دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 03:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


الْبَدَلُ

تعريفُ البدَلِ
565- التَّابعُ المَقْصُودُ بالْحُكْمِ بِلا = وَاسِطَةٍ هُوَ المُسَمَّى بَدَلا
هذا النوعُ الخامسُ مِن التوابِعِ، وهوَ البَدَلُ. وتعريفُهُ: تابعٌ مَقْصُودٌ بالحُكْمِ بلا واسِطَةٍ بينَهُ وبينَ الْمُبْدَلِ منهُ؛ نحوُ: عَمَّ الرَّخَاءُ في زمَنِ الخليفةِ عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ. فـ(عُمرُ) بدَلٌ مِنْ (الخليفةِ)، وهوَ المقصودُ بالحكْمِ المذكورِ. ولوْ ذُكِرَتْ كَلِمةُ (الخليفةِ) وَحْدَها لَمَا عُرِفَ المرادُ؛ لأنَّ الخُلفاءَ كثيرونَ. وكَلِمَةُ (الخليفةِ) لَمْ يَكُنْ ذِكْرُها مَقصوداً لذاتِهِ، وإنَّما ذُكِرَتْ تَمهيداً لِمَا بَعْدَها، وَلِيَكُونَ الكلامُ أَقْوَى في نفْسِ السامِعِ.
وقَوْلُنا: (تَابِعٌ)، جنْسٌ يَشْمَلُ جميعَ التوابِعِ.
وقولُنا: (مَقْصُودٌ بالحكْمِ)، قَيدٌ أَوَّلُ يُخْرِجُ النعْتَ وعَطْفَ البيانِ والتوكيدَ؛ لأنَّها مُكَمِّلَةٌ للمتبوعِ المقصودِ بالحكْمِ كما تَقَدَّمَ في أبوابِها، لا أنَّها هيَ المقصودةُ بالحكْمِ. وكذا يُخْرِجُ عطْفَ النَّسَقِ بالواوِ ونَحْوِها، مِثْلَ: جاءَ صالحٌ وعاصمٌ؛ فإنَّ المعطوفَ مَقصودٌ بالحكْمِ، وليسَ هوَ المقصودَ وحدَهُ. كما يُخْرِجُ المعطوفَ بـ(لا)؛ نحوَ: جاءَ عاصِمٌ لا صالِحٌ؛ فإنَّ ما بَعْدَ (لا) ليسَ مقصوداً بالحُكْمِ، وكذا المعطوفُ بـ(بَلْ) بعدَ النَّفْيِ؛ نحوُ: ما جاءَ صَالِحٌ بلْ عصامٌ؛ لأنَّ المقصودَ نَفْيُ المَجِيءِ عن الأوَّلِ.
وقولُنا: (بِلا واسِطَةٍ)، قَيْدٌ ثانٍ يُخْرِجُ المعطوفَ بـ(بَلْ) بعدَ الإثباتِ؛ نحوَ: جَاءَ صالحٌ بلْ عاصِمٌ؛ فإنَّ الثانيَ مقصودٌ بالحُكْمِ، لَكِنْ بواسِطَةٍ، وهيَ (بَلْ)، فلا يكونُ بَدَلاً.
وهذا مَعْنَى قولِهِ: (التَّابِعُ المقصودُ بالْحُكْمِ.. إلخ)؛ أي: المُسَمَّى عندَ النُّحاةِ بَدَلاً هوَ التابعُ المقصودُ بالحكْمِ المنسوبُ لِمَتبوعِهِ بلا واسِطَةٍ بينَهُ وبينَ مَتبوعِهِ كما مُثِّلَ، والمرادُ بالواسِطَةِ حَرْفُ العَطْفِ.

أقسامُ البَدَلِ
566- مُطَابِقاً أوْ بَعْضاً اوْ مَا يَشْتَمِلْ = عَلَيْهِ يُلْفَى أَوْ كَمَعْطُوفٍ بِبَلْ
567- وَذَا لِلاِضْرَابِ اعْزُ إنْ قَصْداً صَحِبْ = وَدُونَ قَصْدٍ غَلَطٌ بِهِ سُلِبْ
568- كَزُرْهُ خَالِداً وَقَبِّلْهُ الْيَدَا = وَاعْرِفْهُ حَقَّهُ وَخُذْ نَبْلاً مُدَى

البَدَلُ أَربعةُ أقسامٍ:
الأوَّلُ: بَدَلُ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ. وَسَمَّاهُ ابنُ مالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: البدَلَ المُطَابِقَ، وهوَ أَنْ يكونَ الثاني مُساوياً للأوَّلِ في المعنى؛ نحوُ: عَامَلْتُ التَّاجِرَ خَليلاً. ومنهُ قولُهُ تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً}. فـ (حَدَائِقَ) بَدَلٌ مِنْ (مَفَازاً)، وهوَ بَدَلُ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ.
وهذا القِسْمُ لا يَحتاجُ إلى رابِطٍ يَرْبِطُهُ بالمتبوعِ؛ لأنَّ البَدَلَ نفْسُ المُبْدَلِ منهُ في المعنى، كما أنَّ الجملةَ التي هيَ نفْسُ المبتدأِ في المعنى لا تَحتاجُ إلى رابِطٍ.
الثاني: بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ، وهوَ أَنْ يكونَ الثاني بعضاً مِن الأَوَّلِ؛ نحوُ: قَضَيْتُ الدَّيْنَ ثُلُثَهُ. فـ(ثُلُثَهُ): بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ (الدَّيْنِ)، والهاءُ: مضافٌ إليهِ.
ولا بُدَّ فيهِ مِنْ ضميرٍ يَعودُ على الْمُبْدَلِ منهُ، سَوَاءٌ كانَ مَذكوراً؛ كالْمِثالِ الْمُتَقَدِّمِ، وكقولِهِ تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ}. فـ (كَثِيرٌ) بَدَلُ بعضٍ مِن الواوِ في قولِهِ: (عَمُوا). أوْ مُقَدَّراً؛ كقولِهِ تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. فـ (مَنِ اسْتَطَاعَ) بدَلٌ مِن الناسِ، وهوَ بَدَلُ بعضٍ مِنْ كُلٍّ؛ لأنَّ المُستطيعَ بعضُ الناسِ لا كُلُّهم، والضميرُ العائدُ على الْمُبْدَلِ منهُ مُقَدَّرٌ؛ أيْ: منهم.
الثالثُ: بدَلُ الاشتمالِ، وهوَ أنْ يكونَ المُبْدَلُ منهُ مُشْتَمِلاً على البدَلِ بِأَنْ يكونَ دالاًّ عليهِ، بِحَيْثُ إذا ذُكِرَ الْمُبْدَلُ منهُ تَشَوَّفَت النَّفْسُ إلى ذِكْرِ البَدَلِ؛ نَحْوُ: نَفَعَنِي خالدٌ عِلْمُهُ. (عِلْمُهُ): بَدَلُ اشتمالٍ مِنْ (خالِدٌ)، وهوَ مُنْطَوٍ تَحْتَهُ، وليسَ جُزْءاً منهُ. ولوْ قُلْتُ: نَفَعَنِي خالدٌ... لم يَتَّضِح المرادُ، وهلْ نَفَعَكَ عِلْمُهُ أوْ مالُهُ أوْ جَاهُهُ؟ فإذا ذُكِرَ البدَلُ اتَّضَحَ المرادُ. ومنهُ قولُهُ تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ}. فـ (قِتَالٍ فِيهِ) بَدَلُ اشتمالٍ مِن (الشَّهْرِ الْحَرَامِ)، وبينَهما تَعَلُّقٌ وارتباطٌ بوُقوعِ القتالِ فيهِ.
وبَدَلُ الاشتمالِ - كَبَدَلِ البَعْضِ - لا بُدَّ فيهِ مِنْ ضميرٍ يعودُ على الْمُبدَلِ منهُ كما في الْمِثالِ والآيَةِ.
وقدْ يَكُونُ الضميرُ في بَدَلِ الاشتمالِ مُقَدَّراً؛ كقولِهِ تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودُ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ}. فـ(النَّارِ) بَدَلُ اشتمالٍ مِن (الأُخْدُودِ)، والضميرُ مُقَدَّرٌ؛ أي: النَّارِ فيهِ؛ لأنَّ الأُخْدُودَ مُشْتَمِلٌ على النارِ.
والرَّابِعُ: البَدَلُ المُبَايِنُ، وهوَ ثلاثةُ أقسامٍ:
أ- بَدَلُ إِضْرَابٍ: وهوَ ما يُذْكَرُ فيهِ المُبْدَلُ منهُ قَصْداً، ولَكِنْ يُضْرِبُ عنهُ المتكلِّمُ ويَتركُهُ دُونَ أنْ يَتعرَّضَ لهُ بنَفْيٍ أوْ إثباتٍ، ويَتَّجِهُ إلى البَدَلِ.
ب- بَدَلُ غَلَطٍ: وهوَ ما يُذْكَرُ فيهِ الْمُبدَلُ منهُ غَلَطاً، ثمَّ يُذْكَرُ البَدَلُ لإزالةِ ذلكَ الغَلَطِ، فهوَ بَدَلٌ مِن اللَّفْظِ الذي ذُكِرَ غَلَطاً، لا أنَّهُ هوَ الغَلَطُ.
ج- بَدَلُ نِسْيَانٍ: وهوَ ما يُذْكَرُ فيهِ الْمُبدَلُ منهُ قَصْداً، ثمَّ يَتَبَيَّنُ للمتكَلِّمِ فسادُ قَصْدِهِ، فَيَذْكُرُ البَدَلَ الَّذِي هوَ الصوابُ، فهوَ بَدَلٌ مِن اللفْظِ الذي ذُكِرَ نِسياناً، لا أنَّ البَدَلَ ذُكِرَ نِسياناً.
والفَرْقُ بينَ هذا والذي قَبْلَهُ أنَّ الغَلَطَ مُتَعَلِّقٌ باللسانِ، والنِّسيانَ مُتَعَلِّقٌ بالْجَنَانِ، فالْمُبدَلُ منهُ في الأوَّلِ ذُكِرَ غَلَطاً، وفي الثاني ذُكِرَ نِسياناً.
وهذهِ الأنواعُ الثلاثةُ لا تَحتاجُ إلى ضميرٍ يَرْبِطُ البَدَلَ بالْمُبْدَلِ منهُ. مِثالُها: تَصَدَّقْتُ بدِرْهَمٍ دِينارٍ. فإنْ كانَ المُتَكَلِّمُ قَصَدَ الإخبارَ بالتصَدُّقِ بالدرْهَمِ، ثمَّ أَضْرَبَ عنهُ وتَرَكَهُ إلى الإخبارِ بالتصَدُّقِ بالدينارِ، وجعَلَ الأوَّلَ في حُكْمِ المتروكِ فهوَ بَدَلُ إضرابٍ.
وإنْ كانَ المُتَكَلِّمُ أرادَ الإخبارَ بالتصَدُّقِ بالدينارِ، فسَبَقَ لِسانُهُ إلى الدرهمِ، فهوَ بَدَلُ غَلَطٍ.
وإنْ كانَ قَصَدَ الإخبارَ بالتصَدُّقِ بالدرْهَمِ، فلَما نَطَقَ بهِ تَبَيَّنَ لهُ أنَّ الصوابَ الإخبارُ بالتصَدُّقِ بالدينارِ؛ لظُهورِ الْخَطأِ في القَصْدِ الأوَّلِ، فهوَ بَدَلُ نِسيانٍ.
وهذا مَعْنَى قولِهِ: (مُطَابِقاً أوْ بَعْضاً.. إلخ)؛ أيْ: يُلْفَى البدَلُ - أَيْ: يُوجَدُ - مُطَابِقاً أوْ بَعْضاً أوْ شَيْئاً يَشتمِلُ على البَدَلِ اشتمالاً مَعنويًّا، أوْ كمعطوفٍ بالحرْفِ (بَلْ). وهذا هوَ البَدَلُ الْمُبَايِنُ؛ لأنَّهُ بأنواعِهِ الثلاثةِ لا يَخْلُو مِن الإضرابِ الانتقاليِّ، والمُرَادُ بهِ الانتقالُ مِنْ غَرَضٍ إلى آخَرَ. وقولُهُ: (وَذَا لِلاِضْرَابِ اعْزُ)؛ أيْ: هذا الذي يُشْبِهُ (بَلْ) انْسِبْهُ إلى الإضرابِ إنْ قُصِدَ مَتبوعُهُ كما يُقْصَدُ هوَ.
فإنْ لم يُقْصَدْ مَتبوعُهُ وقُصِدَ البَدَلُ فقطْ، وإنَّما غَلَطَ المتكَلِّمُ فذَكَرَ المُبْدَلَ منهُ، فهذا بدَلُ الغلَطِ. وقدْ بَيَّنَ بقولِهِ: (غَلَطٌ بهِ سُلِبْ)، أنَّ البَدَلَ نفْسَهُ ليسَ بموضِعِ غَلَطٍ، وإنَّما جاءَ لِيَسْلُبَ الغلَطَ ويُزِيلَهُ. والتقديرُ: وغَلَطٌ دُونَ قَصْدٍ سُلِبَ بِالْبَدَلِ.
وقدْ تُرِكَ الثالثُ، وهوَ بَدَلُ النِّسيانِ، لكنَّهُ قدْ يُؤْخَذُ مِن المثالِ الأخيرِ في قولِهِ: (كَزُرْهُ خَالِداً.. إلخ). وهذا مِثالُ البدَلِ المُطَابِقِ، و(قَبِّلْهُ الْيَدَا) مِثالٌ لبدَلِ البعْضِ، و(اعْرِفْهُ حَقَّهْ) مِثالٌ لبَدَلِ الاشتمالِ، و(خُذْ نَبْلاً مُدَى) للبَدَلِ الْمُبايِنِ بأنواعِهِ الثلاثةِ على الشرْحِ المتَقَدِّمِ. و(النَّبْلُ): هيَ السِّهَامُ العربيَّةُ، وهيَ مُؤَنَّثَةٌ، ولا واحدَ لها مِنْ لفْظِها، بل الواحدُ: سَهْمٌ. والْمُدَى: جَمْعُ مُدْيَةٍ، وهيَ السِّكِّينُ.

إبدالُ الاسمِ الظَّاهِرِ مِنْ ضميرِ الحاضِرِ
569- وَمِنْ ضَمِيرِ الْحَاضِرِ الظَّاهِرَ لا = تُبْدِلْهُ إلاَّ مَا إحَاطَةً جَلا
570- أَو اقْتَضَى بَعْضاً أَوِ اشِْتمَالا = كَإِنَّكَ ابْتِهَاجَكَ اسْتَمَالا
1- لا يُبْدَلُ الظاهِرُ مِنْ ضَميرِ الحاضِرِ - وهوَ ضميرُ الْمُتَكَلِّمِ والمُخَاطَبِ - إلاَّ إنْ كانَ البدَلُ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ، وأفادَ الإحاطةَ والشُّمُولَ، أوْ كانَ بَدَلَ اشتمالٍ، أوْ بَدَلَ بعضٍ مِنْ كُلٍّ.
مِثالُ الأوَّلِ: قولُهُ تعالى: {تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا}. فـ(أوَّلِنا وآخِرِنَا) بَدَلُ كُلٍّ مِن الضميرِ المجرورِ باللامِ، وهوَ (نَا)، وهوَ مُفِيدٌ للإحاطةِ والشمولِ؛ لأنَّ المُرَادَ بـ(أَوَّلِنا وآخِرِنَا) جَمِيعُنا على عادَةِ العرَبِ مِنْ ذِكْرِ طَرَفَيِ الشَّيْءِ وإرادةِ جَميعِهِ.
فإنْ لم يُفْدِ الإحاطةَ امْتَنَعَ لعَدَمِ الفائدةِ؛ نَحْوُ: رَأَيْتُكَ خالداً.
ومِثالُ بَدَلِ الاشتمالِ: أَعْجَبْتَنِي كَلامُكَ. فـ(كَلامُكَ) بَدَلُ اشتمالٍ مِنْ (تاءِ) الْمُخاطَبِ المفتوحةِ. ومنهُ قولُ الشاعِرِ:
بلَغْنَا السَّمَاءَ مَجْدُنَا وَسَنَاؤُنَا = وإنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذلكَ مَظْهَرَا
فـ(مَجْدُنا وسَنَاؤُنا) بدَلُ اشتمالٍ مِنْ ضميرِ المتكَلِّمِ البارِزِ الواقِعِ فَاعِلاً في قَوْلِهِ: (بَلَغْنَا).
ومِثالُ بَدَلِ البعضِ: قولُهُ تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ}. فـ(مَن): اسمٌ موصولٌ مجرورٌ باللامِ بدَلُ بعضٍ مِنْ ضميرِ (لَكُمْ).
2- وَفُهِمَ مِنْ كَلامِ النَّاظِمِ أنَّهُ يُبْدَلُ الظَّاهِرُ مِن الظاهِرِ في جميعِ أقسامِ البدَلِ كما تَقَدَّمَ، وَأَنَّ ضَمِيرَ الْغَائِبِ يُبْدَلُ منهُ الظَّاهِرُ مُطْلَقاً كما تَقَدَّمَ في مِثالِ الناظِمِ: (زُرْهُ خالداً). ومنهُ قولُهُ تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}، على إِعْرَابِ (الَّذِينَ) بَدَلاً مِن الواوِ في (أَسَرُّوا)، بدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ.
3- ولا يَجُوزُ إبدالُ الضميرِ مِن الضميرِ؛ لعَدَمِ وُرودِهِ عن العرَبِ. أمَّا نحوُ: قُمْتَ أَنْتَ، فَهُوَ توكيدٌ لَفظيٌّ كما مَضَى في بابِ التوكيدِ.
4- وَلا يُبْدَلُ ضَمِيرٌ مِنْ ظَاهِرٍ، فلا يَصِحُّ عِنْدَهم: رَأَيْتُ زَيْداً إيَّاهُ.
وهذا مَعْنَى قَوْلِهِ: (ومِنْ ضَمِيرِ الحاضرِ الظَّاهِرَ لا تُبْدِلْهُ.. إلخ)؛ أيْ: لا تُبْدِل الاسْمَ الظاهِرَ مِنْ ضميرِ الحاضرِ، إلاَّ إذا أَظْهَرَ البدَلُ إحاطةً؛ أيْ: دَلَّ عليها، بكَوْنِهِ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ. أو اقْتَضَى بَعْضاً، بأنْ دَلَّ على البَعضيَّةِ. أَوْ دَلَّ على اشتمالٍ؛ كَقَوْلِكَ: (إِنَّكَ ابْتِهَاجَكَ اسْتَمَالا)؛ أيْ: فَرَحَكَ استمالَ القلوبَ إليكَ. فـ(ابتهاجَ): بدَلُ اشتمالٍ مِنْ ضميرِ المخاطَبِ، وهوَ الكافُ الواقعُ اسماً لـ(إنَّ)، وجُملةُ (اسْتَمَالا) خبرُ (إنَّ)، والألِفُ: للإطلاقِ.

الإِبْدَالُ مِن اسْمِ الاستفهامِ
571- وَبَدَلُ الْمُضَمَّنِ الْهَمْزَ يَلِي = هَمْزاً كَمَنْ ذَا أَسَعِيدٌ أَمْ عَلِي
إذا أُبْدِلَ مِن اسمِ الاستفهامِ وَجَبَ دُخُولُ همزةِ الاستفهامِ على البَدَلِ؛ ليُوَافِقَ الْمُبْدَلَ منهُ في تَأْدِيَةِ المعنى؛ نحوُ: كَمْ كُتُبُكَ؟ أَعِشْرُونَ أَمْ ثَلاثُونَ؟ ومَنْ رَأَيْتَ؟ أخالداً أمْ عَلِيًّا؟ وما كَتَبْتَ؟ أَتَفْسِيراً أمْ حَدِيثاً؟
فـ(عِشرونَ) وما عُطِفَ عليهِ بَدَلٌ مِنْ (كَمْ)، و(خالداً) وما عُطِفَ عليهِ بدَلٌ مِنْ (مَنْ)، و(تَفْسِيراً) وما عُطِفَ عليهِ بدَلٌ مِنْ (مَا).
وهذا معنى قولِهِ: (وبَدَلُ المُضَمَّنِ الهَمْزَ يَلِي هَمْزاً.. إلخ)؛ أيْ: أنَّ البدَلَ مِن الْمُبْدَلِ منهُ الْمُضَمَّنِ مَعْنَى الهَمْزِ، لا بُدَّ أنْ تَسْبِقَهُ الهمزةُ؛ كالمثالِ الذي ذَكَرَهُ.

إبدالُ الفعْلِ مِن الفعْلِ
572- وَيُبْدَلُ الْفِعْلُ مِن الْفِعْلِ كَمَنْ = يَصِلْ إلَيْنَا يَسْتَعِنْ بِنَا يُعَنْ
تَقَدَّمَ أنَّ الاسمَ يُبْدَلُ مِن الاسمِ، وذَكَرَ هنا أنَّ الفعْلَ يُبْدَلُ مِن الفعْلِ؛ كقولِهِ تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ}. فـ (يُضَاعَفْ): مُضَارِعٌ مجزومٌ، وهوَ بَدَلُ كُلٍّ مِن الفعْلِ (يَلْقَ)؛ لأنَّهُ جوابُ الشرْطِ، ولأنَّ لِقاءَ الأَثَامِ هوَ تَضعيفُ العذابِ والخلودُ. فالفعْلُ (يُضَاعَفْ) زَادَ معنى الفعْلِ (يَلْقَ) وُضوحاً، وكَشَفَ المُرَادَ منهُ. والدليلُ على أنَّهُ بَدَلٌ مَجيئُهُ مَجزوماً. ومنهُ قولُهُ في الْمِثالِ: مَنْ يَصِلْ إلَيْنَا يَسْتَعِنْ بنا يُعَنْ. فـ(يَسْتَعِنْ) بدَلُ اشتمالٍ.
وَظَاهِرُ كَلامِهِ أَنَّ إبدالَ الفِعْلِ جائزٌ في جميع أقسامِ البَدَلِ، والمَسْمُوعُ مِنْ ذلكَ الكُلُّ مِن الكلِّ، وهذا لا خِلافَ فيهِ. وأمَّا بَدَلُ الاشتمالِ فهوَ مَوْضِعُ خِلافٍ، فمِنهم مَنْ أَجَازَهُ، ومِنهم مَنْ مَنَعَهُ؛ لأنَّهُ لا بُدَّ فيهِ مِنْ ضميرٍ.
أمَّا بَدَلُ البعْضِ مِن الكُلِّ، فلا يُمْكِنُ في الفعْلِ؛ لأنَّ الفِعْلَ لا يَتَبَعَّضُ. وأمَّا بَدَلُ الغلَطِ فالقياسُ يَقتضيهِ، ومِثالُهُ: قامَ قَعَدَ الْمُعَلِّمُ. أرَدْتَ أنْ تقولَ: قَعَدَ، فغَلَطْتَ فَقُلْتَ: قامَ، ثمَّ أَبْدَلْتَ (قَعَدَ) منهُ.
واعلَمْ أنَّ إبدالَ الفعْلِ مِن الفعْلِ هوَ إبدالُ مُفْرَدٍ مِنْ مفرَدٍ، لا إبدالَ جُمَلٍ، بدليلِ مُشَارَكَةِ الفعْلِ الواقعِ بَدَلاً لمَتْبُوعِهِ في نَصْبِهِ أوْ جَزْمِهِ.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
البدل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir