دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الجنايات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 محرم 1430هـ/18-01-2009م, 05:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دية القتل الخطأ وشبه العمد ودية الجنين الذي سقط ميتا بسبب الجناية


وعنْ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: اقْتُتِلَت امرأتانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فرَمَتْ إحْدَاهُما الأُخرى بحَجَرٍ فقَتَلَتْهَا وما في بَطْنِهَا، فاخْتَصَمُوا إلى رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَضَى رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ دِيَةَ جَنينِها غُرَّةٌ عَبْدٌ أوْ وَليدةٌ، وقَضَى بِدِيَةِ المرأةِ على عَاقِلَتِها، ووَرَّثَها وَلَدَهَا ومَنْ معهم. فقالَ حَمَلُ بنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ: يا رسولَ اللَّهِ، كيفَ يُغْرَمُ مَنْ لا شَرِبَ ولا أَكَلَ ولا نَطَقَ ولا اسْتَهَلَّ؟ فَمِثلُ ذَلِكَ يُطَلُّ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ))، مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الذي سَجَعَ. مُتَّفَقٌ عليهِ.
وأَخْرَجَهُ أبو داودَ والنَّسائيُّ منْ حديثِ ابن عَبَّاسٍ، أنَّ عمرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ: مَنْ شَهِدَ قَضاءَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الْجَنينِ؟ قالَ: فَقَامَ حَمَلُ بنُ النابِغَةِ فقالَ: كُنْتُ بينَ امْرَأَتَيْنِ، فضَرَبَتْ إحْدَاهُما الأُخرى... فذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا. وصَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ والحاكِمُ.

  #2  
قديم 23 محرم 1430هـ/19-01-2009م, 12:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


10/1096 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: اقْتَتَلَت امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَقَتَلَتْها وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ: عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَنْ مَعَهُمْ.
فَقَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُغْرَمُ مَنْ لا شَرِبَ وَلا أَكَلَ، وَلا نَطَقَ وَلا اسْتَهَلَّ؟! فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ))، مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: اقْتَتَلَت امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ): بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مُنَوَّنٌ، (عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ): هُمَا بَدَلٌ مِنْ غُرَّةٍ، وَأَوْ لِلتَّقْسِيمِ لا للشَّكِّ، (وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَنْ مَعَهُمْ).
فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا، وَالْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا. وَمِثْلُهُ فِي مُسْلِمٍ، فَضَمِيرُ "وَرَّثَهَا" يَعُودُ إلَى الْقَاتِلَةِ.
وَقِيلَ: يَعُودُ إلَى الْمَقْتُولَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ عَاقِلَتَهَا قَالُوا: إنَّ مِيرَاثَهَا لَنَا. فَقَالَ: لا. مِيراثُها لِزَوْجِهَا وَوَلَدِهَا.
(فَقَالَ حَمَلُ): بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، (ابْنُ النَّابِغَةِ): بِالنُّونِ بَعْدَ الأَلِفِ مُوَحَّدَةً فَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ، وَهُوَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ الْقَاتِلَةِ.
(الْهُذَلِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُغْرَمُ مَنْ لا شَرِبَ وَلا أَكَلَ، وَلا نَطَقَ وَلا اسْتَهَلَّ؟! ) الاسْتِهْلالُ: رَفْعُ الصَّوْتِ، يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ حَيَاتُهُ بِصَوْتِ نُطْقٍ أَوْ بُكَاءٍ.
(فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ): بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ مَضْمُومَةً وَتَشْدِيدِ اللاَّمِ، عَلَى أَنَّهُ مُضَارِعٌ مَجْهُولٌ مِنْ: طَلَّ، وَمَعْنَاهُ: يُهْدَرُ وَيُلْغَى وَلا يُضْمَنُ، وَيُرْوَى بِالْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ اللاَّمِ، عَلَى أَنَّهُ مَاضٍ مِن الْبُطْلانِ، (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ، مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
فِي الْحَدِيثِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَنِينَ إذَا مَاتَ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ وَجَبَتْ فِيهِ الْغُرَّةُ مُطْلَقاً، سَوَاءٌ انْفَصَلَ عَنْ أُمِّهِ وَخَرَجَ مَيِّتاً، أَوْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا، فَأَمَّا إذَا خَرَجَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ، فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَلَكِنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ جَنِينٌ بأنْ تَخْرُجَ مِنْهُ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ، وَإِلاَّ فَالأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَعَدَمُ وُجُوبِ الْغُرَّةِ. وَقَدْ فَسَّرَ الْغُرَّةَ فِي الْحَدِيثِ بِعَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ، وَهِيَ الأَمَةُ.
وقَالَ الشَّعْبِيُّ: الْغُرَّةُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ: مِائَةُ شَاةٍ. وَقِيلَ: خَمْسٌ مِن الإِبِلِ؛ إذْ هِيَ الأَصْلُ فِي الدِّيَاتِ، وَهَذَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ.
وَأَمَّا جَنِينُ الأَمَةِ فَقِيلَ: يُخَصَّصُ بِالْقِيَاسِ عَلَى دِيَتِهَا، فَكَمَا أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَتُهَا فِي ضَمَانِهَا، فَيَكُونُ الْوَاجِبُ فِي جَنِينِهَا الأَرْشَ مَنْسُوباً إلَى الْقِيمَةِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى جَنِينِ الْحُرَّةِ؛ فَإِنَّ اللاَّزِمَ فِيهِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، فَيَكُونُ اللاَّزِمُ فِيهِ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهَا.
المسألةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: " وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا " يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي مِثْلِ هَذَا، وَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ مَنْ يُثْبِتُ شِبْهَ الْعَمْدِ، وَهُوَ الْحَقُّ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ الْقَتْلَ كَانَ بِحَجَرٍ صَغِيرٍ، أَوْ عُودٍ صَغِيرٍ، لا يُقْصَدُ بِمِثْلِهِِ الْقَتْلُ بِحَسَبِ الأَغْلَبِ، فَيَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلا قِصَاصَ فِيهِ. وَالْحَنَفِيَّةُ تَجْعَلُهُ مِنْ أَدِلَّةِ عَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ بِالْمِثْقَلِ.
الثَّالِثَةُ: فِي قَوْلِهِ: " عَلَى عَاقِلَتِهَا" دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْعَاقِلَةُ هُم الْعَصَبَةُ، وَقَدْ فُسِّرَتْ بِمَنْ عَدَا الْوَلَدِ وَذَوِي الأَرْحَامِ، كَمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ: فَقَالَ أَبُوهَا: إِنَّمَا يَعْقِلُهَا بَنُوهَا، فَاخْتَصَمُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((الدِّيَةُ عَلَى الْعَصَبَةِ، وَفِي الْجَنِينِ غُرَّةٌ)).
وَلِهَذَا بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ: (بَابُ جَنِينِ الْمَرْأَةِ، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى الْوَالِدِ وَعَصَبَةِ الْوَالِدِ، لا عَلَى الْوَلَدِ). قَالَ الشَّافِعِيُّ: ولا أَعْلَمُ خِلافاً فِي أَنَّ الْعَاقِلَةَ الْعَصَبَةُ، وَهُم الْقَرَابَةُ مِنْ قِبَلِ الأَبِ، وَفُسِّرَ بِالأَقْرَبِ فَالأَقْرَبِ مِنْ عَصَبَةِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ. وَفِي ذَلِكَ خِلافٌ يَأْتِي فِي الْقَسَامَةِ.
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ وُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَخَالَفَ جَمَاعَةٌ فِي وُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: لا يُعْقَلُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ؛ مُسْتَدِلِّينَ بِمَا عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَالْحَاكِمِ، أَنَّ رَجُلاً أَتَى إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ هَذَا؟)) فقَالَ: ابْنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يَجْنِي عَلَيْكَ، وَلا تَجْنِي عَلَيْهِ)).
وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا يَجْنِي جَانٍ إِلاَّ عَلَى نَفْسِهِ، ولا يَجْنِي جَانٍ عَلَى وَلَدِهِ)).
وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجَزَاءُ الأُخْرَوِيُّ؛ أيْ: لا يَجْنِي عَلَيْهِ جِنَايَةً يُعَاقَبُ بِهَا فِي الآخِرَةِ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ لَيْسَا مِن الْعَاقِلَةِ كَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ، فَلا إِشْكَالَ، وَلا يَتِمُّ الْحَدِيثُ دَلِيلاً.
الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا هُوَ مِنْ إِخْوَانِ الكَهَنَةِ)) مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَهُ، مُدْرَجٌ فَهِمَهُ الرَّاوِي، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهَةِ السَّجْعِ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: إنَّمَا كَرِهَهُ مِنْ هَذَا الشَّخْصِ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَارَضَ بِهِ حُكْمَ الشَّرْعِ، وَرَامَ إبْطَالَهُ.
الثَّانِي: أَنَّهُ تَكَلَّفَ فِي مُخَاطَبَتِهِ. وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مِن السَّجْعِ مَذْمُومَانِ.
وَأَمَّا السَّجْعُ الَّذِي وَرَدَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْحَدِيثِ، فَلَيْسَ مِنْ هَذَا؛ لأَنَّهُ لا يُعَارِضُ حُكْمَ الشَّرْعِ، وَلا يَتَكَلَّفُهُ، فَلا نَهْيَ عَنْهُ.


11/1097 - وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ: مَنْ شَهِدَ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنِينِ؟ قَالَ: فَقَامَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ فَقَالَ: كُنْتُ بَيْنَ يَدَيِ امْرَأَتَيْنِ، فَضَرَبَتْ إحْدَاهُمَا الأُخْرَى، فَذَكَرَهُ مُخْتَصَراً، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
(وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ: مَنْ شَهِدَ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنِينِ؟ قَالَ: فَقَامَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ) الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ قَبْلَهُ (فَقَالَ: كُنْتُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ، فَضَرَبَتْ إحْدَاهُمَا الأُخْرَى. فَذَكَرَهُ مُخْتَصَراً، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ)، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِلَفْظِ: أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ إمْلاصِ الْمَرْأَةِ.
فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِيهَا بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ، قَالَ: فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَشَهِدَ لَهُ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إمْلاصُ الْمَرْأَةِ إنَّمَا سُمِّيَ إمْلاصاً؛ لأَنَّ الْمَرْأَةَ تُزْلِقُهُ قَبْلَ وَقْتِ الْوِلادَةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا زُلِقَ مِن الْيَدِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ مَلِصَ، انْتَهَى.
وَلا بُدَّ مِنْ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْجَنِينَ قَدْ تَخَلَّقَ، وَجَرَى فِيهِ الرُّوحُ؛ لِيَتَّصِفَ بِأَنَّهُ قَتَلَتْهُ الْجِنَايَةُ. وَالشَّافِعِيَّةُ فَسَرُّوهُ بِمَا ظَهَرَ فِيهِ صُورَةُ الآدَمِيِّ مِنْ يَدٍ وَأُصْبُعٍ وَغَيْرِهِمَا، وإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ الصُّورَةُ، وَشَهِدَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ أَصْلُ الآدَمِيِّ، فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ إنْ كَانَت الصُّورَةُ خَفِيَّةً، وَإِنْ شَكَّ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ اتِّفَاقاً. وَفِي الحديثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي الْجَنِينِ غُرَّةً، ذَكَراً كَانَ أَوْ أُنْثَى؛ لإِطْلاقِ الْحَدِيثِ.

  #3  
قديم 23 محرم 1430هـ/19-01-2009م, 12:05 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


1016 - وَعَنْ أَبِي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِن هُذَيْلٍ، فرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخرى بحَجَرٍ فقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِها، فاخْتَصَمُوا إِلَى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَضَى رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا: غُرَّةُ عبدٍ أَوْ وَليدةٍ، وقَضَى بِدِيَةِ المرأةِ عَلَى عَاقِلَتِها، ووَرَّثَها وَلَدَهَا ومَن مَعَهُم، فقالَ حَمَلُ بنُ النابغةِ الْهُذَلِيُّ: يَا رسولَ اللهِ، كَيْفَ يُغْرَمُ مَن لا شَرِبَ وَلا أَكَلَ وَلا نَطَقَ وَلا اسْتَهَلَّ؟! فمِثلُ ذَلِكَ يُطَلُّ!! فقالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ؛ مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وأَخْرَجَهُ أَبُو داودَ والنَّسائيُّ مِنْ حديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَأَلَ: مَنْ شَهِدَ قَضَاءَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنِينِ؟ قالَ: فَقَامَ حَمَلُ بنُ النابِغَةِ، فقالَ: كُنْتُ بينَ امْرَأَتَيْنِ، فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخرى فَذَكَرَه مُخْتَصَراً، وَصَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ والحاكِمُ.
دَرَجَةُ الْحَدِيثِ:
الْحَدِيثُ صَحِيحٌ.
ذَلِكَ أَنَّهُ جَاءَ مِنْ طَرِيقٍ إِسْنَادُهَا صَحِيحٌ، وَقَدْ صَحَّحَهُ كُلٌّ مِن الْحَاكِمِ، وابنِ حِبَّانَ، وَابْنِ حَزْمٍ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي (الْمُحَلَّى): إِسْنَادُهُ فِي غايةِ الصحةِ.
وجاءَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ القاتلةَ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا.
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- هُذَيْل: هُذَيْلُ بْنُ مُدْرِكَةَ، وَهِيَ قبيلةٌ مِن القبائلِ العَدْنَانِيَّةِ، لا تَزَالُ تُقِيمُ فِي ضَوَاحِي مَكَّةَ الشرقيةِ والجنوبيةِ، وسُكَّانُ وَادِي نُعْمَانَ، وَمَا حَوْلَهُ كُلُّهُمْ مِنْ هُذَيْلٍ، وَمِنْ هُذَيْلٍ قَبِيلَةُ لِحْيَانَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الآنَ فِي ضَوَاحِي مَكَّةَ الشَّمَالِيَّةِ.
- جَنِينِهَا: مَا فِي بَطْنِ الْحَامِلِ، وَهُوَ مِنَ الاجْتِنَانِ، وَهُوَ الاختفاءُ، فَإِنَّ مادةَ جَنَّ كُلَّهَا تَدُورُ عَلَى الاختفاءِ والاستتارِ.
- غُرَّة: بِضَمِّ الغَيْنِ، وَتَشْدِيدِ الراءِ، آخِرُهُ تَاءُ التَّأْنِيثِ، أَصْلُ الغُرَّةِ الْبَيَاضُ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ، وَهِيَ عِنْدَهُمْ أَنْفَسُ شَيْءٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا: الْعَبْدُ نَفْسُهُ؛ لأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ.
- وَلِيدَةٌ: الشَّابَّةُ الأُنْثَى مِنَ الْعَبِيدِ، جَمْعُهَا وَلائِدُ.
- عَاقِلَتِهَا: الْعَاقِلَةُ صِفَةُ مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ؛ أَي: الْجَمَاعَةُ الْعَاقِلَةُ، يُقَالُ: عَقَلَ القتيلَ. إِذَا غَرِمَ دِيَتَهُ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَقْلِ، وَهُوَ المَنْعُ؛ لأَنَّ العاقلةَ تَمْنَعُ عَن الْقَاتِلِ، وَيَتَحَمَّلُونَ الْعَقْلَ عَنْهُ، وَالعَقْلُ هُوَ الديةُ.
أَمَّا تعريفُ العاقلةِ شَرْعاً: فَهُم مَنْ غَرِمَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ مِنْ ذُكُورِ العَصَبَةِ، بِسَبَبِ جِنَايَةِ الْخَطَأِ، أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ.
- حَمَلُ: حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ، مِنْ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ، وَهُوَ زَوْجُ الْمَرْأَتَيْنِ المَذْكُورَتَيْنِ، صَحَابِيٌّ، نَزَلَ الْبَصْرَةَ.
- يُغْرَمُ: مَبْنِيٌّ للمجهولِ، غَرِمَ يَغْرَمُ غَرَامَةً، والغَارِمُ: هُوَ مَنْ لَزِمَهُ مَالٌ يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ، وَغَرِمَ الديةَ: أَدَّاهَا عَنْ غَيْرِهِ.
- اسْتَهَلَّ: اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ: رَفَعَ صَوْتَهُ بالبُكَاءِ، وَصَاحَ عِنْدَ الْوِلادَةِ.
- يُطَلُّ: بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ، وَفَتْحِ الطاءِ، وَتَشْدِيدِ اللَّامِ؛ أَيْ: يَبْطُلُ وَيُهْدَرُ دَمُ القَتِيلِ، فَلا يُثْأَرُ لَهُ، وَلا تُؤْخَذُ دِيَتُهُ.
- الكُهَّان: بِضَمِّ الكافِ، ثُمَّ هاءٍ مُشَدَّدَةٍ، جَمْعُ كَاهِنٍ، وَالكاهِنُ: اسْمٌ لِكُلِّ مَنْ يَدَّعِي عِلْمَ الغيبِ، أَوْ يَدَّعِي الكشفَ عَن المغيَّباتِ؛ مِنْ عَرَّافٍ، وَمُنَجِّمٍ، وَرَمَّالٍ وَغَيْرِهِمْ.
- سَجْعِهِ: السَّجْعُ: نوعٌ مِنْ أنواعِ المُحَسِّنَاتِ البديعيَّةِ، وَتَعْرِيفُهُ عِنْدَ علماءِ البلاغةِ: أَنَّهُ اتِّفَاقُ الْفَوَاصِلِ فِي الْكَلامِ المنثورِ فِي الحرفِ، أَوْ فِي الوزنِ مَعَاً، والكُهَّانُ يُجِيدُونَ هَذَا السجعَ، وَيُكْثِرُونَ مِنْهُ فِي كَلامِهِمْ لِخِدَاعِ النَّاسِ.
- عَلَى عَاقِلَتِهَا: الضَّمِيرُ فِيهَا يَعُودُ إِلَى الجانيةِ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- اخْتَصَمَتِ امْرَأَتَانِ ضَرَّتَانِ مِنْ قَبِيلَةِ هُذَيْلٍ، فرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ صَغِيرٍ، لا يَقْتُلُ غَالِباً، وَلَكِنَّهُ قَتَلَهَا، وَقَتَلَ جَنِينَهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا، فَقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ديةَ الجنينِ غُرَّةٌ - وَهِيَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ - عَلَى الْجَانِي، وَقَضَى للمرأةِ المقتولةِ بالديةِ، لكونِ قَتْلِهَا شِبْهَ عَمْدٍ، وَتَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهَا؛ لأَنَّ مَبْنَى العاقلةِ عَلَى التَّنَاصُرِ وَالتَّعَاوُنِ، وَلِكَوْنِ القتلِ غَيْرَ عَمْدٍ.
2- هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي النوعِ الثَّانِي مِن القتلِ، وَهُوَ شِبْهُ العَمْدِ، وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ الْجَانِي الجِنَايَةَ بِمَا لا يَقْتُلُ غَالِباً، كالقتلِ بالحجرِ الصغيرِ، أَو الْعَصَا الصَّغِيرَةِ، فَحُكْمُ هَذَا النوعِ مِن القتلِ هُوَ تَغْلِيظُ الديةِ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلا يُقَادُ.
3- أَنَّ ديةَ شِبْهِ العمدِ - وَمِثْلُهُ الخطأُ – تَكُونُ عَلَى عاقلةِ الْقَاتِلِ، وَهُم: الذُّكُورُ مِنْ عَصَبَتِهِ القَرِيبُونَ والبَعِيدُونَ، وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا وَارِثِينَ؛ لأَنَّ مَبْنَى العصوبةِ التَّنَاصُرُ وَالتَّآزُرُ، وَهَذِهِ الجَائِحَةُ وَقَعَتْ مِنْهُ بِلا قَصْدٍ، فَنَاسَبَ مُسَاعَدَتَهُم لَهُ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا، وَلَكِنْ تُخَفَّفُ عَنْهُمْ بِتَوْزِيعِهَا عَلَيْهِمْ حَسَبَ قُرْبِهِمْ، وَتُؤَجَّلُ عَلَيْهِمْ مُقَسَّطَةً إِلَى ثَلاثِ سَنَوَاتٍ.
4- أَنَّ ديةَ الجنينِ الَّذِي سَقَطَ مَيِّتاً بِسَبَبِ الجنايةِ غُرَّةٌ: عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ.
وَقَدَّرَ الفقهاءُ قيمةَ هَذِهِ الغُرَّةِ بِخَمْسٍ مِن الإِبِلِ، تُوَرَّثُ عَنْهُ، كَأَنَّهُ سَقَطَ حَيًّا، وَدِيَةُ الجنينِ عَلَى الْقَاتِلِ لا عَلَى العاقلةِ؛ لأَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الديةِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الديةِ فَإِنَّ العاقلةَ لا تَتَحَمَّلُهُ.
5- أَنَّ الديةَ تَكُونُ مِيرَاثاً بَعْدَ الْمَقْتُولِ؛ لأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسِهِ، وَلَيْسَ للعاقلةِ فِيهَا شَيْءٌ.
6- قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّمَا كَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْعَ حَمَلِ بْنِ النَّابِغَةِ لأَمْرَيْنِ:
الأَمْرُ الأَوَّلُ: أَنَّهُ عَارَضَ بِهِ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَشَرْعَهُ، وَرَامَ إِبْطَالَهُ.
الأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّهُ تَكَلَّفَ هَذِهِ السَّجَعَاتِ بِخِطَابِهِ؛ لِنَصْرِ الباطلِ، كَمَا كَانَ الكُهَّانُ يُرَوِّجُونَ أَقَاوِيلَهُمُ الباطلةَ بِأَسْجَاعٍ تَرُوقُ السَّامِعِينَ، فَيَسْتَمِيلُونَ بِهَا الْقُلُوبَ والأسماعَ.
فَأَمَّا إِذَا وَقَعَ السجعُ بِغَيْرِ هَذَا التَّكَلُّفِ، وَلَمْ يُقْصَدْ بِهِ نُصْرَةُ الباطلِ، فَهُوَ غَيْرُ مَذْمُومٍ.
وَقَدْ جَاءَ فِي كَلامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ خَاطَبَ الأنصارَ بِقَوْلِهِ: ((أَمَا إِنَّكُمْ لَتُقِلُّونَ عِنْدَ الطَّمَعِ وَتُكْثِرُونَ عِنْدَ الْفَزَعِ)).
وَفِي دُعَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَقَوْلٍ لا يُسْمَعُ، وَقَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَنَفْسٍ لا تَشْبَعُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلاءِ الأَرْبَعِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ (2722).
قَرَارُ هَيْئَةِ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ فِي إِسْقَاطِ الْجَنِينِ:
قَرَارٌ رَقْمُ (140) وَتَارِيخُ 20/6/1407:
الحمدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلاةُ والسلامُ عَلَى مَنْ لا نَبِيَّ بَعْدَهُ، مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَبَعْدُ:
فَإِنَّ مَجْلِسَ هَيْئَةِ كبارِ الْعُلَمَاءِ فِي دَوْرَتِهِ التاسعةِ والعشرينَ المُنْعَقِدَةِ فِي مَدِينَةِ الرياضِ، ابْتِدَاءً مِنْ يَوْمِ 9/6/1407 هـ، حَتَّى نهايةِ 20/6/1407 هـ قَد اطَّلَعَ عَلَى الأَوْرَاقِ المُتَعَلِّقَةِ بالإجهاضِ الواردةِ مِن المُسْتَشْفَى العَسْكَرِيِّ بالرياضِ، كَمَا اطَّلَعَ عَلَى كَلامِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، وَبَعْدَ التَّأَمُّلِ وَالمُنَاقَشَةِ والتَّصَوُّرِ لِمَا قَدْ يَحْدُثُ للحاملِ مِنْ أَعْرَاضٍ وأخطارٍ فِي مُخْتَلَفِ مراحلِ الحملِ، ولاختلافِ الأطباءِ فِي بَعْضِ مَا يُقَرِّرُونَهُ، وَاحْتِيَاطاً للحواملِ مِن الإقدامِ عَلَى إِسْقَاطِ حَمْلِهِنَّ لأَدْنَى سَبَبٍ، وَأَخْذاً بِدَرْءِ المفاسدِ، وَجَلْبِ المصالحِ،ولأنَّ مِن النَّاسِ مَنْ قَدْ يَتَسَاهَلُ بأمرِ الحملِ رَغْمَ أَنَّهُ مُحْتَرَمٌ شَرْعاً،لذا فَإِنَّ مَجْلِسَ هَيْئَةِ كبارِ الْعُلَمَاءِ يُقَرِّرُ مَا يَلِي:
1- لا يَجُوزُ إِسْقَاطُ الحملِ فِي مختلفِ مراحلِهِ، إِلاَّ لِمُبَرِّرٍ شَرْعِيٍّ، وَفِي حُدُودٍ ضَيِّقَةٍ جِدًّا.
2- إِذَا كَانَ الحَمْلُ فِي الطَّوْرِ الأَوَّلِ، وَهُوَ مُدَّةُ الأَرْبَعِينَ، وَكَانَ فِي إِسْقَاطِهِ مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ، أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ مُتَوَقَّعٍ جَازَ إِسْقَاطُهُ، أَمَّا إِسْقَاطُهُ فِي هَذِهِ المدةِ خَشْيَةَ المَشَقَّةِ فِي تَرْبِيَةِ الأولادِ، أَوْ خَوْفاً مِن العَجْزِ عَنْ تَكَالِيفِ مَعِيشَتِهِمْ وَتَعْلِيمِهِمْ، أَوْ مِنْ أَجْلِ مُسْتَقْبَلِهِمْ، أَو اكْتِفَاءً بِمَا لدى الزَّوْجَيْنِ مِن الأولادِ -فَغَيْرُ جَائِزٍ.
3- لا يَجُوزُ إِسْقَاطُ الحملِ إِذَا كَانَ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً، حَتَّى تُقَرِّرَ لَجْنَةٌ طِبِّيَّةٌ مَوْثُوقَةٌ أَنَّ اسْتِمْرَارَهُ خَطَرٌ عَلَى سلامةِ أُمِّهِ، بِأَنْ يُخْشَى عَلَيْهَا الْهَلاكُ مِنْ اسْتِمْرَارِهِ، فَيَجُوزُ إِسْقَاطُهُ بَعْدَ اسْتِنْفَاذِ كَافَّةِ الْوَسَائِلِ لِتَلافِي تِلْكَ الأخطارِ.
4- بَعْدَ الطَّوْرِ الثَّالِثِ، وَبَعْدَ إِكْمَالِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحَمْلِ لا يَحِلُّ إِسْقَاطُهُ، حَتَّى يُقَرِّرَ جَمْعٌ مِن الأطباءِ المُخْتَصِّينَ المَوْثُوقِينَ أَنَّ بَقَاءَ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ يُسَبِّبُ مَوْتَهَا، وَذَلِكَ بَعْدَ اسْتِنْفَادِ كافَّةِ الوسائلِ لإنقاذِ حَيَاتِهِ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ الإقدامُ عَلَى إِسْقَاطِهِ بهذهِ الشروطِ دَفْعاً لأعظمِ الضَّرَرَيْنِ، وَجَلْباً لِعُظْمَى المَصْلَحَتَيْنِ.
والمجلسُ إِذْ يُقَرِّرُ مَا سَبَقَ يُوصِي بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالتَّثَبُّتِ فِي هَذَا الأَمْرِ، وَاللَّهُ المُوَفِّقُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.


قَرَارُ المَجْمَعِ الفِقْهِيِّ الإسلاميِّ بِشَأْنِ مَوْضُوعِ إِسْقَاطِ الجَنِينِ المُشَوَّهِ خِلْقِيًّا:
الحمدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَالصَّلاةُ والسلامُ عَلَى مَنْ لا نَبِيَّ بَعْدَهُ، سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ مجلسَ المجمعِ الفِقْهِيِّ الإسلاميِّ لرابطةِ الْعَالمِ الإسلاميِّ فِي دَوْرَتِهِ الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ المُنْعَقِدَةِ بِمَكَّةَ المُكَرَّمَةِ فِي الفترةِ مِنْ يَوْمِ السبتِ: 15 رجب 1410 هـ، المُوَافِقِ 10 فبراير 1990 م، إِلَى يَوْمِ السبتِ 22 رجب 1410 هـ، الموافقِ 17 فبراير 1990 م – قَدْ نَظَرَ فِي هَذَا الموضوعِ، وَبَعْدَ مُنَاقَشَتِهِ مِنْ قِبَلِ هَيْئَةِ الْمَجْلِسِ المُوَقَّرَةِ، وَمِنْ قِبَلِ أَصْحَابِ السعادةِ الأطباءِ المُخْتَصِّينَ، الَّذِينَ حَضَرُوا لهذا الْغَرَضِ – قُرِّرَ بالأَكْثَرِيَّةِ مَا يَلِي:
- إِذَا كَانَ الحملُ قَدْ بَلَغَ مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْماً، فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ إِسْقَاطُهُ، وَلَوْ كَانَ التشخيصُ الطبيُّ يُفِيدُ أَنَّهُ مُشَوَّهُ الخِلْقَةِ، إِلاَّ إِذَا ثَبَتَ بِتَقْرِيرِ لَجْنَةٍ طِبِّيَّةٍ مِن الأطباءِ الثِّقَاتِ المُخْتَصِّينَ أَنَّ بَقَاءَ الحملِ فِيهِ خَطَرٌ عَلَى حَيَاةِ الأُمِّ، فَعِنْدَئِذٍ يَجُوزُ إسقاطُهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُشَوَّهاً أَمْ لا؛ دَفْعاً لأَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ.
- قَبْلَ مُرُورِ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْماً عَلَى الحَمْلِ إِذَا ثَبَتَ وَتَأَكَّدَ بِتَقْرِيرِ لَجْنَةٍ طِبِّيَّةٍ مِنَ الأطباءِ المُخْتَصِّينَ الثِّقَاتِ، وَبِنَاءً عَلَى الفُحُوصِ الفَنِّيَّةِ بالأَجْهِزَةِ والوسائلِ المُمْكِنَةِ أَنَّ الجَنِينَ مُشَوَّهٌ تَشْوِيهاً خَطِيراً غَيْرَ قَابِلٍ للعلاجِ، وَأَنَّهُ إِذَا بَقِيَ وَوُلِدَ فِي مَوْعِدِهِ سَتَكُونُ حَيَاتُهُ سَيِّئَةً وَآلاماً عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ – فعندَئذٍ يَجُوزُ إِسْقَاطُهُ؛ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ الْوَالِدَيْنِ، وَالمَجْلِسُ إِذْ يُقَرِّرُ ذَلِكَ يُوصِي الأطباءَ وَالْوَالِدَيْنِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالتَّثَبُّتِ فِي هَذَا الأَمْرِ.
وَاللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القتل, دية

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:56 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir