دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 09:18 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي مسائل متفرقة في الممنوع من الصرف


وابنِ على الكسْرِ فَعَالٍ عَلَمَا = مُؤَنَّثًا وَهُوَ نَظيرُ جُشَمَا
عندَ تَميمٍ واصْرِفَنْ ما نُكِّرَا = مِنْ كلِّ ما التعريفُ فيهِ أَثَّرَا
وما يكونُ منهُ مَنقوصًا فَفِي= إعرابِهِ نَهْجَ جَوَارٍ يَقْتَفِي
ولِاضْطِرارٍ أوْ تَناسُبٍ صُرِفْ = ذُو الْمَنْعِ والمصروفُ قدْ لا يَنصَرِفْ


  #2  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 06:47 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


وابنِ على الكَسْرِ فَعَالِ عَلَمَا = مُؤَنَّثاً وَهْوَ نَظِيرُ جُشَمَا([1])
عندَ تَميمٍ واصْرِفَنْ ما نُكِّرَا = مِن كلِّ ما التعريفُ فيه أَثَّرَا ([2])

أيْ: إذا كانَ عَلَمُ المؤنَّثِ على وَزْنِ فَعَالِ؛ كحَذَامِ ورَقَاشِ، فللعَرَبِ فيه مَذهبانِ:
أحَدُهما- وهو مَذهَبُ أهْلِ الْحِجازِ- بِناؤُه على الكسْرِ، فتَقولُ: "هذه حَذامِ، ورَأيتُ حَذامِ، ومَررتُ بحَذَامِ"([3]).
والثاني- وهو مَذهَبُ بني تَميمٍ- إعرابُه كإعرابِ ما لا يَنْصَرِفُ؛ للعَلَمِيَّةِ والعدْلِ، والأصْلُ حاذِمَةٌ وراقِشَةٌ، فعُدِلَ إلى حَذامَ ورَقَاشَ كما عُدِلَ عُمَرُ وجُشَمُ عن عامِرٍ وجاشِمٍ، وإلى هذا أشارَ بقولِهِ: (وَهْوَ نَظيرُ جُشَمَا عندَ تَميمٍ)([4]).
وأشارَ بقولِه: (واصْرِفَنْ ما نُكِّرَا) إلى أنَّ ما كانَ مَنْعُه مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ وعِلَّةٍ أُخْرَى، إذا زَالَتْ عنه العَلَمِيَّةُ بتَنكيرِه صُرِفَ؛ لزَوالِ إِحدى العِلَّتَيْنِ، وبَقاؤُه بعِلَّةٍ واحدةٍ لا يَقْتَضِي مَنْعَ الصرْفِ، وذلك نحوُ: مَعْدِ يكَرِبَ وغَطَفَانَ وفَاطمةَ وإبراهيمَ وأحمدَ وعَلْقَى وعُمرَ أَعلاماً، فهذه ممنوعةٌ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ وشيءٍ آخَرَ، فإذا نَكَّرْتَها صَرَفْتَها؛ لزوالِ أحَدِ سَبَبَيْهَا، وهو العَلَمِيَّةُ، فتَقولُ: "رُبَّ مَعْدِ يكَرِبٍ رَأَيْتُ"، وكذا الباقي.
وتَلَخَّصَ مِن كلامِه أنَّ العَلَمِيَّةَ تَمْنَعُ الصرْفَ معَ التركيبِ، ومعَ زِيادةِ الألِفِ والنونِ، ومعَ التأنيثِ، َومع العُجْمَةِ، ومعَ وزْنِ الفعْلِ، ومعَ ألِفِ الإلحاقِ المقصورةِ، ومعَ العَدْلِ.
وما يكونُ مِنْهُ مَنْقُوصاً ففي = إعرابِهِ نَهْجَ جَوَارٍ يَقْتَفِي ([5])
كلُّ مَنقوصٍ كانَ نَظيرُه مِن الصحيحِ الآخِرِ مَمنوعاً مِن الصرْفِ يُعامَلُ مُعامَلَةَ جَوارٍ في أنَّه يُنَوَّنُ في الرفْعِ والجَرِّ تَنوينَ العِوَضِ ويُنصَبُ بفَتحةٍ مِن غيرِ تَنوينٍ، وذلك نحوُ: قاضٍ -عَلَمَ امرأةٍ- فإنَّ نَظيرَه مِن الصحيحِ ضارِبُ علَمَ امرأةٍ، وهو ممنوعٌ مِن الصرْفِ؛ للعَلَمِيَّةِ والتأنيثِ، فقاضٍ كذلك ممنوعٌ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ والتأنيثِ، وهو مُشَبَّهٌ بجوارٍ مِن جِهَةِ أنَّ في آخِرِه ياءً قَبْلَها كَسرةٌ، فيُعامَلُ مُعامَلَتَه، فتقولُ: "هذه قاضٍ، ومَرَرْتُ بِقَاضٍ، ورَأَيْتُ قَاضِيَ"؛ كما تقولُ: "هؤلاءِ جَوارٍ، ومَررتُ بِجَوارٍ، ورَأيتُ جَوارِيَ".

ولاضْطِرَارٍ أو تَناسُبٍ صُرِفْ = ذو الْمَنْعِ والمصروفُ قد لا يَنْصَرِفْ([6])
يَجُوزُ في الضرورةِ صَرْفُ ما لا يَنْصَرِفُ؛ وذلك كقولِه:
320- تَبَصَّرْ خَلِيلِي هل تَرَى مِن ظَعَائِنٍ؟ ([7])
وهو كَثيرٌ، وأَجْمَعَ عليه البَصرِيُّونَ والكُوفِيُّونَ، ووَرَدَ أيضاً صرْفُه للتَّنَاسُبِ؛ كقولِه تعالَى: (سَلاَسِلاً وَأَغْلاَلاً وسَعيراً)، فصَرَفَ سَلاسِلَ لِمُنَاسَبَةِ ما بعدَه، وأمَّا مَنْعُ الْمُنصَرِفِ مِن الصرْفِ للضرورةِ فأَجَازَه قَومٌ ومَنَعَه آخَرونَ، وهم أكثَرُ البَصرِيِّينَ، واستَشْهَدُوا لِمَنْعِه بقولِه:
321- ومِمَّن وَلَدُوا عامِـ = ـرُ ذُو الطُّولِ وذو العَرْضِ ([8])
فمَنَعَ (عامِرُ) مِن الصرْفِ، وليسَ فيه سِوَى العَلَمِيَّةِ، ولهذا أشارَ بقولِه: (والمصروفُ قد لا يَنصَرِفْ).


([1]) (وابْنِ) فعْلُ أمْرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقديرُه: أنتَ، (على الكسْرِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بابْنِ، (فَعَالَ) مفعولٌ به لابْنِ، (عَلَمَا) حالٌ مِن فَعَالِ، (مؤنَّثاً) حالٌ ثانيةٌ، أو وَصْفٌ للأُولَى، (وَهْوَ) مُبتدَأٌ، (نَظيرُ) خبَرُ المبتَدَأِ، ونَظيرُ مُضافٌ و(جُشَمَا) مُضافٌ إليه.

([2]) (عِنْدَ) ظرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بنَظيرُ في البيتِ السابِقِ، وعندَ مُضافٌ و(تَميمٍ) مُضافٌ إليه، (واصْرِفَن) اصْرِفَ: فعْلُ أمْرٍ مبنيٌّ على الفتْحِ؛ لاتِّصَالِه بنونِ التوكيدِ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقديرُه: أنتَ، (ما) اسمٌ موصولٌ: مفعولٌ به لاصرِفْ، (نُكِّرَا) نُكِّرَ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمَجهولِ، والألِفُ للإطلاقِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جَوازاً تَقديرُه: هو، يَعودُ إلى ما الموصولةِ، والجُملةُ لا مَحَلَّ لها صِلَةُ ما الموصولةِ، (مِن كلِّ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٌ مِن (ما) الموصولةِ الواقِعَةِ مَفعولاً، وكلِّ مُضافٌ و(ما) اسمٌ موصولٌ: مُضافٌ إليه، (التعريفُ) مُبتدَأٌ، (فيه) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بـ (أَثَّرَا) الآتي، (أَثَّرَا) أثَّرَ: فعْلٌ ماضٍ، والألِفُ للإطلاقِ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه يعودُ إلى التعريفُ، والجُملةُ مِن أَثَّرَ وفاعلِه في مَحَلِّ رفْعٍ خَبَرُ المبتَدَأِ، وجُملةُ المبتدَأِ والخبَرِ لا مَحَلَّ لها صِلَةٌ.

([3]) وعلى ذلك جاءَ قولُ الشاعِرِ، وهو الشاهِدُ رَقْمُ 16 السابِقُ:
إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا = فَإِنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامِ
وقولُ النابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ:
أتَارِكَةٌ تَدَلُّلَهَا قَطَامِ = وضَنًّا بالتحِيَّةِ والسلامِ

وقولُ جُذَيْمَةَ الأَبْرَشِ:
خَبِّرِينِي رَقَاشِ لا تَكْذِبِينِي = أَبِحُرٍّ زَنَيْتِ أمْ بِهَجِينِ
وقولُ الْجَعْدِيِّ، وأَنْشَدَه ابنُ السِّكِّيتِ (الألفاظ 18):
أَهانَ لها الطعامَ فلم تُضِعْهُ = غَداةَ الرَّوْعِ إذ أَزَمَتْ أَزَامِ
أَزامِ: علَمٌ على السنَةِ الْمُجدِبَةِ، وقد سَمَّوْها "تَحُوطَ" أيْضاً، وقالوا في مَثَلٍ مِن أمثالِهم: "بَاءَتْ عَرَارِ بكَحْلَ" وعَرارِ وكَحْلُ: بَقَرَتَانِ انْتَطَحَتَا فمَاتَتَا جَميعاً، والمثَلُ يُضرَبُ لكلِّ مُسْتَوِيَيْنِ أحَدُهما بإزاءِ الآخَرِ، وقد بَنَوْا "عَرَارِ" على الكسْرِ، وجَرُّوا "كَحْلَ" بالفتحةِ؛ لأنه عَلَمٌ مُؤَنَّثٌ، وانْظُر ِالْمَثَلَ رَقْمَ 428 في مَجْمَعِ الأمثالِ 1 / 91 بتَحقيقِنا.

([4]) وعلى هذه اللُّغَةِ وَرَدَ قولُ الفَرَزْدَقِ، وهو تَميمِيٌّ:
نَدِمْتُ نَدامَةَ الكُسَعِيِّ لَمَّا = غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوَارُ
ولو أَنِّي مَلَكْتُ يَدِي ونَفْسِي = لَكَانَ إِلَيَّ للقَدَرِ الْخِيَارُ

([5]) (وما) اسمٌ موصولٌ: مُبتَدَأٌ، (يكونُ) فعْلٌ مُضارِعٌ ناقصٌ، واسمُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جَوازاً تَقديرُه: هو، يعودُ إلى ما الموصولةِ الواقِعَةِ مُبتدأً، (منه) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بيَكونُ، (مَنقوصاً) خَبَرُ يَكونُ، والجُملةُ مِن يكونُ واسْمِه وخَبَرِه لا مَحَلَّ لها مِن الإعرابِ صِلَةُ الموصولِ، (ففي إعرابِهِ) الفاءُ زائدةٌ، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: (يَقْتَفِي) الآتي، وإعرابِ مُضافٌ والهاءُ مُضافٌ إليه، (نَهْجَ) مفعولٌ به مقَدَّمٌ لِيَقْتَفِي، ونَهْجَ مُضافٌ و(جَوارٍ) مُضافٌ إليه، (يَقْتَفِي) فعْلٌ مُضارِعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوازاً تَقديرُه: هو، يَعودُ إلى ما الموصولةِ الواقِعَةِ مُبتدأً في أوَّلِ البيتِ، والجُملةُ مِن الفعْلِ الذي هو (يَقْتَفِي) وفاعلِه المستَتِرِ فيه ومفعولِه الْمُقَدَّمِ عليه في مَحَلِّ رفْعٍ خَبَرُ المبتَدَأِ.

([6])، (لاضْطِرَارٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: (صُرِف) الآتي، (أو تَنَاسُبٍ) مَعطوفٌ على اضْطِرَارٍ، (صُرِفْ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمَجهولِ، (ذو) نائبُ فاعِلِ صُرِفْ، وذو مُضافٌ و(المنْعِ) مُضافٌ إليه، (والمصروفُ) مُبتدَأٌ، (قد) حرْفُ تَقليلٍ، (لا) نَافِيَةٌ، (يَنْصَرِفْ) فعْلٌ مُضارِعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جَوازاً تَقديرُه: هو، يعودُ إلى المصروفُ، والجُملةُ مِن يَنصرِفُ المنفيِّ بلا وفاعلِه في مَحَلِّ رفْعٍ خَبَرُ المبتَدَأِ.

([7]) 320 - هذا صَدْرُ بيتٍ يَقَعُ في قَصيدةٍ لامْرِئِ القَيْسِ بنِ حُجْرٍ الكِنديِّ، وعَجُزُه:
سَوَالِكَ نَقْباً بينَ حَزْمَيْ شَعَبْعَبِ
اللغةُ: (تَبَصَّرْ) تأَمَّلْ وتَعَرَّفْ، (ظَعائِنٍ) جَمْعُ ظَعينةٍ، والمرادُ بها هنا امرأةٌ، وقد مَرَّ إيضاحُ أصْلِ مَعناهَا في شَرْحِ الشاهِدِ رَقْمِ 284.
"سوَالِكَ" جَمْعُ سالِكَةٍ، وهي السائرةُ، (نَقْباً) هو الطريقُ في الجبَلِ، (حَزْمَيْ) تَثْنِيَةُ حَزْمٍ، بفَتْحٍ فسُكونٍ، وهو والحَزْنُ: ما غَلُظَ مِن الأرْضِ، (شَعَبْعَبِ) بزِنَةِ سَفَرْجَلٍ: اسمُ مَوْضِعٍ، وقيلَ: اسمُ ماءٍ.
الإعرابُ: (تَبَصَّرْ) فعْلُ أمْرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقديرُه: أنتَ، (خَلِيلِي) خَليلِ: مُنادًى بحرْفِ نداءٍ مَحذوفٍ؛ أيْ: يا خَلِيلِي، وخليلُ مُضافٌ وياءُ المتكلِّمِ مُضافٌ إليه، (هل) حرْفُ استفهامٍ، (تَرَى) فعْلٌ مُضارِعٌ مرفوعٌ بضمَّةٍ مقدَّرَةٍ على الألِفِ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقديرُه أنتَ، (مِن) حرْفُ جَرٍّ زائدٌ، (ظعائِنٍ) مفعولٌ به لِتَرَى، منصوبٌ بفَتحةٍ مُقَدَّرَةٍ على آخِرِه، مَنَعَ مِن ظُهورِها اشتغالُ الْمَحَلِّ بحَركةِ حرْفِ الجَرِّ الزائدِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (ظَعائنٍ)؛ حيثُ صَرَفَه فجَرَّهُ بالكسرَةِ ونَوَّنَه، معَ أنَّه على صِيغةِ مُنتَهَى الْجُموعِ، والذي دَعَاهُ إلى ذلك احتياجُه لإقامةِ وزْنِ البيتِ، وهذا هو الضرورةُ.
ونَظيرُه قولُ الراعي، وصَدْرُه هو صَدْرُ بيتِ امرئِ القَيْسِ:
تَبَصَّرْ خَلِيلِي هل تَرَى مِن ظَعَائِنٍ = تَجَاوَزْنَ مَلْحُوباً فقِلْنَ مُتَالِعَا

([8]) 321 - البيتُ لذي الإِصْبَعِ العَدْوَانِيِّ، واسْمُه حُرْثَانُ بنُ الحارِثِ بنِ مُحَرِّثٍ.
اللغةُ: (ذو الطُّولِ وذُو العَرْضِ) كِنايةٌ عن عِظَمِ جِسْمِه، وعِظَمُ الجسْمِ ممَّا يَتَمَدَّحُ العرَبُ به، وانْظُرْ إلى قولِ الشاعِرِ، وهو مِن شَواهِدِ النُّحاةِ في بابِ الإبدالِ:
تَبَيَّنَ لي أنَّ القَماءَةَ ذِلَّةٌ = وأنَّ أَعِزَّاءَ الرجالِ طِيَالُها

الإعرابُ: (مِمَّن) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرٌ مقَدَّمٌ، (وَلَدُوا) فعْلٌ ماضٍ وفاعلُه، والجُملةُ لا مَحَلَّ لها مِن الإعرابِ صِلَةُ (مَن) الموصولةِ المجرورةِ مَحَلاًّ بمِن، والعائدُ ضميرٌ مَنصوبٌ بوَلَدَ محذوفٌ، وتَقديرُ الكلامِ: وعامِرُ مِمَّن وَلَدُوه، (عامرُ) مُبتدأٌ مؤَخَّرٌ، (ذو) نعْتٌ لعامِرُ، وذو مُضافٌ و(الطُّولِ) مُضافٌ إليه، (وذو) الواوُ عاطِفَةٌ, ذو: مَعطوفٌ على ذو السابِقِ, و(العَرْضِ) مُضافٌ إليه.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (عامِرُ) بلا تَنوينٍ؛ حيث مَنَعَه مِن الصرْفِ معَ أنَّه ليسَ فيه مِن مَوانِعِ الصرْفِ سِوَى العلَمِيَّةِ، وهي وَحْدَها غيرُ كافِيَةٍ في المنْعِ مِن الصرْفِ، بل لا بُدَّ مِن انضمامِ عِلَّةٍ أُخرى إليها؛ ليكونَ اجتماعُهما سَبَباً في منْعِ الاسمِ مِن الصرْفِ.
ومِثلُ هذا البيتِ قولُ العبَّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ:
فما كانَ حِصْنٌ ولا حابِسٌ = يَفُوقَانِ مِردَاسَ في مَجْمَعِ
حيثُ مَنَعَ صَرْفَ "مِرْدَاسَ"، وليسَ فيه سِوَى العَلَمِيَّةِ.
ومِن ذلك أيضاً قولُ الأَخْطَلِ التَّغْلِبِيِّ النَّصرانيِّ مِن كَلِمَةٍ يَمْدَحُ فيها سُفيانَ بنِ الأُبَيْرِدِ:
طَلَبَ الأَزَارِقَ بالكتائِبِ إذ هَوَتْ = بِشَبِيبَ غائِلَةُ النفوسِ غَدُورُ
فإنَّه مَنَعَ (شَبِيبَ) مِن الصرْفِ، معَ أنَّه ليسَ فيه إلاَّ سببٌ واحدٌ، وهو العَلَمِيَّةُ.
ومِن ذلك قولُ دَوْسَرَ القُرَيْعِيِّ:
وقائِلَةٍ: ما بالُ دَوْسَرَ بَعْدَنا = صَحَا قلْبُهُ عن آلِ لَيْلَى وعن هِنْدِ؟

تَمَّ بتوفيقِ اللهِ تعالَى وتَأييدِهِ الجُزْءُ الثالِثُ مِن شَرْحِ ابنِ عَقِيلٍ على أَلْفِيَّةِ إمامِ النُّحَاةِ ابنِ مالِكٍ، معَ حَوَاشِينَا الَّتي أَسْمَيْنَاهَا (مِنْحَةَ الجليلِ بتَحقيقِ شَرْحِ ابنِ عَقيلٍ)، وقد زِدْنَا في هذه الطَّبْعَةِ الخامسةَ عشرةَ زِياداتٍ ذاتَ بالٍ، رَأَيْنَا أنَّ طالِبَ العلْمِ لا يَستغنِي عنها، معَ بَذْلِ أَقْصَى المجهودِ في ضَبْطِه وإتقانِ إخراجِه، ويَلِيهِ إنْ شاءَ اللهُ تعالَى الجزءُ الرابِعُ، مفْتَتَحاً ببابِ (إعرابِ الفعْلِ)، نَسألُه سُبْحَانَهُ أنْ يَمُنَّ بإكمالِه على الوَجْهِ الذي رَسَمْنَاهُ له، إنَّه وَلِيُّ ذلك، وهو حَسْبُنا ونِعْمَ الوَكيلُ.


  #3  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 06:47 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


الرابِعُ: فَعَالِ عَلَماً لِمُؤَنَّثٍ؛ كـ (حَذَامِ) و(قَطَامِ) في لغةِ تَمِيمٍ؛ فإنَّهم يَمْنَعُونَ صَرْفَه، فقالَ سِيبَوَيْهِ: لِلْعَلَمِيَّةِ والعَدْلِ عن فاعِلَةٍ. وقالَ المُبَرِّدُ: لِلْعَلَمِيَّةِ والتأنيثِ المعنويِّ؛ كـ (زَيْنَبَ)، فإنْ خُتِمَ بالراءِ؛ كـ (سَفَارِ) اسماً لماءٍ، وكـ (وَبَارِ) اسماً لقبيلةٍ بَنَوْهُ على الكسرِ، إلاَّ قليلاً مِنهم، وقدِ اجْتَمَعَتِ اللُّغَتَانِ في قَوْلِهِ:
481- أَلَمْ تَرَوْا إِرَماً وَعَادَا = أَوْدَى بِهَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ
ومَرَّ دَهْرٌ عَلَى وَبَارِ = فَهَلَكَتْ جَهْرَةً وَبَارُ([1])
وأهلُ الحِجَازِ يَبْنُونَ البابَ كُلَّه على الكسرِ؛ تَشْبِيهاً له بِنَزَالِ؛ كقولِهِ:
482- إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا = فَإِنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامِ([2])
الخامِسُ: (أَمْسِ) مراداً به اليومُ الذي يَلِيهِ يَوْمُكَ، ولم يُضَفْ ولم يُقْرَنْ بالألفِ واللامِ، ولم يَقَعْ ظَرْفاً؛ فإنَّ بعضَ بَنِي تَمِيمٍ تَمْنَعُ صَرْفَه مُطْلَقاً؛ لأنَّه مَعْدُولٌ عن الأَمْسِ؛ كقولِهِ:
483- لَقَدْ رَأَيْتُ عَجَباً مُذْ أَمْسَا([3])
وجُمْهُورُهُم يَخُصُّ ذلكَ بحالةِ الرفعِ؛ كقولِهِ:
484- اعْتَصِمْ بِالرَّجَاءِ إِنْ عَنَّ بَأْسُ = وَتَنَاسَ الَّذِي تَضَمَّنَ أَمْسِ([4])
والحِجَازِيُّونَ يَبْنُونَهُ على الكسرِ مُطْلَقاً على تقديرِه مُضَمَّناً مَعْنَى اللامِ، قالَ:
485- وَمَضَى بِفَصْلِ قَضَائِهِ أَمْسِ([5])
والقوافي مَجْرُورَةٌ.
فإنْ أَرَدْتَ بأمسِ يَوْماً مِن الأيَّامِ الماضيةِ مُبْهَماً أو عَرَّفْتَه بالإضافةِ أو بالأداةِ فهو مُعْرَبٌ إجماعاً، وإنِ اسْتَعْمَلْتَ المُجَرَّدَ المرادَ به مُعَيَّنٌ ظَرْفاً فهو مبنيٌّ إجماعاً.

فَصْلٌ: يَعْرِضُ الصرفُ لغيرِ المُنْصَرِفِ لأحدِ أربعةِ أسبابٍ([6]):
الأوَّلُ: أنْ يكونَ أحدُ سَبَبَيْهِ العَلَمِيَّةَ، ثُمَّ يُنَكَّرُ، تقولُ: (رُبَّ فَاطِمَةٍ وعِمْرَانٍ وعُمَرٍ ويَزِيدٍ وإِبْرَاهِيمٍ ومَعْدِ يَكْرِبٍ وأَرْطًى).
ويُسْتَثْنَى من ذلك ما كانَ صِفَةً قبلَ العَلَمِيَّةِ؛ كـ (أَحْمَرَ) و(سَكْرَانَ)، فسِيبَوَيْهِ يُبْقِيهِ غيرَ مُتَصَرِّفٍ، وخَالَفَه الأَخْفَشُ في الحَوَاشِي ووَافَقَهُ في الأَوْسَطِ([7]).
الثاني: التصغيرُ المُزِيلُ لأَحَدِ السببيْنِ؛ كـ (حُمَيْدٍ) و(عُمَيْرٍ) في أحمدَ وعُمَرَ، وعكسُ ذلك نحوُ: (تِحْلِئٍ) علماً؛ فإنَّه يَنْصَرِفُ مُكَبَّراً ولا يَنْصَرِفُ مُصَغَّراً لاستكمالِ العلتيْنِ بالتصغيرِ([8]).
الثالثُ: إرادةُ التناسُبِ؛ كقراءةِ نافعٍ والكِسَائِيِّ: (سَلاَسِلاً)([9])، و(قَوَارِيراً)([10])، وقراءةِ الأعمشِ: (وَلاَ يَغُوثاً وَيَعُوقاً وَنَسْراً)([11]).
الرابِعُ: الضرورةُ؛ كقولِهِ:
486- وَيَوْمَ دَخَلْتُ الْخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ([12])
وعن بعضِهم اطِّرَادُ ذلك في لُغَةٍ([13]).
وأجازَ الكُوفِيُّونَ([14]) والأَخْفَشُ والفَارِسِيُّ للمُضْطَرِّ أنْ يَمْنَعَ صَرْفَ المُنْصَرِفَ، وأباه سائِرُ البَصْرِيِّينَ، واحْتُجَّ عليهم بنحوِ قولِهِ:
487- طَلَبَ الأَزَارِقَ بِالْكَتَائِبِ إِذْ هَوَتْ = بِشَبِيبَ غَائِلَةُ النُّفُوسِ غَدُورُ([15])
وعن ثَعْلَبٍ أنه أجازَ ذلك في الكلامِ.
فصلٌ: المنقوصُ المُسْتَحِقُّ لمنعِ الصرفِ إنْ كانَ غيرَ عَلَمٍ حُذِفَتْ ياؤُه رفعاً وجرًّا، ونُوِّنَ باتِّفَاقٍ؛ كـ (جَوَارٍ) و(أُعَيْمٍ)، وكذا إن كانَ عَلَماً؛ كـ (قاضٍ) عَلَمَ امْرَأَةٍ، وكـ (يَرْمِي) عَلَماً، خِلافاً لِيُونُسَ وعِيسَى([16]) والكِسَائِيِّ؛ فإنَّهم يُثْبِتُونَ الياءَ ساكنةً رَفعاً ومفتوحةً جرًّا، كما في النصبِ؛ احْتِجَاجاً بقولِهِ:
488- قَدْ عَجِبَتْ مِنِّي وَمِنْ يُعَيْلِيَا([17])
وذلك عندَ الجمهورِ ضَرُورَةٌ؛ كقولِهِ في غيرِ العَلَمِ:
489- ولكنَّ عَبْدَ اللهِ مَوْلَى مَوَالِيَا([18])


([1]) 481-هذا الشاهدُ مِن كلامِ الأَعْشَى مَيْمُونَ بنِ قَيْسٍ، وهو من شواهدِ سِيبَوَيْهِ (ج2 ص41) والبيتانِ غيرُ مُتَّصِلَيْنِ في القصيدةِ، وإنما صَوَابُ الإنشادِ هكذا:
أَلَمْ تَرَوْا إِرَماً وَعَادَا = أَوْدَى بِهَا الليلُ والنهارُ
وقَبْلَهُمْ غَالَتِ المَنَايَا = طَسْماً فَلَمْ يُنْجِهِ الحِذَارُ
وحَلَّ بالحيِّ مِن جَدِيسٍ = يومٌ مِنَ الشَّرِّ مُسْتَطَارُ
وأهلُ جَوٍّ أَتَتْ عَلَيْهِمْ = وأَفْسَدَتْ عَيْشَهُمْ فَبَارُوا
فصَبَّحَتْهُمْ مِنَ =الدَّاوَاهِي = نَائِحَةٌ عُقْبُهَا الدمارُ
ومَرَّ دهرٌ عَلَى وَبَارِ = فَهَلَكَتْ جَهْرَةٌ وَبَارُ
اللغةُ: (وَبَارُ) اسمُ أَمَةٍ قديمةٍ مِن العربِ البائدةِ كانَتْ تَسْكُنُ أرضاً بينَ اليمنِ ورِمَالِ يَبْرِينَ، وسُمِّيَتْ هذه الأرضُ وَبَارُ باسمِ سُكَّانِهَا، ثُمَّ لَمَّا هَلَكَتْ هذه الأُمَّةُ كما هَلَكَتْ عادٌ وثَمُودُ وطَسْمٌ وجَدِيسٌ أَضْحَتْ أَرْضُها خَرَاباً يَبَاباً، فعَزَّ سُلُوكُها وخِيفَ طُرُوقُها، حتى اعْتَقَدَ الناسُ فيما بعدُ أنَّ الجِنَّ تَسْكُنُ هذه الأرضَ.
الإعرابُ: (أَلَم) الهمزةُ للاستفهامِ، لم: حرفُ نفيٍ وجزمٍ وقلبٍ، (تَرَوْا) فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ بلم، وعلامةُ جَزْمِهِ حذفُ النونِ، وواوُ الجماعةِ فاعلُه، (إِرَماً) مفعولٌ به أوَّلُ لِتَرْوا، (وعاداً) معطوفٌ عليه، (أَوْدَى) فعلٌ ماضٍ، (بها) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِهِ: أَوْدَى، (الليلُ) فاعلُ أَوْدَى، (والنهارُ) معطوفٌ عليه، (ومرَّ) الواوُ حرفُ عطفٍ، مَرَّ: فعلٌ ماضٍ، (دَهْرٌ) فاعلُ مَرَّ، (على) حرفُ جرٍّ، (وَبَارِ) مجرورٌ بِعَلَى، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بمَرَّ، (فَهَلَكَتْ) محذوفٌ، نَظِيرُ قَوْلِهِم: قَعَدَ فلانٌ القُرْفُصَاءَ، والعَيْنِيُّ يُعْرِبُه حالاً، نَظِيرُ قَوْلِهِم: طَلَعَ زيدٌ بَغْتَةً، (وَبَارُ) فاعلُ هَلَكَتْ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (وَبَارِ) في آخِرِ الشطرِ الأوَّلِ مِن البيتِ الثاني، وفي قَافِيَةِ ذلك البيتِ؛ فإنَّه في المَوْضِعِ الأوَّلِ بَنَاهُ على الكسرِ كما هو لغةُ الحِجَازِيِّينَ، وأكثرِ بني تَمِيمٍ، ثمَّ أَعْرَبَه في الموضعِ الثاني إعرابَ ما لا يَنْصَرِفُ، فرَفَعَه بالضمَّةِ لَمَّا اضْطَرَّ إلى ذلك.
وزَعَمَ قومٌ أنَّ الثانيةَ لَيْسَتْ عَلَماً، بل هي فعلٌ ماضٍ مُسْنَدٌ لواوِ الجماعةِ، والجملةُ معطوفةٌ بالواوِ على جملةِ هَلَكَتْ، ومِن حَقِّها على هذا أنْ تُرْسَمَ هكذا: (فهَلَكَتْ جَهْرَةً وَبَارُوا).

([2]) 482- نَسَبَ بعضُهم هذا الشاهِدَ لِدَيْسَمَ بنِ طَارِقٍ أَحَدِ شُعَرَاءِ الجاهليَّةِ، والصوابُ أنه =للجيمِ بنِ صَعْبٍ، والدِ حَنِيفَةَ =وعجلٍ. وحَذَامِ: امْرَأَتُه، قالَه ابنُ مَنْظُورٍ في (لِسَانِ العربِ) (مادَّةُ رَقَشَ).
اللغةُ: (حَذَامِ) اسمُ امرأةٍ، قالَ السُّيُوطِيُّ: هي حَذَامِ بنتُ الْيَانِ بنِ جِسْرِ بنِ تَمِيمٍ، ويقالُ: هي امرأةٌ مِن عَنْزَةَ وأبوها العُتَيْكِ بنُ أَسْلَمَ بنِ يَذْكُرُ بنِ عَنْزَةَ.
الإعرابُ: (إذا) ظرفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِن الزمانِ، (قَالَتْ) قالَ: فعلٌ ماضٍ، والتاءُ للتأنيثِ، (حَذَامِ) فاعلُ قالَتْ مَبْنِيٌّ على الكسرِ في مَحَلِّ رفعٍ، والجملةُ مِن الفعلِ وفاعلِه في مَحَلِّ جرٍّ بإضافةِ إذا إليها، (فَصَدِّقُوهَا) الفاءُ واقعةٌ في جوابِ إذا، صَدِّقُوا: فِعْلُ أمرٍ مَبْنِيٌّ على حذفِ النونِ، وواوُ الجماعةِ فاعلُه، وضميرُ الغائبةِ العائدُ إلى حَذَامِ مفعولٌ به، والجملةُ لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ جوابُ إذا، (فإنَّ) الفاءُ حرفٌ دَالٌّ على التعليلِ، إنَّ: حرفُ توكيدٍ ونصبٍ، (القَوْلَ) اسمُ إنَّ (ما) اسمٌ موصولٌ خبرُ إنَّ، (قَالَتْ) قالَ: فعلٌ ماضٍ، والتاءُ حَرْفٌ دالٌّ على التأنيثِ، (حَذَامِ) فاعلُ قالَتْ، مَبْنِيٌّ على الكسرِ في مَحَلِّ رفعٍ، وجملةُ الفعلِ وفاعلِه لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ صِلَةُ الموصولِ، والعائدُ ضميرٌ منصوبٌ بقالَ؛ أي: فإنَّ القولَ هو الذي قَالَتْهُ حَذَامِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (حَذَامِ) في الموضعيْنِ؛ فإنَّه مَبْنِيٌّ على الكسرِ على لغةِ أهلِ الحجازِ، ولو أنه أَعْرَبَهُ إعرابَ ما لا يَنْصَرِفُ لَرَفَعَه؛ لأنَّه وَقَعَ فاعلاً، وقد دَلَّتْ قوافي القصيدةِ على أنَّ الثانيةَ مكسورةٌ، فهي التي تَدُلُّ دَلالةً ظاهرةً على المقصودِ، والأُولَى محمولةٌ عليها.

([3]) 483- هذا الشاهِدُ مِمَّا لم أَقِفْ على نِسْبَتِه إلى قائلٍ مُعَيَّنٍ، وهو من شواهدِ سِيبَوَيْهِ (ج1 ص44)، والذي ذَكَرَه المؤلِّفُ ههنا بَيْتٌ مِن الرَّجَزِ المشطورِ، وبعدَه قولُه:
*عَجَائِزاً مِثْلَ السَّعَالِي خَمْسَا*

اللغةُ: (لَقَدْ رَأَيْتُ) يُرْوَى: (إنِّي رَأَيْتُ)، (عَجَباً) انْظُرْ في معنى العَجَبِ ما قَدَّمْنَاهُ في شرحِ الشاهدِ رَقْمِ 448، (عَجَائِزاً) جمعُ عَجُوزٍ، وهي من النساءِ المرأةُ التي هَرِمَتْ وشَاخَتْ، (السَّعَالِي) جمعُ سِعْلاَةٍ – بكسرِ السينِ وسكونِ العينِ – وهي الغُولُ، والعربُ تُشَبِّهُ كلَّ ما يَبْعَثُ الرُّعْبَ والخوفَ في النفوسِ بالغُولِ، ولا يَزَالُ هذا التشبيهُ جارِياً على أَلْسِنَةِ العامَّةِ في مِصْرَ.
وروايةُ الأَعْلَمِ:
*عَجَائَزِاً مِثْلَ الأَفَاعِي خَمْسَا*

الإعرابُ: (إِنِّي) إنَّ: حرفُ تَوْكِيدٍ ونصبٍ، وياءُ المُتَكَلِّمِ اسمُه مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ نصبٍ، (رَأَيْتُ) فعلٌ وفاعلٌ، (عَجَباً) مفعولٌ به لِرَأَيْتُ، والجملةُ مِن الفعلِ الماضِي وفاعلِه ومفعولِه في مَحَلِّ رفعٍ خبرُ إنَّ، (مُذْ) حرفُ جَرٍّ، (أَمْسَا) ظرفُ زمانٍ مجرورٌ بِمُذْ، وعلامةُ جَرِّهِ الفتحةُ نِيَابَةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه لا يَنْصَرِفُ للعَلَمِيَّةِ والعَدْلِ، ومَن رَوَى: (لقد رَأَيْتُ)؛ كالمؤلِّفِ هنا، فاللامُ عِنْدَه واقعةٌ في جوابِ قَسَمٍ مُقَدَّرٍ، والتقديرُ: واللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ، وقد: حرفُ تحقيقٍ، ورأيتُ: فعلٌ وفاعلٌ، وعَجَبًا: مفعولٌ به، والجملةُ من الفعلِ وفاعلِه =ومفعول لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ جوابُ القَسَمِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (مُذْ أَمْسَا)؛ فإنَّه مجرورٌ بالفتحةِ نِيَابَةً عن الكسرةِ، فدَلَّ على أنَّ قَوْماً مِن العربِ يُعَامِلُونَ هذا اللفظَ معاملةَ الاسمِ الذي لا يَنْصَرِفُ في أحوالِه كُلِّها.
ومِن الناسِ مَن قالَ: إنَّ (أَمْسَا) في البيتِ فعلٌ ماضٍ، والتقديرُ: (مُذْ أَمْسَى الْمَسَاءُ)، وأنتَ خَبِيرٌ أنَّ الرَّسْمَ لا يَحْتَمِلُ هذا التأويلَ؛ لأنَّه يَقْتَضِي كتابَةَ الكَلِمَةِ بالياءِ؛ لأنَّ الألِفَ رَابِعَةٌ.

([4]) 484- ولم أَقِفْ على نِسْبَةِ هذا الشاهِدِ إلى قائلٍ مُعَيَّنٍ، وهو بيتٌ مِن الخَفِيفِ.
اللغة: (اعْتَصِمْ) تقولُ: اعْتَصَمَ فلانٌ بكذا، تُرِيدُ أنه اسْتَمْسَكَ به وجَعَلَه عِصْمَةً له يَرْجِعُ إليه عندَ الشِّدَّةِ، والمرادُ هنا الأمرُ بالثِّقَةِ، والتأكُّدُ مِن حُدُوثِ الفَرَجِ بعدَ الضِّيقِ، وعدمُ الاستسلامِ إلى القُنُوطِ واليأسِ مِن تَبَدُّلِ الأحوالِ، (الرَّجَاءُ) =هو الأمرُ وتَوَقُّعُ حصولُ ما تَطْلُبُه وتَرَقُّبُهُ، (عَنَّ) ظَهَرَ، ويُرْوَى في مكانِهِ: (عَزَّ) بالزايِ، ومعناه: قَهَرَ وغَلَبَ، ومِنه قولُ الشاعِرِ:
قَطَاةٌ عَزَّهَا شَرَكٌ فَأَضْحَتْ = تُجَاذِبُهُ وَقَدْ عَلِقَ الْجَنَاحُ
(بَأْسُ) بالباءِ الموحَّدَةِ؛ أي: شِدَّةٌ ومَشَقَّةٌ، ويَقَعُ في بعضِ الأُمَّهَاتِ: (يَأْسُ) بالمثنَّاةِ التحتيَّةِ، (تَنَاسَ) معناه تَغَافَلَ. ولا تُلْقِ بَالاً له.
الإعرابُ: (اعْتَصِمْ) فِعْلُ أمرٍ، وفاعلُه ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تقديرُه أنتَ، (بِالرَّجَاءِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِهِ: اعْتَصِمْ، (إنْ) حرفُ شرطٍ جازِمٌ، (عن) فعلٌ ماضٍ فعلُ الشرطِ مَبْنِيٌّ على الفتحِ في مَحَلِّ جَزْمٍ، (بَأْسُ) فاعلُ عن، وجوابُ الشرطِ محذوفٌ يَدُلُّ عليه سابقُ الكلامِ، (وَتَنَاسَ) الواوُ عاطفةٌ، تَنَاسَ: فِعْلُ أمرٍ مَبْنِيٌّ على حذفِ الألفِ، والفتحةُ قبلَها دليلٌ عليها، وفاعِلُه ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تقديرُه أنتَ، (الذي) اسمٌ موصولٌ مفعولٌ به لِتَنَاسَ، (تَضَمَّنَ) فعلٌ ماضٍ، (أَمْسِ) فاعلُه مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، والجملةُ مِن تَضَمَّن وفاعله لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ صِلَةُ الموصولِ، والعائدُ ضميرٌ منصوبٌ يَتَضَمَّنُ =محذوفٌ، وتقديرُ الكلامِ: =وتَنَاسَ تَضَمُّنَه أَمْسِ.
الشاهدُ فيه: قولُه: (تَضَمَّنَ أَمْسِ)؛ فإنَّه مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، فدَلَّ ذلك على أنَّ قوماً مِن العربِ يُعْرِبُونَ هذه الكَلِمَةَ، ولا يَبْنُونَهَا كالحِجَازِيِّينَ.

([5]) 485- قد نَسَبُوا هذا الشاهِدَ لِتُبَّعِ بنِ الأَقْرَنِ، ومنهم مَن يقولُ: هو لأَسْقُفِ نَجْرَانَ، وما ذَكَرَه المؤلِّفُ ههنا عَجُزُ بَيْتٍ مِن الكامِلِ، وصَدْرُهُ قولُه:
*الْيَوْمُ أَعْلَمُ ما يَجِيءُ بِهِ*

اللغةُ: (مَضَى) ذَهَبَ، (بفَصْلِ قَضَائِهِ) أرادَ بِقَضَائِهِ الفاصِلَ؛ أي: القاطِعَ، فالمصدرُ بمعنى اسمِ الفاعِلِ، وإضافتُه لِمَا بَعْدَهُ مِن إضافةِ الصفةِ للموصوفِ.
الإعرابُ: (اليومُ) هو بالرفعِ مبتدأٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، (أَعْلَمُ) فعلٌ مضارِعٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وفاعلُه ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تقديرُه أنا، (ما) اسمٌ موصولٌ مفعولٌ به لأَعْلَمُ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ نصبٍ، (يَجِيءُ) فعلٌ مضارِعٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وفاعلُه ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تقديرُه هو يعودُ إلى اليومُ، (به) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِهِ: يَجِيءُ، وجملةُ يَجِيءُ وفاعِلُه وما تَعَلَّقَ به لا مَحَلَّ لها مِن الإعرابِ؛ صِلَةُ ما الموصولةِ، وجملةُ أَعْلَمُ وفاعلُه ومفعولُه في مَحَلِّ رَفْعٍ خبرُ المبتدأِ، (ومَضَى) الواوُ حرفُ عطفٍ، مَضَى: فعلٌ ماضٍ، (بفَصْلِ) الباءُ حرفُ جرٍّ، فَصْلِ: مجرورٌ بالباءِ، وعلامةُ جَرِّهِ الكسرةُ الظاهرةُ، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَضَى، وفصلِ مضافٌ وقضاءِ مِن (قَضَائِهِ) مضافٌ إليه مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ، وقَضَاءِ مضافٌ وضميرُ الغائبِ العائدُ إلى أمسِ مضافٌ إليه مَبْنِيٌّ على الكسرِ في مَحَلِّ جرٍّ، (أَمْسِ) فاعلُ مَضَى مَبْنِيٌّ على الكسرِ في مَحَلِّ رفعٍ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (أَمْسِ)؛ فإنَّه مكسورٌ معَ أنه في مكانِ المرفوعِ؛ لكونِهِ فاعلاً، فهو يَدُلُّ على أنَّ مِن لغةِ قَوْمٍ مِن العربِ بِنَاءُ هذا اللفظِ على الكسرِ.

([6]) في هذا المسألةِ قولانِ آخرانِ غيرُ القولِ الذي اخْتَارَهُ المؤلِّفُ، والذي حاصِلُه أنه لا يَجُوزُ صَرْفُ الاسمِ الذي اجْتَمَعَ فيه العِلَّتَانِ اللتانِ تَقْتَضِيَانِ مَنْعَهُ من الصرفِ إلاَّ بِسَبَبٍ من هذه الأسبابِ، فأما أحدُ هذين القوليْنِ، فهو أنه يجوزُ صَرْفُ الاسمِ الذي اجْتَمَعَ فيه العِلَّتَانِ المذكورتانِ مُطْلَقاً؛ أي: وُجِدَ واحدٌ مِن هذه الأسبابِ الأربعةِ أو لم يُوجَدْ، وأما القولُ الثاني فحاصلُه أنه يجوزُ صرفُ الاسمِ الذي على صِيغَةِ مُنْتَهَى الجُمُوعِ - وهو المُعَبَّرُ عنه بالجمعِ الذي لا نَظِيرَ له في الآحادِ – في الاختيارِ مُطْلَقاً؛ أي: وُجِدَ أحدُ الأسبابِ المذكورةِ أو لم يُوجَدْ.

([7]) قدْ مَضَى قَوْلُنا في الاسمِ الذي اجْتَمَعَ فيه الوصفيَّةُ والعَدْلُ، ثمَّ زَالَتْ عنه الوصفيَّةُ فسُمِّيَ به، وبَيَّنَّا مَذَاهِبَ النُّحَاةِ فيه، وعِلَّةَ كلِّ قولٍ منها.

([8]) لأنَّه بعدَ التصغيرِ يَصِيرُ (تُحَيْلِيءٌ) على وَزْنِ تَدَحْرَجَ مُضَارِعَ دَحْرَجَ.

([9]) سورةُ الإنسانِ، الآيةُ: 4

([10]) سورةُ الإنسانِ، الآيةُ: 15.

([11]) سورةُ نوحٍ، الآيةُ: 23.

([12]) 486-هذا الشاهدُ مِن كلامِ امْرِئِ القَيْسِ بنِ حُجْرٍ، من مُعَلَّقَتِهِ المشهورةِ التي من بَحْرِ الطويلِ، وقد مَضَى الاستشهادُ بعِدَّةِ أبياتٍ منها، وما ذَكَرَه المؤلِّفُ ههنا صَدْرُ بيتٍ منها، وعَجُزُهُ قولُه:
*فَقَالَتْ: لَكَ الْوَيْلاَتُ إِنَّكَ مُرْجِلِي*
اللغةُ: (الْخِدْرُ) بكسرِ الخاءِ المعجمَةِ وسكونِ الدالِ المهملةِ: أصلُه المَنْزِلُ تُقْصَرُ فيه النساءُ، ومنه قالُوا: (هذه امرأةٌ مُخَدَّرَةٌ)؛ أي: مقصورةٌ في خِدْرِها ومَنْزِلِها لا تَبْرَحُه، ويُكَنُّونَ بهذه العبارةِ عن كَوْنِهَا مخدومةً مَكْفِيَّةً أُمُورِ نَفْسِها، لا تَخْرُجُ لحاجةٍ مِن حَوَائِجِها، وأرادَ امْرُؤُ القيسِ بالخِدْرِ الهَوْدَجَ، وهو أعوادٌ تُنْصَبُ فوقَ قَتَبِ البَعِيرِ، ثمَّ تُرْخَى فَوْقَها سُتُورٌ لِتَكُونَ بداخلِه النساءُ، ويَدُلُّ لهذا ما بعدَ البيتِ مِن أبياتِ القصيدةِ، (عُنَيْزَةُ) بضمِّ العينِ وفتحِ النونِ، بِزِنَةِ التصغيرِ: هو لَقَبُ فاطمةَ ابنةِ عَمِّهِ، وقدْ سَمَّاها باسْمِها في بيتٍ بعدَ ذلك في هذه القصيدةِ، وهو الشاهدُ رَقْمُ 454 الذي مَضَى في شواهدِ بابِ الترخيمِ، (الوَيْلاَتُ) جَمْعُ وَيْلَةٍ – بفتحِ الواوِ وسكونِ الياءِ – وهي العذابُ الشديدُ، (مُرْجِلِي) اسمُ فاعلٍ مضافٌ لياءِ المتكلِّمِ، وفِعْلُه: (أَرْجَلَهُ)؛ أي: صَيَّرَهُ رَاجِلاً؛ أي: ماشياً على رِجْلَيْهِ، ليسَ له مَطِيَّةٌ يَرْكَبُها.
الإعرابُ: (ويومَ) الواوُ حرفُ عطفٍ، يومَ معطوفٌ على ماقبلَه، وهو قولُه في بيتٍ سابقٍ على بيتِ الشاهدِ:
*وَيَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَى مَطِيَّتِي*

(دَخَلْتُ) فعلٌ وفاعلٌ، (الخِدْرَ) مفعولٌ به لِدَخَلْتُ، (خِدْرَ) بَدَلٌ مِن الخِدْرَ، وهو مضافٌ و(عُنَيْزَةٍ) مضافٌ إليه مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ، وجملةُ دَخَلْتُ الخِدْرَ في مَحَلِّ جرٍّ بإضافةِ يومٍ إليها، (فَقَالَت) الفاءُ حرفُ عطفٍ، قالَ: فعلٌ ماضٍ، والتاءُ للتأنيثِ، (لَكَ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرٌ مُقَدَّمٌ، (الْوَيْلاَتُ) مبتدأٌ مُؤَخَّرٌ، والجملةُ في مَحَلِّ نصبِ مقولُ القولِ، (إِنَّكَ) إنَّ: حرفُ تَوْكِيدٍ ونَصْبٍ، والكافُ ضميرُ المخاطَبِ اسمُ إنَّ مَبْنِيٌّ على الفتحِ في مَحَلِّ نصبٍ، (مُرْجِلِي): خبرُ إنَّ، ومُرْجِلَِ مضافٌ وياءُ المتكلِّمِ مضافٌ إليه، والجملةُ لا مَحَلَّ لها؛ تعليليَّةٌ.
الشاهدُ فيه: قولُه: (عُنَيْزَةٍ) حيثُ صَرَفَه حينَ اضْطُرَّ إلى ذلك، معَ كونِهِ عَلَماً لِمُؤَنَّثٍ.

([13]) حَكَى هذه اللغةَ الأَخْفَشَ، وقالَ: كأنها لغةُ الشعراءِ؛ لأنَّهم اضْطُرُّوا إليه في الشِّعْرِ، فجَرَتْ أَلْسِنَتُهُم على ذلك في الكلامِ.

([14]) وَافَقَ أبو مُوسَى الحامِضُ – وهو مِن شيوخِ الكُوفِيِّينَ – علماءَ البصرةِ في هذا الموضوعِ، كما وَافَقَ الأخفشَ وأبو عليٍّ الفارِسِيُّ – وهما من شيوخِ البَصْرِيِّينَ – علماءَ الكوفةِ على ما قد ذَهَبُوا إليه في هذا الموضوعِ.

([15]) 487- هذا الشاهدُ بيتٌ مِن الكامِلِ من كلامِ الأخطلِ التَّغْلِبِيِّ النَّصْرَانِيِّ، مِن كَلِمَةٍ له يَمْدَحُ فيها سُفْيَانَ بنَ =الأبيردَ.
اللغةُ: (الأَزَارِقَ) جمعُ أَزْرَقِيٍّ، وهو المنسوبُ إلى مَذْهَبِ نافعِ بنِ الأَزْرَقِ أحدِ رُؤُوسِ الخوارِجِ، وكانَ مِن حَقِّه أنْ يقولَ: (الأَزَارِقَةَ) كما قالُوا في جمعِ أَشْعَرِيٍّ: أَشَاعِرَةٌ، وفي جمعِ مَهْلَبِيٍّ: مَهَالِبَةٌ؛ لأنَّهم يَزِيدُونَ التاءَ في الجمعِ عِوَضاً عن ياءِ النسبةِ، ولكنَّهُ حَذَفَ التاءَ حِينَ اضْطُرَّ؛ لإقامةِ الوزنِ، (بالكتائِبِ) الكتائِبُ: جمعُ كَتِيبَةٍ، وهي الفصيلةُ مِن الجيشِ، وتُطْلَقُ الكَتِيبَةُ على الخيلِ المُغِيرَةِ من المائةِ إلى الألفِ، (هَوَتْ) سَقَطَتْ، (غَائِلَةُ النفوسِ) أرادَ المَنِيَّةَ؛ لأنَّها تَغْتَالُ الناسَ وتَفْتِكُ بهم، (شَبِيبٌ) هو شَبِيبُ بنُ يَزِيدَ بنِ نُعَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ، كانَ رَأْساً مِن رُؤُوسِ الخوارِجِ في عهدِ عبدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ، وقَاتَلَه الحَجَّاجُ بنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ، وفيه يقولُ شاعرٌ مِن شُعَرَاءِ الخوارِجِ:
فَإِنْ يَكُ مِنْكُمْ كَابْنِ مَرْوَانَ وَابْنِهِ = وَعَمْرٍو، ومِنْكُمْ هَاشِمٌ وحَبِيبُ
فمِنَّا حُصَيْن ٌوالبَطِينُ وقَعْنَبٌ = ومِنَّا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ شَبِيبُ
الإعرابُ: (طَلَبَ) فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ على الفتحِ لا مَحَلَّ له من الإعرابِ، وفاعلُه ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تقديرُه هو يعودُ إلى الممدوحِ، (الأَزَارِقَ) مفعولٌ به لِطَلَبٍ منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ، (بِالْكَتَائِبِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِطَلَبَ، (إذْ) ظرفُ زمانٍ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ نصبٍ بطَلَبَ، (هَوَتْ) هَوَى: فعلٌ ماضٍ، والتاءُ للتأنيثِ، (بِشَبِيبَ) الباءُ حرفُ جَرٍّ، شَبِيبَ: مجرورٌ بالباءِ، وعلامةُ جَرِّهِ الفتحةُ نِيَابَةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ مِن الصرفِ ضَرُورَةً؛ لِعَدَمِ وجودِ غيرِ العَلَمِيَّةِ فيه، (غَائِلَةُ) فاعلُ هَوَتْ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وهو مضافٌ و(النفوسِ) مضافٌ إليه مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ، (غَدُورُ) نعتٌ لِغَائِلَةُ النفوسِ، وجملةُ هَوَتْ وفاعلُه في مَحَلِّ جرٍّ بإضافةِ إذا الظرفيَّةِ إليها.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (بِشَبِيبَ)؛ حيثُ مَنَعَه مِن الصرفِ – معَ أنه ليسَ مِمَّا يُمْنَعُ صَرْفُهُ – حينَ اضْطُرَّ إلى ذلك.
ومِثْلُهُ قولُ مُوسَى =شهوات يَمْدَحُ مُحَمَّدَ بنَ عَبَّادٍ:
قَالَتْ قُرَيْشٌ وَخَيْرُ الْقَوْلِ أَصْدَقُهُ = إِنَّ ابْنَ عَبَّادَ فِيهَا وَالِدٌ حَدِبُ
فمَنَعَ (عَبَّادَ) من الصرفِ وليسَ فيه غيرُ العَلَمِيَّةِ.
ومثلُه قولُ العبَّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ:
فما كانَ حِصْنٌ ولا حَابِسٌ = يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ في مَجْمَعِ
فقدْ مَنَعَ (مِرْدَاسَ) من التنوينِ، معَ أنه لا يُوجَدُ فيه غيرُ العَلَمِيَّةِ.
ومثلُه قولُ الآخَرِ:
إذا قالَ غَاوٍ مِن تَنُوخَ قَصِيدَةً = بِهَا جَرَبٌ عُدَّتْ عَلَيَّ بِزَوْبَرَا
فقدْ مَنَعَ (زَوْبَرَ) من الصرفِ وجَرَّهُ بالفتحةِ ضرورةً، ومثلُه قولُ دَوْسَرٍ القُرَيْعِيِّ:
وقائلةٍ ما بالُ دَوْسَرَ بَعْدَنَا = صَحَا قَلْبُهُ عَنْ آلِ لَيْلَى وَعَنْ هِنْدِ
فقدْ مَنَعَ (دَوْسَرَ) من الصرفِ وجَرَّهُ بالفتحةِ، ولا يُوجَدُ فيه غيرُ العَلَمِيَّةِ.
وقد قالَ ابنُ هِشَامٍ المؤلِّفُ في مَنْعِ صرفِ المنصرِفِ: (وهو الصحيحُ؛ لكثرةِ ما وَرَدَ منه، وهو مِن تَشْبِيهِ الأصولِ بالفروعِ). اهـ.

([16]) الذي اخْتَارَهُ المؤلِّفُ في هذه المسألةِ هو مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ والخليلِ وأبي عَمْرٍو وابنِ أبي إسحاقَ وجمهورِ البَصْرِيِّينَ، ومُخَالِفُوهُم في ذلك هم يُونُسُ وعِيسَى بنُ عُمَرَ مِن البَصْرِيِّينَ، والكِسَائِيُّ وأبو زَيْدٍ والبَغْدَادِيُّونَ.

([17]) 488-هذا الشاهدُ مِن كلامِ الفَرَزْدَقِ، كذا قالَ الشيخُ خالِدٌ، وهو في كتابِ سِيبَوَيْهِ (ج2 ص59) غيرَ منسوبٍ، والذي ذَكَرَهُ المؤلِّفُ ههنا هو بيتٌ مِن الرَّجَزِ المشطورِ، وبعدَه قولُه:
*لَمَّا رَأَتْنِي خَلَقاً مُقْلَوْلِيَا*

اللغةُ: (يُعَيْلِيَا) تصغيرُ يَعْلَى عَلَمَ رَجُلٍ، (خَلَقاً) بفتحِ الخاءِ واللامِ جميعاً : أرادَ به رَثَّ الهيئةِ، (مُقْلَوْلِيَا) هو المُتَجَافِي المُنْكَمِشُ.
الإعرابُ: (قد) حرفُ تحقيقٍ، (عَجِبَتْ) عَجِبَ: فعلٌ ماضٍ، والتاءُ للتأنيثِ، وفاعلُه ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تقديرُه هي، (مِنِّي) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بعَجِبَ، (ومِنْ) الواوُ حرفُ عطفٍ، مِن: حرفُ جرٍّ، (يُعَيْلِيَا) مجرورٌ بمِن، وعلامةُ جَرِّهِ الفتحةُ نِيَابَةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه ممنوعٌ مِن الصرفِ لِلْعَلَمِيَّةِ ووَزْنِ الفعلِ، ألا تَرَى أنه صارَ على مثالِ يُبَيْطِرُ، والألفُ فيه للإطلاقِ، (لَمَّا) ظرفُ زمانٍ بمعنى حِينٍ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ نصبٍ بعَجِبَ، (رَأَتْنِي) رأَى: فعلٌ ماضٍ، والتاءُ للتأنيثِ، والنونُ للوقايةِ، وياءُ المتكلِّمِ مفعولٌ به، (خَلَقاً) إنْ جَعَلْتَ رَأَى بَصَرِيَّةً – وهو الأظهرُ – فهذا حالٌ مِن ياءِ المتكلِّمِ، وإنْ جَعَلْتَ رَأَى عِلْمِيَّةً فهو مفعولٌ ثانٍ لرَأَى منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ، (مُقْلَوْلِيَا) نعتٌ لقولِهِ: خَلَقاً، منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ، وجملةُ رَأَى وفاعلِه ومفعولَيْهِ في مَحَلِّ جرٍّ بإضافةِ لَمَّا الحِينِيَّةِ إليها.
الشاهدُ فيه: قولُه: (يُعَيْلِيَا)؛ فإنَّه مُصَغَّرُ يَعْلَى، وهو عَلَمٌ مُوَازِنٌ للفِعْلِ، ولم يَزُلْ بتصغيرِه سَبَبُ المنعِ، وهو معَ ذلك منقوصٌ، وقد عامَلَهُ معاملةَ الصحيحِ، وهذا مَذْهَبُ يُونُسَ، ومَن ذَكَرَ المؤلِّفُ، ومَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ والخليلِ أنه ضرورةٌ.

([18]) 489-هذا الشاهِدُ مِن كلامِ الفَرَزْدَقِ يَهْجُو فيه عبدَ اللهِ بنَ أبي إسحاقَ النَّحْوِيَّ الحَضْرَمِيَّ بالوَلاءِ، وكانَ عبدُ اللهِ يُلَحِّنُ الفَرَزْدَقَ كثيراً، حتى إنه قالَ لَمَّا بَلَغَه هذا البيتُ: قولوا له: هَجَوْتَنِي فَلَحَنْتَ أيضاً. والذي ذَكَرَه المؤلِّفُ ههنا عَجُزُ بيتٍ مِن الطويلِ، وصَدْرُهُ قولُه:
*فلو كانَ عبدُ اللهِ مَوْلًى هَجَوْتُهُ*
اللغةُ: (المَوْلَى) له عِدَّةُ معانٍ، والمرادُ منه ههنا مَوْلَى العَتَاقَةِ أو مَوْلَى المُحَالَفَةِ، وكلُّ واحدٍ مِنهما لا يكونُ مُتَّصِلَ النَّسَبِ بالقبيلةِ، ولكنَّه لَصِيقٌ بها، والموالِي في نَظَرِ العربِ مِن الخِسَّةِ والضَّعَةِ بحيثُ لا يَرَوْنَهُم في مَصَافِّهِم، وقد زادَ الفَرَزْدَقُ فجَعَلَ عبدَ اللهِ مَوْلَى مَوَالٍ، ولم يَكْتَفِ بأنْ يَجْعَلَه مَوْلًى.
الإعرابُ: (لو) شرطيَّةٌ غيرُ جازِمَةٍ حرفٌ مَبْنِيٌّ على السكونِ لا مَحَلَّ له من الإعرابِ، (كانَ) فعلٌ ماضٍ ناقصٌ، (عَبْدَ) اسمُ كانَ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وهو مضافٌ و(اللهِ) مضافٌ إليه، (مَوْلَى) خبرُ كانَ، وجملةُ كانَ واسمِها وخبرِها شرطُ لو لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ، (هَجَوْتُهُ) هَجَا: فعلٌ ماضٍ، وتاءُ المتكلِّمِ فاعلُه، وضميرُ الغائبِ العائدُ إلى عبدَ اللهِ مفعولٌ به، والجملةُ لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ جوابُ لو، (ولكنَّ) الواوُ حرفُ عطفٍ، لكنَّ: حرفُ استدراكٍ ونصبٍ يَنْصِبُ الاسمَ ويَرْفَعُ الخبرَ، (عَبْدَ) اسمُ لكِنَّ منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ، وهو مضافٌ و(اللهِ) مضافٌ إليه مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ، (مَوْلَى) خبرُ لكنَّ مرفوعٌ بضمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ على الألِفِ مَنَعَ مِن ظُهُورِهَا التعَذُّرُ، وهو مضافٌ و(مَوَالِيَا) مضافٌ إليه مجرورٌ بالفتحةِ نِيَابَةً عن الكسرةِ؛ لأنَّه اسمٌ لا يَنْصَرِفُ، والمانِعُ له مِن الصرفِ كونُه على صيغةِ مُنْتَهَى الجُمُوعِ، والألف للإطلاق.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (مَوَالِيَا)؛ حيثُ عامَلَ المنقوصَ الممنوعَ من الصرفِ غيرَ العَلَمِ في حالةِ الجرِّ معاملةَ الصحيحِ، فأَثْبَتَ الياءَ وجَرَّهُ بالفتحةِ نِيَابَةً عن الكسرةِ، وهذا شاذٌّ عندَ جميعِ النُّحَاةِ.



  #4  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 06:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


672- وابْنِ عَلَى الكَسْرِ فَعَالِ عَلَمَا = مُؤَنَّثًا، وهْو نَظِيْرُ جُشَمَا
673- عِنْدَ تَمِيْمٍ، واصْرِفْنَ مَا نُكِّرَا = مِنْ كُلِّ مَا التعريفُ فيهِ أثَّرَا
(وابْنِ عَلَى الكسرِ فَعَالِ عَلَمَا * مؤنَثًا) أيْ: مُطْلقًا فِي لُغَةِ الحِجَازِيينَ، لشَبَهِهِ بِنِزَالِ وَزْنًا وتعْرِيفًا وتَأْنِيثًا وعَدْلًا وقيلَ: لتضمنِهِ مَعْنَى هَاءَ التأنيثِ، قالَهُ الرَّبْعِيُّ، وقيلَ: لِتَوَالِي العِلَلِ، وليِسَ بَعْدَ مَنْعِ الصرفِ إلا البناءُ قالَهُ المُبَرِّدُ، والأوَّلُ هو المَشْهُورُ؛ تقولُ: "هذِهِ حَذَامِ ووَبَارِ" و"رأيتُ حَذَامِ ووَبَارِ" و"مررتُ بحَذَامِ ووَبَارِ" ومنهُ قولُهُ [مِنَ الوَافِرِ]:
990- إذَا قَالَتُ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا = فَإِنَّ القولَ مَا قَالَتْ حَذَامِ
(وهو نظيرُ جُشَمًَا) وعُمَرَ وزُفَرَ (عِنْدَ تَمِيْمٍ) أيْ: ممنوعُ الصرفِ للعلميةِ والعَدْلِ عَنْ "فَاعِلَةَ" وهَذَا رأيُ سِيْبَويْهِ.
وقالَ المُبَرِّدُ: للعَلَمِيَّةِ والتأنيثِ المعنَوِيِّ كزَيْنَبَ وهو أقْوَى علَى مَا لا يَخْفَى.
وهَذَا فِيْمَا ليْسَ آخِرُهُ رَاءً، فأمَّا نحوُ: "وَبَارِ وظَفَارِ وسَفَارِ"، فَأَكْثَرُهُم يَبْنِيْهِ عَلَى الكَسْرِ كَأَهْلِ الحِجَازِ، لأنَّ لُغَتَهُمْ الإِمَالَةُ، فإذَا كَسَرُوا تَوَصَّلُوا إليها ولو مَنَعُوهُ الصرفَ لامْتَنَعَتْ.
وقَدْ جَمَعَ الأعْشَى بَيْنَ اللغَتَيْنِ في قولِهِ [مِنْ مُخَلَّعِ البسِيْطِ]:
991- أَلَمْ تَرَوا إِرَمًا وعَادًا = أَوْدَى بِهَا اللَّيْلُ والنَّهَارُ
ومَرَّ دَهْرٌ عَلَى وَبَارِ = فَهَلَكَتْ وَبَارِ
تنبيهانِ: الأوَّلُ: أَفْهَمَ قولُهُ مُؤَنثاُ: أنَّ حَذَامِ وبَابَهُ لوْ سُمِّيَ بِهِ مُذَكَّرٌ لَمْ يُبْنَ، وهو كذلكَ، بَلْ يَكونُ مُعْرَبًا مَمْنُوعًا مِنَ الصرفِ للعَلَمِيَّةِ والنقلِ عَنِ مؤنثٍ كغيرِهِ، ويجوزُ صَرْفُهُ لأنَّهُ إنَّمَا كانَ مُؤَنثًا لإرادَتِكَ بِهِ مَا عُدِلَ عنهُ، فلمَّا زَالَ العَدْلُ زَالَ التأنيثُ بِزَوَالِهِ.
الثانِي: فقدْ يكونُ مَعْدولًا وغيرَ مَعْدُولٍ، فالمعدولُ إمَّا علمٌ مؤنثٌ كحَذَامِ وتَقَدَّمَ حُكْمُهُ، وإمَّا أمَرٌ نحوُ: نَوَالِ وإمَّا مصدرٌ نحوُ: "حَمَادِ" وإمَّا حَالٌ نحوُ: [مِنَ الكامِلِ]:
922- وَذَكَرْتُ مِنْ لَبَنِ المُحَلَّقِ شَرْبَةً = والخَيْلُ تَعْدُو فِي الصَّعِيدِ بَدَادِ
وإمَّا صفةٌ جاريةٌ مَجْرَى الأَعْلَامِ، نَحْوُ: حَلاَقِ للمَنِيَّةِ، وإمَّا صِفَةٌ مُلاَزِمَةٌ للنداءِ، نحوُ: فَسَاقِ، فهذِهِ خمسةُ أنواعٍ كلُّها مَبْنِيَّةٌ عَلَى الكَسْرِ مَعْدُولَةٌ عَنْ مُؤَنثٍ، فإنْ سُمِّي ببعضِهَا مُذَكَّرٌ فهو كعَنَاقِ، وقَدْ يُجْعَلُ كصَبَاحِ وإنْ سُمِّيَ بِهِ مؤنثٌ فهو كحَذَامِ ولا يجوزُ البِنَاءُ خِلَافًا لابْنِ + بَابشاذ، وغيرُ المَعْدُولِ ويكونُ اسْمًا كجَنَاحِ ومصدرًا نحوُ: ذَهَابِ، وصفةً، نحوُ: جَوَادِ، وجِنْسًا، نَحْوُ: سَحَابِ، فلو سُمِّيَ بشيءٍ مِنْ هذِهِ مُذَكَّرًا انصرفَ قولًا واحِدًا إلا مَا كَانَ مؤنثًا كَعَنَاقِ.
(واصْرِفْنَ َما نُكِّرَا مِنْ كُلِّ مَا التعريفُ فيهِ أثَّرَا وذلكَ الأنواعُ السبعةُ المتأخرةُ، وهي: مَا امْتَنَعَ للعَلَمَيَّةِ والتركيبِ، أو الألفِ والنونِ الزائدتينِ، أو التأنيثِ بغيرِ الألفِ، أو العُجْمَةِ، أو وزنِ الفعلِ، أو ألفِ الإلحاقِ، أو العَدْلِ، تقولُ: "رَبَّ مَعْدِي كَرِبٍ وعِمْرَانٍ وفَاطِمَةٍ وزينبٍ وإبراهيمَ وأحمدَ وأَرْطًى وعُمَرٍ لقيتُهُم"، لذَهَابِ أحدِ السببينِ وهو العَلَمِيَّةُ.
وأمَّا الخمسةُ المتقدمةُ ـ وهِي مَا امَتْنَعَ لألفِ التأنيثِ، أو للوصفِ والزيادتينِ، أو للوصفِ ووزنِ الفعلِ، أو للوصفِ والعدلِ، أو للجمعِ المُشْبِهِ مَفَاعِلَ أو مَفَاعِيلَ فإنَّها لا تُصْرَفُ نَكْرِةً فلو سُمِّيَ بشيءٍ منْهَا لمْ ينصرفْ أيضًا، أمَّا مَا فيهِ أَلِفُ التأنيثِ فلأنَّها كافيةٌ فِي مَنْعِ الصرفِ, وَوَهِمَ مَنْ قَالَ "حَوَّاءَ" امْتَنَعَ للتأنيثِ والعَلَمِيَّةِ، وأمَّا مَا فيهِ الوصفُ معَ زيادَتَيِ فَعْلَانَ، أو وزنِ "أفَعْلَ"َ فلأنَّ العَلميةَ تَخْلُفُ الوصفَ فيصيرَ مَنْعُهُ للعلميةِ والزيادتينِ، أو للعلميةِ ووزنِ "أَفْعَلَ" وأمَّا مَا فيهِ الوصفُ والعدلُ، وذلكَ أُخَرُ وفُعَالُ ومَفْعَلُ نحوُ: أُحَادَ ومَوْحَدَ، فمذهبُ سِيبَويْهِ أنَّها إذَا سُمِّيَ بِهَا امُتَنَعَتْ مِنْ الصرفِ للعَلَمِيَّةِ والعَدْلِ.
قَالَ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ): وكلُّ مَعْدولٍ سُمِّيَ بِهِ فَعَدْلُهُ باقٍ، إلا سَحَرُ وأَمْسِ فِي لُغَةِ بَنِي تَمِيْمٍ، فإنَّ عَدْلَهُمَا يزولُ بالتسميةِ فيُصْرَفانِ، بخلافِ غيرهِمَا مِن المعدولاتِ، فإنَّ عَدْلَهُ بالتسميةِ باقٍ، فيجبُ مَنْعُ صَرْفِهِ للعدلِ والعَلَمِيَّةِ عددًا كَانَ أو غَيْرَهُ، هَذَا هو مذهبُ سِيْبَويْهِ، ومَنْ إليهِ غيرَ ذلكَ فقدْ أَخْطَأَ، وقَوَّلَهُ مَا لمْ يَقُلْ، وإلى هذَا أَشَرْتُ بقولِي:
وعَدْلُ غيرِ سَحَرٍ وأمسِ فِي = تَسْمِيَةٍ تَعْرِضُ غيرُ مُنْتَفِى.
وذهَبَ الأخْفَشُ وأبو عَلِيٍّ وابْنُ بَرْهَانَ إلى صرفِ العددِ المعدولِ مُسَمًى بِهِ، وهو خِلافُ مذهبِ سِيْبَويْهِ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعالَىـ. هذَا كلامُهُ بِلَفْظِهِ، وأمَّا الجمعُ المُشْبِهُ مَفَاعِلَ أو مَفَاعِيْلَ فقدْ تَقَدَّمَ الكلامُ علَى التسميةِ بِهِ.
وإذَا نُكِّرَ شيءٌ مِنْ هَذِهِ الأنواعِ الخمسةِ بعدَ التسميةِ لم ينصرفْ أيضًا، أمَّا ذو أَلِفِ التأنيثِ فللألفِ.
وأما ذُو الوصفِ مَعَ زِيَادَتَي فَعْلَانَ، أو مَعَ وَزْنِ أَفْعَلَ أو مَعَ العَدْلِ إلى فُعَالَ أو مَفْعَلَ فلأنَّها لمَّا نُكِّرَتْ شابَهَتْ حَالَهَا قبلَ التسميةِ؛ فمُنِعَتِ الصرفَ لشَبَهِ الوصفِ مَعَ هَذِهِ العِلَلِ، هذَا مَذْهَبُ سِيْبَويْهِ، وخَالَفَ الأخْفَشَ فِي بابِ سَكَرَانَ فَصَرَفَه.
وأمَّا بَابُ أَحْمَرَ ففيهِ أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ: الأوَّلُ: مَنْعُ الصرفِ، وهو الصحيحُ.
والثانِي: الصرفُ وهو مَذْهَبُ المُبَرِّدِ والأخْفَشِ فِي أَحَدِ قوليهِ، ثُمَّ وَافَقَ سِيْبَويْهِ في كتابِهِ (الأوْسَطِ)، قَالَ في (شَرْحِ الكَافِيَةِ): وأكثرُ المُصَنفينَ لا يَذْكُرُوْن إلا مُخَالَفَتَهُ، وذِكْرُ مُوَافَقَتِهِ أَوْلَى لأنَّها آخِرُ قوليهِ.
والثالثُ: إنْ سُمِّيَ بِأَحْمَرَ رَجَلٌ أَحْمَرُ، لمْ يَنْصَرِفْ بعدَ التنكيرِ، وإنْ سُمِّيَ بِهِ أَسْوَدُ أو نحوُهُ انْصَرَفَ، وهو مذْهَبُ الفَرَّاءِ وابْنِ الأَنْبَارِيِّ.
والرابعُ: أنَّهُ يجوزُ صَرْفُهُ وتَرْكُ صرفِهِ، قَالَهُ الفَارِسِيُّ فِي بعضِ كُتُبِهِ.
وأمَّا المَعْدُولُ إلَى فُعَالَ أو مَفْعَلَ فمَنْ صَرَفَ أَحْمَرَ بَعْدَ التسميةِ صَرَفَهُ، وقدْ تَقَدَّمَ الخلافُ فِي الجَمْعِ إذا نُكِّرَ بعدَ التسميةِ.
تنبيهٌ: إذَا سُمِّيَ بأَفْعَلِ التفضيلِ مُجَرَّدًا مِنْ "مِنْ" ثُمَّ نُكِّرَ بَعْدَ التسميةِ انْصَرَفَ بإجماعٍ، كمَا قَالَهُ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ): قَالَ: لأنَّهُ لا يعودُ إلى مِثْلِ الحَالِ التي كَانَ عَليها إذا كانَ صفةً، فإنَّ وصفيتَهُ مشروطةٌ بِمُصَاحَبَةِ "مِنْ" لفظًا أو تَقْديرًا ا هـ فإذا سُمِّيَ بِهِ مَعَ "مِنْ" ثُمَّ نُكِّرَ امْتَنَعَ صَرْفُهُ قَولًا وَاحِدًا، وكلامُ (الكَافِيَةِ) وشَرْحُهَا يَقْتَضِي إجراءَ الخلافِ فِي نحوِ: أَحْمَرَ فيهِ.
674- (ومَا يكونُ منهُ مَنْقُوصًا فَفِي = إعرابِهِ نَهْجَ جَوَارٍ يَقْتَفِي)
يعنِي أنَّ مَا كانَ مَنْقُوصًا مِنَ الأسماءِ التِي لا تنصرفُ، سواءٌ كانَ مِنَ الأنواعِ السبعةِ التي إِحْدَى عِلَّتَيْهَا العَلَمِيَّةُ، أو مِنَ الأنواعِ الخمسةِ التي قَبْلَهَا، فإنَّهُ يَجْرِى مُجْرَى جَوَارٍ وغَوَاشٍ وقَدْ تَقَدمَ أنَّ نحوَ: جوارٍ يلْحَقُهُ التنوينُ رفعًا وجرًا فَلا وَجْهَ لمَا حَمَلَ عليهِ المُرَادِيُّ كلامَ الناظمِ منْ أنَّهُ أشَارَ إلى الأنواعِ السبعةِ دُوْنَ الخمسةِ، لأنَّ حُكْمَ المنقوصِ فيهمَا واحدٌ، فمثالُهُ فِي غيرِ التعريفِ أُعَيْمٍ تصغيرُ أَعْمَى، فإنَّهُ غيرُ منصرفٍ للوصفِ والوزنِ، ويلحَقُهُ التنوينُ رفعًا وجرًا، نحوُ: "هَذَا أُعَيْمٌ" و"مَرَرْتُ بِأُعَيْمٍ" و"رَأَيْتُ أُعَيْمَي" والتنوينُ فيهِ عِوَضٌ مِنَ الياءِ المحذوفةِ كَمَا فِي نحوِ: جَوَارٍ، وهَذَا لا خلافَ فيهِ، ومثَالُهُ فِي التعريفِ قاضٍ اسْمَ امرأةٍ فإنَّهُ غيرُ منصرفٍ للتأنيثِ والعَلَمِيَّةِ و"يُعَيْلٍ" تصغيرُ يَعْلَى و"يَرْمٍ" مُسَمًّى بِهِ فإنَّهُ غيرُ مُنْصَرِفٍ للوزنِ والعَلَمِيَّةِ، والتنوينُ فيهما فِي الرفعِ والجرِّ عِوَضٌ مِنَ الياءِ المحذوفةِ، وذَهَبَ يُوْنُسُ وعِيْسَى بْنُ عُمَرَ والكِسَائِيُّ إلى أَنَّ نحوَ: "قاضٍ" اسْمَ امرأةٍ و"يُعَيْلٍ ويَرْمٍ" يُجْرَي مُجْرَى الصحيحِ فِي تَرْكِ تنوينِهِ وجرِّهِ بفتحةٍ ظاهرةٍ، فيقولونَ: "هَذَا يُعَيْلِيُّ ويَرْمِيُّ وقَاضِيُّ ورأيتُ يُعَيْلِيَ ويَرْمِيَ، وقَاضِيَ, ومررتُ بِيُعَيْلِيَ ويَرْمِيَ وقَاضِيَ" واحتجُّوا بقولِهِ [مِنَ الرَّجَزِ]:
993- قَدْ عَجِبَتْ مِنِّي ومِنْ يُعَيْلِيَا = لمَّا رَأَتْنِي خَلَقًا مُقَلْوليَا
وهو عِنْدَ الخليلِ وسِيْبَويْهِ والجمهورِ محمولٌ علَى الضرورةِ كقولِهِ [مِنَ الطَّوِيْلِ]:
994- فَلَوْ كَانَ عَبْدُ اللهِ مَوْلًى هَجُوْتُهُ = ولكنَّ عَبْدَ اللهِ مَوْلَى مَوَالِيَا

675- ولاضْطِرَارٍ أو تَنَاسُبِ صَرْفٍ = ذُو المَنْعِ، والمصروفُ قَدْ لا يَنْصَرِفْ.
(ولاضْطِرَارٍ أو تَنَاسُبِ صَرْفٍ * ذُو المَنْعِ) بِلا خِلَافَ، مِثَالُ الضرورةِ قولُهُ [مِنَ الطَّوِيْلِ]:
995- وَيْوَمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ = فَقَالَتْ: لَكَ الوَيَلَاتُ إنَّكَ مُرْجِلِي
وقولُهُ [مِنَ الخَفِيْفِ]:
996- وَأَتَاهَا أُحَيْمَرٌ كَأَخِي السَّهْـ = ـمِ بِعَضْبٍ فقالَ: كُونِي عَقِيْرًا.
وقولُهُ [مِنَ الطَّوِيْلِ]:
997- تَبَصَّرْ خَلِيْلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِنٍ = سَوالِكُ نَقْبًا بَيْنَ حَزْمَيْ شَعَبْعَبِ
وهو كثيرٌ، نَعَمْ اخْتُلِفَ فِي نوعينِ:
أحدُهُمَا: مَا فيهِ أَلِفُ التأنيثِ المقصورةُ فَمَنَعَ بعضُهُم صَرْفَهُ للضرورةِ، قَالَ: لأنَّهُ لا فائدةَ فيهِ، إذْ يَزِيْدُ بِقَدْرِ مَا يَنْقُصُ، وَرَدَ بِقَوْلِهِ [مِنَ الكَامِلِ]:
998- إِنِّي مُقَسِّمُ مَا مَلَكَتْ فَجَاعِلٌ = جُزْءًا لآخِرَتِي ودُنْيًا تَنْفَعُ
أنْشَدَهُ ابْنُ الأعْرَابِيِّ بتنوينِ دُنْيَا.
وثانِيْهُمَا: "أَفْعَلُ مِنْ" مَنَعَ الكوفيونَ صَرْفَهُ للضرورةِ قالوا: لأنَّ حذفَ تنوينِهِ لأجلِ "مِنْ" فَلا يُجْمَعُ بينَهُمَا، ومذهبِ البصريين، جوازُهُ لأنَّ المانعَ لهُ إنَّما هو الوزنُ والوصفُ كأَحْمَرَ لا "مِنْ" بِدَليلِ صرفِ "خيرٍ منهُ وشرٍ منهُ" لزوالِ الوزنِ، ومثالُ الصرفِ للتناسُبِ قراءةُ نافعٍ والكِسَائِيِّ (سَلاسِلًا وأَغْلَالًا وسَعِيْرًا) (قوارِيْرًا قَوَارِيْرًا) وقراءةُ الأَعْمَشِ بْنِ مَهَرَانِ (وَلا يَغُوثًا ويَعُوقًا ونَسْرًا).
تنبيهٌ: أَجَازَ قومٌ صرفَ الجمعِ الذِي لا نظيرَ لهُ فِي الآحَادِ اختيارًا، وزَعَمَ قومٌ أنَّ صرفَ مَا لا يَنْصَرِفُ مُطْلقًا لغةٌ، قالَ الأخفشُ: وكأنَّ هذِهِ لغةُ الشُّعَرَاءِ، لأنَّهُم اضْطُرُّوا إليه في الشِّعرِ، فجَرَتْ ألسنتُهُم عَلَى ذَلِكَ في الكلامِ.
(والمصروفُ قَدْ لَا ينصرفْ) أيْ: للضرورةِ، أَجازَ ذلكَ الكوفيونَ والأَخْفَشُ والفَارِسِيُّ.
وأَبَاهُ سائِرُ البصريينَ: والصحيحُ الجوازُ، واختارَهُ الناظمُ لثبوتِ سَمَاعِهِ، مِنْ ذلكَ قولُهُ [مِنَ المُتَقَارَبِ]:
999- وَمَا كَانَ حِصْنٌ ولا حَابِسٌ = يَفُوقَانِ مرْدَاسَ فِي مَجْمَعِ
وقولُهُ [مِنَ الطَّوِيْلِ]:
1000- وقائلةٍ: مَا بَالَ دَوْسَرَ بَعْدَنَا = صَحَا قَلْبُهُ عَنْ آلِ لَيْلَى وَعَنْ هِنْدِ؟
وقولُهُ [مِنَ الكاملِ]:
1001- طَلَبَ الأرْزَاقَ بالكتَائِبِ إذْ هَوَتْ = بِشَبِيبَ غَائِلَةُ النُّفُوسِ غَدُورُ
وأبياتٌ أُخَرُ.
تنبيهٌ: فَصَلَ بعضُ المُتَأَخِّرِينَ بينَ مَا فيهِ عَلَمِيَّةٌ؛ فَأَجَازَ مَنْعَهُ لوجودِ إحدَى العِلَّتَيْنِ، وبَيَّنَ مَا ليسَ كذلكَ فصَرَفَهُ، ويُؤُيِّدُهُ أَنَّ ذَلكَ لم يُسْمَعْ إلا فِي العَلَمِ، وأَجازَ قومٌ منهم ثَعْلَبُ وأَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى مَنْعَ صَرْفَ المُنْصَرِفِ اختيارًا.

خَاتِمَةٌ: قَالَ في (شَرْحِ الكَافِيَةِ) مَا لا يَنْصَرِفُ إلى التكبيرِ والتصغيرِ أربعةُ أقسامٍ:
مَا لا يَنْصَرِفُ مُكَبَّرًا ولا مُصَغَّرًا، ومَا لا يَنْصَرِفُ مُكَبَّرًا، ويَنْصَرِفُ مُصَغَّرًا، ومَا لا يَنْصَرِفُ مُصَغَّرًا وينصرفُ مُكبَّرًا، ومَا يجوزُ فيه الوجهانِ مُكبرًا ويَتَحَتَّمُ منْعُهُ مُصغرًا.
فالأوَّلُ نحوُ: بَعْلَبَكَّ وطَلْحَةَ وزَيْنَبَ وحَمْرَاءَ وسَكْرَانَ وإِسْحَاقَ وأَحْمَرَ ويَزِيْدَ مِمَّا لا يَعْدَمُ سببَ المنعِ في تكبيرٍ ولا تصغيرٍ.
والثانِي نحوُ: عُمَرَ وشَمَّرَ وسَرْحَانَ وعَلْقًى وجَنَادلَ أعْلَامًا مِمَّا يزولُ بتصغيرِهِ سببُ المنعِ، فإنَّ تصغيرَهُمَا عُمَيْرُ وشُمَيْمِرٌ وسُرَيْحِينٌ وعُلَيْقٌ وجُنَيْدِلٌ بِزَوَالِ مِثَالِ العَدْلِ ووزنِ الفعلِ وأَلِفَي سَرْحَانَ وعَلْقَى وصيغةِ مُنْتَهَى التكسيرِ.
والثالثُ: نحوُ: تَحلئٍ وتَوَسُّطٍ وتُرْتُبٍ وتِهَبِّطٍ أعْلامًا مِمَّا يُتَكَمَّلُ فيهِ بالتصغيرِ سببُ المنعِ، فإنُّ تصغيرَها تُحْيِيلئُ وتُوْيُسِطُ وتُرَيْتِبُ وتُهَيْبِطُ عَلَى وزنِ مُضَارِعِ بَيْطَرَ، فالتصغيرُ كَمَّلَ لهَا سببَ المنعِ فَمُنِعَتْ مِنَ الصَّرفِ فيهِ، دُونَ التكبيرِ، فلو جِيءَ فِي التصغيرِ بياءٍ مُعَوِّضَةٍ مِمَّا حُذِفَ تَعَيَّنَ الصرفُ لعَدَمِ وزنِ الفعلِ.
والرابعُ: نحوُ: هِنْدَ وهُنَيْدَةَ: فلكَ فيهِ مُكَبِّرًا، وجهانِ، وليسَ لكَ فيهِ مُصَغِّرًا إلا منعُ الصرفِ واللهُ أَعْلَمُ.

  #5  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 06:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


حُكْمُ العلَمِ المؤنَّثِ على وزْنِ (فَعَالِ)
672- وَابْنِ عَلَى الْكَسْرِ فَعَالِ عَلَمَا = مُؤَنَّثاً وَهْوَ نَظِيرُ جُشَمَا
673- عِنْدَ تَمِيمٍ............... = .....................
الموضِعُ الرابعُ ممَّا يُمْنَعُ فيهِ الاسمُ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ والعَدْلِ: أنْ يكونَ علَماً لِمُؤَنَّثٍ على وزْنِ (فَعَالِ)؛ مثلِ: حَذَامِ، قَطَامِ، رَقَاشِ، نَوَارِ، وغيرِها؛ نحوُ: هذهِ حَذامُ، ورَأَيْتُ حَذامَ، ومَرَرْتُ بحَذامَ، فهوَ ممنوعٌ مِن الصرْفِ، وهذا على لُغةِ تَميمٍ، بشَرْطِ ألاَّ يكونَ مَختوماً بالراءِ كما مُثِّلَ.
وعِلَّةُ مَنْعِهِ مِن الصرْفِ العَلَمِيَّةُ والعَدْلُ، وهذا تَعليلُ سِيبويهِ والناظِمِ؛ لأنَّ الأصْلَ: حَاذِمَةٌ.
وقالَ الْمُبَرِّدُ: إنَّ عِلَّةَ مَنْعِهِ العَلَمِيَّةُ والتأنيثُ الْمَعنويُّ، مِثلُ: زَينبَ وسُعادَ، وهذا أرْجَحُ لتَحَقُّقِهِ، بخِلافِ العَدْلِ فهوَ تَقديريٌّ لا يُلجأُ إليهِ إذا أمْكَنَ ما هوَ أوْضَحُ منهُ.
فإنْ كانتْ صِيغةُ (فَعَالِ) مختومةً بالراءِ؛ مثلُ: (ظَفَارِ) علَمِ بلدٍ يَمَنِيٍّ، و(سَفَارِ) علَمٍ على ماءٍ، فأكثرُ بني تَميمٍ يَبْنِيهِ على الكسْرِ في كلِّ حالاتِهِ؛ نحوُ: ظَفَارِ مَدِينَةٌ قديمةٌ، إنَّ ظَفَارِ مدينةٌ قديمةٌ، كانَ مَسْكَنُ مُلُوكِ حِمْيَرَ في ظَفَارِ. فـ(ظَفَارِ): مَبنيَّةٌ على الكسرِ في مَحَلِّ رفْعٍ أوْ نَصْبٍ أوْ جَرٍّ.
وهناكَ لُغةٌ أُخْرَى في الاسمِ الْمُؤَنَّثِ الذي على وَزْنِ (فَعَالِ)، وهيَ بِناؤُهُ على الكسْرِ مُطْلَقاً؛ أيْ: سَوَاءٌ كانَ مَختوماً بالراءِ أمْ لا، وهذهِ لغةُ الْحِجازِيِّينَ.
وفي هذا الْمَوْضِعِ يقولُ ابنُ مالكٍ: (وابنِ على الكسْرِ فَعَالٍ عَلَمَا.. إلخ)؛ أي: ابْنِ على الكسْرِ العلَمَ الْمُؤَنَّثَ الذي على وَزْنِ (فَعَالِ) في كلِّ أحوالِهِ عندَ غيرِ تَميمٍ. أمَّا عندَ تَميمٍ فهوَ نَظيرُ (جُشَمَ) في أنَّهُ علَمٌ ممنوعٌ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ والعَدْلِ.

صرْفُ الاسمِ الممنوعِ مِن الصرْفِ
...، وَاصْرِفَنْ مَا نُكِّرَا = مِنْ كُلِّ مَا التَّعْرِيفُ فِيِهِ أَثَّرَا
لَمَّا ذَكَرَ ابنُ مالكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أسبابَ منْعِ الاسمِ مِن الصرْفِ ذكَرَ شيئاً مِن الأحكامِ العامَّةِ، ومنها:
1- صرْفُ الاسمِ الممنوعِ مِن الصرْفِ
2- مَنْعُ الاسمِ المصروفِ.
وقدْ ذَكَرَ هنا سَبباً واحداً مِنْ أسبابٍ ثلاثةٍ تَقتضِي صَرْفَ الاسمِ الممنوعِ مِن الصرْفِ، وهوَ أنَّ ما كانَ مَنْعُهُ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ وسببٍ آخَرَ، إذا زالَتْ عنهُ العَلَمِيَّةُ بتنكيرِهِ صُرِفَ؛ لزوالِ إحدى العلامَتينِ، وبَقَاؤُهُ بعلامةٍ واحدةٍ لا يَقتضِي مَنْعَ الصرْفِ.
وقدْ تَقَدَّمَ أنَّ الممنوعَ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ معَ شيءٍ آخَرَ سبعةُ أنواعٍ، فما دامَ الاسمُ مُشْتَمِلاً على العلامتينِ مُنِعَ مِن الصرْفِ، فإذا زالَتْ إحداهما أوْ كِلتاهما دَخَلَهُ التنوينُ، فتقولُ مَثلاً: رُبَّ عُمَرٍ وأَحْمَدٍ لَقِيتُ، بالجرِّ بالكسرةِ معَ التنوينِ؛ لزوالِ إحدى العلامتينِ وهيَ العَلَمِيَّةُ؛ لأنَّ (رُبَّ) لا تَدخلُ إلاَّ على النَّكِرَاتِ، فصارَ مَدْخُولُها لا يَدُلُّ على شخْصٍ بعَيْنِهِ.
وأمَّا الخمسةُ الباقيَةُ، وهيَ ما امْتَنَعَ لألِفِ التأنيثِ أوْ للوصْفِ معَ الزيادةِ أوْ وَزْنِ الفعْلِ أو الفِعْلِ، أوْ للجمْعِ الْمُشْبِهِ مفاعيلَ أوْ مَفاعيلَ؛ فإنَّها لا تَنْصَرِفُ مُطْلَقاً؛ لأنَّ الوَصفيَّةَ معَ شَرِيكَتِها مُلازِمَةٌ للاسمِ لا تُفَارِقُهُ إلاَّ إذا حَلَّتْ مَحَلَّها العَلَمِيَّةُ.
أمَّا ما فيهِ ألِفُ التَّأْنِيثِ فلأنَّها كافيَةٌ في مَنْعِ الصرْفِ، وأمَّا صيغةُ مُنتهَى الجموعِ إذا كانتْ عَلَماً ثمَّ زالَتْ هذهِ العَلَمِيَّةُ فإنَّهُ يَبقَى مَمنوعاً مِن الصرْفِ على الأرْجَحِ؛ لبَقاءِ صورةِ الْجَمعيَّةِ، فتكونُ صِيغةُ مُنتهَى الجموعِ مَمنوعةً مِن الصرْفِ دائماً.
وأمَّا السببُ الثاني والثالثُ لصَرْفِ الممنوعِ فسيأتي ذِكْرُهما إنْ شاءَ اللَّهُ في آخِرِ بيتٍ مِنْ هذا البابِ.
وفي هذا السببِ يقولُ ابنُ مالِكٍ: (واصْرِفَنْ ما نُكِّرَا.. إلخ)؛ أيْ: يَجِبُ صَرْفُ كُلِّ اسمٍ نُكِّرَ بعدَ أنْ كانَ مُعَرَّفاً وكانَ للتعريفِ أثَرٌ في مَنْعِهِ مِن الصرْفِ، والمرادُ بالتعريفِ هنا: تعريفُ العَلَمِيَّةِ، والمرادُ بالصَّرْفِ التنوينُ، وهوَ تنوينُ الأَمْكَنِيَّةِ كما تَقَدَّمَ أوَّلَ البابِ.


الاسمُ المنقوصُ الممنوعُ مِن الصرْفِ
674- وَمَا يَكُونُ مِنْهُ مَنْقُوصاً فَفِي = إعْرَابِهِ نَهْجَ جَوَارٍ يَقْتَفِي
إذا كانَ الاسمُ الممنوعُ مِن الصرْفِ مَنقوصاً - وهوَ ما آخِرَهُ ياءٌ أصلِيَّةٌ غيرُ مُشَدَّدَةٍ مكسورٌ ما قَبْلَها - فإنَّهُ يُعامَلُ كالاسمِ المنقوصِ، في أنَّ ياءَهُ تُحْذَفُ رَفْعاً وَجَرًّا، ويُنَوَّنُ تَنوينَ الْعِوَضِ، وتَبْقَى في حالةِ النصْبِ مفتوحةً بغيرِ تنوينٍ. وذلكَ مِثلُ: (رَاعٍ)، عَلَمٍ على أُنثى، فتقولُ: جَاءَتْ راعٍ، ومَرَرْتُ بِرَاعٍ. فـ(رَاعٍ) في المثالِ الأوَّلِ فاعلٌ مرفوعٌ بضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ على الياءِ المحذوفةِ لالتقاءِ الساكنينِ ممنوعٌ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ والتأنيثِ، و(راعٍ) الثانيَةُ اسمٌ مجرورٌ وعَلامةُ جَرِّهِ فَتحةٌ مُقَدَّرَةٌ على الياءِ المحذوفةِ ممنوعٌ مِن الصرْفِ. وتقولُ في النصْبِ: رَأَيْتُ رَاعِيَ. فـ(رَاعِيَ): مفعولٌ بهِ منصوبٌ بالفتحةِ بلا تنوينٍ؛ لأنَّهُ ممنوعٌ مِن الصرْفِ.
هذا إذا كانَ المنقوصُ مُجَرَّداً مِنْ (أَلْ) والإضافةِ، فإنْ كانَ مُقْتَرِناً بـ(أَلْ) أوْ مُضافاً فحُكْمُهُ تَقَدَّمَ في الكلامِ على صِيغةِ مُنتهَى الْجُموعِ.
وهذا معنى قولِهِ: (وما يَكُونُ منهُ مَنقوصاً.. إلخ)؛ أيْ: وما يكونُ مِن الممنوعِ مِن الصرْفِ مَنقوصاً فإنَّهُ (يَقْتَفِي)؛ أيْ: يَتْبَعُ في إعرابِهِ (نَهْجَ جَوارٍ)؛ أيْ: طريقَها، فيَجْرِي مَجراها في حذْفِ يائِهِ رَفْعاً وجَرًّا معَ التنوينِ، وإثباتِ الياءِ مفتوحةً بلا تنوينٍ. و(جَوَارٍ): جَمْعُ تكسيرٍ، مُفرَدُهُ: (جَارِيَةٌ).

صرْفُ الممنوعِ ومَنْعُ المصروفِ
675- وَلاضْطِرَارٍ أوْ تَنَاسُبٍ صُرِفْ = ذُو المَنْعِ وَالمَصْرُوفُ قدْ لا يَنْصَرِفْ
تَقَدَّمَ أنَّ الاسْمَ الممنوعَ مِن الصرْفِ قدْ يُصْرَفُ فيُنَوَّنُ لأحَدِ أسابٍ ثلاثةٍ. وقدْ تَقَدَّمَ السببُ الأوَّلُ، وهوَ أنْ يكونَ أحَدُ سَبَبَيْهِ العَلَمِيَّةَ ثمَّ يُنَكَّرَ.
وذَكَرَ هنا البقيَّةَ. فالسببُ الثاني هوَ الضرورةُ الشعرِيَّةُ بأنْ يُضْطَرَّ الشاعرُ إلى تنوينِ اسمٍ حَقُّهُ أنْ يُمْنَعَ مِن الصرْفِ؛ كقولِ الشاعرِ:
تَبَصَّرْ خَلِيلِي هلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِنٍ = سَوَالِكَ نَقْباً بَيْنَ حَزْمَيْ شَعَبْعَبِ
فقدْ صَرَفَ الشاعِرُ كلمةَ (ظَعائنٍ) فجَرَّها بالكسرةِ ونَوَّنَها، معَ أنَّها على صِيغةِ مُنتهى الجموعِ، والذي دَعاهُ إلى ذلكَ الضرورةُ.
والسببُ الثالثُ: مُراعاةُ التناسُبِ؛ إمَّا لكلماتٍ مُنْصَرِفَةٍ انْضَمَّ إليها غيرُ مُنْصَرِفٍ؛ كقولِهِ تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً}، فقدْ قرأَ نافعٌ والكِسائيُّ وعاصِمٌ بروايَةِ أبي بكرِ بنِ عَيَّاشٍ مِن السبعةِ: سَلاسِلاً، بالتنوينِ لمناسَبَةِ ما بعدَهُ. وقرأَ الباقونَ بغيرِ تنوينٍ على الأصْلِ في مثلِ هذهِ الْجُموعِ. أوْ يكونُ لِرُؤُوسِ الآيِ؛ كقولِهِ تعالى: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً* وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً* وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ* قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً*}.
فقدْ قرأَ نافعٌ وأبو بكرٍ والكِسائيُّ وابنُ كثيرٍ بتنوينِ (قَوَارِيراً) الأُولَى مُراعاةً للتنوينِ الذي في آخِرِ الآيَةِ السابقةِ لها مباشَرَةً وآخِرِ الآيَةِ التاليَةِ لها، كما قَرَأَ نافعٌ وأبو بكرٍ والكِسائيُّ (قَوَارِيراً) الثانيَةَ بالتنوينِ مُراعاةً لتنوينِ (قَوَارِيراً) التي في الآيَةِ السابقةِ. وقرأَ الباقونَ مِن السبعةِ بغيرِ تنوينٍ فيهما على الأصْلِ في مثلِ هذهِ الْجُموعِ.
وأمَّا الحكْمُ الثاني، وهوَ مَنْعُ الاسمِ المنصَرِفِ مِن الصرْفِ؛ فإنَّهُ يَجوزُ للشاعِرِ في ضرورةِ الشعْرِ أنْ يَمْنَعَ الاسمَ المنصَرِفَ مِن التنوينِ؛ كقولِ الشاعرِ:
طَلَبَ الأَزَارِقَ بالكَتَائِبِ إذْ هَوَتْ = بِشَبِيبَ غَائِلَةُ النُّفُوسِ غَدُورُ
فقدْ مَنَعَ مِن التنوينِ كلمةَ (شَبِيبَ) للضرورةِ؛ لأنَّهُ ليسَ فيهِ سَبَبٌ غيرَ العَلَمِيَّةِ.
وفيما تَقَدَّمَ يقولُ ابنُ مالِكٍ: (ولاضْطِرَارٍ أوْ تَنَاسُبٍ صُرِفْ.. إلخ)؛ أيْ: أنَّ الممنوعَ مِن الصرْفِ قدْ يُصْرَفُ لضرورةِ الشعْرِ، أوْ لإرادةِ التناسُبِ في الكلامِ. والاسمُ المصروفُ (قدْ لا يَنْصَرِفْ)؛ أيْ: لا يُنَوَّنُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
متفرقة, مسائل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir