رحمه الله إن شاء الله، أو غفر الله له إن شاء الله، أو الله يعطيه من المال كذا وكذا إن شاء الله ونحو ذلك) فهذا قالوا لا يدخل في هذا النوع؛ لأنه ليس على وجه الخطاب، وليس على وجه الاستغناء.
ولكن الأدب يقتضي أن لا يستعمل هذه العبارة في الدعاء مطلقاً؛ لأنها وإن كانت ليست بمواجهة، فإنها داخلة في تعليق الدعاء بالمشيئة، والله -جل وعلا- لا مكره له؛ فعموم المعنى المستفاد من قوله: ((فإن الله لا مكره له)) عموم هذا التعليل: يشمل هذه وهذه؛ فلا شك أنَّ قول: ((اللهم اغفر لي إن شئت))أعظم، ولكن القول الآخر داخل أيضاً في علة النهي ومعنى النهي؛ ولهذا لا يسوغ استعماله.

وقول النبي عليه الصلاة والسلام لمن عاده كما رواه البخاري ومسلم وغيرهما، قال لمن عاده وقد أصابته الحمى قال:((طهور إن شاء الله))قال: بل هي حمىً تفور، إلى آخر كلامه.
هذا قوله عليه الصلاة والسلام ((طهور إن شاء الله)) هذا ليس فيه دعاء، وإنما هو من جهة الخبر، قال: يكون طهوراً إن شاء اللهُ فهو ليس بدعاء وإنما هو خبر؛ فافترق عن أصل المسألة.
قال طائفة أيضاً من أهل العلم من شرّاح (البخاري): (وقد يكون قوله: ((طهور إن شاء الله)) للبركة؛ فيكون ذلك من جهة التبرك؛ كقوله -جل وعلا- مخبراً عن قول يوسف: {ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين}وهم قد دخلوا مصر؛ وكقوله جل وعلا: {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلِّقين رؤوسكم ومقصِّرين لا تخافون}).


  #7  
قديم 4 ذو القعدة 1429هـ/2-11-2008م, 01:33 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي العناصر

مناسبة باب: (قول اللهم اغفر لي إن شئت) لكتاب التوحيد
مناسبة النهي عن قول: (اللهم اغفر لي إن شئت) للتوحيد
شرح ترجمة باب (قول: اللهم اغفر لي إن شئت)
شرح حديث أبي هريرة: (لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت ...)
- بيان معنى قوله: (لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت)
- معنى قوله: (ليعزم المسألة)
- معنى قوله: (فإن الله لا مكره له)
- معنى قوله: (وليعظم الرغبة؛ فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه)
- بيان الحكمة من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قول: (اللهم اغفر لي إن شئت)
بيان متى يشرع الاستثناء والتعليق في الدعاء ومتى لا يجوز
شرح مسائل باب قول: (اللهم اغفر لي إن شئت)


  #8  
قديم 4 ذو القعدة 1429هـ/2-11-2008م, 01:35 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الأسئله

الأسئله
س1: بين الحكمة من النهي عن قول: (السلام على الله)؟
س2: بين معاني السلام عند التحية؟
س3: ما مناسبة باب (لا يقال السلام على الله) لكتاب التوحيد ؟
س4: ما مناسبة باب (لا يقال السلام على الله) لما قبله؟
س5: بين الفرق بين الاسم الثبوتي والاسم السلبي؟
س6: ما المراد بفلان وفلان في قول ابن مسعود: (السلام على فلان وفلان)؟
س7: اذكر بعض المسائل المستنبطة من باب (لا يقال السلام على الله)؟
س8: تعليل الحكم له فوائد، اذكرها؟
س9: يستفاد من حديث ابن مسعود: ((كنا إذا كنا مع النبي ...)) الحديث أنه لا يجوز الإقرار على محرم، ما وجه ذلك؟
س10: ما مناسبة باب (قول اللهم اغفرلي إن شئت) لكتاب التوحيد؟
س11: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((ليعزم المسألة))؟
س12: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه))؟
س13: قول: (اللهم اغفرلي إن شئت) ونحوه محظور من وجوه، اذكرها؟
س14: بين الفرق بين قول: (اللهم اغفر لي إن شئت) وقول: ((اللهم توفني إذا كانت الوفاة خيرا لي)) ونحو ذلك؟
س15: فصل القول في حكم إضافة لفظ (عبد) و (أمة) إلى غير الله تعالى؟
س16:اذكر أقسام إضافة لفظ (رب) إلى غير الله، مبينا حكم كل قسم؟
س17: متى يجوز إطلاق لفظ (السيد) على غير الله تعالى؟
س18 ما علة النهي عن قول السيد: (عبدي)، (أمتي)؟
س19: ما المراد بالأمر في قوله: (وليقل: سيدي ومولاي)؟ ولماذا؟
س20: اذكر ما استفدته من دراستك لهذا الدرس؟


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, قول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir