دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب النكاح

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الأولى 1431هـ/8-05-2010م, 01:44 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي مسائل متفرقة في أحكام الخلع

( فصلٌ ) والخُلْعُ بلفظٍ صريحٍ الطلاقُ أو كنايتُه وقَصْدُه طلاقٌ بائنٌ، وإن وَقَعَ بلفظِ الْخُلْعِ أو الْفَسْخِ أو الفِداءِ، ولم يَنْوِه طَلاقًا كان فَسْخًا لا يَنْقُصُ عددَ الطلاقِ، ولا يَقَعُ بِمُعْتَدَّةٍ من خُلْعٍ طلاقٌ ولو وَاجَهَها به ولا يَصِحُّ شرطُ الرَّجْعَةِ فيه، وإن خالَعَها بغيرِ عِوَضٍ أو بِمُحَرَّمٍ لم يَصِحَّ، ويَقَعُ الطلاقُ رَجْعِيًّا إن كان بلَفْظِ الطلاقِ أو نِيَّتِه، وما صَحَّ مَهْرًا صَحَّ الْخُلْعُ به، ويُكْرَهُ بأكثرَ مما أَعْطَاهَا، وإن خَالَعَتْ حاملٌ بنفقةِ عِدَّتِها صَحَّ ويَصِحُّ بالمجهولِ، فإن خالَعَتْهُ على حَمْلِ شَجرَتِها أو أَمَتِها أو ما في يَدِها أو بيتِها من دِرهمٍ أو مَتاعٍ أو على عبدٍ صَحَّ، وله مع عَدَمِ الحمْلِ والمتاعِ والعبدِ أقلُّ مُسمَّاه، ومع عَدَمِ الدراهمِ ثلاثةٌ.

  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 01:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

........................

  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 01:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


فصلٌ
(الخُلْعُ بِلَفْظِ صريحِ الطلاقِ أو كِنَايَتِه)؛ أي: كنايةِ الطلاقِ، (وقَصْدِهِ) بهِ الطلاقَ، (طلاقٌ بائنٌ)؛ لأنَّها بَذَلَتِ العِوَضَ لِتَمْلِكَ نَفْسَها، وأَجَابَهَا لِسُؤَالِها، (وإنْ وَقَعَ) الخُلْعُ (بلفظِ الخُلْعِ أو الفسخِ أو الفِداءِ)؛ بأنْ قالَ: خَلَعْتُ. أو: فَسَخْتُ. أو: فَادَيْتُ. (ولم يَنْوِهِ طَلاقاً، كانَ فَسْخاً، لا يَنْقُصُ عددَ الطلاقِ). رُوِيَ عن ابنِ عَبَّاسٍ، احْتَجَّ بقولِهِ تعالَى: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ}. ثمَّ قالَ: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}. ثمَّ قالَ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ}. فذَكَرَ تَطْلِيقَتَيْنِ، والخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بعدَهما، فلو كانَ الخُلْعُ طلاقاً، لكانَ رابعاً، وكناياتُ الخُلْعِ: (بَارَيْتُكِ، وأَبْرَأْتُكِ)، لا يَقَعُ بها إلاَّ بِنِيَّةٍ أو قرينةٍ؛ كسؤالٍ وبَذْلِ عِوَضٍ، ويَصِحُّ بكلِّ لُغَةٍ مِن أَهْلِها، لا مُعَلَّقاً، (ولا يَقَعُ بِمُعْتَدَّةٍ مِن خُلْعٍ طلاقٌ، ولو وَاجَهَهَا) الزوجُ (بهِ) رُوِيَ عن ابنِ عَبَّاسٍ وابنِ الزُّبَيْرِ؛ ولأنَّه لا يَمْلِكُ بُضْعَهَا، فلم يَلْحَقْها طَلاقُه؛ كالأجنبيَّةِ، (ولا يَصِحُّ شَرْطُ الرَّجْعَةِ فيه)؛ أي: في الخُلْعِ، ولا شَرْطُ خِيَارٍ، ويَصِحُّ الخُلْعُ فيهما، (وإنْ خَالَعَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ)، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ فَسْخَ النكاحِ لغيرِ مُقْتَضٍ يُبِيحُه، (أو) خَالَعَهَا (بِمُحَرَّمٍ) يَعْلَمَانِهِ؛ كخَمْرٍ وخِنْزِيرٍ ومغصوبٍ، (لم يَصِحَّ) الخُلْعُ.
ويكونُ لَغْواً؛ لِخُلُوِّهِ عن العِوَضِ، (ويَقَعُ الطلاقُ) المسؤولُ على ذلك (رَجْعِيًّا، إنْ كانَ بلفظِ الطلاقِ أو نِيَّتِهِ)؛ لِخُلُوِّهِ عن العِوَضِ، وإنْ خَالَعَهَا على عبدٍ، فبانَ حُرًّا أو مُسْتَحِقًّا، صَحَّ الخُلْعُ، وله قِيمَتُه، ويَصِحُّ على رَضَاعِ وَلَدِهِ، ولو أَطْلَقَهَا، ويَنْصَرِفُ إلى حَوليْنِ أو تَتِمَّتِهِما، فإنْ ماتَ رَجَعَ بِبَقِيَّةِ المدَّةِ يوماً فيوماً، (وما صَحَّ مَهْراً) مِن عينٍ ماليَّةٍ ومَنْفَعَةٍ مُباحةٍ (صَحَّ الخُلْعُ به)؛ لِعُمُومِ قولِهِ تعالَى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}.
ويُكْرَهُ خُلْعُها (بأكثرَ مِمَّا أَعْطَاهَا)؛ لقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديثِ جَبَلَةَ: ((وَلاَ تَزْدَدْ)). ويَصِحُّ الخُلْعُ إذن؛ لقولِهِ تعالَى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}.
(وإنْ خَالَعَتْ بِنَفَقَةِ عِدَّتِها، صَحَّ)، ولو قُلْنا: النفقةُ للحملِ. لأنَّها في التحقيقِ في حُكْمِ المالكةِ لها مُدَّةَ الحملِ، (ويَصِحُّ) الخُلْعُ (بالمجهولِ كالوَصِيَّةِ)؛ ولأنَّه إسقاطٌ لِحَقِّهِ مِن البُضْعِ، وليسَ بِتَمْلِيكِ شيءٍ، والإسقاطُ يَدْخُلُه المسامحةُ، (فإنْ خَالَعَتْهُ على حَمْلِ شَجَرَتِها، أو) حَمْلِ (أَمَتِهَا، أو ما في يَدِها، أو بَيْتِها من دَرَاهِمَ أو مَتَاعٍ، أو على عَبْدٍ) مُطْلَقٍ ونَحْوِهِ، (صَحَّ) الخُلْعُ، وله ما يَحْصُلُ وما في بَيْتِها أو يَدِها، (وله معَ عدمِ الحَمْلِ) فيما إذا خَالَعَهَا على نحوِ حَمْلِ شَجَرَتِها، (و) معَ عَدَمِ (المَتَاعِ) فيما إذا خَالَعَهَا على ما في بيتِها مِن المَتاعِ، (و) معَ عدمِ (العبدِ)، أو خَالَعَهَا على ما في بَيْتِها من عبدٍ (أقلُّ مُسَمَّاهُ)؛ أي: أَقَلُّ ما يُطْلَقُ عليهِ الاسمُ من هذهِ الأشياءِ؛ لِصِدْقِ الاسمِ بهِ، وكذا لو خَالَعَهَا على عبدٍ مُبْهَمٍ أو نَحْوِهِ، له أقلُّ ما يَتَنَاوَلُه الاسمُ، (و) له (معَ عدمِ الدراهِمِ) فيما إذا خَالَعَهَا على ما بِيَدِها مِن الدراهِمِ (ثلاثةُ) دراهمَ؛ لأنَّها أقلُّ الجَمْعِ.

  #4  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 01:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


فصل([1])

(والخلع بلفظ صريح الطلاق([2]) أو كنايته) أي كناية الطلاقة (وقصده) به الطلاق (طلاق بائن)([3]) لأنها بذلت العوض لتملك نفسها، وأجابها لسؤالها([4]) (وإن وقع) الخلع (بلفظ الخلع، أو الفسخ، أو الفداء) بأن قال: خلعت، أو فسخت، أو فاديت([5]).
(ولم ينوه طلاقا، كان فسخا، لا ينقص عدد الطلاق)([6]) روي عن ابن عباس([7]) واحتج بقوله تعالى ]الطَّلاقُ مَرَّتَانِ[ ثم قال ]فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ[([8]) ثم قال ]فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ[([9]).
فذكر تطليقتين والخلع، وتطليقة بعدهما([10]) فلو كان الخلع طلاقا لكان رابعا([11]) وكنايات الخلع: باريتك، وأبرأتك، وأبنتك([12]) لا يقع بها إلا بنية([13]) أو قرينة، كسؤال، وبذل عوض([14]) ويصح بكل لغة من أهلها([15]) لا معلقا([16]).
(ولا يقع بمعتدة من خلع طلاق، ولو واجهها) الزوج (به)([17]) روي عن ابن عباس، وابن الزبير([18]) ولأنه لا يملك بضعها، فلم يلحقها طلاقه كالأجنبية([19]) (ولا يصح شرط الرجعة فيه) أي في الخلع([20]) ولا شرط خيار([21]) ويصح الخلع فيهما([22]) (وإن خالعها بغير عوض) لم يصح([23]) لأنه لا يملك فسخ النكاح لغير مقتض يبيحه([24]) (أو) خالعها (بمحرم) يعلمانه([25])
كخمر، وخنزير، ومغصوب (لم يصح) الخلع([26]) ويكون لغوا، لخلوه عن العوض([27]) (ويقع الطلاق) المسؤل على ذلك (رجعيا([28]) إن كان بلفظ الطلاق، أو نيته) لخلوه عن العوض([29]) وإن خالعها على عبد فبان حرا، أو مستحقا، صح الخلع، وله قيمته([30]) ويصح على رضاع ولده، ولو أطلقا([31])
وينصرف إلى حولين، أو تتمتهما([32]) فإن مات رجع ببقية المدة، يوما فيوما([33])، (وما صح مهرا) من عين مالية([34]) ومنفعة مباحة (صح الخلع به)([35]) لعموم قوله تعالى: ]فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ[([36]) (ويكره) خلعها (بأكثر مما أعطاها) لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جميلة «ولا يزداد»([37]).
ويصح الخلع إذًا([38]) لقوله تعالى ]فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ[([39]) (وإن خالعت حامل بنفقة عدتها صح)([40]) ولو قلنا: النفقة للحمل لأَنها في التحقيق في حكم المالكة لها مدة الحمل([41]) (ويصح) الخلع (بالمجهول) كالوصية([42]) ولأنه إسقاط لحقه من البضع وليس بتمليك شيء([43]) والإسقاط يدخله المسامحة([44]).
(فإن خالعته على حمل شجرتها، أو) حمل (أمتها([45]) أو ما في يدها، أو بيتها من دراهم أو متاع([46]) أو على عبد) مطلق ونحوه (صح) الخلع([47]) وله ما يحصل، وما في بيتها أو يدها([48]) (وله مع عدم الحمل) فيما إذا خالعها على نحو حمل شجرتها([49]) (و) مع عدم (المتاع) فيما إذا خالعها على ما في بيتها من المتاع([50]) (و) مع عدم (العبد) لو خالعها على ما في بيتها من عبد (أقل مسماه) أي أقل ما يطلق عليه الاسم من هذه الأشياء([51]).
لصدق الاسم به([52]) وكذا لو خالعها على عبد مبهم أو نحوه([53]) له أقل ما يتناوله الاسم([54]) (و) له (مع عدم الدراهم) فيما إذا خالعها على ما بيدها من الدراهم (ثلاثة) دراهم، لأنها أقل الجمع([55]).


([1]) أي فيما يقع به الخلع، من لفظ أو عوض.

([2]) طلاق بائن، لا يملك رجعتها.

([3]) أي وقصده بكناية الطلاق: الطلاق، كأبرأتك، وأبنتك؛ طلاق بائن، لا يملك رجعتها، لكن له أن يتزوجها بعقد جديد، ولو لم تنكح زوجا غيره، ما لم يوقع عليها ثلاث تطليقات، وله أن يتزوجها في العدة.

([4]) فخرجت من قبضته، لقوله تعالى ]فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ[ وإنما يكون فداء إذا خرجت من قبضته وسلطانه، ولو لم يكن بائنًا لملك الرجعة، وكانت تحت حكمه وقبضته، ولأن القصد إزالة الضرر عنها، فلو جازت الرجعة لعاد الضرر.

([5]) فصريح، يقع به الخلع من غير نتيه، وإن قلنا: هو فسخ أو طلاق، وقال ابن القيم: كل ما دخله المال فهو فدية، بأي لفظ كان، والألفاظ لم ترد لذواتها، ولا تعبدنا بها، وإنما هي وسائل إلى المعاني.

([6]) أي ولم ينو بلفظ الخلع، أو الفسخ، أو الفداء طلاقا، كان فسخا، لأنها صريحة فيه، ومفهومه: إن نواه طلاقا فطلاق لسرايته، وجزم به غير واحد، وعنه: هو فسخ ولو نوى به الطلاق؛ اختاره الشيخ، وقال: ولو أتى بصريح الطلاق، وليس من الطلاق الثلاث، وهذا هو المنقول عن ابن عباس في أصحابه، وعن أحمد، وقدماء أصحابه: لم يفرق أحد من السلف، ولا أحمد بن حنبل، ولا أحد من أصحابه في الخلع بين لفظ ولفظ، لا لفظ الطلاق، ولا غيره، بل ألفاظهم كلها صريحة في أنه فسخ بأي لفظ كان.
وقال ابن القيم: قال أحمد: الخلع فرقة، وليس بطلاق؛ وقيل له: تذهب إلى حديث ابن عباس؟ فقال: ابن عباس يتأول الآية، وكان يقول: هو فداء، ذكر الله الطلاق في أول الآية، والفداء في وسطها، وذكر الطلاق بعد الفداء، ليس هو طلاق، وإنما هو فداء. فجعل ابن عباس وأحمد الفداء فداء لمعناه، لا لفظه وهذا هو الصواب، فإن الحقائق لا تتغير بتغير الألفاظ.

([7]) أنه كان يقول: هو فداء.

([8]) أي افتدت به المرأة نفسها منه.

([9]) أي ثم قال تعالى بعد أن ذكر الفداء ]فَإِنْ طَلَّقَهَا[ يعني الثالثة ]فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ[ أي الطلاق الثلاث ]حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ[ وهذا مما لا نزاع فيه.

([10]) أي فذكر تعالى تطليقتين في قوله ]الطَّلاقُ مَرَّتَانِ[ والخلع في قوله ]فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ[ وذكر تطليقة بعد أن ذكر التطليقتين والخلع، فكان الطلاق المذكور ثلاثا.

([11]) فليس هو طلاقا، وإنما هو فداء، ولأنه فرقة، فكان فسخا، كسائر الفسوخ.

([12]) وذلك لأن الخلع أحد نوعي الفرقة، فكان له صريح وكناية كالطلاق.

([13]) أي فلا يقع الخلع بالكناية إلا بنية ممن تلفظ به منهما، ككنايات الطلاق.

([14]) فإذا طلبت، وبذلت العوض، صح من غير نية، لأن دلالة الحال صارفة إليه، فأغنى عن النية.

([15]) التي يفهم منها أنه سأل الإبراء على أن يطلقها، أو أنها أبرأته على أنه يطلقها، قاله الشيخ، وقال: إن كانت أبرأته براءة لا تتعلق بالطلاق، ثم طلقها بعد ذلك فهو رجعي. اهـ. لخلوه عن العوض لفظا ومعنى، وتصح ترجمة الخلع بكل لغة من أهلها.

([16]) أي على شرط، كإن بذلت لي كذا فقد خلعتك. وإن تخالعا هازلين فلغو، ما لم يكن بلفظ الطلاق أو نيته.

([17]) كقوله: أنت طالق.

([18]) ولا يعرف لهما مخالف في عصرهما.

([19]) ولأنها لا تحل له إلا بنكاح جديد، فلم يلحقها طلاق كالمطلقة قبل الدخول أو كالتي انقضت عدتها.

([20]) لمنافاته الخلع.

([21]) أي ولا يصح شرط الخيار في الخلع، لمنافاته له أيضًا.

([22]) أي في شرط الرجعة فيه، وشرط الخيار فيه، لأنه لا يفسد بالعوض الفاسد فلا يفسد بالشرط الفاسد، بل يقع الخلع، ويلغو شرط الرجعة، أو شرط الخيار، وقياس المذهب: لو شرط الرجعة في الخلع صح الشرط، كما لو بذلت له مالا على أن تملك أمرها، نص عليه، لأن الأصل جواز الشرط في العقود.

([23]) أي الخلع، هذا المذهب، جزم به في الإقناع وغيره.

([24]) وإذا لم يكن صحيحًا لم يترتب عليه شيء، وعنه: يصح، وهو اختيار الخرقي، وقول مالك.

([25]) أي المتخالعان.

([26]) لأن الخلع على ذلك – مع العلم بتحريمه – يدل على رضى فاعله بغير شيء.

([27]) وإن كانا يجهلانه صح الخلع، وكان له بدله، وإن خالعته على الإبراء مما يعتقدان وجوبه اجتهادًا أو تقليدًا، مثل أن يخالعها على قيمة كلب أتلفته، معتقدين وجوب القيمة، فينبغي أن يصح، حكاه، في الاختيارات، وإن أطلقا الخلع، فقال الشيخ: يصح بالصداق، كما لو أطلقا النكاح، ثبت صداق المثل فكذا الخلع أولى.

([28]) ولا شيء عليها، لأنه رضى بغير شيء.

([29]) ولأنه يصلح كناية عن الطلاق، فإن لم يكن بلفظ الطلاق أو نيته لم يكن شيئًا.

([30]) إن كانت هي الباذلة له، وإلا فعلى باذله، وإن خالعها على خل فبان خمرا، رجع عليها بمثله خلا، وإن كان العوض مثليا وبان مستحقا فله مثله، وصح الخلع، وإن كان معيبا فكبيع.

([31]) أي ويصح الخلع على رضاع ولده، منها أو من غيرها، مدة معلومة، ويصح ولو أطلقا المدة.

([32]) أي وينصرف المطلق إلى حولين إن كان الخلع عقب الوضع أو قبله، أو تتمة الحولين إن كان الخلع في أثناء الحولين، حملا للمطلق على المقيد، وكذا لو خالعته على كفالته، ونفقته مدة معينة، ولو لم توصف النفقة، والأولى ذكر مدة الرضاع، وصفة النفقة، وإلا رجع إلى العرف والعادة.

([33]) لأنه ثبت منجمًا، فلا يستحقه معجلا، وكذا النفقة، وقال الوزير: اتفقوا على أنه إذا خالعها على رضاع ولدها سنتين، جاز ذلك، فإن مات قبل الحولين، فقال أبو حنيفة وأحمد: يرجع بقيمة الرضاع المشروط، وهو أحد القولين لمالك والشافعي.

([34]) كعبد ودار، صح الخلع به.

([35]) أي وما صح المهر به من منفعة مباحة كتعليم علم، صح الخلع به، لا الغناء المحرم، فمحرم عند أبي حنيفة، ومالك، وهو أحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد، وكذا آلات اللهو، قال الشيخ؛ الأئمة متفقون على تحريم الملاهي التي هي آلات اللهو، كالعود ونحوه، ويحرم اتخاذها، ولم يحك عنهم نزاع في ذلك، أي فلا يصح الخلع عليها.

([36]) وقال أبو بكر: لا يجوز، وترد الزيادة، وهو رواية عن أحمد.

([37]) هذا المذهب.

([38]) ويحمل النهي على الكراهة، وعنه: لا يكره؛ وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي.

([39]) أي افتدت به المرأة نفسها من الزوج ولو كثر، وقالت الربيع: اختلعت من زوجي بما دون عقاص رأسي، فأجاز ذلك عثمان. واشتهر ولم ينكر، فكان كالإجماع، وقال مالك: لم أر من منع من ذلك؛ إلا أنه ليس من مكارم الأخلاق.

([40]) وسقطت النفقة، وإن لم يعلم قدرها، كنفقة الصبي.

([41]) بل مستحقة لها، فصح الخلع بها، وكذا لو خالعها وأبرأته من نفقة حملها، أو خالعته على شيء ثم أبرأته من نفقة حملها، ويبرأ إلى فطامه، فإذا فطمته فلها طلبه بنفقته، وإن مات فلا شيء عليها.

([42]) أي كما أن الوصية تصح بالمجهول.

([43]) أي فيشترط فيه ما يشترط في التمليك.

([44]) ولذلك جاز بغير عوض، ويصح أيضًا بالمعدوم الذي ينتظر وجوده.

([45]) أو بقرتها، أو غنمها، صح الخلع.

([46]) أو خالعها على ما في ضروع ماشيتها، ونحوه من كل مجهول، أو معدوم ينتظر وجوده صح.

([47]) أي أو خالعها على عبد غير معين ولا موصوف، أو خالعها على بعير، أو بقرة، أو شاة، أو ثوب، ونحو ذلك من المبهمات، صح الخلع.

([48]) أي وله ما يحصل من حمل شجرتها، أو حمل أمتها، وما في بيتها أو يدها، قليلا كان أو كثيرًا، لأنه المخالع عليه، ولو كانت الدراهم أقل من ثلاثة.

([49]) أقل مسمى حمل شجرتها.

([50]) أقل مسماه.

([51]) يعني حمل الشجرة، والأمة، وما في اليد، أو البيت، ومع عدم العبد.

([52]) كالوصية.

([53]) كبقرة، أو شاة.

([54]) من عبد ونحوه، وكذا لو قال: إن أعطيتني عبدا فأنت طالق. طلقت بأي عبد أعطته إياه، وإن أعطته إياه فبان حرا ونحوه لم تطلق.

([55]) كما لو وصى له بدراهم، ولأنه أقل ما يقع عليه اسم الدراهم حقيقة.


  #5  
قديم 23 ربيع الثاني 1432هـ/28-03-2011م, 04:13 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ

وَالْخُلْعُ بِلَفْظِ صَرِيحِ الطَّلاَقِ، أَوْ كِنَايَتِهِ، وَقَصْدِهِ طَلاَقٌ بَائِنٌ،......
قوله: «والخلع بلفظ صريح الطلاق أو كنايته وقصده طلاق بائن» .
«الخلع» مبتدأ وخبره «طلاق بائن» وقوله: «بلفظ صريح» جار ومجرور في موضع نصب على الحال من كلمة «الخلع» يعني والخلع حال كونه بلفظ صريح الطلاق... إلخ.
ذكر المؤلف في هذا الفصل ألفاظ الخلع، يقول: إن وقع بلفظ الطلاق، أو نية الطلاق لو كان بغير لفظه، فهو طلاق بائن.
مثال ذلك: طلبت امرأة من زوجها أن يخالعها على ألف ريال، فوافق الزوج، ولكنه قال: طلقت زوجتي على عوض قدره ألف ريال، فيكون هذا طلاقاً، يحسب من الطلاق، فإن كان هذا آخر مرة بانت منه بينونة كبرى.
وقوله: «أو كنايته وقصده» إذا وقع بكناية الطلاق مع قصد الطلاق صار طلاقاً، والضابط في جميع ما يقال: إنه كناية، هي التي تحتمل معنى الصريح وغيره.
مثال ذلك: إذا قال: امرأتي بريئة على ألف ريال، وقصد بذلك الطلاق، فإنه يقع طلاقاً، هذا ما ذهب إليه المؤلف ـ رحمه الله ـ.
ولكن القول الراجح: أنه ليس بطلاق وإن وقع بلفظ الصريح، ويدل لهذا القرآن الكريم، قال الله ـ عزّ وجل ـ: {{اَلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}} أي: في المرتين، إما أن تمسك وإما أن تسرح، فالأمر بيدك {{وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاََّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاََّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}} [البقرة: 229] إذاً هذا فراق يعتبر فداء، ثم قال الله ـ عزّ وجل ـ: {{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}} [البقر: 230] ، فلو أننا حسبنا الخلع طلاقاً لكان قوله: {{فَإِنْ طَلَّقَهَا}} هي الطلقة الرابعة، وهذا خلاف الإجماع، فقوله: {{فَإِنْ طَلَّقَهَا}} أي: الثالثة {{فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}} والدلالة في الآية واضحة، ولهذا ذهب ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ إلى أن كل فراق فيه عوض فهو خلع وليس بطلاق، حتى لو وقع بلفظ الطلاق، وهذا هو القول الراجح.
وقوله: «طلاق بائن» البينونة بمعنى الانفصال، والطلاق البائن على نوعين: بائنٌ بينونة كبرى، وهو الطلاق الثلاث، وبائنٌ بينونة صغرى وهو الطلاق على عوض، فإذا كان الرجل قد طلق زوجته مرتين سابقتين، ثم طلقها الثالثة، نقول: هذا الطلاق بائنٌ بينونة كبرى، يعني ما تحل له إلا بعد زوج، وإذا طلقها على عوض صار بائناً بينونة صغرى، فما معنى بائن إذاً؟ معناه أنه لا يحل له أن يراجعها ولو راجعها؛ ووجه ذلك أن بذلها للعوض افتداء، فقد اشترت نفسها، فلو مكنا الزوج من المراجعة لم يكن لهذا الفداء فائدة، ولكانت هي ومن لم تبذل على حدٍ سواء، فهذه المرأة التي بذلت العوض كأنها اشترت نفسها من زوجها، ولهذا نقول: إنه طلاقٌ بائن لا يملك الرجعة فيه، لكن هل يملك أن يتزوجها بعقد جديد؟
الجواب: نعم؛ لأن البينونة ليست بينونة كبرى، بل صغرى، فلا يملك الرجعة، لكن يملك العقد.
واعلم أن الخلع ليس له بدعة، بمعنى أنه يجوز حتى في حال الحيض؛ لأنه ليس بطلاق، والله إنما أمر بالطلاق للعدة {{إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}} [الطلاق: 1] ، ولهذا يجوز أن يخالعها ولو كانت حائضاً، ويجوز أن يخالعها ولو كان قد جامعها في الحال؛ لأنه ليس بطلاق بل هو فداء، ولأن أصل منع الزوج من التطليق في حال الحيض، أو في حال الطهر الذي جامعها فيه؛ أن فيه إضراراً بها، لتطويل العدة عليها، فإذا رضيت بذلك فقد أسقطت حقها.

وَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الخُلْعِ، أَو الفَسْخِ، أَو الفِدَاءِ، وَلَمْ يَنْوِهِ طَلاَقاً، كَانَ فَسْخاً لاَ يُنَقِّصُ عَدَدَ الطَّلاَقِ،.........
قوله: «وإن وقع بلفظ الخلع أو الفسخ أو الفداء ولم ينوه طلاقاً كان فسخاً لا ينقص عدد الطلاق» .
هاتان صورتان أخريان، فإذا وقع بلفظ الخلع، أو الفسخ، أو الفداء وما أشبهه ولم ينوِ أنه طلاق فهو فسخ، فإن نواه طلاقاً فهو طلاق، فإذا قال: خالعت زوجتي على ألف ريال فهو فسخ، فإن نوى الطلاق صار طلاقاً، وإذا قال: فسخت زوجتي على ألف ريال فهو فسخ، وإذا قال: فاديت زوجتي بألف ريال فهو فسخ، إذاً ألفاظ الفسخ ثلاثة، الخلع، والفسخ، والفداء، بشرط ألا ينوي بذلك الطلاق، فإن نوى بذلك الطلاق فهو طلاق، والصواب أنه فسخ ولو نوى الطلاق، ولو تلفظ بالطلاق، وبهذا تكون الصور أربعاً: أن يكون بلفظ الطلاق، أن يكون بكنايته وقصده، أن يكون بلفظ الخلع بدون نية الطلاق، أن يكون بلفظ الخلع بنية الطلاق.
فإن وقع بلفظ الطلاق فهو طلاق كما سبق، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وهو قولٌ وسطٌ بين قولين.
القول الثاني : أنه طلاقٌ بكل حال حتى لو وقع بلفظ الخلع أو الفسخ، وهذا القول لا شك أنه ضعيف.
القول الثالث : أنه فسخٌ بكل حال ولو وقع بلفظ الطلاق، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وهو المنصوص عن أحمد، وقول قدماء أصحابه، كما حكاه شيخ الإسلام، وعلى هذا فلا عبرة باللفظ، بل العبرة بالمعنى، فما دامت المرأة قد بذلت فداء لنفسها، فلا فرق أن يكون بلفظ الطلاق، أو بلفظ الخلع، أو بلفظ الفسخ.
وهذا القول قريبٌ من الصواب، لكنه ما زال يشكل عندي قول الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لثابت بن قيس رضي الله عنه: «اقبل الحديقة وطلقها تطليقة» [(321)] بهذا اللفظ، إلا أن الرواة اختلفوا في نقل هذا الحديث، فالحديث الذي فيه «طلقها تطليقة» كأن البخاري يميل إلى أنه مرسل، وليس متصلاً، وأما الأحاديث الأخرى: «فاقبل الحديقة وفارقها» [(322)] بهذا اللفظ، فإذا تبين أن الراجح من ألفاظ الحديث: «اقبل الحديقة وفارقها» فلا شك إن الصواب قول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ومن تابعه، وأما إذا صحت اللفظة: «اقبل الحديقة وطلقها تطليقة» فإنه واضح أنه طلاق، ولا يمكن للإنسان أن يحيد عنه، وتحمل رواية «فارقها» على أن المراد فارقها فراق طلاق.

وَلاَ يَقَعُ بِمُعْتَدَّةٍ مِنْ خُلْعٍ طَلاَقٌ وَلَوْ وَاجَهَهَا بِهِ،......
قوله: «ولا يقع بمعتدةٍ من خلع طلاقٌ ولو واجهها به» المعتدة من خلع لا يقع عليها الطلاق؛ لأنها بانت من زوجها، وعليها العدة، وأفاد المؤلف ـ رحمه الله ـ أن الخلع يوجب العدة، وعلى هذا فيجب عليها أن تعتد كما تعتد المطلقة تماماً، إن كانت تحيض فبثلاث حيض، وإن لم تكن من ذوات الحيض فبثلاثة أشهر، وإن كانت حاملاً فبوضع الحمل.
وذهب بعض أهل العلم: إلى أن المختلعة لا تعتد، وإنما تُستبرأ، وهذا القول هو الصحيح أنه لا عدة عليها، وإنما عليها استبراء، فإذا حاضت مرة واحدة انتهت عدتها؛ لأن ظاهر القرآن أن العدة إنما هي على المطلقة قال تعالى: {{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ}} [البقرة: 228] ، فدلت الآية على أن التي يلزمها ثلاثة قروءٍ إنما هي المطلقة، وهذا هو الذي صح عن أمير المؤمنين عثمان[(323)] ـ رضي الله عنه ـ.
فإن قال قائل: إذا قلتم: إن المختلعة لا يجب عليها إلا استبراء فقط، وعللتم ذلك بأنها بانت من زوجها، فقولوا: في المطلقة ثلاثاً ما عليها إلا استبراء؛ لأن الزوج لا يملك الرجعة.
فالجواب على ذلك بأحد وجهين: إما بالتسليم، وإما بإيجاد فرق، أما التسليم فأن نقول: نعم المطلقة ثلاثاً لا يجب عليها ثلاثة قروء، بل لا يجب عليها إلا استبراء فقط، والآية ظاهرة في ذلك لقوله: {{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاَحًا}} [البقرة: 228] فعندنا عموم في أول الآية، وخصوص في آخرها، وإذا رددنا آخرها على أولها صار المراد بالعموم الرجعيات؛ لأن الله قال: {{وَبُعُولَتُهُنَّ}} والمطلِّق ثلاثاً ليس بعلاً، وقال: {{أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}} والبائن بالثلاث ليس لزوجها حق الرجعة عليها، فحينئذٍ تكون المطلقة ثلاثاً لا يلزمها إلا استبراء، حيضة واحدة، إن كانت من ذوات الحيض، أو شهر واحد إن كانت ممن لا يحيض، أو بوضع الحمل، وليس في وضع الحمل إشكال؛ لأنه تتفق فيه كل العدد، ولهذا يسمون عدة الحامل أم العدد.
أو نقول بالفرق، وهو أن بعضهم حكى إجماع أهل العلم على أن المطلقة ثلاثاً يلزمها ثلاثة قروء، بينما المختلعة فيها خلاف حتى عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، وما دمنا أوجدنا الفرق فالإلزام لا يثبت، ولهذا قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: إن كان أحد قال بأن المطلقة ثلاثاً لا يلزمها إلا حيضة واحدة ـ استبراء ـ فهذا هو الحق.
قال صاحب الاختيارات: إنه قد نقل عن ابن اللبان القول بذلك، وعلى هذا فيكون قولَ شيخ الإسلام، وأن المطلقة ثلاثاً تستبرأ فقط؛؛ لأن مقتضى النظر أن من لا رجعة عليها، لا تعتد إلا بحيضة، تُرك في المطلقة ثلاثاً؛ لأنه خلاف الإجماع.
وقوله: «ولا يقع بمعتدة طلاق» يعني حتى ولو قال: أنت طالق فإنه لا يقع الطلاق؛ ووجه ذلك أنها بالبينونة صارت غير زوجة، والطلاق إنما يكون للزوجة، هذا وجه الحكم من النظر، أما الأثر فقال في الروض[(324)]: روي عن ابن عباس وابن الزبير ـ رضي الله عنهم ـ، ولم يعلم لهما مخالف، فيكون الدليل قول الصحابة والتعليل.
وقوله: «ولو واجهها به» بأن يقول: أنت طالق، وضد المواجهة أن يقول: فلانة طالق.
ويقع الطلاق على زوجة في عصمته لو طلقها ولو بدون مواجهة، فلو قال: زوجتي فلانة طالق، تطلق، وكذلك ـ أيضاً ـ لو قال على سبيل التعميم: كل زوجاتي طوالق، فإن المختلعة التي في عدتها لا يقع عليها الطلاق، فضد المواجهة صورتان:
الأولى: التعميم.
الثانية: التعيين بالاسم.
وقوله: «ولو واجهها» هذا إشارة خلاف؛ لأن بعض أهل العلم يقول: إنه إذا واجه المخالعة بالطلاق فإنها تطلق، ولكنه قول لا دليل عليه، لا من أثر، ولا من نظر، ودليلهم لأنها إلى الآن لها تعلق به من جهة الاعتداد، أو الاستبراء على الخلاف، لكن يقال: هذا لا يعني أنها زوجته، فهي ليست بزوجة له، حتى وإن كانت في عدته.

وَلاَ يَصِحُّ شَرْطُ الرَّجْعَةِ فِيهِ،..........
قوله: «ولا يصح شرط الرجعة فيه» أي: في الخلع، بأن قال: أنا أخالعك، لكن لي أن أرجع في الخلع، فأعطيك العِوَض وأراجعك، وقد علم أن الرجل إذا خالع زوجته وسلمته العوض، وقال: خالعتك على هذا العوض انقطعت الصلة بينهما؛ لأن هذا افتداء، فلا يمكن أن يرجع عليها إلا بعقد جديد ورضا.
مثاله: خالعها بألف ريال وسلمته إياه، وقال: خالعتك على هذا الألف، لكنه اشترط، قال: إن بدا لي أن أرجع فإني أرد العوض وأراجعك، يقول المؤلف: إن شرط الرجعة فيه غير صحيح.
وهنا سؤال لماذا صح الخلع وبطل الشرط؟
يقولون: بطل الشرط؛ لأنه ينافي مقصود الخلع؛ إذ إن مقصود الخلع هو التخلص من هذا الزوج، فإذا شرط أن له أن يرجع فإن هذا المقصود يفوت الزوجةَ.
ويصح الخلع؛ لأن هذا الشرط لا يعود إلى صلب العقد، فهو لا يتضمن جهالة، ولا وقوعاً في محرم، غاية ما هنالك أنه شرط فاسد ألغي، كما ألغى النبي صلّى الله عليه وسلّم شرط أهل بريرة ـ رضي الله عنها ـ أن يكون الولاء لهم، وصحح العقد[(325)]، فالشرط الفاسد يَفْسد، والعقد ما دام لا يوجد ما ينافي أصله فإنه يبقى صحيحاً.
وهذا له نظائر كثيرة مرت علينا في الشروط في النكاح، وفي الشروط في البيع، وفي الشروط في الرهن، وفي الشروط في الوقف، أن هناك شروطاً فاسدة تفسد بنفسها ولا تفسد العقد.
وقال بعض العلماء: إن الخلع لا يصح؛ لأن هذا الشرط يبطل المقصودَ من أصله؛ إذ إنه يجعل الخلع اللازم جائزاً، متى ما شاء أبطله، فهو كما لو وقف شيئاً واشترط أن يبيعه متى شاء، فإن المشهور من المذهب أن هذا شرط يبطل الوقف، ويكون الوقف غير صحيح، وفيه خلاف.
القول الثالث: صحة الشرط والخلع، لأن هذا الشرط ثبت باختيارهما، ولم يكرهها عليه، والأصل في الشروط الصحة، نعم هو ينافي المقصود من الخلع، لكن حق الزوجة، فإذا رضيت بإسقاطه فإن الحق لها.
لكن المذهب في هذه المسألة هو أقرب الأقوال؛ لأنها قد تغتر عند عقد الخلع، وتوافق على هذا الشرط، ثم بعد ذلك تندم.
وأما من قالوا: إن الخلع لا يصح، وأنه يجب عليه أن يرد عليها ما أخذ منها، وله أن يراجعها فلا وجه له؛ لأن العقد وقع باتفاقهما وبرضاهما.
مسألة: إذا اشترط الخيار في الخلع مدة العدة أو الاستبراء، فهذه المسألة فيها خلاف، المذهب أنه لا يصح شرط الخيار فيه؛ لأنه ليس عقد معاوضة محضة، ولو كان عقد معاوضة محضة لصح فيه شرط الخيار كالبيع، بل أهم ما فيه الفراق.
القول الثاني: أنه يصح شرط الخيار فيه، وإذا اختار أحدهما الرجوع فإنه يرجع؛ لأن الحق لهما، والذي يظهر أنه يصح الشرط؛ لأن هذه ليست كالمسألة الأولى، فالرجعة في المسألة الأولى للزوج، أما هذا فالخيار لهما جميعاً، مع أنه قد يقول قائل: إذا اختار الزوج فإن الزوجة تجبر على الموافقة، وحينئذٍ نعود إلى أنه كشرط الرجعة تماماً، إلا أن الرجعة من جانب واحد، وهذا من جانبين.

وَإِنْ خَالَعَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، أَوْ بِمُحَرَّمٍ لَمْ يَصِحَّ،........
قوله: «وإن خالعها بغير عوض أو بمحرم لم يصح» لقوله تعالى: {{فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}} [البقرة: 229] ، فإذا خالعها على غير عوض فأين الفداء؟! لا فداء، وهذا هو المذهب.
وقال شيخ الإسلام: يصح أن يخالعها على غير عوض، وعلل ذلك بأمرين:
أحدهما: أن العوض حق للزوج، فإذا أسقطه باختياره فلا حرج، كغيره من الحقوق، فكما أنها لو خالعته على ألف ريال وتم الخلع ثم أبرأها منه، فلا حرج، فكذلك إذا اتفقا من أول الأمر على أنه لا عوض.
الثاني: أنه إذا خالعها فإنه يخالعها على عوض؛ لأنها تسقط حقها من الإنفاق؛ لأنه لو كان الطلاق رجعياً لكانت النفقة مدة العدة على الزوج، فإذا خالعته فلا نفقة عليه، فكأنها بذلت له عوضاً، فهي قد أسقطت الحق الذي لها من النفقة على الزوج، وهو قد أسقط الحق الذي له من الرجعة، فالرجعة حق للزوج، والنفقة مدة العدة حق للزوجة، فإذا رضيا بإسقاطهما في الخلع فلا مانع.
ويجيب عن الاستدلال بالآية بأن الغالب أن الزوج لا يفارق زوجته إلا بعوض، ولهذا قال الله ـ عزّ وجل ـ: {{فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}}، وما قاله الشيخ ـ رحمه الله ـ جيد؛ لأنه في الحقيقة خلع على عوض، وهو إسقاط النفقة عنه، وما قاله ـ رحمه الله ـ ظاهر جداً، إلا فيما إذا كان الخلع بما يقتضي الطلاق على المذهب، وكان آخر ثلاث تطليقات، فإن المطلقة ثلاثاً ليس لها على زوجها نفقة، وحينئذٍ لا يستفيد الزوج، ولكن يقال: إذا رضي بهذا فالحق له، فإذا خالعها بغير عوض، وقلنا: على المذهب لم يصح، وإذا لم يصح فإن وقع بلفظ الطلاق أو نيته فهو طلاق، وإن وقع بلفظ الخلع فليس بشيء.
وقوله: «أو بمحرم» مثل الخمر، فلو خالعها على عشرين جرة خمر، فهذا لا يصح؛ لأن الخمر لا يصح أن يكون عوضاً، ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله حرم بيع الخمر» [(326)]، وكذلك الدخان لا يصح أن يكون عوضاً؛ لأنه محرم، وكذا الخنزير، والمال المسروق.
فإن كانا لا يعلمان أنه محرم فإن الخلع يصح، ولها قيمته، مثل ما لو خالعته على ولد لها من غيره، قالت: هو لك عبد؟ فهذا لا يجوز؛ لأنه حر، فإذا كانا لا يعلمان أنه حر فله مثل قيمته عبداً، وإذا لم يصح الخلع، فماذا يكون؟ يقول المؤلف:

وَيَقَعُ الطَّلاَقُ رَجْعِيًّا إِنْ كَانَ بِلَفْظِ الطَّلاَقِ أَوْ نِيَّتِهِ، وَمَا صَحَّ مَهْراً صَحَّ الْخُلْعُ بِهِ، وَيُكْرَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا،.........
«ويقع الطلاق رجعياً» ؛ لأن العوض لم يصح، فوجوده كعدمه.
قوله: «إن كان بلفظ الطلاق أو نيته» ، مفهومه أنه إن كان بغير لفظ الطلاق أو بغير نيته، مثل أن يكون بلفظ الخلع أو الفداء أو الفسخ فإنه لا يقع؛ لأنه ليس بصحيح.
قوله: «وما صح مهراً صح الخلع به» ، «ما» موصولة، أو شرطية، والشرطية أقرب؛ لأنها تكون جملة مرتباً بعضها على بعض، «وما صح مهراً» يعني كل شيء يصح مهراً فإنه يصح الخلع به، فيصح أن تعطيه دراهم، ويصح أن تعطيه ثياباً وعرضاً، ويصح أن تعطيه عقاراً، ويصح أن تخالعه على تعليم، فهو علمها سورة البقرة مهراً، وهي تعلمه سورة آل عمران خلعاً، فهذا يجوز على الصحيح، فما صح مهراً من مال، أو منفعة فإنه يصح الخلع به؛ ووجه ذلك أن المهر إنما أخذ لاستباحة البضع، وهذا أخذ لفكاك البضع، فالأمر فيه ظاهر.
قوله: «ويكره بأكثر مما أعطاها» أي: يكره الخلع بأكثر مما أعطاها، وظاهر كلامه صحته بأكثر مما أعطاها، وهذه المسألة مما اختلف فيه العلماء، فقال بعض العلماء: إنه يجوز بالمال قل أو كثر، واستدلوا لجواز الزيادة بعموم قوله تعالى: {{فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}} [البقرة: 229] ، «وما» اسم موصول تفيد العموم من قليل وكثير، فهو عام لما تفتدي به نوعاً، وجنساً، وكمية، وكيفية.
وقال آخرون: لا يزيد على ما أعطاها؛ لأن قوله: {{فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}} عائد على ما سبق؛ لأنه قال: {{وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاََّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاََّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}} أي: مما آتيتموهن فقط، ولأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم نهى ثابت بن قيس ـ رضي الله عنه ـ أن يزيد في خلعه فقال له: «خذ الحديقة ولا تزدد»[(327)].
ولأن هذا الزائد عما أعطاها أكل للمال بالباطل؛ لأنه ليس في مقابلة شيء، نعم ما أُخذ منه له أن يسترجعه لكن ما زاد ففي أي مقابل؟!
وأجاب القائلون بالجواز عن الحديث بأنه ضعيف، والحديث الضعيف لا تقوم به حجة كما هو معلوم، وعلى فرض صحته فهو من باب الإرشاد والتوجيه؛ لأنه لا شك أن كون الزوج يطلب أكثر مما أعطاها أمر غير مستساغ، فالرجل استحل فرجها واستمتع بها وشغلها، ثم في النهاية يقول: أريد أكثر من المهر، فالمروءة لا تسوِّغ هذا.
وأجابوا عن قولهم بأن أخذه أكثر مما أعطى أخذ بغير حق، قالوا: بل هو أخذ بحق؛ لأن هذا الرجل يملك هذه المرأة إلى الموت فهو حق له، ثم إنه قد يقول: أنا إن تركتها فمتى أجد امرأة؟
ثم قد يكون ـ أيضاً ـ أعطاها المهر في وقت رخص، والآن المهور زائدة مرتفعة، فهذا الذي أخذ منها يمكن أن يأتي له بزوجة، ويمكن ألا يأتي.
والأرجح أن له أن يأخذ أكثر مما أعطى، إلا إذا صح الحديث، ولكن الحديث لا يصح، فإن وجد له شواهد، وإلا فهو بسنده المعروف ضعيف، لكن المروءة تقتضي ألا يأخذ منها أكثر مما أعطاها.
بقي علينا مسألة مهمة، لو أننا ما تمكنا من الجمع بين الزوجين بأي حال من الأحوال، فأبى أن يطلق، وأبت هي أن تبقى عنده، فذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الخلع حينئذ بشرط أن ترد عليه المهر كاملاً، ذهب إلى هذا بعض علماء الحنابلة، وشيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ يقول عنه تلميذه ابن مفلح: إن شيخنا اختلف كلامه في هذه الصورة، هل يجب الخلع أو لا؟ مع أن بعض علماء الحنابلة صرح بوجوب الخلع والإلزام به، واستدلوا بأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال لثابت ـ رضي الله عنه ـ: «خذ الحديقة وطلقها» ، وقالوا: الأمر للواجب؛ ولأنه لا سبيل إلى فك هذا النزاع والشقاق إلا بهذا الطريق، وفك النزاع والشقاق بين المسلمين أمر واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهذا القول هو الصحيح؛ لأنه لا مضرة عليه، فماله قد جاءه، وبقاؤهما هكذا، هي معلقة لا يمكن أن تتزوج، وهو كذلك غير موفق في هذا النكاح لا ينبغي، لا سيما إذا ظهر للقاضي أن البلاء من الزوج، مثل أن يكون لا يصلي وتتعذر إقامة البينة عليه، ففي مثل هذه الحال القول بالوجوب قوي جداً.

وَإِنْ خَالَعَتْ حَامِلٌ بِنَفَقَةِ عِدَّتِهَا صَحَّ، وَيَصِحُّ بِالمَجْهُولِ، فَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى حَمْلِ شَجَرَتِهَا، أَوْ أَمَتِهَا،
قوله: «وإن خالعت حامل بنفقة عدتها صح» ، الحامل إذا طلقت فعلى زوجها أن ينفق عليها، قال الله ـ عزّ وجل ـ: {{وَإِنْ كُنَّ أُولاَتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}} [الطلاق: 6] ، فأوجب الله ـ عزّ وجل ـ على الزوج الإنفاق إذا كانت حاملاً، فليس لازماً أن المختلعة تبذل دراهم، فمثلاً لو خالعت بنفقة عدتها يصح، كامرأة حامل طلبت من زوجها أن يخالعها، فقال: أعطيني عوضاً، قالت: العوض أني أسقط عنك نفقة الحمل، فيصح؛ لأنها خالعته بعوض في الواقع، إذ إنه لو لم تخالعه لوجب عليه أن ينفق، مع أن النفقة في هذه الحال واجبة، لكن هل هي للمرأة، أو للحمل من أجل المرأة؟
العلماء اختلفوا في الإنفاق على الحامل المعتدة، فقال بعضهم: إن الإنفاق للزوجة من أجل الحمل، وقيل: إن الإنفاق للحمل، وهذا هو المذهب، ويترتب على هذا مسائل ذكرها ابن رجب في القواعد، منها إذا قلنا: إن النفقة للمرأة وجب عليه إخراج زكاة الفطر عنها؛ لأنه ينفق عليها في رمضان، وإذا قلنا: النفقة للحمل لم يجب عليه؛ لأن الإخراج عن الجنين ليس بواجب.
والصحيح أن النفقة سببها الأمران جميعاً، ودليل هذا أنه على القول الراجح لو مات الحمل في بطنها وجبت النفقة.
فإذا قال قائل: كيف يصح على المذهب أن تخالع الحامل بعدة نفقتها، مع أن النفقة على المذهب للحمل ليس لها؟ قلنا: هذا وارد، والجواب عليه أن حقيقة المنتفع بهذه النفقة هو المرأة، ثم على فرض أن هذه النفقة للحمل حقيقة وحكماً، فإن هذه المرأة التزمت أن تقوم بها عن زوجها، وبهذا تكون قد بذلت العوض على كل تقدير.
قوله: «ويصح بالمجهول» يعني يصح أن يخالع الرجل زوجته على شيء مجهول، لكن إذا آل إلى العلم، مثال ذلك: يقول:
«فإن خالعته على حمل شجرتها» صح، قالت: أريد أن تخالعني على حمل هذه النخلة، والنخلة إلى الآن ما أطلعت فيصح، مع أننا لا ندري هل تخرج قنواً واحداً، أو قنوين، أو ثلاثة، أو عشرة، أو لا تخرج شيئاً، فكيف صح ذلك مع أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن بيع الغرر[(328)]؟ أجابوا عن هذا بأن هذا ليس معاوضة محضة، وإنما الغرض منه التخلص من هذا الزوج، فإذا رضي بأي عوض وهو غير محرم شرعاً فله ذلك.
قوله: «أو أمتها» أي: إذا خالعته على حمل أمتها يصح كالشجرة، أو على حمل بقرتها، أو على حمل شاتها، كل هذا يصح، وإن كان مجهولاً؛ لأنه ليس الغرض من ذلك المعاوضة والمرابحة، إنما الغرض الفداء.

أَوْ مَا فِي يَدِهَا، أَوْ بَيْتِهَا مِنْ دَرَاهِمَ، أَوْ مَتَاعٍ، أَوْ عَلَى عَبْدٍ صَحَّ، وَلَهُ مَعَ عَدَمِ الحَمْلِ وَالمَتَاعِ وَالعَبْدِ أَقَلُّ مُسَمَّاهُ، وَمَعَ عَدَمِ الدَّرَاهِمِ ثَلاَثَةٌ.
قوله: «أو ما في يدها أو بيتها من دراهم أو متاع» أي: لو صالحته على ما في يدها، أو بيتها من دراهم أو متاع، بأن قالت: أخالعك على ما في يدي من دراهم يصح، كذلك ما في بيتها من متاع، بأن قالت: أخالعك على كل المواعين التي في البيت لك، يصح؛ والسبب في كونه يصح مع هذه الجهالة العظيمة، أن الغرض التخلص من الزوج، وليس معاوضة محضة.
قوله: «أو على عبدٍ صح» ، أي قالت: أخالعك على عبد، أو على شاة، أو على بقرة، أو على سيارة، ولم تعين يصح، حتى وإن لم تقل: من سياراتي، أو من عبيدي، أو ما شابه ذلك.
قوله: «وله مع عدم الحمل والمتاع والعبد أقل مسمَّاه» ، يعني لو فرضنا أن الشجرة ما حملت، فله أقل مسمى، وظاهر كلام المؤلف: أنه ما يعطى الوسط، بل يعطى أقل ما تحمل، وأقل ما تحمل النخلة قنواً واحداً، فنقول: نعطيك قنواً واحداً، وأقل ما تحمل الشاة أو الأمة واحداً، ومع عدم المتاع أقل ما يسمى متاعاً، حتى ولو كان بساطاً.
وقوله: «أقل مسماه» صريح في أننا نرجع إلى العرف، فما سمي متاعاً أو حملاً رجعنا فيه إلى ذلك، لكن بشرط ألا يكون معيباً؛ لأن الأصل السلامة.
فلو قال قائل: إنه في مسألة الحمل والمتاع يعطى الوسط لكان له وجه؛ لأننا إذا أعطيناه الوسط ما ظلمناه ولا ظلمناها، فإن قيل: هذا القول يرد عليه أنه لو حملت النخلة قنواً واحداً، فنقول: الفرق ظاهر؛ لأنه إذا حملت فقد حصل له ما عين فليس له أكثر منه، أما مع عدم الحمل فيحتمل أن لا تحمل إلا قنواً واحداً، ويحتمل أن تحمل عشرين قنواً، فنحن لا نظلمها فنقول: أعطيه عشرين قنواً، ولا نظلمه فنقول: يأخذ قنواً واحداً، بل يرجع في ذلك إلى الوسط.
قوله: «ومع عدم الدراهم ثلاثة» لأن أقل الجمع ثلاثة، فإن كان في يدها درهمان، فما له إلا الذي في اليد، ولو كان بلفظ الجمع؛ وذلك لأنه عُين بما في يدها فيتقيد به، بخلاف إذا لم يكن شيء، ولو كان في يدها شيء لكنه نوًى، فوجوده كالعدم؛ لأنه ليس بدراهم.
وكل هذه المسائل الأخيرة مسائل فرعية يعني هذه غالباً لا تقع، لكن الفقهاء يفرضون أشياء، وإن كانت غير واقعة؛ للتمرين على القواعد العامة، ولهذا فإن بعض الأصحاب ـ رحمهم الله ـ قال: هذه المسألة لا تصح لكثرة الغرر والجهالة فيها.
فمثل هذه الأمور التي يعظم فيها الخطر ينبغي ألا نصححها؛ لأن الزوج في هذه الصور يكون من جنس المغبون في البيع والشراء، والمغبون في البيع والشراء له الخيار.



[321] أخرجه البخاري في الطلاق/ باب الخلع وكيف الطلاق فيه (5273) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، قال البخاري: لا يتابع فيه عن ابن عباس، وانظر: فتح الباري (9/400).
[322] أخرجه البخاري في الطلاق/ باب الخلع وكيف الطلاق فيه (5276) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
[323] أخرجه النسائي في الطلاق/ باب عدة المختلعة (6/186)؛ وابن ماجه في الطلاق/ باب عدة المختلعة (2058) عن الرُّبيع بنت معوذ ـ رضي الله عنها ـ أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ قضى به فيها، وأخبر أنه قضاء النبي صلّى الله عليه وسلّم.
[324] الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/468).
[325] أخرجه البخاري في البيوع/ باب الشراء والبيع مع النساء (2155)؛ ومسلم في العتق/ باب بيان أن الولاء لمن أعتق (1504) (8) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ.
[326] أخرجه البخاري في البيوع/ باب بيع الميتة والأصنام (2236)، ومسلم في المساقاة/ باب تحريم بيع الخمر والميتة (1581) عن جابر ـ رضي الله عنه ـ.
[327] أخرجه ابن ماجه في الطلاق/ باب المختلعة تأخذ ما أعطاها (2056) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، بلفظ: «فأمره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد»، انظر: الإرواء (2037).
[328] أخرجه مسلم في البيوع/ باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر (1513) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
متفرقة, مسائل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir