دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 شعبان 1436هـ/23-05-2015م, 08:43 PM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي تلخيصات مسائل المعوذتين ليوم الاثنين


تلخيص المسائل الواردة في مقرر يوم الاثنين وبيان ما اشتملت عليه من الفوائد


منيرة محمد
- ما أفاده تنكير لفظ (الغاسق) وأقوال العلماء في المراد به
- بيان القول الراجح وذكر أمثلة لما يصدق عليه وصف الغسوق.

مضاوي الهطلاني
- أقوال العلماء في المراد بالنفاثات في العقد
عابدة المحمدي
- معنى النفث وبيان أنواع النفاثات
- أقوال المعتزلة والفلاسفة الإسلاميين في تفسير النفاثات في العقد.
تماضر
- تخريج لغوي وفائدته في بيان المراد بالنفاثات في العقد


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 7 شعبان 1436هـ/25-05-2015م, 03:35 PM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

🔴 تلخيص تفسير قول الله تعالى: {ومن شر غاسق إذا وقب}

عناصر ( لفظ الغاسق )
- القول الراجح في معنى الغاسق
- مايفيده تنكير لفظ الغاسق
- أنواع الغواسق
- شرور الغواسق
- سبل الوقاية من شرور الغواسق
- أقوال العلماء في المراد بالغاسق
- القول الراجح في المراد بالغاسق

المسائل الواردة في كلمة ( الغاسق )
القول الراجح في معنى الغاسق
- هو ما قاله الماوردي في تفسيره إذ قال: (أصل الغسق: الجريان بالضرر، مأخوذ من قولهم: غسقت القرحة إذا جرى صديدها).
وهذا المعنى يجمع الأقوال الواردة في تفسير الغاسق، وهو معنى صحيح تدل عليه شواهد اللغة.

مايفيده تنكير لفظ الغاسق
التنكير هنا لإرادة العموم، أي: من شر كل غاسق، ما علمنا منه وما لم نعلم، وفيه دلالة على أن الذي يغسق أشياء كثيرة .

▪ أنواع الغواسق
الغواسق كثير : منها
- منها ما يكون في الأفق
- ومنها ما يكون على الجماعة
- ومنها مايكون على الفرد ، في روحه ، أو في جسده


شرور الغواسق
للغواسق شرور كثيرة ، وأنواع مختلفة منها :
- ما يكون صرفاً عن الحق ، أو عن منفعة للعبد
- ومنها ، ما يكون وقوع مكروه عليه ، او فتن تحيط به
- ومنها ما يكون أذى يلمّ بروحه ، أو جسده
وغير هذا كثيرٌ ، يعظم ، و يقل ، بحسب ما يقدّره الله عز وجل ، وما قد يجنيه العبد على نفسه ، من تقصير في طاعة الله ، وغفلة عن الخير ، وعن سبل الوقاية من الشر .

سبل الوقاية من شرور الغواسق
- الإقبال على الله وحده ، والالتجاء إليه
- طاعة الله ، ومداومة ذكره
- قراءة الأذكار والأوراد بقلب حاضر مستشعر لما يقرأ
- الاستعاذة الصادقة بالله من جميع الشرور ماعلمنا منها وما لانعلم

أقوال العلماء في المراد بالغاسق :

- القول الأول : تفسيره بالليل ، وهذا القول عليه أكثر المفسرين من التابعين وعلماء اللغة .

- القول الثاني : فسر الغاسق بالقمر
أخذاً من حديث أبي سلمة قال: قالت عائشة: (أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدِي فأرانيَ القمر حين طلع ؛ فقال: ((تعوَّذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب)).

القول الثالث : فسر الغاسق بالكوكب ، رواه ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه.

القول الرابع : أنه النهار إذا دخل في الليل ، رواه ابن جرير ، عن محمد القرظي .

القول الخامس : أنه الشمس إذا غربت ، رواه ابن وهب في جامعه، من قول الزهري .

القول السادس أنه: ، الأسود من الحيات ، قال به الزمخشري ، وهذا القول لا يُؤثر عن أحد من السلف، لكن يشمله المعنى العامّ للآية.

القول السابع : فسر الغاسق بالذَّكَر، وهومن غريب ماذكر في تفسير الآية، ذكره أبو المظفر السمعاني .

وهذه الأقوال المروية عن السلف ، هي من باب التفسير بالمثال ، وهو كثير في تفاسير السلف

🔴القول الراجح في المراد بالغاسق
القول الراجح في المراد بالغاسق ،كما ذكره ابن جرير رحمه الله ، أنه يعمَّ كلَّ غاسقٍ إذا وقب ، فإنه يؤمربالاستعاذة من شره .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 شعبان 1436هـ/25-05-2015م, 08:32 PM
تماضر تماضر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 521
افتراضي

تخريج لغوي
-بيان الأوجه في نوع جمع النفاثات في قوله :(من شر النفاثات في العقد) وبيان المراد بها .
-ترجيح الوجه الثاني وبيان سبب الترجيح.
-بيان ما يشمله الاستعاذة بالله من شر النفاثات قي العقد من معنى .

-بيان الأوجه في نوع جمع النفاثات في قوله :(من شر النفاثات في العقد) وبيان المراد بها .

النفاثات جمعُ نَفَّاثة، على وزن فَعَّالة ، ومثال فعَّالة يرد على وجهين: على المبالغة، وعلى الجَمْع.
فأما الوجه الأول: فكما يقال: علامة وفهَّامة ونسَّابة، وهذه الصيغة إذا أفردت صلحت للذكر والأنثى؛ فيصحّ أن تقول: امرأة نفَّاثة، ورجل نفَّاثة، للمبالغة.
وجمع هذه الصيغة جمع تكسير لا إشكال فيه.
قال الجوهري في الصحاح: (كأنه جمع امرأة راقية أو رجل راقية بالهاء للمبالغة).
فَجَمْعُ مثالِ المبالغة الذي يصلح للذكر والأنثى جمع تكسير معروف مستعمل، لكن جمعه جمعَ الإناث المختوم بالألف والتاء غير معروف ولا مستعمل – فيما أعلم - إلا أن يكون جَمْعَ الجمع.

وأما الوجه الآخر: وهو أن يكون لفظ (نَفَّاثة) جمعاً على مثال فَعَّالة؛ فهو كما يقال: رَجَّالة وخيالة ونبَّالة وعسَّاسة وسيَّارة.

والجموع التي على وزن فَعَّالة وفِعَالَة وفَاعِلَةٍ ومُفَعِّلَة ونحوها يصحّ أن تجمع جمعاً مختوماً بالألف والتاء؛ فتقول : فَعَّالات وَفِعَالات وفَاعِلات ومُفَعِّلات، تريد بذلك جَمْعَ الجَمْعِ.
قال الفرَّاء في قوله تعالى: {له معقبات}: (ملائكة معقِّبةٌ. ومعقِّبات: جمع الجمع).

-ترجيح الوجه الثاني وبيان سبب الترجيح.
=والقول بأن النفَّاثَاتِ جمع الجمع تجتمع به القراءتان: {النفَّاثات} و{النافثات} لأنهما جمع نَفَّاثَةٍ وَنَافِثَة، وكلا اللفظين يصحُّ أن يرادَ به الجمع، كما تقول الخيالة والرجَّالة، وكما تقول: العادية والهادية للجماعة من الإبل أو الخيل، وتُجمع على العاديات والهاديات.
فبهذا يصحّ أن يراد بالنافثة والنفاثة الجمع، ويراد بالنفاثات والنافثات جمع الجمع.

*والمتأمّل في هذا التخريج اللغوي يجده موافقاً لشمول معنى اللفظ لطوائف كثيرة تنفث وتعقد؛ فكثير من أصحاب الديانات الوثنية يستعملون السحر ويتقربون للشياطين وينفثون ويعقدون، وكذلك اليهود والنصارى فيهم سحرة، وكذلك بعض الفرق المنتسبة للإسلام يشيع فيها عمل السحر ، وهذه الطوائف الكثيرة المنتشرة في الأرض يشيع فيها عمل السحر، وفي الجنّ سَحرة كما روى ابن أبي شيبة بإسناده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال في الجن: (لهم سحرة كسحرتكم).
فبذلك تعلم أن الطوائف النفاثات في العُقَدِ كثيرة جداً؛ وورود هذا اللفظ بصيغة جمع الجمع أدلّ على الكثرة، وبناء مفرده على المبالغة فيه زيادة دلالة على كثرة وقوع ذلك.
فاجتمعت الكثرتان: كثرة العدد، وكثرة وقوع الفعل.

-بيان ما يشمله الاستعاذة بالله من شر النفاثات قي العقد من معنى :
تشمل الاستعاذة بالله من شر النفاثات في العقد جميع طوائف السحرة من الجن والإنس، وأنه لا يحلّ عُقَدَ السحر إلا ربّ الفلق جلَّ وعلا.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 7 شعبان 1436هـ/25-05-2015م, 08:57 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

أقوال العلماء في المراد بالنفاثات في العقد
مسائل الدرس:
- أقوال المفسرين
1- القول الأول
: دلالة هذا التفسير
2- القول الثاني
: تخريج هذا القول
:القول الراجح
:سبب شهرته
3- القول الثالث
:الرد عليه .
4- القول الرابع
: قول أقرب منه
- الخلاصة
- مسألة استطرادية
تلخيص أقوال العلماء
اختلف المفسرون في المراد بـ"النفاثات في العقد" على أقوال:
القول الأول: أن المراد السواحر والسحرة .
هذا قول الحسن البصري رواه الطبري في تفسيره وصححه ابن حجر في فتح الباري.
دلالة هذا التفسير
يدل على أن اللفظ يشمل الذكور والإناث من السحرة.
القول الثاني: المراد النساء السواحر
هذا قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ثم قال به مقاتل بن سليمان والفراء وأبو عبيدة، ثم قال به محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه، ثم صدَّر به ابن جرير تفسيره للآية.
ثم اشتهر هذا القول شهرة كبيرة في كتب التفسير وشروح الحديث وكتب اللغة، فأكثر العلماء إذا فسروا النفاثات قالوا: هنَّ السواحر.
تخريج هذا القول
هذا القول له تخريجان:
التخريج الأول: أنه تفسير بالمثال ،
والتفسير بالمثال من أنواع التفسير عند السلف ولا يعني حصر المراد في المذكور فقط ، فيدخل في معنى الآية السحرة من الرجال كما هو قول الحسن البصري.
التخريج الثاني: أن التأنيث هنا خرج مخرج الغالب، فيتعلق الحكم بالعلة لا بصيغة الخطاب، كما في قول الله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} المحصنات هنا هنَّ العفيفاتُ متزوجاتٍ أو غير متزوجات.
فاللفظ مؤنث {المحصنات}. ومن رمى رجلاً عفيفاً بالزنا فإنه يجلد كذلك لأن علة الحكم واحدة وهي القذف بالزنا، لكن خرج الخطاب مخرج الغالب، لأن أكثر ما يُقذف النساء.
وهذا التخريج ذكره شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، في مواضع من دروسه، وهو تخريج جيد معتبر.
فتبين بذلك :
- النفث في العقد هنا المراد به: السحر بإجماع السلف.
- والاستعاذة هنا تشمل سحر الرجال وسحر النساء.
تخريجاً ثالثاً لا يصح ، ذكره بعض المفسرين :وهو أن المراد بالنفاثات هنا بنات لبيد بن الأعصم على اعتبار أن السورة نزلت بسبب حادثة سَحر النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا القول ذكره النحاس ولم ينسبه لأحد معروف، ونسبه الواحدي لأبي عبيدة معمر بن المثنى وتبعه على ذلك البغوي ثم كثر في التفاسير نسبةُ هذا القول لأبي عبيدة وبعضهم يذكره دون عزو، حتى إن ابن جزيء الكلبي رجح هذا القول في تفسيره،
والتحقيق أنه قول باطل لا أصل له، فالذي سحر النبيَّ صلى الله عليه وسلم هو لَبيدُ بن الأعصم وليس بناته، وليس في شيء من الأحاديث والآثار الصحيحة ولا الضعيفة أن الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم بنات لبيد.
القول الراجح
القول الثاني وهو أن المراد بالنفاثات في العقد النساء السواحر هو قول جمهور المفسرين.
سبب شهرته
لعل سبب شهرة هذا القول أن ابن جرير صدَّره في تفسيره للآية، وقبله البخاري في صحيحه فسَّر النفاثات بالسواحر.
قال ابن جرير: (وقوله: {ومن شر النفاثات في العقد}: السواحر اللاتي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين عليها).
وبذلك قال جماعة من أهل اللغة كأبي عبيدة والفراء وابن قتيبة والزجاج كلهم فسروا النفاثات بالسواحر.
مع وجود أخطاء في نسبة هذا القول لمجاهد وعكرمة وقتادة والحسن البصري فأدى كل ذلك إلى شهرة هذا القول.
القول الثالث: أن المراد : النفوس النفاثات، وهذا القول أول من علمته ذكره الزمخشري في الكشاف، وذكره من باب الاحتمال حيث قال: (النفاثات: النساء أو النفوس أو الجماعات السواحر اللاتي يعقدن عقداً في خيوط وينفثن عليها ويرقين).
ثم ذكره الرازي ثم ذكره عدد من المفسرين كأحد الأقوال التي قيلت في تفسير الآية، ورجحه ابن القيم في بدائع الفوائد ومحمد بن عبد الوهاب في اختصاره لتفسير المعوذتين.
قال ابن القيم: (الجواب المحقق أن النفاثات هنا هنَّ الأرواح والأنفس النفاثات لا النساء النفاثات ، لأن تأثير السحر من جهة الأنفس الخبيثة والأرواح الشريرة ، وسلطانه إنما يظهر منها؛ فلهذا ذكرت النفاثات هنا بلفظ التأنيث دون التذكير والله أعلم) ا.هـ.
فيكون الموصوف هنا محذوفاً ، والتقدير: ومن شر النفوس النفاثات.
وكون الأنفس الخبيثة والأرواح الشريرة مؤثرة في انعقاد السحر حق لا يُدفع، لكن هل هذا هو المراد باللفظ؟
الرد
يظهر -وإن كان اللفظ مؤنثاً- ثلاثة أمور:
أولها: أن هذا غير المتبادر إلى الذهن ، وإنما قاد إليه إرادة الهروب من إشكال ورود اللفظ بصيغة المؤنث.
ولو كان متبادراً إلى الذهن لوجد من المفسرين طيلة خمسة قرون قبل الزمخشري من يتبادر إلى ذهنه هذا المعنى فيقول به أو يذكره، ثم إن الزمخشري ذكره احتمالاً فترقَّى القول بعد قرنين بأن رجَّحه ابن القيم وعدَّه القول المحقق، وابن القيم إمام له قدره في التفسير والعربية والإمامة في الدين لكن هذا القول لا تظهر لي صحته.
الأمر الثاني: أن النفث في العقد هنا نظير الحسد من جهة أن التأثير فيهما من قبل الأنفس ، ومع ذلك ورد لفظ (الحاسد) بصيغة المذكر ، وورد النفث بصيغة المؤنث، فيكون في هذا ما يلزم من التفريق بين المتماثلين، وهو باطل.
الأمر الثالث: أن المعهود في خطاب الشرع إسناد الفعل للشخص لا للنفس، وعند إرادة إسناده للنفس يصرح بذكر النفس كما في قوله تعالى: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم} ، وقوله: {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس}.
القول الرابع: {النفاثات} الجماعات التي تنفث، والتأنيث لأجل الجماعة مستعمل في اللغة صحيح، وأوّل من ذكر هذا القول الزمخشري في تفسيره حيث قال: (النفاثات: النساء أو النفوس أو الجماعات السواحر).
فهو ذكر هذه الاحتمالات الثلاث لأنها هي المعاني التي يمكن أن يؤنث اللفظ لأجلها.
لكن هذا القول فسّره الرازي تفسيراً فيه بُعْد فقال: (لأنه كلما كان اجتماع السحرة على العمل الواحد أكثر كان التأثير أشد). وهذا التعليل اشتهر في كتب التفسير المتأخرة التي تنقل كثيراً عن الرازي والزمخشري.
ولا ينكر أن اجتماع السحرة على العمل من أسباب قوة تأثيره، لكن كون هذا هو المراد بعيد لأنه يُخرج إرادة عمل الفرد منهم وهو كثير جداً، وما يجتمع عليه السحرة من العمل قليل جداً في جنب ما ينفرد به كل ساحر.
:الأقرب من هذا القول
والأقرب منه أن يكون الجمع لأجل طوائف ما ينفث.
فالسحرة الرجال ينفثون ويعقدون، والسواحر من النساء ينفثن ويعقدن، وسحرة الجن ينفثون وبعقدون، والشياطين تنفث وتعقد كما صحّ في الحديث، بل بعض الحيوانات تنفث ويستخدمها بعض السحرة في أعمال السحر.
وهذه الطوائف التي تنفث يصح جمعها على (النفاثات) كما تقول: المخلوقات، والكائنات، وذوات الحوافر، وذوات الأظلاف، مع أن فيها الذكور والإناث، لكن لما أريد الجماعة أنّث اللفظ لذلك.
وهذا القول الذي يظهر لي أنه صحيح لغةً ، لكن لم أر من نصَّ عليه من المتقدمين في تفسير الآية، لكن يغني عن النص على ذلك اجتماعهم على أن هذه الآية تشتمل على الاستعاذة من شرّ كل سحر نفث فيه وعُقد.
ولا شك أن الاستعاذة من شر النفاثات في العقد تشمل الاستعاذة من شرّ كل ما ينفث ويعقد، من سَحَرة الإنس، وسَحَرة الجن، والشياطين.
الخلاصة:
والخلاصة: أن الاستعاذة من شر النفاثات في العقد تشمل الاستعاذة من شرور هؤلاء كلهم، وفي الآية دلالة على كثرة ما ينفث ويعقد، وأن لذلك شرا عظيماً يستدعي الاستعاذة بالله منه.
مسألة استطرادية:
- تبيه لطلبة العلم
ومما ينبغي لطالب العلم أن يتفطن له أن بعض التفاسير يقع فيها اختصار في حكاية الأقوال وخطأ في نسبة بعضها لقائليها ولا سيما في حال نسبة القول لجماعة دون ذكر نصوص أقوالهم.
وهذا لا يدركه طالب العلم إلا بمعرفة الأقوال من مصادرها الأصلية ثم ينظر في حكاية المفسرين لهذه الأقوال؛ فإن من المفسرين من يكون القول ظاهراً عنده فيختصر حكاية الأقوال ويجمع بينها باختصار مخل ثم قد يشيع عنه ذلك، وقد يكون لبعض العلماء ما يعذر به لأن اختصاره كان لأجل نقل قدر من المعنى لا إشكال فيه.
ومن ذلك هذا المثال:
قال ابن كثير: (وقوله: {ومن شر النفاثات في العقد} قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك: "يعني السواحر"، قال مجاهد: "إذا رقين ونفثن في العقد").
وهذا الكلام إذا قرأه طالب العلم لأول وهلة قد يفهمُ منه إجماعَ المفسرين على أن المراد بالنفاثات: النساء السواحر، لأنه نقل هذا التفسير عن هؤلاء الأئمة ولم يذكر قولاً غيره.
وهذا الكلام اختصره ابن كثير من تفسير ابن جرير لكنه كان اختصاراً غير دقيق،
- ولعل مما يعتذر له به أن ابن جرير صدر تفسيره للنفاثات بأنهن السواحر ثم قال: (وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل).
ثم أورد آثاراً عن هؤلاء الأئمة، لكن هذه الآثار ليس فيها نص على أن المراد بالنفاثات السواحر إلا ما رواه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
فالحسن البصري قال: (السواحر والسحرة).
وقتادة لما تلا قوله تعالى: {ومن شر النفاثات في العقد} قال: (إياكم وما خالط السحر من هذه الرقى).
ومجاهد قال في تفسير النفاثات: (الرقى في عقد الخيط).
وعكرمة قال: (الأُخَذُ في عُقَد الخيط) الأُخَذ جمع أُخذة ، وهي أخذة السحر.
فهؤلاء كلهم لم ينصوا على أن النفاثات السواحر.
- على أن الإسناد إلى مجاهد وعكرمة فيه جابر بن يزيد الجعفي وهو رافضي متهم بالكذب.
- بل قول الحسن البصري (النفاثات: السواحر والسحرة)، خارج عن هذا القول.
- ومجاهد وعكرمة وقتادة لا يصح أن يُنسب إليهم هذا القول.
- وقول ابن كثير عن مجاهد أنه قال: (إذا رقين ونفثن في العقد) هذا نقل بالمعنى ، وفيه تجوّز أداه إليه اختياره للقول ثم اعتماده وحكايته عن هؤلاء الأئمة ثم تغيير الضمير لأجل أن يتناسب مع ذلك.
ونص كلام مجاهد فيما رواه ابن جرير في تفسير النفاثات: (الرقى في عقد الخيط).
وابن جرير استدل بأقوالهم على أن هذه الآيات في الاستعاذة من شر السحر، وهذا القدر مجمع عليه لا خلاف فيه.
ولعل هذا هو ما فهمه ابن كثير أيضاً، وبذلك يعتذر له فيه، فتكون مسألة شمول لفظ الآية للسحرة من الرجال مسألةً أخرى زائدة على القدر الذي وقع عليه الإجماع.
فابن جرير استدل بأقوال من نقل أقوالهم على أن المراد بالآية الاستعاذة من شر السحرة، وهذا يُخرِج قول المعتزلة الذين ينكرون حقيقة السحر، وقول الفلاسفة الإسلاميين في تفسيرهم للآية كما سيأتي.

وأما هل المراد بالنفاثات النساء السواحر فقط أم هل يشمل اللفظ السواحر والسحرة فهذه مسألة أخرى، وسيأتي بيانها بإذن الله.
والخلاصة أن هذه المسألة وهي المراد بالنفاثات ليس فيها تفسير يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في المراد بالنفاثات، ولا عن أحد من الصحابة.
وأقدم من أُثر عنه أنه تكلم في هذه المسألة اثنان من التابعين هما:
1: الحسن البصري، قال: (السواحر والسحرة).
2: وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال: (السواحر).
وقول الحسن البصري أرجح من قول ابن زيد من هذه الجهة.
لكن قول عبد الرحمن بن زيد اشتهر شهرة كبيرة.
ويمكن الجمع بين القولين بالتخريجين المذكورين آنفاً.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 7 شعبان 1436هـ/25-05-2015م, 10:42 PM
عابدة المحمدي عابدة المحمدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 483
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
1- بيان معنى النفث وأنواع النفاثات :
2- بيان أقوال المعتزلة والفلاسفة الإسلاميين في تفسير النفاثات في العقد.
عناصر الدرس:
1- معنى النفث.
- الفرق بين التفل والبصاق والنفخ.
2- أنواع النفاثات.
- السحرة تنفث وتعقد.
- الحديث الوارد على ذلك.
- الشياطين تنفث وتعقد.
- الأحاديث الواردة على ذلك.
- الحكمة من تقييد العقد بثلاث.
3- القراءات الواردة في النفاثات:
4- أقوال المعتزلة والفلاسفة الإسلاميين في تفسير النفاثات في العقد:
- قول المعتزلة.
- قول الزمخشري.
- قول البيضاوي.
- قول ابن سينا.
تفصيل المســـائــل:
1- معنى النفث.
هو: النفخ اليسير مع ريق قليل متفرق في قطرات صغيرة جدا يدفعها النافث بفيه مع الهواء.
- الفرق بين التفل والبصاق والنفخ.
التفل: هو الريق كثيرا ، وإن زاد فهو البصاق ، وإن كان بلا ريق فهو النفخ ، وكلها تستعمل في الرقية والأكثر النفث.
2- أنواع النفاثات:
- السحرة تنفث وتعقد.
- الحديث الوارد على ذلك.
- في حديث الحسن البصري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليهِ وسلَّم: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثم نَفَثَ فيها فَقدْ سَحَرَ، ومَنْ سَحَرَ فَقَدْ أشرَكَ، ومَن تَعلَّق شيئا وُكِلَ إليهِ» رواه النسائي وابن عدي والطبراني.


- الشياطين تنفث وتعقد.
- الأحاديث الواردة على ذلك.
- في صحيح مسلم من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَعْقِدُ الشيطانُ على قافيةِ رأسِ أحدِكمْ ثَلاثَ عُقَدٍ إِذا نامَ، بكلِّ عُقْدَةٍ يضرب عليكَ ليلاً طوِيلاً، فإذا استيقَظَ فَذَكَرَ اللهَ انْحَلَّتْ عُقْدةٌ، وإذا توضَّأ انحلَّتْ عنهُ عُقْدتانِ، فإِذا صَلَّى انحلَّتِ العُقَدُ، فأَصبَحَ نَشِيطًا طيِّب النَّفْسِ، وَإِلاَّ أصْبَحَ خَبِيثَ النفْسِ كسْلانَ»..
- الحكمة من تقييد العقد بثلاث.
قال البيضاوي: (التقييد بالثلاث إما للتأكيد أو لأنه يريد أن يقطعه عن ثلاثة أشياء الذكر والوضوء والصلاة، فكأنه منع من كل واحدة منها بعقدة عقدها على رأسه،
- الحكمة من تخصيص القفا بالعقد.
( خصص بذلك لكونه محل الوهم ومجال تصرفه وهو أطوع القوى للشيطان وأسرعها إجابة لدعوته(
3- القراءات الواردة في النفاثات:
فيها خمس قراءات:
القراءة الأولى:
النَّفَّاثات ، وهي القراءة المشهورة وهي قراءة الجماعة.
القراءة الثانية:

النافثات ، وهي رواية لرويس عن يعقوب الحضرمي من طريق طيبة النشر.
القراءة الثالثة:

النُّفَاثات ، وهي قراءة رواها أبو الكرم الشهرزوري القارئ عن رَوح.
والنُّفَاثَة هي ما يخرج من الفم بالنفث، واحدتها نفاثة، والجمع نُفَاثات.
القراءة الرابعة:

النَّفِثات ، وهي قراءة عزاها ابن الجزري في النشر للحسن البصري وأبي الربيع.
القراءة الخامسة:

(النُّفَّاثات) على وزن التفاحات ونسبت للحسن البصري، ولا أصل لها.
4- أقوال المعتزلة والفلاسفة الإسلاميين في تفسير النفاثات في العقد:
- قول المعتزلة.
المعتزلة ينكرون حقيقة السحر ولذلك فسروها بالنساء ينقضن عزائم الرجال وهذا تأويل لا يصح.
- قول الزمخشري.
وذكر الزمخشري قولاً آخر؛ وهو أن النفاثات في العقد النساء الكيَّدات تشبيها لكيدهن بالسحر والنفث في العقد، أو اللاتي يفتنّ الرجال بتعرضهن لهم.
وهذا القول محدث باطل.

- قول البيضاوي.
(وقيل: المراد بالنفث في العقد إبطال عزائم الرجال بالحيل). قول محدث لا يصح.
- قول ابن سينا.
وابن سيناء -رئيس الفلاسفة في زمانه- له كلام في تفسير الغاسق والنفاثات -نقله الألوسي وقبله البيضاوي- بأن:
الغاسق: القوة الحيوانية وما فيها من الظلمة.
والنفاثات: النباتات التي تزداد طولاً وعرضاً وعمقاً.
فجعل هذه الأبعاد الثلاثة مرموزاً لها بالعُقَد ، وهو قول ظاهر البطلان، ولا أصل له عن السلف، ولا تدل عليه اللغة، وهو قول محدث.


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 8 شعبان 1436هـ/26-05-2015م, 09:29 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مضاوي الهطلاني مشاهدة المشاركة
أقوال العلماء في المراد بالنفاثات في العقد
مسائل الدرس:
- أقوال المفسرين
1- القول الأول
: دلالة هذا التفسير
2- القول الثاني
: تخريج هذا القول
:القول الراجح
:سبب شهرته
3- القول الثالث
:الرد عليه .
4- القول الرابع
: قول أقرب منه
- الخلاصة
- مسألة استطرادية
تلخيص أقوال العلماء
اختلف المفسرون في المراد بـ"النفاثات في العقد" على أقوال:
القول الأول: أن المراد السواحر والسحرة .
هذا قول الحسن البصري رواه الطبري في تفسيره وصححه ابن حجر في فتح الباري.
دلالة هذا التفسير
يدل على أن اللفظ يشمل الذكور والإناث من السحرة.
القول الثاني: المراد النساء السواحر
هذا قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ثم قال به مقاتل بن سليمان والفراء وأبو عبيدة، ثم قال به محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه، ثم صدَّر به ابن جرير تفسيره للآية.
ثم اشتهر هذا القول شهرة كبيرة في كتب التفسير وشروح الحديث وكتب اللغة، فأكثر العلماء إذا فسروا النفاثات قالوا: هنَّ السواحر.
تخريج هذا القول
هذا القول له تخريجان:
التخريج الأول: أنه تفسير بالمثال ،
والتفسير بالمثال من أنواع التفسير عند السلف ولا يعني حصر المراد في المذكور فقط ، فيدخل في معنى الآية السحرة من الرجال كما هو قول الحسن البصري.
التخريج الثاني: أن التأنيث هنا خرج مخرج الغالب، فيتعلق الحكم بالعلة لا بصيغة الخطاب، كما في قول الله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} المحصنات هنا هنَّ العفيفاتُ متزوجاتٍ أو غير متزوجات.
فاللفظ مؤنث {المحصنات}. ومن رمى رجلاً عفيفاً بالزنا فإنه يجلد كذلك لأن علة الحكم واحدة وهي القذف بالزنا، لكن خرج الخطاب مخرج الغالب، لأن أكثر ما يُقذف النساء.
وهذا التخريج ذكره شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، في مواضع من دروسه، وهو تخريج جيد معتبر.
فتبين بذلك :
- النفث في العقد هنا المراد به: السحر بإجماع السلف.
- والاستعاذة هنا تشمل سحر الرجال وسحر النساء.
تخريجاً ثالثاً لا يصح ، ذكره بعض المفسرين :وهو أن المراد بالنفاثات هنا بنات لبيد بن الأعصم على اعتبار أن السورة نزلت بسبب حادثة سَحر النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا القول ذكره النحاس ولم ينسبه لأحد معروف، ونسبه الواحدي لأبي عبيدة معمر بن المثنى وتبعه على ذلك البغوي ثم كثر في التفاسير نسبةُ هذا القول لأبي عبيدة وبعضهم يذكره دون عزو، حتى إن ابن جزيء الكلبي رجح هذا القول في تفسيره،
والتحقيق أنه قول باطل لا أصل له، فالذي سحر النبيَّ صلى الله عليه وسلم هو لَبيدُ بن الأعصم وليس بناته، وليس في شيء من الأحاديث والآثار الصحيحة ولا الضعيفة أن الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم بنات لبيد.
القول الراجح
القول الثاني وهو أن المراد بالنفاثات في العقد النساء السواحر هو قول جمهور المفسرين.
سبب شهرته
لعل سبب شهرة هذا القول أن ابن جرير صدَّره في تفسيره للآية، وقبله البخاري في صحيحه فسَّر النفاثات بالسواحر.
قال ابن جرير: (وقوله: {ومن شر النفاثات في العقد}: السواحر اللاتي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين عليها).
وبذلك قال جماعة من أهل اللغة كأبي عبيدة والفراء وابن قتيبة والزجاج كلهم فسروا النفاثات بالسواحر.
مع وجود أخطاء في نسبة هذا القول لمجاهد وعكرمة وقتادة والحسن البصري فأدى كل ذلك إلى شهرة هذا القول.
القول الثالث: أن المراد : النفوس النفاثات، وهذا القول أول من علمته ذكره الزمخشري في الكشاف، وذكره من باب الاحتمال حيث قال: (النفاثات: النساء أو النفوس أو الجماعات السواحر اللاتي يعقدن عقداً في خيوط وينفثن عليها ويرقين).
ثم ذكره الرازي ثم ذكره عدد من المفسرين كأحد الأقوال التي قيلت في تفسير الآية، ورجحه ابن القيم في بدائع الفوائد ومحمد بن عبد الوهاب في اختصاره لتفسير المعوذتين.
قال ابن القيم: (الجواب المحقق أن النفاثات هنا هنَّ الأرواح والأنفس النفاثات لا النساء النفاثات ، لأن تأثير السحر من جهة الأنفس الخبيثة والأرواح الشريرة ، وسلطانه إنما يظهر منها؛ فلهذا ذكرت النفاثات هنا بلفظ التأنيث دون التذكير والله أعلم) ا.هـ.
فيكون الموصوف هنا محذوفاً ، والتقدير: ومن شر النفوس النفاثات.
وكون الأنفس الخبيثة والأرواح الشريرة مؤثرة في انعقاد السحر حق لا يُدفع، لكن هل هذا هو المراد باللفظ؟
الرد
يظهر -وإن كان اللفظ مؤنثاً- ثلاثة أمور:
أولها: أن هذا غير المتبادر إلى الذهن ، وإنما قاد إليه إرادة الهروب من إشكال ورود اللفظ بصيغة المؤنث.
ولو كان متبادراً إلى الذهن لوجد من المفسرين طيلة خمسة قرون قبل الزمخشري من يتبادر إلى ذهنه هذا المعنى فيقول به أو يذكره، ثم إن الزمخشري ذكره احتمالاً فترقَّى القول بعد قرنين بأن رجَّحه ابن القيم وعدَّه القول المحقق، وابن القيم إمام له قدره في التفسير والعربية والإمامة في الدين لكن هذا القول لا تظهر لي صحته.
الأمر الثاني: أن النفث في العقد هنا نظير الحسد من جهة أن التأثير فيهما من قبل الأنفس ، ومع ذلك ورد لفظ (الحاسد) بصيغة المذكر ، وورد النفث بصيغة المؤنث، فيكون في هذا ما يلزم من التفريق بين المتماثلين، وهو باطل.
الأمر الثالث: أن المعهود في خطاب الشرع إسناد الفعل للشخص لا للنفس، وعند إرادة إسناده للنفس يصرح بذكر النفس كما في قوله تعالى: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم} ، وقوله: {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس}.
القول الرابع: {النفاثات} الجماعات التي تنفث، والتأنيث لأجل الجماعة مستعمل في اللغة صحيح، وأوّل من ذكر هذا القول الزمخشري في تفسيره حيث قال: (النفاثات: النساء أو النفوس أو الجماعات السواحر).
فهو ذكر هذه الاحتمالات الثلاث لأنها هي المعاني التي يمكن أن يؤنث اللفظ لأجلها.
لكن هذا القول فسّره الرازي تفسيراً فيه بُعْد فقال: (لأنه كلما كان اجتماع السحرة على العمل الواحد أكثر كان التأثير أشد). وهذا التعليل اشتهر في كتب التفسير المتأخرة التي تنقل كثيراً عن الرازي والزمخشري.
ولا ينكر أن اجتماع السحرة على العمل من أسباب قوة تأثيره، لكن كون هذا هو المراد بعيد لأنه يُخرج إرادة عمل الفرد منهم وهو كثير جداً، وما يجتمع عليه السحرة من العمل قليل جداً في جنب ما ينفرد به كل ساحر.
:الأقرب من هذا القول
والأقرب منه أن يكون الجمع لأجل طوائف ما ينفث.
فالسحرة الرجال ينفثون ويعقدون، والسواحر من النساء ينفثن ويعقدن، وسحرة الجن ينفثون وبعقدون، والشياطين تنفث وتعقد كما صحّ في الحديث، بل بعض الحيوانات تنفث ويستخدمها بعض السحرة في أعمال السحر.
وهذه الطوائف التي تنفث يصح جمعها على (النفاثات) كما تقول: المخلوقات، والكائنات، وذوات الحوافر، وذوات الأظلاف، مع أن فيها الذكور والإناث، لكن لما أريد الجماعة أنّث اللفظ لذلك.
وهذا القول الذي يظهر لي أنه صحيح لغةً ، لكن لم أر من نصَّ عليه من المتقدمين في تفسير الآية، لكن يغني عن النص على ذلك اجتماعهم على أن هذه الآية تشتمل على الاستعاذة من شرّ كل سحر نفث فيه وعُقد.
ولا شك أن الاستعاذة من شر النفاثات في العقد تشمل الاستعاذة من شرّ كل ما ينفث ويعقد، من سَحَرة الإنس، وسَحَرة الجن، والشياطين.
الخلاصة:
والخلاصة: أن الاستعاذة من شر النفاثات في العقد تشمل الاستعاذة من شرور هؤلاء كلهم، وفي الآية دلالة على كثرة ما ينفث ويعقد، وأن لذلك شرا عظيماً يستدعي الاستعاذة بالله منه.
مسألة استطرادية:
- تبيه لطلبة العلم
ومما ينبغي لطالب العلم أن يتفطن له أن بعض التفاسير يقع فيها اختصار في حكاية الأقوال وخطأ في نسبة بعضها لقائليها ولا سيما في حال نسبة القول لجماعة دون ذكر نصوص أقوالهم.
وهذا لا يدركه طالب العلم إلا بمعرفة الأقوال من مصادرها الأصلية ثم ينظر في حكاية المفسرين لهذه الأقوال؛ فإن من المفسرين من يكون القول ظاهراً عنده فيختصر حكاية الأقوال ويجمع بينها باختصار مخل ثم قد يشيع عنه ذلك، وقد يكون لبعض العلماء ما يعذر به لأن اختصاره كان لأجل نقل قدر من المعنى لا إشكال فيه.
ومن ذلك هذا المثال:
قال ابن كثير: (وقوله: {ومن شر النفاثات في العقد} قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك: "يعني السواحر"، قال مجاهد: "إذا رقين ونفثن في العقد").
وهذا الكلام إذا قرأه طالب العلم لأول وهلة قد يفهمُ منه إجماعَ المفسرين على أن المراد بالنفاثات: النساء السواحر، لأنه نقل هذا التفسير عن هؤلاء الأئمة ولم يذكر قولاً غيره.
وهذا الكلام اختصره ابن كثير من تفسير ابن جرير لكنه كان اختصاراً غير دقيق،
- ولعل مما يعتذر له به أن ابن جرير صدر تفسيره للنفاثات بأنهن السواحر ثم قال: (وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل).
ثم أورد آثاراً عن هؤلاء الأئمة، لكن هذه الآثار ليس فيها نص على أن المراد بالنفاثات السواحر إلا ما رواه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
فالحسن البصري قال: (السواحر والسحرة).
وقتادة لما تلا قوله تعالى: {ومن شر النفاثات في العقد} قال: (إياكم وما خالط السحر من هذه الرقى).
ومجاهد قال في تفسير النفاثات: (الرقى في عقد الخيط).
وعكرمة قال: (الأُخَذُ في عُقَد الخيط) الأُخَذ جمع أُخذة ، وهي أخذة السحر.
فهؤلاء كلهم لم ينصوا على أن النفاثات السواحر.
- على أن الإسناد إلى مجاهد وعكرمة فيه جابر بن يزيد الجعفي وهو رافضي متهم بالكذب.
- بل قول الحسن البصري (النفاثات: السواحر والسحرة)، خارج عن هذا القول.
- ومجاهد وعكرمة وقتادة لا يصح أن يُنسب إليهم هذا القول.
- وقول ابن كثير عن مجاهد أنه قال: (إذا رقين ونفثن في العقد) هذا نقل بالمعنى ، وفيه تجوّز أداه إليه اختياره للقول ثم اعتماده وحكايته عن هؤلاء الأئمة ثم تغيير الضمير لأجل أن يتناسب مع ذلك.
ونص كلام مجاهد فيما رواه ابن جرير في تفسير النفاثات: (الرقى في عقد الخيط).
وابن جرير استدل بأقوالهم على أن هذه الآيات في الاستعاذة من شر السحر، وهذا القدر مجمع عليه لا خلاف فيه.
ولعل هذا هو ما فهمه ابن كثير أيضاً، وبذلك يعتذر له فيه، فتكون مسألة شمول لفظ الآية للسحرة من الرجال مسألةً أخرى زائدة على القدر الذي وقع عليه الإجماع.
فابن جرير استدل بأقوال من نقل أقوالهم على أن المراد بالآية الاستعاذة من شر السحرة، وهذا يُخرِج قول المعتزلة الذين ينكرون حقيقة السحر، وقول الفلاسفة الإسلاميين في تفسيرهم للآية كما سيأتي.

وأما هل المراد بالنفاثات النساء السواحر فقط أم هل يشمل اللفظ السواحر والسحرة فهذه مسألة أخرى، وسيأتي بيانها بإذن الله.
والخلاصة أن هذه المسألة وهي المراد بالنفاثات ليس فيها تفسير يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في المراد بالنفاثات، ولا عن أحد من الصحابة.
وأقدم من أُثر عنه أنه تكلم في هذه المسألة اثنان من التابعين هما:
1: الحسن البصري، قال: (السواحر والسحرة).
2: وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال: (السواحر).
وقول الحسن البصري أرجح من قول ابن زيد من هذه الجهة.
لكن قول عبد الرحمن بن زيد اشتهر شهرة كبيرة.
ويمكن الجمع بين القولين بالتخريجين المذكورين آنفاً.
بارك الله فيك وأحسن إليك أستاذة مضاوي.
وينتبه إلى أن قولك بأن المراد بالنفاثات النساء السواحر وأن هذا قول جمهور المفسرين خطأ.
صحيح أن هذا القول له شهرة كبيرة في كتب التفسير لكن لا يعني ذلك أنه القول الراجح وهو حصر اللفظ في النساء دون الرجال.
وقد بين الشيخ حفظه الله الله سبب هذا التفسير بالاحتمالين السابقين وهما أن كلامهم قد يكون من باب التفسير بالمثال أي أن النساء السواحر مثال لما ينفث في العقد، أو أن الخطاب خرج مخرج الغالب فإن أكثر ما يسحر النساء.
وملحوظة أخرى بسيطة، وهو أن يكون التلخيص أخصر من ذلك مع عدم الإخلال بمضمون التلخيص.
بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 9 شعبان 1436هـ/27-05-2015م, 05:08 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

أقوال العلماء في المراد بالنفاثات في العقد
مسائل الدرس:
- أقوال المفسرين
1- القول الأول
: دلالة هذا التفسير
2- القول الثاني
: تخريج هذا القول
:سبب شهرته
3- القول الثالث
:الرد عليه .
4- القول الرابع
: قول أقرب منه
- الخلاصة
تلخيص أقوال العلماء
اختلف المفسرون في المراد بـ"النفاثات في العقد" على أقوال:
القول الأول: أن المراد السواحر والسحرة .
هذا قول الحسن البصري رواه الطبري في تفسيره وصححه ابن حجر في فتح الباري.
دلالة هذا التفسير
يدل على أن اللفظ يشمل الذكور والإناث من السحرة.
القول الثاني: المراد النساء السواحر
هذا قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ثم قال به مقاتل بن سليمان والفراء وأبو عبيدة، ثم قال به محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه، ثم صدَّر به ابن جرير تفسيره للآية.
ثم اشتهر هذا القول شهرة كبيرة في كتب التفسير والحديث وكتب اللغة،
تخريج هذا القول
هذا القول له تخريجان:
التخريج الأول: أنه تفسير بالمثال ،وهولا يعني حصر المراد في المذكور فقط ، فيدخل في معنى الآية السحرة من الرجال كما هو قول الحسن البصري.
التخريج الثاني: أن التأنيث هنا خرج مخرج الغالب، فيتعلق الحكم بالعلة لا بصيغة الخطاب،
فتبين بذلك :
- النفث في العقد هنا المراد به: السحر بإجماع السلف.
- والاستعاذة هنا تشمل سحر الرجال وسحر النساء.
تخريجاً ثالثاً لا يصح ، ذكره بعض المفسرين :وهو أن المراد بالنفاثات هنا بنات لبيد بن الأعصم على اعتبار أن السورة نزلت بسبب حادثة سَحر النبي صلى الله عليه وسلم
والتحقيق أنه قول باطل لا أصل له، فالذي سحر النبيَّ صلى الله عليه وسلم هو لَبيدُ بن الأعصم وليس بناته، وليس في شيء من الأحاديث والآثار الصحيحة ولا الضعيفة أن الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم بنات لبيد.
القول الثاني وهو أن المراد بالنفاثات في العقد النساء السواحر هو قول جمهور المفسرين.
سبب شهرته
لعل سبب شهرة هذا القول أن ابن جرير صدَّره في تفسيره للآية، وقبله البخاري في صحيحه فسَّر النفاثات بالسواحر.
القول الثالث: أن المراد : النفوس النفاثات، وهذا القول أول من علمته ذكره الزمخشري في الكشاف، وذكره من باب الاحتمال حيث قال: (النفاثات: النساء أو النفوس أو الجماعات السواحر اللاتي يعقدن عقداً في خيوط وينفثن عليها ويرقين).
ثم ذكره الرازي ثم ذكره عدد من المفسرين كأحد الأقوال التي قيلت في تفسير الآية، ورجحه ابن القيم في بدائع الفوائد ومحمد بن عبد الوهاب في اختصاره لتفسير المعوذتين.
فيكون الموصوف هنا محذوفاً ، والتقدير: ومن شر النفوس النفاثات.
وكون الأنفس الخبيثة والأرواح الشريرة مؤثرة في انعقاد السحر حق لا يُدفع، لكن هل هذا هو المراد باللفظ؟
الرد
يظهر -وإن كان اللفظ مؤنثاً-فإنه يبعد لثلاثة أمور:
أولها: أن هذا غير المتبادر إلى الذهن ، وإنما قاد إليه إرادة الهروب من إشكال ورود اللفظ بصيغة المؤنث.ولو كان متبادراً إلى الذهن لوجد من المفسرين طيلة خمسة قرون قبل الزمخشري من يتبادر إلى ذهنه هذا المعنى فيقول به أو يذكره،
ثم إن الزمخشري ذكره احتمالاً
فترقَّى القول بعد قرنين بأن رجَّحه ابن القيم وعدَّه القول المحقق، وابن القيم إمام له قدره في التفسير والعربية والإمامة في الدين لكن هذا القول لا تظهر لي صحته.
الأمر الثاني: أن النفث في العقد هنا نظير الحسد من جهة أن التأثير فيهما من قبل الأنفس ، ومع ذلك ورد لفظ (الحاسد) بصيغة المذكر ، وورد النفث بصيغة المؤنث، فيكون في هذا ما يلزم من التفريق بين المتماثلين، وهو باطل.
الأمر الثالث: أن المعهود في خطاب الشرع إسناد الفعل للشخص لا للنفس.
القول الرابع: {النفاثات} الجماعات التي تنفث، والتأنيث لأجل الجماعة مستعمل في اللغة صحيح، وأوّل من ذكر هذا القول الزمخشري في تفسيره حيث قال: (النفاثات: النساء أو النفوس أو الجماعات السواحر).
فهو ذكر هذه الاحتمالات الثلاث لأنها هي المعاني التي يمكن أن يؤنث اللفظ لأجلها.
لكن هذا القول فسّره الرازي تفسيراً فيه بُعْد فقال: (لأنه كلما كان اجتماع السحرة على العمل الواحد أكثر كان التأثير أشد). وهذا التعليل اشتهر في كتب التفسير المتأخرة التي تنقل كثيراً عن الرازي والزمخشري.
ولا ينكر أن اجتماع السحرة على العمل من أسباب قوة تأثيره، لكن كون هذا هو المراد بعيد لأنه يُخرج إرادة عمل الفرد منهم وهو كثير جداً، وما يجتمع عليه السحرة من العمل قليل جداً في جنب ما ينفرد به كل ساحر.
:الأقرب من هذا القول
والأقرب منه أن يكون الجمع لأجل طوائف ما ينفث.
فالسحرة الرجال ينفثون ويعقدون، والسواحر من النساء ينفثن ويعقدن، وسحرة الجن ينفثون وبعقدون، والشياطين تنفث وتعقد كما صحّ في الحديث،
قال الشيخ عبد العزيز الداخل حفظه الله:
وهذا القول الذي يظهر لي أنه صحيح لغةً ، لكن لم أر من نصَّ عليه من المتقدمين في تفسير الآية، لكن يغني عن النص على ذلك اجتماعهم على أن هذه الآية تشتمل على الاستعاذة من شرّ كل سحر نفث فيه وعُقد. .
الخلاصة:
والخلاصة: أن الاستعاذة من شر النفاثات في العقد تشمل الاستعاذة من شرور هؤلاء كلهم، وفي الآية دلالة على كثرة ما ينفث ويعقد، وأن لذلك شرا عظيماً يستدعي الاستعاذة بالله منه.
والله أعلم

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 9 شعبان 1436هـ/27-05-2015م, 05:14 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

جزيت خيرا معلمتي على التوجيهات نفعنا الله بها وسددنا الله وإياكم لكل خير
اعدت التلخيص بانتظار توجيهاتك لاني فعلا يصعب علي الإختصار لأني اشعر إن كل كلمة تؤدي غرض مهم فلعلي أصبت هذه المرة . أحسن الله إليكم كما احسنتم لنا وزادكم رفعة في الدنيا والآخرة.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, تلخيصات

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir