دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > برنامج الإعداد العلمي العام > منتدى الإعداد العلمي

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 8 ربيع الثاني 1431هـ/23-03-2010م, 10:29 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

ü تابع صَلاة التَّطوُّع:

o سجود التلاوة :
§ هل هو صلاة أم ليس بصلاة :
· مقتضى كلام المؤلِّفِ أنه صلاة وعلى هذا فتعتبر له الطَّهارةُ من الحَدَث، والنَّجاسةُ في البدن والثوب والمكان، واستقبالُ القِبْلة، وسَتْرُ العورة، وكلُّ ما يُشترط لصلاة النَّافلة
· وذهب بعض أهل العلم: إلى أنه ليس بصلاة، لأنه لا ينطبق عليه تعريف الصَّلاة، إذ لم يثبت في السُّنَّة أن له تكبيراً أو تسليماً، فالأحاديث الواردة في سجود التِّلاوة ليس فيها إلا مجرد السُّجود فقط «يَسجُدُ ونَسجُدُ معه» وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
· وبناءً على ذلك؛ لا يُشترط له طهارة، ولا سترُ عورة، ولا استقبالُ قِبلة، فيجوز أن يسجد ولو كان محدثاً حَدَثاً أصغر لكن الاحوط أن لا يسجد إلا متطهِّراً.
§ حكمه :
· مِن أهل العلم مَن قال: إنَّ سجود التِّلاوة واجب :
o لأنَّ الله أَمَرَ به فقال تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ}}
o وذمَّ مَن تَرَكه، فقال تعالى{{وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ *}} [الانشقاق]
o وامتدح السَّاجدين فقال: {{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ *}}
· وقال آخرون بل هو سُنَّة وليس بواجب. وهو الرَّاجح واستدلُّوا:
o أولاً أنَّ زيدَ بنَ ثابتٍ رضي الله عنه قَرَأَ على النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم سورةَ النَّجم، ولم يسجدْ فيها ولو كان السُّجود واجباً لم يُقرَّه النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم على تَرْكِه
o ثانياً أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ رضي الله عنه ثَبَتَ عنه أنه قرأ على المِنْبَرِ سورةَ النَّحل، فلما أتى على السَّجدة نَزَلَ مِن المِنْبَرِ وسَجَدَ، فسجدَ النَّاس، ثم قرأها في الجمعة الثَّانية ولم يسجدْ، ثم قال ـ إزالةً للشُّبهة ـ: «إنَّ اللهَ لم يَفِرضْ علينا السُّجودَ إلا أنْ نشاءَ» وهذا فعله بمحضر الصَّحابة ، ولم يُنكرْ عليه أحدٌ.
o ثالثا أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان يسجد إذا مَرَّ بآية السَّجدة. وفِعْلُ الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم الشيءَ على سبيل التَّعبُّد يقتضي سُنِّيَّته
o أما الآية الأولى التي استدل بها الموجبون فهي أَمْرٌ بالصَّلاة التي هي ذات رُكوع وسُجود
o وأما قوله: {{وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ *}} فالمقصود بالسُّجود هنا التَّذلُّل
§ سجود المستمع دون السامع :
· دليله سجود المستمع حديثُ ابن عُمر رضي الله عنه وعن أبيه: حيث كانوا يسجدون مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .
· وأما السَّامع فلا يُسَنُّ له أنْ يسجدَ، والفَرْقُ بين المستمع والسَّامع أنَّ المستمع هو الذي يُنصِتُ للقارىء ويتابعه في الاستماع. والسَّامع هو الذي يسمعُ الشَّيءَ دون أن يُنصِتَ إليه
· فإن لم يسجد القارىء لم يسجد المستمع ودليل ذلك :
o حديث زيد بن ثابت: «أنه قرأ على النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم سورةَ النَّجم فلم يَسجُدْ فيها»
o وهذا يدلُّ على أنَّ زيدَ بنَ ثابت لم يسجدْ؛ لأنه لو سَجَد لسجدَ النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم، كما كان الصَّحابة يسجدون مع الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم، ولم يُنكر عليهم
§ مواضع السجود :
· آيات السُّجود التي في القرآن أربع عشرة سجدة : في «الأعراف» و«الرعد» و«النحل» و«الإسراء» و«مريم» و«الحج» اثنتان، و«الفرقان» و«النمل» و«الم تنزيل السجدة» و«حم السجدة» و«النجم» و«الانشقاق» و«اقرأ باسم ربك» والدليل :
o السُّنَّة فإن أهل العلم تتَّبعُوا آياتِ السُّجودِ، فمنها ما صَحَّ مرفوعاً، ومنها ما صَحَّ موقوفاً؛ والذي صَحَّ موقوفاً له حكمُ الرَّفعِ
o وأما سجدة «ص» فقيل إنها سجدة شُكْرٍ، ولكن الصَّحيح: أنها سجدة تِلاوة حيث صَحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه رأى النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم يسجدُ فيها.
o وعلى هذا؛ فتكون السَّجدات خمسَ عشرة سجدة
§ صفته :
· أما التكبيرفقد اختلف فيه أهل العلم بناءا :
o على اعتبارها صلاة أم لا فمن يرى أنها صلاة قال يكبر ومن لا فلا
o وعلى تصحيح حديث ورد فيه أنه صلّى الله عليه وسلّم كان يُكبِّرُ عند السُّجُود
· وعليه فإن كان خارج الصَّلاة ففيه ثلاثة أقوال :
o الأول الأول : يُكبِّر إذا سَجَدَ، وإذا رَفَعَ.
o القول الثاني : يُكبِّر إذا سَجَدَ فقط.
o القول الثالث : لا يُكبِّر مطلقاً
· والصحيح الذي دلت عليه السُّنَّة أنه ليس فيه تكبير عند الرَّفع ولا سلام إلا إذا كان في الصلاة ودليله :
o ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ الرَّسولَ صلّى الله عليه وسلّم «سَجَدَ في {{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ *}} في صلاة العشاء»
o وثَبَتَ عنه صلّى الله عليه وسلّم أنَّه كان يُكبِّر في كُلِّ رَفْعٍ وخَفْضٍ فيدخل في هذا العموم سُجودُ التِّلاوة
· ثم يجلس وجوبا ويُسلم ولا يتشهد
§ أذكار السجود :
· يقول فيه «سبحان رَبِّي الأعلى» وأيضاً: «سبحانك اللَّهُمَّ ربَّنا وبحمدك اللَّهُمَّ اغفِرْ لي» لدليلين :
o الدليل الأول : قوله تعالى: {{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}} [السجدة: 15] وهذه آية سجدة.
o والدَّليل الثَّاني : حديث عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُكثر أن يقول في رُكوعه وسُجوده: سُبحانك اللَّهُمَّ رَبَّنا وبحمدك، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي» وهذا يشمَلُ السُّجودَ في الصلاة وسجودَ التِّلاوة
§ سجود الإمام :
· يُكره للإِمامِ قراءةُ السجدة في الصلاة السرية والسجود فيها ووجه ذالك أنه إمَّا أن يقرأ الآية، ولا يسجد فَيُفَوِّت على نفسِهِ الخيرَ، وإمَّا أنْ يقرأها ويسجدُ فيُشوِّشُ على مَنْ خلفَه
· والصحيح أن الكراهة حكمٌ شرعيٌّ يحتاج إلى دليلٍ وبناءا عليه إذا حَصَلَ تشويش لا يقرأْ، أو يقرأْ ولا يسجد، لأنه إذا قرأَ ولم يسجدْ لم يأتِ مكروهاً
· يلزم المأموم إذا سجد إمامه أن يتابعه حتى في السرية خلاف المذهب والدليل:
o قَوْلِ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «وإذا سَجَدَ فاسْجُدُوا» فإن هذا العمومَ يتناول حتى هذه السَّجدة
o سجود الشكر :
§ يستحبُّ عند النِّعم الجديدة، وعند اندفاع النقم التي وُجِدَ سببُها فَسَلِمَ منها
§ ولا يسجد عند النِّعمة المستمرَّة، فالنِّعمة المستمرَّة لو قلنا للإنسان إنه يستحبُّ أنْ يسجدَ لها لكان الإنسانُ دائماً في سُجود، لأن الله يقول: {{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا}}
§ ودليله :
· أنَّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا جاءَه أمرٌ يُسِرُّ به، أو بُشِّر به، خَرَّ ساجداً؛ شُكراً لله تعالى
· وكذلك عَمَلُ الصَّحابة، فإنَّ عليَّ بنَ أبي طالب رضي الله عنه لما قاتل الخوارج؛ وقيل له: إنَّ في قتلاهم ذا الثُّدَيَّة الذي أخبرَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أنه يكون فيهم ، سَجَدَ لله شُكر
§ الصَّلاة تبطلُ بسُجودِ الشُّكرِ فيها، لأنَّه لا علاقة له بالصَّلاة، بخلافِ سُجودِ التِّلاوة؛ لأن سُجودَ التِّلاوةِ لأمرٍ يتعلَّق بالصَّلاة وهو القِراءة
§ من كان في صلاة وسجد للشكر عالما بالحكم ذاكرا له بطلت صلاته وإلا فلا
o أوقات النهي عن التطوع :
§ أوقات النهي خمسة :
· الأول مِن طلوع الفجر الثاني إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ والدليل :
o ما ثبت في الحديث «لا صلاةَ بعدَ صلاةِ الفجرِ حتى تطلعَ الشمسُ»
o والصحيح : أنَّ النَّهيَ يتعلَّقُ بصلاةِ الفجرِ نفسِهَا، وأما ما بين الأذان والإقامة، فليس وقت، لكن لا يُشرع فيه سوى ركعتي الفجر.
· الثاني من طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح يعني قَدْرَ متر تقريباً في رأي العين فحينئذٍ يخرج وقت النَّهي ويُقدَّرُ بالنسبة للساعات باثنتي عشرة دقيقةً وللاحتياطُ يزيدَ إلى رُبعِ ساعة والدليل :
o حديث عُقبة بنِ عامرٍ رضي الله عنه قال: «ثلاثُ ساعاتٍ نهانا رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم أنْ نُصلِّيَ فيهنَّ، وأنْ نقبُرَ فيهنَّ موتانا، حين تطلعَ الشمسُ بازغةً حتى ترتفعَ، وحين يقوم قائمُ الظَّهيرة، وحين تضَيفُ الشَّمسُ للغروب حتى تغربَ»
· الثالث عند قيام الشمس حتى تزول أي عندما تصل إلى منتهى ارتفاعها في السَّماء فإذا انتهت بدأت بالانخفاض ودليل ذلك :
o حديث عُقبة الذي فيه «وحين يقوم قائمُ الظَّهيرة»
· الرابع من صلاة العصر إلى غروبها ودليله :
o ما ثبت في الصَّحيحين وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «نهى عن الصَّلاةِ بعد الفجرِ حتى تطلعَ الشَّمسُ، وبعدَ العصرِ حتى تغربَ الشَّمسُ»
· الخامس إذا شرعت الشمس في الغروب حتى يتم أي أنَّ قُرْصَ الشَّمس إذا دَنَا من الغُروب، يبدو ظاهراً بَيِّناً كبيراً واسعاً، فإذا بدأ أوَّلُه يغيب فهذا هو وقتُ النَّهي إلى تمام الغُروب ودليله :
o حديث عُقبة الذي فيه : «وحين تَضَيَّفُ الشَّمسُ للغُروبِ حتى تغربَ»
o ولكن الظَّاهر أن معنى «تَضَيَّف» أي: تميل للغروب، وينبغي أن يُجعل هذا الميل بمقدارها عند طُلوعها، يعني: قَدْرَ رُمْحٍ، فإذا بقي على غروبها قَدْرَ رُمْحٍ دخل وقتُ النَّهي الذي في حديث عُقبة، لكن ثبت في الصَّحيح عن ابنِ عُمر أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا غابَ حاجبُ الشَّمسِ فأخِّرُوا الصَّلاةَ حتى تغيبَ»
§ وأمَّا بالاختصار فأوقات النهي ثلاثة:
· مِن الفجرِ إلى أنْ ترتفعَ الشمسُ قيد رُمْحٍ
· وحين يقومُ قائمُ الظَّهيرة
· ومِن صلاة العصر حتى يتمَّ غروبُ الشَّمس.
§ هذه الأوقات المنهي عن الصلاة فيها تشمل جميع التطوع والمذهب استثنى ما يلي :
· قضاءَ الفرائضِ والدَّليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «مَن نَامَ عن صلاة أو نسيَهَا فليصلِّها إذا ذكَرَهَا» وهذا عامٌّ يشمل جميع الأوقات، ولأن الفرائض دَيْنٌ واجب فوجب أداؤه على الفَورِ مِن حين أن يعلمَ به
· ركعتي طواف والدَّليلُ قولُ النبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام: «يا بَنِي عَبدِ مَنَافٍ، لا تمنعوا أحداً طَافَ بهذا البيتِ وصَلَّى فيه أيَّةَ ساعةٍ شاءَ مِن ليلٍ أو نهارٍ»
· إعادة جماعة والدَّليلُ أنَّه صلّى الله عليه وسلّم صَلَّى ذاتَ يوم صلاةَ الفجر في مِنَى، فلما انصرف إذا برجلين قد اعتزلا؛ لم يصلِّيا مع الناس، فدعا بهما فجِيء بهما تُرعَدُ فرائصهُما، فقال: ما منعكما أن تُصلِّيَا معنا؟ قالا: يا رسول الله صَلَّينا في رِحالنا، فقال لهما: إذا صَلَّيتُما في رحالِكما، ثم أتيتما مسجدَ جماعةٍ فصلِّيا معهم، فإنها لكما نافلة»
· سُنَّةُ الظُّهرِ التي بعدَها إذا جُمِعت مع العصر.
· مَن دَخَلَ يومَ الجُمُعةِ والإمامُ يخطُبُ؛ فإنَّه يُصلِّي ركعتين خفيفتين، ولو كان عند قيام الشمس
· ودليل ذلك: «أنَّ رَجُلاً دَخَلَ والنَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يخطُبُ يومَ الجُمُعَةِ، فجَلَسَ، فقال له: «أصَلَّيتَ؟» قال: لا، قال: «قُمْ فَصَلِّ ركعتين وتجوَّزْ فيهما»
· سُنَّة الفجر قبل صلاة الفجر
· صلاة الجَنازة تُفعل في أوقات النَّهي الطويلة لعمُومِ الأدلَّة في وجوبِ الصَّلاةِ على الميِّتِ، ولأنه ينبغي الإسراعُ في دَفْنِهِ
§ عدا ما استثي فإن المذهب يرى أنه لا يجوزُ التطوُّع في هذه الأوقات حتى الذي له سببٌ وذلك :
· لعموم الأدلَّةِ في أنَّه لا صلاةَ في هذه الأوقات، فعمُوم النَّهي مقدَّمٌ على عموم الأمر
· وأنه إذا اجتمعَ مُبيحٌ وحاظرٌ، أو اجتمعَ أمْرٌ ونهيٌ، فالاحتياطُ التجنُّبُ خوفاً مِن الوقوع في النَّهي
· قالوا فلذلك نمتنعُ ونقتصرُ على ما وَرَدَ به النَّصُّ مِن إعادةِ الجَمَاعةِ وركعتي الطَّواف وما أشبههما.
§ والقولُ الثاني في المسألةِ وهو الصحيحُ أنَّ ما له سببٌ يجوز فِعْلُه في أوقاتِ النَّهي كلِّها، الطويلةِ والقصيرةِ لِما يأتي:
· أولاً أنَّ عمومَه محفوظٌ لم يُخصَّصْ، والعمومُ المحفوظُ أقوى مِن العمومِ المخصوصِ.
· ثانياً أنْ يُقال ما الفرقُ بين العمومِ في قوله: «مَنْ نامَ عن صلاةٍ أو نسيَها فَلْيُصلِّها إذا ذَكَرَها» وقوله: «إذا دَخَلَ أحدُكم المسجدَ فلا يجلسْ حتى يُصلِّيَ ركعتين» ؟. فإذا قلتم أن الحديث الأول عامُّ في الوقت فكذالك الثاني فلا فَرْقَ فإن الحديث الأول خاصٌّ في الصَّلاة عامٌّ في الوقتِ وكذالك الثاني فكما جعلتم الحديث الأول مخصص لعموم «لا صَلاةَ بعدَ الصُّبح» أو «بعدَ العصرِ» فكذالك اجعلوا الثاني
· ثالثاً : أنَّها مقرونة بسبب، فيبعد أنْ يقعَ فيها الاشتباهُ في مشابهة المشركين؛ لأنَّ النَّهيَ عن الصَّلاةِ قبلَ طلوعِ الشَّمسِ وقبلَ غروبِها، لئلا يَتَشَبَّهَ المُصلِّي المسلمُ بالمشركين الذين يسجدونَ للشَّمسِ إذا طلعتْ وإذا غربتْ، فإذا أُحيلت الصَّلاةُ على سببٍ معلومٍ كانت المشابهةُ بعيدةً أو معدومةً.
· رابعاً : أنَّه في بعضِ ألفاظِ أحاديثِ النَّهي: «لا تَحرَّوا بصلاتِكُم طُلوعَ الشَّمسِ ولا غُروبَها» والذي يُصلِّي لسببٍ لا يُقال إنَّه متحرٍّ. بل يُقال: صَلَّى للسَّببِ.
o فائدة : الأمورُ التي تفارقُ فيها النوافلُ الفرائضَ:
§ 1 ـ أنَّ الفرائضَ فُرضتْ على النَّبي صلّى الله عليه وسلّم وهو في السَّماءِ ليلة المعراجِ، بخلافِ النوافلِ، فإنَّها كسائرِ شرائعِ الإسلامِ.
§ 2 ـ تحريمُ الخروجِ مِن الفرائضِ بلا عُذْرٍ، بخلافِ النوافلِ.
§ 3 ـ الفريضةُ يأثمُ تارِكُها، بخلافِ النافلةِ.
§ 4 ـ الفرائضُ محصورةُ العددِ، بخلافِ النوافلِ فلا حصرَ لها.
§ 5 ـ صلاةُ الفريضةِ تكون في المسجدِ، بخلافِ النافلةِ فهي في البيتِ أفضلُ إلا ما استُثني.
§ 6 ـ جوازُ صلاةِ النافلةِ على الراحلة بلا ضرورة، بخلاف الفريضةِ.
§ 7 ـ الفريضةُ مؤقَّتةٌ بوقتٍ معيَّن، بخلافِ النافلةِ، فمنها المؤقَّتُ وغيرُ المؤقَّتُ.
§ 8 ـ النافلةُ في السفر لا يُشترط لها استقبالُ القِبلة، بخلافِ الفريضةِ.
§ 9 ـ جوازُ الانتقالِ مِن الفريضةِ إلى النَّافلةِ غيرِ المعيَّنةِ، والعكس لا يصحُّ.
§ 10 ـ النَّافلةُ لا يكفُرُ بتركِها بالإجماعِ، وأما الفريضةُ فيَكْفرُ على القولِ الصَّحيحِ.
§ 11 ـ النَّوافلُ تكمِّلُ الفرائضَ، والعكسُ لا يصحُّ.
§ 12 ـ القيامُ ركنٌ في الفريضةِ، بخِلافِ النَّافلةِ.
§ 13 ـ لا يصحُّ نَفْلُ الآبق، ويصحُّ فَرْضُه.
§ 14 ـ جوازُ الاجتزاء (الاكتفاء) بتسليمة في النَّفْلِ على أحدِ القولين، دون الفرض.
§ 15 ـ لا يُشرع الأذانُ والإقامةُ في النَّفلِ مطلقاً، بخلافِ الفَرْضِ.
§ 16 ـ الفريضةُ تُقصرُ في السَّفرِ، أما النَّافلةُ التي في السَّفر فلا تُقصر.
§ 17 ـ النَّافلةُ تسقطُ عند العجز عنها، ويُكتب أجرُها لِمَن اعتادَها، والفريضةُ لا تسقطُ بحالٍ، ويُكتبُ أجرُ إكمالِها لمن عجز عنه؛ إذا كان من عادته فِعْلُه.
§ 18ـ جميعُ الفرائضِ يُشرعُ لها ذِكْرٌ بعدَها، أما النَّوافلُ فقد وَرَدَ في بعضِها، وفي بعضهِا لم يردْ.
§ 19 ـ النَّافلةُ تجوزُ في جَوْفِ الكعبةِ، وأما الفريضةُ فلا. والصَّحيحُ جوازُها فلا فَرْقَ.
§ 20 ـ وجوبُ صلاةِ الجماعة في الفرائض، دون النوافلِ.
§ 21 ـ الفرائضُ يجوزُ فيها الجمعُ، بخلافِ النوافلِ.
§ 22 ـ الفرائضُ أعظمُ أجراً مِن النوافلِ.
§ 23 ـ جوازُ الشُّربِ اليسيرِ في النفلِ، دون الفرض.
§ 24 ـ أنَّ النوافلَ منها ما يُصلَّى ركعةً واحدةً، بخلافِ الفرائضِ.
§ 25 ـ يُشرعُ في صلاةِ النافلةِ السؤالُ والتعوُّذ عند تِلاوة آيةِ رحمةٍ، أو آيةِ عذابٍ، وأما الفريضةُ فإنه جائزٌ غيرُ مشروعٍ.
§ 26 ـ جوازُ ائتمام البالغِ بالصَّبي في النافلةِ، دون الفريضةِ، والصَّوابُ جوازه فلا فَرْقٍ.
§ 27 ـ جوازُ ائتمامِ المتنفِّلِ بالمفترضِ، دون العكس، والصَّحيحُ جوازُه فلا فَرْقَ.
§ 28 ـ النَّوافلُ منها ما يُقضى على صِفته، ومنها ما يُقضى على غير صِفته كالوِتر ، أما الفرائضُ فتُقضَى على صِفتها، لكن يُستثنى مِن ذلك الجُمعةُ، فإنها إذا فاتتْ تُقضى ظُهراً.
§ 29 ـ صلاةُ الفَريضةِ الليلية يُجهر فيها بالقِراءة، أما النَّفلُ الذي في الليلِ فهو مخيَّرٌ بين الجهرِ وعدمِه.
§ 30 ـ وجوبُ ستر العاتق في الفريضة على أحد القولين، دون النافلة.
§ 31 ـ مِن النوافلِ ما تسقطُ بالسَّفَرِ، وأما الفرائضُ فلا يسقطُ منها شيءٌ.

  #27  
قديم 9 ربيع الثاني 1431هـ/24-03-2010م, 03:07 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

ü صلاة الجماعة :

o حكمها :

§ واجبة للرجال ودليلُ وجوبها مِن كتابِ الله وسُنَّةِ رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وعَمَلِ الصحابةِ رضي الله عنهم :
· أما الكتابُ فقول الله تعالى :
o {{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ}} فاللامُ للأمْرِ، والأصلُ في الأمْرِ الوجوبُ. ويؤكِّد أنْ الأمْرَ للوجوب هنا أنَّه أمَرَ بها مع الخوفِ مع أنَّ الغالبَ أنَّ الناسَ إذا كانوا في خَوْفٍ يشُقَّ عليهم الاجتماع
o {{فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ}} سَجَدوا بمعنَى: أتمُّوا صلاتَهم.
o {{وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا}} أي: لم يصلُّوا مع الأُولى.
o {{فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}}. فهنا أَمَرَ اللهُ عزّ وجل بصلاةِ الجماعةِ وتفريقِ الجُندِ إلى طائفتين، فيُستفادُ منه أنَّ صلاةَ الجماعةِ فَرْضُ عينٍ.ووجه ذلك: أنَّها لو كانت فَرْضُ كِفايةٍ لسَقَطَ الفرضُ بصلاةِ الطائفة الأُولى.
· أما السُّنَّةُ: فالأدَّلةُ فيها كثيرةٌ منها:
o 1- حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لقد هَمَمْتُ أنْ آمُرَ بالصَّلاةِ فتُقامَ. ثم آمُرَ رَجُلاً فيصلِّيَ بالنَّاسِ. ثم انطلقَ معي برِجَالٍ معهم حُزَمٌ مِن حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لا يشهدُون الصَّلاةَ؛ فأُحَرِّقَ عليهم بيوتَهم بالنَّارِ» فقد هَمَّ بذلك؛ لكنَّه لم يفعلْ والسبب ـ والعِلْمُ عند اللهِ ـ أنَّه لا يُعاقِبُ بالنَّارِ إلا رَبُّ النَّارِ عزّ وجل، وإنْ كان قد رَوى الإمامُ أحمدُ أنَّه قال: «... لولا ما فيها مِن النِّساءِ والذُّرِّيَّةِ» وهذه الزيادةُ ضعيفةٌ
o 2- «استأذَنه رجُلٌ أعمى أن لا يُصلِّيَ في المسجدِ، قال: هل تسمعُ النداءَ؟ قال: نعم، قال: فأجِبْ»
o 3- أخرجَ أصحابُ السُّنَنِ أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «مَنْ سَمِعَ النِّداءَ فلم يُجبْ؛ فلا صلاةَ له إلا مِن عُذْرٍ»
· وأمَّا عَمل الصحابة فقد جاء في «صحيح مسلم» عن ابنِ مسعود رضي الله عنه أنَّه قال: «لقد رَأيتُنَا ـ يعني الصحابة مع رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم ـ وما يتخلَّفُ عنها إلا منافقٌ معلومُ النِّفاقِ، ولقد كان الرَّجلُ يُؤتَى به يُهادَى بين الرَّجُلينِ حتى يُقامَ في الصَّفِ». دَلَّ ذلك على اهتمامهم بها، وأنَّهم يَرون وجوبَها وامتناعَ التخلُّفِ عنها
· ويُضافُ إلى ذلك: ما فيها مِن المصالحِ والمنافعِ التي تدلُّ على أنَّ الحِكمةَ تقتضي وجوبَها ومنها:
o التوادُّ بين النَّاسِ
o التَّعارفُ
o إظهارُ شعيرةٍ مِن شعائر الإسلام
o إظهارُ عِزِّ المسلمين إذا دخلوا المساجدَ ثم خرجوا جميعاً بهذا الجَمْعِ
o تعليمُ الجَاهلِ، فإنَّ كثيراً مِن النَّاسِ يستفيد ما يُشرع في الصَّلاةِ بواسطة صلاةِ الجماعة
o تعويدُ الأمَّةِ الإسلاميةِ على الاجتماعِ وعدم التفرُّق
o ضبطُ النَّفسِ؛ لأنَّ الإنسانَ إذا اعتادَ على أن يتابعَ إماماً متابعةً دقيقةً تعوَّدَ على ضَبْطِ النَّفسِ
o استشعارُ النَّاسِ بهذا وقوفهم صفًّا في الجهاد
o تذكرُ المصلين صفوف الملائكة عند الله تبارك وتعالى فيزدادون بذلك تعظيماً لله ومحبة لملائكة الله.
o شعورُ المسلمين بالمساواة في عبادة الله تعالى
o ما يحصُلُ مِن تفقُّدِ الأحوالِ أحوال الفقراء، والمرضَى والمتهاونين بالصَّلاةِ
o الأصلُ الأصيل وهو التعبُّد لله تعالى بهذا الاجتماع
o استشعارُ آخِرِ هذه الأمة بما كان عليه أولُها
§ وقال بعض العلماء: إنها فرض كفاية.
§ وقال آخرون إنها سُنَّة ٌواستدلَّوا :
· بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «صَلاةُ الجَماعةِ أفضلُ مِن صَلاةِ الفَذِّ بسَبْعٍ وعِشرينَ دَرجةً» فقالوا إنه قال: «أفضل» والأفضل ليس بواجب.
· ولكن هذا الاستدلالُ ضعيفٌ جداًلأنَّ المرادَ هنا: بيانُ ثوابِ صلاةِ الجماعةِ، وأنَّ أجرَها أفضلُ وأكثرُ، لا حُكمَ صلاةِ الجماعةِ، وذِكْرُ الأفضليَّة لا ينفي الوجوب.
§ ومن العلماء من قال إنَّها شرطٌ لِصحَّةِ الصلاةِ وبه قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله، وابنُ عقيل. وكلاهما مِن الحنابلةِ، وهو روايةٌ عن الإمامِ أحمد وعلى هذا القول: لو صَلَّى الإنسانُ وحدَه بلا عُذْرٍ شرعيٍّ فصلاتُه باطلةٌ
· وهذا القولُ ضَعيفٌ، ويضعِّفُه أنَّ النَّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «صَلاةُ الجماعةِ أفضلُ مِن صلاةِ الفَذِّ بسبعٍ وعِشرين درجةً» والمفاضلةُ: تدلُّ: على أنَّ المُفَضَّلَ عليه فيه فَضَلٌ، ويلزمُ مِن وجودِ الفَضْلِ فيه أنْ يكون صحيحاً
§ وأما النساء المنفردات عن الرِّجَال فقد اختلفَ العلماءُ في حكمها لهن إلى ثلاثة أقوال :
· الأول : أنها سُنَّةٌ؛ لأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أَمَرَ أُمَّ وَرَقَةَ أَنَّ تَؤُمَّ أهلَ دَارِها.
· الثاني : أنَّها مكروهةٌ، وضَعَّفَ الحديثَ، وقال: إنَّ المرأةَ ليست مِن أهلِ الاجتماع وإظهارِ الشَّعائرِ، فيُكره لها أنْ تُقيمَ الجَماعةَ في بيتِها، ولأنَّ هذا غيرُ معهودٍ في أمهاتِ المؤمنين وغيرِهنَّ.
· الثَّالثُ : أنَّها مباحةٌ، وقال: إنَّ النِّساءَ مِن أهلِ الجماعةِ في الجُملةِ، ولهذا أُبيحَ لها أنْ تحضرَ إلى المسجدِ لإقامةِ الجماعةِ، فتكونُ إقامةُ الجماعةِ في بيتها مباحةً مع ما في ذلك مِن التستُّرِ والاختفاءِ وهذا القولُ لا بأس به، فإذا فعلتْ ذلك أحياناً فلا حرجَ.
§ وأما الصبيانَ الغير البالغين لا تجب عليهم
§ وأما الخُناثى الذي لا يُعلم أذكرٌ هو أم أُنثى، فلا تجب عليهم الجماعةُ، وذلك لأن الشَّرطَ فيه غير متيقَّن، والأصلُ براءةُ الذِّمَّةِ وعدمُ شغلِها
§ وأما العبيدُ :
· قيل تلزمهم الجماعةِ :
o لأنَّ النصوصَ عامةٌ، ولم يُسْتَثْنَ منها العبدُ
o ولأنَّ حَقَّ اللهِ مقدَّمٌ على حقِّ البشرِ
· وقال بعضُ العلماءِ تلزمُ العبدَ بإذن سيِّدهِ، وهذا هو الأقرب
§ تجِبُ في السَّفرِ كما تجب في الحضر ودليلُ ذلك :
· عمومُ أدلَّةِ الوجوبِ
· وأيضاً أنَّ اللهَ أمَرَ نبيَّه صلّى الله عليه وسلّم إذا كان فيهم في الجهادِ أنْ يُقيمَ لهم الصَّلاةَ جماعةً، ومِن المعلومِ أنَّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم لم يقاتلْ إلا في سَفَرٍ
· وأيضاً: مداومةُ النَّبي صلّى الله عليه وسلّم في السَّفَرِ على الصَّلاةِ جماعةً حتى في قضائها حين غلبهم النَّومُ فلم يستيقظوا إلا بعد الوقت وقد قال: «صَلُّوا كما رأيتموني أصلي»
§ تجب للصلوات الخمس فهي واجبةٌ للصَّلاةِ، وليست واجبةً فيها ويترتب على ذالك :
· صحة الصلاة مع تركها بلا عذر مع الإثمِ
· وكونها للصلوات الخمس خرج بذالك :
o المنذوْرةِ فإنَّها لا يجبُ أنْ تكون جماعةً
o صلاةُ النافلةِ غير صلاةِ الاستسقاءِ، والكسوفِ، إذا قلنا: بأنَّ صلاةَ الكسوفِ سُنَّةٌ، وقيامَ الليلِ في رمضان
o وأما صلاةِ الليلِ في غيرِ رمضان، فلا بأسَ أنْ يصلِّيَها جماعة أحياناً. ودليلُ ذلك أنَّ الرسولَ صلّى الله عليه وسلّم كان يصلِّي أحياناً جماعةً في صلاةِ الليلِ كما صَلَّى معه ابنُ عباس ، وصَلَّى معه حذيفةُ بنُ اليمَان ، وصَلَّى معه عبدُ الله بن مسعود
o وأحياناً يُصلِّي حتى غير صلاةِ الليلِ جماعةً، كما صَلَّى بـ«أنس... وأمِّ سُليم ويتيم مع أنس». وكما صَلَّى جماعة في عِتْبَانَ بن مالك رضي الله عنه في بيته
§ تجب للمؤدَّاة كما تجب للمقضيَّة التي أخرجت عن وقتِها لعُذْرٍ شرعيٍّ .على أن الصَّحيحُ أن الصَّلاةُ في حَقِّهِ أداءً والدَّليلُ :
· قولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ نَامَ عن صلاةٍ أو نسيَها فليصلِّها إذا ذكرَها لا كفَّارةَ لها إلا ذلك»، وتلا قولَه تعالى: {{وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي}}.
· والدَّليلُ على الوجوب :
o عمومُ الأدلَّةِ
o ولأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لمَّا نامَ عن صلاةِ الفَجْرِ هو وأصحابُه في سَفَرٍ ـ كما في حديثِ أبي قتادة ـ أَمَرَ بلالاً فأذَّنَ، ثم صَلَّى سُنَّةَ الفجرِ، ثم صَلَّى الفَجْرَ كما يصلِّيها عادةً جماعةً، وجَهَرَ بالقِراء
o مكانها :
§ الأصل أنها تؤدى في المسجد ويجوزُ أن تُصلِّيَ في البيتِ ويُترك المسجد هذا هو مقتضى كلام المؤلف واستدلَّ أصحابُ هذا القول:
· بأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «جُعِلت لي الأرضُ كلُّها مسجداً وطَهوراً»
· فالأرضُ كلُّها مسجِدٌ، والمقصودُ الجماعةُ، والجماعةُ تحصُلُ ولو كان الإنسانُ في بيتِهِ، لكنَّها في المسجدِ أفضلُ
§ وذهبَ بعضُ أهلِ العِلمِ إلى أنَّ كونها في المسجدِ مِن فُروضِ الكفايات، وأنَّه إذا قامَ بها مَن يكفي سقطت عن الباقين، وجازَ لمن سواهم أنْ يصلِّيَ في بيتِهِ جماعة. فقالوا:
· إنَّها مِن شعائر الإسلامِ الظَّاهرةِ، وما زال المسلمون يقيمونها في المساجدِ، ولو تعطَّلت المساجدُ، لم يتبيَّن أنَّ هذه البلدَ بلدُ إسلامٍ
§ وذهبَ آخرون إلى أنَّه يجبُ فِعْلُها في المسجدِ على كلِّ مَن تلزمُه. واستدلُّوا:
· بقولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لقد هَمَمْتُ أنْ آمُرَ بالصَّلاةِ فتقامَ، ثم آمُرَ رجُلاً فيصلِّيَ بالناسِ، ثم أنطلقَ إلى قومٍ لا يشهدون الصَّلاةَ فأحرِّقَ عليهم بيوتَهم بالنَّارِ» وكلمة «قوم» جمعٌ تحصُلُ بهم الجماعة، فلو أمكن أن يصلُّوا في بيوتهم جماعة لقال إلا أن يصلُّوا في بيوتِهم . وهذا القولُ هو الصَّحيحُ
§ المفاضلة في الأماكن :
· وأهلُ الثَّغرِ الذين يقيمون على حُدودِ البلادِ الإسلامية الأفضلُ لهم أن يصلُّوا في مسجدٍ واحدٍ :
o لأنَّهم إذا صَلُّوا في المسجدِ الواحدِ؛ صاروا أكثر جمعاً؛ وحصلت بهم الهيبةُ فهابَهم الأعداءُ وتفقَّدَ بعضُهم بعضاً، وسأل عن الكُفَّارِ الذين حولَه، وهل مكانُه يحتاجُ إلى زيادةِ رجالٍ وسلاحٍ
o بشرطِ أن يأمنوا العدوَّ، فإن كانوا يخشون مِن العدوِّ إذا اجتمعوا في المسجد الواحد؛ فصلاةُ كُلِّ إنسانٍ في مكانِهِ أَولى أو أوجب.
· والأفضل لغير أهل الثَّغر أنْ يصلِّي في المسجدِ الذي تُقام فيه الجماعةُ إذا حضر ولا تُقام إذا لم يحضر بمعنى أنه تتوقف الجماعة على حضوره كإماماً إذا حضر أُقيمت الجماعةُ، وإنْ لم يحضُرْ تفرَّقَ الناسُ
· ثم يلي ما سبق المسجد الأكثر جماعة لأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «صَلاةُ الرَّجُلِ مع الرَّجُلِ أزكى مِن صلاتِهِ وحدَهُ، وصلاتُهُ مع الرَّجُلَين أزكى مِن صلاتِهِ مع الرَّجُلِ، وما كانوا أكثرَ فهو أحبُّ إلى اللهِ»
· ثم المسجد العتيق أي القديم فهو أولى مِن الجديد، لأن الطَّاعةَ فيه أقدم فكان أَولى بالمراعاة مِن الجديد
· إذا استوى المسجدان فيما سبق، وكان أحدُهما أبعد عن مكان الرجل فالأبعد أَولى مِن الأقربِ لأنَّ كلَّ خطوةٍ تخطوها إلى الصَّلاة يُرفعُ لك بها درجةٌ، ويُحطُّ بها عنك خطيئةٌ هذا ما ذهب إليه المؤلف
· لكن الصَّواب أن يقال إن الأفضلَ أنْ تُصلِّيَ فيما حولك مِن المساجد :
o لأنَّ هذا سببٌ لعِمارتهِ إلا أن يمتاز أحدُ المساجدِ بخاصِّيَّةٍ فيه فيُقدَّم
o وأيضا فيه التأليف للإمام وأهل الحيِّ، ويندفع به ما قد يكون في قلب الإمامِ إذا لم تُصلِّ معه؛ لا سيما إذا كنت رَجُلاً لك اعتبارك
o وأما الحديث فيجاب عنه بأنَّه في مسجدٍ ليس هناك أقرب منه
· فالحاصل أن الأفضل أن تصلِّيَ في مسجدِ الحَيِّ الذي أنت فيه، سواءٌ كان أكثر جماعة أو أقل، ثم يليه الأكثر جماعة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «ما كان أكثرُ فهو أحبُّ إلى الله» ، ثم يليه الأبعدُ، ثم يليه العتيقُ؛ لأن تفضيلَ المكان بتقدُّم الطَّاعة فيه يحتاج إلى دليلٍ بَيِّنٍ، وليس هناك دليلٌ بَيِّنٌ على هذه المسألةِ
· المسجدُ البعيدُ الأحسنُ قِراءة أفضلُ من المسجد القريبِ الذي دونه في القراءة لأنَّ الفضلَ المتعلِّقَ بذات العبادةِ أَولى بالمراعاة مِن الفضلِ المتعلِّقِ بمكانِها
§ يحرم أن يكون إماماً في مسجد له إمامٌ راتبإ ِلاَّ بِإِذْنِهِ أَوْ عُذْرِهِ :
· لقولِ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلطانه»
· وأيضا هو مقتضى القواعد الشرعية؛ لأنه لو ساغ له أن يؤمَّ في مسجد له إمام راتب بدون إذنه أو عذره؛ لأدَّى ذلك إلى الفوضى والنزاع
· إلا بإذنه : أي إلاَّ إذا وَكَّلَهُ توكيلاً خاصًّا أو توكيلاً عاماً
· أو عذره : كالمرض بحيث لا يحتمل أن يحضر معه إلى المسجد
· إذا صَلَّو بدون إذن الإمامِ ولا عذره فالراجح من قولي أهل العلم أن الصَّلاة تصحُّ مع الإثم

  #28  
قديم 10 ربيع الثاني 1431هـ/25-03-2010م, 07:54 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

تابع صلاة الجماعة :

o إعادة الصلاة :

§ من صَلَّى الصَّلاةَ المفروضة ثم حضر مسجداً أقيمت فيه تلك الصلاة سن له أن يعيدهاَ إلا المغرب و تقعُ الثانيةَ نافلةً ودليل ذلك :
· قول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «صَلِّ الصَّلاةَ لوقتِها، فإن أُقيمت الصَّلاةُ، وأنتَ في المسجدِ فَصَلِّ، ولا تقل إنِّي صَلَّيتُ فلا أُصَلِّي».
· ودليل آخر أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم صَلَّى صلاةَ الفجرِ ذاتَ يومٍ في مسجدِ الخَيْفِ في مِنَى، فلما انصرفَ مِن صلاتِهِ إذا برَجُلين قد اعتزلا، فلم يصلِّيا، فدعا بهما، فجِيءَ بهما ترعدُ فرائصُهُما هيبةً مِن رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: ما منعكما أنْ تُصلِّيا معنا؟ قالا: يا رسولَ الله، صلَّينا في رِحالِنَا، قال إذا صَلَّيتُما في رِحالِكما، ثم أتيتُما مسجدَ جماعةٍ، فصلِّيا معهم، فإنَّها لكما نافلة»
· وإذا أدركَ بعضَ المُعادةِ مع الإمام وقد صَلَّى ركعتين :
o فإن سَلَّمَ مع الإمامِ؛ ؛ فلا بأس لأنَّها نافلةٌ لا يلزمه إتمامُها
o وإن أتمَّ فهو أفضلُ؛ لعمومِ قولِهِ صلّى الله عليه وسلّم: «ما أدركتُم فصَلُّوا وما فاتكم فأتِمُّوا»
§ وأما المغرب ففي إعادتها ثلاثة أقوال :
· أحدها لا تُسنُّ إعادةُ المغربِ وهو المذهب وعلَّلوا ذلك :
o بأن المغربَ وِترُ النَّهار كما جاءَ في الحديثِ ، والوِترُ لا يُسَنُّ تكرارُه، فإنَّه لا وِتران في ليلةٍ، فكذلك لا وِترانِ في يومٍ.
· الثاني تُسَنُّ ويشفعُها بركعةٍ.
· الثالث تُسنُّ ولا يشفعُها، وهو الصَّحيحُ ودليل ذالك :
o عمومُ قولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إذا صَلَّيتُما في رِحالِكما، ثم أتيتُما مسجدَ جماعةٍ فصلِّيا معهم» فيشمَلُ المغربَ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يستثنِ شيئاً.
o وأما كونها وتر النهار فتشبه وتر الليل في عدم التكرار فقالو أنَّ إعادةَ المغربِ مِن أجلِ السَّببِ الذي حَدَثَ وهو حضور الجماعة، وهذا فَرْقٌ ظاهرٌ.
§ ولا يُسَنُّ أن يقصدَ المسجد للإعادة لأنَّ ذلك ليس مِن عادةِ السَّلفِ، ولو كان هذا مِن أمور الخير لكان أولَ الناسِ فِعْلاً له الصحابة
o تكرار الجماعة :
§ ولها ثلاثُ صور:
· الصورةُ الأُولى أن يكون إعادةُ الجماعةِ أمراً راتباً. فهذا لا شَكَّ أنَّه مكروهٌ إنْ لم نقل: إنه محرَّمٌ؛ لأنَّه بدعةٌ؛ لم يكن معروفاً في عهدِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه وفيه من المحاذير:
o أنه تفريقٌ للأمَّةِ
o وأيضاً: أنه دعوةٌ للكسلِ؛ لأنَّ الناسَ يقولون: ما دامَ فيه جماعةٌ ثانية ننتظر حتى تأتي الجماعةُ الثانيةُ
· الصورة الثانية أن يكون المسجدُ مسجدَ سوقٍ فلا تُكره إعادةُ الجماعة فيه، قال بعضُ العلماء: قولاً واحداً، ولا خِلافَ في ذلك؛ لأنَّ هذا المسجدَ مِن أصلِهِ معدٌّ لجماعاتٍ متفرِّقةٍ؛ ليس له إمامٌ راتبٌ يجتمعُ الناسُ عليه
· الصورة الثالثة أن يكون أمراً عارضاً أي أنَّ الإمامَ الرَّاتبَ هو الذي يصلِّي بجماعةِ المسجدِ، لكن أحياناً يتخلَّفُ رَجُلان أو ثلاثةٌ أو أكثرُ لعذرٍ، فهذا هو محلُّ الخِلافِ :
o مِن العلماءِ مَن قال لا تعادُ الجماعةُ، بل يصلُّون فُرادى
o ومِنهم مَن قال بل تُعادُ، وهذا القول هو الصَّحيحُ، وهو مذهبُ الحنابلةِ، ودليل ذلك :
§ أولاً : حديث أُبيّ بن كعب أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «صلاةُ الرَّجُلِ مع الرَّجُلِ أزكى مِن صلاتِهِ وحدَهُ، وصلاتُه مع الرَّجُلين أزكى مِن صلاتِهِ مع الرَّجُلِ، وما كان أكثرُ فهو أحبُّ إلى اللهِ» ولو قلنا لا تُقامُ الجماعةُ لزم أَنْ نجعلَ المفضولَ فاضلاً، وهذا خِلافُ النَّصِّ.
§ ثانياً : أن الرسولَ صلّى الله عليه وسلّم كان جالساً ذاتَ يومٍ مع أصحابه، فَدَخَلَ رَجُلٌ بعدَ أن انتهتِ الصَّلاةُ، فقال: «مَنْ يَتصدَّقُ على هذا فَيصلِّيَ معه؟» ، فقامَ أَحَدُ القومِ فَصلَّى مع الرَّجُلِ. وهذا نَصٌّ صريحٌ ، وأما قولُ مَن قال: إنَّ هذه صدقةٌ، وإذا صَلَّى اثنان في المسجدِ وقد فاتتهما الصَّلاةُ فصلاةُ كلِّ واحدٍ منهما واجبٌة؟ فيقال: إذا كان يُؤمرُ بالصَّدقةِ، ويُؤمرُ مَن كان صَلَّى أنْ يصلِّيَ مع هذا الرَّجُلِ، فكيف لا يُؤمرُ مَن لم يُصلِّ أنْ يُصلِّيَ مع هذا الرَّجُلِ؟
· ومسجدي مكة والمدينة كغيرهما في حُكمِ إعادةِ الجماعةِ على الصحيح
o الصلاة عند إقامة الصَّلاةِ :
§ إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إِلاَّ المَكْتُوبَةُ والحكمةُ مِن النَّهي هو:
· أن لا يتشاغلَ الإنسانُ بنافلةٍ يقيمُها وحدَه إلى جَنْبِ فريضةٍ تقيمُها الجماعةُ؛ لأنه يكون حينئذٍ مخالفاً للنَّاسِ مِن وجهين:
o الوجه الأول : أنَّه في نافلةٍ، والنَّاسُ في فريضةٍ.
o الوجه الثاني : أَنَّه يُصلِّي وحدَه، والنَّاسُ يصلُّون جماعةً
§ اختلف أهل العِلمِ في المقصود بالإقامة على ثلاثة أقوال :
· القول الأول : أنَّ المرادَ بإقامةِ الصَّلاةِ الشروعُ فيها، أي تكبيرةَ الإحرامِ.
· القول الثاني: أنَّ المرادَ بالإقامةِ ابتداءُ الإقامةِ؛ التي هي الإعلامُ بالقيامِ إلى الصَّلاةِ.
· القول الثالث : أنَّ المرادَ انتهاءُ الإقامةِ
§ في قوله صلّى الله عليه وسلّم: «فلا صلاة» هل يشمَلُ الابتداءَ والإتمامَ قولان لأهلِ العِلمِ :
· القول الأول : أنَّه يشمَلُ الابتداءَ، والإتمامَ، أي: فلا صلاةَ ابتداءً ولا إتماماً، فلا يُتِمُّ صلاةً هو فيها، حتى إنَّ بعضَهم بالغ فقال: لو لم يبقَ عليه إلا التسليمةُ الثانيةُ وأقامَ المقيمُ فإنَّها تبطلُ صلاتُه
· القول الثاني : أنه لا صلاةَ ابتداءً وعلى هذا القول يُتِمُّ النَّافلةَ ولو فاتته الجَماعةُ.
· والذي يظهر أن قولَه صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاةَ» المرادُ به ابتداؤها، وأنه يَحرُمُ على الإنسانِ أن يبتدىءَ نافلةً بعدَ إقامةِ الصَّلاةِ، أي: بعدَ الشروعِ فيها؛ لأنَّ الوقت تعيَّنَ لمتابعةِ الإمام.
§ من شرع في نافلة ثم أُقيمتِ الصَّلاةُ :
· فعلى المذهب يتمُّها خفيفةً مِن أجلِ المبادرةِ إلى الدُّخولِ في الفريضة إلا أن يخشى فوات الجماعة فيقطعها
· وأما الشيخ فيرى أنك إنْ كنتَ في الرَّكعةِ الثانيةِ فأتمَّها خفيفةً، وإنْ كنت في الرَّكعةِ الأولى فاقطعْهَا ومستندُ ذلك :
o قولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «مَن أدركَ ركعةً مِن الصَّلاةِ فقد أدركَ الصَّلاةَ»
o فهذا الذي صَلَّى ركعةً قبلَ أَنْ تُقامَ الصَّلاةُ يكون أدركَ ركعةً مِن الصَّلاةِ سالمة مِن المعارضِ الذي هو إقامةُ الصَّلاةِ، فيكون قد أدرك الصلاةَ بإدراكِه الركعةَ قبلَ النهي فليُتمَّها خفيفةً، أما إذا كان في الركعة الأولى ولو في السَّجدةِ الثانيةِ منها فإنَّه يقطعُها؛ لأنه لم تتمَّ له هذه الصَّلاةُ، ولم تخلصْ له؛ حيث لم يدركْ منها ركعة قبلَ النَّهي عن الصَّلاةِ النافلةِ
§ «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة»:
· لا فَرْقَ بين أن تقامَ الصَّلاةُ وأنت في المسجدِ أو في بيتِكَ مع وجوب الجماعةِ عليك إن كنت تسمع الإقامة منه لقربك
· مرادُه إذا كنتَ تريدُ أنْ تصلِّيَ مع هذا الإمامِ، أما لو كان بجوارِكَ مسجدان وسمعتَ إقامةَ أحدِهما، وأردت أن تصلِّيَ الرَّاتبةَ ؛ لتصلِّيَ في المسجدِ الثاني؛ فلا حَرَجَ عليك
o إدراك الجماعة :
§ إذا كَبَّرَ المأمومُ قبلَ سلامِ إمامه التَّسليمةَ الأُولى، فإنه يدركُ الجماعةَ إدراكاً تاما ً على المذهب ووجه ذلك :
· أنه أدركَ جزءاً مِن الصلاةِ، فكان له حكمُ مُدركِ الصَّلاةِ، كمَن أدركَ ركعةً، فإنَّ مَن أدركَ ركعةً، أدركَ الصَّلاةَ بمقتضى الحديثِ عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم حيث قال: «مَن أدركَ ركعةً مِن الصَّلاةِ فقد أدركَ الصَّلاةَ»
· وأما اعتبار التَّسليمةَ الأُولى دون الثانية فإنه لمَّا سَلَّمَ التسليمةَ الأُولى شَرَعَ في التَّحلُّلِ مِن الصَّلاةِ فلا يصحُّ أنْ تنويَ الائتمامَ به وهو قد شَرَعَ في التَّحلُّلِ مِن الصَّلاةِ
§ القول الثاني أنَّه لا يدركُ الجماعةَ إلا بإدراكِ ركعة كاملة وهذا اختيارُ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيمية رحمه الله ودليلُه :
· قولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «مَن أدركَ ركعةً مِن الصَّلاةِ فقد أدركَ الصَّلاةَ» فإنَّ مفهومُ الحديث أنَّ مَن أدركَ دون ذلك فإنه لم يدركْ الصَّلاةَ
· ولا يصحُّ قياسُ إدراكِ ما دون الركعةِ على إدراكِ الرَّكعة لأنَّ إدراكَ الرَّكعةِ أكبر وأكثر مِن إدراكِ ما دون الرَّكعةِ، والأقلُ لا يُقاسُ على الأكبرِ والأكثرِ.
· ودليلُه من حيث القياس أنَّه لو أدركَ في الجُمُعةِ أقلَّ مِن الرَّكعةِ لزِمَه أن يتمَّها ظهراً، ولم يكن مُدركاً لها، فأيُّ فَرْقٍ بين الإدراكين
o إدراك الركعة :
§ أما الركعة :
· فمن لَحِقَ الإمامَ راكعاً ودخَلَ معه في الركوع يكون قد أدركَ الرَّكعةَ.
§ وأما التكبير :
· فتجزأه تكبيرةُ الإحرامِ عن تكبيرةِ الرُّكوعِ، فيكبِّرُ مرَّةً واحدة وهو قائمٌ، ثم يركعُ بدون تكبير وذلك :
o لأنَّهما عبادتان مِن جنسٍ واحدٍ اجتمعتا في آنٍ واحدٍ، فاكتُفِيَ بإحداهما عن الأخرى.
o وأيضا لو اشتغل بالتكبير للرُّكوعِ فرُبَّما فاته الرُّكوعُ، والمحافظةُ على الرُّكوعِ أَولى؛ لأنَّ التكبيرَ واجبٌ للرُّكوعِ، والرُّكوعُ هو الأصلُ؛ لأنه رُكْنٌ ولكن؛ التكبيرُ أفضلُ وأكملُ؛ لأنَّ المقامَ مقامُ احتياط
· والقول الثاني في المسألة أنه يجبُ أن يكبِّر للرُّكوعِ
· مسألة إذا أدرك الإمام في السجود أو الجلوس غير الركوع يُكبِّرُ للإحرامِ، لكن هل يُكبِّرُ مرَّةً ثانية أو لا يُكبِّرُ. فيه خلاف بين أهل العلم والاحتياطَ أن يكبِّرَ فإن تَرَكَه فلا حَرَجَ لأنه ليس هناك دليلٌ واضحٌ للتَّفريقِ بين الرُّكوعِ وغيرِه
§ وأما عدم اعتبار الفاتحة مع أنها ركن :
· فالمؤلِّفُ لم يتكلَّمْ عنها لأنَّ المشهورَ مِن المذهب أنَّه لا قِراءةَ على المأمومِ
· وأما على القولِ الرَّاجح مِن أنَّه يجبُ على المأمومِ أنْ يقرأَ الفاتحةَ في كلِّ ركعةٍ، فإنَّ الفاتحةَ هنا تسقطُ عنه بمقتضى الدَّليلِ والتعليلِ :
o أما الدليل فهو ما رواه البخاريُّ مِن حديثِ أبي بكرةَ رضي الله عنه أَنَّه دخلَ مع النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم راكعاً ، ولم يأمرْه النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بقضاءِ تلك الرَّكعةِ.
o وأما التعليل : فهو أنَّ قراءةَ الفاتحةِ إنَّما تجبُ في حالِ القيامِ، والقيامُ هنا سَقَطَ لضرورةَ مُتابعة الإمامِ؛ فلمَّا سَقَطَ عنه القيامُ سَقَطَ عنه الذِّكرُ الواجبُ فيه، وهو قِراءةُ الفاتحةِ
o قراءة المأموم :
§ لا يجب على المأموم أن يقرأَ مع الإِمامِ لا في صلاة السِّرِّ ولا في صلاة الجهرِ على المذهب والدليلُ:
· حديثُ: «مَنْ كان له إمامٌ فقراءةُ الإمامِ له قراءةٌ» ، وهذا عامٌّ يشمَلُ الصَّلاةَ السريةَ والصَّلاةَ الجهريةَ، وهو نصٌّ في أنَّ قِراءةَ الإمامِ قراءةٌ له. ولكن هذا الحديثُ لا يصحُّ
· لكن يستحب قراءتها في الحالات التالية :
o في الصلاة السرية
o وفي الصلاة الجهرية عند سكوت إمامه
o وإذا لم يسمع الإمام لمانع عام كبعد أو ضجة حول المسجد أما المانع الخاص كالصمم
§ والقولُ الرَّاجحُ في هذه المسألةِ أنَّ المأمومَ يجبُ عليه قراءةُ الفاتحةِ، وذلك :
· لعمومِ قولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاةَ لمَنْ لم يقرأْ بفاتِحةِ الكتابِ»
§ والقول الثالث : أنها تجبُ على المأمومِ في الصَّلاةِ السريَّةِ دون الجهرية ، لأنَّ الجهريَّةَ إذا قرأ فيها الإمامُ فقراءتُه قراءةٌ للمأمومِ ( وقد سبق تفصيل أكثر في باب الأركان عند الركن الثالث فليراجع )
o الاستفتاح :
§ يستفتح وإنْ كان يسمعُ قِراءةَ الإمامِ، وهذا اختيارُ بعضِ أهلِ العِلْم قالوا:
· لأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم إنما نَهَى عن القِراءةِ فيما يجهرُ فيه الإمامُ بالقرآنِ. والاستفتاحُ والتعوذُ ليس بقراءةٍ
· والصَّوابُ في هذه المسألةِ : أنَّه لا يستفتحُ ولا يستعيذُ فيما يجهرُ فيه الإمامُ وعلى هذا فإذا دخلتَ مع إمامٍ وقد انتهى مِن قراءةِ الفاتحةِ، وهو يقرأُ السُّورةَ التي بعدَ الفاتحةِ، فإنَّه يسقطُ عنك الاستفتاحُ، وتقرأُ الفاتحةَ على القولِ الرَّاجحِ وتتعوَّذُ؛ لأنَّ التعوّذَ تابعٌ للقِراءةِ

  #29  
قديم 11 ربيع الثاني 1431هـ/26-03-2010م, 10:51 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

تابع صلاة الجماعة :

o سبق المأموم للإمام :

§ سَبْقِ المأمومِ إمامَه حرامٌ في جميعِ أقسامِهِ والدليل :
· قولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا تركَعُوا حتى يركعَ، ولا تسجدُوا حتى يسجدَ» والأصلُ في النَّهي التحريمُ
· بل هو من مِن كبائرِ الذُّنوبِ لقولِ النَّبيِّ: «أما يخشى الذي يرفعُ رأسَه قبلَ الإِمامِ أن يُحَوِّلَ اللهُ رأسَه رأسَ حِمارٍ، أو يجعلَ صورتَه صورةَ حِمارٍ»
§ وأما مِن حيث بُطلان الصَّلاةِ به فهو أقسام على المشهورِ مِن المذهبِ :
· الأول : أن يكون السَّبْقُ إلى تكبيرة الإحرامِ، بأن يكبِّرَ للإحرامِ قبلَ إمامِهِ أو معه، فلا تنعقدُ صلاةُ المأمومِ حينئذٍ، فيلزمُه أن يكبِّرَ بعدَ تكبيرةِ إمامِهِ، فإن لم يفعلْ فعليه إعادةُ الصَّلاةِ.
· الثاني : أن يكون السَّبْقُ إلى رُكْنٍ، مثل: أن يركَعَ قبلَ إمامِه أو يسجدَ قبلَه :
o فيلزمُه أن يرجعَ ليأتيَ بذلك بعدَ إمامِهِ وإنَّما وجبَ عليه الرُّجوعُ مِن أجلِ المتابعةِ، لأنَّه إذا رَجَعَ أتى به بعدَ إِمامِهِ فإنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا رَكَعَ فاركعوا، وإذا سَجَدَ فاسجُدوا»
o فإنْ لم يفعلْ :
§ عالماً ذاكراً بطلت صلاتُهُ
§ وإنْ كان جاهلاً أو ناسياً فصلاتُه صحيحةٌ.
· الثالث : أنْ يكونَ السَّبْقُ برُكنِ الرُّكوعِ، مثل أن يركعَ ويرفعَ قبلَ أنْ يركعَ إمامُه :
o فإن كان عالماً ذاكراً بطلتْ صلاتُه
o وإن كان جاهلاً أو ناسياً بطلتْ الرَّكعةُ فقط؛ إلا أن يأتيَ بذلك بعدَ إمامِهِ.
· الرابع : أن يكون السَّبْقُ برُكنٍ غيرِ الرُّكوعِ، مثل أن يسجدَ ويرفعَ قبلَ أنْ يسجدَ إمامُه :
o فيلزمُه أنْ يرجعَ ليأتيَ بذلك بعدَ إمامِهِ
o فإنْ لم يفعلْ :
§ عالماً ذاكراً بطلتْ صلاتُه
§ وإنْ كان جاهلاً أو ناسياً فصلاته صحيحة.
· الخامس : أن يكون السَّبْقُ برُكنين، مثل أن يسجدَ ويرفعَ قبلَ سجودِ إمامِهِ، ثم يسجدَ الثانيةَ قبلَ رَفْعِ إمامِهِ مِن السَّجدةِ الأولى، أو يسجدَ ويرفعَ ويسجدَ الثانيةَ قبلَ سجودِ إمامِهِ :
o فإنْ كان عالماً ذاكراً بطلتْ صلاتُه
o وإنْ كان جاهلاً أو ناسياً بطلتْ ركعتُه فقط؛ إلا أنْ يأتيَ بذلك بعدَ إمامِهِ.
§ والصَّحيحُ أنَّه متى سَبَقَ إمامَه :
· عالماً ذاكراً فصلاتُه باطلةٌ بكلِّ أقسامِ السَّبقِ
· وإنْ كان جاهلاً أو ناسياً فصلاتُه صحيحةٌ إلا أنْ يزولَ عذره قبل أنْ يدرِكَهُ الإمامُ :
o فإنه يلزمُه الرجوعُ ليأتيَ بما سَبَقَ فيه بعدَ إمامِه
o فإن لم يفعلْ عالماً ذاكراً بطلتْ صلاتُه، وإلا فلا.
o أحوالَ المأمومِ مع إمامِهِ :
§ الاول السَّبْقُ :
· وقد مرَّ أنه محرَّمٌ ومِن الكبائرِ بدلالةِ السُّنَّةِ.
· وأيضاً فيه دليلٌ نظريٌّ وهو أنَّ الإمامَ إمامٌ، والإمامُ يكون متبوعاً، وإذا سبقتَه أصبحَ الإمامُ تابعاً.
§ الثاني التَّخلُّفُ وهو نوعان تخلُّفٌ لعذرٍ وتخلُّفٌ لغير عذرٍ :
· التخلُّف لعذرٍ : يأتي بما تخلَّفَ به، ويتابعُ الإمامَ ولا حَرَجَ عليه، حتى وإنْ كان رُكناً كاملاً أو رُكنين إلا أن يصلَ الإمامُ إلى المكان الذي هو فيه؛ فإنَّه لا يأتي به ويبقى مع الإِمامِ، وتصحُّ له ركعةٌ واحدةٌ ملفَّقةٌ مِن ركعتي إمامهِ الرَّكعةِ التي تخلَّفَ فيها والرَّكعةِ التي وصلَ إليها الإِمامُ. وهو في مكانِهِ فإذا سلَّمَ الإِمامُ يقضِ الركعةَ التي تخلف فيها
· وأما التخلُّف لغير عذر فإما أن يكون تخلُّفاً في الرُّكنِ، أو تخلُّفاً برُكن :
o فالتخلُّفُ في الرُّكنِ معناه: أن تتأخَّر عن المتابعةِ، لكن تدركُ الإِمامُ في الرُّكنِ الذي انتقل إليه فالرَّكعةُ هنا صحيحةٌ، لكن الفعلُ مخالفٌ للسُّنَّةِ؛ لأنَّ المشروعَ أن تَشْرَعَ في الرُّكوعِ من حين أن يصلَ إمامك إلى الرُّكوعِ، ولا تتخلَّف؛ لقول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إذا رَكَعَ فاركعوا»
o والتخلُّفُ بالرُّكنِ معناه: أنَّ الإِمامَ يسبقك برُكنٍ أي أن يركَعَ ويرفعَ قبل أن تركعَ :
§ الفقهاءُ رحمهم الله يقولون إنَّ التخلُّفَ كالسَّبْقِ :
· فإذا تخلَّفتَ بالرُّكوعِ فصلاتُك باطلةٌ كما لو سبقته به
· وإنْ تخلَّفتَ بالسُّجودِ فصلاتُك صحيحةٌ؛ لأنه تَخلُّفٌ برُكنٍ غيرِ الرُّكوعِ.
§ ولكن القولُ الراجحُ حسب ما رجَّحنَا في السَّبْقِ أنَّه إذا تخلَّفَ عنه برُكنٍ لغيرِ عُذرٍ فصلاتُه باطلةٌ، سواءٌ كان الرُّكنُ ركوعاً أم غير ركوع
§ الثالث الموافقة وهي إما في الأقوالِ، وإما في الأفعال :
· أما الموافقةُ في الأقوالِ فلا تضرُّ إلا في تكبيرةِ الإِحرامِ والسلامِ :
o أما في تكبيرةِ الإِحرامِ؛ فإنك لو كَبَّرتَ قبلَ أن يُتمَّ الإِمامُ تكبيرةَ الإِحرام لم تنعقدْ صلاتُك أصلاً؛ لأنه لا بُدَّ أن تأتيَ بتكبيرةِ الإِحرامِ بعد انتهاءِ الإِمامِ منها نهائياً.
o وأما الموافقةُ بالسَّلام، فقال العلماءُ إنه يُكره أن تسلِّمَ مع إمامِك التسليمةَ الأُولى والثانية، وأما إذا سلَّمت التسليمةَ الأولى بعدَ التسليمة الأولى، والتسليمةَ الثانية بعد التسليمةِ الثانية، فإنَّ هذا لا بأس به، لكن الأفضل أن لا تسلِّمَ إلا بعد التسليمتين.
o وأما بقيةُ الأقوالِ فلا يؤثِّرُ أن توافق الإِمامَ، أو تتقدَّم عليه، أو تتأخَّرَ عنه.
· وأما الموافقةُ في الأفعالِ فهي مكروهةٌ وقيل إنها خِلافُ السُّنَّةِ، ولكن الأقربُ الكراهةُ لأنَّ :
o الرسولَ عليه الصلاة والسلام قال: «إذا رَكع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركعَ» وفي السُّجودِ قال: «لا تسجدوا حتى يسجدَ».
o وقال البراءُ بن عَازب: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا قال: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه» لم يَحْنِ أحدٌ منَّا ظهرَهُ حتى يقعَ النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم سَاجداً، ثم نَقَعُ سجوداً بعدَه.
§ الرابع: المتابعة:
· المتابعة هي السُّنَّةُ، ومعناها: أن يَشْرَعَ الإنسانُ في أفعالِ الصَّلاةِ فَوْرَ شروعِ إمامِهِ، لكن بدون موافقةٍ.
· فمثلاً: إذا رَكَعَ تركع؛ وإنْ لم تكملْ القراءةَ المستحبَّةَ، ولو بقيَ عليك آيةٌ، لكونها توجب التخلُّفَ فلا تكملها، وفي السُّجودِ إذا رفعَ مِن السجودِ تابعْ الإِمامَ، فكونك تتابعُه أفضلُ من كونك تبقى ساجداً تدعو الله؛ لأنَّ صلاتَك ارتبطت بالإِمامِ، وأنت الآن مأمورٌ بمتابعةِ إمامِكِ.
§ مسألة : إذا أُقيمت الصَّلاةُ، وكبَّرَ الإِمامُ، وقرأَ الفاتحةَ، وبقي رَجُلٌ لم يدخلْ مع الإِمامِ، وقال إذا ركعَ الإِمامُ قُمْتُ وركعتُ ، فهنا مادامَ لم يدخلْ في الصَّلاةِ؛ فإنَّه لا يلزمُه حكمُ الصَّلاةِ، لكنه قد أخطأَ وفَوَّتَ على نفسِك خيراً كثيراً لما يلي:
· أولاً : فاته فضيلةُ تكبيرةِ الإِحرامِ بعد الإمام، وقِراءةُ الفاتحةِ والسُّورةِ إنْ كان هناك سورة.
· ثانياً : عرَّض نفسَه لفوات ركعة؛ لأنَّ بعضَ العلماءِ قالوا: إنَّ ركعتَه لا تصِحُّ.
o ما يسن للإمام :
§ التخفيف مع الإتمام :
· المراد بالإِتمام موافقة السنّة، وليس الاقتصار على أدنى الواجب
· حكمه :
o يسنّ للإِمام التخفيف على قول المؤلف
o لكن إذا نظرنا في الأدلة تبين لنا أن التخفيف الموافق للسنة في حق الإمام واجب ودليل ذلك:
§ أن معاذ بن جبل رضي الله عنه لما أطال بأصحابه قال له النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «أتريدُ يا معاذُ أنْ تكون فَتَّاناً» يعني: صادًّا للنَّاسِ عن سبيل الله
§ ويؤيدُ ذلك: أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم شكا إليه رَجُلٌ فقال: إنِّي لَأَتأخَّرُ عن صلاةِ الصُّبحِ مِن أجْلِ فُلانٍ، مما يُطيلُ بنا. قال الرَّاوي: فما رأيتُ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم غَضِب في موعظةٍ قَطُّ أشدَّ ما غَضِبَ يومئذٍ. فقال: «يا أيُّها النَّاسُ، إنَّ منكم منفِّرِين، فأيُّكم أمَّ النَّاسَ فليُوجِزْ، فإنَّ مِنْ ورائِه الكبيرَ والضعيفَ وذا الحاجة» والمراد بالإيجاز ما وافق السُّنَّةَ.
§ وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام غضب في هذه الموعظة من أجل الإطالة فكيف نقتصر على السنية في التخفيف.
§ ولهذا؛ فإنَّ القولَ الذي تؤيُّده الأدلَّة أنَّ التطويلَ الزائدَ على السُّنَّةِ حرامٌ؛ لأنَّ الرسولَ عليه الصلاة والسلام غَضِبَ لذلك.
§ وأيضاً كلامُ المؤلِّفِ يدلُّ على أن الإِتمامَ سُنَّةٌ، وفي هذا شيء مِن النَّظرِ؛ وذلك لأَنَّ الإِمامَ يتصرَّفُ لغيره، والواجبُ على مَن تصرَّفَ لغيره أن يفعلَ ما هو أحسنُ، أمّا مَن تصرَّفَ لنفسهِ فيفعل ما يشاء مما يُباح له
· التَّخفيفُ المطلوبُ مِن الإِمامِ ينقسم إلى قسمين كلاهما مِن السُّنَّةِ :
o تخفيفٍ لازم ومعناه ألا يتجاوز الإنسانُ ما جاءتْ به السُّنَّةُ، فإن جاوزَ ما جاءت به السُّنَّةُ فهو مُطوِّلٌ ودليلُ ذالك :
§ قولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «صَلُّوا كما رأيتُموني أُصَلِّي» وقال أنسٌ رضي الله عنه: «ما صَلَّيتُ وراءَ إِمامٍ قَطُّ أخفَّ صلاةً ولا أَتَمَّ مِن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم»
§ وقولُه صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أمَّ أحدُكم النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ»
o تخفيفٍ عارضٍ بحيث يكون هناك سببٌ يقتضي الإِيجازَ عمَّا جاءت به السُّنَّةُ ودليل ذالك :
§ قول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنِّي لأدخُلُ في الصَّلاةِ، وأنا أُريد أنْ أُطَوِّلَ فيها؛ فأسمعُ بكاءَ الصَّبيِّ؛ فأتجوَّزُ في صلاتي؛ كراهيةَ أنْ أَشُقَّ على أُمِّهِ» وفي رواية: «... مَخَافةَ أنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ»

§ تطويل الركعة الأولى :
· يُسَنُّ للإمام أنْ يطوِّلَ الركعةَ الأُولى أكثر مِن الثانيةِ لأنّ :
o َ هذا هو السُّنَّةُ كما في حديث أبي قتادة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم: «كان يُطوِّلُ الرَّكعةَ الأُولى أكثر مِن الثانية»
o وأيضا هذا هو الموافقُ للطبيعة؛ لأنَّ الإنسانَ أول ما يدخل في الصَّلاةِ يكون أنشط، فكان مِن المناسبِ أن تكون الركعة الأُولى أطول مِن الثانية
o ولأنَّ في ذلك مراعاةٌ للمأموم الدَّاخل بعدَ إقامةِ الصَّلاةِ
· استثنى العُلماء مسألتين:
o المسألة الأولى إذا كان الفرقُ يسيراً، فلا حَرج مثل «سبح» و«الغاشية» في يوم الجمعة وفي يوم العيد، فإن «الغاشية» أطول، لكن الطُّولَ يسير.
o المسألة الثانية : الوجه الثاني في صلاة الخوف حيث أنَّ الإِمام يقسم الجيشَ إلى قسمين؛ قِسمٍ يبقون أمام العدو، وقِسمٍ يدخل مع الإِمام يصلّي، فإذا قامَ إلى الركعةِ الثانيةِ انفردَ الذين يصلّون معه وأتمّوا صلاتَهم؛ والإِمامُ واقفٌ، ثم انصرفوا إلى مكان الطائفةِ الباقيةِ تجاه العدو، وجاءت الطائفةُ الباقيةُ ودخلوا مع الإِمامِ؛ والإِمامُ واقفٌ، وصلّوا معه الركعةَ التي بقيت، فإذا جلسَ للتشهدِ قاموا وأتموا صلاتَهم قبل أن يُسلِّمَ الإِمامُ، ثم جلسوا للتشهد وسلّموا معه. فالإِمامُ في الركعةِ الثانيةِ كان وقوفُه أطول مِن وقوفِه في الركعةِ الأُولى، لكن هكذا جاء.
§ انتظارُ الداخل للصلاة :
o الانتظارُ يشمَلُ ثلاثةَ أشياء انتظار قبل الدُّخولِ في الصَّلاةِ وانتظار في الرُّكوعِ، ولا سيَّما في آخر ركعة وانتظار فيما لا تُدرك فيه الركعة، مثل السُّجود :
§ أما الأول وهو انتظارُ الدَّاخلِ قبل الشروعِ في الصَّلاة :
· فهذا ليس بسُنَّة، بل السُّنّةُ تقديمُ الصَّلاةِ التي يُسَنُّ تقديمُها، وأما ما يُسَنُّ تأخيرُه مِن الصَّلوات وهي العشاء؛ فهنا يُراعي الدَّاخلين؛ لأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان في صلاةِ العشاءِ؛ إذا رآهم اجتمعوا عَجَّلَ، وإذا رآهم أبطأوا أخَّرَ.
· وذهبَ بعضُ أهلِ العِلمِ ـ استحساناً منهم ـ إلى أنَّه إذا كان الرَّجلُ ذا شَرَفٍ وإمامةٍ في الدِّين، أو إمارةٍ في الدُّنيا، فإنه يُستحبُّ انتظارُه، كمَنْ يُصلِّي في هذا المسجدِ دائماً؛ بشرط ألا يَشُقَّ على المأمومين.
· وهذه المسألةُ؛ في الحقيقة على إطلاقِها لا تنبغي؛ لأنَّ دينَ الله لا يُراعى فيه أحدٌ، ولكن إذا رأى الإنسانُ مصلحةً محقّقةً فهنا يترجَّحُ انتظارُه بشرط أن لا يَشُقَّ على الموجودين في المسجدِ، فإنْ شَقَّ فهم أَولى بالمراعاة.
§ الثاني انتظاره في الرُّكوع :
· مثل أن يكون الإِمامُ راكعاً، فأحسَّ بداخلٍ في المسجدِ، فلينتظرْ قليلاً حتى يُدركَ هذا الدَّاخلُ الرَّكعةَ، فهنا يكون للقولِ باستحبابِ الانتظارِ وَجْهٌ، ولا سيما إذا كانت الرَّكعةُ هي الأخيرةُ، مِن أجل أنْ يدركَ الجماعةَ. لكن؛ بشرطِ أن لا يَشُقَّ على المأمومين ويمكن أن يؤخذَ الدَّليلُ مما يلي :
o أولاً : «أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان إذا سَمِعَ بكاءَ الصَّبيِ أوجزَ في صلاتِهِ، مخافةَ أن تُفْتَنَ أُمُّهُ» فهنا غَيَّرَ هيئةَ الصَّلاةِ مِن أجلِ مصلحةِ شخصٍ.
o ثانياً : مِن إطالةِ النَّبي صلّى الله عليه وسلّم الرَّكعةَ الأُولى في الصَّلاةِ، حتى إن الرَّجُلَ يسمعُ الإِقامةَ؛ ويذهبُ إلى البَقيع، فيقضي حاجَتَهُ، ثم يتوضَّأُ، ثم يأتي ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الرَّكعةِ الأُولى. فإنَّ المقصودَ بهذا أن يدركَ النَّاسُ الركعةَ الأُولى.
o ثالثاً : من إطالةِ الرَّكعةِ الثانيةِ في صلاةِ الخَوْفِ؛ من أجلِ إدراكِ الطَّائفةِ الثانيةِ للصَّلاةِ.
§ الثالث انتظار الدَّاخلِ في رُكنٍ غيرِ الرُّكوعِ :
· أي في رُكنٍ لا يُدركُ فيه الرَّكعةَ ولا يُحسبُ له، فهذا نوعان:
o النوع الأول ما تحصُلُ به فائدةٌ : مثل أن يدخلَ في التشهُّدِ الأخيرِ، فهنا الانتظارُ حَسَنٌ؛ لأنَّ فائدته أن يدرك صلاةَ الجماعةِ عند بعضِ أهلِ العِلمِ
o النوع الثاني ما ليس فيه فائدةٌ، إلا أن يشاركَ الإِمامُ فيما اجتمع معه فيه مثل : أن يكون ساجداً في الرَّكعةِ الثالثة في الرُّباعيةِ فأحسَّ بداخلٍ، فهنا لا يُستحبُّ الانتظار
o وذهبَ بعضُ أهلِ العِلمِ إلى أنَّه لا ينتظرُ الدَّاخلَ مطلقاً، حتى وإنْ كان دخولُه في الرُّكوعِ في الركعةِ الأخيرةِ الذي تُدركُ به الجماعةُ، قال لأنَّ الصلاةَ لها هيئةٌ معلومةٌ في الشَّرعِ، فلا ينبغي أن تُغَيَّرَ مِن أجلِ مراعاةِ أحدٍ ولكن؛ الصحيحُ ما سَبَقَ تفصيلُه.

  #30  
قديم 12 ربيع الثاني 1431هـ/27-03-2010م, 08:35 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

تابع صلاة الجماعة :
o صلاة المرأة في المسجد :

§ أفضل صلاة النساءُ في بيوتُهنَّ والدليل :
· قول النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم «لا تمنعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ، وبيوتُهُنَّ خيرٌ لَهُنَّ»
· ويُستثنى مِن ذلك الخروجُ لصلاةِ العيدِ، فإنَّ الخروجَ لصلاةِ العيدِ للنِّساءِ سُنَّةٌ، لأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أَمَرَ أَنْ يخرج العواتقُ وذواتُ الخُدورِ
§ وأما إذا استأذنت مِن وليِّ أمرِها للخروج إلى المسجد كره منعها والدليلُ :
· قولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا تمنعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ»
§ وقال بعضُ العلماءِ إنَّ هذا الحديث نهيٌ، والأصلُ في النَّهيِ التحريمُ، وعلى هذا؛ فيحرمُ على الوَليِ أنْ يمنعَ المرأةَ إذا أرادت الذِّهابَ إلى المسجدِ لتصلِّي مع المسلمين، وهذا القول هو الصَّحيحُ. ويدلُّ لهذا:
· أنَّ ابنَ عُمرَ رضي الله عنه لما قال له ابنُه بلالٌ حينما حَدَّثَ بهذا الحديث: «واللهِ لَنَمْنَعُهُنَّ» لأنَّه رأى الفتنةَ، وتغيُّرَ الأحوالِ قال: والله لَنَمْنَعُهُنَّ، أقبلَ إليه عبدُ الله فسبَّهُ سبًّا شديداً ما سبَّهُ مثلَه قطُّ، وقال له: أقولُ لك: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «لا تمنعوا إماءَ اللهِ» وتقول: «والله لَنَمْنَعُهُنَّ.
· وهذا الفِعْلُ مِن ابنِ عُمرَ يدلُّ على تحريمِ المَنْعِ.
· لكن إذا تغيَّرَ الزَّمانُ فينبغي للإِنسانِ أن يُقْنِعَ أهلَه بعَدَمِ الخروجِ، حتى لا يخرجوا، ويَسْلَمَ هو مِن ارتكابِ النَّهْيِ الذي نَهَى عنه الرَّسولُ صلّى الله عليه وسلّم.
§ وأما إذا أرادت الخرج متطيِّبةً فيجوزُ للوَليِّ أن يمنعَها، بل يجب أنْ يمنعَها في هذه الحالِ :
· لأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم نهاها أن تشهد صلاةَ العشاءِ إذا كانت متطيِّبةً
· وكذلك لو خرجت متبرجةً بثيابِ زينةٍ أو بنعالٍ صرَّارةٍ أو ذاتِ عَقِبٍ طويلٍ، أو ما أشبه ذلك؛ فله أنْ يمنعَها قياساً على منعِها مِن الخروج متطيِّبةً.
o أحكامَ الإِمامةِ :
§ الأولى بالإمامة :
· الأولى بالإِمامة هو الذي يتصف بصفتين :
o أن يكون أقرأ والمقصود به الأجودُ قِراءةً، أي الذي يقرؤه قراءةً مجوَّدةً
o وعالم بفقه الصلاة أي الذي يعلم فِقْهَ الصَّلاةِ، بحيث لو طرأَ عليه عارضٌ في صلاتِهِ مِن سهوٍ أو غيرِه تمكَّنَ مِن تطبيقِهِ على الأحكامِ الشرعيَّةِ
o فإذا اجتمعَ أقرأُ وقارىءٌ فَقِيهٌ :
§ كلامُ المؤلِّفِ يفيد أنه يقدم الأقرأ غير الفقيه الذي لا يَعرفُ مِن أحكامِ الصَّلاةِ إلا ما يعرِفُهُ عامَّةُ الناسِ مِن القراءةِ والرُّكوعِ والسُّجودِ على القارىءُ الفقيهُ ودليلُ ذلك :
· قولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «يَؤُمُّ القومَ أقرؤُهُم لكتابِ اللهِ»
§ وذهبَ بعضُ العلماءِ إلى أَنَّه إذا اجتمعَ أقرأُ وقارىءٌ فَقِيهٌ، قُدِّمَ القارىءُ الفقيهُ، على الأقرأ غير الأفقه وأجابوا عن الحديث :
· بأنَّ الأقرأَ في عهد الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم والصحابةِ هو الأفقهُ؛ لأنَّ الصحابةَ كانوا لا يقرؤون عشرَ آياتٍ حتى يتعلَّمُوها؛ وما فيها مِن العِلْمِ والعمل
· وهذا القول هو الرَّاجحُ
· يلي الأقرأ الأفقه :
o فإذا اجتمعَ قارئان متساويان في القِراءةِ، لكن أحدُهما أَفْقَهُ قدم والدَّليلُ :
§ قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يؤم القوم أقرأهم لكتابِ الله، فإنْ كانوا في القِراءةِ سواءً فأعلَمُهُم بالسُّنَّةِ...»
· ثم الأكبرُ سنا :
o إذا تساوَيا فيما سَبَقَ قدم الأكبر سنا والدليل :
§ قول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في حديث مالك بن الحُويرث: «... ثم لِيَؤُمَّكُمْ أكبرُكُم»
§ ولقوله صلّى الله عليه وسلّم: «فإنْ كانوا في السُّنَّةِ سَواءً فأقدَمُهُم هِجْرَةً، فإنْ كانوا في الهجرةِ سواءً فأقدَمُهُم سِلْماً أو قال سِنًّا»
· ثم الأشرف :
o أي الأشرفُ نَسَباً، فالقرشيُّ مقدَّمٌ على غيرِه مِن قبائلِ العربِ
o فلو استووا في القِراءةِ وفي الفِقهِ على كلامِ المؤلِّفِ، وفي السِّنِّ قُدِّمَ الأشرفُ والدليلُ :
§ ما يُذكرُ عن رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم أنَّه قال: «قَدِّمُوا قريشاً، ولا تَقَدَّموها»
§ لكن الحديثَ ضعيفٌ والصَّلاةُ عِبادة وطاعة؛ لا يُقدَّمُ فيها إلا مَن كان أَولى بها عند اللهِ سبحانه وتعالى
§ والصَّحيحُ إسقاطُ هذه المرتبةِ، وأنَّه لا تأثير لها في باب إمامةِ الصَّلاةِ.
· ثم الأقدم هجرة :
o إذا كانوا فيما سبق سواءً فأقدَمُهم هِجرةً أي: لو كانا مسلمين، ولكنَّهما في بلادِ كُفرٍ، فَسَبَقَ أحدُهما في الهِجرةِ إلى بلادِ الإسلام، فالمُقدَّمُ الأسبقُ هِجرةً؛ لأنَّه أسبقُ في الخَيرِ، وأقربُ إلى معرفةِ الشَّرعِ ممَّنْ تأخَّرَ وبقيَ في بلادِ الكفرِ والدليل :
§ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «فإنْ كانوا في السُّنَّةِ سَواءً فأقدَمُهُم هِجْرَةً»
§ لكن هذا الترتيبُ ضعيفٌ لمخالفتِه قولَ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «يَؤمُّ القومَ أقرَؤُهم لكتابِ اللهِ، فإن كانوا في القِراءةِ سواءً فأعلَمُهُمْ بالسُّنَّةِ، فإنْ كانوا في السُّنَّةِ سواءً فأقدَمُهم هِجرةً، فإن كانوا في الهِجرةِ سواءً فأقدَمُهم سِلماً»
§ فجعلَ النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم الأقدمَ هجرةً في المرتبةِ الثالثةِ.
· ثم الأتقى» :
o أي الأشدُّ تقوى لله عزّ وجل والدَّليلُ:
o قوله تعالى: {{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}} [الحجرات: 13] وظاهرُ هذا الدَّليلِ أنَّ الأتقى مُقدَّمٌ على كُلِّ واحدٍ ممَّنْ سَبَقَ ، لأنَّه عامٌّ. وهذا فيه نظر
· فالمراتبُ على ما ذهبَ إليه المؤلِّفُ رحمه الله سِتٌّ:
o الأقرأُ، ثم الأَفْقَهُ، ثم الأَسَنُّ، ثم الأشرفُ، ثم الأقدمُ هِجرةً، ثم الأتقى.
o والصَّحيحُ: ما دَلَّ عليه الحديثُ الصحيحُ وهي خمسٌ: الأقرأُ، فالأعلمُ بالسُّنَّةِ، فالأقدم هِجرةً، فالأقدمُ إسلاماً، فالأكبرُ سِنًّا أما التقوى: فهي صِفةٌ يجبُ أن تُراعى ـ بلا شَكٍّ ـ في كُلِّ هؤلاء، ولا اعتبارَ للشرف
· ثم من قرع :
o إذا استوى رَجُلان في هذه المراتبِ كلِّها ؛ ففي هذه الحال نستعملُ القُرْعَةَ، فمَن غَلَبَ في القُرعةِ فهو أحقُّ بالإمامة والدليل على استعمال القُرعةِ في العباداتِ:
§ قَولُ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «لو يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّداءِ والصَّفِّ الأولِ، ثم لم يجدوا إلا أنْ يَسْتَهِموا عليه لاسْتَهَمُوا»
· ساكنُ البيتِ :
o ساكنُ البيتِ أحقُّ مِن الضَّيفِ والدليل :
§ قولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا يَؤمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في أهلِهِ ولا في سُلطانِهِ»
§ والنَّهيُ على سبيلِ التَّنزيه، وقيل على سبيلِ التَّحريمِ
§ إذا اجتمعَ مالكُ البيتِ ومستأجرُ البيتِ، فالمستأجرُ أَولى لأنَّه مالكُ المنفعةِ، فهو أحقُّ بانتفاعِهِ في هذا البيتِ
· إمام المسجد :
o أي: أنَّ إمامَ المسجدِ أحقُّ مِن غيرِه، حتى وإنْ وُجِدَ مَن هو أقرأُ والدليل :
§ قولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا يُؤمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلطانه» ، وإمامُ المسجدِ في مسجدِه سُلطانٌ فيه.
§ ولأننا لو قلنا إنَّ الأقرأَ أَولى؛ حتى ولو كان للمسجدِ إمامٌ راتبٌ؛ لحصَلَ بذلك فوضى
§ ويستثنى من ذالك ذو السلطان وهو الإِمام الأعظم فلو أنَّه حَضَرَ إلى المسجدِ، فهو أَولى مِن إمامِ المسجدِ بالإِمامةِ واستدلُّوا:
· بعمومِ قولِهِ صلّى الله عليه وسلّم: «ولا يَؤمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلطانِهِ» مع أن الإِمامُ في مسجدِه سُلطانٌ إلا أن َسُلطة السلطانِ الأعظمِ أقوى، بدليل أنَّه يمكن للسُّلطانِ الأعظمِ أن يُزيلَ هذا عن منصِبِه.
· الحُرُّ أَولى مِن العبدُ الرَّقيقُ الذي يُباع ويُشترى والتعليل :
o أنَّ الحُرَّ غالباً أعْلمُ بالأحكامِ مِن العبدِ
o ولأنَّ العبدَ مملوكٌ، فلا يُؤمنُ أن يطلبَه سيدُه في أيِّ ساعةٍ مِن ليلٍ أو نهارٍ بخلاف الحُرِّ
o ولأنه إنْ كان العبدُ عبده فمرتبتُه أعلى مِن مرتبةِ العبدِ وهو سيدُه، فلا ينبغي أن يكون مأموماً له وهو أرفعُ منه.
· الحاضر الذي يسكن الحاضرةَ. أَولى مِن البدوي والتعليل :
o لأنَّ البدوَ غالباً يكونون جُفاةً جُهَّالاً، كما قال الله تعالى: {{الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ}} [التوبة: 97] .
· المقيم أَولى مِن المسافر والتعليل :
§ لأنَّ المقيمَ على المشهورِ مِن المذهبِ إذا نوى الإقامة أكثر مِن أربعة أيام لزمه أن يُتمَّ فكان بذلك أولى مِن المسافر الذي لا يتم
· البصير أَولى مِن الأعمى والتعليل :
o أنَّ البصيرَ يتحرَّزُ مِن النجاساتِ وغيرِها، ويُدرك استقبالَ القِبلة أكثر مِن الأعمى.
o وأيضاً: البصيرُ لو أَنَّ بعضَ أعضائِهِ في الوُضُوء لم يصبه الماءُ لعَلِمَ به بخلافِ الأعمى
· المختون أَولى مِن الأقلفِ والتعليل :
o لأنه أبعد مِن التنزُّه مِن النجاسةِ.
· ومَن عليه ثيابٌ سترُها أكملُ، أَولى ممَّن عليه ثيابٌ يسترُ بها قَدْرَ الواجبِ.
o وهؤلاء المذكورين السِّتَّة تصحُّ إمامتُهم :
§ فيصحُّ أن يؤمَّ العبدُ حُرًّا، ولو كان سيده لكن الأَولى الحُرُّ
§ وكذلك لو صَلَّى المسافرُ بالمقيمِ فإنَّ صلاتَه تصحُّ
§ وأيضاً: لو صَلَّى بدويٌّ بحاضرٍ لصحّت صلاتُهُ، لكن على خِلافِ الأَولى
§ ولو صَلَّى الأعمى بالبصيرِ صحَّتْ صلاتُهُ، لكن الأَولى العكسُ
§ وكذلك لو صَلَّى أقلفٌ بمختونٍ فصلاتُه صحيحةٌ، لكن الأَولى العكسُ
§ ولو صَلَّى مَن له ثيابٌ قليلةٌ بمَن له ثيابٌ كثيرة لصحّت الصلاةُ، ولكن الأَولى العكسُ

  #31  
قديم 13 ربيع الثاني 1431هـ/28-03-2010م, 07:46 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

تابع صلاة الجماعة :

§ مَن لا تصحُّ إمامتُهُ إما مطلقاً أو بمَن هو أكملُ منه ومن لا تصح :

· إمامة الفاسق :
o ظاهر كلام المؤلف رحمه الله أنها لا تصحُّ خلفَ الفاسقِ سواءٌ كان بمثلِهِ أو بغيرِه وحجتهم في ذالك :
§ ما يُروى عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «لا يَؤمَّنَّ فاجرٌ مؤمناً» لكن هذا الحديثُ ضعيفٌ، وعلى تقدير صِحَّتهِ فإن المرادَ بالفاجرِ الكافرَ
§ واستثنوا مِن هذا مسألتين: الجُمعة والعيد، إذا تعذَّرتا خلفَ غيره
o القول الثاني أنَّ الصلاةَ تصحُّ خلفَ الفاسقِ، ولو كان ظاهر الفسق، وذلك بدليلين أثريٍ ونظريٍ:
§ أما الأثري:
· عمومُ قولِ الرسولِ صلّى الله عليه وسلّم: «يؤمُّ القومَ أقرؤُهم لكتابِ اللهِ»
· خصوصُ قولِه صلّى الله عليه وسلّم في أئمةِ الجَورِ الذين يُصلُّون الصَّلاةَ لغيرِ وقتها: «صَلِّ الصَّلاةَ لوقتِها، فإنْ أدركتَها معهم فَصَلِّ، فإنَّها لك نافلةٌ»
· قوله صلّى الله عليه وسلّم: «يُصلُّونَ لكم، فإنْ أصابُوا فَلَكُم، وإنْ أخطأوا فَلَكُمْ وعليهم»
· أنَّ الصحابةَ رضي الله عنهم، ومنهم ابنُ عمر كانوا يُصلُّونَ خلفَ الحجَّاجِ وابنُ عُمرَ رضي الله عنه مِن أشدِّ الناسِ تحرِّياً لاتِّباعِ السُّنَّةِ واحتياطاً لها، والحجَّاجُ معروفٌ.
§ وأما الدليلُ النَّظريُّ :
· فنقول كلُّ مَن صحَّت صلاتُهُ صحَّت إمامتُه، ولا دليلَ على التفريقِ بين صحَّةِ الصَّلاةِ وصحَّةِ الإمامةِ، فما دام هذا يصلِّي صلاةً صحيحةً؛ فكيف لا أُصلِّي وراءَه
· وهذا القولُ هو الرَّاجحُ ولا يَسَعُ الناسَ اليومَ إلا هو؛ لأننا لو طبَّقنا القولَ الأولَ على الناسِ؛ ما وجدنا إماماً يصلحُ للإِمامة إلا نادراً. لكن يُقدَّمُ أخَفُّ الفاسقين على أشدِّهما
o من صلى خلف إمام فاسق في معتقدِك، غيرُ فاسقٍ في معتقدِه فصلاته صحيحة لأن العلماءُ رحمهم الله قالوا: تصحُّ الصَّلاةُ خلفَ المخالفِ في الفُروعِ، ولو فَعَلَ ما تعتقدُه حراماً
· إمامة الكافر :
o الكافرُ لا تصحُّ الصلاةُ خلفَه مطلقاً، سواءٌ كان كفرُه بالاعتقادِ، أو بالقولِ، أو بالفعلِ، أو بالتَّركِ
o من صلى خلف الكافر :
§ عالما به فهو متلاعبٌ آثم بذالك وصلاته باطلة؛ لأنَّه يَعلَمُ أنَّ هذا الكافرَ صلاتُه باطلةٌ، إذ كيف يأتَمَّ بشخصٍ يعلَمُ أنَّ صلاتَه باطلةٌ
§ فإن لم يعلَمْ به إلا بعدَ الصَّلاةِ :
· مِن العلماءِ مَن قال إنه لا يعيدُ الصَّلاةَ؛ لأنَّه معذورٌ وهو الصحيح.
· ومِنهم مَن قال بل يعيدُ الصَّلاةَ، لأنَّ مِن شرطِ صحَّةِ الإِمامة أن يكونَ الإِمامُ مسلماً
· إمامة المرأة :
o لا تصحُّ صلاةُ الرَّجُلِ خلفَ المرأة والدليلُ :
§ ما رُوي عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّه قال: «لا تَؤمَّنَّ امرأةٌ رَجُلاً» ، وهذا الحديث ضعيفٌ، لكن يؤيده في الحُكم قولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لن يُفْلِحَ قومٌ وَلَّوْا أمرَهم امرأةً».
§ ودليلٌ آخرٌ: أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «... خيرُ صُفوفِ النساءِ آخِرُها» وهذا دليلٌ على أنَّه لا موقعَ لَهُنَّ في الأمامِ، والإِمامُ لا يكونُ إلا في الأمامِ.
§ ولأنه قد تحصُلُ فتنةً تُخِلُّ بصلاةِ الرَّجُلِ إذا كانت إلى جَنْبِهِ أو بين يديه.
§ ويصحُّ أن تكون المرأةُ إماماً للنساء
· إمامة الخنثى :
o لا تصح صلاةُ الرَّجُلِ خلفَ الخُنثى . والخُنثى هو الذي لا يُعْلَمُ أَذكرٌ هو أم أنثى؟ والتعليل :
§ لاحتمالِ أنْ يكون أُنثى، وإذا احتملَ أن يكونَ أُنثى، فإنَّ الصَّلاةَ خلفَه تكون مشكوكاً فيها، فلا تصحُّ
§ والخُنثى يصحُّ أن يكون إماماً للمرأة؛ لأنه إما مثلُها أو أعلى منها.
§ ولا يصحُّ أن تكون المرأةُ إماماً للخُنثى لاحتمالِ أن يكون ذَكَراً
· إمامة الصبي :
o لا تصحُّ الإمامة مِن صبيٍّ لبالغٍ لدليلين ؛ أثريٍّ ونظريٍّ :
§ أما الأثريُّ فهو ما يُذكر عن رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أنَّه قال: «لا تُقدِّموا سفهاءَكمْ وصبيانَكمْ في صلاتِكم...»
§ وأما النظريُّ فهو أنَّ صلاةَ الصَّبيِّ نَفْلٌ، وصلاةُ البالغِ فَرْضٌ. والفرضُ أعلى رُتْبةً مِن النَّفْلِ، فإذا كان أعلى رُتْبَةً فكيف يكون صاحبُه تابعاً مَن هو أدنى منه رُتْبةً
§ وأما إمامةَ الصَّبيِّ للصَّبيِّ فجائزةٌ، هذا ما ذهبَ إليه المؤلِّفُ رحمه الله
o القول الثاني: أنَّ صلاةَ البالغِ خلفَ الصَّبيِّ صحيحةٌ ودليلُ ذلك :
§ ما ثَبَتَ في «صحيح البخاري» أن عَمرَو بنَ سَلَمة الجَرْمي أمَّ قومَه وله ستٌّ أو سبعُ سنين؛ لأنه كان رضي الله عنه يتلقَّفُ الرُّكبان، وهو صبيٌّ ذكيٌّ فيحفظُ منهم القرآنَ، ولما قَدِمَ أبوه مِن عند الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم حدَّثَهم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنَّه قال: «... فإذا حضرتِ الصلاةُ؛ فَلْيُؤَذِّنْ أحدُكُم وَلْيَؤُمَّكُمْ أكثرُكُم قرآناً»، قال: فنظروا، فلم يكنْ أحدٌ أكثرَ قرآناً منِّي؛ لِمَا كنتُ أتلقَّى مِن الرُّكبانِ، فقدَّمُوني بين أيديهم وأنا ابنُ سِتٍّ أو سبعِ سنينَ، وكانت عليَّ بُرْدَةٌ، وكنتُ إذا سجدتُ تَقَلَّصَتْ عنِّي، فقالت امرأةٌ مِن الحَيِّ: ألا تُغَطُّون عنَّا إسْتَ قارِئِكم؟!. فاشتروا فقطعوا لي قميصاً. فما فرحتُ بشيءٍ فرحي بذلك القميصِ
§ أما حديث: «لا تُقدِّموا صبيانكم في صلاتِكم» فهو حديثٌ لا أصلَ له إطلاقاً، فلا يصحُّ عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم.
§ وأما التَّعليلُ فلا قياسَ في مقابلة النَّصِّ؛ لأنَّ القياسَ رأيٌ يُخطئُ ويُصيبُ، ولا يجوز القول في الدين بالرَّأي، فإذا كان لدينا حديثٌ صحيحٌ فإنَّ الرأيَ أمامَه ليس بشيءٍ
· إمامة الأخرس :
o ظاهرُ كلامِ المؤلف أنه لا تصحُّ إمامةُ الأخرسِ لا بمثلِه ولا بغيرِه ، سواء كان الخرس لازما أم عارضا والتعليل :
§ أنه لا يستطيع النُّطقَ بالرُّكنِ كقراءة الفاتحةِ، ولا بالواجبات كالتشهد الأول، ولا بما تنعقدُ به الصَّلاةُ، وهو تكبيرةُ الإِحرامِ
§ وهذا التعليلُ قد يكون متوجِّهاً بالنسبةِ لكونه إماماً لِمَن هو قادرٌ على النُّطقِ، لكن بالنسبة لمَن هو عاجزٌ عن النُّطقِ، فهذا التَّعليلُ يكون عليلاً
o القولُ الثانى في المسألة وهو الراجحُ أنَّ إمامةَ الأخرسِ تصحُّ بمثلِه وبمَن ليس بأخرس :
§ لأنَّ القاعدةَ أنَّ كلَّ مَن صحَّتْ صلاتُه صحَّتْ إمامتُه
§ لكن لا ينبغي أن يكون إماماً؛ لأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «يَؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ» وهذا لا يقرأ، لكن بالنسبة للصِّحَّةِ فالصحيحُ، أنَّها تصحُّ.
· إمامة العَاجِز عَنْ الركوع أَو السجود أَوْ القعود أَو القيام :
o لا تصحُّ إمامتهم للقادر والتعليل:
§ أنَّ القادرَ أكملُ حالاً مِن العاجزِ ، ولا يصحُّ أن يكون العاجزُ إماماً للقادرِ وهذا هو المذهبُ.
§ ويستثنى من القيام إمام الحي أي: الإِمامَ الراتبَ بشرط :
· أن يكون عجزُه عن القيامِ طارئاً يُرجى زوالُه
· وأما إن كان عجزه مستمرًّا كالشيخِ الكبير، فإن الصَّلاةَ خلفَه لا تصحُّ
§ والصحيح أن إمام الحي كغيره والعجز الذي يرجى زواله كالذي لا يرجى زواله لورود ذالك في الشرع مطلقا فلا يجوز لنا تقييده
§ ويصحُّ إمامتهم بمثلهم إذا تساووا في العِلَّة
o والصحيحُ أننا نصلِّي خلفَ العاجزِ عن القيامِ والرُّكوعِ والسُّجودِ والقعودِ. وهذا القولُ هو اختيارُ شيخِ الإِسلامِ ابنِ تيمية رحمه الله. وهو الصحيحُ :
§ بناءً على عموماتِ الأدلةِ كقوله صلّى الله عليه وسلّم: «يؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ الله»
§ وعلى القاعدة التي ذكرناها وهي أنَّ مَن صحّتْ صلاتُه صحّت إمامتُه ويستثنى من ذالك المرأة لاختلاف الجنس
· إمامة القاعد :
o المذهب أن إمام الحي إذا صلى قاعدا لعجز يرجى برؤه فالسُّنَّةُ أن يصلي من خلفَه جلوساً ودليلُ ذلك :
§ قولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّما جُعِلَ الإِمامُ ليؤتمَّ به» إلى أن قال: «وإذا صلَّى قائماً فصلُّوا قياماً، وإذا صَلَّى قاعداً فصلّوا قعوداً أجمعون» .
§ وهذا نصٌّ صريحٌ بأنَّ الصَّلاةَ خلفَ العاجزِ عن القيامِ بالقادرِ عليه صحيحةٌ، وأنَّه يصلِّي خلفَ إمامِهِ قاعداً اقتداءً بإمامِهِ.
§ ولو صَلّوا وراءَه قياماً فصلاتُهم صحيحةٌ؛ لأنَّ الصَّلاةُ لا تَبطلُ بِتَرْكِ السُّنَّةَ
§ فإن ابتدأ بهم الصلاة قائما ثم أصابته علة أثناءها فَجَلَسَ أتموا خلفه قياماً وجوباً والدَّليلُ :
· فِعْلُ الرسولِ صلّى الله عليه وسلّم في مرضِ موتِهِ «حين دَخَلَ المسجدَ وأبو بكرٍ يصلِّي بالناسِ، قد ابتدأ بهم الصلاةَ قائماً، فَجَلَسَ النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إلى يسارِ أبي بكرٍ، وبقي أبو بكرٍ قائماً ولم يأمرهم النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بالجلوس»
o وذهبَ بعضُ العلماءِ إلى أن الصَّلاةَ خلفَه يجبُ أن تكون قعوداً واستدلُّوا لذلك بما يلي:
§ قول الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم: «صَلُّوا قعوداً» والأصلُ في الأمرِ الوجوبُ، لا سيَّما وأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم علَّلَ ذلك في أول الحديثِ بقولِهِ: «إنما جُعِلَ الإِمامُ ليؤتمَّ به».
§ أنه لما صَلَّى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بأصحابِهِ ذاتَ يومٍ، وكان عاجزاً عن القيامِ فقاموا، أشار إليهم أن اجلسوا، فجلسوا. فكونُه يُشيرُ إليهم حتى في أثناء الصَّلاةِ يدلُّ على أنَّ ذلك على سبيلِ الوجوبِ.
§ وهذا القولُ هو الصَّحيحُ، أنَّ الإِمامَ إذا صلَّى قاعداً وَجَبَ على المأمومين أن يصلُّوا قعوداً، فإن صلُّوا قياماً فصلاتُهم باطلةٌ
o وذهبَ كثيرٌ مِن أهلِ العلمِ إلى أنَّ الإِمامَ إذا صَلَّى قاعداً وَجَبَ على المأمومين القادرين على القيامِ أن يصلُّوا قياماً. فإنْ صلُّوا قعوداً بطلتْ صلاتُهم واستدلُّوا لذلك بما يلي :
§ أن النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم خَرَجَ في مَرَضِ موتِه والناسُ يصلُّون خلفَ أبي بكرٍ، فتقدَّمَ حتى جَلَسَ عن يسارِ أبي بكرٍ، فجعل يُصلِّي بهم عليه الصَّلاةُ والسَّلام قاعداً وهم قيام قالوا وهذا في آخرِ حياتِهِ، فيكون ناسخاً لقولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إذا صَلَّى قاعداً فصلُّوا قعوداً أجمعون» . وناسخاً لإِشارته إلى أصحابه: «حين صلّى قاعداً فصلُّوا خلفَه قياماً فأشارَ إليهم أنِ اجلسوا»
§ أنَّ القيامَ رُكنٌ على القادرِ عليه، وهؤلاء قادرون على القيامِ فيكون القيامُ في حقِّهم رُكناً
§ لكن هذا القولَ ضعيفٌ؛ وذلك لأنه لا يجوز الرجوعُ إلى النَّسخِ إلا عند تعذُّرِ الجمعِ والجمعُ هنا ممكنٌ جداً، أشار إليه الإِمام أحمد رحمه الله فقال: «إنما بقيَ الصَّحابةُ قياماً، لأنَّ أبا بكرٍ ابتدأَ بهم الصَّلاةَ قائماً». وعلى هذا لو حَدَثَ لإِمام الحَيِّ عِلَّةٌ في أثناء الصَّلاةِ أعجزته عن القيام؛ فأكملَ صلاتَه جالساً، فإنَّ المأمومين يتمُّونَها قياماً. وهذا لا شَكَّ أنه جَمْعٌ حَسَنٌ واضح.
· إمامة من به سلس البول:
o إذا صَلَّى مَنْ به سلسُ البولِ إماماً بمَن هو سالمٌ مِن هذا المرضِ، فصلاةُ المأمومِ باطلةٌ وصلاةُ هذا أيضاً باطلةٌ :
§ لأنَّه نَوى الإِمامةَ بمَن لا يصحُّ ائتمامُه به إلا أنْ يكون جاهلاً بحاله.
§ والعلَّةُ في عدمِ صحَّةِ إمامتِه: أنَّ حالَ مَن به سَلسُ البولِ دون حالِ مَن سَلِمَ منه، ولا يمكن أن يكون المأمومُ أعلى حالاً مِن الإِمامِ.
o والقول الصحيحُ في هذا: أن إمامةَ مَن به سَلَسُ البولِ صحيحةٌ بمثْلِهِ وبصحيحٍ سليمٍ ودليلُ ذلك :
§ عمومُ قولِه صلّى الله عليه وسلّم: «يؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ» وهذا الرَّجلُ صلاتُه صحيحةٌ؛ لأنَّه فَعَلَ ما يجب عليه، وإذا كانت صلاتُه صحيحةٌ لزمَ مِن ذلك صحَّةُ إمامتِه.
§ وقولهم إنَّ المأمومَ لا يكون أعلى حالاً مِن الإِمام مُنتقضٌ بصحَّةِ صلاةِ المتوضئِ خلفَ المُتَيمِّمِ وهم يقولون بذلك مع أنَّ المتوضئَ أعلى حالاً، لكن قالوا: إنَّ المتيمِّمَ طهارتُه صحيحةٌ. ونقول: ومَن به سَلَسُ البولِ طهارتُه أيضاً صحيحةٌ
· الصلاةُ خلفَ المُحدثِ :
o تصحُّ الصلاةُ خلفَ المُحدثِ بشرطِ أن يكونَ الإِمامُ والمأمومُ جاهلين بذلك حتى تتمَّ الصلاةُ :
§ فأما المأموم فلا يعيدُ صلاتَه وذالك أن عُذْره ظاهرٌ؛ لأنَّه لا يعلمُ الغيبَ، ولا يكلِّفُ اللهُ نفساً إلا وسعَها
§ وأما الإِمامُ فيعيدُ لأنه صَلَّى بغيرِ وضوءٍ، وقد قال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا يقبلُ اللهُ صلاةَ أحدِكم إذا أحدثَ حتى يتوضَّأ».
o فإنْ عَلِمَ الإمام أو أحدٌ مِن المأمومينَ في أثناءِ الصَّلاةِ أنه مُحدثٌ فإنَّ صلاتَه تبطلُ، وصلاةُ المأمومين تبطلُ أيضاً. :
§ أما بُطلانُ صلاة الإمام فظاهرٌ :
· لأنه تبيَّن أنه على غيرِ وُضُوءِ، فتبيَّن أنَّ صلاتَه لم تنعقدْ.
§ وأما صلاةُ المأموم العالم :
· فلأنَّه تبيَّن أنَّه اقتدى بمَن لا تصحُّ صلاتُه فبطلت صلاتُه
· ولأنَّ صلاتَه مبنيَّةٌ على صلاةِ إمامِه، فإذا بَطلتْ صلاةُ الإِمامِ بَطلتْ صلاةُ المأمومِ.
§ وتبطل صلاة باقي المأمومين وإن جهلوا :
· لكن هذا الحكمُ الثاني ليس له عِلَّةٌ واضحةٌ أنه إذا عَلِمَ واحدٌ مِن المأمومينَ أعادَ الكُلُّ.
§ والصحيح في هذه المسألة أنَّ صلاةَ المأمومينَ صحيحةٌ بكُلِّ حالٍ، إلا مَن عَلِمَ أنَّ الإِمامَ مُحدِثٌ :
· وذلك لأنهم كانوا جاهلين، فهم معذورون بالجهلِ، وليس بوسعِهم ولا بواجبٍ عليهم أن يسألوا إمامَهم
· وههنا قاعدةٌ مهمَّةٌ جداً وهي: «أنَّ مَن فَعَلَ شيئاً على وَجْهٍ صحيحٍ بمقتضى الدَّليلِ الشَّرعي، فإنَّه لا يمكن إبطالُه إلا بدليلٍ شرعيٍّ»


· الصلاة خلف من يحمل النجاسة :
o جَعَلَ المؤلِّفُ رحمه الله حكمها كحكم الصَّلاةِ خلفَ المحدث
o فإذا صَلَّى الإِمامُ بنجاسةٍ يجهلُها هو والمأمومُ، ولم يعلمْ بها حتى انتهتِ الصَّلاةُ :
§ فإنَّ صلاةَ المأمومينَ صحيحةٌ لأنَّهم معذورون بالجهلِ
§ وأما الإِمامُ فلا تصحُّ صلاتُه فيجبُ أن يغسلَ النجاسةَ التي في ثوبِهِ أو على بدنِهِ، ثم يعيدُ الصَّلاةَ؛ لأنَّ مِن شَرْطِ صحَّةِ الصَّلاةِ اجتنابَ النجاسةِ
o فإنْ عَلِمَ في أثناءِ الصَّلاةِ وَجَبَ عليه أن يستأنفَ الصَّلاةَ هو والمأمومون بعد إزالةِ النجاسةِ
o والقولُ الصَّحيحُ في هذه المسألةِ :
§ أنه إذا جَهِلَ الإِمامُ النجاسةَ هو والمأمومُ حتى انقضتِ الصَّلاةُ فصلاتُهم جميعاً صحيحةٌ، والعذرُ للجميع الجهلُ والمصلِّي بالنَّجاسةِ جاهلاً بها على القولِ الرَّاجحِ ليس عليه إعادةٌ
§ وكذلك لو عَلِمَ بها لكن نسيَ أن يغسِلَها فإن صلاتَه على القول الرَّاجحِ صحيحةٌ
o والفرقُ بين هذه والتي قبلَها على القول الرَّاجحِ :
§ أنه إذا جَهِلَ المصلِّي بالحدثَ أعادَ الصلاةَ، لأنَّ الوُضُوءَ مِن الحَدَثِ مِن بابِ فِعْلِ المأمورِ
§ ولا يعيدُ الصَّلاةَ إذا كان جاهلاً بالنجاسةِ. لأن اجتنابَ النَّجاسةِ مِن بابِ تَرْكِ المحظورِ، إذا فَعَلَهُ جاهلاً لا يلحقُه حكمُه ويدلُّ لهذا القولِ الرَّاجِحِ :
· «أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم صَلَّى بأصحابِه ذاتَ يومٍ وعليه نعلاه فَخَلَعَهُما، فَخَلَعَ الصحابةُ نعالَهم، فلمَّا انصرفَ سألهم: لماذا خلعوا نِعالهم؟ قالوا: رأيناكَ خلعتَ نعليكَ فخلعنا نِعالنا، فقال: إنَّ جبريلَ أتاني فأخبرني أنَّ فيهما قَذَراً فَخَلَعتُهما»
o وعليه إنْ عَلِمَ الإِمامُ في أثناءِ الصَّلاةِ بالنجاسةِ، فإنْ كان يمكنه إزالتها أزالها، وإنْ كان لا يمكنه انصرفَ، وأتمَّ المأمومون صلاتَهم.
· إمامة الأمي :
o تصح إمامةُ الأمي بمثله لمساويهما في النَّقْصِ
o ولا تصحُّ بقارئ على المذهب وتعليل ذلك :
§ أنَّ المأمومَ أعلى حالاً مِن الإِمامِ، فكيف يأتمُّ الأعلى بالأدنى
§ والأمي هو :
· من لا يحسن قراءة الفاتحة لا حِفظاً ولا في المصحفِ
· أو يُدغِمُ فيها ما لا يُدْغَمُ ووجه ذلك :
o أنَّه إذا أدْغَمَ فيها ما لا يُدْغَمُ فقد أسقطَ ذلك الحرفِ المُدْغَمِ
· أو يبدل فيها حرفاً وهو الألتغُ ويُستثنى مِن هذه المسألةِ :
o إبدالُ الضَّادِ ظاءً فإنَّه معفوٌّ عنه على القولِ الرَّاجحِ وهو المذهبُ، وذلك لخَفَاءِ الفَرْقِ بينهما، ولا سيَّما إذا كان عاميَّاً
o إبدالُ الصَّادِ سيناً، مثل السراط والصراط، فهذا جائزٌ بل ينبغي أنْ يقرأَ بها أحياناً، لأنها قِراءةٌ سبعيَّةٌ
· أو يلحن فيها لحناً يحيل المعنى :
o واللَّحنُ تغييرُ الحركات، سواءٌ كان تغييراً صرفياً أو نحوياً
o مثال ما يحيل المعنى «إياكِ نعبد» بكسر الكاف فهذه إحالةٌ شديدةٌ فهو أُمِّيٌّ، ولو قال «صراط الذين أنعمتُ عليهم» بضم التاء فهذا يُحيلُ المعنى أيضاً
o والقول الثاني وهو رواية عن الإمام أحمد :
§ أنه يَصحُّ أن يكون الأُمِّيُّ إماماً للقارئ، لكن ينبغي أنْ نتجنَّبَها؛ لأنَّ فيها شيئاً مِن المخالفةِ لقول الرسولِ صلّى الله عليه وسلّم: «يَؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ» ومراعاةً للخِلافِ
o وإن قَدِر الأُمِّيُّ على إصلاح اللَّحنِ الذي يُحيلُ المعنى ولم يُصلِحْهُ فإنَّ صلاتَه لا تَصِحُّ :
§ وإن لم يَقْدِرْ فصلاتُه صحيحةٌ دون إمامتِه إلا بمثلِه.
§ ولكن الصحيحُ أنَّها تصحُّ إمامتُه في هذه الحالِ؛ لأنَّه معذورٌ لعجزِه عن إقامةِ الفاتحةِ وقد قال الله تعالى: {{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}}

  #32  
قديم 14 ربيع الثاني 1431هـ/29-03-2010م, 08:23 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

تابع صلاة الجماعة :

§ مَن تكره إمامتُهُ :

· إمامةُ اللَّحَّان :
o تكره إمامةُ اللَّحَّان في غيرِ الفاتحةِ واللَّحَّانُ كثيرُ اللَّحْنِ والدليلُ:
§ قولُ النَّبيِّ عليه الصلاة والسلام: «يؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ» ، وهذا خَبَرٌ بمعنى الأمرِ، فإذا كان خبراً بمعنى الأمر فإنَّه إذا أمَّهم مَن ليس أقرأهم فقد خالفوا أَمْرَ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم.
· إمامةُ الفأفاء والتمتام ومن لا يفصح ببعض الحروف :
o الفَأْفَاء هو الذي يُكرِّرُ الفاءَ والتمتام هو مَن يُكرِّرُ التاءَ
o تُكره إمامةُ الفأفاء والتمتام وكُل من يُكرِّرُ الحروفَ وتعليل ذالك :
§ مِن أجلِ زيادةِ الحَرْفِ، ولكن لو أمَّ النَّاسَ فإمامتُه صحيحةٌ
o وأيضا تُكره إمامةُ من لا يفصح ببعض الحروف في غير الفاتحة أي يخفيها بعضَ الشيءِ، ولا يُسقِطُها بل يَذكرُها، ولكن بدون إفصاحٍ
· ولم يذكرِ المؤلِّفُ كراهةَ إمامةِ مَن لا يقرأُ بالتَّجويدِ :
o لأنَّه لا تُكره القِراءةُ بغيرِ التَّجويدِ.
o والتَّجويدُ مِن بابِ تحسين الصَّوتِ بالقرآنِ، وليس بواجبٍ، إنْ قرأَ به الإِنسانُ لتحسينِ صوتِه فهذا حَسَنٌ، وإنْ لم يقرأْ به فلا حَرَجَ عليه ولم يفته شيءٌ يأثم بتركِهِ
o وشيخَ الإِسلامِ رحمه الله ذمَّ أولئك القومَ الذين يعتنون باللَّفظِ، ورُبَّما يكرِّرونَ الكلمةَ مرَّتين أو ثلاثاً مِن أجل أن ينطِقُوا بها على قواعد التَّجويدِ، ويَغْفُلُونَ عن المعنى وتدبُّرِ القرآنِ.
· من أمَّ أجنبية فأكثر :
o يُكرَه أنْ يؤمَّ أجنبيةً فأكثر على المذهب. والأجنبيةُ مَن ليست مِن مَحارِمِهِ
o والصحيح :
§ أنه إذا كانت أجنبيةٌ وحدَها، فإذا استلزم الخَلوةَ فإنَّه يحرُمُ عليه أن يَؤمَّها، لأنَّ ما أفضى إلى المُحَرَّمِ فهو محرَّمٌ :
· والنَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم نَهى أنْ يخلوَ الرَّجُلُ بالأجنبيةِ
§ وأما إن كانتا امرأتان فأكثر، فإذا كان الإِنسانُ أميناً فلا حَرَجَ أن يؤمَّهُمَا :
· وذلك لأنَّه إذا كان مع المرأة مثلُها انتفت الخَلوة
· إلا إذا خَافَ الفِتنةَ، فإنْ خَافَ الفِتنةَ فإنَّه حرامٌ؛ لأنَّ ما كان ذريعةً للحرامِ فهو حرامٌ
§ وأما لو كان معهنَّ رَجُلٌ فلا كراهةَ وهو ظاهرٌ.
· من أم قوماً أكثرهم يكرهه :
o فإن كانوا يكرهونه بحق فتكره إمامته لهم ودليل ذالك :
§ حديثُ «ثلاثةٌ لا تُجَاوِزُ صلاتُهم آذانَهم العبدُ الآبقُ حتى يرجعَ، وامرأةٌ بَاتَتْ وزوجُها عليها سَاخِطٌ، وإمامُ قومٍ وهم له كارهون»
§ لكن الحديثُ ضعيفٌ، ولو صَحَّ لكان فيه دليلٌ على بُطلان الصَّلاةِ، ومِن ثَمَّ قال الفقهاءُ بالكراهةِ.
§ ولو كان الأقلُّ يكرهه، فلا عبرةَ به
o أما لو كرهوه بغير حَقٍّ، مثل: لو كرهوه لأنَّه يَحْرِصُ على اتِّباعِ السُّنَّةِ في الصَّلاةِ فإن إمامتَه فيهم لا تُكره
o لكن؛ ظاهرُ الحديثِ الكراهةُ مطلقاً، وهذا أصحُّ؛ لأنَّ الغَرَضَ مِن صلاةِ الجماعةِ هو الائتلافُ والاجتماعُ وإذا كان هذا هو الغَرضُ؛ فمِنَ المعلومِ أنَّه لا ائتلافَ ولا اجتماعَ إلى شخصٍ مكروهٍ عندَهم
· إمامة ولد الزنا والجندي :
o تصح إمامة ولد الزنا والجندي إذا سلم دينهما ولا تُكره :
§ لعمومِ قولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «يؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ»
§ وإنَّما نَصَّ المؤلِّفُ على وَلَدِ الزِّنا والجُنديِّ؛ لأنَّ بعضَ العلماءِ كَرِهَ إمامَتهما. ولكن؛ لا وَجْهَ للكراهةِ
· إمامةُ مَن يؤدِّي الصَّلاةَ بمَن يقضيها وعكسه :
o تَصحُّ إمامةُ مَن يؤدِّي الصَّلاةَ بمَن يقضيها، أي أنَّ المؤدِّي هو الإِمامُ، والمأمومُ هو الذي يقضي كمن يدخل مع إماما يصلي ظهر اليوم وهو ينوي نية ظهر الأمس قضاءا بعد أن ذَكَرَ أنّه لم يصلها وتصِحُّ عكسه أي لو كان المؤدِّي هو المأمومُ ، والإِمامُ هو الذي يقضي :
§ لأنَّ الصَّلاةَ واحدةٌ، وإنَّما اختلفَ الزَّمنُ.
· إمامةُ المتنفل بالمفترض :
o لا يصحُّ ائتمامُ مفترضٍ بمُتنفِّلِ ودليلُ ذلك :
§ قول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّما جُعِلَ الإِمامُ ليؤتمَّ به فلا تختلفوا عليه» وهذا اختلافٌ عليه؛ لأنَّ المأمومَ مفترضٌ والإِمامُ مُتنفِّلٌ.
§ ثم إَنَّ صلاةَ المأمومِ أعلى مِن صلاةِ الإِمامِ في هذه الصُّورةِ، ولا ينبغي أن يُصلِّي الأعلى خلفَ الأدنى، هذا دليلُ ما قاله المؤلِّفُ رحمه الله وهو أحدُ القولين.
o القول الثاني في المسألة أن صلاةَ المفترضِ خلفَ المتنفِّلِ صحيحةٌ ودليل ذلك ما يلي :
§ أولاً عمومُ قولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «يؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ» (2) ولم يشترطِ النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم سوى ذلك، فالعمومُ يقتضي أنَّه لو كان الإِمامُ متنفِّلاً والمأمومُ مفترضاً فالصَّلاةُ صحيحةٌ.
§ ثانياً أنَّ معاذَ بنَ جَبَلَ كان يُصلِّي مع النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم صلاةَ العشاءِ، ثم يرجعُ إلى قومِهِ فيصلِّي بهم الصلاة نفسها. ومعلومٌ أنَّ الصلاةَ الأُولى هي الفريضة، والثانية هي النافلة، ولم يُنْكَرْ عليه
§ ثالثاً: أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان في بعضِ أنواعِ صلاةِ الخوفِ يُصلِّي بالطَّائفة الأُولى صلاةً تامَّةً ويسلِّمُ بها، ثم تأتي الطائفةُ الثانيةُ فيصلِّي بها النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم وهنا تكون الصَّلاةُ الأُولى للرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم فرضاً والثانيةُ نَفْلاً.
§ رابعاً أنَّ عَمرَو بنَ سَلَمةً الجرمي كان يصلِّي بقومِهِ وله سِتٌّ أو سبعُ سنين حيث كان أقرأ القومِ. ومِن المعلومِ أنَّ الصَّبيَّ لا فَرْضَ عليه، فالصَّلاةُ في حَقِّهِ نافلةٌ، ومع هذا أُقِرَّ والقرآنُ ينزِلُ.
§ وأما ما استدلَّ به أهلُ القولِ الأولِ :
· مِن قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّما جُعِلَ الإِمامُ ليُؤتمَّ به، فلا تختلفوا عليه» :أنَّهم هم أولُ مَن ينقضُ الاستدلالَ بهذا لأنهم يُجوِّزون أن يصلِّيَ الإِنسانُ المؤادَّةَ خلفَ المقضيَّةِ، وهذا اختلافٌ. ويُجوِّزون أنْ يصلِّيَ المُتنفِّلُ خلفَ المفترض، وهذا أيضاً اختلافٌ، فتبيّن أن المقصود الاختلاف في الأفعالِ وليس النيات
· وأما القاعدة التي أصلوها فقد دَلَّ حديثُ عَمرو بن سَلَمة الجرمي على أنه يصح أن يأتم الأعلى بالأدنى، فإن قومَهُ يصلُّون الصَّلاةَ فريضةً وهو يصلِّيها نَفْلاً
· وقد نَصَّ على ذلك الإِمامُ أحمدُ رحمه الله نفسُه فقال: إذا دَخَلَ والإِمامُ في صلاةِ التَّراويحِ وصَلَّى معه العشاءَ فلا بأس بذلك فالقولُ الرَّاجحُ بلا شَكٍّ هو هذا، وهو اختيارُ شيخِ الإِسلامِ ابنِ تيمية، وهو الذي تؤيّده الأدلَّة.
· إمامة من يصلي العصر بمن يصلي الظهر أو غيرها وكذلك العكسُ :
o لا يصحُّ ائتمامُ مَن يصلّي الظُّهرَ بمَن يصلِّي العصرَ أو غيرها مِن الصلوات الرباعية وذلك :
§ لاخْتلافِ نِيَّةِ الصَّلاتين وقد قال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّما جُعِلَ الإِمامُ ليؤتمَّ به، فلا تختلفوا عليه»
§ هذا هو المذهب ولا يُستثنى مِن ذلك إلا المسبوقُ في صلاةِ الجمعةِ إذا أدركَ أقلَّ مِن رَكعة فإنَّه في هذه الحالِ يدخلُ مع الإِمامِ بنيَّةِ الظُّهرِ، والإِمامُ يصلِّي الجُمعةَ قالوا هذا لا بأس به :
· لأن الظُّهرَ بَدَلٌ عن الجُمعة؛ إذا فاتت فبينهما اتِّصال
o القول الثاني أنَّه يَصِحُّ أن يأتمَّ مَن يصلِّي الظُّهرَ بمَن يصلِّي العَصرَ، ومَن يصلِّي العَصرَ بمَن يصلِّي الظُّهرَ، ولا بأسَ بهذا :
§ وذلك لعمومِ ما سبق مِن الأدلَّةِ.
§ وأما استدلالُهم بقولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم «إنَّما جُعِلَ الإِمامُ ليؤتمَّ به، فلا تختلفوا عليه» فقد بَيَّنا أنَّ المرادَ بالاختلافِ عليه مخالفتُه في الأفعالِ لقولِهِ «فإذا كَبَّرَ فكبِّروا» وعلى هذا القول :
· إذا صَلَّى صلاةً أكثر مِن صلاةِ الإِمام فلا إشكال كمن صلى العصر وراء من صلى المغرب
· وإذا صلَّى وراءَ إمامٍ صلاتُهُ أقلُّ مِن صلاةِ الإِمامِ كمن يصلي المغرب وراء من يصلي العشاء :
o إنْ دَخَلَ معه في الأولى فإنَّه يَلزمُه إذا قامَ الإِمامُ إلى الرابعةِ أنْ يجلسَ ولا يقوم وهو مخيّرٌ بين أن يُسلِّمُ، أو ينتظرُ الإِمامَ لكن يستحبُّ له أن ينويَ الانفرادَ ويسلِّمُ، إذا كان يمكنه أن يدركَ ما بقيَ مِن صلاةِ العشاءِ مع الإِمامِ؛ مِن أجلِ أنْ يُدركَ صلاةَ الجماعةِ في العشاءِ

  #33  
قديم 16 ربيع الثاني 1431هـ/31-03-2010م, 08:35 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

ü تابع صلاة الجماعة :

§ موقف الإِمامِ والمأمومين :

· موقف الإِمام :
o الإِمامُ على اسمه إمامٌ، فالأنسبُ أن يكون أَمامَ المُصلِّين حتى يتميَّز، ويكون قُدوةً ومتبوعاً، هكذا جاءت السُّنَّةُ
o وسبقَ في باب ستر العورة أنَّ إمامَ العُراة يصلِّي وسطَهم على سبيل الوجوبِ إلا إذا كانوا عُمياً أو في ظُلمة فإنه يتقدَّمُ ، وأن إمامةَ النِّساءِ تصلِّي وَسَطَهُنَّ على سبيل الاستحباب
· موقف المأمومين :

o إن كانوا مأمومَيْن فأكثر فلهم مع الإِمام ثلاثةُ مواقفٍ. :
§ الأول خلفَه وهو الأفضلُ.
§ الثاني عن جانبيه لأنَّ :
· عبدَ الله بنَ مسعودٍ رضي الله عنه وَقَفَ بين علقمةَ والأسود، وقال: «هكذا رأيتُ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فَعَلَ».
§ الثالث عن يمينِه فقط
§ وأما قدّامه :
· فلا يَصِحُّ أن يَقِفَ المأمومون قُدَّام الإِمام، فإن وَقَفَوا قُدَّامه فصلاتُهم باطلةٌ ودليل ذلك :
o أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان يَقِفُ أمامَ النَّاسِ
o وقال: «صَلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي» وهذا يَعمُّ الصَّلاةَ بأفعالِها وعددِها وهيئتِها وجميعِ أحوالِها، ومنها الوقوفُ
· وقال بعضُ أهل العِلْمِ إنَّ الصَّلاةَ لا تبطلُ :
o لأنَّه لم يَرِدْ عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّه نَهَى عن الصَّلاةِ قُدَّامَ الإِمامِ وغايةَ ما فيه أنَّ هذا فِعْلُه
o وقد وَقَفَ معه جابرُ بن عبد الله وجَبَّارُ بن صَخْر، أحدُهما عن يمينِه والثاني عن يسارِه، فأخذَهما وردَّهما إلى خَلْفِه. فلمَّا لم يكن فيه إلا الفِعلُ كان مستحبَّاً وليس بواجبٍ
o وإلى هذا ذهبَ الإِمامُ مالكٌ رحمه الله.
· وتوسَّطَ شيخُ الإِسلامِ ابنُ تيميَّة رحمه الله، وقال :
o إنَّه إذا دَعَتِ الضَّرورةُ إلى ذلك صحَّت صلاةُ المأمومِ قُدَّامَ الإِمامِ، وإلا فلا.
§ وأما عن يساره :
· لا تَصِحُّ صلاةُ المأمومِ إنْ وَقَفَ عن يسارِ الإِمامِ، بشرط خُلوِّ يمينِه ودليلُ ذلك :
o أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم «قام يُصلِّي ذاتَ ليلةٍ مِن الليلِ، وكان ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما قد نامَ عندَه، فَدَخَلَ معه ابنُ عباس، ووَقفَ عن يسارِه، فأخذ النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم برأسِه مِن ورائِه فجعله عن يمينِهِ» لأنَّها لو صحَّت لأقرَّه النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم على ذلك.
o والقاعدةَ أنَّ ما ثَبَتَ في النَّفْلِ ثَبَتَ في الفرضِ إلا بدليل
o وأنَّ النَّفْلَ يُتسامحُ فيه أكثرُ مِن التَّسامحِ في الفَرضِ، فإذا لم يُتسامحْ في النَّفْلِ عن يسار الإِمامِ، فَعَدَمُ التَّسامحِ في الفَرضِ مِن باب أَولى.
o وأما الإمام :
§ إنْ بقيَ على نِيَّةِ الإِمامةِ، فإنَّ صلاتَه لا تَصِحُّ؛ لأنه نَوى الإِمامةَ وهو منفردٌ
§ وأمَّا إن نَوى الانفرادَ، فإنَّ صلاتَه صحيحةٌ هذا تقريرُ كلامِ المؤلِّفِ
· وأكثرُ أهلِ العِلْمِ يقولون بصحَّةِ الصَّلاةِ عن يسار الإِمامِ مع خُلُوِّ يمينِهِ، وأنَّ كون المأمومِ الواحدِ عن يمين الإِمامِ إنَّما هو على سبيلِ الأفضليَّةِ، لا على سبيلِ الوجوبِ. واختار هذا القولَ شيخُنا عبدُ الرَّحمن بن سَعدي رحمه الله :
o ودفعوا الاستدلالَ بحديثِ ابنِ عبَّاس: بأنَّ هذا فِعْلٌ مجرَّدٌ، والفِعلُ المجرَّدُ لا يدلُّ على الوجوبِ.
o وأما إن كان فذا :
§ فإن كان خلفَ الإمام لوحده :
· فلا تَصِحُّ صلاته.
· وأمَّا الإمامُ ففيه تفصيلٌ:
o إنْ بقيَ على نيِّةِ الإمامةِ لم تَصِحَّ صلاتُه؛ لأنَّه نوى الإمامة وليس معه أحدٌ
o وإنْ نوى الانفرادَ فصلاته صحيحةٌ.
§ وإن كان خلف الصف :
· فلا تَصِحُّ صلاةُ المأمومِ :
o لأنَّه منفردٌ وقد جاءَ الحديثُ عن رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «لا صَلاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ»
o ورأى النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم رَجُلاً يُصلِّي وحدَه خَلْفَ الصَّفِّ فأمَرَه أنْ يعيدَ الصَّلاةَ. ولولا أنَّها فاسدةٌ ما أَمَرَه بالإِعادةِ.
o وما قاله المؤلِّف رحمه الله هو المذهب، وهو مِن المفردات.
· وذهبَ أكثرُ أهلِ العِلمِ وهو رواية عن الإمام أحمد إلى صِحَّة الصَّلاةِ منفرداً خلفَ الصَّفِّ، لعُذرٍ أو لغيرِ عُذر، ولو كان في الصَّفِّ سَعَةٌ واستدلّوا بما يلي :
o أن هذا المصلِّي صلَّى مع الجماعةِ، وفَعَلَ ما أُمِرَ به، وقد قال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّمَا جُعِلَ الإِمامُ ليؤتمَّ به» وقد ائتم بإمامِه فكبَّر حين كبّر.. إلخ.
o وأنَّ ابنَ عبَّاسٍ لما أداره الرَّسولُ عليه الصَّلاةُ والسلامُ عن يمينِهِ انفردَ بجُزءٍ يسيرٍ، والمُفسدُ للصَّلاةِ يستوي فيه الكثيرُ والقليلُ كالحَدَثِ
o وأجابوا عن حديث: «لا صلاةَ لمُنْفَرِدٍ خلفَ الصَّفِّ» أنَّ هذا النَّفْيَ نَفْيٌ للكمالِ كقوله: «لا صلاةَ بحضرةِ طعامٍ ولا وهو يدافِعُه الأخبثان»
o وأما ما وَرَدَ أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم «رأى رَجُلاً يصلِّي خلفَ الصَّفِّ فأمرَه أنْ يعيدَ الصَّلاةَ» ، فأجابوا عنه بأن هذا الحديثَ في صحَّته نَظَرٌ، وإذا صَحَّ فلعلَّ هناك شيئاً أوجب أنْ يأمرَه النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بإعادةِ الصَّلاةِ، وهذه قضيَّةُ عَينٍ لا نجزِمُ بأن السَّبَبَ هو كونه صَلَّى خلفَ الصَّفِّ.
· وقال بعضُ العلماءِ في ذلك تفصيلٌ، فإنْ كان لعذرٍ صَحَّت الصَّلاةُ، وإنْ لم يكن لعُذر لم تَصِحَّ الصَّلاةُ :
o وهذا القولُ وسطٌ، وهو اختيارُ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيمية رحمه الله، وشيخِنا عبد الرحمن بن سَعدي وهو الصَّوابُ.
· الرد على من صحح الصلاة خلف الصف مطلقا :
o أما استدلالهم بأنه فَعَلَ ما أُمِرَ به مِن المتابعةِ فهذا صَحيحٌ، لكن هناك واجباتٌ أخرى غير المتابعةِ وهي المُصافَّة، فإن المُصافَّةَ واجبةٌ فإذا تَرَكَ واجبَ المُصافَّة بطلتْ صلاتُه.
o وأما استدلالهم بانفراد ابنَ عبَّاس في جزء من الصلاة، فنحنُ لا نقولُ ببطلانِ الصَّلاةِ إذا انفردَ الإِنسانُ بمثلِ هذه الصُّورةِ، ومثله أيضا لو أنَّ شخصاً جاءَ وكبَّرَ خلفَ الصَّفِّ وهو يعرِفُ أن خلفَه رَجُلٌ أو رَجُلان سيأتيان معه، فلا بأس ما دامت الرَّكعة لم تفتْهُ وصلاتُه صحيحةٌ.
o وأما قولهم بأنَّ حديثَ: «لا صلاةَ لمُنْفَرِدٍ خلفَ الصَّفِّ» نَفْيٌ للكمالِ فهذا مردودٌ، لأنَّ الأصل في النَّفْيَ نفي الوجود الحسي فلما وجد من يصلي خلف الصف انتقلنا إلى نفي الوجودُ الشَّرعيُّ وهي الصِّحَّةُ ولا دليل ينقلنا إلى نفي الكمال فيكون الحديث دالا على نفي للصحة.
o وتنظيرهم بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاةَ بحَضْرةِ طعام» فيه نَظَرٌ، لأنَّ العِلَّةَ بنفي الصَّلاةِ بحَضْرةِ طعامٍ هي تشويشُ الذِّهنِ، فإنَّ الرَّسولَ صلّى الله عليه وسلّم كان إذا سَمِعَ بكاءَ الصَّبيِّ أوجز في الصَّلاةِ لئلا تُفْتَتَنَ أمُّه. وأمُّه سوف تبقى في صلاتِها، لكن يُشوِّشُ عليها بكاءُ ولدِها. وأيضاً أخبرَ النَّبيُّ عليه الصلاة والسلام: «أنَّ الشَّيطانَ يأتي إلى المصلي فيقول: اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكره» ، وهذا لا شك أنه يوجب غفلة القلب، فيدل هذا الحديث والذي قبله على أن مجرد التشويش وانشغال القلب لا يبطل الصلاة
o وأما قولُهم بأنَّ أَمْرَ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم الرجل الذي صَلَّى منفرداً خلفَ الصَّفِّ أن يعيدَ الصَّلاةَ ، قضيةُ عَين.. إلخ فجوابه أنَّ الواجبَ حَمْلُ النَّصِّ على ظاهرِه المُتَبَادَر منه، إلا أنْ يَدلَّ دليلٌ على خِلافِهِ والمُتَبَادَر هنا أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أَمَرَهُ بالإِعادةِ؛ لكونه صَلَّى منفرداً خلفَ الصَّفِّ؛ كما يفيده سياقُ الكلامِ، والأصلُ عدمُ ما سواه
§ وعليه فلو كان معذورا وصلى خلف الصف فصلاته صحيحة :
· لقوله تعالى: {{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}} [التغابن: 16] ، وقوله: {{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}
§ ولا يجذِب أحد النَّاسِ مِن الصَّفِّ ليصطف معه لأنَّ هذا يستلزمُ مَحاذير:
· المحذور الأول التَّشويش على الرَّجُلِ المَجذوبِ.
· المحذور الثاني فَتْحُ فُرْجَةٍ في الصَّفِّ، وهذا قَطْعٌ للصَّفِّ، ويُخشى أن يكون هذا مِن بابِ قَطْعِ الصَّفِّ الذي قال فيه الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «مَن قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللهُ» .
· المحذور الثالث أنَّ فيه جِنايةً على المَجذوبِ بنَقْلِهِ مِن المكان الفاضلِ إلى المكانِ المفضولِ.
· المحذور الرابع أنَّ فيه جِنايةً على كلِّ الصَّفِّ؛ لأنَّ جميعَ الصَّفِّ سوف يتحرَّكُ لانفتاح الفُرْجَةِ مِن أجلِ سَدِّهَا
§ ولا نأمرُه أن يصلِّيَ إلى جَنْبِ الإِمامِ لأنَّ في ذلك ثلاثة محاذير:
· المحذور الأول تخطِّي الرِّقاب ليصل إلى الإمام.
· المحذور الثاني أنَّه إذا وَقَفَ إلى جَنْبِ الإِمامِ خالفَ السُّنَّة في انفرادِ الإِمامِ في مكانِه؛ لأنَّ الإِمامَ موضعُه التقدُّم على المأمومِ، فإذا شارَكه أحدٌ في هذا الموضعِ زالت الخُصوصيَّة.
· المحذور الثالث أننا إذا قلنا تقدَّمْ إلى جَنْبِ الإِمامِ، ثم جاء آخرٌ قلنا له تقدَّمْ إلى جَنْبِ الإِمام. ثم ثانٍ، وثالث حتى يكون عند الإِمامِ صفٌّ
§ ولا نأمره أن يبقى حتى يلحق به من يصلي معه لأن في هذا محذوران :
· المحذور الأول أنَّه ربَّما ينتظِرُ فتفوتُه الرَّكعة، وربَّما تكون هذه الرَّكعةُ هي الأخيرةُ فتفوتُه الجماعةُ.
· المحذور الثاني أنه إذا بقيَ وفاتتْهُ الجماعةُ فإنَّه حُرِمَ الجماعةَ في المكانِ وفي العملِ، وإذا دَخَلَ مع الإِمامِ وصَلَّى وحدَه منفرداً، فإننا نقول على أقلِّ تقدير حُرِم المكان فقط، أما العملُ فقد أدركَ الجماعةَ هذا لو قلنا إنَّه مرتكباً لمحذور، أما الرَّاجحَ أنَّه إذا تعذَّرَ الوقوفَ في الصَّفِّ، فإنَّه إذا صَفَّ وحدَه لم يرتكب محظوراً
§ وإن كان الفَذُّ امرأة خلفَ رَجُلٍ، أو خلفَ الصَّفِّ ، فإنَّ صلاتَها تَصِحُّ ودليل ذلك :
· حديثُ أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّه صَلَّى مع النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم هو ويتيمٌ خلفَ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وصَلَّتِ المرأةُ خلفَهم
· وهذا الحديث استدل به من قال بصحة صلاة المنفرد خلف الصف مطلقا واستدل به من قال بصحة صلاة المنفرد خلف الصف التام للعذر :
o أما الأولون فقالوا صلاةُ المرأةِ خلفَ الصَّفِّ صحيحةٌ، والأصلُ تساوي الرِّجَالِ والنِّساءِ في الأحكام
o وأما الآخَرون فقالوا إنَّ المرأةَ إنَّما صحَّت صلاتُها خلفَ الرِّجال منفردةً لتعذُّرِ وقوفها معهم شرعاً، وإذا كان الصَّفُّ تامَّاً فقد تعذَّرَ الوقوفُ فيه حِسًّا
§ وأما الفذ إن كانت امرأة خلف النساء فحكمها حكم الفذ من الرجال
o وإمامة النساء تقف في صفهنّ ودليل ذالك :
§ ما روي عن عائشة وأمِّ سَلَمة رضي الله عنهما أنَّهما إذا أمَّتا النساء وقفتا في صَفِّهنَّ. وهذا فِعْلُ صحابيَّة والراجح أنه حُجَّةٌ ما لم يخالفه نَصٌّ أو صحابيٌّ آخرُ
§ ولأن ذلك أسترُ، والمرأةُ مطلوبٌ منها الستر بقَدْرِ المستطاعِ، ومِن المعلومِ أن وقوفَها بين النِّساءِ أسترُ مِن كونِها تتقَّدمُ بين أيديهنَّ.
o ووقوفُ المرأةِ مع المرأةِ الواحدةِ كوقوف الرَّجُل مع الرَّجُلِ الواحدِ
o والانفرادُ المبطلُ للصَّلاةِ أنْ يرفعَ الإِمامُ مِن الركوعِ ولم يدخل مع المسبوقِ أحدٌ، فإنْ دَخَلَ معه أحدٌ قبل أن يرفعَ الإِمامُ رأسَه مِن الرُّكوعِ، أو انفتح مكانٌ في الصَّفِّ فدخلَ فيه قبل أن يرفعَ الإِمامُ مِن الركوعِ، فإنَّه في هذه الحالِ تزول عن الفرديَّة
o إذا اجتمعَ رجال ونساء وصبيان :
§ فيتقدَّمَ الرِّجالُ البالغون والدَّليلُ :
· قول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «ليلني منكم أولو الأحلامِ والنُّهى» والمعنى يقتضي أن يتقدَّمَ الرِّجالُ؛ لأنَّ الرِّجَالَ أضبطُ فيما لو حصلَ للإِمامِ سهوٌ أو خطأٌ في آيةٍ، أو احتاجَ إلى أنْ يستخلفَ إذا طرأ عليه عُذرٌ
§ ثم بعد ذلك الصبيانُ :
· لأنَّ الصبيان ذكورٌ، وقد فضّل الله الذكورَ على الإِناثِ فهم أقدم مِن النساءِ
§ ثم بعد ذلك النساءُ :
· لأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «خيرُ صُفوفِ النِّساءِ آخرُها» ، وهذا يدلُّ على أنه ينبغي تأخُّر النساء عن الرِّجالِ
§ وهذا الترتيب الذي ذكرنا :
· ما لم يمنع مانعٌ : فإنْ مَنَعَ منه مانعٌ بحيث لو جُمعَ الصبيانُ بعضُهم إلى بعضٍ لحصلَ بذلك لعبٌ وتشويشٌ، فحينئذٍ نجعلَ بين كُلِّ صبيين بالغاً مِن الرِّجالِ لأن الفَضْلَ المتعلِّقَ بذات العبادةِ أَولى بالمراعاةِ مِن الفَضْلِ المتعلِّقِ بمكانِها. وهذه قاعدةٌ فقهيةٌ
· وأيضا يكون في ابتداءِ الأمرِ : أما إذا سَبَقَ المفضولُ إلى المكان الفاضلِ؛ بأنْ جاءَ الصَّبيُّ مبكِّراً وتقدَّمَ وصار في الصَّفِّ الأولِ، فإن القولَ الرَّاجحَ الذي اختاره بعضُ أهلِ العِلم ـ ومنهم جَدُّ شيخِ الإِسلامِ ابنِ تيمية، ـ أنه لا يُقامُ المفضولُ مِن مكانِه :
o وذلك لقولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «مَن سَبَقَ إلى ما لم يَسبقْهُ إليه مسلمٌ فهو له» وهذا العمومُ يشمَلُ كلَّ شيءٍ اجتمع استحقاقُ النَّاسِ فيه
o ولأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِن مجلِسِه ثم يَجلسُ فيه»
o ولأنَّ هذا عدوان عليه.
o وأما قوله صلّى الله عليه وسلّم «لِيَلِني منكم أُولُو الأحلامِ والنُّهى» فغاية مافيه هو حَثٌّ لهؤلاء الكِبارِ على أن يتقدَّموا لِيَلُوا رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم.
· المنفردِ حُكماً :
o اصطفاف المنفرد مع الكافر :
§ إذا صلى رجل خلف الصف ووَقَفَ معه كافرٌ لا يعلمُ بكفرِه، فإنَّ صلاتَه صحيحةٌ
§ وأما إذا عَلِمَ بكفرِه فالمذهبُ أنَّ صلاتَه لا تَصِحُّ؛ لأنه فَذٌّ حكما
§ وعلى القولِ الذي رجَّحنا، نقول :
· إنَّه إذا كان الصَّفُّ تامًّا فصلاتُه صحيحةٌ، لأنَّ صلاةَ الفَذِّ خلفَ الصَّفِّ مع تمامِهِ صحيحةٌ
· أما إذا لم يكن تامًّا وقد عَلِمَ بكفرِه فصلاتُه باطلةٌ.
o اصطفاف المنفرد مع المرأة :
§ إذا لم يقفْ مع الرجل إلا امرأةٌ فهو فَذٌّ :
· لأنَّ المرأةَ ليست مِن أهلِ المُصافَّةِ للرِّجالِ
§ وإنْ وقفتْ امرأةٌ مع رَجُلين في الصف فالصَّلاةُ صحيحةٌ، لا سيما مع الضَّرورةِ كما يحدثُ ذلك في أيام مواسم الحَجِّ في المسجدِ الحرامِ والمسجدِ النبويِّ، لكن إن خشي الفتنةِ فله أن يَنصرفَ ويطلبَ مكاناً آخر حذراً منها.
§ إذا كانت المرأةُ أمامَ الرَّجُلِ مثل أن يكون صَفُّ رِجالٍ خلفَ صَفِّ نساءٍ فتصِحُّ الصَّلاةُ، ولهذا قال الفقهاء: «صَفٌّ تامٌّ مِن نساءٍ لا يمنعُ اقتداءَ مَن خلفِهنّ مِن الرِّجالِ».
o اصطفاف المنفرد مع المحدِث :
§ إذا علما الحدثَ جميعاً فصلاتُهما باطلةٌ :
· أما مَن كان مُحدثاً فالأمرُ ظاهرٌ
· وأما مَن لم يكن محدثاً فلأنه وَقَفَ مع شخصٍ يعلمُ أنَّ صلاتَه باطلةٌ، فهو فَذٌّ.
§ وإذا جَهِلا حدثَ أحدِهما جميعاً :
· فصلاةُ غيرِ المحدثِ صحيحةٌ
· وصلاةُ المحدثِ باطلةٌ.
§ وإذا عَلِمَ الطَّاهرُ بحدثِ صاحبِه، وصاحبُه لم يعلم فكلاهما صلاتُه باطلةٌ :
· أما المحدثُ فظاهرٌ
· وأما الطَّاهرُ فلأنَّه صَفَّ مع شخصٍ يعتقدُ أنَّ صلاتَه باطلةٌ فهو فَذٌّ حكما
§ وإذا عَلِمَ المحدثُ بحَدَثِهِ. ولكن الذي صَفَّ معه لم يعلمْ فعلى كلام المؤلِّفِ صلاتُهما جميعاً باطلةٌ.
§ والقولُ الصحيحُ أنَّ صلاةَ المتطهر غيرُ باطلةٍ؛ لأنَّه معذورٌ بجهل حَدَثِ صاحبِهِ.
o اصطفاف المنفرد مع الصبي :
§ مَن لم يقفْ معه إلا صبيٌّ خلفَ الصَّفِّ :
· فإنْ كانت الصَّلاةُ فريضةً فهو فَذٌّ أي منفرد حكما
· وإنْ كانت الصلاةُ نافلةً فالمصافَّةُ صحيحةٌ.
§ والتعليل أنَّ الفريضةَ في حَقِّ الصَّبيِّ نَفْلٌ فيكون المفترضُ قد صَفَّ إلى جَنْبِ متنفِّلٍ، فلا تَصِحُّ مصافَّتُه، كما لا تصِحُّ إمامتُه في الفرضِ
§ ولكن؛ هذا التَّعليلُ عَليلٌ لما يلي:
· أولاً: أنَّ المصافَّةَ ليست كالإِمامةِ، فالإِمامُ قد اعتمدَ عليه المأمومُ ووَثَقَ به وقلَّده في صلاتِهِ، بخلافِ الذي صَفَّ إلى جَنْبِهِ.
· ثانياً: أنَّ هذا تعليلٌ في مقابلةِ النَّصِّ، فإنَّه قد ثَبَتَ أنَّ أنسَ بنَ مالك رضي الله عنه صَفَّ خلفَ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم ومعه يَتيمٌ. واليتيمُ لم يبلغْ، وكان ذلك في نَفْلٍ، والقاعدةُ: أنَّ ما ثَبَتَ في النَّفْلِ ثَبَتَ في الفرضِ إلا بدليل
· ثالثاً: أنَّ الأصلَ المقيسَ عليه وهو: أنَّه لا تَصِحُّ إمامةُ الصَّبيِّ بالبالغِ غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ السُّنَّةَ وَرَدت بخلافِهِ، وذلك في قصَّةِ عَمرِو بنِ سَلَمة الجَرْمي
· وعلى هذا؛ فيكون القولُ الرَّاجحُ في هذه المسألةِ أنَّ مَن وَقَفَ معه صبيٌّ فليس فَذَّاً لا في الفريضة ولا في النَّفْلِ، وصلاتُه صحيحةٌ.
o مَن وَجَدَ فرجة في الصف وَجَب عليه دخولها إذا لم يكن معه أحدٌ يَصفُّ معه والدليل :
§ أَمْرُ الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم بالتَّراصِّ ، فإنَّ أمرَه بالتَّراصِّ يستلزمُ سَدَّ الفُرَجِ
§ ورُويَ عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّ مَن وَصَلَ صفًّا وَصَلَه اللهُ
§ «وأنَّ اللهَ وملائكتَه يُصلُّون على الذين يَصِلون الصفوفَ»:
o فإنْ كان معه أحد يصف معه :
§ فإن كان واحداً، قاما جميعاً خلف الصف
§ وإن كانا اثنين فأكثر دخل في الفرجة
o وظاهرُ كلامِ المؤلِّفِ أنه يدخلُها وإن وُجِد من تهيَّأ لدخولَها ، ويكون التفريط مِن المتخلِّفِ عنها :
§ لأنَّه هو الذي فوَّت المكانَ الفاضلَ على نفسِه والنَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لو يعلمُ النَّاسُ ما في النِّداءِ والصَّفِّ الأولِ ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا»
§ ولكن إذا خشيتَ فِتنةً أو عداوةً أو بغضاءً فاتركها، فإن الجماعةَ إنما شُرعت لمصالحَ عظيمةٍ؛ منها الائتلافُ والتَّوادُّ والتَّحابُ بين المسلمين
§ وإذا عَلِمَ الله مِن نيَّتِك أنَّه لولا خَوفِ هذه المفسدة لتقدَّمتَ إلى هذا المكان الفاضلِ فإنه قد يُثيبك سبحانه وتعالى لحُسْنِ نيَّتِكَ
o إذا لم يَجدْ فُرجةً فإنَّه يقفُ عن يمينِ الإِمامِ، لأن موقفَ المأمومِ الواحدِ عن يمينِ الإِمامِ :
§ لحديث ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما حيث صَلَّى مع النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في صلاةِ الليلِ، فوقفَ عن يسارِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فأخذَ النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم برأسِه مِن ورائِه فجعلَه عن يمينهِ
§ فلما كان يمينُ الإِمامِ موقفَ المأمومِ الواحدِ؛ قلنا لهذا الرَّجُلِ الذي لم يجدْ مكاناً في الصَّفِّ: تقدَّم وكُنْ عن يمينِ الإِمامِ هكذا مُقتضى كلامِ المؤلِّفِ
o ولكن هذا فيه نظر :
§ لأن يمينَ الإِمامِ موقفٌ للمأمومِ الواحدِ، أما في هذه المسألةِ فالمأمومون جماعةٌ كثيرةٌ، ولا يَصِحُّ قياسُ هذا على هذا
§ ولم يَرِدْ عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّ أحداً صَلَّى إلى جَنْبِهِ مع وجودِ صَفٍّ إلا حينما أنابَ أبا بكرٍ رضي الله عنه في مَرَضِ موتِه وجَلَسَ عن يسارِ أبي بكرٍ لكن هذه المسألة ضرورة :
· لأنَّ أبا بكر ليس له مكانٌ في الصَّفِّ
· ولا يمكنه أن يتأخَّر إلى آخرِ الصُّفوفِ وهو في صلاةٍ.
· وهو نائبُ الرسولِ عليه الصلاة والسلام فلا بُدَّ أن يكون إلى جَنْبِهِ مِن أجلِ أن يبلِّغَ مَن خلفَه مِن المأمومين.
o والصحيح أنه إذا لم يجد فرجة في الصف يصلِّي خلفَ الصَّفِّ وحدَه، وأنَّ صلاتَه صحيحةٌ على القول الرَّاجحِ
o إذا لم يمكنه أن يتقدَّم إلى الإِمام ويصلِّي إلى يمينِ الإمام فعلى المذهب :
§ يُنبِّه مَن يقومُ معه، فيقول يا فلان تأخَّرْ ـ جزاك الله خيراً ـ لِتُصلِّيَ معي
§ لكن يُكره أن يجذِبَه بدون أن ينبِّهه.
§ ويلزم المُنَبَّه أن يتأخَّر معه مِن أجل أن يصحِّحَ صلاةَ صاحبِه
o ولكن في هذا نظر والصَّحيحَ :
§ أنَّه ليس له أن يحرج غيره بذالك ولأنه قد يكون مِن السُّؤال المذمومِ
§ ولا يلزم المُنَبَّه أنْ يرجعَ معه، لأننا لو قلنا بلزومِ الرُّجوعِ لقلنا: إنَّه إذا لم يرجعْ فعليه إثمٌ، وقد قال الله تعالى: {{وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}}
o وعليه فالقولُ الصَّحيحُ أنَّه يصلِّي خلفَ الصَّفِّ منفرداً متابعاً للإِمامِ كما سبق

· الإنفراد بجزء من الصلاة :
o إذا رَكَعَ فَذًّا ثم دَخَلَ في الصَّفِّ أو دَخَلَ معه شخص آخر قبل سجودِ الإِمامِ فصلاته صحيحة لزوالِ الفرديَّةِ قبل تمامِ الرَّكعةِ ووجه ذلك :
§ أنه لم يصلِّ ركعةً كاملةً فذًّا وقد علَّق النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إدراكَ الصَّلاةِ بإدراكِ الركعةِ . هذا ما مشى عليه المؤلِّفُ.
o والمذهبُ في هذه المسألة خِلافُ ما مشى عليه المؤلِّفُ وهو:
§ أنه إنْ كان لغيرِ عُذرٍ :
· فَرَفَع الإِمامُ مِن الركوع قبل أنْ تزولَ فَذِّيَّتُه فصلاتُه غيرُ صحيحةٌ،
· وإنْ زالت فَذِّيَّتُه قبل الرَّفْعِ مِن الركوعِ فصلاتُه صحيحة،
§ أما إذا كان لعُذر فهو كما قال المؤلِّفُ: العبرةُ بسجودِ الإِمامِ.
o والصَّحيحُ في هذه المسألة :
§ أنه إذا كان لعُذرٍ فصلاتُه صحيحةٌ مطلقاً، والعُذرُ تمامُ الصَّفِّ
§ وأما إذا كان لغير عُذرٍ
· فإنْ رَفَعَ الإِمامُ مِن الرُّكوعِ قبل أن تزولَ فَذِّيَّتُهُ فصلاتُه غيرُ صحيحةٍ،
· وإذا زالت فَذِّيَّتُه قبل رَفْعِ الإِمامِ مِن الرُّكوعِ فصلاتُه صحيحةٌ
· ودليل ذلك: حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه أدركَ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم راكعاً فركع قبل أن يصل إلى الصف ثم دخل في الصف فلما سلَّم قال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «زادك الله حرصاً ولا تعد» فدعا له ونهاه أن يعود لأن المشروع أن لا يدخل المسبوق في الصلاة حتى يصل إلى الصف ولم يأمره بإعادة الركعة فدل هذا على أن ركعته صحيحة.


  #34  
قديم 17 ربيع الثاني 1431هـ/1-04-2010م, 06:54 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

تابع صلاة الجماعة :

§ اقتداءِ المأمومِ بالإِمامِ في المكان :

· إن كان الإمام والمأموم في مسجدٍ واحدٍ :
o فيصِحُّ اقتداءُ المأمومِ بالإِمامِ وإن لم يره ولا من وراءه مِن المأمومين بشرط أن يسمع التكبير
· إن كان الإمام في المسجد والمأموم في الخارج :
o يصحُّ اقتداءُ المأمومِ بالإِمامِ إذا كان خارجَ المسجدِ بشرطين :
§ الشرطُ الأول: سماعُ التكبيرِ.
§ الشرطُ الثاني: رؤيةُ الإِمامِ أو المأمومين، إما في كُلِّ الصَّلاةِ على ظاهرِ كلامِ المؤلِّفِ، أو في بعضِ الصَّلاةِ على المذهبِ.
§ لكن اشتراطُ الرُّؤيةِ فيه نظر، فما دام يَسمعُ التَّكبير والصُّفوف متَّصلة فالاقتداء صحيح
o وظاهرُ كلامِ المؤلفِ أنَّه :
§ لا يُشترط اتِّصال الصُّفوفِ فيما إذا كان المأمومُ خارجَ المسجدِ وهو المذهب.
§ والقول الثاني الذي مشى عليه صاحبُ «المقنع» وهو الصَّوابُ أنَّه لا بُدَّ مِن اتِّصالِ الصُّفوفِ فإنْ لم تكن متَّصِلة فإنَّ الصَّلاة لا تَصِحُّ:
· لأنَّ الواجبَ في الجماعةِ أن تكون مجتمعةً في الأفعالِ ـ وهي متابعة المأمومِ للإِمام ـ والمكان.
· إن كان الإمام عال :
o تصح الصلاة خلف إمام عالٍ عن المأمومين مثل أن يكون هو في الطَّابقِ الأعلى وهم في الطَّابق الأَسفلِ ودليلُ ذالك :
§ أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لما صُنِعَ له المِنبرُ صَلَّى عليه، يصعدُ ويقرأُ ويركعُ، وإذا أرادَ أنْ يسجدَ نَزَلَ مِنَ المِنبرِ فَسَجَدَ على الأرضِ، وقال: «يا أيُّها النَّاسُ، إني صَنَعتُ هذا لِتَأتمُّوا بي، ولِتَعْلموا صَلاتي.
o ويُكره إذا كان الإِمامُ عالياً على المأموم ذِراعاً فأكثر ودليله :
§ حديث «إذا أمَّ الرَّجُلُ القومَ؛ فلا يَقُمْ في مكانٍ أرفع مِن مقامهم» ، ولكن هذا الحديث لا تقوم به الحُجَّةُ.
§ والجَمْعُ ـ عند من احتجَّ به ـ بينه وبين الحديث الثَّابتِ في الصَّحيحين بأنَّ الرَّسولَ صلّى الله عليه وسلّم صَلَّى بهم على المِنبر: أنَّ المِنبرَ لا يتجاوز الذِّراع غالباً، فيُحمل هذا الحديثُ على ما إذا كان العلوُّ كثيراً، ولكن يبقى النَّظرُ في تقديره بالذِّراعِ.هذا ما ذهب إليه المؤلِّفَ رحمه الله
o القول الثاني أنَّه لا يُكره علوُّ الإِمامِ مطلقاً؛ لأنَّ الحديثَ الذي استدلَّ به الأصحابُ ـ رحمهم الله ـ ضعيف، والضَّعيفُ لا تقومُ به الحُجَّةُ.
o وقيَّدَ بعضُ العلماءِ هذه المسألةَ بما إذا كان الإِمامُ غيرَ مُنفردٍ بمكانِه، فإذا كان معه أحدٌ فإنه لا يُكره؛ ولو زادَ على الذِّراع؛ لأنَّ الإِمامَ لم ينفردْ بمكانِه، وهذا لا شَكَّ أنَّه قولٌ وجيهٌ
o وإذا كان الإِمامُ هو الذي في الأسفل، ، وفيه أناسٌ يصلُّون فوقَه فلا حَرَجَ ولا كراهة.
· صلاة الإمام في الطاق أو ما يسمى بالمحراب :
o يُكره دخول الإِمامِ في الطَّاق :
§ لآثارٍ وَرَدت عن الصحابة رضي الله عنهم
§ ولأنه إذا دَخَلَ في الطَّاق استتر عن بعض المأمومين فلا يَرَونه لو أخطأ في القيام أو الرُّكوع أو السُّجود
§ ولكن إذا كان لحاجة مثل: أن تكون الجماعةُ كثيرةً؛ واحتاج الإِمامُ إلى أن يتقدَّمَ حتى يكون في الطَّاقِ فإنه لا بأس به.
o أما إذا كان الإِمامُ في باب الطَّاقِ، ولم يدخل فيه، ولم يتغيَّب عن النَّاس، وكان محلُّ سجودِه في الطَّاق، فلا بأس به.
o حكم اتخاذ المحراب في المسجد :
§ الصَّحيحُ أنه مباحٌ، فلا نأمرُ به ولا ننهى عنه، والقول بأنه مستحبٌّ أقربُ إلى الصَّوابِ مِن القول بأنه مكروه
§ والنَهى الذي ورد عن اتِّخاذِ المساجدِ مذابحَ مثلَ مذابحِ النَّصارى يجعلون لها الطَّاق . فيما إذا كانت كمحاريب النَّصارى، أما إذا كانت تختلِفُ عنهم فلا كراهة
§ وأما كون الرَّسولُ صلّى الله عليه وسلّم لم يفعلْها إما لعدمِ الحاجةِ إليها، أو لأن ذلك قد يكلِّفُ في البناء في ذلك الوقت، أو لغير ذلك مِن الأسبابِ، فما دامت ليست متَّخذة على وَجْهِ التعبُّدِ فلا نكرهها
§ وفيها مصلحةٌ؛ لأنَّها تبين للنَّاسِ محلَّ القِبْلة ولهذا قالوا في باب استقبالِ القبلة: إنَّه يُستدلُّ عليها بالمحاريبِ الإِسلاميةِ
· تطوُّع الإِمام في موضع المكتوبة :
o يكره تطوُّع الإِمام في المكان الذي صلَّى فيه المكتوبةَ بعدها ودليل ذلك ما يلي :
§ أولاً: ما رُوِيَ عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا يُصَلِّ الإِمامُ في مُقَامِهِ الذي صَلَّى فيه المكتوبةَ، حتى يَتَنَحَّى عنه» ولكنه ضعيف لانقطاعه.
§ ثانياً: ربما إذا تطوَّعَ في موضع المكتوبة يَظنُّ مَن شاهدَه أنَّه تذكَّرَ نقصاً في صلاته؛ فيلبس على المأمومين ، ولا سيَّما إذا تطوَّع عقب الفريضة فوراً.
o إلا أن يكون محتاجاً مثل أن يجد الصُّفوفَ كلَّها تامَّةً ليس فيها مكان ولا يتيسَّر أن يصلِّي في بيتِه أو في مكانٍ آخر.فحينئذٍ له أن يتطوَّع في موضع المكتوبة ولا كراهة
o أمَّا المأموم؛ فإنه لا يُكره له أن يتطوَّع في موضع المكتوبة لكن؛ ذكروا أنَّ الأفضلَ أن يَفْصِلَ بين الفرضِ وسُنَّتِهِ بكلامٍ أو انتقال مِن موضعه.
· إطالة الإمام للقعود بعد الصلاة مستقبلا القبلة :
o يُكره للإِمام أنْ يُطيلَ قعودَه بعد السَّلام مستقبلَ القِبْلة، بل يخفِّف، ويجلسَ بقَدْرِ ما يقول :
§ «أستغفرُ الله ـ ثلاث مرات ـ اللَّهُمَّ أنت السَّلامُ ومنك السَّلامُ، تباركتَ يا ذا الجلالِ والإِكرامِ» ثم ينصرفُ هذه هي السُّنَّةُ
§ وإطالةُ قعودِه بعدَ السَّلامِ مستقبلَ القِبْلة فيه محاذير هي :
· أولاً أنَّه خِلافُ السُّنَّةِ.
· ثانياً حَبْسُ النَّاسِ؛ لأنَّ المأمومينَ منهيون أنْ ينصرفوا قبل انصرافِ الإِمامِ، فإذا بقي مستقبلَ القِبْلة كثيراً حَبَسَ النَّاسَ.
· ثالثاً: أنه قد يَظنُّ مَن خلفَه أنه يتذكَّرُ شيئاً نسيه في الصَّلاةِ، فيرتبكُ المأمومُ في هذا.
§ وابتداءُ الانصرافِ مِن اليسار أو مِن اليمين كُلُّ ذلك وَرَدَ عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم. فَوَرَدَ أنه ينصرفُ عن يمينه ثم يستقبلُ النَّاسَ ، وأنَّه ينصرفُ عن يسارِه، ثم يستقبلُ النَّاسَ
o فإن كان في المسجدِ نساءٌ لبث مستقبلَ القِبْلة قليلاً لينصرفن قبل الرِّجال :
§ كما ثَبَتَ عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم إذا سَلَّمَ، قامَ النِّساءُ حين يقضي تَسْلِيمَهُ، ويمكُثُ هو في مَقَامِهِ يسيراً قبل أنْ يقومَ. قال: نرى ـ والله أعلم ـ أنَّ ذلك كان لكي ينصرفَ النِّساءُ، قبل أن يُدْرِكَهُنَّ أحدٌ مِن الرِّجالِ».
§ وذلك لأن الرِّجالَ إذا انصرفوا قبلَ انصرافِ النِّساءِ لَزِمَ مِن هذا اختلاطُ الرِّجالِ بالنِّساءِ، وهذا مِن أسبابِ الفتنة، حتى إنَّ الرَّسولَ صلّى الله عليه وسلّم قال: «خيرُ صُفوفِ النِّساءِ آخرها، وَشَرُّها أوَّلُها» ، لأن أوَّلَها أقربُ إلى الرِّجالِ مِن آخرها، فهو أقربُ إلى الاختلاطِ
· وقوف المأمومين بين السواري :
o يكره وقوفهم بين السواري أي الأعمدة إذا كانت تقطع الصفوف ودليل ذالك :
§ أنَّ الصَّحابةَ كانوا يَتوقَّون هذا حتى إنَّهم أحياناً كانوا يُطْرَدون عنها طَرْداً
§ ولأنَّ المطلوبَ في المصافةِ التَّراصُ مِن أجل أن يكون النَّاسُ صفَّاً واحداً، فإذا كان هناك سواري تقطع الصُّفوفَ فاتَ هذا المقصود للشَّارعِ.
o ومقدار القطع :
§ قيَّده بعضُهم بثلاثة أذرع فقال إذا كانت السَّاريةُ ثلاثةَ أذرعٍ فإنها تقطع الصَّفَّ، وما دونها لا يقطعُ الصَّفُّ.
§ وقال بعضُ العلماء بمقدار قيام ثلاثة رِجالٍ، وهذا أقل مِن ثلاثةِ أذرع
§ وقيل المعتبر العُرف وهو ظاهر كلام المؤلِّفِ
§ وأما السَّواري التي دون ذلك فهي صغيرة لا تقطعُ الصُّفوفَ، ولا سيَّما إذا تباعدَ ما بينها. وعلى هذا؛ فلا يُكره الوقوفُ بينها
o وأما إنْ احتيجَ إلى ذلك بأن كانت الجماعةُ كثيرة والمسجدُ ضيقاً :
§ فإن ذلك لا بأس به من أجلِ الحاجةِ لأنَّ وقوفَهم بين السَّواري في المسجدِ خيرٌ مِن وقوفهم خارجَ المسجدِ
§ وما زال النَّاسُ يعملون به في المسجدين المسجدِ الحرامِ والمسجدِ النَّبويِّ عند الحاجةِ
§ الأعذارِ التي تُسقِطُ الجمعةَ والجماعة :
· المَرض :
o وهو الذي يَلحق المريضَ منه مشقَّة لو ذَهَبَ يصلِّي ودليله :
§ قول الله تعالى: {{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}} [التغابن: 16] .
§ وقوله: {{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}} [البقرة: 286] .
§ وقوله تعالى: {{لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}} [الفتح: 17] .
§ وقول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم» .
§ وأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم: «لما مَرِضَ تخلَّف عن الجماعةِ مع أن بيته كان إلى جَنْبِ المسجد.
§ وقولُ ابن مسعود رضي الله عنه: «لقد رَأيتُنا وما يتخلَّفُ عن الصَّلاةِ إلا منافقٌ قد عُلِمَ نفاقُهُ أو مريضٌ...» فكلُّ هذه الأدلَّةِ تدلُّ على أنَّ المريضَ يسقطُ عنه وجوبُ الجُمعةِ والجَماعةِ.
· مدافعة أحد الأخبثين :
o المدافعة تَدلُّ على أنَّ الإِنسانَ يتكلَّفُ دَفْعَ أحد الأخبثين.
o والأخبثان هما البولُ والغائطُ، ويَلحقُ بهما الرِّيحُ والدَّليل على ذلك ما يلي :
§ قول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاةَ بحضرةِ طعامٍ، ولا وهو يدافعه الأخبثان» والنَّفيُ هنا بمعنى النَّهي
§ أنَّ المدافعةَ تقتضي انشغالَ القلبِ عن الصَّلاةِ، وهذا خَلَلٌ في نَفْسِ العبادةِ، وتَرْكُ الجماعةِ خَلَلٌ في أمْرٍ خارجٍ عن العبادة، لأنَّ الجماعةَ واجبةٌ للصَّلاةِ، والمحافظةُ على ما يتعلَّقُ بذات العبادةِ أَولى مِن المحافظةِ على ما يتعلَّقُ بأمْرٍ خارجٍ عنها
§ أنَّ احتباسَ هذين الأخبثين مع المدافعة يَضرُّ البدنَ ضرراً بيِّناً؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى جَعَلَ خروجَ هذين الأخبثين راحةً للإِنسان
§ وهذه قاعدة طبية: أنَّ كُلَّ ما خالفَ الطَّبيعة فإنَّه ينعكس بالضَّررِ على البَدنِ
· حضور الطعام :
o يُعذر بتَرْكِ جُمُعَةٍ وجماعةٍ مَن كان بحضْرَةِ طعامٍ شرط :
§ أن يكون محتاجا إليه
§ وأن يكون متمكِّناً مِن تناولِه فإنْ لم يتمكَّن بأنْ كان صائماً وحَضَرَ طعامُ الإِفطارِ، وأُذِّنَ لصلاةِ العصرِ وهو بحاجةٍ إلى الأكلِ فليس له أنْ يؤخِّرَ الصلاةَ
§ وأنْ لا يجعلَ ذلك عادةً بحيث لا يُقَدَّم العشاء إلا إذا قاربت إقامةُ الصَّلاةِ، لأنه إذا اتَّخذَ هذا عادةً فقد تَعمَّدَ أن يَدَعَ الصَّلاةَ
§ ودليل ذالك :
· قول النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «إذا قُدِّمَ العشاءُ فابْدَؤُا به قبل أن تصلُّوا صلاة المغرب» فأمرنا بأنْ نبدأ به.
· وكان ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما يَسمعُ قراءةَ الإِمام وهو يتعشَّى. مع أنَّ ابنَ عُمرَ رضي الله عنهما مِن أشدِّ النَّاسِ تمسُّكاً بالسُّنَّةِ.
§ وله أن يأكل حتى يشبعَ؛ لأنَّ الرُّخصةَ عامَّةٌ «إذا قُدِّمَ العَشاءُ فابدؤوا به قبل أن تصلُّوا صلاةَ المغرب».
· الخوف من ضياع مال أو فواته، أو ضرر فيه :
o يُعذر بتَرْكِ الجُمعةِ والجماعةِ :
§ إذا كان عنده مال يَخشى إذا ذَهَبَ عنه أن يُسرقَ، أو معه دابةٌ يَخشى لو ذهبَ للصَّلاةِ أن تنفلتَ الدَّابةُ وتضيع
§ وكذلك إذا كان يَخشى مِن فواتِه بأن يكون قد أضاعَ دابَّته، وقيل له: إنَّ دابَّتك في المكان الفلاني؛ وحضرتِ الصَّلاةُ، وخَشيَ إنْ ذهب يُصلِّي الجُمعةَ أو الجماعةَ أنْ تذهبَ الدَّابةُ عن المكان الذي قيل إنَّها فيه
§ ومِن ذلك أيضاً لو كان يخشى مِن ضَررٍ فيه، كإنسان وَضَعَ الخُبزَ بالتنورِ، فأُقيمت الصَّلاةُ، فإنْ ذهبَ يُصلِّي احترقَ الخبزُ
§ والعِلَّةُ في كل ذالك انشغالُ القلبِ لأنَّه لو ذَهَبَ وصَلَّى فإن قلبَه سيكون منشغلاً بهذا المال.
§ وظاهرُ كلامِ المؤلِّفِ: أنَّه لا فَرْقَ بين المالِ الخطير والمال الصَّغيرِ الذي لا يُعتبر شيئاً
§ وقد يُقال: إنَّه يُفرَّقُ بين المالِ الخطير الذي له شأن، وبين المال القليل في صلاة الجُمعةِ خاصَّة لأنَّ صلاةَ الجُمعة إذا فاتت فيها الجماعةُ لا تُعادُ وإنَّما يُصلَّى بدلها ظُهراً.
· الخوف من موت قريبه :
o هذا مما يُعذرُ فيه بتَرْكِ الجُمُعةِ والجَماعةِ، أنْ يخشى مِن موتِ قريبِه وهو غيرُ حاضرٍ وأحبَّ أنْ يبقى عندَه ليلقِّنه الشَّهادةَ، وما أشبه ذلك، فهذا عُذر.
· الخوف على نفسه من الضرر :
o هذا مما يُعذرُ فيه بتَرِكِ الجُمُعةِ والجَماعةِ، وهو أن يَخشى على نفسِه مِن ضَررٍ كأن يكون عند بيتِه كلبٌ عقورٌ، وخَافَ إنْ خَرَجَ أنْ يعقِره الكلبُ، فله أنْ يصلِّيَ في بيتِه ولا حَرَجَ عليه.
· الخوف على نفسه من سلطان :
o إِذا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ سُلْطَانٍ يطلبَه بغير حق وخافَ إن خَرَجَ يؤذيه ، ففي هذه الحال يُعذرُ بتَرْكِ الجُمُعةِ والجماعةِ؛ لأنَّ في ذلك ضرراً عليه
o أما إذا كان السلطانُ يأخذُه بحقٍّ فليس له أن يتخلَّفَ عن الجماعةِ ولا الجُمُعةِ، لأنَّه إذا تخلَّفَ أسقط حقّين :
§ حَقَّ الله في الجماعةِ والجُمُعةِ
§ والحَقَّ الذي يطلبه به السلطانُ.
· من لازمه الغريم ولا شيء معه :
o إن كان له غريمٌ يطالبُه ويلازِمُه، وليس عنده فلوسٌ، فهذا عُذْرٌ؛ وذلك لما يلحَقَه مِن الأذيَّةِ لملازمةِ الغريمِ له
o فإنْ كان معه شيءٌ يستطيع أن يوفي به فليس له الحَقُّ في تَرْكِ الجُمُعةِ والجماعةِ؛ لأنَّه إذا تركهما في هذه الحال أسقطَ حَقَّين :
§ حَقَّ اللهِ في الجماعة والجُمُعةِ
§ وحَقَّ الآدميِّ في الوفاءِ.
o وإن كان عليه دينٌ مؤجَّلٌ ولم يحن أجله ولازمه غريمه :
§ فإن كانت السُّلطةُ قويةٌ بحيث لو اشتكاه على السُّلطة لمنعته منه، فهو غيرُ معذورٍ
§ أما إذا كانت السُّلطةُ ليست قويةً، أو أنها تحابي الرَّجُلَ فلا تمنعه مِن ملازمةِ غريمه، فهذا عُذرٌ بلا شَكٍّ.
· الخوف على فوات الرفقة :
o من الأعذار في تَرْكِ الجُمُعةِ والجماعةِ، أن يخشى من فوات الرُّفْقةِ وهذا عُذْرٌ لوجهين :
§ الوجه الأول أنه يفوت مقصده من الرفقة إذا انتظر الجماعةِ أو الجُمعةِ.
§ الوجه الثاني أنه ينشغلُ قلبُه كثيراً، إذا سَمِعَ رفقته يتهيَّأون للسير وهو يُصلِّي
· غلبة نعاس :
o إذا غلبه النُّعاسُ فإنه يُعذرُ بتَرْكِ الجُمُعةِ والجماعةِ مثال ذلك :
§ رجل متعبٌ بسبب عَمَلٍ أو سَفَرٍ إن صلي مع الجماعةِ أخذه النُّعاسِ ولا يدري ما يقول وإن نامَ حتى يزول عنه النُّعاسُ صلي براحة فنقول افعلْ الثاني لأنك معذورٌ.
· من تأذى بمطر أو وحل :
o إذا خافَ الأذى بمطرٍ أو وَحْلٍ _إما ببَلِّ ثيابه أو ببرودة الجَوِّ أو ما أشبه ذلك_ بحيث إذا خَرَجَ للجُمُعةِ أو الجماعةِ تأذَّى فهو معذورٌ.
o وفُهِمَ مِن كلام المؤلف أنه إذا لم يتأذَّ بالمطر بأن كان خفيفاً فإنَّه لا عُذر له، بل يجب عليه الحضورُ، وما أصابه مِن المشقَّةِ اليسيرةِ فإنه يُثابُ عليها.
· من تأذى بريح باردة شديدة في ليلة مظلمة :
o الرِّيحُ مِن أعذارِ تَرْكِ الجُمُعةِ والجماعة لكن بشروط:
§ الأول أن تكون الرِّيحُ باردةً لأنَّ الرِّيحَ السَّاخنةَ ليس فيها أذًى ولا مشقَّة.
§ الثاني كونها شديدةً لأنَّ الرِّيحَ الخفيفةَ لا مشقَّةَ فيها ولا أذًى.
§ الثالث أن تكونَ في ليلةٍ مظلمةٍ لكن هذا الشرطُ ليس عليه دليلٌ لأنَّ الحديثَ الذي استدلُّوا به وهو حديثُ ابنِ عُمر «في الليلةِ الباردةِ أو المطيرةِ» ليس فيه اشتراطُ أن تكونَ الليلةُ مظلمةً
§ فالصحيح أنه إذا وُجِدت ريحٌ باردةٌ شديدةٌ تشُقُّ على النَّاسِ فإنَّه عُذر في تَرْكِ الجُمُعةِ والجَماعة
· تطويل الإِمامِ :
o إذا كان طولاً زائداً عن السُّنَّةِ فهو عذر لترك الجماعة ودليل ذلك :
§ أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يوبِّخ الرَّجُلَ الذي انصرفَ مِن صلاتِه حين شَرَعَ معاذٌ في سورة البقرةِ، بل وَبَّخَ معاذاً» ، وإذا لم يوجد مسجدٌ آخر سَقَطَ عنه وجوبُ الجَماعة.
· سرعة الإِمام :
o هذا مِن بابِ أَولى أن يكون عُذراً مِن تطويلِ الإِمامِ، فإذا كان الإمامُ يُسْرِعُ إسراعاً لا يتمكَّنُ به الإِنسانُ مِن فِعْلِ الواجبِ، فإنَّه معذورٌ بتَرْكِ الجماعةِ لكن إن وُجِدَ مسجدٌ آخرٌ تُقامُ فيه الجماعةُ وجبت عليه الجماعةُ في المسجدِ الثاني.
· فسق الإِمام :
o إنْ قلنا بأنَّ الصَّلاةَ خلفَه لا تَصِحُّ كما هو المذهب فهو عُذرٌ بترك الجماعةِ
o وأما إذا قلنا بصحَّةِ الصَّلاةِ خلفَه ـ وهو الصَّحيح ـ فإنَّ ذلك ليس بعُذرٍ؛ لأنَّ الصَّلاةَ خلفَه تَصِحُّ وأنت مأمورٌ بحضورِ الجماعةِ.
· إذا كان في الطريقِ إلى المسجدِ منكراتٌ :
o هذا ليس بعذر فيخرجُ، وينهى عن المنكرِ ما استطاع، فإن انتهى النَّاسُ فله ولهم، وإن لم ينتهوا فله وعليهم.
· إذا طرأت هذه الأعذارُ في أثناءِ الصَّلاةِ :
o مثل أن يصبه مدافعةُ الأخبثين في أثناءِ الصَّلاةِ فله أنْ ينفردَ ويتمَّ صلاتَه إلا إذا كان لا يستفيدُ بانفرادِه شيئاً، بمعنى أن الإِمام يخفِّفُ تخفيفاً بقَدْرِ الواجبِ
o وله أنْ يقطعَ الصَّلاةَ؛ إذا كان لا يمكنه أن يكمِلها على الوجه المطلوبِ منه، إلا إذا كان لا يستفيدُ مِن قطعِها شيئاً فإنه لا يقطعها، مثل لو سمعَ الغريمَ يدعوه في أثناءِ الصَّلاةِ، ففي هذه الحال لو انصرفَ لأمسكَه.
· مسألة: هل هذه الأعذارُ عُذرٌ في إخراج الصَّلاةِ عن وقتِها؟
o الجواب: ليست عُذراً
o إلا أنَّ بعضَ أهلِ العِلم قال: إنَّ مدافعةَ الأخبثين عُذرٌ في إخراجِ الصَّلاةِ عن وقتِها وذلك لأنَّ حَبْسَ الأخبثينِ، يكون به ضررٌ على الإِنسانِ
o ولكننا نقول: إذا كانت هذه الأعذارُ في الصَّلاة الأُولى التي تُجمع لما بعدَها، فإن هذه الأعذار تُبيحُ الجَمْعَ.
· أكلُ البصلِ :
o إنْ قَصَدَ بأكلِ البصلِ أنْ لا يُصلِّيَ مع الجماعةِ فهذا حرامٌ ويأثمُ بتَرْكِ الجمعة والجماعة
o أما إذا قَصَدَ بأكلِهِ البصلَ التمتُّعَ به وأنَّه يشتهيه، فليس بحرامٍ، وأما بالنسبة لحضُورِه المسجدَ؛ فلا يحضُرُ، لا لأنه معذورٌ، بل دفعاً لأذيَّتِهِ؛ لأنَّه يؤذي الملائكةَ وبني آدم .
o وفَرْقٌ بين آكل البصلِ والثُّومِ والأعذار السابقة :
§ أن آكل البصلِ والثُّومِ لا يُكتب له أجرُ الجماعةِ؛ لأننا إنما قلنا له لا تحضر دفعاً للأذية؛ كما قال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ الملائكةَ تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم»ا،
§ وأما الأعذار السابقة فيُكتبُ لصاحبها أجرُ الجماعةِ كاملاً إذا كان مِن عادتِه أن يصلِّي مع الجماعةِ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا مَرِضَ العبدُ أو سافرَ كُتِبَ له مثلُ ما كان يعملُ صحيحاً مقيماً»
· من كان فيه رائحةٌ منتنةٌ تؤذي المصلِّين:
o فإنَّه لا يحضرُ دفعاً لأذيَّتِه، لكن هذا ليس كآكلِ البصلِ؛ لأنَّ هذا ليس باختيارِه :
§ قد نقول إنَّ هذا الرَّجُلَ يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ؛ لأنَّه تخلَّفَ بغير اختيارِه فهو معذورٌ.
§ وقد نقول إنه لا يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ؛ لكنه لا يأثمُ، كما أنَّ الحائضَ تتركُ الصَّلاةَ بأمر اللهِ ومع ذلك لا يُكتب لها أجرُ الصَّلاةِ فإنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم جَعَلَ تَرْكَها للصَّلاةِ نقصاً في دينِها .
· مسألة : مَن شَرِبَ دُخَّاناً وفيه رائحةٌ مزعجةٌ تؤذي النَّاسَ، فإنَّه لا يَحِلُّ له أنْ يؤذيهم، وهذا الرَّجُلَ إذ رأى نفسَه محروماً مِن صلاةِ الجماعةِ يكون سبباً في توبته منه وهذه مصلحة.

  #35  
قديم 19 ربيع الثاني 1431هـ/3-04-2010م, 05:56 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

باب صلاة أهل الأعذار :

ü الأعذار جمْعُ عُذْرٍ، والمراد بها هنا :

o المرض والسَّفَر والخوف
o وهذه الأعذار هي التي تختلف بها الصَّلاةُ عند وجودِها
ü اختلافُ الصَّلاةِ هيئةً أو عدداً بهذه الأعذار مأخوذٌ من القاعدة المعروفةِ عند الفقهاءِ "أنَّ المشقَّةَ تجلبُ التيسيرَ" ودليل هذه القاعدة :
o قوله تعالى: {{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}} [البقرة: 185]
o وقوله تعالى: {{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}} [الحج: 78]
o وقوله: {{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}} [البقرة: 286] . فكلَّما وُجِدت المشقَّة وُجِدَ التيسير
ü العذر الأول المرض :
o تعريف المريض :
§ هو الذي اعتلَّتْ صحتُه، سواءٌ كانت في جزء مِن بدنِه، أو في جميع بدنِه.
§ والاعتلالُ الجزئيُّ يكونُ منه الاعتلالُ الكُلّيُّ :
· لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسدِ الواحدِ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى»
o كيفية صلاته :
§ الصلاة قائما :
· أما المفروضةُ : فمتى أمكنه أن يكون قائماً وَجَبَ عليه على أيِّ صِفةٍ كان ولو كان مثل الرَّاكعِ كأن يكون في ظهرِه مَرَضٌ لا يستطيعُ أن يَمُدَّ ظهرَه ، أو كان معتمداً على عصا أو جدارٍ أو عمودٍ أو إنسانٍ
· وأما النافلة : فيجوزُ للإِنسانِ أن يتنفَّلَ وهو جالسٌ. لكن؛ إنْ كان لعُذرٍ أخذ الأجرَ كلَّه، وإنْ كان لغير عُذرٍ أخذَ نصفَ الأجرِ.
§ الصلاة قاعدا :
· فإن لم يستطع ولم يكن في طوعِهِ القيامُ، وذلك بأن يعجزَ عنه فإنَّه يصلِّي قاعداً :
o لقوله تعالى: {{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}} [التغابن: 16]
o وقوله: {{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}} [البقرة: 286]
o وقولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لعمران بن حصين: «صَلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً»
· ظاهر كلام المؤلف أنه لا يُبيحُ القعودَ إلا العجزُ، وأما المشقَّةُ فلا
· ولكن الصَّحيحُ أنَّ المشقَّةَ تُبيحُ القعودَ :
o لقوله تعالى: {{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}} [البقرة: 185]
o وضابطُ المشقَّة ما زالَ به الخشوع؛ والخشوعُ هو حضورُ القلبِ والطُّمأنينةُ
o ومن ذلك الخائفُ إذا لم يستطيعُ أن يصلِّي قائماً ويدلُّ لهذا :
§ قوله تعالى: {{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً}} [البقرة: 239] فأسقطَ اللهُ عن الخائفِ الرُّكوعَ والسُّجودَ والقعودَ، فكذلك القيامُ إذا كان خائفاً.
· صفة القعود :
o يجلس متربِّعاً على أليتيه :
§ لقول عائشة رضي الله عنها: «رأيت النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم يُصلِّي متربِّعاً»
§ ولأنَّ السَّاقَ والفخذَ في اليمنى واليُسرى كلَّها ظاهرة والافتراش تختفي فيه الساق في الفخذ.
§ ولأن التربُّعَ في الغالبِ أكثرُ طمأنينةً وارتياحاً مِن الافتراشِ، ومن المعلومِ أنَّ القيامَ يحتاجُ إلى قِراءةٍ طويلةٍ
§ ولأجل فائدة أخرى وهي التَّفريقُ بين قعودِ القيامِ والقعودِ الذي في محلِّه
o والتربُّع سُنَّةٌ، فلو صَلَّى مفترشاً، فلا بأسَ، ولو صَلَّى محتبياً فلا بأس :
§ لعموم قول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «فإنْ لم تستطعْ فقاعداً» ولم يبينْ كيفيَّة قعودِه.
o وإذا كان في حالِ الرُّكوعِ قال بعضُهم: إنه يكون مفترِشاً، والصَّحيح: أنه يكون متربِّعاً؛ لأنَّ الرَّاكعَ قائمٌ قد نَصَبَ ساقيه وفخذيه
· صفة الركوع والسجود :
o إذا عَجَزَ المريض المصلِّي جالساً عن السُّجُودِ والركوع فيومئ راكعاً وساجداً ويجعل السُّجود أخفض من الركوع ليتميّز السجودُ عن الركوعِ لقوله تعالى: {{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}} [التغابن: 16]
o أما إذا قَدِرَ عليه فيومئ بالرُّكوعِ ويسجد.
§ الصلاة على جنب :
· فإن لم يستطع الصلاة قاعدا فعلى جنبه والدليل :
o قول النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم لعمران بن حصين: «فإن لم تستطع فعلى جنب»
· والأفضلُ أن يفعلَ ما هو أيسرُ له، فإن كان الأيسرُ أن يكون على جَنْبِهِ الأيسر فهو أفضل، وإن كان بالعكس فهو أفضلُ لأن المقامَ مقامُ رُخصةٍ وتسهيل، فإن تساوى الجنبان فالجنب الأيمن أفضل :
o لحديث وَرَدَ في ذلك وهو ضعيف
o لكن كان النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يعجبُه التيامن في تنعُّلِه وترجُّلِهِ وطُهوره وفي شأنِه كله
· ويومئ بالرُّكوعِ والسُّجودِ بالرأسِ إلى الصدرِ؛ لأنَّ الإِيماءَ إلى الأرضِ فيه نوعُ التفاتٍ عن القِبلةِ
§ الصلاة مستلقيا على الظهر :
· ظاهرُ كلامِ المؤلِّفِ أنه يصح للمريض أن يصلى مستلقيا على ظهره مع القُدرة على الجَنْبِ :
o وتكون رجلاه إلى القبلة
o ورأسه إلى عكس القِبلة لأن هذا الرَّجُل لو قام تكون القِبلةُ أمامَه
o لكنه خِلافُ السُّنَّةِ لأن النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «فإنْ لم تستطع فعلى جَنْبٍ»
o وظاهر كلامه أن صلاتُه لا تَصِحُّ:
§ إنْ صَلَّى مستلقياً ورأسُه إلى القِبلة لأنَّه لو قامَ لكان مستدبِراً للقِبلةِ
§ وإن صَلَّى مستلقياً ورِجْلاه إلى يسارِ القِبلةِ أو يمين القِبلةِ لأنه لو قامَ لكانت القِبلةُ عن يمينه أو عن يسارِه
· والقول الثاني: أنه لا يَصِحُّ أن يصلى مستلقيا على ظهره مع القُدرةِ على الجَنْبِ :
o لأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال لعُمرانَ بن حُصين: «فإنْ لم تستطعْ فعلى جَنْبٍ»
o فهذه هيئةٌ منصوصٌ عليها مِن قِبَلِ الشَّرعِ
o وتمتاز عن الاستلقاء بأن وَجْهَ المريض إلى القِبلة، أما الاستلقاءُ فوجه المريض إلى السَّماءِ،. وهذا القول هو الرَّاجحُ.
§ ترتيبُ صلاةِ المريضِ كما يلي :
· يصلِّي قائماً، فإنْ لم يستطعْ فقاعداً، فإن لم يستطعْ فعلى جَنْبٍ، فإنْ لم يستطع فمستلقياً ورِجلاه إلى القِبلةِ، فهذه هي المرتبةُ الرابعةُ على القولِ الرَّاجحِ
· أما على كلامِ المؤلِّفِ فإنَّ المرتبةُ الرابعةُ في مرتبة الصَّلاةِ على الجَنْبِ لكنها مفضولةٌ
§ صلاة العاجز عن الإيماء :
· فإن صار لا يستطيعُ أنْ يومئَ بالرأسِ :
o فيومئُ بالعينِ، فإذا أرادَ أنْ يركعَ أغمضَ عينيه يسيراً، ثم إذا قال «سَمِعَ اللهُ لمَن حمِده» فتح عينيه، فإذا سَجَدَ أغمضهما أكثر وفيه حديثٌ عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «فإنْ لم يستطعْ أومأ بطَرْفِهِ» لكن هذا الحديثُ ضعيفٌ
o القول الثاني قال كثيرٌ مِن العلماءِ أنه إذا عَجَزَ عن الإِيماءِ بالرَّأسِ سقطت عنه الأفعالُ دونِ الأقوالِ وضعفوا الحديث
o القول الثالث تسقط عنه الأقوالُ والأفعالُ، يعني لا تجبُ عليه الصَّلاةُ أصلاً، وهذا القولُ اختيارُ شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله.
o والرَّاجحُ مِن هذه الأقوال الثلاثة أنه تسقطُ عنه الأفعالُ فقط :
§ لأنها هي التي كان عاجزاً عنها، وأما الأقوالُ فإنَّها لا تسقطُ عنه، لأنه قادرٌ عليها، وقد قال الله تعالى: {{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}} [التغابن: 16]
§ فنقول: كَبِّرْ، واقرأْ، وانْوِ الرُّكوعَ، فكبِّرْ وسبِّحْ تسبيحَ الرُّكوعِ، ثم انْوِ القيامَ وقُلْ: «سَمِعَ الله لمن حمِدَه، ربَّنا ولك الحمدُ» إلى آخرِه، ثم انْوِ السُّجودَ فكبِّرْ وسبِّحْ تسبيحَ السُّجودِ؛ لأن هذا مقتضى القواعد الشرعيَّةِ
§ صلاة العاجز عن الأقوال والأفعال :
· فإن عَجَزَ عن القولِ والفعلِ بحيث يكون الرَّجُلُ مشلولاً ولا يتكلَّم تسقط عنه الأقوالُ والأفعالُ، وتبقى النِّيةُ، فينوي أنَّه في صلاةٍ، وينوي القراءةَ، وينوي الركوعَ والسجودَ والقيامَ والقعودَ. هذا هو الرَّاجحُ :
o لأن الصَّلاةَ أقوالٌ وأفعالٌ بنيَّةٍ، فإذا سقطت أقوالُها وأفعالُها بالعجزِ عنها بقيت النِّيةُ
o ولأن قولنا لهذا المريض لا صلاةَ عليك قد يكون سبباً لنسيانه الله
o والمذهب في هذه المسألة أصحُّ مِن كلامِ شيخِ الإِسلامِ ابن تيمية رحمه الله، حيث قالوا لا تسقطُ الصَّلاةُ ما دام العقلُ ثابتاً،فيجبُ عليه مِن الصَّلاةِ ما يقدِرُ عليه منها.
§ الصلاة بالأصبع :
· يقول بعض العامة إذا عَجَزَ عن الإِيماءِ بالرَّأسِ أومأَ بالإِصبعِ، فينصب الأصبعَ حالَ القيام ويحنيه قليلاً حالَ الركوعِ ويضمُّه حالَ السُّجودِ لأنه لما عَجَزَ بالكلِّ لزمه بالبعض والسَّبَّابةُ أَولى
· وهذا لا أصلَ له، ولم تأتِ به السُّنَّةُ، ولم يقلْه أهلُ العِلمِ، ولكن ـ سبحان الله ـ مع كونِه لم يقلْه أحدٌ مِن أهلِ العِلم فيما نعلمُ فمشهورٌ عندَ العامةِ.
· مسألة من كان يعجَزُ عن القيامِ في جميعِ الركعةِ، لكن في بعضِ القيامِ يستطيع أن يقفَ نصفَ القراءة :
o مَن نظر إلى فِعْلِ الرسولِ صلّى الله عليه وسلّم في قيامِ الليلِ رجَّح أن يصلِّي جالساً، فإذا قاربَ الرُّكوع قامَ
o ومَن نَظَرَ إلى أن القيام رُكْنٌ، قال الأَولى أن يبدأَ بالرُّكنِ فيقومُ فإذا تعب جَلَسَ
o وتتميز الصفة الأُولى بأنه يتمكَّنُ مِن الركوع؛ بخلاف الثانية فإنَّه يركع بالإِيماء.
§ من قَدر أو عجز في أثناء الصلاة :
· من قَدِرَ في أثناءِ الصَّلاةِ على فِعْلٍ كان عاجزاً عنه انتقل إليه ومن كان في أول الصَّلاةِ نشيطاً فَشَرَعَ في الصَّلاةِ قائماً، ثم تعبَ فله أن يجلس بناءً على القاعدةِ:
o {{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}} [التغابن: 16]
o «صلِّ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً» وهذا يشمَلُ ما إذا كان العجزُ ابتداءً أو طارئاً
· مسألتان:
o المسألة الأولى من قَدِرَ في أثناءِ الصَّلاةِ فانتقل إلى القيام وأتمَّ قراءةَ الفاتحةِ أثناء نهوضِه قال الفقهاء رحمهم الله لا تجزئِه :
§ لأنه لما قَدِرَ على القيام صار القيام فرضاً، والفاتحةُ يجب أن تُقرأ وهو قائمٌ إذا كان قادراً على القيام، وقد قرأها في حالِ نهوضِه، والنهوضُ دون القيامِ
o المسألة الثانية من عجز في أثناءِ الصَّلاةِ فانتقل إلى القعود وأتمَّ قراءةَ الفاتحةِ أثناء هبوطه قالوا تجزئه :
§ لأنَّ حالَ الهبوطِ أعلى مِن حالِ القعودِ
o لكن لو قيل إنَّ قولَه تعالى {{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}}[التغابن: 16] يشمَلُ الصُّورةَ الأُولى أيضا :
§ لأنَّ الرَّجُلَ الذي قَدِرَ في أثناء الجلوسِ على القيامِ، نهوضُه هذا هو غايةُ قدرتِه وهذا أقربُ
§ ولأنَّ الرَّجُلَ الآن شارعٌ فيما يجب عليه، فهذا الشروعُ ثابتٌ بأمرِ الله، فإذا قرأ أجزأه
§ ولكن احتياطاً لهذا الأمر نقول إذا قدرتَ على القيامِ فاسكت لا تقرأ حتى تستتمَّ قائماً ثم أكمل.
§ من قدر على قيام وقعود، دون ركوع وسجود :
· إنْ قَدِرَ المريضُ على القيامِ، لكن لا يستطيع الركوعَ فيصلي قائماً ويومئُ بالرُّكوعِ قائماً وكذلك إذا كان يستطيعُ أنْ يجلسَ؛ لكن لا يستطيع أن يسجدَ نقول اجلسْ وأومئْ بالسُّجودِ والدليلُ :
o قوله تعالى: {{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}} [التغابن: 16] .
· إذا كان لا يستطيعُ السُّجودَ على الجبهة فقط؛ لأنَّ فيها جروحاً لا يتمكَّنُ أن يمسَّ بها الأرض، لكن يقدِرُ باليدين فيضعُ يديه على الأرضِ ويدنو مِن الأرضِ بقَدْرِ استطاعتِه :
o لقوله تعالى: {{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}}
o وأما قولُ مَن قال مِن العلماءِ: إنَّه إذا عَجَزَ عن السُّجودِ بالجبهة لم يلزمه بغيرِها، فهذا قول ضعيفٌ
· مسألة: رَجُلٌ مريضٌ إنْ ذهب إلى المسجدِ لم يستطعْ القيامَ لأنه يصل إلى المسجدِ وهو متعبٌ وإن صلّى في بيته صلَّى قائماً؛ لأنه لم تحصُلْ عليه مشقَّةٌ . للعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
o مِن العلماءِ مَن قال إنه يُخيَّر لتعارض الواجبين، واجب الجماعة، وواجب القيام وليس أحدهما أولى بالترجيح مِن الآخر.
o ومنهم مَن قال يقدِّم القيامَ، فيصلِّي في بيتِه قائماً؛ لأنَّ القيامَ رُكْنٌ بالاتفاقِ؛ لقول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «صَلِّ قائماً» وصلاةُ الجماعةِ أقلُّ وجوباً لوجود الخِلاف في وجوبها.
o ومنهم مَن قال: يجب أن يحضر إلى المسجدِ، ثم يصلِّي قائماً إن استطاعَ، وإلا صَلَّى جالساً؛ لأنَّه مأمورٌ بإجابة النِّداء، والنِّداءُ سابقٌ على الصَّلاةِ وهذا الذي أميلُ إليه ـ ولكن ليس ميلاً كبيراً ـ ويدلُّ لذلك :
§ حديث ابن مسعود الثابت في «صحيح مسلم»: «وكان الرَّجُلُ يُؤتى به يُهادى بين الرَّجلينِ حتى يُقامَ في الصَّفِّ» ومثل هذا في الغالب لا يقدِرُ على القيام وحدَه
§ صلاة المريض مستلقيا مع قدرته على القيام :
· من قدر على القيام لكن قال له الطبيب لا بُدَّ أن تصلِّيَ مستلقياً فحينئذٍ نقول له صَلِّ مستلقياً ولو كنت قادراً على القيامِ وذلك لأمرِ الطبيبِ.
· اشترط المؤلِّف لجواز الصلاة مستلقياً مع القدرة على القيام شرطان :
o أنْ يكون عن قولِ طبيب
o وأن يكون مسلماً.
· وعلم من كلام المؤلف أن غير الطبيب لا يرجع إلى قوله لكن الصحيح أنه إذا قال له إنسانٌ مجرِّبٌ وإن لم يكن طبيباً إن في صلاتِك قائماً ضرراً عليك، فله أن يصلِّيَ مستلقياً أو قاعداً لأن الطب إما وحي أو مبني على التجربة .
· وعُلم من كلامه أيضاً أنه لو أمره بذلك غير مسلم لم يأخذ بقوله لأنَّ هذه أمانة، وغير المسلم ليس بأمين
· وذهب بعضُ أهلِ العِلم إلى اشتراطِ الثقةِ فقط دون الإِسلام، وقال متى كان الطبيبُ ثقةً عُمِلَ بقولِه وإنْ لم يكن مسلماً واستدلُّوا لذلك :
o بأنَّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم عَمِلَ بقول الكافر حال ائتمانه؛ لأنه وَثِقَ به فقد استأجرَ في الهجرةِ رَجُلاً مشركاً مِن بني الدِّيلِ، يُقال له: عبدُ الله بن أُريقط ليدلَّه على الطريق مِن مكَّة إلى المدينة وهذا هو القول الراجح لقوة دليله وتعليله.
§ الصلاة في السفينة :
· إذا كان يمكنه القيام في الفريضة وجب عليه أن يصلّي قائماً وَلاَ تَصِحُّ صَلاَتُهُ قَاعِدا
· وإذا كان لا يمكنه :
o إما لكون الرياح عاصفة والسفينة غير مستقرة فإنه يصلّي جالساً
o وإما لكون سقف السفينة قصيراً فإنه يصلّي جالساً
o ولكن سبق أنه إذا أمكن أن يقف ولو كراكع وجب عليه
§ الصلاة على الراحلة :
· يصح الفرض على الراحلة خشية التأذي بالنزول والدليل :
o قول يعلى بن مُرَّة أنَّهم كانوا مع النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في سَفَر، فانتهوا إلى مَضِيقٍ، فحضرتِ الصَّلاةُ فَمُطِرُوا ، السَّماءُ من فَوقِهِم والبِلَّةُ من أسفلَ منهم، فأذَّنَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم وهو على راحلتِه وأقامَ فتقدَّمَ على راحلتِه فصلَّى بهم يُومِئُ إيماءً يجعلُ السجودَ أخفضَ من الركوعِ. رواه أحمد والترمذي وقال العمل عليه عند أهل العلم
o وفي هذا الحديث أنهم يصلّون جماعة، وعلى هذا فيتقدم الإِمام عليهم حتى في الرواحل؛ لأن هذا هو السنّة في موقف الإِمام
· وكذالك إذا خاف انقطاعاً عن رفقته فيصلِّي على الراحلة ولو مع الأمن :
o لأن الإِنسان إذا انقطع عن رفقته فلربما يضيع، وربما يحصُل له مرض أو نوم أو ما أشبه ذلك فيتضرر.
· وأما الصلاة على الراحلة للمرض :
o إذا كان يمكنه أن ينزل ثم يركب على الراحلة فلا يصلي
o أما إذا كان لا يمكنه فله أن يصلِّي على الراحلة للمرض، لأن ذلك أشد من الوحل وشبهه.
· كيفيتها :
o يجب أن يستقبل القبلة في جميع الصلاة؛ لأنه قادر عليه إذ يمكنه أن يتوقف في السير ويوجه الراحلة إلى القبلة ويصلِّي
o أما الركوع والسجود فيومئ بالركوع والسجود، لأنه لا يستطيع، والقيام أولى
o هذا على الرواحل التي يعرفها العلماء رحمهم الله، وهي الإِبل والحمير والخيل والبغال وشبهها
· أما وسائل النقل اليوم مثل السيارات وغيرها متى ما أمكنه أن يأتي بالواجب فيها فله أن يصلي ولا يشترط التأذي بالنزول
§ الصلاة في الطائرة :
· إذا كان يمكنه أن يصلّي قائماً وجب أن يصلّي إلى القبلة قائماً ويركع ويسجد إلى القبلة
· وإذا لم يمكنه :
o فإن كانت الطائرة تصل إلى المطار قبل خروج الوقت فإنه ينتظر حتى ينزل إلى الأرض
o فإن كان لا يمكن أن تصل إلى المطار قبل خروج الوقت :
§ فإن كانت هذه الصلاة مما تجمع إلى ما بعدها كالظهر مع العصر أو المغرب مع العشاء، فإنه ينتظر حتى يهبط على الأرض فيصلّيهما جمع تأخير
§ وإذا كانت الصلاة لا تجمع لما بعدها صلّى على الطائرة على حسب حاله
· ظن البعض أنه لا يجوز الصلاة في الطائرة قياسا على قول الفقهاء "لا تصح الصلاة على الأرجوحة؛ لأنها غير مستقرة" ولكن هذا ليس بصحيح، لأن الفرق بين الأرجوحة والطائرة ظاهر جدا فالطائرة مستقرة تماماً بخلاف الأرجوحة

  #36  
قديم 21 ربيع الثاني 1431هـ/5-04-2010م, 06:44 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

تابع صلاة أهل الأعذار :

ü العذر الثاني السفر:

o السفر من الأعذار التي تختلف به الصلاة عددا فيشرع فيه قصر الرباعية ركعتين
o تعريفه :

§ السفر في اللغة: مفارقة محل الإِقامة، وسمي بذلك :
· لأن الإِنسان يسفر بذلك عن نفسه، فبدلاً من أن يكون مكنوناً في بيته أصبح ظاهراً بيِّناً بارزاً، ومنه قوله تعالى: {{وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ *}} [المدثر] أي: تبين وظهر
· وقال بعض العلماء إنما سمّي السفر سفراً؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال، أي: يوضحها ويبيّنها، فإن كثيراً من الناس لا تعرف أخلاقه ولا حسن سيرته إلا إذا سافرت معه
o أنواعه :
§ الأسفار تنقسم إلى خمسة أقسام :
· السفر المحرم ومن ذالك سفر المرأة بلا محرم
· السفر المكروه ومنه سفر المرء وحده
· السفر المباح كالسفر للنزهة
· السفر الواجب كالسفر لأداء فريضة الحج
· السفر المستحب كالسفر للحج للمرة الثانية
o شروط القصر في السفر :
§ الشرط الأول :
· أن يكون السفر مباحا والمقصود بالمباح هنا ما ليس بحرام ولا مكروه، فيشمل الواجب والمستحب والمباح إباحة مطلقة قالوا :
o لأن المسافر سفر معصية لا ينبغي أن يرخص له إذ إن الرخصة تسهيل وتيسير على المكلف والمسافر سفراً محرماً لا يستحق أن يسهل عليه ويرخّص له
· وذهب الإِمام أبو حنيفة وشيخ الإِسلام ابن تيمية وجماعة كثيرة من العلماء؛ إلى أنه لا يشترط الإِباحة لجواز القصر وأن الإِنسان يجوز أن يقصر حتى في السفر المحرم وقالوا:
o إن القصر في السفر عزيمة لا رخصة ، لإن الصلاة في السفر من الأصل فرضت ركعتين وليست تحويلاً من الأربع إلى الركعتين وهذا القول قول قوي، لأن تعليله ظاهر، كما ثبت ذلك في «صحيح البخاري» وغيره عن عائشة رضي الله عنها: «أن أول ما فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فزيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر على ركعتين»
· وقال بعض العلماء لا قصر إلا في سفر الطاعة كالحج والعمرة، وزيارة الوالدين ونحوها، وأما المباح فلا قصر فيه
§ الشرط الثاني :
· أن تكون المسافة أربعة برد فأكثر وما دونها ولو بشبر واحد لا يبيح القصر :
o والبريد عندهم مسيرة نصف يوم فتكون أربعة البرد يومين
o وقدروه بالمساحة الأرضية بثمانية وأربعين ميلاً والميل المعروف = كيلو وستمائة متر.
o وأما في الزمن فقالوا إن مسيرته يومان قاصدان _أي معتدلان_ بسير الإِبل المحملة.
o وهذا هو الذي عليه أكثر العلماء.
· والصحيح أنه لا حد للسفر بالمسافة وإنما يرجع في ذلك إلى العرف :
o لأن التحديد كما قال صاحب المغني :
o «يحتاج إلى توقيف، وليس لما صار إليه المحددون حجة، وأقوال الصحابة متعارضة مختلفة، ولا حجة فيها مع الاختلاف ولأن التقدير مخالف لسنة النبي صلّى الله عليه وسلّم ولظاهر القرآن ولأن التقدير بابه التوقيف فلا يجوز المصير إليه برأي مجرد، والحجة مع من أباح القصر لكل مسافر إلا أن ينعقد الإِجماع على خلافه».اهـ
o والله عزّ وجل يعلم أن المسلمين يسافرون في الليل والنهار ولم يرد حرف واحد يقول إن تحديد السفر مسافته كذا وكذا
o ولم يتكلم أحد من الصحابة بطلب التحديد في السفر، مع أنهم في الأشياء المجملة يسألون النبي صلّى الله عليه وسلّم عن تفسيرها وبيانها
o فلما لم يسألوا علم أن الأمر عندهم واضح، وأن هذا معنى لغوي يرجع فيه إلى ما تقتضيه اللغة وحد السفر في اللغة كما جاء في مقاييس اللغة لابن فارس: ما يدل على أنه مفارقة مكان السكنى.
o وإذا كان لم يرو عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم تقييد السفر بالمسافة، وليس هناك حقيقة لغوية تقيده كان المرجع فيه إلى العرف
· مدة السفر بالنسبة للمسافة لا تخلو من أربع حالات:
o مدة طويلة في مسافة طويلة، فهذا سفر لا إشكال فيه
o مدة قصيرة في مسافة قصيرة فهذا ليس بسفر
o مدة طويلة في مسافة قصيرة بمعنى أنه ذهب إلى مكان قريب لا ينسب لبلده، وليس منها، وبقي يومين أو ثلاثة فهذا سفر
o مدة قصيرة في مسافة طويلة، كمَن ذهب مثلاً من القصيم إلى جدة في يومه ورجع فهذا يسمى سفراً؛ لأن الناس يتأهبون له، ويرون أنهم مسافرون.
· إن أشكل على الإنسان هل هذا سفرٌ عرفاً أو لا؟ فهنا يتجاذب المسألة أصلان :
o الأصل الأول أن السفر مفارقة محل الإِقامة، وحينئذٍ نأخذ بهذا الأصل فيحكم بأنه سفر.
o الأصل الثاني أن الأصل الإِقامة حتى يتحقق السفر، وما دام الإِنسان شاكاً في السفر، فهو شاك هل هو مقيم أو مسافر والأصل الإِقامة
o وعلى هذا فنقول في مثل هذه الصورة الاحتياط أن تتم؛ لأن الأصل هو الإِقامة حتى نتحقق أنه يسمى سفراً.
o دليل القصر :
§ دليل ذلك كتاب الله، وسنّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وإجماع الأمة :
· أما في القرآن فقال الله تعالى: {{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}} [النساء: 101] ونفي الجناح هنا لا يعني ارتفاع الإِثم فقط بل معناه انتفاء المانع فإذا انتفى المانع نرجع إلى ما تقتضيه الأدلة الأخرى، فالأدلة الأخرى في الصلاة تقتضي أن القصر راجح على الإِتمام.
· وأما السنة «فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا سافر صلّى ركعتين ، ولم يحفظ عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه صلّى أربعاً في سفر قط، بل في كل أسفاره الطويلة والقصيرة كان يصلي ركعتين.
· وأما إجماع المسلمين: فهذا أمر معلوم بالضرورة، كما قال ابن عمر: «إنِّي صَحِبتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم في السَّفَرِ، فلم يَزِدْ على ركعتين حتى قَبَضَهُ اللهُ، وصَحِبتُ أبا بكرٍ؛ فلم يَزِدْ على ركعتين حتى قَبَضَهُ اللهُ، وصَحِبتُ عُمَر فلم يَزِدْ على ركعتين حتى قَبَضَهُ اللهُ، ثم صَحِبتُ عثمان فلم يَزِدْ على ركعتين حتى قَبَضَهُ اللهُ»
· ودليل القرآن الذي قال فيه الله عز وجل : {{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}} [النساء: 101] قيد بخوف الفتنة من الكفار :
o لكن هذا الشرط مرتفع بسنّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم التي أخبر بها عن ربِّه، فإن عُمر بن الخطاب رضي الله عنه أشكل عليه هذا القيد، فسأل النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّها صدقةٌ، تصدَّقَ اللهُ بها عليكم، فاقبلوا صَدَقَته» ، فصارت إباحة القصر في الأمن صدقةٌ تصدَّق الله بها علينا.
§ وقال بعض العلماء إن قصر الصلاة ينقسم إلى قسمين قصر عدد وقصر هيئة :
· فإن اجتمع الخوف والسفر اجتمع القصران
· وإن انفرد السفر صار القصر بالعدد
· وإن انفرد الخوف صار القصر بالهيئة
§ وهذه مناسبة جيدة وطلب للعلة والحكمة، ولكن الذي يَفْصِلُ هو قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «إنها صدقة تصدَّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته».
o الصلوات التي يشملها القصر هي الرباعية وهي ثلاث صلوات :
§ الظهر والعصر والعشاء
§ أما الثلاثية فلا تقصر :
· لأنها لو قصرت لفات المقصود منها وهي الوترية
· ولأنها لا يمكن أن تقصر على سبيل النصف؛ إذ ليس هناك صلاة تكون ركعة ونصفاً
§ وأما الثنائية فلا تقصر أيضاً لأنها لو قصرت لكانت وتراً ففات المقصود
§ وهذا التعليل إنما هو بيان لوجه الحكمة، وإلا فالأصل هو اتباع النص، لأن ركعات الصلاة من الأمور التي لا تبلغها العقول
o سبب القصر :
§ سببه السفر فقط وأما المرض والشغل والتعب فلا يمكن أن يكونا سبباً للقصر حتى لو كان الإِنسان في أشد مرض، فإنه لا يقصر.
o حكم القصر :
§ أفادنا المؤلف أن القصر سنّة، فعلى ما قال لو أتم لم يأثم ، ولا يوصف بأن عمله مكروه وهذا موضع خلاف بين أهل العلم
§ وقال بعض أهل العلم إن الإِتمام مكروه :
· لأن ذلك خلاف هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم المستمر الدائم فإن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ما أتم أبداً في سفر وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ، وهذا القول اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو قول قوي، بل لعله أقوى الأقوال.
§ وقال بعض أهل العلم: إن القصر واجب، وأن من أتم فهو آثم ودليل هذا ما يلي :
· حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «أول ما فرضت الصلاة ركعتين ثم زيد في صلاة الحضر وأقرّت صلاة السفر على الفريضة الأولى». وهذا قول صحابي يعلم الحكم، ويعلم مدلول الألفاظ وقد صرحت بأن الركعتين فريضة المسافر.
· قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» وهذا كما تدخل فيه الهيئة وهي الكيفية يدخل فيه القدر وهو الكمية، والنبي صلّى الله عليه وسلّم في سفر لم يزد على الركعتين أبداً
· أنه فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم المستمر.
· ورود ذلك عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما.
§ ولكن يعارض القول بالوجوب أصول:
· الأصل الأول أن المؤتم بالمقيم إذا كان مسافراً يصلّي أربعاً تبعاً للإِمام، ومتابعة الإِمام واجبة، والزيادة على الفريضة تبطل الصلاة فهنا نقول: لو كان القصر واجباً لكانت متابعة الإِمام في الإِتمام حراماً :
o ولكن هذا الأصل قد يعارض فيقال: إنما لا تجوز الزيادة على الأربع فيما لو قام الإِمام إلى الخامسة لأن هذا غير مشروع أي لم تشرع صلاة عددها خمس ومتابعة المسافر للإِمام المتم مشروعة، بل هي الأصل في صلاة الحاضر المقيم فبينهما فرق ، إذن هذا الأصل فيه ضعف.
· الأصل الثاني: أن الصحابة رضي الله عنهم أتموا خلف عثمان بن عفان رضي الله عنه حينما صلّى في منى، وذلك «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبا بكر وعمر وعثمان في أول خلافته إلى ست أو ثمان سنين كان يصلي ركعتين ثم صار في آخر خلافته يصلي أربعاً، وكان الصحابة يصلون خلفه مع إنكارهم عليه حتى إن ابن مسعود لما بلغه أنه صلّى أربعاً استرجع قال: إنّا لله وإنا إليه راجعون» فلو كان القصر واجباً لم يتابعه الصحابة رضي الله عنهم :
o ولكن هذا الأصل أيضاً ربما يعارض بما عورض به الأصل الأول في أنهم إنما يتابعونه فيصلون أربعاً في صلاة تصلى أربعاً فلا غرابة أن يدعوا الركعتين الواجبتين، لا سيما وأنهم لاحظوا معنى آخر وهو الخلاف بين الناس وبين خليفتهم
o ولهذا لما سئل ابن مسعود رضي الله عنه كيف تتم أربعاً وأنت تنكر على عثمان؟ قال: «الخلاف شر» رضي الله عن الصحابة
§ والذي يترجح لي وليس ترجحاً كبيراً :
· هو أن الإِتمام مكروه وليس بحرام، وأن من أتم فإنه لا يكون عاصياً، هذا من الناحية النظرية.
· وأما من الناحية العملية فلا يليق بالإِنسان أن يفعل شيئاً يخشى أن يكون عاصياً فيه. بل افعل ما يكون هو السنة، فإن ذلك أصلح لقلبك حتى وإن كان يجوز لك خلافه
§ ولكن إذا أتم الإِمام فإنه يلزمك الإِتمام، لئلا تقع في المخالفة، وهذا من نظر الشرع لاتفاق الأمة، وإن كان ذلك خلاف الأولى بك لو صليت منفرداً.
o ابتداء القصر :
§ يشرط لبدء القصر :
· مفارقة عامر قريته بالبدن بمقدار ذراع لا أن تغيب عن نظره لأنها ربما لا تغيب إلا بعد مسافة طويلة :
o فإن كان هناك بيوت قديمة في أطراف البلد هجرت وتركت ولم تسكن، فهذه لا عبرة بها
o وإن كان في القرية بيوت عامرة ثم بيوت خربة ثم بيوت عامرة، فالعبرة بمفارقة البيوت العامرة الثانية
· أو مفارقة خيام قومه إذا كانوا يسكنون الخيام
· ولا يجوز أن يقصر ما دام في قريته ولو كان عازماً على السفر ولو كان مرتحلاً، ولو كان راكباً يمشي بين البيوت وذلك:
o لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «كان لا يقصر إلا إذا خرج وارتحل».
o ولأن السفر هو أن يسفر الإِنسان ويبرز ويخرج كما سبق
o مسألتان :
§ رجل سافر من أجل أن يترخص فهل يترخص؟
· الجواب: لا، لأن السفر حرام حينئذ، ولأنه يعاقب بنقيض قصده فكل من أراد التحيُّل على إسقاط الواجب أو فعل المحرم عوقب بنقيض قصده فلا يسقط عنه الواجب ولا يحل له المحرم.
§ إنسان خرج من بلده يتمشّى فهبت رياح أضلته عن الطريق، فصار تائهاً يطلب الطريق، ولم يهتدِ إليه، فهل يقصر الصلاة؟.
· الجواب: لا يقصر، لأنه لم ينو مسافة القصر وقد يهتدي إلى الطريق قبل بلوغ المسافة، وكذلك من خرج لطلب بعير شارد لا يقصر؛ لأنه لم ينوِ المسافة.
· ولكن الصحيح: أنه يقصر لأنه على سفر.
o مسائل تداخل فيها سبب القصر وسبب الإتمام :
§ المسألة الأولى من أحرم بالصلاة وهو مقيم ثم سافر فيلزمه أن يتم :
· لأنه ابتداء الصلاة في حال يلزمه إتمامها، فلزمه الإِتمام
· مثاله كما لو كان في سفينة تجري في نهر يشق البلد وكانت راسية فكبّر للصلاة، ثم مشت السفينة ففارقت البلد وهو في أثناء الصلاة
§ المسألة الثانية من أحرم للصلاة في سفر ثم أقام فيلزمه الإِتمام هذا هو المذهب :
· لأنه اجتمع في هذه العبادة سببان أحدهما يبيح القصر وهو السفر والثاني يمنع القصر وهو الإقامة فغلب جانب المنع والقاعدة عند الفقهاء أنه إذا اجتمع مبيح وحاظر غلب جانب الحظر
· مثاله كما لو كانت السفينة مقبلة على البلد والنهر قد شق البلد فكبّر للإِحرام وهو في السفينة قبل أن يدخل البلد، ثم دخل البلد
· والقول الراجح في هذه المسألة أنه لا يلزمه الإِتمام لأنه ابتدأ الصلاة في حال يجوز له فيها القصر فكان له استدامة ذلك ولا دليل بيّناً على وجوب الإِتمام.
§ المسألة الثالثة من ذكر صلاة حضر في سفر :
· مثاله رجل مسافر، وفي أثناء السفر ذكر أنه لم يصل الظهر في الحضر فإنه يصلي أربعاً :
o لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» أي: يصلي هذه الصلاة كما هي إذا ذكرها
o ولأن هذه الصلاة لزمته تامة فوجب عليه فعلها تامة، وهذا واضح.
§ المسألة الرابعة من ذكر صلاة سفر في حضر :
· مثال ذلك رجل وصل إلى بلده ثم ذكر أنه لم يصل الظهر في السفر، فيلزمه أن يصلي أربعاً :
o لأنها صلاة وجبت عليه في الحضر فلزمه الإِتمام
o ولأن القصر من رخص السفر وقد زال السفر فيلزمه الإِتمام . هذا هو المذهب
o لكن القول الراجح خلافه، وأنه إذا ذكر صلاة سفر في حضر صلاها قصراً لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» أي: فليصلها كما هي
§ المسألة الخامسة ائتمام المسافر بالمقيم :
· إذا ائتم مسافر بمقيم فإنه يتم :
o لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنما جعل الإِمام ليؤتم به».
o وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» ، فيشمل كل ما أدرك الإِنسان وكل ما فاته.
o ولأن «ابن عباس سئل ما بال الرجل المسافر يصلي ركعتين ومع الإِمام أربعاً؟ فقال: تلك هي السنّة».
o ولأن الصحابة رضي الله عنهم: «كانوا يصلون خلف عثمان بن عفان وهم في سفر في منى أربعاً»
· إذا أدرك المسافر من صلاة الإِمام ركعة في الصلاة الرباعية فيأتي بثلاث، وإن أدرك ركعتين أتى بركعتين، وإن أدرك ثلاثاً أتى بركعة، وإن أدرك التشهد أتى بأربع :
o لعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «وما فاتكم فأتموا».
§ المسألة السادسة من ائتم بمن يشك فيه هل هو مسافر أو مقيم :
· إذا ائتم مسافر بمن يشك فيه هل هو مسافر أو مقيم لزمه الإِتمام :
o للشك في جواز القصر.
o وظاهر كلام المؤلف لزوم الإِتمام وإن تبين أن الإِمام مسافر.
· والقول الراجح عندي :
o أنه لا يلزمه الإِتمام في هذه الصورة لأن الأصل في صلاة المسافر القصر، ولا يلزمه الإِتمام خلف الإِمام إلا إذا أتم الإِمام وهنا لم يتم الإِمام.
o ولو قال حينما رأى إماماً يصلي بالناس في مكان يجمع بين مسافرين ومقيمين إن أتمّ إمامي أتممت وإن قصر قصرت، صح وإن كان معلقاً :
§ لأن هذا التعليق يطابق الواقع، فإن إمامه إن قصر ففرضه هو القصر، وإن أتم ففرضه الإِتمام
§ وليس هذا من باب الشك، وإنما هو من باب تعليق الفعل بأسبابه، وسبب الإِتمام هنا إتمام الإِمام والقصر هو الأصل.
§ المسألة السابعة من أحرم بصلاة يلزمه إتمامها ففسدت وأعادها :
· إذا أحرم المسافر بصلاة يلزمه إتمامها، كما إذا ائتمّ بمقيم فقد أحرم بصلاة يلزمه إتمامها :
o فإذا فسدت بحدث أو غيره ثم أعادها فإنه يلزمه الإِتمام، لأن هذه الصلاة إعادة لصلاة يجب إتمامها، فيلزمه أن يصلي أربعاً.
o وأما إذا ذكر أنه على غير وضوء فإن الصلاة لم تنعقد أصلاً، وعلى هذا فلا يلزمه الإِتمام، بخلاف المسألة الأولى إذا فسدت بعد أن انعقدت فإنه يلزمه الإِتمام كما قال المؤلف.
o ولكن هذا غير مسلم به؛ وذلك لأن الصلاة الأولى التي شرع فيها إنما يلزمه إتمامها تبعاً لإِمامه لا من حيث الأصل، وبعد أن فسدت زالت التبعية فلا يلزمه إلا صلاة مقصورة، وهذا التعليل أقوى من التعليل الذي ذكروه رحمهم الله، فيكون هذا أرجح إن لم يمنع منه إجماع
· إذا دخل وقت الصلاة وهو في بلده ثم سافر فإنه يقصر
· ولو دخل وقت الصلاة وهو في السفر ثم دخل بلده فإنه يتم اعتباراً بحال فعل الصلاة.
§ المسألة الثامنة من لم ينو القصر عند إحرامه بالصلاة :
· من دخل في صلاة رباعية وهو مسافر، ولم يستحضر أن ينويها ركعتين، فهنا يقول المؤلف يلزمه أن يتم، وهذه المسألة لها ثلاث صور:
o الصورة الأولى أن ينوي الإِتمام فيلزمه الإِتمام على رأي من يرى جواز إتمام المسافر
o الصورة الثانية أن ينوي القصر فيقصر ودليل ذلك :
§ قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»
o الصورة الثالثة أن ينسى فلا ينوي قصراً ولا إتماماً :
§ فالمذهب أنه يتم وعللوا ذلك أن الأصل وجوب الإِتمام فإذا لم ينوِ القصر لزمه الأصل وهو الإِتمام
§ والقول الثاني في المسألة أنه يقصر وإن لم ينوِ القصر، لأن الأصل في صلاة المسافر القصر وهو الصحيح
§ المسألة التاسعة من شك في نية القصر :
· إذا شك مسافر في نية القصر هل نوى القصر أم لم ينوِ؟ فالمذهب أنه يلزمه الإِتمام، لأن الأصل عدم النية.ومن القواعد المقررة: أن من شك في وجود شيء أو عدمه فالأصل العدم، وإذا لم يتيقن أنه نوى القصر لزمه الإِتمام
· القول الثاني أنه يقصر وإن شك في نية القصر :
o ووجوب الإِتمام في هذه المسألة أضعف من وجوب الإِتمام في المسألة التي قبلها وهي إذا جزم بأنه لم ينوِ . وعلى هذا فنقول كما قلنا في فيها: أنه يقصر ولا يلزمه الإِتمام، لأن الأصل في صلاة المسافر القصر.
§ المسألة العاشرة من نوى إقامة أكثر من أربعة أيام :
· إذا نوى المسافر إقامة أكثر من أربعة أيام في أي مكان كان فيلزمه أن يتم والدليل على هذا:
o أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قدم مكة في حجة الوداع يوم الأحد الرابع من ذي الحجة، وأقام فيها الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء، وخرج يوم الخميس إلى مِنَى، فأقام في مكة أربعة أيام يقصر الصلاة ونحن نعلم علم اليقين أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد عزم على أن يبقى هذه الأيام الأربعة؛ لأنه قدم إلى الحج، ولا يمكن أن ينصرف قبل الحج.
o وهذه الأيام الأربعة وقعت اتفاقاً بلا شك
o والأصل أن إقامة المسافر في أي مكان تقطع السفر ولكن سمح في الأيام الأربعة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أقامها وقصر فيبقى ما زاد عليها على الأصل، وهو المنع من الترخص ووجوب الإِتمام
· وهذه المسألة من مسائل الخلاف التي كثرت فيها الأقوال فزادت على عشرين قولاً لأهل العلم، وسبب ذلك أنه ليس فيها دليل فاصل يقطع النزاع، فأقوال المذاهب المتبوعة هي :
o أولاً: مذهب الحنابلة كما سبق أنه إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام انقطع حكم السفر في حقه ولزمه الإِتمام
o ثانياً: مذهب الشافعي إذا نوى إقامة أربعة أيام فأكثر فإنه يلزمه الإِتمام، لكن لا يحسب منها يوم الدخول، ويوم الخروج وعلى هذا تكون الأيام ستة، يوم الدخول، ويوم الخروج، وأربعة أيام بينها.
o ثالثاً: مذهب أبي حنيفة إذا نوى إقامة أكثر من خمسة عشر يوماً أتم، وإن نوى دونها قصر.
o وفيها أيضاً مذاهب أخرى فردية، مثل ما ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما بأنه إذا نوى إقامة تسعة عشر يوماً قصر، وما زاد فإنه لا يقصر.
· لكن إذا رجعنا إلى ما يقتضيه ظاهر الكتاب والسنّة وجدنا أن القول الذي اختاره شيخ الإِسلام رحمه الله هو القول الصحيح، وهو أن المسافر مسافر، سواء نوى إقامة أكثر من أربعة أيام أو دونها وذلك :
o لعموم الأدلة الدالة على ثبوت رخص السفر للمسافر بدون تحديد، ولم يحدد الله في كتابه ولا رسوله صلّى الله عليه وسلّم المدة التي ينقطع بها حكم السفر.
o فمن القرآن قوله تعالى: {{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ}} [النساء: 101] فقوله تعالى: {{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ}} عام يشمل كل ضارب، ومن المعلوم أن الضرب في الأرض أحياناً يحتاج إلى مدة طويلة بحسب حاجته.
o وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أقام مدداً مختلفة يقصر فيها :
§ فأقام في تبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة
§ وأقام في مكة عام الفتح تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة
§ وأقام في مكة عام حجة الوداع عشرة أيام يقصر الصلاة، لأن أنساً رضي الله عنه سئل كم أقمتم في مكة ـ أي: في حجة الوداع ـ قال: أقمنا بها عشراً فأضاف أيام الحج إلى الأيام الأربعة
· وأما حُجة من رأى أنه إذا أقام أكثر من أربعة أيام لزمه الإِتمام، وهو أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أقام أربعة أيام قبل أن يخرج إلى منى فالرد عليها من وجوه :
o أولا أن هذا دليل عليهم وليس دليلاً لهم، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قدم مكة في اليوم الرابع اتفاقاً، ولا أحد يشك في هذا، وهل هناك دليل على أنه لو قدم في اليوم الثالث أتم ونحن نعلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم يعلم بأن من الناس من يقدم للحج قبل اليوم الرابع ، لأن أشهر الحج تبتدئ من شوال، فلما لم يبين مع دعاء الحاجة للبلاغ والتبيين ولم يقل للناس من قدم قبل اليوم الرابع فليتم علم أنه لا يلزمه الإِتمام، فيكون هذا الحديث دليلاً على أنه لا يلزم الإِتمام من نوى إقامة أكثر من أربعة أيام.
o ثانيا أن بقاء النبي صلّى الله عليه وسلّم في مكة أربعة أيام وقع مصادفة لا تشريعاً
o ثالثا كيف نقول أن من نوى الإِقامة ستاً وتسعين ساعة فله أن يقصر، ومن نوى الإِقامة ستاً وتسعين ساعة وعشر دقائق فليس له أن يقصر؛ لأن الأول مسافر والثاني مقيم، أين هذا التحديد في الكتاب والسنّة فمثل هذا لا يمكن أن يترك بلا بيان، وترك البيان في موضع يحتاج إلى بيان يعتبر بياناً
o رابعا أن في هذا القول تناقض ووجه ذالك أنه في الجمعة في حكم المسافرين، وفي غير الجمعة في حكم المقيمين، فمثل هذه الأمور تحتاج إلى دليل وتوضيح
o وعلى هذا فنقول إن القول الراجح ما ذهب إليه شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله من أن المسافر مسافر ما لم ينوِ واحداً من أمرين :
§ الإِقامة المطلقة.
§ أو الاستيطان.
§ والفرق: أن المستوطن نوى أن يتخذ هذا البلد وطناً، والإِقامة المطلقة أنه يأتي لهذا البلد ويرى أن الحركة فيه كبيرة، أو طلب العلم فيه قوي فينوي الإِقامة مطلقاً بدون أن يقيدها بزمن أو بعمل.
§ المسألة الحادية عشر الملاح الذي معه أهله ولا ينوي الإقامة ببلد :
· الملاح _إي قائد السفينة_ :
o إذا كان معه أهله ولا ينوي الإقامة لا ببلد المغادرة، ولا ببلد الوصول، فهذا يجب عليه أن يتم؛ لأن بلده سفينته.
o فإن كان أهله في بلد فإنه مسافر ولو طالت مدته في السفر.
o وإن كان له نية الإِقامة في بلد فإنه يقصر إذا غادره ؛ لأننا نقول له إنك مسافر إذا فارقته، لأن لك بلداً معيناً عيّنته للإِقامة.
· ومثل ذلك أصحاب سيارات الأجرة الذين دائماً في البر فحكمهم بالنسبة للقصر حكم الملاح.
§ المسألة الثانية عشر من كان له طريقان لسفره أحدهما أبعد من الآخر :
· لو أن رجلا في بلد يريد أن يسافر إلى بلد آخر، ولهذا البلد طريقان أحدهما بعيد، والثاني قريب، أي: أن أحدهما يبلغ المسافة، والآخر لا يبلغها، فسلك أبعدهما فإنه يقصر، لأنه يصدق عليه أنه مسافر سفر قصر
§ المسألة الثالثة عشر من ذكر صلاة سفر في سفر آخر :
· لو أن رجلا سافر إلى العمرة وصلّى بغير وضوء ناسياً، ولما رجع من العمرة سافر إلى المدينة وفي أثناء سفره إلى المدينة ذكر أنه صلّى في سفره للعمرة صلاة بغير وضوء، فنقول: يصلّيها قصراً؛ لأن الصلاة وجبت في السفر أداءً وقضاءً..
· وهذا المسألة لها أربع صور :
o ذكر صلاة سفر في سفر، يقصر.
o ذكر صلاة حضر في حضر، يتم.
o ذكر صلاة سفر في حضر، يقصر على الصحيح.
o ذكر صلاة حضر في سفر، يتم.
§ المسألة الرابعة عشر من حبس ولم ينو الإقامة :
· من حبس _أي منع من السفر_ بأي سبب كان :
o ولم ينوِ أن يبقى مدة محددة فإنه يقصر ولو طالت المدة دليل ذلك :
§ أن ابن عمر رضي الله عنهما «حبسه الثلج بأذربيجان لمدة ستة أشهر يقصر الصلاة» ، وابن عمر صحابي، والقول الراجح أن فعل الصحابي وقوله حجة ما لم يخالف نصاً أو يعارضه قول صحابي آخر.
§ ثم إن فعل ابن عمر هذا رضي الله عنه مؤيد بعمومات الكتاب والسنّة الدالة على أن المسافر يقصر حتى لو بقي باختياره على القول الراجح.
o فإن نوى إقامة مطلقة لا إقامة ينتظر بها زوال المانع فإنه يتم.
§ المسألة الخامسة عشر من أقام لقضاء حاجة بلا نية إقامة :
· من أقام لقضاء حاجة ولو بقي طول عمره ولم ينوِ إقامة مطلقة فإنه يقصر لأنه إنما نوى الإِقامة من أجل هذه الحاجة، ولم ينوِ إقامة مطلقة.
· والفرق بين الإِقامة المطلقة والإِقامة المقيدة :
o أن الإِقامة المطلقة: أن ينوي أنه مقيم ما لم يوجد سبب يقتضي مغادرته، ومن ذلك :
§ سفراء الدول، فلا شك أن الأصل أن إقامتهم مطلقة لا يرتحلون إلا إذا أمروا بذلك فهم في حكم المستوطنين
§ وكذلك أيضاً الذين يسافرون إلى بلد يرتزقون فيها هؤلاء إقامتهم مطلقة، لأنهم يقولون سنبقى ما دام رزقنا مستمراً
o والإِقامة المقيدة تارة تقيد بزمن، وتارة تقيد بعمل :
§ فالمقيد بزمن سبق لنا أن المشهور من المذهب أنه إذا نوى أكثر من أربعة أيام يتم ودونها يقصر، وكما سبق بيان الخلاف فيها أيضاً.
§ والمقيدة بعمل يقصر فيها أبداً ولو طالت المدة، ومن ذلك لو سافر للعلاج ولا يدري متى ينتهي، فإنه يقصر أبداً حتى لو غلب على ظنه أنه سيطول، لأنه ينتظر هذه الحاجة هذا هو المشهور من المذهب وهو قول الجمهور ـ حتى إن ابن المنذر حكى الإِجماع عليه ـ وأنه لا يلزمه الإِتمام ما دام ينتظر انتهاء الحاجة.
§ وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا أقام وانتهت المدة المحددة لانقطاع حكم السفر فإنه يجب عليه الإِتمام، وعليه فإذا أقام لحاجة لا يدري متى تنقضي وانتهت أربعة أيام لزمه الإِتمام.

  #37  
قديم 23 ربيع الثاني 1431هـ/7-04-2010م, 01:20 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

تابع صلاة أهل الأعذار :

تابع العذر الثاتي السفر :

§ مما يبيحه سفر القصر الجمع بين صلاتين
o الجمع :
§ تعريفه :
· هو ضم إحدى الصلاتين إلى الأخرى
· وهذا التعريف يشمل جمع التقديم وجمع التأخير
· والمقصود بضم إحدى الصلاتين للأخرى، ما يصح الجمع بينهما، فلا يدخل في ذلك :
o ضم صلاة العصر إلى صلاة المغرب
o ولا ضم صلاة العشاء إلى الفجر
o ولا ضم صلاة الفجر إلى صلاة الظهر
§ حكمه :
· المعروف من المذهب أن الجمع جائز، وليس بمستحب، بل إن تركه أفضل، فهو رخصة، وتركه أفضل للخلاف في جوازه،
· ومذهب أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يجوز الجمع إلا بين الظهر والعصر في عرفة، وبين المغرب والعشاء في مزدلفة، والعلة في ذلك عنده: أن هذا من باب النسك، وليس من باب العذر أي: السفر ولكن قوله ضعيف.
· والصحيح أن الجمع سنّة إذا وجد سببه لوجهين :
o الوجه الأول أنه من رخص الله عزّ وجل والله سبحانه يحب أن تؤتى رخصه.
o الوجه الثاني أن فيه اقتداء برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإنه كان يجمع عند وجود السبب المبيح للجمع فيدخل هذا في عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «صلوا كما رأيتموني أصلي»
· إذا جاز الجمع صار الوقتان وقتاً واحداً، فإن شئت فاجمع في وقت الأولى أو في الثانية أو في الوقت الذي بينهما، وأما ظن بعض العامة أنه لا يجمع إلا في آخر وقت الظهر وأول وقت العصر، أو آخر وقت المغرب وأول وقت العشاء فلا أصل له.
§ الأسباب المبيحة للجمع :
· ذكر المؤلف أن أسباب الجمع هي: سفر القصر، والمرض، والمطر، والوحل، والريح الشديدة الباردة، وهذه الخمسة هي كالتمثيل لقاعدة عامة وهي المشقة ولهذا :
o يجوز الجمع للمستحاضة بين الظهرين، وبين العشائين لمشقة الوضوء عليها لكل صلاة
o ويجوز الجمع أيضاً للإِنسان إذا كان في سفر وكان الماء بعيداً عنه، ويشق عليه أن يذهب إلى الماء ليتوضأ لكل صلاة، حتى وإن قلنا بعدم جواز الجمع في السفر للنازل، وذلك لمشقة الوضوء عليه لكل صلاة.
· السبب الأول سفر قصر :
o متى يجوز للمسافر الجمع :
§ من العلماء من يقول إنه لا يجوز الجمع للمسافر إلا إذا كان سائراً لا إذا كان نازلاً واستدل :
· بحديث ابن عمر «كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يجمع بين المغرب والعشاء إذا جَدَّ به السير» يعني إذا كان سائراً.
· وبأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يجمع بين الصلاتين في منى في حجة الوداع؛ لأنه كان نازلاً ، وإلا فلا شك أنه في سفر؛ لأنه يقصر الصلاة.
· وأورد عليهم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم جمع بين الظهرين في عرفة وهو نازل.
· وأجابوا بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم جمع بين الظهرين في عرفة وهو نازل ليدرك الناس صلاة الجماعة على إمام واحد لأن الناس بعد الصلاة سوف يتفرقون في مواقفهم في عرفة، ويكون جمعهم بعد ذلك صعباً وشاقاً ونظير ذلك أن الناس يجمعون بين المغرب والعشاء في المطر من أجل تحصيل الجماعة، وإلا فبإمكانهم أن يصلّوا الصلاة في وقتها في بيوتهم؛ لأنهم معذورون بالوحل.
§ والقول الثاني أنه يجوز الجمع للمسافر، سواء كان نازلاً أم سائراً وهو ظاهر كلام المؤلف واستدلوا لذلك بما يلي :
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم جمع في غزوة تبوك وهو نازل .
· ظاهر حديث أبي جحيفة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين: «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان نازلاً في الأبطح في حجة الوداع، وأنه خرج ذات يوم وعليه حلة حمراء فأمَّ الناس فصلّى الظهر ركعتين والعصر ركعتين» قالوا: فظاهر هذا أنهما كانتا مجموعتين.
· عموم حديث ابن عباس أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر».
· أنه إذا جاز الجمع للمطر ونحوه، فجوازه للسفر من باب أولى.
· أن المسافر يشق عليه أن يفرد كل صلاة في وقتها، إما للعناء، أو قلة الماء، أو غير ذلك.
§ والصحيح أن الجمع للمسافر جائز لكنه في حق السائر مستحب وفي حق النازل جائز غير مستحب إن جمع فلا بأس، وإن ترك فهو أفضل.
· السبب الثاني المرض :
o يجوز الجمع لمريض يلحقه بترك الجمع مشقة سواء كان صداعاً في الرأس، أو وجعاً في الظهر، أو في البطن، أو في الجلد، أو في غير ذلك، ودليل ذلك ما يلي :
§ عموم قول الله تعالى {{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}} [البقرة: 185]
§ وقوله: {{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}} [الحج: 78] .
§ حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «جمع النبي صلّى الله عليه وسلّم في المدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر» قالوا: فإذا انتفى الخوف والمطر، وهو في المدينة انتفى السفر أيضاً، ولم يبق إلا المرض
o فإن لم يلحقه مشقة، فإنه لا يجوز له الجمع.
· السبب الثالث المطر :
o يجوز الجمع بين المغرب والعشاء إذا كان هناك مطر يبل الثياب لكثرته وغزارته
o فإن كان مطراً قليلاً لا يبل الثياب فإن الجمع لا يجوز، لأن هذا النوع من المطر لا يلحق المكلف فيه مشقة.
· السبب الرابع الوحل :
o يجوز الجمع بين المغرب والعشاء للوحل الزلق والطين وإن لم يكن المطر ينزل، وذلك لأن الوحل والطين، يشق على الناس أن يمشوا عليه.
· السبب الخامس الريح :
o يجوز الجمع بين المغرب والعشاء بسبب الريح لكن بشرطين :
§ أن تكون شديدة والمراد بها ما خرج عن العادة، وأما الريح المعتادة فإنها لا تبيح الجمع
§ وأن تكون باردة. والمراد بها ما تشق على الناس
· الجمع بين الظهريين للريح الشديدة والمطر والوحل :
o المذهب أنه لا يجوز الجمع بين الظهرين للريح الشديدة والمطر والوحل ودليل اختصاص الجمع بالعشائين فقط :
§ أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «جمع بين العشائين في ليلة مطيرة»
o والصحيح في هذه المسألة أنه يجوز الجمع بين الظهرين لهذه الأعذار، كما يجوز الجمع بين العشائين، والعلة هي المشقة، فإذا وجدت المشقة في ليل أو نهار جاز الجمع والدليل :
§ حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال «جمع النبي صلّى الله عليه وسلّم في المدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر» ولما «سئل لماذا صنع ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته» أي: أن لا يلحقها حرج في عدم الجمع، ومن هنا نأخذ أنه متى لحق المكلف حرج في ترك الجمع جاز له أن يجمع
§ وأما الحديث الذي استدل به المخالفون :
· ففيه نظر، والذي رواه النجاد، وليس البخاري كما في بعض نسخ الروض.
· وأيضاً كونه جمع في ليلة مطيرة لا يمنع أن يجمع في يوم مطير، لأن العلة هي المشقة
§ الجمع والقصر :
· لا تلازم بين الجمع والقصر فليس من لازم جواز الجمع جواز القصر فقد يجوز الجمع ولا يجوز القصر، وقد يجوز القصر ولا يجوز الجمع على رأي من يرى أن الجمع لا يجوز للمسافر النازل.
§ الجمع في البيت وفي مسجد طريقه تحت سقف :
· الجمع في البيت له صور :
o الأولى أن يكون معذوراً بترك الجماعة لمرض أو مطر ونحوهما. فظاهر كلام المؤلف أنه يجوز له الجمع.
o الثانية أن يصلي في بيته بلا عذر وظاهر كلام المؤلف أنها كالأولى.
o الثالثة أن يكون ممن لا تلزمه الجماعة كالأنثى فيحتمل أن يكون كلام المؤلف شاملاً لها ويحتمل أن لا يكون شاملاً لها فلا تجمع لأنها ليست من أهل الجماعة.
o والراجح أنه لا يجوز الجمع في هذه الصور الثلاث :
§ أما في الصورة الأولى فإنه لا يستفيد بهذا الجمع شيئاً لأنه معذور وسيصلي في البيت
§ وكذالك في الصورة الثانية فإنه لا يستفيد بهذا الجمع شيئاً
§ وأما في الصورة الثالثة فلأن المرأة ليست من أهل الجماعة.
· الجمع في مسجد طريقه تحت سقف :
o قال بعض العلماء إذا كان يصلّي في مسجد طريقه تحت سقف فإنه لا يجوز أن يجمع لأجل المطر
o والراجح أنه يجوز أن يجمع ولو كان طريقه إلى المسجد تحت سقف لأنه يستفيد الصلاة مع الجماعة.
· ومراد المؤلف في قوله: «ولو صلّى في بيته، أو في مسجد طريقه تحت ساباط»، إذا كان من أهل الجماعة ويصلّي معهم فلا حرج أن يجمع مع الناس؛ لئلا تفوته صلاة الجماعة.
§ جمع التقديم وجمع التأخير :
· الأفضل لمن يباح له الجمع فعل الأرفق به من تأخير وتقديم، فإن كان التأخير أرفق فليؤخر، وإن كان التقديم أرفق فليقدم ودليل هذا ما يلي :
o قوله تعالى: {{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}} [البقرة: 185]
o قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ الدِّينَ يُسرٌ»
o حديث معاذ: «أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان في غزوة تبوك إذا ارتحلَ قبل أن تزيغَ الشَّمسُ أخَّرَ الظُّهرَ إلى أنْ يجمَعها إلى العصرِ، فيصلِّيهما جميعاً، وإذا ارتحلَ بعد أن تزيغَ الشَّمسُ؛ عَجَّلَ العصرَ إلى الظُّهرِ، وصَلَّى الظُّهرَ والعصرَ جميعاً، ثم سار...»
o أن الجمع إنما شرع رفقاً بالمكلف، فما كان أرفق فهو أفضل.
· وقد استثنى بعض العلماء :
o جمع عرفة فقال الأفضل فيه التقديم ومزدلفة فالأفضل فيه التأخير
o لكن هذا لا وجه له؛ لأن جمع عرفة تقديماً أرفق بالناس من الجمع تأخيراً، لأن الناس لا يمكن أن يحبسوا إلى وقت العصر مجتمعين، وهم يريدون أن يتفرقوا في مواقفهم، ويدعوا الله؛ فالأرفق بهم بلا شك التقديم، وأما في مزدلفة فالأفضل التأخير؛ لأنه أرفق فإن إيقاف الناس في أثناء الطريق وهم في سيرهم إلى مزدلفة فيه مشقة.
· إذا تساوى الأمران عند الإِنسان التقديم أو التأخير فقال أهل العلم أن الأفضل التأخير :
o لأن التأخير غاية ما فيه تأخير الأولى عن وقتها، والصلاة بعد وقتها لعذر جائزة مجزئة
o وأما التقديم ففيه الصلاة الثانية قبل دخول وقتها، والصلاة قبل دخول الوقت لا تصح ولو لعذر
o ولأنه أحوط حيث منع بعض المجوزين للجمع من جمع التقديم إلا في عرفة.
· جمع التقديم :
o يشترط للجمع في وقت الأولى ثلاثة شروط :
§ الشرط الأول نية الجمع عند إحرام الأولى :
· لأن الجمع ضم إحدى الصلاتين إلى الأخرى، ولذلك فلا بد أن تكون نية الضم مشتملة على جميع أجزاء الصلاة
· فلو فرض أنه دخل في الأولى وهو لا ينوي الجمع، ثم في أثناء الصلاة بدا له أن يجمع، فإن الجمع لا يصح.
· والصحيح: أنه لا يشترط نية الجمع عند إحرام الأولى، وأن له أن ينوي الجمع ولو بعد سلامه من الأولى، ولو عند إحرامه في الثانية ما دام السبب موجوداً.
§ الشرط الثاني الموالاة بين الصلاتين :
· يشترط أن تكون الصلاتان متواليتين لا يفصل بينهما إلا بشيء يسير :
o بمقدار إقامة لأن الإِقامة الثانية لا بد منها
o ووضوء خفيف لأن الإِنسان ربما يحتاج إلى الوضوء بين الصلاتين فسومح في ذلك.
· ويبطل الجمع :
o بصلاة راتبة بين الصلاة الأولى والثانية فلا جمع حينئذٍ لوجود الفصل بينهما بصلاة
o وبفريضة فبعد أن صلّى المغرب مثلا ذكر أنه صلّى العصر بلا وضوء فصلّى العصر فلا جمع لأنه إذا بطل الجمع بالراتبة التابعة للصلاة المجموعة فبطلانه بصلاة أجنبية من باب أولى.
o ولو صلى تطوعاً غير الراتبة فمن باب أولى؛ لأنه إذا بطل بالراتبة التابعة للمجموعة فما كان أجنبياً عنها، وليس لها فهو من باب أولى.
· واختار شيخ الإِسلام ابن تيمية أنه لا تشترط الموالاة بين المجموعتين وقال:
o إن معنى الجمع هو الضم بالوقت أي ضم وقت الثانية للأولى بحيث يكون الوقتان وقتاً واحداً عند العذر، وليس ضم الفعل
o وقد ذكر شيخ الإِسلام رحمه الله نصوصاً عن الإِمام أحمد تدل على ما ذهب إليه من أنه لا تشترط الموالاة في الجمع بين الصلاتين تقديماً كما أن الموالاة لا تشترط بالجمع بينهما تأخيراً كما سيأتي
o والأحوط أن لا يجمع إذا لم يوالِ بينهما، ولكن رأي شيخ الإِسلام له قوة.
· لو أن الرجل صلّى الظهر وهو مسافر بدون أن ينوي الجمع، ولو كان مقيماً ثم بدا له أن يسافر قبل العصر :
o فعلى رأي شيخ الإِسلام يجمع إذا سافر ولو طال الفصل
o وعلى ما ذكره المؤلف لا يجمع لسببين:
§ أولاً: أنه لم ينوِ الجمع عند إحرام الأولى
§ الثاني: أنه فصل بينهما.
§ الشرط الثالث أن يكون العذر المبيح للجمع موجوداً عند افتتاح الصلاتين الأولى والثانية وسلام الأولى :
· وذلك لأن افتتاح الأولى محل النية وقد سبق أنه يشترط في الجمع نيته عند تكبيرة الإِحرام ، فإذا كان يشترط نية الجمع عند تكبيرة الإِحرام لزم من ذالك وجود العذر عندها ؛ لأن نية الجمع بلا عذر غير صحيحة
· وهذا الشرط مبني على الشرط الأول الذي هو نية الجمع عند افتتاح الصلاة الأولى، وقد سبق أن القول الصحيح عدم اشتراطه، وعلى ذلك لا يشترط وجود العذر عند افتتاح الأولى، فلو لم ينزل المطر إلا في أثناء الصلاة فإنه يصح الجمع على الصحيح، بل لو لم ينزل إلا بعد تمام الصلاة الأولى فالصحيح أن الجمع جائز بناء على هذا القول.
· وأما اشتراط أن يكون العذر موجوداً عند افتتاح الثانية فلأن افتتاح الثانية هو محل الجمع وهذا صحيح ولا يشترط أن يكون موجوداً إلى انتهاءه
o وعند شيخ الإِسلام لا يشترط للجمع في وقت الأولى إلا وجود العذر فقط، مما يكون في ترك الجمع معه مشقة.
§ بقي شرط رابع وهو الترتيب :
· فيشترط الترتيب بأن يبدأ بالأولى ثم بالثانية :
o لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي»
o ولأن الشرع جاء بترتيب الأوقات في الصلوات فوجب أن تكون كل صلاة في المحل الذي رتبها الشارع فيه
· لو أن الإِنسان قدم الثانية على الأولى سهواً أو جهلاً أو لإِدراك الجماعة أو لغير ذلك من الأسباب، فإن الترتيب لا يسقط عنه على المشهور عند فقهائنا رحمهم الله وعليه فالجمع لا يصح والصلاة التي صلاها أولاً، لا تصح فرضاً تبرأ به الذمة، ولكنها تكون نفلاً يثاب عليه ، ويلزمه إعادتها.
§ وفيه شرط خامس وهو ألا تكون صلاة جمعة :
· صلاة الجمعة لا يصح أن يجمع إليها العصر قياسا على الجمع بين الظهرين وذلك :
o لأن الجمعة صلاة منفردة مستقلة في شروطها وهيئتها وأركانها وثوابها أيضاً
o ولأن السنّة إنما وردت في الجمع بين الظهر والعصر، ولم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه جمع العصر إلى الجمعة أبداً
o ولأن وقت الجمعة على المشهور من مذهب الحنابلة من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى العصر، والظهر من الزوال إلى العصر
o ولأن الجمعة لا تصح إلا في وقتها، فلو خرج الوقت تصلّى ظهراً، والظهر تصح في الوقت وتصح بعده للعذر.
· من أراد أن ينوي الجمعة ظهراً لأنه مسافر وصلاة الظهر في حقه ركعتان يعني على قدر الجمعة :
o فلا تصح هذه النية على قول من يقول إنه يشترط اتفاق نية الإِمام والمأموم، لأنهم لم يستثنوا من هذه المسألة إلا من أدرك من الجمعة أقل من ركعة
o أما على القول الراجح أن نية الإِمام والمأموم لا يضر الاختلاف بينهما فإنه يصح :
§ ولكن إذا نواها ظهراً حرم أجر الجمعة وأجر الجمعة أكبر بكثير من أجر الظهر.
§ ولأن في نية صلاة الظهر قبل فوات الجمعة ممن تلزمه الجمعة إذا حضرها نظراً، لأن صلاة الظهر قبل فوات الجمعة ممن تلزمه غير صحيحة.
· جمع التأخير :

§ الشرط الأول أن ينوي الجمع في وقت الأولى :
· لأنه لا يجوز أن يؤخر الصلاة عن وقتها بلا عذر إلا بنية الجمع حيث جاز.
· ودليل عدم جواز تأخير الصلاة عن وقتها أن النبي صلّى الله عليه وسلّم حدد الصلوات في أوقات معينة ، فلا يجوز أن تؤخر الصلاة الأولى عن وقتها إلا بنية الجمع حيث وجد سببه
· وهذا الشرط ما لم يضق وقت الأولى عن فعلها، فإن ضاق عن فعلها لم يصح الجمع لأن تأخير الصلاة حتى يضيق وقتها عن الفعل محرم والجمع رخصة، والرخص لا تستباح بالمحرم
§ الشرط الثاني أن يستمر العذر إلى دخول الثانية :
· فإن لم يستمر فالجمع حرام كرجل مسافر نوى جمع التأخير، ولكنه قدم إلى بلده قبل خروج وقت الأولى فلا يجوز له أن يجمع الأولى إلى الثانية، لأن العذر انقطع وزال فيجب أن يصلّيها في وقتها إلا أن يكون مجهداً يشق عليه انتظار دخول الثانية لاحتياجه إلى النوم مثلاً، فيجوز له الجمع حينئذ للمشقة لا للسفر ويصلّيها أربعا لأن علة القصر السفر وقد زال.
§ الشرط الثالث الموالاة :
· لم يذكر المؤلف الموالاة إشارة إلى عدم اشتراطها في جمع التأخير فلو أنه جمع جمع تأخير، ودخل وقت الثانية وصلّى الأولى، وبقي ساعة أو ساعتين ثم صلّى الثانية، فالجمع صحيح؛ لأن الموالاة شرط في جمع التقديم، وليست شرطاً في جمع التأخير. وهذا هو المشهور من المذهب.
· وذهب بعض العلماء إلى أن الموالاة شرط في جمع التأخير وجمع التقديم لأن الجمع هو الضم
· وذهب بعض العلماء إلى أن الموالاة ليست شرطاً لا في التقديم ولا في التأخير وهذا اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية.
ü العذر الثالث الخوف :
o الخوف من العدو أي عدو كان، آدمياً أو سبعاً، لأنه ليس بشرط أن يكون العدو من بني آدم، بل أي عدو كان يخاف الإِنسان على نفسه منه، فإنها تشرع له صلاة الخوف.

o صفاتها :
§ وردت صلاة الخوف في السنّة بصفاتٍ وهي ستة أوجه، أو سبعة أوجه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
§ ظاهر كلام المؤلف أن كل صفة منها تجوز في أي موضع
§ ولكن قد نقول إن هذه الصفات من الصلاة لا يجوز نوع منها إلا في موضعه الذي صلاّها النبي صلّى الله عليه وسلّم فيه، ونذكر صفتين منها :
· الصفة الأولى : ما يوافق ظاهر القرآن، وهي أن يقسم قائد الجيش جيشه إلى طائفتين، طائفة تصلّي معه، وطائفة أمام العدو، لئلا يهجم، فيصلّي بالطائفة الأولى ركعة، ثم إذا قام إلى الثانية أتموا لأنفسهم أي: نووا الانفراد وأتموا لأنفسهم، والإِمام لا يزال قائماً، ثم إذا أتموا لأنفسهم ذهبوا ووقفوا مكان الطائفة الثانية أمام العدو، وجاءت الطائفة الثانية ودخلت مع الإِمام في الركعة الثانية، وفي هذه الحال يطيل الإِمام الركعة الثانية أكثر من الأولى لتدركه الطائفة الثانية، وهذه مستثناة مما سبق في باب صلاة الجماعة أنه يسنّ تطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية، فتدخل الطائفة الثانية مع الإِمام فيصلّي بهم الركعة التي بقيت، ثم يجلس للتشهد، فإذا جلس للتشهد قامت هذه الطائفة من السجود رأساً وأكملت الركعة التي بقيت وأدركت الإِمام في التشهد فيسلم بهم. وهذه الصفة موافقة لظاهر القرآن :
o قال الله تعالى: {{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ}} إذا سجدوا، أي: أتموا الصلاة {{وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى}} وهي التي أمام العدو {{لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}}، ولكن الله عزّ وجل قال للطائفة الثانية: {{وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}} [النساء: 102] وللطائفة الأولى قال: {{وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ}} لأن الطائفة الثانية الخوف عليها أشد، فإن العدو قد يكون قد تأهب لما رأى الجيش انقسم إلى قسمين وأعدّ العدة للهجوم، فلهذا أمر الله بأخذ الحذر والأسلحة.
o وهذه الصفة في صلاة الخوف خالفت الصلاة المعتادة في أمور منها :
§ أولاً انفراد الطائفة الأولى عن الإِمام قبل سلامه وهذا جائز في كل عذر طرأ للمأموم
§ ثانياً أن الطائفة الثانية قضت ما فاتها من الصلاة قبل سلام الإِمام وهذا لا نظير له في صلاة الأمن، بل إن المأموم في صلاة الأمن يقضي ما فاته بعد سلام إمامه.
· الصفة الثانية : إذا كان العدو في جهة القبلة، فإن الإِمام يصفهم صفين ويبتدئ بهم الصلاة جميعاً، ويركع بهم جميعاً ويرفع بهم جميعاً، فإذا سجد سجد معه الصف الأول فقط ويبقى الصف الثاني قائماً يحرس، فإذا قام قام معه الصف الأول ثم سجد الصف المؤخر، فإذا قاموا تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم، ثم صلّى بهم الركعة الثانية قام بهم جميعاً وركع بهم جميعاً، فإذا سجد سجد معه الصف المقدم الذي كان في الركعة الأولى هو المؤخر، فإذا جلس للتشهد سجد الصف المؤخر، فإذا جلسوا للتشهد سلم الإِمام بهم جميعاً، وهذه لا يمكن أن تكون إلا إذا كان العدو في جهة القبلة.
o مسائل :
§ لو فرض أن الصفات الواردة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يمكن تطبيقها في الوقت الحاضر لأن الوسائل الحربية والأسلحة اختلفت :
· فنقول إذا دعت الضرورة إلى الصلاة في وقت يخاف فيه من العدو، فإنهم يصلّون صلاة أقرب ما تكون إلى الصفات الواردة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا كانت الصفات الواردة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم لا تتأتى، لقول الله تعالى: {{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}} [التغابن: 16] .
§ إذا اشتد الخوف فهل يجوز أن تؤخر الصلاة التى لا تجمع عن الوقت؟ في هذا خلاف بين العلماء :
· فمن العلماء من يقول لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، ولو اشتد الخوف، بل يصلّون هاربين وطالبين إلى القبلة، وإلى غيرها يومئون بالركوع والسجود، لقوله تعالى: {{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً}} [البقرة: 236] .
· ومنهم من قال: يجوز تأخير الصلاة عن وقتها إذا اشتد الخوف، بحيث لا يمكن أن يتدبر الإِنسان ما يقول أو يفعل أما إذا كان يمكن أن يتدبر ما يقول أو يفعل في الصلاة فليصل على أي حال، لكن إذا كانت السهام والرصاص تأتيه من كل جانب ولا يمكن أن يستقر قلبه ولا يدري ما يقول، ففي هذه الحال يجوز تأخير الصلاة، وهذا مبني على «تأخير النبي صلّى الله عليه وسلّم الصلاة في غزوة الأحزاب» هل هو منسوخ أو محكم والصحيح أنه محكم
§ وذكر في الروض :
· أنه يشترط لجواز صلاة الخوف أن يكون القتال مباحاً، والقتال المباح: هو قتال الكفار أو قتال المدافعة
· أما قتال الهجوم على من لا يحل قتاله فإن ذلك لا يجيز صلاة الخوف، بل نقول لمن قاتل على هذا الوجه يجب عليك أن تكف عن القتال.
o حمل السلاح في صلاة الخوف :
§ ذهب كثير من أهل العلم إلى أن حمل السلاح مستحب في صلاة الخوف.
§ والصحيح أن حمل السلاح واجب :
· لأن الله أمر به فقال: {{فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ}} [النساء: 102]
· ولأن ترك حمل السلاح خطر على المسلمين، وما كان خطراً على المسلمين فالواجب تلافيه والحذر منه.
· لو فرض أن السلاح متلوث بدم نجس فإنه يجوز حمله للضرورة، ولا إعادة عليه، وهو كذلك.
§ اشترط المؤلف رحمه الله في حمل السلاح شرطين :
· أن يكون دفاعياً فقط وليس هجومياً لأنه مشغول في صلاته عن مهاجمة عدوه
· ألاّ يشغله عن الصلاة لأنه إذا حمل ما يشغله عن الصلاة زال خشوعه وأهم شيء في الصلاة الخشوع فهو لبُّ الصلاة وروحها
· ومما يتحقق فيها الشرطين السيف والسكين، والرمح القصير، وفي وقتنا المسدس.

  #38  
قديم 24 ربيع الثاني 1431هـ/8-04-2010م, 10:42 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

باب صلاة الجمعة :

ü صلاة الجمعة :

o أي الصلاة التي تجمع الخلق، وذلك أن المسلمين لهم اجتماعات متعددة، اجتماعات حي في الصلوات الخمس في مسجد الحي، واجتماعات بلد في الجمعة والعيدين، واجتماعات أقطار في الحج بمكة كل هذا شرعه الله من أجل توطيد أواصر الألفة والمحبة بين المسلمين.
ü شروط وجوب الجمعة :

o الشرط الأول : أن يكون ذكراً والدليل :
§ أن صلاة الجمعة صلاة جمع؛ لهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن»
§ هذا إن لم يصح الحديث أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «الجمعة حق واجب على كل مسلم إلا على أربعة...» ، فإن صح فالأمر فيه واضح.
§ فخرج به الأنثى والخنثى، فلا تلزمهم صلاة الجمعة :
· أما عدم وجوبها على الخنثى فلعدم تحقق الشرط فيه؛ لأنه لا يدرى أذكر هو أم أنثى، والأصل براءة الذمة حتى يتيقن شرط وجوبها، وهذا لم يتيقن.
· وأما الأنثى فلأنها ليست من أهل الجماعة.
o الشرط الثاني أن يكون حرا :
§ وضد الحر العبد، والمراد بالعبد المملوك فالعبد لا تلزمه الجمعة وذلك لما يلي :
· قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الجمعة حق واجب على كل مسلم إلا أربعة: عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض»
· ولأنه مشغول في خدمة سيده.
§ وقال بعض العلماء تلزمه الجمعة لأنه :
· داخل في عموم قوله تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}} [الجمعة: 9]
· والحديث الوارد في نفي وجوب صلاة الجمعة عن العبد ضعيف.
· والتعليل بأنه مشغول في خدمة سيده أضعف؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
§ وقال بعض العلماء :
· إذا أذن له سيده لزمته؛ لأنه لا عذر له لزوال العلة التي هي سبب منع الوجوب
· وإن لم يأذن له لم تلزمه.
· وهذا القول قول وسط بين قول من يلزمه الجمعة مطلقاً، وقول من لا يلزمه مطلقاً، ووجهه قوي جداً، ويمكن أن يحمل الحديث عليه
o الشرط الثالث أن يكون مكلفا :
§ والمكلف عند العلماء من جمع وصفين أحدهما البلوغ والثاني العقل والدليل :
· قوله صلّى الله عليه وسلّم: «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ»
· لكن الصغير تصح منه الجمعة والمجنون لا تصح منه؛ لأن المجنون لا عقل له، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات» ، ومن لا عقل له لا نية له، بخلاف الصبي المميز فإن له نية.
o الشرط الرابع أن يكون مسلما :
§ وضده الكافر، فالكافر لا تجب عليه الجمعة، بل ولا تصح منه، ودليل هذا:
· قوله تعالى: {{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ}} [التوبة: 54] ، فإذا كانت النفقات مع كون نفعها متعدياً لا تقبل منهم، فالعبادات التي نفعها غير متعدٍ من باب أولى لا تقبل منهم.
· قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لما بعث معاذاً إلى اليمن: «ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك، فأعلمهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة» ، فجعل فرض الصلوات بعد الشهادتين.
o الشرط الخامس أن يكون مستوطنا :
§ وضد المستوطن المسافر والمقيم :

· فالستوطن تلزمه الجمعة بشرطين :
o أن يكون الوطن مبني بالحجر، والمدر، والإِسمنت، والخشب، وغيرها :
§ احتراز مما لو كانوا أهل خيام كأهل البادية، فإنه لا جمعة عليهم؛ لأن البدو الذين كانوا حول المدينة لم يأمرهم النبي صلّى الله عليه وسلّم بإقامة الجمعة مع أنهم مستوطنون في أماكنهم؛ لكونها ليست ببناء، ولهذا إذا ظعنوا عن هذا الموطن ظعنوا ببيوتهم، ولم يبق لها أثر؛ لأنها خيام.
o أن يكون اسم البلد واحدا ولو تفرق مثل: مكة، المدينة، عنيزة، بريدة، الرياض، حتى لو تباعد، وتفرق بأن صارت الأحياء بينها مزارع وهو الصحيح
o وقال بعض العلماء لو تفرق، وفرقت بينه المزارع، فليس بوطن واحد، وعلى هذا القول يكون كل حي وحده مستقلاً.
· والمسافر لا جمعة عليه ودليل ذلك :
o أن النبي صلّى الله عليه وسلّم في أسفاره لم يكن يصلي الجمعة، مع أن معه الجمع الغفير، وإنما يصلي ظهراً مقصورة ولو كان يصلي الجمعة لكان ذلك مما تتوافر الدواعي على نقله، ولنقل إلينا.
o ولو كانت واجبة لصلاها، بل لو كانت جائزة لصلاها، فإذا صلى الإنسان الجمعة وهو في السفر، فصلاته باطلة، وعليه أن يعيدها ظهراً مقصورة؛ لأن المسافر ليس من أهل الجمعة.
o ولدينا نصاً ظاهراً جداً في أنه لا يصلي الجمعة في سفره، وذلك في يوم عرفة، فإن يوم عرفة كان يوم الجمعة في حجة الوداع، ففي صحيح مسلم من حديث جابر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لما وصل بطن الوادي يوم عرفة نزل فخطب الناس، ثم بعد الخطبة أذَّن بلال، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر» وهذه الصفة تخالف صلاة الجمعة من وجوه:
§ لأن صلاة الجمعة الخطبة فيها بعد الأذان، وهنا الخطبة قبل الأذان.
§ صلاة الجمعة يتقدمها خطبتان، وحديث جابر ليس فيه إلا خطبة واحدة.
§ صلاة الجمعة يجهر فيها بالقراءة، وحديث جابر يدل على أنه لم يجهر، لأنه قال: «صلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر».
§ صلاة الجمعة تسمى صلاة الجمعة، وفي حديث جابر قال: «صلى الظهر».
§ صلاة الجمعة لا تجمع إليها العصر، وحديث جابر يقول: «صلى الظهر ثم أقام فصلى العصر» ، وهذا نص صريح واضح في هذا الجمع الكثير الذي سيتفرق فيه المسلمون إلى بلادهم فيقولون: صلينا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الجمعة ظهراً يدل دلالة قطعية على أن المسافر لا يصلي الجمعة.
o وأما المسافر في بلد تقام فيه الجمعة، كما لو مرَّ إنسان في السفر ببلد، ودخل فيه ليقيل، ويستمر في سيره بعد الظهر فإنها تلزمه الجمعة :
§ لعموم قوله تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}} [الجمعة: 9] ، وهذا عام
§ ولم نعلم أن الصحابة الذين يفدون على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويبقون إلى يوم الجمعة يتركون صلاة الجمعة، بل إن ظاهر السنة أنهم يصلون مع النبي صلّى الله عليه وسلّم.
o وقالت الظاهرية إن المسافر تلزمه الجمعة واستدلوا على ذلك :
§ بعمومات الأدلة الدالة على وجوب صلاة الجمعة، وهذا الاستدلال مردود بالأدلة المخصصة للعمومات.
· وأما المقيم وهو المسافر الذي نوى أن يقيم في بلد أكثر من أربعة أيام فهو مسافراً من بعض الوجوه غير مسافر من بعض الوجوه :
o فتلزمه الجمعة إذا أقيمت بغيره، هذا هو تقرير المذهب ولكن لا يصح أن يكون إماماً في الجمعة ولا خطيباً فيها ولا يكمل به العدد المشروط، ويلزمه إتمام الصلاة، ولا يترخص برخص السفر؛ لانقطاع حكم السفر في حقه،. وهذا تناقض
o ولهذا كان الصحيح أن حكم السفر لا ينقطع في حقه، وأنه يصح أن يكون إماماً وخطيباً في الجمعة، ويكمل به العدد المشروط
· وبناء على هذا ينقسم الناس إلى ثلاثة أقسام :
o مستوطن
o مسافر
o مقيم لا مسافر ولا مستوطن
o الشرط السادس ألا يكون بينه وبين المسجد أكثر من فرسخ :
§ والفرسخ ثلاثة أميال، والميل اثنا عشر ألف ذراع وذكر علماؤنا أن مسيرة الفرسخ ساعة ونصف الساعة في سير الإبل والقدم
§ إذا كان بينه وبين المسجد أكثر من فرسخ :
· فإن كان البلد واحداً فإنها تلزمه، ولو كان بينه وبين المسجد فراسخ
· وأما إن كان خارج البلد قالوا: تلزمه بغيره أي: إن أقيمت الجمعة وهو في البلد لزمته وإلا فلا
§ ودليلهم على التقييد بالفرسخ أنهم :
· عللوا ذالك بأن الغالب أن من كان بينه وبين المسجد أكثر من فرسخ أنه لا يسمع النداء ولم يقيدوه بالأذان قالوا لأنه يختلف بحسب صوت المؤذن والرياح وارتفاع المؤذن وهدوء الأصوات، فلا يمكن انضباطه، والفرسخ منضبط
· وبعض العلماء قدَّره بسماع الأذان وهو الذي دلت عليه السنة لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «هل تسمع النداء» ؟ قال: نعم، قال: «فأجب»
ü من لا تجب عليه :
o الجمعة كما مر لا تجب على المسافر سفر قصر ولا على المرأة ولا على العبد
o ومن حضرها منهم أجزأته ولم تنعقد به :
§ كونها تجزئهم وليسوا من أهل الوجوب ذالك :
· أن إسقاطها عنهم تخفيف، فإذا حضروا وصلوا فهم الذين اختاروا ذلك لأنفسهم فتصح
· ولو قيل بتعليل سوى هذا، وهو أنهم ائتموا بمن يصلي الجمعة، فأجزأتهم تبعاً لإمامهم، وقد يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، لكان أولى.
§ وكونها لم تنعقد بواحد من هؤلاء أي: لا يحسب من العدد المعتبر لأنهم :
· ليسوا من أهل الوجوب، والعدد كما سيأتينا إن شاء الله على المذهب أربعون رجلاً.
o ولا يصح أن يكون أحد من هؤلاء إماماً في الجمعة :
§ أما المرأة فلا شك أنه لا يصح أن تؤم فيها، ولا تنعقد بها :
· لأن المرأة لا تكون إماماً للرجال، وليست من أهل الوجوب.
§ وأما العبد :
· فلا يصح أن يكون إماماً فيها؛ لأنه ليس من أهل الوجوب ولو كان هذا العبد قارِئاً عالماً فقيهاً عابداً هذا ما يقتضيه كلام المؤلف.
· ومذهب أبي حنيفة والشافعية وهو الصحيح :
o أن العبد يصح أن يكون إماماً في الجمعة هذا إذا قلنا إن العبد لا تلزمه الجمعة
o أما إذا قلنا بأن العبد تلزمه الجمعة فإنها تنعقد به أي يكمل به العدد، ويصح أن يكون إماماً فيها.
§ وأما المسافر :
· فلا يصح أن يكون إماماً في الجمعة ولا خطيباً لأن من شرط الخطبة أن تكون ممن تصح إمامته في الجمعة
· ومذهب الأئمة الثلاثة وهو الراجح أن المسافر تنعقد به الجمعة ويصح أن يكون إماما فيها وخطيبا أيضاً؛ لأن القول بعدم صحة ذلك لا دليل عليه
o من سقطت عنه الجمعة لعذر :
§ من سقطت عنه لعذر ممن تجب عليه إذا تحمل المشقة وحضرها وجبت عليه وانعقدت به؛ فيحسب من الأربعين ويصح أن يكون إماماً، وأن يخطب فيها؛ لأنه من أهل الوجوب في الأصل
§ والفرق بينه وبين المسافر والعبد أن الأخيرين لم يوجد فيهما شرط الوجوب، فليسا من أهله، وأما من سقطت عنه لعذر ففيه مانع الوجوب وهو من أهله، فإذا حضر إلى مكانها زال المانع، فصار كالذي ليس فيه مانع.
o من صلى الظهر ممن يلزمه الحضور :
§ من صلى الظهر وهو ممن يلزمه الحضور سواء لزمه بنفسه، أو بغيره فإن صلاته لا تصح :
· لأنه فعل ما لم يؤمر به، وترك ما أمر به فيكون هذا الرجل عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله فلا تقبل منه؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»
· ولأن صلاته الظهر مع وجوب الحضور عليه يكون كالذي غصب الزمن؛ لأن هذا الزمن الأصل فيه أن يكون للجمعة
· ومقتضى كلام المؤلف :
o أنها لا تصح حتى في الحال التي يعلم أنه لو سعى لم يدرك الجمعة، فينبغي أن ينتظر حتى يفرغ الإمام من الجمعة، فيقدر ذلك ثم يصلي
o وقيل له أن يصلي الظهر إذا علم أنه لن يدرك الجمعة لأنه في هذه الحال لا يلزمه السعي إليها فلا فائدة في الانتظار
· وتصح ممن لا تجب عليه الجمعة، وإن لم يُصلِّ الإمام
· والأفضل لمن لا تلزمه الجمعة :
o أن يؤخر صلاة الظهر حتى يصلي الإمام إن كان ممن يرجى أن يزول عذره ويدركها
o وإن كان ممن لا يرجى أن يزول عذره كالمرأة فالأفضل تقديم الصلاة في أول وقتها؛ لأن الأفضل في الصلوات تقديمها في أول الوقت إلا ما استثني بالدليل
§ والفقهاء ـ رحمهم الله ـ يقسمون الناس الذين تلزمهم الجمعة إلى قسمين :
· الأول: من تلزمه الجمعة بغيره، وهذا لا تنعقد به ولا يصح أن يكون إماماً فيها.
· الثاني: من تلزمه بنفسه، وهذا يصح أن يكون إماماً فيها وتنعقد به.
o السفر يوم الجمعة :
§ لا يجوز السفر في يوم الجمعة بعد الزوال لمن تلزمه، سواء كانت تلزمه بنفسه، أو بغيره :
· وذلك أنه بعد الزوال دخل الوقت بالاتفاق، والغالب أنه إذا دخل الوقت يحضر الإمام فيؤذن للجمعة وتصلى، فيحرم أن يسافر.
· ولقوله تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}} [الجمعة: 9] ، فأمر بالسعي إليها، وترك البيع، وكذا يترك السفر؛ لأن العلة واحدة، فالبيع مانع من حضور الصلاة، والسفر كذلك مانع من حضور الصلاة
· ويستثنى من تحريم السفر بعد الزوال مسألتان :
o الأولى إذا خاف فوات الرفقة، فله أن يسافر لأن هذا عذر في ترك الجمعة نفسها، فكذلك يكون عذراً في السفر بعد الزوال.ومن ذالك :
§ خوف إقلاع الطائرة فلو فرض أن الطائرة ستقلع في وقت صلاة الجمعة، ولو جلس ينتظر فاتته، فهو معذور وله أن يسافر ولو بعد الزوال.
o الثانية إذا كان يمكنه أن يأتي بها في طريقه فلا يحرم عليه السفر؛ لأن علة التحريم هي خوف فوات الجمعة، وهنا الجمعة لن تفوت
· المؤلف رحمه الله علق الحكم بالزوال :
o لأن الزوال هو سبب وجوب الجمعة؛ إذ إنه يدخل به الوقت، ودخول الوقت سبب، فعلق الحكم بالسبب
o والأَوْلَى: أن يعلق الحكم بما علقه الله به وهو النداء إلى الجمعة؛ لأنه من الجائز أن يتأخر الإمام عن الزوال، ولا يأتي إلا بعد الزوال بساعة، فلا ينادى للجمعة إلا عند حضور الإمام.
§ وأما السفر قبل الزوال يوم الجمعة فجائز وذلك :
· لأنه لم يؤمر بالحضور فلم يتعلق الطلب به، فجاز له أن يسافر قبل الزوال.
§ وكرهه بعض العلماء وقال :
· لئلا يفوت على نفسه فضل الجمعة لأن الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر


ü شروط صحة الجمعة :
o تعريف الشرط :
§ الشروط : جمع شرط، وهو في اللغة: العلامة.
§ وفي الشرع: ما يتوقف عليه الشيء :
· إن كان شرطاً للوجوب فهو ما يتوقف عليه الوجوب
· وإن كان شرطاً للصحة فهو ما تتوقف عليه الصحة
· وإن كان شرطاً للإجزاء فهو ما يتوقف عليه الإجزاء
o الفرق بين شروط الشيء والشروط في الشيء :
§ شروط الشيء موضوعة من قبل الشرع، فلا يمكن لأحد إسقاطها، والشروط في الشيء موضوعة من قبل العبد فيجوز لمن هي له أن يسقطها.
§ شروط الشيء ما يتوقف عليه الشيء صحة أو وجوباً أو إجزاء، أو وجوداً في أمور العقليات، والشروط في الشيء ما يتوقف عليه لزوم الشيء.
§ فشروط صحة الجمعة ما يتوقف عليها صحة الجمعة، أي: إذا فقد واحد من الشروط لم تصح الجمعة.
o الشرط الأول إذن الإمام :
§ إذا قال العلماء (إمام) فهو صاحب أعلى سلطة في البلد، سواء سمي إماماً أو خليفة أو أميراً أو رئيساً أو شيخاً أو غير ذلك.
§ نص المؤلف على نفي هذا الشرط فلو صلى الناس بدون إذن الإِمام فصلاتهم صحيحة لأن المذهب لا يشترط إذن الإمام
§ وقال بعض العلماء: لا تقام الجمعة إلا بإذن الإمام :
· وذلك لأنها صلاة جامعة لكل أهل البلد، فلا يجوز أن تقام إلا بإذن الإمام
· والإمام إذا استؤذن يجب عليه أن يأذن، ولا يحل له أن يمنع، فلو فرض أنه امتنع ومنعهم من إقامة الجمعة مع وجوبها فحينئذٍ يسقط استئذانه.
§ لكن لو قيل بالتفصيل، وهو :
· أن إقامة الجمعة في البلد لا يشترط لها إذن الإمام، وأنه إذا تمت الشروط وجب إقامتها، سواء أذن أم لم يأذن
· وأما تعدد الجمعة فيشترط له إذن الإمام؛ لئلا يتلاعب الناس في تعدد الجمع، فلو قيل بهذا القول لكان له وجه.
o الشرط الثاني الوقت :
§ بدأ به المؤلف حيث أهمل اشتراط إذن الامام لأن الوقت آكد شروط الصلاة، سواء هنا أو في أوقات الصلوات الخمس، ولهذا إذا دخل الوقت يصلي الإنسان على حسب حاله، ولو ترك ما لا يقدر عليه من الشروط والأركان
§ المؤلف قال هنا: «أحدها الوقت» ، وفي شروط الصلاة، قال: «دخول الوقت» وهذا اختلاف تعبير يختلف به الحكم :
· لأن الشرط السابق في شروط الصلاة هو: دخول الوقت، فتصح الصلاة ولو بعد وقتها، إما مطلقاً، وإما لعذر على القول الراجح
· أما هنا فلا تصح الصلاة إلا في وقتها، فلو خرج الوقت ولم يصل ولو لعذر كالنسيان والنوم، فإنه لا يصلي الجمعة، بل يصلي ظهراً
· والصلاة قبل الوقت في الجمعة وغيرها لا تصح :
o لأنه في غير الجمعة نقول لم يدخل الوقت
o وفي الجمعة نقول ليست في الوقت
§ الدليل على اشتراط الوقت:
· الإِجماع على أنها لا تصح إلا فيه، فلا تصح قبله ولا بعده.
§ أول وقتها :
· أول وقت صلاة الجمعة بعد ارتفاع الشمس قدر رمح، والرمح حوالي متر، فلنا أن نصليها من حين أن ترتفع الشمس قدر رمح والدليل :
o أثر عبد الله بن سيدان ـ رحمه الله ـ قال: «شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول: قد انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول: قد زال النهار، فما رأيت أحداً عاب ذلك ولا أنكره» . رواه الدارقطني، وأحمد، واحتج به
o ولكن هذا الحديث لا يستقيم الاستدلال به على أن وقت صلاة الجمعة يكون من ارتفاع الشمس قيد رمح لما يلي :
§ أولاً الأثر ضعيف كما قاله النووي وغيره، وراويه يقول عنه البخاري إنه لا يتابع على حديثه.
§ ثانياً لو صح هذا الأثر فليس فيه دليل على دخول وقت الجمعة بارتفاع الشمس قيد رمح؛ لأن قوله: «كانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار» ، يدل على أنها قريبة من النصف وهو الزوال، ولو كانت في أول النهار لقال: كانت صلاته وخطبته في أول النهار والقول بأن صلاة الجمعة تصح قبل الزوال هو المذهب، وهو من المفردات.
· القول الثاني: أنها لا تصح إلا بعد الزوال، وهذا مذهب الأئمة الثلاثة.
· القول الثالث: أنها تصح في الساعة السادسة قبل الزوال بساعة :
o استناداً إلى حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ: «من راح في الأولى، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر» ، فيكون حضور الإمام على مقتضى حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ في الساعة السادسة، ولهذا رجح الموفق ـ رحمه الله ـ في المغني ـ وهو من أكابر أصحاب الإمام أحمد ـ أنها لا تصح قبل السادسة، ولا في أول النهار كما ذهب إليه كثير من الأصحاب، ومنهم الخرقي، وهذا القول هو الراجح أنها لا تصح في أول النهار، إنما تصح في السادسة، والأفضل على القول بأنها تصح في السادسة، أن تكون بعد الزوال وفاقاً لأكثر العلماء
§ آخر وقتها :
· وآخر وقت الجمعة آخر وقت صلاة الظهر، وذلك إذا كان ظل الشيء كطوله بعد فيء الزوال.
§ إدراك الجمعة :
· أولا إدراكها في الوقت :

o تدرك صلاة الجمعة :
§ بإدراك تكبيرة الإحرام قبل خروج الوقت
§ فإن خرج وقتها قبل تكبيرة الإحرام، فإنهم يصلونها ظهراً :
· لأن الوقت قد فات ولا يدرك إلا بتكبيرة الإحرام وهذا الذي مشى عليه المؤلف ـ رحمه الله ـ مبني على أن الإدراك يكون بتكبيرة الإحرام.
· والصحيح: أن الإدراك لا يكون إلا بركعة؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة»
§ بناءا على القول بأن الإدراك لا يكون إلا بركعة :
· إن خرج وقتها قبل إدراك ركعة قبل خروجه فإنهم يصلون ظهراً.
· وإن بقي من الوقت مقدار الواجب من الخطبة فيصلون ظهراً؛ لأن الجمعة لا بد أن يتقدمها خطبتان
· فإذاً لا بد أن يبقى من وقت الجمعة مقدار الواجب من الخطبتين، ومقدار تكبيرة الإحرام على قول المؤلف، أو ركعة على القول الذي رجحناه.
o المذهب أن جميع الإدراكات :
§ تَعْتَبر تكبيرة الإحرام إلا إدراكاً واحداً، وهو إدراك الرجل صلاة الجمعة فلا يكون إلا بإدراك ركعة كاملة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
§ والصحيح: أن جميع الإدراكات لا تكون إلا بركعة؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» هذا منطوق الحديث، ومفهومه أن من لم يدرك ركعة لم يدرك الصلاة، وهذا عام في جميع الإدراكات.
· ثانيا إدراكها للمسبوق :

o من أدرك مع الإمام من الجمعة ركعة أتمها جمعة ودليله :
§ قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة».
o وإن أدرك أقل من ذلك بأن جاء بعد رفع الإمام رأسه من ركوع الركعة الثانية فهنا لم يدرك ركعة فيتمها ظهراً بشرطين :
§ الشرط الأول أن ينوي الظهر فإن لم ينو الظهر بأن دخل مع الإمام بنية الجمعة؛ لأنه يظن أن هذه هي الركعة الأولى ثم تبين أنها الركعة الأخيرة :
· فعلى كلام المؤلف يتمها نفلاً؛ لأنه لم ينو الظهر، وعلى هذا يحتاج المسبوق إذا جاء إلى الجمعة وهو لا يدري هل هي الركعة الأولى أو الثانية؟ أن ينتظر فإن جلس الإمام للتشهد دخل معه بنية الظهر، وإن قام دخل معه بنية الجمعة
· القول الثاني أنه إذا دخل معه بنية الجمعة، فتبين أنه لم يدرك ركعة، فلينوها ظهراً بعد سلام الإمام، وهذا هو الذي لا يسع الناس إلا العمل به، خصوصاً العامة وهذا القول هو الصحيح؛ لأن الظهر فرع عن الجمعة، فإذا انتقل من الجمعة إلى الظهر، فقد انتقل من أصل إلى بدل، وكلاهما فرض الوقت، وفي هذه المسألة قد تنخرم القاعدة التي يقال فيها: (إن الانتقال من معين إلى معين يبطل الأول، ولا ينعقد الثاني به).
§ الشرط الثاني أن يكون وقت الظهر قد دخل لاحتمال أن تُصلَّى الجمعة قبل الزوال، فإذا صليت قبل الزوال وأدرك منها أقل من ركعة فإنه لا يتمها ظهراً، بل يتمها نفلاً، ثم إذا دخل وقت الظهر صلى الظهر
o الشرط الثالث العدد :
§ القول الأول يشترط لصحة الجمعة حضور أربعين من أهل الوجوب والمراد حضورهم الخطبتين والصلاة، وسبق بيان من هم أهل الوجوب واستدلوا على اشتراط الأربعين بما يلي :
· قال أحمد: «بعث النبي صلّى الله عليه وسلّم مصعب بن عمير إلى أهل المدينة، فلما كان يوم الجمعة جمع بهم وكانوا أربعين، وكانت أول جمعة جمعت بالمدينة»
o ويجاب إن صح هذا الأثر فإنه لا يصح الاستدلال به؛ وذلك لأن بلوغهم هذا العدد وقع اتفاقاً لا قصداً، فلم يقل إنهم أمروا أن يجمعوا فلما بلغوا أربعين أقاموا جمعة، فلو كان لفظ الحديث هكذا لكان فيه شيء من الاستدلال.
· قال جابر: «مضت السنة أن في كل أربعين فما فوق جمعة، وأضحى، وفطراً»
o لكن هذا الحديث لا يصح، وبهذا يتبين أن دليل المؤلف إما صريح غير صحيح مثل حديث جابر، وإما صحيح غير صريح مثل حديث مصعب بن عمير، والحديث الذي تثبت به الأحكام لا بد أن يكون صحيحاً وصريحاً
o وعلى هذا فاشتراط الأربعين لإقامة الجمعة غير صحيح؛ لأن ما بني على غير صحيح فليس بصحيح
o ثم يقال: إنه ثبت في صحيح مسلم «أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لما قدمت العير من الشام إلى المدينة وكانوا في شفقة لقدومها لشدة حاجتهم انفضوا إليها، والنبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب، ولم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً ـ أقل من الأربعين ـ وبقي مقيماً لصلاة الجمعة» .
o لكن قالوا لعل هؤلاء الذين خرجوا رجعوا فوراً قبل أن يمضي النبي صلّى الله عليه وسلّم في خطبته.
o ويجاب: أن هذا الاحتمال خِلاف الأصل والظاهر :
§ فهو خلاف الأصل لأن الأصل أن من خرج لا يعود حتى يثبت دليل أنه عاد.
§ وخلاف الظاهر لأنه ليس من الظاهر أنهم يخرجون ينظرون فقط، ثم يرجعون، بل سيبقون هناك يشترون من المتاع الذي حضر؛ ولهذا عاتبهم الله عزّ وجلّ فقال: {{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}} [الجمعة: 11
§ القول الثاني أنه لا بد من اثني عشر رجلاً من أهل الوجوب واستدلوا :
· بحديث جابر الذي ثبت في صحيح مسلم «أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لما قدمت العير من الشام إلى المدينة وكانوا في شفقة لقدومها لشدة حاجتهم انفضوا إليها، والنبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب، ولم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً وبقي مقيماً لصلاة الجمعة»
o وأجيب بأن هذا وقع اتفاقاً فلم يكن قصداً، فربما يبقى أكثر، وربما يبقى أقل، ولا يصح الاستدلال به.
§ القول الثالث أنه يشترط أربعة رجال، إمام وثلاثة يوجه إليهم الخطاب، وهذا مذهب أبي حنيفة والدليل :
· قوله تعالى : {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}} [الجمعة: 9] و«آمنوا» جمع، وأقل الجمع ثلاثة، والإمام هو الذي يُسعى لخطبته.
o وأجيب: بأن الاستدلال ليس بصحيح؛ لأن قوله: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}} [الجمعة: 9] وإن كان جمعاً، فالمراد به الجنس، ولهذا يؤمر بالحضور إلى الجمعة، ولو كان واحداً.
§ القول الرابع أنه يشترط أن يكونوا ثلاثة: خطيب ومستمعان، واستدلوا:
· أن الثلاثة أقل الجمع.
· أنه روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما من ثلاثة في قرية لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان» ، والصلاة عامة تشمل الجمعة وغيرها، فإذا كانوا ثلاثة في قرية لا تقام فيهم الصلاة، فإن الشيطان قد استحوذ عليهم، وهذا يدل على وجوب صلاة الجمعة على الثلاثة، ولا يمكن أن نقول: تجب على الثلاثة، ثم نقول: لا تصح من الثلاثة؛ لأن إيجابها عليهم ثم قولنا: إنها غير صحيحة تضاد، معناه: أمرناهم بشيء باطل، والأمر بالشيء الباطل حرام، هذا القول قوي، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ.
§ القول الخامس أن الجمعة تجب على اثنين فما فوق لأن :
· الاثنين جماعة فيحصل الاجتماع، ومن المعلوم أن صلاة الجماعة في غير الجمعة تنعقد باثنين بالاتفاق، والجمعة كسائر الصلوات، فمن ادعى خروجها عن بقية الصلوات، وأن جماعتها لا بد فيها من ثلاثة فعليه الدليل، وهذا مذهب أهل الظاهر، واختاره الشوكاني في شرح المنتقى، وهو قول قوي
· لكن ما ذهب إليه شيخ الإسلام أصح؛ إذ لا بد من جماعة تستمع، وأقلها اثنان، والخطيب هو الثالث، وحديث أبي الدرداء يؤيد ما قاله الشيخ.
§ القول السادس أن الجمعة تصح حتى من واحد :
· لأن الجمعة فرض الوقت، فما الفرق بين الجماعة والواحد، كما أن الظهر فرض الوقت ولا فرق بين الواحد والجماعة، ومن ادعى شرطية العدد في الجمعة فعليه الدليل، ولكن هذا قول شاذ، وهناك أقوال أخرى.
§ وأقرب الأقوال إلى الصواب أنها تنعقد بثلاثة، وتجب عليهم
§ وإن نقصوا واحداً فأكثر عن العدد المشترط بطلت صلاتهم :
· فإن كان الوقت لا يتسع لإعادتها جمعة وجب عليهم أن يستأنفوا الصلاة ظهراً لأنه يشترط أن يكون العدد المطلوب من أول الصلاة إلى آخرها.
· فإن اتسع الوقت لإعادتها جمعة وحضر من يكمل العدد فإنه يلزمهم إقامتها جمعة؛ لأن الجمعة فرض الوقت، وقد أمكن إقامتها
§ وقال بعض العلماء بل يتمونها جمعة؛ لأن الصلاة انعقدت على وجه صحيح، فإبطالها بعد انعقادها يحتاج إلى دليل، وإذا لم يكن هناك دليل فإنه يبنى آخرها على أولها.
§ القول الثالث قول وسط ـ والغالب أن الوسط من أقوال العلماء هو الصحيح الراجح ـ :
· أنه إذا كان النقص في الركعة الثانية فما بعد أتموا جمعة
· وإن نقصوا في الركعة الأولى استأنفوا ظهراً ما لم يمكن إعادتها جمعة، وهذا اختيار الموفق ـ رحمه الله ـ، وهذا القول هو الراجح ودليله :
o قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» كما أنه لو أدرك من الجمعة ركعة أتمها جمعة مع أنه يصلي الثانية وحده.
· أما القول بأنهم يتمونها جمعة مطلقاً؛ لأنهم ابتدؤوا الصلاة على وجه صحيح فنحتاج إلى دليل على بطلانها فجوابه أن هذه الصلاة من شرط صحتها العدد، فإذا فقد الشرط في أثنائها بطلت، كما لو أحدث في أثنائها، أو انكشفت عورته، أو ما أشبه ذلك.

  #39  
قديم 27 ربيع الثاني 1431هـ/11-04-2010م, 06:28 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

تابع باب صلاة الجمعة :

تابع شروط صحة الجمعة :

o الشرط الرابع أن يكون العدد المشروط مستوطنين بقرية :

§ يشترط لصحة صلاة الجمعة أن يكون العدد المشروط مستوطنين بقرية فإن كانوا في خيام كالبادية، فإنه لا جمعة عليهم، ولا تصح منهم ودليل هذا :
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يأمر البدو الذين حول المدينة بإقامة جمعة؛ لأنهم ليسوا مستوطنين، فربما يكونون هذا العام في هذا المكان، وفي العام الثاني أو الثالث في مكان آخر؛ لأنهم يتبعون الربيع والعشب.
· والقرية في اللغة العربية: تشمل المدينة والمصر؛ لأنها مأخوذة من الاجتماع.
§ وإن أقام أهل القرية المستوطنين الجمعة خارج البلد :
· فإن كان المكان قريبا كمصلى العيد يكون في الصحراء من البلد ، فإنها تصح، فلا يشترط أن تكون في نفس البلد
· وإن كان بعيداً فلا تصحُّ فيه الجمعة كأهل قرية خرجوا في نزهة بعيداً عن البلد، وأقاموا الجمعة فإنها لا تجزئ لأنهم انفصلوا عن البلد.
· المؤلف هنا أطلق القرب من البنيان، والعلماء إذا أطلقوا الشيء، ولم يحددوه فالمرجع في ذلك إلى العرف
· وقال بعض العلماء لا يجوز أن تقام الجمعة إلا في البنيان فلو خرجوا قريباً من البنيان فإنها لا تجزئ
· لكن ما ذهب إليه المؤلف هو الصحيح، بدليل :
o أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى.
§ مسألتان :
· إنسان دخل مع إمام الجمعة، لكن الناس متضايقون، فلما أراد السجود ما وجد مكاناً يسجد فيه :
o يجب عليه أن يسجد على ظهر إنسان، أو على رجله.
o وقال بعض العلماء إذا زحم فإنه ينتظر حتى يقوم الناس، ثم يسجد، ويكون التخلف هنا عن الإمام لعذر.
o وقال بعض العلماء يومئ إيماء أي: يجلس ويومئ بالسجود إيماء؛ لأن الإيماء في السجود قد جاءت به السنة عند التعذر بخلاف التخلف عن الإمام فإنه لم يأت إلا لعذر، وهذا القول أرجح، ويليه القول بأنه ينتظر، ثم يسجد، بعد الإمام
o وأما القول بأنه يسجد على ظهر إنسان أو رجله فإنه ضعيف :
§ لما يلزم عليه من التشويش التام على المسجود عليه، وقد يقاتل المسجود عليه الساجد
§ وقد يكون الذي أمامه امرأة.
§ وأيضاً السجود على ظهر إنسان لا تتأتى معه صورة السجود، لعلو الإنسان في السجود فيكون وجهه محاذياً لرجليه، وهنا الساجد أيضاً يكون رفيعاً.
· من أحرم، ثم زحم، وأخرج عن الصف فصلى فذاً :
o لو أن إنسانا زحم، وعجز عن أن يطيق الوقوف في الصف حتى خرج، فإنه على المذهب لا تصح صلاته؛ لأنه فذ.
o والصحيح أن صلاته تصح؛ لأنه معذور في الفذية فإذا كان قد صلى الركعة الأولى في الصف فإنه إذا زحم حتى خرج من الصف :
§ ينوي الانفراد ويتمها جمعة؛ لأنه أدرك ركعة كاملة هذا على المذهب
§ والقول الراجح أنه يتمها جمعة مع الإمام؛ لأن انفراده هنا للعذر.
o الشرط الخامس أن يتقدم الصلاة خطبتان :
§ فإن لم يتقدمها خطبتان لم تصح ولو تأخرت الخطبتان بعد الصلاة لم تصح والدليل على اشتراط تقدم الخطبتين ما يلي :
· قوله تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}} [الجمعة: 9] ، فأمر بالسعي إلى ذكر الله من حين النداء وبالتواتر القطعي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا أذن المؤذن يوم الجمعة خطب، إذاً فالسعي إلى الخطبة واجب، وما كان السعي إليه واجباً فهو واجب؛ لأن السعي وسيلة إلى إدراكه وتحصيله، فإذا وجبت الوسيلة وجبت الغاية.
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة، والإمام يخطب فقد لغوت» وهذا يدل على وجوب الاستماع إليهما، ووجوب الاستماع إليهما يدل على وجوبهما.
· مواظبة النبي صلّى الله عليه وسلّم عليهما مواظبة غير منقطعة، فلم يأتِ يوم من أيام الجمعة لم يخطب فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهذا الدوام المستمر صيفاً وشتاءً، شدةً ورخاءً يدل على وجوبهما.
· أنه لو لم تجب لها خطبتان لكانت كغيرها من الصلوات، ولا يستفيد الناس من التجمع لها، ومن أهم أغراض التجمع لهذه الصلاة الموعظة وتذكير الناس.
§ شروط صحة الخطبتين :

· الشرط الأول «حمد الله» :
o يشترط في الخطبتين أن يحمد الله بأي صيغة، سواء قال: الحمد لله، أو قال: أحمد الله، أو قال: نحمد الله، وسواء كان الحمد في أول الخطبة، أم في آخرها، والأفضل أن يكون في أول الخطبة والدليل :
§ قول النبي عليه الصلاة والسلام: «كل أمر لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع» والأقطع الناقص البركة والخير.
§ حديث جابر في صحيح مسلم: «كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا خطب حمد الله وأثنى عليه»
§ وهذا استدلال قد يعارض؛ لأنه مجرد فعل، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، لكن لا شك أنه أفضل وأحسن.
· الشرط الثاني الصلاة على رسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم :
o يصلي على الرسول صلّى الله عليه وسلّم بأي اسم من أسمائه أو صفة تختص به
o قال بعض العلماء ولا بد أن يصلى عليه باسم مُظهر، فإن صلى عليه مضمراً لا مظهراً لم تصح لكن هذا غير صحيح فإن المضمر يحل محل المظهر متى علم مرجعه.
o والدليل على اشتراط الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم :
§ أن كل عبارة افتقرت إلى ذكر الله افتقرت إلى ذكر رسوله صلّى الله عليه وسلّم، هكذا علل بعض العلماء.
§ وهذا التعليل عليل، وليس بصحيح، وما أكثر العبادات التي لا تفتقر إلى ذكر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهي تفتقر إلى ذكر الله. مثلاً: لو أراد الإنسان أن يتوضأ يقول: باسم الله، ولا يقول: الصلاة والسلام على رسول الله فالعلة هنا منتقضة، وانتقاض العلة يدل على بطلانها
§ لهذا ليس هناك دليل صحيح يدل على اشتراط الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم في الخطبة.
· الشرط الثالث قراءة آية فأكثر من كتاب الله :
o فإن لم يقرأ آية لم تصح الخطبة، ولكن يشترط في الآية أن تستقل بمعنى، فإن لم تستقل بمعنى لم تجزئ والدليل على اشتراط قراءة الآية :
§ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ يوم الجمعة بـ«ق والقرآن المجيد» يخطب بها
§ ولكن هذا ليس بدليل؛ لأن الفعل المجرد لا يدل على الوجوب.
o وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا تشترط لصحة الخطبة قراءة شيء من القرآن متى تضمنت الموعظة المؤثرة في إصلاح القلوب وبيان الأحكام الشرعية، وهذه الرواية الثانية عن أحمد ـ رحمه الله
· الشرط الرابع الوصية بتقوى الله عز وجل :
o الوصية هي أن يوصي الخطيب المستمعين بتقوى الله سواء قال: أوصيكم بتقوى الله، أو قال: يا أيها الناس اتقوا الله، فلا بد أن يوصي بتقوى الله؛ لأن هذا هو لبُّ الخطبة الذي يحصل به وعظ الناس، ويذكرهم ويلين قلوبهم، ويوصيهم بما ينفعهم.
o فإن أتى بمعنى التقوى دون لفظها بأن قال: يا أيها الناس افعلوا أوامر الله، واتركوا نواهي الله فيصح، أو قال: يا أيها الناس أطيعوا الله، وأقيموا أوامره، واتركوا نواهيه فيجزئ.
· الشرط الخامس أن يحضر الخطبتين العدد المشترط :
o لا بد أن يحضر الخطبتين العدد المشترط :
§ فإن حضر الخطبة عشرون، ثم لما أقيمت الصلاة قبل أن يشرع في الصلاة تموا أربعين، فإنه لا تجزئ الخطبتان، وعليه إعادتهما.
§ ولو حضر أربعون نصف الخطبة لم يجزئ.
o والصحيح: أن تقدير العدد بأربعين ليس بصواب كما سبق، لكننا إذا قلنا يشترط حضور ثلاثة صار لا بد من حضور الثلاثة.
· الشرط السادس أن تكون الخطبتان بعد دخول الوقت
o فإن خطب قبل دخول الوقت لم تصح الخطبتان، ثم لا تصح الجمعة بعد ذلك.
· وقال بعض أهل العلم :
o إن الشرط الأساسي في الخطبة أن تشتمل على الموعظة المرققة للقلوب، المفيدة للحاضرين، وأن الحمد لله، أو الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقراءة آية، كله من كمال الخطبة.
o وهذا القول وإن كان له حظ من النظر لا ينبغي للإنسان أن يعمل به إذا كان أهل البلد يرون القول الأول الذي مشى عليه المؤلف؛ لأنه لو ترك هذه الشروط التي ذكرها المؤلف لوقع الناس في حرج، وصار كلٌّ يخرج من الجمعة، وهو يرى أنه لم يصل الجمعة، وإذا أتيت بهذه الشروط لم تقع في محرم، ومراعاة الناس في أمر ليس بحرام هو مما جاءت به الشريعة، فقد راعى النبي صلّى الله عليه وسلّم أصحابه في الصوم والفطر في رمضان في حال السفر، وراعاهم عليه الصلاة والسلام في بناء الكعبة حيث قال لعائشة ـ رضي الله عنها ـ: «لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم» وهذه القاعدة معروفة في الشرع.
· عدم اشتراط الطهارة :
o لا يشترط للخطبتين أن يكون الخطيب على طهارة، فلو خطب وهو محدث فالخطبة صحيحة لأنها ذكر وليست صلاة.لكن إذا خطب وهو جنب ففيه مشكلتان :
§ المشكلة الأولى اللبث في المسجد، وزوالها أن يقال إنه يتوضأ فتزول المشكلة بهذا الوضوء.
§ المشكلة الثانية قراءة القرآن وهو جنب، والمذهب أن قراءة الآية شرط لصحة الخطبة، وقراءة الجنب للقرآن حرام، فكيف تصح هذه القراءة
§ قالوا إن النهي هنا لا يتعلق بقراءة الآية في الخطبة، بل هو عام، فلو ورد نهي لا تقرأ القرآن وأنت جنب حال الخطبة، ثم قرأ قلنا إن الخطبة لا تصح؛ لأنه فعل فعلاً محرماً في نفس العبادة أما هنا فتصح وهذا صحيح أن قراءة الآية من القرآن وهو جنب صححية مع الإثم
o وقد سبق أن بعض أهل العلم لا يشترط قراءة آية، وعليه لا يرد هذا الإشكال أصلاً.
· عدم اشتراط أن يتولى الخطبتين خطيب واحد :
o لا يشترط أن يتولى الخطبتين من يتولى الصلاة، فلو خطب رجل وصلى آخر فهما صحيحتان، والصلاة صحيحة.
o ولا يشترط أن يتولاهما واحد، فلو خطب رجل خطبة، وخطب الثانية رجل آخر صح.
o وأما اشتراط أن يتولى الخطبة الواحدة واحد فلم أر حتى الآن من تكلم عليها، ولكن قد يقال أنه لا بد أن يتولى الخطبة الواحدة واحد، فلا تصح من اثنين سواء لعذر أو لغير عذر :
§ فإن كان لغير عذر فالظاهر أن الأمر واضح؛ لأن هذا شيء من التلاعب.
§ وإذا كان لعذر مثل أن يذكر الذي بدأ الخطبة أنه على غير وضوء، ثم ينزل ليتوضأ، فهنا نقول الأحوط أن يبدأ الثاني الخطبة من جديد، حتى لا تكون عبادة واحدة من شخصين.
· اشتراط العدد عينه في الخطبة والصلاة :
o يشترط أن يكون العدد الحاضر لهما هو نفسه العدد الحاضر للصلاة _كأن يخطب بأربعين، ثم تخرج الأربعون، وتأتي أربعون غيرهم للصلاة_ لأنه لا بد أن يحضروا الخطبتين والصلاة
· اشتراط العربية في الخطبة :
o إن كان يخطب في عرب، فلا بد أن تكون بالعربية
o وإن كان يخطب في غير عرب :
§ فقال بعض العلماء لا بد أن يخطب أولاً بالعربية، ثم يخطب بلغة القوم الذين عنده.
§ وقال آخرون لا يشترط أن يخطب بالعربية بل يجب أن يخطب بلغة القوم الذين يخطب فيهم، وهذا هو الصحيح :
· لقوله تعالى: {{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}} [إبراهيم: 4] .
· ولا يمكن أن ينصرف الناس عن موعظة وهم لا يعرفون ماذا قال الخطيب؟
· والخطبتان ليستا مما يتعبد بألفاظهما حتى نقول: لا بد أن تكونا باللغة العربية لكن إذا مرَّ بالآية فلا بد أن تكون بالعربية؛ لأن القرآن لا يجوز أن يغير عن اللغة العربية.
· ما يبطل الخطبتين :
o ذكر الشارح في الروض أنهما تبطلان بالكلام المحرم :
§ فلو أن الخطيب في أثناء الخطبة تكلم كلاماً محرماً، كقذف أو لعن، أو ما أشبه ذلك، فإنها تبطل؛ لأن ذلك ينافي مقتضى الخطبة.
§ فالمقصود بالخطبة وعظ الناس وزجرهم عن الحرام، فإذا كان الخطيب نفسه يفعل الحرام فإنها تبطل.
§ سنن الخطبتين :

· أن يخطب على منبر أو موضع عال :
o المنبر على وزن مفعل من النبر، وهو الارتفاع، أي على شيء مرتفع وإنما كان ذلك سنة :
§ اقتداء بالنبي صلّى الله عليه وسلّم حيث كان يخطب في أول الأمر إلى جذع نخلة في مسجده، ثم صنع له منبر من خشب الغابة (الأثل) فصار يخطب عليه
§ ولأن ذلك أبلغ في إيصال الخطبة إلى الناس؛ لأنه إذا كان مرتفعاً سمعه الناس أكثر، وكذلك إذا كان مرتفعاً رآه الناس بأعينهم، ولا شك أن تأثر السامع إذا رأى المتكلم أكثر من تأثره وهو لا يراه
§ لهذا كان من هدي الصحابة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا خطب استقبلوه بوجوههم ليكون ذلك أبلغ في حضور القلب والانتفاع بالخطبة
§ قال العلماء: ينبغي أن يكون المنبر على يمين مستقبل القبلة في المحراب كما هو معمول به الآن؛ من أجل أن الإمام إذا نزل منه ينفتل عن يمينه.
o وإذا لم يوجد منبر فعلى موضع مرتفع، ولو كومة من التراب :
§ من أجل أن يبرز أمام الناس، وكما ذكرنا سابقاً؛ لأن ذلك أبلغ في الصوت، وأبلغ في التلقي عن الخطيب؛ لأن من يُشَاهَدُ يتلقى منه أكثر.
· ثم يسلم على المأمومين إذا أقبل عليهم :
o يسن إذا صعد المنبر أن يتجه إلى المأمومين، ويسلم عليهم وذلك :
§ لأن روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وإن كان الحديث المرفوع فيه ضعف، لكن الأمة أجمعت على العمل به، واشتهر بينها أن الخطيب إذا جاء وصعد المنبر استقبل الناس وسلم عليهم، وهذا التسليم العام.
§ أما الخاص فإنه إذا دخل المسجد سلم على من يمر عليه أولاً، وهذا من السنة بناء على النصوص العامة أن الإنسان إذا أتى قوماً فإنه يسلم عليهم
· ثم يجلس إلى فراغ الأذان :
o يسن إذا سلم على المأمومين أن يجلس حتى يفرغ المؤذن، وفي هذه الحال يتابع المؤذن على أذانه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن» وهذا عام له لغيره
· ويجلس بين الخطبتين :
o يسن أن يجلس بين الخطبتين لأنه :
§ ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنه كان يجلس بين الخطبتين»
§ ولأنه لو لم يجلس لم يتبين التمييز بينهما؛ إذ قد يظن الظان أنه سكت لعذر منعه من الكلام
· ويخطب قائماً :
o يسن أن يخطب قائماً :
§ لفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم
§ ولأن ذلك أبلغ بالنسبة للمتكلم؛ لأن القائم يكون عنده من الحماس أكثر من الجالس
§ ولأنه أبلغ أيضاً في إيصال الكلام إلى الحاضرين، لا سيما في الزمن السابق، إذ ليس فيه مكبر صوت.
· ويعتمد على سيف أو قوس أو عصا :
o يسن أن يعتمد حال الخطبة على سيف، أو قوس، أو عصا واستدلوا بما يلي :
§ بحديث يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في صحته نظر
· وعلى تقدير صحته قال ابن القيم إنه لم يحفظ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد اتخاذه المنبر أنه اعتمد على شيء.
§ وبتعليل فقالوا بأنه إشارة إلى أن هذا الدين قام بالسيف
· وهذا التعليل فيه نظر :
o فالدين لم يفتح بالسيف؛ لأن السيف لا يستعمل للدين إلا عند المنابذة، فإذا أبى الكفار أن يسلموا أو يبذلوا الجزية فإنهم يقاتلون، أما إذا بذلوا الجزية فإنهم يتركون، وهذا هو القول الذي تدل عليه الأدلة.
o ثم إن المسلمين لم يفتحوا البلدان إلا بعد أن فتحوا القلوب أولاً بالدعوة إلى الإسلام، وبيان محاسنه بالقول وبالفعل
o وفيه أيضاً: حجة للكفار حيث يقولون: إنكم أنتم أيها المسلمون فتحتم بلادنا في الأول بالقوة، لا بالدعوة.
o وعليه نقول أن الاعتماد إنما يكون عند الحاجة :
§ فإن احتاج الخطيب إلى اعتماد، مثل أن يكون ضعيفاً يحتاج إلى أن يعتمد على عصا فهذا سنة؛ لأن ذلك يعينه على القيام الذي هو سنة
§ وما أعان على سنة فهو سنة، أما إذا لم يكن هناك حاجة، فلا حاجة إلى حمل العصا.
· ويقصد تلقاء وجهه :
o يسن للخطيب أن يتجه تلقاء وجهه، فلا يتجه لليمين أو لليسار، بل يكون أمام الناس :
§ لأنه إن اتجه إلى اليمين أضر بأهل اليسار، وإن اتجه إلى اليسار أضر بأهل اليمين، وإن اتجه تلقاء وجهه لم يضر بأحد، والناس هم الذين يستقبلونه مع الإمكان.
§ والإلتفات يميناً وشمالا ليس من السنة فيما يظهر، وأن الخطيب يقصد تلقاء وجهه، ومن أراده التفت إليه.
§ وأيضا تحريك اليدين عند الانفعال ليس من السنّة وإن كان بعض الخطباء بلغني أنهم يفعلون ذلك، لكن يشير في الخطبة بأصبعه عند الدعاء :
· أما الخطبة التي هي غير خطبة الجمعة فقد نقول إنه من المستحسن أن الإنسان يتحرك بحركات تناسب الجمل التي يتكلم بها
· أما خطبة الجمعة فإن المغلَّب فيها التعبد، ولهذا أنكر الصحابة على بشر بن مروان حين رفع يديه في الدعاء مع أن الأصل في الدعاء رفع اليدين فلا يشرع فيها إلا ما جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
· ويقصر الخطبة :
o يسن أن يجعلها قصيرة وذالك :
§ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّة من فقهه» أي علامة ودليل على فقهه، وأنه يراعي أحوال الناس
§ ولأن في تقصير الخطبة فائدتين :
· ألا يحصل الملل للمستمعين لأن الخطبة إذا طالت لا سيما إن كان الخطيب يلقيها إلقاءً عابراً لا يحرك القلوب، ولا يبعث الهمم فإن الناس يملون ويتعبون.
· أن ذلك أوعى للسامع أي أحفظ للسامع؛ لأنها إذا طالت أضاع آخرها أولها، وإذا قصرت أمكن وعيها
· لكن أحياناً تستدعي الحال التطويل، فإذا أطال الإنسان أحياناً لاقتضاء الحال ذلك، فإن هذا لا يخرجه عن كونه فقيهاً؛ وذلك لأن الطول والقصر أمر نسبي، وقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يخطب أحياناً بسورة {{ق}} وسورة «ق» مع الترتيل والوقوف على كل آية تستغرق وقتاً طويلاً.
· ويدعو للمسلمين :
o يسن أيضاً في الخطبة أن يدعو للمسلمين الرعية والرعاة :
§ لأن ذلك الوقت ساعة ترجى فيه الإجابة، والدعاء للمسلمين لا شك أنه خير، فلهذا استحبوا أن يدعو للمسلمين.
§ ولكن قد يقول قائل كون هذه الساعة مما ترجى فيها الإجابة، وكون الدعاء للمسلمين فيه مصلحة عظيمة موجود في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وما وجد سببه في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يفعله فتركه هو السنة؛ إذ لو كان شرعاً لفعله النبي صلّى الله عليه وسلّم، فلا بد من دليل خاص يدل على أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يدعو للمسلمين، فإن لم يوجد دليل خاص فإننا لا نأخذ به، ولا نقول: إنه من سنن الخطبة، وغاية ما نقول إنه من الجائز
§ لكن قد روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان يستغفر للمؤمنين في كل جمعة» :
· فإن صح هذا الحديث فهو أصل في الموضوع، وحينئذٍ لنا أن نقول إن الدعاء سنّة
· أما إذا لم يصح فنقول إن الدعاء جائز، وحينئذٍ لا يتخذ سنّة راتبة يواظب عليه؛ لأنه إذا اتخذ سنّة راتبة يواظب عليه فهم الناس أنه سنّة، وكل شيء يوجب أن يفهم الناس منه خلاف حقيقة الواقع فإنه ينبغي تجنبه.

  #40  
قديم 1 جمادى الأولى 1431هـ/14-04-2010م, 01:47 AM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

تابع صلاة الجمعة :

ü الجمعة ركعتان ودليل ذالك النص، والإجماع :

o أما النص فإن هذا أمر متواتر مشهور عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يصلي الجمعة ركعتين فقط.
o وأما الإجماع فهو أيضاً إجماع متواتر لم يختلف أحد من المسلمين فيه.
o وفي هذا دليل على أن الجمعة صلاة مستقلة لها شرائطها وصفتها الخاصة بها ، وليست ظهراً، ولا بدلاً عن الظهر، ومن زعم أنها ظهر مقصورة، أو بدل عنها فقد أبعد النجعة
ü القراءة فيها :
o الجهر بالقراءة :
§ يسن أن يقرأ جهراً وهذا مما تختلف فيه عن صلاة الظهر، أنها تسنّ القراءة فيها جهراً من بين سائر الصلوات النهارية ولو قرأ سراً لصحّت الصلاة، لكن الأفضل الجهر.
o بم يقرأ :
§ يقرأ في الركعة الأولى بالجمعة، وفي الثانية بالمنافقين حيث ثبت ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ، والمناسبة فيهما ظاهرة :
· أما «سورة الجمعة» فالمناسبة أظهر من الشمس؛ لأن فيها ذكر الأمر بالسعي إلى صلاة الجمعة، وأيضاً ذكر الله فيها الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها ـ أي: لم يعملوا بها ـ أن مثلهم كمثل الحمار، ففيه تحذير للمسلمين أن يتركوا العمل بالقرآن، فيصيروا مثل اليهود أو أخبث؛ لأن من ميّز عن غيره بفضل كان تكليفه بالشكر أكثر.
· وأما «المنافقون» فالمناسبة ظاهرة أيضاً: من أجل أن يصحح الناس قلوبهم ومسارهم إلى الله تعالى كل أسبوع، فينظر الإنسان في قلبه، هل هو من المنافقين أو من المؤمنين؟ فيحذر ويطهر قلبه من النفاق، وفيه أيضاً فائدة أخرى أن يقرع أسماع الناس التحذير من المنافقين كل جمعة؛ لأن الله قال فيها عن المنافقين: {{هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}} [المنافقون: 4] .
§ وله أن يقرأ بـ{{سَبِّحِ}} و{{الْغَاشِيَةِ}} حيث ثبت ذلك أيضاً في صحيح مسلم والمناسبة فيهما ظاهرة :
· لأن في «سبّح» أمر الله تعالى بالتذكير فقال: {{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى *سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى *}} [الأعلى] ، والإمام قد ذكر في الخطبة، فينبّه الناس على أنهم إن كانوا من أهل خشية الله فسوف يتذكرون.
· وفي «الغاشية» ذكر يوم القيامة وأحوال الناس فيها، قال تعالى: {{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ *عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ *}} [الغاشية] ، وقال: {{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ *لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ *}} [الغاشية] ، وفيها أيضاً التذكير: {{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ *لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ *}} [الغاشية] .
§ فالسنة: أن يقرأ مرة بهذا، ومرة بهذا، ولكن لو أن الإنسان راعى أحوال الناس لكان حسن وذلك أن من هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً
ü إقامتها في أكثر من موضع في البلد :
o تحرم إقامة صلاة الجمعة في أكثر من موضع من البلد إلا لحاجة ودليل ذلك :
§ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي»
§ وحافظ النبي صلّى الله عليه وسلّم على صلاته الجمعة في مسجد واحد طول حياته والخلفاء من بعده، والصحابة من بعدهم، وهم يعلمون أن البلاد اتسعت
§ وفي عهد عثمان اتسعت المدينة فزاد أذاناً ثالثاً فصار أذان أول، ثم أذان عند حضور الإمام، ثم الإقامة، ولم يعدد الجمعة
§ حتى إن الإمام أحمد سئل عن تعدد الجمعة فقال ما علمت أنه صلي في المسلمين أكثر من جمعة واحدة، والإمام أحمد توفي سنة (241هـ) إلى هذا الحد لم تقم الجمعة في أكثر من موضع في البلد
§ وكانت أحياء العوالي في عهده صلّى الله عليه وسلّم بعيدة عن مكان الجمعة، ومع ذلك يحضرون إلى مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم
§ وأيضاً لو تعددت الجمعة لفات المقصود الأعظم، وهو اجتماع المسلمين وائتلافهم ثم صار كل قوم ينفضون عن موعظة تختلف عن موعظة الآخر فيتفرق البلد، ولا يشربون من نهر واحد.
o وقوله «إلا لحاجة» ، والمراد بالحاجة هنا ما يشبه الضرورة؛ لأن هناك ضرورة وحاجة، والفرق بين الحاجة والضرورة:
§ أن الحاجة هي التي يكون بها الكمال.
§ والضرورة هي التي يندفع بها الضرر
§ مثال الحاجة :
· إذا ضاق المسجد عن أهله، ولم يمكن توسيعه
· وكذا إذا تباعدت أقطار البلد، وصار الناس يشق عليهم الحضور
· ومن ذالك أيضاً أن يكون بين أطراف البلد حزازات وعداوات، يخشى إذا اجتمعوا في مكان واحد أن تثور فتنة لكن هذا مشروط بما إذا تعذر الإصلاح
· وليس من الحاجة أن يكون الإمام مسبلاً أو فاسقاً؛ لأن الصحابة صلوا خلف الحجاج بن يوسف ، وهو من أشد الناس ظلماً وعدواناً
o فإن صلوا الجمعة في موضعين فأكثر بلا حاجة :
§ فالصحيحة :
· ما باشرها الإمام _وهو من له أعلى سلطة في الدولة_ أي ما صلى فيها، سواء كان هو الإمام، أو كان مأموماً
· أوأذن فيها إن لم يباشرها، مثل: أن يكون بلد الإمام في محل آخر وهذا البلد الذي فيه تعدد الجمعة لم يكن فيه الإمام حاضراً، لكنه قال: أذنت لكم أن تقيموا جمعتين فأكثر
§ فإن استوتا في إذن أو عدمه بأن يكون الإمام قد أذن فيهما جميعاً، أو لم يأذن فيهما جميعاً :
· فالثانية باطلة على ما يقتضيه كلام المؤلف والمراد بالثانية ما تأخرت عن الأخرى بتكبيرة الإحرام، وإن كانت الأخرى أسبق منها إنشاء
· وقال بعض العلماء: المعتبر السبق زمناً، فالتي قد أنشئت أولاً فالحكم لها؛ لأن الثانية هي التي حدثت على الأولى، فهي تشبه مسجد الضرار الذي بناه المنافقون عند مسجد قباء، وقال الله لنبيه: {{لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا}} [التوبة: 108] وهذا القول هو الصحيح، أن المعتبر السابقة زمناً وإنشاء ولو تأخرت عملاً
§ فإن وقعتا معاً بطلتا فلو قال إمام كل مسجد منهما: «الله أكبر» في نفس الوقت فنقول :
· صلاتكم جميعاً باطلة لأنه لم تتقدم إحداهما حتى يكون لها مزية، وإذا لم يكن لها مزية صارت كل واحدة منهما تبطل الأخرى، كالبينتين إذا تعارضتا تساقطتا، وعلى هذا يلزم الجميع إعادتها جمعة في مكان واحد مع بقاء الوقت، وإلا صلوا ظهراً.
· وعلى القول الذي رجحناه نقول أن الجمعة تصح في المسجد الذي أنشأت فيه أولا.
§ وإن جهلت الأولى بطلتا :
· فلو أقيمت جمعتان بلا حاجة، واستوتا في إذن الإمام وعدمه. وجهلت الأولى منهما، ولم يعلم أيهما أسبق بتكبيرة الإحرام بطلتا ولزمهم صلاة الظهر، ولا يصح استعمال القرعة هنا؛ لأنها عبادة، وهنا تلزمهم صلاة الظهر، ولا تصح إعادتها جمعة.
· والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها :
o أنه في المسألة الأولى بطلت الجمعتان جميعاً، كل واحدة أبطلت الأخرى فلم تصح واحدة منهما، فيجب إعادة الجمعة إن استطاعوا، وإلا صلوا ظهراً
o وفي هذه المسألة إحداهما صحيحة وهي التي سبقت لكنها مجهولة، والجمعة لا تعاد مرتين، فحينئذٍ لا تعاد الصلاة، ولو اجتمعوا في مسجد واحد، فيجب على الجميع إعادة الصلاة ظهراً.
ü سنن الجمعة :

o السنن التوابع للجمعة :
§ السنة البعدية :
· أقل السنّة بعد الجمعة ركعتان لأن :
o النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته » ، ثبت ذلك عنه في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما.
· وأكثرها ست :
o لأنه ورد عن عبد الله بن عمر بإسناد صححه العراقي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يصلي بعد الجمعة ستاً
o وقد كان ابن عمر «إذا صلى في مكة تقدم بعد صلاة الجمعة فصلى ركعتين، ثم صلى أربعاً، وفي المدينة يصلي ركعتين في بيته، ويقول: إن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان يفعله».
o وأما الأربع فلأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بذلك فقال: «إذا صلّى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً».
· هل السنة بعد الجمعة هذا مما وردت به السنة على وجوه متنوعة، أو على أحوال متنوعة، فيه أقوال:
o القول الأول أنها على أحوال متنوعة وهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية فيقال إن صليت راتبة الجمعة في المسجد فصل أربعاً، وإن صليتها في البيت فصل ركعتين.
o القول الثاني أنها متنوعة على وجوه فصلِّ أحياناً أربعاً، وأحياناً ركعتين.
o القول الثالث أنها أربع ركعات مطلقاً لأنه إذا تعارض قول النبي صلّى الله عليه وسلّم وفعله يقدم قوله.
o والأولى للإنسان ـ فيما أظنه راجحاً ـ أن يصلي أحياناً أربعاً، وأحياناً ركعتين أما الست فإن حديث ابن عمر يدل على أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم «كان يفعلها». لكن الذي في الصحيحين أنه كان يصلي ركعتين، ويمكن أن يستدل لذلك بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يصلي في بيته ركعتين، وأمر من صلى الجمعة أن يصلي بعدها أربعاً، فهذه ست ركعات: أربع بقوله وركعتان بفعله، وفيه تأمل.
§ السنة القبلية :
· ليس للجمعة سنّة قبلها ولكن يصلي ما شاء بغير قصد عدد، فيصلي ركعتين أو ما شاء، لكن إذا دخل الإمام أمسك.
· أما الركعتان لا بد منهما، وهما تحية المسجد، وما عدا ذلك ينظر الإنسان ما هو أرجح له :
o فإذا كنت في مسجد يزدحم فيه الناس، ويكثر المترددون بين يديك، فالظاهر أن قراءة القرآن أخشع لقلب الإنسان وأفيد
o وإذا كنت في مكان سالم من التشويش، فلا شك أن الصلاة أفضل من القراءة؛ لأن الصلاة تجمع قراءة وذكراً ودعاء وقياماً وقعوداً وركوعاً وسجوداً، فهي روضة من رياض العبادات فهي أفضل.
o الغسل :
§ الاغتسال يوم الجمعة خاص بمن يأتي إليها :
· لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل»
· ولقوله: «غسل الجمعة واجب على كل محتلم»
· وعلى هذا فالنساء لا يسنّ لهن الاغتسال، وكذلك من لا يحضر لصلاة الجمعة لعذر، فإنه لا يسنّ له أن يغتسل للجمعة.
§ حكمه :
· يسن الإغتسال يوم الجمعة وهو المذهب، وعليه جمهور العلماء وإن لم يغتسل فلا إثم عليه.
· وذهب بعض أهل العلم إلى أن الاغتسال واجب وهذا القول هو الصحيح لما يلي :
o قول أفصح الخلق وأنصحهم محمد صلّى الله عليه وسلّم: «غسل الجمعة واجب على كل محتلم» :
§ فصرّح النبي صلّى الله عليه وسلّم بالوجوب
§ ثم إنه علق الوجوب بوصف يقتضي الإلزام، وهو الاحتلام الذي يحصل به البلوغ، فإذا تأملنا ذلك تبيّن لنا ظاهراً أن غسل الجمعة واجب، وأن من تركه فهو آثم، لكن تصح الصلاة بدونه؛ لأنه ليس عن جنابة.
o أن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ دخل وعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يخطب الناس على المنبر يوم الجمعة، فأنكر عليه تأخّره، فقال: والله يا أمير المؤمنين كنت في شغل، وما زدت على أن توضأت، ثم أتيت، فقال له ـ موبخاً ـ: والوضوء أيضاً؟ ـ أي: تفعل الوضوء أيضاً ـ، وقد علمت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يأمر بالغسل ، فأنكر عمر ـ رضي الله عنه ـ عليه اقتصاره على الوضوء.
o وأما ما روي عن سمرة بن جندب أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل» :
§ فهذا الحديث لا يقاوم ما أخرجه الأئمة السبعة وغيرهم، وهو حديث أبي سعيد الذي ذكرناه آنفاً «غسل الجمعة واجب على كل محتلم»
§ ثم إن الحديث من حيث السند ضعيف؛ لأن كثيراً من علماء الحديث يقولون إنه لم يصح سماع الحسن عن سمرة إلا في حديث العقيقة
§ ثم إن هذا الحديث من حيث المتن إذا تأملته وجدته ركيكاً ليس كالأسلوب الذي يخرج من مشكاة النبوة «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت» ... «بها» أين مرجع الضمير؟ ففيه شيء من الركاكة أي: الضعف في البلاغة «ومن اغتسل فالغسل أفضل» فيظهر عليه أنه من كلام غير النبي صلّى الله عليه وسلّم.
o فالذي نراه وندين الله به، ونحافظ عليه أن غسل الجمعة واجب، وأنه لا يسقط إلا لعدم الماء، أو للضرر باستعمال الماء
o ولم يأت حديث صحيح أن الوضوء كاف، وأما ما ورد في صحيح مسلم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام» ، فإنه مرجوح، لاختلاف الرواة، فبعضهم قال: «من اغتسل» وهذه أرجح، وبعضهم قال: «من توضأ».
· وإذا لم يجد الماء، أو تضرر باستعماله فلا يتيمم لهذا الغسل وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله حيث يقول أن جميع الأغسال المستحبة إذا لم يستطع أن يقوم بها فإنه لا يتيمم عنها؛ لأن التيمم إنما شرع للحدث؛ لقوله تعالى:
o {{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ}} [المائدة: 6]
o ومعلوم أن الأغسال المستحبة ليست للتطهير؛ لأنه ليس هناك حدث حتى يتطهر منه
· والفقهاء رحمهم الله يقولون: يتيمّم، والصحيح خلاف ذلك.
§ صفته :
· الاغتسال إذا أطلق في لسان الشارع، أو في لسان أهل الشرع وهم الفقهاء، فإنه يحمل على الاغتسال الشرعي، لا على مجرد أن يغسل الإنسان بدنه، والغسل الشرعي له صفتان:
o واجبة وهي أن يعم جميع بدنه بالماء، ولو بانغماس في بركة أو نهر أو بحر.
o مستحبة وهي أن يتوضأ أولاً، كما يتوضأ للصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه، ويخلل شعره ثلاث مرات، ثم يفيض الماء على سائر جسده.
§ وقته :
· فقال بعضهم إن أول وقته من آخر الليل.
· وقال آخرون بل من طلوع الفجر؛ لأن النهار لا يدخل إلا بطلوع الفجر.
· وقال آخرون بل من طلوع الشمس؛ لأن ما بين الفجر وطلوع الشمس وقت لصلاة خاصة، وهي الفجر، ولا ينتهي وقتها إلا بطلوع الشمس، وعلى هذا فيكون ابتداء الاغتسال من طلوع الشمس، وهذا أحوط الأقوال الثلاثة لأن من اغتسل بعد طلوع الشمس فقد أتى على الأقوال كلها.
· وينتهي وقت الاغتسال بوجوب السعي إلى الجمعة على الأقوال كلها.
o التنظّف والتّطيب :
§ يسنّ أن يتنظف :
· كما جاءت به السنّة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر...»
· والتنظّف أمر زائد على الاغتسال، فالتنظّف بقطع الرائحة الكريهة وأسبابها، فمن أسباب الرائحة الكريهة الشعور والأظفار التي أمر الشارع بإزالتها،.
§ ويسنّ أيضاً أن يتطيّب :
· كما جاءت به السنة ، بأي طيب سواء من الدهن أو من البخور، في ثيابه وفي بدنه؛ وذلك من أجل اجتماع الناس في مكان واحد؛ لأن العادة أنه إذا كثر الجمع ضاق النفس، وكثر العرق، وثارت الرائحة الكريهة
o لبس أحسن الثياب :
§ يسنّ لبس أحسن ثيابه :
· لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يُعد أحسن ثيابه للوفد والجمعة.
· وأفضلها البياض
o التبكير إليها ماشياً :
§ يسنّ أن يبكّر إلى الجمعة ودليله :
· حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ: «من اغتسل يوم الجمعة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة»
§ ويسن أن يذهب إلى الجمعة ماشياً على قدميه، ودليله :
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من غسل واغتسل، وبكّر وابتكر، ودنا من الإمام، ومشى ولم يركب» فقال: «مشى ولم يركب»
· ولأن المشي أقرب إلى التواضع من الركوب، ولأنه يرفع له بكل خطوة درجة، ويحط عنه بها خطيئة، فكان المشي أفضل من الركوب.
· ولكن لو كان منزله بعيداً، أو كان ضعيفاً أو مريضاً، واحتاج إلى الركوب، فكونه يرفق بنفسه أولى من أن يشق عليها.
o الدنو من الإمام :
§ وهذا أيضاً من السنّة أن يدنو من الإمام ودليل ذلك :
· قول النبي عليه الصلاة والسلام: «ليلني منكم أولو الأحلام والنهى»
· ولما رأى قوماً تأخروا في المسجد عن التقدم قال: «لا يزال قوم يتأخرون، حتى يؤخرهم الله» ، فأقل أحواله أن يكون التأخّر عن الأول فالأول مكروه.
§ وقد دلّت السنّة على أن يمين الصف أفضل من اليسار عند التقارب أو التساوي، وأما مع البعد فقد دلّت السنّة على أن اليسار الأقرب أفضل ودليل ذلك :
· أن الناس كانوا إذا وجد جماعة ثلاثة، فإن الإمام يكون بين الرجلين ، ثم نسخ ذلك فصار الإمام يتقدم الاثنين فأكثر،
· ولو كان اليمين أفضل على الإطلاق لصار مقام الرجلين مع الرجل عن اليمين.
· وأيضاً لو كان اليمين أفضل مطلقاً لقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أكملوا الأيمن فالأيمن»، كما كان الصف يكمل فيه الأول فالأول.
§ وطرف الصف الأول من اليمين أو اليسار أفضل من الصف الثاني، وإن كان خلف الإمام ودليل ذلك :
· قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: كيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتراصون، ويتمون الأول فالأول».
o قراءة سورة الكهف :
§ يسنّ أن يقرأ سورة الكهف في يوم الجمعة قبل الصلاة أو بعدها وذالك :
· لما روى أبو سعيد رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين» وهذا روي مرفوعاً وموقوفاً. وعلى فرض أنه من قول أبي سعيد، فمثل هذا لا يقال بالرأي، فيكون له حكم الرفع؛ لأن أبا سعيد لا يعرف هذا الثواب، فيكون مرفوعاً حكماً إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم
§ وسورة الكهف لها مزايا منها :
· أن من قرأ فواتحها على الدجال عصم من فتنته
· وفيها قصة أصحاب الكهف.
· و قصة الرجلين ذوي الجنتين.
· وقصة موسى مع الخضر.
· قصة ذي القرنين.
· و قصة يأجوج ومأجوج.
· ولهذا ورد الترغيب في قراءتها في يوم الجمعة قبل الصلاة أو بعد الصلاة.
o الإكثار من الدعاء والصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم :
§ يسن أن يكثر الدعاء يوم الجمعة لأن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم، وهو قائم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه وذالك :
· لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم، وهو قائم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه» فينبغي أن يكثر من الدعاء رجاء ساعة الإجابة.
§ ويسن أن يكثر الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم الجمعة :
· لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بإكثار الصلاة عليه يوم الجمعة
· والصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم معناها: أنك تسأل الله أن يثني عليه في الملأ الأعلى.
ü ما يحرم أو يكره يوم الجمعة :

o تخطى رقاب الناس :
§ المشهور من المذهب أن تخطي الرقاب مكروه.
§ والصحيح أن تخطي الرقاب حرام في الخطبة وغيرها :
· لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم لرجل رآه يتخطى رقاب الناس: «اجلس فقد آذيت»
· ولا سيما إذا كان ذلك أثناء الخطبة؛ لأن فيه أذية للناس، وإشغالاً لهم عن استماع الخطبة، إشغال لمن باشر تخطي رقبته، وإشغال لمن يراه ويشاهده، فتكون المضرة به واسعة
§ ويستثني الفقهاء ـ رحمهم الله ـ من ذالك :
· الإمام فلا بأس أن يتخطى؛ لأن مكانه متقدم :
o ولكن بشرط أن لا يمكن الوصول إلى مكانه إلا بالتخطي
o فإن كان يمكن الوصول إلى مكانه بلا تخط بأن كان في مقدم المسجد باب يدخل منه الإمام، فإنه كغيره في التخطي؛ لأن العلة واحدة
· أو أن يكون هناك متسع في الصفوف المقدمة :
o فإن كان هناك فرجة، فلا بأس أن يتخطى إليها قالوا :
§ لأنه إذا كان ثمة فرجة فإنهم هم الذين جنوا على أنفسهم؛ لأنهم مأمورون أن يكملوا الأول فالأول، فإذا كان ثمة فرجة فقد خالفوا الأمر، وحينئذٍ يكون التفريط منهم، وليس من المتخطي.
o ولكن الذي أرى أنه لا يتخطى حتى ولو إلى فرجة :
§ لأن العلة وهي الأذية موجودة، وكونهم لا يتقدمون إليها قد يكون هناك سبب من الأسباب، مثل أن تكون الفرجة في أول الأمر ليست واسعة، ثم مع التزحزح اتسعت، فحينئذٍ لا يكون منهم تفريط، فالأولى الأخذ بالعموم وهو ألا يتخطى إلى الفرجة لكن لو تخطى برفق واستأذن ممن يتخطاه إلى هذه الفرجة فأرجو أن لا يكون في ذلك بأس
o إقامة الغير والجلوس مكانه :
§ يحرم أن يقيم غيره من المكان الذي كان جالساً فيه ويجلس مكانه ودليل هذا :
· قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به»
· نهيه صلّى الله عليه وسلّم أن يقيم الرجل أخاه فيجلس مكانه ففي الحديث الأول بيان الأحقية، وفي الحديث الثاني تحريم أن يقيم غيره فيجلس مكانه.
· أن ذلك يحدث العداوة والبغضاء بين المصلين، وهذا ينافي مقصود الجماعة، إذ إن المقصود من الجماعة هو الائتلاف والمحبة
§ ويستثنى من ذالك من قدم صاحباً له في موضع يحفظه له فله أن يقيمه؛ لأن هذا الذي أقيم وكيل له ونائب عنه.
§ وظاهر كلام المؤلف أن هذا العمل جائز وفي هذا نظر لما يلي :
· أولاً أن هذا النائب لم يتقدم لنفسه، وربما يراه أحد فيظنه عمل عملاً صالحاً، وليس كذلك.
· ثانياً أن في هذا تحايلاً على حجز الأماكن الفاضلة لمن لم يتقدم، والأماكن الفاضلة أحق الناس بها من سبق إليها.
§ وأما الصغير فالمذهب أنه يجوز أن يقيمه ويجلس مكانه ودليلهم :
· قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ليلني منكم أولو الأحلام والنهى»
§ ولكن الصحيح أنه لا يجوز أن يقيم الصغير لما يلي :
· أولاً لعموم النهي «لا يقيم الرجل أخاه».
· ثانياً: لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به» وهذا الصبي سابق فلا يجوز لنا أن نهدر حقه، وأن نظلمه ونقيمه.
· وأما دليلهم فهو استناد إلى غير مستند لأن المراد بقوله صلّى الله عليه وسلّم «ليلني منكم أولو الأحلام والنهى» حث أولي الأحلام والنهى أن يتقدموا، ولو قال: «لا يلني منكم إلا أولو الأحلام» لكان لنا الحق أن نقيم الصغير.
· ثم إن في إقامة الصغير عن مكانه مفسدة عظيمة بالنسبة للصغير؛ إذ يبقى في قلبه كراهة للمسجد والتقدم إليه، وكراهة لمن أقامه من مجلسه أمام الناس، ولا سيما إذا كان له تمييز كالسابعة والثامنة.
· وهناك مفسدة أخرى غير ما سبق، وهي أننا إذا أقمنا الصغار من الصف الأول، وجعلناهم في صف واحد مستقل فسيلعبون لعباً عظيماً، لكن إذا أبقيناهم في الصف الأول، وصار كل طفل إلى جنب رجل قلَّ لعبهم بلا شك، وهذا القول الراجح هو الذي صوَّبه صاحب الإنصاف، ومال إليه صاحب الفروع، وصرح به المجد جد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهم الله.
o الإيثار بالمكان :
§ يكره إيثار الغير بالمكان كأن تكون في الصف الأول، فأردت أن تتأخر إكراماً لشخص حضر ليجلس في مكانك والدليل :
· قول النبي عليه الصلاة والسلام: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا»
· ولأن هذا يدل على أنه ليس عندك رغبة في الخير ولا اهتمام بالشيء الفاضل.
§ والصحيح أن إيثار غيره إذا كان فيه مصلحة كالتأليف فلا يكره
§ ولا يكره قبول الإيثار، فلو قلت لشخص تقدم في مكاني في الصف الأول، فإنه لا يكره له أن يقبل ويتقدم.
§ لا يحل لغير المؤثر ـ بفتح التاء ـ سبق المؤثر :
· مثاله لو آثر زيد عمراً بمكانه فسبق إليه بكر، فإنه لا يحل ذلك لبكر؛ لأن زيداً إنما آثر عمراً.
· وأشد منه ما يفعله بعض الناس إذا جاء والصف تام جذب واحداً من الصف، فيتأخر المجذوب من أجل أن يصف معه، فيتقدم ذاك في مكانه؛ لأنه سيؤدي إلى بطلان صلاة المجذوب، ثم هو أحسن إليك وتأخر معك فتسيء إليه هذه الإساءة.
o حجز المكان في المسجد :
§ من حجز مكانا بمصلى ثم انصرف فيحرم على صاحبه رفعه و«المصلى» ما يصلى عليه مثل السجادة والتعليل:
· أن هذا المصلى نائب عن صاحبه، قائم مقامه، فكما أنك لا تقيم الرجل من مكانه فتجلس فيه، فكذلك لا ترفع مصلاه.
· ومقتضى كلام المؤلف أنه يجوز أن يضع المصلى ويحجز المكان :
o لأنه لو كان وضع المصلى وحجز المكان حراماً لوجب رفع المصلى، وإنكار المنكر، فلما جعل المؤلف للمصلى حرمة دل ذلك على أن وضعه جائز، وهذا هو المذهب.
· ولكن الصحيح في هذه المسألة أن الحجز والخروج من المسجد لا يجوز، وأن للإنسان أن يرفع المصلى المفروش؛ لأن القاعدة (ما كان وضعه بغير حق فرفعه حق) :
o لكن لو خيفت المفسدة برفعه من عداوة أو بغضاء، أو ما أشبه ذلك، فلا يرفع (لأن درأ المفاسد أولى من جلب المصالح)
o وإذا علم الله من نيتك أنه لولا هذا المصلى المفروش لكنت في مكانه، فإن الله قد يثيبك ثواب المتقدمين؛ لأنك إنما تركت هذا المكان المتقدم من أجل العذر.
§ فإذا أقيمت الصلاة فلنا رفعه :
· لأنه في هذه الحال لا حرمة له
· ولأننا لو أبقيناه لكان في الصف فرجة، وهذا خلاف السنة
· وليس لنا أن نصلي عليه بدون رفع؛ لأن هذا مال غيرنا، وليس لنا أن ننتفع بمال غيرنا بدون إذنه، ولكن نرفعه.
§ و يستثنى من القول الراجح من تحريم وضع المصلى :
· ما إذا كان الإنسان في المسجد، فله أن يضع مصلى بالصف الأول، أو أي شيء يدل على الحجز، ثم يذهب في أطراف المسجد لينام، أو لأجل أن يقرأ قرآناً، أو يراجع كتاباً، فهنا له الحق؛ لأنه ما زال في المسجد، لكن إذا اتصلت الصفوف لزمه الرجوع إلى مكانه؛ لئلا يتخطى رقاب الناس.
· أيضا إذا حجز الإنسان المكان، وخرج من المسجد لعارض لحقه :
o ثم عاد إليه قريبا فهو أحق به والعارض كأن يحتاج للوضوء، أو أصيب بأي شيء اضطره إلى الخروج فإذا عاد فهو أحق به ودليله :
§ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به»،
o وظاهر كلام المؤلف أنه لو تأخر طويلاً فليس أحق به، فلغيره أن يجلس فيه.
o وقال بعض العلماء: بل هو أحق، ولو عاد بعد مدة طويلة إذا كان العذر باقياً، وهذا القول أصح؛ لأن استمرار العذر كابتدائه
o من دخل والإمام يخطب :
§ لم يجلس حتى يصلي ركعتين يوجز فيهما والدليل على ذلك :
· قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» وهذا عام
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «رأى رجلاً دخل المسجد فجلس، والنبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب، فقال: أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصلِّ ركعتين» وفي رواية «وتجوَّز فيهما» .
· قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، وقد خرج الإمام فليصل ركعتين وليتجوز فيهما» فالسنة في هذا ظاهرة.
§ حكم تحية المسجد :
· استنبط بعض العلماء من هذا أن تحية المسجد واجبة، ووجه الاستنباط :
o أن استماع الخطبة واجب، والاشتغال بالصلاة يوجب الانشغال عن استماع الخطبة، ولا يشتغل عن واجب إلا بواجب، وقد ذهب إلى هذا كثير من أهل العلم
· ولكن بعد التأمل في عدة وقائع تبين لنا أنها سنة مؤكدة، وليست بواجبة، ويمكن الانفكاك عن القول بأنه ينشغل بأن يقال:
o قد ينشغل، وقد يسمع بعض الشيء وهو يصلي، والإنسان يسمع وهو يصلي، ويفهم وهو يصلي ولهذا كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يصلي بالناس فإذا سمع بكاء الصبي تجوَّز في صلاته
o وهذا دليل على أن المصلي لا ينشغل انشغالاً كاملاً، فالذي ترجح عندي أخيراً أن تحية المسجد سنة مؤكدة، وليست بواجبة.
· وقال بعض العلماء تسن تحية المسجد لكل داخل مسجد إلا المسجد الحرام، فإن تحيته الطواف :
o ولكن هذا ليس على إطلاقه، بل نقول إلا المسجد الحرام، فإن تحيته الطواف لمن دخل ليطوف، فإنه يستغنى بالطواف عن الركعتين؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما دخل المسجد الحرام لطواف العمرة والحج لم يصل ركعتين
o أما من دخل ليصلي، أو ليستمع إلى علم أو ليقرأ القرآن، أو ما أشبه ذلك فإن المسجد الحرام كغيره من المساجد تحيته ركعتان؛ لعموم قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين».
o الكلام والإمام يخطب :
§ لا يجوز الكلام يوم الجمعة والخطيب يخطب والدليل على ذلك :
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال فيما أخرجه الإمام أحمد: «من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً ـ وهذا التشبيه للتقبيح والتنفير ـ والذي يقول له: أنصت، ليست له جمعة» مع أن الذي يقول له أنصت، ينهى عن منكر، ومع ذلك يلغو، ومن لغا فلا جمعة له.
· وكذلك أيضاً جاء في الصحيحين: «إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت»
· ومن تكلم فلا جمعة له أي لا ينال أجر الجمعة، وليس معناه أن جمعته لا تصح
§ ويستثنى من ذالك من يكلم الإمام أو يكلمه الإمام :
· فإن كان لمصلحة تتعلق بالصلاة، أو بغيرها مما يحسن الكلام فيه أو لحاجة فإنه فيجوز ودليل هذا:
o «أن رجلاً دخل المسجد والنبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا فرفع النبي صلّى الله عليه وسلّم يديه، وقال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا» فاستجاب الله دعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم وبقي المطر ينزل أسبوعاً كاملاً لم يروا الشمس، فلما كانت الجمعة الثانية دخل الرجل أو رجل آخر فقال: يا رسول الله «تهدَّم البناء وغرق المال فادع الله يمسكها» ، لكن النبي عليه الصلاة والسلام لم يدع الله أن يمسكها، بل قال: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام، والظراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر»، أي: دعا الله تعالى أن يكون المطر على الأماكن التي فيها مصلحة، وليس فيها مضرة، يقول أنس: «فجعل يشير إلى السماء كلما أشار إلى ناحية انفرج السحاب» فخرج الناس يمشون في الشمس بعد الجمعة
o فمن الحاجة:
§ أن يخفى على المستمعين معنى جملة في الخطبة فيسأل أحدهم عنه
§ ومنها أيضا أن يخطئ الخطيب في آية خطأ يحيل المعنى، مثل: أن يسقط جملة من الآية، أو يلحن فيها لحناً يحيل المعنى.
o ومن المصلحة مثلاً إذا اختل صوت مكبر الصوت فللإمام أن يكلم، المهندس ليصلحه إن أمكن
· وأما لو تكلم الإمام لغير مصلحة، فإنه لا يجوز.
§ الكلام قبل الخطبة وبعدها :
· يجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها ولو بعد حضور الخطيب، ولو بعد الأذان ما دام لم يشرع في الخطبة، ويجوز كذلك بعد انتهاء الخطبة، وسواء كان ذلك بعد انتهاء الخطبة الأولى، أو بعد انتهاء الخطبة الثانية؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قيد الحكم بما إذا كان الإمام يخطب، والمقيد ينتفي الحكم به بانتفاء القيد
§ ولكن ليس هذا الجواز على حد سواء؛ لأن الإنسان لو شرع يتكلم قبل أن يبدأ الإمام بالخطبة، فربما يستمر به الأمر حتى يتكلم والإمام يخطب، فالأفضل عدم الكلام؛ لئلا يستمر به الكلام والإمام يخطب.
§ مسألة: بعض الفقهاء رحمهم الله قالوا: إذا شرع الإمام في الدعاء في حال الخطبة يجوز الكلام؛ لأن الدعاء ليس من أركان الخطبة، والكلام في غير أركان الخطبة جائز، ولكنه قول ضعيف؛ لأن الدعاء ما دام متصلاً بالخطبة فهو منها، وقد ورد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «كان يستغفر للمؤمنين في كل جمعة في الخطبة»
§ فالصحيح: أنه ما دام الإمام يخطب، سواء في أركان الخطبة، أو فيما بعدها فالكلام حرام.
§ إذا عطس المأموم يوم الجمعة فإنه يحمد الله خفية، فإن جهر بذلك فسمعه من حوله فلا يجوز لهم أن يشمِّتوه.
§ وإذا عطس الإمام وحمد الله جهراً :
· فعلى القول بأنه يجب أن يشمِّته كل من سمعه كما قال ابن القيم، فالظاهر أنه إن سكت الإمام من أجل العطاس فلا بأس أن يشمَّت، وإن لم يسكت فلا؛ لأن الخطبة قائمة.
· والذي أراه في هذه المسألة أنه ينبغي للإمام أن يحمد سراً حتى لا يوقع الناس في الحرج

  #41  
قديم 4 جمادى الأولى 1431هـ/17-04-2010م, 12:25 AM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

باب صلاة العيدين :


صلاة العيدين :

ü المقصود بالعيدين عيد الأضحى وعيد الفطر، وكلاهما يقعان في مناسبة شرعية :
o أما عيد الفطر ففي مناسبة انقضاء المسلمين من صوم رمضان.
o وأما الأضحى فمناسبته اختتام عشر ذي الحجة.
o وهناك عيد ثالث وهو ختام الأسبوع وهو يوم الجمعة، ويتكرر في كل أسبوع مرة
o وليس في الإسلام عيد سوى هذه الأعياد الثلاثة: الفطر، والأضحى، والجمعة
ü حكمها :

o فرض كفاية وهذا القول الأول في المسألة والدليل على هذا ما يلي :
§ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أمر النساء أن يخرجنَ لصلاة العيد، حتى إنه أمر الحيَّض، وذوات الخدور أن يخرجن يشهدن الخير، ودعوة المسلمين، وأمر الحيَّض أن يعتزلنَ المصلى» ، والأمر يقتضي الوجوب
§ وإذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر النساء، فالرجال من باب أولى، لأن الأصل في النساء أنهنّ لسن من أهل الاجتماع
§ مواظبة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وخلفائه الراشدين على هذا العمل الظاهر وهذا يجعله بعض العلماء دليلاً على الوجوب وإن كان هذا فيه نظر؛ لأن الأصل في المداومة على الشيء إذا لم يكن فيه أمرٌ الاستحباب.
§ أنها من شعائر الدين الظاهرة، وشعائر الدين الظاهرة فرض كالأذان، فالأذان والإقامة من فروض الكفاية هكذا قال بعض أهل العلم.
§ ولكن أصح طريق للاستدلال على وجوب صلاة العيدين هو أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بذلك، وأما مواظبته على هذا، وكونها من شعائر الدين الظاهرة فهي تؤيد الوجوب ولا تعينه.
o القول الثاني أنها سنّة واستدل هؤلاء :
§ بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما علم الأعرابي فرائض الإسلام، ومنها الصلوات الخمس، قال الأعرابي: هل عليّ غيرها؟ قال: «لا إلا أن تطوع» وهذا مذهب مالك والشافعي.
o القول الثالث أنها فرض عين على كل أحد ومن تخلف فهو آثم، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله واستدل هؤلاء :
§ بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أمر النساء حتى الحيَّض، وذوات الخدور أن يخرجنَ إلى المصلى ليشهدن الخير ودعوة المسلمين» وهذا يدل على أنها فرض عين؛ لأنها لو كانت فرض كفاية لكان الرجال قد قاموا بها، وهذا عندي أقرب الأقوال وهو الراجح.
ü من تركها من أهل بلد :

o إذا ترك صلاة العيد أهل بلد ودعاهم الإمام إلى فعلها فإن لم يفعلوها وأصروا على الترك فإنه يجب عليه أن يقاتلهم حتى يصلوا قال بعض العلماء :
§ إن هذه من شعائر الإسلام الظاهرة البارزة التي يتميز بها الشعب المسلم عن غيره، فهي كالأذان، وكان من هدي النبي عليه الصلاة والسلام «أنه إذا نزل بقوم فسمع الأذان تركهم وإلا قاتلهم»
§ والمقاتلة غير القتل، فهي أوسع، فليس كل من جازت مقاتلته جاز قتله، ولا يلزم من وجوب المقاتلة أن يكون المقاتل كافراً، بل قد يكون مؤمناً ويقاتل كما قال تعالى: {{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ *}{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}} [الحجرات: 9، 10] ، فأوجب قتال الفئة الباغية مع أنها مؤمنة لا تخرج عن الإيمان بالقتال.
§ والمسألة فيها شيء من النظر :
· لأن القتال قد يستلزم القتل فقد يدافع هؤلاء عن أنفسهم، فيحصل اشتباك وقتل، لكن هذا القتل ليس مقصوداً بالذات.
· والحديث المذكور لا يدل على المطلوب؛ لأن قتال النبي صلّى الله عليه وسلّم لمن لم يسمع الأذان منهم ليس من أجل ترك الأذان، ولكن من أجل أن عدم أذانهم دليل على أنهم غير مسلمين فيقاتلهم على الكفر لا على ترك الأذان.
o ولا يجوز أن يقاتلهم غير الإمام :
§ لأن هذا افتيات على ولي الأمر
§ ولو فتح الباب للناس لحصل في هذا فوضى كثيرة
§ لهذا قال العلماء إن الحدود لا يقيمها إلا الإمام أو نائبه، وكذلك التعزيرات لا يقوم بتقديرها إلا الإمام أو نائبه، والمقاتلة في هذا وشبهه لا يقوم بها إلا الإمام أو نائبه، وليس لكل أحد أن يفعل ما شاء
o إن ترك صلاة عيد من ليسوا أَهْلَ بلدٍ أي جماعة في البر، وهم قريبون من المدينة، فإنهم لا يقاتلون :
§ لأنها إنما تجب على أهل القرى والأمصار كالجمعة، أما البدو الرحّل وما أشبههم فلا تقام فيهم صلاة العيد كما لا تقام فيهم صلاة الجمعة.
ü وقتها :

o أوله :
§ صلاة العيد بداية وقتها كوقت صلاة الضحى، ومعلوم أن صلاة الضحى تكون من ارتفاع الشمس قيد رمح بعد طلوعها، وهو بمقدار ربع ساعة تقريباً والدليل على هذا :
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم وخلفاءه الراشدين لم يصلوها إلا بعد ارتفاع الشمس قِيد رمح وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ، وقال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» ، وفي رواية: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»
o آخره :
§ آخر وقت العيد زوال الشمس عن كبد السماء
o فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال فإنهم لا يصلون، وإنما يصلون من الغد في وقت صلاة العيد ودليل ذلك :
§ ما رواه أبو عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قالوا: «غُمَّ علينا هلال شوال فأصبحنا صياماً، فجاء ركب في آخر النهار، فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم الناس أن يفطروا من يومهم، وأن يخرجوا غداً لعيدهم» ، رواه أحمد، وأبو داود، والدارقطني وحسّنه
o ويسنّ تقديم صلاة الأضحى، وعكسه الفطر، أي: تأخير صلاة الفطرودليل هذا أثر ونظر :
§ أما الأثر :
· ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام «أنه كان يصلي صلاة عيد الأضحى إذا ارتفعت الشمس قيد رمح، وصلاة الفطر إذا ارتفعت قيد رمحين»
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كتب إلى عمرو بن حزم: «أن عجّل الأضحى، وأخّر الفطر، وذكِّر الناس في الخطبة»
§ أما النظر :
· فلأن الناس في صلاة عيد الفطر محتاجون إلى امتداد الوقت ليتسع وقت إخراج زكاة الفطر؛ لأن أفضل وقت تخرج فيه زكاة الفطر صباح يوم العيد قبل الصلاة؛ لحديث ابن عمر: «أمر أن تؤدّى قبل خروج الناس إلى الصلاة» ومعلوم أنه إذا تأخرت الصلاة، صار هذا أوسع للناس.
· وأما عيد الأضحى فإن المشروع المبادرة بالتضحية؛ لأن التضحية من شعائر الإسلام، وقد قرنها الله عز وجل في كتابه بالصلاة فقال: {{فَصَلِّ لِرَّبِكَ وَانْحَرْ *}} [الكوثر] ففعلها مبادراً بها في هذا اليوم أفضل، وهذا إنما يحصل إذا قدمت الصلاة؛ لأنه لا يمكن أن تذبح الأضحية قبل الصلاة.
ü مكانها :

o يسن إقامتها في الصحراء خارج البلد، وينبغي أن تكون قريبة؛ لئلا يشق على الناس والدليل :
§ فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم وخلفائه الراشدين، فإنهم كانوا يصلونها في الصحراء ولولا أن هذا أمر مقصود لم يكلفوا أنفسهم ولا الناس أن يخرجوا خارج البلد.
§ والتعليل: أن ذلك أشد إظهاراً لهذه الشعيرة.
o وأما إقامتها في جامع البلد :
§ فإن كانت بلا عذر فتكره لأنه :
· يفوت به مقصودٌ كبيرٌ، وهو إظهار هذه الشعيرة وإبرازها، وهذا شيء مقصود للشارع
· وكما أسلفنا فيما سبق أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالخروج إليها مع المشقة، وهذا يدل على العناية بهذا الخروج
· وظاهر كلام المؤلف أنها تكره في الجامع، سواء في مكة، أو المدينة، أو غيرهما من البلاد :
o أما في المدينة فظاهر أن المدينة كغيرها، يسنّ لأهل المدينة أن يخرجوا إلى الصحراء، ويصلوا العيد، هذا هو الأفضل كما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يفعله، ويكره أن يصلوا في المسجد النبوي إلا لعذر، لكن ما زال الناس من قديم الزمان يصلون العيد في المسجد النبوي.
o أما في مكة فلا أعلم أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أو أحداً من الذين تولوا مكة كانوا يخرجون عن المسجد الحرام، ولهذا استثنى في «الروض المربع» مكة المشرفة ولعل الحكمة من ذلك ـ والله أعلم ـ :
§ أن الصلاة في الصحراء في مكة صعبة؛ لأنها جبال وأودية، فيشق على الناس أن يخرجوا، فلهذا كانت صلاة العيد في نفس المسجد الحرام.
§ وأما إذا صلوا في الجامع لعذر فلا كراهة والعذر مثل: المطر، والرياح الشديدة، والخوف كما لو كان هناك خوف لا يستطيعون أن يخرجوا معه عن البلد.
ü سنن العيدين :

o الأكل قبل الصلاة في الفطر وبعدها في الأضحى :
§ يسن أكل الإنسان قبل صلاة عيد الفطر، اقتداء بالنبي صلّى الله عليه وسلّم :
· فإنه صلّى الله عليه وسلّم «كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهنّ وتراً» لكن الواحدة لا تحصل بها السنة؛ لأن لفظ الحديث: «حتى يأكل تمرات» ، وعلى هذا فلا بد من ثلاث فأكثر يقطعها على وتر وإن أكل سبعاً فحسن، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من تصبّح بسبع تمرات من تمرات العالية ـ وفي لفظ: من العجوة ـ فإنه لا يصيبه ذلك اليوم سم ولا سحر».
· و الحكمة من تقديم الأكل في عيد الفطر من أجل تحقيق الإفطار من أول النهار؛ لأن اليوم الذي كان قبله يوم يجب صومه، وهذا اليوم يوم يجب فطره، فكانت المبادرة بتحقيق هذا أفضل، وعليه فلو أكل هذه التمرات قبل أن يصلي الفجر حصل المقصود؛ لأنه أكلها في النهار، والأفضل إذا أراد أن يخرج.
§ وأما في الأضحى فيسن ألا يأكل قبل الصلاة حتى يضحي :
· لحديث بريدة: «كان النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي» رواه أحمد
· ولأن ذلك أسرع إلى المبادرة في الأكل من أضحيته، والأكل من الأضحية واجب عند بعض العلماء؛ لقول الله تعالى: {{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا}} [الحج: 28، 36] ، فبدأ بالأمر بالأكل، فالأفضل إذاً أن يمسك عن الأكل في عيد الأضحى حتى يأكل من أضحيته التي أمر بالأكل منها.
· وأما إذا لم يكن لديه أضحية فإنه لا يشرع له الإمساك عن الأكل قبل الصلاة، بل هو بالخيار، فلو أكل قبل أن يخرج إلى الصلاة فإننا لا نقول له إنك خالفت السنّة.
o تبكير المأموم إليها :
§ يسنّ أن يبكّر المأموم إلى صلاة العيد من بعد صلاة الفجر، أو من بعد طلوع الشمس إذا كان المصلى قريباً، كما لو كانت البلدة صغيرة والصحراء قريبة.
· وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: «لا يخرج إلا إذا طلعت الشمس»، لكن مصلى العيد في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفي عهد الصحابة كابن عمر كان قريباً يمكن للإنسان أن يخرج بعد طلوع الشمس ويدرك الصلاة.
§ والدليل على سنية الخروج بعد صلاة الصبح ما يلي:
· عمل الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يخرج إلى المصلى إذا طلعت الشمس، ويجد الناس قد حضروا وهذا يستلزم أن يكونوا قد تقدموا.
· ولأن ذلك سبق إلى الخير.
· ولأنه إذا وصل إلى المسجد وانتظر الصلاة، فإنه لا يزال في صلاة.
· ولأنه إذا تقدم يحصل له الدنو من الإمام.
o الخروج ماشيا :
§ يسنّ أن يخرج ماشياً، لا راكبا :
· كما جاء عن علي ـ رضي الله عنه ـ: «السنّة أن يخرج إلى العيد ماشياً» ، ولكن إذا كان هناك عذر كبعد المصلى، أو مرض في الإنسان، أو ما أشبه ذلك، فلا حرج أن يخرج إليها راكباً.
o تأخر الإمام إلى وقت الصلاة :
§ يسنّ أن يتأخر الإمام إلى وقت الصلاة ودليل ذلك :
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان إذا خرج إلى العيد فأول شيء يبدأ به الصلاة» ، وهذا يدل على أنه لا يحضر فيجلس، بل يحضر ويشرع في الصلاة
· وكذلك نقول في الجمعة: إن السنّة للإمام أن يتأخر، خلافا لما يفعله بعض أئمة الجمعة الذين يريدون الخير فيتقدمون ليحصلوا على أجر التقدم الوارد في قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة» ، فهؤلاء يثابون على نيتهم، ولا يثابون على عملهم؛ لأنه خلاف هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، فالنبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاة الجمعة إنما يأتي عند الخطبة ولا يتقدم، ولو كان هذا من الخير لكان أول فاعل له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
· وكذلك أيضاً هنا دليل نظري وهو: أن الإمام يُنتظر ولا ينتظر، أي: الناس ينتظرونه، أما هو فلا ينتظر الناس فإذا جاء شرع في الصلاة.
o الخروج على أحسن هيئة :
§ يسنّ أن يخرج على أحسن هيئة، وهذا يشمل الإمام والمأموم، في لباسه وفي هيئته كأن يحف الشارب، ويقلّم الأظفار، ويتنظّف، ويلبس أحسن ثيابه وذلك :
· إظهاراً للسرور والفرح بهذا اليوم، وتحدثاً بنعمة الله تحدثاً فعلياً؛ لأن الله إذا أنعم على عبده نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.
· ويستثنى من ذالك على قول المؤلف المعتكف فينبغي أن يخرج في ثياب اعتكافه، ولو كانت غير نظيفة قالوا:
o لأن هذه الثياب أثر عبادة فينبغي أن يبقى أثر العبادة عليه، كما يشرع في دم الشهيد أن يبقى عليه؛ لأنه أثر عبادة
o ولكن هذا القول في غاية الضعف أثراً ونظراً :
§ أما الأثر فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يعتكف، ومع ذلك يلبس أحسن الثياب فهذا القول مخالف للسنّة.
§ وأما النظر فلأن توسخ ثياب المعتكف ليس من أثر اعتكافه، ولكن من طول بقائها عليه؛ ولهذا لو لبس ثوباً نظيفاً ليلة العيد، أو في آخر يوم من رمضان ما أثر، ولا يصح قياسه على دم الشهيد؛ لأن الشهيد يأتي يوم القيامة، وجرحه يثعب دماً، اللون لون الدم، والريح ريح المسك.
o فالصحيح أن المعتكف كغيره يخرج إلى صلاة العيد متنظّفاً لابساً أحسن ثيابه
o الرجوع من غير الطريق الذي ذهب منه :
§ يسن إذا خرج من طريق لصلاة العيد أن يرجع من طريق آخر اقتداءً بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، «فإنه كان إذا خرج يوم العيد خالف الطريق» :
· والحكمة من هذا متابعة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهذه الحكمة أعلى حكمة يقتنع بها المؤمن هذا بالنسبة لنا
· وأما بالنسبة لفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم فقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكمته وعلته :
o فقال بعض العلماء إن العلة إظهار هذه الشعيرة في أسواق البلد؛ لأن الناس إذا جاؤوا من هذا الطريق زرافات ووحداناً، وهجروا الطريق الثاني لم تتبيّن هذه الشعيرة في الطريق الثاني
o وقال بعض العلماء: إنه قد يكون في الطريق الثاني فقراء ليسوا في الطريق الأول فيجودون عليهم ويدخلون عليهم السرور.
o وقال بعض العلماء: من أجل أن يشهد له الطريقان الأول والثاني؛ لأن الأرض يوم القيامة تحدث أخبارها، أي: تخبر بما عُمل عليها من خير وشر ـ سبحان الله ـ
· وعدَّى بعض العلماء هذا الحكم إلى الجمعة وبعضهم عداه إلى سائر الصلوات وبعضهم عداه لكل من قصد أمراً مشروعاً ، وقالوا يسنّ في كل ذالك أن يأتي من طريق، ويرجع من طريق أخرى
· ولكن التوسع في القياس إلى هذا الحد أمر ينظر فيه :
o بمعنى أن هذا لا يُسلم لمن قاس، لا سيما وأن هذه الأشياء التي ذكروها موجودة في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولم ينقل عنه أنه خالف الطريق إلا في العيد
o ولدينا قاعدة مهمة لطالب العلم وهي: «أن كل شيء وجد سببه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فلم يحدث له أمراً، فإن من أحدث له أمراً فإحداثه مردود عليه» .
· فالصواب مع من يرى أن مخالفة الطريق خاصةٌ بصلاة العيدين فقط، وهذا هو ظاهر كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ لأنه لم يذكر مخالفة الطريق في الجمعة، وذكره في العيدين، فدل ذلك على أن اختياره أنه لا تسن مخالفة الطريق إلا في صلاة العيدين.
ü شروط صلاة العيد :

o الاستيطان :
§ يشترط أن تقام في جماعة مستوطنين، فخرج بذلك المسافرون والمقيمون؛ لأن الناس على المشهور من المذهب ثلاثة أقسام مسافر ومقيم ومستوطن :
· أما المسافر فواضح
· وأما المقيم فهو المسافر إذا نوى إقامة تقطع حكم السفر وهي على المذهب أكثر من أربعة أيام فهذا يسمونه مقيماً لا مسافراً ولا مستوطناً
· وأما المستوطن: فهو من كان في وطنه سواء كان وطناً أصلياً أو استوطنه فيما بعد
§ وعلى هذا فإذا جاء العيد ونحن في سفر فإنه لا يشرع لنا أن نصلي صلاة العيد والدليل على ذلك :
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يقم صلاة العيد إلا في المدينة، وسافر إلى مكة عام غزوة الفتح، وبقي فيها إلى أول شوال، وأدركه العيد، ولم ينقل أنه صلّى الله عليه وسلّم صلّى صلاة العيد
· وفي حجة الوداع صادفه العيد وهو في منى، ولم يقم صلاة العيد؛ لأنه مسافر، كما أنه لم يقم صلاة الجمعة في عرفة لأنه مسافر.
§ وأما المقيمون فكذلك على المذهب :
· لأنهم ليسوا من أهل إقامة الجمعة فلا يكونون من أهل إقامة العيد
· ولكن في هذا القول نظراً ولهذا كان الناس الآن على خلاف هذا القول، فالذين أقاموا للدراسة في بلاد الكفر التي لا تقام فيها صلاة العيد يقيمون الجمعة، ويقيمون صلاة العيد، ويرون أنهم لو تخلفوا عن ذلك لكان في هذا مطعن عليهم في أنهم لا يقيمون شعائر دينهم في مناسباتها.
o عدد الجمعة :
§ ومن شرطها أيضاً عدد الجمعة :
· وعدد الجمعة على المشهور من المذهب أربعون رجلاً من المستوطنين أيضاً
· وقد سبق لنا أن القول الراجح في العدد المعتبر للجمعة ثلاثة، فهذا يبنى على ذاك.
o إذن إمام :
§ لا يشترط إذن الإمام لإقامة صلاة العيد، فلو أن أهل بلد ثبت عندهم الهلال وأفطروا، فلا يلزمهم أن يستأذنوا الإمام في إقامة صلاة العيد، حتى لو قال الإمام: لا تقيموها. فإنه يجب عليهم أن يقيموها وأن يعصوه؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
§ وقد سبق لنا في الجمعة أنه ينبغي أن يشترط إذن الإمام لتعدد الجمعة، فكذا العيد أيضاً نقول فيه ما نقول في الجمعة
ü صفة صلاة العيد :

o صلاة العيد ركعتين قبل الخطبة، فلا يقدم الخطبة على الصلاة.
o يكبر تكبيرة الإحرام
o ثم يستفتح بما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد مرّ بنا أن أصح حديث في الاستفتاح :
§ حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقّني من خطاياي كما ينقّى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرَد» أو يستفتح بغيره مما ورد
o ثم يكبّر ست تكبيرات: الله أكبر، الله أكبر، إلى أن يكمل ستاً
o ثم يستعيذ ويقرأ
o وفي الركعة الثانية يكبّر قبل القراءة خمس تكبيرات، ليست منها تكبيرة القيام؛ لأن تكبيرة القيام قبل أن يستتم قائماً، فلا تحسب، فيكبّر خمساً بعد القيام والدليل على هذه التكبيرات الزوائد :
§ أنه ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه فعل ذلك وإسناده حسن كما قال في الروض
§ ولكن لو أنه خالف فجعلها خمساً في الأولى والثانية، أو سبعاً في الأولى والثانية حسب ما ورد عن الصحابة، فقد قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: اختلف أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم في التكبير، وكله جائز، أي: أن الإمام أحمد يرى أن الأمر في هذا واسع
o ويرفع يديه مع كل التكبير :
§ أما تكبيرة الإحرام، فلا شك أنه يرفع يديه عندها لأن :
· هذا ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وغيره
§ وأما بقية التكبيرات فهي موضع خلاف بين العلماء :
· القول الأول لا يرفع يديه
· القول الثاني يرفع يديه مع كل تكبيرة وهو الصواب وفي تكبيرات الجنازة أيضاً :
o لأن هذا ورد عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، ولم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم خلافه
o ومثل هذا العمل لا مدخل للاجتهاد فيه؛ لأنه عبادة فهو حركة في عبادة، فلا يذهب إليه ذاهب من الصحابة إلا وفيه أصل عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
o وقد ورد عن عمر ـ رضي الله عنه ـ: «أنه كان يرفع يديه مع كل تكبيرة في الجنازة والعيد» ، وكذلك عن زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ رواهما الأثرم
§ وأما كيفية الرفع فكما سبق ذلك في أول صفة الصلاة.
o ويقول بين كل تكبيرة وأخرى: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً :
§ وهذا الذكر يحتاج إلى نقل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه ذكر معين محدد في عبادة، ولم ينقل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يقول ذلك
§ وإنما أثر عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: «يحمد الله، ويثني عليه، ويصلي على النبي صلّى الله عليه وسلّم».
§ والحمد والثناء على الله يمكن أن يكون بـ {{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *}}، هذا حمد، وثناء بنص الحديث الذي جاء فيه: «إذا قال المصلي: {{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *}} قال الله: «حمدني عبدي» ، وإذا قال: {{الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *}} قال: «أثنى عليّ عبدي» ، أما بهذا الذكر الطويل فهذا يحتاج إلى نص، ولا نص في ذلك.
§ وقال بعض العلماء: يكبّر بدون أن يذكر بينهما ذكراً.وهذا أقرب للصواب، والأمر في هذا واسع، إن ذكر ذكراً فهو على خير، وإن كبّر بدون ذكر، فهو على خير.
o القراءة في الصلاة :
§ يقرأ الفاتحة وما بعدها من السور جهراً :
· لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يفعل ذلك، وهكذا كان يقرأ جهراً في كل صلاة جامعة، كما جهر في صلاة الجمعة، وجهر في صلاة الكسوف؛ لأنها جامعة، وكذلك في الاستسقاء.
§ يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسبّح وفي الثانية بالغاشية :
· لأنه ذالك ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم
· كما ثبت عنه أنه كان يقرأ في الأولى بـ{{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ *}}، وفي الثانية بـ{{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ *}}
· ولهذا ينبغي للإمام إظهاراً للسنّة وإحياء لها، أن يقرأ مرة بهذا، ومرةً بهذا، ولكن يراعي الظروف وإذا لم يكن هناك مشقة، فالأفضل أن يقرأ بهذا مرة، وبهذا مرة.
ü الخطبتين :

o إذا سلم الإمام من الصلاة يخطب خطبتين، وإن خطب غيره فلا بأس كالجمعة، فيجوز أن يخطب واحد، ويصلي آخر
§ والفقهاء ـ رحمهم الله ـ يذهبون أن خطبة العيد اثنتان :
· لأنه ورد هذا في حديث أخرجه ابن ماجه بإسناد فيه نظر، ظاهره أنه كان يخطب خطبتين
§ ومن نظر في السنّة المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما تبين له أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يخطب إلا خطبة واحدة لكنه بعد أن أنهى الخطبة الأولى توجه إلى النساء ووعظهنّ :
· فإن جعلنا هذا أصلاً في مشروعية الخطبتين فمحتمل، مع أنه بعيد؛ لأنه إنما نزل إلى النساء وخطبهنّ لعدم وصول الخطبة إليهن وهذا احتمال.
· ويحتمل أن يكون الكلام وصلهن ولكن أراد أن يخصهنّ بخصيصة، ولهذا ذكرهنّ ووعظهنّ بأشياء خاصة بهنّ.
o يخطبهما كخطبتي الجمعة في الأحكام وحتى في تحريم الكلام، لا في وجوب الحضور :
· فخطبة الجمعة يجب الحضور إليها لقوله تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}} [الجمعة: 9]
· وأما خطبتا العيد فلا يجب الحضور إليهما؛ بل للإنسان أن ينصرف من بعد الصلاة فوراً لكن الأفضل أن يبقى لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحبّ أن يذهب فليذهب» وإذا بقي حرم عليه الكلام.
§ وقال بعض أهل العلم لا يجب الإنصات لخطبتي العيدين؛ لأنه لو وجب الإنصات لوجب الحضور، ولحرم الانصراف، فكما كان الانصراف جائزاً، وكان الحضور غير واجب، فالاستماع ليس بواجب.
§ لكن على هذا القول لو كان يلزم من الكلام التشويش على الحاضرين حرم الكلام من أجل التشويش، لا من أجل الاستماع
o يستفتح الخطبة الأولى بتسع تكبيرات متتابعات والخطبة الثانية بسبع تكبيرات متتابعات والدليل على ذلك ما يلي :
· روي في هذا حديث، لكنه أعلّ بالانقطاع أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان يستفتح الأولى بتسع تكبيرات والثانية بسبع» وصارت الأولى أكثر لأنها أطول، وخُصّت بالتسع والسبع من أجل القطع على وتر.
· أن الوقت وقت تكبير، ولهذا زيدت الصلاة بتكبيرات ليست منها فصار لهذا الحكم دليل وتعليل.
§ وقال بعض العلماء إنه يبتدئ بالحمد كسائر الخطب، وكما هي العادة في خطب النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه يبدأ خطبه بحمد الله، ويثني عليه.
o يحث الناس في خطبة عيد الفطر على صدقة الفطر :
§ لأن هذا الوقت وقت صدقة الفطر ويبين لهم ما يخرجون من حيث النوع والقدر والصفة هكذا ذكر المؤلف
§ لكن الصواب أنه يبين ذلك في خطبة آخر جمعة من رمضان، ويبين في خطبة العيد حكم تأخير صدقة الفطر عن صلاة العيد وفي الحديث عن ابن عباس في السنن: «من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعدها فهي صدقة من الصدقات».
o ويرغِّب الناس في خطبة عيد الأضحى في الأضحية :
§ ويبيّن لهم فضلها، وأجرها وثوابها ويبيّن لهم حكمها وكذلك يبيّن لهم ما يضحَّى به، ويبيّن لهم أيضاً مقدار السن مما يضحّى به،.ويبيّن لهم وقت الأضحية،
§ وما ذكره المؤلف من أنه يبيّن الأضحية وما يتعلق بها في خطبة عيد الأضحى مناسب؛ كما جاءت به السنّة.
ü من سنن صلاة العيد :

o التكبيرات الزوائد وهي في الركعة الأولى ست على ما مشى عليه المؤلف، وفي الثانية خمس، وسماها زوائد، لأنها زائدة على الركن في الأولى، وفي الثانية زائدة على الواجب والدليل على سنية هذه التكبيرات الزوائد:
§ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم في حديث المسيء في صلاته لم يذكر شيئاً من التكبيرات إلا تكبيرة الإحرام.
o الذكر بين التكبيرات وقد سبق البحث في كونه سنّة أو ليس بسنة.
o خطبتي العيد واستدلوا على كونها سنّة :
§ بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم رخّص لمن حضر العيد أن يقوم ولا يحضر الخطبة ، ولو كانت واجبة لوجب حضورها، هكذا قالوا.
§ ولكن هذا التعليل عليل في الواقع :
· لأنه لا يلزم من عدم وجوب حضورها عدم وجوبها، فقد يكون النبي عليه الصلاة والسلام أذن للناس بالانصراف، وهي واجبة عليه فيخطب فيمن بقي
· ثم إن الغالب ولا سيما في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنه لا ينصرف أحد إلا من ضرورة، ولهذا لو قال أحد بوجوب الخطبة، أو الخطبتين في العيدين لكان قولاً متوجهاً؛
· ولأن الناس في صلاة العيد في اجتماع كبير لا ينبغي أن ينصرفوا من غير موعظة وتذكير.
ü التنفل قبل الصلاة وبعدها في موضعها :

o يكره لمن حضر صلاة العيد أن يتطوع بنفل قبل الصلاة أو بعدها في موضع صلاة العيد، أما في بيته فلا كراهة :
§ والدليل على ذلك: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى مصلى العيد وصلى العيد ركعتين لم يصلِّ قبلها ولا بعدها
§ وفي هذا الاستدلال نظر :
· لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى مصلى العيد ليصلي بالناس فصلى بهم وخطب ثم انصرف، كما كان يفعل يوم الجمعة ويصلي في بيته، وما سمعنا أحداً يقول إنه يكره أن يصلي الإنسان يوم الجمعة في المسجد قبل الصلاة وبعدها فكذلك نقول في صلاة العيد، ولا فرق
· ثم إن ترك النبي عليه الصلاة والسلام التنفل قبل الصلاة واضح السبب؛ لأنه إمام منتظر فجاء فصلى وانصرف، لكن نهي المأموم عن التنفل، والقول بكراهته له لا يخلو من نظر.
· وكوننا نأخذ الكراهة من مجرد هذا الترك فيه نظر، ولو قالوا: إن السنّة أن لا يصلي لكان أهون لأن الكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل نهي
o وقال بعض العلماء رحمهم الله إن الصلاة غير مكروهة في مصلى العيد لا قبل الصلاة ولا بعدها :
§ وقال بيننا وبينكم كتاب الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فأين الدليل على الكراهة؟ وهذا خير وتطوع، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «عليك بكثرة السجود» وقال: «أعِنِّي على نفسك بكثرة السجود» فكيف تقولون بالكراهة وهذا مذهب الشافعي ـ رحمه الله ـ في هذه المسألة، وهو الصواب.
o وقال بعض العلماء تكره الصلاة بعدها لا قبلها :
§ لأن المشروع أن ينصرف
o وقال بعض العلماء: تكره قبلها لا بعدها.
o وبعض العلماء قال: يكره للإمام دون المأموم، وهذا قول للشافعي، أعني التفريق بين الإمام وغيره.
o والصحيح أنه لا فرق بين الإمام وغيره، ولا قبل الصلاة ولا بعدها:
§ فلا كراهة لكن لا نقول إن السنّة أن تصلي، فقد يقال إن بقاء الإنسان يكبّر الله قبل الصلاة أفضل، إظهاراً للتكبير والشعيرة، وهذا في النفل المطلق.
§ وأما تحية المسجد فلا وجه للنهي عنها إطلاقاً :
· لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بها، حتى إن كثيراً من العلماء قال إنها واجبة
· ومصلى العيد له حكم المسجد ودليل ذلك :
o أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر النساء أن يخرجن إلى صلاة العيد، وأمر الحيض أن يعتزلنَ المصلى والمرأة لا تعتزل إلا المسجد، أما مصلاها في بيتها، أو مصلى رجل في بيته فإن الحائض لا يحرم عليها أن تمكث فيه
o فكون النبي صلّى الله عليه وسلّم يعطي مصلى العيد حكم المسجد بالنسبة لمنع الحائض منه دليل على أنه مسجد، وعلى هذا نص فقهاؤنا، فقال صاحب المنتهى: «ومصلى العيد مسجد لا مصلى الجنائز» ، وهو عمدة فقهاء الحنابلة المتأخرين.
o وعليه إذا دخله الإنسان لا يجلس حتى يصلي ركعتين، ولا نهي عنهما بلا إشكال.
o والسنّة للإمام أن لا يأتي إلا عند الصلاة، وينصرف إذا انتهت فلا يتطوع قبلها ولا بعدها :
§ اقتداء بالرسول صلّى الله عليه وسلّم
§ وأما المأموم فالأفضل له أن يتقدم ليحصل له فضل انتظار الصلاة
ü من فاتته صلاة العيد :

o ويسنّ لمن فاتته صلاة العيد أن يقضيها على صفتها ، وهذا لا ينافي قولنا: إن صلاة العيد فرض كفاية، لأن الفرض سقط بالصلاة الأولى هذا هو المذهب أن قضاءها سنّة، وأن الأفضل أن يكون على صفتها وعلى هذا فلو ترك القضاء فلا إثم عليه ولو قضاها كراتبة من الرواتب فجائز؛ لأن كونها على صفتها على سبيل الأفضلية وليس بواجب والدليل على سنيّة القضاء :
§ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها»
§ وقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا»
§ ولكن في هذا الاستدلال نظر :
· لأن المراد بالحديثين الفريضة، أما هذه فصلاة مشروعة على وجه الاجتماع، فإذا فاتت فإنها لا تقضى إلا بدليل يدل على قضائها إذا فاتت، ولهذا إذا فاتت الرجل صلاة الجمعة لم يقضها، وإنما يصلي فرض الوقت وهو الظهر
· ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إلى أنها لا تقضى إذا فاتت :
o لأن ذلك لم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم
o ولأنها صلاة ذات اجتماع معين، فلا تشرع إلا على هذا الوجه.
o وبناءً على هذا القول يتضح أن الذين في البيوت لا يصلونها، ولهذا أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الناس أن يخرجوا إليها، وأمر النساء العواتق، وذوات الخدور، وحتى الحيَّض أن يشهدن الخير ودعوة المسلمين ولم يقل ومن تخلف فليصلِّ في بيته.
ü التكبير في العيدين :

o التكبير باعتبار التقييد والإطلاق :
§ على المذهب ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
· الأول ما فيه تكبير مطلق فقط ويكون في عيد الفطر، وفي عيد الأضحى في عشر ذي الحجة إلى أن ينتهي الإمام من خطبته
· الثاني: ما فيه تكبير مقيد فقط ويكون من ظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق
· الثالث: ما اجتمع فيه الأمران المقيد والمطلق ويكون من فجر يوم عرفة إلى أن تنتهي خطبة صلاة العيد يوم النحر
§ والصحيح في هذه المسألة أن التكبير المطلق في عيد الأضحى ينتهي بغروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق والدليل على ذلك :
· قوله تعالى: {{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}} [البقرة: 203] والأيام المعدودات هي أيام التشريق
· قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله» ولم يقيده بأدبار الصلوات بل قال: «وذكر لله» فأطلق.
· أن عمر ـ رضي الله عنه ـ كان يكبّر في منى بقبته فيكبّر الناس بتكبيره حتى ترتج منى تكبيراً، وكان ابن عمر يكبّر بمنى تلك الأيام
· فالصواب أن أيام التشريق ويوم النحر فيها ذكر مطلق، كما أن فيها ذكراً مقيداً.
· وعلى هذا فالتكبير ينقسم إلى قسمين فقط :
o مطلق ويكون ليلة عيد الفطر، وعشر ذي الحجة إلى فجر يوم عرفة.
o مطلق ومقيد ويكون من فجر يوم عرفة إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق
o موضع التكببرين :

§ أما التكبير المطلق :
· فيسنّ في كل وقت للرجال والنساء والصغار والكبار في البيوت والأسواق والمساجد وغيرها إلا في الأماكن التي ليست محلاً لذكر الله تعالى.
§ وأما المقيد فهو الذي يتقيد بأدبار الصلوات :
· ويشترط في هذه الصلوات :
§ أن تكون الصلاة فريضة وهي الصلوات الخمس، والجمعة وعلى هذا فالنافلة لا يسنّ بعدها تكبير مقيد
§ أن تكون جماعة فلو صلاها منفرداً، فلا يسن له التكبير المقيد وكذا النساء في بيوتهن لأنهن غالباً لا يصلين جماعة
§ أن تكون مؤداة فخرج به المقضية
o وقال بعض العلماء إن التكبير المقيّد سنّة لكل مصلٍّ، فريضة كانت الصلاة أو نافلة، مؤداة أو مقضية، للرجال وللنساء في البيوت.
o وقال بعض العلماء إنَّه سنّة في الفرائض، مؤداة كانت أم مقضية، انفراداً كانت أو جماعة، دون النوافل.
o والمسألة إذا رأيت اختلاف العلماء رحمهم الله فيها بدون أن يذكروا نصاً فاصلاً فإننا نقول الأمر في هذا واسع فإن كبّر بعد صلاته منفرداً فلا حرج عليه، وإن ترك التكبير ولو في الجماعة فلا حرج عليه
· محل التكبير المقيد :
o قال بعض العلماء: يكون قبل الاستغفار وقبل «اللهم أنت السلام ومنك السلام»، فإذا سلم الإمام وانصرف، كبّر رافعاً صوته حسب ما سيذكر المؤلف، ثم يستغفر ويقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام».
o والصحيح أن الاستغفار، وقول: «اللهم أنت السلام» مقدم؛ لأن الاستغفار وقول: «اللهم أنت السلام» ألصق بالصلاة من التكبير، فإنَّ الاستغفار يسنّ عقيب الصلاة مباشرة؛ لأن المصلي لا يتحقق أنه أتقن الصلاة، بل لا بد من خلل.
· وقت التكبير المقيد :
o أما غير المحرم فيبتدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، فيكبّر ثلاثاً وعشرين صلاة.
o وأما المُحْرِم فمن ظهر يوم النحر؛ لأن المُحْرِم مشغول قبل ذلك بالتلبية؛ فالفقهاء ـ رحمهم الله ـ يرون أن التلبية ذكر يشرع عقب الفرائض
· من نسي التكبير المقيد يقضيه إلا في الأحوال التالية : ما لم يحدث أو يخرج من المسجد أو يطول الفصل :
o فإذا أحدث لا يقضيه :
§ لأن الحدث يمنع من بناء الصلاة بعضها على بعض، فيمنع من بناء ما كان تابعاً لها عليها
§ والصحيح أنه لا يسقط بالحدث ما لم يطل الفصل والفرق بينه وبين الصلاة أن الصلاة يشترط لها الطهارة، وأما الذكر فلا تشترط له الطهارة
o وكذا إذا خرج من المسجد، فإنه لا يقضيه، وعللوا ذلك :
§ بأنه سنّة فات محلها، وهذا أيضاً فيه نظر
§ والصحيح أنه إذا خرج من المسجد، ولم يطل الفصل فإنه لا يسقط فيكبر.
o وأما إذا طال الفصل فيسقط ولا يقضيه لأنها سنّة مشروعة عقب الصلاة، وقد فاتت بفوات وقتها، ولأنه إذا طال الفصل لم يكن مقيداً بالصلاة
o فالقول الراجح أن هذا التكبير المقيد يسقط بطول الفصل لا بخروجه من المسجد، ولا بحدثه
· ولا يسن التكبير المقيد عقب صلاة عيد :
o لأنه إذا سلم الإمام من صلاة العيد قام إلى الخطبة وتفرغ الناس للاستماع والإنصات، ولا يكبرون.
o ودليل هذا أنه لم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولا عن أصحابه أنهم كانوا يكبرون عقب صلاة العيد، وما لم يرد عن الشارع من العبادات، فالأصل فيه المنع؛ لأن العبادة لا بد من العلم بأنها مشروعة.
o وقت التكبير في العيدين :
§ أما عيد الفطر فيبدأ من غروب الشمس إلى أن يكبّر الإمام للصلاة ودليل ذلك :
· قوله تعالى: {{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}} [البقرة: 185] ، فقال: {{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ}} وإكمال العدة يكون عند غروب الشمس آخر يوم من رمضان، إما بإكمال ثلاثين، وإما برؤية الهلال، فإذا غابت الشمس آخر يوم من رمضان سنّ التكبير المطلق من الغروب إلى أن تفرغ الخطبة، لكن إذا جاءت الصلاة فسيصلي الإنسان ويستمع الخطبة بعد ذلك
· ولهذا قال بعض العلماء: من الغروب إلى أن يكبّر الإمام للصلاة
· ولم يفصح المؤلف ـ رحمه الله ـ بحكم الجهر والإسرار في هذا التكبير ولكن نقول: إن السنّة أن يجهر به إظهاراً للشعيرة، لكن النساء يكبرن سراً إلا إذا لم يكن حولهن رجال فلا حرج في الجهر.
§ أما عيد الأضحى فيبدأ من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق ودليل ذلك :
o قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من أيام العمل الصالح...» ، فتدخل في عموم الحديث وفي عموم العمل الصالح الذي قال فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحبّ إلى الله من هذه الأيام العشر
o وأيضا داخل في عموم قوله تعالى: {{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}} [الحج: 28] .
o وهناك دليل خاص وهو حديث أنس « أنه سئل كيف كنتم تصنعون في الدفع من منى إلى عرفات مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال: منّا المكبِّر ومنّا المُهِلّ» وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقرهم على ذلك، فيدل هذا على أن التكبير المطلق سنّة.
o ويدل لذلك أيضاً فعل الصحابة، فقد كان أبو هريرة وابن عمر يخرجان إلى السوق يكبران فيكبر الناس بتكبيرهما.
o وأما أيام التشريق فدليله قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله»
o المفاضلة بين التكبير في العيدين :
§ التكبير في عيد الفطر آكد من التكبير في عيد الأضحى :
· لأن الله نص عليه في القرآن فقال: {{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}} [البقرة: 185] ، وشيء نص عليه القرآن بعينه يكون آكد مما جاء على سبيل العموم.
§ وقال بعض العلماء: إن التكبير في الأضحى أوكد من وجهين :
· الوجه الأول أنه متفق عليه بين العلماء، والفطر مختلف فيه.
· الوجه الثاني أن في الأضحى تكبيراً مقيداً عقب الصلوات، والفطر ليس فيه تكبير مقيد على رأي أكثر العلماء.
§ فكل واحد منهما أوكد من الثاني من وجه؛ فمن جهة أن تكبير الفطر مذكور في القرآن يكون أوكد، ومن جهة أن التكبير في عيد الأضحى متفق عليه، وأنَّ فيه تكبيراً مقيداً يقدم على أذكار الصلاة، يكون من هذه الناحية أوكد
o يسن التكبير :
§ ولو لم يرَ بهيمة الأنعام وهو المشهور عندنا؛ مذهب الحنابلة: أنه يكبر وإن لم يرها
§ وقال بعض العلماء لا يسنّ التكبير في هذه الأيام إلا إذا رأى بهيمة الأنعام؛ لأن الله تعالى قال: {{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}} [الحج: 28] فإذا رأيت بهيمة الأنعام فاذكر الله، وإذا لم ترها فلا.
ü صفة التكبير :

o صفة التكبير فيها أقوال ثلاثة لأهل العلم :
§ الأول أنه شفع كما قال المؤلف: «الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد» وعللوا ذلك :
· أنه بـ «لا إله إلا الله» يختم بوتر، وكذلك إذا قال: «ولله الحمد».
§ الثاني أنه وتر «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد» وعللوا ذلك :
· بأن يكون تكبيره وتراً، فيوتر التكبير في المرة الأولى والثانية بناء على أن كل جملة منفردة عن الأخرى، ولا يصح أن يقال إن الوتر حصل بقوله: «لا إله إلا الله» أو بقوله: «ولله الحمد»؛ لأنه من غير جنس التكبير، أو يقال: إن النوع مختلف.
§ الثالث: أنه وتر في الأولى، شفع في الثانية، «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد» وعللوا :
· أن التكبير جنس واحد، والجملتان بمنزلة جملة واحدة، فإذا كبّر ثلاثاً واثنتين صارت خمساً وتراً، فيكون الإيتار بالتكبير بناء على أن الجملتين واحدة.
· وهذا القول والذي قبله من حيث التعليل أقوى من قول من يقول: إنه يكبر مرتين مرتين؛ لأننا إذا اعتبرنا أن كل جملة منفصلة عن الأخرى صار الإيتار في الثنتين أولى، وإن اعتبرنا أن الجملتين واحدة صار الإيتار في الأولى والشفع في الثانية هو الذي ينقطع به التكبير على وتر.
· والمسألة ليس فيها نص يفصل بين المتنازعين من أهل العلم، وإذا كان كذلك فالأمر فيه سعة
ü التهنئة بالعيد :

o قال في الروض: «ولا بأس بقوله لغيره: تقبّل الله منا ومنك كالجواب» ، أي: في العيد، لا بأس أن يقول لغيره: تقبّل الله منّا ومنك، أو عيد مبارك، أو تقبّل الله صيامك وقيامك، أو ما أشبه ذلك :
§ لأن هذا ورد من فعل بعض الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وليس فيه محذور.
o ولا بأس بالتعريف عشية عرفة بالأمصار أنهم يجتمعون آخر النهار في المساجد على الذكر والدعاء تشبهاً بأهل عرفة لفعل ابن عباس رضي الله عنهما لكن الصحيح أن هذا من البدع :
§ وهذا إن صح عن ابن عباس فلعله على نطاق ضيق مع أهله وهو صائم في ذلك اليوم، ودعاء الصائم حري بالإجابة، فلعله جمع أهله ودعا عند غروب الشمس
§ وأما أن يفعل بالمساجد ويظهر ويعلن، فلا شك أن هذا من البدع؛ لأنه لو كان خيراً لسبقونا إليه، أي: الصحابة، ولكان هذا مما تتوافر الدواعي على نقله.
§ والعبادة لا يصح أن يقال فيها: لا بأس بها؛ لأنها إما سنّة فتكون مطلوبة، وإما بدعة فيكون فيها بأس. أمَّا أنْ تكون عبادة لا بأس بها، فهذا محل نظر.

  #42  
قديم 5 جمادى الأولى 1431هـ/18-04-2010م, 06:01 PM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

صلاة الكسوف


ü صلاة الكسوف :

o حكمها :
§ سنة بذالك جزم المؤلف رحمه الله وهو المشهور عند العلماء ودليل ذالك :
· قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتم ذلك فصلوا»
· إجماع المسلمين على صلاتها إذا كسفت الشمس
· وقال بعض العلماء: إنها مشروعة بالكتاب أيضاً، واستنبطها من قوله تعالى: {{وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ}} [فصلت: 37] ، وقال: إن الناس لا يسجدون للشمس ولا للقمر وهما على مجراهما الطبيعي العادي، وإنما يسجدون لهما إذا حصل منهما هذا الكسوف خوفاً منهما، فأمر الله ـ عز وجل ـ أن يكون السجود له.
· وهذا الاستنباط وإن كان له شيءٌ من الوجاهة، لكن لولا ثبوت السنة لم نعتمد عليه
· وأخرجوا الأمر الذي جاء فيها إلى السنية مع أن الأمر يفيد الوجوب بما يلي :
o الحديث المشهور في قصة الذي جاء يسأل عن الإسلام؛ وذكر له النبي صلّى الله عليه وسلّم الصلوات الخمس، قال: «هل عليَّ غيرها؟»، قال: «لا إلا أن تطوع»
o أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بعث معاذاً إلى اليمن في آخر حياته في السنة العاشرة، وقال: «أخبرهم بأن الله فرض عليهم خمس صلوات» ولم يذكر سواها
§ وقال بعض أهل العلم إنها واجبة :
· لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتم ذلك فصلوا» .
· وقال ابن القيم في كتاب «الصلاة» : وهو قول قوي ، أي: القول بالوجوب، وصدق ـ رحمه الله ـ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بها وخرج فزعاً، وقال: إنها تخويف، وخطب خطبة عظيمة، وعُرضت عليه الجنة والنار، وكل هذه القرائن العظيمة تشعر بوجوبها؛ لأنها قرائن عظيمة
· وردوا على الذين قالوا بالإستحباب :
o أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ذكر الصلوات الخمس؛ لأنها اليومية التي تتكرر في كل زمان وفي كل مكان، أما صلاة الكسوف، وتحية المسجد على القول بالوجوب، وما أشبه ذلك، فإنها تجب بأسبابها، وما وجب بسبب فإنه ليس كالواجب المطلق.
o وقالوا أيضا لو نذر الإنسان أن يصلي ركعتين لوجب عليه أن يصلي مع أنها ليست من الصلوات الخمس، لكن وجبت بسبب نذره، فما وجب بسبب ليس كالذي يجب مطلقاً.
· وهذا القول قوي جداً فالقول بالوجوب أقوى من القول بالاستحباب وإذا قلنا به فالظاهر أنه على الكفاية.
§ تسن جماعة، وتسن فرادى أي: أن الجماعة ليست شرطاً لها، بل يسن للناس في البيوت أن يصلوها ودليل ذلك :
· عموم قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتم ذلك فصلوا» ، فهذا عام، ولم يقل النبي صلّى الله عليه وسلّم فصلوا في مساجدكم، مثلاً، فدل ذلك على أنه يؤمر بها حتى الفرد
· ولكن لا شك أن اجتماع الناس أولى، بل الأفضل أن يصلوها في الجوامع؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام صلاها في مسجد واحد ودعا الناس إليها، ولأن الكثرة في الغالب تكون أدعى للخشوع وحضور القلب، ولأنها ـ أي: الكثرة ـ أقرب إلى إجابة الدعاء.
ü سببها :
o تسن إذا كسف أحد النيرين وهما الشمس والقمر.
o وإذا تجلى الكسوف في أثناء الصلاة :
§ أتمها خفيفة وظاهر كلام المؤلف حتى لو كانت خفة الركعة الثانية بالنسبة للأولى بعيدة جداً وحجتهم في هذا :
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «صلوا حتى ينكشف ما بكم» ، و«حتى» للغاية. وهذا الحديث كما يمنع ابتداء الصلاة مرة أخرى يمنع أيضاً الاستمرار فيها واستدامتها.
· أن السبب الذي من أجله شرعت الصلاة قد زال.
· ويعلم التجلي بالرؤية، وإن كان تحت السقف فبالخبر.
§ مسائل:
· الأولى: إذا حصل كسوف ثم تلبدت السماء بالغيوم فلنا أن نعمل بقول علماء الفلك بالنسبة لوقت التجلي لأنه ثبت بالتجارب أن قولهم منضبط.
· الثانية: إذا لم يعلم بالكسوف إلا بعد زواله فلا يقضى؛ لأننا ذكرنا قاعدة مفيدة، وهي (أن كل عبادة مقرونة بسبب إذا زال السبب زالت مشروعيتها) . فالكسوف مثلاً إذا تجلت الشمس، أو تجلى القمر، فإنها لا تعاد؛ لأنها مطلوبة لسبب وقد زال. ويعبر الفقهاء ـ رحمهم الله ـ عن هذه القاعدة بقولهم: (سنة فات محلها).
· الثالثة: إذا شرع في صلاة الكسوف قبل دخول وقت الفريضة ثم دخل وقت الفريضة فإن ضاق وقت الفريضة وجب عليه التخفيف؛ ليصليها في الوقت، وإن اتسع الوقت فيستمر في صلاة الكسوف.
o وإن غابت الشمس كاسفة فإنه لا يصلى :
§ لأنها لما غابت ذهب سلطانها، وكونها كاسفة أو غير كاسفة بالنسبة لنا حين غابت لا يؤثر شيئاً، فلما زال سلطانها سقطت المطالبة بالصلاة لكسوفها.
§ مسائل:
· الأولى إذا كسفت في آخر النهار :
o فلا يصلى الكسوف بناء على أنها سنّة، وأن ذوات الأسباب لا تفعل في وقت النهي وهذا هو المذهب
o والصحيح أنه لو كسفت الشمس بعد العصر فإننا نصلي :
§ لعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتم ذلك فصلوا» فيشمل كل وقت.
§ وقد سبق في مبحث أوقات النهي أن القول الراجح في هذه المسألة أن كل صلاة لها سبب تصلى حيث وجد سببها، ولو في أوقات النهي، وهي الرواية الثانية عن الإمام أحمد.
· الثانية إذا شرع في صلاة الكسوف بعد العصر ثم غابت كاسفة فإنه يتمها خفيفة؛ لأنها إذا غابت فهي كما لو تجلى.
· الثالثة إذا طلعت الشمس كاسفة :
o فعلى المذهب لا يصلى إلا إذا ارتفعت قيد رمح، فإن تجلى قبل أن ترتفع قيد رمح سقطت
o وعلى القول الصحيح تصلى مباشرة، فإذا تجلى قبل زوال وقت النهي أتمها خفيفة.
· الرابعة لو لم نعلم بكسوفها إلا حين غروبها فلا نصلي، والتعليل :
o أن سلطانها قد ذهب، فنحن الآن في الليل لا في النهار، وهي آية النهار.
o وإذا طلعت والقمر خاسف فإنه لا يصلي :
§ لأنه ذهب سلطانه فإن سلطان القمر الليل، كما لو غابت الشمس، وهي كاسفة.
§ مسألة :
· لو طلع الفجر وخسف القمر قبل طلوع الشمس :
o المشهور من المذهب أنها لا تصلى بعد طلوع الفجر إذا خسف القمر؛ لأنه وقت نهي.
o والصحيح: أنها تصلى إن كان القمر لولا الكسوف لأضاء، أما إن كان النهار قد انتشر، ولم يبق إلا القليل على طلوعٍ الشمس فهنا قد ذهب سلطانه، والناس لا ينتفعون به، سواء كان كاسفاً أو مبدراً.
ü صفتها :
o تصلى ركعتين بلا زيادة، وهاتان الركعتان كل واحدة فيها ركوعان.
o يقرأ في الأولى جهراً :
§ لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ: «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جهر في صلاة الخسوف بقراءته»
§ وهي مبنية أيضاً على القاعدة التي سبقت لنا: (أن الصلاة الجهرية في النهار إنما تكون فيما يجتمع الناس عليه).
o يقرأ بعد الفاتحة سورة طويلة لأن الذي جاء في الحديث أنها طويلة أي: يختار أطول ما يكون، وبعض الصحابة كان يسقط مغشياً عليه من طول القيام.
o ثم يركع طويلاً :
§ قال بعض العلماء يكون بقدر نصف قراءته أي الركوع يكون نصف القيام
§ ولكن الصحيح أنه بدون تقدير، فيطيل بقدر الإمكان يكرر التسبيح «سبحان ربي العظيم»، «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي»، «سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم»، «سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته»، لعموم قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب» ، فكل ما حصل من تعظيم في الركوع فهذا هو المشروع.
o ثم يرفع رأسه من الركوع ويقول سمع الله لمن حمده.
o وبعد أن يعتدل كسائر الصلوات يقول ربنا ولك الحمد
o ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة دون الأولى وهذا الدون ليس كثير، لكن يتميّز به القيام الأول عن القيام الثاني. من هنا جاءت الغرابة في هذه الصلاة؛ لأن غيرها من الصلوات لا تقرأ الفاتحة بعد الركوع، بل الذي بعد الركوع هو السجود، أما هذه الصلاة فيقرأ الفاتحة، وسورة طويلة.
o ثم يركع فيطيل، وهو دون الأول ، ونقول هنا في قوله «دون الأول» كما قلنا في القراءة.
o ثم يرفع أي: ويسمع ويحمد.
o وظاهر كلام المؤلف :
§ أنه في الرفع الذي يليه السجود لا يطيل القيام، بل يكون كالصلاة العادية
§ ولكن هذا الظاهر فيه نظر، والصحيح: أنه يطيل هذا القيام بحيث يكون قريباً من الركوع؛ لأن هذه عادة النبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاته، قال البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ: «رمقت صلاة النبي عليه الصلاة والسلام فرأيت قيامه، وقعوده، وركوعه، وسجوده قريباً من السواء» ، والمراد بقيامه هنا قيامه بعد الركوع؛ لأن قيام القراءة أطول بكثير من الركوع، ولأجل تناسب الصلاة.
o ثم يسجد سجدتين طويلتين بقدر الركوع.
o وظاهر كلامه أنه لا يطيل الجلوس بينهما والصواب أنه يطيل الجلوس بقدر السجود.
o ثم يصلي الثانية كالأولى، لكن دونها في كل ما يفعل من القراءة والركوع، والقيام بعده، والسجود.
o لكن هل القيام الأول في الثانية كالقيام الثاني في الأولى، والقيام الثاني في الثانية دون ذلك، أو معناه: أن كل ركعة وركوع دون الذي قبله :
§ السنّة ليس فيها ما يدل لهذا ولا لهذا لكن الذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن كل قيام وركوع وسجود دون الذي قبله.
§ وفي هذا من الحكمة مراعاة حال المصلي؛ لأن المصلي أول ما يدخل في الصلاة يكون عنده نشاط وقوة، ثم مع الاستمرار يضعف.
o ثم يتشهد ويسلم كغيرها من الصلوات، وبهذا انتهت هذه الصلاة.
o وهذه الصفة اتفق عليها البخاري ومسلم ، أي: أنه يصلي ركعتين، في كل ركعة ركوعان وسجودان صح ذلك عن عائشة وغيرها عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكن تكون الصلاة طويلة.
ü الخطبة بعدها :
o ظاهر كلام المؤلف أنه لا يشرع لها خطبة؛ لأنه لم يذكرها، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
o وقال بعض العلماء: بل يشرع بعدها خطبتان؛ لأنها صلاة رهبة فشرع لها خطبتان كالاستسقاء، ولكن هذا قياس غير صحيح؛ لأن الاستسقاء ليس فيه إلا خطبة واحدة، إلا على قول بعض العلماء الذي قال: إنها كصلاة العيد، وسيأتي إن شاء الله، ولا يصح قياسها على صلاة العيدين؛ لأن صلاة العيدين صلاة فرح وسرور.
o وقال بعض العلماء: يسنّ لها خطبة واحدة، وهذا مذهب الشافعي، وهو الصحيح وذلك :
§ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما انتهى من صلاة الكسوف «قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، ثم وعظ الناس». وهذه الصفات صفات الخطبة.
§ وقولهم: إن هذه موعظة؛ لأنها عارضة. نقول:
· نعم، لو وقع الكسوف في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم مرة أخرى، ولم يخطب لقلنا: إنها ليست بسنة، لكنه لم يقع إلا مرة واحدة، وجاء بعدها هذه الخطبة العظيمة التي خطبها وهو قائم، وحمد الله وأثنى عليه، وقال: أما بعد
· ثم إن هذه المناسبة للخطبة مناسبة قوية من أجل تذكير الناس وترقيق قلوبهم، وتنبيههم على هذا الحدث الجلل العظيم.
ü الصلاة لآيات التخويف غير الكسوف والخسوف :
o أما غير الكسوف والخسوف من آيات التخويف فقد اختلف فيها العلماء على أقوال ثلاثة :
§ القول الأول: ما مشى عليه المؤلف أنه لا يصلى لأي آية تخويف إلا الزلزلة والمراد بالزلزلة: الزلزلة الدائمة وحجة هؤلاء :
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كانت توجد في عهده الرياح العواصف، والأمطار الكثيرة، وغير ذلك مما يكون مخيفاً ولم يصل
· وأما الزلزلة فدليلهم في ذلك أنه روي عن عبد الله بن عباس ، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم أنهما كانا يصليان للزلزلة، فتكون حجة الصلاة في الزلزلة هي فعل الصحابة
§ القول الثاني أنه لا يصلى إلا للشمس والقمر :
· لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «فإذا رأيتموهما فصلوا» ، ولا يصلى لغيرهما من آيات التخويف
· وما يروى عن ابن عباس أو علي فإنه إن صح اجتهاد في مقابلة ما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من ترك الصلاة للأشياء المُخيفة
§ القول الثالث: يصلى لكل آية تخويف استدلوا بما يلي :
· عموم العلة وهي قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنهما آيتان من آيات الله يخوِّف الله بهما عباده» ، قالوا: فكل آية يكون فيها التخويف، فإنه يصلى لها.
· أن الكربة التي تحصل في بعض الآيات أشد من الكربة التي تحصل في الكسوف.
· أن ما يروى عن ابن عباس وعلي رضي الله عنهم يدل على أنه لا يقتصر في ذلك على الكسوف وأن كل شيء فيه التخويف فإنه يصلى له.
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة» ، أي: إذا كربه وأهمه؛ وإن كان الحديث ضعيفاً لكنه مقتضى قوله تعالى: {{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ}} [البقرة: 45] .
· وأما ما ذكر من أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كانت توجد في عهده العواصف، وقواصف الرعد، فإن هذا لا يدل على ما قلنا؛ لأنه قد تكون هذه رياحاً معتادة، والشيء المعتاد لا يخوِّفُ وإن كان شديداً، فمثلاً في أيام الصيف اعتاد الناس أن الرياح تهب بشدة وتكثر، ولا يعدُّون هذا شيئاً مخيفاً.
· وهذا الأخير هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ، له قوة عظيمة. وهذا هو الراجح.
§ مسألة :
· على القول بأنه يصلى لكل آية تخويف فيكون مقتضى القياس أن ذلك واجب، ولكن لا أظن أن ذلك يكون على سبيل الوجوب.
ü الزيادة على الركوعين :
o وإن أتى المصلي في كل ركعة بثلاث ركوعات أو أربع أو خمس جاز :
§ لأنه ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: «أنه صلى ثلاث ركوعات في ركعة واحدة»، أخرجه مسلم
§ لكن هذه الرواية شاذة :
· لمخالفتها لما اتفق عليه البخاري ومسلم من أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «صلى صلاة الكسوف في كل ركعة ركوعان فقط»
· ومعلوم بالاتفاق أن الكسوف لم يقع في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يصلِّ له إلا مرة واحدة فقط.
· وعلى هذا فالمحفوظ أنه صلّى في كل ركعة ركوعين، وما زاد على ذلك فهو شاذ؛ لأن الثقة مخالف فيها لمن هو أرجح.
§ لكن ثبت عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ: «أنه صلّى في كل ركعة أربع ركوعات» ، وعلى هذا فيكون من سنّة الخلفاء الراشدين
§ وهذا ينبني على طول زمن الكسوف :
· فإذا علمنا أن زمن الكسوف سيطول :
o فلا حرج من أن نصلي ثلاث ركوعات في كل ركعة، أو أربع ركوعات أو خمس ركوعات؛ لأن كل ذلك ورد عن الصحابة ـ رضي الله عنهم
o وإن اقتصر على ركوعين وأطال الصلاة فهو أولى وأفضل كما جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم
· وإن قصر زمن الكسوف فالاقتصار على ركوعين أولى.
ü مسائل:
o الأولى ما بعد الركوع الأول يقول العلماء إنه سنّة وليس ركناً، وبناء على ذلك لو صلاها كما تصلى صلاة النافلة، في كل ركعة ركوع فلا بأس؛ لأن ما زاد على الركوع الأول سنة.
o الثانية هل تدرك الركعة بالركوع الثاني؟ :
§ قال العلماء لا تدرك إلا بالركوع الأول وهو الصحيح، فعلى هذا لو دخل مسبوق مع الإِمام بعد أن رفع رأسه من الركوع الأول فإن هذه الركعة تعتبر قد فاتته فيقضيها.
§ وقال بعض العلماء إنه يعتد بها؛ لأنها ركوع.
§ وفصل آخرون فقالوا يعتد بها إن أتى الإمام بثلاث ركوعات؛ لأنه إذا أدرك الركوع الثاني وهي ثلاث ركوعات فقد أدرك معظم الركعة فيكون كمن أدركها كلها.
o الثالثة لو انتهت الصلاة والكسوف باق، فهل تعاد الصلاة أو لا؟ وإذا قلنا بالإعادة فهل تعاد كسائر النوافل، أو كصلاة الكسوف :
§ في هذا ثلاثة أقوال للعلماء:
· القول الأول: أنها لا تعاد.
· القول الثاني: أنها تعاد على صفتها.
· القول الثالث: أنها تعاد على صفة النوافل الأخرى، أي: ركعتين.
§ فمن نظر لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «فصلوا حتى ينكشف ما بكم» قال إن المشروع أن تصلى كسائر النوافل؛ لأن الصلاة الأولى انقضت وامتثل بها الأمر.
§ ومن نظر إلى قوله: «فصلوا وادعوا..» ، قال: إن الصلاة حصلت فيبقى الدعاء. وعمل الناس على أنها لا تعاد، وأنا لم يترجح عندي شيء لكني أفعل الثاني، وهو: عدم الإعادة.
o الرابعة يسن النداء لصلاة الكسوف، ويقال: «الصلاة جامعة» مرتين أو ثلاثاً. بحيث يعلم أو يغلب على ظنه أن الناس قد سمعوا :
§ ولا ينادى لغيرها من الصلوات بهذه الصيغة؛ لأن الصلوات الخمس ينادى لها بالأذان.
§ وقال بعض العلماء؛ وهو المذهب: إنه ينادى للاستسقاء، والعيدين «الصلاة جامعة» لكن هذا القول ليس بصحيح، ولا يصح قياسهما على الكسوف؛ لوجهين:
· الوجه الأول: أن الكسوف يقع بغتة، خصوصاً في الزمن الأول لما كان الناس لا يدرون عنه إلا إذا وقع.
· الوجه الثاني: أن الاستسقاء والعيدين لم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم ينادي لهما؛ وكل شيء وجد سببه في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يفعله ففعله بدعة
ü تميزت صلاة الكسوف عن بقية الصلوات بأمور هي :
o زيادة ركوع في كل ركعة على الركوع الأول.
o أن فيها بعد الركوع قراءة.
o تطويل القراءة فيها والركوع والسجود.
o الجهر فيها بالقراءة ليلاً أو نهاراً.
o يشرع إذا انتهت الصلاة، ولم يتجل الكسوف: الذكر والاستغفار والتكبير والعتق. وهذا فرق خارج عن نفس الصلاة لكنه فرق صحيح.

  #43  
قديم 8 جمادى الأولى 1431هـ/21-04-2010م, 01:59 AM
أبو صهيب أبو صهيب غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 858
افتراضي

باب صلاة الاستسقاء


ü الاستسقاء :

o معناه :
§ الاستسقاء: استفعال من سقى وهو: طلب السُقيا، سواء كان من الله، أو من المخلوق، فمن الممكن أن تقول لفلان: اسقني ماء فَيُسَمَّى هذا استسقاء أي طلب سُقيا، ومن الله ـ عز وجل ـ تسأل الله أن يغيثك، هذا طلب سُقيا أيضاً، لكن في عُرف الفقهاء إذا قالوا صلاة الاستسقاء: فإنما يعنون بها استسقاء الرب ـ عز وجل ـ لا استسقاء المخلوق.
o سببه :
§ صلاة الاستسقاء لها سبب وهو إذا أجدبت الأرض أي: خلت من النبات وقحط المطر أي: امتنع، ولم ينزل لأنه يكون في ذلك ضرر عظيم على أصحاب المواشي، وعلى الآدميين أيضاً، فلهذا صارت صلاة الاستسقاء في هذه الحال سنة مؤكدة.
§ ظاهر كلام المؤلف :
· أنه حتى لو كان ذلك في غير أرضهم.
· وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يستسقي إلا لأرضه وما حولها مما يتضرر به البلد، أما ما كان بعيداً فإنه لا يضرهم، وإن كان يضر غيرهم، ما لم يأمر به الإمام فتصلى.
o أنواعه :
§ الاستسقاء الذي ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم على أوجه متعددة منها :
· الأول: «أنه دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب الناس، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلّى الله عليه وسلّم يديه، ورفع الناس أيديهم، وقال: اللهم أغثنا ثلاث مرات، وكانت السماء صحواً فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت وأمطرت، ولم ينزل النبي صلّى الله عليه وسلّم من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته».
· الثاني: «أنه كان في غزوة ونقص عليهم الماء، فاستغاث الله ـ عز وجل ـ فأنشأ الله مزناً فأمطرت وسقاهم وارتووا» .
· الثالث: «دعا الله سبحانه وتعالى بأن يسقيهم فقام أبو لبابة رضي الله عنه ـ وكان فلاحاً ـ فقال: يا رسول الله إن التمر في البيادر» ـ والبيدر ما يجمع فيه التمر لييبس، وكانوا إذا جذُّوا النخل يضعونه في مكان معد لهذا حتى ييبس، ثم يدخلونه في البيوت يسمى «البيدر»، ويسمى «الجرين» أيضاً ـ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة فيسد ثعلب مربده بإزاره»، أي: الفجوة التي يدخل منها السيل إلى البستان فأمطرت السماء، وخاف الناس من فساد التمر فجاؤوا إلى أبي لبابة، وقالوا: اذهب إلى مربدك وسده بإزارك ليقف المطر، فذهب فسده بإزاره فوقف المطر ، فهذا من آيات الله عز وجل، وحينئذٍ سلم الناس من الضرر الكثير الذي يحصل لهم بالمطر في بيادرهم.
· وهناك أيضاً صفات أخرى، وليس لازماً أن تكون على الصفة التي وردت عن النبي عليه الصلاة والسلام أي: طلب السُقيا، فللناس أن يستسقوا في صلواتهم، فإذا سجد الإنسان دعا الله، وإذا قام من الليل دعا الله عز وجل.
ü صلاة الاستسقاء :

o صفتها في موضعها كصلاة العيد :
§ الأفضل أن تكون جماعة كما فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم
§ وتسنّ في الصحراء؛ لأن صلاة العيد تسنّ في الصحراء ويكبر في الأولى بعد التحريمة والاستفتاح ستاً، وفي الثانية خمساً، ويقرأ بسبّح والغاشية؛ والدليل على هذا :
· حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلاها كما يصلي العيد.
§ ولكنها تخالف العيد في أنها سنّة، والعيد فرض كفاية.
ü وإذا أراد الإمام الخروج لها :

o وعظ الناس فرغبهم في فعل الواجبات، وحذّرهم من انتهاك الحرمات
o وأمرهم بالتوبة من المعاصي والرجوع إلى الله ـ عز وجل ـ
o وذكرهم بشروط التوبة التي ذكرها العلماء
o ومن التوبة الخروج من المظالم سواء كانت في حق الله أو في حق العباد
o ويأمر الناس أن يتركوا التشاحن فيما بينهم لأن التشاحن سبب لرفع الخير ودليل ذلك :
§ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «خرج ذات يوم ليخبر أصحابه بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فرفعت» ، أي: رفع العلم بها، أي: أن الرسول عليه الصلاة والسلام أُنسيها من أجل التشاحن.
§ قال العلماء: فنأخذ من هذا أنه إذا كنا نطلب الخير من الله فلا بد أن ندع التشاحن فيما بيننا.
o ويأمرهم بالصوم :
§ قال بعض العلماء: يأمرهم أن يصوموا ثلاثة أيام، ويخرج في اليوم الثالث.
§ وقال بعضهم: يجعل الاستسقاء يوم اثنين أو خميس؛ لأن يومي الاثنين والخميس مما يسن صيامهما، فيكون خروج الناس وهم صائمون، والصائم أقرب إلى إجابة الدعوة من المفطر، فإن للصائم دعوة لا ترد، هكذا قال المؤلف ـ رحمه الله ـ.
§ ولكن في هذا نظر :
· لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم حين خرج إلى الاستسقاء لم يأمر أصحابه أن يصوموا.
· والصيام طاعة تحتاج إلى إثباتها دليل ولا دليل فلا وجه للأمر به
· لكن نقول: لو اختار يوم الاثنين ـ ولم يجعله سنة راتبة دائماً من أجل أن يصادف صيام بعض الناس، لو قيل بهذا لم يكن فيه بأس
o ويأمرهم أيضاً بالصدقة :
§ والصدقة قد يقال: إنها مناسبة؛ لأن الصدقة إحسان إلى الغير، والإحسان سبب للرحمة لقول الله تعالى: {{إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}} [الأعراف: 56] ، والغيث رحمة لقول الله تعالى: {{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}} [الشورى: 28] .
§ والصدقة هنا ليست الصدقة الواجبة، بل المستحبة، أما الصدقة الواجبة فإن منعها سبب لمنع القطر من السماء كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المروي عنه: «وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء»
· وهذا الوعظ إنما يكون وعظاً عاماً، كما لو صادف أنه يتكلم في خطبة الجمعة فيعظ الناس فهذا طيب، ولا يقال: إنه وعظهم من أجل الاستسقاء، ولكن من أجل خطبة الجمعة والمناسبة.
o ويعدهم يوماً يخرجون فيه :
§ ليتأهبوا على وجه ليس فيه ضرر عليهم؛ لأن الناس ربما لو خرجوا مبكرين، وتأخر الإِمام حصل عليهم أذية من البرد إن كانوا في زمن شتاء صارم.
o ويتنظف فيزيل :
§ ما ينبغي إزالته شرعاً مثل: الأظفار، والعانة، والإِبط
§ وما ينبغي إزالته طبعاً مثل: العرق، والروائح الكريهة وذالك لأن هذا مكان اجتماع عام، وإذا كان الناس فيهم الرائحة المؤذية، فإن هذا يؤذي بعض الحاضرين، فلهذا استحبوا أن يتنظف
o ولا يتطيب وعللوا ذلك :
§ بأنه يوم استكانة وخضوع، والطيب يشرح النفس ، ويجعلها تنبسط أكثر، والمطلوب في هذا اليوم الاستكانة والخضوع؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج «متخشعاً متذللاً متضرعاً».
§ وهذا مما في النفس منه شيء وذلك :
· لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يعجبه الطيب، وكان يحب الطيب، ولا يمنع إذا تطيب الإنسان أن يكون متخشعاً مستكيناً لله عز وجل
· ولهذا لو أراد الإِنسان أن يدعو الله بغير هذه الحال، لا نقول: الأفضل ألا تطيب من أجل أن تكون مستكيناً لله.
o ويخرج متواضعاً متخشعاً متذللاً متضرعاً :
§ وهذه أوصاف تدل على أن الإنسان لا يخرج في فرح وسرور؛ لأن المقام لا يقتضيه.
§ متواضعاً أي: بقوله وهيئته وقلبه ، فيكون متواضعاً للحق وللخلق
§ متخشعاً والخشوع سكون الأطراف، وأن يكون على وقار وهيبة.
§ متذللاً بمعنى: أن يضع من نفسه، وهو قريب من التواضع لكنه أشد؛ لأن الإِنسان يُري نفسه أنه ذليل أمام الله عز وجل.
§ متضرعاً يعني الاستكانة، أو شدة الإِنابة إلى الله ـ عز وجل ـ، قال تعالى: {{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}}
§ ودليل هذه الأوصاف قول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: «خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم للاستسقاء متذللاً، متواضعاً، متخشعاً، متضرعاً» .
o ويخرج معه إلى الصلاة :
§ أهل الدين والصلاح لأن هؤلاء أقرب إلى إجابة الدعوة.
§ والشيوخ الكبار الذين أمضوا أعمارهم في الدين والصلاح؛ لأنهم أقرب إلى الإجابة.
§ والصبيان المميزون الذين لم يبلغوا؛ لأنه لا ذنوب لهم، فيكونون أقرب إلى الإِجابة ممن ملأت الذنوب صحائفهم.
§ وأما الصغار الذين لم يميزوا، فإنهم لا يخرجون؛ لأنه ربما يحصل منهم من الأذية والصياح والبكاء أكثر مما يحصل من المنفعة.
o ويجوز التوسل بدعاء الصالحين؛ لأن دعاء الصالحين أقرب إلى الإجابة من دعاء غير الصالحين ودليل هذه المسألة :
§ ما حصل من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ حين خرج يستسقي ذات يوم فقال: «اللهم إنا كُنَّا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإننا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، ثم قال: قم يا عباس فادع الله فقام فدعا فسقاهم الله».
o فإذا جاء وقت صلاة الاستسقاء، وارتفعت الشمس قيد رمح يُنادى الصلاةُ جامعة؛ ليحضر الناس؛ قياساً على صلاة الكسوف :
§ هذا المذهب حيث يرون أنه ينادى للكسوف، والعيد، والاستسقاء.
§ ولكن ما ذكره الأصحاب في المناداة للعيد، والاستسقاء، ضعيف جداً؛ وذلك لما يلي:
· أولاً أنه خلاف هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، فالعيد وقع في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يكن ينادى لها، وصلاة الاستسقاء كذلك لم يكن ينادى لها، وقد ذكرنا قاعدة فيما سبق: (أن كل شيء وجد سببه في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يشرع له شيء من العبادات فشرع شيء من العبادات، من أجله يكون بدعة).
· ثانياً: أن إلحاق ذلك بصلاة الكسوف غير صحيح أيضاً، أي: أنه يمتنع القياس؛ لأن صلاة الكسوف تأتي على غير تأهب بغتة، وصلاة العيد معلومة من قبل، والناس يتأهبون لها، وكذلك الاستسقاء، وقد سبق في كلام المؤلف أنه قال: «إن الإمام يعدهم يوماً يخرجون فيه» ، فالصلاة معلومة الوقت.
· فالنداء لصلاة الاستسقاء والعيد لا يصح أثراً ولا نظراً
ü خروج أهل الذمة للاستسقاء :

o أهل الذمة هم الذين بَقُوا في بلادنا، وأعطيناهم العهد والميثاق على حمايتهم ونصرتهم بشرط أن يبذلوا الجزية.
o إذا طلب أهل الذمة أن يستسقوا بأنفسهم منفردين عن المسلمين :
§ بالمكان لا باليوم، فإنه لا بأس به، مثل: أن يقولوا: نحن نخرج شمال البلد، وأنتم إلى جنوب البلد فإننا نمنحهم ذلك، وإن كانت صلاتهم باطلة ودعاؤهم باطلاً، ولكن إذا دعا المضطر ربه ـ عز وجل ـ فإنه يجيب دعاءه، ولو كان مشركاًً.
§ أما أن ينفردوا بيوم، فلو قالوا: نريد أن ننفرد بيوم الأحد، ونحن بيوم الاثنين، أو بالعكس، فإننا لا نوافقهم؛ لأنه ربما ينزل المطر في اليوم الذي استسقوا فيه فيكون في ذلك فتنة، ويقال: هم على حق.
§ ومثل ذلك أهل البدع، لو أن أهل البدع طلبوا منَّا أن ينفردوا بمكان أُذِن لهم، فإن طلبوا أن ينفردوا بزمان منعناهم؛ لأنه إذا منعنا أهل الذمة مع ظهور كفرهم فمنعنا لأهل البدع من باب أولى.
§ وهذا يمكن أن يقع ويكون ذالك من الفتن التي يفتن الله بها عباده ـ نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الفتن ـ فقد يفتن الله العباد بشيء يكون سبباً في ضلالهم من حيث لا يشعرون، لقول الله تعالى:
· {{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ *}} [الأنفال] .
o وأما أن اليهود قد كانوا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولم يكونوا يخرجون للاستسقاء فالظاهر أنهم لم يطلبوا الخروج للاستسقاء.

ü الخطبة :

o يصلي بهم، ثم يخطب واحدة :
§ هذا ما أفادنا به المؤلف أن الخطبة تكون بعد الصلاة كالعيد
§ ولكن قد ثبتت السنة أن الخطبة تكون قبل الصلاة ، كما جاءت السنة بأنها تكون بعد الصلاة .
§ وعلى هذا فتكون خطبة الاستسقاء قبل الصلاة، وبعدها ولكن إذا خطب قبل الصلاة لا يخطب بعدها
§ ومن هنا خالفت صلاة الاستسقاء صلاة العيد في أمور منها :
· أولاً أنه يخطب في العيد خطبتين على المذهب، وأما الاستسقاء فيخطب لها خطبة واحدة.
· ثانياً أنه في صلاة الاستسقاء تجوز الخطبة قبل الصلاة وبعدها، وأما في صلاة العيد فتكون بعد الصلاة.
· ثالثاً أنه في صلاة العيد تُبَيَّنُ أحكام العيدين، وفي الاستسقاء يكثر من الاستغفار، والدعاء بطلب الغيث.
o صفة الخطبة :
§ يفتتحها بالتكبير كخطبة العيد :
· وقد سبق أن خطبة العيد يفتتحها بالتكبير على المشهور من المذهب، وأن في المسألة خلافاً
· فمن العلماء من قال: يفتتحها بالحمد، كما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يفعل في جميع خطبه وهكذا في خطبة الاستسقاء.
· بل لو قال قائل إن خطبة الاستسقاء تُبدأ بالحمد بخلاف خطبة العيد لكان متوجهاً؛ لأن خطبة العيد تأتي في الوقت الذي أُمرنا فيه بكثرة التكبير.
§ ويكثر فيها الاستغفار :
· فيقول: اللهم اغفر لنا، اللهم إننا نستغفرك، وما أشبه ذلك.
· ويقرأ الآيات التي فيها الأمر به مثل قوله تعالى: {{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}} [نوح: 10] ، {{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}} [هود: 3] ، {{فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}} [هود: 61] ، وغير ذلك من الآيات التي يستحضرها في تلك الساعة.
o ويرفع الإمام يديه، ودليل ذالك :
§ حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : «لم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه»
§ وينبغي في هذا الرفع أن يبالغ فيه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يبالغ فيه حتى يُرى بياض إبطيه
§ واختلف العلماء في صفة الرفع بسبب اختلافهم في تأويل الحديث الذي جاء في صحيح مسلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «جعل ظهورهما نحو السماء» :
· فقال بعض العلماء يجعل ظهورهما نحو السماء.
· وقال بعض العلماء بل رفعهما رفعاً شديداً حتى كان الرائي يرى ظهورهما نحو السماء؛ لأنه إذا رفع رفعاً شديداً صارت ظهورهما نحو السماء وهذا هو الأقرب، وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ، وذلك لأن الرافع يديه عند الدعاء يستجدي ويطلب، ومعلوم أن الطلب إنما يكون بباطن الكف لا بظاهره.
§ وكذلك المستمعون يرفعون أيديهم لأنه :
· ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لما رفع يديه حين استسقى في خطبة الجمعة رفع الناس أيديهم».
o ويدعو بدعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم ومنه :
§ «اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً، غدقاً مجللاً، عاماً سَحًّا، طبقاً دائماً، اللهم أسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين» .
o ويسن على المذهب :
§ أن يقلب رداءه في أثناء الخطبة، ويستقبل القبلة ويدعو.
§ وقال بعض العلماء: إنما يكون القلب بعد الدعاء؛ تفاؤلاً بأن الله أجاب الدعاء، وأنه سيقلب الحال من الشدة إلى الرخاء.
o فإن سقاهم الله وأنزل المطر قبل أن يخرجوا للصلاة :
§ فلا حاجة للخروج، ولو خرجوا في هذه الحال لكانوا مبتدعين لأن صلاة الاستسقاء إنما تشرع لطلب السُقيا، فإذا سقوا فلا حاجة لها
§ ويكون عليهم وظيفة أخرى وهي وظيفة الشكر، فيشكرون الله ـ سبحانه وتعالى ـ على هذه النعمة بقلوبهم وبألسنتهم وبجوارحهم
§ ويسألوا الله أن يزيدهم من فضله، ومن ذلك أن يقولوا: «اللهم اجعله صيباً نافعاً» ، كما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقوله
o و إذا زادت مياه السماء أي: الأمطار، ومثل ذلك لو زادت مياه الأنهار على وجه يُخشى منه، فإنه يسنّ أن يقول هذا الذكر: «اللهم حوالينا ولا علينا» ودليل ذلك :
§ ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ «أن رجلاً جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو يخطب الناس يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله، هلك المال، وتهدم البناء، فادع الله يمسكها عنا ـ فلم يدع الله بإمساكها، ولكنه دعا الله بإبقائها على وجه لا يضر ـ فقال: اللهم حوالينا ولا علينا اللهمّ على الظراب والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر».
§ ويقول بعد ذالك «ربنا لا تحمِّلنا ما لا طاقة لنا به» إلى آخر الآية :
· وهذه لم ترد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم لكنها مناسبة.
· فإذا قالها الإِنسان لا على سبيل السنية فلا بأس، أما إذا قالها على أنها سنة فلا
o وليس من شرط إقامتها أن يأذن الإِمام بذلك :
§ بل إذا قحط المطر وأجدبت الأرض خرج الناس وصلوا، ولو صلى كل بلد وحده لم يخرجوا عن السنة بل لو وجد السبب، وقال الإِمام: لا تصلوا، فإن في منعه إياهم نظراً
o ويسن أن يقف قائماً أول ما ينزل المطر.
o ويخرج متاعه الذي في بيته، أو في خيمته إن كان في البر، وكذلك ثيابه يخرجها :
§ لأن هذا روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما .
§ والثابت من سنّة النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنه إذا نزل المطر حسر ثوبه» أي: رفعه حتى يصيب المطر بدنه، ويقول: «إنه كان حديث عهد بربه» وهذه السنّة ثابتة في الصحيح، وعليه فيقوم الإِنسان ويخرج شيئاً من بدنه إما من ساقه، أو من ذراعه، أو من رأسه حتى يصيبه المطر اتباعاً لسنّة النبي صلّى الله عليه وسلّم وقوله في الحديث: «إنه كان حديث عهد بربه»، لأن الله خلقه الآن، فهو حديث عهد بخلق الله.
o ويحرم أن يقول: مطرنا بنوء كذا، ويباح في نوء كذا، وإضافة المطر إلى النوء دون الله كفر إجماعاً ودليله :
§ ما ثبت في الصحيح من حديث زيد بن خالد الجهني «أنهم كانوا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في الحديبية على إثر سماء كانت من الليل ـ أي: مطر نزل في الليل ـ فلما انصرف النبي صلّى الله عليه وسلّم من صلاة الصبح قال لهم: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فهو كافر بي مؤمن بالكوكب» .
§ وهذا نص صريح في أن من قال: مطرنا بنوء كذا فهو كافر، ولهذا حكى في المبدع إجماع أهل العلم على ذلك لكن كفره بحسب عقيدة القائل :
· إن كان يعتقد أن النوء هو الذي خلق هذا المطر، فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة؛ لأنه ادَّعى أَنَّ مع الله خالقاً
· وإن كان يعتقد أن النوء سبب فإنه كافر كفراً دون كفر وإنما كان كافراً فيما إذا اعتقد أنه سبب؛ لأنه أثبت سبباً لم يثبته الله ـ عز وجل ـ، فإن النجوم ليس لها أثر، وإنما هي أوقات فقط.

انتهى كتاب الصلاة بحول الله وقوته أسأل الله الإخلاص

  #44  
قديم 1 جمادى الآخرة 1431هـ/14-05-2010م, 07:00 PM
موسى موسى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 483
افتراضي

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  #45  
قديم 6 رمضان 1431هـ/15-08-2010م, 06:07 AM
موسى موسى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 483
افتراضي

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  #46  
قديم 27 محرم 1434هـ/10-12-2012م, 10:35 PM
محبة الصحابه محبة الصحابه غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2012
المشاركات: 4
افتراضي

جزاكم الله الجنة

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, من


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مجلس مذاكرة مقرر (تفسير سورة الفاتحة وجزء عم) أبو صهيب منتدى الإعداد العلمي 149 1 جمادى الأولى 1435هـ/2-03-2014م 06:07 PM


الساعة الآن 12:41 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir