دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الجنايات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الآخرة 1431هـ/24-05-2010م, 06:25 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي مسائل في القتل والقوَد

( فصلٌ ) تُقْتَلُ الجماعةُ بالوَاحدِ، وإن سَقَطَ الْقَوَدُ أَدَّوْا دِيَةً واحدةً.
ومَن أَكْرَهَ مُكَلَّفًا على قَتْلِ مُكَافِئِهِ فقَتَلَه , فالقتْلُ أو الدِّيَةُ عليهما.
وإن أَمَرَ بالقتْلِ غيرَ مُكَلَّفٍ أو مُكَلَّفًا يَجْهَلُ تحريمَه أو أَمَرَ به السلطانُ ظُلْمًا مَن لا يَعْرِفُ ظُلْمَه فيه فقَتَلَ فالْقَوَدُ أو الدِّيَةُ على الآمِرِ.
وإن قَتَلَ المأمورُ الْمُكَلَّفُ عالمًا بتحريمِ القَتْلِ فالضمانُ عليه دونَ الآمِرِ.
وإن اشْتَرَكَ فيه اثنانِ لا يَجِبُ الْقَوَدُ على أحدِهما مُفْرَدًا لأُبُوَّةٍ أو غيرِها فالْقَوَدُ على الشريكِ، فإن عَدَلَ إلى طَلَبِ المالِ لزِمَه نصفُ الدِّيَةِ.

  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 11:48 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

..........................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 11:49 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


فصلٌ
(تُقْتَلُ الجَمَاعَةُ)؛ أي: اثنانِ فأكثرُ (بـ) الشخصِ (الواحدِ) إنْ صَلَحَ فِعْلُ كُلِّ واحدٍ لِقَتْلِهِ؛ لإجماعِ الصحابةِ؛ روَى سَعِيدُ بنُ المُسَيِّبِ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ قَتَلَ سبعةً مِن أهلِ صَنْعَاءَ، قَتَلُوا رَجُلاً، وقالَ: لو تَمَالأَ عليه أهلُ صَنْعَاءَ، لَقَتَلْتُهُم به جميعاً. فإنْ لم يَصْلُحْ فعلُ كُلِّ واحدٍ للقتلِ، فلا قِصاصَ ما لم يَتَوَاطَؤُوا عليه، (وإنْ سَقَط القَوَدُ) بالعَفْوِ عن القاتلِينَ، (أَدَّوْا دِيَةً واحدةً)؛ لأنَّ القتلَ واحدٌ، فلا يَلْزَمُ به أكثرُ مِن دِيَةٍ، كما لو قَتَلُوه خَطَأً، وإنْ جُرِحَ واحدٌ جُرْحاً، وآخرُ مِائةً فهما سواءٌ، وإنْ قَطَعَ واحدٌ حِشْوَتَهُ أو وَدَجَيْهِ، ثُمَّ ذَبَحَه آخرُ، فالقاتلُ الأوَّلُ، ويُعَزَّرُ الثاني، (ومَن أَكْرَهَ مُكَلَّفاً على قَتْلِ) مُعَيَّنٍ (مُكَافِئِه، فقَتَلَه؛ فالقتلُ)؛ أي: القَوَدُ إنْ لم يَعْفُ وَلِيُّه، (أو الدِّيَةُ) إنْ عَفَا (عليهما)؛ أي: على القاتلِ ومَن أَكْرَهَهُ؛ لأنَّ القاتلَ قَصَدَ استبقاءَ نفسِه بقَتْلِ غيرِهِ، والمُكْرَهَ تَسَبَّبَ إلى القتلِ بما يُفْضِي إليه غالباً. وقولُ قادرٍ: اقْتُلْ نفسَكَ، وإلاَّ قَتَلْتُكَ. إكراهٌ.
(وإنْ أَمَرَ) مُكَلَّفٌ (بالقتلِ غيرَ المُكَلَّفِ)؛ كصغيرٍ أو مجنونٍ، فالقِصَاصُ على الآمِرِ؛ لأنَّ المأمورَ آلةٌ له، لا يُمْكِنُ إيجابُ القِصاصِ عليه، فوَجَبَ على المُتَسَبِّبِ به، (أو) أَمَرَ مُكَلَّفٌ بالقتلِ (مُكَلَّفاً يَجْهَلُ تحريمَه)؛ أي: تحريمَ القَتْلِ؛ كمَن نَشَأَ بغيرِ بلادِ الإسلامِ، ولو عبداً للآمِرِ، فالقِصَاصُ على الآمِرِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، (أو أَمَرَ به)؛ أي: بالقتلِ (السلطانُ ظُلماً مَن لا يَعْرِفُ ظُلْمَه فيه)؛ أي: في القتلِ؛ بأنْ لم يَعْرِفِ المأمورُ أنَّ المَقْتُولَ لم يَسْتَحِقَّ القتلَ، (فقَتَلَ) المأمورُ، (فالقَوَدُ) إنْ لم يَعْفُ مُسْتَحِقُّه، (أو الدِّيَةُ) إنْ عَفَا عنه (على الآمِرِ) بالقتلِ دونَ المباشِرِ؛ لأنَّه معذورٌ؛ لوجوبِ طاعةِ الإمامِ في غيرِ المعصيةِ، والظاهرُ أنَّ الإمامَ لا يأمُرُ إلاَّ بالحقِّ، (وإنْ قَتَلَ المأمورُ) مِن السلطانِ أو غيرِه (المكلَّفَ) حالَ كونِه (عالماً بتحريمِ القتلِ، فالضمانُ عليه) بالقَوَدِ أو الدِّيَةِ؛ لِمُبَاشَرَتِهِ القتلَ معَ عَدَمِ العُذْرِ؛ لقولِهِ عليه السلامُ: ((لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ)). (دُونَ الآمِرِ) بالقَتْلِ، فلا ضَمَانَ عليه، لكِنْ يُؤَدَّبُ بما يراه الإمامُ مِن ضربٍ أو حَبْسٍ.
ومَن دَفَعَ إلى غيرِ مُكَلَّفٍ آلةَ قَتْلٍ، ولم يَأْمُرْهُ به، فقَتَلَ -لم يَلْزَمِ الدافِعَ شيءٌ، (وإنِ اشْتَرَكَ فيه)؛ أي: في القتلِ (اثنانِ، لا يَجِبُ القَوَدُ على أَحَدِهما) لو كانَ (مُنْفَرِداً لأُبُوَّةٍ) للمقتولِ، (أو غيرِهما) مِن إسلامٍ أو حُرِّيَّةٍ، كما لو اشْتَرَكَ أبٌ وأجنبيٌّ في قتلِ ولدِه، أو حُرٌّ ورَقِيقٌ في قتلِ رَقِيقٍ، أو مُسْلِمٌ وكافرٌ في قتلِ كافرٍ، (فالقَوَدُ على الشَّرِيكِ) للأبِ في قتلِ وَلَدِه، وعلى شَرِيكِ الحُرِّ والمُسْلِمِ؛ لأنَّه شَارَكَ في القَتْلِ العَمْدِ العدوانِ، وإنما امْتَنَعَ القِصاصُ عَن الأبِ والحُرِّ والمُسلِمِ لمعنًى يَخْتَصُّ بهم، لا لقُصُورٍ في السببِ، بخلافِ ما لو اشتَرَكَ خاطِئٌ وعامدٌ، أو مُكَلَّفٌ وغيرُه، أو وَلِيُّ قِصاصٍ وأجنبيٌّ، أو مُكلَّفٌ وسَبُعٌ، أو مقتولٌ في قتلِ نفسِه، فلا قِصَاصَ، (فإنْ عَدَلَ) وَلِيُّ القِصَاصِ (إلى طَلَبِ المالِ) مِن شَرِيكِ الأبِ ونحوِهِ، (لَزِمَه نِصْفُ الدِّيَةِ)؛ كالشَّرِيكِ في إِتْلافِ مالٍ، وعلى شَريِكٍ قِنٍّ نِصْفُ قِيمةِ المقتولِ.

  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 11:50 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


فصل([1])

(تقتل الجماعة) أي الاثنان فأكثر (بـ) الشخص (الواحد) إن صلح فعل كل واحد لقتله([2]).
لإجماع الصحابة([3]) وروى سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل سبعة من أهل صنعاء قتلوا رجلا وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلهم به جميعًا([4]).

وإن لم يصلح فعل كل واحد للقتل فلا قصاص([5]) ما لم يتواطؤوا عليه([6]).
(وإن سقط القود) بالعفو عن القاتلين (أدوا دية واحدة)([7]) لأن القتل واحد فلا يلزم به أكثر من دية كما لو قتلوه خطأ([8]) وإن جرح واحد جرحا وآخر مائة فهما سواء([9]).

وإن قطع واحد حشوته، أو ودجيه ثم ذبحه آخر فالقاتل الأول ويعزر الثاني([10]) (ومن أكره مكلفا على قتل) معين (مكافئه([11]) فقتله فالقتل) أي القود إن لم يعف وليه([12]) (أو الدية) إن عفا (عليهما) أي على القاتل ومن أكره([13]) لأن القاتل قصد استبقاء نفسه بقتل غيره، والمكره تسبب إلى القتل بما يفضي إليه غالبا([14]).

وقول قادر: اقتل نفسك وإلا قتلتك إكراه([15]) (وإن أمر) مكلف (بالقتل غير مكلف) كصغير أو مجنون، فالقصاص على الآمر([16]) لأن المأمور آلة له لا يمكن إيجاب القصاص عليه، فوجب على المتسبب به([17]) (أو) أمر مكلف بالقتل (مكلفا يجهل تحريمه) أي تحريم القتل، كمن نشأ بغير بلاد الإسلام([18]) ولو عبدا للآمر فالقصاص على الآمر لما تقدم([19]) (أو أمر به) أي بالقتل (السلطان ظلما، من لا يعرف ظلمه فيه) أي في القتل، بأن لم يعرف المأمور أن المقتول لم يستحق القتل (فقتل) المأمور (فالقود) إن لم يعف مسحقه([20]).

(أو الدية) إن عفا عنه (على الآمر) بالقتل دون المباشر([21]) لأنه معذور، لوجوب طاعة الإمام في غير المعصية([22]) والظاهر أن الإمام لا يأمر إلا بالحق([23]).
(وإن قتل المأمور) من السلطان أو غيره (المكلف) حال كونه (عالما تحريم القتل فالضمان عليه) بالقود أو الدية([24]).
لمباشرته القتل مع عدم العذر، لقوله عليه الصلاة والسلام «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»([25]).
(دون الآمر) بالقتل فلا ضمان عليه([26]) لكن يؤدب بما يراه الإمام من ضرب أو حبس([27]) ومن دفع إلى غير مكلف آلة قتل ولم يأمره به فقتل، لم يلزم الدافع شيء([28]).

(وإن اشترك فيه) أي في القتل (اثنان لا يجب القود على أحدهما) لو كان (منفردا لأبوة) للمقتول (أو غيرها)([29]) من إسلام أو حرية([30]) كما لو اشترك أب وأجنبي في قتل ولده، أو حر ورقيق في قتل رقيق، أو مسلم، وكافر في قتل كافر (فالقود على الشريك) للأب في قتل ولده([31]) وعلى شريك الحر والمسلم، لأنه شارك في القتل العمد العدوان، وإنما امتنع القصاص عن الأب والحر والمسلم لمعنى يختص بهم، لا لقصور في السبب([32]).

بخلاف ما لو اشترك خاطئ وعامد([33]) أو مكلف وغيره([34]) أو ولي قصاص وأجنبي([35]) أو مكلف وسبع([36]) أو مقتول في قتل نفسه فلا قصاص([37]).
(فإن عدل) ولي القصاص (إلى طلب المال) من شريك الأب ونحوه (لزمه نصف الدية) كالشريك في إتلاف مال([38]) وعلى شريك قن نصف قيمة المقتول([39]).


([1]) أي في حكم القصاص من المشتركين في القتل، ومن المنفرد به، أو المتسبب أو الممسك لغيره، وغير ذلك، وحكمة القصاص زجر النفوس عن العدوان، وشفاء غيظ المجني عليه، وحفظ النفوس والأطراف وطهرة للمقتول، وعدل بين القاتل والمقتول، وحياة للنوع الإنساني.
قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} أي ولكم في هذا الجنس من الحكم، الذي هو القصاص، حياة عظيمة. لمنعه عما كانوا عليه، من قتل جماعة بواحد متى اقتدروا، أو نوع من الحياة، وهو الحاصل للمقتول والقاتل بالارتداع عن القتل، للعلم بالاقتصاص، فإن الإنسان إذا هم بالقتل، تذكر الاقتصاص فارتدع، فسلم صاحبه من القتل وهو من القود، فيسبب لحياة نفسين، ومن المعلوم أن عقوبة الجناة والمفسدين، لا تتم إلا بمؤلم يردعهم، ويجعل الجاني نكالا، وعظة لمن يريد أن يفعل مثل فعله، فلولا القصاص لفسد العالم، وأهلك الناس بعضهم بعضا، ابتداء واستيفاء.
وقالت العرب: في جاهليتها القتل أنفى للقتل، وبسفك الدماء تحقن الدماء، والمقصود الزجر والنكال، والعقوبة على الجريمة، وأن يكون إلى كف عدوانه أقرب، وأن يعتبر به غيره، وأن يحدث له ما يذوقه من الألم توبة نصوحا، وأن يذكر ذلك بعقوبة الآخر إلى غير ذلك من الحكم والمصالح.
([2]) وعبارة الموفق: إذا كان فعل كل واحد منهم، لو انفرد أوجب القصاص
عليه واشتراط الفقهاء المباشرة للقتل من الجميع، وأن يكون فعل كل واحد يصلح للقتل، حملا منهم قول عمر الآتي على التعاون فقط، لا على التشاور، وقال غير واحد وإن تفاضلت الجراحات، حيث كان لها دخل في الزهوق، وفي الفروع: ظاهر كلامهم أن المريض الذي لا يرجى برؤه، كصحيح في الجناية منه وعليه، واعتبار كلامه، إلا أن يختل عقله، فلا اعتبار لكلامه كصحيح.

([3]) حكاه الموفق وغيره، وذلك أنه ثبت عن جماعة منهم، ولم يعلم لهم مخالف في عصرهم، فكان إجماعا، وقال ابن القيم: اتفق الصحابة وعامة الفقهاء، على قتل الجميع بالواحد، وإن كان أصل القصاص يمنع ذلك، لئلا يكون عدم القصاص، ذريعة إلى التعاون على سفك الدماء.
([4]) وروي عن علي أنه قتل ثلاثة قتلوا رجلا، وعن المغيرة أنه قتل سبعة بواحد، وعن ابن عباس أنه قتل جماعة بواحد، ولم يعلم لهم مخالف، وهو مذهب مالك والشافعي، وأصحاب الرأي، وقال مالك والشافعي وأحمد: تقطع الأيدي باليد، ولأنها عقوبة تجب للواحد على الواحد، فوجبت للواحد على الجماعة، ولأن القصاص لو سقط بالاشتراك أدى إلى التسارع إلى القتل به، فيؤدي إلى إسقاط حكم الردع والزجر.
قال ابن رشد: فإن مفهومه أن القتل إنما شرع لنفي القتل، كما نبه عليه القرآن فلو لم تقتل الجماعة بالواحد، لتذرع الناس إلى القتل، بأن يتعمدوا قتل الواحد بالجماعة، ولأن التشفي والزجر لا يحصل إلا بقتل الكل.
([5]) أي وإن لم يصلح فعل كل واحد من الجماعة للقتل، كما لو ضربه كل واحد منهم بحجر صغير، فمات بمجموع الضربات فلا قصاص عليهم، لأنه لم يحصل من أحدهم ما يوجب القود.
([6]) أي على ذلك الفعل ليقتلوه به، كأن قالوا: نقتله بما لا يقتل غالبا، فإن قصدوا إسقاط القصاص، فضرب كل واحد منهم بما لا يقتل غالبا، فمات بمجموع تلك الضربات، فعليهم القصاص، لما تقدم من قول عمر وغيره، وجزم به البغوي وغيره، لئلا يتخذ ذريعة إلى درء القصاص، وتفويت حكمة الردع والزجر عن القتل، وإن لم يصلح فعل أحدهم، كأن يضربه بعضهم بعصا ونحوها، مما لا يقتل غالبا، وبعضهم بما يقتل، فالقصاص على الثاني دون الأول.
([7]) وإن بذلوا أكثر.
([8]) فإنه لا يجب إلا دية واحدة، بلا نزاع.
([9]) في القصاص أو الدية، وفي الإنصاف: بلا نزاع لصلاحية كل واحد منهما للقتل لو انفرد، وزهوق نفسه حصل بفعل كل منهما، والزهوق، لا يتبعض ليقسم على الفعل، وكذا لو أوضحه أحدهما، وشجه الآخر أو أمه، أو جرحه أحدهما وأجافه الآخر، فمات فهما سواء في القصاص أو الدية.
([10]) لأنه حينئذ في حكم المقتول بقطع حشوته، أي أمعائه وإبانتها بما لا يعيش معه، كما اعتبره الخرقي، أو ودجيه، أي العرقين في العنق، ويعزر الثاني، يعني الذابح له، لأنه كجان على ميت، ولا يضمنه ولو كان عبدا، فالتصرف فيه كميت، وإن شق الأول بطنه، أو قطع يده، ثم ضرب الثاني عنقه، فالثاني هو القاتل، لأنه المفوت النفس، فعليه القصاص في النفس، أو الدية إن عفي عنه، لأنه لم يخرج بجرح الأول من حكم الحياة، وعلى الأول ضمان ما أتلف بالقصاص، أو الدية، وفي الإنصاف، لو خرق حشوته ولم يبنها، ثم ضرب آخر عنقه فصوب أنهما قاتلان.
([11]) في الدين، والحرية والرق.
([12]) على المكره والمكره، هذا المذهب، جزم به وقدمه غير واحد، لأن المكره تسبب إلى قتله، والمكره قتله ظلما.
([13]) كالشريكين، ولا يقال المكره ملجأ، لأنه يتمكن من الامتناع ولهذا يأثم قال الشيخ: عليهما جميعا عند أكثر العلماء كأحمد ومالك، والشافعي في أحد قوله.
([14]) فوجب عليه القصاص، كما لو أنهشه حية، وأما المأمور فقاتل، كما لو لم يؤمر، وإن كان غير معين، كأحد هذين فليس إكراها، فإن قتل أحدهما قتل به.
([15]) أي على القتل فيقتل به، أو قتل نفسه، كما لو أكره عليه غيره فيقتل به.
([16]) هذا المذهب وعليه الأصحاب.
([17]) ولأن حكمة القصاص الزجر والردع، ولا يحصل ذلك لهما، لعدم التصور.
([18]) فقتل، لزم الآمر القصاص، لاعتقاد المأمور إباحة القتل، وذلك شبهة تمنع القصاص، كما لو اعتقده صيدا، فرماه فقتل إنسانا، ولأن القاتل هنا كالآلة، كما تقدم.
([19]) أي لو كان المأمور عبدا للآمر يجهل التحريم، فالقصاص على الآمر، لما تقدم من قوله لأن المأمور آلة لا يمكن إيجاب القصاص عليه، فوجب على المتسبب.
([20]) على الآمر بالقتل دون المباشر، لعذر المأمور، لوجوب طاعة الإمام في غير المعصية.
([21]) ظاهره: سواء علم المأمور تحريم القتل من حيث هو أم لا، حيث لم يعلم أن القتل بغير حق، كما في الإقناع.
([22]) لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» «وقوله إلا أن يأمر بمعصية».
([23]) وظاهر المنتهى: أن المأمور إذا علم التحريم فعليه القصاص، سواء كان الآمر سلطانا أو غيره، وقال بعضهم: معنى علم التحريم مختلف، ففي مسألة غير السلطان، علمه بالتحريم أن يعلم أن القتل من حيث هو محرم، وفي مسألة السلطان أن يعلم أن قتل ذلك الشخص، الذي أمر بقتله، محرم، بغير حق، ويدل عليه ما عبروا به.
وقال الشيخ: هذا بناء على جوب طاعة السلطان، وفيه نظر، بل لا يطاع حتى يعلم جواز قتله، وحينئذ فتكون الطاعة له معصية، لا سيما إذا كان معروفا بالظلم، فهنا الجهل بالحرمة، كالعلم بالحرمة، وقياس المذهب، أنه إن كان المأمور ممن يطيعه غالبا في ذلك، أنه يجب القتل عليهما، وهو أولى من الحاكم والشهود فإنه سبب يقتضى غالبا، بل هو أقوى من المكره.
([24]) وكذا قال مالك والشافعي وجماعة: القتل على المباشر دون الآمر، ويعاقب الآمر، وذلك ما لم يكن هناك إكراه، ولا سلطان للآمر مع المأمور
ففيه خلاف، فقال الموفق وغيره: إن أمر كبيرا عاقلا عالما بتحريم القتل، فقتل فالقصاص على القاتل، لا نعلم فيه خلافا، وإن أمر السلطان عالما بتحريم القتل، فالضمان عليه بالقود، أو الدية عند الجمهور.

([25]) فإذا قتل من أمره السلطان بقتله، مع علمه بتحريم قتله، فقد أطاع السلطان، وعصى الله عز وجل، بقتل مسلم، وعد الله على قتله بالنار، وغضبه ولعنته، نعوذ بالله من موجبات غضبه.
([26]) لعدم مباشرته القتل، ولأن غير السلطان لو أمره بذلك، كان القصاص على المباشر، علم أو لم يعلم، فالسلطان أولى بعدم الضمان، وتقدم كلام الشيخ رحمه الله.
([27]) لارتكابه معصية، ولينكف عن العود.
([28]) لأنه ليس بآمر، ولا مباشر، وإن دل فقال الشيخ: يلزم الدال القود، إن تعمد، وإلا الدية، وأن الآمر لا يرث، ويقال: الفرق بين دفع آلة القتل، وآلة الصيد، أن آلة الصيد لا ينتفع بها في غيره غالبا، فالدفع كالتصريح بالأمر بالصيد بخلاف آلة القتل، فإنه قد ينتفع بها في غيره عادة، لقطع شجر، أو ذبح شاة، فلم يكن الدفع كالتصريح بالأمر، فافترقا، من أجل ذلك، ومن أمسك إنسانا لآخر حتى قتله، قتل قاتل وحبس ممسك، حتى يموت، وشرط الموفق أن يعلم أنه يقتله، لأنه فعل به فعلا أوجب الموت، كما لو حبسه عن الطعام والشراب حتى مات.
([29]) مما فصله وغيره، وبيان ما أجمله الماتن.
([30]) أو خاطئ وعامد، أو مكلف وغير مكلف، أو ولي قصاص، وأجنبي، أو مكلف وسبع، أو مكلف ومقتول اشتركا في قتل نفسه، وغير ذلك مما لا يجب القود على أحدهما.
([31]) لمشاركته في القتل العمد العدوان، فيمن يقتل به لو انفرد، فوجب عليه القصاص، وهو مذهب مالك والشافعي.
([32]) الموجب فلم يمنع عمله في المحل الذي لا مانع فيه، فأما امتناعه عن الأب، فلما خصه الله به، وعن المسلم لإسلامه، وعن الحر لحريته وانتفاء مكافأة المقتول له، وهذا المعنى لا يتعدى إلى فعل شريكه، فلم يسقط القصاص عنه.
([33]) أي اشتركا في قتل أو قطع فلا قصاص، قال الموفق: في قول أكثر أهل العلم، لأنه لم يتمحض عمدا، فلم يجب به القصاص.
([34]) أي غير مكلف في قتل أو قطع، فلا قصاص، وهو مذهب أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي.
([35]) لا حق في القصاص، شارك في قتل من وجب عليه القود، فلا قصاص.
([36]) كأن يجرحه أسد أو نمر فلا قصاص، لأنه شارك من لا قصاص عليه، فلم يلزمه القصاص، كشريك الخاطئ.
([37]) كأن جرحه إنسان، ثم جرح هو نفسه عمدا، فلا قصاص فيما تقدم، من قوله: «بخلاف ما لو اشترك خاطئ» إلى آخره، قال أبو حنيفة: لأنها شبهة، والقتل لا يتبعض، وقال مالك والشافعي، على العامد القصاص، وعلى المخطئ والصبي ونحوهما نصف الدية، لكن قال ابن رشد: فيه ضعف في القياس.
([38]) أي كما يلزم الشريك في إتلاف المال قسط ما أتلفه، وعلى شريك الذمي، وشريك الخاطئ، وشريك السبع نصف الدية.
([39]) إذا كان قنا، لأنه شارك في إتلافه، فكان عليه قسطه، فعلى كل من الحر والقن نصف دية القن.

  #5  
قديم 11 ربيع الثاني 1432هـ/16-03-2011م, 11:38 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

تُقْتَلُ الجَمَاعَةُ بِالوَاحِدِ، وَإِنْ سَقَطَ الْقَوَدُ أَدَّوْا دِيَةً وَاحِدَةً، ..................
قوله: «تقتل الجماعة بالواحد» أي: إذا اجتمع جماعة على قتل إنسان فإنهم يقتلون جميعاً، مثاله: خمسة اجتمعوا على قتل رجل، فيُقتلون جميعاً، فإن قيل: ما الدليل، وما التعليل؟ لأن ظاهر الحكم في هذه المسألة أنه حكم جائر، فكيف نقتل خمسة بواحد؟!
أما الدليل فهو ما ورد عن عمر ـ رضي الله عنه ـ في جماعة اشتركوا في قتل رجل من أهل اليمن، فأمر عمر ـ رضي الله عنه ـ أن يقتلوا جميعاً، وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به[(16)]، أي: لو اتفق أهل بلد كامل على قتله لقتلتهم به، وعمر ـ رضي الله عنه ـ ممن اشتهر بالعدالة، ومع ذلك قتلهم جميعاً به، فالحُكْم ليس بجَور.
أما من حيث النظر، فلأن هؤلاء الجماعة قتلوا نفساً عمداً، وتجزئة القتل عليهم مُحال؛ إذ لا يمكن أن نقتل كل واحد خمس قتلة، والقتل لا يمكن أن يتبعَّض، ورفع القتل عنهم ظلم للمقتول؛ لأنهم أعدموه وأزهقوا نفسه، فكيف لا تزهق أنفسهم؟!
فلهذا كان النظر والأثر موجبين لقتل الجماعة بالواحد، لكن لا بد من شرط، وهو أن يتمالؤوا على قتله، أو يصلح فعل كل واحد للقتل لو انفرد.
مثال التمالؤ: قالوا: هذا الرجل عنده مال كثير، سنقتله ونأخذ ماله، فقال أحدهم: اجلس أنت في هذا المكان مراقباً، وأنت في هذا المكان الآخر مراقباً، وأحدنا يشحذ السكين، وأحدنا يقتله، فهنا تمالؤوا على قتله.
مثال ما لم يتمالؤوا، لكن فِعْل كل واحد يصلح لقتله: كأُناس أرادوا أن يهجموا على شخص لقتله وأخذ ماله، دون أن يطلع أحدهم على الآخر، ولم يعلم أحدهم بالآخر، لكن قدَّر الله ـ تعالى ـ أن يأتوا جميعاً ليلاً، وكل شخص رمى هذا الرجل، فأحدهم أصابه في بطنه، والآخر في صدره، والآخر في ظهره، فمات الرجل فهنا يقتلون جميعاً؛ لأن فعل كل واحد منهم يصلح للقود لو انفرد.
ولو جرحه أربعة بدون اتفاق وخامس لكزه، فهنا يقتل الأربعة، والخامس الذي لكزه لا يُقتل؛ لأن فعله لا يصلح للقتل لو انفرد.
قوله: «وإن سقط القود» أي: سقط القصاص لأي سبب من الأسباب.
قوله: «أدوا دية واحدة» مثل أن قال أولياء المقتول: نحن لا نريد قتل هؤلاء، لكن نريد الدية، فيلزمهم دية واحدة، فإذا كانوا عشرة والدية مائة من الإبل فعلى كل واحد منهم عشر من الإبل، والفرق بين الدية والقتل أن الدية تتجزأ، فيمكن أن نُحمِّل كل واحد جزءاً منها، لكن القتل لا يتجزأ.
ثم ذكر المؤلف مسائل تشبه الاشتراك، وليست اشتراكاً، فقال:

وَمَنْ أَكْرَهَ مُكَلَّفاً عَلَى قَتْلِ مُكَافِئِهِ فَقَتَلَهُ فَالقَتْلُ أَوِ الدِّيَةُ عَلَيْهِمَا،..........
«ومن أكره مكلفاً على قتل مكافئه فقتله فالقتل أو الدية عليهما» «مَنْ» مِن صيغ العموم؛ لأنها اسم شرط، لكنها ليست على عمومها، وإنما المراد بها من أَكره ممن يُقاد لو تعمد؛ ليخرج بذلك إكراه الصبي والمجنون؛ لأن الصبي أو المجنون لو أكره أحدهما مكلفاً على قتل مكافئ لم يكن عليه شيء؛ لأن عمده هو بنفسه خطأ، فَعَلِمنا أن قول المؤلف: «مَنْ أكره» ليس على عمومه، وإنما هو من باب العام الذي أريد به الخصوص، وهل لذلك نظير في اللغة العربية، أو في الشرع؟
الجواب: نعم، وهو كثير، قال الله تعالى عن عادٍ: {{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}} ومعلوم أنها ما دمرت السماء، ولا الأرض، ولا المساكن، قال تعالى: {{فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ}} [الأحقاف: 25] .
وقال تعالى: {{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}} [آل عمران: 173] ، ومعلوم أن القائل واحد، وأن الجامعين لهم ليسوا كل الناس.
وقوله: «مكلفاً» هو البالغ العاقل.
وقوله: «على قتل مكافئه» أي: على قتل شخص مكافئ للقاتل المُكرَه، وستأتي إن شاء الله المكافأة في باب شروط القصاص.
وقوله: «فقتله» أي: المكرَه قَتَلَ من أكرِه على قتله.
وقوله: «فالقتل أو الدية عليهما» القتل أي: القصاص، و «أو» للتنويع لا للتخيير.
فالقتل إذا اختير، أو الدية إن عفي عنه.
وقوله: «عليهما» أي: على القاتل ومن أكرهه؛ لأن المكرِه ملجئ، والمكرَه أراد قتل غيره لاستبقاء نفسه، فكل منهما ظالم، فصار القود أو الدية عليهما.
وقيل: الضمان على المكرَه وحده؛ لأنه ليس له الحق في أن يقتل غيره لاستبقاء نفسه، فيقول للذي أكرَهه مثلاً: لا أقتله أبداً، وافعل ما شئت، ولو أن تقتلني، أما أن أتعمد أن أقتل نفساً محرّمة لمجرّد أنك أكرهتني فهذا لا يمكن، وليس هذا من حق الله الذي عفا الله عنه عند الإكراه، فهذا حق آدمي، ولهذا فهذا القول قوي جداً.
وقيل: إن الضمان على المكرِه؛ لأن المكرِه ملجئ، والمكرَه مضطر، ولولا إكراه ذلك ما قتله، ولكن هذا التعليل بالنسبة إلى تعليل القول بأنه على المكرَه ضعيف جداً لا يقابله.
فالصواب: أنه إما على المكرَه، أو عليهما جميعاً، وحينئذٍ ينظر القاضي إلى ما هو أصلح للناس في هذه المسألة، فإن قتلهما جميعاً، ورأى أن المصلحة تقتضي ذلك فليفعل.
وهذا ما لم يكن المكرَه كآلة، فإن كان المكره كآلة فإن الدية أو القود على المكرِه، ومعنى قولنا: «كآلة» مثل أن يأخذ الرجلُ رجلاً نشيطاً، فيمسكه، ويضرب به رجلاً آخر، فمات فهنا القود أو الدية على القاتل؛ لأن هذا صار كالآلة لا يستطيع أن يتخلّص.
مسألة: إذا قال شخص لآخر: اقتل نفسك وإلاّ قتلتك، فما الحكم؟
الجواب: قال فقهاء الحنابلة: إنه إكراه، وعلى هذا فالضمان على المكرِه، وقيل ليس بإكراه؛ لأن هذا الذي قتل نفسه لا يستفيد استبقاء نفسه لو تركها، فلا يستفيد من قتل نفسه شيئاً، وما دام أنه مقتول فليكن القتل بيد غيره، فهذا ليس من باب الإكراه.
وعلى كل حال فهذه المسائل الخلافية التي ليس فيها دليل واضح يفصل بين الأقوال، ينبغي أن يعطى الحاكم فيها سعةً في الحكم بما يرى أنه أصلح للخلق؛ لأن هذه المسائل ما دام أن فيها سعة في أقوال المجتهدين من أهل العلم، والناس يحتاجون إلى سياسة تصلحهم، فلا حرج على القاضي إذا اختار أحد الأقوال لإصلاح الخلق.
ولذلك يذكر عن بعض السلف أنه قال لابنه مرة: افعل كذا وكذا في حكم من الأحكام، فلم يفعل، فقال الوالد: افعل وإلاّ أفتيتك بقول فلان، وهو قول أصعب وأشق.
فهذه المسائل التي مصدرها الاجتهاد، وليس فيها نص يلزم الإنسان بأن يأخذ به فلينظر إلى ما يصلح الخلق.
وقوله: «على قتل مكافئه» يحتاج إلى قيد، وهو أن يكون مكرهاً على قتل معين، بأن يقول له: اقتل فلاناً وإلاّ قتلتك، وأما لو قال: اخرج إلى السوق، وأتني برأس رجلٍ من المارَّة، فإن لم تفعل قتلتك، فذهب وقتل شخصاً في السوق، فهذا غير معين، فالقصاص هنا ـ على المذهب ـ يكون على القاتل؛ لأنه لم يكرهه على قتل معين، والفرق أن المكرَه في قتل المعين مُلْزَم بهذا الشخص بعينه، أما ذاك فما ألزم بهذا الشخص المعين، فهو الذي اختار أن يقتل فلاناً دون فلان.

وَإِنْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَوْ مُكَلَّفاً يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ، .............
قوله: «وإن أمر بالقتل غير مكلف» لو قال للصغير: اذهب إلى ذلك الرجل النائم واقتله، ففعل ذلك الصغير ما أُمِر به وقتل الشخص، فهنا الضمان على الآمر؛ لأن عندنا متسبباً ومباشراً، والمباشر غير مكلف، ومثله لو أمر مجنوناً بقتل شخص فقتله، فالضمان على الآمر.
قوله: «أو مكلفاً يجهل تحريمه» أي: أمر شخصاً بالغاً عاقلاً، لكنه لا يدري أن القتل حرام، وليس المعنى أنه يجهل تحريم القتل بالنسبة إلى هذا المعين، لكنه يجهل تحريم القتل مطلقاً، مثل أن يكون رجلاً أسلم قريباً.
مثاله: رجل جاء بخادمٍ من بلدٍ بعيد، لا يدري عن الإسلام شيئاً، وتعطلت عليهم السيارة في الصحراء، وكادا يهلكان من الجوع، فوجدا رجلاً سميناً، فقال له هذا الرجل الذي يعلم تحريم القتل: نحن الآن جُعْنا، وهذا رجل شاب سمين، ولحمه سيكون طرياً، اذهب فاذبحه حتى نأكله، فذهب الآخر الذي لا يعلم تحريم القتل فذبحه وأتى بأعضائه، فهنا الضمان على الآمر؛ لأن المباشر لا يعلم تحريم القتل، ويظن أن القتل لا بأس به.
وهذا فيما يظهر في زماننا الآن بعيد جداً لكننا نقوله فرضاً.
أما لو كان يجهل تحريم القتل بالنسبة لشخص معين فالضمان على القاتل؛ لأنه لا يجوز أن يُقدم على قتل إنسان حتى يعلم أنه مباح الدم.

أَوْ أَمَرَ بِهِ السُّلْطَانُ ظُلْماً مَنْ لاَ يَعْرِفُ ظُلْمَهُ فِيهِ فَقَتَلَ، فَالقَوَدُ أَوِ الدِّيَةُ عَلَى الآمِرِ، وَإِنْ قَتَلَ الْمَأْمُورُ الْمُكَلَّفُ عَالِماً بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ دُونَ الآمِر، وَإِنِ اشْتَرَكَ فِيهِ اِثْنَانِ لاَ يَجِبُ القَوَدُ عَلَى أَحَدِهِمَا مُنْفَرِداً لأُِبُوَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَالْقَوَدُ عَلَى الشَّرِيكِ، .....................
قوله: «أو أمر به السلطان» وهو الرئيس الأعلى في الدولة.
قوله: «ظلماً» أي: أمر بالقتل ظلماً، بأن قال: يا جنود اقتلوا فلاناً، فقتلوه.
قوله: «من لا يعرف ظلمه فيه» أي: وهم لا يعلمون أنه ظالم.
قوله: «فقتل، فالقود أو الدية على الآمر» وهو السلطان، لا على المأمور، ولكن هذا القول فيه نظر، لا سيَّما إذا كان هذا السلطان معروفاً بالظلم؛ لأنه لا يجوز للمأمور أن يقدم على قتل من أمره السلطان بقتله حتى يغلب على ظنه، أو يعلم أنه مباح الدم، أما مجرَّد أن يقال له: اقتل فلاناً، فيقتله، فهذا فيه نظر؛ لأن الأصل تحريم الدماء، فلا يجوز الإقدام عليه إلا حيث يعلم الإنسان، أو يغلب على ظنه أن هذا التحريم قد زال، ولا سيما إذا كان السلطان معروفاً بالظلم، فإنه يتعين أن يتريَّث المأمور حتى يعرف أسباب الأمر، وهذه المسألة لها ثلاثة أقسام:
الأول: أن نعلم أن السلطان غير ظالم، فهنا يجوز الإقدام على القتل.
الثاني: نعلم أنه ظالم، فهنا لا يجوز تنفيذ أمره؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
الثالث: أن نجهل الأمر، ولا ندري هل هو مباح الدم، أو محترم الدم، فهذه المسألة فيها خلاف، فالمذهب: أنه يجوز تنفيذ أمر السلطان؛ لأن الأصل في السلطان المسلم أنه لا يستبيح قتل مسلم إلاّ بحقه.
والقول الثاني: لا يجوز، حتى نعلم أنه مباح الدم.
قوله: «وإن اشترك فيه اثنان لا يجب القود على أحدهما منفرداً لأبوة أو غيرها، فالقود على الشريك» لو اشترك في القتل شخصان بحيث لو انفرد أحدهما لم يجب القتل عليه، فالقود على الشريك، وعلى الثاني نصف الدية.
وقوله: «لأبوة أو غيرها» مثاله: لو اشترك أب وأجنبي في قتل الولد، فالأجنبي يقتل بالولد، والأب لا يقتل بولده كما سيأتي ـ إن شاء الله ـ في القصاص، فالقتل هنا اجتمع فيه سببان: أحدهما: يثبت به القود، والثاني: لا يثبت به القود، فيكون القود على الشريك، والثاني لا قود عليه؛ لوجود المانع وهو الأبوة، وأما الأجنبي فلا مانع في حقه فينفذ فيه القود، فإذا نفَّذنا القصاص على الأجنبي فإن الأب يكون عليه نصف الدية؛ لأن الدية تتبعض، والقصاص لا يتبعض.
وقوله: «أو غيرها» كالإسلام في قتل الكافر، فلو اشترك مسلم وكافر في قتل كافر، فمعلوم أنه لا يقتل المسلم بالكافر، فالكافر يجب قتله، والمسلم عليه نصف الدية.
وكذلك رقيق وحر اشتركا في قتل رقيق، فالحر لا يقتل بالرقيق، والرقيق يقتل به، ففي هذه الحال يقتل الرقيق ولا يقتل الحر، ولكن عليه نصف ديته، أي: نصف قيمته.
وكذلك لو اشترك عامد ومخطئ في قتل إنسان، فعلى العامد القتل، وعلى المخطئ نصف الدية، مثال ذلك: رجل تعمد قتل إنسانٍ، وآخر رمى صيداً، فأصاب هذا الإنسان فمات بهما، فهنا يقتل العامد، ولا يُقتل المخطئ، هذا ما مشى عليه الماتن.
وأما المذهب فإنه إذا اشترك عامد ومخطئ، فإنه لا قصاص عليهما؛ لأن جناية أحدهما لا تصلح للقصاص وهي الخطأ، ولا نعلم هل مات بالخطأ أو بالعمد، وحينئذٍ نرفع حكم القصاص، أما لو اشترك أجنبي وأب في قتل ولده، فإن الجناية صالحة للقصاص، وامتنع القتل في الأب لمعنى يختص به، وهو الأبوة؛ فلهذا نقتص من الأجنبي دون الأب.
والماتن رحمه الله لم يفرق بين الصورتين، فالصواب لأن القتل في كلا الصورتين لم يتعين فيمن يثبت عليه القصاص، فانتفى القصاص فيه.
فهذه المسألة فيها ثلاثة أقوال:
الأول: تبعض الحكم، فيجب القصاص على الشريك الذي تمت فيه شروط القصاص، دون من لم تتم فيه شروط القصاص، وهو ما مشى عليه الماتن.
الثاني: التفصيل بين ما إذا كان ذلك لقصور في السبب، أو لمعنى يختص بالقاتل، فإن كان لمعنى يختص بالقاتل وجب القصاص على الشريك، وإن كان لمعنى يختص بالسبب لم يجب على الشريك، وإنما تجب الدية وهو المذهب.
الثالث: أنه لا قصاص مطلقاً حتى على من شارك؛ لأن القتل اشتبهنا فيه، هل وقع ممن يمكن القصاص منه، أو ممن لا يمكن القصاص منه؟

فَإِنْ عَدَلَ إِلَى طَلَبِ المَالِ لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ.
قوله: «فإن عدل إلى طلب المال لزمه نصف الدية» أي: لو اشترك اثنان في قتل شخص، أحدهما يجب عليه القصاص، والآخر لا يجب عليه القصاص، ولكن أولياء المقتول قالوا: لا نريد القصاص، فهنا الذي كان عليه القصاص يؤدي نصف الدية.
فإن قال قائل: لماذا لا يؤدي الدية كاملة؛ لأنه لو لم يؤد الدية يُقتل، فهذه الدية عوض عن نفسه، فما الجواب؟
الجواب: أن نقول: لا؛ لأننا إنما قتلناه من أجل تعذر تبعض القتل؛ لا لأن نفسه كلها مستحقَّة، لهذا إذا عدل إلى المال لزمه نصف الدية.



[16] أخرجه البخاري في الديات/ باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم؟ (6896) عن ابن عمر رضي الله عنهما.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:56 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir