دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الزكاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 02:29 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي مسائل في زكاة الحبوب والثمار

وإذا اشْتَدَّ الْحَبُّ وبدأَ صَلاحُ الثَّمَرِ وَجَبَت الزكاةُ، ولا يَستَقِرُّ الوُجوبُ إلا بِجَعْلِها في الْبَيْدَرِ، فإن تَلِفَتْ قبلَه بغيرِ تَعَدٍّ منه سَقَطَتْ، ويَجِبُ العُشْرُ على مُستأْجِرِ الأرضِ دونَ مالكِها، وإذا أَخَذَ من مُلْكِه أو مَنوان من العَسَلِ مائةً وسِتِّينَ رَطْلًا عِراقيًّا ففيه عُشْرُه.


  #2  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 12:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

..................

  #3  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 12:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(وإذا اشتَدَّ الحَبُّ وبَدَا صَلاحُ الثَّمَرِ وَجَبَت الزَّكَاةُ)؛ لأنَّه يُقْصَدُ للأَكْلِ والاقْتِيَاتِ كاليَابِسِ، فلو باعَ الحَبَّ أو الثَّمَرَةَ أو تَلَفَا بتَعَدِّيهِ بَعْدُ لم تَسْقُطْ، وإن قَطَعَهُمَا أو بَاعَهُمَا قَبْلَهُ فلا زَكَاةَ إن لم يَقْصِدِ الفِرَارَ مِنْهَا. (ولا يَسْتَقِرُّ الوُجُوبُ إلا بجَعْلِهَا في البَيْدَرِ) ونَحْوِه، وهو مَوْضِعُ تَشْمِيسِهَا وتَيْبِيسِهَا؛ لأنَّه قبلَ ذلك في حُكْمِ ما لم تَثْبُتِ اليَدُ عليه. (فإن تَلَفَت) الحُبُوبُ أو الثِّمَارُ (قَبْلَهُ)؛ أي: قَبْلَ جَعْلِهَا في البَيْدَرِ (بغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ) ولا تَفْرِيطٍ (سَقَطَت)؛ لأنَّها لم تَسْتَقِرَّ، فإن تَلَفَ البَعْضُ؛ فإن كان قَبْلَ الوُجُوبِ زَكَّى البَاقِيَ إن بَلَغَ نِصَاباً، وإلا فَلا. وإن كانَ بَعْدَهُ زَكَّى البَاقِيَ مُطْلَقاً حيثُ بَلَغَ معَ التَّلَفِ نِصَاباً، ويَلْزَمُ إِخْرَاجُ حَبٍّ مُصَفًّى وثَمَرٍ يَابِساً، ويَحْرُمُ شِرَاءُ زَكَاتِه أو صَدَقَتِه ولا يَصِحُّ، ويُزَكَّى كُلُّ نَوْعٍ على حِدَتِه. (ويَجِبُ العُشْرُ) أو نِصْفُه (على مُسْتَأْجِرِ الأَرْضِ) دُونَ مَالِكِها كالمُسْتَعِيرِ لقَوْلِه تعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}. ويَجْتَمِعُ العُشْرُ والخِرَاجُ في أَرْضٍ خِرَاجِيَّةٍ، ولا زَكَاةَ في قَدْرِ الخِرَاجِ إن لم يَكُنْ له مَالٌ آخَرُ، (وإِذَا أَخَذَ مِن مِلْكِه أو مَوَاتٍ) كرُؤُوسِ الجِبَالِ (مِن العَسَلِ مِائَةً وسِتِّينَ رَطْلاً عِرَاقِيًّا ففيه عُشْرُه) قالَ الإمامُ: أَذْهَبُ إِلَى أنَّ فِي العَسَلِ زَكَاةَ العُشْرِ قَدْ أخَذَ عُمَرُ مِنْهُم الزَّكَاةَ. ولا زكَاةَ فيما يَنْزِلُ مِن السَّمَاءِ على الشَّجَرِ كالمَنِّ والتَّرَنْجَبِيلِ، وإن زَكَّى ما ذُكِرَ مِن المُعَشَّرَاتِ مَرَّةً فلا زَكَاةَ فيه بَعْدُ؛ لأنَّه غَيْرُ مُرْصَدٍ للمَاءِ. والمَعْدِنُ إن كانَ ذَهَباً أو فِضَّةً ففيه رُبُعُ عُشْرِه إن بلغَ نِصَاباً، وإن كانَ غَيْرَهُمَا ففيه رُبُعُ عُشْرِ قِيمَتِه إن بَلَغَت نِصَاباً بَعْدَ سَبْكٍ وتَصْفِيَةٍ إن كان المُخْرَجُ له مِن أَهْلِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ.


  #4  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 12:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وإذا اشتد الحب، وبدا صلاح الثمر وجبت الزكاة) ([1]). لأنه يقصد للأَكل والإقتيات كاليابس([2]) فلو باع الحب أو الثمرة، أو تلفا بتعديه بعد، لم تسقط([3]) وإن قطعهما أو باعهما قبله فلا زكاة([4]) إن لم يقصد الفرار منها([5]) (ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في البيدر) ونحوه، وهو موضع تشميسهاوتيبيسها([6]) لأنه قبل ذلك في حكم ما لم تثبت اليد عليه([7]) (فإن تلفت) الحبوب أو الثمار (قبله) أي قبل جعلها في البيدر (بغير تعد منه) ولا تفريط (سقطت) ([8]) لأنها لم تستقر([9]) وإن تلف البعض، فإن كان قبل الوجوب، زكى الباقي إن بلغ نصابًا، وإلا فلا([10]).وإن كان بعده زكى الباقي مطلقًا، حيث بلغ مع التالف نصابًا([11]).ويلزم إخراج حب مصفى([12]) وثمر يابسًا([13]) ويحرم شراءُ زكاته أَو صدقته، ولا يصح([14]) ويزكي كل نوع على حدته([15]). (ويجب العشر) أو نصفه (على مستأْجر الأَرض) دون مالكها كالمستعير([16]) لقوله {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ([17]) ويجتمع العشر والخراج في أرض خراجية([18]). ولا زكاة في قدر الخراج، إن لم يكن له مال آخر([19]) (وإذا أَخذ من ملكه أو موات) كرؤُوس الجبال ([20]) (من العسل مائة وستين رطلاً عراقيًا([21]) ففيه عشره) قال الإمام: أَذهب إلى أَن في العسل زكاة، العشر، قد أَخذ عمر منهم الزكاة([22]).ولا زكاة فيما ينزل من السماء على الشجر، كالمن والترنجبيل([23]). ومن زكى ما ذكر من المعشرات مرة، فلا زكاة فيه بعد، لأنه غير مرصد للنماء([24]).والمعدن إن كان ذهبًا أو فضة ففيه ربع عشره إن بلغ نصابًا([25]) وإن كان غيرهما ففيه ربع عشر قيمته، إن بلغت نصابًا([26]). بعد سبك وتصفية([27]) إن كان المخرج له من أهل وجوب الزكاة([28])


([1]) أي على مالكه، وفاقًا لمالك والشافعي وجمهور أهل العلم، فلو باعه أو وهبه بعد ذلك، قبل الخرص أو بعده فزكاته عليه، لا على المشتري والموهوب له، «وبدا» بإسكان الألف غير مهموز، أي ظهر نضجه، وطاب أكله.
([2]) ولأنه وقت خرص الثمرة، لحفظ الزكاة، ومعرفة قدرها، فدل على تعلق وجوبها به.
([3]) «بَعْدُ» بالبناء على الضم، لحذف المضاف إليه، ونية معناه، أي بعد اشتداد الحب، وبدو الصلاح، لم تسقط الزكاة، سواء خرصت الثمرة أو لم تخرص، وإن اشترطها على المشتري صح، للعلم بها، فكأنه استثنى قدرها، ووكله في إخراجها.
([4]) أي عليه وفاقًا، وقاله الشيخ وغيره، وهو ما إذا كان لغرض صحيح، كأكل أو بيع أو تحسين بقيتها، وينبغي تقييده في صورة البيع بأنه مع أصله، أو أن على المشتري القطع، وتجب فيما إذا كان البيع مع أصله على المشتري، إن كان من أهل الزكاة، ولا يجوز شرطها على البائع.
([5]) فإن قصد الفرار من الزكاة وجبت عليه، لتفويته الواجب، بعد انعقاد سببه، هذا في صورة القطع والإتلاف واضح، وأما في صورة البيع، فينظر: هل تجب عليه كما تجب على المشتري، فتجب زكاتان علي عين واحدة؟ قال مرعي: ولعلها لا تجب عليه. وقال في الفروع: ولو ملك ثمرة قبل صلاحها، ثم صلحت بيده، لزمته زكاتها، لوجود السبب في ملكه، ولو صلحت في مدة خيار، زكاها من قلنا الملك له، ومتى صلحت بيد من لا زكاة عليه، فلا زكاة فيها، إلا أن يكون الأول قصد الفرار.
([6]) أي البيدر بالشام والشرق، ويسمى بمصر الجرين، وكذا بالعراق، والمربد بالحجاز، والجوخان بالبصرة، ويسمى أيضًا المصطاح والطباية والفداء والقوع، وغير ذلك، لكل أهل جهة اصطلاح، والجميع اسم للموضع الذي تجمع فيه الثمرة، حتى يتكامل جفافها، والتيبيس بسط الشيء حتى يجف، والتشميس بسط الشيء في الشمس، ولا يلزم منه أن لا توضع في مخزنها بدونه، فقد توضع فيه الثمرة أو بعضها.
([7]) فلم تجب فيه، فإنه لو اشترى ثمرة فتلفت بعطش ونحوه، رجع على البائع.
([8]) يعني الزكاة، خرصت أو لم تخرص، قال ابن المنذر وابن عبد البر وغيرهما: أجمع أهل العلم على أن الخارص إذا خرص الثمر ثم أصابته جائحة قبل الجذاذ، فلا شيء عليه. وقيل: فائدة الخرص أمن الخيانة من رب المال، لا الوجوب.
([9]) أي على المالك بدون وضعها في بيدرها ونحوه.
([10]) أي وإن لم يكن الباقي نصابًا، فلا زكاة فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» وهو يعم حالة الوجوب، ولزوم الأداء.
([11]) يعني سواء بلغ الباقي نصابًا، أو لم يبلغ، لوجوب التالف عليه، لأنه متعد أو مفرد، وإن ادعى تلفًا قبل قوله وفاقًا، بلا يمين، إلا أن يدعيه بجائحة ظاهرة، فلا بد من بينة وفاقًا، ويحرم القطع مع حضور ساع بلا إذنه، ويسن أن يبعث الإمام خارصًا، إذا بدا صلاح الثمر، وهو مذهب مالك والشافعي وجماهير العلماء، لما روى أحمد وأبو داود وغيرهما، أنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود خيبر، يخرص عليهم النخل، قبل أن يؤكل؛ وفي الترمذي وغيره: يبعث إلى الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم. وفي المنتهى وغيره: لا تخرص الحبوب بلا خلاف. اهـ. وعمل المسلمين على خلافه، لإمكانه فيه كالثمر، وشرط في الخارص العلم بالخرص، والعدالة والحرية والذكورية، ويجب أن يترك في الخرص الثلث أو الربع لحديث «إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع» رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وتركه توسعة لحاجة المالك، اختاره الشيخ وغيره، وقال النبي صلى الله عليه وسلم «خففوا على الناس، فإن في المال الوطية والأكلة والعرية» رواه أبو عبيد، وقال: الوطية السابلة، سموا بذلك لوطئهم بلاد الثمار مجتازين، والعرية هي هبة ثمر نخلة أو نخلات لمن يأكله، والأكلة أهل المال يأكلون منه. وقال ابن عقيل، والآمدي وغيرهما: يترك قدر أكلهم وهديتهم بالمعروف، بلا تحديد، للأخبار الخاصة، وللحاجة إلى الأكل والإطعام والتناثر وغير ذلك، وهو قول أكثر العلماء. قال الشيخ: وتسقط فيما خرج من مؤنة الزرع والثمر منه، لأن الشارع أسقط في الخرص زكاة الثلث أو الربع، لأجل ما يخرج من الثمرة بالإكراء والضيافة وإطعام ابن السبيل، وهو تبرع، فما يخرج عنه لمصلحته التي لا يحصل إلا بها أولى بإسقاط الزكاة عنه، قال في الخلاف: وأسقط أحمد عن أرباب الزرع الزكاة في مقدار ما يأكلون، وإن ترك الساعي شيئًا من الواجب وجب إخراجها، لأنها لا تسقط بتركه، ولا يزكي ما نقص عما قال، لأنه لا زكاة عليه فيما ليس في ملكه.
([12]) إجماعًا، قال الشيخ: ويعتبر عندهم اليبس والتصفية في الحبوب، والجفاف في الثمار. اهـ. والتصفية التنقية والتنظيف من نحو تبن وقشر لا يؤكل ولا يدخر معه.
([13]) إجماعًا لحديث عتاب بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يخرص العنب زبيبًا، كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيبًا، كما تؤخذ زكاة النخل تمرًا، ولا يسمى زبيبًا وتمرًا إلا اليابس، وقيس عليهما الباقي، وقالالشيخ: الزيت فيه من الزيتون، وما لا يزبب من العنب، ولا يتمر من الرطب، تخرج الزكاة من ثمنه أو غيره. وفي الإنصاف: إن احتيج لقطعه قبل كماله أخرج منه رطبًا وعنبًا. وتجب فيه إجماعًا، وإن قطعه قبل سقطت، وفرارًا تجب.
([14]) بأن يشتريها بعد دفعها، ولو من غير من أخذها منه، لحديث عمر قال: حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، وأردت أن أشتريه، وظننت أنه يبيعه برخص، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال «لا تشتره، ولا تعد في صدقتك، وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه» متفق عليه، قال ابن المنذر: يلزم من ذلك فساد البيع. ولأنه وسيلة إلى استرجاع شيء منه، استحياء أن يماكسه، وقيده في الوجيز: لغير ضرورة. وهو مراد من أطلق، وإن رجعت إليه بإرث جاز، لما رواه مسلم وغيره من حديث بريدة قال «وجب أجرك، وردها عليك الميراث» وكذا لو عادت إليه بهبة أو وصية ونحو ذلك.
([15]) فيزكى الإبراهيمي على حدته، والمعقلي على حدته، والبر على حدته، والقمح على حدته، وإن كان نوعًا واحدًا أخذ منه بلا نزاع، وإن كان أنواعًا، فاختار الموفق وغيره أنه يجمع ويخرج من الوسط، بين أعلى وأدنى، لأن كل شيء على حدته يشق، وقد رفعت المشقة والحرج شرعًا، وكالسائمة، ويؤخذ الواجب من الزرع والثمر بحسبه، جيدًا أو رديئًا، منه أو من غيره وفاقًا، ولا يجوز إخراج الرديء عن الجيد وفاقًا، ولا الإلزام بإخراج الجيد عن الرديء وفاقًا، وله أن يخرج الواجب منه مشاعًا أو مقسومًا، بعد الجذاذ أو قبله بالخرص، وفاقًا لمالك والشافعي لأنها مواساة.
([16]) أي يجب على المستأجر، لأنه مالك للزرع، كالمستعير وفاقًأ وحكي إجماعًا، لعموم الأخبار، إلا أبا حنيفة في المستأجر، دون صاحبيه، لأن الغرم يتبع الغنم، فإذا استأجر إنسان من أهل الزكاة، فزرع أو غرس، فما أثمر مما تجب فيه فعلى المستأجر أو المستعير، دون المالك أو المعير، وكتاجر استأجر حانوتًا، وفي إيجابها على المالك إجحاف ينافي المواساة، وهو من حقوق الزرع، ولأنها زكاة مال، فكانت على مالكه كالسائمة، وأما المزارعة يجزء فعلى رب الأرض عشر سهمه، قال الشيخ: باتفاق الأئمة، ولم يقل أحد من المسلمين إن رب الأرض يقاسم العامل، ويكون العشر كله على العامل، فمن قال هذا فقد خالف إجماع المسلمين.
([17]) أي يوم الجذاذ والقطع، أو يوم الكيل، وحقه الزكاة المفروضة، أمرهم تعالى بأدائها بعد أن ذكر ما أنعم به على عباده من الثمار، وأنه أباح لهم الأكل منها.
([18]) وفاقًا لمالك والشافعي وجماهير العلماء، للعموم، فالخراج في رقبتها، والعشر في غلتها، ومن سبب الخراج التمكين من النفع، وسبب العشر الزرع والأرض الخراجية هي ما فتحت عنوة ولم تقسم، أو جلا أهلها خوفًا منا، أو صولحوا أنها لنا ونقرها معهم بالخراج.قال الشيخ: وجمع الإمام أحمد وأهل الحديث بين العشر والخراج، لأن العشر حق الزرع، والخراج حق الأرض، وصاحبا أبي حنيفة قولهما قول أحمد أو قريب منه. ولأن الموضوع مختلف، وهو نفس الأرض والغلة، والسبب كذلك وهو الانتفاع بالأرض، وحصول النابت بها، فالخراج في رقبتها، والعشر في غلتها، إن كانت لمسلم، وهو مذهب مالك والشافعي وجمهور أهل العلم للعموم، والأرض العشرية لا خراج عليها، وهي المملوكة بإحياء، أو أسلموا عليها، أو أنها لهم بخراج، أو أقطعها الخلفاء، أو قسمت كأرض خيبر، وهو مذهب مالك والشافعي. وقال الشيخ: سواء كانت الأرض ملكًا له، أو استأجرها، أو أقطعها له الإمام يستغل منفعتها، أو استعارها، أو كانت موقوفة عليه.قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن كل أرض أسلم أهلها عليها قبل قهرهم، أنها لهم، وأن عليهم فيما زرعوا فيها الزكاة. فأرض الصلح كما قال، وكذلك أرض العنوة، إذا كان عليها خراج أدى الخراج وزكى ما بقي، فمن استأجر أرضًا للزرع، فعليه الزكاة، عند جمهور العلماء، كمالك والشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد، وكذلك المقطعة، عليهم العشر، وهذا قول علماء الإسلام. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ العشر من الصحابة يعطيه لمستحقه، ويأمرهم أن يجاهدوا بما بقي من أموالهم، فمن أقطعه الإمام أرضًا للاستغلال والجهاد، ونبت الزرع على ملكه في أرض عشرية، فما يقول عالم أنه لا عشر عليه. وقال: من قال: إن العشر الذي أوجبه الله لمستحقي الصدقات يسقط؛ فقد خالف الإجماع. وقال: إذا كانت المقاسمة نصفين، فعلى الفلاح تعشير نصفه، وعلى المقطع تعشير نصفه، هذا على القول الصحيح، الذي عليه علماء المسلمين قديمًا وحديثًا.
([19]) أي يقابل قدر الخراج، لأنه كدين الآدمي، وتقدم أنه يمنع، فكذا الخراج، فإن كان في غلتها ما لا زكاة فيه، جعله في مقابلة الخراج إن أوفى به، لأنه أحوط. وإن لم يكن لها غلة إلا ما فيه الزكاة، أدى الخراج من غلتها، وزكى الباقي إن بلغ نصابًا.
([20]) أو أخذ من ملك غيره، لأن العسل لا يملك بملك الأرض كالصيد، وسواء كانت الأرض عشرية أو خراجية.
([21]) وجملته ثلاثون صاعًا نبوية، وتقديره بها لما رواه الجوزجاني عن عمر، أن ناسًا سألوه فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع لنا واديًا باليمن، فيه خلايا من نحل، وإن ناسًا يسرقونها. فقال عمر: إن أديتم صدقتها، من كل عشرة أفراق فرقًا، حميناها لكم.

([22]) يشير إلى ما تقدم، وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأخذ في زمانه من قرب العسل، من كل عشر قرب قربة. رواه ابن ماجه والأثرم، وأبو عبيد وغيرهم، ولابن ماجه وغيره عن أبي سيارة، قلت: يا رسول الله، إن لي نحلاً. قال «فأد العشور» قال: فاحم لها جبلها. قال: فحمى لها جبلها. وغير ذلك من الآثار، قال شيخ الإسلام: أوجبها الإمام أحمد في العسل، لما فيه من الآثار التي جمعها، وإن كان غيره قد لم يبلغه إلا من طريق ضعيف، وتسوية بين جنس ما أنزل الله من السماء، وما أخرجه من الأرض. ولما رجع أن المعتبر في الخارج من الأرض الإدخار، قال: ولهذا تجب الزكاة عندنا في العسل، وهو رطب، ولا يوسق لكونه يبقى ويدخر. اهـ. ولأن العسل مأكول، متولد من الشجر، يكال ويدخر، فأشبه التمر، وقال المجد: القياس عدم الوجوب، لولا الآثار.
([23]) والشيرخشك واللاذن ونحوها، لعدم النص، ولأن الأصل عدم الوجوب، «والمن» هو كل طل ينزل من السماء، على شجر أو حجر، يحلو وينعقد عسلآً، ويجف جفاف الصمغ، كالشيرخشت والترنجبين، وفي الصحاح: المن كالترنجبين. اهـ. والترنجبين هو المن المذكور في القرآن، شيء كان يسقط على الشجر، حلو يشرب.
([24]) فهو كعرض القنية، بل أولى، ولنقصه بالأكل ونحوه. فإن الزكاة، إنما تتكرر في الأموال النامية، وما ادخر فهو منقطع النماء، متعرض للنفاد، ولأن الله علق وجوب الزكاة بحصاده، والحصاد لا يتكرر، وهذا قول جميع الفقهاء إلا الحسن، قال الماوردي: خالف الإجماع. وقال غير واحد من أهل العلم: لا تجب زكاة المعشرات بعد الأول، إذا كان زكاها زكاة معشرات، ولو ادخرها للتجارة، لأنها لا تصير لها إلا بعد البيع، كعرض القنية، لا إن كان بذره من عرض تجارة، وبذره بنية التجارة ففيه الزكاة، إذا حال عليه الحول، وأما تضمين أموال العشر والخراج فباطل، قال أحمد في حديث ابن عمر «في القبالات ربًا»: هو أن يتقبل بالقرية، فيها العلوج والنخل «ربًا» أي في حكمه في التحريم والبطلان. وعن ابن عباس: ألا وهي القبالات. والقبيل الكفيل والعريف.
([25]) في الحال وفاقًا، لقوله تعالى{أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ }وأقطع النبي صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث المعادن القبلية، قال: فتلك لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم. رواه أبو داود ومالك وغيرهما، وكانوا يؤدون عنها الحق، وهو عمل المسلمين، قال الشيخ: وهو مذهب مالك والشافعي، وأما أبو حنيفة فيجعل فيه الخمس. اهـ. وإنما لم نلحقه بالركاز لأن الركاز مال كافر، أِشبه الغنيمة، وهذا وجب مواساة، وشكرًا لنعمة الغنى، فاعتبر له النصاب، كسائر الأموال، ولأنه مستفاد من الأرض، أشبه الزرع والثمر، والواجب فيه ربع العشر لقوله «في الرقة ربع العشر» والمعدن المكان الذي عدن فيه شيء من جواهر الأرض، وكل متولد في الأرض من غير جنسها، ليس نباتًا، وسمي معدنًا لعدون ما أنبته الله فيه، يقال: عدن بالمكان يعدن – بكسر الدال – عدونا: أقام، وقال الجوهري: سمي معدنًا لإقامة الناس فيه.
([26]) أي وإن كان ما أخذ من المعدن غير الذهب والفضة، ففيه ربع عشر قيمته، إن بلغت قيمته نصابًا من الذهب أو الفضة في الحال وفاقًا، بعد السبك والتصفية، وإنما اعتبر النصاب بهما، لأنهما قيم الأشياء، وما سواهما من المعادن كثيرة، وتجب فيها الزكاة عندنا، فمنها الجواهر والبلور والعقيق، والكحل والزرنيخ والمغرة، والسندوس والنورة والكبريت، والزفت والملح والزئبق، والقار والنفط والياقوت، والبنفش والزبرجد، والزاج والفيروزج، والزجاج والموميان، واليتم والرخام والبرام، وغير ذلك مما يسمى معدنًا. قال ابن الجوزي: أحصيت المعادن فوجدوها سبعمائة معدن. وقال أحمد: كل ما وقع عليه اسم المعدن، ففيه الزكاة، حيث كان في ملكه، أو في البراري. جزم به في الرعاية وغيرها، وكذا إن كان في ملك غيره، إن كان جاريًا، وإلا فلمالك المكان، لأنه جزء من أجزاء الأرض، ولا تتكرر زكاته كالمعشرات، غير نقد، لأنه معد للنماء، ولا زكاة في مسك وزباد، ومخرج من بحر كلؤلؤ ومرجان وزبرجد، وسمك ومسك وغيرها وفاقًا.
([27]) إن كان أثمانًا، لأنه قبل ذلك لا يتحقق إخراج الواجب، فلم يجب كالحبوب، أو كان منطبعًا كصفر ورصاص وحديد، أو لا كياقوت وعقيق، ويستقر الوجوب بإحرازه.
([28]) فخرج الكافر والمكاتب، والمدين دينًا يستغرق النصاب أو ينقصه، فإنه لا زكاة عليه في المعدن ولا غيره، إلا نصارى بني تغلب فعليهم زكاتان. و«مخرج» بكسر الراء اسم فاعل من الثلاثي المزيد.


  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 07:49 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

قوله: «وإذا اشتد الحب، وبدا صلاح الثمر وجبت الزكاة» سبق أنه يشترط أن يكون النصاب مملوكاً له وقت وجوب الزكاة.
فوقت الوجوب: «إذ اشتد الحب» أي: قويَ الحب، وصار شديداً لا ينضغط بضغطه «وبدا صلاح الثمر» وذلك في ثمر النخيل أن يحمر أو يصفر، وفي العنب أن يتموه حلواً أي: بدلاً من أن يكون قاسياً، يكون ليناً متموهاً، وبدلاً من أن يكون حامضاً يكون حلواً.فإذا اشتد الحب وبدا صلاح الثمر، وجبت الزكاة، وقبل ذلك لا تجب.
ويتفرع على هذا: أنه لو انتقل الملك قبل وجوب الزكاة، فإنه لا تجب عليه بل تجب على من انتقلت إليه، كما لو مات المالك قبل وجوب الزكاة أي قبل اشتداد الحب، أو بدو صلاح الثمر فإن الزكاة لا تجب عليه، بل تجب على الوارث، وكذلك لو باع النخيل، وعليها ثمار لم يبد صلاحها، أو باع الأرض، وفيها زرع لم يشتد حبه فإن الزكاة على المشتري؛ لأنه أخرجها من ملكه قبل وجوب الزكاة.ويتفرع على هذا أيضاً: أنه لو تلفت ولو بفعله بأن حصد الزرع قبل اشتداده، أو قطع الثمر قبل بدو صلاحه؛ فإنه لا زكاة عليه؛ لأن ذلك قبل وجوب الزكاة، إلا أنهم قالوا: إن فعل ذلك فراراً من الزكاة وجبت عليه عقوبة له بنقيض قصده؛ ولأن كل من تحيل لإسقاط واجب فإنه يلزم به.

وَلاَ يَسْتَقِرُّ الوُجُوبُ إِلاَّ بِجَعْلِهَا فِي البَيْدَرِ، فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ سَقَطَتْ ....
قوله: «ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في البيدر، فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت» . أي: لا يستقر وجوب الزكاة إلا بجعلها في البيدر.
«البيدر» هو المحل الذي تجمع فيه الثمار والزروع، ويسمى الجرين والبيدر؛ وذلك أنهم كانوا إذا جذوا الثمر جعلوا له مكاناً فسيحاً يضعونه فيه، وكذلك إذا حصدوا الزرع جعلوا له مكاناً فسيحاً يدوسونه فيه، فلا يستقر الوجوب إلا إذا جعلها في البيدر.والدليل على أن استقرار الوجوب يكون بجعلها في البيدر قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}؛ وإذا حصد الزرع فإنه يجعل في البيادر فوراً.فإن تلفت بعد بدو الصلاح، واشتداد الحب، وقبل جعلها في البيدر، فإنها تسقط ما لم يكن ذلك بتعدٍ منه أو تفريط، فإنها لا تسقط.وإذا جعلها في البيدر فإنها تجب عليه، ولو تلفت بغير تعد ولا تفريط؛ لأنه استقر الوجوب في ذمته فصارت ديناً عليه.
وعلى هذا فيكون لتلف الثمار والزرع ثلاث أحوال:
الحال الأولى: أن يتلفا قبل وجوب الزكاة، أي: قبل اشتداد الحب وقبل صلاح الثمر، فهذا لا شيء على المالك مطلقاً، سواء تلف بتعد أو تفريط، أو غير ذلك، والعلة عدم الوجوب.
الحال الثانية: أن يتلفا بعد وجوب الزكاة، وقبل جعله في البيدر، ففي ذلك تفصيل: إن كان بتعد منه أو تفريط ضمن الزكاة، وإن كان بلا تعد ولا تفريط لم يضمن.
الحال الثالثة: أن يتلفا بعد جعله في البيدر، أي: بعد جَذِّهِ ووضعه في البيدر، أو بعد حصاده ووضعه في البيدر، فعليه الزكاة مطلقاً؛ لأنها استقرت في ذمته فصارت ديناً عليه، والإنسان إذا وجب عليه دين، وتلف ماله فلا يسقط عنه.
والتعدي: فعل ما لا يجوز.
والتفريط: ترك ما يجب.
فمثلاً لو أن الرجل بعد أن بدا الصلاح في ثمر النخل، وقبل أن يجعله في البيدر، أهمله حتى جاءت السيول، فأمطرت وأفسدت التمر فيقال: هذا مفرط، ولو أنه أشعل النار تحت الثمار فهذا متعدٍّ؛ لأنه فعل ما لا يجوز.ولو أن الله أتى بعواصف أو قواصف بعد بدو الصلاح، وبعد اشتداد الحب من غير أن يفرط، ويهمل فأتلفت الثمر أو الزرع، فلا شيء عليه؛ لأنه لم يتعد، ولم يفرط.ولو سرقت الثمار أو الزروع بعد أن بدا الصلاح، واشتد الحب فإن كان بإهمال منه أو تفريط ضمن، وإلا فلا.والصحيح في الحال الثالثة أنها لا تجب الزكاة عليه ما لم يتعد أو يفرط؛ لأن المال عنده بعد وضعه في الجرين أمانة، فإن تعدى أو فرط، بأن أخر صرف الزكاة حتى سرق المال، أو ما أشبه ذلك فهو ضامن، وإن لم يتعد ولم يفرط وكان مجتهداً في أن يبادر بتخليصه، ولكنه تلف، مثل أن يجعل التمر في البيدر لأجل أن ييبس، ولكن لم يمض وقت يمكن يبسه فيه حتى سرق التمر، مع كمال التحفظ والحراسة، فلا يضمن، اللهم إلا إذا أمكنه أن يطالب السارق، ولم يفعل فهذا يكون مفرطاً.
إذاً القول الراجح أن الحال الثالثة تلحق بالحال الثانية.
وأما القول بأن الرجل إذا كان مديناً، وتلف ماله لم يسقط الدين بتلف ماله، فهذا قياس مع الفارق؛ لأن دينه متعلق بذمته، والزكاة متعلقة بهذا المال.

وَيَجِبُ العُشْرُ عَلَى مُسْتَأْجِرِ الأرْضِ دُونَ مَالِكِهَا.........
قوله: «ويجب العشر على مستأجر الأرض، دون مالكها» أي: أنَّ زكاة الثمر، وزكاة الحبوب تجب على المستأجر دون المالك، ولو قال المؤلف: «وتجب زكاة الثمر، والحبوب على المستأجر دون المالك» لكان أعم من قوله: «ويجب العشر» ؛ لأن العشر قد يكون واجباً، وقد يكون الواجب نصف العشر، لكن المؤلف اختار هذا اللفظ؛ لأن غالب الأراضي بعد الفتوحات الإسلامية تسقى بالأنهار بلا مؤونة، فيعبر أهل العلم عن زكاة الحبوب والثمار بالعشر، ومرادهم وجوب الزكاة سواء كان الواجب العشر أو غيره.
وعلة الوجوب أن المستأجر هو مالك الحبوب والثمار، وأما مالك الأرض فليس له إلا الأجرة.ولكن قد يقول قائل: وكيف يستأجر النخل؟ وهل يستأجر النخل؟
المذهب: وهو قول أكثر العلماء أن النخل لا يستأجر، أي: لا يمكن أن آتي إلى صاحب البستان، وأقول له: أجِّرني هذا النخل لمدة عشر سنوات مثلاً؛ لأن الثمر معدوم، ولا يعلم هل يخرج من الثمر مقدار الأجرة أو أقل أو أكثر.والنبي صلّى الله عليه وسلّم «نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها» فهذا من باب أولى؛ لأن هذا قبل أن يخرج، فيكون فيه جهالة.وقال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: إن استئجار أشجار البساتين كاستئجار أراضيها، فكما أنك تستأجر هذه الأرض من صاحبها وتزرعها، فقد يكون زرعك أكثر من الأجرة، وقد يكون أقل فكذلك النخل، ويجعل النخل أصلاً، كما تجعل الأرض أصلاً بالمزارعة، وقال: إنَّ هذا هو الثابت عن عمر ـ رضي الله عنه ـ، حين ضمن حديقة أسيد بن حضير ـ رضي الله عنه ـ الذي لزمه ديون، فَضَمّنَ بستانه من يستأجره لمدة كذا وكذا سنة، ويقدم الأجرة من أجل قضاء الدين، وعمر فعل ذلك والصحابة ـ رضي الله عنهم ـ متوافرون؛ ولأنه لا فرق بين استئجار النخيل، واستئجار الأرض؛ ولأن هذا أقطع للنزاع بين المستأجر وصاحب الأرض؛ وذلك لأنه يجوز أن يساقي صاحب النخل العامل بجزء من الثمرة، وهذا ربما يحصل فيه نزاع، أما إذا كانت الأجرة مقطوعة، فإن صاحب النخل قد عرف نصيبه وأخذه، والمستأجر قد عرف أن الثمر كله له، لا ينازعه فيه أحد، يتصرف فيه كاملاً.وهذا هو الذي عليه العمل الآن عند الناس أنه يصح استئجار النخيل بأجرة معلومة لمدة معينة حسب ما يتفقان عليه.وأجاب شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ عن استدلالهم بالحديث وهو نهي النبي صلّى الله عليه وسلّم عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه، بأنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً؛ ولهذا أجازوا بيع أصل النخل وعليه ثمره قبل بدو صلاحه، وبيع الحيوان الحامل، مع النهي عن بيع الحمل.
إذاً إذا قلنا: إنه لا يصح استئجار النخيل، فإنه يحمل قول المؤلف: «يجب العشر على مستأجر الأرض» فيما إذا كان ذلك في الزرع، أما في الثمار فلا يتصور؛ لأنه على المذهب لا يصح أن تستأجر هذا النخيل بثماره، والراجح ما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله.والناس هنا في القصيم لما ظهرت هذه الفتوى استراحوا وصاروا يؤجرون البساتين، فمثلاً يقول: استأجرت منك البساتين بـ(100.000) فيعطيه المائة ألف، والآخر يستقل بالثمر.وابن عقيل ـ رحمه الله ـ فصّل، وقال: إذا كان أكثر الأرض بياضاً، لا نخيلاً، يجوز اعتباراً بالأكثر؛ لأن تأجير الأرض جائز فيلحق الأقل بالأكثر.أما الطريق على المذهب فهو أن تساقي على النخل، وتؤجر الأرض، أي: تقول ساقيتك على هذا النخل بثلث ثمره، وأجرتك هذه الأرض بعشرة آلاف، فيأخذ الأرض ويزرعها، والزرع له والنخل يقوم عليه بثلث ثمرته.
مسألة: لو كانت الأرض خراجية، فالزكاة فيها على المستأجر، والخراج على المالك؛ ووجه ذلك أن الخراج على عين الأرض فيكون على مالكها، والزكاة على الثمار فتكون على مالك الثمار وهو المستأجر، ولو كان المالك هو الذي يزرع الأرض، فعليه الخراج باعتباره مالكاً للأرض، والزكاة باعتباره مالكاً للزرع، أو الثمر.
مسألة: على من تجب الزكاة في المزارعة والمساقاة والمغارسة؟
تجب الزكاة في هذه الأحوال على العامل وعلى مالك الأصل بقدر حصتيهما، إن بلغت حصة كل واحد منهما نصاباً، فإن لم تبلغ انبنى على تأثير الخلطة في غير بهيمة الأنعام، وقد تقدم بيان الخلاف في ذلك.

وَإِذَا أخَذَ مِن ملكِهِ أوْ مَوَاتٍ مِن العَسَلِ مِائَةً وَسِتِّينَ رِطْلاً عِراقِيّاً فَفِيهِ عُشْرُهُ.......
قوله: «وإذا أخذ من ملكه أو موات من العسل، مائة وستين رطلاً عراقياً ففيه عشره» «مائة» مفعول أخذ.
أفادنا المؤلف ـ رحمه الله ـ وجوب الزكاة في العسل، والعسل ليس ما يخرج من الأرض، وإنما من بطون النحل كما قال الله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69] ولكنه يشبه الخارج من بطون الأرض، بكونه يجنى في وقت معين، كما تجتنى الثمار، وقد ضرب عمر ـ رضي الله عنه ـ عليه ما يشبه الزكاة، وهو العشرفاختلف أهل العلم ـ رحمهم الله ـ هل في العسل الزكاة، أو أَنَّ ما ضربه عمر ـ رضي الله عنه ـ في العسل ليس زكاة، ولكنه اجتهاد لحال مخصوصة؛ لأنه لا يصدق عليه قول الله -عزّ وجل-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267].فذهب الأئمة الثلاثة إلى عدم وجوب الزكاة في العسل، واختار هذا صاحب الفروع ابن مفلح ـ رحمه الله ـ من الحنابلة، وهو أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو من أعلم الناس بفقه شيخ الإسلام ابن تيمية حتى إن ابن القيم كان يرجع إليه يسأله عما يقوله الشيخ في المسائل الفقهية.ووجه هذا القول أنه ليس في القرآن ولا في السنة ما يدل على وجوب ذلك، والأصل براءة الذمة حتى يقوم دليل على الوجوب، وعلى هذا القول لا حاجة إلى معرفة نصاب العسل.والمشهور من المذهب الوجوب، ويرون أن نصابه مائة وستون رطلاً عراقياً، وهو يقارب اثنين وستين كيلو في معايير الوزن المعاصر، فإذا أخذ هذا المقدار وجب عليه عشره لما ورد عن عمر ـ رضي الله عنه ـ، ولأنه يشبه الثمر الذي سقي بلا مؤونة ليس فيه من الكلفة إلا أخذه وجنيه، كما أن الثمر الذي يسقى بلا مؤونة ليس فيه من المؤونة إلا أخذه، فعلى هذا يجب فيه العشر ويصرف مصرف الزكاة.
وقيل: إن النصاب ستمائة رطل عراقي.
وقال في المغني: ويحتمل أن يكون نصابه ألف رطل عراقي؛ وذلك لأنه ليس فيه سنة واردة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فاختلف العلماء في تقدير النصاب الذي تجب فيه الزكاة.ولا يخلو إخراجها من كونه خيراً؛ لأنه إن كان واجباً فقد أدى ما وجب، وأبرأ ذمته، وإن لم يكن واجباً فهو صدقة، ومن لم يخرج فإننا لا نستطيع أن نؤثمه، ونقول: إنك تركت ركناً من أركان الإسلام في هذا النوع من المال؛ لأن هذا يحتاج إلى دليل تطمئن إليه النفس.
قوله: «من ملكه» أي: في أرضه، بأَنْ بنى النحل على شجره الذي بأرضه مَعْسَلَةً، فأخذ العسل منه.
«أو موات» أي: في أرض ليست مملوكة لأحد، مثل أن يأخذه من رؤوس الجبال وبطون الشعاب، وما أشبه ذلك.
مسألة: هل في البترول زكاة؟
الجواب: ليس فيه زكاة؛ لأن المالك له الدولة، وهو للمصالح العامة، وما كان كذلك فلا زكاة فيه.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir