ü أحكامُ الميمِ والنونِ المشدَّدَتَيْن والساكنِتَيْن والتنوينِ :
o النونَ والميمَ إما أن تكونا ساكنَتين أو متحرَّكَتين :§ فإن كانتا ساكنَتين فسيأتي للناظمِ الكلامُ عليهما
§ وإن كانتا متحرَّكَتين فتارةً تكونان مشدَّدَتيْنِ وتارةً مخفَّفتَيْن :· فإن كانتا مخفَّفتَيْن فيَنطقُ بهما القارئُ من مَخرجِهما مع مُراعاةِ صفاتِهما، ولْيَتَحَفَّظْ من تفخيمِهما كما تقدَّمَ بيانُه
· وإن كانتا مشدَّدَتيْنِ فيخب إظهار الغُنَّةِ الكاملةُ فيهما بمقدارِ حركتين
· والغُنَّةَ صفةٌ لازمةٌ لهما مطلقاً كما سبق
o الغُنَّةِ :§ تعريها :· الغُنَّةُ لغةً: صوتٌ يخرجُ من الخيشومِ ولا عمَلَ للسانِ فيه
· واصطلاحاً: صوتٌ أَغَنُّ مركَّبٌ في جِسمِ النونِ ولو تنويناً والميمِ مُطلَقاً، أي إنَّ صوتَ الغُنَّةِ صفةٌ لازمةٌ للنونِ والميمِ سواءً كانتا متحرِّكتَيْن أو ساكنتَيْن مُظهَرتين أو مُدغَمتين أو مُخْفَاتين، على ما سيأتي بيانُه.
§ محلها :· محلُّ الغنَّةِ في النونِ والميمِ لا في غيرِهما من الحروفِ
· والنونُ أغنُّ من الميمِ لقربِها من الخيشومِ، ويَلحقُ بالنونِ التنوينُ
§ مخرجها :· تَخرجُ الغنَّةُ من الخيشومِ كما تَقدَّمَ في المَخارجِ، وهو خَرْقُ الأنْفِ المنجذِبِ إلى داخلِ الفمِ
· وقيلَ هو أقصى الأنفِ، أي إنَّ صوتَ الغنَّةِ بجميعِ أحوالِه يَخرجُ من الخيشومِ ودليلُ ذلك أنه لو أَمسكَ بالأنفِ لانحبَسَ خروجُه مُطلقاً حتى في حالِ ضَعفِه عندَ تحريكِ النونِ والميمِ مُخفَّفتين أو سكونِهما مُظهَرَتين كما يَشهدُ بذلك النطقُ.
§ الغنة في النونِ ولو تَنويناً والميمِ المشدَّدَتَيْن :· لابد من بيانِ صفةِ الغُنَّةِ من النونِ ولو تَنويناً والميمِ المشدَّدَتَيْن لأنَّ الغُنَّةَ فيهما حينئذٍ أَتَمُّ وأَكْمَلُ، إذ المشدَّدُ بمنزلةِ حرفَيْن ومن المعلومِ أن ما كان بمنزلةِ حرفين كانت غنَّتُه أكثرَ من غُنَّةِ الحرفِ المخفَّفِ الذي هو حرفٌ واحدٌ
§ مراتبُ الغنَّةِ :· فيها خلافٌ بين العلماءِ :o قال فريقٌ منهم: إنها ثلاثُ مراتبَ :§ أوَّلُها: المشدَّدُ
§ فالمدغَمُ بغُنَّةِ الناقصِ
§ فالمخفيُّ
o وقال جمهورُ العلماءِ إنها خمْسُ مراتبَ :§ الثلاثةُ المتقدِّمةُ
§ رابعُها الساكنُ المظهَرُ
§ خامسُها المتحرِّكُ المخفَّفُ، وهذا هو المُعَوَّلُ عليه والخلافُ بين الفريقين لفظيٌّ
§ كيفيَّةُ أداءِها :· كيفيَّةُ أدائِها أنها تَتْبعُ ما بعدَها من الحروفِ تفخيماً وترقيقاً وتَخضعُ في ذلك لمراتبِ التفخيمِ الخمْسِ بالتفصيلِ المتقدِّمِ، وتُفخَّمُ تفخيماً نسبيًّا فيما إذا كان حرفُ الاستعلاءِ بعدَ مكسورٍ على الأصحِ
ü أحكـامُ الميـمِ الساكنــةِ :
o تعريفها :§ الميمُ الساكنةُ هي التي لا حركةَ عليها وسكونُها ثابتٌ وصْلاً ووقْفاً نحوَ:· { الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (الفاتحة: آية 2)
· { حِينَ تُمْسُونَ } (الروم: آية 17)
· فقولُنا الميمُ الساكنةُ خَرجَ به الميمُ المتحرِّكةُ مُطلقاً والميمُ المشدَّدةُ
· وقولُنا التي سكونُها ثابتٌ خَرَجَ ما كان سكونُها ثابتاً وزالَ للتخلُّصِ من الْتِقَاءِ الساكنَيْن نحوَ: { قُمِ اللَّيْلَ
· وقولُنا وصْلاً ووقْفاً خَرجَ به السكونُ العارِضُ كسكونِ الميمِ المتطرِّفةِ في الوقْفِ نحوُ: { حَكِيمٌ }، { عَلِيمٌ }.
o موقعها :§ تقعُ الميمُ الساكنةُ المقصودةُ في هذا البابِ متوسِّطةً ومتطرِّفةً وتكونُ :· في الاسم ,ِ نحوُ: { لَهُ الْحَمْدُ } (القصص: آية 70)
· وفي الفعلِ نحوَ: { قُمْتُمْ } (المائدة: آية 6) و{ يَمْكُرُونَ } (الأنفال: آية 30}
· وفى الحرفِ نحوُ { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ } (النجم: آية 36)
· وتكونُ للجمْعِ نحوُ: { وَلَهُمْ } (البقرة: آية 25) ولغيرِ الجمْعِ كما سبَقَ ويَصحُّ وقوعُها ساكنةً قبلَ الحروفِ الهجائيَّةِ عموماً إلا الألِفَ الليِّنَةَ المدِّيَّةَ فلا يَتأتَّى سكونُ الميمِ قبلَها لأنَّ ما قبلَها لا يكونُ إلا مَفتوحاً
o أحكامها :§ للميمِ الساكنةِ في الحالَيْنِ على ما ذكرْنا أحكامٌ ثلاثةٌ هي الإخفاءُ الشفويُّ والإدغامُ الصغيرُ والإظهارُ الشفويُّ :
· الحكْمِ الأوَّلِ الإخفاءُ الشفويُّ: o تعريفه :§ سيأتي تعريفُه في بابِ النونِ الساكنةِ والتنوينِ
o حروفه :§ له حرفٌ واحدٌ وهو الباءُ
o حكمه :§ إذا وَقعَت الباءُ بعدَ الميمِ الساكنةِ جازَ إخفاؤُها عندَه مع الغُنَّةِ ويُسمَّى إخفاءً شَفويًّا ولا يكونُ ذلك إلا من كلمتين نحوُ: { أَمْ بِظَاهِرٍ } (الرعد: آية 33)، { فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ }(المائدة: آية 48).
§ والإخفاءُ مع الغُنَّةِ هو اختيار أكثر المحقِّقين
§ وذَهبَ جماعةٌ إلى الإظهارِ, والمعمولُ به هو الإخفاءُ لعدَمِ العملِ بالإظهارِ من عصرِ ابنِ الجَزْرِيِّ إلى الآنَ
§ وصحَّحَ بعضهم الوجهين
o سبب تسميته :§ سُمِّيَ إخفاءً لإخفاءِ الميمِ الساكنةِ لدى الباءِ
§ وشفويًّا لخروجِ الميمِ والباءِ من الشفتين ووجهُه التجانسُ في المخرجِ وفي أكثرِ الصفاتِ.
· الحكْمُ الثاني الإدغامُ الصغيرُ:o تعريفه :§ سيأتي تعريفُه في بابِ النونِ الساكنةِ والتنوينِ
o حروفه :§ له حرفٌ واحدٌ، وهو الميمُ
o حكمه :§ إذا وقعَتْ بعدَ الميمِ الساكنةِ ميم متحركة وَجبَ إدغامُ الميمِ الساكنةِ في الميمِ المتحرِّكةِ سواءً أكانتْ معها في كلمةٍ أم كانتْ في كلمتين ويُسمَّى: إدغامُ مِثلَيْن صغيرٌ مع الغُنَّة :· مِثالُ ما كانَ من كلمةٍ { الم } (فاتحة البقرة وآل عمران والعنكبوت والروم ولقمان والسجدة آية رقم 1 في الكلِّ).
· وفي كلمتين نحوَ: { كَمْ مِنْ فِئَةٍ } (البقرة: آية 249)
§ ومنه إدغامُ النونِ الساكنةِ والتنوينِ في الميمِ :· نحوَ: { مِنْ مَالِ اللهِ } (النور: آية 33) وذلك لقَلْبِ المدغَمِ من جِنسِ المدغَمِ فيه
§ وكذلك يُطلقُ على كلِّ ميمٍ مشدَّدةٍ :· قالَ في النشْرِ: "ويُطلقُ ذلك في كلِّ ميمٍ مشدَّدةٍ نحوَ: { دَمَّرَ } (القتال: آية 10) { أَم منْ أَسَّسَ } (التوبة: آية 109) اهـ.
o سبب تسميته :§ سُمِّيَ إدغاماً لإدغامِ الميمِ الساكنةِ في المتحرِّكةِ
§ وسُمِّيَ بالمثْلَيْن لكونِ المدغَمِ والمدغَمِ فيه مؤلَّفان من حرفَيْن اتَّحَدا مَخرجاً وصفةً
§ وسُمِّيَ صغيراً لكونِ الأوَّلِ من المثلَيْن ساكناً،
§ وسُمِّيَ بالغُنَّةِ لكونِ الغُنَّةِ مصاحبةً له وهي هنا غُنَّةُ المدغَمِ بالإجماعِ ووجهُه التماثلُ.
· الحكْمُ الثالثُ الإظهارُ الشفويُّ :o تعريفه :§ سيأتي تعريفُه في بابِ النونِ الساكنةِ والتنوينِ
o حروفه :§ حروفُ الإظهارِ الشفويِّ ستَّةٌ وعشرون حرفاً وهي الباقيةُ من الحروفِ الهجائيَّةِ بعدَ إسقاطِ حرفِ الباءِ وحرفِ الميمِ
o حكمه :§ إذا وَقعَ حرفٌ من هذه الأحرفِ بعدَ الميمِ الساكنةِ سواءً كانَ معها في كلمةٍ أو في كلمتَيْن، وَجبَ إظهارُها، ويُسمَّى إظهاراً شفويًّا :· فالذي من كلمةٍ نحوُ: { الْحَمْدُ للهِ } (الفاتحة: آية 2)
· والذي من كلمتَيْن نحوَ: { ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ } (البقرة: آية 232)، { أَمْ زَاغَتْ } (ص: آية 63)
o سبب تسميته :§ سُمِّيَ إظهاراً لإظهارِ الميمِ الساكنةِ عندَ ملاقاتِها بحرفٍ من حروفِ الإظهارِ الستَّةِ والعشرين.
§ وسُمِّيَ شفويًّا لخروجِ الميمِ الساكنةِ من الشَّفتَيْن ووجهُه التباعدُ أي بُعدُ مَخرجِ الميمِ الساكنةِ عن أكثرِ مخارجِ حروفِ الإظهارِ، ثم إنَّ إظهارَ الميمِ الساكنةِ عندَ الواوِ والفاءَ آكَدُ خوفاً من أن يَسبقَ اللسانُ إلى إخفائِها عندَ هذَيْن الحرفَيْن لقربِها من الفاءِ في المَخرجِ واتِّحادِها مع الواوِ فيه أيضاً.