دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 06:23 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي مسائل في العطف


والفاءُ قدْ تُحْذَفُ مَعْ ما عَطَفَتْ = والواوُ إذْ لا لَبْسَ وَهْيَ انْفَرَدَتْ
بعَطْفِ عاملٍ مُزَالٍ قدْ بَقِي = معمولُهُدَفْعًا لِوَهْمٍ اتُّقِي
وحَذْفَ مَتبوعٍ بَدَاهنا اسْتَبِحْ = وعَطْفُكَ الفِعلَ على الفِعلِ يَصِحْ
واعْطِفْ عَلَى اسْمِ شِبْهِ فِعْلٍ فِعْلَا = وعَكْسًا اسْتَعْمِلْ تَجِدْهُ سَهْلَا


  #2  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 03:41 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


والفاءُ قد تُحْذَفُ معْ ما عَطَفَتْ = والواوُ إذ لا لَبْسَ وَهْيَ انْفَرَدَتْ ([1])
بعَطْفِ عاملٍ مُزالٍ قد بَقِي = معمولُهُ دَفْعاً لوَهْمٍ اتُّقِي ([2])

قد تُحْذَفُ الفاءُ معَ مَعطوفِها للدَّلالَةِ، ومنه قولُه تعالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}؛ أي: فَأَفَطَرَ فعليه عِدَّةٌ مِن أيَّامٍ أُخَرَ، فحَذَفَ "أَفْطَرَ" والفاءَ الداخلةَ عليه، وكذلك الواوُ، ومنه قولُهم: "راكِبُ الناقَةِ طَلِيحَانِ"؛ أيْ: راكِبُ الناقَةِ والناقةُ طَلِيحَانِ.
وانْفَرَدَتِ الواوُ مِن بينِ حُروفِ العطْفِ بأنَّها تَعْطِفُ عاملاً مَحذوفاً بَقِيَ مَعمولُه، ومنه قولُه:
299- إذَا مَا الغَانِيَاتُ برَزْنَ يَوْماً = وزَجَّجْنَ الْحَواجِبَ والعُيُونَا ([3])
فـ "العُيُونُ" مَفعولٌ بفِعْلٍ محذوفٍ، والتقديرُ: وكحَّلْنَ العُيونَ، والفعْلُ المحذوفُ مَعطوفٌ على "زَجَّجْنَ"([4]).
وحَذْفَ مَتبوعٍ بَدَا هنا اسْتَبِحْ = وعَطْفُكَ الفِعلَ على الفِعلِ يَصِحْ ([5])
قد يُحْذَفُ المعطوفُ عليه للدَّلالَةِ عليه، وجُعِلَ منه قولُه تعالَى: {أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ}، قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: التقديرُ: أَلَمْ تَأْتِكُمْ آياتي فلَمْ تَكُنْ تُتلَى عليكم. فحُذِفَ المعطوفُ عليه وهو: "أَلَمْ تَأتِكُمْ".
وأَشارَ بقولِه: (وعَطْفُكَ الفعْلَ... إلى آخِرِه) إلى أنَّ العطْفَ ليس مُخْتَصًّا بالأسماءِ، بل يكونُ فيها وفي الأفعالِ، نحوُ: يَقومُ زيدٌ ويَقعُدُ، وجاءَ زيدٌ ورَكِبَ، واضْرِبْ زيداً وقُمْ.
واعْطِفْ على اسْمٍ شِبْهِ فِعْلٍ فِعْلاَ = وعَكْساً اسْتَعْمِلْ تَجِدْهُ سَهْلاَ ([6])
يَجُوزُ أنْ يُعْطَفَ الفعْلُ على الاسمِ الْمُشْبِهِ للفعْلِ؛ كاسمِ الفاعلِ ونحوِه، ويَجوزُ أيضاً عكْسُ هذا، وهو أنْ يُعطَفَ على الفعْلِ الواقِعِ مَوقِعَ الاسمِ اسمٌ، فمِن الأوَّلِ قولُه تعالَى: {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً}، وجُعِلَ منه قولُه تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ}.
ومِن الثاني قولُه:
300- فأَلْفَيْتُهُ يَوماً يُبِيرُ عَدُوَّهُ = ومُجْرٍ عَطاءً يَستَحِقُّ الْمَعَابِرَا([7])
وقولُه:
301- باتَ يُغَشِّيهَا بعَضْبٍ بَاتِرِ = يقْصِدُ في أَسْوُقِهَا وجَائِرِ([8])
فـ (مُجْرٍ) مَعطوفٌ على (يُبِيرُ)، و(جائِرِ) معطوفٌ على (يَقْصِدُ).


([1]) و(الفاءُ) مُبتدأٌ، (قد) حرْفُ تَقليلٍ، (تُحْذَفُ) فعْلٌ مضارِعٌ مَبنيٌّ للمجهولِ، ونائبُ الفاعِلِ ضَميرٌ مُستَتِرٌ فيه جوازاً تَقديرُه هي، يَعودُ إلى الفاءُ، والجملةُ في مَحَلِّ رفْعٍ خبَرُ المبتَدَأِ، (معْ) ظرْفٌ مُتَعلِّقٌ بتُحْذَفُ، ومعْ مُضافٌ و(ما) اسمٌ موصولٌ: مُضافٌ إليه، (عَطَفَتْ) عَطَفَ: فعْلٌ ماضٍ، والتاءُ للتأنيثِ، والفاعِلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ فيه جوازاً تَقديرُه هي يَعودُ على الفاءُ، والجملةُ لا مَحَلَّ لها مِن الإعرابِ صِلَةُ ما الموصولةِ، والعائدُ ضَميرٌ مَنصوبٌ محذوفٌ، والتقديرُ: معَ الذي عَطَفَتْه، (والواوُ) الواوُ حرْفُ عطْفٍ، الواوُ: مُبتدأٌ خبَرُه محذوفٌ؛ أيْ: والواوُ كذلك، (إذ) ظرْفٌ يَتَعَلَّقُ بتُحْذَفُ، (لا) نافيةٌ للجنْسِ، (لَبْسَ) اسمُ لا، وخبَرُه مَحذوفٌ؛ أيْ: لا لَبْسَ مَوجودٌ، (وهي) ضَميرٌ مُنفَصِلٌ مُبتدأٌ، وجُملةُ (انْفَرَدَتْ) معَ فاعِلِه الْمُستَتِرِ فيه في مَحَلِّ رفْعٍ خبَرٌ.

([2]) (بعَطْفِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ بانْفَرَدَتْ في البيتِ السابقِ، و(عطْفِ) مُضافٌ (وعامِلٍ) مُضافٌ إليه، (مُزالٍ) نعتٌ لعامِل، (قد) حرْفُ تَحقيقٍ، (بَقِي) فعْلٌ ماضٍ، (معمولُه) معمولُ: فاعِلُ بَقِيَ، ومعمولُ مُضافٌ والهاءُ مُضافٌ إليه، والجملةُ في مَحَلِّ جَرٍّ صِفةٌ ثانيةٌ لعامِلٍ، (دَفْعاً) مفعولٌ لأجلِهِ، (لِوَهْمٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ بقولِه: (دَفْعاً)، (اتُّقِي) فعْلٌ ماضٍ مَبنيٌّ للمجهولِ، ونائبُ الفاعِلِ ضَميرٌ مُستَتِرٌ فيه جَوازاً تَقديرُه هو، يَعودُ إلى (وَهْمٍ)، والجملةُ في مَحَلِّ جَرٍّ صِفةٌ لوَهْمٍ.

([3]) 299 - هذا البيتُ للراعي النُّمَيْرِيِّ، واسْمُه عُبيدُ بنُ حُصَيْنٍ.
اللُّغَةُ: (الغَانِيَاتُ) جَمْعُ غَانِيَةٍ، وهي المرأةُ الجميلةُ، سُمِّيَتْ بذلك لاستغنائِها بِجَمَالِها عن الْحُلِيِّ ونحوِه، وقِيلَ: لاستغنائِها ببيتِ أبيها عن أنْ تُزَفَّ إلى الأزواجِ، (بَرَزْنَ) ظَهَرْنَ، (زَجَّجْنَ الحواجِبَ) دَقَّقْنَها وأَطَلْنَها ورَقَّقْنَها بأَخْذِ الشعْرِ مِن أَطْرَافِها حتى تَصيرَ مُقَوَّسَةً حَسَنَةً.
الإعرابُ: (إذا) ظرْفٌ تَضَمَّنَ معنَى الشرْطِ، (ما) زائدةٌ، (الغانياتُ) فاعِلٌ بفِعْلٍ محذوفٍ يُفَسِّرُه ما بعْدَه، والتقديرُ: إذا بَرَزَ الغانياتُ، وجُملةُ الفعْلِ المحذوفِ معَ فاعِلِه في مَحَلِّ جَرٍّ بإضافةِ إذا إليها، (بَرَزْنَ) بَرَزَ: فعْلٌ ماضٍ، ونونُ النسوةِ فاعلٌ، والجملةُ مِن بَرَزَ المذكورِ معَ فاعلِه لا مَحَلَّ لها مفَسِّرَةٌ، (يوماً) ظرْفُ زمانٍ مَنصوبٌ ببَرَزْنَ، (وزَجَّجْنَ) فعْلٌ وفاعِلٌ، والجملةُ معطوفٌة بالواوِ على جُملةِ بَرَزْنَ يَوْماً، (الحواجِبَ) مفعولٌ به لِزَجَّجَ، (والعُيُونَا) معطوفٌ عليه بالتوَسُّعِ في معنى العامِلِ، أو مفعولٌ لفعْلٍ محذوفٍ يَتناسَبُ معَه؛ أيْ: وكَحَّلْنَ العيونَ، ونحوه، وستَعْرِفُ تَفصيلَ هَذينِ التَّوْجِيهَيْنِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (وزَجَّجْنَ الحواجِبَ والعُيونَا)؛ حيثُ عطَفَ الشاعرُ بالواوِ عامِلاً مَحذوفاً قد بَقِيَ مَعمولُه، فأمَّا العامِلُ المحذوفُ فهو الذي قَدَّرْنَاهُ في الإعرابِ بقَوْلِنا: (وكَحَّلْنَ)، وأمَّا المعمولُ الباقي فهو قولُه: (والعُيُونَا) عَطَفَتْه الواوُ على عاملٍ مذكورٍ في الكلامِ، وهو قولُه: (زَجَّجْنَ)، وهذا العامِلُ المذكورُ الذي هو (زَجَّجْنَ) لا يَصْلُحُ للتسليطِ على المعطوفِ معَ بَقَاءِ مَعناه على أَصْلِه.
وهذا أحَدُ تَوجيهينِ في هذا البيتِ، ونحوُه مِن قولِهم: "عَلَفْتُها تِبْناً وماءً بارِداً"، فيُقَدَّرُ: وسقَيْتُها ماءً بارداً، وفيه توجيهٌ آخَرُ، وهو أنْ تُضَمِّنَ العاملَ المذكورَ في الكلامِ معنَى عامِلٍ آخَرَ يَصِحُّ تَسليطُه على كلٍّ مِن المعطوفِ والمعطوفِ عليه، فيُقَدَّرُ في البيتِ: "وحَسَّنَّ الحواجبَ والعُيُونَا"، وفيما ذَكَرْنَاهُ مِن قولِهم: "عَلَفْتُها... إلخ" يُقَدَّرُ: "أَنَلْتُها تِبْناً وماءً"، أو "قَدَّمْتُ لها تِبْناً وماءً"، ونحوُ ذلكَ. وارجِعْ إلى شرْحِ الشاهِدِ رَقْمِ 166 في بابِ المفعولِ معَه.

([4]) ذكَرَ المصنِّفُ رَحِمَه اللهُ أنَّ الواوَ والفاءَ قد يُحذَفَانِ معَ معطوفِهما، ولم يَذْكُرْ "أمْ"، معَ أنَّها تُشارِكُهما في ذلك، ومنه قولُ أبي ذُؤَيْبٍ:
دَعَانِي إليها القَلْبُ إِنِّي لأَمْرِهِ = سميعٌ، فما أَدْرِي أَرُشْدٌ طِلاَبُهَا؟
تَقديرُ الكلامِ: أَرُشْدٌ طِلاَبُها أمْ غَيٌّ. فحُذِفَ المعطوفُ لانسياقِه وتَبَادُرِه إلى الذِّهْنِ.

([5]) و(حَذْفَ) مفعولٌ تقَدَّمَ على عامِلِه، وهو قولُه: (استَبِحِ) الآتي، وحَذْفَ مُضافٌ و(مَتبوعٍ) مُضافٌ إليه، (بَدَا) فعْلٌ ماضٍ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جوازاً تَقديرُه هو يَعودُ إلى متبوعٍ، والجملةُ في مَحَلِّ جَرٍّ صِفَةٌ لِمَتبوعٍ، (هنا) ظرْفُ مكانٍ مُتَعلِّقٌ باستَبِحْ أو ببَدَا، (وعَطْفُكَ) الواوُ للاستئنافِ، وعطْفُ: مُبتدأٌ، وعَطْفُ مُضافٌ والكافُ ضميرُ المخاطَبِ مُضافٌ إليه مِن إضافَةِ المصدَرِ لفاعلِه، (الفِعْلَ) مفعولٌ به للمصدَرِ، (على الفِعْلِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ بعَطْفٍ، (يَصِحْ) فعْلٌ مضارِعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جوازاً تَقديرُه هو يَعودُ إلى (عَطْفُكَ الفِعْلَ)، والجملةُ في مَحَلِّ رفْعٍ خبَرُ المبتَدَأِ الذي هو (عطْفُكَ الفِعْلَ).

([6]) (واعطِفْ) فعْلُ أمْرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجوباً تَقديرُه أنتَ، (على اسمٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ باعطِفْ، (شِبْهِ) نعتٌ لاسمٍ، وشِبْهِ مُضافٌ و(فِعْلٍ) مُضافٌ إليه، (فِعْلاَ) مفعولٌ به لاعْطِفْ، و(عَكْساً) مفعولٌ مُقَدَّمٌ لـ (استَعْمِل) الآتي، (استَعْمِلْ) فعْلُ أمْرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه وُجوباً تَقديرُه أنتَ، (تَجِدْهُ) تَجِدْ: فعْلٌ مضارِعٌ مجزومٌ في جوابِ الأمْرِ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه وُجوباً تَقديرُه أنتَ، والهاءُ مفعولٌ أوَّلُ، (سَهْلاَ) مفعولٌ ثانٍ لتَجِدْ.

([7]) 300 - البيتُ مِن الشواهِدِ التي لم يَنْسُبْها أحَدٌ مِن شُرَّاحِ الشواهِدِ، وهو مِن قَصيدةٍ للنابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ، يَمْدَحُ فيها النُّعمانَ بنَ المُنْذِرِ مَلِكِ العرَبِ في الْحِيرَةِ، وأوَّلُ هذه القَصيدةِ قَولُه:
كَتَمْتُكَ ليلاً بالْجُمُومَيْنِ سَاهِرَا = وهَمَّيْنِ: هَمًّا مُسْتَكِنًّا وظَاهِرَا
أحاديثَ نفْسٍ تَشتكِي ما يَرِيبُها = ووِرْدَ هُمومٍ لن يَجِدْنَ مَصادِرَا
اللُّغَةُ: (أَلْفَيْتُه) أَلْفَى: وَجَدَ، (يَوْماً) أَرادَ به مُجَرَّدَ الوقْتِ، (يُبِيرُ) يُهْلِكُ، ومَاضِيهِ أَبَارَ، ويُرْوَى: "يُبيدُ" بالدالِ، وهو بمعنى يُبِيرُ، (ومُجْرٍ) اسمُ فاعلٍ مِن أَجْرَى، ووَقَعَ في نُسخةٍ مِن نُسخِ دِيوانِ النابِغَةِ: (وبَحْرِ عَطاءٍ)، و(الْمَعَابِر) جمْعُ مِعْبَرٍ – بزِنَةِ مِنْبَرٍ – وهو ما يُعْبَرُ الماءُ عليه؛ كالسَّفِينَةِ.
الإعرابُ: (فأَلْفَيْتُهُ) أَلْفَى: فعْلٌ ماضٍ، وتاءُ المتكلِّمِ فاعلٌ، والهاءُ مفعولٌ أوَّلُ، (يوماً) ظرْفُ زَمانٍ مُتَعلِّقٌ بأَلْفَى، (يُبِيرُ) فعْلٌ مضارِعٌ، والفاعلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ فيه جوازاً تَقديرُه هو يَعودُ إلى الممدوحِ، والجملةُ في مَحَلِّ نصْبٍ مفعولٌ ثانٍ لأَلْفَى، (عَدُوَّهُ) عَدُوَّ: مفعولٌ به ليُبِيرُ، وعَدُوَّ مُضافٌ والهاءُ مُضافٌ إليه، (ومُجْرٍ) معطوفٌ على (يُبِيرُ) الذي وَقَعَتْ جُمْلَتُهُ مَفعولاً ثانياً، وكانَ مِن حَقِّه أنْ يَقولَ: (ومُجْرِياً)، ولكنَّه حَذَفَ ياءَ المنقوصِ في حالِ النصْبِ إجراءً لهذه الحالِ مَجْرَى حالَيِ الرفْعِ والجرِّ؛ كما في قولِ عُرْوَةَ بنِ حِزامٍ:
ولو أنَّ واشٍ باليَمامَةِ دَارُهُ = ودَارِي بأَعْلَى حَضَرَمَوْتَ اهْتَدَى لِيَا
(ومُجْرٍ) اسمُ فاعلٍ؛ ففيه ضميرٌ مُستَتِرٌ هو فاعِلُه، و(عَطَاءً) مفعولُه، (يَستَحِقُّ) فعْلٌ مضارِعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جوازاً تَقديرُه هو يَعودُ إلى عَطاءً، (الْمَعَابِرَا) مفعولٌ به ليَسْتَحِقُّ، والألِفُ للإطلاقِ، والجملةُ في مَحَلِّ نصْبٍ صِفَةٌ لعَطاءً.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (يُبيرُ.... ومُجْرٍ)؛ حيثُ عطَفَ الاسمَ الذي يُشْبِهُ الفعْلَ – وهو قولُه: (ومُجْرٍ)، وإنَّما أَشْبَهَ الفعْلَ لكونِه اسمَ فاعلٍ - على الفعْلِ، وهو قولُهُ: (يُبيرُ)، وذلك سائغٌ جائِزٌ.

([8]) 301 - البيتُ ممَّا أَنْشَدَه جماعةٌ مِن النَّحْوِيِّينَ – منهم أبو عليٍّ في (الإيضاحِ الشِّعْرِيِّ)، وابنُ الشَّجَرِيِّ في الأَمَالِي – ولم يَنْسُبْه واحدٌ منهم إلى قائلٍ بعَيْنِه.
اللُّغَةُ: (يُعَشِّيهَا) بالعينِ المهمَلَةِ – في روايةِ جماعةٍ مِن العُلماءِ – أصْلُ معناه: يُطْعِمُها العَشَاءَ، وبالغَيْنِ المُعْجَمَةِ – كما هو في روايةِ الأثباتِ – مأْخوذٌ مِن الغِشاءِ، وهو كالغِطاءِ وزْناً ومعنًى. (بعَضْبٍ) هو السيْفُ باتِرٌ قاطِعٌ، (يَقْصِدُ) يَقْطَعُ على غيرِ تَمامٍ، (جائِرِ)؛ أيْ: ظالِمٍ مُجاوِزٍ الحَدَّ، والضميرُ الْمُتَّصِلُ في (يُغَشِّيهَا وأَسْوُقِهَا) للإبِلِ.
المعنى: يَمْدَحُ رَجُلاً بالكرَمِ، وبأنه يَنْحَرُ الإبِلَ لضُيوفِه فيقولُ: إنَّه باتَ يَشمَلُ إبِلَه ويَعُمُّهَا بسَيْفٍ قاطِعٍ نافِذٍ في ضَرْبَتِه، يَقْطَعُ أَسْوُقَ التي تَستَحِقُّ الذبْحَ ويَجُوزُ إلى أُخرى لا تَسْتَحِقُّه.
الإعرابُ: (باتَ) فعْلٌ ماضٍ ناقِصٌ، واسمُه ضَميرٌ مستَتِرٌ فيه جوازاً تَقديرُه هو، يَعودُ إلى الممدوحِ، (يُغَشِّيهَا) يُغَشِّي: فعْلٌ مضارِعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جوازاً تَقديرُه هو، يَعودُ إلى اسمِ باتَ، والضميرُ البارِزُ مفعولٌ به، والجملةُ في مَحَلِّ نصْبٍ خَبَرُ باتَ، (بعَضْبٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ بيُغَشِّي، (باتِرِ) صِفَةٌ لعَضْبٍ، (يَقْصِدُ) فعْلٌ مضارِعٌ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جوازاً تَقديرُه هو يَعودُ إلى عَضْبٍ، والجملةُ في مَحَلِّ جَرٍّ صِفَةٌ ثانيةٌ لعَضْبٍ، (في أَسْوُقِها) الجارُّ والمجرورُ مُتَعلِّقٌ بيَقْصِدُ، وأسوُقِ مُضافٌ وها: مُضافٌ إليه، (وجَائِرِ) معطوفٌ على يَقْصِدُ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (يَقصِدُ.... وجائِرِ)؛ حيثُ عَطَفَ اسْماً يُشْبِهُ الفعْلَ – وهو قولُه: (جَائِرِ)، وإنَّما أَشْبَهَ الفعْلَ لكونِه اسمَ فاعِلٍ - على فعْلٍ، وهو قولُه: (يَقْصِدُ)، وذلك سهْلٌ لا مانِعَ منه، وقد وَرَدَ في النثْرِ العربيِّ، بل ورَدَ في أفصَحِ الكلامِ، وهو القرآنُ الكريمُ؛ كالآيةِ التى تَلاَهَا الشارِحُ.


  #3  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 03:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


فَصلٌ: تَختَصُّ الفَاءُ والواوُ بجَوَازِ حَذفِهِمَا معَ مَعطُوفِهِما لدَلِيلٍ, مِثَالُهُ في الفَاءِ: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ}([1])؛ أي: فضَرَبَ فَانبَجَسَت, وهذا الفِعلُ المَحذُوفُ مَعطُوفٌ على (أَوْحَيْنَا), ومِثَالُهُ في الوَاوِ قَولُهُ:
427- فَمَا كَانَ بَيْنَ الخَيْرِ لَوْ جَاءَ سَالِماً = أَبُو حَجَرٍ إِلاَّ لَيَالٍ قَلائِلُ([2])
أي: بينَ الخَيرِ وبَينِي, وقَولُهُم: (رَاكِبُ النَّاقَةِ طَلِيحَانِ)؛ أي: وَالنَّاقَةِ([3]).
وتَختَصُّ الوَاوُ بجَوَازِ عَطفِهَا عَامِلاً قد حُذِفَ وبَقِيَ مَعمُولُه([4])، مَرفُوعاً كانَ, نَحوُ: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ}([5])؛ أي: وَلْيَسْكُنْ زَوجُكَ, أو مَنصُوباً, نَحوُ: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ}([6])؛ أي: وَأَلِفُوا الإيمَانَ, أو مَجرُوراً, نَحوُ: (مَا كُلُّ سَودَاءَ تَمْرَةً وَلا بَيْضَاءَ شَحْمَةً)؛ أي: ولا كُلُّ بَيضَاءَ.
وإنَّمَا لم يَجعَلِ العَطفَ فيهِنَّ على المَوجُودِ في الكلامِ لئلاَّ يَلزَمَ في الأوَّلِ: رَفْعُ فِعلِ الأمْرِ للاسمِ الظَّاهِرِ, وفِي الثَّانِي كَونُ الإيمَانِ مُتَبَوَّأً, وإنَّمَا يُتَبَوَّأُ المَنزِلُ, وفي الثَّالِثِ العَطفُ على مَعمُولَي عَامِلَينِ, ولا يَجُوزُ في الثَّانِي أن يَكُونَ الإيمَانُ مَفعُولاً معَهُ لعَدَمِ الفَائِدَةِ في تَقيِيدِ المُهَاجِرِينَ بمُصَاحَبَةِ الإيمَانِ؛ إذ هو أَمرٌ مَعلُومٌ.
ويَجُوزُ حَذفُ المَعطُوفِ علَيهِ بالفَاءِ والوَاوِ؛ فالأوَّلُ كقَولِ بَعضِهِم: (وَبِكَ وَأَهْلاً وسَهْلاً) جَوَاباً لِمَن قالَ لهُ: مَرْحَباً, والتَّقْدِيرُ: ومَرْحَباً بِكَ وأَهلاً, والثَّانِي نَحوُ: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً}([7])؛ أي: أَنُهْمِلُكُم فنَضْرِبُ, ونَحوُ: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}([8])؛ أي: أَعَمُوا فَلَمْ يَرَوْا([9]).


([1]) سورة الأعراف، الآية: 160.

([2]) 427-هذا بَيْتٌ مِن الطَّوِيلِ، وهو مِن كَلِمَةٍ للنَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ يَرْثِي فيهَا أَبَا حَجَرٍ النُّعْمَانَ بْنَ الحَارِثِ بْنِ أَبِي شَمَرٍ الغَسَّانِيَّ.
الإعرَابُ: (مَا) حَرْفُ نَفْيٍ مَبْنِيٌّ على السُّكُونِ لا مَحَلَّ لهُ مِنَ الإعْرَابِ. (كَانَ) فِعْلٌ مَاضٍ نَاقِصٌ. (بَيْنَ) ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بمَحْذُوفٍ خَبَرُ كَانَ تَقَدَّمَ علَى اسْمِهِ، وبَيْنَ مُضَافٌ و(الخَيْرِ) مُضَافٌ إلَيْهِ، وفِي الكَلامِ مَعْطُوفٌ حُذِفَ هو وحَرْفُ العَطْفِ، وأَصْلُ الكَلامِ: فَمَا كَانَ بَيْنَ الخَيْرِ وبَيْنِي. (لَوْ) حَرْفُ شَرْطٍ غَيْرُ جَازِمٍ. (جَاءَ) فِعْلٌ مَاضٍ. (سَالِماً) حَالٌ مِنَ الفَاعِلِ تَقَدَّمَ علَيْهِ. (أَبُو) فَاعِلُ جَاءَ مَرْفُوعٌ بالوَاوِ نِيَابَةً عَن الضَّمَّةِ؛ لأنَّهُ مِن الأسْمَاءِ السِّتَّةِ، وأَبُو مُضَافٌ و(حَجَرٍ) مُضَافٌ إليْهِ مَجْرُورٌ بالكَسْرَةِ الظَّاهِرَةِ، وجَوَابُ "لو" مَحْذُوفٌ يَدُلُّ علَيْهِ الكَلامُ، وجُمْلَةُ "لو" وشَرْطِهَا وجَوَابِهَا لا مَحَلَّ لهَا مِنَ الإعْرَابِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ خَبَرِ كَانَ واسْمِهَا. (إِلاَّ) أَدَاةُ حَصْرٍ حَرْفٌ مَبْنِيٌّ على السُّكُونِ لا مَحَلَّ لهُ مِنَ الإعْرَابِ. (لَيَالٍ) اسْمُ كَانَ مَرْفُوعٌ بضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ على اليَاءِ المَحْذُوفَةِ للتَّخَلُّصِ مِن التِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. (قَلائِلُ) صِفَةٌ للَيَالٍ وصِفَةُ المَرْفُوعِ مَرْفُوعَةٌ وعَلامَةُ رَفْعِهَا الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ.
الشَّاهِدُ فيهِ: حَذْفُ الوَاوِ المَعْطُوفِ بِهَا، وتَقْدِيرُهُ: (بَيْنَ الخَيْرِ وَبَيْنِي) كمَا ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ، ودَلِيلُ هذَا الحَذْفِ قَوْلُهُ: (بَيْنَ الخَيْرِ) مِن قِبَلِ أنَّ كَلِمَةَ (بَيْنَ) يَجِبُ أن يَكُونَ ما تُضَافُ إلَيْهِ مُتَعَدِّداً على ما بَيَّنَّاهُ لكَ قَرِيباً.
ومِثْلُهُ المِثَالُ الذي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ مِمَّا يَقُولُهُ العَرَبُ، فإنَّ (رَاكِبُ النَّاقَةِ) مُبْتَدَأً، وطُلَيْحَانِ: خَبَرُ المُبْتَدَأِ، ولَو بَقِيَ الكَلامُ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ لوَقَعَ الإِخْبَارُ بالمُثَنَّى عن المُفْرَدِ، وهو لا يَجُوزُ، فلَزِمَ أن يُقَدَّرَ مَعْطُوفٌ بحَرْفِ عَطْفٍ مَحْذُوفٍ، وصَارَ الكَلامُ: رَاكِبُ النَّاقَةِ والنَّاقَةِ طُلَيْحَانِ، وهذَا التَّقْدِيرُ أَوْلَى مِن تَقْدِيرِ مُضَافٍ مَحْذُوفٍ قَبْلَ الخَبَرِ يُصَيِّرُ الكَلامَ: رَاكِبُ النَّاقَةِ أَحَدُ طُلَيْحَيْنِ، فاعْرِفْ ذلكَ.

([3]) وتُشَارِكُ (أَم) الفَاءَ وَالوَاوَ في جَوَازِ حَذْفِهَا معَ المَعْطُوفِ بهَا، ومِن ذلكَ قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيِّ:
دَعَانِي إِلَيْهَا القَلْبُ إِنِّي لأَمْرِهِ = سَمِيعٌ، فَمَا أَدْرِي أَرُشْدٌ طِلاَبُهَا
وتَقْدِيرُ الكَلامِ: فَمَا أَدْرِي أَرُشْدٌ طِلابُهَا أَمْ غَيٌّ، فحُذِفَ أَمْ ومَعْطُوفُهَا لانْفِهَامِ ذلكَ مِن هَمْزَةِ الاسْتِفْهَامِ.
ونَظِيرُ ذلكَ قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ أَيْضاً:
وَقَالَ صِحَابِي: قَدْ غُبِنْتَ، وَخِلْتُنِي = غُبِنْتُ، فَمَا أَدْرِي أَشَكْلُكُمُ شَكْلِي؟
وتَقْدِيرُ الكَلامِ: فَمَا أَدْرِي أَشَكْلُكُمُ شَكْلِي أَمْ غَيْرُهُ.
وإنَّمَا اقْتَصَرَ المُؤَلِّفُ هُنَا على ذِكْرِ الوَاوِ والفَاءِ كمَا اقْتَصَرَ ابْنُ مَالِكٍ فِي "الأَلْفِيَّةِ" علَيْهِمَا؛ لأنَّ حَذْفَهُمَا معَ مَعْطُوفِهِمَا أَكْثَرُ مِن ذلكَ الحَذْفِ معَ غَيْرِهِمَا.

([4]) انْظُرْ في هذا المَوْضُوعِ مَبَاحِثَ المَفْعُولِ بِهِ.

([5]) سورة البقرة، الآية: 35.

([6]) سورة الحشر، الآية: 9.

([7]) سورة الزخرف، الآية: 5.

([8]) سورة سبأ، الآية: 9.

([9]) ههُنَا ثَلاثَةُ أُمُورٍ أُحِبُّ أن أُبَيِّنَهَا لكَ بَيَاناً وَافِياً:
الأمْرُ الأوَّلُ: اقْتَصَرَ المُؤَلِّفُ في بَيَانِ حَذْفِ المَعْطُوفِ علَيْهِ علَى مَا إِذَا كَانَ المَعْطُوفُ مَعْطُوفاً بالوَاوِ أو بِالفَاءِ، وذَكَرَ فِي (مُغْنِي اللَّبِيبِ) ما يُفْهَمُ مِنْهُ أنَّ (ثُمَّ) مِثْلُ الفَاءِ والوَاوِ، فإنَّهُ قالَ في قَوْلِهِ تَعَالَى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا}: إِنَّ {جَعَلَ مِنْهَا} مَعْطُوفٌ بثُمَّ علَى مَحْذُوفٍ، وتَقْدِيرُ الكَلامِ: خَلَقَكُمْ مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ أَنْشَأَهَا ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا، وإنَّمَا لَزِمَ هذا التَّقْدِيرُ لدَفْعِ تَوَهُّمِ أنَّ الذُّرِّيَّةَ قَدْ وُجِدَت قَبْلَ خَلْقِ الزَّوْجَةِ.
وكَثِيرٌ مِن النُّحَاةِ يَجْعَلُ (أَم) المُتَّصِلَةَ مِثْلَ الوَاوِ والفَاءِ في جَوَازِ حَذْفِ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ، ومَثَّلُوا لذلكَ بقَوْلِهِ تعَالَى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ ولَمَّا يَعْلَمِ اللَّهِ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} قَالُوا: إِنَّ تَقْدِيرَ الكَلامِ: أَعِلِمْتُمْ أنَّ الجَنَّةَ حُفَّتْ بالمَكَارِهِ أَمْ حَسِبْتُم أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ؟
والسِّرُّ في اقْتِصَارِ المُؤَلِّفِ على ذِكْرِ الوَاوِ والفَاءِ أنَّ الحَذْفَ معَهُمَا أَشْهَرُ وأَعْرَفُ مِنْهُ معَ "ثُمَّ" ومعَ "أَم" وهُوَ معَ الوَاوِ كَثِيرٌ ومعَ الفَاءِ قَلِيلٌ نِسْبِيًّا، قالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي (التَّسْهِيلِ): (ويُغْنِي عَنِ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ المَعْطُوفُ بالوَاوِ كَثِيراً وبالفَاءِ قَلِيلاً).
الأَمْرُ الثَّانِي: قَوْلُهُم: (وَبِكَ وَأَهْلاً وسَهْلاً) يَشْتَمِلُ علَى ثَلاثِ وَاوَاتٍ، أمَّا الوَاوُ الأُولَى فهِيَ عَاطِفَةٌ لمَجْمُوعِ كَلامِ المُتَكَلِّمِ علَى مَجْمُوعِ كَلامِ المُخَاطَبِ، فهِي عَاطِفَةٌ لمَذْكُورٍ علَى مَذْكُورٍ، ولَيْسَت هذهِ الوَاوُ مَحِلَّّ الاسْتِشْهَادِ، وأمَّا الوَاوُ الثَّانِيَةُ فهي عَاطِفَةٌ لقَوْلِهِ: (أَهْلاً) علَى (مَرْحَباً) المَحْذُوفِ مِن كَلامِ المُتَكَلِّمِ، وكأنَّهُ قالَ: (وبِكَ مَرْحَباً وأَهْلاً وسَهْلاً) فإنْ قَدَّرْتَ العَامِلَ في الجَمِيعِ وَاحِداً يَعُمُّهَا -وكأنَّهُ قِيلَ: صَادَفْتَ مَرْحَباً وأَهْلاً وسَهْلاً – فهو مِن بَابِ عَطْفِ مُفْرَدٍ علَى مُفْرَدٍ، وإِنْ قَدَّرْتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَامِلاً يَخُصُّهُ – وكأنَّهُ قِيلَ: قَابَلْتَ مَرْحَباً – أي: تَرْحِيباً – ولَقِيتَ أَهْلاً، ونَزَلْتَ سَهْلاً – فهو مِنْ بَابِ عَطْفِ جُمْلَةٍ علَى جُمْلَةٍ.

ونَظِيرُ هذهِ العِبَارَةِ قَوْلُ القَائِلِ: و(عَلَيْكُمُ السَّلامُ) جَوَاباً لمَنْ قَالَ لهُ: (السَّلامُ عَلَيْكُم) فإنَّ الوَاوَ فِي الجَوَابِ كالوَاوِ الوَاقِعَةِ في أوَّلِ العِبَارَةِ السَّابِقَةِ، فهِي لعَطْفِ كَلامِ المُتَكَلِّمِ المُجِيبِ علَى كَلامِ المُخَاطَبِ البَادِئِ.
الأمْرُ الثَّالِثُ: تَقْدِيرُ المُؤَلِّفِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً} بقَوْلِهِ: أَنُهْمِلُكُم فنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً، هو أَحَدُ تَقْدِيرَيْنِ في مِثْلِ هذه العِبَارَةِ، وهو تَقْدِيرُ الزَّمَخْشَرِيِّ وجَمَاعَةٍ. وحَاصِلُ المَسْأَلَةِ أنَّ ثَلاثَةً مِن حُرُوفِ العَطْفِ قَدْ وَقَعَتْ بَعْدَ هَمْزَةِ الاسْتِفْهَامِ، وهِيَ الوَاوُ، نَحْوُ: {أَوَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُكُمْ} وَالفَاءُ، نَحْوُ: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً} وثُمَّ، نَحْوُ: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ}.
وقَد اخْتَلَفَ النُّحَاةُ فِي تَخْرِيجِ ذَلِكَ، فقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هذهِ الحُرُوفُ عَاطِفَةٌ والمَعْطُوفُ عَلَيْهِ مُقَدَّرٌ، ومَكَانُهُ بَعْدَ هَمْزَةِ الاسْتِفْهَامِ؛ لأنَّ لهَمْزَةِ الاسْتِفْهَامِ الصَّدَارَةَ، وتَقْدِيرُ الآيَةِ الأُولَى: أَسِرْتُمْ معَ شَهَوَاتِكُم وكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ، وتَقْدِيرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: أَنُهْمِلُكُم فَنَضْرِبُ عَنْكُم، وتَقْدِيرُ الآيَةِ الثَّالِثَةِ: أَأَنْكَرْتُم مَا أَوْعَدْنَاكُمْ بِهِ ثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ.
وذَهَبَ سِيبَوَيْهِ والجُمْهُورُ إلَى أنَّ الهَمْزَةَ مُقَدَّمَةٌ عَن مَوْضِعِهَا الأصْلِيِّ، وأَصْلُ مَوْضِعِهَا بَعْدَ حَرْفِ العَطْفِ، وجُمْلَةُ الاسْتِفْهَامِ مَعْطُوفَةٌ بالحَرْفِ علَى الكَلامِ السَّابِقِ، وأَصْلُ العِبَارَةِ في الآيَةِ الأُولَى: وَأَكُلَّمَا جَاءَكُم رَسُولٌ، وأَصْلُهَا فِي الآيَةِ الثَّانِيَةِ: فَأَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً، وأَصْلُهَا فِي الآيَةِ الثَّالِثَةِ: ثُمَّ أَإِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ.



  #4  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 03:43 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


561 - وَالفَاءُ قَدْ تُحْذَفُ مَعَ مَا عَطَفْتَ = وَالوَاوُ، إِذْ لاَ لَبْسَ وَهِيَ انْفَرَدَتْ
(وَالفَاءُ قَدْ تُحْذَفُ مَعَ مَا عَطَفْتَ = وَالوَاوُ، إِذْ لاَ لَبْسَ وَهِيَ انْفَرَدَتْ )
وهو قيدٌ فيهما، أي تختصُّ الفاءُ والواوُ بجوازِ حذفِهما مع معطوفِهما لدليلِ مثالِه في الفاءِ: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ} أي: فضرب فَانْفَجَرَتْ، وهذا الفعلُ معطوفٌ على {فَقُلْنَا}.
ومثالُه في الواوِ قولِه [من الطويل]:
851 - فَمَا كَانَ بَيْنَ الخَيْرِ لَوْ جَاءَ سَالِمًا = أَبُو حُجْرٍ إِلاَّ لَيَالٍ قَلاَئِلُ
أي: بين الخيرِ وبيني، وقولُه: "راكبُ الناقةِ طَلِيحَانِ" أي والناقةُ، ومنه {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ} أي: والبَرْدَ.
تنبيهانِ
الأَوَّلُ: "أمْ" تشاركُهُمَا في ذلك كما ذكَرَه في (التسهيلِ):
ومنه قولُه [من الطويل]:
852 - دَعَانِي القَلْبُ إِلَيْهَا إِنِّي لِأَمْرِهِ = سَمِيعٌ فَمَا أَدْرِي أَرُشْدٌ طِلاَبُهَا
أي أمْ غَيٌّ، وإنَّما لم يذكُرْها هنا لِقِلَّتِه فيها.
الثاني: قد يُحْذَفُ العاطفُ وحدَه، ومنه قولُه [من الخفيف]:
853 - كَيْفَ أَصْبَحْتَ، كَيْفَ أَمْسَيْتَ مِمَّا = يَغِْرُس الوُدَّ فِي فُؤَادِ الكَرِيمِ
أرادَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ وَكَيْفَ أَمْسَيْتَ، وَفِي الحَدِيثِ ((تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ)).
وحكَى أبو عثمانَ عن أبي زيدٍ أنَّهُ سمِعَ: "أَكَلْتُ خُبْزًا لَحْمًا تَمْرًا". ولا يكونُ ذلك إلا في الواوِ و"أو" و"هي" أي الواوُ (انْفَرَدَتْ) مِنْ بينِ حروفِ العطفِ.
562 - وَحَذْفُ مَتْبُوعٍ بَدَا - هنا – اسَْتِبْح = وَعَطْفُكَ الفِعْلَ عَلَى الفِعْلِ يَصِحّ
(وَحَذْفُ مَتْبُوعٍ) أي: معطوفٍ عليه (بَدَا) أي: ظَهَرَ (هنا) أي: في هذا الموضعِ، وهو العطف ُبالواوِ والفاءِ ؛ لأنَّ الكلامَ فيهما (اسْتَبِحْ) كقولِ بعضِهم: "وَبِكَ وَأَهْلاً سَهْلاً "، جَوَابًا لِمَنْ قالَ له: "مَرْحَبًا بِكَ"، والتقديرُ: ومَرْحَبًا بِكَ وَأهَلاً. ونحوُ: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} أي: أَنُهْمِلُكُمْ فَنَضْرِبَ، ونحوُ: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} أي: أَعَمُوا فَلَمْ يَرَوْا.
563 - بِعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِي = مَعْمُولُهُ، دَفْعًا لِوَهْمٍ أَتَّقِي
(بِعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ) أي: محذوفٍ (قد بَقِي * معمولُه) مرفوعًا كانَ نحوَ: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} أي: وَلْيَسْكُنْ زَوْجُكَ أَوْ مَنْصُوبًا، نحوُ: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ} أي: وَأَلِفُوا الإيمانَ، أو مجرورًا، نحوُ: "ما كُلُّ بَيْضَاءَ شَحْمَةً ولا سوداءَ تمرةً ". أي: ولا كلُّ سوداءَ وإنما لم يجعلِ العطفَ فيهنَّ على الموجودِ (دفعًا لوهمٍ اتَّقِي) أي حُذِرَ، وهُو أنَّهُ يلزَمُ في الأَوَّلِ رفْعُ فِعْلِ الأمرِ الاسمُ الظاهرُ، وفي الثاني كونُ الإيمانِ مُتَبَوَّأً، وإنما يُتَبَوَّأُ المنزلُ. وفي الثالثِ العطفُ على معمولي عاملين ولا يجوزُ في الثاني أنْ يكونَ الإيمانُ مفعولاً معه لعدمِ الفائدةِ في تقييدِ الأنصارِ بمصاحبةِ الإيمانِ إذ هو أمرٌ معلومٌ.
وأما حذْفُهُ مع "أو" في قولِه [من الطويل]:
854 - فَهَلْ لَكَ أَوْ مِنْ وَالِدٍ لَكَ قَبْلَنَا = يُوَشِّجُ أَوْلادَ العِشَارِ وَيُفْضِلُ
أي: فهل لكَ مِنْ أخٍ أو مِنْ والدٍ، فنادرٍ.
تنبيهانِ
الأَوَّلُ: قالَ في (التسهيلِ): ويُغْنِي عِنِ المعطوفِ عليه المعطوفُ بالواوِ كثيرًا وبالفاءِ قليلاً.
الثاني: قالَ فيه أيضًا، وقد يتقدَّمُ المعطوفُ بالواوِ للضرورةِ وقالَ في (الكافية):
وَمُتْبِعٍ بالواوِ قد يُقدَّمُ = مُوَسَّطًا إِنْ يُلْتَزَمْ مَا يَلْزَمُ
وظاهرُه جوازُه في الاختيارِ على قِلَّةٍ، قالَ في شرحِها قد يقَعُ أي المعطوفُ، قبلَ المعطوفِ عليه إن لم يُخْرِجْهُ التقديمُ إلى التصديرِ أو إلى مباشرةِ عاملٍ عليه لا يتصَرَّفُ، أو تقدَّمَ عليه ولذا قلْتُ:
مُوَسَّطًا إِنْ يُلْتَزَمْ مَا يَلْزَمُ
فلا يجُوزُ: "وعمرو زيد قائمان" لِتصدُّرِ المعطوفِ وفواتِ توسُّطِه، ولا "ما أحسنَ وعمرًا زيدًا" ولا "ما وعمرًا أحسن زيدًا" لعدمِ تصرُّفِ العاملِ.
ومثالُ التقديمِ الجائزِ قولُ ذي الرُّمَّةِ [من الطويل]:
855 - كَأَنَّا عَلى أَوْلاَدٍ أَحْقَبَ لَاحَهَا = وَرَمَيُ السَّفَا أَنْفَاسَهَا بِسِهَامِ
جَنُوبٌ دَوَتْ عَنْهَا التَّنَاهِي وَأَنْزَلَتْ = بِهَا يَوْمَ رَبَّابِ السَّفِيرِ صِيَامِ
وقولُ الآخرِ [من الطويل]:
856 - وَأَنْتَ غَرِيمٌ لاَ أَظُنُّ قَضَاءَهُ = وَلاَ العَنْزِيَّ القَارِظَ الدَّهْرَ جَائِيَا

(وَعَطْفُكَ الفِعْلَ عَلَى الفِعْلِ يَصِحْ)
بِشرطِ اتِّحادِ زمانيهِمَا – سواءٌ اتَّحَدَ نَوْعُهما، نحوُ: {لِنُحْيِي بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيهِ} {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ} أمِ اختلَفَا، نحوَ قولِه تعالى: (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ)، {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي} الآيةَ.

564 - وَاعْطِفْ عَلَى اسْمٍ شِبْهَ فِعْلٍ فَعَلاَ = وَعَكْسًا اسْتَعْمِلَ تَجِدْهُ سَهْلاَ
نحوُ: {صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ}، {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا فَأَثَرْنَ} لاتِّحَادِ جنسِ المتعاطفينِ في التأويلِ ؛ إذِ المعطوفُ في المثالِ الأَوَّلِ في تأويلِ المعطوفِ عليهِ وفي الثاني بالعكسِ.
(وعكسًا اسْتَعْمِل تَجِدْهُ سَهْلاَ)
كقوله [من الرجز]:
857 - يَا رُبَّ بَيْضَاءَ مِنَ العَوَاهِجِ = أُمَّ صَبِيٍّ قَدْ حَبَا أَو دَارِجِ
وقوله [من الرجز]:
858 - بَاتَ يَعْشِيهَا بِعْضِبٍ بَاتِرٍ = يَقْصِدُ فِي أَسْوَقِهَا وَجَائِرُ
وجعَلَ منه الناظمُ {يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ، وَمُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ} وقدَّرَ الزمخشريُّ عطفَ {مُخْرِجُ} على {فَالِقِ} وجعَلَ ابنُ الناظمِ تبعًا لأصلِه المعطوفِ في البيتينِ في تأويلِ المعطوفِ عليه، والذي يظهرُ عكسُه ؛ لأن المعطوفَ عليه وقَعَ نعتًا، والأصلُ فيه أنْ يكونَ اسمًا.
خاتمةٌ في مسائلَ متفرِّقَةٍ
الأُولَى: يُشْتَرَطُ لصحَّةِ العطِفِ صلاحيةَ المعطوفِ، أو ما هو بمعناه لمباشرةِ العاملِ، فالأَوَّلُ نحوُ: "قامَ زيدٌ وعمرٌو" والثاني نحو: "قامَ زيدٌ وأنا" فإنه لا يصلُحُ "قامَ أنا" ولكِنْ يصلُحُ "قُمْتُ" والتاءُ بمعنى "أنا" فإن لم يصِحَّ هو أو ما هو بمعناه لمباشرةِ العاملِ أُخِّرَ له عاملٌ يلائِمُه، وجُعِلَ مِنْ عطفِ الجملِ، وذلك كالمعطوفِ على الضميرِ المرفوعِ بالمضارعِ ذي الهمزةِ أو النونِ وتاءِ المخاطَبِ أو بفعلِ الأمرِ، نحو: "أقومُ أنا وزيدٌ "، و"نقومُ نحنُ وزيدٌ "، و"تقومُ أنتَ وزيدٌ "، و{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} أي: ولْيَسْكُنْ زوجُكَ. وكذلك باقيها، وكذلك المضارعُ المُفْتَتَحُ بتاءِ التأنيثِ نحوُ: {لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} قالَ ذلك الناظمُ.
قالَ الشيخُ أبو حيانَّ وما ذهَبَ إليه مخالفٌ لما تضافَرَتْ عليه نصوصُ النحويِّينَ والمُعْرِبِينَ، مِنْ أن {زوجُكَ} معطوفٌ على الضميرِ المُسْتَكِنِّ في {اسْكُنْ} المؤكَّدِ بـ {أَنْتَ}.
الثانية: لا يُشترَطُ في صحَّةِ العطفِ صحَّةُ وقوعِ المعطوفِ موقِعَ المعطوفِ عليه، لصحَّةِ "قامَ زيدٌ وأنا" وامتناعُ "قامَ أَنَا وَزَيْدٌ".
الثالثةُ: لا يُشْتَرَطُ صحَّةُ تقديرِ العاملِ بعدَ العاطفِ، لصحَّةِ "اخْتَصَمَ زيدٌ وعمرٌو" وامتناعُ "اختصَمَ زيدٌ واختصَمَ عمرٌو".
الرابعةُ: في عطفِ الخبرِ على الإنشاءِ وعكسِه خلافٌ منَعَه البيانيون، والناظمُ في شرح بابِ المفعولِ معَه مِنْ كتابِ (التسهيلِ)، وابنُ عصفورٍ في (شرحِ الإيضاحِ)، ونقَلَهُ عن الأكثرينَ وأجازَه الصفَّارُ تلميذُُ ابنِ عصفورٍ وجماعةٌ مستدلِّينَ بنحوِ: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا} في سورةِ البقرة ِ{وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ} في سورةِ الصَّفِ.
قالَ أبو حيانَ: وأجازَ سيبويهِ "جاءني زيدٌ ومَنْ عمرٌو العقلانِ " على أنْ يكونَ "العاقلانِ" خبرًا لمحذوفٍ ويُؤَيِّدُهُ قولُه [من الطويل]:
859 - وَإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ مِهْرَاقَةٌ = فَهْلَ عِنَْد رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
وقولُه [من الطويل]:
860 - تُنَاغِي غَزَالاً عندَ دَارِ ابْنِ عَامِرٍ = وَكَحِّلْ أَمَاقِيكَ الحِسَانِ بِإِثْمِدِ
الخامسةُ: في عطفِ الجملةِ الاسميَّةِ على الفعليَّةِ وبالعكسِ ثلاثةُ أقوالٍ:
أحدُها: الجوازُ مطلقًا وهو المفهومُ من قولِ النحويِّينَ، في نحوِ: " قامَ زيدٌ وعمرٌو أكرَمْتُهُ" إنَّ نَصْبَ "عمرو" أرجح،ُ لأنَّ تَنَاسُبَ الجملتينِ أَوْلَى مِنْ تَخَالُفِهِمَا.
والثاني: المنعُ مطلقا.
والثالثُ: لأَبِي عَلِيٍّ يجوزُ في الواوِ فقط.
السادسةُ: في العطفِ على معمولي عاملينِ أجمعُوا على جوازِ العطفِ على معمولي ِعاملٍ واحدٍ، نحوُ: "إِنَّ زيدًا ذَاهِبٌ وعَمْرًا جَالِسٌ" وعلى معمولاتِ عاملٍ واحدٍ، نحو: "أَعْلَمَ زَيْدٌ عَمْرًا بَكْرًا جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ خَالِدٍ سعيدًا منطلقًا" وعلى منعِ العطفِ على معمولِ أكثرِ مِنْ عاملينِ، نحوُ: "إِنَّ زيدًا ضارب أبوه لعمرو وأخاك غلامه بكر" وأما معمولاَ عاملينِ، فإنْ لم يكُنْ أحدُهما جارًّا فقالَ الناظمُ هو ممتنعٌ إجماعًا، نحو: "كانَ آكلاً طعامَك عمرٌو وتَمْرَكَ بكرٌ" وليس كذلك، بل نقلَ الفارسيُّ الجوازَ مطلقًا عن جماعةٍ، قيلَ منهمُ الأخفشُ، وإنْ كانَ أحدُهما جارًّا فإنْ كانَ مؤخَّرًا، نحوُ: "زيدٌ في الدارِ والحجرةِ عمرٌو" أو "وعمرٌو الحجرةِ" فنقلَ المهدويُّ أنَّهُ ممتنعٌ إجماعًا، وليس كذلك، بل هو جائزٌ عند مَنْ ذكَرْنا، وإنْ كانَ الجارُّ مقدَّمًا، نحوُ: "في الدارِ زيدٌ والحجرةِ عمرٌو" أو "وعمرٌو الحجرةِ" فالمشهورُ عنْ سيبويهِ المنعُ، وبه قالَ المبرِّدُ وابنُ السرَّاجِ وهشامٌ، وعن الأخفشِ الإجازةُ، وبه قالَ الكِسَائِيُّ والفرَّاءُ والزجَّاجُ، وفصَّلَ قومٌ منهم الأعلمُ فقالُوا إِنْ وَلِيَ المخفوضُ العاطفَ جازَ وإلا امتنَعَ واللَّهُ أعلمُ.

  #5  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 03:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


مِنْ خصائصِ الفاءِ والواوِ
561- والْفَاءُ قدْ تُحْذَفُ مَعْ مَا عَطَفَتْ = وَالْوَاوُ إذْ لا لَبْسَ وَهْيَ انْفَرَدَتْ
562- بِعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِي = مَعْمُولُهُ دَفْعاً لِوَهْمٍ اتُّقِي
مِنْ أحكامِ الفاءِ العاطفةِ جوازُ حَذْفِها معَ مَعطوفِها إذا أُمِنَ اللَّبْسُ، وذلكَ إذا وُجِدَ ما يَدُلُّ على ذلكَ؛ كقولِهِ تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً}. والتقديرُ: فَضَرَبَ فَانْفَجَرَتْ؛ لأنَّ الانفجارَ لم يَحْصُلْ بِمُجَرَّدِ الأمرِ بالضربِ، بلْ بالضربِ نفْسِهِ.
وتُشَارِكُها (الواوُ) في هذا الحكْمِ؛ كقولِهِ تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}؛ أيْ: والبرْدَ، فحُذِفَت الواوُ معَ مَعْطُوفِها، والدليلُ على المعطوفِ بالواوِ المحذوفِ أنَّ كُلَّ ما يَقِي الحَرَّ يَقِي البَرْدَ. ومنهُ قولُهم: رَاكِبُ النَّاقَةِ طَلِيحَانِ؛ أيْ: راكبُ الناقةِ والنَّاقَةُ طَلِيحَانِ، والدليلُ على المحذوفِ مَجيءُ الخبَرِ مُثَنًّى.
واخْتُصَّت الواوُ مِنْ بينِ حُروفِ العطْفِ بأنَّها تَعْطِفُ عامِلاً مَحذوفاً بَقِيَ معمولُهُ. ومِثالُهُ: قولُهُ تعالى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}.
فـ (زَوْجُكَ): فاعلٌ لفِعْلٍ محذوفٍ، والتقديرُ: وَلْتَسْكُنْ زَوْجُكَ، والجملةُ مَعطوفةٌ على الجُمْلَةِ التي قَبْلَها؛ إذْ لوْ عُطِفَ على الضميرِ لَزِمَ عليهِ أنَّ فِعْلَ الأمْرِ يَرفَعُ الاسمَ الظاهِرَ. وأَجازَهُ فريقٌ مِن النُّحاةِ بِحُجَّةِ أنَّهُ يُغْتَفَرُ في التابِعِ ما لا يُغتَفَرُ في المتبوعِ. وهوَ رَأْيٌ جَيِّدٌ ولا دَاعِيَ للتقديرِ. واختارَهُ أبو حَيَّانَ في تفسيرِهِ. وتَقَدَّمَ أنْ مَثَّلْنَا بهذهِ الآيَةِ على هذا الإعرابِ في العَطْفِ على الضميرِ الْمُتَّصِلِ المرفوعِ.
هذا ما ذَكَرَهُ ابنُ مالِكٍ وغيرُهُ مِن النُّحاةِ، والصحيحُ أنَّ الفاءَ تُشَارِكُ الواوَ في هذا الحُكْمِ؛ نحوُ: تَصَدَّقْ بدِينارٍ فصَاعِداً، والتقديرُ: فذَهَبَ الدِّينارُ صَاعِداً، فـ(صَاعِداً): حالٌ حُذِفَ عامِلُها المعطوفُ بالفاءِ، وهوَ (فذَهَبَ).
وفي أحكامِ الواوِ والفاءِ قالَ ابنُ مالِكٍ: (والفاءُ قدْ تُحْذَفُ مَعْ ما عَطَفَتْ.. إلخ)؛ أيْ: أنَّ الفاءَ قدْ تُحْذَفُ معَ مَعْطُوفِها، وتُشارِكُها الواوُ في هذا الحُكْمِ. وقولُهُ: (إذْ لا لَبْسَ)، قَيْدٌ فيهما، و(إذْ) ظَرفيَّةٌ؛ أيْ: وَقْتَ عَدَمِ اللَّبْسِ.
ثمَّ ذَكَرَ أنَّ الواوَ انفَرَدَتْ مِنْ بينِ حروفِ العطْفِ بعطْفِ عاملٍ (مُزَالٍ)؛ أيْ: مَحذوفٍ، وقدْ بَقِيَ مَعْمُولُهُ. وقولُهُ: (دَفْعاً لِوَهْمٍ اتُّقِي)؛ أيْ: أنَّ حَمْلَ مِثلِ هذا على حَذْفِ العامِلِ إنَّمَا هوَ لِرَفْعِ ما يُتَّقَى مِنْ كَوْنِهِ مَعطوفاً على الموجودِ. وهذانِ البَيْتَانِ حَقُّهما التقديمُ قبلَ ذِكْرِ أحكامِ المعطوفِ.

حذْفُ المعطوفِ عليهِ وعَطْفُ الفِعْلِ على الفِعْلِ
563- وَحَذْفَ مَتْبُوعٍ بَدَا هُنَا اسْتَبِحْ = وَعَطْفُكَ الْفِعْلَ عَلَى الْفِعْلِ يَصِحْ
هنا مَسْأَلَتَانِ:
الأُولَى: يَجوزُ حذْفُ المعطوفِ عليهِ إذا أُمِنَ اللَّبْسُ؛ كقولِهِ تعالى: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}. قَالُوا: التقديرُ: أُعْمُوا فَلَمْ يَرَوْا. وقولِهِ تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا}؛ أيْ: أُنْسُوا ولم يَتَفَكَّرُوا.
المسألةُ الثانيَةُ: أنَّ العطْفَ ليسَ مُخْتَصًّا بالأسماءِ، بلْ يكونُ فيها وفي الأفعالِ. ويُشترَطُ لعطْفِ الفعْلِ على الفعْلِ اتِّحَادُهما في الزمانِ، بأنْ يكونَ زمَنُهما معاً ماضياً أوْ حالاً أوْ مُسْتَقْبلاً، فلا يُعْطَفُ ما يُفِيدُ الماضيَ على ما يُفيدُ المستقبَلَ، ولا العكسُ.
قالَ تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ}. فالفعْلُ (أَوْرَدَ) ماضٍ معطوفٌ على المضارِعِ (يَقْدُمُ)، وهما مُختلِفانِ نوعاً، لَكِنَّ زَمَانَهما مُتَّحِدٌ؛ لأنَّ مَدلولَهما مُستقبَلٌ، وهوَ يومُ القِيامةِ. وقالَ تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارَ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً}. فالفعْلُ (يَجعَلْ) مُضَارِعٌ مجزومٌ؛ لأنَّهُ معطوفٌ على الماضي (جَعَلَ) الْمَبنيِّ على الفتْحِ في مَحَلِّ جَزْمٍ.
وصَحَّ العطْفُ؛ لاتِّحادِ زَمَانِهما، وهوَ الْمُستقبَلُ.
والدليلُ على العطْفِ في الأفعالِ نَصْبُ المُضَارِعَيْنِ معاً، أوْ جَزْمُهما معاً بغيرِ تَكرارِ الناصِبِ والجازمِ قَبْلَ الفِعْلِ المعطوفِ، تقولُ: يُعْجِبُنِي أنْ تَكْتُبَ وتَفْهَمَ. قالَ تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً}. فـ (نُسْقِيَهُ): فعْلٌ مضارِعٌ منصوبٌ؛ لأنَّهُ معطوفٌ على الفعْلِ قَبْلَهُ (لِنُحْيِيَ).
ومِثالُ الجَزْمِ: أنتَ لم تَحْضُرْ وتَكْتُبْ. قالَ تعالى: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ}. فالفعْلُ (تَتَّقُوا): مجزومٌ بحذْفِ النونِ، ولم يَتَقَدَّمْهُ جازِمٌ، فهوَ معطوفٌ على فعْلِ الشرْطِ (تُؤْمِنُوا).
أمَّا عطْفُ الماضِي على الماضِي، أو المضارِعِ المرفوعِ على مِثْلِهِ، فهوَ مُحْتَمَلٌ؛ لأنَّهُ يكونُ مِنْ عَطْفِ الفعْلِ على الفعْلِ، أوْ عَطْفِ الْجُملةِ على الْجُملةِ إذا لم يُوجَدْ قَرينةٌ تُعَيِّنُ نوعَ العطْفِ؛ نحوُ: يَشْتَدُّ الْحَرُّ فيَكْثُرُ الرُّطَبُ.
أمَّا في مِثْلِ قولِهِ تعالى: {وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}، فهوَ عَطْفُ جُمْلَةٍ مَاضَوِيَّةٍ عَلَى مِثْلِهَا؛ لِوُجودِ فاعلٍ غيرِ مُسْتَقِلٍّ، وهوَ الضَّمِيرُ الْمُتَّصِلُ لِكُلِّ فعْلٍ ماضٍ منهما.
وهذا مَعْنَى قولِهِ: (وحَذْفَ مَتْبُوعٍ.. إلخ)؛ أيْ: أنَّ حَذْفَ المتبوعِ، وهوَ المعطوفُ عليهِ، إذا بَدَا وظَهَرَ في الكلامِ (هُنَا)؛ أيْ: في هذا البابِ أوْ هذا الْمَوْضِعِ، وهوَ العطْفُ بالواوِ والفاءِ؛ لأنَّ الكلامَ فيهما، (اسْتَبِحْ)؛ أي: اجْعَلْهُ مُباحاً.
ثمَّ ذَكَرَ أنَّ عَطْفَ الفِعْلِ على الفِعْلِ يَصِحُّ، وذلكَ بِشَرْطِ اتِّحادِ زمانِهما كما تَقَدَّمَ. وقولُهُ: (يَصِحْ) أَصْلُها: يَصِحّ بالتشديدِ معَ التسكينِ، وخُفِّفَت الحاءُ الساكنةُ للوزْنِ.

عَطْفُ الفعْلِ على الاسمِ والعكْسُ
564- وَاعْطِفْ عَلَى اسْمٍ شِبْهِ فِعْلٍ فِعْلا = وَعَكْساً اسْتَعْمِلْ تَجِدْهُ سَهْلا
يَجوزُ أنْ يُعطَفَ الفعْلُ على الاسمِ الْمُشْبِهِ للفعْلِ؛ كَاسْمِ الفاعِلِ واسمِ المفعولِ وغيرِهما. ويَجوزُ عكْسُ هذا، وهوَ أنْ يُعْطَفَ الاسمُ المُشْبِهُ للفعْلِ على الفعْلِ.
فمِثالُ عَطْفِ الفِعْلِ على ما يُشْبِهُهُ: أَنْتَ مُشَارِكُنا في الدعوةِ إلى اللَّهِ وَتَسْتَجِيبُ لِطَلَبِنا. قالَ تعالى: {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً}. فقدْ عَطَفَ (أَثَرْنَ)، وهوَ فعْلٌ ماضٍ، على (الْمُغِيرَاتِ)، وهوَ اسمُ فاعلٍ يُشْبِهُ الفعْلَ في المعنى؛ لأنَّ التقديرَ: واللاَّتِي أَغَرْنَ فأَثَرْنَ، والنَّقْعُ: الغُبارُ.
ومِثالُ عَطْفِ ما يُشْبِهُ الفعْلَ على الفِعْلِ: أَنْتَ تَحْضُرُ معنا ومُشَارِكُنا في الدعوةِ إلى اللَّهِ. قالَ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ}. فقدْ عَطَفَ (مُخْرِجُ)، وهوَ اسمُ فاعلٍ، على (يُخْرِجُ)، وهوَ فعْلٌ مضارِعٌ؛ لأنَّهُ في مَعْنَاهُ. أوْ يكونُ معطوفاً على اسمِ الفاعلِ (فَالِقُ)، فيكونُ مِنْ عطْفِ اسمِ الفاعلِ على مِثْلِهِ، ولا شَاهِدَ في الآيَةِ حينئذٍ. وكقولِ الشاعرِ:
بَاتَ يُعَشِّيهَا بِعَضْبٍ بَاتِرِ = يَقْصِدُ في أَسْوُقِهَا وَجَائِرِ
فقدْ عطَفَ (جَائِرِ)، وهوَ اسمُ فاعلٍ، على (يَقْصِدُ)، وهوَ فعْلٌ مضارِعٌ؛ لأنَّهُ في معناهُ؛ لأنَّ جَائِراً بمعنى (يَجُورُ).
وهذا معنى قولِهِ: (واعْطِفْ على اسمٍ شِبْهِ فِعْلٍ فِعْلا.. إلخ)؛ أي: اعطِف الفعْلَ على الاسمِ الْمُشْبِهِ للفعْلِ، واعطِفِ الاسمَ الْمُشْبِهَ للفعْلِ على الفعْلِ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir