دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 10:36 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي مسائل في سجود السهو والشك في الصلاة

ومَن شَكَّ في عَددِ الركعاتِ أَخَذَ بالأقلِّ، وإن شَكَّ في تَرْكِ رُكنٍ فكَتَرْكِه.
ولا يَسْجُدُ لشكِّه في تَرْكِ واجبٍ أو زيادةٍ، ولا سُجودَ على مأمومٍ إلا تَبَعًا لإمامِه، وسجودُ السهوِ لِمَا يَبْطُلُ عَمْدُه واجبٌ. وتَبْطُلُ بتَرْكِ سجودٍ أفْضَلِيَّتُهِ قبلَ السلامِ فقطْ، وإن نَسِيَه وسَلَّمَ سَجَدَ إن قَرُبَ زَمَنُه، ومَن سَهَا مِرارًا كَفَاهُ سَجدتانِ.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 06:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...................

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 06:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ومَن شَكَّ في عَدَدِ الرَّكَعَاتِ)؛ بأن تَرَدَّدَ: أَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أم ثَلاثَةً؟ مَثَلاً, (أَخَذَ بالأَقَلِّ)؛ لأنَّه المُتَيَقَّنُ، ولا فَرْقَ بينَ الإمامِ والمُنْفَرِدِ، ولا يَرْجِعُ مَأْمُومٌ وَاحِدٌ إلى فِعْلِ إِمَامِه، فإذا سَلَّمَ أَتَى بما شَكَّ فيهِ, وسَجَدَ وسَلَّمَ، وإن شَكَّ: هل دخَلَ معَهُ في الأُولَى أو الثَّانِيَةِ؟ جَعَلَهُ في الثَّانِيَةِ؛ لأنَّه المُتَيَقَّنُ.
وإن شَكَّ مَن أَدْرَكَ الإمامَ رَاكِعاً: أرَفَعَ الإمامُ رَأْسَهُ قبلَ إِدْرَاكِه رَاكِعاً أم لا؟ لم يَعْتَدَّ بتلكَ الرَّكْعَةِ؛ لأنَّه شَاكٌّ في إِدْرَاكِهَا, ويَسْجُدُ للسَّهْوِ، (وإن شَكَّ) المُصَلِّي (في تَرْكِ رُكْنٍ, فكَتَرْكِه)؛ أي: فكما لو تَرَكَهُ, يَأْتِي به وبما بَعْدَهُ إن لم يَكُنْ شَرَعَ في قراءَةِ التي بعدَهَا، فإن شرَعَ في قِرَاءَتِهَا صَارَت بَدَلاً عَنْهَا. (ولا يَسْجُدُ) للسَّهْوِ؛ (لشَكِّه في تَرْكِ وَاجِبٍ)؛ كتَسْبِيحِ رُكُوعٍ ونَحْوِه، (أو) لشَكِّه في (زِيَادَةٍ), إلاَّ إذا شَكَّ في الزِّيَادَةِ وَقْتَ فِعْلِهَا؛ لأنَّه شَكَّ في سَبَبِ وُجُوبِ السُّجُودِ، والأَصْلُ عَدَمُه، فإن شَكَّ في أَثْنَاءِ الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ: أهي رَابِعَةٌ أم خَامِسَةٌ؟ سَجَدَ؛ لأنَّه أدَّى جُزْءاً مِن صَلاتِه مُتَرَدِّداً في كَوْنِه مِنْهَا، وذلكَ يُضْعِفُ النِّيَّةَ.
ومَن شَكَّ في عَدَدِ الرَّكَعَاتِ, وبَنَى على اليَقِينِ, ثُمَّ زَالَ شَكُّه, وعَلِمَ أنَّهُ مُصِيبٌ فيما فَعَلَهُ- لم يَسْجُدْ.
(ولا سُجُودَ على مَأْمُومٍ) دَخَلَ معَ الإمامِ مِن أَوَّلِ الصَّلاةِ (إلاَّ تَبَعاً لإمَامِه) إن سَهَا على الإمَامِ فيُتَابِعُه, وإن لم يُتِمَّ ما عليهِ مِن تَشَهُّدٍ ثُمَّ يُتِمُّه، فإن قامَ بعدَ سَلامِ إِمَامِه رجَعَ فسَجَدَ معَهُ، ما لم يَسْتَتِمَّ قَائِماً, فيُكْرَهُ له الرُّجُوعُ، أو يَشْرَعْ في القِرَاءَةِ, فيَحْرُمُ.
ويَسْجُدُ مَسْبُوقٌ سَلَّمَ معَهُ سَهْواً, ولسَهْوِه معَ إِمَامِه، أو فيما انفَرَدَ به لم يَسْجُدِ الإمامُ للسَّهْوِ، [و] سَجَدَ مَسْبُوقٌ إذا فَرَغَ وغَيْرُه بعدَ إِيَاسِه مِن سُجُودِه.
(وسُجُودُ السَّهْوِ لِمَا)؛ أي: لفِعْلِ شَيْءٍ أو تَرْكِه (يُبْطِلُ) الصَّلاةَ؛ (عَمْدُه)؛ أي: تَعَمُّدُه، ومِنْهُ اللَّحْنُ المُحِيلُ للمَعْنَى سَهْواً أو جَهْلاً- (وَاجِبٌ)؛ لفِعْلِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وأَمْرِه به في غَيْرِ حَدِيثٍ، والأمرُ للوُجُوبِ.
ومَا لا يُبْطِلُ عَمْدُه؛ كتَرْكِ السُّنَنِ وزِيَادَةِ قَوْلٍ مَشْرُوعٍ غَيْرِ السَّلامِ في غيرِ مَوْضِعِه؛ لا يَجِبُ له السُّجُودُ, بل يُسَنُّ في الثَّانِي.
(وتَبْطُلُ) الصَّلاةُ (بـ) تَعَمُّدِ (تَرْكِ سُجُودِ سَهْوٍ) وَاجِبٍ. (أَفْضَلِيَّتُهُ قَبْلَ السَّلامِ فَقَطْ), فلا تَبْطُلُ بتَعَمُّدِ تَرْكِ سُجُودٍ مَسْنُونٍ ولا وَاجِبٍ, بل أَفْضَلِيَّتُه بعدَ السَّلامِ، وهو ما إذا سَلَّمَ قَبْلَ إِتْمَامِهَا؛ لأنَّه خَارِجٌ عَنْهَا, فلم يُؤَثِّرْ في إِبْطَالِهَا، وعُلِمَ مِن قَوْلِه: أَفْضَلِيَّتُه أنَّ كَوْنَهُ قَبْلَ السَّلامِ أو بَعْدَهُ نَدْبٌ؛ لوُرُودِ الأحاديثِ بكُلٍّ مِن الأمرَيْنِ, (وإن نَسِيَهُ)؛ أي: نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ الذي مَحَلُّه قَبْلَ السَّلامِ (وسَلَّمَ), ثُمَّ ذَكَرَ, (سَجَدَ) وُجُوباً, (إن قَرُبَ زَمَنُه) وإن شَرَعَ في صَلاةٍ أُخْرَى، فإذا سَلَّمَ- وإن طَالَ الفَصْلُ عُرْفاً- أو أَحْدَثَ أو خَرَجَ مِن المَسْجِدِ, لم يَسْجُدْ, وصَحَّتْ صَلاتُه.
(ومَن سَهَا) في صَلاةٍ (مِرَاراً, كفَاهُ) لجَمِيعِ سَهْوِه (سَجْدَتَانِ), ولو اختَلَفَ مَحَلُّ السُّجُودِ، ويَغْلِبُ ما قَبْلَ السَّلامِ لسَبْقِه.
وسُجُودُ السَّهْوِ ومَا يُقَالُ فيهِ وفي الرَّفْعِ مِنْهُ, كسُجُودِ صُلْبِ الصَّلاةِ، فإن سَجَدَ قَبْلَ السَّلامِ أَتَى به بَعْدَ فَرَاغِه مِن التَّشَهُّدِ, وسَلَّمَ عَقِبَهُ، وإِن أَتَى [به] بَعْدَ السَّلامِ جَلَسَ بعدَه مُفْتَرِشاً في ثُنَائِيَّةٍ ومُتَوَرِّكاً في غَيْرِها, وتَشَهَّدَ وُجُوباً التَّشَهُّدَ الأخيرَ, ثُمَّ سَلَّمَ؛ لأنَّه في حُكْمِ المُسْتَقِلِّ في نَفْسِه.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 05:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(ومن شك في عدد الركعات) بأن تردد أصلى اثنتين أم ثلاثا مثلا؟ أخذ بالأقل لأنه المتيقن([1]).ولا فرق بين الإمام والمنفرد([2]) ولا يرجع مأموم واحد إلى فعل إمامه([3]).فإذا سلم إمامه أتى بما شك فيه وسجد وسلم([4]) وإن شك هل دخل معه في الأولى أو في الثانية؟ جعله في الثانية، لأنه المتيقن([5]) وإن شك من أدرك الإمام راكعا أرفع الإمام رأسه قبل إدراكه راكعا أم لا؟ لم يعتد بتلك الركعة، لأنه شاك في إدراكها([6]) ويسجد للسهو([7]) (وإن شك) المصلي (في ترك ركن فكتركه) أي فكما لو تركه، يأتي به وبما بعده([8]).إن لم يكن شرع في قراءة التي بعدها([9]) فإن شرع في قراءتها صارت بدلا عنها([10]) (ولا يسجد) للسهو (لشكه في ترك واجب) كتسبيح ركوع ونحوه([11]) (أو) لشكه في (زيادة) ([12]) إلا إذا شك في الزيادة وقت فعلها([13]) لأنه شك في سبب وجوب السجود والأصل عدمه([14]).فإن شك في أثناء الركعة الأخيرة أهي رابعة أم خامسة؟ سجد، لأنه أدى جزءا من صلاته مترددا في كونه منها([15]) وذلك يضعف النية([16]) ومن شك في عدد الركعات، وبنى على اليقين، ثم زال شكه، وعلم أنه مصيب فيما فعله لم يسجد([17]) (ولا سجود على مأموم) دخل مع الإمام من أول الصلاة (إلا تبعًا لإمامه) إن سهي على الإمام فيتابعه([18]) وإن لم يتم ما عليه من تشهد ثم يتمه([19]).فإن قام بعد سلام إمامه رجع، فسجد معه([20]) ما لم يستتم قائما فيكره له الرجوع([21]) أو يشرع في القراءة فيحرم([22]) ويسجد مسبوق سلم معه سهوا([23]) ولسهوه مع إمامه([24]) أو فيما انفرد به([25]) وإن لم يسجد الإمام للسهو سجد مسبوق إذا فرغ([26]).وغيره بعد إياسه من سجوده([27]) (وسجود السهو لما) أي لفعل شيء أو تركه (يبطل) الصلاة (عمده) أي تعمده([28]) ومنه اللحن المحيل للمعنى سهوًا أو جهلاً (واجب) ([29]) لفعله عليه الصلاة والسلام وأمره به في غير حديث([30]) والأمر للوجوب([31]).وما لا يبطل عمده كترك السنن([32]) وزيادة قول مشروع غير السلام في غير موضعه([33]) لا يجب له السجود بل يسن في الثاني([34]) (وتبطل) الصلاة (بـ) تعمد (ترك سجود) سهو واجب (أفضليته قبل السلام فقط)([35]) فلا تبطل بتعمد ترك سجود مسنون([36]) ولا واجب محل أفضليته بعد السلام([37]) وهو ما إذا سلم قبل إتمامها([38]).لأنه خارج عنها، فلم يؤثر في إبطالها([39]) وعلم من قوله: أفضليته، أن كونه قبل السلام أو بعده ندب، لورود الأحاديث بكلٍّ من الأمرين([40]).(وإن نسيه) أي نسي سجود السهو الذي محله قبل السلام وسلم ثم ذكر (سجد) وجوبًا (إن قرب زمنه)([41]) وإن شرع في صلاة أخرى فإذا سلم([42]) وإن طال الفصل عرفًا([43]) أو أحدث أو خرج من المسجد لم يسجد([44]).وصحت صلاته([45]) (ومن سها) في صلاة (مرارا كفاه) لجميع سهوه (سجدتان) ([46]) ولو اختلف محل السجود([47]) ويغلب ما قبل السلام لسبقه([48]) وسجود السهو وما يقال فيه، وفي الرفع منه كسجود صلب الصلاة([49]).فإن سجد قبل السلام أتى به بعد فراغه من التشهد وسلم عقبه([50]) وإن أتى به بعد السلام جلس بعده([51]) مفترشًا في ثنائية ومتوركا في غيرها([52]) وتشهد وجوبا التشهد الأخير، ثم سلم([53]) لأنه في حكم المستقل في نفسه([54]).





([1]) إشارة إلى أنه لا اقتصار على ما مثل فلو تردد أصلي ثلاثا أم أربعا؟ أخذ بالأقل وهو الثلاث ونحو ذلك وكذلك السجدات وفاقا لمالك والشافعي لحديث عبد الرحمن بن عوف، «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة أو اثنتين فليجعلهما واحدة، وإن لم يدر ثنتين أو ثلاثا؟ فليجعلهما ثنتين» الحديث رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه، ولحديث أبي سعيد قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن صلاته، وإذا كان صلى تمام الأربع كان ترغيما للشيطان»، رواه مسلم،، ولأن الأصل عدم ما شك فيه.وقال النووي: من شك ولم يترجح له أحد الطرفين بين على الأقل بالإجماع بخلاف من غلب على ظنه أنه صلى أربعا مثلا اهـ وعنه يبني على غالب ظنه، اختاره الخرقي والشيخ وغيرهما، وقال: على هذا غالب أمور الشرع، وهي المشهورة عن أحمد وروي عن علي وغيره، وهو مذهب أصحاب الرأي، لما في الصحيحين عن ابن مسعود «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم يسجد سجدتين» وللبخاري«بعد التسليم» وفي لفظ «فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب»، وفي رواية فليتحر «أوفي الذي يرى أنه الصواب» رواه أبو داود، وقال أبو الفرج: التحري سائغ في الأقوال والأفعال اهـ ويحمل ما تقدم على استواء الأمرين، فإنه لا خلاف إذا في البناء على اليقين، والسجود للشك هو القسم الثالث مما يشرع له السجود في بعض صوره.

([2]) وعنه يبني الإمام على غالب ظنه، إن كان المأموم أكثر من واحد، لأنه يبعد غلطه، إذ وراءه من ينبهه، فمتى سكتوا عنه علم أنه على الصواب، فهو أولى بالبناء على غالب ظنه من المنفرد.

([3]) لاحتمال السهو منه، بل يبني على اليقين كالمنفرد.

([4]) أي أتى بما شك فيه مع إمامه ليخرج من الصلاة بيقين، وسجد للسهو وسلم، ليجبر ما فعله مع الشك، وإن كان معه غيره وشك رجع إلى فعل إمامه، لأنه يبعد خطأ اثنين وإصابة واحد، وهذا التفريع على المذهب، وتقدم أنه يبني على غالب ظنه، وقال في المبدع، وأما المأموم فيتبع إمامه مع عدم الجزم بخطئه. وإن جزم بخطئه لم يتبعه ولم يسلم قبله.

([5]) وتقدم أنه قول الجمهور، ويقضي ركعة إذا سلم إمامه احتياطا ويسجد للسهو.

([6]) فيأتي ببدلها لاحتمال رفعه من الركوع قبل إدراكه فيه محرما به بعده.

([7]) لخبر «إذ شك أحدكم في صلاته فليسجد سجدتين» الحديث متفق عليه وليجبر ما فعله مع الشك، فإن نقص في المعنى.

([8]) لأن الأصل عدمه، وليخرج منها بيقين، وقال ابن تميم وغيره، لو جهل عين الركن المتروك بنى على الأحوط، فإن شك في القراءة والركوع جعله قراءة وإن شك في الركوع والسجود جعله ركوعا، والوجه الثاني يتحرى ويعمل بغلبة الظن في ترك الركن كالركعة وتقدم.

([9]) يعني في قراءة الركعة التي بعدها.

([10]) ولغت التي قبلها.

([11]) كتسبيح سجود وقول رب اغفر لي، لأنه شك في سبب وجوب السجود للسهو والأصل عدمه.

([12]) بأن شك هل زاد ركوعا أو سجودا، أو شك في تشهده الأخير؟ هل صلى أربعا أو خمسا ونحوه؟، لأن الأصل عدم الزيادة، فلحق بالمعدوم يقينا، ولو أحرم بالعشاء ثم سلم من ركعتين يظنهما من التراويح، أو سلم من ركعتين من ظهر يظن أنها جمعة أو فجر فاتته ثم ذكر أعاد فرضه ولم يبن نص عليه، لأنه قطع نية الأولى باعتقاده أنه في أخرى، وعلمه لها ينافي الأولى، بخلاف ما لو ذكر قبل أن يعمل ما ينافيها، ومن سجد لشك ظنا أنه يسجد له ثم تبين له أنه لم يكن عليه سجود سجد وجوبا، لكونه زاد سجدتين غير مشروعتين، ومن عليه سجود ولم يعلم أيسجد له أم لا؟ لم يسجد له، لأنه لم يتحقق سببه، والأصل عدمه، ومن شك هل سجد لسهوه أو لا؟ سجد.

([13]) كأن ركع أو سجد فشك وهو في نفس الركوع أو السجود هل هو زائد أولا؟ فيسجد.

([14]) بخلاف ما لو كان قائما مثلا فشك هل زاد ركوعا أو سجودًا؟ فلا يسجد.

([15]) أو زائدًا عليها.

([16]) فاحتاج للجبر بالسجود، ومفهومه أنه إن شك في التشهد الأخير أهي رابعة أم خامسة؟ لم يجب عليه سجود.

([17]) إمامًا كان أو غيره لزوال موجب السجود، صححه في الإنصاف وغيره.

([18]) ولو لم يسه، حكاه ابن المنذر وغيره إجماعا في الصورتين، لحديث ابن عمر مرفوعا «ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه» رواه الدراقطني، وصح عنه عليه الصلاة والسلام «أنه لما سجد لترك التشهد الأول والسلام من نقصان، سجد الناس معه ولعموم «وإذا سجد فاسجدوا» فيسجد مأموم متابعة لإمامه.

([19]) بعد سلام إمامه، لحديث «وإذا سجد فاسجدوا» ولا يعيد السجود لأنه لم ينفرد عن إمامه، ولو كان المأموم مسبوقا وسها الإمام فيما لم يدركه المسبوق فيه فيسجد معه متابعة له وكذا لو أدركه فيما لم يعتد له به.

([20]) أي: فإن قام المسبوق بعد سلام إمامه لقضاء ما سبق به ظانًّا عدم سهو إمامه فسجد إمامه، رجع المسبوق وجوبا فسجه معه.

([21]) كمن قام عن التشهد الأول.

([22]) لأنه تلبس بركن مقصود، فلا يرجع إلى واجب، كمن قام عن التشهد يحتذي فيه حذوه وإن أدرك الإمام في آخر سجدتي السهو سجدها معه، فإذا سلم أتى المسبوق بالثانية، ثم قصى ما فاته لعموم «فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا» وإن أدركه بعد سجدتي السهو وقبل السلام لم يسجد لسهو إمامه وبعد السلام لا يدخل معه لأنه خرج من الصلاة.

([23]) بعد قضاء ما فاته لأنه صار منفردا.

([24]) أي: دون إمامه فيما أدركه معه، ولو فارقه لعذر، وهذا من عطف العام على الخاص، لأن سلامه معه من أفراد سهوه معه، وفائدة ذلك دفع إيهام أن ما كان معه يتحمله قال عثمان: سواء سجد مع الإمام لسهو الإمام أم لا، فإن سجود سهو المسبوق محله بعد سلام الإمام.

([25]) أي: المسبوق إذا سهي عليه فيما يقضيه بعد سلام إمامه، قال في المبدع: رواية واحدة، ولو كان سجد مع الإمام، لأنه لم يتحمله عنه الإمام فيلزمه السجود بعد قضاء ما فاته.

([26]) أي: من قضاء ما فاته، لأن محل سجود السهو آخر الصلاة، وإنما كان يسجد مع الإمام متابعة له.

([27]) أي ويسجد غير مسبوق إذا أيس من سجود إمامه وفاقًا لمالك والشافعي، وهذا فيما إذا كان الإمام لا يرى وجوب سجود السهو، أو يراه وتركه سهوا، وإلا بطلت، على القول ببطلانها بترك سجود أفضليته قبل السلام.

([28]) واجب سواء تعمد نقصا كسلام وترك تسبيح ونحوه، أو تعمد زيادة كزيادة ركعة أو ركوع أو سجود ونحوه، أو أتى ببدل ركعة أو ركن شك فيه، لقوله عليه الصلاة والسلام «فليسجد سجدتين» ونحوه من الأحاديث الدالة على الأمر به، ولفعله عليه الصلاة والسلام مما تقدم وغيره، ولأنه جبران يقوم مقام ما يجب فعله أو تركه فكان واجبا.

([29]) لأن عمده يبطل الصلاة، فوجب السجود لسهوه، ولو أعاده صحيحا واختار المجد، لا يجب السجود للحن سهوًا أو جهلاً اهـ وإنما قال: منه لينبه على قوة الخلاف في ذلك.

([30]) منها حديث ابن مسعود وابي سعيد، ولوجوبها على الشاك بغير خلاف، وعنه غير واجب، قال الموفق: ولعل مبناها على أن الواجبات التي شرع السجود لجبرها غير واجبة، فيكون جبرها غير واجب، وفاقًا للشافعي وأصحاب الرأي وغيرهم.

([31]) لأنه تجرد عن القرينة الصارفة له عما يقتضي خلاف ذلك، وعنه: يشترط السجود لصحة الصلاة قال الوزير: هو المشهور عن أحمد.

([32]) فلا يجب له السجود وتقدم ذكرها.

([33]) كقراءة في ركوع وسجود وتقدم، وأما السلام فيخرج به منها.

([34]) وهو الإتيان بالزيادة بالقول المشروع في غير موضعه غير السلام، وهذا بخلاف ما لو ترك القول المشروع، مثل الاستفتاح أو التعوذ، فلا يسن السجود لتركه بل يباح فقط.

([35]) أي: ندب كونه قبل السلام، فتبطل الصلاة بتعمد تركه، كتعمده ترك واجب من الصلاة، وفاقًا للشافعي، لا إن عزم على فعله بعد السلام فسلم ثم تركه فلا تبطل.

([36]) كترك مسنون، أو زيادة قول مشروع، ولا يكون سجود مسنون محله بعد السلام.

([37]) أي ولا تبطل أيضًا بتعمد ترك سجود سهو واجب محل أفضليته بعد السلام وفاقاً، لأنه خارج عنها فلم يؤثر في إبطالها وإن كان مشروعاً لها، كالأذان لكن يأثم بتعمد تركه ومثله لو أخر السجود الذي أفضليته قبل السلام إلى ما بعده فتركه فلا تبطل.

([38]) أي وسجود السهو الذي محل أفضليته بعد السلام هو ما إذا سلم عن نقص، أو بنى على غالب ظنه اختاره الشيخ.

([39]) وظاهره ولو أقل من ركعة، كما هو ظاهر المنتهى وغيره، وقيده في الإقناع بما إذا سلم عن نقص ركعة، ونص عليه أحمد، وهو موجب الدليل فإنه إنما ورد في نقص ركعة أو ركعتين، كقصة ذي اليدين، وحديث عمران بن حصين، وكذا إذا شك في صلاته، لما في الصحيح «فليتحر الصواب فليتم عليه، ثم ليسجد سجدتين بعد التسليم» ولمسلم «بعد السلام والكلام»، ولأحمد:«فليسجد سجدتين بعد ما يسلم» وصححه ابن خزيمة.

([40]) قال القاضي وغيره: لا خلاف بين جميع أهل العلم في جواز الأمرين أي السجود قبل السلام أو بعده، وقال البيهقي: كذا ذكره بعض الشافعية والمالكية إجماعا، وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد للسهو قبل السلام، وروينا أنه سجد بعد السلام، وأنه أمر بذلك، وكلاهما صحيح اهـ، وإنما الخلاف في الأولى والأفضل فلو سجد للكل قبله أو بعده جاز، وقال الشيخ: أظهر الأقوال وهو رواية عن أحمد الفرق بين الزيادة والنقص، وبين الشك مع التحري، والشك مع البناء على اليقين، فإذا كان السجود لنقص، كان قبل السلام لأنه جابر لتتم الصلاة به، وإن كان لزيادة كان بعد السلام، لأنه إرغام للشيطان لئلا يجمع بين زيادتين في الصلاة وكذلك إذا شك وتحرى فإنه أتم صلاته وإنما السجدتان إرغام للشيطان، فتكون بعده،
وكذلك إذا سلم وقد بقي عليه بعض صلاته ثم أكملها وقد أتمها، والسلام فيها زيادة، والسجود في ذلك ترغيم للشيطان وأما إذا شك ولم يبن له الراجح فيعمل هنا على اليقين، فإما أن يكون صلى خمسا أو أربعا فإن كان صلى خمسا، فالسجدتان يشفعان له صلاته، ليكون كأنه صلى ستا لا خمسًا وهذا إنما يكون قبل السلام، فهذا القول الذي نصرناه يستعمل فيه جميع الأحاديث الواردة في ذلك.وقال: وما شرع من السجود قبل السلام يجب فعله قبله، وما شرع بعده لا يفعل إلا بعده وجوبا، وهذا أحد القولين في مذهب أحمد وغيره، وقال أحمد: أنا أقول كل سهو جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد فيه بعد السلام فإنه يسجد فيه بعد السلام، وسائر السهو يسجد فيه قبل السلام، ووجهه والله أعلم أنه من شأن الصلاة فيقضيه قبل السلام، إلا ما خصه الدليل، ويخير المأموم بين السلام معه بنية السجود بعد السلام، وبين الإقامة فإن سجد سجد معه، وإلا وحده، ومن سلم من المأمومين معه، ومن لم يسلم صلاة الكل صحيحة.

([41]) عرفًا ولو انحرف عن القبلة، وتكلم لما تقدم ولما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: «سجد بعد السلام والكلام».

([42]) أي قضاه ما لم يطل الفصل عرفًا، لبقاء محله، وقيل بقدر ركعة طويلة، وظاهر كلام الخرقي ما دام في المسجد، واشترط الموفق وغيره لقضائه شرطين أن يكون في المسجد، وأن لا يطول الفصل.

([43]) لم يسجد لأنه لتكميل الصلاة، فلا يأتي به بعد طول، وصلاته صحيحة.

([44]) ولو لم يطل الفصل، لفوات شرط الصلاة بالحدث، ولأن المسجد محل الصلاة فاعتبرت فيه المدة، كخيار المجلس.

([45]) لأنه جابر للعبادة، كجبران الحج، فلم تبطل بفواته، وكسائر الواجبات إذا تركها سهوًا، وقال الوزير وغيره، اتفقوا أنه إذا تركه سهوا لم تبطل، وعنه يسجد مطلقاً، أي سواء قصر الفصل أو لا، خرج من المسجد أو لا، اختاره الشيخ وغيره، وجزم به ابن رزين لقصة ذي اليدين.

([46]) إذا لم يختلف محلهما باتفاق أهل العلم.

([47]) أشار إلى خلاف روي فيه عن الأوزاعي وابن أبي ليلى، وفيه وجه فيما إذا كان السهو من جنسين، تعدد السجود له، لأن كل سهو يقتضي سجودا واتفق الأئمة الأربعة على الاكتفاء بسجدتين، لأنه عليه الصلاة والسلام سها فسلم، وتكلم بعد سلامه، وسجد لهما سجودا واحد، ولقوله «وإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين» وقوله بعد السلام، «ولا يلزمه بعد السلام سجودان وكل ذلك يتناول السهو في موضعين فأكثر، وأما حديث «لكل سهو سجدتان» وإن كان فيه مقال فالسهو اسم جنس، ومعناه لكل صلاة فيها سهو سجدتان.

([48]) كأن حصل له سهوان مثلا، بأن زاد في صلاه من جنسها وسلم عن نقص، فيغلب سجودا أفضليته قبل السلام، وإن شك في محل سجوده سجد قبل السلام.

([49]) أي وسجود السهو قبل السلام أو بعده، وما يقال فيه من تكبير وتسبيح، وما يقال بعد رفعه من كـ (رب اغفر لي)، بين السجدتين، كسجود صلب الصلاة لما تقدم في حديث أبي هريرة «ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر»، قال الشيخ: والتكبير لسجود السهو ثابت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول عامة أهل العلم اهـ ولأنه يطلق في الأخبار، فلو كان غير المعروف، بين وسجود صلب الصلاة هو سجود الصلاة، بخلاف سجود السهو وسجود التلاوة.

([50]) بلا تشهد إجماعا.

([51]) أي بعد سجود السهو.

([52]) كثلاثية ورباعية تبعا للأصل.

([53]) وفاقًا لمالك وأبي حنيفة، وروي عن ابن مسعود وغيره، لحديث عمران ابن حصين أنه صلى الله عليه وسلم سها فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم، رواه أبو داود والترمذي وحسنه، والقول الثاني يسلم ولا يتشهد، اختاره الشيخ، ومال إليه الموفق والشارح، وهو الذي عليه العمل، كسجوده قبل السلام، ذكره في الخلاف إجماعا، ولأن التشهد لم يذكر في الأحاديث الصحيحة، بل الأحاديث الصحيحة تدل على أنه لا يتشهد.

([54]) من وجه فاحتاج إلى التشهد، كما احتاج إلى السلام إلحاقًا له بما قبله.


  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 09:45 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَمَنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ أَخَذَ بِالأَقَلِّ، ...........
قوله: «ومن شكّ» هذا هو السبب الثالث من أسباب سجود السَّهو. واعلم أن الشكَّ لا بُدَّ فيه من معرفة ثلاث قواعد:
القاعدة الأولى: إذا كان الشكُّ بعد انتهاء الصَّلاة، فلا عِبْرَة به إلا أن يتيقن النقص، أو الزيادة.
مثال ذلك: بعد أن سَلَّمَ شَكَّ هل صَلَّى ثلاثاً أم أربعاً؟ نقول: لا تلتفت لهذا الشكِّ، فلا تسجد للسَّهو، ولا ترجع لصلاتك، لأن الصلاة تمَّت على وَجْهٍ شرعي، ولم يوجد ما ينقض هذا الوجه الشَّرعي، فالمصلِّي لما سَلَّمَ لا إشكال عنده أن الصَّلاة تامَّة وبرئت بها الذِّمَّةُ، فورود الشكِّ بعد أن برئت الذِّمَّة لا عِبْرَة به.
ومثال ذلك: لو شَكَّ في عدد أشواط الطَّواف بعد أن فرغ من الطَّواف، هل طاف سبعاً أم ستًّا؟ فلا عِبْرَة به، فلا يَلتفت إليه؛ لأنه فَرَغَ من الطواف على وَجْهٍ شرعي فبرئت به الذِّمَّة، فورود الشَّكِّ بعد براءة الذِّمَّة لا يُلتفت إليه.
ومثله أيضاً: لو شَكَّ في عدد حصى الجِمَار بعد أن فَرَغَ وانصرف، فلا يَلتفت إليه؛ لأنه بفراغ العبادة برئت الذِّمَّة، فورود الشَّكِّ والذِّمَّة قد برئت لا يُلتفت إليه.
القاعدة الثانية: إذا كان الشَّكُّ وهماً، أي: طرأ على الذِّهن ولم يستقر، كما يوجد هذا في الموسوسين، فلا عِبْرَة به أيضاً، فلا يلتفت إليه، والإِنسان لو طاوع التوهم لتعب تعباً عظيماً.
القاعدة الثالثة: إذا كَثُرت الشُّكوك مع الإِنسان حتى صار لا يفعل فِعْلاً إلا شَكَّ فيه، إنْ توضأ شَكَّ، وإنْ صَلَّى شَكَّ، وإن صام شَكَّ، فهذا أيضاً لا عِبْرَة به؛ لأن هذا مرض وعِلَّة، والكلام مع الإِنسان الصَّحيح السَّليم مِن المرض، والإِنسان الشكّاك هذا يعتبر ذهنه غير مستقر فلا عِبْرَة به.
بقينا في الشَّكِّ إذا كان خالياً من هذه الأمور الثلاثة؛ فما الحكم؟ بَيَّنَ المؤلِّفُ الحكم فيه: وهو أربعة أقسام: الأول: الشَّكُّ في عدد الرَّكعات.
وأشار إليه بقوله: «ومن شك في عدد الركعات أخذ بالأقل» أي: شَكَّ هل صَلَّى ثلاثاً أم أربعاً؟ فيجعلها ثلاثاً، أو هل صَلَّى ثلاثاً أم اثنتين؟ يجعلها اثنتين. أو هل صَلَّى اثنتين أم واحدة؟ يجعلها واحدة.
والدليل: قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا شَكَّ أحدُكُم في صلاته؛ فلم يَدْرِ كم صَلَّى؛ ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ على ما استيقنَ، ثم يسجدُ سجدتين قبل أنْ يُسلِّمَ».
والتعليل: لأن الناقص هو المتيقَّن، والزائد مشكوك فيه، والأصل عدمه، والقاعدة: «أن ما شُكَّ في وجوده فالأصل عدمه» فعندنا ثلاث أو أربع، الثلاث متيقَّنة والرابعة مشكوك فيها، هل وُجِدَت أم لم تُوجَد؟ والأصل عدم الوجود.
وظاهر كلام المؤلِّفِ: أنه لا فَرْقَ بين أن يكون لديه ترجيح أو لا، فإذا شَكَّ؛ هل هي ثلاث أم أربع ورجَّح الأربع؟ يأخذ بالثلاث. أو شَكَّ هل هي ثلاث أم أربع، ورجَّحَ الثلاث؟ يأخذ بالثلاث. أو شَكَّ هل هي ثلاث أم أربع ولم يترجَّحْ عنده شيء؟ يأخذ بالثلاث. ففي الصُّور الثلاث سواء ترجَّح الناقص، أم الزائد، أم تساوى الأمران، على كلام المؤلِّف يأخذ بالأقل، وهذا هو المذهب.
القول الثَّاني في المسألة: أنه إذا شَكَّ وترجَّحَ عنده أحد الأمرين أخذ بالمترجِّح، سواء كان هو الزائد أم النَّاقص.
ودليل هذا القول: حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال فيمن شَكَّ فتردَّدَ هل صَلَّى ثلاثاً أم أربعاً قال: «... فَلْيَتَحَرَّ الصَّوابَ، فَلْيُتِمَّ عليه ـ يبني على التحري ـ ثم ليُسَلِّم، ثم يسجد سجدتين».
وهذا يدلُّ مع الحديث الأول على أن الشَّاكَّ له حالان:
الأولى: حال يمكن فيها التَّحري، وهي التي يغلب فيها الظَّنُّ بأحد الأمرين.
الثانية: حال لا يمكن فيها التَّحري، وهي التي يكون فيها الشَّكُّ بدون ترجيح.
وبناءً على ذلك نقول: إذا شَكَّ في عدد الرَّكعات، فإن غلب على ظَنِّه أحد الاحتمالين عَمِلَ به، وبَنَى عليه، وسَجَدَ سجدتين بعد السَّلام، وإنْ لم يترجَّح عنده أحد الاحتمالين أخذ بالأقل، وبَنَى عليه، وسَجَدَ قبل السَّلام.
مثال ذلك: رجلٌ صَلَّى وشَكَّ هل صَلَّى ثلاثاً أم أربعاً؟ ولكن ترجَّحَ عنده أنها أربع. نقول: اجعلها أربعاً؛ لأنَّه ترجَّح عندك، ثم سَلِّمْ، ثم اسجدْ سجدتين بعد السَّلام.
وإذا ترجَّحَ عنده أنها ثلاث، يجعلها ثلاثاً، ويأتي بالباقي، ويسجد سجدتين بعد السَّلام.
وإذا شَكَّ ولم يترجَّح عنده شيء، يأخذ بالأقل ويسجد سجدتين قبل السَّلام.
بقي عندنا مسألة، وهي هل يفرَّق بين الإِمام والمنفرد والمأموم، أو هم على حَدٍّ سواء؟
الجواب: فَرَّقَ بعض العلماء بين الإِمام وغيره، وقال: الإِمامُ يأخذ بغالب ظَنِّهِ، وأما المأموم والمنفرد فيبني على اليقين، وهو الأقل.
ووجه الفرق على رأي هؤلاء العلماء: أن الإِمام عنده من يُنبِّهه لو أخطأ، بخلاف غيره، ولكن حديث ابن مسعود الذي ذكرناه آنفاً يدلُّ على أنه يبني على غالب ظَنِّهِ، سواء كان إماماً، أم مأموماً، أم منفرداً.
مسألة: إذا جاء والإِمام راكع فكبّر للإحرام، ثم رَكَعَ، ثم أشكل عليه: هل أدرك الإِمام في الرُّكوع، أم رَفَعَ الإِمام قبل أن يدركه؟
فعلى ما مشى عليه المؤلِّف لا يُعتدُّ بها؛ لأنه شَكَّ هل أدركها أم لا؟ فيبني على اليقين، وهو أنه لم يدركها، فيُلغي هذه الرَّكعة.
وعلى القول الثَّاني: وهو العمل بغلبة الظَّنِّ، نقول: هل يغلب على ظَنِّك أنك أدركت الإِمام في الركوع أم لا؟ فإن قال: نعم، يغلب على ظَنِّي أني أدركته في الرُّكوع، نقول: الرَّكعة محسوبة لك، وهل يسجد أو لا يسجد؟ سيأتينا إن شاء الله أن المأموم لا يجب عليه السُّجود، إذا كان لم يفته شيء من الصَّلاة، وإنْ فاته شيء من الصَّلاة وَجَبَ عليه أن يسجد.
وإن قال: يغلب على ظَنِّي أني لم أدركها قلنا: لا تحتسب بهذه الرَّكعة وأتمَّ صلاتك ثم اسجد للسَّهو بعد السَّلام وإن قال: إني متردِّدٌ ولم يغلب على ظنِّي أني أدركتها قلنا: ابْنِ على اليقين، ولا تحتسبها، وأتمَّ صلاتك، واسجد للسَّهو قبل السَّلام.
مسألة: لو بَنَى على اليقين، أو على غالب ظَنِّه، ثم تبيَّنَ أنه مصيب فيما فَعَلَ، فهل يلزمه السُّجود؟
مثاله: رجل شَكَّ هل صَلَّى ثلاثاً أم أربعاً بدون ترجيح؟ فجعلها ثلاثاً، وأتى بركعة رابعة، لكنَّه في أثناء هذه الرَّكعة تيقَّن أنها الرابعة.
فللعلماء في هذا قولان:
القول الأول: أنه لا يلزمه أن يسجد؛ لأنه تبيَّنَ عدم الزيادة والنقص، والسُّجود إنما يجب جَبْراً لما نَقَصَ، وهنا لم ينقص شيئاً ولم يزد شيئاً، والنبيُّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «فلم يَدْرِ كم صَلَّى ثلاثاً أم أربعاً» وهذا الرَّجُل يدري كم صَلَّى فلا سُجود عليه.
القول الثاني: أن عليه السُّجود؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «فلم يدرِ كم صَلَّى» وهذا لأجل أن يبني على ما عنده، وظاهره أنه لو درى فيما بعد فإنه يسجد لقوله: «فإنْ كان صَلَّى خمساً شفعن له صلاته، وإنْ كان صَلَّى إتماماً لأربعٍ، كانتا ترغيماً للشَّيطان».
ولأنه أدَّى هذه الرَّكعة وهو شاكٌّ، هل هي زائدة أم غير زائدة؟ فيكون أدَّى جزءاً من صلاته متردِّداً في كونه منها فيلزمه السُّجود.
وهذا القول دليله وتعليله قويٌّ، وفيه أيضاً ترجيح من وجه ثالث، وهو الاحتياط.

وإِنْ شَكَّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ فَكَتَرْكِهِ وَلاَ يَسْجُدُ لِشَكِّهِ في تَرْكِ وَاجِبٍ،.........
القسم الثاني: الشكُّ في تَرْكِ الأركان، وأشار إليه بقوله:
«وإن شكَّ في تَرْكِ رُكن فكتركه» أي: لو شَكَّ هل فَعَلَ الرُّكن أو تَرَكَه، كان حكمه حكم مَنْ تركه.
مثاله: قام إلى الرَّكعة الثانية؛ فَشَكَّ هل سَجَدَ مرَّتين أم مرَّة واحدة؟ فإن شرع في القراءة فلا يرجع، وقبل الشُّروع يرجع.
وعلى القول الرَّاجح: يرجع مطلقاً، ما لم يصل إلى موضعه مِن الرَّكعة التالية، فيرجعْ ويجلسْ، ثم يسجد، ثم يقوم، لأن الشَّكَّ في تَرْكِ الرُّكن كالتَّرك.
وكان الشَّكُّ في تَرْكِ الرُّكن كالتَّرك؛ لأن الأصل عدمُ فِعْله، فإذا شَكَّ هل فَعَلَه، لكن إذا غلب على ظَنِّه أنه فَعَلَه؛ فعلى القول الرَّاجح وهو العمل بغلبة الظَّنِّ يكون فاعلاً له حكماً ولا يرجع؛ لأننا ذكرنا إذا شَكَّ في عدد الركعات يبني على غالب ظَنِّهِ، ولكن عليه سجود السَّهو بعد السلام.
القسم الثَّالث: الشَّكُّ في تَرْكِ الواجب، وأشار إليه بقوله:
«ولا يسجد لشكّه في ترك واجب» أي: لو شَكَّ في تَرْكِ الواجب بعد أن فارق محلَّه، فهل هو كتَرْكه فعليه سجود السَّهو، أو هو كفعله فلا سجود عليه؟
مثاله: شَكَّ بعد أن رَفَعَ من السُّجود هل قال: «سبحان رَبِّيَ الأعلى» أم لم يقل؟
فالجواب: في المسألة قولان:
القول الأول: أن الشَّكَّ في تَرْكِ الواجب كتركه، وعليه سجود السَّهو؛ لأنه شَكَّ في فعله وعدمه، والأصل عدم الفعل، وإذا كان الأصل عدم الفعل فهذا الرَّجُل لم يتشهَّد التشهُّد الأول، فيجب عليه سجود السَّهو.
القول الثاني: لا سجود عليه؛ لأنه شَكَّ في سبب وجوب السُّجود وهو تَرْك التشهُّد، والأصل عدم وجود السبب فينتفي عنه وجوب السُّجود وهذا هو المذهب.
ولكن التعليل الأول أصحُّ، وهو أن الأصل عدم الفعل، وهذا الأصل سابق على وجوب سجود السَّهو فنأخذ به.
وإذا أخذنا بالقول الرَّاجح، وهو اتباع غالب الظَّنِّ فإذا غلب على ظَنِّكَ أنك تشهَّدت فلا سجود عليك، وإن غلب على ظَنِّكَ أنك لم تتشهَّد فعليك السُّجود، والسُّجود هنا يكون قبل السَّلام؛ لأنه عن نقص، وكلُّ سجود عن نقص فإنه يكون قبل السَّلام.

أَوْ زِيَادَةٍ .............
القسم الرابع: الشكُّ في الزيادة وأشار إليه بقوله:
«أو زيادة» أي: لو شَكَّ هل زاد في صلاته فيلزمه سجود السَّهو، أو لم يزدْ فلا سجود عليه فإنه لا يسجد، لأنه شَكَّ في سبب وجوب السُّجود، والأصل عدمه.
مثاله: شَكَّ في التشهُّدِ الأخير من صلاة الظُّهر هل صَلَّى خمساً أم أربعاً؟ فلا سجود عليه؛ لأنَّ الرَّكعة انتهت على أنها الرابعة بلا تردُّد، وإنما طرأَ عليه الشَّكُّ بعد مفارقة محلِّها، والأصل عدمها.
فإن تيقَّن أنه صَلَّى خمساً، فهنا يجب عليه السُّجود للسَّهو؛ لأنه تيقَّنَ أنه زاد، فيجب عليه سجود السَّهو.
الحال الأولى: إذا شَكَّ في الزيادة، ثم تيقَّنها فيجب عليه السُّجود؛ لأجل الزيادة.
الحال الثانية: إذا شَكَّ في الزيادة حال فِعْلِ الزِّيادة ثم تبيَّن عدمها فيجب عليه السُّجود على المذهب؛ لأنه أدَّى هذه الرَّكعة متردِّداً في كونها زائدة أو غير زائدة.
الحال الثالثة: إذا شَكَّ في الزِّيادة بعد انتهائه فلا سُجود عليه؛ لأنه شَكَّ في سبب وجوب السُّجود والأصل عدمه.
فقوله: «أو زيادة» يدخله استثناءان:
الاستثناء الأول: ما لم يتيقَّن الزيادة، وهذا ربَّما نقول: إنه لا يحتاج إلى استثناء، لأنه ليس بشكٍّ، والمؤلِّف يقول: «لشكِّه في الزيادة».
الاستثناء الثاني: إذا شَكَّ في الزيادة حين فَعَلَها، وتبيَّن عدمها فإنه يجب عليه السُّجود؛ لأنه أدَّى جزءاً مِن صلاته متردِّداً في كونه منها، فوجب عليه السُّجود لهذا الشَّكِّ.

وَلاَ سُجُودَ عَلَى مَأْمُومٍ إلاَّ تَبَعاً لإِمَامِهِ ..........
قوله: «ولا سجود على مأموم إلا تبعاً لإِمامه» أي: أن المأموم لا يلزمه سجود السَّهو إلا تبعاً لإِمامه.
فقوله: «لا سجود» عام يشمل السُّجود للشَّكِّ، أو السُّجود للزيادة، أو السُّجود للنقص.
وذلك لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنما جُعل الإِمام ليؤتمَّ به فلا تختلفوا عليه» ولأن سجود السَّهو واجب، وليس برُكن، والواجب يسقط عن المأموم من أجل متابعة الإِمام، وذلك في عدَّة صُور:
منها: لو قام الإِمامُ عن التشهُّدِ الأول ناسياً سَقَطَ عن المأموم.
ومنها: لو دخل المأمومُ مع الإِمام في ثاني ركعة في رباعية سَقَطَ عن المأموم التشهُّد الأول؛ لأنَّ التشهُّد الأول يقع لهذا المأموم في الرَّكعة الثالثة للإِمام، ومعلوم أن الإِمام لا يجلس في الرَّكعة الثالثة؛ فيلزم المأموم أن يقوم معه، فيسقط عنه واجب من واجبات الصَّلاة، فإذا كان الواجب يسقط عن المأموم مِن أجل المتابعة، فسجود السَّهو واجب؛ فيسقط عن المأموم من أجل المتابعة، وبناءً على هذا التَّعليل: يشترط أن لا يفوته شيء من الصلاة.
مثاله: رَجُلٌ نسيَ أن يقول: «سبحان ربِّي العظيم»، ولم يفته شيء من الصَّلاة؛ فيسقط عنه سجود السَّهو.
فإن فاته شيء مِن الصَّلاة، ولزمه الإِتمام بعد سلام إمامه؛ لزمه سجود السَّهو إنْ سها سهواً يوجب السُّجود، لأنه إذا سَجَدَ لا يحصُل منه مخالفة لإمامه.
مثال ذلك: رجُلٌ نسيَ أن يقول: «سبحان رَبِّي العظيم» في الرُّكوع وقد أدرك الإِمام في الرَّكعة الثانية، فهذا النسيان يوجب عليه سُجود السَّهو؛ لأنه تَرَكَ واجباً وقد فاته شيء من الصَّلاة، فإذا قام وأتى بالرَّكعة التي فاتته وجب عليه أن يسجد للسَّهو عن تَرْكِ الواجب؛ لأنه إذا سَجَدَ لا يحصُل منه مخالفة للإِمام؛ لكونه انفرد في قضاء ما فاته من الصَّلاة.
وقوله: «إلا تبعاً لإِمامه» أي: إلاّ إذا كان سجوده تبعاً لإِمامه فيجب عليه، سواء سها أم لم يسهُ، فإذا سَجَدَ الإِمام وجب على المأموم أن يتابعه؛ لعموم قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه».
مثاله: ترك الإِمام قول: «سبحان رَبِّيَ الأعلى» في السُّجود، والمأموم لا يعلم؛ لأن الإِمام لا يسبِّحُ جهراً، فلما أراد أن يُسلِّم سَجَدَ سجدتين لما تَرَكَ من واجب التسبيح، فالمأموم لم يترك شيئاً من الواجبات والأركان، لكن يجب أن يسجد تبعاً للإِمام، كما يجب أن يجلس في الرَّكعة الأُولى إذا دَخَلَ مع الإِمام في الرَّكعة الثانية مع أن هذا ليس محلَّ جلوس له، لكن يجلس تبعاً للإمام، وهذا فيما إذا كان سجود الإمام قبل السَّلام، لأن الإِمام لم تنقطع صلاته بعد، فإن كان بعد السَّلام فهل يجب متابعته أو لا يجب؟
ظاهر كلام المؤلِّف: أنها تجب متابعته ولو بعد السَّلام؛ لعموم قوله: «إلا تبعاً لإمامه» فلا فَرْقَ بين أن يسجد الإِمام قبل السَّلام أو بعده، وهذا ظاهر إذا كان المأموم لم يفته شيء من الصَّلاة، فهنا يجب أن يسجد مع الإِمام ولو بعد السَّلام.
فإن كان المأموم مسبوقاً وَسَجَدَ الإِمام بعد السَّلام فهل يلزم المأموم متابعته في هذا السُّجود؟
ظاهر كلام المؤلِّف: أنه يلزمه لقوله: «إلا تبعاً لإمامه» وهذا هو المعروف عند الفقهاء حتى قالوا: إذا قام ولم يستتمَّ قائماً لزمه الرُّجوع، كما لو قام عن التشهُّدِ الأول.
والصَّحيح في هذه المسألة: أن الإِمام إذا سَجَدَ بعد السَّلام لا يلزم المأموم متابعته؛ لأن المتابعة حينئذ متعذِّرة، فإن الإِمام سيُسَلِّم ولو تابعه في السَّلام لبطلت الصَّلاة، لوجود الحائل دونها وهو السَّلام.
ولكن هل يلزمه إذا أتمَّ صلاته أن يسجدَ بعد السَّلام، كما سجد الإِمام؟.
الجواب: فيه تفصيل:
إن كان سهو الإِمام فيما أدركه من الصَّلاة وجب عليه أن يسجد بعد السَّلام.
وإن كان سهو الإِمام فيما مضى من صلاته قبل أن يدخل معه لم يجب عليه أن يسجد.
مثال الأول: أن يكون سهو الإِمام زيادة، بأن رَكَعَ مرَّتين في الركعة الثانية، وأنت أدركته في ذلك، فهنا يلزمك أن تسجد إذا أتممت صلاتك، لأنك أدركت الإِمام في سهوه فارتبطتْ صلاتك بصلاته، وصار ما حصل من نقص في صلاته حاصلاً لك.
مثال الثاني: أن تكون زيادة الركوع في الركعة الأُولى، ولم تدخل معه إلا في الرَّكعة الثانية، فإنه لا يلزمك السُّجود، لأن أصل وجوب السُّجود هنا كان تبعاً للإِمام، والمتابعة هنا متعذِّرة؛ لأنه بعد السَّلام، وأنت لم تدرك الإمام في الرَّكعة التي سها فيها؛ فارتبطت به في صلاة ليس فيها سهو بعد دخولك معه، فلم يلزمك أن تسجد.
هذا هو الصَّحيح في هذه المسألة، وكلام المؤلِّف يدلُّ على أنك تتابعه في السُّجود بعد السَّلام؛ سواء أدركت معه السَّهو أم لم تدركه.
مسألة: إذا كان المأموم مسبوقاً وسَهَا في صلاته، والإِمام لم يسهُ فهل عليه سجود؟
يعني: لو أن مأموماً دَخَلَ مع الإِمام في الرَّكعة الثانية، ونسيَ أن يقول: «سبحان رَبِّيَ العظيم» في الرّكوع وسَلَّم الإِمام، وقام المأموم يقضي، فهل عليه سجود السَّهو؟
الجواب: عليه السجود للسَّهو إذا كان سهوه مما يوجب السُّجود؛ لأنه انفصل عن إمامه، ولا تتحقَّق المخالفة في سجوده حينئذ.
مسألة: لو كان الإِمامُ لا يرى وجوب سجود السَّهو، والمأموم يرى وجوب سجود السَّهو مثل: التشهُّد الأول فإن بعض العلماء يرى أنه سُنَّة كما هو مذهب الشافعي، وليس بواجب، فإذا تَرَكَه الإِمام ولم يسجد للسَّهو بناءً على أنه سُنَّة، وأن السُّنَّة لا يجب لها سجود السَّهو، فهل على المأموم ـ الذي يرى أنَّ سجودَ السَّهو واجبٌ ـ سجودٌ؟
الجواب: لا؛ لأن إمامه يرى أنه لا سجود عليه، وصلاته مرتبطة بصلاة الإِمام، وهو لم يحصُل منه خلل، فالمأموم يجب أن يتابع الإِمام، وقد قام بما يجب عليه.
أما لو كان الإِمام يرى وجوب سجود السَّهو وسَبَّح به للسُّجود، ولكنه لم يسجد، فقال الفقهاء رحمهم الله : يسجد المأموم إذا أيسَ من سجود إمامه، لأن صلاته مرتبطة بصلاة الإِمام، والإِمام فَعَلَ ما يوجب السُّجود، وتَرَكَ السُّجود من غير تأويل، فوجب على المأموم أن يجبر هذا النقص ويسجد.

وَسُجُودُ السَّهْوِ لِمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَاجِبٌ...........
قوله: «وسجود السَّهو لما يبطل عمده واجب» هذا الضَّابط فيما يجب سجود السَّهو له، فسجود السَّهو واجب لكل شيء يبطل الصَّلاة عمده.
مثال ذلك: لو تركت قول: «رَبِّ اغفرْ لي» بين السَّجدتين وَجَبَ عليك سجود السَّهو، لأنك لو تعمَّدت تَرْكَهُ لبطلت صلاتُكَ.
مثال آخر: لو أن الإِنسان تَرَكَ الفاتحة يجب عليه سجود السَّهو، ولكن يجب عليه شيء آخر غير سجود السَّهو وهو الإِتيان بالرُّكن، وتقدَّم ماذا يصنع في تَرْكِ الرُّكن.
مثال ثالث: لو تَرَكَ التشهُّدَ الأول نسياناً يجب عليه السُّجود فقط، ولا يجب عليه الإِتيان به؛ لأنه واجب يسقط بالسَّهو.
مثال رابع: لو تَرَكَ الاستفتاح لا يجب عليه سجود السَّهو، لأنه لو تعمَّد تَرْكه لم تبطل صلاتُه.
ولكن هل يُسَنُّ؟
الصَّحيح: أنه إذا تركه نسياناً يُسَنُّ السُّجود، لأنه قول مشروع فيجبره بسجود السَّهو، ولا يكون سجود السَّهو واجباً، لأن الأصل الذي وَجَبَ له السُّجود ليس بواجب، فلا يكون الفرع واجباً، فإذا ترك الإنسان سهواً سُنَّة من عادته أن يأتي بها، فسجود السَّهو لها سُنَّة، أما لو تَرَكَ السُّنَّة عمداً فهنا لا يُشرع له السُّجود؛ لعدم وجود السَّبب، وهو السَّهو.
وقوله: «لما يبطل عمده» . «ما»: هنا اسم موصول، فيشمل الفعلَ والتَّركَ، فلو زاد ركوعاً سهواً وَجَبَ عليه السُّجود؛ لأنه لو تعمَّد زيادة الرُّكوع بطلت صلاتُه.
ولو أتى بقول مشروع في غير موضعه؛ كأن يقرأ وهو جالس ناسياً. لا يجب عليه السُّجود؛ لأنه لو تعمَّد أن يقرأ وهو جالس لم تبطل صلاتُه.
فالقاعدة الآن منضبطة طرداً وعكساً، فسجود السَّهو واجب لكل فِعْلٍ أو تَرْكٍ إذا تعمَّده الإِنسان بطلت صلاتُه، لكن يجب أن تُقيَّد هذه القاعدة بما إذا كان مِن جنس الصَّلاة كالرُّكوع، والسُّجود، والقيام، والقعود، فيخرج كلام الآدميين مثلاً، فإن عمده يبطل الصَّلاة، وسهوه لا يبطلها على الصَّحيح، ولا يوجب سجود السَّهو.
مسألة: لو قرأ وهو راكعٌ أو ساجدٌ نسياناً فهل يجب أن يسجدَ للسَّهو، أو يُسَنُّ؟
الجواب: جمهور أهل العلم لا يرون الوجوب؛ لأنَّهم لا يرون بُطلان الصَّلاة بتعمُّد القراءة في الرُّكوع، والسُّجود.
وقال بعض العلماء وبعض الظَّاهرية: إذا تعمَّد القراءة في الرُّكوع والسُّجود بطلت صلاتُه؛ لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «ألا؛ وإنِّي نُهيتُ أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً».فإذا قرأ القرآن وهو راكع أو ساجدٌ فقد أتى بما نهى الشَّارعُ عنه فتبطل الصَّلاة، كما لو تكلَّم، قال زيد بن أرقم: «أُمرنا بالسُّكوت ونُهينا عن الكلام»، وهو دليل قويٌّ لكنه عند التأمل نجد الفَرْق بين «نُهينا عن الكلام» وبين «نُهيتُ أن أقرأ القرآن» أنَّ النهيَ عن قراءة القرآن نهيٌ عن قراءته في هذا المحلِّ؛ لا عن قراءته مطلقاً، فإن القرآن قول مشروع في الصَّلاة، بل رُكن فيها في الجملة، فالفاتحة قراءتها رُكْنٌ؛ بخلاف كلام الآدميين؛ فإنه منهيٌّ عنه لذاته نهياً مطلقاً، فصار القياس غير صحيح، ولكن لا يقرأ في الرُّكوع والسُّجود، لأن القرآن أشرف الكلام؛ فلا يناسب أن يُقال في هيئة فيها الذُّلُّ والخضوع، وإنْ كان في الذُّلِّ لله رِفْعة وعِزَّة، لكن الهيئة لا تتناسب مع القرآن، بل المناسب هو القيام؛ ولهذا كان المناسب في الرُّكوع والسُّجود تنزيه الله ـ عن النقص والذُّلِّ ـ سبحانه وتعالى.

وَتَبْطُلُ بِتَرْكِ سُجُودٍ أَفْضَلِيَّتُهُ قَبْلَ السَّلاَمِ فَقَطْ ..........
قوله: «وتبطل بترك سجود أفضليته قبل السلام فقط» . «تبطل» أي: الصَّلاة بترك سجود أفضليته قبل السَّلام.
«فقط» أي: دون الذي أفضليته بعد السَّلام.
أفاد المؤلِّف رحمه الله هنا مسألتين:
المسألة الأولى: أن كون السُّجود قبل السَّلام أو بعدَه على سبيل الأفضلية، وليس على سبيل الوجوب، وأنَّ الرَّجُل لو سَجَدَ قبل السَّلام فيما موضعه بعد السَّلام فلا إثم عليه، ولو سَجَدَ بعد السَّلام فيما موضعه قبل السَّلام فلا إثم عليه، والأفضل: أن يسجد قبل السَّلام، إلا إذا سَلَّمَ قبل إتمام الصَّلاة، فالأفضل: أن يسجد بعد السَّلام، هذه قاعدة المذهب.
والدَّليل على أن الأفضل السُّجود بعد السَّلام؛ إذا سَلَّمَ قبل إتمام الصَّلاة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه حين صَلَّى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إحدى صلاتي العشي، فَسَلَّمَ مِن ركعتين فذكَّروه، فأتمَّ صلاته، ثم سَجَدَ سجدتين، ثم سَلَّمَ، وهذا هو المذهب.
القول الثاني: أنَّ كون السُّجود قبل السَّلام أو بعدَه على سبيل الوجوب، وأنَّ ما جاءت السُّنة في كونه قبل السَّلام يجب أن يكون قبل السَّلام، وما جاءت السُّنَّة في كونه بعد السَّلام يجب أن يكون بعد السَّلام، وهذا اختيار شيخ الإِسلام، وهو الرَّاجح.
واستدلَّ لذلك بقول الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم وفِعْلِه:
أما قوله: فإنه يقول: «ثم يسجد سجدتين قبل أن يُسلِّم»فيما قبل السَّلام، ويقول: «ثم ليسلِّم ثم ليَسْجُدْ سجدتين»فيما بعد السلام، والأصل في الأمر الوجوب.
وأما فِعْل الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم فإنه سَجَدَ للزِّيادة بعد السَّلام، وسَجَدَ للنَّقص قبل السَّلام، وقال: «صَلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي» وهذا يشمَلُ صُلب الصَّلاة وجَبْر الصَّلاة، وسجود السَّهو جَبْر للصَّلاة، وعلى هذا؛ فما كان قبل السَّلام فهو قبل السَّلام وجوباً، وما كان بعده فهو بعد السلام وجوباً. وعليه؛ فيجب على كُلِّ أحد أن يعرف السُّجود الذي قبل السَّلام، والسُّجود الذي بعد السَّلام، لأن ما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجب.
وأما الشَّكُّ فالمذهب:أن الشَّكَّ قسم واحد يبني فيه الإِنسان على اليقين، وهو الأقل، ويسجد للسَّهو قبل السَّلام. فليس هناك شيء يُبنى فيه على غلبة الظَّنِّ، حتى لو ترجَّح أحدُ الأمرين فيُبنى على اليقين، والبناءُ على اليقين محلُّ السُّجود فيه قبل السَّلام.
ولكن الصَّحيح الذي دلَّت عليه السُّنَّة أنَّ الشَّكَ قسمان وهما:
1 ـ شَكٌّ يترجَّح فيه أحد الطَّرفين، فتعمل بالرَّاجح، وتبني عليه، وتسجد بعد السَّلام.
2 ـ شَكٌّ لا يترجَّح فيه أحد الطَّرفين، فتبني فيه على اليقين، وتسجد قبل السَّلام، وهذا اختيار شيخ الإسلام.
المسألة الثانية مما أفادنا المؤلِّف: أن الصَّلاة تبطلُ إذا تَرَكَ السُّجود الذي محلُّه قبل السَّلام، ولا تبطل إذا تَرَكَ السُّجود الذي محلُّه بعد السَّلام، والفَرْق بينهما أن السُّجود الذي محلُّه قبل السَّلام واجب في الصّلاة؛ لأنه قبل الخروج منها، والسُّجود الذي محلُّه بعد السَّلام واجب لها؛ لأنه بعد الخروج منها، والذي تبطل به الصَّلاة إذا تعمَّد تَرْكه هو ما كان واجباً في الصَّلاة؛ لا ما كان واجباً لها، ولهذا لو تَرَكَ التشهُّدَ الأول عمداً بطلت صلاتُه؛ لأنه واجب في الصَّلاة، ولو تَرَكَ إقامة الصَّلاة عمداً لم تبطل صلاتُه؛ لأن الإقامة واجب للصَّلاة، وكذلك على القول الرَّاجح لو تَرَكَ صلاة الجماعة عمداً فإنَّ صلاته لا تبطل، لأن الجماعة واجبة للصَّلاة، لا واجبة فيها.
وقوله: «فقط» «قط» بمعنى حسب، ومنه ما جاء في الحديث: «لا تزال جهنَّم يُلقى فيها، وهي تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع رَبُّ العِزَّة فيها قدمَه، (أو عليها رِجْلَه) فَيَنْزوي بعضُها إلى بعضٍ وتقول: قَطْ، قَطْ...» أي: حسبي.
وخرج بقوله: «فقط» ما أفضليته بعد السَّلام، فلا تبطل الصَّلاة بتركه لكن يأثم بتركه، حيث كان واجباً.

وَإِنْ نَسِيَهُ وَسَلَّمَ سَجَدَ إنْ قَرُبَ زَمَنُهُ. ..........
قوله: «وإن نسيه وسَلَّمَ سجَدَ إن قَرُبَ زمنه» أي: السُّجود الذي قبل السَّلام، وسَلَّم سَجَد إن قَرُبَ زمنُه، فإنْ بَعُدَ زمنُه سقط، وصلاته صحيحة.
مثاله:
رَجُلٌ نسيَ التشهُّد الأول؛ فيجب عليه سجود السَّهو، ومحلُّه قبل السَّلام، لكن نسيَ وسَلَّمَ، فإن ذَكَرَ في زمن قريب سَجَدَ، وإنْ طال الفصلُ سَقَطَ. مثل: لو لم يتذكَّر إلا بعد مدَّة طويلة؛ ولهذا قال: «سَجَدَ إن قَرُب زمنُه» فإن خرج من المسجد فإنه لا يرجع إلى المسجد فيسقط عنه، بخلاف ما إذا سَلَّمَ قبل إتمام الصَّلاة؛ فإنه يرجع ويكمل، وذلك لأنه في المسألة الثانية تَرَكَ رُكناً فلا بُدَّ أن يأتيَ به، وهذا تَرَكَ واجباً يسقط بالسَّهو.
وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية:بل يسجدُ، ولو طال الزَّمن؛ لأن هذا جابر للنقص الذي حصل، فمتى ذَكَرَه جَبَرَه.
ولكن الأقرب: ما قاله المؤلِّف ـ رحمه الله ـ وهو المذهب: أنه إذا طال الفصل فإنه يسقط، وذلك لأنه إما واجب للصَّلاة، وإما واجب فيها، فهو ملتصق بها، وليس صلاة مستقلَّة حتى نقول إن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «مَنْ نَام عن صلاة أو نسيها فَلْيُصَلِّها إذا ذَكَرَها»، بل تابع لغيره فإن ذَكَرَهُ في وقت قريب سَجَدَ وإلا سقط.

وَمَنْ سَهَا مِرَاراً كَفَاهُ سَجْدَتَانِ.
قوله: «ومن سها مراراً كفاه سجدتان» لأن السَّجدتين تجبران كُلَّ ما فات.
مثال السَّهو مراراً: تَرَكَ قول: «سُبحان رَبِّيَ العظيم» في الرُّكوع، وَتَرَكَ التشهُّدَ الأول، وقول: «سبحان رَبِّيَ الأعلى» في السُّجود، فهذه ثلاثة أسباب يُوجب كلُّ واحد منها سجود السَّهو فيكفي سجدتان، لأن الواجب هنا من جنس واحد، فدخل بعضُه في بعضٍ، كما لو أحدث ببول، وغائط، وريح، وأكل لحم إبل، فإنه يكفيه وُضوء واحد، ولا يلزمه أن يتوضَّأ لكلِّ سبب وُضُوءاً، فهنا أسباب السُّجود تعدَّدت، لكن الواجب في هذه الأسباب واحد، وهو وجود السَّهو فتداخلت.
ولكن إذا اجتمع سببان، أحدهما: يقتضي أن يكون السُّجود قبل السَّلام، والثاني: يقتضي أن يكون السُّجود بعد السلام.
فقيل: يعتبر ما هو أكثر، مثل: لو سَلَّمَ قبل تمام صلاته وَرَكَعَ في إحدى الرَّكعات رُكوعين، وتَرَكَ التشهُّدَ الأوَّل، فهنا عندنا سببان يقتضيان أن يكون السُّجود بعد السَّلام، وهما زيادة الرُّكوع والسَّلام قبل التمام، وعندنا سببٌ واحدٌ يقتضي السُّجود قبل السَّلام، وهو تَرْك التشهُّد الأول، فيكون السُّجودُ بعد السَّلام.
مثال آخر: رَجُلٌ رَكَعَ في رَكعَة رُكُوعين، وتَرَكَ قول: «سُبحان رَبِّي العظيم» في الرُّكوع، وقول: «سُبحان رَبِّيَ الأعلى» في السُّجودِ، فهنا اجتمعَ سببان للسُّجودِ قبل السَّلام، وهما: تَرْكُ التَّسبيح في الرُّكوع وفي السُّجود، وسببٌ واحد يقتضي أن يكون السُّجود بعد السَّلام، وهو زيادة الرُّكوع، فالسُّجود قبل السَّلام.
والمذهب يُغَلِّبُ ما قبلَ السَّلام مطلقاً؛ لأن ما قبل السَّلام جابره واجب، ومحلُّه قبل أن يُسلِّمَ، فكانت المبادرة بجَبْرِ الصَّلاة قبل إتمامها أَولى مِن تأخير الجابر.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir