لما كان الطعام يتغذى به جسم الإنسان، وينعكس أثره على أخلاقه وسلوكه؛ فالأطعمة الطيبة يكون أثرها طيبا على الإنسان، والأطعمة الخبيثة بضد ذلك، ولذلك أمر الله العباد بالأكل من الطيبات، ونهاهم عن الخبائث:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً}.
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون}.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً}.
قال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْق}.
والأطعمة جمع طعام، وهو ما يؤكل ويشرب.
والأصل فيها الحل؛ لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً}، وغير ذلك من النصوص الكتاب والسنة التي تدل على أن الأصل في الأطعمة الحل؛ إلا ما استثني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الأصل فيها الحل لمسلم عمل صالحا؛ لأن الله تعالى إنما أحل الطيبات لمن يستعين بها على طاعته، لا على معصيته؛ لقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا}، ولهذا لا يجوز أن يستعان بالمباح على المعصية؛ كمن يعطي اللحم والخبز من يشرب عليه الخمر ويستعين به على الفواحش، ومن أكل الطيبات ولم يشكر؛ فمذموم، قال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}؛ أي: عن الشكر عليه" انتهى.
فالله تعالى أباح لعباده المؤمنين الطيبات لكي ينتفعوا بها، وقال تعالى: {يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}.
وقد بين الله لعباده ما حرمه عليهم من المطاعم والمشارب:
قال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْه}، فما لم يبين تحريمه؛ فهو حلال.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله فرض فرائض؛ فلا تضيعوها، وحد حدودًا؛ فلا تعتدوها، وحرم أشياء؛ فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان؛ فلا تبحثوا عنها)). قال النووي رحمه الله: "حديث حسن، رواه الدارقطني وغيره".
فكل ما لم يبين الله ولا رسوله تحريمه من المطاعم والمشارب والملابس؛ فلا يجوز تحريمه؛ فإن الله قد فصل لنا ما حرم؛ فما كان حراما؛ فلا بد أن يكون تحريمه مفصلاً؛ فكما أنه لا يجوز إباحة ما حرم الله؛ فكذلك لا يجوز تحريم ما عفا الله عنه ولم يحرمه.
[الملخص الفقهي: 2/577-579]