دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الجنائز

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 06:14 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي مسائل في أحكام القبور

ويُرفعُ القبرُ عن الأرضِ قَدْرَ شِبْرٍ مُسَنَّمًا ويُكرهُ تَجْصِيصُه والبناءُ والكتابةُ والجلوسُ والوطءُ عليه والاتِّكَاءُ إليه، ويَحْرُمُ فيه دَفنُ اثنينِ فأكثرَ إلا لضرورةٍ، ويُجْعَلُ بينَ كلِّ اثنين حاجزٌ من ترابٍ.
ولا تُكرهُ القراءةُ على القبرِ.


  #2  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 09:09 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

................

  #3  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 09:10 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ويُرْفَعُ القَبْرُ عَن الأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ)؛ لأنَّه عليه السَّلامُ رُفِعَ قَبْرُه عَنِ الأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ. رواهُ السَّاجِيُّ مِن حديثِ جَابِرٍ.
ويُكْرَهُ فَوْقَ شِبْرٍ، ويُكْرَهُ القَبْرُ (مُسَنَّماً)؛ لِمَا رَوَى البُخَارِيُّ عَن سُفْيَانَ التَّمَّارِ, أنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ مُسَنَّماً, لكنْ مَن دُفِنَ بدَارِ حَرْبٍ- لتَعَذُّرِ نَقْلِه- فالأَوْلَى تَسْوِيَتُه بالأرضِ وإِخْفَاؤُه.
(ويُكْرَهُ تَجْصِيصُه) وتَزْوِيقُه وتَحْلِيَتُه, وهو بِدْعَةٌ، (والبِنَاءُ) عليهِ, لاصِقَةً= أَوْ لا؛ لقَوْلِ جَابِرٍ: نَهَى النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ, وأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ, وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(و) تُكْرَهُ (الكِتَابَةُ والجُلُوسُ والوَطْءُ عَلَيْهِ)؛ لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ مِن حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعاً: ((نَهَى أَنْ تُجَصَّصَ القُبُورُ وأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا وأَنْ تُوطَأَ)).
ورَوَى مُسْلِمٌ, عَن أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً: ((لِأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ, فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِه, خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ علَى قَبْرٍ)).
ويُكْرَهُ (الاتِّكَاءُ إليهِ)؛ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ, أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ رَأَى عَمْرَو بنَ حَزْمٍ مُتَّكِئاً على قَبْرٍ فقَالَ: ((لاَ تُؤْذُوهُ)). ودَفْنٌ بصَحْرَاءَ أَفْضَلُ؛ لأنَّه عليه السَّلامُ كانَ يَدْفِنُ أَصْحَابَهُ بالبَقِيعِ, سِوَى النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ، واختارَ صَاحِبَاهُ الدَّفْنَ عِنْدَهُ تَشَرُّفاً وتَبَرُّكاً، وجَاءَتْ أَخْبَارٌ تَدُلُّ على دَفْنِهم؛ كما وَقَعَ.
ويُكْرَهُ الحَدِيثُ في أَمْرِ الدُّنْيَا عندَ القُبُورِ، والمَشْيُ بالنَّعْلِ فيها, إلا خَوْفَ نَجَاسَةٍ أو شَوْكٍ، وتَبَسُّمٌوضَحِكٌ أَشَدُّ. ويَحْرُمُ إِسْرَاجُهَا واتِّخَاذُ المَسَاجِدِ والتَّخَلِّي عَلَيْهَا وبَيْنَهَا.
(ويَحْرُمُ فيهِ أي: في قَبْرٍ وَاحِدٍ (دَفْنُ اثْنَيْنِ فأَكْثَرَ) معاً, أو وَاحِداً بعدَ آخَرَ قَبْلَ بلاءِ السَّابقِ؛ لأنَّه عليهِ السَّلامُ كانَ يَدْفِنُ كُلَّ مَيِّتٍ في قَبْرٍ، وعلى هذا استَمَرَّ فِعْلُ أَصْحَابِه ومَن بَعْدَهُم، وإن حَفَرَ فوَجَدَ عِظَامَ مَيِّتٍ, فدَفَنَهَا, وحَفَرَ في مَكَانٍ آخَرَ.
(إلاَّ لضَرُورَةٍ)؛ ككَثْرَةِ المَوْتَى وقِلَّةِ مَن يَدْفِنُهُم وخَوْفِ الفَسَادِ عليهم؛ لقَوْلِه عليه السَّلامُ يومَ أُحُدٍ: ((ادْفِنُوا الاثْنَيْنِ والثَّلاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ)). رواهُ النَّسَائِيُّ.
ويُقَدَّمُ الأَفْضَلُ للقِبْلَةِ, وتَقَدَّمَ، (ويُجْعَلُ بينَ كُلِّ اثنَيْنِ حَاجِزٌ مِن تُرَابٍ)؛ ليَصِيرَ كُلُّ وَاحِدٍ كأنَّهُ في قَبْرِه مُنْفَرِدٌ، وكُرِهَ الدَّفْنُ عندَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقِيَامِهَا وغُرُوبِهَا، ويَجُوزُ لَيْلاً، ويُسْتَحَبُّ جَمْعُ الأقارِبِ في بُقْعَةٍ؛ لتَسْهُلَ زِيَارَتُهُم قَرِيباً مِن الشُّهَدَاءِ والصَّالِحِينَ؛ ليُنْتَفَعَ بمُجَاوَرَتِهِم في البِقَاعِ الشَّرِيفَةِ، ولو وَصَّى أن يُدْفَنَ في مِلْكِه دُفِنَ معَ المُسْلِمِينَ،

ومَن سَبَقَ إلى مَسْبَلَةٍ = قُدِّمَ ثُمَّ يُقْرَعُ،

وإن مَاتَتْ ذِمِّيَّةٌ حَامِلٌ مِن مُسْلِمٍ, دَفَنَهَا مُسْلِمٌ وَحْدَهَا إن أَمْكَنَ, وإِلاَّ فمَعَنَا على جَنْبِهَا الأَيْسَرِ وظَهْرُهَا إلى القِبْلَةِ.
(ولا تُكْرَهُ القِرَاءَةُ على القَبْرِ)؛ لمَا رَوَى أَنَسٌ مَرْفُوعاً: ((مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَقَرَأَ فِيهَا (يس) خُفِّفَ عَنْهُم يَوْمَئِذٍ, وَكَانَ لَهُمْ بِعَدَدِهِمْ حَسَناتٌ)). وصَحَّ عَن ابنِ عُمَرَ أنَّهُ أَوْصَى إِذَا دُفِنَ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ بفَاتِحَةِ البَقَرَةِ وخَاتِمَتِهَا. قالَهُ في (المُبْدِعِ).


  #4  
قديم 27 ذو القعدة 1429هـ/25-11-2008م, 10:16 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
Lightbulb حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(ويرفع القبر عن الأَرض قدر شبر)([1]).
لأَنه عليه السلام رفع قبره عن الأرض قدر شبر، رواه الساجي من حديث جابر([2]) ويكره فوق شبر([3]) ويكون القبر (مُسَنَّمًا) ([4]) لما روى البخاري عن سفيان التمار أنه رأى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- مسنمًا([5]).
لكن من دفن بدار حرب لتعذر نقله، فالأَولى تسويته بالأَرض وإخفاؤُه([6]) (ويكره تجصيصه) وتزويقه، وتخليقه، وهو بدعة([7]) .
(والبناء) عليه لاصقَةُ أَولا([8]) لقول جابر: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأَن يبنى عليه. رواه مسلم([9]).
........................................................
(و) تكره (الكتابة والجلوس والوطء عليه) لما روى الترمذي وصححه، من حديث جابر مرفوعًا: نهى أن تجصص القبور، وأن يكتب عليها، وأن توطأ([10]). وروى مسلم عن أبي هريرة مرفوعًا «لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتخرق ثيابه، فتخلص إلى جلده، خير من أن يجلس على قبر» ([11]) (و) يكره (الإتكاءُ إليه) لما روى أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم-رأى عمرو بن حزم متكئًا على قبر فقال ((لا تؤذه)) ([12]) ودفن بصحراء أفضل([13]).
لأنَه عليه السلام كان يدفن أَصحابه بالبقيع([14]) سوى النبي -صلى الله عليه وسلم-([15]) واختار صاحباه الدفن عنده تشرفًا وتبركًا([16]) وجاءت أخبار تدل على دفنهم كما وقع([17]) ويكره الحديث في أمر الدنيا عند القبور([18]) والمشي بالنعل فيها([19]).
إلا خوف نجاسة أو شوك([20]) وتبسم، وضحك أشد([21]) ويحرم إسراجها([22]) واتخاذ المساجد([23]).
والتخلي عليها، وبينها([24]) (ويحرم فيها) أي في قبر واحد (دفن اثنين فأكثر) معًا([25]) أو واحدًا بعد آخر، قبل بلاء السابق([26]) لأَنه عليه السلام كان يدفن كل ميت في قبر، وعلى هذا استمر فعل الصحابة، ومن بعدهم([27]).
وإن حفر فوجد عظام ميت دفنها([28]) وحفر في مكان آخر([29]) (إلا لضرورة) ككثرة الموتى، وقلة من يدفنهم، وخوف الفساد عليهم([30]).
لقوله عليه السلام يوم أُحد ((ادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد)) رواه النسائي([31]) ويقدم الأَفضل للقبلة وتقدم([32]) (ويجعل بين كل اثنين حاجز من تراب) ليصير كل واحد كأنه في قبر منفرد([33]) وكره الدفن عند طلوع الشمس، وقيامها، وغروبها([34]).
ويجوز ليلاً([35]) ويستحب جمع الأَقارب في بقعةٍ، لتَسْهُلَ زيارتهم([36]) قريبًا من الشهداء والصالحين، لينتفع بمجاورتهم([37])
في البقاع الشريفة([38]). ولو وَصَّى أن يدفن في ملكه دفن مع المسلمين([39]) ومن سبق إلى مسبلة قدم، ثم يقرع([40]) وإن ماتت ذمية حامل من مسلم، دفنها مسلم وحدها إن أَمكن([41]).
وإلا فمعنا، على جنبها الأَيسر، وظهرها إلى القبلة([42]) (ولا تكره القراءَة على القبر) ([43]) لما روى أَنس مرفوعًا «قال من دخل المقابر، فقرأَ فيها (يس)، خفف عنهم يومئذ، وكان له بعددهم حسنات»([44]).
وصح عن ابن عمر أَنه أَوصى إذا دفن، أَن يقرأَ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها، قاله في المبدع([45])


([1]) ليعرف فيزار ويحترم.
([2]) ورواه الشافعي وابن حبان في صحيحه، وعن القاسم: قلت لعائشة يا أمة اكشفي لي عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت لي عن ثلاثة قبور، لا مشرفة ولا لاطئة، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء. رواه أبو داود وغيره، بإسناد صحيح.
([3]) أي يكره رفع القبر فوق شبر، لقوله صلى الله عليه وسلم لعلي ((ولا قبرًا مشرفًا إلا سَوَّيته)) رواه مسلم وغيره، والمشرف ما رفع كثيرًا، بدليل ما سبق عن القاسم وغيره، وأمر فضالة بقبر فسوي، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها، رواه مسلم، ويكره زيادة التراب عليه، للنهي، وفاقًا لأبي حنيفة والشافعي، إلا أن يحتاج إليه، لحديث جابر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبنى على القبر، أو يزاد عليه رواه النسائي وأبو داود، ولأن العادة أنه يفضل من التراب ما يكفي لتسنيمه، فلا حاجة إلى الزيادة.
([4]) أي مُحَدبًا كهيئة السنام، خلاف المسطح وهو المربع، وهو مذهب أبي حنيفة، ونقله القاضي عياض عن أكثر العلماء.
([5]) وعن الحسن مثله، وقال الشعبي: رأيت قبور شهدا أحد مسنمة، وحكاه الطبري عن جماعة أن السنة التسنيم، ولم يزل المسلمون يسنمون قبورهم، والغرض في رفعه ليعلم أنه قبر فيتوقّى، وسفيان التمار هو ابن دينار الكوفي، ثقة أدرك كبار الصحابة، روى عن مصعب وغيره، وعنه ابن المبارك وغيره، ولا بأس بتعليم القبر بحجر أو خشبة أو نحوهما، لما روى أبو داود وغيره، عن المطلب، أنه أمره عليه الصلاة والسلام لما توفي عثمان بن مظعون أن يأتيه بحجر فوضعها عند رأسه، وقال ((أعلم بها قبر أخي، أدفن إليه من مات من أهل)) ورواه ابن ماجه وغيره عن أنس.
([6]) لئلا ينبش فيمثل به، وقد أخفى الصحابة قبر دانيال خشية الافتنان به.
([7]) منكرة، أول من أحدثها الرافضة والجهمية، وبنوا عليها المساجد، وتجصيصه بنيه وتبيضه بالجص، وقيل بالجير، وتخليقه طَلْيه بالطيب، وكذا تبخيره وتقبيله، والتمسح به، والتبرك به، والعكوف عنده، والطواف به، وكتابة الرقاع إليه، ودسها في الأنقاب، والاستشفاء بالتربة، ونحو ذلك، كله من البدع المحدثة في الدين، فمنه ما هو من الوسائل المفضية إلى الشرك بأهل القبور، ومنه ما هو شرك أكبر، كتقبيله وما عطف عليه، وكسؤاله النفع والضر، وعبادة القبور أول شرك حدث على وجه الأرض.
([8]) أي سواء لاصق البناء الأرض أو لم يلاصقها، ولو في ملكه من قبة أو غيرها.
([9]) ورواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه، وتقدم حديث علي وأمره عليه الصلاة والسلام بتسويته، وحديث فضالة، ولأبي داود بسند صحيح «أو يزاد عليه» ولابن ماجه عن أبي سعيد. نهى أن ينبى على القبور. فقد ثبت في الصحيح والسنن من غير وجه نهيه عليه الصلاة والسلام عن البناء على القبور، والأمر بهدمه، وقال الشافعي: رأيت العلماء بمكة يأمرون بهدم ما ينبى عليها. وفي شرح الرسالة: ومن البدع اتخاذ المساجد على مقبرة الصالحين، ووقد القنديل عليها، والتمسح بالقبر عند الزيارة، وهو من فعل النصارى، وكل ذلك ممنوع، بل محرم.اهـ.
وهو من وسائل الشرك وعلاماته وشعائره، فإن الله عز وجل بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بهدم الأوثان، ولو كانت على قبر رجل صالح، لأن اللات رجل صالح، فلما مات عكفوا على قبره، وبنوا عليه بنية، وعظموها، فلما أسلم أهل الطائف، أمر عليه الصلاة والسلام بهدمها فهدمت، وفيه أوضح دليل على أنه لا يجوز إبقاء شيء من هذه القبب التي بنيت على القبور، واتخذت أوثانًا، ولا لحظة، وإذا كانت تعبد فهي أوثان، كاللات والعزى، ومناة، بلا نزاع، بل تعظيم القبور، بالبناء عليها ونحوه، هو أصل شرك العالم، الذي أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، بالنهي عنه، والوعيد على فاعله بالخلود في النار، وكره أحمد الفِسْطاط والخيمة على القبر، وفي الصحيح أن ابن عمر رأى فسطاطًا على قبر عبد الرحمن، فقال: انزعه يا غلام، فإنما يظله عمله.
قال شيخ الإسلام في كسوة القبر بالثياب: اتفق الأئمة على أنه منكر إذا فعل بقبور الأنبياء والصالحين، فكيف بغيرهم. اهـ. والمراد كراهة التحريم، وهو مراد إطلاق أحمد رحمه الله الكراهة، في البناء عليه، لما تقدم من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، والأمر بهدمه، ولأنه من الغلو في القبور، الذي يصيرها أوثانًا تعبد، كما هو الواقع، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخذين عليها المساجد والسرج، وأخبر أن من بنى على قبور الصالحين فهو من شرار الخلق عند الله، ومن ظن أن الأصحاب أرادوا كراهة التنزيه، دون التحريم، فقد أبعد النجعة.
([10]) أي بالأرجل والنعال، لما فيه من الاستخفاف بأصحابها، والمراد بالكتابة كتابة اسم صاحب القبر ونحوه، في لوح أو غيره.
([11]) وله عن أبي مرثد الغنوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها)) وقال الخطابي: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن توطأ القبور.
([12]) وهو مذهب الجمهور، ودل على أن الجلوس عليه والوطء من باب أولى، وذلك لما فيه من الاستخفاف بحق المسلم، إذا القبر بيت المسلم، وحرمته ميتًا كحرمته حيًا.
([13]) أي من الدفن بعمران، والصحراء الأرض المستوية، أو الفضاء الواسع، لا آكام به ولا جبال.
([14]) موضع مشهور بظاهر المدينة، والدفن فيه صحيح متواتر، معروف فيه قبور أهلها، كان به شجر الغرقد، وهو العوسج، وقال الهروي: هو من العضاه، وهو كل شجر له شوك. اهـ. سمي بشجرات كانت به قديمًا، فذهبت وبقي اسمه، ولأنه أقل ضررًا على الأحياء من الورثة، وأشبه بمساكن الآخرة، وأكثر للدعاء له، والترحم عليه، ولم تزل الصحابة والتابعون فمن بعدهم يدفنون في الصحراء.
([15]) فإنه قبر في بيته، صلوات الله وسلامه عليه، قالت عائشة: خشي أن يتخذ قبره مسجدًا. رواه البخاري، ولما روي «تدفن الأنبياء حيث يموتون» ورأى أصحابه تخصيصه بذلك، ولا ينبغي أن يدفن في الدار، لاختصاص هذه السنة بالأنبياء، بل ينقل إلى مقابر المسلمين.
([16]) فأبو بكر أوصى أن يدفن إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم، واستأذن عمر عائشة أن يدفن معهما.
([17]) كرؤيا عائشة ثلاثة أقمار في حجرتها، وأخبار: دخل هو وأبو بكر وعمر، وخرج هو وأبو بكر وعمر، فكانوا جميعًا أحياء وأمواتًا.
([18]) لأنه موضع مذكر للموت، وحالة الموتى، والعد معهم، ولأنه غير لائق بالحال، بل هو مزهد في الدنيا، ومرغب في الاستعداد للآخرة.
([19]) أي في المقبرة، لقوله صلى الله عليه وسلم لبشير بن الخصاصية ((ألق سبتيتيك)) رواه أبو داود، وقال أحمد: إسناده جيد ولأن خلع النعلين أقرب إلى الخشوع، وزي أهل التواضع، واحترام أموات المسلمين، وذكر ابن القيم أن إكرامها عن وطئها بالنعال، من محاسن هذه الشريعة، وقال: من تدبر نهيه عن الجلوس على القبر، والإتكاء عليه، والوطء عليه، علم أن النهي إنما كان احترامًا لساكنها، أن يوطأ بالنعال على رؤوسهم، قال: والقبور دار الموتى، ومنازلهم، ومحل تزاورهم، وعليها تنزل الرحمة، فهي منازل المرحومين، ومهبط الرحمة، ويلقى بعضهم بعضًا على أفنية قبورهم، يتجالسون ويتزاورون، كما تظافرت به الآثار، وقال مالك: بلغني أن الروح مرسلة، تذهب حيث شاءت، قال الشيخ: ولهذا روي أنها على أفنية القبور، وأنها في الجنة، والجميع حق.
([20]) ونحوهما مما يتأذى منه، كحرارة الأرض أو برودتها، فلا يكره المشي بالنعال فيها، لأنه عذر، ولا يكره بخف، لأنه ليس بنعل، ولا في معناه، وأما وطء القبر نفسه فمكروه مطلقًا، للأخبار.
([21]) أي من التبسم كراهة، لمنافاته حالة المحل.
([22]) أي إسراج القبور إجماعًا، للخبر الآتي وغيره، والوقوف عليها باطلة، وتصرف على المساجد، وفي المصالح.
([23]) أي على القبور أو بينها إجماعًا، قال شيخ الإسلام: يتعين إزالتها، لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء، سواء كانت قبور أنبياء أو غيرها، لما في السنن وغيرها ((لعن الله زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج)) وفي الصحيح ((لعن الله اليهود و النصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) ولهما ((قاتل الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) والنهي عنه مستفيض عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القيم: لو وضع المسجد والقبر معًا لم يجز، ولم يصح الوقوف ولا الصلاة، وتعظيم القبور بالبناء عليها، وإسراجها، واتخاذها أعيادًا ومساجد، هو أصل شرك العالم.
([24]) لما روى ابن ماجه وغيره عن عقبة بن عامر، مرفوعًا «لأن أطأ على جمرة أو سيف، أحب إلي من أن أطأ على قبر مسلم، ولا أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق» بل القبور أولى، وتقدم، لأن حرمة المسلم ميتًا كحرمته حيًا.
([25]) أي جميعًا، في حال الاختيار من جنس، لا من غير جنس، ونقل أبو طالب: إذا ماتت امرأة، وقد ولدت ولدًا ميتًا، فدفن معها، جعل بينها وبين حاجز من تراب، أو يحفر له في ناحية منها، وإن لم يدفن معها فلا بأس. ولعله يختص بما إذا كانا أو أحدهما ممن لا حكم لعورته لصغره، لأجل النص، وعنه: يكره، وفاقًا لأبي حنيفة والشافعي، واختاره ابن عقيل والشيخ وغيرهما، واستظهره في الفروع، وجزم في المحرر: لا يحرم رواية واحدة.
([26]) أي صيرورته ترابًا، ويكفي الظن في ذلك، ويرجع إلى أهل الخبرة في تلك الناحية.
([27]) من السلف والخلف، لا ينازع في ذلك مسلم، وإنما يجعل الإثنان فأكثر في قبر عند الحاجة.
([28]) أي في محلها، ولم يجز دفن ميت آخر عليه.
([29]) لكي يدفن ميته فيه، ويحرم نبش قبر ميت باق، لدفن ميت آخر، ومتى ظن أنه بلي الأول جاز عند الأكثر، ومتى كان رميمًا جازت الزراعة والحرث وغير ذلك، ما لم يخالف شرط واقف إجماعًا، وإلا فلا، وفي المدخل: اتفق العلماء على أن الموضع الذي دفن فيه الميت وقف عليه، ما دام منه شيء موجود فيه، حتى يفنى، فإذا فني حينئذ يدفن غيره فيه، فإن بقي شيء ما من عظامه فالحرمة باقية كجميعه، ولا يجوز أن يحفر عليه، ولا يدفن معه غيره، ولا يكشف عنه اتفاقًا، قال تعالى{أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا}فالستر في الحياة ستر العورات، وفي الممات ستر جيف الأجساد، وتغير أحوالها، فالبنيان في القبور ونحو ذلك سبب لخرق هذا الإجماع، وانتهاك حرمة موتى المسلمين، في حفر قبورهم، والكشف عنهم، وصرح غير واحد أنه لا يجوز تغييرها، ولا حرثها، ولا غير ذلك. اهـ. وقال غير واحد: ومن نبش القبور التي لم تبل أربابها، وأدخل أجانب عليهم، فهو من المنكر الظاهر، وليس من الضرورة المبيحة لجمع ميتين فأكثر في قبر، أما إن صار الأول ترابًا، ولم يمكن أن يعد لكل ميت قبر، لا سيما في الأمصار الكبيرة، جاز، وإلا لزم أن تعم القبور السهل والوعر.
([30]) فإذا كان ذلك جاز، لأن الضرورات تبيح المحظورات، وقال تعالى{فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}وإن انتفت الضرورة، كان مكروهًا، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي والجمهور.
([31]) وصححه الترمذي، وذلك لما قالوا له صلى الله عليه وسلم: الحفر علينا لكل إنسان شديد. وروى عبد الرزاق، عن واثلة أنه كان يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد، فيقدم الرجل، ويجعل المرأة وراءه، وكأنه كان يجعل بينهما حائلاً من تراب، ولا سيما إن كانا أجنبين، وإذا دفن اثنين فأكثر في قبر واحد، فإن شاء سوى بين رؤوسهم، وإن شاء حفر قبرًا طويلاً، وجعل رأس كل واحد عند رجلي الآخر أو وسطه كالدرج، ويجعل رأس المفضول عند رجلي الفاضل.
([32]) يعني في تقديم الأفضل إلى الإمام، في الصلاة عليه مفصلاً، فكذلك مثله يقدم الأفضل فالأفضل إلى القبلة في القبر، لحديث هشام بن عامر قال: شكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرة الجراحات يوم أحد، فقال ((احفروا وأوسعوا، وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد، وقدموا الأكثر قرآنًا)) يعني إلى القبلة، صححه الترمذي.
([33]) ويقال: حجزه حجزًا منعه، وحجز بينهما فصل، والحاجز الحائل، والمراد على سبيل السنة لا الوجوب، كما صرح به في الإقناع وغيره.
([34]) نص عليه عند طلوعها، وفاقًا لأبي حنيفة ومالك، وعند غروبها وفاقًا لمالك أيضًا، وخالف عند قيامها، وقيامها وقت الزوال، من قولهم: قامت به دابته، أي وقفت، والمعنى أن الشمس إذا بلغت وسط السماء، أبطأت حركة الظل، إلى أن يزول، وتقدم اختيار الشيخ وغيره، أنه إذا وقع الدفن في هذه الأوقات بلا تعمد فلا يكره.
([35]) ذكره النووي والحافظ وغيرهما قول جمهور العلماء، وذكره الوزير إجماعًا، لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليهم، وإنما أنكر عدم إعلامه بذلك، والصحابة دفنوا أبا بكر ليلاً، وكان ذلك كالإجماع منهم على الجواز، وصح أن عليًا دفن فاطمة ليلاً، ونهارًا أولى إجماعًا، للأحاديث الصحيحة المشهورة، وليحضره كثير من الناس، فيصلون عليه، وقيل: عن رداءة الكفن، فلا يبين في الليل، قيل: ولعل النبي صلى الله عليه وسلم قصدهما، وعنه: لا يفعل إلا لضرورة، فيتأكد استحبابه نهارًا للإجماع، والأخبار، والخروج من الخلاف، وقال الحافظ: إن رجي بتأخيره إلى الصباح صلاة من ترجى بركته عليه استحب، وإلا فلا.
([36]) لما تقدم من قوله عليه الصلاة والسلام – لما دفن عثمان بن مظعون، وعلم قبره، قال - ((لأدفن إليه من مات من أهلي)) وغير ذلك، ولأنه أبعد لاندراس قبورهم، والبقعة القطعة من الأرض وواحدة البقاع.
([37]) أي ويستحب أيضًا الدفن قريبًا مما كثر فيه الشهداء والصالحون، لينتفع بمجاورتهم، ولأنه أقرب إلى الرحمة.
وقال الشيخ: إنه يخفف العذاب عن الميت، بمجاورة الرجل الصالح، كما جاءت بذلك الآثار المعروفة، ولتناله بركتهم، ولذلك التمس عمر الدفن عند صاحبيه، وسأل عائشة ذلك، حتى أذنت له.
([38]) أي ويستحب الدفن في البقاع الشريفة، فقد سأل موسى ربه أن يدنيه من الأرض المقدسة، وعمر سأل الشهادة في سبيل الله، والموت في بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم، متفق عليهما، وأما القتلى فلا، لحديث ((ادفنوا القتلى في مصارعهم)) و ((جاوره مجاورة)) صار جارًا له، والجار ما قرب من المنازل، وحقيقته إنما يتناول الملاصق، والمجاورة الملاصقة، أو يتناول الملاصق وغيره ممن يسكن محلته، ولا بأس بتحويل الميت ونقله إلى مكان آخر بعيد، لغرض صحيح، كبقعة شريفة ومجاورة صالح، مع أمن التغير، قال مالك: سمعت غير واحد يقول: إن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد ماتا بالعقيق، فحملا إلى المدينة فدفنا بها، وأوصى ابن عمر أن يدفن بسرف، وقال جابر: دفن مع أبي رجل، فلم تطب نفسي حتى أخرجته فجعلته في قبر على حدة. رواه البخاري، وحول طلحة، وحولت عائشة رضي الله عنهما، فيجوز نبشه لغرض صحيح، وأخرج عبد الله بن أبي، بعدما دفن، فنفث فيه ريقه الشريفة، صلوات الله وسلامه عليه، وألبسه قميصه، متفق عليه، قال ابن القيم: وفيه دليل على جواز إخراج الميت من القبر بعد الدفن، لعلة أو سبب.
([39]) لأن دفنه بملكه يضر بالورثة، لمنعهم من التصرف فيه، فيكون منتفيًا، لحديث ((لا ضرر ولا ضرار)) ولا بأس بشراء موضع قبره، ويوصي بدفنه فيه، فعله عثمان وعائشة رضي الله عنهما.
([40]) أي فإن لم يحصل السبق بل جا آمعًا أقرع.
([41]) أي دفنها وحدها، في مكان غير مقابر المسلمين، وغير مقابر الكفار، نص عليه، وحكاه عن واثلة بن الأسقع، ورواه البيهقي وغيره، وقال شيخ الإسلام: لا تدفن في مقابر المسلمين، ولا مقابر النصارى، لأنه اجتمع مسلم وكافر فلا يدفن الكافر مع المسلم، ولا المسلم مع الكفار، بل تدفن منفردة. اهـ. لأنها إذا دفنت في مقبرة المسلمين، تأذوا بعذابها، وإذا دفنت في مقبرة النصارى، تأذى الولد بعذابهم، فإن قيل: فالولد يتأذى بعذابها؟ قيل: هذا ضرورة، وهو أخف من عذاب المجموع.
([42]) أي وإلا يمكن دفنها منفردة، إما لخوف، أو لعدم محل تدفن فيه، فتدفن معنا، على جنبها الأيسر، وظهرها إلى قبلة، ليكون الجنين على جنبه الأيمن، مستقبل القبلة، لأن ظهر الجنين لوجه أمه، قال الشيخ: فإذا دفنت كذلك، كان وجه الصبي المسلم مستقبل القبلة، والطفل يكون مسلمًا بإسلام أبيه، وإن كانت أمه كافرة، باتفاق العلماء. وقال: لا بد أن تكون مقابر أهل الذمة متميزة عن مقابر المسلمين، تميزًا ظاهرًا، بحيث لا يختلطون بهم، ولا يشبه قبور المسلمين بقبور الكفار، وهذا آكد من التمييز بينهم حال الحياة، بلبس الغيار ونحوه، فإن مقابر المسلمين فيها الرحمة، ومقابر الكفار فيها العذاب، بل ينبغي مباعدة مقابرهم عن مقابر المسلمين، وكلما بعدت عنها كانت أصلح.
([43]) قالوا: ولا في المقبرة، بل تستحب، وفاقًا للشافعي، لما ذكر من الخبرين.
([44]) لم يعزه إلى شيء من كتب الحديث المعروفة، وإنما رواه عبد العزيز صاحب الخلال، بسنده عن أنس، وللدارقطني نحوه عن علي، في قراءة سورة الإخلاص، ونحوه أيضًا عن اللجلاج عند الطبراني، وكلها ضعيفة لا تقوم بها حجة، وليس فيه حديث صحيح ولا حسن، والأحاديث الصحيحة، في النهي عن العكوف عند القبور، واعتيادها متظاهرة.
([45]) وكان أحمد ينكر ذلك، ولا ريب أن القراءة على القبر عكوف، يضاهي العكوف في المساجد بالقرب، وعنه: يكره، وفاقًا لأبي حنيفة ومالك وعامة السلف، بل أنكروه وشددوا فيه، قال شيخ الإسلام: نقل الجماعة كراهته، وهو قول جمهور السلف، وعليه قدماء الأصحاب. اهـ. ولو كان مشروعًا لَسَنّهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، وفيه مفسدة عظيمة، كما في الصلاة عنده، بل هو عكوف عند القبور، مضاهاة لما كان يعتاده عباد القبور، عن العكوف عندها بأنواع القرب، بل وسيلة إلى عبادتها، وعنه: بدعة، وفاقًا للشافعي، لأنه ليس من فعله عليه الصلاة والسلام، ولا من فعل أصحابه، فعلم أنه محدث، وسأله عبد الله: يحمل مصحفًا إلى القبر، فيقرأ فيه عليه؟ قال: بدعة.
وقال شيخ الإسلام: ولم يقل أحد من العلماء المعتبرين أن القراءة عند القبور أفضل، ولا رخص في اتخاذها عند أحد منهم، كاعتياد القراءة عنده في وقت معلوم، أو الذكر، أو الصيام قال: واتخاذ المصاحف عنده ولو للقراءة فيها بدعة، ولو نفع الميت لفعله السلف، ولا أجر للميت بالقراءة عنده، كمستمع، ومن قال: إنه ينتفع بسماعها دون ما إذا بعد القارئ. فقوله باطل، مخالف للإجماع.


  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 01:12 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَيُرْفَعُ الْقَبْرُ عَنِ الْأًرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ مُسَنَّماً. وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُهُ، وَالْبِنَاءُ،..........
قوله: «ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر مسنماً» ، أي: السنة أن يرفع القبر عن الأرض، وكما أنه سنة، فإن الواقع يقتضيه؛ لأن تراب القبر سوف يعاد إلى القبر، ومعلوم أن الأرض قبل حرثها أشد التئاماً مما إذا حرثت، فلا بد أن يربو التراب.
وأيضاً فإن مكان الميت كان بالأول تراباً، والآن صار فضاءً، فهذا التراب الذي كان في مكان الميت في الأول سوف يكون فوقه.
وقول المؤلف: «قدر شبر» . الشبر: ما بين رأس الخنصر والإبهام، عند فتح الكف، ومعلوم أن المسألة تقريبية؛ لأن الناس يختلفون في كبر اليد وصغرها. فالإنسان الذي يده كبيرة وأصابعه طويلة سيكون شبره طويلاً، والعكس بالعكس.
والغالب: أن التراب الذي يعاد إلى القبر أنه يرتفع بمقدار الشبر، وقد يزيد قليلاً، وقد ينقص قليلاً.
واستثنى العلماء من هذه المسألة: إذا مات الإنسان في دار حرب، أي: في دار الكفار المحاربين، فإنه لا ينبغي أن يرفع قبره بل يسوى بالأرض خوفاً عليه من الأعداء أن ينبشوه، ويمثلوا به، وما أشبه ذلك.
وقوله: «مسنماً» أي: يجعل كالسنام بحيث يكون وسطه بارزاً على أطرافه، وضد المسنَّم: المسطح الذي يجعل أعلاه كالسطح.
والدليل على هذا: أن هذا هو صفة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقبري صاحبيه.
قوله: «ويكره» ، المكروه في اصطلاح الفقهاء هو: الذي يثاب تاركه امتثالاً، ولا يعاقب فاعله، وهو كراهة التنزيه، لا كراهة التحريم.
قوله: «تجصيصه» أي: أن يوضع فوقه جص؛ لأن هذا داخل في تشريفه، وقد قال علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ لأبي الهياج الأسدي: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ألا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته».
قوله: «والبناء» عليه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن ذلك.
والاقتصار على الكراهة في هاتين المسألتين فيه نظر؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: (نهى عن ذلك، أي: عن تجصيصها، وعن البناء عليها)، والأصل في النهي التحريم؛ ولأن هذا وسيلة إلى الشرك، فإنه إذا بني عليها عظمت، وفي النهاية ربما تعبد من دون الله؛ لأن الشيطان يَجُرُّ بني آدم، من الصغيرة إلى الكبيرة، ومن الكبيرة إلى الكفر.
فالصحيح: أن تجصيصها والبناء عليها حرام.
وقد قال بعض المتأخرين: إن الفقهاء أرادوا بالكراهة هنا كراهة التحريم، ولكن هذا غير مسلم؛ لأن هذا خلاف اصطلاحهم.

وَالْكِتَابَةُ، والجُلُوسُ، وَالْوَطْءُ عَلَيْهِ، والاتِّكَاءُ إِلَيْهِ، وَيَحْرُمُ فِيهِ دَفْنُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ إِلاّ لِضَرُورَةٍ.........
قوله: «والكتابة» أي: على القبر، سواء كتب على الحجر المنصوب عليه، أو كتب على نفس القبر؛ لأن ذلك يؤدي إلى تعظيمه، وتعظيم القبور يخشى أن يوصل صاحبه إلى الشرك.
وظاهر كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ: أن الكتابة مكروهة، ولو كانت بقدر الحاجة، أي حاجة بيان صاحب القبر؛ درءاً للمفسدة.
وقال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي ـ رحمه الله ـ: المراد بالكتابة: ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من كتابات المدح والثناء؛ لأن هذه هي التي يكون بها المحظور، أما التي بقدر الإعلام، فإنها لا تكره.
قوله: «والجلوس والوطء عليه» ، أي: الجلوس على القبر مكروه ـ وعلى كلام المؤلف ـ كراهة تنزيه.
والصواب: أنه محرم.
فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن الجلوس على القبر وقال: ((لأن يجلس أحدكم على جمرة فتخرق ثيابه فتمضي إلى جلده خير له من أن يجلس على القبر)).
وكذلك الوطء عليه، فيرى المؤلف: أنه مكروه.
والصحيح: أنه حرام؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك؛ ولأنه امتهان لأخيه المسلم.
قوله: «والاتكاء إليه» ، أي: أن يتكئ على القبر فيجعله كالوسادة له؛ لأن في هذا امتهاناً للقبر.
وانظر كيف نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه، وأن يكتب عليه، وأن يوطأ عليه))، حيث جمع في هذا النهي بين ما يكون سبباً للغلو فيه، وسبباً لامتهانه.
فالغلو في البناء، والتجصيص، والكتابة.
والامتهان في الوطء؛ من أجل أن يعامل الناس أهل القبور معاملة وسطاً لا غلو فيها ولا تفريط.
قوله: «ويحرم فيه دفن اثنين فأكثر إلا لضرورة» ، أي: يحرم في القبر دفن اثنين فأكثر، سواءٌ كانا رجلين أم امرأتين أم رجلاً وامرأة.
والدليل على ذلك: عمل المسلمين من عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى يومنا هذا أن الإنسان يدفن في قبره وحده.
ولا فرق بين أن يكون الدفن في زمن واحد بأن يؤتى بجنازتين وتدفنا في القبر، أو أن تدفن إحدى الجنازتين اليوم والثانية غداً.
قوله: «إلا لضرورة» ، وذلك بأن يكثر الموتى، ويقل من يدفنهم، ففي هذه الحال لا بأس أن يدفن الرجلان والثلاثة في قبر واحد.
ودليل ذلك: ما صنعه النبي صلّى الله عليه وسلّم في شهداء أحد حيث أمرهم أن يدفنوا الرجلين في قبر واحد، ويقول: «انظروا أيهم أكثر قرآناً فقدموه في اللحد».
وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة دفن أكثر من اثنين كراهة تنزيه.
وعللوا: بأن مجرد الفعل لا يدل على التحريم: أي: مجرد كون المسلمين يدفنون كل جنازة وحدها لا يدل على تحريم دفن أكثر من واحدة، وإنما يدل على كراهة مخالفة عمل المسلمين.
وذهب آخرون: إلى أن إفراد كل ميت في قبره أفضل، والجمع ليس بمكروه ولا محرم.
ولا يلزم من ترك السنة والأفضل أن يقع الإنسان في المكروه؛ لأن المكروه منهي عنه حقيقة، وترك الأفضل ليس بمنهي عنه.
ولهذا لو أن الإنسان ترك راتبة الظهر مثلاً لا نقول: إنه فعل مكروهاً، ولو أنه لم يرفع يديه عند الركوع لا نقول: إنه فعل مكروهاً.
والراجح عندي -والله أعلم- القول الوسط، وهو الكراهة كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، إلا إذا كان الأول قد دفن واستقر في قبره، فإنه أحق به، وحينئذٍ فلا يُدخل عليه ثان، اللهم إلا للضرورة القصوى.

وَيُجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ اثْنَيْنِ حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ وَلاَ تُكْرَهُ القِرَاءَةُ عَلَى القَبْرِ...........
قوله: «ويجعل بين كل اثنين حاجز من تراب» ، أي: إذا جاز دفن اثنين فأكثر في القبر الواحد، فإن الأفضل أن يجعل بينهما حاجز من تراب ليكونا كأنهما منفصلان، ولكن هذا ليس على سبيل الوجوب، بل على سبيل الأفضلية.
قوله: «ولا تكره القراءة على القبر» ، القراءة على القبر لا تكره، ولها صفتان:
الصفة الأولى: أن يقرأ على القبر، كأنما يقرأ على مريض.
الصفة الثانية: أن يقرأ على القبر أي عند القبر؛ ليسمع صاحب القبر فيستأنس به.
فيقول المؤلف: إن هذا غير مكروه.
ولكن الصحيح: أنه مكروه، فنفي الكراهة إشارة إلى قول من قال بالكراهة، والصحيح أن القراءة على القبر مكروهة، سواء كان ذلك عند الدفن أو بعد الدفن؛ لأنه لم يعمل في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا عُهد عن الخلفاء الراشدين، ولأنه ربما يحصل منه فتنة لصاحب القبر، فاليوم يقرأ عنده رجاء انتفاع صاحب القبر وغداً يقرأ عنده رجاء الانتفاع بصاحب القبر، ويرى أن القراءة عنده أفضل من القراءة في المسجد فيحصل بذلك فتنة.
مسألة مهمة: قراءة (يس) على الميت بعد دفنه بدعة، ولا يصح الاستدلال لذلك بقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((اقرؤوا على موتاكم يس))؛ لأنه لا فائدة من القراءة عليه وهو ميت، وإنما يستفيد الشخص من القراءة عليه ما دامت روحه في جسده، ولأن الميت محتاج للدعاء له؛ ولهذا أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم من حضر الميت أن يدعو له، وقال: ((فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون)).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir