دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ذو الحجة 1429هـ/14-12-2008م, 02:24 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي مسائل: هل الأمر يستلزم القضاء؟ وهل الإتيان به يستلزم الإجزاء؟ وهل الأمر بالأمر بالشيء أمر به؟

مَسْأَلَةٌ: الرَّازِيُّ وَالشِّيرَازِيُّ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ الْأَمْرُ يَسْتَلْزِمُ الْقَضَاءَ، وَقَالَ الْأَكْثَرُ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْمَأْمُورِ بِهِ يَسْتَلْزِمُ الْإِجْزَاءَ، وَأَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا بِهِ، وَأَنَّ الْآمِرَ بِلَفْظٍ يَتَنَاوَلُهُ دَاخِلٌ فِيهِ وَأَنَّ النِّيَابَةَ تُدْخِلُ الْمَأْمُورَ إلَّا لِمَانِعٍ.

  #2  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 06:40 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح جمع الجوامع لجلال الدين المحلي


(مَسْأَلَةٌ) قَالَ أَبُو بَكْرٍ (الرَّازِيُّ) مِنْ الْحَنَفِيَّةِ (وَ) الشَّيْخُ أَبُو إسْحَاقَ (الشِّيرَازِيُّ) مِنْ الشَّافِعِيَّةِ (وَعَبْدُ الْجَبَّارِ) مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ (الْأَمْرُ) بِشَيْءٍ مُؤَقَّتٍ (يَسْتَلْزِمُ الْقَضَاءَ) لَهُ إذَا لَمْ يُفْعَلْ فِي وَقْتِهِ لِإِشْعَارِ الْأَمْرِ بِطَلَبِ اسْتِدْرَاكِهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْفِعْلُ (وَقَالَ الْأَكْثَرُ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ) كَالْأَمْرِ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا}. وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ {إذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا} وَالْقَصْدُ مِنْ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ الْفِعْلُ فِي الْوَقْتِ لَا مُطْلَقًا وَالشِّيرَازِيُّ مُوَافِقٌ لِلْأَكْثَرِ كَمَا فِي لُمَعِهِ وَشَرْحِهِ فَذِكْرُهُ مِنْ الْأَقَلِّ سَهْوٌ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْمَأْمُورِ بِهِ) أَيْ بِالشَّيْءِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ (يَسْتَلْزِمُ الْإِجْزَاءَ) لِلْمَأْتِيِّ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجْزَاءَ الْكِفَايَةُ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ لَا يَسْتَلْزِمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إسْقَاطُ الْقَضَاءِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يُسْقِطَ الْمَأْتِيُّ بِهِ الْقَضَاءَ بِأَنْ يَحْتَاجَ إلَى الْفِعْلِ ثَانِيًا كَمَا فِي صَلَاةِ مَنْ ظَنَّ الطَّهَارَةَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْأَمْرَ) لِلْمُخَاطَبِ (بِالْأَمْرِ) لِغَيْرِهِ (بِالشَّيْءِ) نَحْوُ {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} (لَيْسَ أَمْرًا) لِذَلِكَ الْغَيْرِ (بِهِ) أَيْ بِالشَّيْءِ وَقِيلَ هُوَ أَمْرٌ بِهِ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِغَيْرِ الْمُخَاطَبِ. وَقَدْ تَقُومُ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُخَاطَبِ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ الشَّيْءِ كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا} (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْآمِرَ) بِالْمَدِّ (بِلَفْظٍ يَتَنَاوَلُهُ) كَمَا فِي قَوْلِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ أَكْرِمْ مَنْ أَحْسَنَ إلَيْك. وَقَدْ أَحْسَنَ هُوَ إلَيْهِ (دَاخِلٌ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ اللَّفْظِ لِيَتَعَلَّقَ بِهِ مَا أَمَرَ بِهِ وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ فِيهِ لِبُعْدِ أَنْ يُرِيدَ الْآمِرُ نَفْسَهُ وَسَيَأْتِي تَصْحِيحُهُ فِي مَبْحَثِ الْعَامِّ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَقَدْ تَقُومُ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ كَمَا فِي قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ تَصَدَّقْ عَلَى مَنْ دَخَلَ دَارِي وَقَدْ دَخَلَهَا هُوَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ النِّيَابَةَ تُدْخِلُ الْمَأْمُورَ) بِهِ مَالِيًّا كَالزَّكَاةِ أَوْ بَدَنِيًّا كَالْحَجِّ بِشَرْطِهِ (إلَّا لِمَانِعٍ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ لَا تَدْخُلُ الْبَدَنِيَّ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِهِ إنَّمَا هُوَ لِقَهْرِ النَّفْسِ وَكَسْرِهَا بِفِعْلِهِ وَالنِّيَابَةُ تُنَافِي ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا فِي الْحَجِّ قُلْنَا لَا تُنَافِيهِ لِمَا فِيهَا مِنْ بَذْلِ الْمُؤْنَةِ أَوْ تَحَمُّلِ الْمِنَّةِ.

  #3  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 06:41 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تشنيف المسامع لبدر الدين الزركشي


(ص) مسألة: الرازي والشيرازي وعبد الجبار: الأمر يستلزم القضاء وقال الأكثر: القضاء بأمر جديد.
(ش) إذا أمر الشارع بالفعل في وقت معين فخرج الوقت ولم يفعل فهل يجب القضاء بأمر جديد ابتداء أم يجب بالأمر السابق، بمعنى أنه يستلزمه لا أنه عينه؟ قولان:
فذهب عبد الجبار والإمام في (المحصول) إلى الثاني محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)).
فقوله: ((إذا ذكرها)) دليل على أن الأمر الأول باق عليه، وأن الواجب بعد الوقت هو الواجب، الذي كان في الوقت، وما نقله المصنف عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي سهو فإنه صحح في (اللمع) قول الأكثرين.
وذهب الأكثرون إلى أن القضاء بأمر جديد لأنه فات الأمر بفوات الوقت فيفوت الوجوب، والحديث حجة لنا، لأن قوله: (فليصلها) أمر جديد فلو كان الأمر الأول باقيا عليه لم يحتج إلى هذا الثاني، فلما ذكره دل على وجوبه بهذا الأمر لا بالأمر الأول.
(ص) والأصح أن الإتيان بالمأمور به يستلزم الإجزاء.
(ش) إتيان المكلف بالمأمور به على الوجه المشروع يستلزم الإجزاء وإلا لكان الأمر بعد الامتثال مقتضيا إما لذلك المأتي به، ويلزم تحصيل الحاصل أو لغيره ويلزم أن لا يكون الإتيان بتمام المأمور به بل ببعضه، والغرض خلافه قال أبو هاشم وعبد الجبار: لا يوجبه كما لا يوجب النهي الفساد قال في (المنتهى): إن أراد أنه لا يمتنع أن يرد أمر بعده بمثله فمسلم، ويرجع النزاع في تسميته قضاء وإن أراد أنه لا يدل على سقوطه فساقط قلت: وبالأول صرح عبد الجبار في (العمد): أنه لا يستلزمه بمعنى أنه لا يمتنع أن يقول الحكيم: افعل كذا، فإذا فعلت أديت الواجب، ويلزمك مع ذلك القضاء والخلاف مبني على تفسير الإجزاء بسقوط القضاء أما إذا فسرناه بسقوط التعبد به فالامتثال يحصل للإجزاء بلا خلاف، فكان حق المصنف التنبيه على ذلك ليعرف به خلل من أطلق الخلاف.
(ص) وأن الآمر بالشيء ليس أمرا به.
(ش) أي: ليس آمرا لذلك الغير بذلك الشيء على الأصح فإنه صلى الله عليه وسلم قال: لعمر لما طلق ابنه عبد الله زوجته في الحيض:
((مره فليراجعها)) فلم تكن المراجعة واجبة على عبد الله لما كان الأمر له بذلك من أبيه بخلاف أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم: أخبره أن الله يأمره، أو أني أأمره بها ولا يصار إلى أنه أمر إلا بدليل ونقل العالمي من الحنفية عن بعضهم أنه أمر، وحكى سليم الرازي في (التقريب) ما يقتضي أنه يجب على الثاني الفعل جزما، وإنما الخلاف في تسميته أمرا، وقال في (المحصول): الحق أن الله إذا قال لزيد: أوجب على عمرو كذا فلو قال لعمرو: وكل ما أوجب عليك زيد فهو واجب عليك، فالآمر بالأمر بالشيء أمر بالشيء في هذه الصورة، ولكنه بالحقيقة إنما جاء من قوله: كل ما أوجب فلان عليك فهو واجب عليك أما لو لم يقل ذلك فلا يجب، كما في قوله عليه الصلاة والسلام: ((مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع)) فإن ذلك الأمر لا يقتضي الوجوب على الصبي انتهى. والحق التفصيل: فإن كان للأول أن يأمر الثالث، فالأمر الثاني بالأمر للثالث أمر بالثالث وإلا فلا.
(ص) وأن الآمر بلفظ يتناوله داخل فيه.
(ش) الآمر بلفظ يتناول نفسه، هل يدخل في الأمر، نظرا لعموم اللفظ وكونه أمرا لا يصلح معارضا، وفيه قولان:
أصحهما:عند المصنف: نعم، وهذا تابع فيه الهندي، فإنه عزاه للأكثرين لكن ذكرت في كتاب (الوصول إلى ثمار الأصول) في باب العموم: أن الأكثرين – وهو مذهب الشافعي – عدم الدخول، لا سيما على قول من اشترط في الأمر العلو، وينبغي أن يكون موضع الخلاف ما إذا لم يكن مأمورا بمخاطبة غيره، فإن كان، لم يدخل فيه قطعا، ولهذا قطع أصحابنا فيما لو وكله ولو بصيغة الأمر ليبرئ غرماءه والوكيل من جملة الغرماء – إنه ليس له أن يبرئ نفسه، وعلله صاحب (التتمة) بما ذكرنا، ونص الشافعي رضي الله عنه، أنه لو وكله ليفرق ثلثه على الفقراء – ليس له صرفه إلى نفسه وإن كان فقيرا أو مسكينا. و وجه القاضي أبو الطيب في تعليقه، بأن المذهب الصحيح: أن المخاطب لا يدخل في أمر المخاطب إياه في أمر غيره، قال: فإذا أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يأمر أمته أن يفعلوا كذا، لم يدخل هو في ذلك الأمر. انتهى.
واحترز بقوله: (بلفظ يتناوله) عما إذا أمر بلفظ خاص، فإنه لا يدخل الأمر تحته قطعا وقد اعترض على المصنف فقيل: كيف يجتمع هذا مع قوله في آخر العام: الأصح أن المخاطب داخل إن كان خبرا لا أمرا.
وقد اعترف بجودة السؤال ثم انفصل عنه وقال: الأمر يطلق على (المنشئ) وعلى المبلغ عن المنشئ فقول الله سبحانه أمر بطريق إنه المنشئ الحاكم بمضمون الأمر، وهذا بطريق الحقيقة ويطلق على النبي صلى الله عليه وسلم بطريق المجاز باعتبار أنه المبلغ عن الله تعالى. إذا عرفت هذا فالأمر بلفظ يتناوله قد يجيء بغيره كالتثنية والجمع غير المحلى، إذا تحقق دخول فيهما بطريق من الطرق وحاصل أن موضوع المسألتين مختلف: فمسألة الأمر في الإنشاء من منشئ أو مبلغ، ومسألة العموم في الخطاب أعم من أن يكون إنشاء أو خبرا ولا يخفى ما فيه من التعسف مع وروده في الصورة التي يجتمعان فيها، ولو جمع بينهما يحمل المذكور هنا على ما إذا كان الخطاب يتناوله كقوله: إن الله يأمركم بكذا، وقوله تعالى:{يوصيكم الله في أولادكم} ونحوه.
عملا بعموم الصيغة والمذكور ثم على ما إذا لم يكن اللفظ متناولا له كقوله:{إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} فلا يدخل فيه كما لم يدخل موسى في ذلك الأمر، بدليل قوله في آخر القصة: {فذبحوها وما كادوا يفعلون} ولا يظن بموسى عليه السلام ذلك.
وقول المصنف: هنا (بلفظ يتناوله) ولم يذكر هذا القيد هناك – صريح فيما ذكرت: والعجب منه: كيف لم يقع على هذا وهو ظاهر من لفظه وبه يرتفع الإشكال، وقد رأيت في (التمهيد) لأبي الخطاب هذا التفصيل في هذه المسألة، ولله الحمد، وغاية ما يلزم المصنف أنه فرق المسألة في موضعين وذكر كل قطعة في موضع.
(ص) وأن النيابة تدخل المأمور إلا لمانع.
(ش) قال الآمدي: يجوز عندنا دخول النيابة فيما كلف به من الأفعال البدنية خلافا للمعتزلة، واستدلوا بأن الوجوب إنما كان لقهر النفس وكسرها والنيابة تنافي ذلك، وأجاب أصحابنا بأن النيابة لا تأباه لما فيها من بذل المؤنة وتحمل المنة، وقول المصنف: إلا لمانع، قيد لا بد منه ليخرج بعض البدني، كالصلاة والاعتكاف وكذا الصوم على الجديد، ومن الناس من عكس هذه العبارة، فقال: الطاعات لا تدخلها النيابة إلا الحج والصوم على قول لأن القصد من الطاعة الإجلال والإثابة ولا يلزم من تعظيم الوكيل تعظيم الموكل، فكأنه وكله على ما لا يقدر عليه فلا يصح، وعلى هذا نص الشافعي في (الأم) كما بينته في (بحر الأصول) واقتصر الشيخ عز الدين في (أماليه) قال: وبهذا يظهر أن ثواب العبادة البدنية لا يصح للغير، لأنه مرتب على الإجلال وهو حاصل من الغير وإن شئت قلت: تمتنع الاستنابة إلا في فعل تحصل مصلحته من الوكيل، كما تحصل من الموكل وحرر الصفي الهندي المسألة فقال: اتفقوا على جواز دخول النيابة في المأمور به إذا كان ماليا، وعلى وقوعه أيضا واتفاقهم على أنه يجوز للغير صرف زكاة ماله بنفسه، وأن يوكل فيه، وكيف لا وصرف زكاة الأموال الظاهرة إلى الإمام إما واجب أو مندوب ومعلوم أنه لم يصرفها للفقراء إلا بطريق النيابة واختلفوا في جواز دخولها فيه إذا كان بدنيا: فذهب أصحابنا إلى الجواز والوقوع معا محتجين بأنه لا يمنع لنفسه، إذ لا يمتنع قول السيد لعبده: أمرتك بخياطة هذا الثوب، فإن خطته بنفسك أو استنبت فيه أثبتك، وإن تركت الأمرين عاقبتك، واحتجوا بالنيابة في الحج وفيه نظر، فإنه لا يدل على جواز النيابة في المأمور به إذا كان بدنيا صرفا بل إنما يدل على ما هو بدني ومالي معا كالحج ولعل الخصم يجوز ذلك فلا يكون دليلا عليه، واحتج المانع بأن القصد من إيجاب العبادة البدنية امتحان المكلف والنيابة تخل بذلك، وأجيب بأنه لا يخل به مطلقا، فإن النيابة امتحان أيضا.

  #4  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 06:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


ص: مسألة: الرازي والشيرازي وعبد الجبار: الأمر الأول يستلزم القضاء وقال الأكثر القضاء بأمر جديد.
ش: إذا أخرج المكلف الواجب عن وقته المعين له شرعاً فهل يجب القضاء بالأمر السابق، بمعنى أنه يستلزمه لا أنه عينه أم لا يجب القضاء إلا بأمر جديد؟
فيه مذهبان، وبالأول قال القاضي عبد الجبار من المعتزلة والرازي أي الإمام فخر الدين، وحكاه المصنف عن الشيرازي وهو الشيخ أبو إسحاق، وفيه نظر، فإنه صحح في (اللمع) قول الأكثرين وبالثاني قال الأكثرون.
ص: والأصح أن الإتيان بالمأمور به يستلزم الإجزاء، وأن الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرا به، وأن الآمر بلفظ يتناوله داخل فيه، وأن النيابة تدخل المأمور إلا لمانع.
ش: فيه مسائل:
الأولى: الأصح أن إتيان المكلف بالمأمور به على الوجه المشروع يستلزم الإجزاء، وإلا لكان الأمر بعد الامتثال مقتضياً إما لذلك المأتي به فيلزم تحصيل الحاصل، أو لغيره فيلزم أنه لم يأت بتمام المأمور به بل ببعضه والفرض خلافه.
وقال أبو هاشم وعبد الجبار: لا يوجبه كما لا يوجب النهي الفساد.
وفي الرد على أبي هاشم بما تقدم نظر فإنه لا يقول ببقاء التكليف بالمأمور به، بل يوافق على سقوطه، لكنه يقول: السقوط مستفاد من البراءة الأصلية وغيره يقول: من ذلك الأمر.
واعلم أن هذا الخلاف مبني على تفسير الإجزاء بسقوط القضاء، فأما إذا فسر بسقوط التعبد به كما هو المختار فإنه حاصل عند الإتيان بالمأمور به على الوجه المشروع بلا خلاف كما صرح به جماعة.
المسألة الثانية: الأصح أن الأمر الوارد على زيد بأن يأمر عمرا بشيء لا يصير عمراً مأموراً من جهة الأمر الأول بذلك الشيء، ومثال ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في الأولاد: ((مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم على تركها وهم أبناء عشر)) فليس الصبيان مأمورين بأمر الشارع، ومثل له أيضاً بقوله عليه الصلاة والسلام لعمر لما طلق ابنه عبد الله زوجته في الحيض: ((مره فليراجعها)) ونقل العالمي من الحنفية عن بعضهم أنه أمر، وحكى سليم الرازي في (التقريب) ما يقتضى أنه يجب على الناس الفعل جزماً، وإنما الخلاف في تسميته أمراً.
وقال في (المحصول): الحق أن الله تعالى إذا قال لزيد: أوجب على عمرو كذا، وقال لعمرو: كل ما أوجب عليك زيد فهو واجب عليك، فالأمر بالأمر أمر بالشيء في هذه الصورة، ولكنه بالحقيقة إنما جاء من قوله: كل ما أوجب عليك فلان فهو واجب عليك، فإن لم يقل ذلك لم يجب لقوله عليه الصلاة والسلام: (مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع) فإن ذلك الأمر لا يقتضي الوجوب على الصبي.
وقال الشارح: الحق التفصيل، فإن كان للأول أن يأمر الثالث فالأمر للثاني بأمر الثالث أمر للثالث، وإلا فلا.
المسألة الثالثة: إذا ورد الأمر بلفظ يتناوله، أي تناول الآمر، فهل يدخل فيه الآمر أم لا؟ فيه مذهبان.
أصحهما عند المصنف: نعم نظراً إلى عموم الأمر، وكونه آمراً لا ينافيه وعزاه الهندي للأكثرين، لكن قال الشارح: إن الأكثرين ـ وهو مذهب الشافعي ـ على عدم الدخول لا سيما على قول من اشترط في الآمر العلو، قال: وينبغي أن يكون موضع الخلاف ما إذا لم يكن الآمر مأموراً بمخاطبة غيره، فإن كان لم يدخل فيه قطعاً ولهذا قال: قطع أصحابنا فيما لو وكله ليبرئ غرماءه والوكيل من جملة الغرماء أنه ليس له أن يبرئ نفسه، وعلله صاحب التتمة بما ذكرنا، ونص الشافعي على أنه لو وكله أن يفرق ثلثه على الفقراء ليس له صرفه على نفسه، وإن كان فقيراً أو مسكيناً، ووجهه القاضي أبو الطيب في تعليقه بأن المذهب الصحيح أن المخاطب لا يدخل في أمر المخاطب إياه في أمر غيره، فإذا أمر الله تعالى نبيه بأن يأمر أمته أن يفعلوا كذا لم يدخل هو في ذلك الأمر، انتهى.
واحترز بقوله: (بلفظ يتناوله) عما إذا أمر بلفظ خاص، فإنه لا يدخل الآمر تحته قطعاً.
تنبيه:
اعترض على المصنف بأنه كيف يجتمع كلامه هنا مع قوله في آخر العام (الأصح أن المخاطب داخل في خطابه إن كان خبراً لا أمراً) وجمع المصنف بينهما بحمل كلامه في الأوامر على الإنشاء، سواء صدر عن المنشئ للحكم، وهو الله تعالى، أو عن المبلغ عنه وهو النبي صلى الله عليه وسلم، وكلامه في العموم على الخطاب أعم من كونه إنشاء أو خبراً.
قال الشارح: ولا يخفى ما فيه من التعسف، مع وروده في الصورة التي يجتمعان فيها، ولو جمع بينهما بحمل المذكور هنا على ما إذا تناوله الخطاب كقوله: إن الله يأمر بكذا، والمذكور في العام على ما إذا لم يتناوله اللفظ كقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} لكان أولى ولهذا لم يدخل موسى عليه السلام في ذلك الأمر بدليل قوله: {فذبحوها وما كادوا يفعلون} ولا يظن بموسى عليه السلام ذلك.
وقول المصنف هنا بلفظ: (يتناوله) ولم يذكر هذا القيد هناك ـ صريح فيما ذكرته، والعجب منه كيف لم يقع على هذا وهو ظاهر من لفظه، وقد رأيت في (التمهيد) لأبي الخطاب هذا التفصيل في هذه المسألة، ففرق المصنف المسألة في موضعين، وذكر كل شق في موضع. انتهى.
المسألة الرابعة: مذهبنا كما قال الآمدي: جواز دخول النيابة فيما كلف به من الأفعال البدنية، خلافاً للمعتزلة، استدلوا بأن الوجوب لقهر النفس وكسرها، والنيابة تنافي ذلك، وقال أصحابنا: النيابة لا تأباه لما فيها من بدل المؤنة وتحمل المنة.
وخرج بقول المصنف: (إلا لمانع) الصلاة والاعكتاف وكذا الصوم على الجديد، وعكس ذلك ابن عبد السلام في أماليه فقال: الطاعات لا تدخلها النيابة إلا الحج والصوم على قول، لأن القصد بها الإجلال والإنابة، ولا يلزم من تعظيم الوكيل تعظيم الموكل.
وقال الصفي الهندي: اتفقوا على جواز النيابة في العبادة المالية، ووقوعها كتفرقة الزكاة، واختلفوا في البدنية، فذهب أصحابنا إلى جوازه ووقوعه ومنعه غيرهم.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, هل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:59 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir