دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع (المجموعة الثانية)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 صفر 1442هـ/9-10-2020م, 08:56 PM
آسية أحمد آسية أحمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 420
افتراضي

( 1 ) قول مجاهد في تفسير قول الله تعالى: {تماماً على الذي أحسن} الأنعام ١٥٤، قال: على المؤمنين والمحسنين.
التخريج:
أخرجه الطبري من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وفي أحدهما بدون لفظ "والمحسنين"، وكذا أخرجه عبدالرحمن الهمذاني في تفسير مجاهد بلفظ (يعني على المؤمن)، وابن أبي حاتم كلاهما من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد
وقال السيوطي أخْرَجَه عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ.

تحرير المراد بقوله ( تماماً على الذي أحسن)
للمفسرين فيه أقوال:
القول الأول : أنه الله عز وجل.
واختلف المفسرون في المراد بالآية على هذا القول على قولين:
-أحدهما: أي تماما على إحسان الله إلى أنبيائه، وهو قول زيد بن أسلم، وابن زيد، أخرجه الطبري، وابن أبي حاتم، وذكره ابن الجوزي.
-الثاني: تماما على إحسان الله تعالى إلى موسى. وهو قول أبو صخر، أخرجه ابن أبي حاتم، وذكره ابن الجوزي.
وهذا القول مبناه على أن قوله (تماماَ) متعلق بما بعده، وأن "الذي" هو موصول بمعنى "ما"

القول الثاني: أنه إبراهيم؛ الخليل عليه السلام.
وعليه يكون المعنى: تماماً للنعمة على إبراهيم الذي أحسن في طاعة الله، والنعمة المرادة هو نبوة موسى عليه السلام فإنها نعمة على إبراهيم، لأنه من ولده، وهو قول ابن بحر، ذكره الماوردي.

القول الثالث: أنه كل محسن من الأنبياء وغيرهم، وهو قول مجاهد، أخرجه الطبري، وعبد الرحمن الهمذاني في تفسير مجاهد، وابن أبي حاتم، وقال السيوطي: أخْرَجَه عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ.
وعلى هذا القول، يكون "الذي" بمعنى "من"، "وعلى" بمعنى لام الجر؛ ومن هذا قول العرب: أتم عليه، وأتم له، ويكون "أحسن " فعل ماضي منصوب، والمراد به الجميع وهذا جائز عند العرب كقولهم:" كثر الدِّرهم فيه في أيدي الناس"، ويدل عليه قراءة ابن مسعود: (تماما على الذين أحسنوا)
قال ابن القيم : (ضمن التمام معنى الإنعام فعداه بـ (على) أي إنعاما منا على الذي أحسن، وهذا جزاء على الطاعات بالطاعات.)

القول الرابع: أنه موسى عليه السلام.
وفي معنى "أحسن" على هذا القول، قولان"
أحدهما: أحسن في الدنيا بطاعة الله عز وجل. قاله الحسن، وقتادة، والربيع، والفراء في معاني القرآن، أخرجه عبدالرزاق الصنعاني، والطبري، وابن أبي حاتم، وذكره الماوردي، وابن الجوزي.
وعليه فإن تماماً متعلق بما بعده أي تماماً لكرامته في الجنة إلى إحسانه في الدنيا.
والثاني: أحسن من العلم وكتب الله القديمة؛ وكأنه زيد على ما أحسنه من التوراة، نقله ابن الجوزي عن ابن الأنباري..
وعليه يكون "التمام" متعلق بما بعده بمعنى الزيادة،
وعلى هذين القولين الأخيرين يكون "الذي" بمعنى: "ما"
وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو رزين، والحسن، وابن يعمر: "على الذي أحسن" بالرفع. قال الزجاج: معناه: على الذي هو أحسن الأشياء.
الترجيح:
قال الطبري:
(وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قول من قال: معناه: ثم آتينا موسى الكتاب تمامًا لنعمنا عنده، على الذي أحسن موسى في قيامه بأمرنا ونهينا ) قال: ( لأن ذلك أظهرُ معانيه في الكلام، وأن إيتاء موسى كتابه نعمةٌ من الله عليه ومنة عظيمة. فأخبر جل ثناؤه أنه أنعم بذلك عليه لما سلف له من صالح عمل وحُسن طاعة.)
ثم رد على قول من قال أن المعنى أحسان الله الى أنبيائه قال: (ولو كان التأويل على ما قاله ابن زيد، كان الكلام: ثم آتينا موسى الكتاب تمامًا على الذي أحسنّا أو: ثم آتى الله موسى الكتاب تمامًا على الذي أحسن. وفي وصفه جل ثناؤه نفسه بإيتائه الكتاب، ثم صرفه الخبر بقوله:"أحسن"، إلى غير المخبر عن نفسه بقرب ما بين الخبرين الدليلُ الواضح على أن القول غير القول الذي قاله ابن زيد).
ورد على قول ابن مجاهد فقال:
(وأما ما ذكر عن مجاهد من توجيهه"الذي" إلى معنى الجميع، فلا دليل في الكلام يدل على صحة ما قال من ذلك. بل ظاهر الكلام بالذي اخترنا من القول أشبه. وإذا تنوزع في تأويل الكلام، كان أولى معانيه به أغلبه على الظاهر، إلا أن يكون من العقل أو الخبر دليلٌ واضح على أنه معنيٌّ به غير ذلك).

***
( 2 ) قول محمد بن كعب القرظي: ({منادياً ينادي للإيمان}[آل عمران ١٩٣]: المنادي القرآن)
التخريج:
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن، بزيادة ( هو القرآن ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم)، وأخرجه أبو حذيفة النهدي في تفسير الثوري، والطبري من طريق وفي أحداها بزيادة ( ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم)، وأخرجه ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن المقريء في المعجم، كلهم من طريق عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيِّ عن محمد بن كعب.
وقال السيوطي: أخْرَجه عَبْد بْن حُمَيْد، والخَطِيب في ”المُتَّفِق والمُفترق“

تحرير المراد بالمنادي في قوله تعالى : ( ربنا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ}:
للمفسرين فيه ثلاثة أقوال:
القول الأول : أنه القرآن، وهو قول محمد بن كعب القرظي، أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن، وأبو حذيفة النهدي في تفسير الثوري، والطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن المقريء في المعجم، وقال السيوطي: أخرجه عبد بن حميد والخطيب في المتفق والمفترق.
وهذا القول مبناه على أنه ليس كل الناس سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون هو القرآن لأن كل أحد سمعه وفهمه.
و قالُوا إنَّهُ تَعالى حَكى عَنْ مُؤْمِنِي الإنْسِ ذَلِكَ كَما حَكى عَنْ مُؤْمِنِي الجِنِّ قَوْلَهُ: ﴿إنّا سَمِعْنا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ ﴿يَهْدِي إلى الرُّشْدِ فَآمَنّا بِهِ﴾
القول الثاني: هو محمد صلى الله عليه وسلم، وهو قول ابن جريج، ابن زيد، ومقاتل بن سليمان في تفسيره ، أخرجه الطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
وهو مبني على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يدعوا الناس الى الايمان كما قال تعالى: ﴿ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾، وقوله ﴿وداعِيًا إلى اللَّهِ بِإذْنِهِ﴾، ﴿أدْعُو إلى اللَّهِ﴾
القول الثالث: سَمِعُوا دَعْوَةً مِنَ اللَّهِ فَأجابُوها وأحْسَنُوا فِيها وصَبَرُوا عَلَيْها، وهو قول قتادة، أخرجه ابن المنذر، وابن أبي حاتم.

- وكل تلك الأقوال صحيحة ولا تعارض بينها لأنها مستلزمة لبعضها فالنبي صلى الله عليه وسلم دعا الناس الى الايمان ودعوته هو دعوة القرآن، والقرآن ايضا يدعوا الناس بآياته ودلائله الى الإيمان.

***

( 3 ) قول طاووس بن كيسان: (الحفدة الخدم ) (النحل:٧٢)
التخريج:
أخرجه الطبري من طريق ابن بشار، عن عبد الرحمن،، عن زمعة، عن ابن طاوس، عن أبيه.
- تحرير المراد بالحفدة.
اختلف العلماء في المرادة بالحفدة على أقوال :
القول الأول:
الأعوان والخدم، وهو قول ابن عباس، ومالك، والحسن، ومجاهد، و عكرمة،أبي مالكٍ، وطاووس، وأبو عبيدة معمر بن المثنى، أخرجه الطبري،وابن أبي حاتم، وعبدالله بن المبارك، وابن قتيبة، وابن فارس ورجحه. وابن سيده، ومكي بن ابي طالب، والفراء، والزجاج، وابن دريد، وذكره النحاس، وغلام ثعلب، والجوهري، والأزهري، أبو عبيد القاسم بن سلام، والخطابي، الراغب الأصفهاني، وابن منظور، والزمخشري، والطيبي، والسمين الحلبي، وابن دريد.
وهذا القول يظهره أنه عام في كل من يعين ويخدم فهو حافد وهو من الحفدة، وعلى هذا القول فلأولاد، والأصهار، وغيرهم يدخلون تحته، قال ابن جرير: عن ابن عبّاسٍ، سئل عن قوله: {بنين وحفدةً} قال: " من أعانك فقد حفدك، أما سمعت قول الشّاعر:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكفّهنّ أزمّة الأجمال "
قال ابن الجوزي: هَذا القَوْلُ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّهُ يُرادُ بِالخَدَمِ: الأوْلادُ، فَيَكُونُ المَعْنى: أنَّ الأوْلادَ يَخْدِمُونَ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الحَفَدَةُ: الخَدَمُ والأعْوانُ، فالمَعْنى: هم بَنُونَ، وهم خَدَمٌ.
قال ابن فارس: (الْحَاءُ وَالْفَاءُ وَالدَّالُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْخِفَّةِ فِي الْعَمَلِ، وَالتَّجَمُّعِ. فَالْحَفَدَةُ: الْأَعْوَانُ؛ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِيهِمُ التَّجَمُّعُ وَالتَّخَفُّفُ، وَاحِدُهُمْ حَافِدٌ. وَالسُّرْعَةُ إِلَى الطَّاعَةِ حَفْدٌ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ: " إِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ ". قَالَ:
يَا ابْنَ الَّتِي عَلَى قَعُودٍ حَفَّادْ)
وأصْلُ الحَفْدِ: مُدارَكَةُ الخَطْوِ والإسْراعُ في المَشْيِ، وإنَّما يَفْعَلُ الخَدَمُ هَذا، فَقِيلَ لَهم: حَفَدَةٌ. ومِنهُ يُقالُ في دُعاءِ الوِتْرِ: " وإلَيْك نَسْعى ونَحْفِدُ " . والثّانِي: أنْ يُرادَ بِالخَدَمِ: المَمالِيكُ، فَيَكُونُ مَعْنى الآيَةِ: وجَعَلَ لَكم مِن أزْواجِكم بَنِينَ، وجَعَلَ لَكم حَفَدَةً مِن غَيْرِ الأزْواجِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ.

القول الثاني:
-الحفدة من يخدمك من ولدك وولد ولدك، فحدد بالولد وولده.
ووهذا القول هو قول عكرمة، وابن عباس، وابن زيدٍ،الضّحّاك، وقتادة، أخرجه الطبري ـ وابن ابي حاتم، وذكره ابن فارس، وابن سيده، وذكره الزجاج، وابن دريد،وذكره النحاس، والجوهري، والأزهري، والخطابي، والطيبي، والراغب الأصفهاني، الزمخشري، وابن منظور، والسمين الحلبي
قال الضّحّاك: (إنّما كانت العرب يخدمها بنوها).
قال الراغب: (قال المفسرون: هم الأسباط ونحوهم، وذلك أنّ خدمتهم أصدق).
ثم اختلف بعض هؤلاء على أقوال، فقالوا :
الأول: هم البنات، وهو قول الخليل بن أحمد، وقاله ابن سيده، وذكره الزجاج، وابن منظور.
قال الزهراوي: لأنهن خدم الأبوين، وقالوا: لأن البنات يخدمن في البيوت أتم خدمة
قالوا: لأن لفظة "البنين" لا تدل عليهن، ألا ترى أنهن ليس في قول الله تبارك وتعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا}، وإنما الزينة في الذكور.
فقابل بين الاسم في كلمة البنين، لذكرهم بالاسم الدال عليه، والصفة في كلمة "حفدة" وهي صفة دالة على البنات.
الثاني: قيل أنهم كبار الأولاد، وهو قول ابن السائب، ومقاتل.
وهذا القول مبنيٌ على أن العرب يخدمها أولادها وأنهم أصدق في الخدمة.

القول الثالث:

وقيل بل هم الأصهار والأختان،( أٌقارب الزوج أو الزوجة)، وهو قول ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وابن جبير، وأبي الضحى، وإبراهيم النخعي، أخرجه الطبري، وابن أبي حاتم ،وذكره ابن فارس، وذكره ابن سيده، وابن قتيبة، وذكره مكي بن ابي طالب، والفراء، والزجاج، وعبدالله بن المبارك، وابن دريد، وذكره النحاس، وغلام ثعلب، والأزهري، أبو عبيد القاسم بن سلام، والطيبي، الراغب الأصفهاني، الزمخشري، وابن منظور، والطيبي، والسمين الحلبي.
وقيل هم بنو امرأة الرجل من غيره ، وهو قول ابن عباس،أخرجه الطبري، وابن أبي حاتم، وذكره الزمخشري، وابن منظور، والطيبي.
وهذا القول قريب من سابقه وأخص منه.

القول الرابع:
-الحفدة البنون وبنو البنين ومن أعانك من أهلٍ أو خادمٍ، وهو قول الحسن، أخرجه الطبري، وابن أبي حاتم.
وهذا القول الأخير هو اجمع الأقوال وأرجحها فلآية تشمل كل تلك المعاني عامة، لأن كل ذلك يطلق عليهم اطلاق الحفدة والآية لم تخصص أحداً منهم دون غيره، وحمل الآية على العموم هو الأولى وقد جمع الطبري بين تلك الأقوال، فقال:
(وإذا كان معنى الحفدة ما ذكرنا من أنهم المسرعون في خدمة الرجل، المتخففون فيها، وكان الله تعالى ذكره أخبرنا أن مما أنعم به علينا أن جعل لنا حفدة تحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الذين يصلحون للخدمة منا ومن غيرنا وأختاننا الذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا وخدمنا من مماليكنا إذا كانوا يحفدوننا، فيستحقون اسم حفدة، ولم يكن الله تعالى دلّ بظاهر تنزيله، ولا على لسان رسوله ﷺ؛ ولا بحجة عقل، على أنه عنى بذلك نوعا من الحفدة، دون نوع منهم، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علينا، لم يكن لنا أن نوجه ذلك إلى خاص من الحفدة دون عام، إلا ما اجتمعت الأمة عليه أنه غير داخل فيهم. وإذا كان ذلك كذلك فلكلّ الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرنا وجه في الصحة).

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 صفر 1442هـ/12-10-2020م, 10:55 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آسية أحمد مشاهدة المشاركة
( 1 ) قول مجاهد في تفسير قول الله تعالى: {تماماً على الذي أحسن} الأنعام ١٥٤، قال: على المؤمنين والمحسنين.
التخريج:
أخرجه الطبري من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وفي أحدهما بدون لفظ "والمحسنين"، وكذا أخرجه عبدالرحمن الهمذاني في تفسير مجاهد بلفظ (يعني على المؤمن)، وابن أبي حاتم كلاهما من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد
وقال السيوطي أخْرَجَه عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ. [في أي كتاب؟]

تحرير المراد بقوله ( تماماً على الذي أحسن)
للمفسرين فيه أقوال:
القول الأول : أنه الله عز وجل.
واختلف المفسرون في المراد بالآية على هذا القول على قولين:
-أحدهما: أي تماما على إحسان الله إلى أنبيائه، وهو قول زيد بن أسلم، وابن زيد، أخرجه الطبري، وابن أبي حاتم، وذكره ابن الجوزي.
-الثاني: تماما على إحسان الله تعالى إلى موسى. وهو قول أبو صخر، أخرجه ابن أبي حاتم، وذكره ابن الجوزي.
وهذا القول مبناه على أن قوله (تماماَ) متعلق بما بعده، وأن "الذي" هو موصول بمعنى "ما"

القول الثاني: أنه إبراهيم؛ الخليل عليه السلام.
وعليه يكون المعنى: تماماً للنعمة على إبراهيم الذي أحسن في طاعة الله، والنعمة المرادة هو نبوة موسى عليه السلام فإنها نعمة على إبراهيم، لأنه من ولده، وهو قول ابن بحر، ذكره الماوردي.

القول الثالث: أنه كل محسن من الأنبياء وغيرهم، وهو قول مجاهد، أخرجه الطبري، وعبد الرحمن الهمذاني في تفسير مجاهد، وابن أبي حاتم، وقال السيوطي: أخْرَجَه عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ.
وعلى هذا القول، يكون "الذي" بمعنى "من"، "وعلى" بمعنى لام الجر؛ ومن هذا قول العرب: أتم عليه، وأتم له، ويكون "أحسن " فعل ماضي منصوب، والمراد به الجميع وهذا جائز عند العرب كقولهم:" كثر الدِّرهم فيه في أيدي الناس"، ويدل عليه قراءة ابن مسعود: (تماما على الذين أحسنوا)
قال ابن القيم : (ضمن التمام معنى الإنعام فعداه بـ (على) أي إنعاما منا على الذي أحسن، وهذا جزاء على الطاعات بالطاعات.)

القول الرابع: أنه موسى عليه السلام.
وفي معنى "أحسن" على هذا القول، قولان"
أحدهما: أحسن في الدنيا بطاعة الله عز وجل. قاله الحسن، وقتادة، والربيع، والفراء في معاني القرآن، أخرجه عبدالرزاق الصنعاني، والطبري، وابن أبي حاتم، وذكره الماوردي، وابن الجوزي.
وعليه فإن تماماً متعلق بما بعده أي تماماً لكرامته في الجنة إلى إحسانه في الدنيا.
والثاني: أحسن من العلم وكتب الله القديمة؛ وكأنه زيد على ما أحسنه من التوراة، نقله ابن الجوزي عن ابن الأنباري..
وعليه يكون "التمام" متعلق بما بعده بمعنى الزيادة،
وعلى هذين القولين الأخيرين يكون "الذي" بمعنى: "ما"
وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو رزين، والحسن، وابن يعمر: "على الذي أحسن" بالرفع. قال الزجاج: معناه: على الذي هو أحسن الأشياء.
[وهذا يدل على قول آخر
وهو تمامًا على الدين الذي هو أحسن، فيُقدر موصوف محذوف (الدين) و (الذي هو أحسن) صفته]

الترجيح:
قال الطبري:
(وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قول من قال: معناه: ثم آتينا موسى الكتاب تمامًا لنعمنا عنده، على الذي أحسن موسى في قيامه بأمرنا ونهينا ) قال: ( لأن ذلك أظهرُ معانيه في الكلام، وأن إيتاء موسى كتابه نعمةٌ من الله عليه ومنة عظيمة. فأخبر جل ثناؤه أنه أنعم بذلك عليه لما سلف له من صالح عمل وحُسن طاعة.)
ثم رد على قول من قال أن المعنى أحسان الله الى أنبيائه قال: (ولو كان التأويل على ما قاله ابن زيد، كان الكلام: ثم آتينا موسى الكتاب تمامًا على الذي أحسنّا أو: ثم آتى الله موسى الكتاب تمامًا على الذي أحسن. وفي وصفه جل ثناؤه نفسه بإيتائه الكتاب، ثم صرفه الخبر بقوله:"أحسن"، إلى غير المخبر عن نفسه بقرب ما بين الخبرين الدليلُ الواضح على أن القول غير القول الذي قاله ابن زيد).
ورد على قول ابن مجاهد فقال:
(وأما ما ذكر عن مجاهد من توجيهه"الذي" إلى معنى الجميع، فلا دليل في الكلام يدل على صحة ما قال من ذلك. بل ظاهر الكلام بالذي اخترنا من القول أشبه. وإذا تنوزع في تأويل الكلام، كان أولى معانيه به أغلبه على الظاهر، إلا أن يكون من العقل أو الخبر دليلٌ واضح على أنه معنيٌّ به غير ذلك).

***
( 2 ) قول محمد بن كعب القرظي: ({منادياً ينادي للإيمان}[آل عمران ١٩٣]: المنادي القرآن)
التخريج:
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن، بزيادة ( هو القرآن ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم)، وأخرجه أبو حذيفة النهدي في تفسير الثوري، والطبري من طريق وفي أحداها بزيادة ( ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم)، وأخرجه ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن المقريء في المعجم، كلهم من طريق عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيِّ عن محمد بن كعب.
وقال السيوطي: أخْرَجه عَبْد بْن حُمَيْد، والخَطِيب في ”المُتَّفِق والمُفترق“
[تفسير الثوري يُنسب إليه، فنقول: رواه الثوري في تفسيره.
والزيادة هنا ليست مؤثرة في القول، ففي كل الأحوال جميع الأقوال تدل على أن المراد به في الآية القرآن، وإنما يستفاد منها في التوجيه]


تحرير المراد بالمنادي في قوله تعالى : ( ربنا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ}:
للمفسرين فيه ثلاثة أقوال:
القول الأول : أنه القرآن، وهو قول محمد بن كعب القرظي، أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن، وأبو حذيفة النهدي في تفسير الثوري، والطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن المقريء في المعجم، وقال السيوطي: أخرجه عبد بن حميد والخطيب في المتفق والمفترق.
وهذا القول مبناه على أنه ليس كل الناس سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون هو القرآن لأن كل أحد سمعه وفهمه.
و قالُوا إنَّهُ تَعالى حَكى عَنْ مُؤْمِنِي الإنْسِ ذَلِكَ كَما حَكى عَنْ مُؤْمِنِي الجِنِّ قَوْلَهُ: ﴿إنّا سَمِعْنا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ ﴿يَهْدِي إلى الرُّشْدِ فَآمَنّا بِهِ﴾
القول الثاني: هو محمد صلى الله عليه وسلم، وهو قول ابن جريج، ابن زيد، ومقاتل بن سليمان في تفسيره ، أخرجه الطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
وهو مبني على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يدعوا الناس الى الايمان كما قال تعالى: ﴿ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾، وقوله ﴿وداعِيًا إلى اللَّهِ بِإذْنِهِ﴾، ﴿أدْعُو إلى اللَّهِ﴾
القول الثالث: سَمِعُوا دَعْوَةً مِنَ اللَّهِ فَأجابُوها وأحْسَنُوا فِيها وصَبَرُوا عَلَيْها، وهو قول قتادة، أخرجه ابن المنذر، وابن أبي حاتم.

- وكل تلك الأقوال صحيحة ولا تعارض بينها لأنها مستلزمة لبعضها فالنبي صلى الله عليه وسلم دعا الناس الى الايمان ودعوته هو دعوة القرآن، والقرآن ايضا يدعوا الناس بآياته ودلائله الى الإيمان.

***

( 3 ) قول طاووس بن كيسان: (الحفدة الخدم ) (النحل:٧٢)
التخريج:
أخرجه الطبري من طريق ابن بشار، عن عبد الرحمن،، عن زمعة، عن ابن طاوس، عن أبيه.
- تحرير المراد بالحفدة.
اختلف العلماء في المرادة بالحفدة على أقوال :
القول الأول:
الأعوان والخدم، وهو قول ابن عباس، ومالك، والحسن، ومجاهد، و عكرمة،أبي مالكٍ، وطاووس، وأبو عبيدة معمر بن المثنى، أخرجه الطبري،وابن أبي حاتم، وعبدالله بن المبارك، وابن قتيبة، وابن فارس ورجحه. وابن سيده، ومكي بن ابي طالب، والفراء، والزجاج، وابن دريد، وذكره النحاس، وغلام ثعلب، والجوهري، والأزهري، أبو عبيد القاسم بن سلام، والخطابي، الراغب الأصفهاني، وابن منظور، والزمخشري، والطيبي، والسمين الحلبي، وابن دريد.
وهذا القول يظهره أنه عام في كل من يعين ويخدم فهو حافد وهو من الحفدة، وعلى هذا القول فلأولاد، والأصهار، وغيرهم يدخلون تحته، قال ابن جرير: عن ابن عبّاسٍ، سئل عن قوله: {بنين وحفدةً} قال: " من أعانك فقد حفدك، أما سمعت قول الشّاعر:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكفّهنّ أزمّة الأجمال "
قال ابن الجوزي: هَذا القَوْلُ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّهُ يُرادُ بِالخَدَمِ: الأوْلادُ، فَيَكُونُ المَعْنى: أنَّ الأوْلادَ يَخْدِمُونَ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الحَفَدَةُ: الخَدَمُ والأعْوانُ، فالمَعْنى: هم بَنُونَ، وهم خَدَمٌ.
قال ابن فارس: (الْحَاءُ وَالْفَاءُ وَالدَّالُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْخِفَّةِ فِي الْعَمَلِ، وَالتَّجَمُّعِ. فَالْحَفَدَةُ: الْأَعْوَانُ؛ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِيهِمُ التَّجَمُّعُ وَالتَّخَفُّفُ، وَاحِدُهُمْ حَافِدٌ. وَالسُّرْعَةُ إِلَى الطَّاعَةِ حَفْدٌ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ: " إِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ ". قَالَ:
يَا ابْنَ الَّتِي عَلَى قَعُودٍ حَفَّادْ)
وأصْلُ الحَفْدِ: مُدارَكَةُ الخَطْوِ والإسْراعُ في المَشْيِ، وإنَّما يَفْعَلُ الخَدَمُ هَذا، فَقِيلَ لَهم: حَفَدَةٌ. ومِنهُ يُقالُ في دُعاءِ الوِتْرِ: " وإلَيْك نَسْعى ونَحْفِدُ " . والثّانِي: أنْ يُرادَ بِالخَدَمِ: المَمالِيكُ، فَيَكُونُ مَعْنى الآيَةِ: وجَعَلَ لَكم مِن أزْواجِكم بَنِينَ، وجَعَلَ لَكم حَفَدَةً مِن غَيْرِ الأزْواجِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ.

القول الثاني: (يمكن هنا أن تحددي لفظ عام يدخل تحته ما فصلتيه من أقوال كأن نقول: الحفدة من ذرية الرجل ثم اختُلف فيه على أقوال: وهم الاولاد عمومًا وأولادهم، وبالبعض خصصهم بالبنات أو كبار الأولاد]
-الحفدة من يخدمك من ولدك وولد ولدك، فحدد بالولد وولده.
ووهذا القول هو قول عكرمة، وابن عباس، وابن زيدٍ،الضّحّاك، وقتادة، أخرجه الطبري ـ وابن ابي حاتم، وذكره ابن فارس، وابن سيده، وذكره الزجاج، وابن دريد،وذكره النحاس، والجوهري، والأزهري، والخطابي، والطيبي، والراغب الأصفهاني، الزمخشري، وابن منظور، والسمين الحلبي
قال الضّحّاك: (إنّما كانت العرب يخدمها بنوها).
قال الراغب: (قال المفسرون: هم الأسباط ونحوهم، وذلك أنّ خدمتهم أصدق).
ثم اختلف بعض هؤلاء على أقوال، فقالوا :
الأول: هم البنات، وهو قول الخليل بن أحمد، وقاله ابن سيده، وذكره الزجاج، وابن منظور.
قال الزهراوي: لأنهن خدم الأبوين، وقالوا: لأن البنات يخدمن في البيوت أتم خدمة
قالوا: لأن لفظة "البنين" لا تدل عليهن، ألا ترى أنهن ليس في قول الله تبارك وتعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا}، وإنما الزينة في الذكور.
فقابل بين الاسم في كلمة البنين، لذكرهم بالاسم الدال عليه، والصفة في كلمة "حفدة" وهي صفة دالة على البنات.
الثاني: قيل أنهم كبار الأولاد، وهو قول ابن السائب، ومقاتل.
وهذا القول مبنيٌ على أن العرب يخدمها أولادها وأنهم أصدق في الخدمة.

القول الثالث:

وقيل بل هم الأصهار والأختان،( أٌقارب الزوج أو الزوجة)، وهو قول ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وابن جبير، وأبي الضحى، وإبراهيم النخعي، أخرجه الطبري، وابن أبي حاتم ،وذكره ابن فارس، وذكره ابن سيده، وابن قتيبة، وذكره مكي بن ابي طالب، والفراء، والزجاج، وعبدالله بن المبارك، وابن دريد، وذكره النحاس، وغلام ثعلب، والأزهري، أبو عبيد القاسم بن سلام، والطيبي، الراغب الأصفهاني، الزمخشري، وابن منظور، والطيبي، والسمين الحلبي.
وقيل هم بنو امرأة الرجل من غيره ، وهو قول ابن عباس،أخرجه الطبري، وابن أبي حاتم، وذكره الزمخشري، وابن منظور، والطيبي.
وهذا القول قريب من سابقه وأخص منه.

القول الرابع:
-الحفدة البنون وبنو البنين ومن أعانك من أهلٍ أو خادمٍ، وهو قول الحسن، أخرجه الطبري، وابن أبي حاتم.
وهذا القول الأخير هو اجمع الأقوال وأرجحها فلآية تشمل كل تلك المعاني عامة، لأن كل ذلك يطلق عليهم اطلاق الحفدة والآية لم تخصص أحداً منهم دون غيره، وحمل الآية على العموم هو الأولى وقد جمع الطبري بين تلك الأقوال، فقال:
(وإذا كان معنى الحفدة ما ذكرنا من أنهم المسرعون في خدمة الرجل، المتخففون فيها، وكان الله تعالى ذكره أخبرنا أن مما أنعم به علينا أن جعل لنا حفدة تحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الذين يصلحون للخدمة منا ومن غيرنا وأختاننا الذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا وخدمنا من مماليكنا إذا كانوا يحفدوننا، فيستحقون اسم حفدة، ولم يكن الله تعالى دلّ بظاهر تنزيله، ولا على لسان رسوله ﷺ؛ ولا بحجة عقل، على أنه عنى بذلك نوعا من الحفدة، دون نوع منهم، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علينا، لم يكن لنا أن نوجه ذلك إلى خاص من الحفدة دون عام، إلا ما اجتمعت الأمة عليه أنه غير داخل فيهم. وإذا كان ذلك كذلك فلكلّ الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرنا وجه في الصحة).


التقويم: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir